[444]
تراجم رواة الوصية الشريفة
وههنا زوائد نبحث فيها عن تراجم رواة الوصية.
وليعلم أنا لا نتعرض لترجمة الصدوقين والشيخين والسيدين وثقة الاسلام الكليني (169) وأمثالهم، من سدنة الشريعة وحماة الدين، قدس الله أسرارهم، لان تراجمهم مشهورة وصفحة حياتهم بيضاء لامعة، وغالب الكتب الدينية مشتملة على شرح أحوالهم، وتشيعهم وتفانيهم في ترويج الدين وتشييد الشرع لا يقل عن تشيع سلمان وأبي ذر ومقداد وتفانيهم.
وضرب أقلامهم وآثارها في سبيل الله لا ينحط عن ضرب سيوف قيس بن سعد وعمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر وحجر بن عدي وابن التيهان وذي الشهادتين والاشتر وأمثالهم، رحمهم الله جميعا.
وانما نترجم من رواة كتابنا من لم تكن له تلك الشهرة والصيت، اوسها قلم بعضهم عن بعض خصوصياته، أو لم يذكر في موضع معين ترجمة حياته.
وكان علينا ان تنبه الى هذا الامر في ابتداء الكتاب، لكنا غفلنا عنه.
وإذا تقرر هذا، فالتكلم عن السند الاول الذي قد تقدم في مفتتح الوصية مستغنى عنه، إذ علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (الصدوق الاول، المعاصر للامام العسكري (ع) الوكيل عنه (ع) المفتخر بالتوقيع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(169) الصدوقان: هما علي بن الحسين بن بابويه، وابنه محمد بن علي قدس الله سرهما.
والشيخان: هما معلم الامة: الشيخ المفيد، وشيخ الطائفة: محمد بن الحسن الطوسي، رفع الله مقامها.
والسيدان: هما ععلي بن الحسين، ومحمد بن الحسين: المرتضى والرضي، شرف الله محلهما.
[445]
الصادر منه (ع) في شأنه) معروف، وبالعدالة والعظمة ومشهور، (170) وكذا ابنه: محمد بن علي: الصدوق الثاني، المولود بدعاء امام العصر عجل الله تعالى فرجه، الموفق للسير في الافاق، وأخذ علوم الدين من أفواه الرجال الكملين، وتأليف كتب كثيرة في التفسير والفقه والرجال والمعارف الاسلامية وتأريخ المعصومين (ع) (171).
وترجمة حماد بن عيسى أيضا تقدم في الفائدة الثالثة من تعليقات المختار 10، من هذا الباب، ص 179.
وكذلك قد أسلفنا ترجمة علي بن ابراهيم وابيه رحمهما الله جميعا، في التعليق الاول من تعليقات المختار الاول من هذا الباب ص 22 و 23.
فالذي ينبغي التعرض له هو ترجمة من وقع في طريق شيخ الطائفة والنجاشي وثقة الاسلام الكليني والسيد ابن طاووس قدس الله أرواحهم جميعا، فنقول:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(170) المحكي عن ابن النديم انه قرأ بخط الصدوق الثاني (ره) على ظهر جزء: قد أجزت لفلان بن فلان كتب أبي: علي بن الحسين، وهي مأتا كتاب.
وتوفى (ره) 329 ه.
(171) رأيت في بعض تأليفاته قدس سره ان عدد كتبه التي ألفها 280 كتابا، ولعله ذكره في علل الشرائع.
[446]
الاولى من الزوائد: في ترجمة اول من وقع في طريق الشيخ (ره) وهو أستاذه واستاذ أهل التحقيق، ومن فاز بالعلوم بمختوم الرحيق، شيخ الفقهاء والمحدثين، ورئيس أهل الدراية والمدققين: الحسين بن عبيد الله (172) بن ابراهيم الغضائري، المتوفى في نصف صفر سنة 411 ه.
وقال شيخ الطائفة (ره) في الرقم 52، من كتاب الرجال، ص 470، في باب من لم يرو عن الائمة عليهم السلام: الحسين بن عبيد الله الغضائري، يكنى أبا عبد الله، كثير السماع، عارف بالرجال، وله تصانيف ذكرناها في الفهرست، سمعنا منه، وأجاز لنا بجميع رواياته، مات سنة أحدى عشرة وأربعمأة.
وقال المحقق النجاشي (ره) في الرجال 54: الحسين بن عبيد الله بن ابراهيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(172) ولاجل علوه، وكونه مسموع الكلام، ومقبول القول، ومتبوع الرأي عند الطائفة المحقة - وضع بعض المعاندين كتابا باسمه، أو باسم ولده، في جرح الثقات، وتضعيف الرواة.
وغير خفي على البصير عدم صحة النسبة، أما بالنسبة الى الاب فلعدم ذكر أحد من تلاميذه كالشيخ والنجاشي وأضرابهما في تأليفاته كتاب الرجال، ولا ما ينطبق عليه.
واما عدم صحة انتساب الكتاب الى ابنه، فلتصريح شيخ الطائفة (ره) في اول الفهرست بأن كتابيه في المصنفات والاصول، لم ينسخهما أحد من أصحابنا، واخترم هو رحمه الله، وعمد بعض ورثته، الى اهلاك هذين الكتابين، وغيرهما من الكتب، على ما حكى بعضهم عنه.
ويشهد لصحة قول الشيخ (ره) انه لم يعثر قبل السيد ابن طاوس احد على هذا الكتاب، وهو (ره) جمعه وحفظه رجاء ان يظفر بشواهد صدق عليه، لامن جهة الثقة والاطمئنان، وكل من جاء بعد السيد (ره) فمستنده السيد لاغير، ومن اراد الزيادة فعليه بالذريعة: 4، ص 290، في الكلام حول تفسير الامام العسكري (ع).
[447]
الغضائري: أبو عبد الله، شيخنا رحمه الله، له كتب منها كتاب كشف التمويه والغمة، كتاب التسليم علي أمير المؤمنين بامرة المؤمنين، كتاب تذكير العاقل وتنبيه الغافل في فضل العلم، كتاب عدد الائمة وما شذ على المصنفين من ذلك، كتاب البيان في حياة الرحمان، كتاب النوادر في الفقه، كتاب مناسك الحج، كتاب مختصر مناسك الحج، كتاب يوم الغدير، كتاب الرد على الغلاة والمفوضة، كتاب سجدة الشكر، كتاب مواطن أمير المؤمنين عليه السلام، كتاب في فضل بغداد، كتاب في قول امير المؤمنين عليه السلام: الا اخبركم بخير هذه الامة.
أجازنا جميعها، وجميع رواياته عن شيوخه، ومات رحمه الله في نصف صفر، سنة احدى عشرة وأربع مأة.
وعن السمعاني في الانساب، ان الغضائري نسبة الى الغضار، وهو الاناء الذي يؤكل فيه، نسب جماعة الى عملها أو واحد من آبائهم، الخ.
[448]
الثانية من الزوائد: في ترجمة الطبقة الثانية من طريق الشيخ (ره)، وهو أحمد بن عبد الله الدوري، المولود في سنة 299، والمتوفى سنة 379 ه.
قال الشيخ (ره) في باب احمد من فهرسته 57، ط النجف، في الرقم 97: احمد بن عبد الله بن احمد بن جلين الدوري، (173) أبو بكر الوراق، كان من أصحابنا، ثقة في حديثه، مسكونا الى روايته، وله كتاب في طرق من روى رد الشمس، أخبرنا الحسين بن عبيد الله، قال: قرأه (قرأته ظ) على احمد بن عبد الله الدوري أبو بكر.
وقال في باب من لم يرو عن الائمة عليهم السلام (في العدد 105) من كتاب الرجال: احمد بن عبد الله بن احمد بن جلين الدوري، أبو بكر الوراق، ثقة، روى عنه ابن الغضائري.
وقال المحقق النجاشي (ره)، في رجاله 66: أحمد بن عبد الله بن أحمد بن جلين الدوري، أبو بكر الوراق، كان من أصحابنا ثقة في حديثه، مسكونا الى روايته، لا نعرف له الا كتابا واحدا في طرق من روى رد الشمس،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(173) قال السمعاني: (على ما حكى عنه في الاعيان: 9، 10) الجليني - بضم الجيم وكسر النون - هذه النسبة الى جلين، وهو اسم لجد أبي بكر احمد ابن عبد الله بن أحمد بن جلين الدوري، الجليني الوراق، من أهل بغداد، كان رافضيا مشهورا بذلك.
