[707]

- 371 -

ومن كلام له عليه السلام قاله للأشعث بن قيس لما هدده بالفتك به!!!

قال أبو الفرج: حدثني محمد بن الحسين الأشناني، قال: حدثني إسماعيل بن موسى [ابن بنت السدي] قال: حدنثي رجل عن سفيان ابن عيينة، عن [الإمام] جعفر بن محمد [عليهما السلام] قال: حدثتني امرأة منا قالت: رأيت الأشعث بن قيس دخل على علي - عليه السلام - فأغلظ له علي، فعرض الأشعث بأن يفتك به ! ! فقال علي عليه السلام: أبالموت تهددني ؟ فو الله ما أبالي وقعت ما الموت أو وقع الموت علي (1).

ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب مقاتل الطالبيين، ص 34.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ثم قال أبو الفرج: حدثني أبو عبيد محمد بن أحمد بن المؤمل الصير في بهذين الحديثين [يعني هذا الحديث والمختار المتقدم] عن فضل المصري، عن إسماعيل ابن بنت السدي.

 

[708]

- 372 -

ومن كلام له عليه السلام لما بلغه قدوم عبد الرحمان بن ملجم المرادي لعنه الله

اليعقوبي رحمه الله قال: وقدم عبد الرحمان بن ملجم المرادي الكوفة لعشر بقين من شعبان سنة أربعين فلما بلغ عليا [أمير المؤمنين عليه السلام] قدومه (1) قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقال ابن أبي الدنيا - في مقتل أمير المؤمنين عليه السلام الورق 11 / أ /: أنبأنا المنذر بن عثمان بن حبيب [بن] حسان أبي الأشرس الكاهلي قال: أخبرني ابن أبي الحثحاث العجلي عن أبيه أبي الحثحاث قال: أخبرت عليا بقدوم ابن ملجم فتغير وجهه، ثم أتيته به، فلما رآه قال: أريد حباءه ويريد قتلي عذيرك من خليلك [ظ] من مراد فقال: سبحان الله لم تقول هذا يا أمير المؤمنين ؟ فقال: هو ذاك، ثم قال له علي: إني سائلك عن ثلاث: هل مر بك رجل وأنت تلعب مع الصبيان فقصدك [ظ] ثم قال: يا شقيق عاقر الناقة ! ! ! قال سبحان الله لم تقول هذا يا أمير المؤمنين ؟ ! قال: بقيت خصلتان: هل كنت تدعا - وأنت صغير - ابن راعية الكلاب ؟ قال: سبحان الله ما رابك إلى هذا ؟ ! قال: بقيت خصلة: هل أخبرتك أمك أنها تلقفت بك وهي حائض ؟ ! فغضب فقام فدعا له علي بثوبين وأطاه ثلاثين درهما، فقيل له لو قتلته.

فقال: يا عجبا تأمروني أن أقتل قاتلي؟!

 

[709]

أو قد وافى ؟ أما إنه ما بقي علي غيره [و] هذا أوانه ! ! ! قال: فنزل [ابن ملجم أشقى الأولين والآخرين] على الأشعث بن قيس الكندي فأقام عنده شهرا يستحد سيفه.

آخر ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 202 ط النجف.

 

[710]

- 373 -

ومن كلام له عليه السلام لما دعا الناس إلى بيعته فجاءه أشقى البرية عبد الرحمان بن ملجم ليبايعه فرده عليه السلام

قال ابن سعد: أخبرنا الفضل بن دكين أبو نعيم، أخبرنا فطر بن خليفة، قال: حدثني أبو الطفيل قال: دعا علي الناس إلى البيعة، فجاءه عبد الرحمان بن ملجم المرادي فرده مرتين ثم أتاه فقال: ما يحبس أشقاها لتخضبن - أو لتصبغن - (1) هذه من هذه ؟ ! يعني لحيته من رأسه، ثم تمثل بهذين البيتين: أشدد حيازيمك للموت فإن الموت آتيك ولا تجزع من القتل إذا حل بواديك (2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ورواه أيضا في الحديث: (545) من ترجمة أمير المؤمنين من أنساب الأشراف: ج 1، ص 435، وفي ط 1: ج 2 ص 500 نقلا عن ابن سعد.

(2) والأبيات رواها عنه عليه السلام في أخبار عمرو بن معد يكرب من الأغاني: ج 14، ص 33 ط ساسي بسند بينتهي إلى أبي الطفيل وأصبغ بن =

 

[711]

قال محمد بن سعد: وزادني غير أبي نعيم في هذا الحديث بهذا الإسناد عن علي بن أبي طالب [انه قال]: والله إنه لعهد النبي الأمي - صلى الله عليه وسلم - إلي.

ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من الطبقات الكبرى: ج 3 ص 33 ط بيروت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= نباتة ولكن قال: رحالك شد للموت فإن الموت يأتيك ولا تجزع من... وروى ابن حجر في ترجمة أشقى الأشقياء ابن ملجم من لسان الميزان: ج 3 ص 440 عن أبي سعيد ابن يونس في تاريخ مصر، انه أسند من طريق محمد بن مسروق الكندي عن فطر بن خليفة، عن عامر بن واثلة قال: دعا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - الناس إلى البيعة فجاءه ابن ملجم فرده ثم جاءه فرده ثم جاءه فبايعه ثم قال علي [عليه السلام]: ما يحبس أشقاها ؟ أما والذي نفسي بيده لتخضبن هذه - وأخذ بلحيته - من هذه - وأخذ برأسه - ! ! !

 

[712]

- 374 -

ومن كلام له عليه السلام قاله في بعض خطبه مخبرا عن شهادته بسيف الظلم والعدوان

قال الدولابي: حدثني عمرو بن شبة عن الفضل بن عبد الرحمان ابن الفضل الهاشمي، قال: حدثنا عنبسة القطان، عن أبي حيرة: شيحة [ابن عبد الله] قال: خطبنا علي على منبر الكوفة فقال: ألا أخبركم ؟ لتخضبن هذه من هذه - وأومى إلى لحيته ورأسه - خضاب دم لا عطر ولا عبير ! ! ! كتاب الكنى والأسماء - للدولابي -: ج 1، ص 143، ط الهند، في عنوان: (من كنيته أبو الحباب وغيره).

 

[713]

- 375 -

ومن كلام له عليه السلام في تمنيه الشهادة وتضجره عن أهل الكوفة

قال ابن سعد: أخبرنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا هشام بن حسان، عن محمد عن عبيدة قال: قال علي [عليه السلام]: ما يحبس أشقاكم أن يجئ فيقتلني ؟ أللهم قد سئمتهم وسئموني ! ! ! فأرحهم مني وأرحني منهم (1).

ترجمة أمير المؤمنين من الطبقات الكبرى - لابن سعد -: ج 3 ص 34 ط بيروت.

ورواه أيضا البلاذري في الحديث: (548) من ترجمة أمير المؤمنين من أنساب الأشراف: ج 1، ص 435، وفي ط 1: ج 2 ص 501 قال: حدثنا وهب بن بقية، عن ابن هارون، عن هشام بن حسان، عن محمد بن عبيدة [كذا]...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وفي حديث البلاذري: (اللهم إني قد سئمتهم وسئموني فأرحني منهم وأرحهم مني).

 

[714]

- 376 -

ومن كلام له عليه السلام قاله اشتياقا إلى خضاب شيبته الكريمة بدمه في سبيل الله تعالى

قال ابن أبي الدنيا: أنبأنا خلف بن سالم، أنبأنا أبو نعيم، أنبأنا سليمان ابن القاسم، قال: حدثتني أمي، عن أم جعفر سرية علي قالت: إني [كنت] لأصب على يديه الماء [إذ] أخذ بلحيته فرفعها إلى أنفه وقال: واها لك (1) لتخضبن [يوم الجمعة] بدم (2) ؟ !.

