( 143 ) أحقية الامام ( ع ) في الخلافة لأهليته و قرابته من النبي ( ص )

لما انتهت الى أمير المؤمنين ( ع ) أنباء السقيفة بعد وفاة رسول اللّه ( ص ) قال ( ع ) : فماذا قالت قريش ؟ قالوا : احتجت بأنها شجرة الرسول ( ص ) . فقال ( ع ) : احتجّوا بالشّجرة و أضاعوا الثّمرة . ( الخطبة 65 ، 122 ) اللّهمّ إنّي أوّل من أناب و سمع و أجاب ، لم يسبقني إلاّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالصّلاة . ( الخطبة 129 ، 242 ) و من كلام له ( ع ) لبعض أصحابه في زمن خلافته و قد سأله : كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام و أنتم أحق به ؟ فقال ( ع ) : يا أخا بني أسد ، إنّك لقلق الوضين ، ترسل في غير سدد ( أي تطلق لسانك بالكلام في غير موضعه ، كحركة الجمل المضطرب في مشيته ) ، و لك بعد ذمامة الصّهر و حقّ المسألة . و قد استعلمت فاعلم : أمّا الاستبداد علينا بهذا المقام و نحن الأعلون نسبا ، و الأشدّون برسول اللّه ( ص ) نوطا ، فإنّها كانت أثرة ، شحّت عليها نفوس قوم ، و سخت عنها نفوس آخرين ، و الحكم اللّه ، و المعود إليه القيامة .

و دع عنك نهبا صيح في حجراته

( أي دعنا من الحديث عن الخلفاء السابقين ، و هات ما نحن فيه من خطب خطير هو معاوية ) . ( الخطبة 160 ، 287 )

[ 416 ]

أيّها النّاس إنّ أحقّ النّاس بهذا الأمر ( أي الخلافة ) أقواهم عليه ، و أعلمهم بأمر اللّه فيه . فإن شغب شاغب استعتب . فإن أبى قوتل . و لعمري لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتّى يحضرها عامّة النّاس ، فما إلى ذلك سبيل . و لكن أهلها يحكمون على من غاب عنها . ثمّ ليس للشاهد أن يرجع و لا للغائب أن يختار . ألا و إنّي أقاتل رجلين :

رجلا ادّعى ما ليس له ، و اخر منع الّذي عليه . ( الخطبة 171 ، 308 ) أنا وضعت في الصّغر بكلاكل العرب ، و كسرت نواجم قرون ربيعة و مضر .

و قد علمتم موضعي من رسول اللّه ( ص ) بالقرابة القريبة و المنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره و أنا ولد ، يضمّني إلى صدره ، و يكنفني في فراشه ، و يمسّني جسده ،

و يشمّني عرفه . و كان يمضغ الشّي‏ء ثمّ يلقمنيه . و ما وجد لي كذبة في قول ،

و لا خطلة في فعل . و لقد قرن اللّه به صلّى اللّه عليه و آله من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به طريق المكارم ، و محاسن أخلاق العالم ، ليله و نهاره . و لقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل ( ولد الناقة ) أثر أمّه . يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علما ، و يأمرني بالاقتداء به . و لقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء فأراه ، و لا يراه غيري . و لم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و خديجة ، و أنا ثالثهما . أرى نور الوحي و الرّسالة ، و أشمّ ريح النّبوّة .

و لقد سمعت رنّة الشّيطان حين نزل الوحي عليه صلّى اللّه عليه و آله فقلت :

يا رسول اللّه ما هذه الرّنّة ؟ فقال : هذا الشّيطان قد أيس من عبادته . إنّك تسمع ما أسمع ، و ترى ما أرى ، إلاّ أنّك لست بنبيّ ، و لكنّك لوزير ، و إنّك لعلى خير .

( الخطبة 190 ، 4 ، 373 ) و من خطبة له ( ع ) يعدد فيها بعض كراماته : و لقد علم المستحفظون من أصحاب محمّد ( ص ) :

أنّي لم أردّ على اللّه و لا على رسوله ساعة قطّ ( أي أنه ما كان يعترض على النبي بشي‏ء على خلاف غيره ) .

و لقد واسيته بنفسي في المواطن الّتي تنكص فيها الأبطال و تتأخّر فيها

[ 417 ]

الأقدام ، نجدة أكرمني اللّه بها .

و لقد قبض رسول اللّه ( ص ) و إنّ رأسه لعلى صدري ، و لقد سالت نفسه في كفّي ،

فأمررتها على وجهي .

و لقد ولّيت غسله صلّى اللّه عليه و آله و الملائكة أعواني ، فضجّت الدّار و الأفنية : ملأ يهبط و ملأ يعرج ، و ما فارقت سمعي هينمة منهم ، يصلّون عليه ، حتّى واريناه في ضريحه .

