أيّها النّاس ، إنّ أخوف ما أخاف عليكم اثنان : اتّباع الهوى ، و طول الأمل [ 4 ] ، فأمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ ، و أمّا طول الأمل فينسي الآخرة . ألا و إنّ الدّنيا قد ولّت حذّاء [ 5 ] فلم يبق منها إلاّ صبابة [ 6 ] كصبابة الإناء اصطبّها
[ 1 ] الحوّل القلب : البصير بتحويل الأمور و تقليبها .
[ 2 ] ينتهز : يبادر .
[ 3 ] الحريجة : التحرز من ارتكاب المحرمات .
[ 4 ] اتباع الهوى و طول الأمل : اتباع الهوى : ما تهواه النفس مما يخالف الشرع . و طول الأمل : تبعيد الموت عنه ،
و عدم التفكير به ، بينما الواجب على المسلم أن يجعله نصب عينيه ليكون أبعد عن ارتكاب الذنوب .
[ 5 ] حذاء : ماضية سريعة .
[ 6 ] صبابة : بقية الماء في الاناء . و هو أحسن تشبيه للدنيا بالنسبة للآخرة ، فنسبة ما يعيشه الانسان في الدنيا إلى عيشه في الآخرة كنسبة الفضلة من الماء في الإناء إلى مياه الدنيا الغزيرة .
[ 32 ]
صابّها ، ألا و إنّ الآخرة قد أقبلت و لكلّ منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، و لا تكونوا أبناء الدنيا ، فإنّ كلّ ولد سيلحق بأمّه يوم القيامة ، و إنّ اليوم عمل و لا حساب ، و غدا حساب و لا عمل . قال الشريف : أقول : الحذاء . السريعة ،
و من الناس من يرويه جذاء .