لما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و خاطبه العباس و أبو سفيان بن حرب في أن يبايعا له بالخلافة .
أيّها النّاس ، شقّوا أمواج الفتن بسفن النّجاة ،
و عرّجوا عن طريق المنافرة و ضعوا تيجان المفاخرة [ 1 ] أفلح من نهض بجناح [ 2 ] ، أو
[ 1 ] عرّجوا : اتركوا . و المنافرة : المفاخرة ، و ضعوا تيجان المفاخرة : دعاهم إلى الحق و ترك التفاخر و التطاول ،
و لما كان التاج شعار الملوك و العظماء أكبر ما يفتخر به المفتخرون استعارة للتشبيه .
( 2 ) نهض بجناح : طالب بحقه و له من ينصره و يدافع عنه .
شبّه الأعوان بجناح الطائر لأن به يحصل مطلوبه .
[ 27 ]
استسلم فأراح [ 1 ] ، هذا ماء آجن [ 2 ] و لقمة يغصّ بها آكلها . و مجتني الثّمرة لغير وقت إيناعها كالزّارع بغير أرضه ، فإن أقل يقولوا : حرص على الملك ، و إن أسكت يقولوا : جزع من الموت هيهات بعد اللّتيا و اللّتي [ 3 ] و اللّه لابن أبي طالب آنس بالموت من الطّفل بثدي أمّه ، بل اندمجت [ 4 ] على مكنون علم لو بحت به
[ 1 ] استسلم فأراح : ترك الطلب بحقه فاستراح من جهد المطالبة .
[ 2 ] آجن : متغير الطعم و اللون .
[ 3 ] الجملة إشارة إلى أنه لم يأت الوقت المناسب لأخذ الحق لقوة الغاصب ، و قلة الناصر .
[ 4 ] اندمجت : انطويت . مكنون : مصون . مخزون .
و ربما يكون العلم الذي أشار إليه هو ما علمه من نفسيات بعض أولياء الأمور ، و مدى التزامهم الديني ،
فهذا أبو سفيان شيخ قريش و زعيمها يقول و هو على أبواب الموت و قد سرّه وصول الخلافة إلى عثمان :
تلقفوها يا بني أميّة تلقف الكرة ، فو الذي يحلف به أبو سفيان فلا جنة و لا نار ، و غيره كثير .
[ 28 ]
لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطّويّ البعيدة [ 1 ] .