( 63 ) و من كلام له عليه السلام كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين

معاشر المسلمين ، استشعروا الخشية [ 2 ] و تجلببوا السّكينة [ 3 ] ، و عضّوا على النّواجذ [ 4 ] فإنّه

[ 1 ] المأمول مع النقم ، المرهوب مع النعم : فهو مع فضله و عفوه ، يخشى العباد سطوته و عذابه . و هو مع سخطه و عذابه و انتقامه يأمل العباد نعمه الواسعة ، و عطاياه الكثيرة .

[ 2 ] استشعروا الخشية : الشعار : ما يلي الجسد من الثياب ، و المعنى : لازموا خشية اللّه جلّ جلاله ملازمة الثياب للجسد .

[ 3 ] و تجلببوا السكينة : الجلباب : الملحفة التي تلتحف بها المرأة فتغطي جسمها . و السكينة : الثبات و الوقار ،

فانه ادعى للنصر .

[ 4 ] و عضوا على النواجذ . . . الاضراس الاسنان أو بعضها . و نبا السيف اذا رجع في الضربة و لم يعمل . و الهام : الرأس .

[ 29 ]

أنبى للسّيوف عن الهام ، و أكملوا الّلأمة [ 1 ] و قلقلوا السّيوف [ 2 ] في أغمادها قبل سلّها ،

و الحظوا الخزر [ 3 ] و اطعنوا الشّزر [ 4 ] و نافحوا بالظّبا [ 5 ] ، و صلوا السّيوف بالخطا [ 6 ] . و اعلموا

[ 1 ] اللأمة : الدرع و غيرها مما يستعمله المحارب .

[ 2 ] قلقلوا السيوف : حركوها كي لا تستعصي عليكم عند سلّها .

[ 3 ] الخزر : هو النظر بمؤخر العين ، و هو علامة الغضب ، كما أن النظر بتمامها الى كثرة العدو تدعو للوهن و الفشل .

[ 4 ] الشزر : الطعن في جوانب العدو يمينا و شمالا .

[ 5 ] نافحوا بالظبا : نافحوا : كافحوا و ضاربوا . و الظبا :

جمع ظبة و هو طرف السيف .

[ 6 ] وصلوا السيوف بالخطا : ان السيوف قد تقصر عن الوصول للهدف فيستعين المقاتل بخطاه ليتمكن من ضرب العدو . يقول الشاعر :

اذا قصرت أسيافنا كان وصلها
خطانا الى اعدائنا فنضارب

 

[ 30 ]

أنّكم بعين اللّه ، و مع ابن عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، فعاودوا الكرّ [ 1 ] و استحيوا من الفرّ فإنّه عار في الأعقاب [ 2 ] ، و نار يوم الحساب ، و طيبوا عن أنفسكم نفسا [ 3 ] و امشوا إلى الموت مشيا سجحا [ 4 ] ، و عليكم بهذا السّواد الأعظم [ 5 ] ، و الرّواق المطنّب [ 6 ] فاضربوا

[ 1 ] الكر : الحملة بعد الحملة .

[ 2 ] عارفي الاعقاب : الفار من ساحة الحرب يلحقه عار لا يزول ، و يبقى على ذريته من بعده .

[ 3 ] و طيبوا عن أنفسكم نفسا : كونوا مسرورين بتقديم نفوسكم في مرضاة ربكم ، لأن في ذلك حياتكم الابدية وَ لاَ تحسَبنَّ الذينَ قُتلُوا فِي سَبيلِ اللّه اَموَاتاً بلْ اَحيَاءٌ عِند رَبهمٍ يرزقُون 3 : 169 .

[ 4 ] سجحا : سهلا بدون تكلف ، لأن المتكلف سريع الفرار .

[ 5 ] السواد الاعظم : جمهور العسكر .

[ 6 ] الرواق المطنب : الرواق : الفسطاط ( الخيمة ) و الطنب : حبل يشد به الفسطاط .

[ 31 ]

ثبجه [ 1 ] فإنّ الشّيطان كامن في كسره [ 2 ] ، قد قدّم للوثبة يدا ، و أخر للنّكوص [ 3 ] رجلا ،

فصمدا صمدا [ 4 ] حتّى ينجلي لكم عمود الحقّ وَ أَنْتُمُ اْلأَعْلَوْنَ ، وَ اللّهُ مَعَكُمْ ، وَ لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ [ 5 ] .