وأيضا حكى عن العلامة وصاحب توضيح الاشتباه (ره) انهما أيضا ضبطا الجلين بضم الجيم وشد اللام المكسورة واسكان الياء بعدها النون.
وقال أيضا في الاعيان: هو منسوب الى الدور - بالضم - وهما قريتان، بين سر من رأى وتكريت، عليا وسفلى، وناحية من دجيل، ومحلة ببغداد ونيسابور، وبلدة بالاهواز، وموضع بالبادية.
[449]
وما يتحقق بأمرنا، (174) مع اختلاطه بالعامة، وروايته عنهم، وروايتهم عنه.
دفع الي شيخ الادب أبو احمد عبد السلام بن الحسين البصري رحمه الله كتابا بخطه، قد اجاز له فيه جميع رواياته.
وروى في أعيان الشيعة: 9، 10، عن ميزان الاعتدال: احمد بن عبد الله بن جلين، عن أبي القاسم البغوي رافضي بغيض، كان ببغداد، يروي عنه أبو القاسم التنوخي بلايا.
وفي لسان الميزان: هو أبو بكر الدوري الوراق.
وفي تاريخ بغداد: 4، 234، ط 1: احمد بن عبد الله بن خلف (175) أبو بكر الدوري الوراق، كان رافضيا مشهورا بذلك، حدثني التنوخي عنه انه قال: اول كتابتي الحديث سنة 313.
وعن الرياض: يروي عنه عبد السلام بن الحسين الاديب البصري شيخ النجاشي، ويظهر من اسانيد الشيخ الطوسي الى الصحيفة الكاملة، في ترجمة المتوكل بن عمر المتوكل، ان احمد بن عبدون يروي أيضا عن أبي بكر الدوري، ويروي الشيخ الطوسي عنه بتوسطه، وهو يروي عن ابن أخي طاهر، فهو في درجة الصدوق، ولم أعلم اسمه.
وقال العلامة الرازي ادام الله بقاه، في مخطوطة كتابه نوابغ الاعلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(174) قيل: ان ما نافية، أي انه لمكان اختلاطه بالعامة، وروايته عنهم، وروايتهم عنه، كان يخفي مذهبه، ولا يتحقق بأمرنا ولا يظهره، كما هو شأن جميع المعاشرين لهم، الخ.
وقيل: ان ما موصولة، وغرض النجاشي ان الدوري ذكر في كتابه حديث رد الشمس، وما من الاخبار به يتحقق أمرنا معاشر الشيعة.
أقول يدل على الاحتمال الثاني ويثبته، وينفي الاول ما يجئ عن الخطيب والسمعاني، والذهبي من انه رافضي مشهور يروى عنه البلايا.
(175) هذا تحريف أو خطأ من الخطيب، واهل البيت أدرى بما فيه، وتقدم ما أفادوه.
[450]
والرواة في رابعة المئات: ويروي الدوري صاحب الترجمة عن محمد بن جعفر بن عبد الله النحوي المؤدب.
وعن أبي العباس احمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة، المتوفى سنة 333، كما في ترجمة أبان بن تغلب من النجاشي.
وعن أبي بكر احمد بن كامل بن شجرة، تلميذ أبي جعفر محمد بن جرير العامي المتوفى سنة 310، كما في فهرست الشيخ، ترجمة محمد بن جرير العامي.
وعن أبي الفرج علي بن الحسين الاصفهاني صاحب الاغاني المتوفى سنة 356، كما في ترجمة عباد بن يعقوب الرواجني من النجاشي.
وعن أبي بكر محمد بن احمد بن اسحاق الحريري، كما في الفهرست في ترجمة عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا.
وذكر في أنساب السمعاني انه رافضي مشهور، ولد في سنة 299، وكتب الحديث من سنة 313، ومات في شهر رمضان سنة 379، تسع وسبعين وثلاثماة.
[451]
الثالثة من الزوائد: في ترجمة الراوي الثالث الواقع في طريق الشيخ (ره)، وهو محمد بن احمد بن محمد بن عبد الله بن اسماعيل الكاتب، أبو بكر المعروف بأبن أبي الثلج، المتوفى سنة 325 ه.
قال الشيخ (ره) في رجاله ص 502: محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي الثلج الكاتب، بغدادي خاصي، يكنى ابا بكر، سمع منه التل عكبري سنة اثنتين وعشرين وثلاث ماة وما بعدها الى سنة خمس وعشرين، وفيها مات (ره)، وله منه اجازة، انتهى.
وقال في فهرسته 179: محمد بن أحمد ابن أبي الثلج الكاتب، له كتاب التنزيل في امير المؤمنين (ع)، اخبرنا به احمد بن عبدون، عن الدوري، عن ابن أبي الثلج، وله كتاب البشرى والزلفى وصفة الشيعة وفضلهم، وله كتاب اسماء امير المؤمنين (ع) في كتاب الله، أخبرني بجميع ذلك ابن عبدون، عن الدوري عنه.
انتهى.
وقال النجاشي (ره) محمد بن احمد بن عبد الله بن اسماعيل الكاتب، أبو بكر، يعرف بابن ابي الثلج، وابو الثلج هو عبد الله بن اسماعيل، ثقة عين كثير الحديث، له كتب، منها: ما نزل في القرآن في امير المؤمنين (ع)، 2 - كتاب البشري والزلفي في فضائل الشيعة، 3 - كتاب تاريخ الائمة (ع)، 4 - كتاب أخبار النساء الممدوحات، 5 - كتاب أخبار فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، 6 - كتاب من قال بالتفضيل من الصحابة وغيرهم.
قال أبو المفضل الشيباني، حدثنا أبو بكر ابن أبي الثلج، واخبرنا ابن نوح، قال حدثنا أبو الحسن بن داود، قال حدثنا سلامة بن محمد الارزني،
[452]
قال حدثنا أبو بكر بن أبي الثلج بجميع كتبه.
وقال العلامة الحلي في ايضاح الاشتباه، 25 ما لفظه: وجدت بخط السيد صفي الدين محمد بن معد الموسوي رحمه الله: هذا محمد بن عبد الله ابن اسماعيل ابن أبي الثلج البغدادي مشهور عند أصحاب الحديث، يروي عن أبي حرار (الحق خ ل) وروح (قدوح، خ ل) بن عبادة، وخلف بن الوليد، وغيرهم، وحدث عنه محمد بن اسماعيل البخاري (الصحابي خ ل)، وكان يروي عنه ابن ابنه محمد المذكور في هذه الورقة.
ويروي عن محمد هذا أبو الحسن الدار قطني عن جده محمد بن اسماعيل.
كتبه محمد بن معد الموسوي.
وللمترجم (ره) بنت مسماة بالخديجة، كانت (ره) راوية للحديث، ذكرها الخطيب في الرقم 7819، من تاريخ بغداد: 14، 442، ط 1.
وقال ابن النديم في الفهرست 326، ط مصر، في آخر الفن السادس، من المقالة السادسة: أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد ابن أبي الثلج الكاتب خاصي عامي، والتشيع اغلب عليه، وله رواية كثيرة من روايات العامة، وتصنيفات في هذا المعنى، وكان دينا ورعا فاضلا، وله من الكتب كتاب السنن والاداب على مذاهب العامة، كتاب فضائل الصحابة، كتاب الاختيار من الاسانيد.
[453]
الرابعة من الزوائد: في ترجمة جعفر بن محمد الحسني، وهو الطبقة الرابعة من طريق الشيخ (ره) الى الوصية الشريفة، وهذا الرجل قد وقع في اسناد كثير من احاديث الشيعة واهل السنة.
وقد ذكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: 3، ص 328، ط 1، وج 11، ص 251 - ما ينطبق على من نحن في مقام ترجمته.
وكذا ذكر الشيخ (ره) في الرقم: 493، من فهرسته 137، ط 3 - ترجمة عمرو بن ميمون، وقال: له كتاب حديث الشورى - الى ان قال - وله كتاب المسائل التي اخبر بها امير المؤمنين عليه السلام اليهودي.
أخبرنا بها احمد بن عبدون، عن أبي بكر الدوري، عن محمد بن جعفر العلوي الحسني، قال: حدثنا علي بن عبدك، قال حدثنا طريف مولى محمد بن اسماعيل، عن موسى، وعبيد الله بني يسار، عن عمرو ابن أبي اسحاق السبيعي، عن الحارث الهمداني، عن امير المؤمنين عليه السلام، وذكر الكتاب.