فمن ذا أحقّ به حيّا و ميّتا ؟ فانفذوا على بصائركم ، و لتصدق نيّاتكم في جهاد عدوّكم .

فو الّذي لا إله إلاّ هو إنّي لعلى جادّة الحقّ ، و إنّهم لعلى مزلّة الباطل . ( الخطبة 195 ، 386 ) و من كتاب له ( ع ) الى معاوية : فإسلامنا قد سمع ، و جاهليّتنا لا تدفع ( أي أن شرفنا في الجاهلية لا ينكر ) ، و كتاب اللّه يجمع لنا ما شذّ عنّا ، و هو قوله سبحانه و تعالى : وَ أُولُوا الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى‏ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ و قوله تعالى إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذا النَّبِيُّ و الَّذِينَ آمَنُوا ، وَ اللّهُ وَليُّ المُؤْمِنِينَ . فنحن مرّة أولى بالقرابة ، و تارة أولى بالطّاعة . و لمّا احتجّ المهاجرون على الأنصار يوم السّقيفة برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلجوا عليهم ( أي فازوا ) ، فإن يكن الفلج به ، فالحقّ لنا دونكم ، و إن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم . و زعمت أنّي لكلّ الخلفاء حسدت و على كلّهم بغيت . فإن يكن ذلك كذلك ، فليست الجناية عليك ، فيكون العذر إليك .

و تلك شكاة ظاهر عنك عارها

و قلت : إنّي كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش ( أي في أنفه خشبة يقاد منها ) حتّى أبايع . و لعمر اللّه لقد أردت أن تذمّ فمدحت ، و أن تفضح فافتضحت و ما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما ، ما لم يكن شاكّا في دينه ، و لا مرتابا بيقينه و هذه حجّتي إلى غيرك قصدها ( أي أن معاوية ليس له حق في الخلافة أصلا ، فاحتجاج الامام ليس موجه له ) و لكنّي أطلقت لك منها بقدر ما سنح من ذكرها . ( الخطبة 267 ، 469 )

[ 418 ]

و قال ( ع ) بعد أن بلغته أنباء السقيفة : واعجبا أن تكون الخلافة بالصّحابة ، و لا تكون بالصّحابة و القرابة ؟ .

و روي له ( ع ) شعر بهذا المعنى يخاطب به أبا بكر :

فإن كنت بالشّورى ملكت أمورهم
فكيف بهذا و المشيرون غيّب

و إن كنت بالقربى حججت خصيمهم
فغيرك أولى بالنّبيّ و أقرب

( 190 ح ، 601 ) .

تجادل الامام علي ( ع ) مع عثمان ، حتى جرى ذكر أبي بكر و عمر فقال عثمان : أبو بكر و عمر خير منك ، فقال ( ع ) : أنا خير منك و منهما ، عبدت اللّه قبلهما ، و عبدته بعدهما .

( 66 حديد ) كنت في أيّام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ، كجزء من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ، ينظر إليّ النّاس كما ينظر إلى الكواكب في أفق السّماء ، ثمّ غضّ الدّهر منّي ، فقرن بي فلان و فلان ( يقصد أبو بكر و عمر ) ، ثمّ قرنت بخمسة أمثلهم عثمان فقلت واذفراه ( كلمة تدل على الرائحة الكريهة ) . ثمّ لم يرض الدّهر لي بذلك ، حتّى أرذلني ، فجعلني نظيرا لابن هند و ابن النّابغة لقد استنّت الفصال حتّى القرعى ( مثل يضرب للضعيف الذي يعرض نفسه لما ليس له أهل ) . ( الحديد 733 ) توضيح حول المثل السابق :

جاء في لسان العرب ( حرف النون ص 228 ) : الفصيل ولد الناقة اذا فصل عن لبن أمه و فطم . و الجمع فصال . و من أمثالهم ( استنّت الفصال حتى القرعى ) يضرب مثلا لرجل يدخل نفسه في قوم ليس منهم . و القرعى من الفصال : التي أصابها قرع ، و هو بثر . فاذا استنّت الفصال الصحاح مرحا ، نزت القرعى نزوها تشبّه بها ، و قد أضعفها القرع عن النزوان .

واستنّ الفرس : قمص . واستن الفرس في المضمار اذا جرى في نشاطه على سننه في جهة واحدة . و الاستنان : النشاط ، و منه المثل المذكور ( استنت الفصال حتى القرعى ) .

و في حديث الخيل : استن الفرس يستن استنانا ، أي عد المرحه و نشاطه ، و لا راكب عليه .

[ 419 ]