[قالت:] فما مضت الجمعة حتى أصيب، وأصيب يوم الجمعة [ظ].

مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا، ص 8، ورواه أيضا ابن سعد، في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من الطبقات الكبرى: ج 3 ص 35 عن الفضل بن دكين أبي نعيم - إلى آخر ما ذكره ابن أبي الدنيا - وكلمة (يوم الجمعة) غير موجودة في روايته.

ورواه أيضا في الحديث: (545) من ترجمته عليه السلام من كتاب أنساب الأشراف ج 1 ص 435، وفي ط 1: ج 2 ص 501 قال: حدثني أبو بكر الأعين ومحمد بن سعد، قالا حدثنا الفضل بن دكين أبو نعيم... ورواه أيضا بعده بسند آخر قال: حدثنا عباس بن هشام، عن أبيه، عن جده قال: رفع علي لحيته إلى أنفه ثم قال:...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ويحتمل رسم الخط قريبا أن يقرء (واها لها)، وما وضعناه بين المعقوفات زيادة منا.

(2) ما بين المعقوفين كأنه قد ضرب عليه الخط في النسخة، فليتثبت (*)

 

[715]

 

- 377 -

ومن كلام له عليه السلام في أنه لا يبغضه مؤمن ولا يحبه كافر، وأنه رأى في منامه قبل جمعة من شهادته أن شيطانا خضب لحيته من دم رأسه وأنه كان يتمنى الشهادة!!!

قال ابن أبي الدنيا: حدثنا عبد الله، عن هشام بن محمد، أن أبا عبد الله الجعفي حدثهم عن جابر، عن أبي جعفر محمد [بن علي، عن أبيه، عن جده ال‍] حسين (1) قال: لما أراد الله تبارك وتعالى اكرام علي [عليه السلام] بهلاك ابن ملجم، ظل ابن ملجم في مسجد [الجامع نهارا و] إذا جنة الليل صار إلى دار من دور كندة، وقبل ذلك بجمعة ما قام علي على المنبر إلا قال إن الله قضى فيما قضى على لسان النبي الأمي عليه السلام [أنه قال لي: يا علي]: لا يبغضك مؤمن، ولا يحبك كافر.

وقد خاب من حمل إثما وافترى (2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ما بين المعقوفات كلها مما يستدعيه السياق، وقد سقط من النسخة وكانت سقيمة جدا، وبعض المواضع منها كان قد وقع تحت الخياطة.

(2) وفي المختار: (43) من الباب الثالث من نهج البلاغة: لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني ! ! ! وذلك إنه قضى =

 

[716]

أما إني رأيت في ليلتي هذه منامي أن شيطانا ضربني فخضب لحيتي من رأسي بدم عبيطا فما ساءني ذلك ! ! ! ورأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام فشكوت إليه مما نالني من أمته، فقال لي:] واعلمن يا علي أنك مقتول.

(3) فماذا ينتظر أشقاها أن تخضب هذه من هذه ؟ ! ثم أمر [عليه السلام] يده اليمنى على لحيته [ورأسه] ثم نزل عن المنبر.

مقتل أمير المؤمنين عليه السلام، لابن أبي الدنيا، ص 3 من النسخة المنقوص الأول الموجودة في المكتبة الظاهرية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= فانقضى على لسان النبي الأمي صلى الله عليه وآله أنه قال: يا علي لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق).

وتقدم أيضا بسند آخر في المختار: (324) ص 589.

وقريبا منه رواه ابن أبي الحديد، في شرح المختار: (57) من النهج: ج 4 ص 83، وهذا المعنى متواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد رواه ابن عساكر، في الحديث: (674)، وتواليه من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق: ج 2 ص 190، بطرق كثيرة (3) ما بين المعقوفين بحسب المعنى مما لا بد منه، وأما لفظه فليس بقطعي.

 

[717]

 

- 378 -

ومن كلام له عليه السلام في تبرمه عليه السلام عن أهل الكوفة ودعائه عليهم

قال ابن عساكر: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأنا أحمد بن الحسن ابن محمد، أنبأنا الحسن بن أحمد المخلدي، أنبأنا أبو بكر الأسفرايني، أنبأنا موسى بن سعل، أنبأنا الحسين بن أحمد المخلدي، أنبأنا أبو بكر الأسفرايني، أنبأنا موسى بن سهل، أنبأنا نعيم بن حماد، أنبأنا إبراهيم بن سعد (1) عن أبيه، عن عبيد الله بن أبي رافع قال: لقد سمعت عليا وقد وطئ الناس على عقبيه حتى أدموهما وهو يقول: أللهم إني قد مللتهم وملوني فأبدلني بهم خيرا منهم، وأبدلهم بي شرا مني.

قال [عبيد الله بن أبي رافع]: فما كان إلا ذلك اليوم حتى ضرب على رأسه.

الحديث (1340) من ترجمته عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 38 ص 97، وفي المطبوع: ج 3 ص 264 ط 1.

ورواه أيضا أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل المتوفي 287 في كتاب الآحاد والمثاني الورق 14 / أ / قال حدثنا علي بن الحسن أبو الحسن الدرهمي أنبأنا أمية بن خالد، أنبأنا شعبة، أنبأنا الأسود بن قيس، عن جندب، قال: ازدحموا على علي حتى وطئوا على رجله فقال: اللهم اني مللتهم وملوني... (1) كذا في الأصل، ورواه في البحار: ج 8 ص 675 في السطر 4 عكسا، عن كتاب الغارات وقال: وعن سعد بن إبراهيم.

ومثله في الحديث: (521) من ترجمة أمير المؤمنين من كتاب أنساب الأشراف: ج 2 ص 488 ط 1.

 

[718]

 

- 379 -

ومن كلام له عليه السلام

قال ابن سعد: أخبرنا اسماعيل بن إبراهيم بن علية، عن عمارة بن أبي حفصة، عن أبي مجلز، قال: جاء رجل من مراد إلى علي [عليه السلام] وهو يصلي في المسجد فقال (1) فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه، وإن الأجل جنة حصينة.

الطبقات الكبرى: ج 3 ص 34 ط بيروت، ورواه عنه في آخر ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام في الحديث (1389) من تاريخ دمشق: ج 38 ص 102، وفي ط 1: ج 3 ص 292.

ورواه عنه أيضا في الحديث: (544) من ترجمته عليه السلام من أنساب الأشراف: ج 1، ص 435 وفي ط 1: ج 2 ص 500 عن عمرو بن محمد، عن اسماعيل بن ابراهيم، عن عمارة ابن أبي حفصة...

ورواه في البحار بسند آخر، عن كتاب العدد القوية، كما رواه أيضا في الإمامة والسياسة ص 162، ورواه أيضا في المختار (201) من الباب الثالث من نهج البلاغة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ومثله في رواية ابن عساكر.

 

[719]

 

- 380 -

ومن كلام له عليه السلام في المعنى المتقدم

قال ابن عساكر: أخبرنا أبو غالب، أنبأنا محمد بن علي، أنبأنا أحمد بن إسحاق، أنبأنا محمد بن أحمد بن يعقوب (1) قال: أنبأنا أبو داود، أنبأنا محمد بن بشار، أنبأنا عبد الرحمان، أنبأنا زائدة بن قدامة، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري عن يعلى بن مرة قال: كان علي بالليل يخرج إلى المسجد ليصلي تطوعا - وكان الناس يفعلون ذلك حتى كان [أيام شبيب الحروري (2) - فقال بعضنا لبعض: لو جعلنا علينا عقبا يحضر كل ليلة منا عشرة (3) [قال يعلى] فكنت في أول من حضر،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وذكر بعده حديثا تقدم في المختار: (201) ص 175، من هذا الجزء.

(2) هذا هو الصواب، وفي النسخة: حتى كان شبث الحروري).