ولاشك ان هذا اما ابن المترجم، واما نفسه، وانما قدم الراوي أو الناسخ محمدا على جعفر.
وهنا اشتركت الطرق الاربعة (أي طريق الشيخ والنجاشي وثقة الاسلام الكليني، والعسكري) في كونه من رواة الوصية الشريفة، وانه يرويها عن علي بن عبدك الى ان يتصل بأمير المؤمنين (ع) - كما في الطرق الثلاثة الاول - وعن الحسن بن عبدك عن الرجال المذكورين في الطرق الثلاثة أنفسهم الى ان تتصل بأمير المؤمنين (ع) - كما في رواية العسكري -.
والحاصل ان المترجم عندي مأنوس الاسم، ومجهول الشخص، وقد
[454]
بحثت بمقدرا ميسوري، وتتبعت بحسب مقدوري، وتصحفت ما عندي من كتب الخاصة والعامة فلم أجد في ترجمته عدا ما ذكره الشيخ (ره) في الرقم 18 و 19 و 20 في باب من لم يرو عن الائمة (ع) من رجاله 460، ط 2، أما ما ذكره تحت الرقم 20 فبعيد الانطباق على المترجم، ولا نذكره هنا، ومن أراده فليطالع رجال الشيخ (ره).
وأما ذكره تحت الرقم الثامن عشر من الكتاب فهذا لفظه: جعفر بن محمد بن ابراهيم بن محمد بن عبيد الله ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، العلوي الحسيني الموسوي المصري، روى عنه التلعكبري، وكان سماعه منه سنة اربعين وثلاث ماة بمصر، وله منه اجازة.
وأما ما أفاده الشيخ قدس سره تحت الرقم 19، فهذا نصه: جعفر بن محمد العلوي الحسيني، من ولد علي بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الجسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، يكنى ابا هاشم، روى عنه التلعكبري، وقال: كان قليل الرواية، وسمع منه شيئا يسيرا.
[455]
الخامسة من الزوائد: في ترجمة علي بن عبدك الصوفي الواقع في الطرق الثلاثة المتقدمة.
وهذا الرجل أيضا كجعفر بن محمد الحسيني غير معنون بشخصه في ما عندي من كتب التراجم، الا أنه وأخيه (الحسن بن عبدك، الواقع في سند العسكري) يخرجان عن المجهولية، بما ذكره الاصحاب رضوان الله عليهم في شأن محمد ابن علي بن عبدك الجرجاني، المتوفى بعد سنة 360 ه، وبما ذكره السمعاني في لفظة الشيعي من كتاب الانساب قال: وثم جماعة من شيعة امير المؤمنين علي بن أبي طالب، ويتولون إليه، وفيهم كثرة يقال لهم الشيعة، منهم محمد ابن علي بن عبدك الشيعي، واسم عبدك عبد الكريم، صاحب محمد بن الحسن الفقيه، العبدكي أبو احمد الجرجاني، كان مقدم الشيعة، واليه ينسب جماعة، سمع عمران بن موسى الجرجاني وأقرانه، روى عنه الحاكم ابن عبد الله الحافظ النيسابوري.
وقال أيضا: العبدكي - بفتح العين المهملة، وسكون الباء الموحدة، وفتح الدال المهملة، وفي آخرها الكاف - هذه النسبة الى عبدك، وهو والد علي بن عبدك، واسمه عبد الكريم، وعبدك صاحب محمد بن الحسن الفقيه، وتفقه عليه، والمشهور بهذه النسبة أبو أحمد محمد بن علي بن عبدك، الشيخ العبدكي من أهل جرجان، كان مقدم الشيعة، وامام أهل التشيع بها، سمع عمران بن موسى بن مجاشع الجرجاني وأقرانه، روى عنه الحاكم أبو عبد الله البيع وعرفه ونسبه هكذا قال: كان من الادباء الموصوفين بالعقل والكمال، وحسن النظر بنيسابور، وبنى بها الدار والحمام المعروف
[456]
بباب عزة، وتوفي بعد 360 بجرجان.
(176) هذا كله بالنسبة الى رهط العبدكي ونسبه، واما ابن المترجم وهو محمد بن علي (ره) فقد اتفقت كلمة اصحاب الفهارس من أصحابنا على تجليله وتعظيمه وان له كتبا كثيرة، منها كتاب التفسير، قال الشيخ (ره) وهو كتاب كبير حسن، وقال ابن شهر آشوب: وهو عشرة اجزاء.
ومنها كتاب مطلع الهداية في الرد على الاسماعيلية، الخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(176) ما ذكرناه عن السمعاني مأخوذ من كتاب اعيان الشيعة: 46، ص 62، ط 2، لسيد الاعيان السيد محسن العاملي (ره).
[457]
السادسة من الزوائد: في ترجمة الحسن بن ظريف.
عده الشيخ (ره) في رجاله من أصحاب الامام الهادي (ع).
وعده وأباه في الرقم 167، و 375، من فهرسته 73 و 112، ط 2، من مصنفي الشيعة، فقال في ترجمته: الحسن بن ظريف بن ناصح، له كتاب، أخبرنا به عدة من أصحابنا، عن أبي المفضل، عن ابن بطة، عن أحمد ابن أبي عبد الله، عن الحسن بن ظريف.
وقال النجاشي (ره) في الرقم 135، من رجاله 48: الحسن بن ظريف ابن ناصح، كوفي، يكنى أبو محمد، ثقة، سكن ببغداد، وابوه قبل، له نوادر، والرواة عنه كثير، أخبرنا اجازة محمد بن محمد عن الحسن بن حمزة، قال حدثنا ابن بطة، عن محمد بن علي.
وعن جامع الرواة ان المترجم يروي عن جماعة منهم علي بن عبدك الكوفي.
وفي الحديث المأة من الباب الحادي والثلاثين من اثبات الهداة: 6، 334، عن الاربلي (ره)، عن الحسن بن ظريف، قال: كتبت الى أبي محمد عليه السلام،: قد تركت التمتع ثلاثين سنة، وقد نشطت لذلك، وكان في الحي إمرأة وصفت لي بالجمال، فمال قلبي إليها، وكانت عاهرا، لا تمنع يد لامس، فكرهتها، ثم قلت: قد قال الائمة (عليهم السلام) تمتع بالفاجرة، فانك تخرجها من حرام الى حلال، فكتبت الى أبي محمد عليه السلام أشاوره في المتعة، وقلت: أيجوز بعد هذه السنين أن أتمتع ؟ فكتب (ع): انما تحيي سنة، وتميت بدعة فلا بأس، واياك وجارتك المعروفة بالعهر، وان حدثتك نفسك ان آبائي قالوا: " تمتع بالفاجرة، فانك تخرجها من حرام الى حلال.
" فهذه أمرأة معروفة بالهتك، وهي جارة،
[458]
وأخاف عليك استقاضة الخبر.
قال: فتركها ولم اتمتع بها، وتمتع بها شاذان بن سعد، رجل من إخواننا وجيراننا، فاشتهر بها حتى علا أمره، وصار الى السلطان، وغرم بسببها ما لانفيسا، وأعاذني الله من ذلك ببركة سيدي.
[459]
السابعة من الزوائد: في ترجمة الحسين بن علوان بن قدامة الكلبي.
قال الشيخ (ره) في الفهرست 80، تحت الرقم 208: الحسين بن علوان، له كتاب اخبرنا به ابن أبي جيد، عن محمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، ومحمد بن الحسن الصفار، عن أبي الجوزاء المنبه بن عبد الله، عن الحسين بن علوان.
وعده في رجاله 171، تحت الرقم 101، من اصحاب الامام الصادق عليه السلام، وقال: الحسين بن علوان الكلبي مولاهم، كوفي.
وقال المحقق النجاشي (ره) في الفهرست 41، الحسين بن علوان الكلبي، مولاهم كوفي عامي، وأخوه الحسن يكنى أبا محمد ثقة، رويا عن ابي عبد الله عليه السلام، وليس للحسن كتاب، والحسن أخص بنا وأولى.
(177) روى الحسين عن الاعمش وهشام بن عروة، وللحسين كتاب تختلف رواياته.
أخبرنا اجازة محمد بن علي القزويني، قدم علينا سنة أربعمأة، قال أخبرنا احمد بن محمد بن يحيى، قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن هارون بن مسلم عنه به.
