لو أمرت به لكنت قاتلا ، أو نهيت عنه لكنت ناصرا [ 1 ] غير أنّ من نصره لا يستطيع أن
[ 1 ] المراد عدم اشتراكه في دم عثمان ، و كان اعداؤه على علم بذلك . يقول عمرو بن العاص مخاطبا معاوية :
و ما دم عثمان منج لنا
من اللّه في الموقف المخجل
و إنّ عليّا غدا خصمنا
و يعتز باللّه و المرسل
فما عذرنا يوم كشف الغطا
لك الوليل منه غدا ثم لي
و في يوم الجمل أبصر مروان طلحة بن عبيد اللّه فضربه بسهم و قال : لا أطلب أثرا بعد عين .
و معناه : أن طلحة قاتل عثمان ، و هو مطلوبي ، و فعلا قتله بذلك السهم .
[ 46 ]
يقول : خذله من أنا خير منه ، و من خذله لا يستطيع أن يقول : نصره من هو خير منّي [ 1 ] و أنا جامع لكم أمره : استأثر [ 2 ] فأساء الأثرة ، و جزعتم فأسأتم الجزع [ 3 ] و للّه حكم واقع في المستأثر و الجازع .
[ 1 ] و من خذله لا يستطيع أن يقول : نصره من هو خير مني :
المراد : أن الذين نصروه ليسوا بأفضل من الذين خذلوه .
و يقول ابن أبي الحديد : معناه : أن خاذليه كانوا خيرا من ناصريه ، لأن الذين نصروه كانوا فسّاقا كمروان بن الحكم و أحزابه ، و خذله المهاجرون و الأنصار .
[ 2 ] الاستئثار : الانفراد بالأمر و الاستبداد به ، و قد نقم المسلمون على عثمان استئثاره بالأموال و توزيعها على أقاربه ، و قد ذكر المؤرخون توزيعه الملايين على أقاربه و خاصته .
[ 3 ] أسأتم الجزع : الجزع : نقيض الصبر ، و أسأتم الجزع : بقتله ، لأنه ربما أمكن استصلاحه و إرجاعه إلى النهج القويم .
[ 47 ]