أمّا بعد فإنّ مصر قد افتتحت و محمّد بن أبي بكر رحمه اللَّه قد استشهد ، فعند اللَّه نحتسبه ولدا ناصحا و عاملا كادحا ، و سيفا قاطعا ،
و ركنا [ 2 ] دافعا و قد كنت حثثت النّاس على
[ 1 ] و أكثر الإستعانة باللَّه . . . : أطلب منه المعونة يكفك ما أهمّك : من أمر الدنيا و الآخرة . و يعنك على ما نزل بك :
من شدّة و ضيق .
[ 2 ] نحتسبه . . . : نعد أجر مصابه فيما يدّخر . و كادحا : ساعيا بجهد و تعب . و ركنا : ركن الشيء : جانبه .
[ 91 ]
لحاقه ، و أمرتهم بغياثه [ 1 ] قبل الوقعة و دعوتهم سرّا و جهرا ، و عودا و بدءا [ 2 ] فمنهم الآتي كارها ، و منهم المعتلّ [ 3 ] كاذبا ، و منهم القاعد خاذلا . أسأل اللَّه أن يجعل منهم فرجا عاجلا ، فو اللَّه لو لا طمعي عند لقائي عدوّي في الشّهادة ، و توطيني نفسي على المنيّة لأحببت أن لا أبقى مع هؤلاء يوما واحدا [ 4 ] ، و لا ألتقي بهم أبدا .
[ 1 ] بغياثه : إعانته و نصرته .
[ 2 ] عودا و بدءا : مرّة بعد أخرى .
[ 3 ] و اعتّل الرجل : تشاغل و تلهّى .
[ 4 ] فو اللَّه لو لا طمعي عند لقاء عدوّي في الشهادة . . . : إن سبب بقائي بينهم هو الرغبة في القتال في سبيل اللَّه تعالى و نيل الشهادة . و توطين نفسي تهيئتها . على المنية : الموت .
لاحببت أن لا أبقى مع هؤلاء يوما واحدا : تبرّما منهم ،
و تألما من أفعالهم .
[ 92 ]