كان معاوية والي عثمان على الشام ، و كانت تجمعه مع عثمان القرابة الاموية . بيد أن الخصومة بين أبناء العم على المنصب واردة ، لا سيما من شخص كمعاوية ليس له من هدف في الحياة غير المادة . و كان يبيح لنفسه للوصول الى ذلك كل وسيلة .
و قد كان معاوية يرى أن مقتل عثمان يفيده في أمرين :
أولا : يفتح له المجال للوصول الى الخلافة .
ثانيا : يتهم عليا ( ع ) بدمه فيكون ذلك ذريعة له لحربه و التخلص منه .
و الحقيقة ان معاوية أجرى بدهائه حلفا سريا مع صديقه عثمان ، بأنه يحميه اذا ما تعرض الى أي خطر ، مقابل تركه على ولاية الشام . . و حين ثارت ثائرة الثوار على عثمان ،
و جاؤوا من مصر الى المدينة و أحاطوا ببيته ، بعث الى معاوية يطلب منه تنفيذ الاتفاق السري . فبعث معاوية جيشا الى المدينة ، و أوصاهم بعدم دخولها إلاّ حين يبلغهم مقتل عثمان . فعسكر جيش معاوية في ظاهر المدينة يتربص الاخبار ، حتى اذا علم بذبح عثمان ، دخل المدينة مدّعيا تأخره في الوصول لنجدة الخليفة المظلوم .
و هذا يفسر لنا لماذا كان عثمان يتعفف عن قبول نصرة الامام علي ( ع ) حين عرضها عليه للدفاع عنه ، لكنه ( ع ) رغم ذلك بعث بابنيه الحسن و الحسين ( ع ) ليكونا في صفوف الحامية التي وقفت تدافع على بابه . فقد كان عثمان ينتظر نجدة معاوية ، متأكدا من قدرتها على حمايته في الوقت المناسب ، و لكن خانه الحظ ممن نصب له فخ الغدر و الهلاك .
يظهر من هذا أن معاوية كان من أكبر عوامل مقتل عثمان . لكنه حتى يزيح التهمة
[ 449 ]
و الشك عن نفسه ، قام يلصق تهمة القتل بالامام علي ( ع ) و يصمه بعد توليه الخلافة بعدم ملاحقة قتلة عثمان ، علما بأن معاوية حين استتب له الحكم لم يفعل ذلك .