[534]

 

- 153 -

ومن كلام له عليه السلام قاله في بعض خطبه

قال القاضي نعمان: وخطب عليه السلام بالكوفة فقال: يا أيها الناس أن الله تبارك وتعالى جعل لي عليكم حقا بولايتي أمركم ومنزلتي التي أنزلني [الله] بها عزوجل من بينكم، ولكم علي [من الحق] النصيحة والعدل (1) وإن الحق لا يجري لاحد إلا جرى عليه، ولا يجري عليه إلا جرى له.

الحديث (52) من كتاب القضاء من دعائم الاسلام: ج 2 ص 539، وقريب منه في ذيل الخطبة (34) وصدر المختار (213) من نهج البلاغة، وكذلك في الحديث (550) من كتاب الروضة من الكافي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) بين المعقوفات قد سقط من الاصل ولابد منه، وفي المختار: (213) من النهج: " أما بعد فقد جعل الله لي عليكم حقا بولاية أمركم، ولكن علي من الحق مثل الذي لي عليكم ".

 

[535]

 

- 154 -

ومن كلام له عليه السلام أجاب به بعض اليهود

روى الاصبهاني في كتاب الحجة عن الاصبغ بن نباتة، قال: كنا جلوسا عند [أمير المؤمنين] علي بن أبي طالب [عليه السلام] فأتاه يهودي فقال: يا أمير المؤمنين متى كان الله ؟ فقمنا إليه فلهزناه (1) حتى كدنا (أن) نأتي على نفسه، فقال علي: خلوا عنه ثم قال [له]: يا أخا اليهود اسمع ما أقول لك بأذنك واحفظه بقلبك، فإنما أحدثك عن كتابك الذي جاء به موسى بن عمران، فإن كنت قد قرأت كتابك وحفظته فإنك ستجده كما أقول: إنما يقال متى كان لمن لم يكن ثم كان، فأما من لم يزل بلا كيف يكون [و] كان بلا كينونة كائن [و] لم يزل قبل القبل وبعد البعد [و] لا يزال بلا كيف ولا غاية، ولا منتهى إليه غاية، انقطعت دونه الغايات فهو غاية كل غاية (2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) يقا ل: " لهزه لهزا " - من باب منع -: ضربه بجمع كفه.

أو ضربه بجمع الكف في لهزمته ورقبته.

ثم إن قصة ضرب اليهودي لابد أن تكون في غياب أمير المؤمنين.

ويمكن أيضا أن يقال: أن الراوي تسامح في التعبير وأراد أن يقول: فأردنا أن نقوم إليه فنلهزه.. وذلك لمنافاته لسيرة أمير المؤمنين، وهيبته في قلوب خواص أصحابه مثل الاصبغ وأقرانه.

مع انه من أخبار الآحاد فلا يقبل منها إلا ما له شاهد صدق دون ما لا شاهد له.

(2) أي فلا يقال له: متى كان.

 

[536]

فبكى اليهودي وقال: والله يا أمير المؤمنين إنها لفي التوراة هكذا حرفا حرفا، وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله.

كذا نقله عنه - عدا ما بين المعقوفات - في منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد بن حنبل: ج 1 ص 7.

وقريبا منه رواه السيد أبو طالب في أماليه - كما في ترتيبه تيسير المطالب ص 126 - قال:: أخبرنا محمد بن علي العبدكي قال: حدثنا محمد بن يزداد، قال: حدثنا علي بن الحسين الوراق البغدادي قال: حدثنا أحمد بن عبد الله، قال: حدثنا ابن سنان، عن الضحاك، عن النزال ابن سبرة أن رجلا قام إلى علي فقال: يا أمير المؤمنين كيف كان ربنا ؟..

 

[537]

 

- 155 -

ومن كلام له عليه السلام أجاب به بعض اليهود

قال ابن عساكر: قرأت على أبي القاسم الشحامي، عن أبي بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا محمد بن القاسم بن عبد الرحمان العتكي، أنبأنا محمد بن أشرس، أنبأنا إبراهيم بن نصر في منزل يحيى بن يحيى بحضرته أنبأنا علي بن إبراهيم الهاشمي [قال]: أنبأنا يحيى بن عقيل الخزاعي، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب انه أتاه يهودي فقال: يا أمير المؤمنين متى كان ربنا عزوجل ؟ قال فتمعر (1) وجه علي [عليه السلام] فقال: يا يهودي لم يكن فكان (2) هو كان ولا كينونة، كان بلا كيف يكون كان لم يزل ويكون لا يزال (3) وبلا كيف يكون، كان لم يزل بلا كيف، ليس له قبل، هو قبل القبل بلا قبل ولا غاية، ولا منتهى غاية ولا غاية النهاية (4) إنقطعت الغايات دونه فهو غاية كل غاية.

أفهمت يا يهودي ؟ وإلا أفهمتك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) أي تغير وجهه عليه السلام وزالت نضارته.

(2) أي انه تعالى لم يكن مسبوقا بالعدم ثم موجودا بعده حتى يقال له: متى كان، وإنما يقال: متى كان لمن لوجوده بداءة ولمن " جد بعد عدمه.

(3) هذا هو الظاهر، وفي الاصل: " وبك لم يزل.

