« الخطب » الأمر العظيم . و « الفادح » الثقيل . و قال الجوهريّ :
« المجرّب » الّذي قد جرّبته الأمور و أحكمته ، فإن كسرت الرّآء جعلته فاعلا إلاّ أنّ العرب تكلّمت به بالفتح . قوله عليه السلام و « نخلت » أي أخلصت و صفيت من نخلت الدقيق بالمنخل . قوله عليه السلام « لو كان يطاع » هو مثل يضرب لمن خالف ناصحه ، و أصل المثل أنّ قصيرا كان مولى الجذيمة بن الأبرش بعض ملوك العرب و قد كان جذيمة قتل أبا الزبّا ملكة الجزيرة ، فبعثت إليه ليتزوّج بها خدعة ، و سألته القدوم عليها فأجابها إلى ذلك و خرج في ألف فارس و خلّف باقي جنوده مع ابن أخته ،
[ 153 ]
و قد كان قصير أشار عليه بأن لا يتوجّه إليها فلم يقبل ، فلمّا قرب من الجزيرة استقبلته جنود الزبّا بالعدة و لم ير منهم إكراما له ، فأشار عليه قصير بالرجوع و قال : من شأن النساء الغدر ، فلم يقبل ، فلمّا دخل عليها قتله ، فعندها قال قصير : « لا يطاع لقصير أمر » فصار مثلا لكلّ ناصح عصى .
و قال ابن ميثم : و قد يتوهّم أنّ جواب « لو » ههنا مقدّم ، و الحقّ أنّ جوابها محذوف ، و التعبير أنّي أمرتكم و نصحت لكم فلو أطعتموني لفعلتم ما أمرتكم به . فقوله عليه السلام « فأبيتم . . . » إلى آخره في تقدير استثناء لنقيض التّالي و تقديره : لكنّكم أبيتم عليّ إباء المخالفين 173 . انتهى .
و لعلّ الأنسب على تقدير الجواب أن يقال : لو أطعتموني لما أصابتكم حسرة و ندامة ، أو لكان حسنا ، و نحوهما ، و يحتمل أن يكون للتمنّي فلا يحتاج إلى تقدير جواب على بعض الأقوال .
و قال في القاموس : « الانتباذ » التنحّي و تحيّز كلّ من الفريقين في الحرب كالمنابذة .
قوله عليه السلام « حتّى ارتاب الناصح » لعلّه محمول على المبالغة ، أي لو كان ناصح غيري لارتاب . قوله عليه السلام « و ضنّ الزند بقدحه » ، « الزند » العود الّذي يقدح به النّار ، قيل : هو مثل يضرب لمن يبخل بفوائده إذا لم يجدلها قابلا عارفا بحقّها . و « أخو هوازن » هو الدريد بن الصمة ، و البيت من قصيدة له في الحماسة ،
و قصّته أنّ أخاه عبد اللّه بن الصمة غزا بني بكر بن هوازن فغنم منهم و استاق إبلهم فلمّا كان بمنعرج اللوى ، قال : و اللّه لا أبرح حتّى أنحر النقيعة و هي ما ينحر من النهب قبل القسمة فقال أخوه : لا تفعل فإنّ القوم في طلبك ، و أبى عليه و أقام و أنحر النقيعة و بات . فلمّا أصبح هجم القوم عليه و طعن عبد اللّه بن الصمة فاستغاث بأخيه دريد ،
فنهنه عنه القوم حتّى طعن هو أيضا و صرع و قتل عبد اللّه ، و حال الليل بين القوم فنجادريد بعد طعنات و جراح ، فأنشد القصيدة . و مطابقة المثل للمضرب ظاهرة . 174
-----------
( 173 ) شرح النهج لابن ميثم ، ج 2 ، ص 87 ، ط بيروت .
-----------
( 174 ) بحار الأنوار ، الطبعة القديمة ، ج 8 ، ص 595 ، ط كمپاني و ص 549 ، ط تبريز .
[ 154 ]