مدخل : أيهما أهم تطهير الداخل أم الفتوحات ؟ :

كان عهد الخلفاء الذين سبقوا الامام ( ع ) في الحكم فترة فتوحات اسلامية ، بينما كانت خلافته فترة حروب داخلية ، فهل لهذا ميزة لغيره عليه ؟

للاجابة عن هذا السؤال نقول : ان الفتوحات ليست ضرورة من ضرورات وجود الدولة الاسلامية ، بل هي تزيد في قوتها و قدراتها ، كما يقول المثل : زيادة الخير خير . أما إخماد الفتن الداخلية فهو ضرورة هامة يتوقف عليها وجود الاسلام و دولته . لأن بقاء هذه الفتن إما أن يحرف الاسلام عن مساره الصحيح ، أو يقسم المسلمين الى نصفين متحاربين ،

بحيث يفني بعضهم بعضا ، فينعدم وجود الاسلام .

لهذا نرى الامام علي ( ع ) توقف عن الفتوحات الخارجية في عهد خلافته ، و آثر القضاء على المنحرفين و الشاذين ، من الناكثين و القاسطين و المارقين . فحارب طلحة و الزبير اللذين نكثا البيعة بعد تأكيدها ، و حارب معاوية و أتباعه من دعاة الانقسام و الانفصالية ، ثم حارب الخوارج الذين أعطوا الحق في تطبيق أحكام الاسلام لكل جماعة من الناس ،

دونما حاجة الى رئيس يقود الناس ، أو سلطة مركزية مسؤولة ، بدعوى أن لا حكم إلاّ للّه .

و كان في تصور الامام ( ع ) أن تطهير الداخل و تخليصه من فتنه و آفاته التي سببها وجود الخلفاء الذين سبقوه ، أهم من تحرير الخارج و فتوحاته . لا بل كيف يمكن تحرير الخارج اذا لم يكن الداخل قويا متماسكا ؟

[ 500 ]