النصوص :

يقسم الامام ( ع ) أبناء الدنيا الى أربعة أقسام فيقول : و النّاس على أربعة أصناف :

منهم : من لا يمنعه الفساد إلاّ مهانة نفسه و كلالة حدّه و نضيض وفره ( أي قلة ماله ) .

[ 886 ]

و منهم : المصلت لسيفه و المعلن بشرّه ، و المجلب بخيله و رجله . قد أشرط نفسه و أوبق دينه ، لحطام ينتهزه أو مقنب ( طائفة من الخيل ) يقوده أو منبر يفرعه ( أي يعلوه ) . و لبئس المتجر أن ترى الدّنيا لنفسك ثمنا ، و ممّا لك عند اللّه عوضا .

و منهم : من يطلب الدّنيا بعمل الآخرة ، و لا يطلب الآخرة بعمل الدّنيا . قد طامن من شخصه ، و قارب من خطوه ، و شمّر من ثوبه ، و زخرف من نفسه للأمانة ، و اتّخذ ستر اللّه ذريعة إلى المعصية .

و منهم : من أبعده عن طلب الملك ضؤولة نفسه ، و انقطاع سببه . فقصرته الحال على حاله ، فتحلّى باسم القناعة ، و تزيّن بلباس أهل الزّهادة ، و ليس من ذلك في مراح و لا مغدى .

ثم يذكر ( ع ) الفئة الثانية من الراغبين في اللّه فيقول :

و بقي رجال غضّ أبصارهم ذكر المرجع ، و أراق دموعهم خوف المحشر ، فهم بين شريد نادّ ، و خائف مقموع ، و ساكت مكعوم ، وداع مخلص ، و ثكلان موجع .

قد أخملتهم التّقيّة ، و شملتهم الذّلّة . فهم في بحر أجاج ، أفواههم ضامرة ( أي ساكنة ) ،

و قلوبهم قرحة . قد وعظوا حتّى ملّوا ، و قهروا حتّى ذلّوا ، و قتلوا حتّى قلّوا .

فلتكن الدّنيا في أعينكم أصغر من حثالة القرظ ، و قراضة الجلم ( مقراض يقصّ به الصوف ) . و اتّعظوا بمن كان قبلكم ، قبل أن يتّعظ بكم من بعدكم . و ارفضوها ذميمة ،

فإنّها قد رفضت من كان أشغف بها منكم . ( الخطبة 32 ، 86 ) فأصلح مثواك ، و لا تبع آخرتك بدنياك . ( الخطبة 270 ، 1 ، 475 ) و إيّاك أن ينزل بك الموت و أنت آبق من ربّك في طلب الدّنيا . ( الخطبة 308 ، 558 )