أما إنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم [ 1 ] ، مندحق البطن [ 2 ] يأكل ما يجد و يطلب ما لا يجد ، فاقتلوه ، و لن تقتلوه ، ألا و إنّه سيأمركم بسبّي [ 3 ] و البراءة منّي : أمّا السّبّ
[ 1 ] رحب البلعوم : واسعه .
[ 2 ] مندحق البطن : عظيم البطن . ، و المراد بالرجل معاوية ، حتى صار مثلا في سعة البطن ، و كثرة الأكل .
يقول الشاعر :
و صاحب لي بطنه كالهاوية
كأنّ في أمعائه معاوية
[ 3 ] بسبي : بذل معاوية جهده في سب الامام عليه السلام ، و البراءة منه ، و قتل على ذلك جماعة كبيرة من المسلمين ، امثال حجر بن عدي الكندي و اصحابه ،
و استمرّ الامويون على ذلك إلى زمن عمر بن عبد العزيز فاستبدله بالآية الكريمة ان اللّه يأمرُ بِالعدل و الاحسَانِ و ايتاءِ ذِي القربى و ينهى عنِ الفحشاءِ وَ المنكرِ و البَغِي يعظُكُم لعلَكُم تذكَّرُون 16 : 90 .
[ 13 ]
فسبّوني ، فإنّه لي زكاة [ 1 ] ، و لكم نجاة ، و أمّا البراءة فلا تتبرّأوا منّي [ 2 ] ، فإنّي ولدت على الفطرة [ 3 ] ، و سبقت إلى الإيمان و الهجرة .
[ 1 ] لي زكاة : يشير الى الحديث : ذكر المؤمن بسوء زكاة له .
[ 2 ] فلا تتبرأوا مني : الفرق بين السب و البراءة : أن السب للمكره يركز الحب لمن سبّه ، و الآية الكريمة النازلة في عمار بن ياسر رضوان اللّه عليه لما أكرهه المشركون على السب إلاّ مِنْ اكُره و قلبُهُ مطمئنّ بِالايمَانِ 16 :
106 و قوله صلى اللّه عليه و آله له : فان عادوا لك فعدلهم بما قلت ، بينما البراءة انعكاس للباطن ، و خروج من المبدأ .
[ 3 ] ولدت على الفطرة : هو ما كان يتدين به إبراهيم عليه السلام ، على ما فطره اللّه عليه ، و هذا يؤيد ما يذهب إليه الشيعة من ان آباء النبي صلى اللّه عليه و آله كانوا على الحنيفية السمحاء ، لم تنجسهم الجاهلية بانجاسها ، و لم تلبسهم المدلهمات من ثيابها .
[ 14 ]