و قال عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج و قيل له : إنهم قد عبروا جسر النهروان مصارعهم [ 1 ] دون النّطفة ، و اللّه لا يفلت منهم عشرة ، و لا يهلك منكم عشرة . قال الشريف : يعني بالنطفة ماء النهر ، و هو أفصح ، كناية و إن كان كثيرا جما . و لما قتل الخوارج قيل له : يا أمير المؤمنين ،
هلك القوم بأجمعهم فقال عليه السّلام :
كلاّ و اللّه إنّهم نطف في أصلاب [ 2 ] الرّجال
[ 1 ] مصارعهم دون النطفة : يقتلون قبل أن يعبروا النهر .
[ 2 ] نطف في اصلاب الرجال ، و قرارات النساء :
النطفة : الماء الذي يتكون منه الولد . و الصلب : في الظهر ، و كل شيء من الظهر فيه فقار فذلك صلب .
و في القرآن الكريم يخرج من بين الصلب و الترائب 86 : 7 يعني من بين صلب الرجل ،
و ترائب المرأة ، و هي عظام الصدر . و قرارات النساء :
أرحامهن ( فروجهن ) و المراد : استمراريتهم .
[ 17 ]
و قرارات النّساء ، كلّما نجم منهم قرن [ 1 ] قطع ، حتّى يكون آخرهم لصوصا [ 2 ] سلاّبين . و قال عليه السلام :
لا تقتلوا الخوارج بعدي ، فليس من طلب الحقّ [ 3 ] فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه ( يعني معاوية و أصحابه ) .
[ 1 ] نجم منهم قرن : نجم : طلع . و القرن : رئيس القوم ، و المعنى : كلما ثار منهم جماعة قتلوا .
[ 2 ] لصوصا : سرّاقا . فهم بعد وقائع المهلب انكسروا ،
و تفرقوا باصبهان و الاهواز ، و سواد العراق ، يعيشون على النهب ، و قتل من لم يدين بمذهبهم جهرا و غيلة .
[ 3 ] ليس من طلب الحق . . . أنهم على شبهة حصلت لهم من التحكيم ، و عقيدة أكثرهم أنهم على حق و دين و جهاد ، كما أن قتلهم في تلك الظروف تقوية للحكم الاموي البعيد كل البعد عن الإسلام ، و معاوية كان على علم و يقين بأنه على ضلال ، و انه يقاتل الامام أمير المؤمنين عليه السلام ظالما له ، متعديا عليه ، و كان القتال وسيلته الوحيدة لطلب الملك و السلطان ، فقد كان ينتظره بفارغ الصبر ، و كان بامكانه إنقاذ الموقف قبل فوات الاوان في إرسال جيش شامي لنصرة عثمان و حمايته ،
و الى هذا يشير الامام عليه السلام في بعض كتبه إليه .
نصرته إذ كان النصر لك .
[ 18 ]