يراجع من هذا الفصل المبحث ( 220 ) سياسة القضاة و المبحث ( 221 ) سياسة العمال على البلاد .
و من كتابه ( ع ) لمالك الاشتر ، لما ولاّه على مصر و أعمالها : و ليكن أحبّ الأمور إليك أوسطها في الحقّ و أعمّها في العدل ، و أجمعها لرضا الرّعيّة ، فإنّ سخط العامّة يجحف برضا الخاصّة ، و إنّ سخط الخاصّة يغتفر مع رضا العامّة . و ليس أحد من
[ 605 ]
الرّعيّة أثقل على الوالي مؤونة في الرّخاء ، و أقلّ معونة له في البلاء ، و أكره للإنصاف ، و أسأل بالإلحاف ، و أقل شكرا عند الإعطاء ، و أبطأ عذرا عند المنع ،
و أضعف صبرا عند ملمّات الدّهر من أهل الخاصّة . و إنّما عماد الدّين و جماع المسلمين و العدّة للأعداء ، العامّة من الأمّة . فليكن صغوك لهم و ميلك معهم . ( الخطبة 292 ، 1 ، 519 ) و من كتابه ( ع ) لمالك الاشتر : إنّ شرّ وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا ، و من شركهم في الآثام ، فلا يكوننّ لك بطانة . فإنّهم أعوان الأثمة ، و إخوان الظّلمة .
و أنت واجد منهم خير الخلف ممّن له مثل آرائهم و نفاذهم ، و ليس عليه مثل آصارهم و أوزارهم ، ممّن لم يعاون ظالما على ظلمه ، و لا آثما على إثمه . أولئك أخفّ عليك مؤونة ، و أحسن لك معونة ، و أحنى عليك عطفا ، و أقلّ لغيرك إلفا ( أي محبة ) .
فاتّخذ أولئك خاصّة لخلواتك و حفلاتك . ثمّ ليكن آثرهم عندك أقولهم بمرّ الحقّ لك ( أي الحق الذي قوله مر ) و أقلّهم مساعدة فيما يكون منك ، ممّا كره اللّه لأوليائه ، واقعا ذلك من هواك حيث وقع . و الصق بأهل الورع و الصّدق ، ثمّ رضهم على أن لا يطروك و لا يبجحوك بباطل لم تفعله ، فإنّ كثرة الإطراء تحدث الزّهو و تدني من العزّة . ( الخطبة 292 ، 1 ، 520 ) و من كتابه ( ع ) لمالك الاشتر : ثم الصق بذوي المروءات و الأحساب و أهل البيوتات الصّالحة و السّوابق الحسنة ، ثمّ أهل النّجدة و الشّجاعة و السّخاء و السّماحة ، فإنّهم جماع من الكرم ، و شعب من العرف ( أي المعروف ) . ( الخطبة 292 ، 2 ، 524 ) و من كتابه ( ع ) لمالك الاشتر : ثمّ إنّ للوالي خاصّة و بطانة ، فيهم استئثار و تطاول و قلّة إنصاف في معاملة ، فاحسم مادّة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال . و لا تقطعنّ لأحد من حاشيتك و حامّتك ( أي قرابتك ) قطيعة ( أي منحة من الارض ) ، و لا يطمعنّ منك في اعتقاد عقدة ، تضرّ بمن يليها من النّاس ، في شرب أو عمل مشترك ،
يحملون مؤونته على غيرهم ، فيكون مهنأ ذلك لهم دونك ، و عيبه عليك في الدّنيا و الآخرة . ( الخطبة 292 ، 4 ، 535 )
[ 606 ]