(3) العقب والعقبة - كضرب وغرفة -: المعاقبة والتناوب في العمل، أي جعلنا حراسته وحفظه نوبة في كل ليلة على عشرة.

وقال البلاذري - في الحديث: (523) من ترجمة علي عليه السلام من أنساب الأشراف: ج 1، ص 431، وفي ط 1: ج 2 ص 489 -: وحدثني عباس بن هشام الكلبي، عن أبيه، عن عوانة قال: قال الشعبي: لم يزل الناس خائفين لهذه الخوارج على علي مذ حكم الحكمين وقتل أهل النهروان، حتى قتله ابن ملجم لعنه الله.

 

[720]

[فجاء أمير المؤمنين عليه السلام ليلة] فألقى درته ثم قام يصلي، فلما فرغ أتانا فقال: ما يجلسكم ؟ قلنا: بحرسك.

فقال: [أ] من أهل السماء ؟ فإنه لا يكون في الأرض شئ حتى يقضى في السماء [ثم قال:] وإن علي من الله جنة حصينة، فإذا جاء أجلي كشف عني ! ! ! وإنه لا يجد عبد طعم الايمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه (4).

قال: وقال قتادة: إن آخر ليلة أتت على علي جعل لا يستقر، فارتاب به أهله فجعل يدس (5) بعضهم الى بعض حتى اجتمعوا فناشدوه (6) فقال: إنه ليس من عبد إلا ومعه ملكان يدفعان عنه ما لم يقدر - أو قال: ما لم يأت القدر - فإذا أتى القدر خليا بينه وبين القدر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(4) وقال المبرد في الكامل: ج 2 ص 121: روي عن علي صلوات الله عليه أنه خرج في غداة يوقظ الناس للصلاة في المسجد فمر بجماعة تتحدث فسلم [عليهم] وسلموا عليه، فقال: - وقبض على لحيته -: ظننت أن فيكم أشقاها الذي يخضب هذه من هذه ! ! ! هكذا رواه عنه في إحقاق الحق: ج 8 ص 120.

(5) أي يدخل بعضهم على بعض بخفية.

أو يرسل بعضهم إلى بعض ؟ (6) أي سألوه وطلبوا منه أن لا يخرج إلى الصلاة.

 

[721]

الحديث (1384) وتواليه من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 38 ص 102، وفي ط 1: ج 3 ص 290، وبمعنى ما تقدم في صدر هذا الحديث ذكر حديثين آخرين سند أحدهما، ينتهي إلى عطاء بن السائب، عن يعلى بن مرة وليعلم أنا هذ - بنا العبارة بعض التهذيب، وكل ما وضعناه بين المعقوفات فهو زيادة منا.

وقريبا من المتن المذكور، رواه الكليني رفع الله مقامه في الحديث العاشر، من باب فضل اليقين من أصول الكافي: ج 2 ص 59.

(نهج السعادة ج 2) (م 46)

 

[722]

- 381 -

ومن كلام له عليه السلام قاله لابنه الإمام الحسن قبل أن يخرج إلى المسجد في الليلة التي ضرب في صبيحتها

قال ابن سعد (1) قال الحسن بن علي [عليهما السلام]: أتيت أبي سحيرا (2) فجلست إليه فقال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وذكر قبله أسانيد كثيرة، ثم قال: قالوا.

ثم ذكر القصة مطولة إلى أن قال: قال الحسن بن علي: وأتيته سحرا...

وإنما أتينا باسم الظاهر مكان الضمير للتبيين.

وقريبا منه رواه مطهر بن طاهر المقدسي في البدء التاريخ: ج 5 ص 232 قال: وروي عن الحسن بن علي عليهما السلام أنه قال: لما أصبح اليوم الذي ضربه الرجل فيه فقال: لقد سنح لي الليلة النبي فقلت: يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك ؟ قال: ادع الله أن يريحك منهم.

قالوا: ودخل علي المسجد ونبه النيام فركل ابن ملجم برجله وهو ملتف بعباءه وقال له: قم فما أراك إلا الذي أظنه ! ! ! [فتركه] وافتتح ركعتي الفجر فأتاه ابن ملجم فضربه على صلعته حيث وضع النبي يده وقال: أشقى الناس أحمير ثمود والذي يخضب هذه من هذه.

هكذا رواه عنه في إحقاق الحق: ج 8 ص 29.

(2) كذا في الحديث (1400) من ترجمته عليه السلام من تاريخ دمشق ج 38 ص 104، نقلا عن ابن سعد، ومثله نقلا عن ابن سعد أيضا في ترجمته عليه السلام من أسد الغابة: ج 4 ص 37 وكأنه بمعنى السحرة - كزهرة -: السحر الأعلى، ولكن في نسخة الطبقات ط بيروت ذكره مكبرا.

 

[723]

إني بت الليلة أوقظ أهلي: فملكتني عيناي وأنا جالس، فسنح لي رسول الله (2) فقلت يا رسول الله ما [ذا] لقيت من أمتك من الأود واللدد ؟ ! (4) فقال لي: أدع الله عليهم.

فقلت: اللهم أبدلني بهم خيرا لي منهم وأبدلهم شرا لهم مني.

ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من الطبقات الكبرى: ج 3 ص 36 ط بيروت، ورواه عنه في الحديث (1400) من ترجمة علي عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 38 ص 104، وكذلك في ترجمته عليه السلام من أسد الغابة: ج 4 ص 37 وللحديث مصادر وأسانيد، ورواه بالمعنى المبرد في كتاب الكامل: ج 3 ص 243.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(3) أي ظهر لي رسول الله مارا من يمينى يقال: سنح الطير أو الضبي - من باب منع -: جرى على يمينك إلى يسارك.

والعرب تتيمن بذلك كذا ذكره في المصباح.

(4) قال السيد الرضي - رحمه الله - في ذيل المختار (68) من النهج: الأود: الاعوجاج.

واللدد: الخصام.

وقريبا منه فسره أبو الفرج في مقاتل الطالبيين ص 40، وابن الأثير في الكامل: ج 3 ص 195، والزبيدي في مادة (لد) من تاج العروس: ج 2 ص 493.

وظن بعض القاصرين أن تفسير (الأود) بالعوج.

و (اللدد) بالخصومات - أو ما يقاربهما - من أمير المؤمنين عليه السلام.

وليس كما ظن.

وقريبا منه رواه في كتاب الإرشاد عن أبي صالح الحنفي وانه سمع من علي عليه السلام، ورواه أيضا في مجمع الزوائد: ج 9 ص 138، عن أبي يعلى وقال: ورجاله ثقاة، ثم فسر ذيله بما يقضى منه العجب.

 

[724]

 

- 382 -

ومن كلام له عليه السلام في المعنى السالف قاله في سحير اليوم الذي ضرب فيه

قال أبو الفرج: حدثني أحمد بن محمد بن دلان [كذا] وأحمد بن الجعد، ومحمد بن جرير الطبري (1) قالوا: حدثنا أبو هشام الرفاعي قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثني أبو جناب، قال: حدثني أبو عون الثقفي: عن أبى عبد الرحمان السلمي، عن [الإمام] الحسن بن علي قال: خرجت أنا وأبي يصلي في هذا المسجد (2) فقال لي: يا بني إني بت الليلة أوقظ أهلي (3) لأنها ليلة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قال في هامش النسخة المطبوعة بمصر: (وفي [النسخة] الخطية: أحمد بن الجعد، وأحمد بن سويد قالوا).

(2) كذا في ط ايران أي خرجت أنا من أهلي وأتيت أبي وهو يصلي في هذا المسجد فجلست إليه فقال لي... وفي ط مصر، بتحقيق أحمد صقر: (خرجت أنا وأبي نصلي في هذا المسجد *.

