و قد سأله ذعلب اليماني فقال : هل رأيت ربّك يا أمير المؤمنين ؟ فقال ( عليه السلام ) :
أفأعبد ما لا أرى ؟ فقال : و كيف تراه ؟ فقال :
لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ، و لكن
[ 1 ] ملتم . . . : زلتم وحدتم . و غير محمودين : استوجبتم الذم .
و ردّ عليكم أمركم : ما كنتم عليه من دين و صلاح . و ما عليّ إلاّ الجهد : السعي و بذل المجهود في تقويمكم . و لو أشاء أن أقول لقلت : في ظلم من تقدّمني .
[ 12 ]
تدركه القلوب بحقائق الإيمان [ 1 ] قريب من الأشياء غير ملامس ، بعيد منها غير مباين ، متكلّم لا برويّة ، مريد لا بهمّة ، صانع لا بجارحة ، لطيف لا يوصف بالخفاء ، كبير لا يوصف بالجفاء ،
بصير لا يوصف بالحاسّة ، رحيم لا يوصف بالرّقّة [ 2 ] . تعنو الوجوه لعظمته ، و تجب [ 3 ] القلوب من مخافته .
[ 1 ] لا تراه العيون بمشاهدة العيان . . . : تنزّه من أن تراه العيون ، فانّها غير قادرة على النظر الى بعض مخلوقاته كالروح و قرص الشمس . و لكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان : العقائد المستقيمة الراسخة باليقين .
[ 2 ] قريب من الأشياء . . . : المراد بذلك علمه و احاطته بها . غير ملامس : ان قربه منها لا يستوجب الدنوّ و الملامسة كما هو الحال في الأجسام . و بيانه : فارقه . و المراد : فهو مع بعده منّا عالم بأحوالنا ، مطلع على أعمالنا وَ مَا يَعزُبُ عَن رَبِّكَ مِن مِثقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرضِ وَ لاَ فِي السَّمَاءِ وَ لاَ أصغَرَ مِن ذَلِكَ وَ لاَ أَكْبَرَ إلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ 10 : 61 . و الرويّة : التفكير و التروّي . و الهمّة : العزم و الاهتمام . صانع لا بجارحة :
مصنوعاته ليست ناشئة عن استخدام جارحة ، و انّما هي ناشئة عن أمره إنَّما قَولُنَا لِشَيءٍ إذَا أَرَدنَاهُ أَن نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 16 : 40 . و اللّطيف : ما اتصف بالخفاء و الرّقة ، و قد تنزّه عن ذلك . و المراد : انّه اللاطف بعباده بسبوغ النعم ،
بصير . . . الخ : ليس الغرض مشابهة المخلوقين بالجوارح ،
و انّما المراد من بصره علمه و احاطته بالخلائق لاَ تُدْرِكهُ الأبصَارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ 6 : 103 .
و الرّقة : الانفعال النفساني ، و رقّة القلب ، و قد تنزّه عن ذلك .
و المراد : رحمته بالمؤمنين .
[ 3 ] تعنو . . . : تخضع . و تجب : تخفق و تضطرب .
[ 13 ]