وفي اختيار الكشي (ره) ص 333، تحت الرقم 248، وتواليه، ماهذا لفظه: محمد بن اسحاق، ومحمد بن المنكدر، وعمرو بن خالد الواسطي، وعبد الملك بن جريح، والحسين بن علوان الكلبي، هؤلاء من رجال العامة، الا ان لهم ميلا ومحبة شديدة، وقد قيل: ان الكلبي كان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(177) كذا في النسخة المطبوعة حديثا بطهران، وهو مقتضى السياق، وفى ترتيب الرجال للقهبائي (ره) هكذا: والحسين أخص بنا واولى.
[460]
مستورا ولم يكن مخالفا.
أقول: ويدل على قول هذا القائل رواياته، وتضعيف العامة اياه كما ذكره الخطيب في تاريخ بغداد: 8، 62، ط 1، تحت الرقم 4138.
هذا مع استفاضة الاخبار بأن المرء مع من أحب.
ويدل عليه أيضا ان محبة أهل البيت (ع) ومخالفيهم لا تجتمعان، وفي تلك الاعصار كانت المخالفة والمعاندة بين أئمة اهل البيت (ع) ومعاصريهم كالنار على المنار، وكالمنافرة بين الخليل ونمرود، ولم يكن مثل زماننا حيلولة الشبه متراكمة للقاصرين، فمن أدرك ذلك الزمان وكان قريبا من المراكز الاسلامية، ومشاعره صحيحة، فبطبيعة الحان كان على خبرة وايقان على اختلاف مرام أهل البيت (ع) ومعاصريهم، فإذا أحبهم ولم تكن دواعي المحبة الدنيوية موجودة ولا متوقعة، فلابد أن تكون المحبة لكونهم على الحق، ومخالفيهم على الباطل، فمن كان هكذا معتقده، ولم يحصل له في امتثال أوامر الله، ولا اجتناب نواهيه افراط وتفريط، فهو من أهل الحق، وقوله مقبول إذا لم يعارضه شئ، فالرجل من أهل الثقة والاطمئنان، لحصول ما ذكر فيه، واتصافه به.
ووثقه أيضا في خاتمة مستدرك الوسائل: 3: 599، ط 2: فانه (ره) بعد ما نقل كلام النجاشي والكشي، وقول ابن عقدة عن الخلاصة، من ان الحسن بن علوان كان أوثق وأحمد من أخيه عند أصحابنا - قال ما ملخصه: ويشهد بوثاقته في الحديث مضافا الى ما ذكر رواية الاجلاء عنه، وفيهم الحسن بن علي بن فضال، والهيثم بن أبي مسروق، والحسن بن ظريف بن ناصح، وأبو الجوزاء.
[461]
الثامنة من الزوائد: في ترجمة سعد بن طريف الحنظلي الاسكاف.
قال الشيخ (ره) في الرقم 323، من الفهرست 102، ط النجف: سعد بن طريف الاسكاف، له كتاب، اخبرنا به جماعة عن أبي المفضل، عن حميد، عن محمد بن موسى خوراء عنه.
وأخبرنا به ا حمد بن محمد بن موسى، عن احمد بن أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسين بن أحمد بن الحسن، عن عمه علي بن الحسن، عن عمرو بن عثمان، عن أبي جيد (حميد خ) الحنظلي عنه.
وقال في باب السين، من اصحاب الامام السجاد (ع) من رجاله، ص 92: سعد بن طريف ابن الحنظلي الاسكاف، مولى بني تميم، الكوفي، ويقال له سعد الخفاف، روى عن الاصبغ بن نباته، وهو صحيح الحديث.
وذكره أيضا فيه، من باب السين، في اصحاب الامام الباقر والصادق عليهما السلام.
وقال النجاشي (ره) تحت الرقم 458، من الفهرست، 135: سعد بن طريف الحنظلي، مولاهم الاسكاف، كوفي، يعرف وينكر، روى عن الاصبغ بن نباتة، وروى عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع)، وكان قاصا، له كتاب رسالة أبي جعفر إليه، أخبرنا عدة عن أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن عمرو بن عثمان، عن أبي جميلة عن سعد.
[462]
التاسعة من الزوائد: في ترجمة الاصبغ بن نباتة بن الحارث بن عمرو بن فاتك بن عامر بن مجاشع بن دارم من بني تميم، (178) أبو القاسم التميمي الحنظلي الكوفي (179).
اقول: بعد توثيق امير المؤمنين عليه السلام اياه بالصراحة، (كما تقدم في آخر باب الكتب من كتابنا هذا) وبعد أدنى أنس برواياته، لا يخفى على الفطن علو مقامه، وكونه فريدا في التفاني في مرضاة الله، وولاء اهل البيت (ع) ولكن لابتلاء بعض النفوس بالوسوسة، وقصر همم نفوس آخرين عن التنقيب، ومراجعة الروايات، نذكر بعض ما قيل في شخصية، وما روى الثقات عنه، فنقول: قال في اختيار رجال الكشي (ره) تحت الرقم 42: طاهر بن عيسى الوراق، قال حدثنا جعفر بن احمد التاجر معنعنا، عن ابن أبي الجارود، عن الاصبغ بن نباته، قال قلت للاصبغ: ماكان منزلة هذا الرجل فيكم ؟ فقال: ما أدري ما تقول: الا أن سيوفنا كان على عواتقنا فمن أومى إليه ضربناه بها.
ورواه في الاختصاص 65، ط 2، عن جعفر بن الحسين، عن محمد بن جعفر المؤدب، عن احمد ابن أبي عبد الله البرقي، عن أبي الحسين صالح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(178) هكذا نقله في اعيان الشيعة: 12، 274، ط 2، عن كتاب الطبقات الكبير لابن سعد.
واما وفاته، فالمحكي عن ابن حجر انه مات بعد الثالثة.
(179) هكذا وصفه في تهذيب التهذيب، كما في اعيان الشيعة، ووصفه الشيخ (ره) بالتيمي الحنظلي في أصحاب أمير المؤمنين (ع) من رجاله، وتقدم عن النجاشي (ره) وصفه بالمجاشعي، وكذا عن الشيخ (ره) في الفهرست، والعسكري في كتاب الزواجر والمواعظ.
[463]
ابن أبي حماد (180) عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن الاصبغ.
ثم قال الكشي (ره): محمد بن مسعود قال: حدثني علي بن الحسن، عن مروك بن عبيد، قال حدثني ابراهيم أبو البلاد، عن رجل، عن الاصبغ، قال قلت له: كيف سميتم شرطة الخميس يا أصبغ ؟ قال: انا ضمنا له الذبح، وضمن لنا الفتح، يعني امير المؤمنين صلوات الله عليه.
ورواه في الاختصاص، عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن جعفر ابن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثني علي بن الحسين، عن مروك بن عبيد قال: حدثني ابراهيم ابن أبي البلاد، عن رجل، عن الاصبغ، الى آخر ما مر.
وأيضا قال الكشي (ره) في الحديث الثاني، من ترجمة أويس، من رجاله 91: وروى الحسن بن الحسين القمي، عن علي بن الحسن العرني، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة قال: كنا مع علي عليه السلام بصفين فبايعه تسعة وتسعون رجلا، ثم قال: اين تمام المأة، لقد عهد الي رسول الله صلى الله عليه وآله، ان يبايعني في هذا اليوم مأة رجل.
قال: إذ جاء رجل عليه قباء صوف، متقلدا بسيفين، قال: ابسط يدك أبايعك.
قال علي عليه السلام: على ما تبايعني ؟ قال: على بذل مهجة نفسي دونك.
قال: من أنت ؟ قال: أنا اويس القرني.
قال: فبايعه فلم يزل يقاتل بين يديه، حتى قتل فوجد في الرجالة.
وفي رواية أخرى: قال له أمير المؤمنين عليه السلام: كن اويسا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(180) من قوله: أبي الحسين صالح ابن أبي حماد، الى آخر السند، هو الذي طويناه في قولنا: " معنعنا " في خبر الكشي، الا ان الكشي قال: أبو الخير صالح ابن ابي حماد.
وأيضا قال عن ابن أبي الجارود، وفى غيرهما لااختلاف بينهما.
[464]
قال: أنا أويس.
قال: كن قرنيا.
قال: أنا أويس القرني.
