كانوا قوما من أهل الدّنيا و ليسوا من أهلها ،
[ 1 ] فاحذروا الدنيا فأنها غدارة غرارة . . . : من شأنها الغدر و الخداع . خدوع : ماكرة . معطية منوع : تعطي البعض من خيراتها و نعيمها و تمنع البعض . ملبسة نزوع : تنزع من ألبستهم ثياب العز و السعادة . و المراد : زوال نعيمها .
[ 2 ] لا يدوم رخاؤها . . . : يمسي في نعيم ، و يصبح في بؤس و شقاء يرثى له . و لا ينقضي عناؤها . و لا يركد بلاؤها : لا و لا يركد بلاؤها : لا يسكن . و الحديث القدسي : ( جعلت الراحة في الآخرة ، و الناس تطلبها في الدنيا فلن يجدوها ) .
تعب كلها الحياة فما
أعجب الاّ من راغب في ازدياد
[ 72 ]
فكانوا فيها كمن ليس منها [ 1 ] : عملوا فيها بما يبصرون ، و بادروا فيها ما يحذرون [ 2 ] ، تقلّب أبدانهم بين ظهراني أهل الآخرة ، يرون أهل الدّنيا يعظّمون موت أجسادهم ، و هم أشدّ إعظاما لموت قلوب أحيائهم [ 3 ] .
[ 1 ] كانوا قوما من أهل الدنيا و ليسوا من أهلها . . . : فهم لزهدهم فيها ، و تعلقهم بالعالم الآخر ، فكأنهم ليسوا من أهل هذا العالم . فكانوا فيها كمن ليس منها : لتخليهم عنها ،
و بعدهم منها .
[ 2 ] عملوا فيها بما يبصرون . . . : من تقلباتها . و المراد : لم يغفلوا عما يلزمهم من عمل . و بادروا : سابقوا . ما يحذرون : ما يخافون من عذاب . و المراد : استعدوا و أخذوا الحيطة و الحذر .
[ 3 ] تقلب ابدانهم بين ظهراني أهل الآخرة . . . : حصروا اتصالهم بأولياء اللَّه لما للمحيط من أثر في سلوك الإنسان .
يرون أهل الدنيا يعظمون موت أجسادهم ، و هم أشد اعظاما لموت أحيائهم : كما يستعظم الناس الموت ، يستعظم هؤلاء موت القلوب و غفلتها عما يلزمها من اهتمام و عمل .
[ 73 ]