تنقسم معرفة اللّه تعالى الى قسمين :
الأول : معرفة وجوده و الإقرار بأنّه واجب الوجود .
الثاني : معرفة كنهه و إدراك حقيقة ذاته .
فأمّا الأول فواجب على كلّ انسان ، و يتمّ ادراك وجود الخالق العظيم عن طريق آلائه و آثاره في خلقه . قال تعالى : سَنُرِيِهِمْ آياتِنا فِي الآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أنَّهُ الْحَقُّ . أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ « فصلت 53 » و تتم معرفة اللّه هذه بالعقل و التفكير و ليس بالتبعية و التقليد .
و أما الثاني فمحال على المخلوق ، لأنّ عقل الانسان و حواسه محدود ، و هي قاصرة عن معرفة كنه بعض المخلوقات المحدودة ( كالروح مثلا ) ، فكيف بها أن تدرك حقيقة الخالق اللامحدود . قال تعالى : لا تُدْرِكُهُ الأَبْصارُ ، وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ ، وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ « الأنعام 103 » . و قد ورد الحضّ على التفكر في مخلوقات اللّه و النهي عن التفكّر في ذات اللّه . و ذلك لأنّ اللّه فوق ما يتصوره العقل و الفكر . لذلك قال النبي « ص » : « لا تفكّروا في ذات اللّه فتهلكوا » . و قال الإمام علي « ع » : « و لا تقدّر عظمة اللّه سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين » .
و سوف نقف في هذا الفصل على قبسات من العلم الإلهي من نبع العلم الإلهي ، الذي قال فيه النبي « ص » قوله المأثور : « يا علي ، ما عرف اللّه إلاّ أنا و أنت ، و ما عرفك إلاّ اللّه و أنا » .
[ 62 ]
[ 63 ]