نهج البلاغة

خطب الامام علي عليه السلام ج 4


[ 1 ]

نهج البلاغة وهو مجموع ما اختاره الشريف الرضي من كلام سيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

 شرح الاستاذ الامام الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية سابقا


[ 2 ]

الجزء الرابع

الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت لبنان


[ 3 ]

(باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السلام) (ومواعظه ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله) (والكلام القصير الخارج في سائر أغراضه) 1 - قال عليه السلام: كن في الفتنة كابن اللبون (1): لاظهر فيركب، ولا ضرع فيحلب 2 - وقال عليه السلام: أزرى بنفسه من استشعر الطمع (2)، ورضي بالذل من كشف عن ضره، وهانت عليه نفسه من أمر عليها لسانه 3 - وقال عليه السلام: البخل عار. والجبن منقصة. والفقر يخرس الفطن عن حجته. والمقل غريب في بلدته (3). 4 - والعجز آفة، والصبر شجاعة. والزهد ثروة. والورع جنة وقال عليه السلام: نعم القرين الرضى. 5 - والعلم وراثة كريمة. والآداب حلل مجددة. والفكر مرآة صافية * (هامش) (1) ابن اللبون بفتح اللام وضم الباء: ابن الناقة إذا استكمل سنتين لا له ظهر قوي فيركبونه ولا له ضرع فيحلبونه، يريد تجنب الظالمين في الفتنة لا ينتفعوا بك (2) أزرى بها: حقرها. واستشعره تبطنه وتخلق به، ومن كشف ضره للناس دعاهم للتهاون به. فقد رضي بالذل. وأمر لسانه: جعله أميرا (3) المقل - بضم فكسر: الفقير. والجنة بالضم: الوقاية


[ 4 ]

6 - وقال عليه السلام: صدر العاقل صندوق سره (1). والبشاشة حبالة المودة. والاحتمال قبر العيوب (أو) والمسالمة خباء العيوب. ومن رضي عن نفسه كثر الساخط عليه 7 - وقال عليه السلام: الصدقة دواء منجح. وأعمال العباد في عاجلهم نصب أعينهم في آجلهم 8 - وقال عليه السلام: اعجبوا لهذا الانسان ينظر بشحم، ويتكلم بلحم (2) ويسمع بعظم، ويتنفس من خرم 9 - وقال عليه السلام: إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره. وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه 10 - وقال عليه السلام: خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم، وإن عشتم حنوا إليكم 11 - وقال عليه السلام: إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه 12 - وقال عليه السلام: أعجز الناس من عجز عن اكتساب الاخوان، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم


(1) لا يفتح الصندوق فيطلع الغير على ما فيه. والحبالة بالضم: شبكة الصيد. والبشوش يصيد مودات القلوب. والاحتمال: تحمل الاذى، ومن تحمل الاذى خفيت عيوبه كأنما دفنت في قبر (2) الشحم: شحم الحدقة. واللحم: اللسان. والعظم: =

[ 5 ]

13 - وقال عليه السلام: إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر (1) 14 - وقال عليه السلام: من ضيعه الاقرب أتيح له الابعد (2) 15 - وقال عليه السلام: ماكل مفتون يعاتب (3) 1 6 - وقال عليه السلام: تذل الامور للمقادير حتى يكون الحتف في التدبير (4) 1 7 - وسئل عليه السلام عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم " غيروا الشيب (5) ولا تشبهوا باليهود " فقال عليه السلام: إنما قال صلى الله عليه وآله ذلك والدين قل، فأما الآن وقد اتسع نطاقه وضرب بجرانه فامرؤ وما اختار 18 - (وقال عليه السلام: في الذين اعتزلوا القتال معه): خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل


= عظام في الاذن يضربها الهواء فتقرع عصب الصماخ فيكون السماع (1) أطراف النعم: أوائلها، فإذا بطرتم ولم تشكروها بأداء الحقوق منها نفرت عنكم أقاصيها أي أواخرها فحرمتموها (2) أتيح له: قدر له، وكم من شخص أضاعه أقاربه فقدر الله له من الاباعد من يحفظه ويساعده (3) أي لا يتوجه العتاب واللوم على كل داخل في فتنة، فقد يدخل فيها من لا محيص له عنها لامر اضطره فلا لوم عليه (4) الحتف بفتح فسكون: الهلاك (5) غيروا الشيب بالخضاب ليراكم الاعداء كهولا أقوياء، ذلك والدين قل بضم القاف أي قليل أهله. والنطاق ككتاب: الحزام العريض، واتساعه كناية عن العظم والانتشار. والجران على وزن النطاق: =

[ 6 ]

19 - وقال عليه السلام: من جرى في عنان أمله عثر بأجله (1) 20 - وقال عليه السلام: أقيلوا ذوي المروءات عثراتهم (2) فما يعثر منهم عاثر إلا ويد الله بيده يرفعه. 21 - وقال عليه السلام: قرنت الهيبة بالخيبة (3)، والحياء بالحرمان. والفرصة تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير 22 - وقال عليه السلام: لنا حق فإن أعطيناه وإلا ركبنا أعجاز الابل وإن طال السرى (وهذا من لطيف الكلام وفصيحه. ومعناه أنا إن لم نعط حقنا كنا أذلاء (4) وذلك أن الرديف يركب عجز البعير كالعبد والاسير ومن يجري مجراهما) 23 - وقال عليه السلام: من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه


= مقدم عنق البعير يضرب به على الارض إذا استراح وتمكن، أي بعد قوة الاسلام الانسان مع اختياره إن شاء خضب وإن شاء ترك (1) أي من كان جريه إلى سعادته بعنان الامل يمني نفسه بلوغ مطلبه بلا عمل سقط في أجله بالموت قبل أن يبلغ شيئا مما يريد. والعنان ككتاب: سير اللجام تمسك به الدابة (2) العثرة: السقطة. وإقاله عثرته: رفعه من سقطته. والمروءة بضم الميم: صفة للنفس تحملها على فعل الخير لانه خير. وقوله يرفعه جملة حالية من لفظ الجلالة وإن كان مضافا إليه لوجود شرطه (3) أي من تهيب أمرا خاب من إدراكه، ومن أفرط به الخجل من طلب شئ حرم منه، والافراط في الحياء مذموم، كطرح الحياء. والمحمود الوسط (4) وقد يكون المعنى إن لم نعط حقنا تحملنا المشقة في طلبه وإن طالت الشقة. وركوب =

[ 7 ]

24 - وقال عليه السلام: من كفارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف والتنفيس عن المكروب 25 - وقال عليه السلام: يا ابن آدم إذا رأيت ربك سبحانه يتابع عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره 26 - وقال عليه السلام: ما أضمر أحد شيئا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه 27 - وقال عليه السلام: امش بدائك ما مشى بك (1) 28 - وقال عليه السلام: أفضل الزهد إخفاء الزهد 29 - وقال عليه السلام: إذا كنت في إدبار والموت في إقبال فما (2) أسرع الملتقى 30 - وقال عليه السلام: الحذر الحذر، فو الله لقد ستر حتى كأنه قد غفر (3) 31 - (وسئل عن الايمان فقال) الايمان على أربع دعائم: على الصبر واليقين والعدل والجهاد. والصبر منها على أربع شعب: على الشوق والشفق (4) والزهد والترقب. فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات،


= مؤخرات الابل مما يشق احتماله والصبر عليه (1) أي مادام الداء سهل الاحتمال يمكنك معه العمل في شؤونك فاعمل، فإن أعياك فاسترح له (2) يطلبك الموت من خلفك ليلحقك وأنت مدبر إليه تقرب عليه المسافة (3) الضمير لله، ستر مخازي عباده حتى ظن أنه غفرها لهم ويوشك أن ياخذهم بمكره (4) الشفق بالتحريك: الخوف

[ 8 ]

ومن أشفق من النار اجتنب المحرمات، ومن زهد في الدنيا استهان بالمصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات. واليقين منها على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة (1)، وموعظة العبرة، وسنة الاولين. فمن تبصر في الفطنة تبينت له الحكمة، ومن تبينت له الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة فكأنما كان في الاولين. والعدل منها على أربع شعب: على غائص الفهم، وغور العلم، وزهرة الحكم (2)، ورساخة الحلم. فمن فهم علم غور العلم، ومن علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم (3)، ومن حلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس حميدا. والجهاد منها على أربع شعب: على الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن (4)، وشنآن الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شد ظهور المؤمنين، ومن نهى عن المنكر أرغم أنوف المنافقين، ومن صدق


(1) تأول الحكمة: الوصول إلى دقائقها. والعبرة: الاعتبار والاتعاظ بأحوال الاولين وما رزئوا به عن الغفلة وما حظوا به عند الانتباه (2) غور العلم: سره وباطنه. وزهرة الحكم بضم الزاي أي حسنه (3) الشرائع: جمع شريعة وهي الظاهر المستقيم من المذاهب ومورد الشاربة. وصدر عنها أي رجع عنها بعد ما اغترف ليفيض على الناس مما اغترف فيحسن حكمه (4) مواطن القتال في سبيل الحق. والشنآن بالتحريك البغض

[ 9 ]

في المواطن قضى ما عليه، ومن شنئ الفاسقين وغضب لله غضب الله له وأرضاه يوم القيامة وقال عليه السلام: الكفر على أربع دعائم: على التعمق والتنازع والزيغ (1) والشقاق، فمن تعمق لم ينب إلى الحق (2) ومن كثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحق، ومن زاغ ساءت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة وسكر سكر الضلالة، ومن شاق وعرت عليه طرقه وأعضل عليه أمره (3)، وضاق عليه مخرجه. والشك على أربع شعب: على التماري والهول والتردد والاستسلام (4)، فمن جعل المراء ديدنا لم يصبح ليله. ومن هاله ما بين يديه نكص على عقيبه، ومن تردد في الريب وطئته سنابك الشياطين (5)، ومن استسلم لهلكة الدنيا


(1) التعمق: الذهاب خلف الاوهام على زعم طلب الاسرار. والزيغ: الحيدان عن مذاهب الحق والميل مع الهوى الحيواني. والشقاق: العناد (2) لم ينب أي لم يرجع، أناب ينيب رجع (3) وعر الطريق ككرم ووعد وولع: خشن ولم يسهل السير فيه. وأعضل: اشتد وأعجزت صعوبته (4) التماري: التجادل لاظهار قوة الجدل لا لاحقاق الحق. والهول بفتح فسكون: مخافتك من الامر لا تدري ما هجم عليك منه فتندهش. والتردد انتقاض العزيمة وانفساخها ثم عودها ثم انفساخها. والاستسلام: إلقاء النفس في تيار الحادثات، أي ما أتى عليها يأتي. والمراء بكسر الميم: الجدل. والديدن: العادة. وقوله لم يصبح ليله أي لم يخرج من ظلام الشك إلى نهار اليقين (5) الريب: الظن أي الذي يتردد في ظنه ولا يعقد العزيمة في أمره =

[ 10 ]

والآخرة هلك فيهما (وبعد هذا كلام تركنا ذكره خوف الاطالة والخروج عن الغرض المقصود في هذا الكتاب) 32 - وقال عليه السلام: فاعل الخير خير منه، وفاعل الشر شر منه 33 - وقال عليه السلام: كن سمحا ولا تكن مبذرا. وكن مقدرا ولا تكن مقترا (1) 34 - وقال عليه السلام: أشرف الغنى ترك المنى (2) 35 - وقال عليه السلام: من أسرع إلى الناس بما يكرهون قالوا فيه بما لا يعلمون 36 - وقال عليه السلام: من أطال الامل أساء العمل (3) 37 - (وقال عليه السلام: وقد لقيه عند مسيره إلى الشام دهاقين الانبار (4) فترجلو له واشتدوا بين يديه): ما هذا الذي صنعتموه؟ فقالوا: خلق منا نعظم به أمراءنا. فقال: والله ما ينتفع بهذا أمراؤكم. وإنكم


= تطؤه سنابك الشياطين: جمع سنبك بالضم طرف الحافر، أي تستزله شياطين الهوى فتطرحه في الهلكة (1) المقدر: المقتصد كأنه يقدر كل شئ بقيمته فينفق على قدره. والمقتر: المضيق في النفقة كأنه لا يعطي إلا القتر أي الرمقة من العيش (2) المنى: جمع منية ما يتمناه الانسان لنفسه، وفي تركها غنى كامل لان من زهد شيئا استغنى عنه (3) طول الامل: الثقة بحصول الاماني بدون عمل لها أو استطالة العمر والتسويف بأعمال الخير (4) جمع دهقان زعيم الفلاحين في العجم. والانبار من بلاد العراق. وترجلوا أي نزلوا عن خيولهم مشاة. واشتدوا: أسرعوا

[ 11 ]

لتشقون به على أنفسكم في دنياكم (1) وتشقون به في آخرتكم، وما أخسر المشقة وراءها العقاب، وأربح الدعة معها الامان من النار 38 - (وقال عليه السلام لابنه الحسن): يا بني احفظ عني أربعا وأربعا لا يضرك ما عملت معهن: أغنى الغنى العقل. وأكبر الفقر الحمق. وأوحش الوحشة العجب (2). وأكرم الحسب حسن الخلق يا بني إياك ومصادقة الاحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك. وإياك ومصادقة البخيل فإنه يبعد عنك أحوج ما تكون إليه (3)، وإياك ومصادقة الفاجر فإنه يبيعك بالتافه (4). وإياك ومصادقة الكذاب فإنه كالسراب يقرب عليك البعيد ويبعد عليك القريب 39 - وقال عليه السلام: لا قربة بالنوافل إذا أضرت بالفرائض (5) 40 - وقال عليه السلام: لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الاحمق وراء لسانه (وهذا من المعاني العجيبة الشريفة. والمراد به أن العاقل لا يطلق لسانه إلا بعد مشاورة الروية وموأمرة الفكرة، والاحمق تسبق حذفات


(1) تشقون بضم الشين وتشديد القاف: من المشقة. وتشقون الثانية بسكون الشين: من الشقاوة. والدعة بفتحات: الراحة (2) العجب: بضم فسكون. ومن أعجب بنفسه مقته الناس فلا يوجد له أنيس فهو في وحشة دائما (3) أحوج حال من الكاف في عنك (4) التافه: القليل (5) كمن ينقطع للصلاة والذكر ويفر من الجهاد

[ 12 ]

لسانه وفلتات كلامه مراجعة فكره (1) ومماخضة رأيه. فكأن لسان العاقل تابع لقلبه، وكأن قلب الاحمق تابع للسانه) 41 - وقد روي عنه عليه السلام هذا المعنى بلفظ آخر وهو قوله: قلب الاحمق في فيه، ولسان العاقل في قلبه، ومعناهما واحد 42 - (وقال لبعض أصحابه في علة اعتلها): جعل الله ما كان من شكواك حظا لسيئاتك، فإن المرض لا أجر فيه ولكنه يحط السيئات، ويحتها حت الاوراق (2). وإنما الاجر في القول باللسان والعمل بالايدي والاقدام. وإن الله سبحانه يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة من يشاء من عباده الجنة (وأقول: صدق عليه السلام إن المرض لا أجر فيه، لانه من قبيل ما يستحق عليه العوض (3)، لان العوض يستحق على ما كان في مقابلة فعل الله تعالى بالعبد من الآلام والامراض وما يجري مجرى ذلك،


(1) مراجعة وما بعده مفعول تسبق. وحذفات فاعله. ومماخضة الرأي: تحريكه حتى يظهر زبده وهو الصواب (2) حت الورق عن الشجرة: قشره. والصبر على العلة رجوع إلى الله واستسلام لقدره. وفي ذلك خروج إليه من جميع السيئات وتوبة منها، لهذا كان يحت الذنوب. أما الاجر فلا يكون إلا على عمل بعد التوبة (3) الضمير في لانه للمرض، أي أن المرض ليس من أفعال العبد لله حتى يؤجر عليها، وإنما هو من أفعال الله بالعبد التي ينبغي أن الله يعوضه عن آلامها والذي قلناه في المعنى أظهر من كلام =

[ 13 ]

والاجر والثواب يستحقان على ما كان في مقابلة فعل العبد، فبينهما فرق قد بينه عليه السلام كما يقتضيه علمه الثاقب ورأيه الصائب) 43 - (وقال عليه السلام في ذكر خباب) يرحم الله خباب بن الارت فلقد أسلم راغبا، وهاجر طائعا، وقنع بالكفاف، ورضي عن الله وعاش مجاهدا 44 - وقال عليه السلام: طوبى لمن ذكر المعاد، وعمل للحساب، وقنع بالكفاف، ورضي عن الله 45 - وقال عليه السلام: لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني (1). ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني. وذلك أنه قضى فانقضى على لسان النبي الامي صلى الله عليه وآله أنه قال: " يا علي لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق 46 - وقال عليه السلام: سيئة تسوءك خير عند الله من حسنة تعجبك (2) 47 - وقال عليه السلام: قدر الرجل على قدر همته. وصدقه على قدر مروءته وشجاعته على قدر أنفته وعفته على قدر غيرته


= الرضي (1) الخيشوم: أصل الانف. والجمات: جمع جمة بفتح الجيم هو من السفينة مجتمع الماء المترشح من ألواحها، أي لو كفأت عليهم الدنيا بجليلها وحقيرها (2) لان الحسنة المعجبة ربما جر الاعجاب بها إلى سيئات. والسيئة المسيئة ربما بعث الكدر منها =

[ 14 ]

48 - وقال عليه السلام: الظفر بالحزم. والحزم بإجالة الرأي. والرأي بتحصين الاسرار 49 - وقال عليه السلام: احذروا صولة الكريم إذا جاع واللئيم إذا شبع 50 - وقال عليه السلام: قلوب الرجال وحشية فمن تألفها أقبلت عليه 51 - وقال عليه السلام: عيبك مستور ما أسعدك جدك (1) 52 - وقال عليه السلام: أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة 53 - وقال عليه السلام: السخاء ما كان ابتداء، فأما ما كان عن مسألة فحياء وتذمم (2) 54 - وقال عليه السلام: لا غنى كالعقل. ولا فقر كالجهل. ولا ميراث كالادب ولا ظهير كالمشاورة 55 - وقال عليه السلام: الصبر صبران: صبر على ما تكره، وصبر عما تحب 56 - وقال عليه السلام: الغنى في الغربة وطن. والفقر في الوطن غربة 57 - وقال عليه السلام: القناعة مال لا ينفد 62 - وقال عليه السلام: إذا حييت بتحية فحي بأحسن منها، وإذا أسديت إليك يد فكافئها بما يربي عليها، والفضل مع ذلك للبادئ 58 - وقال عليه السلام: المال مادة الشهوات 59 - وقال عليه السلام: من حذرك كمن بشرك


= إلى حسنات (1) الجد بالفتح: الحظ أي ما دامت الدنيا مقبلة عليك (2) التذمم: الفرار =

[ 15 ]

60 - وقال عليه السلام: اللسان سبع إن خلي عنه عقر 61 - وقال عليه السلام: المرأة عقرب حلوة اللبسة (1) 63 - وقال عليه السلام: الشفيع جناح الطالب 64 - وقال عليه السلام: أهل الدنيا كركب يسار بهم وهم نيام 65 - وقال عليه السلام: فقد الاحبة غربة 66 - وقال عليه السلام: فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها 67 - وقال عليه السلام: لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه 68 - وقال عليه السلام: العفاف زينة الفقر. 69 - وقال عليه السلام: إذا لم يكن ما تريد فلا تبل ماكنت (2) 7 0 - وقال عليه السلام: لا ترى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا 71 - وقال عليه السلام: إذا تم العقل نقص الكلام


= من الذم، كالتأثم والتحرج (1) اللبسة بالكسر حالة من حالات اللبس بالضم، يقال لبست فلانة أي عاشرتها زمنا طويلا. والعقرب لا تحلو لبستها. أما المرأة فهي هي في الايذاء لكنها حلوة اللبسة (2) إذا كان لك مرام لم تنله فاذهب في طلبه كل مذهب ولا تبال أن حقروك أو عظموك، فإن محط السير الغاية وما دونها فداء لها. وقد يكون المعنى إذا عجزت عن مرادك فارض بأي حال، على رأي القائل. - إذا لم تستطع شيئا فدعه * وجاوزه إلى ما تستطيع

[ 16 ]

72 - وقال عليه السلام: الدهر يخلق الابدان (1)، ويحدد الآمال، ويقرب المنية، ويباعد الامنية، من ظفر به نصب، ومن فاته تعب 73 - وقال عليه السلام: من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره. وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه. ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالاجلال من معلم الناس ومؤدبهم 74 - وقال عليه السلام: نفس المرء خطاه إلى أجله (2) 75 - وقال عليه السلام: كل معدود منقض وكل متوقع آت 76 - وقال عليه السلام: إن الامور إذا اشتبهت اعتبر آخرها بأولها (3) 77 - (ومن خبر ضرار بن ضمرة الضبابي عند دخوله على معاوية ومسألته) (له عن أمير المؤمنين، قال: فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه) (وقد أرخى الليل سدوله، وهو قائم في محرابه (4) قابض على لحيته،) (يتململ تململ السليم (5)، ويبكي بكاء الحزين ويقول): يا دنيا يا دنيا إليك عني، أبي تعرضت، أم إلي تشوقت: لا حان حينك (6)


(1) أي يبليها. ونصب من باب تعب: أعيى. ومن ظفر بالدهر لزمته حقوق وحفت به شؤون يعييه ويعجزه مراعتها وأداؤها، هذا إلى ما يتجدد له من الامال التي لا نهاية لها وكلها تحتاج إلى طلب ونصب (2) كأن كل نفس يتنفسه الانسان خطوة يقطعها إلى الاجل (3) أي يقاس آخرها على أولها فعلى حسب البدايات تكون النهايات (4) سدوله: حجب ظلامه (5) السليم: الملدوغ من حية ونحوها (6) تعرض به =

[ 17 ]