أقول: والمراد بالمسجد - هنا - هو الغرفة التي كان عليه السلام هيئها في بيته لأداء النوافل فيها، وهو - أي اتخاذ غرفة خاصة من البيت لإتيان النوافل فيها - من المستحبات في الشريعة.

(3) ورواه أيضا في الإمامة والسياسة ص 160، قال: (روي عن الحسن أنه قال: أتيت أبي فقال لي أرقت الليلة: ثم ملكتني عيني فسنح لي رسول الله...).

=

 

[725]

الجمعة صبيحة يوم قدر، لتسع عشرة ليلة (4) خلت من شهر رمضان، فملكتني عيناي (5) فسنح لي رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت: يا رسول الله ماذا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= ورواه أيضا في أنساب الأشراف: ج 1، ص 433، وفي ط 1: ج 2 ص 495، قال: وروي عن الحسن بن علي قال: أتيت أبي سحيرا [ظ] فقال: إني بت الليلة أرقا، ثم مكلتني عيني وأنا جالس...).

(4) هذا هو الصواب الموافق لما نقله في هامش مقاتل الطالبيين ط مصر، عن نسخة (ط) و (به).

وهو الموافق لاخبار أهل البيت عليهم السلام المتسالم عليه عند شيعتهم، وفي متن مقاتل الطالبيين ط مصر: (صبيحة يوم بدر لسبع عشرة ليلة...).

ولو قيل بتعارض النسختين فالنتيجة سقوط هذه الجملة، ويعضده عدم وجودها في سائر الطرق على كثرتها، نعم هي مذكورة في رواية الاستيعاب - الآتية - ولكن لم يعلم أنه من كلام الإمام الحسن عليه السلام بل الظاهر انه من كلام أبي عبد الرحمن، ولو قيل: بظهور الرواية في كونها من كلام الإمام الحسن.

فنقول ان الراوي والحاكي أن الحسن عليه السلام قال هكذا هو أبو عبد الرحمان السلمي وروايته غير مقبولة ما لم تؤيد بشاهد سدق، لأنه من المنحرفين عن أمير المؤمنين عليه السلام كما ذكر ذلك ابن أبي الحديد في شرح المختار (57) من نهج البلاغة: ج 4 ص 100، ط مصر.

(5) أي غليني.

والكلام كناية عن استيلاء النوم عليه.

 

[726]

لقيت من أمتك من الأود واللدد ؟ (6) فقال لي: أدع عليهم.

فقلت: أللهم أبدلني بهم من هو خير لي منهم، وأبدلهم بي من هو شهر لهم مني (7).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(6) قال في مادة: (إدد) من النهاية: [و] في حديث علي قال: (رأيت النبي عليه السلام في المنام فقلت: ما لقيت بعدك من الإدد والأود) الإدد - بكسر الهمزة -: الدواهي العظام، واحدتها إدة - بالكسر والتشديد - والأود [كفرس]: العوج، وقال في مادة اللدد منه: (من الأود واللدد): ومثله في كتاب الفائق وقال: [هذا] على معنى التعجب أي أي شئ لقيت ؟ ! ! كقوله: (يا جارتا ما أنت جارة).

(7) وقال في ترجمته عليه السلام من كتاب الاستيعاب بهامش الإصابة: ج 3 ص 61: قال أبو عبد الرحمان السلمي: أتيت الحسن بن علي في قصر أبيه - وكان يقرأ علي - وذلك في اليوم الذي قتل فيه علي، فقال لي: إنه سمع أباه في ذلك السحر يقول له: (يا بني رأيت رسول الله صلى الله علية وسلم في هذه الليلة في نومة نمتها، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد ؟ فقال: ادع عليهم.

ققلت: اللهم ابدلني بهم خيرا منهم، وأبدلهم بي من هو شر مني.

ثم انتبه وجاء مؤذنه يؤذنه بالصلاة، فخرج فاعتوره الرجلان فأما أحدهما فوقعت ضربته في الطاق، وأما الآخر فضربه في رأسه، وذلك في صبيحة يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان صبيحة بدر.

 

[727]

[قال:] وجاء ابن النباح فآذنه بالصلاة، فخرج وخرجت خلفه، فاعتوره الرجلان فأما أحدهما فوقعت ضربته في الطاق وأما الآخر فأثبتها في رأسه.

ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من مقاتل الطالبيين ص 40.

ورواه أيضا ابن عساكر - في الحديث (1396) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام، من تاريخ دمشق: ج 38 ص 103، عن أبي غالب ابن البناء، عن أبي الحسين ابن الابنوسي، عن أحمد بن عبد الرحمان بن جعفر بن خشنام، عن محمد بن عبد الله بن غيلان، عن أبي هشام، عن أبي أسامة عن أبي جناب عن أبي عون الثقفي عن أبى عبد الرحمان السلمي.

ورواه قبله في الحديث (1395) باختصار، وسند ينتقهي إلى أبي جناب، عن أبي عون، عن أبي عبد الرحمان، عن الإمام الحسن.

 

[728]

- 383 -

ومن كلام له عليه السلام أوصى ووعظ به الناس لما ضربه اللعين ابن ملجم، وحمل إلى منزله فحف به العواد

قال ابن أبي الدنيا: حدثني أبو علي أحمد بن الحسن الضرير (1) أنبأنا الحسن بن هارون، عن ابن زبار الكلبي (2) عن حكيم بن [نافع] (3) عن العلاء بن عبد الرحمان قال: لما ضرب عبد الرحمان بن ملجم عليا - رحمه الله - وحمل إلى منزله أتاه العواد، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه، ثم قال: كل امرئ ملاق ما يفر منه، والأجل مساق النفس والهرب موافاته (4).

كم أطردت الأيام أبحثها، هيهات علم مخزون (5)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رسم الخط في لفظة: (الضرير) غير واضح.

(2) ويساعد رسم الخط على أن يقرء: (عن ابن زياد الكلبي).

(3) ما بين المعقوفين غير مقروء من النسخة بنحو القطع، وإنما ذكرناه على سبيل الظن.

(4) هذا هو الظاهر، وعلى بعد يساعد رسم الخط على أن يقرأ: (والهرب من آفاته).

(5) كذا في النسخة.

وفي النهج: (كم اطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى الله إلا إخفاءه هيهات علم...).

 

[729]

أما وصيتي إياكم [فا] لله لا تشركوا به شيئا، ومحمدا فلا تضيعوا سنته، أقيموا هذين العمودين وخلاكم ذم ما لم تشردوا (6).

حمل كل امرئ مجهوده وعفا عن الجهلة رب رحيم ودين قويم (7).

كنا في فئ رياح وعلى ذرى أغصان (8) وتحت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(6) وفي المختار: (147) من نهج البلاغة: (أقيموا هذين العمودين، وأوقدوا هذين المصباحين، وخلاكم ذم ما لم تشردوا).

وقال في مادة: (خلا) من النهاية: وفي حديث علي: (وخلاكم ذم ما لم تشردوا).

يقال: افعل ذلك وخلاك ذم.

أي أعذرت وسقط عنك الذم.

أقول: ومعنى قوله عليه السلام: (ما لم تشردوا): ما لم تنفرو أي ما لم تميلوا عنهما وما دام لم تخرجوا منهما.

والفعل من باب نصر.

(7) وفي النهج: (حمل كل امرئ منكم مجهوده وخفف عن الجهلة، رب رحيم ودين قويم وإمام عليم).

وفي المعجم الكبير: (برب رحيم ودين قويم وإمام عليم).

(8) هذا ظاهر رسم الخط، وليس بجلي كما هو حقه.

وفي النهج: (أنا بالأمس صاحبكم وأنا اليوم عبرة لكم وغدا مفارقكم غفر الله لي ولكم، إن تثبت الوطأة في هذه المزلة فذاك، وإن تدحض القدم فإنما كنا في أفياء أغصان ومهب رياح وتحت ظل غمام اضمحل في الجو متلفقها وعفا في الأرض مخطها).

