من عبد اللَّه عليّ أمير المؤمنين ، إلى القوم الّذين غضبوا للَّه حين عصي في أرضه ، و ذهب بحقّه [ 1 ] ، فضرب الجور سرادقه على البرّ
[ 1 ] و ذهب بحقه : الذي أوجبه على عباده .
[ 99 ]
و الفاجر ، و المقيم و الظّاعن [ 1 ] ، فلا معروف يستراح إليه ، و لا منكر يتناهى عنه [ 2 ] .
أمّا بعد فقد بعثت إليكم عبدا من عباد اللَّه لا ينام أيّام الخوف ، و لا ينكل عن الأعداء ساعات الرّوع ، أشدّ على الكفّار من حريق النّار [ 3 ] ، و هو مالك بن الحارث أخو مذحج [ 4 ] ،
[ 1 ] فضرب الجور . . . : الظلم . و السرادق : كل ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب . و البر : الصالح المطيع . و الفاجر :
الفاسق غير المكترث . و المقيم : في وطنه . و الظاعن :
السائر المرتحل . و المراد : عمّ جور الأمويين و ولاتهم العالم الإسلامي .
[ 2 ] فلا معروف . . . : ما عرف من طاعة اللَّه تعالى . و استراح :
وجد الراحة . . و المنكر : ما قبّحه الشرع و حرّمه . يتناهى عنه : لا يوجد من ينهى عنه . و المراد : لا أمر بمعروف ،
و لا نهي عن المنكر .
[ 3 ] و لا ينكل . . . : ينكص ( يرجع الى خلف ) ساعات الروع :
الفزع . أشد على الفجار من حريق النار : يريد بطولته و شدّته عليهم .
[ 4 ] أخو مذحج : من قبيلة مذحج .
[ 100 ]
فاسمعوا له ، و أطيعوا أمره فيما طابق الحقّ فإنّه سيف من سيوف اللَّه لا كليل الظّبة ، و لا نابي الضّريبة [ 1 ] فإن أمركم أن تنفروا فانفروا ، و إن أمركم أن تقيموا فأقيموا [ 2 ] ، فإنّه لا يقدم و لا يحجم [ 3 ] ، و لا يؤخّر و لا يقدّم ، إلاّ عن أمري .
[ 1 ] فإنه سيف من سيوف اللَّه . . . : نسبه للَّه تعالى تشريفا له و إشارة الى قوة إيمانه باللَّه ، و شدّته على مخالفي أمره . و الكليل :
الضعيف أو المتعب . و الظبّة : حد السيف و السنان و الخنجر .
و لا نابي : لا يقطع . و الضريبة : الشيء المضروب بالسيف .
[ 2 ] فإن أمركم أن تنفروا فانفروا . . . : أخرجوا الى الغزو إنفرُوا خِفَافاً وَ ثقالاً 9 : 41 . و إن أمركم أن تقيموا فاقيموا : لأنه عالم بالمصالح ، خبير بتدبير الأمور .
[ 3 ] يحجم : يكف .
[ 101 ]
و قد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم و شدّة شكيمته [ 1 ] على عدوّكم .