يراجع المبحث ( 363 ) صفات المتّقين رجال اللّه و أولياؤه العارفون باللّه السالكون الطريق الى اللّه .
قال الإمام علي ( ع )
ردا على قول الخوارج ( لا حكم إلاّ للّه ) : و إنّه لا بدّ للنّاس من أمير برّ أو فاجر ، يعمل في إمرته المؤمن ، و يستمتع فيها الكافر ، و يبلّغ اللّه فيها الأجل ، و يجمع به الفيء ،
و يقاتل به العدوّ ، و تأمن به السّبل ، و يؤخذ به للضّعيف من القويّ ، حتّى يستريح برّ ،
و يستراح من فاجر . ( الخطبة 40 ، 98 ) و ذلك زمان لا ينجو فيه إلاّ كلّ مؤمن نومة . إن شهد لم يعرف ، و إن غاب لم يفتقد .
أؤلئك مصابيح الهدى ، و أعلام السّرى . ليسوا بالمساييح ( جمع مسياح و هو الذي يمشي
[ 240 ]
بين الناس بالفساد و النميمة ) و لا بالمذاييع البذر ( أي الذين يذيعون أخبار الفاحشة اذا سمعوها ) . أولئك يفتح اللّه لهم أبواب رحمته ، و يكشف عنهم ضرّاء نقمته . ( الخطبة 101 ، 197 ) و قال ( ع ) عن فتنة بني أمية : تعرككم عرك الأديم ، و تدوسكم دوس الحصيد ،
و تستخلص المؤمن من بينكم ، استخلاص الطّير الحبّة البطينة من بين هزيل الحبّ .
( الخطبة 106 ، 206 ) إنّ المؤمنين مستكينون . إنّ المؤمنين مشفقون . إنّ المؤمنين خائفون . ( الخطبة 151 ، 269 ) و قال ( ع ) عن موقف الناس من الفتن : قد خاضوا بحار الفتن ، و أخذوا بالبدع دون السّنن . و أرز المؤمنون ( أي ثبتوا ) ، و نطق الضّالّون المكذّبون . ( الخطبة 152 ، 270 ) و اللّه ما أرى عبدا يتّقي تقوى تنفعه حتّى يخزن لسانه . و إنّ لسان المؤمن من وراء قلبه ،
و إنّ قلب المنافق من وراء لسانه . لأنّ المؤمن إذا أراد أن يتكلّم بكلام تدبّره في نفسه ، فإن كان خيرا أبداه ، و إن كان شرّا واراه . و إنّ المنافق يتكلّم بما أتى على لسانه لا يدري ماذا له و ماذا عليه . و لقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله :
« لا يستقيم إيمان عبد حتّى يستقيم قلبه . و لا يستقيم قلبه حتّى يستقيم لسانه » فمن استطاع منكم أن يلقى اللّه تعالى و هو نفيّ الرّاحة من دماء المسلمين و أموالهم ، سليم اللّسان من أعراضهم ، فليفعل . و اعلموا عباد اللّه أنّ المؤمن يستحلّ العام ما استحلّ عاما أوّل ، و يحرّم العام ما حرّم عاما أوّل . ( الخطبة 174 ، 315 ) ذاك حيث تكون ضربة السّيف على المؤمن أهون من الدّرهم من حلّه . ( الخطبة 185 ، 346 ) و تدبّروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم ، كيف كانوا في حال التّمحيص و البلاء . ألم يكونوا أثقل الخلائق أعباء ، و أجهد العباد بلاء ، و أضيق أهل الدّنيا حالا . اتّخذتهم الفراعنة عبيدا ، فساموهم سوء العذاب ، و جرّعوهم المرار . فلم تبرح الحال بهم في ذلّ الهلكة و قهر الغلبة ، لا يجدون حيلة في امتناع ، و لا سبيلا إلى دفاع .
