قد كنت و ما أهدّد بالحرب ، و لا أرهب [ 1 ] بالضّرب ، و أنا على ما قد وعدني ربّي من النّصر ، و اللّه ما استعجل متجرّدا للطّلب بدم عثمان إلاّ خوفا من أن يطالب بدمه لأنّه مظنّته ،
و لم يكن في القوم أحرص عليه منه ، فأراد أن يغالط بما أجلب فيه ليلبس الأمر [ 2 ] و يقع الشّكّ
[ 1 ] قد كنت و ما أهدد بالحرب . . . : ردّ عليهم حينما هددوه و خوّفوه بالحرب ، و هو مما يعاب به عليهم ، فمثله لا تجهل بطولته . و ارهّب : اخوّف .
[ 2 ] متجرّدا . . . : مجدّا فيه . و مظنّة الشيء : موضعه و مألفه الذي يظنّ كونه فيه . و احرص عليه : على قتله . و المغالطة :
استدلال زائف . و جلب : جمع و ألّب . ليلبس الأمر :
يخلطه . و المعنى : ان سبب طلبه بدم عثمان هو الخوف من أن يطالب به ، لأنّه السبب الرئيسي في قتله ، و حتى في أيام الحصار منع عنه الماء .
[ 82 ]
و و اللّه ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث :
لئن كان ابن عفّان ظالما ، كما كان يزعم ، لقد كان ينبغي له أن يؤازر [ 1 ] قاتليه أو أن ينابذ ناصريه ،
و لئن كان مظلوما لقد كان ينبغي له أن يكون من المنهنهين عنه و المعذرين فيه [ 2 ] و لئن كان في شكّ من الخصلتين لقد كان ينبغي له أن يعتزله و يركد [ 3 ] جانبا و يدع النّاس معه ، فما فعل واحدة من
[ 1 ] يوازر . . . : يقوّي و يعين . و نابذ فلانا : فارقه عن خلاف و بغض .
[ 2 ] نهنه فلانا عن الشيء : كفّه عنه و زجره . و المعذرين فيه :
المعتذرين عنه .
[ 3 ] ركد : سكن و هدأ . و المراد : يعتزل .
[ 83 ]
الثّلاث ، و جاء بأمر لم يعرف بابه ، و لم تسلم معاذيره [ 1 ] .