" (4) ويساعد رسم الخط على أن يقرأ " ولا نهاية النهاية ".

 

[538]

فقال [اليهودي]: أشهد أنه لم يبق أحد على وجه الارض من يقول بغير هذا القول إلا كفر، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله.

قال: فحسن إسلامه فحج مرة وغزا مرة، حتى قتل بأرض الروم في زمن معاوية.

ترجمة إبراهيم بن نصر بن منصور أبي اسحاق السوريني (5) من تاريخ دمشق: ج 4 ص 135، ورواه عنه في باب النهي عن الكلام في ذات الله من منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد بن حنبل: ج 1، ص - 117.

ورواه مرسلا في أواسط الباب (5) من دستور معالم الحكم ص 109.

ط مصر، باختلاف يسير في بعض الالفاظ.

وقريبا منه رواه بسند آخر في الباب: (14) من كتاب تيسير المطالب - في ترتيب أمالي السيد أبي طالب - ص 128.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(5) قال ابن عساكر: ويقال: السوراني الفقيه المطوعي الشهيد.

وقال أيضا: و " سورين " نخلة بأعلى نيسابور.

 

[539]

 

- 156 -

ومن خطبة له عليه السلام في بيان علوه تبارك وتعالى عن نعت المخلوقين، ودلالة الممكنات على علم بارئها وحكمته وغناه وقدرته وقدمه ودوامه

قال السيد أبو طالب: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسيني، قال: أخبرنا عبد العزيز بن إسحاق، قال: حدثنا منصور بن نصر بن الفتح، قال: حدثنا أبو الحسين زيد بن علي العلوي، قال: حدثني علي بن جعفر بن محمد، قال: حدثني الحسين بن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده عن أمير المؤمنين عليه السلام انه خطب خطبة التوحيد (1) [وقال]: الحمد لله الذي لا من شئ كان، ولا من شئ خلق ما كون (2) مستشهد بحدوث الاشياء على قدمه (3) وبما وسمها من العجز على قدرته، وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) وفي رواية الصدوق (ره) بسند آخر يأتي في المختار: (160) خطب أمير المؤمنين عليه السلام الناس في مسجد الكوفة فقال.. (2) وفي رواية الصدوق: " ولا من شئ كون ما قد كان " وهو أظهر.

(3) كلمة: " مستشهد " غير واضحة بحسب رسم الخط من كتاب ترتيب أمالي السيد أبي طالب، نعم هي جلية في رواية الصدوق رحمه الله.

 

[540]

لم يخل منه مكان فيدرك بأينيته، ولا له شبح مثال فيوصف بكيفيته، ولم يغب عن شئ فيعلم بحيثيته (4) مباين لجميع ما جرا في الصفات (5) وممتنع عن الادراك بما ابتدع من تصريف الذوات (6) وخارج بالكبرياء والعظمة من جميع تصرف الحالات (7).

لا تحويه الاماكن لعظمته، ولا تدركه الابصار لجلالته، ممتنع من الاوهام أن تستغرقه، وعن الاذهان أن تتمثله.

[قال]: وفي رواية أخرى: فليست له صفة تنال، ولا حد يضرب له فيه الامثال، كل دون صفته تحابير اللغات (8) وضل هنالك تصاريف الصفات، وحار دون ملكوته عميقات مذاهب التفكير،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(4) كذا في رواية الصدوق (ره) وهو الظاهر، وفي نسخة ترتيب أمالي السيد: بأينيه... بكيفيه ".

(5) كذا في النسخة، وفي رواية الصدوق: مباين لجميع ما أحدث في الصفات ".

(6) كذا في رواية الصدوق، وفي الاصل: " من تصريف الادوات ".

(7) هذا هو الصواب، وفي الاصل: " من جميع تعرم الحالات ".

(8) هذا هو الصواب، وفي الاصل: " تحابين ".

 

[541]

وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير، وحال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب تاهت في أدنى أدانيها طامحات العقول.

واحد لا بعدد، دائم لا بأمد، قائم لا بعمد.

ليس بجنس فتعادله الاجناس، ولا بشبح فتضارعه الاشباح، ليس لها محيص عن إدراكه لها، ولا خروج عن إحاطته بها، ولا احتجاب عن إحصائه لها، ولا امتناع من قدرته عليها.

كفى بإتقان صنعه لها آية، وبتركيب خلقها عليه دلالة (9) وبحدوث ما فطر [ه] (10) على قدمه شهادة، فليس له حد منسوب، ولا مثل مضروب، ولا شئ هو عنده محجوب، تعالى عن ضرب الامثال والصفات المخلوقة علوا كبيرا.

الباب (14) من تيسير المطالب - في ترتيب أمالي السيد أبي طالب - ص 134.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(9) وفي رواية الصدوق: " وبمركب الطبع عليها دلالة ".

والضمير في قوله: " لها - و - عليها " راجع إلى الاجناس.

(10) ما فطره: ما خلقه وأبدعه، أي ان مشاهدة الحدوث في مخلوقاته - أو اتصاف المخلوقات بالحدوث - شاهد وبرهان على قدم مبدعها وإلا يلزم أن لا يوجد حادث أبدا، والفرض انه وجدت حوادث ومخلوقات.

