و لقد كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نقتل آباءنا و أبناءنا و إخواننا و أعمامنا ، ما يزيدنا ذلك إلاّ إيمانا و تسليما و مضيّا على اللّقم [ 1 ] و صبرا على مضض [ 2 ] الألم ، و جدّا في جهاد العدوّ . و لقد كان الرّجل منّا و الآخر من عدوّنا يتصاولان [ 3 ] تصاول الفحلين ، يتخالسان [ 4 ] أنفسهما أيّهما يسقي صاحبه كأس المنون [ 5 ] : فمرّة لنا من عدوّنا ، و مرّة لعدوّنا منّا ، فلمّا رأى لا للّه صدقنا
[ 1 ] اللقم : منهج الطريق .
[ 2 ] مضض الألم : شدة الألم .
[ 3 ] يتصاولان : صال عليه : سطا عليه ليقهره و يغلبه .
[ 4 ] يتخالسان : ينتهز كل منهما الفرصة للقضاء على صاحبه .
[ 5 ] كأس المنون : المنية . الموت .
[ 11 ]
أنزل بعدوّنا الكبت [ 1 ] و أنزل علينا النّصر ، حتّى لاستقرّ الإسلام ملقيا جرانه [ 2 ] ، و متبوّئا أوطانه .
و لعمري لو كنّا نأتي ما أتيتم ما قام للدّين عمود ،
و لا اخضرّ للإيمان عود ، و أيم اللّه لتحتلبنّها دما [ 3 ] و لتتبعنّها ندما .
[ 1 ] الكبت : الذل و الخزي .
[ 2 ] ملقيا جرانه : ملقيا : واضعا . و جران البعير : مقدّم عنقه إلى منخره . و المراد : تشبيه استقرار الإسلام و انتشاره و رسوخه في النفوس .
[ 3 ] لتحتلبنها دما : هي الناقة التي أصيب ضرعها بآفة لتقصير صاحبها في رعايتها فيجيء حليبها دما .
و المراد : أن نتيجة تثاقلكم و ابطائكم عن الجهاد ،
و تقصيركم فيما يجب عليكم سيؤدي بكم الى الذل و الهوان .
[ 12 ]