هيهات غري غيري. لا حاجة لي فيك. قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها. فعيشك قصير، وخطرك يسير، وأملك حقير. آه من قلة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر، وعظيم المورد (1) 78 - (ومن كلام له عليه السلام للسائل لما سأله أكان مسيرنا) (إلى الشام بقضاء من الله وقدر بعد كلام طويل هذا مختاره) ويحك لعلك ظننت قضاء لازما وقدرا حاتما. ولو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب، وسقط الوعد والوعيد (2). وإن الله سبحانه أمر عباده تخييرا، ونهاهم تحذيرا، وكلف يسيرا ولم يكلف عسيرا، وأعطى على القليل كثيرا. ولم يعص مغلوبا، ولم يطع مكرها، ولم يرسل الانبياء لعبا، ولم ينزل الكتب للعباد عبثا، ولا خلق السموات والارض وما بينهما باطلا " ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار "


= كتعرضه: تصداه وطلبه. ولا حان حينك: لا جاء وقت وصولك لقلبي وتمكن حبك منه (1) المورد: موقف الورود على الله في الحساب (2) القضاء: علم الله السابق بحصول الاشياء على أحوالها في أوضاعها. والقدر إيجاده لها عند وجود أسبابها، ولا شئ منهما يضطر العبد لفعل من أفعاله فالعبد وما يجد من نفسه من باعث =

[ 18 ]

79 - وقال عليه السلام: خذ الحكمة أنى كانت، فإن الحكمة تكون في صدر المنافق فتلجلج في صدره (1) حتى تخرج فتسكن إلى صواحبها في صدر المؤمن 80 - وقال عليه السلام: الحكمة ضالة المؤمن، فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق. 81 - وقال عليه السلام: قيمة كل امرئ ما يحسنه (وهذه الكلمة التي لا تصاب لها قيمة، ولا توزن بها حكمة، ولا تقرن إليها كلمة) 82 - وقال عليه السلام: أوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباط الابل (2) لكانت لذلك أهلا. لا يرجون أحد منكم إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه ولا يستحين أحد إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم. ولا يستحين أحد إذا لم يعلم الشئ أن يتعلمه. وعليكم بالصبر فإن الصبر من الايمان كالرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس معه، ولا في إيمان لا صبر معه


= على الخير والشر، ولا يجد شخص إلا أن اختياره دافعه إلى ما يعمل، والله يعلمه فاعلا باختياره إما شقيا به وإما سعيدا. والدليل ما ذكره الامام (1) تلجلج أي تتحرك (2) الآباط: جمع إبط. وضرب الآباط كناية عن شد الرحال وحث المسير

[ 19 ]

83 - وقال عليه السلام: لرجل أفرط في الثناء عليه وكان له متهما: أنا دون ما تقول وفوق ما في نفسك 84 - وقال عليه السلام: بقية السيف أبقى عددا وأكثر ولدا (1) 85 - وقال عليه السلام: من ترك قول لا أدري أصيبت مقاتله (2) 86 - وقال عليه السلام: رأي الشيخ أحب إلي من جلد الغلام (3) (وروي) من مشهد الغلام 87 - وقال عليه السلام: عجبت لمن يقنط ومعه الاستغفار (4) 88 - (وحكى عنه أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام أنه قال): كان في الارض أمانان من عذاب الله وقد رفع أحدهما فدونكم الآخر فتمسكوا به. أما الامان الذي رفع فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما الامان الباقي فالاستغفار قال الله تعالى: " وما كان الله ليعذبهم


(1) بقية السيف هم الذين يبقون بعد الدين قتلوا في حفظ شرفهم ودفع الضيم عنهم، وفضلوا الموت على الذل، فيكون الباقون شرفاء نجداء، فعددهم أبقى وولدهم يكون أكثر، بخلاف الاذلاء فإن مصيرهم إلى المحو والفناء (2) مواضع قتله، لان من قال ما لا يعلم عرف بالجهل، ومن عرفه الناس بالجهل مقتوه فحرم خيره كله فهلك (3) جلد الغلام: صبره على القتال. ومشهده: إيقاعه بالاعداء. والرأي في الحرب أشد فعلا في الاقدام (4) أي التوبة

[ 20 ]

وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ". (وهذا من محاسن الاستخراج ولطائف الاستنباط) 89 - وقال عليه السلام: من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله له أمر دنياه. ومن كان له من نفسه واعظ كان عليه من الله حافظ 90 - وقال عليه السلام: الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤيسهم من روح الله (1)، ولم يؤمنهم من مكر الله 91 - وقال عليه السلام: إن هذه القلوب تمل كما تمل الابدان، فابتغوا لها طرائف الحكم (2) 92 - وقال عليه السلام: أوضع العلم ما وقف على اللسان (3)، وأرفعه ما ظهر في الجوارح والاركان 93 - وقال عليه السلام: لا يقولن أحدكم اللهم إني أعوذ بك من الفتنة لانه ليس أحد إلا وهو مشتمل على فتنة، ولكن من استعاذ فليستعذ من


(1) روح الله: لطفه ورأفته، وهو بالفتح. ومكر الله: أخذه للعبد بالعقاب من حيث لا يشعر. فالفقيه هو الفاتح للقلوب بابى الخوف والرجاء (2) طرائف الحكم: غرائبها لتنبسط إليها القلوب كما تنبسط الابدان لغرائب المناظر (3) أوضع العلم أي أدناه ما وقف على اللسان ولم يظهر أثره في الاخلاق والاعمال. وأركان البدن =

[ 21 ]

مضلات الفتن، فإن الله سبحانه: يقول: " واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة ". ومعنى ذلك أنه يختبرهم بالاموال والاولاد ليتبين الساخط لرزقه والراضي بقسمه، وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم، ولكن لتظهر الافعال التي بها يستحق الثواب والعقاب، لان بعضهم يحب الذكور ويكره الاناث، وبعضهم يحب تثمير المال (1) ويكره انثلام الحال (وهذا من غريب ما سمع منه في التفسير) 94 - (وسئل عن الخير ما هو؟ فقال): ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك، وأن تباهي الناس بعبادة ربك، فإن أحسنت حمدت الله، وإن أسأت استغفرت الله. ولا خير في الدنيا إلا لرجلين: رجل أذنب ذنوبا فهو يتداركها بالتوبة، ورجل يسارع في الخيرات 95 - وقال عليه السلام: لا يقل عمل مع التقوى. وكيف يقل ما يتقبل 96 - وقال عليه السلام: إن أولى الناس بالانبياء أعلمهم بما جاءوا به. ثم تلا " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا "


= أعضاؤه الرئيسة كالقلب والمخ (1) تثمير المال: إنماؤه بالربح. وانثلام الحال: نقصه

[ 22 ]

(ثم قال): إن ولي محمد من أطاع الله وإن بعدت لحمته (1)، وإن عدو محمد من عصى الله وإن قربت قرابته 97 - (وقد سمع رجلا من الحرورية (2) يتهجد ويقرأ فقال): نوم على يقين خير من صلاة في شك 98 - وقال عليه السلام: إعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل 99 - (وسمع رجلا يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال عليه السلام): إن قولنا: إنا لله إقرار على أنفسنا بالملك. وقولنا: وإنا إليه راجعون إقرار على أنفسنا بالهلك (3) 100 - (ومدحه قوم في وجهه فقال): اللهم إنك أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلنا خيرا مما يظنون، واغفر لنا ما لا يعلمون 101 - وقال عليه السلام: لا يستقيم قضاء الحوائج إلا بثلاث: باستصغارها لتعظم (4)، وباستكتامها لتظهر، وبتعجيلها لتهنؤ


(1) لحمته بالضم أي نسبه (2) الحرورية بفتح الحاء: الخوارج الذين خرجوا عليه بحروراء. ويتهجد أي يصلي بالليل (3) الهلك بالضم: الهلاك (4) استصغارها في الطلب لتعظم بالقضاء. وكتمانها عند محاولتها لتظهر بعد قضائها فلا تعلم إلا مقضية، وتعجيلها للتمكن من التمتع بها فتكون هنيئة، ولو عظمت عند =

[ 23 ]

102 - وقال عليه السلام: يأتي على الناس زمان لا يقرب فيه إلا الماحل (1)، ولا يظرف فيه إلا الفاجر، ولا يضعف فيه إلا المنصف. يعدون الصدقة فيه غرما. وصلة الرحم منا. والعبادة استطالة على الناس. فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء وإمارة الصبيان وتدبير الخصيان 103 - (ورؤي عليه إزار خلق مرقوع فقيل له في ذلك فقال): يخشع له القلب، وتذل به النفس، ويقتدي به المؤمنون وقال عليه السلام: إن الدنيا والآخرة عدوان متفاوتان وسبيلان مختلفان، فمن أحب الدنيا وتولاها أبغض الآخرة وعاداها. وهما بمنزلة المشرق والمغرب وماش بينهما، كلما قرب من واحد بعد من الاخر، وهما بعد ضرتان 104 - (وعن نوف البكالي قال رأيت أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة وقد خرج من فراشه فنظر في النجوم، فقال لي يا نوف: أراقد أنت أم رامق؟ فقلت بل رامق يا أمير المؤمنين (2)، قال يا نوف): طوبى للزاهدين


= الطلب أو ظهرت قبل القضاء خيف الحرمان منها، ولو أخرت خيف النقصان (1) الماحل: الساعي في الناس بالوشاية عند السلطان. ولا يظرف أي لا يعد ظريفا، ولا يضعف أي لا يعد ضعيفا. والغرم بالضم: الغرامة. والمن: ذكرك النعمة على غيرك مظهرا بها الكرامة عليه. والاستطالة على الناس: التفوق عليهم والتزيد عليهم في الفضل (2) أراد بالرامق منتبه العين في مقابلة الراقد بمعنى النائم، يقال رمقه إذا لحظه =

[ 24 ]

في الدنيا الراغبين في الآخرة. أولئك قوم اتخذوا الارض بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، والقرآن شعارا (1)، والدعاء دثارا. ثم قرضوا الدنيا قرضا على منهاج المسيح يا نوف إن داود عليه السلام قام في مثل هذه الساعة من الليل فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها عبد إلا استجيب له إلا أن يكون عشارا (2) أو عريفا أو شرطيا أو صاحب عرطبة وهي الطنبور أو صاحب كوبة وهي الطبل. (وقد قيل أيضا: إن العرطبة الطبل، والكوبة الطنبور (3)) 105 - وقال عليه السلام: إن الله افترض عليكم الفرائض فلا تضيعوها، وحد لكم حدودا فلا تعتدوها، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها (4) وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسيانا فلا تتكلفوها


= لحظا خفيفا (1) شعارا يقرأونه سرا للاعتبار بمواعظه والتفكر في دقائقه. والدعاء دثارا يجهرون به إظهارا للذلة والخضوع لله. وأصل الشعار ما يلي البدن من الثياب. والدثار ما علا منها. وقرضوا الدنيا: مزقوها كما يمزق الثوب بالمقراض على طريقة المسيح في الزهادة (2) العشار من يتولى أخذ أعشار الاموال وهو المكاس. والعريف من يتجسس على أحوال الناس وأسرارهم فيكشفها لاميرهم مثلا. والشرطي بضم فسكون نسبة إلى الشرطة واحد الشرط كرطب وهم أعوان الحاكم (3) لم نر هذا فيما وقفنا عليه من كتب اللغة. والمنقول أن الكوبة بالضم الطبل الصغير، وهو المعروف بالدربكة (4) أي لا تنتهكوا نهيه عنها بإتيانها. والانتهاك: الاهانة =

[ 25 ]

106 - وقال عليه السلام: لا يترك الناس شيئا من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلا فتح الله عليهم ما هو أضر منه 107 - وقال عليه السلام: رب عالم قد قتله جهله (1) وعلمه معه لا ينفعه 108 - وقال عليه السلام: لقد علق بنياط هذا الانسان بضعة هي أعجب ما فيه (2) وذلك القلب. وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها. فإن سنح له الرجاء (3) اذله الطمع. وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص. وإن ملكه اليأس قتله الاسف. وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ وإن أسعده الرضى نسي التحفظ (4). وإن ناله الخوف شغله الحذر. وإن اتسع له الامن استلبته الغرة (5). وإن أفاد مالا أطغاه الغنى. وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع. وإن عضته الفاقة شغله البلاء. وإن جهده الجوع قعد به الضعف. وإن أفرط به الشبع كظته البطنة (6) فكل تقصير به مضر وكل إفراط له مفسد


= والاضعاف. ولا تتكلفوا أي لا تكلفوا أنفسكم بها بعد ما سكت الله عنها (1) وهذا هو العالم الذي يحفظ ولا يدري، أو يعلم ولا يعمل، أو ينقل ولا بصيرة له (2) النياط ككتاب: عرق معلق به القلب (3) سنح له: بدا وظهر (4) التحفظ هو التوقي والتحرز من المضرات (5) الغرة بالكسر الغفلة. واستلبته أي سلبته وذهبت به عن رشده. وأفاد المال: استفاده. الفاقة الفقر (6) كظته أي كربته وآلمته. والبطنة = = بالكسر: امتلاء البطن حتى يضيق النفس: التخمة

[ 26 ]

109 - وقال عليه السلام: نحن النمرقة الوسطى (1) بها يلحق التالي، وإليها يرجع الغالي. 110 - وقال عليه السلام: لا يقيم أمر الله سبحانه إلا من لا يصانع (2) ولا يضارع ولا يتبع المطامع 111 - وقال عليه السلام: (وقد توفي سهل بن حنيف الانصاري بالكوفة بعد مرجعه معه من صفين وكان من أحب الناس إليه) لو أحبني جبل لتهافت (3) (معنى ذلك أن المحنة تغلظ عليه فتسرع المصائب إليه، ولا يفعل ذلك إلا بالاتقياء الابرار والمصطفين الاخيار، وهذا مثل قوله عليه السلام: 112 - من أحبنا أهل البيت فليستعد للفقر جلبابا وقد يؤول ذلك على معنى آخر (4) ليس هذا موضع ذكره) 113 - وقال عليه السلام: لا مال أعود من العقل (5). ولا وحدة أوحش من


(1) النمرقة بضم فسكون فضم ففتح: الوسادة، وآل البيت أشبه بها للاستناد إليهم في أمور الدين كما يستند إلى الوسادة لراحة الظهر واطمئنان الاعضاء. ووصفها بالوسطى لاتصال سائر النمارق بها، فكأن الكل يعتمد عليها إما مباشرة أو بواسطة ما بجانبه. وآل البيت على الصراط الوسط العدل، يلحق بهم من قصر ويرجع إليهم من غلا وتجاوز (2) لا يصانع أي لا يداري في الحق. والمضارعة: المشابهة. والمعنى أنه لا يشتبه في عمله بالمبطلين. واتباع المطامع الميل معها وإن ضاع الحق (3) تهافت: تساقط بعد ما تصدع (4) هو أن من أحبهم فليخلص لله حبهم فليست الدنيا تطلب عندهم (5) أعود: أنفع

[ 27 ]

العجب. ولا عقل كالتدبير. ولا كرم كالتقوى. ولا قرين كحسن الخلق. ولا ميراث كالادب. ولا قائد كالتوفيق. ولا تجارة كالعمل الصالح. ولا ربح كالثواب. ولا ورع كالوقوف عند الشبهة. ولا زهد كالزهد في الحرام. ولا علم كالتفكر. ولا عبادة كأداء الفرائض. ولا إيمان كالحياء والصبر. ولا حسب كالتواضع. ولا شرف كالعلم ولا مظاهرة أوثق من المشاورة 114 - وقال عليه السلام: إذا استولى الصلاح على الزمان وأهله ثم أساء رجل الظن برجل لم تظهر منه خزية (1) فقد ظلم. وإذا استولى الفساد على الزمان وأهله فأحسن رجل الظن برجل فقد غرر 115 - (وقيل له عليه السلام: كيف نجدك يا أمير المؤمنين، فقال عليه السلام): كيف يكون من يفنى ببقائه (2)، ويسقم بصحته، ويؤتى من مأمنه 116 - وقال عليه السلام: كم من مستدرج بالاحسان إليه (3)، ومغرور بالستر


(1) الخزية بفتح فسكون: البلية تصيب الانسان فتذله وتفضحه. وغرر أي أوقع بنفسه في الغرر أي الخطر (2) كلما طال عمره وهو البقاء تقدم إلى الفناء، وكلما مدت عليه الصحة تقرب من مرض الهرم. وسقم كفرح: مرض. ويأتيه الموت من مأمنه أي الجهة التي يأمن إتيانه منها، فإن أسبابه كامنة في نفس البدن (3) استدرجه الله تابع نعمته عليه وهو مقيم في عصيانه إبلاغا للحجة وإقامة للمعذرة =

[ 28 ]

عليه. ومفتون بحسن القول فيه وما ابتلى الله أحدا بمثل الاملاء له 117 - وقال عليه السلام: هلك في رجلان محب غال (1) ومبغض قال 118 - وقال عليه السلام: إضاعة الفرصة غصة 119 - وقال عليه السلام: مثل الدنيا كمثل الحية لين مسها والسم الناقع في جوفها. يهوي إليها الغر الجاهل ويحذرها ذو اللب العاقل 120 - (وسئل عليه السلام: عن قريش فقال): أما بنو مخزوم فريحانة قريش نحب حديث رجالهم والنكاح في نسائهم. وأما بنو عبد شمس (2) فأبعدها رأيا وأمنعها لما وراء ظهورها. وأما نحن فأبذل لما في أيدينا، وأسمح عند الموت بنفوسنا. وهم أكثر وأمكر وأنكر. ونحن أفصح وأنصح وأصبح 121 - وقال عليه السلام: شتان ما بين عملين (3): عمل تذهب لذته وتبقى تبعته، وعمل تذهب مؤونته ويبقى أجره 122 - (وتبع جنازة فسمع رجلا يضحك فقال عليه السلام) كأن الموت فيها


= في أخذه. والاملاء له: الامهال (1) الغالي: المتجاوز الحد في حبه بسب غيره أو دعوى حلول اللاهوت فيه أو نحو ذلك. والقالي: المبغض الشديد البغض (2) ومنهم بنو أمية أي وهم أي بنو عبد شمس أكثر الخ ونحن أي بنو هاشم (3) الاول عمل =

[ 29 ]

على غيرنا كتب. وكأن الحق فيها على غيرنا وجب. وكأن الذي نرى من الاموات سفر (1) عما قليل إلينا راجعون، نبوئهم أجداثهم ونأكل تراثهم ثم قد نسينا كل واعظ وواعظة ورمينا بكل جائحة (2) 123 - وقال عليه السلام: طوبى لمن ذل في نفسه وطاب كسبه وصلحت سريرته وحسنت خليقته (3) وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من لسانه، وعزل عن الناس شره، ووسعته السنة، ولم ينسب إلى البدعة، " أقول ومن الناس من ينسب هذا الكلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وكذلك الذي قبله " 124 - وقال عليه السلام: غيرة المرأة كفر (4) وغيرة الرجل إيمان 125 - وقال عليه السلام: لانسبن الاسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي. الاسلام هو التسليم. والتسليم هو اليقين. واليقين هو التصديق. والتصديق هو الاقرار. والاقرار هو الاداء. والاداء هو العمل الصالح 126 - وقال عليه السلام: عجبت للبخيل يستعجل الفقر (5) الذي منه هرب،


= في شهوات النفس والثاني عمل في طاعة الله (1) سفر أي مسافرون. ونبوئهم أي ننزلهم في أجداثهم أي قبورهم. والتراث أي الميراث (2) الجائحة: الآفة تهلك الاصل والفرع (3) الخليقة: الخلق والطبيعة (4) أي تؤدي إلى الكفر فإنها تحرم على الرجل ما أحل الله له من زواج متعددات، أما غيرة الرجل فتحريم لما حرمه الله وهو الزنا (5) الفقر ما قصر بك عن درك حاجاتك. والبخيل تكون له الحاجة فلا يقضيها =

[ 30 ]

ويفوته الغنى الذي إياه طلب. فيعيش في الدنيا عيش الفقراء. ويحاسب في الآخرة حساب الاغنياء. وعجبت للمتكبر الذي كان بالامس نطفة ويكون غدا جيفة. وعجبت لمن شك في الله وهو يرى خلق الله. وعجبت لمن نسي الموت وهو يرى الموتى. وعجبت لمن أنكر النشأة الاخرى وهو يرى النشأة الاولى. وعجبت لعامر دار الفناء وتارك دار البقاء 127 - وقال عليه السلام: من قصر في العمل ابتلي بالهم (1) (ولا حاجة لله فيمن ليس لله في ماله ونفسه نصيب 128 - وقال عليه السلام: توقوا البرد في أوله، وتلقوه في آخره فإنه يفعل في الابدان كفعله في الاشجار. أوله يحرق وآخره يورق (2) 129 - وقال عليه السلام: عظم الخالق عندك يصغر المخلوق في عينك 130 - وقال عليه السلام: وقد رجع من صفين فأشرف على القبور بظاهر الكوفة)


= ويكون عليه الحق فلا يؤديه، فحاله حال الفقراء يحتمل ما يحتملون، فقد استعجل بالفقر وهو يهرب منه بجمع المال (1) الهم هم الحسرة على فوات ثمراته، ومن لم يجعل لله نصيبه في ماله بالبذل في سبيله ولا روحه باحتمال التعب في إعزاز دينه فلا يكون له رجاء في فضل الله فإنه لا يكون في الحقيقة عبد الله بل عبد نفسه والشيطان (2) ولانه في أوله يأتي على عهد من الابدان بالحر فيؤذيها، أما في آخره فيمسها بعد تعودها =

[ 31 ]

يا أهل الديار الموحشة (1) والمحال المقفرة، والقبور المظلمة. يا أهل التربة. يا أهل الغربة، يا أهل الوحدة يا أهل الوحشة أنتم لنا فرط سابق (2) ونحن لكم تبع لاحق. أما الدور فقد سكنت (3). وأما الازواج فقد نكحت. وأما الاموال فقد قسمت. هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم؟ (ثم التفت إلى أصحابه فقال): أما لو أذن لهم في الكلام لاخبروكم أن خير الزاد التقوى 131 - (وقال عليه السلام وقد سمع رجلا يذم الدنيا): أيها الذام للدنيا المغتر بغرورها، المخدوع بأباطيلها ثم تذمها. أتغتر بالدنيا ثم تذمها. أنت المتجرم عليها (4) أم هي المتجرمة عليك؟ متى استهوتك (5) أم متى غرتك؟ أبمصارع آبائك من البلى (6)؟ أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى؟ كم عللت بكفيك (7). وكم مرضت بيديك.


