و قد أرسل رجلا من أصحابه يعلم له علم أحوال قوم من جند الكوفة قد همّوا باللّحاق بالخوارج ، و كانوا على خوف منه ( عليه السلام ) ، فلما عاد إليه الرجل قال له : أمنوا
[ 1 ] و اقرب بقوم من الجهل . . . : ما أقربهم منه . و مؤدبهم :
معلمهم . و ابن النابغة : قال في مجمع البحرين : نبغ الشيء ينبغ نبوغا : أي ظهر ، و منه ( ابن النابغة ) لعمرو بن العاص لظهورها و شهرتها في البغي .
[ 18 ]
فقطنوا أم جبنوا فظعنوا [ 1 ] ؟ فقال الرجل : بل ظعنوا يا أمير المؤمنين . فقال :
بعدا لهم كما بعدت ثمود [ 2 ] ، أما لو أشرعت الأسنّة إليهم ، و صبّت السّيوف [ 3 ] على هاماتهم لقد ندموا على ما كان منهم ، إنّ الشّيطان اليوم قد استفلّهم و هو غدا متبرّىء منهم [ 4 ] ، و متخلّ
[ 1 ] قطن في المكان : أقام به . و ظعن : سار و ارتحل .
[ 2 ] بعدا لهم . . . : ابعدهم اللّه من رحمته فبعدوا بعدا . و ثمود :
قبيلة من العرب ، و هم قوم صالح ( عليه السلام ) ، و في القرآن الكريم : أَلاَ بُعداً لِمَديَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ 11 : 95 .
[ 3 ] اشرع نحوه الرمح : سدده . و الأسنّة : الرماح . و صبت السيوف : أرسلت . و هاماتهم جمع هامة : الرأس .
[ 4 ] الفل . . . : التفرق و الانهزام . و المراد : حبّذ لهم الهزيمة و زيّنها لهم . و متبرّىء منهم : يبرأ منهم وَ إذ زَيَّنَ لهُمُ الشَّيطَانُ أَعمَالَهُم وَ قَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ اليَومَ مِنَ النَّاسِ وَ إنِّي جَارٌ لَكُم فَلَمَّا تَراءتِ الفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيهِ وَ قَالَ إنِّي بَرِيءٌ مِنكُمْ إنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَونَ إنِّي أَخافُ اللّهَ وَ اللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ 8 : 48 .
[ 19 ]
عنهم ، فحسبهم بخروجهم من الهدى ،
و ارتكاسهم في الضّلال و العمى ، و صدّهم عن الحقّ ، و جماحهم في التّيه [ 1 ] .