وروى الشيخ المفيد (ره) في الاختصاص 209، ط 2، معنعنا بسندين، عن الاصبغ بن نباتة (181) قال: أتيت أمير المؤمنين عليه السلام فوجدته متفكرا ينكت في الارض، فقلت: يا امير المؤمنين مالي أراك متفكرا تنكت في الارض، أرغبة منك فيها ؟ قال: لا والله، ولافي الدنيا يوما قط، ولكني فكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي، هو المهدي الذي يملؤها عدلا وقسطا، كما ملئت ظلما وجورا، يكون له حيرة وغيبة، يضل فيها أقوام، ويهتدي فيها آخرون.
فقلت: ان هذا لكائن ؟ قال: نعم كما انه مخلوق، فأنى لك بهذا الامر يا أصبغ، أولئك خيار هذه الامة مع خيار أبرار هذه العترة.
قلت: وما يكون بعد ذلك ؟ قال: الله يفعل ما يشاء فان الله أرادت وبداءات وغايات ونهايات: وروى الصدوق (ره) معنعنا، عن الاصبغ، عن امير المؤمنين انه كان يقول: صاحب هذا الامر الشريد الطريد الفريد الوحيد.
كما في الحديث 20، من الباب 7، من البحار: 13، 30، عن اكمال الدين.
وفي الحديث 291، من الاختصاص 221، معنعنا عن سعد الخفاف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: سألت امير المؤمنين عليه السلام عن سلمان الفارسي - رحمة الله عليه - وقلت: ما تقول فيه ؟ قال: ما أقول في رجل خلق من طينتنا، وروحه مقرونة بروحنا، وخصه الله من العلوم بأولها وآخرها وظاهرها وباطنها، وسرها وعلانيتها، الخ.
وفي الحديث 296، منه ص 223، معنعنا عن سعد بن طريف، عن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(181) وهذا الحديث رواه عن الاصبغ جماعة كثيرة بأسناد عديدة، كما في الكافي: 1، 338، والحديث 17، من الباب 7، من البحار: 13، 29، ط الكمباني.
[465]
الاصبغ، قال: سمعت ابن عباس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ذكر الله عزوجل عبادة، وذكري عبادة، وذكر علي عبادة، وذكر الائمة من ولده عبادة، والذي بعثني بالنبوة، وجعلني خير البرية، ان وصيي لافضل الاوصياء، وانه لحجة الله على عباده، وخليفته على خلقه، ومن ولده الائمة الهداة بعدي، بهم يحبس الله العذاب عن أهل الارض، وبهم يمسك السماء أن تقع على الارض الا باذنه، وبهم يمسك الجبال ان تميد بهم، وبهم يسقي خلقه الغيث، وبهم يخرج النبات، أولئك اولياء الله حقا، وخلفائي صدقا، عدتهم عدة الشهور وهي اثنا عشر شهرا، وعدتهم عدة نقباء موسى بن عمران، ثم تلا عليه السلام هذه الاية: " والسماء ذات البروج " ثم قال: أتقدر يابن عباس ان الله يقسم بالسماء ذات البروج، ويعني به السماء وبروجها ؟ قلت: يارسول الله فما ذاك ؟ قال: اما السماء فأنا، وأما البروج فالائمة بعدي، أولهم علي، وآخرهم المهدي صلوات الله عليهم اجمعين.
وفي الحديث 529، منه ص 279، معنعنا عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: سمعت عليا عليه السلام على المنبر يقول: سلوني قبل ان تفقدوني، فو الله مامن أرض مخصبة ولامجدبة، ولافئة تضل مأة أو تهدي مأة، الا وعرفت قائدها وسائقها، وقد أخبرت بهذا رجلا من أهل بيتي يخبر بها كبيرهم صغيرهم الى أن تقوم الساعة.
وفي الحديث 542، منه ص 283، معنعنا عن الحارث بن الحصيرة، عن الاصبغ بن نباته، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سمعته يقول: ان رسول الله صلى الله عليه وآله علمني الف باب من الحلال والحرام، مما كان ومما هو كائن الى يوم القيامة، كل باب منها يفتح الف باب، فذلك ألف ألف باب، حتى علمت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب.
وفي الحديث 544، منه معنعنا، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ قال:
[466]
أمرنا أمير المؤمنين عليه السلام بالمسير الى المدائن من الكوفة، فسرنا يوم الاحد، وتخلف عمرو بن حريث في سبعة نفر، فخرجوا الى مكان بالحيرة يسمى الخورنق، فقالوا تتنزه، فإذا كان يوم الاربعاء خرجنا فلحقنا عليا، قبل ان يجمع، فبيناهم يتغدون إذ خرج عليهم ضب فصادوه، فأخذه عمرو ابن حريث فنصب كفه، فقال: بايعوا، هذا أمير المؤمنين، فبايعه السبعة وعمرو ثامنهم، وارتحلوا ليلة الاربعاء، فقدموا المدائن، يوم الجمعة، و أمير المؤمنين يخطب، ولم يفارق بعضهم بعضا، كانوا جميعا حتى نزلوا على باب المسجد، فلما دخلوا نظر إليهم امير المؤمنين عليه السلام، فقال: يا أيها الناس ان رسول الله صلى الله عليه وآله أسر الي ألف حديث، في كل حديث الق باب، لكل باب الف مفتاح، واني سمعت الله يقول: " يوم ندعو كل أناس بإمامهم " واني اقسم لكم بالله ليبعثن يوم القيامة ثمانية نفر بإمامهم، وهو ضب، ولو شئت أن أسميهم فعلت.
قال: فلو رأيت عمرو ابن حريث سقط كما تسقط السعفة وجيبا.
وهذا الحديث له طرق أخر أيضا.
وفي الحديث 606، منه ص 304، معنعنا عن الاصبغ قال: كنا وقوفا على امير المؤمنين عليه السلام بالكوفة وهو يعطي العطاء في المسجد، إذ جاءت امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين أعطيت العطاء جميع الاحياء ماخلا هذا الحي من مراد لم تعطهم شيئا.
فقال: أسكتي يا جريئة يابذية، يا سلفع يا سلقلق، يامن لا تحيض كما تحيض النساء.
قال: فولت فخرجت من المسجد، فتبعها عمرو بن حريث، فقال لها: أيتها المرأة قد قال علي فيك ما قال، أيصدق عليك ؟ فقالت: والله ما كذب، وان كل ما رماني به لفي، وما اطلع علي أحد الا الله الذي خلقني، وأمي التي ولدتني.
فرجع عمرو بن حريث فقال: يا أمير المؤمنين تبعت المرأة فسألتها عما رميتها به في بدنها فأقرت بذلك كله، فمن اين عملت ذلك ؟ فقال: ان رسول الله صلى الله عليه
[467]
وآله، علمني الف باب من الحلال والحرام يفتح كل باب ألف باب، حتى علمت المنايا والوصايا وفصل الخطاب، وحتى علمت المذكرات من النساء، والمؤمنين من الرجال.
وهذا الحديث أيضا له طرق أخر.
وفي الحديث 622، من الكتاب 310، معنعنا عن سعد بن طريف الاسكاف، عن الاصبغ بن نباته، قال: ان امير المؤمنين عليه السلام صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس ان شعيتنا من طينة مخزونة، قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام، لا يشذ منها شاذ، ولا يدخل فيها داخل، واني لاعرف صديقي من عدوي حين أنظر إليهم، لان رسول الله صلى الله عليه وآله، لما تفل في عيني وكنت أرمد، قال: اللهم أذهب عنه الحر والبرد، وبصره صديقه من عدوه، فلم يصبني رمد ولاحر ولابرد، واني لاعرف صديقي من عدوي، فقام رجل من الملا فسلم، ثم قال: والله يا أمير المؤمنين اني لادين الله بولايتك، واني لاحبك في السر كما اظهر لك في العلانية.
فقال له علي عليه السلام: كذبت فو الله ما أعرف اسمك في الاسماء، ولا وجهك في الوجوه، وان طينتك لمن غير تلك الطينة، فجلس الرجل قد فضحه الله وأظهر عليه.
ثم قام آخر فقال: يا أمير المؤمنين اني لادين الله بولايتك، واني لاحبك في السر كما أحبك في العلانية، فقال له: صدقت، طينتك من تلك الطينة، وعلى ولايتنا أخذ ميثاقك، وان روحك من أرواح المؤمنين، الخ.