= عليه وهو إذ ذاك أخف (1) الموحشة: الموجبة للوحشة ضد الانس. والمحال: جمع محل أي الاماكن المقفرة من أقفر المكان إذا لم يكن به ساكن ولا نابت (2) الفرط بالتحريك: المتقدم إلى الماء للواحد والجمع. والكلام هنا على الاطلاق أي المتقدمون. والتبع بالتحريك أيضا التابع (3) أي أن دياركم سكنها غيركم، ونساؤكم تزوجت، وأموالكم قسمت، فهذه أخبارنا إليكم (4) تجرم عليه: ادعى عليه الجرم بالضم أي الذنب (5) استهواه ذهب بعقله وأذله فحيره (6) البلى بكسر الباء: الفناء بالتحلل. والمصرع: مكان الانصراع أي السقوط أي أماكن سقوط آبائك من الفناء. والثرى: التراب (7) علل المريض: خدمه في علته. كمرضه: =

[ 32 ]

تبغي لهم الشفاء (1) وتستوضف لهم الاطباء. لم ينفع أحدهم إشفاقك (2) ولم تسعف فيه بطلبتك. ولم تدفع عنهم بقوتك. قد مثلت لك به الدنيا نفسك (3) وبمصرعه مصرعك. إن الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود منها (4)، ودار موعظة لمن اتعظ بها. مسجد أحباء الله، ومصلى ملائكة الله، ومهبط وحي الله ومتجر أولياء الله. اكتسبوا فيها الرحمة، وربحوا فيها الجنة. فمن ذا يذمها وقد آذنت ببينها (5)، ونادت بفراقها، ونعت نفسها وأهلها فمثلت لهم ببلائها البلاء، وشوقتهم بسرورها إلى السرور راحت بعافية (6) وابتكرت بفجيعة. ترغيبا وترهيبا، وتخويفا وتحذيرا، فذمها رجال غداة الندامة (7)، وحمدها آخرون يوم القيامة. ذكرتهم الدنيا فتذكروا، وحدثتهم فصدقوا، ووعظتهم فاتعظوا


= خدمه في مرضه (1) الضمير في لهم يعود على الكثير المفهوم من كم. واستوصف الطبيب: طلب منه وصف الدواء بعد تشخيص الداء (2) إشفاقك: خوفك. والطلبة بالكسر: المطلوب. وأسعفه بمطلوبة: أعطاه إياه على ضرورة إليه (3) أي أن الدنيا جعلت الهالك قبلك مثالا لنفسك تقيسها عليه (4) أي أخذ منها زاده للآخرة (5) آذنت بمد الهمزة أي أعلمت أهلها ببينها أي ببعدها وزوالها عنهم. ونعاه إذا أخبر بفقده. والدنيا أخبرت بفنائها وفناء أهلها بما ظهر من أحوالها (6) راح إليه: وافاه وقت العشي، أي أنها تمشي بعافية وتبتكر أي تصبح بفجيعة أي بمصيبة فاجعة (7) أي ذموها عندما أصبحوا نادمين على ما فرطوا فيها أما الذين حمدوها فهم =)

[ 33 ]

132 - وقال عليه السلام: إن لله ملكا ينادي في كل يوم: لدوا للموت (1)، واجمعوا للفناء، وابنوا للخراب 133 - وقال عليه السلام الدنيا دار ممر إلى دار مقر. والناس فيها رجلان: رجل باع فيها نفسه فأوبقها (2)، ورجل ابتاع نفسه فأعتقها 134 - وقال عليه السلام: لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ أخاه في ثلاث (3) في نكبته، وغيبته ووفاته 135 - وقال عليه السلام: من أعطي أربعا لم يحرم أربعا: من أعطي الدعاء لم يحرم الاجابة (4) ومن أعطي التوبة لم يحرم القبول، ومن أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة، ومن أعطي الشكر لم يحرم الزيادة وتصديق ذلك كتاب الله تعالى قال الله عزوجل في الدعاء " ادعوني أستجب لكم " وقال في الاستغفار " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما " وقال في الشكر " لئن شكرتم


= الذين عملوا فجنوا ثمرة أعمالهم ذكرتهم بحوادثها فانتبهوا لما يجب عليهم. وكأنها بتقلبها تحدثهم بما فيه العبرة وتحكي لهم ما به العظة (1) أمر من الولادة (2) باع نفسه لهواه وشهواته فأوبقها أي أهلكها. وابتاع نفسه أي اشتراها وخلصها من أسر الشهوات (3) أي لا يضيع شيئا من حقوقه في الاحوال الثلاثة (4) المراد بالدعاء المجاب ما كان مقرونا باستعداد بأن يصحبه العمل لنيل المطلوب. والتوبة والاستغفار ما كانا ندما على الذنب يمنع من العود إليه. والشكر تصريف النعم في وجوهها المشروعة

[ 34 ]

لازيدنكم " وقال في التوبة " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما " 136 - وقال عليه السلام: الصلاة قربان كل تقي. والحج جهاد كل ضعيف، ولكل شئ زكاة، وزكاة البدن الصيام، وجهاد المرأة حسن التبعل (1) 137 - وقال عليه السلام: استنزلوا الرزق بالصدقة 138 - وقال عليه السلام: من أيقن بالخلف جاد بالعطية 139 - وقال عليه السلام: تنزل المعونة على قدر المؤونة 140 - وقال عليه السلام: ما أعال من اقتصد (2) 141 - وقال عليه السلام: قلة العيال أحد اليسارين 142 - والتودد نصف العقل 143 - وقال عليه السلام: الهم نصف الهرم 144 - وقال عليه السلام: ينزل الصبر على قدر المصيبة. ومن ضرب يده على فخذه عند مصيبته حبط عمله (3)


(1) التبعل إطاعة الزوج (2) من إقتصد أي أنفق في غير إسراف، فلا يعول على وزن يكرم أي لا يفتقر. وفي نسخة عال بلا همز، ومعناه ما جار عن الحق من أخذ بالاقتصاد (3) أي حرم من ثواب أعماله فكأنها بطلت

[ 35 ]

145 - وقال عليه السلام: كم من صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ. وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر والعناء. حبذا نوم الاكياس وإفطارهم (1) 146 - وقال عليه السلام: سوسوا إيمانكم بالصدقة (2)، وحصنوا أموالكم بالزكاة وادفعوا أمواج البلاء بالدعاء 147 - (ومن كلام له عليه السلام لكميل بن زياد النخعي) (قال كميل بن زياد: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فأخرجني إلى الجبان (3)، فلما أصحر تنفس الصعداء ثم قال): يا كميل إن هذه القلوب أوعية (4) فخيرها أوعاها. فاحفظ عني ما أقول لك الناس ثلاثة: فعالم رباني (5) ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع


(1) الاكياس: جمع كيس بتشديد الياء أي العقلاء العارفون يكون نومهم وفطرهم أفضل من صوم الحمقى وقيامهم (2) السياسة حفظ الشئ بما يحوطه من غيره، فسياسة الرعية حفظ نظامها بقوة الرأي والاخذ بالحدود، والصدقة تستحفظ الشفقة، والشفقة تستزيد الايمان وتذكر الله. والزكاة أداء حق الله من المال، وأداء الحق حصن النعمة (3) الجبان - كالجبانة: المقبرة. وأصحر أي صار في الصحراء (4) أوعية: جمع وعاء. وأوعاها أحفظها (5) العالم الرباني هو المتأله العارف بالله. والمتعلم على طريق النجاة إذا أتم علمه نجا. والهمج محركة: الحمقى من الناس. والرعاع كسحاب: الاحداث =

[ 36 ]

أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق يا كميل العلم خير من المال. والعلم يحرسك وأنت تحرس المال. المال تنقصه النفقة والعلم يزكوا على الانفاق، وصنيع المال يزول بزواله (1). يا كميل العلم دين يدان به. به يكسب الانسان الطاعة في حياته، وجميل الاحدوثة بعد وفاته. والعلم حاكم والمال محكوم عليه يا كميل هلك خزان الاموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر. أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة. ها، إن ههنا لعلما جما (وأشار إلى صدره) لو أصبت له حملة (2)، بلى أصبت لقنا غير مأمون عليه (3)، مستعملا آلة الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله


= الطغام الذين لا منزلة لهم في الناس. والناعق مجاز عن الداعي إلى باطل أو حق (1) من كان صنيعا لك متحببا إليك لما لك زال ما تراه منه بزوال مالك، أما صنيع العلم فيبقى ما بقي العلم، فإنما العالم في قومه كالنبي في إمته، فالعلم أشبه شئ بالدين بكسر الدال يوجب على المتدينين طاعة صاحبه في حياته والثناء عليه بعد موته (2) الحملة بالتحريك: جمع حامل. وأصبت بمعنى وجدت، أي لو وجدت له حاملين لابرزته وبثثته (3) اللقن بفتح فكسر: من يفهم بسرعة، إلا أن العلم لا يطبع أخلاقه على الفضائل، فهو يستعمل وسائل الدين لجلب الدنيا، ويستعين بنعم الله على إيذاء =

[ 37 ]

على عباده، وبحججه على أوليائه، أو منقادا لحملة الحق (1) لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه لاول عارض من شبهة. ألا لا ذا ولا ذاك (2)، أو منهوما باللذة (3) سلس القياد للشهوة، أو مغرما بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين في شئ. أقرب شئ شبها بهما الانعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه اللهم بلى، لا تخلو الارض من قائم لله بحجة. إما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا (4) لئلا تبطل حجج الله وبيناته. وكم ذا (5)؟ وأين أولئك؟ أولئك والله الاقلون عددا والاعظمون قدرا. يحفظ الله بهم حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون (6)، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا


= عباده (1) المنقاد لحاملي الحق هو المقلد في القول والعمل ولا بصيرة له في دقائق الحق وخفاياه، فذاك يسرع الشك إلى قلبه لاقل شبهة (2) لا يصلح لحمل العلم واحد منهما (3) المنهوم: المفرط في شهوة الطعام. وسلس القياد: سهله. والمغرم بالجمع: المولع بكسب المال واكتنازه، وهذان ليسا ممن يرعى الدين في شئ. والانعام أي البهائم السائمة أقرب شبها بهذين، فهما أحط درجة من راعية البهائم لانها لم تسقط عن منزلة أعدتها لها الفطرة، أما هما فقد سقطا واختارا الادنى على الاعلى (4) غمره الظلم حتى غطاه فهو لا يظهر (5) استفهام عن عدد القائمين لله بحجته، واستقلال له. وقوله وأين أولئك: استفهام عن أمكنتهم وتنبيه على خفائها (6) عدوا ما استخشنه المنعمون =

[ 38 ]

الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الاعلى. أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه. آه آه شوقا إلى رؤيتهم. انصرف إذا شئت. 148 - وقال عليه السلام: المرء مخبوء تحت لسانه (1). 149 - وقال عليه السلام: هلك امرؤ لم يعرف قدره. 150 - وقال عليه السلام: (لرجل سأله أن يعظه): لا تكن ممن يرجوا الآخرة بغير العمل، ويرجي التوبة (2) بطول الامل. يقول في الدنيا بقول الزاهدين، ويعمل فيها بعمل الراغبين. إن أعطي منها لم يشبع، وإن منع منها لم يقنع. يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي ينهى ولا ينتهي ويأمر بما لا يأتي. يحب الصالحين ولا يعمل عملهم، ويبغض المذنبين وهو أحدهم. يكره الموت لكثرة ذنوبه، ويقيم على ما يكره الموت له (3) إن سقم ظل نادما (4)، وإن صح أمن لاهيا. يعجب بنفسه إذا عوفي ويقنط إذا ابتلي. إن أصابه بلاء دعا مضطرا وإن ناله رخاء اعترض مغترا. تغلبه نفسه على ما تظن ولا يغلبها


= لينا وهو الزهد (1) إنما يظهر عقل المرء وفضله بما يصدر عن لسانه فكأنه قد خبئ تحت لسانه فإذا تحرك اللسان انكشف (2) يرجى بالتشديد أي يؤخر التوبة (3) الذي يكره الموت لاجله هو الذنوب. وأقام عليها: داوم على إتيانها (4) إن أصابه السقم لازم الندم على التفريط أيام الصحة، فإذا عادت له الصحة غره الامن =

[ 39 ]

على ما يستيقن (1). يخاف على غيره بأدنى من ذنبه. ويرجو لنفسه بأكثر من عمله. إن استغنى بطر وفتن (2)، وإن افتقر قنط ووهن. يقصر إذا عمل، ويبالغ إذا سأل. إن عرضت له شهوة أسلف المعصية (3) وسوف التوبة. وإن عرته محنة انفرج عن شرائط الملة (4). يصف العبرة ولا يعتبر (5) ويبالغ في الموعظة ولا يتعظ. فهو بالقول مدل (6) ومن العمل مقل. ينافس فيما يفنى، ويسامح فيما يبقى. يرى الغنم مغرما (7)، والغرم مغنما. يخشى الموت ولا يبادر الفوت (8). يستعظم من معصية غيره ما يستقل أكثر منه من نفسه، ويستكثر من طاعته ما يحقر من طاعة غيره. فهو على الناس طاعن ولنفسه مداهن. اللغو مع الاغنياء أحب إليه من الذكر مع الفقراء. يحكم على غيره لنفسه ولا يحكم عليها لغيره، ويرشد غيره ويغوي نفسه. فهو


= وغرق في اللهو (1) هو على يقين من أن السعادة في الزهادة والشرف في الفضيلة، ثم لا يقهر نفسه على اكتسابهما، وإذا ظن بل توهم لذة حاضرة أو منفعة عاجلة دفعته نفسه إليها وإن هلك (2) بطر كفرح: اغتر بالنعمة، والغرور فتنة، والقنوط: اليأس. والوهن: الضعف (3) أسلف: قدم. وسوف: أخر (4) شرائط الملة: الثبات والصبر واستعانة الله على الخلاص عند عرو المحن أي طروق البلايا. وانفرج عنها أي انخلع وبعد (5) العبرة بالكسر: تنبه النفس لما يصيب غيرها فتحترس من إتيان أسبابه (6) أدل على أقرانه: استعلى عليهم (7) الغنم بالضم: الغنيمة. والمغرم: الغرامة. والاعمال العظيمة غنيمة العقلاء. والشهوات خسارة الاعمار (8) الفوت فوات الفرصة وانقضاؤها. وبادره: عاجله قبل أن يذهب

[ 40 ]

يطاع ويعصى، ويستوفي ولا يوفي، ويخشى الخلق في غير ربه (1) ولا يخشى ربه في خلقه (ولو لم يكن في هذا الكتاب إلا هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة وحكمة بالغة وبصيرة لمبصر وعبرة لناظر مفكر) 151 - وقال عليه السلام: لكل امري عاقبة حلوة أو مرة 152 - وقال عليه السلام: لكل مقبل إدبار وما أدبر كأن لم يكن 153 - وقال عليه السلام: لا يعدم الصبور الظفر وإن طال به الزمان 154 - وقال عليه السلام: الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، وعلى كل داخل في باطل إثمان إثم العمل به وإثم الرضى به 155 - وقال عليه السلام: اعتصموا بالذمم في أوتادها (2) 156 - وقال عليه السلام: عليكم بطاعة من لا تعذرون بجهالته (3) 157 - وقال عليه السلام: قد بصرتم إن ابصرتم (4)، وقد هديتم إن اهتديتم وأسمعتم إن استمتعتم


(1) أي يخشى الخلق فيعمل لغير الله خوفا منه، ولكنه لا يخاف الله فيضر عباده ولا ينفع خلقه (2) تحصنوا بالذمم أي العهود واعقدوها بأوتادها أي الرجال أهل النجدة الذين يوفون بها، وإياكم والركون لعهد من لا عهد له (3) أي عليكم بطاعة عاقل لا تكون له جهالة تعتذرون بها عند البراءة من عيب السقوط في مخاطر أعماله فيقل عذركم في اتباعه (4) كشف الله لكم عن الخير والشر فإن كانت لكم =

[ 41 ]

158 - وقال عليه السلام: عاتب أخاك بالاحسان إليه، وأردد شره بالانعام عليه 159 - وقال عليه السلام: من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومن من أساء به الظن 160 - وقال عليه السلام: من ملك استأثر (1) 161 - وقال عليه السلام: من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها. 162 - وقال عليه السلام: من كتم سره كانت الخيرة بيده (2) 163 - وقال عليه السلام: الفقر الموت الاكبر 164 - وقال عليه السلام: من قضى حق من لا يقضي حقه فقد عبده (3) 165 - وقال عليه السلام: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق 166 - وقال عليه السلام: لا يعاب المرء بتأخير حقه (4) إنما يعاب من أخذ ما ليس له 167 - وقال عليه السلام: الاعجاب يمنع من الازدياد (5) 168 - وقال عليه السلام: الامر قريب (6)، والاصطحاب قليل


= أبصار فأبصروا، وكذا يقال فيما بعده (1) استبد (2) مثلا لو أسر عزيمة فله الخيار في إنفاذها أو فسخها، بخلاف ما لو أفشاها فربما ألزمته البواعث على فعلها أو أجبرته العوائق التي تعرض له من إفشائها على فسخها، وعلى هذا القياس (3) لان العبادة خضوع لمن لا تطالبه بجزائه اعترافا بعظمته (4) المتسامح في حقه لا يعاب وإنما يعاب سالب حق غيره (5) من أعجب بنفسه وثق بكمالها فلم يطلب لها الزيادة في الكمال فلا يزيد بل ينقص (6) أمر الآخرة قريب، والاصطحاب في الدنيا قصير الزمن قليل

[ 42 ]

169 - وقال عليه السلام: قد أضاء الصبح لذي عينين 170 - وقال عليه السلام: ترك الذنب أهون من طلب التوبة 171 - وقال عليه السلام: كم من أكلة منعت أكلات (1) 172 - وقال عليه السلام: الناس أعداء ما جهلوا 173 - وقال عليه السلام: من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ (2) 174 - وقال عليه السلام: من أحد سنان الغضب لله قوي على قتل أشداء الباطل (3) 175 - وقال عليه السلام: إذا هبت أمرا فقع فيه (4) فإن شدة توقيه أعظم مما تخاف منه 176 - وقال عليه السلام: آلة الرياسة سعة الصدر 177 - وقال عليه السلام: ازجر المسئ بثواب المحسن (5) 178 وقال عليه السلام: احصد الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك 179 - وقال عليه السلام: اللجاجة تسل الرأي (6) 180 - وقال عليه السلام: الطمع رق مؤبد


(1) رب شخص أكل مرة فأفرط فابتلى بالتخمة ومرض المعدة وامتنع عليه الاكل أياما (2) من طلب الآراء من وجوهها الصحيحة انكشف له موقع الخطأ فاحترس منه (3) أحد بفتح الهمزة والحاء وتشديد الدال أي شحذ. والسنان نصل الرمح، أي من اشتد غضبه لله اقتدر على قهر أهل الباطل وإن كانوا أشداء (4) إذا تخوفت من أمر فادخل فيه فإن ألم الخوف منه أشد من مصيبة الوقوع فيه (5) إذا كافأت المحسن على إحسانه اقلع المسئ عن إساءته طلبا للمكافأة (6) اللجاجة: شدة =

[ 43 ]

181 - وقال عليه السلام: ثمرة التفريط الندامة، وثمرة الحزم السلامة 182 - وقال عليه السلام: لا خير في الصمت عن الحكم كما أنه لا خير في القول بالجهل 183 - وقال عليه السلام: ما اختلفت دعوتان إلا كانت إحداهما ضلالة (1) 184 - وقال عليه السلام: ما شككت في الحق مذ أريته 185 - وقال عليه السلام: ما كذبت ولا كذبت ولا ضللت ولا ضل بي 186 - وقال عليه السلام: للظالم البادي غدا بكفه عضة (2) 187 - وقال عليه السلام: الرحيل وشيك (3) 188 - وقال عليه السلام: من أبدى صفحته للحق هلك (4) 189 - وقال عليه السلام: من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع 190 - وقال عليه السلام: واعجباه أتكون الخلافة بالصحابة والقرابة. وروي له شعر في هذا المعنى: - فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم * فكيف بهذا والمشيرون غيب (5)


= الخصام تعصبا لا للحق، وهي تسل الرأي أي تذهب به وتنزعه (1) لان الحق واحد (2) يعض الظالم على يده ندما يوم القيامة (3) الرحيل من الدنيا إلى الآخرة قريب (4) من ظهر بمقاومة الحق هلك. وإبداء الصفحة: إظهار الوجه. وقد يكون المعنى من أعرض عن الحق، والصفحة تظهر عند الاعراض بالجانب (5) جمع غائب، يريد =

[ 44 ]

- وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم (1) * فغيرك أولى بالنبي وأقرب 191 - وقال عليه السلام: إنما المرء في الدنيا غرض تنتضل فيه المنايا (2)، ونهب تبادره المصائب. ومع كل جرعة شرق (3)، وفي كل أكله غصص ولا ينال العبد نعمة إلا بفراق أخرى، ولا يستقبل يوما من عمره إلا بفراق آخر من أجله. فنحن أعوان المنون (4)، وأنفسنا نصب الحتوف فمن أين نرجو البقاء وهذا الليل والنهار لم يرفعا من شئ شرفا (5) إلا أسرعا الكرة في هدم ما بنيا وتفريق ما جمعا 192 - وقال عليه السلام: يا ابن آدم ما كسبت فوق قوتك فأنت فيه خازن لغيرك 193 - وقال عليه السلام: إن للقلوب شهوة وإقبالا وإدبارا فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها فإن القلب إذا أكره عمي


= بالمشيرين أصحاب الرأي في الامر وهم علي وأصحابه من بني هاشم (1) يريد احتجاج أبي بكر رضي الله عنه على الانصار بأن المهاجرين شجرة النبي صلى الله عليه وسلم (2) الغرض بالتحريك: ما ينصب ليصيبه الرامي، وتنتضل فيه أي تصيبه. وتثبت فيه المنايا جمع منية وهي الموت. والنهب بفتح فسكون: ما ينهب (3) الشرق بالتحريك وقوف الماء في الحلق، أي مع كل لذة ألم (4) المنون بفتح الميم: الموت وكلما تقدمنا في العمر تقربنا منه، فنحن بمعيشتنا أعوانه على أنفسنا، وأنفسنا نصب الحتوف أي تجاهها. والحتوف: جمع حتف أي هلاك (5) الشرف المكان =

