قال الامام علي ( ع ) :
و لا تدفعنّ صلحا دعاك إليه عدوّك و للّه فيه رضا ، فإنّ في الصّلح دعة لجنودك و راحة من همومك ، و أمنا لبلادك . و لكن الحذر كلّ الحذر من عدوّك بعد صلحه ، فإنّ العدوّ ربّما قارب ليتغفّل ، فخذ بالحزم ، و اتّهم في ذلك حسن الظّنّ . و إن عقدت بينك و بين عدوّك عقدة أو ألبسته منك ذمّة ، فحط عهدك بالوفاء ، و ارع ذمّتك بالأمانة ، و اجعل نفسك جنّة دون ما أعطيت ، فانّه ليس من فرائض اللّه شيء النّاس أشدّ عليه اجتماعا ، مع تفرّق أهوائهم و تشتّت آرائهم من تعظيم الوفاء بالعهود .
و قد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لما استوبلوا من عواقب الغدر ( أي وجدوا عواقب الغدر وبيلة ) . فلا تغدرنّ بذمّتك و لا تخيسنّ بعهدك ، و لا تختلنّ عدوّك ، فإنّه لا يجتريء على اللّه إلاّ جاهل شقي . و قد جعل اللّه عهده و ذمّته أمنا أفضاه بين العباد برحمته ، و حريما يسكنون إلى منعته ، و يستفيضون إلى جواره .
[ 525 ]
فلا إدغال ( أي إفساد ) و لا مدالسة ( أي خيانة ) و لا خداع فيه ، و لا تعقد عقدا تجوّز فيه العلل ، و لا تعوّلنّ على لحن قول بعد التّأكيد و التّوثقة . و لا يدعونّك ضيق أمر ،
لزمك فيه عهد اللّه ، إلى طلب انفساخه بغير الحقّ ، فإنّ صبرك على ضيق أمر ترجو انفراجه و فضل عاقبته ، خير من غدر تخاف تبعته ، و أن تحيط ( هذه الجملة معطوفة على تبعته ) بك من اللّه فيه طلبة ، فلا تستقيل فيها دنياك و لا اخرتك . ( الخطبة 292 ، 4 ، 536 )
[ 526 ]
[ 527 ]