( 188 ) تعاليم حربية و وصايا الامام ( ع ) لقواده

قال الامام علي ( ع ) :

لابنه محمد بن الحنيفة لما أعطاه الراية يوم الجمل : تزول الجبال و لا تزل . عضّ على ناجذك . أعر اللّه جمجمتك . تد في الأرض قدمك . ارم ببصرك أقصى القوم و غصّ بصرك . و اعلم أن النّصر من عند اللّه سبحانه . ( الخطبة 11 ، 52 ) و قلت لكم : اغزوهم قبل أن يغزوكم فو اللّه ما غزي قوم قطّ في عقر دارهم إلاّ ذلّوا .

( الخطبة 27 ، 76 ) من كلام له ( ع ) في تعليم الحرب و المقاتلة ، قاله لأصحابه ليلة الهرير بصفين :

معاشر المسلمين : استشعروا الخشية ، و تجلببوا السّكينة ، و عضّوا على النّواجذ ، فإنّه أنبى للسّيوف عن الهام . و أكملوا اللأمة ( اي الدرع ) ، و قلقلوا السّيوف في أغمادها قبل سلّها . و الحظوا الخزر ، و اطعنوا الشّزر ، و نافحوا بالظّبا ، و صلوا السّيوف بالخطا .

و اعلموا أنّكم بعين اللّه ، و مع ابن عمّ رسول اللّه . فعاودوا الكرّ ، و استحيوا من الفرّ ، فإنّه عار في الأعقاب ، و نار يوم الحساب . و طيبوا عن أنفسكم نفسا ، و امشوا إلى الموت مشيا سجحا ( أي سهلا ) ، و عليكم بهذا السّواد الأعظم ( أي أهل الشام ) و الرّواق المطنّب ( أي رواق معاوية ) ، فاضربوا ثبجه ( أي وسطه ) ، فإنّ الشّيطان ( أي معاوية ) كامن في كسره ، و قد قدّم للوثبة يدا ، و أخّر للنّكوص رجلا . فصمدا صمدا ،

حتّى ينجلي لكم عمود الحقّ ، و أنتم الأعلون و اللّه معكم ، و لن يتركم ( أي ينقصكم ) أعمالكم . ( الخطبة 64 ، 120 )

[ 520 ]

من كلام له ( ع ) و قد جمع الناس و حضهم على الجهاد فسكتوا مليا فقال عليه السّلام :

ما بالكم لا سدّدتم لرشد ، و لا هديتم لقصد أفي مثل هذا ينبغي لي أن أخرج ؟

و إنّما يخرج في مثل هذا رجل ممّن أرضاه من شجعانكم و ذوي بأسكم ، و لا ينبغي لي أن أدع الجند و المصر و بيت المال و جبابة الأرض ، و القضاء بين المسلمين ،

و النّظر في حقوق المطالبين ، ثمّ أخرج في كتيبة أتبع أخرى ، أتقلقل تقلقل القدح ( أي السهم قبل أن يراش ) في الجفير الفارغ ( أي الكنانة التي توضع فيها السهام ) .

و إنّما أنا قطب الرّحى ، تدور عليّ و أنا بمكاني ، فإذا فارقته استحار مدارها ،

و اضطرب ثفالها ( الثفال : الحجر الاسفل من الرحى ) . هذا لعمر اللّه الرّأي السّوء ( الخطبة 117 ، 227 ) من كلام له ( ع ) قاله لأصحابه في ساحة الحرب بصفين ، و فيه يعلم اصحابه فنون القتال و آدابه :

و أيّ امري‏ء منكم أحسّ من نفسه رباطة جأش عند اللّقاء ، و رأى من أحد من إخوانه فشلا فليذبّ عن أخيه ، بفضل نجدته الّتي فضّل بها عليه ، كما يذبّ عن نفسه . فلو شاء اللّه لجعله مثله . إنّ الموت طالب حثيث لا يفوته المقيم و لا يعجزه الهارب . إنّ أكرم الموت القتل . و الّذي نفس ابن أبي طالب بيده لألف ضربة بالسّيف أهون عليّ من ميتة على الفراش .

( و منه ) : فقدّموا الدّارع و أخّروا الحاسر ، و عضّوا على الأضراس ، فإنه أنبى للسّيوف عن الهام ، و التووا في أطراف الرّماح ، فإنّه أمور للأسنّة . و غضّوا الأبصار فإنّه أربط للجأش و أسكن للقلوب . و أميتوا الأصوات فإنّه أطرد للفشل . و رايتكم فلا تميلوها و لا تخلّوها ، و لا تجعلوها إلاّ بأيدي شجعانكم و المانعين الذّمار منكم .

فإنّ الصّابرين على نزول الحقائق هم الّذين يحفّون براياتهم ، و يكتنفونها : حفا فيها و وراءها و أمامها ، لا يتأخّرون عنها فيسلموها ، و لا يتقدّمون عليها فيفردوها . أجزأ امرؤ قرنه ( أي كفؤه ) ، و آسى أخاه بنفسه ، و لم يكل قرنه إلى أخيه ، فيجتمع عليه قرنه و قرن أخيه . و أيم اللّه لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلموا من سيف الآخرة .