[ 45 ]

194 - (وكان عليه السلام يقول): متى أشفي غيطي إذا غضبت. أحين أعجز عن الانتقام فيقال لي لصبرت، أم حين أقدر عليه فيقال لي لو عفوت (1) 195 - وقال عليه السلام (وقد مر بقذر على مزبلة): هذا ما بخل به الباخلون (2) (وروي في خبر آخر أنه قال): هذا ما كنتم تتنافسون فيه بالامس 196 - وقال عليه السلام: لم يذهب من مالك ما وعظك (3) 197 - وقال عليه السلام: إن هذه القلوب تمل كما تمل الابدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة 198 - وقال عليه السلام (لما سمع قول الخوارج لا حكم إلا لله): كلمة حق يراد بها باطل (4) 199 - وقال عليه السلام (في صفة الغوغاء): (5) هم الذين إذا اجتمعوا غلبوا، وإذا تفرقوا لم يعرفوا (وقيل بل ما قال عليه السلام): هم الذين إذا


= العالي. والمراد به هنا كل ما علا من مكان وغيره (1) لا يصح التشفي على أي حال، أما في حال العجز فالصبر أشفى وأما عند القدرة فالعفو أجمل (2) تلك الاقذار هي لذائذ الاطعمة التي كان يبخل ببذلها البخلاء، وهي ما كان الناس يتنافسون فيه كل يطلبه (3) إذا أحدث فيك ضياع المال بصيرة وحذرا فما اكتسبته خير مما ضاع (4) فإنهم قصدوا بها الاحتجاج على خروجهم من طاعة الخليفة (5) الغوغاء بغينين معجمتين: أوباش الناس يجتمعون على غير ترتيب، وهم يغلبون على ما اجتمعوا =

[ 46 ]

اجتمعوا ضروا، وإذا تفرقوا نفعوا (فقيل قد عرفنا مضرة اجتماعهم فما منفعة افتراقهم؟ فقال): يرجع أصحاب المهن إلى مهنتهم فينتفع الناس بهم، كرجوع البناء إلى بنائه، والنساج إلى منسجه، والخباز إلى مخبزه 200 - (وأتي بجان ومعه غوغاء فقال): لا مرحبا بوجوه لا ترى إلا عند كل سوأة 201 - وقال عليه السلام: إن مع كل إنسان ملكين يحفظانه، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه، وإن الاجل جنة حصينة (1) 202 - وقال عليه السلام (وقد قال له طلحة والزبير نبايعك على أنا شركاؤك في هذا الامر): لا ولكنكما شريكان في القوة والاستعانة، وعونان على العجز والاود (2) 203 - وقال عليه السلام: أيها الناس اتقوا الله الذي إن قلتم سمع، وإن أضمرتم علم. وبادروا الموت الذي إن هربتم أدرككم، وإن أقمتم أخذكم، وإن نسيتموه ذكركم 204 - وقال عليه السلام: لا يزهدنك في المعروف من لا يشكر لك، فقد


= عليه، ولكنهم إذا تفرقوا لا يعرفهم أحد لانحطاط درجة كل منهم (1) الاجل ما قدره الله للحي من مدة العمر، وهو وقاية منيعة من الهلكة (2) الاود بفتح فسكون: =

[ 47 ]

يشكرك عليه من لا يستمتع منه، وقد تدرك من شكر الشاكر أكثر مما أضاع الكافر والله يحب المحسنين 205 - وقال عليه السلام: كل وعاء يضيق بما جعل فيه إلا وعاء العلم فإنه يتسع (1) 206 - وقال عليه السلام: أول عوض الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجاهل 207 - وقال عليه السلام: إن لم تكن حليما فتحلم فإنه قل من تشبه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم 208 - وقال عليه السلام: من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر، ومن خاف أمن، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علم 209 - وقال عليه السلام: لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها (2). وتلا عقيب ذلك " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " 210 - وقال عليه السلام: اتقوا الله تقية من شمر تجريدا، وجد تشميرا، وكمش في مهل (3)، وبادر عن وجل، ونظر في كرة الموئل وعاقبة المصدر


= بلوغ الامر من الانسان مجهوده لشدته وصعوبة احتماله (1) وعاء العلم هو العقل، وهو يتسع بكثرة العلم (2) الشماس بالكسر: امتناع ظهر الفرس من الركوب. والضروس بفتح فضم: الناقة السيئة الخلق تعض حالبها، أي أن الدنيا ستنقاد لنا بعد جموحها وتلين بعد خشونتها كما تنعطف الناقة على ولدها وإن أبت على الحالب (3) كمش بتشديد الميم: جد في السوق أي وبالغ في حث نفسه على المسير =

[ 48 ]

ومغبة المرجع 211 - وقال عليه السلام: الجود حارس الاعراض. والحلم فدام السفيه (1). والعفو زكاة الظفر. والسلو عوضك ممن غدر (2). والاستشارة عين الهداية. وقد خاطر من استغنى برأيه. والصبر يناضل الحدثان (3). والجزع من أعوان الزمان. وأشرف الغنى ترك المنى (4). وكم من عقل أسير تحت هوى أمير (5) ومن التوفيق حفظ التجربة. والمودة قرابة مستفادة. ولا تأمنن ملولا (6)


= إلى الله لكن مع تمهل البصيرة. والوجل: الخوف. والموئل: مستقر السير، يريد به هنا ما ينتهي إليه الانسان من سعادة وشقا. وكرته: حملته وإقباله. والمغبة بفتح الميم والغين وتشديد الباء: العاقبة أيضا، إلا أنه يلاحظ فيها مجرد كونها بعد الامر. أما العاقبة ففيها أنها مسببة عنه. والمصدر عملك الذي يكون عنه ثوابك وعقابك. والمرجع ما ترجع إليه بعد الموت ويتبعه إما السعادة أو الشقاء (1) الفدام ككتاب وسحاب، وتشدد الدال أيضا مع الفتح: شئ تشده العجم على أفواهها عند السقي، وإذا حلمت فكأنك ربطت فم السفيه بالفدام فمنعته عن الكلام (2) أي من غدرك فلك خلف عنه وهو أن تسلوه وتهجره كأنه لم يكن (3) الحدثان بكسر فسكون: نوائب الدهر. والصبر يناضلها أي يدافعها. والجزع وهو شدة الفزع يعين الزمان على الاضرار بصاحبه (4) المنى بضم ففتح: جمع منية وهي ما يتمناه الانسان، وإذا لم تتمن شيئا فقد استغنيت عنه (5) كثير من الناس جعلوا أهواءهم مسلطة على عقولهم، فعقولهم أسرى تحت حكمها (6) الملول بفتح الميم: السريع الملل والسآمة، وهو لا يؤمن، إذ قد يمل عند حاجتك إليه فيفسد عليك عملك

[ 49 ]

212 - وقال عليه السلام: عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله (1). 213 - وقال عليه السلام: أغض على القذى والالم ترض أبدا (2) 214 - وقال عليه السلام: من لان عوده كثفت أغصانه (3) 215 - وقال عليه السلام: الخلاف يهدم الرأي 216 - وقال عليه السلام: من نال استطال (4) 217 - وقال عليه السلام: في تقلب الاحوال علم جواهر الرجال 218 - وقال عليه السلام: حسد الصديق من سقم المودة (5) 219 - وقال عليه السلام: أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع 220 - وقال عليه السلام: ليس من العدل القضاء على الثقة بالظن (6) 221 - وقال عليه السلام: بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد


(1) العجب حجاب بين العقل وعيوب النفس، فإذا لم يدركها سقط بل أوغل فيها فيعود عليه بالنقص، فكأن العجب حاسد يحول بين العقل ونعمة الكمال (2) القذى: الشئ يسقط في العين. والاغضاء عليه كناية عن تحمل الاذى، ومن لم يتحمل يعش ساخطا لان الحياة لا تخلو من أذى (3) يريد من لين العود طراوة الجثمان الانساني ونضارته بحياة الفضل وماء الهمة. وكثافة الاغصان كثرة الآثار التي تصدر عنه كأنها فروعه، أو يريد بها كثرة الاعوان (4) نال أي أعطى، يقال نلته على وزن قلته: أعطيته، وهذا مثل قولهم من جاد ساد فإن الاستطالة الاستعلاء بالفضل (5) لولا ضعف المودة ما كان الحسد، وأول الصداقة انصراف النظر عن رؤية التفاوت (6) الواثق بظنه واهم فلا بد لمريد العدل من طلب اليقين بموجب الحكم

[ 50 ]

222 - وقال عليه السلام: من أشرف أعمال الكريم غفلته عما يعلم (1) 223 - وقال عليه السلام: من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه 224 - وقال عليه السلام: بكثرة الصمت تكون الهيبة، وبالنصفة يكثر المواصلون (2)، وبالافضال تعظم الاقدار، وبالتواضع تتم النعمة، وبإحتمال المؤن يجب السودد (3)، وبالسيرة العادلة يقهر المناوي (4)، وبالحلم عن السفيه تكثر الانصار عليه 225 - وقال عليه السلام: العجب لغفلة الحساد عن سلامة الاجساد (5) 226 - وقال عليه السلام: الطامع في وثاق الذل 227 - (وسئل عن الايمان فقال): الايمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالاركان 228 - وقال عليه السلام: من أصبح على الدنيا حزينا فقد أصبح لقضاء الله ساخطا. ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فقد أصبح يشكو ربه. ومن أتى غنيا فتواضع لغناه ذهب ثلثا دينه (6). ومن قرأ القرآن فمات


(1) أي عدم التفاته لعيوب الناس وإشاعتها وإن علمها (2) النصفة بالتحريك الانصاف، ومتى أنصف الانسان كثر مواصلوه أي محبوه (3) المؤن بضم ففتح جمع مؤونة وهي القوت أي أن السودد والشرف باحتمال المؤنات عن الناس (4) المناوي المخالف المعاند (5) أي من العجيب أن يحسد الحاسدون على المال والجاه مثلا ولا يحسدون الناس على سلامة أجسادهم مع أنها من أجل النعم (6) لان استعظام المال ضعف في اليقين بالله، والخضوع =

[ 51 ]

فدخل النار فهو ممن كان يتخذ آيات الله هزوا. ومن لهج قلبه بحب الدنيا التاط قلبه منها بثلاث (1): هم لا يغبه، وحرص لا يتركه، وأمل لا يدركه 229 - وقال عليه السلام: كفى بالقناعة ملكا، وبحسن الخلق نعيما. (وسئل عليه السلام عن قوله تعالى " فلنحيينه حياة طيبة " فقال): هي القناعة 230 - وقال عليه السلام: شاركوا الذي قد أقبل عليه الرزق فإنه أخلق للغنى وأجدر بإقبال الحظ عليه (2) 231 - (وقال عليه السلام: في قوله تعالى " إن الله يأمر بالعدل والاحسان "): العدل الانصاف، والاحسان التفضل 232 - وقال عليه السلام: من يعط باليد القصيرة يعط باليد الطويلة (أقول: ومعنى ذلك أن ما ينفقه المرء من ماله في سبيل الخير والبر وإن كان يسيرا فإن الله تعالى يجعل الجزاء عليه عظيما كثيرا، واليدان ههنا عبارتان عن النعمتين، ففرق عليه السلام بين نعمة العبد ونعمة الرب


= أداء عمل لغير الله فلم يبق إلا الاقرار باللسان (1) التاط: التصق (2) أي إذا رأيتم شخصا أقبل عليه الرزق فاشتركوا معه في عمله من تجارة أو زراعة أو غيرهما فإنه =

[ 52 ]

فجعل تلك قصيرة وهذه طويلة لان نعم الله أبدا تضعف (1) على نعم المخلوق أضعافا كثيرة إذ كانت نعم الله أصل النعم كلها. فكل نعمة إليها ترجع ومنها تنزع) 233 - وقال لابنه الحسن عليهما السلام: لا تدعون إلى مبارزة (2) وإن دعيت إليها فأجب فإن الداعي باغ والباغي مصروع 234 - وقال عليه السلام: خيار خصال النساء شرار خصال الرجال: الزهو والجبن والبخل (3) فإذا كانت المرأة مزهوة لم تمكن من نفسها. وإذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال بعلها. وإذا كانت جبانة فرقت (4) من كل شئ يعرض لها 235 - (وقيل له عليه السلام: صف لنا العاقل) فقال عليه السلام: هو الذي يضع الشئ مواضعه (فقيل فصف لنا الجاهل فقال): قد فعلت (يعني أن الجاهل هو الذي لا يضع الشئ مواضعه فكأن ترك صفته صفة له إذ كان بخلاف وصف العاقل). 236 - وقال عليه السلام: والله لدنياكم هذه أهون في عيني من عراق خنزير


= مظنة الربح (1) تضعف مجهول من اضعفه إذا جعله ضعفين (2) المبارزة: بروز كل للآخر ليقتتلا، ومصروع: مغلوب مطروح (3) الزهو بالفتح: الكبر. وزهى كعنى: مبني للمجهول، أي تكبر، ومنه مزهوة أي متكبرة (4) فرقت كفرحت =

[ 53 ]

في يد مجذوم (1) 237 - وقال عليه السلام: إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار (2)، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد (3)، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الاحرار (4) 238 - وقال عليه السلام: المرأة شر كلها وشر ما فيها أنه لا بد منها 239 - وقال عليه السلام: من أطاع التواني ضيع الحقوق، ومن أطاع الواشي ضيع الصديق 240 - وقال عليه السلام: الحجر الغصيب في الدار رهن على خرابها (5) (ويروى هذا الكلام عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عجب أن يشتبه الكلامان لان مستقاهما من قليب ومفرغهما من ذنوب (6)) 241 - وقال عليه السلام: يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم


= أي فزعت (1) العراق بكسر العين هو من الحشا ما فوق السرة معترضا البطن، والمجذوم المصاب بمرض الجذام، وما أقذر كرش الخنزير وأمعاءه إذا كانت في يد شوهها الجذام (2) لانهم يعبدون لطلب عوض (3) لانهم دلوا للخوف (4) لانهم عرفوا حقا عليهم فأدوه وتلك شيمة الاحرار (5) الغصيب أي المغصوب، أي أن الاغتصاب قاض بالخراب كما يقضي الرهن بأداء الدين المرهون عليه (6) القليب بفتح فكسر: البئر. والذنوب بفتح فضم الدلو الكبيرة، فإن الامام يستقي من بئر النبوة ويفرع =

[ 54 ]

242 - وقال عليه السلام: اتق الله بعض التقى وإن قل، واجعل بينك وبين الله سترا وإن رق 243 - وقال عليه السلام: إذا ازدحم الجواب خفي الصواب (1) 244 - وقال عليه السلام: إن لله في كل نعمة حقا فمن أداه زاده منها، ومن قصر عنه خاطر بزوال نعمته 245 - وقال عليه السلام: إذا كثرت المقدرة قلت الشهوة (2) 246 - وقال عليه السلام: احذروا نفار النعم فما كل شارد بمردود (3) 247 - وقال عليه السلام: الكرم أعطف من الرحم (4) 248 - وقال عليه السلام: من ظن بك خيرا فصدق ظنه (5) 249 - وقال عليه السلام: أفضل الاعمال ما أكرهت نفسك عليه (6) 250 - وقال عليه السلام: عرفت الله سبحانه بفسخ العزائم وحل العقود (7)


= من دلوها (1) ازدحام الجواب تشابه المعاني حتى لا يدري أيها أوفق بالسؤال، وهو مما يوجب خفاء الصواب (2) فإن من ملك زهد (3) نفار النعم: نفورها، ونفورها بعدم أداء الحق منها فتزول (4) إن الكريم ينعطف للاحسان بكرمه أكثر مما ينعطف القريب لقرابته، وهي كلمة من أعلى الكلام (5) بعمل الخير الذي ظنه بك (6) وهو ما خالفت فيه الشهوة (7) العقود جمع عقد بمعنى النية تنعقد على فعل أمر. والعزائم جمع عزيمة، وفسخها نقضها. ولولا أن هناك قدرة سامية فوق إرادة البشر وهي قدرة =

[ 55 ]

251 - وقال عليه السلام: مرارة الدنيا حلاوة الآخرة، وحلاوة الدنيا مرارة الآخرة (1) 252 - وقال عليه السلام: فرض الله الايمان تطهيرا من الشرك، والصلاة تنزيها عن الكبر، والزكاة تسبيبا للرزق، والصيام ابتلاء لاخلاص الخلق، والحج تقربة للدين (2)، والجهاد عزا للاسلام، والامر بالمعروف مصلحة للعوام، والنهي عن المنكر ردعا للسفهاء، وصلة الرحم منماة للعدد (3)، والقصاص حقنا للدماء، وإقامة الحدود إعظاما للمحارم وترك شرب الخمر تحصينا للعقل، ومجانبة السرقة إيجابا للعفة، وترك الزنا تحصينا للنسب، وترك اللواط تكثيرا للنسل، والشهادة استظهارا على المجاحدات (4)، وترك الكذب تشريفا للصدق، والسلام أمانا من المخاوف، والامانة نظاما للامة (5)، والطاعة تعظيما للامامة


= الله لكان الانسان كلما عزم على شئ أمضاه لكنه قد يعزم والله يفسخ (1) حلاوة الدنيا باستيفاء اللذات، ومرارتها بالعفاف عنها. وفي الاول مرارة العذاب في الآخرة، وفي الثاني حلاوة الثواب فيها (2) أي سببا لتقرب أهل الدين بعضهم من بعض إذ يجتمعون من جميع الاقطار في مقام واحد لغرض واحد، وفي نسخة تقوية فإن تجديد الالفة بين المسلمين في كل عام بالاجتماع والتعارف مما يقوى الاسلام (3) فإنه إذا تواصل الاقرباء على كثرتهم كثر بهم عدد الانصار (4) إنما فرضت الشهادة وهي الموت في نصر الحق ليستعان بذلك على قهر الجاحدين له فيبطل جحوده (5) لانه إذا روعيت الامانة في الاعمال أدى كل عامل ما يجب عليه فتنتظم شؤون الامة، أما لو كثرت =

[ 56 ]

253 - (وكان عليه السلام يقول) أحلفوا الظالم إذا أردتم يمينه بأنه برئ من حول الله وقوته، فإنه إذا حلف بها كاذبا عوجل العقوبة، وإذا حلف بالله الذي لا إله إلا هو لم يعاجل لانه قد وحد الله تعالى 254 - وقال عليه السلام: يا ابن آدم كن وصي نفسك في مالك واعمل فيه ما تؤثر أن يعمل فيه من بعدك (1) 255 - وقال عليه السلام: الحدة ضرب من الجنون لان صاحبها يندم، فإن لم يندم فجنونه مستحكم 256 - وقال عليه السلام: صحة الجسد من قلة الحسد 257 - وقال عليه السلام: يا كميل مر أهلك أن يروحوا في كسب المكارم. ويدلجوا في حاجة من هو نائم (2) فوالذي وسع سمعه الاصوات ما من أحد أودع قلبا سرورا إلا وخلق الله له من ذلك السرور لطفا، فإذا نزلت به نائبة جرى إليها (3) كالماء في انحداره حتى يطردها عنه كما تطرد غريبة الابل


= الخيانات فقد فسدت الاعمال وكثر الاهمال فاختل النظام (1) أي اعمل في مالك وأنت حي ما تؤثر أي تحب أن يعمل فيه خلفاؤك، ولا حاجة أن تدخر ثم توصي ورثتك أن يعملوا خيرا بعدك (2) الرواح السير من بعد الظهر، والادلاج السير من أول الليل، والمراد من المكارم المحامد، وكسبها بعمل المعروف، وكأنه يقول أوص أهلك أن يواصلوا أعمال الخير فرواحهم في الاحسان وإدلاجهم في قضاء الحوائج وإن نام عنها أربابها (3) الضمير في جرى للطف، وفي إليها للنائبة، وغريبة الابل لا تكون من مال صاحب =

[ 57 ]

258 - وقال عليه السلام: إذا أملقتم فتاجروا الله بالصدقة (1) 259 - وقال عليه السلام: الوفاء لاهل الغدر غدر عند الله، والغدر بأهل الغدر وفاء عند الله 260 - وقال عليه السلام: كم من مستدرج بالاحسان إليه، ومغرور بالستر عليه، ومفتون بحسن القول فيه. وما ابتلى الله سبحانه أحدا بمثل الاملاء له (وقد مضى هذا الكلام فيما تقدم إلا أن فيه ههنا زيادة مفيدة) (فصل نذكر فيه شيوا عن اختيار غريب كلامه المحتاج إلى التفسير) 1 - في حديثه عليه السلام: فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف (اليعسوب: السيد العظيم المالك لامور الناس يومئذ، والقزع: قطع الغيم التي لا ماء فيها) 2 - وفي حديثه عليه السلام: هذا الخطيب الشحشح (يريد الماهر في الخطبة الماضي فيها، وكل ماض في كلام أو سير فهو شحشح، والشحشح في غير هذا الموضع البخيل الممسك) 3 - وفى حديثه عليه السلام: إن للخصومة قحما (يريد بالقحم


= المرعى فيطردها من بين ماله (1) أي إذا افتقرتم فتصدقوا فإن الله يعطف الرزق =

[ 58 ]

المهالك لانها تقحم أصحابها في المهالك والمتالف في الاكثر، ومن ذلك قحمة الاعراب وهو أن تصيبهم السنة فتتعرق أموالهم (1) فذلك تقحمها فيهم. وقيل فيه وجه آخر وهو أنها تقحمهم بلاد الريف أي تحوجهم إلى دخول الحضر عند محول البدو) 4 - وفي حديثه عليه السلام: إذا بلغ النساء نص الحقاق فالعصبة أولى (والنص منتهى الاشياء ومبلغ أقصاها كالنص في السير لانه أقصى ما تقدر عليه الدابة، وتقول نصصت الرجل عن الامر إذا استقصيت مسألته عنه لتستخرج ما عنده فيه. فنص الحقاق يريد به الادراك لانه منتهى الصغر والوقت الذي يخرج منه الصغير إلى حد الكبير. وهو من أفصح الكنايات عن هذا الامر، فإذا بلغ النساء ذلك فالعصبة أولى بالمرأة من أمها إذا كانوا محرما مثل الاخوة والاعمام وبتزويجها إن أرادوا ذلك. والحقاق محاقة الام للعصبة في المرأة وهو الجدال والخصومة وقول كل واحد منهما للآخر أنا أحق منك بهذا، يقال منه حاققته حقاقا مثل جادلته جدالا. وقد قيل إن نص الحقاق بلوغ العقل وهو الادراك لانه عليه السلام أراد