 

[730]

ظل غمامة اظمحل مركدها فمخطها من الأرض عاف (9).

جاورتكم أياما تباعا وليالي دراكا (10) [و] ستعقبون من بعدي جثة حوا [ء] ساكنة بعد حركة، كاظمة بعد نطوق ! ! ! (11).

لتعظكم هدأتي وخفوت أطرافي (12) [ف‍] إنه أوعظ للمعتبرين من نطق البليغ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(9) كذا في النسخة، وفي المعجم الكبير، وتاريخ دمشق فمحطها) بالحاء المهملة.

(10) أي أياما متوالى وليالي متتالية. وهنا بعد قوله: (دراكا) في الأصل كلمتان غير مقروءتان. وفي المعجم الكبير: (جاوركم بدني أياما تباعا ثم هوى فستعقبون من بعده...). وفي النهج (وإنما كنت جارا جاوركم بدني أياما، وستعقبون مني جثة خلاءا، ساكنة بعد حراك وصامتة بعد نطق).

(11) ومثله في المعجم الكبير، ولا يأبى لفظ المقتل أن يقرء: (كاظمة بعد نطق، وليعظكم...).

(12) هذا هو الظاهر، والهدأة والخفوت: السكون أي فالتعظكم سكون ثوراني وأنا أسد ميدان الجد والجلادة، واسترخاء، واسترخاء أعضائي وأنا غضنفر ساحة المقاتلة والمصاولة. وفي النسخة: اطقاقي) ولا ريب انه مصحف. وفي الكافي: (ليعظكم هدوئي، وخفوت إطراقي، وسكون أطرافي فإنه أوعظ...). وفي النهج: (ليعظكم هدوي وخفوت أطرافي وسكون أطرافي فإنه أوعظ للمعتبرين من المنطق البليغ والقول المسموع).

 

[731]

وداعيكم وداع [امرئ] مرصد للتلاقي (13) غدا ترون أيامي ويكشف [لكم] عن سرائري لن يحايي الله (14) إلا أن أتزلفه بتقوى فيعفو عن فرط موعود.

عليكم السلام إلى اليوم اللزام (15) إن أبق فأنا ولي دمي، وإن أفن فالفناء ميعادي، العفو لي قربة ولكم حسنة، فأعفوا عفا الله عنكم ! ! ! ألا تحبون أن يغفر الله لكم ؟ ! ! الحديث (37) من النسخة المنقوص الأول من مقتل أمير المؤمنين - عليه السلام - لابن أبي الدنيا، ص 8.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(13) ويحتمل رسم الخط ضعيفا أن يقرء: (مرصد للتلاق). وما بين المعقوفين فيه وما بعده مأخوذ من نهج البلاغة.

(14) كذا في النسخة وفي النهج: (ويكشف لكم عن سرائري وتعرفونني بعد خلو مكاني وقيام غيري مقامي). وفي المعجم الكبير: (لن يحابيني الله عز وجل إلا أن أتزلفه بتقوى فيغفر عن فرط موعود). ومثله في تاريخ دمشق نقلا عنه، غير أن فيه: (لن يحاشي الله).

(15) وفي المعجم الكبير: (عليكم السلام إلى يوم اللزام).

 

[732]

ورواه بسند آخر، في الباب (143) من تيسير المطالب في ترتيب أمالى السيد أبي طالب ص 188، ط 1، ومثله سندا رواه المسعودي، في آخر ترجتمة أمير المؤمنين من كتاب مروج الذهب.

وقريبا منه جدا رواه الطبراني في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من المعجم الكبير: القسم الأول من ج 1، ص 9 قال: حدثنا القاسم بن عباد الخطابي البصري، حدثنا سعيد بن صبيح، قال: قال هشام بن الكلبي، عن عوانة بن الحكم: لما ضرب عبد الرحمان بن ملجم علي رضي الله عنه وحمل إلى منزله... ورواه عنه في الحديث: (1405) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 38 ص 105، وفي ط 1: ج 3 ص 305، وكذلك رواه عنه في كتاب مجمع الزوائد: ج 9 ص 139، وللكلام أسانيد ومصادر أخر.

 

[733]

- 384 -

ومن كلام له عليه السلام أوصى به سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين عليهما السلام، وذيله بالإيصاء إلى محمد بن الحنفية رضوان الله عليه

قال ابن أبي الدنيا: حدثني أبي، هشام بن محمد، عن شيخ من الأزد حدثهم عن عبد الرحمان بن جندب عن أبيه، قال: دخلت على علي اسل به (1) فقمت قائما لمكان ابنته أم كلثوم كانت مستترة فقلت: يا أمير المؤمنين ان فقدناك - ولا نفقدك - نبايع الحسن ؟ فقال علي: ما آمركم ولا أنهاكم (2).

فعدت فقلت مثلها فرد علي مثها، ثم دعا ابنيه الحسن والحسين فقال لهما: أوصيكما بتقوى الله، و [أن] لا تبغيا الدنيا وإن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كذا في النسخة، وكأنها من السلوان أو التسلية أي أزيل همي به وأكشف كربي برؤيته ومنطقه.

وقال الخوارزمي في الفصل: (10) من مناقبه ص 278: وذكروا أن جندب بن عبد الله دخل على علي يسليه...

(2) وهذا مثل قوله عليه السلام: اصنعوا ما شئتم. - لما تقاعدوا عنه في يوم صفين وقالوا: لا نرضى إلا بتحكيم أبي موسى - يدل على غاية تبرمه منهم ويأسه عن وفائهم وعدم اعتماده على قولهم. فلا تنافي بينه وبين وصيته إلى الإمام الحسن وجعله قائما مقامه وإماما بعده، والإمامة - كالنبوة - منصب إلهي غير منوطة ببيعة الناس.

 

[734]

بغتكما، ولا تبكيا على شئ منها زوي عنكما، قولا الحق، وارحما اليتيم، وأعينا الضائع، واصنعا للآخرة (3) وكونا للظالم خصما وللمظلوم عونا، واعملا بما في كتاب الله، ولا تأخذكما في الله لومة لائم.

ثم نظر إلى ابنه محمد بن الحنفية، فقال: يا بني أفهمت ما أوصيت به أخويك ؟ قال: نعم يا أبة.

قال: يا بني أوصيك بمثله، وأوصيك بتوقير أخويك وتعظيم حقهما: [وتزيين] أمرهما (4) ولا تقطع أمرا دونهما.

ثم قال للحسن والحسين: وأوصيكما به فإنه شقيقكما وابن أبيكما، وقد علمتما أن أباكما كان يحبه، فأحباه.

الحديث (32) من النسخة المنقوص الأول من مقتل أمير المؤمنين - لابن أبي الدنيا - وللكلام مصادر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(3) كلمة (للاخرة) رسم خطها لم يكن جليا.

(4) ما بين المعقوفين مأخوذ من ترجمة أمير المؤمنين من المعجم الكبير - للطبراني -: ج 1 / الورق 10، وكانت في الأصل كلمة غير مقروءة. وفي تاريخ الطبري: (فاتبع أمرهما).

 

[735]

- 385 -

ومن كلام له عليه السلام قاله للسبط الأكبر الإمام الحسن عليه السلام على سبيل الوصية

قال ابن أبي الدنيا: - حدثني أبي رحمه الله، عن هشام بن محمد، عن أبي جناب الكلبي عن أبي عون الثقفي، عن ابي عبد الرحمان السلمي قال: أوصى علي بن أبي طالب ابنه الحسن بن علي حين حضره الموت [و] قال: يا بني أوصيك بتقوى الله وإقام الصلاة [لوقتها] (1) وإيتاء الزكاة عند محلها، وحسن الوضوء والصبر عليه، فإنه لا صلاة إلا بطهور، ولا تقبل الصلاة ممن يمنع الزكاة.

