تجهّزوا رحمكم اللَّه ، فقد نودي فيكم بالرّحيل [ 1 ] ، و أقلّوا العرجة [ 2 ] على الدّنيا
[ 1 ] تجهزوا . . . : تهيئوا و اعدوا ما يصلحكم في سفركم الى الآخرة . فقد نودي فيكم بالرحيل : المراد بالنداء الأمراض التي تعرض للإنسان ، و عوارض الشيخوخة التي جعلها اللَّه تعالى مذكّرا للناس بالموت .
[ 2 ] و أقلوا العرجة : الإقامة بالمكان . و المراد : تقليل الإهتمام بها ، و التكالب عليها .
[ 45 ]
و انقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزّاد ، فإنّ أمامكم عقبة كؤودا ، و منازل مخوفة مهولة [ 1 ] ، لا بدّ من الورود عليها ، و الوقوف عندها . و اعلموا أنّ ملاحظ المنيّة نحوكم دانية ، و كأنّكم بمخالبها و قد نشبت [ 2 ] فيكم ، و قد دهمتكم فيها مفظعات الأمور ، و معضلات [ 3 ] المحذور ، فقطّعوا علائق
[ 1 ] و انقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزاد . . . : حصّلوا بها ما ينجيكم غدا . فإن أمامكم عقبة كؤودا : العقبة : المرتقى الصعب من الجبال ، و ما يعترض المرء من صعوبة : كؤود : صعبة . و منازل مخوفة مهولة :
تبدأ بالموت ، و ما بعده أصعب منه و أشد .
[ 2 ] ان ملاحظ المنية نحوكم دانية . . . : لاحظه : راقبه و راعاه . و المراد . . أن الموت يرصدكم . و المنية :
الموت . و دانية : قريبة . و المخالب : ظفر كل سبع من الماشي و الطائر . و نشبت : علقت .
[ 3 ] دهمتكم . . . : أتتكم فجأة . و فظع الأمر : أشتدت شناعته .
و عضل الأمر : أشتد و استغلق .
[ 46 ]
الدّنيا ، و استظهروا بزاد التّقوى [ 1 ] . و قد مضى شيء من هذا الكلام فيما تقدم ،
بخلاف هذه الرواية .