 

[542]

 

- 157 ـ

ومن خطبة له عليه السلام في بيان ما لله تعالى من الكبرياء والعظمة وتعاليه عن وصف الواصفين

قال السيد أبو طالب: أخبرنا أبي رحمه الله تعالى قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن سلام، قال: أخبرنا أبي، قال: حدثنا إبراهيم بن سليمان، قال: حدثنا علي بن الخطاب الخثعمي قال: حدثنا أحمد بن محمد الانصاري عن بشير (1) عن زيد بن أسلم [قال]: إن رجلا سأل أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة فقال له: يا أمير المؤمنين هل تصف لنا ربك فنزداد له حبا وبه معرفة ؟ فغضب [أمير المؤمنين] علي عليه السلام ونادى الصلاة جامعة.

فاجتمع الناس حتى غص المسجد بأهله ثم صعد المنبر وهو مغضب متغير اللون فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: الحمد لله الذي لا يفره المنع ولا يكديه الاعطاء إذ كل معط ينتقص سواه (2) [وكل مانع مذموم ما ما خلاه، و] هو المنان بفوائد النعم وعوائد المزيد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) رسم الخط في هذا اللفظ غير جلى ويساعد على أن يقرأ " بشر ".

(2) هذا هو الظاهر الموافق لما في كتاب التوحيد والنهج، وفي الاصل: " ثم كل معط ".

وما وضعناه بعده بين المعقوفين مأخوذ من المختار: (90) من نهج البلاغة، وفيه وفي كتاب التوحيد: " إذ كل معط منتقص سواه ".

 

[543]

ضمن عيالة خلقه وأنهج سبيل الطلب للراغبين إليه (3) وليس بما سئل بأجود منه مما لم يسأل (4) ولما اختلف عليه دهر فيختلف فيه الحال (5) [ولا كان في مكان فيجوز عليه الانتقال] ولو وهب ما شقت عنه معادن الجبال (6) وضحكت عنه أصداف البحار - من فلز اللجين وسبائك العقيان، ونثارة الدر وحصائد المرجان - لبعض عبيده لما أثر [ذلك] في جوده (7) ولا أنفد سعة ما عنده، ولكان عنده من دخائر الافضال ما لم تنفده مطالب السئوآل (8) ولا تخطر لكثرته على بال (9) لانه الجواد الذي [لا] تنقصه المواهب و [لا] يبخله إلحاح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(3) وفي النهج: " عياله الخلق ضمن أرزاقهم وقدر أقواتهم ونهج سبيل الراغبين إليه والطالبين ما لديه ".

يقال: " نهج زيد الطريق نهجا - من باب منع - وأنهجه أنهاجا ": أبانه وأوضحه.

(4) هذا هو الظاهر، وفي الاصل: وليس بمن سأل بأجود منه فيما لم يسأل ".

وفي النهج:، وليس بما سئل بأجود منه بما لم يسأل ".

(5) وفي النهج: " ما اختلف عليه دهر " وما بين المعقوفين أيضا مأخوذ منه.

(6) وفي النهج والتوحيد: " ولو وهب ما تنفست عنه معادن الجبال ".

(7) هذا هو الظاهر الموافق لما في نهج البلاغة، وفي الاصل: " لما أثر في وجوده ".

(8) السؤال: جمع السائل - كزراع في جمع الزارع -.

وفي النهج: " ولكان عنده من ذخائر الانعام ما لا تنفذه مطالب الانام ".

(9) ومثله في كتاب التوحيد.

 

[544]

الملحين (10) وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فما ظنكم بمن هو هكذا [ولا هكذا غيره] سبحانه وبحمده (11).

أيها السائل اعقل عني ما سألتني عنه (12) ولا تسألن أحدا عنه بعدي فإني أكفيك (13) مؤنة الطلب، وشدة التعمق في المذهب، وكيف يوصف الذي سألتني عنه ؟.

وهو الذي عجزت الملائكة - مع قربهم من كرسي كرامته وطول ولههم إليه وتعظيم جلال عزته (14) وقربهم من غيب ملكوت قدرته - أن يعلموا من علمه إلا [ما] علمهم وهم من ملكوت القدس بحيث هم من معرفته على ما فطرهم عليه (15) فقالوا: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم [الحكيم] (16).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(10) وفي النهج: " لانه الجواد الذي لا يغيضه سؤال السائلين، ولا يبخله الحاح الملحين ".

(11) بين المعقوفين مأخوذ من العقد الفريد.

(12) هذا هو الظاهر، وفي الاصل: " اعقل عن ما سألتني ".

(13) هذا هو الظاهر، وفي الاصل: " فإني أكف بك ".

(14) وفي العقد الفريد، وتعظيمهم جلال عزته " وهو أظهر.

(15) وفي التوحيد: " أن يعلموا من أمره إلا ما أعلمهم وهم من ملكوت القدس بحيث هم من معرفته على ما فطرهم عليه أن قالوا ".

(16) بين المعقوفين كأنه قد سقط عن النسخة، والكلام مقتبس من الآية: (31) من سورة البقرة.

