أمّا بعد فإنّي على التّردّد في جوابك ،
و الاستماع إلى كتابك ، لموهّن رأيي ، و مخطّىء
[ 1 ] و ان الدنيا دول . . . : تنتقل من حال الى حال وَ تِلكَ الأيّام نُدَاوِلُهَا بَينَ النَّاسِ 3 : 140 . فما كان لك منها أتاك على ضعفك : يصلك ما قسم لك و إن قلّت حيلتك و ضعفت مقدرتك عن السعي و التحصيل . و ما كان منها عليك : من بؤس و شقاء . لم تدفعه بقوّتك : لا يمكنك صرفه .
[ 68 ]
فراستي [ 1 ] ، و إنّك إذ تحاولني الأمور ، و تراجعني السّطور ، كالمستثقل النّائم تكذبه أحلامه ،
و المتحيّر القائم يبهظه مقامه لا يدري أله ما يأتي أم عليه ، و لست به ، غير أنّه بك شبيه [ 2 ]
[ 1 ] على التردد في جوابك . . . : التكرار في اجابتك .
و الاستماع الى كتابك : و قراءة رسائلك ، لأن المفروض بي أهمالها . لموهن رأيي : مستضعف رأيي . و المراد : ليس من الرأي مكاتبتك و لا اجابتك . و مخطىء فراستي : فرس الأمر فراسة : أدرك باطنه بالظن الصائب فهو فارس .
و المراد : خطّأت فراستي و يقيني بضلالك ، و عدم التمكن من استصلاحك بتبادل الرسائل أو بغيرها .
[ 2 ] و انك اذا تحاولني الأمور . . . : حاول الأمر محاولة : أراد ادراكه و انجازه . و المراد : ما تكتب به اليّ في ولاية الشام .
و تراجعني السطور : تكتب اليّ الرسائل . كالمستثقل النائم :
المستغرق في نومه . تكذّبه احلامه : يرى أحلاما كاذبة .
و المراد : ما تحدّثك به نفسك من ان أوليك الشام هو من الأحلام الكاذبة . و المتحير القائم : في موقف مهم . يبهضه مقامه : يشق عليه ذلك الموقف فيتحيّر حتى لا يدري ما يقول . لا يدري اله ما يأتي : بما ينفعه . أم عليه : بما يضرّه . و لست به غير انه بك شبيه : مشابه له و نظير .
[ 69 ]
و أقسم باللَّه إنّه لو لا بعض الاستبقاء لوصلت إليك منّي قوارع : تقرع العظم ، و تهلس اللّحم [ 1 ] و اعلم أنّ الشّيطان قد ثبّطك عن أن تراجع أحسن أمورك ، و تأذن لمقال نصيحتك [ 2 ] ، و السّلام لأهله .
[ 1 ] لو لا بعض الاستبقاء . . . : الابقاء . و المراد : لو لا ما أراه من المصلحة من السكوت عن مثالبك و عيوبك . لوصلت اليك مني قوارع : قرع فلانا : أوجعه باللوم و العتاب .
تقرع العظم : تقارع القوم بالسيوف : تضاربوا بها . و تهلس اللحم : تذهب به .
[ 2 ] و اعلم ان الشيطان قد ثبطك . . . : ضعفّك و ثقّلك . عن ان تراجع أحسن امورك : في الدخول في الطاعة ، و ترك الشقاق . و تأذن لمقال نصيحتك : تسمع و تأخذ بنصائحي .
[ 70 ]