= عليكم بالصدقة، فكأنكم عاملتم الله بالتجارة. وههنا سر لا يعلم (1) تتعرق أموالهم: من قولهم تعرق فلان العظم أكل جميع ما عليه من اللحم

[ 59 ]

منتهى الامر الذي تجب فيه الحقوق والاحكام. ومن رواه نص الحقائق فإنما أراد جمع حقيقة. هذا معنى ما ذكره أبو عبيد. والذي عندي أن المراد بنص الحقاق ههنا بلوغ المرأة إلى الحد الذي يجوز فيه تزويجها وتصرفها في حقوقها، تشبيها بالحقاق من الابل وهي جمع حقة وحق (1) وهو الذي استكمل ثلاث سنين ودخل في الرابعة، وعند ذلك يبلغ إلى الحد الذي يتمكن فيه من ركوب ظهره ونصه في السير. والحقائق أيضا جمع حقة. فالروايتان جميعا ترجعان إلى معنى واحد، وهذا أشبه بطريقة العرب من المعنى المذكور) 5 - وفي حديثه عليه السلام: إن الايمان يبدو لمظة في القلب كلما ازداد الايمان ازدادت اللمظة (2) (واللمظة مثل النكتة أو نحوها من البياض. ومنه قيل فرس المظ إذا كان بجحفلته شئ من البياض (3)) 6 - وفي حديثه عليه السلام: إن الرجل إذا كان له الدين الظنون يجب عليه أن يزكيه لما مضى إذا قبضه (فالظنون الذي لا يعلم


(1) بكسر الحاء فيهما (2) اللمظة بضم اللام وسكون الميم (3) الجحفلة بتقديم الجيم المفتوحة على الحاء الساكنة للخيل والبغال والحمير بمنزلة الشفة للانسان

[ 60 ]

صاحبه أيقبضه من الذي هو عليه أم لا، فكأنه الذي يظن به فمرة يرجوه ومرة لا يرجوه. وهذا من أفصح الكلام. وكذلك كل أمر تطلبه ولا تدري على أي شئ أنت منه فهو ظنون (1). وعلى ذلك قول الاعشى - ما يجعل الجد الظنون الذي * جنب صوب اللجب الماطر - مثل الفراتي إذا ما طما * يقذف بالبوصي والماهر والجد: البئر (2). والظنون التي لا يعلم هل فيها ماء أم لا) 7 - وفي حديثه عليه السلام: (أنه شيع جيشا يغزيه فقال): أعذبوا عن النساء ما استطعتم (ومعناه اصدفوا عن ذكر النساء (3) وشغل القلب بهن، وامتنعوا من المقاربة لهن لان ذلك يفت في عضد الحمية (4) ويقدح في معاقد العزيمة، ويكسر عن العدو، ويلفت عن الابعاد في الغزو. وكل من امتنع من شئ فقد أعذب عنه. والعاذب والعذوب الممتنع من الاكل والشرب)


(1) هو بفتح الظاء (2) الجد بضم الجيم وتقدم تفسير الابيات في الخطبة الشقشقية فراجعه (3) أعذبوا واصدفوا بكسر عين الفعل، أي أعرضوا واتركوا (4) الفت: الدق والكسر. وفت في ساعده من باب نصر أي أضعفه كأنه كسره. ومعاقد العزيمة: مواضع انعقادها وهي القلوب. وقدح فيها بمعنى خرقها كناية عن أوهنها. والعدو بفتح فسكون: الجري، ويكسر عنه أي يقعد عنه

[ 61 ]

8 - وفي حديثه عليه السلام: كالياسر الفالج ينتظر أول فوزة من قداحه (الياسرون هم الذين يتضاربون بالقداح على الجزور (1). والفالج القاهر الغالب، يقال قد فلج عليهم وفلجهم. وقال الراجز: * لما رأيت فالجا قد فلجا 9 - وفي حديثه عليه السلام: كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله فلم يكن منا أقرب إلى العدو منه (ومعنى ذلك أنه إذا عظم الخوف من العدو واشتد عضاض الحرب (2) فزع المسلمون إلى قتال رسول الله صلى الله عليه وآله بنفسه (3) فينزل الله عليهم النصر به ويأمنون مما كانوا يخافونه بمكانه) وقوله عليه السلام: إذا احمر البأس (كناية عن اشتداد الامر. وقد قيل في ذلك أقوال أحسنها أنه شبه حمى الحرب بالنار (4) التي تجمع الحرارة والحمرة بفعلها ولونها، ومما يقوي ذلك قول الرسول صلى الله عليه وآله وقد رأى مجتلد الناس يوم حنين (5) وهي حرب هوازن


(1) الجزور بفتح الجيم: الناقة المجزورة أي المنحورة. والمضاربة بالسهام المقامرة على النصيب من الناقة. وفلج من باب ضرب ونصر (2) العضاض بكسر العين أصله عض الفرس مجاز عن إهلاكها للمتحاربين (3) فزع المسلمون لجأوا إلى طلب رسول الله ليقاتل بنفسه (4) الحمى بفتح فسكون مصدر حميت النار. اشتد حرها (5) مجتلد مصدر ميمي من الاجتلاد أي الاقتتال

[ 62 ]

" حمي الوطيس " فالوطيس مستوقد النار، فشبه رسول الله صلى الله عليه وآله ما استحر من جلاد القوم (1) باحتدام النار وشدة التهابها) انقضى هذا الفصل ورجعنا إلى سنن الغرض الاول في هذا الباب 261 - وقال عليه السلام (لما بلغه إغارة أصحاب معاوية على الانبار فخرج بنفسه ماشيا حتى أتى النخيلة (2) فأدركه الناس وقالوا يا أمير المؤمنين نحن نكفيكهم) فقال عليه السلام: والله ما تكفونني أنفسكم فكيف تكفونني غيركم. إن كانت الرعايا قبلي لتشكو حيف رعاتها، وإنني اليوم لاشكو حيف رعيتي، كأنني المقود وهم القادة، إو الموزوع وهم الوزعة (3) (فلما قال عليه السلام هذا القول، في كلام طويل قد ذكرنا مختاره في جملة الخطب، تقدم إليه رجلان من أصحابه فقال أحدهما: إني لا أملك إلا نفسي وأخي فمرنا بأمرك يا أمير المؤمنين ننفذ له) قال عليه السلام: وأين تقعان مما أريد (4)؟


(1) استحر: اشتد. والجلاد القتال (2) النحيلة بضم ففتح: موضع بالعراق اقتتل فيه الامام مع الخوارج بعد صفين (3) المقود اسم مفعول. والقادة: جمع قائد. والوزعة محركة: جمع وازع بمعنى الحاكم. والموزوع المحكوم (4) أي أين أنتما وما هي منزلتكما من الامر الذي أريده وهو يحتاج إلى قوة عظيمة فلا موقع لكما منه

[ 63 ]

262 - (وقيل إن الحارث بن حوت أتاه فقال: أتراني أظن أصحاب الجمل كانوا على ضلالة (1)) فقال عليه السلام: يا حارث إنك نظرت تحتك ولم تنظر فوقك فحرت (2) إنك لم تعرف الحق فتعرف أهله، ولم تعرف الباطل فتعرف من أتاه. فقال الحارث: فإني أعتزل مع سعيد بن مالك وعبد الله بن عمر فقال عليه السلام: إن سعيدا وعبد الله بن عمر لم ينصرا الحق ولم يخذلا الباطل 263 - وقال عليه السلام: صاحب السلطان كراكب الاسد يغبط بموقعه وهو أعلم بموضعه (3) 264 - وقال عليه السلام: أحسنوا في عقب غيركم تحفظوا في عقبكم (4) 265 - وقال عليه السلام: إن كلام الحكماء إذا كان صوابا كان دواء، وإذا كان خطأ كان داء (5)


(1) تراني بضم التاء مبني للمجهول، أي أتظنني (2) نظرت الخ أي أصاب فكرك أدنى الرأي ولم يصب أعلاه، وحار أي تحير. وأتى الحق: أخذ به (3) يغبط مبني للمجهول أي يغبطه الناس ويتمنون منزلته لعزته، ولكنه أعلم بموضعه من الخوف والحذر فهو وإن أخاف بمركوبه إلا أنه يخشى أن يغتاله (4) أي كونوا رحماء بأبناء غيركم يرحم غيركم أبناءكم (5) لشدة لصوقه بالعقول في الحالين

[ 64 ]

266 - (وسأله رجل أن يعرفه الايمان) فقال عليه السلام: إذا كان الغد فأتني حتى أخبرك على أسماع الناس، فإن نسيت مقالتي حفظها عليك غيرك، فإن الكلام كالشاردة ينقفها هذا (1) ويخطئها هذا (وقد ذكرنا ما أجابه به فيما تقدم من هذا الباب وهو قوله الايمان على أربع شعب) 267 - وقال عليه السلام: يا ابن آدم لا تحمل هم يومك الذي لم يأتك على يومك الذي قد أتاك، فإنه إن يك من عمرك يأت الله فيه برزقك 268 - وقال عليه السلام: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما (2) 269 - وقال عليه السلام: الناس للدنيا عاملان: عامل عمل للدنيا قد شغلته دنياه عن آخرته يخشى على من يخلفه الفقر ويأمنه على نفسه فيفني عمره في منفعة غيره، وعامل عمل في الدنيا لما بعدها فجاءه الذي له من الدنيا بغير عمل، فأحرز الحظين معا، وملك الزادين جميعا، فأصبح وجيها


(1) نقفه: ضربه، أي يصيبها واحد فيصيدها، ويخطئها الآخر فتنفلت منه (2) الهون بالفتح الحقير، والمراد منه هنا الخفيف لا مبالغة فيه، أي لا تبالغ في الحب ولا في البغض فعسى أن ينقلب كل إلى ضده فلا تعظم ندامتك على ما قدمت منه

[ 65 ]

عند الله (1) لا يسأل الله حاجة فيمنعه 270 - (وروي أنه ذكر عند عمر بن الخطاب في أيامه حلى الكعبة وكثرته، فقال قوم لو أخذته فجهزت به جيوش المسلمين كان أعظم للاجر، وما تصنع الكعبة بالحلى؟ فهم عمر بذلك، وسأل أمير المؤمنين عليه السلام. فقال عليه السلام: إن القرآن أنزل على النبي صلى الله عليه وآله والاموال أربعة: أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض، والفئ فقسمه على مستحقيه، والخمس فوضعه الله حيث وضعه، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها. وكان حلى الكعبة فيها يومئذ، فتركه الله على حاله ولم يتركه نسيانا، ولم يخف عليه مكانا (2) فأقره حيث أقره الله ورسوله. فقال له عمر: لولاك لافتضحنا، وترك الحلي بحاله 271 - (وروي أنه عليه السلام رفع إليه رجلان سرقا من مال الله: أحدهما عبد من مال الله، والآخر من عروض الناس (3)


(1) وجيها أي ذا منزلة علية من القرب إليه سبحانه (2) أي لم يكن مكان حلي الكعبة خافيا على الله، فمكانا تمييز نسبة الخفاء إلى الحلي (3) أي أن السارقين كانا عبدين: أحدهما عبد لبيت المال، والآخر عبد لاحد الناس من عروضهم جمع عرض بفتح فسكون هو المتاع غير الذهب والفضة، وكلاهما سرق من بيت المال

[ 66 ]

فقال عليه السلام: أما هذا فهو من مال الله ولا حد عليه. مال الله أكل بعضه بعضا، وأما الآخر فعليه الحد فقطع يده 272 - وقال عليه السلام: لو قد استوت قدماي من هذه المداحض لغيرت أشياء (1) 273 - وقال عليه السلام: اعلموا علما يقينا أن الله لم يجعل للعبد وإن عظمت حيلته واشتدت طلبته وقويت مكيدته أكثر مما سمى له في الذكر الحكيم (2)، ولم يحل بين العبد في ضعفه وقلة حيلته وبين أن يبلغ ما سمى له في الذكر الحكيم. والعارف لهذا العامل به أعظم الناس راحة في منفعة. والتارك له الشاك فيه أعظم الناس شغلا في مضرة ورب منعم عليه مستدرج بالنعمى (3)، ورب مبتلى مصنوع له بالبلوى. فزد أيها المستمع في شكرك، وقصر من عجلتك (4)، وقف عند منتهى رزقك


(1) المداحض: المزالق يريد بها الفتن التي ثارت عليه، ويقول إنه لو ثبتت قدماه في الامر وتفرغ لغير أشياء من عادات الناس وأفكارهم التي تبعد عن الشرع الصحيح (2) الذكر الحكيم: القرآن، وليس لانسان أن ينال من الكرامة عند الله فوق ما نص عليه القرآن، ولن يحول الله بين أحد وبين ما عين في القرآن وإن اشتد طلب الاول وقويت مكيدته الخ وضعف حال الثاني، فكل مكلف مستطيع أن يؤدي ما فرض الله في كتابه وينال الكرامة المحدودة له، وقد يراد من الذكر الحكيم علم الله، أي ما قدر لك فلن تعدوه ولن تقصر عنه (3) أي لا يغتر المنعم عليه بالنعمة فربما تكون استدراجا من الله له يمتحن بها قلبه ثم يأخذه من حيث لا يشعر، ولا يقنط مبتلى فقد تكون البلوى صنعا من الله له يرفع بها منزلته عنده (4) أي قصر =

[ 67 ]

274 - وقال عليه السلام: لا تجعلوا علمكم جهلا ويقينكم شكا (1) إذا علمتم فاعملوا، وإذا تيقنتم فأقدموا 275 - وقال عليه السلام: إن الطمع مورد غير مصدر (2)، وضامن غير وفي، وربما شرق شارب الماء قبل ريه (3)، وكلما عظم قدر الشئ المتنافس فيه عظمت الرزية لفقده. والاماني تعمي أعين البصائر. والحظ يأتي من لا يأتيه 276 - وقال عليه السلام: اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لامعة العيون علانيتي وتقبح فيما أبطن لك سريرتي، محافظا على رئاء الناس من نفسي بجميع ما أنت مطلع عليه مني، فأبدئ للناس حسن ظاهري وأفضي إليك بسوء عملي تقربا إلى عبادك، وتباعدا من مرضاتك (4) 277 - وقال عليه السلام: لا والذي أمسينا منه في غبر ليلة دهماء تكشر عن


= من العجلة في طلب الدنيا (1) من لم يظهر أثر علمه في عمله فكأنه جاهل وعلمه لم يزد على الجهل، ومن لم يظهر أثر يقينه في عزيمته وفعله فكأنه شاك متردد، إذ لو صح اليقين ما مرض العزم (2) أي من ورده هلك فيه ولم يصدر عنه (3) شرق كتعب أي غص تمثيل لحالة الطامع بحال الظمآن فربما يشرق بالماء عند الشرب قبل أن يرتوي به، وربما هلك الطامع في الطلب قبل الانتفاع بالمطلوب (4) يستعيذ بالله من حسن ما يظهر منه للناس وقبح ما يبطنه لله من السريرة. وقوله محافظا حال من الياء في سريرتي. ورئاء الناس بهمزتين أو بياء بعد الراء إظهار =

[ 68 ]

يوم أغر ما كان كذا وكذا (1) 278 - وقال عليه السلام: قليل تدوم عليه أرجى من كثير مملول (2) 279 - وقال عليه السلام: إذا أضرت النوافل بالفرائض فارفضوها 280 - وقال عليه السلام: من تذكر بعد السفر استعد 281 - وقال عليه السلام: ليست الروية كالمعاينة مع الابصار (3). فقد تكذب العيون أهلها ولا يغش العقل من استنصحه 282 - وقال عليه السلام: بينكم وبين الموعظة حجاب من الغرة (4) 28 3 - وقال عليه السلام: جاهلكم مزداد وعالمكم مسوف (5) 284 - وقال عليه السلام: قطع العلم عذر المتعللين


= العمل لهم ليحمدوه. وقوله بجميع متعلق برئاء (1) غبر الليلة بضم الغين وسكون الباء: بقيتها. والدهماء: السوداء. وكشر عن أسنانه كضرب أبداها في الضحك ونحوه. والاغر أبيض الوجه. يحلف بالله الذي أمسى بتقديره في بقية ليلة سوداء تنفجر عن فجر ساطع الضياء. ووجه التشبيه ظاهر (2) اعمل قليلا وداوم عليه فهو أفضل من كثير تسأم منه فتتركه (3) الروية بفتح فكسر فتشديد: أعمال العقل في طلب الصواب، وهي أهدى إليه من المعاينة بالبصر، فإن البصر قد يكذب صاحبه فيريه العظيم البعيد صغيرا، وقد يريه المستقيم معوجا كما في الماء، أما العقل فلا يغش من طلب نصيحته. وفي نسخة ليست الرؤية (بضم فهمز) مع الابصار، أي أن الرؤية الصحيحة ليست هي رؤية البصر، وليس العلم قاصرا على شهود المحسوس، فإن البصر قد يغش، وإنما البصر بصر العقل فهو الذي لا يكذب ناصحه (4) الغرة - بالكسر: الغفلة (5) أي جاهلكم يغالي ويزداد في العمل على غير بصيرة، وعالمكم يسوف بعمله، =

[ 69 ]

285 - وقال عليه السلام: كل معاجل يسأل الانظار وكل مؤجل يتعلل بالتسويف (1) 286 - وقال عليه السلام: ما قال الناس لشئ طوبى له إلا وقد خبأ له الدهر يوم سوء 287 - (وسئل عن القدر فقال): طريق مظلم فلا تسلكوه، وبحر عميق فلا تلجوه، وسر الله فلا تتكلفوه (2) 288 - وقال عليه السلام: إذا أرذل الله عبدا حظر عليه العلم (3) 289 - وقال عليه السلام: كان لي فيما مضى أخ في الله، وكان يعظمه في عيني صغر الدنيا في عينه، وكان خارجا من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد، ولا يكثر إذا وجد، وكان أكثر دهره صامتا. فإن قال بد القائلين (4) ونقع غليل السائلين. وكان ضعيفا مستضعفا. فإن جاء


= أي يؤخره عن أوقاته وبئست الحال هذه (1) كل بالتنوين في الموضعين مبتدأ خبره معاجل بفتح الجيم في الاول ومؤجل بفتحها كذلك في الثاني، أي كل واحد من الناس يستعجله أجله ولكنه يطلب الانظار أي التاخير، وكل منهم قد أجل الله عمره وهو لا يعمل تعللا بتأخير الاجل والفسحة في مدته وتمكنه من تدارك الفائت في المستقبل (2) فليعمل كل عمله المفروض عليه ولا يتكل في الاهمال على القدر (3) أرذله: جعله رذيلا، وحظره عليه أي حرمه منه (4) بدهم أي كفهم عن القول ومنعهم. ونقع الغليل: أزال العطش

[ 70 ]

الجد فهو ليث غاب وصل واد (1)، لا يدلي بحجة حتى يأتي قاضيا (2). وكان لا يلوم أحدا على ما يجد العذر في مثله حتى يسمع اعتذاره (3)، وكان لا يشكو وجعا إلا عند برئه. وكان يفعل ما يقول ولا يقول ما لا يفعل. وكان إذا غلب على الكلام لم يغلب على السكوت. وكان على ما يسمع أحرص منه على أن يتكلم. وكان إذا بدهه أمران (4) نظر أيهما أقرب إلى الهوى فخالفه. فعليكم بهذه الخلائق فالزموها وتنافسوا فيها، فإن لم تستطيعوها فاعلموا أن أخذ القليل خير من ترك الكثير 290 - وقال عليه السلام: لو لم يتوعد الله على معصيته (5) لكان يجب أن لا يعصى شكرا لنعمه 291 - (وقال عليه السلام وقد عزى الاشعث بن قيس عن ابن له): يا أشعث إن تحزن على ابنك فقد استحقت ذلك منك الرحم.