 

[545]

فعليك أيها السائل بما دلك عليه القرآن من صفته وتقدمك فيه الرسل بينك وبين معرفته، فائتم به واستضئ بنور هدايته فإنما هي نعمة وحكمة أوتيتها فخذ ما أوتيت وكن من الشاكرين، وما كلفك الشيطان علمه [فكل] علمه إلى الله فإنه منتهى حق الله عليك (16).

[و] اعلم أيها السائل أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب الاقرار (17) بجملة ما جهلوا تفسيره من تفسير الغيب المحجوب (18) فقالوا: آمنا به كل من عند ربنا.

فحمد الله سبحانه اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما.

وسمى تركهم التعمق - فيما لم يكلفهم البحث عنه منهم - رسوخا (19) فاقتصر على ذلك واعلم أنه الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(16) وفي النهج: " فانظر أيها السائل فما دلك القران عليه من صفته فائتم به واستضئ بنور هدايته، وما كلفك الشيطان علمه مما ليس في الكتاب عليك فرضه ولا في سنة النبي صلى الله عليه وآله وأئمة الهدى أثره فكل علمه إلى الله سبحانه فإن ذلك منتهى حق الله عليك، واعلم أن الراسخين.

" (17) وفي النهج: " عن اقتحام السدد المضروبة.. " (18) وفي النهج: " بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ".

(19) وفي النهج: " وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا ".

 

[546]

[الذي] لم يحدث فيمكن فيه التغير والانتقال، ولم تتصرف في ذاته كرور الاحوال، ولم يختلف عليه عقب الايام والليالي (20) وهو الذي خلق الخلق على غير مثال امتثله (21) ولا مقدار احتذى عليه من خالق كان قبله بل أرانا من ملكوت قدرته وعجائب ما نطقت به آثار حكمته، واعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمهم بليغ تقويته (22) ما دلنا باضطرار قيام الحجة له على معرفته (23) ولا تحيط به الصفات فيكون بإدراكها إياه بالحدود متناهيا (24) وما زال - هو الله الذي ليس كمثله شئ -

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(20) هذا هو الظاهر أي إنه تعالى ليس بمحل توارد الايام والليالي وتعاقبهما.

وفي الاصل: ، ولم تخلف عليه عقب الايام والليالي " فإن صح فلعل معناه: انه ليس بفان حتى يخلفه تعاقب الايام والليالي.

وفي رواية الصدوق: " ولم يتصرف في ذاته بكرور الاحوال ولم يختلف عليه عقب الليالي والايام، وفي العقد الفريد: " ولم يتغير في ذاته بمرور الاحوال، ولم يختلف على تعاقب الايام والليالي ".

(21) هذا هو الظاهر الموافق لما في العقد الفريد، وفي الاصل: " وهو الذي خلق الحق " ولا ريب انه مصحف، وفي التوحيد ونهج البلاغة: " الذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله ".

(22) وفي النهج: " واعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك قدرته ".

وفي العقد الفريد: " واضطرار الحاجة من الخلق إلى أن يفهمهم مبلغ قوته ".

(23) قوله: " ما دلنا " مفعول لقوله " أرانا " وفي العقد الفريد " بقيام الحجة له بذلك علينا ".

(24) وفي الاصل: " ولا تحط به الصفات ".

وفي كتاب التوحيد والعقد الفريد، " ولم تحط به الصفات.. ".

 

[547]

علا [عن] صفة المخلوقين (25) [و] متعاليا عن الاشباه والانداد، وانحسرت [العيون عن إدراكه] وجل [و] علا [من أن] تناله الابصار فيكون بالعيان موصوفا (36) وارتفع عن أن تحوي كنه عظمته لمة رويات المتفكرين (37) وليس له مثل فيكون بالخلق مشبها، وما زال عند أهل المعرفة به عن الاشباه والانداد منزها.

كذب العادلون بالله إذ شبهوه بأصنامهم وحلوه بتحلية المخلوقين بأوهامهم (28) وكيف [يكون] من لا يقدر قدره مقدرا في رويات الاوهام (29) لانه أجل من أن تحده ألباب البشر بتفكير، وهو أعلى [من أن] يكون له كفو فيشبه بنظير، فسبحانه وتعالى عن جهل المخلوقين، فسبحانه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(25) كذا في الاصل - عدا بين المعقوفين فإنه زيادة يقتضيها السياق -.

وفي العقد الفريد: " وما زال - إذ هو الله الذي ليس كمثله شئ - عن صفة المخلوقين متعاليا ".

(26) وفي الاصل: " وجل على تناله الابصار " وما بين المعقوفات زيادة يقتضيها السياق، وفي العقد الفريد: " انحسرت العيون عن أن تناله.. " وفي التوحيد: " انحسرت الابصار.. " المتفكرين ".

واللمة - كحبة -: الشئ المجتمع.

(28) وفي النهج: " كذب العادلون بك إذ شبهوك بأصنامهم ونحلوك حلية المخلوقين بأوهامهم وجزأوك تجزئة المجسمات بخواطرهم.. " (29) هذا هو الصواب الموافق لما في العقد الفريد، وفي الاصل: " وكيف لما لم يقدر قدرة مقدار في رويات الاوهام.

" غير انه كان مكتوبا فيه فوق كلمة " لم " لفظة " لا ".

 

[548]

وتعالى عن إفك الجاهلين، فأين يتاه بأحدكم وأين يدرك ما لا يدرك، والله المستعان.