[ 521 ]

و أنتم لهاميم العرب و السّنام الأعظم . إنّ في الفرار موجدة اللّه ، و الذّل اللاّزم ،

و العار الباقي . و إنّ الفارّ لغير مزيد في عمره ، و لا محجوز بينه و بين يومه . ( الخطبة 121 ، 232 ) من كلام له ( ع ) و قد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج الى غزو الروم بنفسه : « يراجع في المبحث ( 152 ) عمر بن الخطاب » . ( الخطبة 132 ، 246 ) من كلام له ( ع ) و قد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه :

« يراجع في المبحث ( 152 ) عمر بن الخطاب » . ( الخطبة 144 ، 257 ) فشدّوا عقد المآزر ، و اطووا فضول الخواصر . ( الخطبة 239 ، 441 ) من كتاب له ( ع ) الى بعض أمراء جيشه : فإن عادوا إلى ظلّ الطّاعة فذاك الّذي نحبّ ، و إن توافت الأمور بالقوم إلى الشّقاق و العصيان ، فانهد بمن أطاعك إلى من عصاك ،

و استغن بمن انقاد معك عمّن تقاعس عنك . فإنّ المتكاره ( المتثاقل بكراهة الحرب ) مغيبه خير من مشهده ( أي وجوده في الجيش يضر أكثر مما ينفع ) و قعوده أغنى من نهوضه . ( الخطبة 243 ، 445 ) من وصية له ( ع ) وصى بها جيشا بعثه الى العدو : فإذا نزلتم بعدوّ أو نزل بكم ، فليكن معسكركم في قبل الأشراف ( أي بجانب الجبال العالية ) ، أو سفاح الجبال ، أو أثناء الأنهار . كيما يكون لكم ردءا ( أي عونا ) و دونكم مردّا . و لتكن مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين . و اجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال ( أي أعاليها ) و مناكب الهضاب ، لئلاّ يأتيكم العدوّ من مكان مخافة أو أمن . و اعلموا أنّ مقدّمة القوم عيونهم ، و عيون المقدّمة طلائعهم . و إيّاكم و التّفرّق فإذا نزلتم فانزلوا جميعا ،

و إذا ارتحلتم فارتحلوا جميعا . و إذا غشيكم اللّيل فاجعلوا الرّماح كفّة ( أي انصبوها حولكم مستديرة ككفة الميزان ) ، و لا تذوقوا النّوم إلاّ غرارا ( أي قليلا ) أو مضمضة .

( الخطبة 250 ، 451 ) من وصية له ( ع ) وصّى بها معقل بن قيس الرياحي حين أنفذه الى الشام في ثلاثة آلاف مقدمة له : إتّق اللّه الّذي لا بد لك من لقائه ، و لا منتهى لك دونه . و لا تقاتلنّ إلا من

[ 522 ]

قاتلك . و سر البردين ( أي وقت ابتراد الارض و الهواء ) . و غوّر بالنّاس . و رفّه في السّير .

و لا تسر أوّل اللّيل ، فإنّ اللّه جعله سكنا ، و قدّره مقاما لا ظعنا . فأرح فيه بدنك ،

و روّح ظهرك . فإذا وقفت حين ينبطح السّحر ، أو حين ينفجر الفجر ، فسر على بركة اللّه . فإذا لقيت العدوّ فقف من أصحابك وسطا ، و لا تدن من القوم دنوّ من يريد أن ينشب الحرب . و لا تباعد عنهم تباعد من يهاب البأس ، حتّى يأتيك أمري .

و لا يحملنّكم شنآنهم ( أي بغضهم ) على قتالهم ، قبل دعائهم و الإعذار إليهم . ( الخطبة 251 ، 452 ) من وصية له ( ع ) لعسكره قبل لقاء العدو بصفين : لا تقاتلوهم حتّى يبدؤوكم . فإنّكم بحمد اللّه على حجّة ، و ترككم إيّاهم حتّى يبدؤوكم حجّة أخرى لكم عليهم . فإذا كانت الهزيمة بإذن اللّه فلا تقتلوا مدبرا ، و لا تصيبوا معورا ( الذي أمكن من نفسه و عجز عن حمايتها ) . و لا تجهزوا على جريح . و لا تهيجوا النّساء بأذى ، و إن شتمن أعراضكم و سببن أمراءكم . فإنّهنّ ضعيفات القوى و الأنفس و العقول ، إن كنّا لنؤمر بالكفّ عنهنّ و إنّهنّ لمشركات ( هذا حكم الشريعة الاسلامية في حفظ اعراض النساء حتى المشركات في الحرب ) . و إن كان الرّجل ليتناول المرأة في الجاهليّة بالفهر ( حجر يدق به الجوز ) أو الهراوة ( العصا ) فيعيّر بها و عقبه من بعده .

