عباد اللّه : لهذه العبارة معنيان مختلفان .
الاول : كل من خلقهم اللّه فدانوا له بالعبودية ، لأنهم لا يمكنهم الخروج من سلطانه .
الثاني : تلك الطبقة العالية من الناس الذين وصلوا في تقواهم و تعبدهم للّه الى درجة أصبحوا لا يرون بعدها أحدا أهلا للعبادة غير اللّه . و عن هؤلاء الصفوة نرى القرآن يحدثنا في كثير من آياته ، مطلقا عليهم لقب ( عباد اللّه ) ، و هو لقب ما حازه إلاّ الأنبياء و الاوصياء و بعض الاصفياء .
ففي سورة الفرقان يعدد بعضا من صفات عباد اللّه حيث يقول : وَ عِبَادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً ، وَ إِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً . و في سورة الدهر يصفهم سبحانه بقوله عَيْنَاً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيْراً قيل هي عين العلم و الحكمة . و في سورة الكهف يقول سبحانه عن سيدنا الخضر ( ع ) : فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا ، آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا ، وَ عَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً قيل هو العلم اللدني و هو من الغيب .
و أما الانبياء فكان يقرن القرآن اسمهم دائما بهذا اللقب . يكفينا لبيان ذلك استعراض بعض الآيات من سورة ( ص ) ، منها قوله جل من قائل : وَ اذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ ، إِنَّهُ أَوَّابٌ و قوله : وَ وَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ ، نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ، و قوله وَ اذْكُرْ عَبادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْحقَ وَ يَعْقُوب أُولي الأَيْدِي وَ الإبْصارِ . و كذلك ما وصف به نوح و إبراهيم و موسى و هرون و الياس بقوله إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنينَ ، أو قوله إِلاَّ عِبَادَ اللّهِ الْمُخْلَصِينَ .
و لقد أفردنا هذا الفصل للمعنى الثاني ، بينما خصصنا الفصل الثاني للمعنى الاول .
[ 270 ]