( 22 ) السموات و النجوم و الكواكب

يراجع الفصل 40 ( علوم الطبيعة ) .

قال الإمام علي ( ع ) :

ثمّ أنشأ سبحانه فتق الأجواء ، و شقّ الأرجاء ، و سكائك الهواء . فأجرى فيها ماء متلاطما تيّاره ، متراكما زخّاره ( يستفاد من هذا الكلام انّ اللّه سبحانه خلق في الفضاء ماء من نوع خاص ، ثم سلّط عليه ريحا حتى ارتفع ، فخلق منه الأجرام العليا .

و المقصود بالماء هنا ، الجوهر السائل الذي هو أصل كل الأجسام ) حمله على متن الرّيح العاصفة ، و الزّعزع القاصفة ، فأمرها بردّه و سلّطها على شدّه ، و قرنها إلى حدّه .

الهواء من تحتها فتيق ، و الماء من فوقها دفيق .

ثمّ أنشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبّها ، و أدام مربّها ، و أعصف مجراها ، و أبعد منشأها ،

فأمرها بتصفيق الماء الزّخّار ، و إثارة موج البحار ، فمخضته مخض السّقاء ، و عصفت به عصفها بالفضاء . تردّ أوّله إلى آخره ، و ساجيه إلى مائره ، حتّى عبّ عبابه ، و رمى بالزّبد ركامه ، فرفعه في هواء منفتق ، و جوّ منفهق ( أي مفتوح واسع ) ، فسوّى منه سبع سموات ، جعل سفلاهنّ موجا مكفوفا ، و علياهنّ سقفا محفوظا ، و سمكا مرفوعا ، بغير عمد يدعمها ، و لا دسار ينظمها ، ثمّ زيّنها بزينة الكواكب ، و ضياء الثّواقب ، و أجرى فيها سراجا مستطيرا ، و قمرا منيرا : في فلك دائر ، و سقف سائر ، و رقيم مائر ( الرقيم اسم من أسماء الفلك ، و المائر المتحرك ) . ( الخطبة 1 ، 26 )

[ 130 ]

و قال ( ع ) في صفة خلق السماء : و نظم بلا تعليق رهوات فرجها و لاحم صدوع انفراجها ،

و وشّج بينها و بين أزواجها ( أي أمثالها و قرنائها ) . و ذلّل للهابطين بأمره ، و الصّاعدين بأعمال خلقه ، حزونة معراجها ، و ناداها بعد إذ هي دخان ، فالتحمت عرى أشراجها ( تسمى مجرة السماء شرجا ) ، و فتق بعد الأرتتاق صوامت أبوابها ، و أقام رصدا من الشّهب الثّواقب على نقابها ( النقاب جمع نقب و هو الخرق ) ، و أمسكها من أن تمور في خرق الهواء بأيده ( أي بقوته ) ، و أمرها أن تقف مستسلمة لأمره و جعل شمسها آية مبصرة لنهارها ، و قمرها آية ممحوّة من ليلها ، و أجراهما في مناقل مجراهما ، و قدّر سيرهما في مدارج درجهما ، ليميّز بين اللّيل و النّهار بهما ، و ليعلم عدد السّنين و الحساب بمقاديرهما . ثمّ علّق في جوّها فلكها ، و ناط بها زينتها ، من خفيّات دراريّها و مصابيح كواكبها . و رمى مسترقي السّمع بثواقب شهبها ، و أجراها على أذلال تسخيرها ، من ثبات ثابتها ، و مسير سائرها ، و هبوطها و صعودها ، و نحوسها و سعودها . ( الخطبة 89 ، 2 ، 165 ) ألا و إنّ الأرض الّتي تقلّكم ، و السّماء الّتي تظلّكم ، مطيعتان لربّكم ، و ما أصبحتا تجودان لكم ببركتهما توجّعا لكم ، و لا زلفة إليكم ، و لا لخير ترجوانه منكم ، و لكن أمرتا بمنافعكم فأطاعتا ، و أقيمتا على حدود مصالحكم فقامتا . ( الخطبة 141 ، 253 ) فمن فرّغ قلبه ، و أعمل فكره ، ليعلم كيف أقمت عرشك ، و كيف ذرأت خلقك ،

و كيف علّقت في الهواء سمواتك ، و كيف مددت على مور الماء أرضك ، رجع طرفه حسيرا ، و عقله مبهورا ، و سمعه والها ، و فكره حائرا . ( الخطبة 158 ، 281 ) و علمه بما في السّموات العلى كعلمه بما في الأرضين السّفلى . ( الخطبة 161 ، 290 ) اللهمّ ربّ السّقف المرفوع ، و الجوّ المكفوف ، الّذي جعلته مغيضا للّيل و النّهار ،

و مجرى للشّمس و القمر ، و مختلفا للنّجوم السّيّارة ، و جعلت سكّانه سبطا من ملائكتك ، لا يسأمون من عبادتك . ( الخطبة 169 ، 305 )

[ 131 ]

فمن شواهد خلقه خلق السّموات موطّدات بلا عمد ، قائمات بلا سند . دعاهنّ فأجبن طائعات مذعنات ، غير متلكّئات و لا مبطئات . و لو لا إقرارهنّ له بالرّبوبيّة و إذعانهنّ بالطّواعيّة ، لما جعلهنّ موضعا لعرشه ، و لا مسكنا لملائكته ، و لا مصعدا للكلم الطّيّب و العمل الصّالح من خلقه . جعل نجومها أعلاما يستدلّ بها الحيران في مختلف فجاج الأقطار . لم يمنع ضوء نورها ادلهمام سجف اللّيل المظلم . و لا استطاعت جلابيب سواد الحنادس ( جمع حندس و هو الليل المظلم ) أن تردّ ما شاع في السّموات من تلألؤ نور القمر . ( الخطبة 180 ، 324 ) فلم يستنصركم من ذلّ ، و لم يستقرضكم من قلّ . استنصركم و لَهُ جُنُودُ السَّمواتِ وَ الأَرْضِ ، وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . و استقرضكم و لَهُ خَزائِنُ السَّمواتِ وَ الأَرْضِ ، وَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ . ( الخطبة 181 ، 332 ) و كان من اقتدار جبروته ، و بديع لطائف صنعته ، ان جعل من ماء البحر الزّاخر المتراكم المتقاصف يبسا جامدا ، ثمّ فطر منه اطباقا ، ففتقها سبع سموات بعد ارتتاقها ، فاستمسكت بامره ، و قامت على حدّه . ( الخطبة 209 ، 403 ) و لا خلق السّموات و الأرض و ما بينهما باطلا ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ . ( 78 ح ، 578 )