كذا في الباب الرابع عشر، من تيسير المطالب - في ترتيب أمالي السيد أبي طالب - ص 137.

ورواها أيضا في المختار: (89) من نهج البلاغة بزيادات كثيرة، وقريبا مما هنا رواها في العقد الفريد: ج 3 ص 152.

 

[549]

 

- 159 -

ومن كلام له عليه السلام دار بينه وبين السبط الاكبر الامام الحسن عليه السلام في بعض المكارم

قال الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا علي بن المنذر الطريفي، حدثنا عثمان بن سعيد الزيات، حدثنا محمد بن عبد الله أبو رجاء الحمطي [كذا] التستري.

حدثنا شعبة بن الججاج، عن أبي إسحاق: عن الحارث [قال:] إن عليا سأل ابنه الحسن رضي الله عنه عن أشياء من أمر المروءة فقال: يا بني ما السداد ؟ قال: يا أبة السداد: دفع المنكر بالمعروف.

قال: فما الشرف ؟ قال: اصطناع العشيرة وحمل الجريرة، ومرافقة الاخوان وحفظ الجيران.

قال: فما المروءة ؟ قال: العفاف وإصلاح المال.

قال: فما الدقة ؟ قال: النظر في اليسير، ومنع الحقير.

قال: فما اللؤم ؟ قال: إحراز المرء نفسه وبذله عرسه.

قال: فما السماحة ؟ قال: البذل من العسير واليسير.

قال: فما الشح ؟ قال: أن يرى [المرء] ما أنفقه تلفا (1) قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) هذا هو الظاهر أي إن الشح هو أن ينفق الرجل في سبيل الله - أو في ما يؤل إلى مروءته وكماله - ويرى أنه أتلف ما أنفقه.

ولفظ الاصل هنا غير واضح.

 

[550]

فما الاخاء ؟ فال: المواسات في الشدة والرخاء.

قال: فما الجبن ؟ قال: الجرأة على الصديق والنكول عن العدو ؟ قال: فما الغنيمة ؟ قال: الرغبة في التقوى، والزهادة في الدنيا في الغنيمة الباردة.

قال: فما الحلم ؟ قال: كظم الغيظ وملك النفس.

قال: فما الغنى ؟ قال: رضا النفس بما قسم الله تعالى لها وإن قل، وإنما الغنى غنى النفس.

قال: فما الفقر ؟ قال: شره النفس (2) في كل شئ.

قال: فما المنعة ؟ قال: شدة البأس ومنازعة أعز الناس (3) قال: فما الذل ؟ قال: الفزع عند المصدوقة (4) قال: فما العي ؟ قال: العبث باللحية وكثرة البرق عند المخاطبة (5) قال: فلما الجرأة ؟ قال: مواقفة الاقران.

قال: فما الكلفة ؟ قال: كلام المرء فيما لا يعنيه (6)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(2) الشره - كسبب -: حرص النفس وشدة اشتهائها.

(3) أي أعز الناس منعة وذبا عن جانبه.

(4) أي عند بسالة القرن في الحملة عليه ومناجزته إياه.

(5) العي - بكسر العين مصدر، وفعله من باب رضي -: الحصر في الكلام.

وأما العي - - بفتح العين فهو مصدر باب عي يعي من باب منع - فمعناه الجهل وعدم الاهتداء إلى المراد.

العجز.

والمعنيان متقاربان.

ثم إن تفسير العي بما ذكره عليه السلام تفسير باللازم الغالبي (6) هذا هو الظاهر الملائم لسجية شبل المعبوث لتتميم مكارم الاخلاق، وفي الاصل: " كلامك فيما لا يعنيك ".

 

[551]

قال: فما المجد ؟ قال، أن تعطي في العزم، وتعفو عن الجرم.

قال: فما العقل ؟ قال: حفظ القلب كلما استوعبته.

قال: فما الخرق ؟ قال: معازة المرء إمامه (7) ورفعه عليه كلامه.

قال: فما حسن الثناء ؟ قال: إتيان الجميل وترك القبيح.

قال: فما الحزم ؟ قال: طول الاناة والرفق بالولاة.

قال: فما السفه ؟ قال، اتباع الدناة ومصاحبة الغواة.

قال: فما الغفلة ؟ قال: ترك [المصلح] وطاعة المفسد (8) قال: فما الحرمان ؟ قال: تركك كل حظك وقد عرض عليك.

قال: فما المفسد ؟ قال: الاحمق في ماله المتهاون في عرضه.

ثم قال علي [عليه السلام]: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أعود من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا استظهار أوفق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(7) هذا هو المناسب لسيرة المترشحين من عند الله تبارك وتعالى لتأديب الناس وتربيتهم، وفي الاصل: " معازتك إمامك، ورفعك عليه كلامك.

والمعازة: الغلبة في الخطاب.

المعارضة في العزة.

(8) هذا هو الظاهر، وفي الاصل: " تركك وطاعتك ".

 

[552]

كالكف، ولا عبادة كالتفكر، ولا إيمان كالحياء والصبر (9).

وآفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان، وآفة الحلم السفه، وآفة العبادة الفترة، وآفة الظرف الصلف، وآفة الشجاعة البغي، وآفة السماحة المن، وآفة الجمال الخيلاء، وآفة الحسب الفخر " [ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام]: يا بني لا تستخفن برجل تراه أبدا، فإن كان أكبر منك (10) فاحسب أنه أباك، وإن كان مثلك فهو أخوك (11) وإن كان أصغر منك فاحسب أنه ابنك.

قال أبو القاسم [الطبراني]: لم يرو هذا الحديث عن شعبة إلا محمد بن عبد الله أبو رجاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(9) والكلام رويناه في المختار: (28) من باب الوصايا: ج 2 ص 166، بسند آخر عن أمير المؤمنين عليه السلام وهذه الجملة وما بعدها غير موجودة فيه.

(10) هذا هو الظاهر الموافق لما نقله في ترجمة الامام الحسن من تاريخ دمشق، غير ان فيه: " لا تستحقرن " الخ.

وفي نسخة المعجم الكبير هكذا: " فإن كان خبرا منك فاحسب أنه أباك ".

ولا ريب انه من تصحيفات الكتاب.

(11) كذا في الاصل.

 

[553]

الحبطي [كذا] تفرد به عثمان بن سعيد الزيات، ولا يروى عن علي رضي الله عنه إلا بهذا الاسناد (12).

الحديث: (59) من ترجمة الامام الحسن عليه السلام من كتاب المعجم الكبير: ج 1، ص 130، وللحديث مصادر، ورواه أيضا أبو نعيم في حلبة الاولياء كما في تلخيص كفاية الطالب ص 182

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(12) فيه تسامح ظاهر، وكان حق العلم أن يقول: ولا أعلم أنه يروى عن علي إلا بهذا الاسناد.

ولا يأتي بالنفي لان الطبراني لم يعاشر ولم يأخذ عن حفاظ المسلمين قاطبة، فلعل بعضهم رواه ولم يصل إلى الطبراني.

 

[554]

 

- 160 -

ومن خطبة له عليه السلام في بيان عظمة الله تبارك وتعالى وما له من صفات الجمال والجلال (1)

الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي (ره) عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد ابن أبي عبد الله، عن أبيه محمد بن خالد البرقي، عن أحمد بن النضر وغيره، عن عمرو بن ثابت، عن رجل سماه عن أبي أسحاق السبيعي، عن الحرث الاعور، قال: خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوما خطبة بعد العصر، فعجب الناس من حسن صفته وما ذكره من تعظيم الله جل جلاله.

قال أبو إسحاق: فقلت للحرث أو ما حفظتهما ؟ قال: قد كتبتها.

فأملاها علينا من كتابه: الحمد لله الذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه، لانه كل يوم في شأن من أحداث بديع لم يكن، الذي لم يولد فيكون في العز مشاركا، ولم يلد فيكون موروثا هالكا (1) ولم تقع عليه الاوهام فتقدره شبحا ماثلا [مائلا " خ ل "] ولم تدركه الابصار فيكون بعد انتقالها حائلا، الذي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) تنبيه: كل ما جعلناه من هذه الخطبة بين المعقوفين فهو منقول عن نسخة الكافي إذا لم يعقب بحرفي " خ ل " وإلا فهو من بعض نسخ كتاب التوحيد.

(2) وفي الكافي: " الذي لم يلد فيكون في العز مشاركا، ولم يولد فيكون موروثا "..

 

[555]

ليست له في أوليته نهاية، ولا في آخريته حد ولا غاية (3) ولم يتقدمه زمان ولم يتعاوره زيادة ولا نقصان (4) ولم يوصف بأين ولا بم ولا بمكان (5) الذي بطن من خفيات الامور، وظهر في العقول بما يرى في خلقه من علامات التدبير، الذي سئلت الانبياء عنه فلم تصفه بحد ولا بنقص بل وصفته بأفعاله (6) ودلت عليه بآياته، ولا يستطيع عقول المتفكرين جحده، لان من كانت السماوات والارض فطرته وما فيهن وما بينهن وهو الصانع لهن فلا مدافع لقدرته، الذي بان من الخلق فلا شئ كمثله، الذي خلق الخلق (8) لعبادته، وأقدرهم على طاعته بما جعل فيهم، وقطع عذرهم بالحجج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(3) وفي الكافي: " ولا لآخريته حد ولا غاية ".

(4) أي لا تتداوله الزيادة والنقصان ولا يعرضانه.

(5) قيل: معنى قوله: " لا يوصف بم " أي انه تعالى لا يوصف بما هو بل يوصف بفعاله كما قال إبراهيم عليه السلام: " ربي الذي يحي ويميت ".

وكما قال موسى عليه السلام: " رب السماوات والارض وما بينهما ".

(6) وفي الكافي: " فلم تصفه بحد ولا ببعض بل وصفته بفعاله ".

(7) وفي الكافي، " فلا مدفع لقدرته، الذي نأى من الخلق ".

و " نأى ": بعد: ارتفع.

(8) وفي الكافي: " الذي خلق خلقه لعبادته ".

والمراد من الخلق - هنا - ذوي العقول كما في الآية: (56) من سورة والذاريات: " وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ".

 

[556]

فعن بينة هلك من هلك، وعن بينه نجا من نجا (9) ولله الفضل مبتدءا ومعيدا.