(1) الليث: الاسد. والغاب: جمع غابة وهي الشجر الكثير الملتف يستوكر فيه الاسد. والصل بالكسر: الحية. والوادي معروف. والجد بالكسر: ضد الهزل (2) أدلى بحجته: أحضرها (3) أي كان لا يلوم في فعل يصح في مثله الاعتذار الا بعد سماع العذر (4) بدهه الامر: فجأه وبغته (5) التوعد: الوعيد، أي لو لم يوعد على معصيته بالعقاب

[ 71 ]

وإن تصبر ففي الله من كل مصيبة خلف. يا أشعث إن صبرت جرى عليك القدر وأنت مأجور. وإن جزعت جرى عليك القدر وأنت مأزور (1). إبنك سرك وهو بلاء وفتنة (2)، وحزنك وهو ثواب ورحمة 292 - (وقال عليه السلام على قبر رسول الله) (صلى الله عليه وآله ساعة دفن): إن الصبر لجميل إلا عنك، وإن الجزع لقبيح إلا عليك، وإن المصاب بك لجليل، وإنه قبلك وبعدك لجلل (3) 293 - وقال عليه السلام: لا تصحب المائق (4) فإنه يزين لك فعله ويود أن تكون مثله 29 4 - (وقد سئل عن مسافة ما بين المشرق والمغرب) فقال عليه السلام: مسيرة يوم للشمس 295 - وقال عليه السلام: أصدقاؤك ثلاثة، وأعداؤك ثلاثة، فأصدقاؤك صديقك


(1) أي مقترف للوزر وهو الذنب (2) سرك أي أكسبك سرورا، وذلك عند ولادته وهو إذ ذاك بلاء بتكاليف تربيته وفتنة بشاغل محبته. وحزنك: أكسبك الحزن وذلك عند الموت (3) أي أن المصائب قبل مصيبتك وبعدها هينة حقيرة. والجلل بالتحريك: الهين الصغير، وقد يطلق على العظيم وليس مرادا هنا (4) المائق: الاحمق

[ 72 ]

وصديق صديقك وعدو عدوك. وأعداؤك عدوك وعدو صديقك وصديق عدوك 296 - (وقال عليه السلام لرجل رآه يسعى على عدو له بما فيه إضرار بنفسه): إنما أنت كالطاعن نفسه ليقتل ردفه (1) 297 - وقال عليه السلام: ما أكثر العبر وأقل الاعتبار 298 - (وقال عليه السلام: من بالغ في الخصومة أثم، ومن قصر فيها ظلم (2) ولا يستطيع أن يتقي الله من خاصم 299 - وقال عليه السلام: ما أهمني ذنب أمهلت بعده حتى أصلي ركعتين (3) 300 - وسئل عليه السلام: (كيف يحاسب الله الخلق على كثرتهم) فقال: كما يرزقهم على كثرتهم (فقيل كيف يحاسبهم ولا يرونه) قال عليه السلام: كما يرزقهم ولا يرونه 301 - وقال عليه السلام: رسولك ترجمان عقلك، وكتابك أبلغ ما ينطق عنك


(1) الردف بالكسر: الراكب خلف الراكب (2) قد يصيب الظلم من يقف عند حقه في المخاصمة فيحتاج للمبالغة حتى يرد إلى الحق، وفي ذلك إثم الباطل وإن كان لنيل أحق (3) كان إذا كسب ذنبا فأحزنه وأعطى مهلة من الاجل بعده صلى ركعتين تحقيقا للتوبة

[ 73 ]

302 - وقال عليه السلام: ما المبتلى الذي قد اشتد به البلاء بأحوج إلى الدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء 303 - وقال عليه السلام: الناس أبناء الدنيا، ولا يلام الرجل على حب أمه 304 - وقال عليه السلام: إن المسكين رسو ل الله (1) فمن منعه فقد منع الله، ومن أعطاه فقد أعطى الله 305 - وقال عليه السلام: ما زنى غيور قط 306 - وقال عليه السلام: كفى بالاجل حارسا 307 - وقال عليه السلام: ينام الرجل على الثكل ولا ينام على الحرب (2) (ومعنى ذلك أنه يصبر على قتل الاولاد ولا يصبر على سلب الاموال) 308 - وقال عليه السلام: مودة الآباء قرابة بين الابناء (3) والقرابة إلى المودة أحوج من المودة إلى القرابة 309 - وقال عليه السلام: اتقوا ظنون المؤمنين فإن الله تعالى جعل الحق على ألسنتهم


(1) لان الله هو الذي حرمه الرزق فكأنه أرسله إلى الغني ليمتحنه به (2) الثكل بالضم: فقد الاولاد. والحرب بالتحريك: سلب المال (3) إذا كان بين الآباء مودة كان أثرها في الابناء أثر القرابة من التعاون والمرافدة. والمودة أصل في المعاونة، والقرابة من أسبابها، وقد لا تكون مع القرابة معاونة إذا فقدت =

[ 74 ]

310 - وقال عليه السلام: لا يصدق إيمان عبد حتى يكون بما في يد الله أوثق منه بما في يده (1) 311 - وقال عليه السلام: لانس بن مالك وقد كان بعثه إلى طلحة والزبير لما جاء إلى البصرة يذكرهما شيئا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله في معناهما فلوى عن ذلك فرجع إليه فقال (2): (إني أنسيت ذلك الامر) فقال عليه السلام: إن كنت كاذبا فضربك الله بها بيضاء لامعة لا تواريها العمامة (يعني البرص، فأصاب أنسا هذا الداء فيما بعد في وجهه فكان لا يرى إلا مبرقعا) 312 - وقال عليه السلام: إن للقلوب إقبالا وإدبارا (3) فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل، وإذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض 313 - وقال عليه السلام: وفي القرآن نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم (4)


= المحبة، فالاقرباء في حاجة إلى المودة. أما الاوداء فلا حاجة بهم إلى القرابة (1) أي حتى تكون ثقته بما عند الله من ثواب وفضل أشد من ثقته بما في يده (2) الضمير في قال ورجع ولوى لانس. روي أن أنسا كان في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول لطلحة والزبير إنكما تحاربان عليا وأنتما له ظالمان (3) إقبال القلوب: رغبتها في العمل. وإدبارها: مللها منه (4) نبأ ما قبلنا أي خبرهم في قصص القرآن، ونبأ ما بعدنا: الخبر عن مصير أمورهم، وهو يعلم من سنة الله فيمن قبلنا. وحكم ما بيننا =

[ 75 ]

314 - وقال عليه السلام: ردوا الحجر من حيث جاء فإن الشر لا يدفعه إلا الشر (1) 315 - وقال عليه السلام لكاتبه عبيد الله بن رافع: ألق دواتك، وأطل جلفة قلمك (2)، وفرج بين السطور وقرمط بين الحروف فإن ذلك أجدر بصباحة الخط 316 - وقال عليه السلام: أنا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الفجار (ومعنى ذلك أن المؤمنين يتبعونني والفجار يتبعون المال كما تتبع النحل يعسوبها وهو رئيسها) 317 - (وقال له بعض اليهود: ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فيه) فقال عليه السلام له: إنما اختلفنا عنه لا فيه (3) ولكنكم ما جفت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم " اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون " 318 - (وقيل له بأي شئ غلبت الاقران؟) فقال عليه السلام: ما لقيت رجلا إلا أعانني على نفسه (يؤمي


= في الاحكام التي نص عليها (1) رد الحجر كناية عن مقابلة الشر بالدفع على فاعله ليرتدع عنه، وهذا إذا لم يمكن دفعه بالاحسن (2) جلفة القلم بكسر الجيم: مابين مبراه وسنته. وإلاقة الدواة: وضع الليقة فيها. والقرمطة بين الحروف: المقاربة بينها وتضييق فواصلها (3) أي في أخبار وردت عنه لا في صدقه وأصول الاعتقاد بدينه

[ 76 ]

بذلك إلى تمكن هيبته في القلوب) 319 - وقال عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية: يا بني إني أخاف عليك الفقر فاستعذ بالله منه فإن الفقر منقصة للدين (1) مدهشة للعقل، داعية للمقت 320 - (وقال عليه السلام لسائل سأله عن معضلة (2): سل تفقها ولا تسأل تعنتا، فإن الجاهل المتعلم شبيه بالعالم، وإن العالم المتعسف شبيه بالجاهل المتعنت 321 - (وقال عليه السلام لعبد الله بن العباس وقد أشار عليه في شئ لم يوافق رأيه عليه السلام): لك أن تشير علي وأرى، فإن عصيتك فأطعني (3) 322 - وروي أنه عليه السلام لما ورد الكوفة قادما من صفين مر بالشباميين (4) فسمع بكاء النساء على قتلى صفين، وخرج إليه حرب ابن شرحبيل الشبامي وكان من وجوه قومه) فقال عليه السلام له: تغلبكم نساؤكم على ما أسمع (5)، ألا تنهونهن عن


(1) إذا اشتد الفقر فربما يحمل على الخيانة أو الكذب أو احتمال الذل أو القعود عن نصرة الحق، وكلها نقص في الدين (2) أي أحجية بقصد المعاياة لا بقصد الاستفادة (3) وذلك عند ما أشار عليه أن يكتب لابن طلحة بولاية البصرة ولابن الزبير بولاية الكوفة ولمعاوية بإقراره في ولاية الشام حتى تسكن القلوب وتتم بيعة الناس وتلقى الخلافة بوانيها، فقال أمير المؤمنين لا أفسد ديني بدنيا غيري، ولك أن تشير الخ (4) شبام ككتاب: اسم حي (5) على ما أسمع إي من البكاء، وتغلبكم عليه =

[ 77 ]

هذا الرنين (وأقبل يمشي معه وهو عليه السلام راكب فقال عليه السلام له): ارجع فإن مشي مثلك مع مثلي فتنة للوالي ومذلة للمؤمن (1) 323 - (وقال عليه السلام وقد مر بقتلى الخوارج يوم النهروان): بؤسا لكم، لقد ضركم من غركم (فقيل له من غرهم يا أمير المؤمنين؟ فقال): الشيطان المضل والانفس الامارة بالسوء غرتهم بالاماني وفسحت لهم بالمعاصي، ووعدتهم الاظهار فاقتحمت بهم النار 324 - وقال عليه السلام: اتقوا معاصي الله في الخلوات فإن الشاهد هو الحاكم 325 - (وقال عليه السلام لما بلغه قتل محمد بن أبي بكر): إن حزننا عليه على قدر سرورهم به، إلا أنهم نقصوا بغيضا ونقصنا حبيبا 326 - وقال عليه السلام: العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة (2)


= أي يأنينه قهرا عنكم. والرنين صوت البكاء (1) أي مشيك وأنت من وجوه القوم معي وأنا راكب فتنة للحاكم تنفخ فيه روح الكبر، ومذلة أي موجبة لذل المؤمن ينزلونه منزلة العبد والخادم (2) إن كان يعتذر ابن آدم فيما قبل الستين بغلبة الهوى عليه وتملك القوى الجسمانية لعقله فلا عذر له بعد الستين إذا اتبع الهوى ومال إلى الشهوة =

[ 78 ]

327 - وقال عليه السلام: ما ظفر من ظفر الاثم به، والغالب بالشر مغلوب (1) 328 - وقال عليه السلام: إن الله سبحانه فرض في أموال الاغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير إلا بما متع به غني والله تعالى سائلهم عن ذلك 329 - وقال عليه السلام: الاستغناء عن العذر أعز من الصدق به (2) 330 - وقال عليه السلام: أقل ما يلزمكم لله أن لا تستعينوا بنعمه على معاصيه 331 - وقال عليه السلام: إن الله سبحانه جعل الطاعة غنيمة الاكياس عند تفريط العجزة (3) 332 - وقال عليه السلام: السلطان وزعة الله في أرضه (4) 333 - (وقال عليه السلام في صفة المؤمن): المؤمن بشره في وجهه (5)، وحزنه


= لضعف القوى وقرب الاجل (1) إذا كانت الوسيلة لظفرك بخصمك ركوب إثم واقتراف معصية فإنك لم تظفر حيث ظفرت بك المعصية فألقت بك إلى النار، وعلى هذا قوله: الغالب بالشر مغلوب (2) العذر وإن صدق لا يخلو من تصاغر عند الموجه إليه، فإنه اعتراف بالتقصير في حقه، فالعبد عما يوجب الاعتذار أعز (3) العجزة جمع عاجز: المقصرون في أعمالهم لغلبة شهواتهم على عقولهم، والاكياس جمع كيس وهم العقلاء فإذا منع الضعيف إحسانه على فقير مثلا كان ذلك غنيمة للعاقل في الاحسان إليه، وعلى ذلك بقية الاعمال الخيرية (4) الوزعة بالتحريك: جمع وازع وهو الحاكم يمنع من مخالفة الشريعة، والاخبار بالجمع لان أل في السلطان للجنس (5) البشر بالكسر: البشاشة والطلاقة، أي لا يظهر عليه إلا السرور وإن كان في قلبه =

[ 79 ]

في قلبه. أوسع شئ صدرا، وأذل شئ نفسا (1). يكره الرفعة، ويشنو السمعة. طويل غمه. بعيد همه. كثير صمته. مشغول وقته. شكور صبور. مغمور بفكرته (2). ضنين بخلته (3) سهل الخليقة. لين العريكة. نفسه أصلب من الصلد (4) وهو أذل من العبد 334 - وقال عليه السلام: لو رأى العبد الاجل ومصيره لابغض الامل وغروره 335 - وقال عليه السلام: لكل امرئ في ماله شريكان: الوارث والحوادث 337 - وقال عليه السلام: الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر (5) 338 - وقال عليه السلام: العلم علمان: مطبوع ومسموع، ولا ينفع المسموع إذا لم يكن المطبوع (6) 339 - وقال عليه السلام: صواب الرأي بالدول يقبل بإقبالها ويذهب بذهابها (7)


= حزينا كناية عن الصبر والتحمل (1) ذل نفسه لعظمة ربه وللمتضعين من خلقه وللحق إذا جرى عليه. وكراهته للرفعة: بغضه للتكبر على الضعفاء، ولا يحب أن يسمع أحد بما يعمل لله فهو يشنؤ أي يبغض السمعة، وطول غمه خوفا مما بعد الموت. وبعد همه لانه لا يطلب إلا معالي الامور (2) مغمور أي غريق في فكرته لاداء الواجب عليه لنفسه وملته (3) الخلة بالفتح: الحاجة أي بخيل بإظهار فقره للناس والخليقة الطبيعة. والعريكة: النفس (4) الصلد: الحجر الصلب. ونفس المؤمن أصلب منه في الحق، وإن كان في تواضعه أذل من العبد (5) الرامي من قوس بلا وتر يسقط سهمه ولا يصيب، والذي يدعو الله ولا يعمل لا يجيب الله دعاءه (6) مطبوع العلم: ما رسخ في النفس وظهر أثره في أعماها، ومسموعه: منقوله ومحفوظه. والاول هو العلم حقا (7) إقبال الدولة: كناية عن سلامتها وعلوها كأنها مقبلة على صاحبها =

[ 80 ]

340 - وقال عليه السلام: العفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى 341 - وقال عليه السلام: يوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم 343 - وقال عليه السلام: الاقاويل محفوظة، والسرائر مبلوة (1) و " كل نفس بما كسبت رهينة ". والناس منقوصون مدخولون (2) إلا من عصم الله. سائلهم متعنت، ومجيبهم متكلف. يكاد أفضلهم رأيا يرده عن فضل رأيه الرضى والسخط (3)، ويكاد أصلبهم عودا تنكؤه اللحظة وتستحيله الكلمة الواحدة (4). 344 - معاشر الناس اتقوا الله فكم من مؤمل ما لا يبلغه، وبان ما لا يسكنه، وجامع ما سوف يتركه. ولعله من باطل جمعه، ومن حق منعه. أصابه حراما، واحتمل به آثاما، فناء بوزره، وقدم على ربه آسفا لاهفا قد " خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين "


= تطلبه للاخذ بزمامها وإن لم يطلبها. وعلو الدولة يعطي العقل مكنة الفكر، ويفتح له باب الرشاد. وإدبارها يقع بالعقل في الحيرة والارتباك فيذهب عنه صائب الرأي (1) بلاها الله واختبرها وعلمها يريد أن ظاهر الاعمال وخفيها معلوم لله، والانفس مرهونة بأعمالها فإن كانت خيرا خلصتها وإن كانت شرا حبستها (2) المدخول: المغشوش مصاب بالدخل بالتحريك: وهو مرض العقل والقلب. والمنقوص: المأخوذ عن رشده وكماله كأنه نقص منه بعض جوهره (3) لو كان فيهم ذو رأي غلب على رأيه رضاه وسخطه فإذا رضي حكم لمن استرضاه بغير حق، وإذا سخط حكم على من أسخطه بباطل (4) أصلبهم عودا: أشدهم بدينه تمسكا، واللحظة النظرة إلى مشتهى. وتنكؤه =

[ 81 ]

345 - وقال عليه السلام: من العصمة تعذر المعاصي (1) 34 6 - وقال عليه السلام: ماء وجهك جامد يقطره السؤال فانظر عند من تقطره 347 - وقال عليه السلام: الثناء بأكثر من الاستحقاق ملق (2) والتقصير عن الاستحقاق عي وحسد 348 - وقال عليه السلام: أشد الذنوب ما استهان به صاحبه 349 - وقال عليه السلام: من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره. ومن رضي برزق الله لم يحزن على ما فاته. ومن سل سيف البغي قتل به. ومن كابد الامور عطب (3). ومن اقتحم اللجج غرق. ومن دخل مداخل السوء اتهم. ومن كثر كلامه كثر خطؤه. ومن كثر خطؤه قل حياؤه. ومن قل حياؤه قل ورعه. ومن قل ورعه مات قلبه. ومن مات قلبه دخل النار. ومن نظر في عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه فذاك الاحمق بعينه (4) والقناعة مال لا ينفد، ومن أكثر من ذكر الموت


= كتمنعه أي تسيل جرحه وتأخذ بقلبه. وتستحيله: تحوله عما هو عليه، أي نظرة إلى مرغوب تجذبه إلى مواقعة الشهوة، وكلمة من عظيم تميله إلى موافقة الباطل (1) هو من قبيل قولهم: " إن من العصمة أن لا تجد " وروي حديثا (2) ملق بالتحريك: تملق. والعي بالكسر: العجز (3) كابدها: قاساها بلا إعداد أسبابها، فكأنه يجاذبها وتطارده (4) لانه قد أقام الحجة لغيره على نفسه ورضي =

[ 82 ]

رضي من الدنيا باليسير. ومن علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه 350 - وقال عليه السلام: للظالم من الرجال ثلاث علامات: يظلم من فوقه بالمعصية (1)، ومن دونه بالغلبة، ويظاهر القوم الظلمة. 351 - وقال عليه السلام: عند تناهي الشدة تكون الفرجة. وعند تضايق حلق البلاء يكون الرخاء 352 - وقال عليه السلام لبعض أصحابه: لا تجعلن أكثر شغلك بأهلك وولدك فإن يكن أهلك وولدك أولياء الله فإن الله لا يضيع أولياءه. وإن يكونوا أعداء الله فما همك وشغلك بأعداء الله 353 - وقال عليه السلام: أكبر العيب أن تعيب ما فيك مثله 354 - (وهنأ بحضرته رجل رجلا بغلام ولد له فقال له ليهنك الفارس) فقال عليه السلام: لا تقل ذلك، ولكن قل: شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب، وبلغ أشده، ورزقت بره 355 - (وبنى رجل من عماله بناء فخما (2)) فقال عليه السلام:


= برجوع عيبه على ذاته (1) معصية أوامره ونواهيه أو خروجه عليه ورفضه لسلطته وذلك ظلم، لانه عدوان على الحق. والغلبة: القهر. ويظاهر أي يعاون. والظلمة: جمع ظالم (2) أي عظيما ضخما

[ 83 ]

أطلعت الورق رؤوسها (1) إن البناء يصف لك الغنى 356 - (وقيل له عليه السلام لو سد على رجل باب بيته وترك فيه من أين كان يأتيه رزقه؟) فقال عليه السلام: من حيث يأتيه أجله 357 - (وعزى قوما عن ميت مات لهم) فقال عليه السلام: إن هذا الامر ليس بكم بدأ ولا إليكم انتهى (2). وقد كان صاحبكم هذا يسافر فعدوه في بعض أسفاره، فإن قدم عليكم وإلا قدمتم عليه 358 - وقال عليه السلام: أيها الناس ليركم الله من النعمة وجلين كما يراكم من النقمة فرقين (3)، إنه من وسع عليه في ذات يده فلم ير ذلك


(1) الورق بفتح فكسر: الفضة أي ظهرت الفضة فأطلعت رؤوسها كناية عن الظهور، ووضح هذا بقوله البناء يصف لك الغنى، أي يدل عليه (2) هذا الامر أي الموت لم يكن تناوله لصاحبكم أول فعل له ولا آخر فعل له، بل سبقه ميتون وسيكون بعده، وقد كان ميتكم هذا يسافر لبعض حاجاته فاحسبوه مسافرا، فإذا طال زمن سفره فإنكم ستتلاقون معه وتقدمون عليه عند موتكم (3) وجلين: خائفين. وفرقين: فزعين. كونوا بحيث يراكم الله خائفين من مكره عند النعمة كما يراكم فزعين من بلائه عند النقمة، فإن صاحب النعمة إذا لم يظن نعمته استدراجا من الله فقد أمن من مكر الله، ومن كان في ضيق فلم يحسب ذلك امتحانا من الله فقد أيس من رحمة الله وضيع أجرا مأمولا

[ 84 ]

استدراجا فقد أمن مخوفا. ومن ضيق عليه في ذات يده فلم ير ذلك اختبارا فقد ضيع مأمولا 359 - وقال عليه السلام: يا أسرى الرغبة أقصروا (1) فإن المعرج على الدنيا لا يروعه منها إلا صريف أنياب الحدثان (2). أيها الناس تولوا من أنفسكم تأديبها واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها (3) 360 - وقال عليه السلام: لا تظنن بكلمة خرجت من أحد سوءا وأنت تجد لها في الخير محتملا 361 - وقال عليه السلام: إذا كانت لك إلى الله سبحانه حاجة فابدأ بمسألة الصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله ثم سل حاجتك فإن الله أكرم من أن يسأل حاجتين (4) فيقضي إحداهما ويمنع الاخرى 36 2 - وقال عليه السلام: من ضن بعرضه فليدع المراء (5) 363 - وقال عليه السلام: من الخرق المعاجلة قبل الامكان والاناة بعد الفرصة (6)


(1) أسرى: جمع أسير. والرغبة الطمع. وأقصروا كفوا (2) المعرج المائل إليها أو المعول عليها أو المقيم بها. ويروعه: يفزعه. والصريف: صوت الاسنان ونحوها عند الاصطكاك. والحدثان بالكسر: النوائب (3) الضراوة: اللهج بالشئ والولوع به، أي كفوا أنفسكم عن اتباع ما تدفع إليه عاداتها (4) الحاجتان الصلاة على النبي وحاجتك، والاولى مقبولة مجابة قطعا (5) ضن: بخل. والمراء الجدال في غير حق. وفي تركه صون للعرض عن الطعن (6) الخرق بالضم: الحمق وضد الرفق. والاناة التأني. والفرصة =

[ 85 ]

364 - وقال عليه السلام: لا تسأل عما لم يكن ففي الذي قد كان لك شغل (1) 365 - وقال عليه السلام: الفكر مرآة صافية والاعتبار منذر ناصح (2) وكفى أدبا لنفسك تجنبك ما كرهته لغيرك 366 - وقال عليه السلام: العلم مقرون بالعمل فمن علم عمل. والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل عنه (3) 367 - وقال عليه السلام: يا أيها الناس متاع الدنيا حطام موبئ فتجنبوا مرعاه (4). قلعتها أحظى من طمأنينتها (5) وبلغتها أزكى من ثروتها (6). حكم على مكثر بها بالفاقة (7) وأعين من غني عنها بالراحة (8). ومن راقه زبرجها أعقبت ناظريه كمها (9).


