و اتّقوا اللّه عباد اللّه ، و بادروا آجالكم بأعمالكم [ 3 ] ، و ابتاعوا [ 4 ] ما يبقى لكم بما يزول
[ 1 ] الظل : الفيء الحاجز بينك و بين الشمس . و المراد :
سرعة الانتقال .
[ 2 ] سابغا حتى قلص : سابغا : ممتدا على الأرض .
و قلص : انقبض .
[ 3 ] بادروا : آجالكم باعمالكم : سارعوا الى الاعمال الصالحة ، و تنافسوا فيها قبل أن يأتيكم الموت .
[ 4 ] و ابتاعوا : باموالكم التي سوف تتركوها لغيركم ما ينفعكم غدا ، و يدّخر لكم .
[ 21 ]
عنكم و ترحّلوا فقد جدّ بكم [ 1 ] ، و استعدّوا للموت فقد أظلّكم [ 2 ] و كونوا قوما صيح بهم فانتبهوا [ 3 ] و علموا أنّ الدّنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا ، فإنّ اللّه سبحانه لم يخلقكم عبثا ،
و لم يترككم سدى [ 4 ] ، و ما بين أحدكم و بين الجنّة أو النّار إلاّ الموت أن ينزل به [ 5 ] و إنّ
[ 1 ] و ترحلوا فقد جدّ بكم : الترحل : الانتقال ، و جدّ بكم : حثثتم عليه و اكرهتم .
[ 2 ] اظلكم : قرب منكم ، فليس بين أحدنا و بينه إلاّ ان ينقطع النفس .
[ 3 ] صيح بهم فانتبهوا : المراد بالصيحة التذكير الوارد في القرآن الكريم ، و على لسان النبي صلى اللّه عليه و آله . و انتبهوا : قاموا مستعدين للاجابة ، و اسرعوا مبادرين للدعوة بالعمل الصالح .
[ 4 ] سدى : مهملين بلا راع .
[ 5 ] إلاّ الموت ان ينزل به : الموت أول مشاهد الآخرة ،
و في القبر ينفتح للمؤمن باب الى الجنة ، و للعاصي باب الى النار .
[ 22 ]
غاية [ 1 ] ، تنقصها اللّحظة ، و تهدمها السّاعة لجديرة بقصر المدّة ، و إنّ غائبا يحدوه [ 2 ] الجديدان اللّيل و النّهار لحريّ بسرعة الأوبة [ 3 ] و إنّ قادما يقدم بالفوز و الشّقوة [ 4 ] لمستحقّ لأفضل العدّة [ 5 ] ،
فتزوّدوا في الدّنيا من الدّنيا ، ما تحرزون به
[ 1 ] الغاية : الموت ، فكل لحظة تمر على الانسان ينقص فيها عمره ، و يقول أمير المؤمنين عليه السلام :
انفاس المرء خطاه الى أجله .
[ 2 ] يحدوه : يسوقه .
[ 3 ] لحري بسرعة الاوبة : لحري : لجدير . و الاوبة :
الرجوع ، و المراد : ان الموت الذي يواصل مسيره الينا سيصلنا عن قريب .
[ 4 ] و ان قادما يقدم بالفوز أو الشقوة : القادم : الموت ،
و الفوز : الجنة ، و الشقوة : النار .
[ 5 ] العدة : ما يستعد له ، و سئل أمير المؤمنين عليه السلام : ما الاستعداد للموت : قال : اداء الفرائض ،
و اجتناب المحارم ، و الاشتمال على المكارم ، ثم لا يبالي أوقع على الموت أو وقع الموت عليه .
[ 23 ]
أنفسكم غدا [ 1 ] فاتّقى عبد ربّه ، نصح نفسه [ 2 ] و قدّم توبته ، و غلب شهوته ، فإنّ أجله مستور عنه ،
و أمله خادع له [ 3 ] ، و الشّيطان موكّل به : يزيّن له المعصية ليركبها ، و يمنّيه [ 4 ] التّوبة ليسوّفها حتّى تهجم منيّته [ 5 ] عليه أغفل ما يكون عنها ، فيالها حسرة على ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجّة [ 6 ] ، و أن تؤدّيه أيّامه إلى شقوة ، نسأل اللّه
[ 1 ] ما تحرزون به انفسكم : تحفظوها من العقاب . .
[ 2 ] نصح نفسه : أخلص لها النصيحة بالمبادرة بالاعمال الصالحة ، فيستنقذها من النار .
[ 3 ] و امله خادع له : امله الطويل في الحياة يخدعه و ينسيه ما يلزمه من الاستعداد للدار الآخرة .
[ 4 ] يمنيه التوبة ليسوفها : يمنيه : يطمعه في التوبة .
ليسوفها : ليؤخرها .
[ 5 ] تهجم منيته : يوافيه الموت .
[ 6 ] عمره عليه حجة : ان اللّه جلّ جلاله يحتج عليه بالعمر الذي عاشه و لم يستغله لما ينفعه .
[ 24 ]
سبحانه أن يجعلنا و إيّاكم ممّن لا تبطره نعمة [ 1 ] و لا تقصّر به عن طاعة ربّه غاية ، و لا تحلّ به بعد الموت ندامة و لا كآبة [ 2 ] .