ثم أن الله - وله الحمد - افتتح الكتاب بالحمد لنفسه، وختم أمر الدنيا ومجئ الآخرة (10) بالحمد لنفسه فقال: " وقضى بينهم بالحق، وقيل الحمد لله رب العالمين [75 - الزمر: 39].

الحمد لله اللابس الكبرياء بلا تجسد (11) والمرتدي بالجلال بلا تمثيل، والمستوي على العرش بلا زوال والمتعالي عن الخلق بلا تباعد منهم (12) القريب منهم بلا ملامسة منه لهم، ليس له حد ينتهي إلى حده، ولا له مثل فيعرف بمثله، ذل من تجبر غيره، وصغر من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(9) وفي الكافي: " وبمنه نجا من نجا ".

(10) وفي الكافي: " ثم ان الله وله الحمد افتتح الحمد لنفسه وختم أمر الدنيا ومحل الآخرة بالحمد لنفسه ".

و " محل الآخرة " أي حلولها، مصدر ميمي.

قيل: والآخرة عبارة عن القرار في الجنة أو النار، وحلولها إنما يكون عند الفراغ من القضاء بين الخلائق الذي هو من أمر الدنيا، فختم الدنيا وحلول الآخرة كلاهما إنما يكونان بالحمد المقول بعد الفراغ من القضاء بينهم ولهذا فرع عليه السلام عليه ذكر الآية الكريمة (11) ومثله في بعض نسخ الكافي، وفي نسخ منه: " بلا تجسيد ".

(12) وفي الكافي: " والمستوي على العرش بغير زوال، والمتعالي على الخلق بلا تباعد منهم ولا ملامسة منه لهم ".

 

[557]

تكبر دونه، وتواضعت الاشياء لعظمته، وانقادت لسلطانه وعزته، وكلت عن إدراكه ظروف العيون (13) وقصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق.

الأول قبل كل شئ [ولا قبل له] والآخر بعد كل شئ ولا بعد له (14) الظاهر على كل شئ بالقهر له، والشاهد (15) لجميع الاماكن بلا انتقال إليها، لا تلمسه لامسة ولا تحسه حاسة، وهو الذي في السماء إله وفي الارض إله، وهو الحكيم العليم، أتقن ما أراد خلقه من الاشياء كلها (16) بلا مثال سبق إليه ولا لغوب دخل عليه في خلق ما خلق لديه (17) إبتدء ما أراد ابتداءه، وأنشأ ما أراد إنشاءه على ما أراده من الثقلين الجن والانس لتعرف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(13) كذا فيما عندي من نسخة التوحيد، بالظاء المعجمة، والظاهر انه مصحف والصواب بالطاء المهملة كما في الكافي.

وهي جمع طرف: نظر العين ولحاظها.

(14) هذا هو الظاهر الموافق لما في الكافي، وقد سقط مما عندي من نسخة التوحيد ما وضعناه بين المعقوفين، كما انه زاد فيها كلمة: " شئ " بعد قوله: " ولا بعد له ".

(15) وفي الكافي: " والمشاهد لجميع الاماكن ".

(16) وفي الكافي: " أتقن ما أراد من خلقه من الاشباح كلها لا بمثال سبق إليه، ولا لغوب دخل عليه ".

واللغوب: التعب.

(17) ومثله في الكافي، والظاهر ان كلمة: " لديه " من زيادة النساخ.

 

[558]

بذلك ربوبيته (18) وتمكن فيهم طواعيته (19) نحمده بجميع محامده كلها على جميع نعمائه كلها، ونستهديه لمراشد أمورنا ونعوذ به من سيأت أعمالنا ونستغفرة للذنوب التي سلفت منا (20).

ونشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، بعثه بالحق [نبيا] دالا عليه وهاديا إليه، فهدانا به من الضلالة، واستنقذنا به من الجهالة، من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما، ونال ثوابا كريما [جزيلا] ومن يعص الله ورسوله فقد خسر خسرانا مبينا، واستحق عذابا أليما، فأنجعوا بما يحق عليكم من السمع والطاعة (21) وإخلاص النصيحة، وحسن الموازرة (22) وأعينوا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(18) وفي الكافي: " ليعرفوا بذلك ربوبيته " (19) وفي بعض نسخ كتاب التوحيد:: " فيه ".

وفي الكافي: " وتمكن فيهم طاعته ".

والطواعية والطاعة بمعنى واحد.

(20) وفي الكافي: " سبقت منا ".

(21) انجعوا (أمر) من قولهم: أنجع: أفلح أي أفلحوا بما يجب عليكم من السمع والطاعة.

وقال الفيض (ره): وفي بعض النسخ: " فأبخعوا " بالباء الموحدة ثم الخاء المعجمة اي فبالغوا في أداء ما يجب عليكم.

(22) المؤازرة: المعاونة، ويراد منها - هنا - المعاونة على الحق.

 

[559]

أنفسكم بلزوم الطريقة (23) وهجرة الامور المكروهة، وتعاطوا الحق بينكم، وتعاونوا عليه (24) وخذوا على يدي الظالم السفيه، مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، واعرفوا لذوي الفضل فضلهم.