= ما يمكنك من مطلوبك، ومن الحكم أن لا تتعجل حتى تتمكن، وإذا تمكنت فلا تمهل (1) لا تتمن من الامور بعيدها فكفاك من قريبها ما يشغلك (2) الاعتبار الاتعاظ بما يحصل للغير ويترتب على أعماله (3) العلم يطلب العمل ويناديه فإن وافق العمل العلم وإلا ذهب العلم فحافظ العلم العمل (4) الحطام كغراب: ما تكسر من يبيس النبات. وموبئ أي ذو وباء مهلك. ومرعاه محل رعيه والتناول منه (5) القلعة بالضم: عدم سكونك للتوطن. وأحظى أي أسعد (6) البلغة بالضم: مقدار ما يتبلغ به من القوت (7) المكثر بالدنيا حكم الله عليه بالفقر، لانه كلما أكثر زاد طمعه وطلبه فهو في فقر دائم إلى ما يطمع فيه (8) غنى كرضى: استغنى، وغني القلب عن الدنيا في راحة تامة (9) الزبرج بكسر فسكون فكسر: الزينة. وراقه: أعجبه وحسن في عينه. والكمه محركة العمى، فمن نظر لزينتها بعين =

[ 86 ]

ومن استشعر الشعف بها ملات ضميره أشجانا (1) لهن رقص على سويداء قلبه (2) هم يشغله وهم يحزنه، كذلك حتى يوخذ بكظمه فيلقى بالقضاء (3). منقطعا أبهراه هينا على الله فناؤه وعلى الاخوان إلقاؤه (4)، وإنما ينظر المؤمن إلى الدنيا بعين الاعتبار. ويقتات منها ببطن الاضطرار (5). ويسمع فيها بأذن المقت والابغاض. إن قيل أثرى قيل أكدى (6). وإن فرح له بالبقاء حزن له بالفناء. هذا ولم يأتهم يوم فيه يبلسون (7) 368 - وقال عليه السلام: إن الله سبحانه وضع الثواب على طاعته والعقاب على معصيته ذيادة لعباده عن نقمته (8) وحياشة لهم إلى جنته (9)


= الاستحسان أعمت عينيه عن الحق (1) الشعف بالعين محركة: الولوع وشدة التعلق. والاشجان: الاحزان (2) رقص بالفتح وبالتحريك: حركة واثب. وسويداء القلب: حبته. ولهن أي للاشجان، فهي تلعب بقلبه (3) الكظم محركة: مخرج النفس، أي حتى يخنقه الموت فيطرح بالقضاء. والابهران: وريدا العنق. وانقطاعهما كناية عن الهلاك (4) إلقاؤه: طرحه في قبره (5) أي يأخذ من القوت ما يكفي بطن المضطر وهو ما يزيل الضرورة (6) بيان لحال الانسان في الدنيا فلا يقال فلان أثرى أي استغنى حتى يسمع بعد مدة بأنه أكدى أي افتقر وصف لقلب الحال (7) أبلس: يئس وتحير. يوم الحيرة: يوم القيامة (8) ذيادة بالذال أي منعا لهم عن المعاصي الجالبة للنقم (9) حياشة: من حاش الصيد جاءه من حواليه ليصرفه إلى الحبالة ويسوقه إليها ليصيده أي سوقا إلى جنته

[ 87 ]

370 - (وروي أنه عليه السلام قلما اعتدل به المنبر إلا قال أمام خطبته): أيها الناس اتقوا الله فما خلق امرؤ عبثا فيلهو، ولا ترك سدى فيلغو (1). وما دنياه التي تحسنت له بخلف من الآخرة التي قبحها سوء النظر عنده. وما المغرر الذي ظفر من الدنيا بأعلى همته كالآخر الذي ظفر من الآخرة بأدنى سهمته (2) 371 - وقال عليه السلام: لا شرف أعلى من الاسلام. ولا عز أعز من التقوى ولا معقل أحصن من الورع. ولا شفيع أنجح من التوبة. ولا كنز أغنى من القناعة. ولا مال أذهب للفاقة من الرضى بالقوت. ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة (3) وتبوأ خفض الدعة. والرغبة مفتاح النصب (4) ومطية التعب. والحرص والكبر والحسد دواع إلى التقحم في الذنوب. والشر جامع مساوي العيوب 369 - وقال عليه السلام: يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه من القرآن


(1) لها: تلهى بلذاته. ولغا: أتى باللغو وهو مالا فائدة فيه (2) السهمة بالضم: النصيب. وأدنى حظ من الآخرة أفضل من أعلاه في الدنيا والفرق بين الباقي والفاني وإن كان الاول قليلا والثاني كثيرا لا يخفى (3) من قولك انتطمه بالرمح أي أنفذه فيه كأنه ظفر بالراحة. وتبوأ: نزل الخفض أي السعة. والدعة بالتحريك: كالخفض. والاضافة على حد كرى النوم (4) الرغبة: الطمع. والنصب بالتحريك: أشد التعب

[ 88 ]

إلا رسمه ومن الاسلام إلا اسمه. مساجدهم يومئذ عامرة من البنى خراب من الهدى. سكانها وعمارها شر أهل الارض، منهم تخرج الفتنة وإليهم تأوي الخطيئة يردون من شذ عنها فيها. ويسوقون من تأخر عنها إليها يقول الله تعالى " فبي حلفت لابعثن على أولئك فتنة أترك الحليم فيها حيران، وقد فعل. ونحن نستقيل الله عثرة الغفلة 372 - (وقال عليه السلام لجابر بن عبد الله الانصاري) يا جابر قوام الدنيا بأربعة: عالم مستعمل علمه، وجاهل لا يستنكف أن يتعلم، وجواد لا يبخل بمعروفه، وفقير لا يبيع آخرته بدنياه. فإذا ضيع العالم علمه استنكف الجاهل أن يتعلم (1)، وإذا بخل الغني بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه (2) يا جابر من كثرت نعم الله عليه كثرت حوائج الناس إليه، فمن قام لله فيها بما يجب عرضها للدوام والبقاء (3)، ومن لم يقم فيها بما يجب عرضها للزوال والفناء 373 - (وروى ابن جرير الطبري في تاريخه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه - وكان ممن خرج لقتال الحجاج مع ابن الاشعث - أنه قال فيما كان يحض به الناس على الجهاد: إنى سمعت عليا عليه السلام يقول


(1) لاستواء العلم والجهل في نظره (2) لانه يضطر للخيانة أو الكذب حتى ينال بهما من الغنى شيئا (3) عرضها أي جعلها عرضة أي نصبها له

[ 89 ]

يوم لقينا أهل الشام): أيها المؤمنون إنه من رأى عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ (1)، ومن أنكره بلسانه فقد أجر وهو أفضل من صاحبه. ومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الظالمين هي السفلى فذلك الذى أصاب سبيل الهدى وقام على الطريق ونور في قلبه اليقين 374 - (وفى كلام آخر له يجرى هذا المجرى) فمنهم المنكر للمنكر بيده ولسانه وقلبه فذلك المستكمل لخصال الخير، ومنهم المنكر بلسانه وقلبه والتارك بيده، فذلك متمسك بخصلتين من خصال الخير ومضيع خصلة، ومنهم المنكر بقلبه والتارك بيده ولسانه فذلك الذى ضيع أشرف الخصلتين من الثلاث وتمسك بواحدة (2)، ومنهم تارك لانكار المنكر بلسانه وقلبه ويده فذلك ميت الاحياء وما أعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله عند الامر بالمعروف والنهى عن المنكر إلا كنفثة في بحر لجى (3)، وإن الامر بالمعروف


(1) برئ من الاثم وسلم من العقاب ان كان عاجزا (2) أشرف الخصلتين من إضافة الصفة للموصوف، أي الخصلتين الفائقتين في الشرف عن الثالثة، وليس من قبيل إضافة اسم التفضيل إلى متعدد (3) النفثة - كالنفخة - يراد ما يمازج النفس من الريق عند النفخ

[ 90 ]

والنهى عن المنكر لا يقربان من أجل، ولا ينقصان من رزق. وأفضل من ذلك كله كلمة عدل عند إمام جائر 375 - (وعن أبى جحيفة قال سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول): أول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ثم بألسنتكم ثم بقلوبكم فمن لم يعرف بقلبه معروفا ولم ينكر منكرا قلب فجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه 376 - وقال عليه السلام: إن الحق ثقيل مرئ، وإن الباطل خفيف وبئ (1). 377 - وقال عليه السلام: لا تأمنن على خير هذه الامة عذاب الله لقوله تعالى " فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون " ولا تيأسن لشر هذه الامة من روح الله (2) لقوله تعالى " إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " 378 - وقال عليه السلام: البخل جامع لمساوي العيوب، وهو زمام يقاد به إلى كل سوء


(1) مرئ من مرأ الطعام مثلثة الراء مراءة فهو مرئ أي هنئ حميد العاقبة، والحق وإن ثقل إلا أنه حميد العاقبة، والباطل وإن خف فهو وبئ وخيم العاقبة، أرض وبيئة كثيرة الوباء وهو المرض العام (2) روح الله بالفتح: رحمته

[ 91 ]

379 - وقال عليه السلام: الرزق رزقان: رزق تطلبه ورزق يطلبك فإن لم تأته أتاك فلا تحمل هم سنتك على هم يومك، كفاك كل يوم ما فيه. فإن تكن السنة من عمرك فإن الله تعالى سيؤتيك في كل غد جديد ما قسم لك، وإن لم تكن السنة من عمرك فما تصنع بالهم لما ليس لك؟ ولن يسبقك إلى رزقك طالب، ولن يغلبك عليه غالب. ولن يبطئ عنك ما قد قدر لك (وقد مضى هذا الكلام فيما تقدم من هذا الباب إلا أنه ههنا أوضح وأشرح فلذلك كررناه على القاعدة المقررة في أول الكتاب) 380 - وقال عليه السلام: رب مستقبل يوما ليس بمستدبره، ومغبوط في أول ليله قامت بواكيه في آخره (1) 381 - وقال عليه السلام: الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به (2)، فإذا تكلمت به صرت في وثاقه، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك. فرب كلمة سلبت نعمة وجلبت نقمة 382 - وقال عليه السلام: لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم، فإن الله


(1) ربما يستقبل شخص يوما فيموت ولا يستدبره أي لا يعيش بعده فيخلفه وراءه. والمغبوط: المنظور إلى نعمته، وقد يكون المرء كذلك في أول الليل فيموت في آخره فتقوم بواكيه جمع باكية (2) الوثاق كسحاب: ما يشد به ويربط، أي أنت مالك لكلامك قبل =

[ 92 ]

فرض على جوارحك فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة 383 - وقال عليه السلام: إحذر أن يراك الله عند معصيته ويفقدك عند طاعته (1) فتكون من الخاسرين، وإذا قويت فاقو على طاعة الله، وإذا ضعفت فاضعف عن معصية الله 384 - وقال عليه السلام: الركون إلى الدنيا مع ما تعاين منها جهل (2). والتقصير في حسن العمل إذا وثقت بالثواب عليه غبن. والطمأنينة إلى كل أحد قبل الاختبار عجز 385 - وقال عليه السلام: من هوان الدنيا على الله أنه لا يعصى إلا فيها ولا ينال ما عنده إلا بتركها 386 - وقال عليه السلام: من طلب شيئا ناله أو بعضه (3) 387 - وقال عليه السلام: ما خير بخير بعده النار. وما شر بشر بعده الجنة (4).


= أن يصدر عنك، فإذا تكلمت به صرت مملوكا له، فإما نفعك أو ضرك، وخزن كنصر: حفظ ومنع الغير من الوصول إلى مخزونه. والورق بفتح فكسر: الفضة (1) فقده يفقده أي عدمه فلم يجده. والكلام من الكناية، أي أن الله يراك في الحالين فاحذر أن تعصيه ولا تطيعه (2) تعاين من الدنيا تقلبا وتحولا لا ينقطع ولا يختص بخير ولا شرير، فالثقة بها عمى عما تشاهد منها. والغبن بالفتح: الخسارة الفاحشة. وعند اليقين بثواب الله لا خسارة أفحش من الحرمان بالتقصير في العمل مع القدرة عليه (3) أي أن الذي يطلب ويعمل لما يطلبه ويداوم على ذلك لابد أن يناله أو ينال بعضا منه (4) ما استفهامية انكارية، أي لا خير فيما يسميه أهل الشهوة خيرا من الكسب =

[ 93 ]

وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية 388 - وقال عليه السلام: ألا وإن من البلاء الفاقة. وأشد من الفاقة مرض البدن. وأشد من مرض البدن مرض القلب. ألا وإن من النعم سعة المال، وأفضل من سعة المال صحة البدن، وأفضل من صحة البدن تقوى القلب 390 - وقال عليه السلام: للمؤمن ثلاث ساعات: فساعة يناجي فيها ربه، وساعة يرم معاشه (1)، وساعة يخلي بين نفسه وبين لذتها فيما يحل ويجمل. وليس للعاقل أن يكون شاخصا إلا في ثلاث: مرمة لمعاش، أو خطوة في معاد، أو لذة في غير محرم 391 - وقال عليه السلام: أزهد في الدنيا يبصرك الله عوراتها، ولا تغفل فلست بمغفول عنك 392 - وقال عليه السلام: تكلموا تعرفوا فإن المرء مخبوء تحت لسانه 393 - وقال عليه السلام: خذ من الدنيا ما أتاك، وتول عما تولى عنك، فإن أنت لم تفعل فأجمل في الطلب (2)


= بغير الحق والتغلب بغير شرع حيث أن وراء ذلك النار. ولا شر فيما يدعوه الجهلة شرا من الفقر أو الحرمان مع الوقوف عند الاستقامة فوراء ذلك الجنة. والمحقور: الحقير المحقر (1) يرم بكسر الراء وفتحها أي يصلح. والمرمة بالفتح الاصلاح. والمعاد ما تعود إليه في القيامة (2) أي فإن رغبت في طلب ما تولى وذهب =

[ 94 ]

394 - وقال عليه السلام: رب قول أنفذ من صول (1) 395 - وقال عليه السلام: كل مقتصر عليه كاف (2) 396 - وقال عليه السلام: المنية ولا الدنية. والتقلل ولا التوسل (3). ومن لم يعط قاعدا لم يعط قائما (4). والدهر يومان يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر 401 - وقال عليه السلام: مقاربة الناس في أخلاقهم أمن من غوائلهم (5) 402 - وقال عليه السلام لبعض مخاطبيه (وقد تكلم بكلمة يستصغر مثله عن قول مثلها (6): لقد طرت شكيرا، وهدرت سقبا (والشكير ههنا أول ما ينبت من ريش الطائر قبل أن يقوى ويستحصف (7)، والسقب الصغير من الابل، ولا يهدر إلا بعد أن يستفحل)


= عنك منها فليكن طلبك جميلا واقفا بك عند الحق (1) الصول بالفتح: السطوة (2) مقتصر بفتح الصاد: اسم مفعول، وإذا اقتصرت على شئ فقنعت به فقد كفاك (3) المنية أي الموت يكون ولا يكون ارتكاب الدنية كالتذلل والنفاق. والتقلل أي الاكتفاء بالقليل يرضى به الشريف ولا يرضى بالتوسل إلى الناس (4) كنى بالقعود عن سهولة الطلب وبالقيام عن التعسف فيه (5) المنافرة في الاخلاق والمباعدة فيها مجلبة للعداوات، ومن عاداه الناس وقع في غوائلهم. فالمقاربة لهم في أخلاقهم حافظة لمودتهم لكن لا تجوز الموافقة في غير حق (6) كلمة عظيمة مثله في صغره قاصر عن قول مثلها (7) كأنه قال لقد طرت وأنت فرخ لم تنهض

[ 95 ]

403 - وقال عليه السلام: من أومأ إلى متفاوت خذلته الحيل (1) 404 - وقال عليه السلام (وقد سئل عن معنى قولهم لا حول ولا قوة إلا بالله) إنا لا نملك مع الله شيئا، ولا نملك إلا ما ملكنا، فمتى ما ملكنا ما هو أملك به منا كلفنا (2)، ومتى أخذه منا وضع تكليفه عنا 405 - وقال عليه السلام: لعمار بن ياسر (وقد سمعه يراجع المغيرة بن شعبة كلاما): دعه يا عمار فإنه لم يأخذ من الدين إلا ما قاربه من الدنيا، وعلى عمد لبس على نفسه (3) ليجعل الشبهات عاذرا لسقطاته 406 - وقال عليه السلام: ما أحسن تواضع الاغنياء للفقراء طلبا لما عند الله، وأحسن منه تيه الفقراء على الاغنياء اتكالا على الله (4) 407 - وقال عليه السلام: ما استودع الله امرأ عقلا إلا استنقذه به يوما ما (5) 408 - وقال عليه السلام: من صارع الحق صرعه


(1) أومأ: أشار، والمراد طلب وأراد. والمتفاوت: المتباعد، أي من طلب تحصيل المتباعدات وضم بعضها إلى بعض خذلته الحيل فيما يريد فلم ينجح فيه (2) أي متى ملكنا القوة على العمل وهي في قبضته أكثر مما هي في قبضتنا فرض علينا العمل (3) على عمد متعلق بلبس، أي أوقع نفسه في الشبهة عامدا لتكون الشبهة عذرا له في زلاته (4) لان تيه الفقير وأنفته على الغنى أدل على كمال اليقين بالله، فإنه بذلك قد أمات طمعا ومحا خسوفا وصابر في يأس شديد، ولا شئ من هذا في تواضع الغنى (5) أي أن الله لا يهب العقل إلا حيث يريد النجاة، فمتى أعطى شخصا عقلا خلصه به من شقاء =

[ 96 ]

409 - وقال عليه السلام: القلب مصحف البصر (1) 410 - وقال عليه السلام: التقى رئيس الاخلاق 411 - وقال عليه السلام: لا تجعلن ذرب لسانك على من أنطقك، وبلاغة قولك على من سددك (2) 412 - وقال عليه السلام: كفاك أدبا لنفسك اجتناب ما تكرهه من غيرك 413 - وقال عليه السلام: من صبر صبر الاحرار وإلا سلا سلو الاغمار (3) 414 - (وفي خبر آخر أنه عليه السلام قال للاشعث بن قيس معزيا) إن صبرت صبر الاكارم وإلا سلوت سلو البهائم 415 - وقال عليه السلام في صفة الدنيا: تغر وتضر وتمر. إن الله تعالى لم يرضها ثوابا لاوليائه ولا عقابا لاعدائه، وإن أهل الدنيا كركب بيناهم حلوا إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا (4) 416 - وقال لابنه الحسن (ع): يا بني لا تخلفن وراءك شيئا من الدنيا، فإنك


= الدارين (1) أي ما يتناوله البصر يحفظ في القلب كأنه يكتب فيه (2) الذرب: الحدة. والتسديد: التقويم والتثقيف، أي لا تطل لسانك على من علمك النطق، ولا تظهر بلاغتك على من ثقفك وقوم عقلك (3) الاغمار جمع غمر مثلث الاول وهو الجاهل لم يجرب الامور، ومن فاته شرف الجلد والصبر فلابد يوما أن يسلو بطول المدة، فالصبر أولى (4) أي بينما هم قد حلوا يفاجئهم صائح الاجل وهو سائقهم بالرحيل فارتحلوا

[ 97 ]

تخلفه لاحد رجلين: إما رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت به، وإما رجل عمل فيه بمعصية الله فكنت عونا له على معصيته. وليس أحد هذين حقيقا أن تؤثره على نفسك (ويروى هذا الكلام على وجه آخر وهو): أما بعد فإن الذي في يدك من الدنيا قد كان له أهل قبلك، وهو صائر إلى أهل بعدك، وإنما أنت جامع لاحد رجلين: رجل عمل فيما جمعته بطاعة الله فسعد بما شقيت به، أو رجل عمل فيه بمعصية الله فشقي بما جمعت له، وليس أحد هذين أهلا أن تؤثره على نفسك ولا أن تحمل له على ظهرك، فارج لمن مضى رحمة الله ولمن بقي رزق الله 417 - وقال عليه السلام (لقائل قال بحضرته أستغفر الله): ثكلتك أمك أتدري ما الاستغفار؟ الاستغفار درجة العليين. وهو اسم واقع على ستة معان: أولها الندم على ما مضى. والثاني العزم على ترك العود إليه أبدا. والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة. والرابع أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها. والخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت


[ 98 ]

على السحت (1) فتذيبه بالاحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد. والسادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول أستغفر الله 418 - وقال عليه السلام: الحلم عشيرة (2) 419 - وقال عليه السلام: مسكين ابن آدم مكتوم الاجل، مكنون العلل، محفوظ العمل، تؤلمه البقة، وتقتله الشرقة، وتنتنه العرقة (3) 420 - (وروي أنه عليه السلام كان جالسا في أصحابه فمرت بهم امرأة جميلة فرمقها القوم بأبصارهم) فقال عليه السلام: إن أبصار هذه الفحول طوامح (4)، وإن ذلك سبب هبابها، فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليلامس أهله فإنما هي امرأة كامرأة (فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافرا ما أفقهه! فوثب القوم ليقتلوه) فقال:


(1) السحت بالضم: المال من كسب حرام (2) خلق الحلم يجمع إليك من معاونة الناس لك ما يجتمع لك بالعشيرة، لانه يوليك محبة الناس فكأنه عشيرة (3) مكنون أي مستور العلل والامراض لا يعلم من أين تأتيه، إذا عضته بقة تألم، وقد يموت بجرعة ماء إذا شرق بها، وتنتن ريحه إذا عرق عرقة (4) جمع طامح أو طامحة، طمح البصر إذا ارتفع، وطمح أبعد في الطلب، وأن ذلك أي طموح الابصار سبب هبابها بالفتح =

[ 99 ]

