من خطبة للامام ( ع ) حين بلغه خبر الناكثين ببيعته و على رأسهم طلحة و الزبير و عائشة :
و إنّهم ليطلبون حقّا هم تركوه ، و دما هم سفكوه . فلئن كنت شريكهم فيه فإنّ لهم لنصيبهم منه ، و لئن كانوا ولوه دوني ، فما التّبعة إلاّ عندهم . و انّ أعظم حجّتهم لعلى أنفسهم ، يرتضعون أمّا قد فطمت ، و يحيون بدعة قد أميتت . يا خيبة الدّاعي ( يقصد به رؤوس فتنة الجمل الثلاثة ) ، من دعا و إلام أجيب و إنّي لراض بحجة اللّه عليهم و علمه فيهم . ( الخطبة 22 ، 67 ) و قال ( ع ) في معنى قتل عثمان : لو أمرت به لكنت قاتلا ، أو نهيت عنه لكنت ناصرا ،
غير أنّ من نصره لا يستطيع أن يقول : خذله من أنا خير منه . و من خذله لا يستطيع أن يقول : نصره من هو خير منّي . و أنا جامع لكم أمره : استأثر فأساء الأثرة ، و جزعتم فأسأتم الجزع . و للّه حكم واقع في المستأثر و الجازع . ( الخطبة 30 ، 83 ) و من كلام له ( ع ) لما بلغه اتهام بني أمية له بالمشاركة في دم عثمان : أو لم ينه بني أميّة علمها بي عن قرفي ( أي عيبي ) ؟ أو ما وزع الجهّال سابقتي عن تهمتي و لما وعظهم اللّه به أبلغ من لساني . أنا حجيج المارقين ، و خصيم النّاكثين المرتابين ،
و على كتاب اللّه تعرض الأمثال ، و بما في الصّدور تجازى العباد . ( الخطبة 73 ، 130 ) و من كلام له ( ع ) في شأن طلحة و الزبير : و إنّهم ليطلبون حقّا هم تركوه ، و دما هم سفكوه . ( الخطبة 135 ، 248 ) و من كلام له ( ع ) بعد ما بويع بالخلافة ، و قد قال له قوم من الصحابة : لو عاقبت قوما ممن
[ 493 ]
أجلب على عثمان ؟ فقال « ع » : يا إخوتاه إنّي لست أجهل ما تعلمون ، و لكن كيف لي بقوّة ، و القوم المجلبون على حدّ شوكتهم ، يملكوننا و لا نملكهم و ها هم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم ، و التفّت إليهم أعرابكم ، و هم خلالكم يسومونكم ما شاؤوا . و هل ترون موضعا لقدرة على شيء تريدونه إنّ هذا الأمر أمر جاهليّة . و إنّ لهؤلاء القوم مادة ( أي مدد ) . إنّ النّاس من هذا الأمر إذا حرّك على أمور : فرقة ترى ما ترون ، و فرقة ترى ما لا ترون ، و فرقة لا ترى هذا و لا ذاك . فاصبروا حتّى يهدأ النّاس ، و تقع القلوب مواقعها ، و تؤخذ الحقوق مسمحة . فاهدؤوا عني و انظروا ماذا يأتيكم به أمري .
و لا تفعلوا فعلة تضعضع قوّة ، و تسقط منّة ، و تورث وهنا و ذلّة . و سأمسك الأمر ما استمسك . و إذا لم أجد بدّا فآخر الدّواء الكيّ ( كناية عن القتل ) . ( الخطبة 166 ، 302 ) و قال ( ع ) في طلحة و قد بلغه خروجه الى البصرة مع الزبير لقتاله : قد كنت و ما أهدّد بالحرب ، و لا أرهّب بالضّرب . و أنا على ما قد وعدني ربّي من النّصر . و اللّه ما استعجل ( يقصد طلحة ) متجرّدا للطّلب بدم عثمان إلاّ خوفا من أن يطالب بدمه ،
لأنّه مظنّته . و لم يكن في القوم أحرص عليه منه . فأراد أن يغالط بما أجلب فيه ،
ليلبس الأمر و يقع الشّكّ . و و اللّه ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث : لئن كان ابن عفّان ظالما كما كان يزعم لقد كان ينبغي له أن يوازر قاتليه و أن ينابذ ناصريه . و لئن كان مظلوما لقد كان ينبغي له أن يكون من المنهنهين عنه ( أي زاجريه عن اتيانه ) و المعذّرين فيه . و لئن كان في شكّ من الخصلتين لقد كان ينبغي له أن يعتزله و يركد جانبا ، و يدع النّاس معه . فما فعل واحدة من الثّلاث .
