من كلام له ( ع ) و قد اشار عليه اصحابه بالاستعداد للحرب بعد ارساله جريرا بن عبد اللّه البجلي الى معاوية ، و لم ينزل معاوية على بيعته : إنّ استعدادي لحرب أهل الشّام و جرير عندهم ، إغلاق للشام و صرف لأهله عن خير أرادوه . و لكن قد وقّتّ لجرير وقتا لا يقيم إلاّ مخدوعا أو عاصيا . و الرّأي عندي مع الأناة ، فأرودوا ( أي سيروا برفق ) ، و لا أكره لكم الإعداد .
و لقد ضربت أنف هذا الأمر و عينه ، و قلبت ظهره و بطنه ، فلم أر لي فيه إلاّ القتال أو الكفر بما جاء به محمّد صلّى اللّه عليه و آله . ( الخطبة 43 ، 101 ) و من كلام له ( ع ) في صفين : فو اللّه ما دفعت الحرب يوما إلاّ و أنا أطمع أن تلحق بي طائفة فتهتدي بي ، و تعشو إلى ضوئي . و ذلك أحبّ إليّ من أن أقتلها على ضلالها ،
و إن كانت تبوء بآثامها . ( الخطبة 55 ، 111 ) و من كلام له ( ع ) قاله للخوارج : و لكنّا إنّما اصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام ، على
[ 501 ]
ما دخل فيه من الزّيغ و الإعوجاج و الشّبهة و التّأويل . فإذا طمعنا في خصلة يلمّ اللّه بها شعثنا و نتدانى بها إلى البقيّة فيما بيننا ، رغبنا فيها و أمسكنا عمّا سواها . ( الخطبة 120 ، 231 ) و قال ( ع ) عن طلحة و الزبير : و لقد استثبتهما قبل القتال ، و استأنيت بهما أمام الوقاع ،
فغمطا النّعمة ، و ردّا العافية . ( الخطبة 135 ، 249 ) و من كلام له ( ع ) و قد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين : إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين ، و لكنّكم لو وصفتم أعمالهم ، و ذكرتم حالهم ، كان أصوب في القول ، و أبلغ في العذر ، و قلتم مكان سبّكم إيّاهم : اللّهمّ أحقن دماءنا و دماءهم ، و أصلح ذات بيننا و بينهم ، و اهدهم من ضلالتهم ، حتّى يعرف الحقّ من جهله ، و يرعوي عن الغيّ و العدوان من لهج به . ( الخطبة 204 ، 398 ) و من وصية له ( ع ) وصى بها معقل بن قيس الرياحي حين أنفذه الى الشام :
و لا يحملنّكم شنآنهم ( أي بغضهم ) على قتالهم ، قبل دعائهم و الإعذار إليهم . ( الخطبة 251 ، 452 ) و من وصية له ( ع ) لعسكره قبل لقاء العدو بصفين : لا تقاتلوهم حتّى يبدؤوكم . فإنّكم بحمد اللّه على حجّة . و ترككم إيّاهم حتّى يبدؤوكم حجّة أخرى لكم عليهم .
( الخطبة 253 ، 453 ) و من كتاب له ( ع ) كتبه الى أهل الامصار ، يقص فيه ما جرى بينه و بين أهل صفين :
و كان بدء أمرنا أنّا التقينا و القوم من أهل الشّام . و الظّاهر أنّ ربّنا واحد ، و نبيّنا واحد ، و دعوتنا في الإسلام واحدة . و لا نستزيدهم في الإيمان باللّه و التّصديق برسوله و لا يستزيدوننا : الأمر واحد ، إلاّ ما اختلفنا فيه من دم عثمان ، و نحن منه براء فقلنا : تعالوا نداو ما لا يدرك اليوم ، بإطفاء الثّائرة و تسكين العامّة . حتّى يشتدّ الأمر و يستجمع ، فنقوى على وضع الحقّ مواضعه . فقالوا : بل نداويه بالمكابرة فأبوا حتّى جنحت الحرب و ركدت ، و وقدت نيرانها و حمست ( أي اشتدت ) . فلمّا ضرّستنا و إيّاهم و وضعت مخالبها فينا و فيهم ، أجابوا عند ذلك إلى الّذي دعوناهم إليه ،
[ 502 ]
فأجبناهم إلى ما دعوا ، و سارعناهم إلى ما طلبوا ، حتّى استبانت عليهم الحجّة ،
و انقطعت منهم المعذرة . . ( الخطبة 297 ، 543 ) و قال ( ع ) لابنه الحسن ( ع ) : لا تدعونّ إلى مبارزة . و إن دعيت إليها فأجب ، فإنّ الدّاعي باغ ، و الباغي مصروع . ( 233 ح ، 608 )