التقوى في أصل معناها من الوقاية ، و الوقاية تعني الحذر و الاحتراز و البعد و الاجتناب .
و التعريف السابق يمثل الوجه السلبي للتقوى . إلاّ أن التقوى في نهج البلاغة تأخذ معنى أعمق ، يمثل الوجه الايجابي لهذه الخاصة . فالامام علي ( ع ) يعتبر التقوى التي هي في الاصل حذر و بعد عن الشر ، يعتبرها قوة روحية تتولد للانسان ، من جراء تمرين النفس على الحذر من الذنوب . اذن فهي ملكة تتولد في النفس تحصل من التمرين و الممارسة ،
فتجعل الانسان يقدم على القيم الروحية و يحجم عن القيم المادية .
و هكذا نجد أن التقوى في نهج البلاغة : حالة تهب لروح الانسان قدرة يتسلط بها على نفسه فيمتلكها ، و يسيّرها كما يرد لا كما تريد . و بذلك لا تكون التقوى قيدا يمنع الانسان من الحرية ، بل هي منبع التحرر من أسر الماديات .
و يشبّه الامام ( ع ) التقوى باللباس ، كما في قوله تعالى وَ لِبَاسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ و يقول :
يجب علينا أن نحافظ على التقوى حتى تقينا من الاخطار ، و ذلك مثل اللباس الذي نلبسه ، فاذا حافظنا عليه من التمزق و السرقة ، فانه يحافظ علينا من الحر و البرد و البأس و البؤس .
[ 852 ]