مدخل :

هناك مفهومان متلازمان بين الجماعة و الفرد هما العدالة و الجود . و الامام ( ع ) حين سأله رجل : أيهما أفضل ، العدل أو الجود ؟ أجابه عليه السلام بأن العدل أفضل من الجود و ذلك بقوله : « العدل يضع الامور مواضعها ، و الجود يخرجها من جهتها . العدل سائس عام ،

و الجود عارض خاص ، فالعدل أشرفهما و أفضلهما » .

و قد يظن لأول وهلة أن جواب الامام ( ع ) سيكون بأن الجود أفضل من العدل ، لأن العدل هو إعطاء الناس حقوقهم ، أما الجود فهو الاعطاء بأكثر من الحق .

و لكن الامام ( ع ) يجيب بعكس هذا ، مقدّما العدل على الجود ، و ذلك بدليلين :

1 اذا التزم كل انسان بحقه و أعطى غيره ما يستحقه ، كلّ حسب استعداده و عمله ، يجد كل شخص مكانه في المجتمع ، و يصبح المجتمع كاملا متوازنا ، و عند ذلك لا تعود أية حاجة للجود ، لأن الجود عمل غير طبيعي للمجتمع ، و هو لا يلزم إلا عند ما يوجد في المجتمع نقص أو ظلم . لذلك قال ( ع ) : « العدل يضع الامور مواضعها ، و الجود يخرجها من جهتها » .

2 العدالة قانون عام يدبر جميع شؤون المجتمع ، فهو سبيل يسلكه الجميع ، أما الجود فهو حالة استثنائية خاصة لا يمكن أن نتخذها قانونا عاما . لذلك قال ( ع ) : « العدل سائس عام ، و الجود عارض خاص » . ثم أعطى النتيجة ( ع ) فقال : « فالعدل أشرفهما و أفضلهما » .

و يظهر في هذا الجواب تقديم الامام ( ع ) للمبادي‏ء الاجتماعية كالعدالة ، على المبادئ الفردية كالكرم . و جعل الاولى أصلا و جذعا و الثانية فرعا و غصنا .

[ 593 ]