يعطف الهوى على الهدى إذا عطفوا الهدى على الهوى ، و يعطف الرّأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرّأي [ 1 ] .
[ 1 ] يعطف الهوى على الهدى . . . : يحمل الناس على ترك طريق الهوى ، و السير في طريق العدل . اذا عطفوا الهدى على الهوى : اذا تركوا طريق الهدى و اتبعوا أهواءهم و رغباتهم . و يعطف الرأي على القرآن : يحمل أهل الآراء الفاسدة و البدع على اتباع القرآن الكريم ، و الرجوع الى أحكامه . اذا عطفوا القرآن على الرأي : اذا فسّروا القرآن طبقا لآرائهم و مذاهبهم . و اجماع الشرّاح على ان المقصود بهذا الوصف هو الامام المهدي ( عليه السلام ) ، و الذي بشّر به رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه و آله ) ، و انّه يملأ الأرض قسطا و عدلا ، كما ملئت ظلما و جورا .
[ 8 ]
منها : حتّى تقوم الحرب بكم على ساق [ 1 ] باديا نواجذها ، مملوءة أخلافها ، حلوا رضاعها ،
علقما عاقبتها [ 2 ] . ألا و في غد و سيأتي غد بما لا تعرفون يأخذ الوالي من غيرها عمّالها على مساوىء أعمالها [ 3 ] ، و تخرج له الأرض من أفاليذ كبدها ، و تلقي إليه سلما مقاليدها [ 4 ] ، فيريكم
[ 1 ] على ساق : اشتدّت و عظمت .
[ 2 ] النواجذ . . . : الأسنان . و اخلاف الناقة : حلمات ضرعها .
و العلقم : نبت مرّ . و العاقبة : ما يؤول إليه الأمر . و المراد :
وصف حرب شديدة تؤول نتيجتها للهلاك و الدما .
[ 3 ] مساوىء أعمالها : يأخذ الامام المهدي ( عليه السلام ) عمّال السوء ، و أعوان الظلمة و يحاسبهم على أعمالهم .
[ 4 ] الفلذة . . . : القطعة من الذهب و الفضة . و مقاليد جمع مقلاد : مفتاح . و المراد : استسلام أهل الأرض له ،
و انقيادهم لطاعته .
[ 9 ]
كيف عدل السّيرة ، و يحيي ميّت الكتاب و السّنّة [ 1 ] .
منها : كأنّي به قد نعق بالشّام ، و فحص براياته في ضواحي كوفان [ 2 ] ، فعطف إليها عطف الضّروس [ 3 ] و فرش الأرض بالرّؤوس ، قد فغرت
[ 1 ] فيريكم كيف عدل السيرة . . . : تشاهدون سيرته العادلة .
و يحيي ميّت الكتاب و السنّة : ان الأدوار التي مرّت على الأمّة ، و الحكّام الجائرين الذين حكموها ، قد أماتوا تعاليم القرآن الكريم ، و سنّة الرسول الأعظم ( صلّى اللّه عليه و آله ) ،
فيرجع الإمام المهدي ( عليه السلام ) الناس إليهما .
[ 2 ] نعق . . . : الراعي : صاح بغنمه و زجرها . و فحص :
أسرع . و كوفان : مدينة الكوفة على الفرات ، بينها و بين بغداد 150 كيلو متر . و المراد به السفياني الذي يخرج في الشام ، ثم يسير الى العراق ، و منه الى الحجاز ، و هو الذي يخسف بجيشه ما بين مكّة و المدينة .
[ 3 ] فعطف . . . : رجع عليه بما يكره . و الضروس : الناقة السيّئة الخلق . و المراد : بيان شدّته كالناقة التي تعضّ حالبها .
[ 10 ]
فاغرته ، و ثقلت في الأرض وطأته [ 1 ] ، بعيد الجولة ، عظيم الصّولة [ 2 ] . و اللّه ليشرّدنّكم في أطراف الأرض [ 3 ] حتّى لا يبقى منكم إلاّ قليل كالكحل في العين ، فلا تزالون كذلك حتّى تؤوب إلى العرب عوازب أحلامها [ 4 ] فالزموا السّنن القائمة ، و الآثار البيّنة ، و العهد القريب الّذي عليه باقي النّبوّة [ 5 ] ، و اعلموا أنّ الشّيطان إنّما يسنّي [ 6 ]
[ 1 ] فغر . . . : انفتح . و فاغرته : فتحته ( يوصف بها الأسد عند صولته ) و المراد : بيان شدّة العدو . وطأته : أخذه الناس بشدّة .
[ 2 ] بعيد الجولة . . . : المراد : بيان سعة ملكه . و الصولة : الشدّة في الحرب .
[ 3 ] ليشرّدنّكم في أطراف الأرض : تتفرّقون في نواحي الأرض هربا منه .
[ 4 ] تؤوب . . . : ترجع . عوازب أحلامها : ما ذهب من عقولها .
[ 5 ] فالزموا السنن القائمة . . . : العمل المحمود في الدين .
و الآثار البيّنة : الواضحة الرشد . و العهد : ما أمركم و كلفكم به ربّكم . و الذي عليه باقي النبوة : بقايا تعاليم الرسول الأعظم ( صلّى اللّه عليه و آله ) .
[ 6 ] يسني : يسهّل . و المراد : انه يجذبكم اليه بما يسهل عليكم فعله .
[ 11 ]
لكم طرقه لتتّبعوا عقبه .