وفي الحديث 623، منه ص 311، معنعنا عن الحسين بن علوان الكلبي، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: كنت مع امير المؤمنين عليه السلام، فأتاه رجل فسلم عليه، ثم قال: يا امير المؤمنين اني والله لاحبك في الله، وأحبك في السر كما أحبك في العلانية، وأدين الله بولايتك في السر كما أدين بها في العلانية، وبيد أمير المؤمنين عود، طأطأ
[468]
رأسه، ثم نكت بالعود ساعة في الارض، ثم رفع رأسه إليه، فقال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله حدثني بالف حديث لكل حديث ألف باب، وان أرواح المؤمنين تلتقي في الهواء فتشم وتتعارف، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، وبحق الله لقد كذبت، فما أعرف وجهك في الوجوه، ولا اسمك في الاسماء.
ثم دخل عليه رجل آخر فقال: يا أمير الؤمنين اني لاحبك في السر كما أحبك في العلانية.
قال: فنكت الثانية بعوده في الارض، ثم رفع رأسه فقال له: صدقت، ان طينتنا طينة مخزونة، أخذ الله ميثاقها من صلب آدم، فلم يشذ منها شاذ، ولا يدخل فيها داخل من غيرها، الخ.
هذا قليل من كثير مما رواه الاصبغ عن امير المؤمنين (ع) وبه يتبين وجه تضعيف حديثه عند الجمهور الا الشاذ منهم ممن لم يطلع على مروياته، فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين.
وقال نصر بن مزاحم في كتاب صفين: كان أصبغ من ذخائر علي عليه السلام، ممن قد بايعه على الموت، وكان من فرسان أهل العراق، وكان علي عليه السلام يضمن به على الحرب والقتال، وكان شيخا ناسكا عابدا، وحضض علي عليه السلام اصحابه، فقام إليه الاصبغ فقال: انك جعلتني على شرطة الخميس، وقدمتني في الثقة دون الناس، وانك اليوم لا تفقد مني صبرا ولانصرا، أما اهل الشام فقد هدهم ما أصبنا منهم، ونحن ففينا بعض البقية، فأطلب بنا أمرك، وائذن لي في التقدم.
فقال عليه السلام: تقدم، الخ.
أقول: تقدم قول الشيخ والنجاشي (ره) في حقه عند ختام الوصية الشريفة، فلا تطيل الكلام بأكثر مما ذكر، وتقدم أيضا قصة دخوله على امير المؤمنين (ع) وما قال له، وما أجابه (ع) في تعليقات المختار 5 و 9، فراجع.
[469]
العاشرة من الزوائد: في ترجمة شيخ النجاشي وأستاذه (رحمهما الله جميعا) وهو عبد السلام بن الحسين الاديب الواقع في أول سنده، المولود سنة 329، والمتوفى سنة 405، وقد تقدم في ترجمة الدوري ما اطرأه به النجاشي (ره).
وقال الخطيب في الرقم 5739، من تاريخ بغداد: 11، ص 57 س الاخير، ط 1: عبد السلام بن الحسين بن محمد، أبو أحمد البصري اللغوي، سكن بغداد، وحدث بها عن محمد بن اسحاق بن عباد التمار، وجماعة من البصريين، حدثني عنه عبد العزيز الازجي وغيره، وكان صدوقا عالما أديبا، قارئا للقرآن، عارفا بالقراءات، وكان يتولى ببغداد النظر في دار الكتب، واليه حفظها والاشراف عليها، سمعت أبا القاسم عبيد الله بن علي الرقي الاديب يقول: كان عبد السلام البصري من أحسن الناس تلاوة للقرآن، وانشادا للشعر، وكان سمحا سخيا وربما جاءه السائل وليس معه شئ يعطيه، فيدفع إليه بعض كتبه التي لها قيمة كثيرة وخطر كبير.
حدثني علي بن الحسن التنوخي: أن عبد السلام البصري توفي في يوم الثلاثاء التاسع عشر من المحرم سنة خمس وأربع مأة.
قال غيره: ودفن في مقبرة الشونيزي عند قبر أبي علي الفارسي، وكان مولده في سنة تسع وعشرين وثلاثماة.
وقال العلامة الرازي ادام الله ظله في (ازاحة الحلك الدامس) المخطوط ص 49: الشيخ أبو احمد عبد السلام بن الحسين بن محمد بن عبد الله البصري، ويعبر عنه بعبد السلام الاديب، أو أبي أحمد عبد السلام بن الحسين البصري، من مشايخ الشيخ أبي العباس احمد بن علي النجاشي
[470]
المتوفي سنة 450 كما يظهر من ترجمة جعفر بن محمد المؤدب وغيرها، وهو يروي عن الدوري، وعن أبي القاسم الحسن بن بشير بن يحيى الذي يروي عن محمد بن احمد المفجع، كما في ترجمة أحمد بن عبد الله بن جلين الدوري والمفجع من النجاشي، ويروي عنه أيضا بعض مشايخ النجاشي، وهو احمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، المتوفى سنة 423.
والشيخ الطوسي ما أدركه بعد وروده العراق سنة 408، وانما يروي عنه بواسطة ابن عبدون المذكور في الفهرست، في ترجمة محمد بن جرير العامي، انتهى بتلخيص ما.
الحادية عشرة من الزوائد: في ترجمة أحمد بن محمد بن سعيد، المعروف بأبي العباس ابن عقدة، المولود سنة 249، المتوفى سنة 333 ه.
وهو من مشايخ ثقة الاسلام الكليني (ره) وجماعة كثيرة من علماء الاسلام، وصيته أشهر من ان يذكر، وخبرته وتضلعه في العلوم الاسلامية فوق ان يوصف، ولذا تلقى الفريقان رواياته بالقبول، مع كونه تابعا ومؤمنا بمناقب بعض أئمة اهل البيت (ع)، وهو ذنب غير مغفور عند بعض من يدعي الاسلام، لاسيما إذا أضيف الى ما ذكر، إفراده رسالة في تواتر حديث الغدير، واثباته من طريق مأة وخمس نفرا من الصحابة، وبالجملة فهو من أعاظم الثقات، متفق عليه بين الفريقين، ونكتفي بشاهدين من الطرفين: الشاهد الاول - قال الشيخ أبو جعفر الطوسي أعلى الله مقامه في كتاب فهرست مصنفي الشيعة 52، ط 2، تحت الرقم 86: احمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمان بن زياد بن عبيد الله بن زياد بن عجلان، مولى عبد الرحمان بن سعيد بن قيس السبيعي الهمداني، المعروف بابن عقدة الحافظ، أخبرنا بنسبه احمد بن عبدون، عن محمد بن أحمد بن الجنيد، وأمره في الثقة والجلالة وعظم الحفظ أشهر من أن يذكر، وكان زيديا
[471]
جاروديا، وعلى ذلك مات، وانما ذكرناه في جملة أصحابنا لكثرة روايته عنهم وخلطته بهم، وتصنيفه لهم، وله كتب كثيرة، منها كتاب التاريخ وهو في ذكر من روى الحديث من الناس كلهم العامة والشيعة وأخبارهم، خرج منه شئ كثير ولم يتمه، وكتاب السنن، وهو عظيم، قيل انه حمل بهيمة، لم يجتمع لاحد وقد جمعه هو، وكتاب من روى عن امير المؤمنين عليه السلام، ومسنده (وأسنده خ)، كتاب من روى عن الحسن والحسين عليهما السلام، كتاب من روى عن علي بن الحسين (ع) وأخباره، كتاب من روى عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام واخباره، كتاب من روى عن زيد ابن علي ومسنده، كتاب الرجال وهو كتاب من روى عن جعفر بن محمد عليه السلام، كتاب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، كتاب اخبار ابي حنيفة ومسنده، كتاب الولاية ومن روى يوم غدير يرخم، كتاب فضل الكوفة، كتاب من روى عن علي عليه السلام انه قسيم الجنة والنار، كتاب الطائر، مسند عبد الله بن بكير بن أعين، حديث الراية، كتاب الشورى، كتاب ذكر النبي صلى الله عليه وآله والصخرة والراهب وطرق ذلك، كتاب الاداب وهو كتاب كبير يشتمل على كتب كثيرة (مثل كتاب المحاسن) كتاب طرق تفسير قول الله عزوجل: " انما أنت منذر ولكل قوم هاد " كتاب طرق حديث النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " كتاب تسمية من شهد مع امير المؤمنين عليه السلام حروبه من الصحابة والتابعين، كتاب الشيعة من أصحاب الحديث، وله كتاب من روى عن فاطمة عليها السلام من اولادها، وله كتاب يحيى بن الحسين بن زيد وأخباره.
