( 256 ) حق المستضعفين و أهل الذمة

من عهد الامام ( ع ) لمالك الاشتر :

و اعلم أنّ الرّعيّة طبقات لا يصلح بعضها إلاّ ببعض ، و لا غنى ببعضها عن بعض :

فمنها جنود اللّه ، و منها كتّاب العامّة و الخاصّة ، و منها قضاة العدل ، و منها عمّال الإنصاف و الرّفق ، و منها أهل الجزية و الخراج من أهل الذّمّة و مسلمة النّاس ، و منها التّجار و أهل الصّناعات ، و منها الطّبقة السّفلى من ذوي الحاجة و المسكنة ، و كلّ قد سمّى اللّه له سهمه ( أي نصيبه من الحق ) . و وضع على حدّه فريضة في كتابه أو سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عهدا منه عندنا محفوظا . ( الخطبة 292 ، 2 ، 522 ) الى أن يقول ( ع ) : ثمّ الطّبقة السّفلى من أهل الحاجة و المسكنة ، الّذين يحقّ رفدهم و معونتهم ، و في اللّه لكلّ سعة ، و لكلّ على الوالي حقّ بقدر ما يصلحه . ( الخطبة 292 ، 2 ، 523 ) و يتابع الامام ( ع ) كتابه لمالك الأشتر قائلا : ثمّ اللّه اللّه في الطّبقة السّفلى من الّذين لا حيلة لهم من المساكين و المحتاجين و أهل البؤسى و الزّمنى ( أي أصحاب العاهات المانعة من الكسب ) ، فإنّ في هذه الطّبقة قانعا ( أي سائلا ) و معترّا ( أي يعطى بلا سؤال ) .

و احفظ للّه ما استحفظك من حقّه فيهم ، و اجعل لهم قسما من بيت مالك ، و قسما من

[ 663 ]

غلاّت صوافي الإسلام في كلّ بلد ، فإنّ للأقصى منهم مثل الّذي للأدنى ، و كلّ قد استرعيت حقّه ، فلا يشغلنّك عنهم بطر ، فإنّك لا تعذر بتضييعك التّافة ، لإحكامك الكثير المهمّ . فلا تشخص ( أي لا تصرف ) همّك عنهم ، و لا تصعّر خدّك لهم ، و تفقّد أمور من لا يصل إليك منهم ممّن تقتحمه العيون ، و تحقره الرّجال . ففرّغ لأولئك ثقتك من أهل الخشية و التّواضع ، فليرفع إليك أمورهم ، ثمّ اعمل فيهم بالإعذار إلى اللّه يوم تلقاه ، فإنّ هؤلاء من بين الرّعيّة أحوج إلى الإنصاف من غيرهم ، و كلّ فأعذر إلى اللّه في تأدية حقّه إليه . و تعهّد أهل اليتم و ذوي الرّقّة في السّن ممّن لا حيلة له ، و لا ينصب للمسألة نفسه ، و ذلك على الولاة ثقيل ( و الحقّ كلّه ثقيل ) . و قد يخفّفه اللّه على أقوام طلبوا العاقبة فصبّروا أنفسهم ، و وثقوا بصدق موعود اللّه لهم . ( الخطبة 292 ، 3 ، 531 )