وأوصيك بمغفرة الذنب (2) وكظم الغيظ، وصلة الرحم، والحلم عند الجهل (3) والتفقه في الدين،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ما بين المعقوفين مأخوذ من المعجم الكبير، وتحف العقول، ص 155. وتاريخ الطبري ص 147.

(2) ومثله في كتاب تحف العقول، وفي المعجم الكبير، وتاريخ الطبري: (وأوصيك بغفر الذنب).

(3) ومثله في تاريخ الطبري، وفي المعجم الكبير: (والحلم عن الجهل). وفي تحف العقول: (والحلم عند الجاهل). وفي تاريخ الكامل - لابن الأثير - ومجمع الزوائد: (والحلم عن الجاهل). وهو أظهر.

 

[736]

والتثبت في الأمر، والتعاهد للقرآن وحسن الجوار، والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، واجتناب الفواحش كلها في كل ما عصي الله فيه.

الحديث (21) من النسخة المنقوص الأول من مقتل أمير المؤمنين - لابن أبي الدنيا -: ورواه أيضا الطبراني مع ذيل الرواية المتقدمة بسند آخر في ترجمة أمير المؤمنين من المعجم الكبير: ج 1 / الورق 10 /.

ورواه عنه في مجمع الزوائد: ج 9 ص 142.

ورواه أيضا الطبري مع الكلام السالف في تاريخه: ج 5 ص 147، ورواه أيضا في تحف العقول ص 155.

 

[737]

- 386 -

ومن كلام له عليه السلام لما احتضر فجمع عليه السلام بنيه وأوصاهم به

قال ابن أبي الدنيا: حدثني محمد بن عباد بن موسى أنبأنا يزيد بن هارون [ظ] عن محمد بن عبيد الله، عن أبي جعفر [الأمام الباقر محمد بن علي عليهما السلام] أن عليا [أمير المؤمنين عليه السلام] لما احتضر جمع بنيه فقال: يا بني يرأف بعضكم بعضا (1) يرأف كبيركم صغيركم ولا تكونوا كبيض وضاح في داوية (2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ويحتمل رسم الخط احتمالا بعيدا أن يقرء: (يا بني يؤلف بعضكم بعضا، يرأف كبيركم صغيركم) الخ.

ويرأف، من باب ضرب ونصر، ومنع.

وفي المختار (164) من نهج البلاغة: (ليتأس صغيركم بكبيركم، وليرأف كبيركم بصغيركم، ولا تكونوا كجفاة الجاهلية لا في الدين يتفقهون، ولا عن الله يعقلون، كقيض بيض في أداح يكون كسرها وزرا ويخرج حضانها شرا).

(2) ولعل المراد من وضاح - كشداد - هاهنا: الأبيض اللون الحسن الظاهر.

وقال في مادة: (دوا) من النهاية: الدو [كحد]: الصحراء التي لا نبات بها، والدوية منسوبة إليها، وقد تبدل من إحدى الواوين ألف فيقال: داوية على غير قياس، نحو طائي في النسب إلى الطي.

(نهج السعادة ج 2) (م 47)

 

[738]

ويح الفراخ فراخ آل محمد من عتريف مترف يقتل خلفي وخلف الخلف (3).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(3) العتريف - كالعفروت - الخبيث الفاجر والجمع عتاريف.

وقال في مادة: (أوه) من النهاية: ومنه الحديث: (أوه لفراخ محمد من خليفة يستخلف).

وقد تكرر ذكره في الحديث.

وقال في مادة: (ترف) وفيه: (أوه لفراخ محمد، من خليفة يستخلف عتريف مترف).

المترف: المتنعم المتوسع في ملاذ الدنيا وشهواتها.

وقال في بشارة المصطفى ص 249: عن أبي جعفر محمد بن منصور، قال: حدثني أبو طاهر، قال: حدثنا أبي عن أبيه أن عليا جمع أهل بيته - وهم أحد عشر [ذكورا] الحسن بن علي والحسين بن علي ومحمد ابن علي الأكبر، وعمر بن علي ومحمد بن علي الأصغر، والعباس بن علي وعبد الله بن علي وجعفر بن علي وعثمان بن علي وعبد الله بن علي وأبو بكر بن علي - فلما اجتمعوا قال: يا بني كبارا و] صغارا لا تكونوا كأشباه الغواة والجفاة [ظ] الذين لم يتفقهوا في الدين، ولم يعطوا من الله اليقين كبيض بيض في أدحي [كذا].

ويح الفراخ [فراخ] آل محمد من خليفة مستخلف عفريت مترف يقتل خلفي وخلف الخلف.

ثم قال: [أما] والله لقد علمت تبليغ الرسالات وتمام كلمات وتصديق العداة، وليتمن [الله] عليكم نعمته أهل البيت.

وقريب مما في وسط هذا الكلام ورد عن رسول الله كما في الحديث: (95) من ترجمة الإمام الحسين من المعجم الكبير: ج 1 / الورق 139 / أ.

ورواه عنه في باب مناقب الحسين عليه السلام من مجمع الزوائد: ج 9 =

 

[739]

أما والله لقد شعدت الدعوات، وسمعت الرسالات ويتم [ظ] الله نعمته عليكم أهل البيت (4) [قال ابن أبي الدنيا:] قال ابن عباد: قوله: (ولا تكونوا كبيض وضاح في داوية) إن النعامة تبيض في الدوية فتحضنه حتى إذا فرخ البيض تفرقت دبالها يعني فراخها (5) يقول [لهم أمير المؤمنين عليه السلام]: لا تتفرقوا بعد موتي.

الحديث: (33) من النسخة المنقوص الأول من مقتل أمير المؤمنين - لابن أبي الدنيا -.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ص 190.

والعفريت: الخبيث المنكر.

النافذ في الأمر مع دهاء، والجمع: عفاريت.

وقال في مادة: (دحا) من النهاية: ومنه حديثه - [أي حديث علي] - الآخر: (لا تكونوا كقيض بيض في أداحي: جمع الأدحي وهو الموضع الذي تبيض فيه النعامة وتفرح، وهو أفعول من (دحوت) لأنها تدحوه برجلها أي تبسطه ثم تبيض فيه.

أقول: وذكره بمثل ما في النهج في مادة: (قيض) وقال: القيض: قشر البيض.

(4) وقريب منه جدا في المختار (118) من خطب نهج البلاغة، وكتاب سليم بن قيس ص 138، والبحار: ج 8 ص 723.

(5) هذا السطر كله كان غير واضح بحسب رسم الخط من الأصل المنقول منه.

 

[740]

- 387 -

ومن كلام له عليه السلام أوصى به السيدين الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام

قال الأصبغ بن نباته رحمه الله: دعا أمير المؤمنين عليه السلام الحسن والحسين - عليهما السلام - لما ضربه ابن ملجم لعنه الله (1) فقال: إني مقبوض في ليلتي هذه ولاحق برسول الله صلى الله عليه وآله، فاسمعا قولي وعياه، أنت يا حسن وصيي والقائم بالأمر بعدي وأنت يا حسين شريكه في الوصية، فانصت ما نطق، وكن لأمره تابعا ما بقي، فإذا خرج من الدنيا فأنت الناطق بعده والقائم بالأمر.

وعليكما بتقوى الله الذي لا ينجو إلا من أطاعه ولا يهلك إلا من عصاه، واعتصما بحبله وهو الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أي بعد ما ضربه ابن ملجم ومضى عليه يومان.

والكلام صدر لبيان ما أوصى به أمير المؤمنين عليه السلام لا لبيان زمان وصيته واتصالها بزمان الضرب أو انتصالها عنه.