أخبرنا بجميع رواياته وكتبه أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى الاهوازي، وكان معه خط أبي العباس باجازته، وشرح رواياته وكتبه، عن ابي العباس احمد بن محمد بن سعيد، ومات أبو العباس احمد بن محمد
[472]
ابن سعيد هذا بالكوفة، سنة 333 ثلاث وثلاثين وثلاث مأة.
وذكره المحقق النجاشي (ره) تحت الرقم 227، من رجاله 73، ثم قال: هذا رجل جليل في أصحاب الحديث، مشهور بالحفظ، والحكايات تختلف عنه في الحفظ وعظمه - ثم ساق الكلام كما ذكرناه عن شيخ الطائفة (ره)، وزاد على ما ذكره الشيخ كتاب صلح الامام الحسن (ع) ومعاوية، ثم قال -: هذه الكتب هي التي ذكرها أصحابنا وغيرهم ممن حدثناه عنه، ورأيت له كتاب تفسير القرآن، وهو كتاب حسن، وما رأيت أحدا ممن حدثناه عنه ذكره، وقد لقيت جماعة ممن لقيه وسمع منه وأجازه منهم من أصحابنا.
ومن العامة ومن الزيدية، ومات أبو العباس بالكوفة سنة 333 ثلاث وثلاثين وثلاثمأة.
والشاهد الثاني - ما حكي عن طبقات الحفاظ ص 93، 151 للسيوطي في الطبقة الحادية عشرة.
وهذا لفظه: ابن عقدة حافظ العصر، والمحدث البحر أبو العباس احمد بن محمد بن سعيد الكوفي مولى بني هاشم، ابوه نحوي صالح يلقب عقدة، سمع أمما لا يحصون وكتب عن العالي والنازل حتى عن أصحابه، وكان إليه المنتهى في قوة الحفظ، وكثرة الحديث، ورحلته قليلة ألف وجمع، حدث عنه الدار قطني، وقال: أجمع اهل الكوفة انه لم يريها من زمن ابن مسعود الى زمنه احفظ منه.
وعنه أحفظ مأة ألف حديث بأسنادها، وأجيب عن ثلاث مأة الف حديث من حديث أهل البيت وبني هاشم.
وقال أبو علي: ما رأيت احفظ منه لحديث الكوفيين، وعنده تشيع.
ولد سنة 249، ومات في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مأة.
ومثله بعينه مع زيادات لطيفة في تذكرة الحفاظ: 3، 57، ط الهند، تحت الرقم 49، من حفاظ الطبقة الحادية عشرة، وفصل الكلام في ترجمته وموارد استشهاد العامة بكلامه في عبقات الانوار: مجلد الغدير عن
[473]
14، الى 42.
وأما أحمد بن عبد الرحمان بن فضال القاضي، والحسن بن محمد بن احمد، اللذان يروي عنهما العسكري فلم أطلع على ترجمتهما الى الان، والظاهر انهما من علماء أهل السنة.
واما احمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)، فلم أجده فيما عندي من كتب الرجال معنونا، نعم ذكر الشيخ (ره) في باب من لم يرو عنهم (ع) من رجاله - باب الحسن - تحت الرقم 22، ص 464 ط 1 ماهذا لفظه: الحسن بن محمد بن احمد بن جعفر بن محمد بن زيدين علي بن الحسين بن علي أبي طالب عليه السلام، يكنى ابا محمد، روى عنه التلعكبري وسمع منه سنة ثلاث وعشرين وثلاثمأة وما بعدها، وكان ينزل بالرميلة ببغداد، وله منه اجازة.
ولاشك ان الحسن هذا من احفاد المترجم لاغير.
واما الحسن بن علوان الواقع في بعض نسخ سند العسكري فقد أسلفنا في ترجمة اخيه الحسين انه ثقة، وحكى في الخلاصة عن المحدث الخبير، والعالم البصير ابن عقده انه قال: ان الحسن بن علوان كان اوثق وأحمد من اخيه عند اصحابنا.
واما الحسن بن عبدك، فقد مضى في الخامسة من الزوائد ما يستعلم به حاله ومذهبه.
[474]
ومن وصية له عليه السلام الى السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين عليه السلام
يا بني أوصيك بتقوى الله في الغنى والفقر (1).
وكلمة الحق في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، وبالعدل على الصديق والعدو، وبالعمل في النشاط والكسل، والرضا عن الله في الشدة والرخاء.
أي بني ! ماشر بعده الجنة بشر، ولاخير بعده النار بخير، وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية (2).
واعلم أي بني أنه من أبصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره (3)، ومن تعرى من لباس التقوى لم يستتر بشئ من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وقريب من هذا الصدر تقدم في المختار الثالث، وهي وصيته عليه السلام الى اصحابه.
(2) من قوله (ع): ماشر بعده الجنة بشر، الى قوله (ع): وكل بلاء دون النار عافية، مذكور في غير واحد من كلمه الشريفة، كما في آخر الخطبة الاولى، من نهج السعادة.
(3) هذه الجملة ايضا قد نطق (ع) بها في غير واحد من كلماته الشريفة كما في وصيته (ع) الى السبط الاكبر، المختار 31، من كتب النهج.
[475]
اللباس، ومن رضي بقسم الله لم يحزن على ما فاته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن حفر بئرا لاخيه وقع فيها (4)، ومن هتك حجاب غيره إنكشفت عورات بيته (5)، ومن نسي خصيئته إستعظم خطيئة غيره، ومن كابد الامور عطب (6)، ومن إقتحم الغمرات غرق، ومن أعجب برأيه ضل ومن استغنى بعقله ذل، ومن تكبر على الناس ذل، ومن خالط العلماء وقر، ومن خالط الانذال حقر (7).
ومن سفه على الناس شتم، ومن دخل مداخل السوء أتهم، ومن مزح أستخف به، ومن أكثر من شئ عرف به، ومن كثر كلامه كثر خطاؤه، ومن كثر خطاؤه قل حياؤه، ومن قل حياؤه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) من قوله (ع): من سل سيف البغي قتل به، الى قوله (ع): عورات بيته، ذكره في الفصل 36، ومابعده من كنز الفوائد 57، الا ان فيه: ومن هتك حجاب اخيه، هتك عورات بينه.
(5) وفى بعض النسخ: انكشفت عوراته.
(6) من هنا الى قوله (ع): ومن مات قلبه دخل النار، ذكره في المختار 12، وهو وصيته (ع) الى السبط الاكبر الا بعض جمله.
يقال: فلان يكابد الامور، اي يقاسيها ويتحمل المشاق في فعلها بلا اعداد اسبابها.
وعطب فلان، اي هلك.
والغمرات: الشدائد.
وفى النهج: ومن اقتحم اللجج غرق.
(7) الانذال - جمع النذل - وهو الخسيس من الناس الدنئ في الاعمال والرويات.
[476]
قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه ومن مات قلبه دخل النار.
أي بنى من نظر في عيوب الناس ورضى لنفسه بها فذلك الاحمق بعينه، ومن تفكر إعتبر، ومن إعتبر إعتزل، ومن إعتزل سلم، ومن ترك الشهوات كان حرا ومن ترك الحسد كانت له المحبة عند الناس، أي بنى عز المؤمن غناه عن الناس، والقناعة مال لا ينفد، ومن أكثر ذكر الموت رضى من الدنيا باليسير، ومن علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما ينفعه (8) أي بنى العجب ممن يخاف العقاب فلم يكف، ورجا الثواب فلم يتب ويعمل، أي بنى الفكرة تورث نورا، والغفلة ظلمة، والجدالة ضلالة والسعيد من وعظ بغيره، والادب خير ميراث، وحسن الخلق خير قرين، ليس مع قطيعة الرحم نماء، ولامع الفجور غنى، أي بنى العافية عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت إلا بذكر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(8) وفى المختار 349، من قصار النهج، طبع مصر: قل كلامه الا فيما يعنيه. وما هنا من قوله (ع): انه من ابصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره.
قريب جدا مما في المختار المشار إليه، الا ان هنا زيادة ليست ثمة.
