و يتابع الامام ( ع ) كتابه لمالك الاشتر قائلا : ثمّ انظر في حال كتّابك ، فولّ على أمورك خيرهم ، و اخصص رسائلك الّتي تدخل فيها مكائدك و أسرارك بأجمعهم لوجوه صالح الأخلاق ، ممّن لا تبطره الكرامة ، فيجتريء بها عليك في خلاف لك بحضرة ملأ ، و لا تقصر به الغفلة عن إيراد مكاتبات عمّالك عليك ، و إصدار جواباتها على الصّواب عنك ، فيما يأخذ لك و يعطي منك ، و لا يضعف عقدا اعتقده لك ،
و لا يعجز عن إطلاق ما عقد عليك . و لا يجهل مبلغ قدر نفسه في الأمور ، فإنّ الجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل . ثمّ لا يكن اختيارك إيّاهم على فراستك و استنامتك ( أي ثقتك ) و حسن الظّنّ منك ، فإنّ الرّجال يتعرّفون لفراسات الولاة بتصنّعهم و حسن خدمتهم ، و ليس وراء ذلك من النّصيحة و الأمانة شيء . و لكن اختبرهم بما ولّوا للصّالحين قبلك ، فاعمد لأحسنهم كان في العامّة أثرا ، و أعرفهم بالأمانة وجها ، فإنّ ذلك دليل على نصيحتك للّه و لمن ولّيت أمره . و اجعل لرأس كلّ أمر من أمورك رأسا منهم ، لا يقهره كبيرها ، و لا يتشتّت عليه كثيرها ، و مهما كان في كتّابك من عيب فتغابيت عنه ألزمته . ( الخطبة 292 ، 3 ، 529 )