و قال الامام علي ( ع )
عن عجيب خلقة الطيور : إبتدعهم خلقا عجيبا من حيوان و موات ، و ساكن و ذي حركات . و أقام من شواهد البيّنات على لطيف صنعته و عظيم قدرته ، ما انقادت له العقول معترفة به و مسلّمة له . و نعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيّته . و ما ذرأ من مختلف صور الأطيار ، الّتي أسكنها أخاديد الأرض ، و خروق فجاجها و رواسي أعلامها . من ذات أجنحة مختلفة و هيئات متباينة ، مصرّفة في زمام التّسخير ، و مرفرفة بأجنحتها في مخارق الجوّ المنفسح ، و الفضاء المنفرج . كوّنها بعد إذ لم تكن ، في
[ 144 ]
عجائب صور ظاهرة ، و ركّبها في حقاق مفاصل محتجبة ، و منع بعضها بعبالة خلقه ( أي ضخامته ) أن يسمو في الهواء خفوفا ، و جعله يدفّ دفيفا ( الدفيف : تحريك الجناحين و الرجلين على الأرض ) . و نسقها على اختلافها في الأصابيغ ، بلطيف قدرته و دقيق صنعته . فمنها مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه ، و منها مغموس في لون صبغ قد طوّق بخلاف ما صبغ به . ( الخطبة 163 ، 293 ) فتبارك اللّه الّذي يسجد له من في السّموات و الأرض طوعا و كرها ، و يعفّر له خدّا و وجها ، و يلقي إليه بالطّاعة سلما و ضعفا ، و يعطي له القياد رهبة و خوفا . فالطّير مسخّرة لأمره . أحصى عدد الرّيش منها و النّفس ، و أرسى قوائمها على النّدى و اليبس . و قدّر أقواتها ، و أحصى أجناسها . فهذا غراب و هذا عقاب . و هذا حمام و هذا نعام . دعا كلّ طائر باسمه ، و كفل له برزقه . ( الخطبة 183 ، 337 )