[477]
الله، وواحدة في ترك مجالسة السفهاء أي بنى من تزيا (9) بمعاصي الله في المجالس أورثه الله ذلا، ومن طلب العلم علم يا بني راس العلم الرفق، وآفته الخرق (10)، ومن كنوز الايمان الصبر على المصائب، والعفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى، كثرة الزيارة تورث الملالة، والطمأنينة قبل الخبرة ضد الحزم (11)، وإعجاب المرء بنفسه يدل على ضعف عقله، أي بني كم نظرة جلبت حسرة، وكم من كلمة سلبت نعمة، أي بني لاشرف أعلى من الاسلام، ولاكرم أعز من التقوى، ولا معقل أحرز من الورع ولا شفيع أنجح من التوبة (12)، ولالباس أجمل من العافية، ولامال أذهب بالفاقة من الرضا بالقوت ومن اقتصر على بلغة الكفاف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(9) اي من جعل ريه وعنوانه في المجتمع ومراي الناس المعاصي وارتكابها، يجعله الله ذليلا ويبدل عزه بالذل، وذلك لمجاهرته بهتك حرمات الله واعلانه بالطغيان ومبارزته بالتمرد والعصيان.
(10) الخرق - ضد الرفق - وهو الشدة وفظاظة القلب وغلظته.
(11) الطمأنينة: توطين النفس وتسكينها. والخبرة - بالضم -: العلم بالشئ. والحزم: ضبط الشئ واحكامه والاخذ فيه بالثقة.
(12) المعقل: الحصن والملجأ، والورع أمنع الحصون وأحرزها عن عذاب الله. والنجاح: الظفر والفوز، اي لا يظفر المكلف بشفاعة شفيع بالنجاة من سخط الله وعذابه مثل ما يظفر بالتوبة.
[478]
تعجل الراحة وتبوأ خفض الدعة (13) أي بني الحرص مفتاح التعب ومطية النصب (14) وداع إلى التفخم في الذنوب والشره جامع لمساوي العيوب (15) وكفاك أدبا لنفسك ما كرهته من غيرك، لاخيك عليك مثل الذي لك عليه، ومن تورط في الامور بغير نظر في العواقب فقد تعرض للنوائب.
التدبير قبل العمل يؤمنك الندم، من إستقبل وجوه الاراء عرف مواقع الخطاء، الصبر جنة من الفاقة، البخل جلباب (16) المسكنة، الحرص علامة الفقر، وصول معدم خير من جاف مكثر (17) لكل شئ قوت وابن آدم قوت الموت، أي بني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(13) البلغة - بالضم -: ما يتبلغ به من القوت، ولافضل فيه.
والكفاف - بفتح الكاف - من الرزق: مالازيادة فيه ولا نقصان، بل يكون بقدر الحاجة.
والخفض، لين العيش وسعته.
والدعة - بالتحريك -: الراحة.
والاضافة للمبالغة، أي تمكن واستقر في متسع الراحة.
(14) النصب - بالتحريك -: اشد التعب.
(15) الشره - على زنة الفرح -: الحرص الغالب، وفى بعض النسخ: الشرة - على زنة الهرة - وهي الحدة، النشاط، الغضب، الطيش، الحرص.
(16) الجلباب والجلباب - بسكون اللام وشدها -: الثوب الواسع الذي يغطي جميع البدن.
(17) الوصول - كصبور -: الذي يصل القرابة والمودة اللاحقة بالسابقة ولا يقطعها، ويداوم على المعروف ولا يهجرها.
والمعدم: الفقير.
وجاف: اسم فاعل من قولهم: جفاه يجفوه جفاه، أي اعرض عنه، وقسا قلبه
[479]
لا تؤيس مذنبا فكم من عاكف على ذنبه ختم له بخير، وكم من مقبل على عمله مفسد في آخر عمره صائر إلى النار، نعوذ بالله منها أي بني كم من عاص نجا، وكم من عاقل هوى من تحرى القصد خفت عليه المؤن (18)، في خلاف النفس رشدها، الساعات تنقص الاعمار، ويل للباغين من أحكم الحاكمين، وعالم ضمير المضمرين، يا بني بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد، في كل جرعة شرق وفى كل أكلة غصص (19) لن تنال نعمة إلا بفراق أخرى، ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليه وغلظ طبعه، لازم ومتعد.
والمكثر: الكثير المال.
ومراده (ع) ان من يدوم على الوصل والانس مع فقره، خير من قسي القلب الكثير المال الذي بعرض عن الارحام والاصدقاء.
(18) التحري: اختيار أصوب الوجوه.
والمؤن - بضم الميم وفتح الهمزة - جمع المئونة، وهي القوت وما يصرفه الانسان في سبيل اعاشته وطريق حياته وحياة من كان تحت كفالته، ويعد من عياله.
(19) قال في أقرب الموارد: الشرق - محركة -: الشمس، وقد يطلق على ما يشرق به.
يقال: شرق الرجل، أي غص بريقه.
وهو من باب علم، ومصدره على زنة البرق.
ولا يبعد ان يكون بضم الشين جمعا للشرقة بفتحها، كالغصص فانه جمع للغصة، وهي الشجا.
وقال الليث: الغصة الشجا يغص به في الحرقدة.
والغصص - بفتح أوله - مصدر قولك: غص يغص - من باب منع ومد - بالطعام والماء اي شرق به، أو وقف في حلقه فلا يكاد يسيغه، ومنعه من التنفس فهو غاص وغصان، وخص بعضهم به الماء.
[480]
أقرب الراحة من النصب، والبؤس من النعيم والموت من الحياة، والسقم من الصحة، فطوبى لمن أخلص لله عمله وعلمه وحبه وبغضه وأخذه وتركه وكلامه وصمته وفعله وقوله (20) وبخ بخ لعالم عمل فجد، وخاف البيات (21) فأعد واستعد، إن سئل نصح وإن ترك صمت كلامه صواب وسكوته من غير عي جواب (22) والويل لمن بلي بحرمان وخذلان وعصيان فاستحسن لنفسه ما يكرهه من غيره وأزرى (23) على الناس بمثل ما يأتي، واعلم أي بني أنه من لانت كلمته وجبت محبته، وفقك الله لرشده وجعلك من أهل طاعته بقدرته إنه جواد كريم.
تحف العقول 88، وفي نسخة 58، ونقلها باختصار في آخر الباب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(20) وقال الامام الصادق (ع) في كلام له مع حفص بن غياث: ومن تعلم وعمل لله دعي في ملكوت السماوات عظيما، فقيل: تعلم لله وعمل لله، وعلم لله، الخ.
(21) بخ - بالتخفيف والتثقيل - اسم فعل للمدح واظهار الرضي بالشئ.
ويكرر للمبالغة فيقال بخ بخ، بالكسر والتنوين.
والبيات: هجوم المكاره ليلا، بحرمان وخذلان وعصيان فاستحسن لنفسه ما يكرهه من غيره وأزرى (23) على الناس بمثل ما يأتي، واعلم أي بني أنه من لانت كلمته وجبت محبته، وفقك الله لرشده وجعلك من أهل طاعته بقدرته إنه جواد كريم.
تحف العقول 88، وفي نسخة 58، ونقلها باختصار في آخر الباب
(20) وقال الامام الصادق (ع) في كلام له مع حفص بن غياث: ومن تعلم وعمل لله دعي في ملكوت السماوات عظيما، فقيل: تعلم لله وعمل لله، وعلم لله، الخ.
(21) بخ - بالتخفيف والتثقيل - اسم فعل للمدح واظهار الرضي بالشئ.
ويكرر للمبالغة فيقال بخ بخ، بالكسر والتنوين.
والبيات: هجوم المكاره ليلا، وحلول المساءة (من اغارة عدو أو فقدان حبيب أو ضياع بضاعة) فيها.
(22) العي - بكسر العين -: العجز من الكلام، يقال: عيي - كحي من باب علم) عيا - على زنة ند وضد - في المنطق: حصر، فهو عي وعيي - كحي ودوي -، ومنه المثل: هو اعيا من باقل.
(23) ازرى وتزري عليه عمله، اي عاتبه أو عابه عليه ووضع من حقه.
[481]
100 من آخر ينابيع المودة.
وغير خفي على الخبير ان ما في هذه الوصية الشريفة فوق حد الاستفاضة، كما يعلم بأدنى المام بوصيته (ع) الى الحسن الزكي (ع) - وهو المختار 31، من الباب الثاني، من النهج - وبوصيته عليه السلام الى محمد بن الحنفية (ره) - وقد سبق ذكرها في هذا الكتاب - وبالرجوع الى خطبة الوسيلة، فضلا عمن احاط خبرا بكلامه (ع) في نهج البلاغة ونهج السعادة.
***