30 و من كتاب له عليه السلام إلى معاوية

فاتّق اللّه فيما لديك ، و انظر في حقّه عليك ، و ارجع إلى معرفة ما لا تعذر بجهالته ، فإنّ للطّاعة أعلاما واضحة ، و سبلا نيّرة ،

و محجّة ( 3571 ) نهجة ( 3572 ) ، و غاية مطّلبة ( 3573 ) ، يردها الأكياس ( 3574 ) ،

و يخالفها الأنكاس ( 3575 ) ، من نكب ( 3576 ) عنها جار ( 3577 ) عن الحقّ ،

و خبط ( 3578 ) في التّيه ( 3579 ) ، و غيّر اللّه نعمته ، و أحلّ به نقمته . فنفسك نفسك فقد بيّن اللّه لك سبيلك ، و حيث تناهت بك أمورك ،

فقد أجريت إلى غاية خسر ( 3580 ) ، و محلّة كفر ، فإنّ نفسك قد أولجتك ( 3581 ) شرّا ، و أقحمتك ( 3582 ) غيّا ( 3583 ) ، و أوردتك المهالك ،

و أوعرت ( 3584 ) عليك المسالك .

-----------
( 148 ) بحار الأنوار ، الطبعة القديمة ، ج 8 ، ص 634 ، ط كمپانى و ص 585 ، ط تبريز .

[ 92 ]

[ قد روى العلاّمة هذا الكتاب في البحار كما يلي : ] و قال ابن ميثم : كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى معاوية :

فقد بلغني كتابك تذكر مشاغبتي و تستقبح مواريثي و تزعمني متجبّرا و عن حقّ اللّه مقصّرا ، فسبحان اللّه كيف تستجيز الغيبة و تستحسن العضيهة ؟ إنّي لم أشاغب إلاّ في أمر بمعروف أو نهي عن منكر ، و لم أتجبّر إلاّ على باغ مارق ، أو ملحد منافق ،

و لم آخذ في ذلك إلاّ بقول اللّه سبحانه : لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الآخِر يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّه وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانوا آباءَهُمْ وَ أَبْنَاءَهُم 149 .

و أمّا التقصير في حقّ اللّه ، فمعاذ اللّه . و إنّما المقصّر في حقّ اللّه جلّ ثناؤه من عطّل الحقوق المؤكّدة و ركن إلى الأهواء المبتدعة و أخلد إلى الضلالة المحيّرة . [ 150 ] و من العجب أن تصف يا معاوية الإحسان و تخالف البرهان و تنكث الوثائق الّتي هي للّه عزّ و جلّ مطلبة [ 151 ] و على عباده حجّة مع نبذ الإسلام و تضييع الأحكام و طمس الأعلام ، و المجرى في الهوى و الهوس في الرّدى . [ 152 ] فاتّق اللّه فيما لديك ، و انظر في حقّه عليك ، و ارجع إلى معرفة ما لا تعذر بجهالته ، فإنّ للطاعة أعلاما واضحة و سبلا نيّرة و محجّة نهجة و غاية مطلّبة [ 153 ] ، يردها الأكياس و يخالفها الأنكاس . من نكب عنها جار عن الحقّ و خبط في التيه و غيّر اللّه نعمته و أحلّ به نقمته .

-----------
( 149 ) المجادلة : 22 .

[ 150 ] في المصدر : و أمّا التقصير في حقّ اللّه ، فمعاذ اللّه جلّ ثناؤه من أن أعطّل الحقوق المؤكّدة و أركن إلى الأهواء المبتدعة و اخلد إلى الضلالة المحيّرة .

[ 151 ] في المصدر : طلبة .

[ 152 ] في المصدر : و الجري في الهوى و التهوّس في الرّدى .

[ 153 ] في المصدر : مطلوبة .

[ 93 ]

فنفسك نفسك فقد بيّن اللّه لك سبيلك ، و حيث تناهت به [ 154 ] أمورك . فقد أجريت إلى غاية خسرو محلّة كفر ، و إنّ نفسك قد أوحلتك [ 155 ] شرّا و أقحمتك غيّا و أوردتك المهالك و أوعرت عليك المسالك .

و من ذلك الكتاب :

و إنّ للنّاس جماعة ، يد اللّه عليها و غضب اللّه على من خالفها . فنفسك نفسك قبل حلول رمسك ، فإنّك إلى اللّه راجع و إلى حشره مهطع ، و سيبهضك كربة [ 156 ] و تحلّ بك غمّة [ 157 ] في يوم لا يغني النادم ندمه ، و لا يقبل من المعتذر عذره . يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلىً عَنْ مَوْلىً شَيْئاً وَ لاَ هُمْ يُنْصَرُونَ ( الدخان : 41 ) . [ 158 ]