رويدا إنما هو سب بسب أو عفو عن ذنب (1) 421 - وقال عليه السلام: كفاك من عقلك أوضح لك سبيل غيك من رشدك. 422 - وقال عليه السلام: افعلوا الخير ولا تحقروا منه شيئا، فإن صغيره كبير، وقليله كثير، ولا يقولن أحدكم إن أحدا أولى بفعل الخير مني فيكون والله كذلك. إن للخير والشر أهلا فما تركتموه منهما كفاكموه أهله (2) 423 - وقال عليه السلام: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته. ومن عمل لدينه كفاه أمر دنياه، ومن أحسن فيما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس 424 - وقال عليه السلام: الحلم غطاء ساتر، والعقل حسام قاطع، فاستر خلل خلقك بحلمك، وقاتل هواك بعقلك 425 - وقال عليه السلام: إن لله عبادا يختصهم الله بالنعم لمنافع العباد فيقرها في أيديهم ما بذلوها (3)، فإذا منعوها نزعها منعم ثم حولها إلى غيرهم


= أي هيجان هذه الفحول لملامسة الانثى (1) إن الخارجي سب أمير المؤمنين بالكفر في الكلمة السابقة، فأمير المؤمنين لم يسمح بقتله، ويقول إما أن أسبه أو أعفو عن ذنبه (2) ما تركتموه من الخير يقوم أهله بفعله بدلكم، وما تركتموه من الشر يؤديه عنكم أهله، فلا تختاروا أن تكونوا للشر أهلا، ولا أن يكون عنكم في الخير بدل (3) يقرها أي يبقيها ويحفظها مدة بذلهم لها

[ 100 ]

426 - وقال عليه السلام: لا ينبغي للعبد أن يثق بخصلتين: العافية والغنى، بينا تراه معافى إذ سقم، وبينا تراه غنيا إذ افتقر 427 - وقال عليه السلام: من شكا الحاجة إلى مؤمن فكأنما شكاها إلى الله ومن شكاها إلى كافر فكأنما شكا الله 428 - وقال عليه السلام في بعض الاعياد: إنما هو عيد لمن قبل الله من صيامه وشكر قيامه، وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد 429 - وقال عليه السلام: إن أعظم الحسرات يوم القيامة حسرة رجل كسب مالا في غير طاعة الله، فورثه رجل فأنفقه في طاعة الله سبحانه، فدخل به الجنة ودخل الاول به النار 430 - وقال عليه السلام: إن أخسر الناس صفقة (1) وأخيبهم سعيا رجل أخلق بدنه في طلب ماله ولم تساعده المقادير على إرادته، فخرج من الدنيا بحسرته وقدم على الآخرة بتبعته. 431 - وقال عليه السلام: الرزق رزقان: طالب ومطلوب، فمن طلب الدنيا طلبه الموت حتى يخرجه عنها، ومن طلب الاخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي رزقه منها


(1) الصفقة أي البيعة، أي أخسرهم بيعا وأشدهم خيبة في سعيه ذلك الرجل الذي أخلق بدنه أي أبلاه ونهكه في طلب المال ولم يحصله. والتبعة بفتح فكسر: حق الله وحق الناس عنده يطالب به

[ 101 ]

432 - وقال عليه السلام: إن أولياء الله هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا إذا نظر الناس إلى ظاهرها، واشتغلوا بآجلها (1) إذا اشتغل الناس بعاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم (2)، وتركوا منها ما علموا أنه سيتركهم، ورأوا استكثار غيرهم منها استقلالا. ودركهم لها فوتا. أعداء ما سالم الناس، وسلم ما عادى الناس (3). بهم علم الكتاب وبه علموا. وبهم قام الكتاب وبه قاموا. لا يرون مرجوا فوق ما يرجون، ولا مخوفا فوق ما يخافون (4) 433 - وقال عليه السلام: اذكروا انقطاع اللذات وبقاء التبعات 434 - وقال عليه السلام: اخبر تقله (5) (ومن الناس من يروي هذا للرسول صلى الله عليه وآله. ومما يقوي أنه من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ما حكاه ثعلب عن ابن الاعرابي: قال المأمون: لولا أن عليا قال " اخبر تقله " لقلت: إقله تخبر)


(1) إضافة الآجل إلى الدنيا لانه ياتي بعدها أو لانه عاقبة الاعمال فيها والمراد منه ما بعد الموت (2) أماتوا قوة الشهوة والغضب التي يخشون أن تميت فضائلهم، وتركوا للذات العاجلة التي ستتركهم، ورأوا أن الكثير من هذه اللذات قليل في جانب الاجر على تركه وإدراكه فوات لانه يعقب حسرات العقاب (3) الناس يسالمون الشهوات وأولياء الله يحاربونها، والناس يحاربون العفة والعدالة وأولياء الله يسالمونهما وينصرونهما (4) أي مرجو فوق ثواب الله وأي مخوف أعظم من غضب الله (5) اخبر بضم الباء: أمر من خبرته من باب قتل، أي علمته. وتقله مضارع =

[ 102 ]

435 - وقال عليه السلام: ما كان الله ليفتح على عبد باب الشكر ويغلق عنه باب الزيادة. ولا ليفتح على عبد الدعاء ويغلق عنه باب الاجابة (1). ولا ليفتح لعبد باب التوبة ويغلق عنه باب المغفرة 437 - (وسئل عليه السلام أيما أفضل العدل أو الجود) فقال عليه السلام: العدل يضع الامور مواضعها، والجود يخرجها من جهتها. والعدل سائس عام، والجود عارض خاص. فالعدل أشرفهما وأفضلهما 438 - وقال عليه السلام: الناس أعداء ما جهلوا 439 - وقال عليه السلام: الزهد كله بين كلمتين من القرآن قال الله سبحانه " لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم " ومن لم يأس على الماضي (2) ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه 440 - وقال عليه السلام: ما أنقض النوم لعزائم اليوم (3) 441 - وقال عليه السلام: الولايات مضامير الرجال (4)


= مجزوم بعد الامر، وهاؤه للوقوف، من قلاه يقليه كرماه يرميه بمعنى أبغضه، أي إذا أعجبك ظاهر الشخص فاختبره فربما وجدت فيه ما لا يسرك فتبغضه. ووجه ما اختاره المأمون أن المحبة ستر للعيوب فإذا أبغضت شخصا أمكنك أن تعلم حاله كما هو (1) تكرر الكلام في أن الدعاء والاجابة والاستغفار والمغفرة إذا صدقت النيات وطابق الرجاء العمل وإلا فليست من جانب الله في شئ إلا أن تخرق سعة فضله سوابق سنته (2) أي لم يحزن على ما نفذ به القضاء (3) تقدمت هذه الجملة بنصها، ومعناها قد يجمع العازم على أمر فإذا نام وقام وجد انحلال في عزيمته، أو ثم يغلبه النوم عن إمضاء عزيمته (4) المضامير جمع مضمار وهو المكان الذي تضمر فيه الخيل للسباق، والولايات =

[ 103 ]

442 - وقال عليه السلام: ليس بلد بأحق بك من بلد (1)، خير البلاد ما حملك 443 - وقال عليه السلام (وقد جاءه نعي الاشتر رحمه الله): مالك وما مالك! (2) لو كان جبلا لكان فندا، لا يرتقيه الحافر ولا يوفي عليه الطائر (والفند المنفرد من الجبال) 444 - وقال عليه السلام: قليل مدوم عليه خير من كثير مملول منه 445 - وقال عليه السلام: إذا كان في رجل خلة ذائعة فانتظروا أخواتها (3) 446 - (وقال عليه السلام لغالب بن صعصعة أبي الفرزدق في كلام دار بينهما): ما فعلت إبلك الكثيرة؟ قال ذعذعتها الحقوق (4) يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام: ذلك أحمد سبلها 447 - وقال عليه السلام: من اتجر بغير فقه فقد ارتطم في الربا (5)


= أشبه بالمضامير إذ يتبين فيها الجواد من البردون (1) يقول كل البلاد تصلح سكنا، وإنما أفضلها ما حملك أي كنت فيه على راحة فكأنك محمول عليه (2) مالك هو الاشتر النخعي. والفند بكسر الفاء: الجبل العظيم، والجملتان بعده كناية عن رفعته وامتناع همته. وأوفى عليه: وصل إليه (3) الخلة بالفتح: الخصلة أي إذا أعجبك خلق من شخص فلا تعجل بالركون إليه وانتظر سائر الخلال (4) ذعذع المال: فرقه وبدده، أي فرق إبلى حقوق الزكاة والصدقات، وذلك أحمد سبلها جمع سبيل - أي أفضل طرق إفنائها (5) ارتطم وقع في الورطة فلم يمكنه الخلاص. والتاجر إذا لم يكن على علم بالفقه لا يأمن الوقوع في الربا جهلا

[ 104 ]

448 - وقال عليه السلام: من عظم صغار المصائب ابتلاه الله بكبارها (1) 449 - وقال عليه السلام: من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهواته 450 - وقال عليه السلام: ما مزح امرو مزحة إلا مج من عقله مجة (2) 451 - وقال عليه السلام: زهدك في راغب فيك نقصان حظ (3)، ورغبتك في زاهد فيك ذل نفس. 452 - وقال عليه السلام: الغنى والفقر بعد العرض على الله (4) 454 - وقال عليه السلام: ما لابن آدم والفخر، أوله نطفة، وآخره جيفة، لا يرزق نفسه، ولا يدفع حتفه 455 - (وسئل من أشعر الشعراء) فقال عليه السلام إن القوم لم يجروا في حلبة تعرف الغاية عند قصبتها (5)، فإن كان ولابد فالملك الضليل (يريد امرأ القيس)


(1) من تفاقم به الجزع ولم يجمل منه الصبر عند المصائب الخفيفة حمله الهم إلى ما هو أعظم منها (2) المزح والمزاحة والمزاح بمعنى واحد وهو المضاحكة بقول أو فعل، وأغلبه لا يخلو عن سخرية. ومج الماء من فيه رماه، وكأن المازح يرمي بعقله ويقذف به في مطارح الضياع (3) بعدك عمن يتقرب منك ويلتمس مودتك تضييع لحظ من الخير يصادفك وأنت تلوي عنه، وتقربك لمن يبتعد عنك ذل ظاهر (4) العرض على الله يوم القيامة، وهناك يظهر الغنى بالسعادة الحقيقية والفقر بالشقاء الحقيقي (5) الحلبة بالفتح: القطعة من الخيل تجتمع للسباق عبر بها عن الطريقة الواحدة. =

[ 105 ]

456 - وقال عليه السلام: ألا حر يدع هذه اللماظة لاهلها (1)؟ إنه ليس لانفسكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها 457 - وقال عليه السلام: منهومان لا يشبعان (2): طالب علم وطالب دنيا 458 - وقال عليه السلام: الايمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك، وأن لا يكون في حديثك فضل عن عملك (3)، وأن تتقي الله في حديث غيرك 459 - وقال عليه السلام: يغلب المقدار على التقدير (4) حتى تكون الآفة في التدبير (وقد مضى هذا المعنى فيما تقدم برواية تخالف هذه الالفاظ) 460 - وقال عليه السلام: الحلم والاناة توأمان ينتجهما علو الهمة (5)


= والقصبة ما ينصبه طلبة السباق حتى إذا سبق سابق أخذه ليعلم أنه السابق بلا نزاع. وكانوا يجعلون هذا من قصب، أي لم يكن كلامهم في مقصد واحد، بل ذهب بعضهم مذهب الترغيب، وآخر مذهب الترهيب، وثالث مذهب الغزل والتشبيب، والضليل من الضلال لانه كان فاسقا (1) اللماظة بالضم: بقية الطعام في الفم يريد بها الدنيا، أي ألا يوجد حر يترك هذا الشئ الدنئ لاهله (2) المنهوم: المفرط في الشهوة، وأصله في شهوة الطعام (3) أي أن لا تقول أزيد مما تفعل. وحديث الغير: الرواية عنه. والتقوى فيه: عدم الافتراء، أو حديث الغير التكلم في صفاته نهى عن الغيبة (4) المقدار القدر الالهي. والتقدير القياس (5) الحلم بالكسر: حبس النفس عند الغضب، والاناة يريد بها التأني. والتوأمان المولودان في بطن واحد. والتشبيه الاقتران والتولد من أصل واحد

[ 106 ]

461 - وقال عليه السلام: الغيبة جهد العاجز (1) 462 - وقال عليه السلام: رب مفتون بحسن القول فيه (زيادة من نسخة كتبت في عهد المصنف) 463 - وقال عليه السلام: الدنيا خلقت لغيرها ولم تخلق لنفسها (2) 464 - وقال عليه السلام: إن لبني أمية مرودا يجرون فيه، ولو قد اختلفوا فيما بينهم ثم كادتهم الضباع لغلبتهم (3) (والمرود هنا مفعل من الارواد وهو الامهال والانظار. وهذا من أفصح الكلام وأغربه، فكأنه عليه السلام شبه المهلة التي هم فيها بالمضمار الذي يجرون فيه إلى الغاية فإذا بلغوا منقطعها انتقض نظامهم بعدها) 465 - وقال عليه السلام (في مدح الانصار): هم والله ربوا الاسلام كما يربى الفلو مع غنائهم بأيديهم السباط وألسنتهم السلاط (4)


(1) الغيبة بالكسر: ذكرك الآخر بما يكره وهو غائب، وهي سلاح العاجز ينتقم به من عدوه، وهي جهده أي غاية ما يمكنه (2) خلقت الدنيا سبيلا إلى الآخرة، ولو خلقت لنفسها لكانت دار خلد (3) مرود بضم فسكون ففتح فسره صاحب الكتاب بالمهلة وهي مدة اتحادهم فلو اختلفوا ثم كادتهم أي مكرت بهم أو حاربتهم الضباع دون الاسود لقهرتهم (4) ربوا من التربية والانماء. والفلو بالكسر، أو بفتح فضم فتشديد، أو بضمتين فتشديد: المهر إذا فطم أو بلغ السنة. والغناء بالفتح ممدودا: الغنى =

[ 107 ]

466 - وقال عليه السلام: العين وكاء السه (1) (وهذا من الاستعارات العجيبة كأنه شبه السه بالوعاء والعين بالوكاء، فإذا أطلق الوكاء لم ينضبط الوعاء. وهذا القول في الاشهر الاظهر من كلام النبي عليه السلام، وقد رواه قوم لامير المؤمنين عليه السلام. وذكر ذلك المبرد في كتاب المقتضب في باب اللفظ بالحروف. وقد تكلمنا على هذه الاستعارة في كتابنا الموسوم بمجازات الآثار النبوية) 467 - وقال عليه السلام (في كلام له): ووليهم وال فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه (2)


= أي مع استغنائهم. وبأيديهم متعلق بربوا. ويقال رجل سبط اليدين بالفتح أي سخى. والسباط ككتاب: جمعه. والسلاط جمع سليط: الشديد. واللسان الطويل (1) السه بفتح السين وتخفيف الهاء: العجز ومؤخر الانسان، والعين الباصرة. وإنما جعل العجز وعاء لان الشخص إذا حفظ من خلفه لم يصب من أمامه في الاغلب، فكأنه وعاء الحياة والسلامة إذا حفظ حفظتا. والباصرة وكاء ذلك الوعاء أي رباطه لانها تلحظ ما عساه يصل إليه فتنبه العزيمة لدفعه والتوقي منه، فإذا أهمل الانسان النظر إلى مؤخرات أحواله أدركه العطب. والكلام تمثيل لفائدة العين في حفظ الشخص مما قد يعرض عليه من خلفه، وأنها لا تختلف عن فائدتها في حفظه مما يستقبله من أمامه، وإرشاد إلى وجوب التبصر في مظنات الغفلة. وهذا هو المحمل اللائق بمقام النبي صلى الله عليه وسلم أو مقام أمير المؤمنين (2) الجران ككتاب: مقدم عنق البعير يضرب على الارض عند الاستراحة كناية عن التمكن. والوالي يريد به النبي صلى =

[ 108 ]

468 - وقال عليه السلام: يأتي على الناس زمان عضوض (1) يعض الموسر فيه على ما في يديه ولم يؤمر بذلك قال الله سبحانه " ولا تنسوا الفضل بينكم " تنهد فيه الاشرار (2) وتستذل الاخيار. ويبايع المضطرون، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن بيع المضطرين (3) 469 - وقال عليه السلام: يهلك في رجلان: محب مفرط وباهت مفتر (4) (وهذا مثل قوله عليه السلام): هلك في رجلان: محب غال، ومبغض قال 470 - (وسئل عن التوحيد والعدل) فقال عليه السلام: التوحيد أن لا تتوهمه، والعدل أن لا تتهمه (5) 471 - وقال عليه السلام: لا خير في الصمت عن الحكم كما أنه لا خير في القول بالجهل 472 - وقال عليه السلام (في دعاء استسقى به) اللهم اسقنا ذلل السحاب دون صعابها (وهذا من الكلام العجيب الفصاحة وذلك أنه عليه السلام شبه


= الله عليه وسلم، ووليهم أي تولى أمورهم وسياسة الشريعة فيهم. وقال قائل يريد به عمر بن الخطاب (1) العضوض بالفتح: الشديد. والموسر: الغني، ويعض على ما في يده: يمسكه بخلا على خلاف ما أمره الله في قوله " ولا تنسوا الفضل بينكم " أي الاحسان (2) تنهد أي ترتفع (3) بيع بكسر ففتح: جمع بيعة بالكسر هيئة البيع كالجلسة لهيئة الجلوس (4) بهته كمنعه: قال عليه ما لم يفعل. ومفتر: اسم فاعل من الافتراء (5) الضمير المنصوب لله فمن توحيده أن لا تتوهمه أي لا تصوره =

[ 109 ]

السحاب ذوات الرعود والبوارق والرياح والصواعق بالابل الصعاب التي تقمص برحالها (1) وتقص بركبانها، وشبه السحاب خالية من تلك الروائع (2) بالابل الذلل التي تحتلب طيعة وتقتعد مسمحة (3). 473 - وقيل له عليه السلام (لو غيرت شيبك يا أمير المؤمنين)؟ فقال عليه السلام: الخضاب زينة ونحن قوم في مصيبة (يريد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله) 475 - وقال عليه السلام: القناعة مال لا ينفد (وقد روى بعضهم هذا الكلام لرسول الله صلى الله عليه وآله) 476 - وقال عليه السلام: (لزياد بن أبيه، وقد استخلفه لعبد الله بن العباس على فارس وأعمالها في كلام طويل كان بينهما نهاه فيه عن تقدم الخراج (4)) استعمل العدل واحذر العسف والحيف، فإن العسف يعود بالجلاء (5)


= بوهمك، فكل موهوم محدود، والله لا يحد بوهم. واعتقادك بعدله أن لا تتهمه في أفعاله بظن عدم الحكمة فيها (1) قمص الفرس وغيره كضرب ونصر: رفع يديه وطرحهما معا وعجن برجليه، والرحال جمع رحل، أي أنها تمتنع حتى على رحالها فتقمص لتلقيها، ووقصت به راحلته تقص كوعد يعد تقحمت به فكسرت عنقه (2) جمع رائعة أي مفزعة (3) طيعة بتشديد الياء: شديدة الطاعة. والاحتلاب استخراج اللبن من الضرع. وتقتعد: مبني للمجهول، اقتعده اتخذه قعدة بالضم يركبه في جميع حاجاته. ومسمحة اسم فاعل أسمح، أي سمح ككرم بمعنى جاد، وسماحها مجاز عن إتيان ما يريده الراكب من حسن السير (4) تقدم الخراج: الزيادة فيه (5) العسف =

[ 110 ]

والحيف يدعو إلى السيف 477 - وقال عليه السلام: أشد الذنوب ما استخف به صاحبه 478 - وقال عليه السلام: ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا (1) 479 - وقال عليه السلام: شر الاخوان من تكلف له (لان التكليف مستلزم للمشقة وهو شر لازم عن الاخ المتكلف له فهو شر الاخوان) 480 - وقال عليه السلام: إذا احتشم المؤمن أخاه فقد فارقه (يقال حشمه وأحشمه إذا أغضبه، وقيل أخجله واحتشمه طلب ذلك له وهو مظنة مفارقته وهذا حين انتهاء الغاية بنا إلى قطع المختار من كلام أمير المؤمنين عليه السلام، حامدين لله سبحانه على ما من به من توفيقنا لضم ما انتشر من أطرافه، وتقريب ما بعد من أقطاره. وتقرر العزم كما شرطنا أولا على تفضيل أوراق من البياض في آخر كل باب من وهذا حين انتهاء الغاية بنا إلى قطع المختار من كلام أمير المؤمنين عليه السلام، حامدين لله سبحانه على ما من به من توفيقنا لضم ما انتشر من أطرافه، وتقريب ما بعد من أقطاره. وتقرر العزم كما شرطنا أولا على تفضيل أوراق من البياض في آخر كل باب من الابواب ليكون لاقتناص الشارد. واستلحاق الوارد. وما عسى أن


= بالفتح: الشدة في غير حق. والجلاء بالفتح: التفرق والتشتت. والحيف: الميل عن العدل إلى الظلم وهو ينزع بالمظلومين إلى القتال لانقاذ أنفسهم (1) كما أوجب الله على الجاهل أن يتعلم أوجب على العالم أن يعلم

[ 111 ]

يظهر لنا بعد الغموض ويقع إلينا بعد الشذوذ. وما توفيقنا إلا بالله عليه توكلنا وهو حسبنا ونعم الوكيل. وذلك في رجب سنة أربعمائة من الهجرة (1). وصلى الله عليه سيدنا محمد خاتم الرسل، والهادي إلى خير السبل، وآله الطاهرين، وأصحابه يوم اليقين.


(1) انتهى من جمعه في سنة أربعمائة، وأبقى أوراقا بيضا في آخر كل باب رجاء أن يقف على شئ يناسب ذلك الباب فيدرجه فيه وجامع الكتاب هو الشريف الحسيني الملقب بالرضي. وذكر في تاريخ أبي الفدا أنه محمد بن الحسين بن موسى بن إبراهيم المرتضى بن موسى الكاظم. وقد يلقب بالمرتضى تعريفا له بلقب جده إبراهيم. ويعرف أيضا بالموسوي. وهو صاحب ديوان الشعر المشهور. ولد سنة تسع وخمسين وثلاثمائة وتوفي سنة ست وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة. والحمد لله في البداية والانتهاء، والشكر له في السراء والضراء. والصلاة والسلام على خاتم الانبياء، وعلى آله وصحبه أصول الكرم وفروع العلاء. آمين.

مكتبة يعسوب الدين عليه السلام الإلكترونية