( 225 ) معاملة الطبقة السفلى ( المحرومين )

و يتابع الامام ( ع ) كتابه لمالك الاشتر قائلا : ثمّ اللّه اللّه في الطّبقة السّفلى من الّذين لا حيلة لهم من المساكين و المحتاجين و أهل البؤسى و الزّمنى ( أي أصحاب العاهات المانعة من الكسب ) ، فإنّ في هذه الطّبقة قانعا ( أي سائلا ) و معترا ( أي يعطى بلا سؤال ) . و احفظ للّه ما استحفظك من حقّه فيهم ، و اجعل لهم قسما من بيت مالك ، و قسما من غلاّت صوافي الإسلام في كلّ بلد ، فإنّ للأقصى منهم مثل الّذي للأدنى ، و كلّ قد استرعيت حقّه ، فلا يشغلنّك عنهم بطر ، فإنّك لا تعذر بتضييعك التّافه ، لإحكامك الكثير المهمّ . فلا تشخص ( أي لا تصرف ) همّك عنهم ،

و لا تصعّر خدّك لهم ، و تفقّد أمور من لا يصل إليك منهم ممّن تقتحمه العيون ، و تحقره الرّجال . ففرّغ لأولئك ثقتك من أهل الخشية و التّواضع ، فليرفع إليك أمورهم ، ثمّ اعمل فيهم بالإعذار إلى اللّه يوم تلقاه ، فإنّ هؤلاء من بين الرّعيّة أحوج إلى الإنصاف من غيرهم ، و كلّ فاعذر إلى اللّه في تأدية حقّه إليه . و تعهّد أهل اليتم و ذوي الرّقّة في السّنّ ممّن لا حيلة له ، و لا ينصب للمسألة نفسه ، و ذلك على الولاة ثقيل ( و الحقّ كلّه ثقيل ) . و قد يخفّفه اللّه على أقوام طلبوا العاقبة فصبّروا أنفسهم ،

و وثقوا بصدق موعود اللّه لهم .

و اجعل لذوي الحاجات منك قسما تفرّغ لهم فيه شخصك ، و تجلس لهم مجلسا عامّا

[ 612 ]

فتتواضع فيه للّه الّذي خلقك ، و تقعد عنهم جندك و أعوانك من أحراسك و شرطك ، حتّى يكلّمك متكلّمهم غير متتعتع ، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول في غير موطن : « لن تقدّس أمّة لا يؤخذ للضّعيف فيها حقّه من القويّ غير متتعتع » . ثمّ احتمل الخرق منهم و العيّ ، و نحّ عنهم الضّيق و الأنف ،

يبسط اللّه عليك بذلك أكناف رحمته ، و يوجب لك ثواب طاعته . و أعط ما أعطيت هنيئا ، و امنع في إجمال و إعذار . ( الخطبة 292 ، 3 ، 531 )