 

[741]

ثم قال للحسن عليه السلام: إنك ولي الأمر بعدي فإن عفوت عن قاتلي فذاك، وإن قتلت فضربة مكان ضربة، وإياك والمثلة فإن رسل الله صلى الله عليه وآله نهى عنها ولو بكلب عقور.

واعلم أن الحسين ولي الدم معك يجري فيه مجراك، وقد جعل الله تبارك وتعالى له على قاتلي سلطانا، كما جعل لك، وإن ابن ملجم ضربني ضربة فلم تعمل فثناها فعملت، فإن عملت فيه ضربتك فذاك، وإلأفمر أخاك الحسين وليضربه أخرى بحق ولايته فإنها ستعمل فيه (2) فإن الإمامة له بعدك وجارية في ولده إلى يوم القيامة.

وإياك أن تقتل بي غير قاتلي فإن الله عز وجل يقول: (ولا تزر وازرة وزر أخرى [15 - الأسراء].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(2) من قوله: (وإن ابن ملجم ضربني - إلى قوله: - فإنها ستعمل فيه) من متفردات هذه الرواية، ما وجدت له شاهدا ولا مصدرا غير كتاب الدر النظيم.

 

[742]

واعلم أن معاوية سيخالفك كما خالفني، فإن وادعته وصالحته كنت مقتديا بجدك صلى الله عليه وآله في موادعته بني ضمرة وبني أشجع، وفي مصالحة أهل مكة يوم الحدييبية، وكانت لك في أسوة في الصبر خمس وعشرين سنة، فإن أردت مجاهدة عدوك، فلن يصلح لك من شيعتك من لم يصلح لأبيك ! ! ! فإنهم قوم لا وفاء لهم، يوردونك ثم لا يصدرونك، ويخذلونك [كذا] ثم لا ينصرونك، ويعاهدونك ثم لا يفون لك ! ! ! وسيقتلك معاوية بالسم ظلما وعدوانا ! ! ! وذلك سابق في علم ربك تقدس ذكره، فاحقن دماء شيعتك بموادعته وابتغ لهم السلامة بمصالحته.

ثم قال للحسين عليه السلام: وأنت يا حسين ستخرج لمجاهدة ابنه يزيد، فيقتلك من قومه أبرص ملعون لا يراقب فيك إلا ولا ذمة.

وسيقتل معك سبعة عشرين من أهل بيتك تحت أديم

 

[743]

السماء ما لهم شبيهون ؟ ! (3).

وكأني بك تستسقي الماء فلا تسقى، وتنادي فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث.

وكأني بأهل بيتك قد سبوا، وبثقلك قد نهب ! ! ! وكأني بالسماء قد أمطرت لقتلك دما ورمادا ! ! ! وكأني بالجني قد ناحة عليك (4).

وكأني بموضع تربتك قد صار مختلف زوارك من الملائكة والمؤمنين ! ! ! [قال الأصبغ]: ثم قطع [عليه السلام] كلامه.

كتاب الدر النظيم الورق 127.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(3) وروى الطبراني عن منذر الثوري قال: كنا إذا ذكرنا حسينا ومن قتل معه قال محمد بن الحنفية.

قتل معه سبعة عشر كلهم ارتكض في رحم فاطمة.

وعن الحسن البصري قال: قتل مع الحسين بن علي ستة عشر رجلا من أهل بيته والله ما على ظهر الأرض يومئذ أهل بيت يشبهونهم ! ! ! قال سفيان: ومن يشك في هذا ؟ ! ! ! ورواه عنه في باب مناقب الحسين من مجمع الزوائد: ج 9 ص 198، وقال في الأول: رواه الطبراني بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح.

(4) وورد في ذلك أخبار كثيرة ذكر بعضها الطبراني في المعجم الكبير، ورواه عنه في باب مناقب الحسين عليه السلام من مجمع الزوائد ج 9 ص 196، و 199.

 

[744]

- 388 -

ومن كلام له عليه السلام قاله على سبيل الوصية لما حضرته الوفاة (1)

قال عبد الله ابن أبي الدنيا: حدثني عبد الله بن يونس بن بكير، قال: حدثني أبي، عن أبي عبد الله الجعفي عن جابر بن يزيد عن [الإمام] محمد ابن علي [عليه السلام] قال: أوصى أمير المؤمنين [صلوات الله عليه] إلى [ابنه] الحسن [عليه السلام وقال]:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قال ابن أبي الدنيا - في الحديث: (26) من النسخة المنقوص الأول من مقتل أمير المؤمنين عليه السلام: ص 5 -: حدثني أبي رحمه الله عن هشام بن محمد، عن أبيه قال: لما ضرب ابن ملجم عليا [عليه السلام] دعي له ابن أثير الكندي وكان طبيبا، فأخذ عرقة فأدخلها في رأسه فإذا دماغه قد خرج فيها، فقال: يا أمير المؤمنين اعهد عهدك وأمر أمرك فإنك ميت ! ! ! وقال أيضا: أنبأنا سعيد بن يحي القرشي، أنبأنا عبد الله بن سعيد، عن زياد بن عبد الله، قال: قال مجالد: دعي لعلي [عليه السلام ابن أثير] الكندي وكان طبيبا فدعا برئة فأخذ منها قديدة لطيفة فيها عرقها، ثم نفخها ودسها في جرحه، ثم أخرجها فإذا عليها من دماغه، فقال: يا أمير المؤمنين اعهد [عهدك فإن هذا الجرح] لا يعالج منك.

فقال علي [عليه السلام] عند ذلك: إذا مت فاقتلوه، فإنما النفس بالنفس، وإن عشت أرى فيه رإيي.

 

[745]

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به علي ابن أبي طالب: أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون، صلى الله عليه.

ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، بذلك أمرت وأنا من المسلمين.

ثم [إني] أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي أن تتقوا الله (2) ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصيام والصلاة (3) وإن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(2) ويحتمل رسم الخط أيضا أن يقرأ: (بتقوى الله...).

(3) المراد منها الصيام والصلوات المستحبة كما رواه هو عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ما في الحديث: (57) من الجزء (18) من أمالي الشيخ الطوسي.

 

[746]

حالقة الدين فساد ذات البين (4) ولا قوة إلا بالله.

أنظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون [الله] عليكم الحساب.

(4) أي إن الري يحلق الدين ويستأصله من أصله - كما يحلق الموسى الشعر من أصله - هو فساد ذات البيت.

وهذا رواه أيضا ابن عساكر في ترجمة الحسن بن محمد الاستواني من تاريخ دمشق: ج 12 ص 104، قال: أنبأنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح، أنبأنا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن أحمد بن أيوب بن ازداد بن شاهين، أنبأنا عبد الله البغوي أنبأنا عبد الله بن عمر بن أبان.

وأنبأنا عمر بن شاهين، أنبأنا عبد الله بن سليمان، أنبأنا أحمد بن سنان قالا: أنبأنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو، عن سالم، عن أم الدرداء: عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله: ألا أحدثكم بأفضل من درجة الصيام والصلاة [ظ] والصدقة ؟ قلنا: [بلى] يا رسول الله.

قال: صلاح ذات البين، وفساد ذات البين - يعني - هي الحاقة.

وأخبرناه عاليا أبو القاسم ابن الحصين أنبأنا أبو علي ابن المذهب أنبأنا أبو بكر ابن مالك، أنبأنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثني أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سالم، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله: ألا أخبرنكم بأفضل من درجة الصيام والصدقة ؟ قالوا: بلى.

قال: صلاح ذات البين، قال: وفساد ذات البين هي الحالقة.

 

[747]

والله الله في الأيتام، فلا تغمزن أفواههم ولا يضيعون بحضرتكم (5).

والله الله في جيرانكم فإنهم وصية رسول الله (6) ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه يورثهم.

والله الله في القرآن أن يسبقكم بالعمل به غيركم.

والله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم.

والله الله في بيت ربكم، لا تخلون ما بقيتم فإنه إنخلا لم تناظروا.