( الخطبة 253 ، 453 ) و كان ( ع ) يقول لأصحابه عند الحرب : لا تشتدّنّ عليكم فرّة بعدها كرّة . و لا جولة بعدها حملة . و أعطوا السّيوف حقوقها . و وطّئوا للجنوب مصارعها . و اذمروا أنفسكم ( أي حرضوها ) على الطّعن الدّعسيّ ( أي الشديد ) و الضّرب الطّلحفيّ ( الشديد ايضا ) . و أميتوا الأصوات ، فإنّه أطرد للفشل . فو الّذي فلق الحبّة و برأ النّسمة ،

ما أسلموا و لكن استسلموا ، و أسرّوا الكفر ، فلمّا وجدوا أعوانا عليه أظهروه . ( الخطبة 255 ، 454 ) و من كتاب له ( ع ) الى أهل مصر ، لما ولى عليهم مالك الاشتر : فإن أمركم أن تنفروا فانفروا ، و إن أمركم أن تقيموا فأقيموا ، فإنّه لا يقدم و لا يحجم ، و لا يؤخّر و لا يقدّم ،

[ 523 ]

إلاّ عن أمري . ( الخطبة 277 ، 496 ) ألا و إنّ لكم عندي ألاّ أحتجز دونكم سرّا إلاّ في حرب ، و لا أطوي دونكم أمرا إلاّ في حكم . ( الخطبة 289 ، 514 ) .

و لا تمسّنّ مال أحد من النّاس ، مصلّ و لا معاهد ، إلاّ أن تجدوا فرسا أو سلاحا يعدى به على أهل الإسلام ، فإنّه لا ينبغي للمسلم أن يدع ذلك في أيدي أعداء الإسلام ،

فيكون شوكة عليه . ( الخطبة 290 ، 515 ) و قال ( ع ) في عهده لمالك الاشتر : فولّ من جنودك أنصحهم في نفسك للّه و لرسوله و لإمامك ، و أنقاهم جيبا ، و أفضلهم حلما ، ممّن يبطي‏ء عن الغضب ، و يستريح إلى العذر ، و يرأف بالضّعفاء ، و ينبو على الأقوياء ، و ممّن لا يثيره العنف ،

و لا يقعد به الضّعف . ( الخطبة 292 ، 2 ، 524 ) و ليكن آثر رؤوس جندك عندك من واساهم في معونته ، و أفضل عليهم من جدته ،

بما يسعهم و يسع من وراءهم من خلوف أهليهم ، حتّى يكون همّهم همّا واحدا في جهاد العدوّ ، فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك . ( الخطبة 292 ، 2 ، 524 ) من كتاب له ( ع ) الى العمال الذين يطأ الجيش عملهم ( أي يمر بأراضيهم ) : من عبد اللّه عليّ أمير المؤمنين إلى من مرّ به الجيش من جباة الخراج و عمّار البلاد . أمّا بعد ،

فإنّي قد سيّرت جنودا هي مارّة بكم إن شاء اللّه ، و قد أوصيتهم بما يجب للّه عليهم من كفّ الأذى و صرف الشّذى ( أي الشر ) ، و أنا أبرأ إليكم و إلى ذمّتكم من معرّة الجيش ( أي أذاه ) ، إلاّ من جوعة المضطرّ ، لا يجد عنها مذهبا إلى شبعه . فنكّلوا من تناول منهم شيئا ظلما عن ظلمهم ، و كفّوا أيدي سفهائكم عن مضارّتهم و التّعرّض لهم فيما استثنيناه منهم . و أنا بين أظهر الجيش فارفعوا إليّ مظالمكم و ما عراكم ،

ممّا يغلبكم من أمرهم ، و ما لا تطيقون دفعه إلاّ باللّه و بي ، فأنا أغيّره بمعونة اللّه ،

إن شاء . ( الخطبة 299 ، 545 ) من كتاب له ( ع ) الى كميل بن زياد النخعي ، و هو عامله على هيت ، ينكر عليه تركه دفع من يجتاز به من جيش العدو طالبا الغارة : أمّا بعد ، فإنّ تضييع المرء ما ولّي ،

[ 524 ]

و تكلفّه ما كفي ، لعجز حاضر ، و رأي متبّر ( أي هالك صاحبه ) . و إنّ تعاطيك الغارة على أهل قرقيسيا ( و هي بلد على الفرات ) و تعطيلك مسالحك الّتي ولّيناك ، ليس بها من يمنعها و لا يردّ الجيش عنها ، لرأي شعاع ( أي متفرق ) . فقد صرت جسرا لمن أراد الغارة من أعدائك على أوليائك ، غير شديد المنكب ، و لا مهيب الجانب ، و لا سادّ ثغرة ، و لا كاسر لعدوّ شوكة ، و لا مغن عن أهل مصره ، و لا مجز عن أميره . ( الخطبة 300 ، 546 ) و قال ( ع ) لابنه الحسن ( ع ) : لا تدعونّ إلى مبارزة ، و إن دعيت إليها فأجب . فإنّ الدّاعي إليها باغ ، و الباغي مصروع . ( 233 ح ، 608 ) و في حديثه ( ع ) انه ودع جيشا يغزيه فقال : اعذبوا عن النّساء ما استطعتم ( أي لا تشغلوا أنفسكم بذكرهن ) . ( 7 غريب كلامه 616 )