إنّ اللّه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و سلّم و آله نذيرا للعالمين ، و أمينا على التّنزيل ، و أنتم معشر العرب على شرّ دين ، و في شرّ دار ،
منيخون [ 1 ] بين حجارة خشن ، و حيّات صمّ [ 2 ]
[ 1 ] منيخون : مقيمون .
[ 2 ] حيات صم : هي أخبث الحيات لأنها لا تنزجر لصممها .
[ 29 ]
تشربون الكدر ، و تأكلون الجشب [ 1 ] ، و تسفكون دماءكم ، و تقطعون أرحامكم ، الأصنام فيكم منصوبة ، و الآثام بكم معصوبة [ 2 ] .
و منها . فنظرت فإذا ليس لي معين إلاّ أهل بيتي فضننت بهم عن الموت [ 3 ] ، و أغضيت عن القذى [ 4 ] ، و شربت على الشّجى [ 5 ] ، و صبرت
[ 1 ] تشربون الكدر ، و تأكلون الجشب : الكدر : الماء المتعفن . و الجشب : الطعام الغليظ ، فكانوا ربما خلطوا النوى بالشعير فطحنوه و أكلوه .
[ 2 ] معصوبة : مشدودة . و من يعبد صنما فهو مشدود بأوثق الشد إلى جميع الآثام .
[ 3 ] فظننت بهم على الموت : الظن هنا بمعنى البخل ،
و هذا الكلام من الموارد الكثيرة التي يشير فيها إلى أحقيته بالخلافة .
[ 4 ] أغضيت على القذى : الاغضاء : اطبقاق العين .
و القذى : ما يقع في العين من تراب و غيره ، و هو مثل لشدة الأمر .
[ 5 ] الشجى : ما يكون في الحلق من عظم و نحوه فيغص به .
[ 30 ]
على أخذ الكظم [ 1 ] و على أمرّ من طعم العلقم .
و منها : و لم يبايع حتّى شرط أن يؤتيه على البيعة ثمنا [ 2 ] فلا ظفرت يد البائع ، و خزيت أمانة المبتاع [ 3 ] ، فخذوا للحرب أهبتها ، و أعدّوا
[ 1 ] أخذ الكظم : مخرج النفس ، و المعنى : إنه صبر على الاختناق ؟ و هذه الفقرات تشير إلى ما كان يكابده من آلام و مصائب .
[ 2 ] أن يؤتيه على البيعة ثمنا : المراد به عمرو بن العاص ،
و افق معاوية و ناصره على أن يعطيه مصر .
[ 3 ] خزيت أمانة المبتاع : خزيت : هلكت . و الأمانة :
الطاعة . و المبتاع : معاوية ، ابتاع اشترى من عمرو بن العاص دينه ، و المراد : إن معاوية أهلك دينه بهذه الصفقة .
[ 31 ]
لها عدّتها ، فقد شبّ لظاها ، و علا سناها [ 1 ] ،
و استشعروا الصّبر فإنّه أدعى إلى النّصر .