والله الله في [صيام شهر] رمضان فإن صيامه جنة لكم من النار (7).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(5) كلمة: (تغمزن) رسم خطها غير واضح في الأصل الموجود عندي فإن صحت فلعل المقصود منها المعنى الكنائي من قولهم: (أغمزه) عابه.

وقرأها بعض المعاصرين (فلا تغممن).

وفي رواية أبي الفرج (فلا تغيرن أفواههم بجفوتكم).

(6) وهذا رواه أيضا عنه صلى الله عليه وآله وسلم في مسند ابن عمر من المعجم الكبير: ج 3 ص 205 في السطر 6 عكسا وقبلها في موردين.

(7) هذا هو الظاهر، وفي النسخة: (جنة من النار لكم).

وما بين المعقوفين مأخوذ من رواية أبي الفرج.

 

[748]

والله الله في الجهاد في سبيل الله بأيديكم وأموالكم وألسنتك (8).

والله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب الرب.

والله الله في ذرية نبيكم (9) فلا يظلمن بين أظهركم.

والله الله فيما ملكت أيمانكم (10).

أنظروا ولا تخافوا في الله لومة لائم يكفكم من أرادكم وبغى عليكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(8) كذا في النسخة.

(9) هذا هو الظاهر، وصحفه في النسخة: (بذمة نبيكم).

(10) قال في مادة: (فيص) من النهاية ولسان العرب: [و] كان يقول عليه السلام في مرضه: (الصلاة وما ملكت أيمانكم) فجعل يتكلم وما يفيص بها لسانه أي ما يقدر على الإفصاح بها.

وروى ابن عساكر - في ترجمة إبراهيم بن علي بن الحسين أبي إسحاق القبابي، من تاريخ دمشق: ج 2 ص 55 - بسندين عن إنس بن مالك قال: كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين حضرته الوفاة: الصلاة وما ملكت أيمانكم، حتى جعل يغرغربها في صدره... وروى في مجمع الزوائد: ج 1، ص 293 عن البزار، قال: وعن أبي رافع قال: توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - ورأسه في حجر علي بن أبي طالب وهو يقول لعلي: الله الله وما ملكت أيمانكم، الله الله والصلاة.

فكان ذلك آخر ما تكلم به رسول الله.

وقريب منه في باب: (حسن الملكة) من كتاب الأدب المفرد للبخاري.

 

[749]

وقولوا للناس حسناكما أمركم الله.

ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى الأمر شراركمثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم.

عليكم يا بني بالتواصل والتباذل، وإياكم والتقاطع والتدابر (11) والتفرق، وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب.

حفظكم الله من أهل بيت وحفظ نبيكم فيكم (12) أستودكم الله [و] أقرأ عليكم السلام ورحمة الله.

[قال الراوي] ثم لم ينطق [عليه السلام] إلا ب‍ (لا إله إلا الله) حتى قبضه الله في [شهر] رمضان أول ليلة من العشر الأواخر (13).

ثم قال ابن أبي الدنيا: حدثني أبي رحمه الله، عن هشام بن محمد، عن أبي عبد الله الجعفي، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي [عليهما السلام] قال: أوصى علي بن أبي طالب عند موته بهذه الوصية، وكتبها كاتبه عبيد الله بن أبي رافع، وعلي يملي عليه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(11) هذا هو الصواب، وفي النسحة: (والتكاثر).

(12) كذا.

(13) وعلى استقر رأي الشيعة الإمامية.

 

[750]

الحديث (29 و 30) من النسخة الناقصة من مقتل أمير المؤمنين عليه السلام لابن أبي الدنيا، ص 5، وللكلام مصادر وأسانيد كثيرة، وهو من أجل كلمه عليه السلام لفظا ومعنى وأشرفها سندا ومتنا، وأوثقها صدورا واعتبارا ! ! ! وقد ذكره أيضا في الباب: (58) من جواهر المطالب ص 96.

ورواه أيضا ابن عساكر - في الحديث: (1401) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ولكن مشايخه بخلوا ولم يذكروه له حرفيا - قال: أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبو بكر ابن الطبري، أنبأنا أبو الحسين ابن بشران، أنبأنا الحسين بن صفوان، أنبأنا أبو بكر ابن أبي الدنيا، حدثني عبد الله بن يونس بن بكير، حدثني أبي، عن أبي عبد الله الجعفي، عن جابر، عن محمد بن علي: ان عليا لما ضربه [ابن ملجم لعنه الله] أوصى بنيه ثم لم ينطق إلا [ب‍] لا أله إلا الله حتى قبضه الله.

ورواه أيضا - مع المختار: (384) المتقدم - في ترجمة أمير المؤمنين من المعجم الكبير: ج 1 / الورق 10 / أ / قال: حدثنا أحمد بن علي الأبار أنبأنا أبو أمية عمرو بن هشام الحراني، أنبأنا عثمان بن عبد الرحمان الطرائفي أنبأنا إسماعيل بن راشد... ورواه عنه حرفيا في مجمع الزوائد: ج 9 ص 142 - 144، وقال: وهو مرسل وإسناده حسن.

ورواه عنه أيضا أبو نعيم في ترجمة أمير المؤمنين من كتاب معرفة الصحابة الورق 21 / أ / إشارة، وأيضا قال أبو نعيم - في ترجمة أمير المؤمنين: من كتاب معرفة الصحابة الورق 21 / أ / -: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا محمد بن عبد الله بن أحمد، حدثنا محمد بن بشر أبو الخطاب (1) حدثنا عمرو بن زرارة الحدثي حدثنا الفياض بن محمد الرقي، عن عمرو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وفي النسخة تاريخ دمشق: (محمد بن بشر أخي خطاب).

 

[751]

ابن عيسى الأنصاري عن ابي مخنف، عن عبد الرحمان بن جندب (1) بن عبد الله عن أبيه قال: لما فرع علي بن أبي طالب رضي الله عنه من وصيته قال: أقرء عليكم ابن عيسى الأنصاري عن ابي مخنف، عن عبد الرحمان بن جندب (1) بن عبد الله عن أبيه قال: لما فرع علي بن أبي طالب رضي الله عنه من وصيته قال: أقرء عليكم السلام ورحمة الله وبكراته، ثم لم يتكلم بشئ الا [ب‍] لا إله إلا الله، حتى قبضه الله، رحمة الله عليه ورضوانه، وغسله ابناه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، وصلى عليه الحسن وكبر عليه أربع تكبيرات وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ودفن في السحر.

أقول: ورواه عنه ابن عساكر في الحديث: (1407) من تاريخ دمشق وما اشتملت عليه الرواية من أنه كبر عليه أربع تكبيرات من موارد تلبيس الحق بالباطل وقد نقدناه في تعليق الحديث: (1407) من ترجمته عليه السلام من تاريخ: ج 3 ص 307 ط 1، وذكرنا هناك شواهد جمة على انها خلاف الواقع ونفس الأمر.

قال المؤلف الشيخ محمد باقر المحمودي هذا اتمام القسم الأول - أي ما علم تاريخه ولو تقريبا - من باب خطب نهج السعادة ويليه القسم الثاني أي غير معلوم التاريخ .

ولله الحمد أولا وآخرا وله الشكر بدأ وختاما،

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما كثيرا دائما.

وقد بدأنا بنشر هذا الجزء في يوما لأربعاء (29) من جمادى الثانية، من سنة (1395) الهجرية، ومن الله علينا بإتمامه في يوم الأربعاء: (19) من ربيع الأول من عام (1397) الهجري، وإنما بقي هذا المجلد تحت الطبع في طول سنة وثمانية أشهر وتسعة عشر يوما لأجل استدامة الأزمة اللبنانية وحربها الداخلية ومن أجل خيانة بعض الأمناء !!!

وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

 

***