اللّهمّ إنّك آنس الآنسين لأوليائك ،
[ 1 ] هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت . . . : في ذلك المكان ، و في تلك الحال تعلم كل نفس ما قدّمت من خير أو شرّ و ترى جزاءه ( و ردوا الى اللَّه مولاهم الحق ) : ردّوا الى جزاء اللَّه ، و الى الموضع الذي لا يملك أحد فيه الحكم إلاّ اللَّه . و الحق : صفة اللَّه تعالى ، و هو القديم الدائم الذي لا يفنى و ما سواه يبطل و ضلّ عنهم ما كانوا يفترون بطل و هلك عنهم ما كانوا يدعونه بافترائهم من الشركاء مع اللَّه تعالى .
[ 59 ]
و أحضرهم بالكفاية [ 1 ] للمتوكّلين عليك ،
تشاهدهم في سرائرهم ، و تطّلع عليهم في ضمائرهم [ 2 ] ، و تعلم مبلغ بصائرهم ، فأسرارهم لك مكشوفة ، و قلوبهم إليك ملهوفة [ 3 ] ، إن
[ 1 ] اللهم انك آنس الآنسين لاوليائك . . . : أنت أكثر انسا بأوليائك و أهل طاعتك ، و يقرب من هذا الحديث النبوي : ( ان اللَّه تعالى أفرح بتوبة العبد منه لنفسه ) ، و قد قال اللَّه : إنّ اللَّه يحبُّ التوّابينَ و يُحبُّ المتطهّرين 2 : 222 و أحضرهم بالكفاية : أسرعهم بالكفاية . للمتوكلين عليك :
للمنقطعين اليك في جميع ما يؤمله مخلوق من مخلوق .
[ 2 ] تشاهدهم في سرائرهم ، و تطلع عليهم في ضمائرهم . . . :
مطلع على ما يسرونه و يضمرونه . و تعلم مبلغ بصائرهم :
يقينهم .
[ 3 ] فأسرارهم لك مكشوفة . . . : تعلمها . و قلوبهم اليك ملهوفة : تلهف : حزن و تحسّر . و المراد : يحزنهم ما داخلهم من تقصير في الطاعة .
[ 60 ]
أوحشتهم الغربة آنسهم ذكرك ، و إن صبّت عليهم المصائب لجأوا إلى الاستجارة بك [ 1 ] علما بأنّ أزمّة الأمور بيدك ، و مصادرها عن قضائك [ 2 ] .
اللّهمّ إن فههت عن مسألتي ، أو عمهت عن طلبتي [ 3 ] ، فدلّني على مصالحي ، و خذ بقلبي
[ 1 ] اذا أوحشتهم الغربة آنسهم ذكرك . . . : الايحاش :
خلاف الاستيناس . و المراد : ان ذكرك في قلوبهم و على السنتهم هو أنسهم في الوحشة و الغربة . و اذا صبّت عليهم المصائب لجأوا الى الإستجارة بك : بك يعتصمون و يستجيرون من نكبات الدهر ، و تقلبات الزمن .
[ 2 ] علما بأن أزمة الأمور بيدك . . . : الأزمة : الشدّة و القحط .
و مصادرها جمع مصدر : ما يصدر عنه الشيء . عن قضائك : عن أمرك بِيَدِهِ المُلكُ وَ هُوَ عَلى كُلِ شَيءٍ قَديرُ 67 : 1 .
[ 3 ] اللهم ان فههت عن مسألتي . . . : عييت . أو عمهت عن طلبتي : تحيرت و ترددت .
[ 61 ]
إلى مراشدي [ 1 ] ، فليس ذلك بنكر من هداياتك ،
و لا ببدع من كفاياتك [ 2 ] .
اللّهمّ احملني على عفوك ، و لا تحملني على عدلك [ 3 ] .