و جاء بأمر لم يعرف بابه ، و لم تسلم معاذيره . ( الخطبة 172 ، 309 ) و من كتاب له ( ع ) الى أهل الكوفة : من عبد اللّه عليّ أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة ،
جبهة الأنصار و سنام العرب . أمّا بعد فإنّي أخبركم عن أمر عثمان حتّى يكون سمعه كعيانه . إنّ النّاس طعنوا عليه ، فكنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه و أقلّ عتابه . و كان طلحة و الزبير أهون سيرهما فيه الوجيف ( أي أسرعا لإثارة
[ 494 ]
الفتنة ) و أرفق حدائهما العنيف . و كان من عائشة فيه فلتة غضب ( يقصد بذلك حين قالت : اقتلوا نعثلا ، تشبهه برجل اسكافي من اليهود ) . فأتيح له قوم ( أي قدّر له ) فقتلوه .
و بايعني النّاس غير مستكرهين و لا مجبرين ، بل طائعين مخيّرين .
و اعلموا أنّ دار الهجرة قد قلعت بأهلها و قلعوا بها ، و جاشت جيش ( أي غليان ) المرجل . و قامت الفتنة على القطب ( يقصد به الامام نفسه ( ع ) قامت عليه فتنة اصحاب الجمل ) . فأسرعوا إلى أميركم ، و بادروا جهاد عدوّكم . إن شاء اللّه عزّ و جلّ . ( الخطبة 240 ، 442 ) و من كتاب له ( ع ) الى معاوية : و لعمري يا معاوية ، لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدنّي أبرأ النّاس من دم عثمان . و لتعلمنّ أنّي كنت في عزلة عنه . إلاّ أن تتجنّى ، فتجنّ ما بدا لك و السّلام . ( الخطبة 245 ، 446 ) و من كتاب له ( ع ) الى معاوية : و أمّا ما سألت من دفع قتلة عثمان إليك ، فإنّي نظرت في هذا الأمر فلم أره يسعني دفعهم إليك و لا إلى غيرك . و لعمري لئن لم تنزع عن غيّك و شقاقك ، لتعرفنّهم عن قليل يطلبونك ، لا يكلّفونك طلبهم في برّ و لا بحر ، و لا جبل و لا سهل ، إلاّ أنّه طلب يسؤك وجدانه ، و زور لا يسرّك لقيانه . و السّلام لأهله . ( الخطبة 248 ، 449 ) و من كتاب له ( ع ) الى معاوية ، و فيه يتنبأ بحرب صفين و فتنة رفع المصاحف : و زعمت أنّك جئت ثائرا بدم عثمان و لقد علمت حيث وقع دم عثمان ، فاطلبه من هناك إن كنت طالبا . فكأنّي قد رأيتك تضجّ من الحرب إذا عضّتك ضجيج الجمال بالأثقال ، و كأنّي بجماعتك تدعوني جزعا من الضّرب المتتابع ، و القضاء الواقع ،
و مصارع بعد مصارع إلى كتاب اللّه ( يومي بذلك الى رفع المصاحف ) . و هي كافرة جاحدة ، أو مبايعة حائدة ( الخطبة 249 ، 450 ) و من كتاب له ( ع ) الى طلحة و الزبير : و قد زعمتما أنّي قتلت عثمان ، فبيني و بينكما من تخلّف عنّي و عنكما من أهل المدينة ( أي نرجع في الحكم لمن تقاعد عن نصري و نصركما من اهل المدينة ) ، ثمّ يلزم كلّ امريء بقدر ما احتمل ، فارجعا أيّها الشّيخان
[ 495 ]
عن رأيكما ، فإنّ الآن أعظم أمركما العار ، من قبل أن يتجمّع العّار و النّار ، و السّلام .
( الخطبة 293 ، 541 ) و من كتاب له ( ع ) كتبه الى أهل الامصار يقص فيه ما جرى بينه و بين أهل صفين :
الأمر واحد إلاّ ما اختلفنا فيه من دم عثمان ، و نحن منه براء . ( الخطبة 297 ، 543 ) و من كتاب له ( ع ) الى معاوية جوابا : و قد أكثرت في قتلة عثمان ، فادخل فيما دخل فيه النّاس ، ثمّ حاكم القوم إليّ ، أحملك و إيّاهم على كتاب اللّه تعالى . و أمّا تلك الّتي تريد ، فإنّها خدعة الصّبيّ عن اللّبن في أوّل الفصال ، و السّلام لأهله . ( الخطبة 303 ، 552 )
[ 496 ]
[ 497 ]