حتّى إذا رأى اللّه سبحانه جدّ الصّبر منهم على الأذى في محبّته ، و الإحتمال
[ 241 ]
للمكروه من خوفه ، جعل لهم من مضايق البلاء فرجا . فأبدلهم العزّ مكان الذّلّ ،
و الأمن مكان الخوف ، فصاروا ملوكا حكّاما ، و أئمّة أعلاما . و قد بلغت الكرامة من اللّه لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم . ( الخطبة 190 ، 3 ، 369 ) و قال ( ع ) عن الصلاة و تعاهدها : تعاهدوا أمر الصّلاة ، و حافظوا عليها ، و استكثروا منها ،
و تقرّبوا بها ، فإنّها كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً . . . و قد عرف حقّها رجال من المؤمنين ، الّذين لا تشغلهم عنها زينة متاع ، و لا قرّة عين من ولد و لا مال . يقول اللّه سبحانه رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ ، عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَ إِقَامِ الصَّلاةِ وَ إِيْتاءِ الزَّكَاةِ . ( الخطبة 197 ، 392 ) و قال ( ع ) في أتباع معاوية من أهل الشام : ليسوا من المهاجرين و الأنصار ، و لا من الّذين تبوّاؤا الدّار و الإيمان . ( الخطبة 236 ، 438 ) و لقد قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : « إنّي لا أخاف على أمّتي مؤمنا و لا مشركا . أمّا المؤمن فيمنعه اللّه بإيمانه ، و أمّا المشرك فيقمعه اللّه بشركه ، و لكنّي أخاف عليكم ، كلّ منافق الجنان ، عالم اللّسان . يقول ما تعرفون ، و يفعل ما تنكرون » ( الخطبة 266 ، 467 ) و اعلم أنّ أفضل المؤمنين أفضلهم تقدمة من نفسه و أهله و ماله ، فإنّك ما تقدّم من خير يبق لك ذخره ، و ما تؤخّره يكن لغيرك خيره . ( الخطبة 308 ، 557 ) لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني . و لو صببت الدّنيا بجمّاتها ( أي بعظيمها و حقيرها ) على المنافق على أن يحبّني ما أحبّني . و ذلك أنّه قضي فانقضى على لسان النّبيّ الأمّيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال : « يا عليّ ،
لا يبغضك مؤمن ، و لا يحبّك منافق » . ( 45 ح ، 574 ) خذ الحكمة أنّى كانت ، فإنّ الحكمة تكون في صدر المنافق ، فتلجلج في صدره ،
حتّى تخرج فتسكن إلى صواحبها في صدر المؤمن . ( 79 ح ، 578 ) الحكمة ضالّة المؤمن ، فخذ الحكمة و لو من أهل النّفاق . ( 80 ح ، 578 ) إنّ أولى النّاس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به ، ثمّ تلا : إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإبْراهِيمَ لَلَّذِينَ
[ 242 ]
اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا ، و اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنينَ . ( 96 ح ، 581 ) و رئي عليه إزار خلق مرقوع فقيل له في ذلك ، فقال ( ع ) : يخشع له القلب ، و تذلّ به النّفس ، و يقتدي به المؤمنون . ( 103 ح ، 583 ) اتّقوا طنون المؤمنين ، فإنّ اللّه تعالى جعل الحقّ على ألسنتهم . ( 309 ح ، 628 ) و قال ( ع ) : أنا يعسوب المؤمنين ، و المال يعسوب الفجّار ( أي يلحق المؤمنون الامام علي عليه السلام كما يلحق النحل يعسوبها و هو الملكة ، بينما يلحق الفجار يعسوب المال ) .
( 316 ح ، 629 ) و روي أنه ( ع ) لما ورد الكوفة قادما من صفين ، أقبل اليه حرب بن شرحبيل الشبامي ،
يمشي معه ، و هو ( ع ) راكب . فقال ( ع ) : إرجع ، فإنّ مشي مثلك مع مثلي ، فتنة للوالي ، و مذلّة للمؤمن . ( 322 ح ، 631 ) و قال ( ع ) في صفة المؤمن : المؤمن بشره في وجهه ، و حزنه في قلبه . أوسع شيء صدرا ،
و أذلّ شيء نفسا . يكره الرّفعة ، و يشنأ السّمعة . طويل غمّه . بعيد همّه ، كثير صمته ،
مشغول وقته . شكور صبور . مغمور بفكرته ، ضنين بخلّته . سهل الخليقة ، ليّن العريكة .
نفسه أصلب من الصّلد ، و هو أذلّ من العبد . ( أي أن نفس المؤمن أصلب من الحجر في فعل الحق . و ان كان في تواضعه أذل من العبد ) . ( 333 ح ، 633 ) و إنّما ينظر المؤمن إلى الدّنيا بعين الإعتبار ، و يقتات منها ببطن الإضطرار ، و يسمع فيها بأذن المقت و الإبغاض . ( 367 ح ، 639 ) للمؤمن ثلاث ساعات : فساعة يناجي فيها ربّه ، و ساعة يرمّ معاشه ( أي يصلحه ) ،
و ساعة يخلّي بين نفسه و بين لذّتها فيما يحلّ و يجمل . و ليس للعاقل أن يكون شاخصا ( أي ساعيا ) إلاّ في ثلاث : مرمّة لمعاش ، أو خطوة في معاد ، أو لذّة في غير محرّم . ( 390 ح ، 646 ) من شكا الحاجة إلى مؤمن ، فكأنّه شكاها إلى اللّه ، و من شكاها إلى كافر ، فكأنّما شكا اللّه . ( 427 ح ، 653 ) إذا احتشم المؤمن أخاه ( أي أغضبه ) فقد فارقه . ( 480 ح ، 662 )
[ 243 ]