العدل : بعد إيماننا بوحدانية اللّه تعالى نؤمن بأنّه عادل . و ( العدل ) هو ثاني الأصول الاعتقادية عند الشيعة بعد التوحيد . و هو من صفات اللّه الثبوتية الحقيقية ، التي تنطلق من كماله المطلق . و العدل يعني أنه منزه عن فعل القبيح ، و لا يفعل إلاّ الحسن و لا يأمر إلاّ به ، و لا تصدر أعماله سبحانه إلاّ عن مصلحة و حكمة رَبَّنَا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ .
و يتجلى عدل اللّه تعالى في كل شيء ، سواء في الأمور التكوينية كالخلق ، أو في الأمور التشريعية كأحكام الدين . فهو لا يجور في قضائه و لا يحيف في حكمه ، و لا يكلف عباده ما لا يطيقون ، و لا يعاقبهم زيادة على ما يستحقون .
و من العدل تنبثق بقية الأصول الاعتقادية ، أعني النبوة و الامامة و اليوم الآخر . فاذا كان سبحانه كلّف الانسان أن يكون خليفته في الأرض ، بعد أن أعطاه القدرات لهذه الخلافة ، كان لا بدّ له من إرسال الأنبياء ليبينوا للناس معالم هذه الخلافة و قواعدها ، و من حفظها بالأوصياء و الأئمة . و بما أنه سبحانه أعطى الانسان القدرة و الاختيار و جعله مسؤولا عن هذه الخلافة ، كان لا بدّ من محاسبته على تلك المسؤوليّة و إعطائه الجزاء العادل ، و هذا يستدعي وجود اليوم الآخر .
و عند ما يشعر الانسان أن كلّ شيء يقوم على عدالة اللّه سبحانه ، سواء في خلقه للكون أو في وضعه للتشريع ، فانّه يشعر بالانسجام التام بين فطرته الداخلية التي تدعوه الى العدل ،
و بين الكون و التشريع القائمين على العدل ، فتتوجه أعماله الى إشاعة العدل في كلّ شؤونه الفردية و الاجتماعية ، و بذلك ينتفي الظلم و الجور في المجتمع .
[ 152 ]