فقال عليه السّلام : أ مخرسون أنتم ؟ فقال قوم منهم : يا أمير المؤمنين ، إن سرت سرنا معك ، فقال عليه السلام :
ما بالكم لا سدّدتم لرشد ، و لا هديتم لقصد ؟ [ 2 ] أ في مثل هذا ينبغي أن أخرج ؟ إنّما
[ 1 ] مليا : طويلا .
[ 2 ] لا سددتم لرشد : و لا وفقتم للرشاد . و لا هديتم : و لا اهتديتم . و القصد : الأمر المعتدل الذي لا ميل فيه .
[ 31 ]
يخرج في مثل هذا رجل ممّن أرضاه من شجعانكم و ذوي بأسكم ، و لا ينبغي لي أن أدع المصر ، و الجند ، و بيت المال ، و جباية الأرض و القضاء بين المسلمين ، و النّظر في حقوق المطالبين ، ثمّ أخرج في كتيبة أتّبع أخرى أتقلقل تقلقل القدح في الجفير الفارغ [ 1 ] . و إنّما أنا قطب الرّحى [ 2 ] : تدور عليّ و أنا بمكاني ، فإذا
[ 1 ] تقلقل . . . : تضرب . و القدح : السهم قبل أن يراش .
و الجفير : الكنانة التي توضع فيها السهام . و المعنى : ان خروجي بقلّة من الجند ، و ارتباك من الوضع ، يكون كالقدح الذي لا تكون حوله أقداح تمنعه من التقلقل .
[ 2 ] و انما أنا قطب الرحى : العود الذي تدار به . و المراد : بيان تسييره للأمور ، و مباشرته للأعمال التي لا يمكن أن يقوم بها غيره .
[ 32 ]
فارقتها استحار مدارها ، و اضطراب ثفالها [ 1 ] ،
هذا لعمر اللّه الرّأي السّوء و اللّه لو لا رجائي الشّهادة عند لقائي العدوّ لو قد حمّ لي لقاؤه [ 2 ] ،
لقرّبت ركابي ثمّ شخصت عنكم [ 3 ] فلا أطلبكم ما اختلف جنوب و شمال [ 4 ] . إنّه لا غناء في كثرة عددكم مع قلّة اجتماع قلوبكم . لقد حملتكم على الطّريق الواضح الّتي لا يهلك عليها إلاّ
[ 1 ] استحار مدارها . . . : اضطرب . و الثفال : الحجر الأسفل من الرحى .
[ 2 ] حمّ : قدّر .
[ 3 ] قربت ركابي . . . : أبلي . و شخصت عنكم : خرجت و تركتكم غير ملتفت الى إمرتكم .
[ 4 ] ما اختلفت جنوب و شمال : المراد : رياح الجنوب و الشمال ،
و هو يشبه قول القائل : ما دام ليل و نهار ، و ما طلعت شمس و غربت ، و يراد بذلك التأكيد و الاستمرار على الأمر .
[ 33 ]
هالك [ 1 ] من استقام فإلى الجنّة ، و من زلّ فإلى النّار .