عصمنا الله وأياكم بالهدى، وثبتنا وإياكم على التقوى، وأستغفر الله لي ولكم.

الحديث الاول من الباب الثاني من كتاب التوحيد، ص 21، ط الهند، ورواه أيضا ثقة الاسلام الكليني (ره) في الحديث السابع من باب جوامع التوحيد - وهو الباب (22) من كتاب توحيد - من أصول الكافي: ج 1، ص 141، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، وغيره عمن ذكره، عن عمرو بن ثابت، عن رجل سماه عن أبي أسحاق السبيعي، عن الحارث الاعور، عن أمير المؤمنين عليه السلام..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(23) وفي الكافي: " وأعينوا على أنفسكم بلزوم الطريقة المستقيمة ".

(24) " وتعاطوا الحق " أي أقيموه فيما بينكم وتناولوه ولا تتركوه.

 

[560]

هتاف عام إلى المتمسكين بالاسلام إلى رواد الفقه والحكمة إلى أرباب العلم والمعرفة إلى من يروقه نشر معارف الدين إلى من يعجبه إذاعة حقائق الاسلام، إلى من يسره تدعيم أركان الايمان، إلى أحرار المسلمين إلى زعماء الدين، إلى عظماء الملة إلى المتمسكين بناموس الشريعة، إلى المعتصمين بحبل الكتاب والعترة، إلى من يحب أن يرى العالم في حياته منورا بأشعة خيراته إلى من يود أن يبصر بركات مبراته قد شملت الخاص والعام، واستوعبت جميع الانام، إلى من يرغب أن ينظر إلى فيضان صالحاته في الشرق والغرب، إلى من يأمل أن تكون له صدقات جارية، إلى من يبتغي أن يكون جريان حسناته في العالم محفوظا عن الزوال والفناء، إلى من يريد خلود طيب الذكر، إلى من يدور لتحصيل لسان صدق صدق في الآخرين، إلى من يتطلب وسائل القرب إلى الله، إلى من يشاء تحصيل الشهادة على أنه من المبادرين إلى مرضات الله والساعين في سبيل الله والمتمسكين بذيل أولياء الله، إلى من أعطي القدرة والمكنة ولا يهتدي إلى إبقائها وإخلادها والتمتع بالخالد من نمائها والدائم من أرباحها.

هلموا إلى من لم يأخذه في العلم لومة لائم، هلموا إلى بث فقه الاسلام وحكمه المتعالية، هلموا إلى المسارعة إلى الخيرات، هلموا إلى المسابقة إلى أفضل القربات، هلموا إلى المبادرة إلى غفران الله ورضوانه، هلموا إلى المعاونة على التقوى، هلموا إلى إحياء البينات والزبر، هلموا إلى التحفظ على أسانيد الحقائق قبل انقطاعها، هلموا إل تحقيق السنن والاحكام، هلموا إلى توضيح الصحاح والمسانيد، هلموا إلى إذاعة ما أخفاه المبطلون وإشاعة ما ستره الظالمون، هلموا إلى الجود بما بخل به الباخلون، هلموا إلى إفشاء ما

 

[561]

بذيل أولياء الله، إلى من أعطي القدرة والمكنة ولا يهتدي إلى إبقائها وإخلادها والتمتع بالخالد من نمائها والدائم من أرباحها.

هلموا إلى من لم يأخذه في العلم لومة لائم، هلموا إلى بث فقه الاسلام وحكمه المتعالية، هلموا إلى المسارعة إلى الخيرات، هلموا إلى المسابقة إلى أفضل القربات، هلموا إلى المبادرة إلى غفران الله ورضوانه، هلموا إلى المعاونة على التقوى، هلموا إلى إحياء البينات والزبر، هلموا إلى التحفظ على أسانيد الحقائق قبل انقطاعها، هلموا إل تحقيق السنن والاحكام، هلموا إلى توضيح الصحاح والمسانيد، هلموا إلى إذاعة ما أخفاه المبطلون وإشاعة ما ستره الظالمون، هلموا إلى الجود بما بخل به الباخلون، هلموا إلى إفشاء ما

 

[561]

لم يسمح به الحافظون، هلموا إلى ما اختزنه لكم السابقون، هلموا إلى توجيه العالم إلى السلف الصالح، هلموا إلى تعريف زعماء البشرية، هلموا إلى توصيف سيرة قادة الانسانية، هلموا إلى تشريح مكارم أخلاق سادة الروحانيين، هلموا إلى الاشادة بذكر ودائع النبوة وأعدال القرآن هلموا إلى نشر ذخائركم قبل أن يبيدها الحدثان هلموا قبل ذهاب الفرصة، هلموا قبل نفاد العدة، هلموا قبل تقلب الدهر، قبل أن تروا ثمرات جهودكم بيد غيركم فيكون هناؤها له ووزرها عليكم قبل أن يخلفكم في أموالكم أخلافكم الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، قبل أن يلعب بها المغنون والمغنيات قبل أن يحوز ثروتكم اللادينون واللادينات قبل أن يحول بينكم وبين أملاككم عملاء الغرب وأجراء الملاحدة قبل أن يفرق بينكم وبين ذخائركم فتتمنوا الرجوع وتقولوا: رب ارجعوني لعلي اعمل صالحا فيما تركت.

 

***