نقد عثمان بن عفان :

أما عثمان بن عفان فقد جاء ذكره في نهج البلاغة أكثر من سابقيه . و قد توجه اليه الامام ( ع ) بعدة انتقادات أساسية ، منها أنه كان ضعيف الارادة ، يقنعه الامام ( ع ) بالحق ، فلا يلبث أن يدخل عليه مروان بن الحكم فيقنعه بخلاف ذلك . ثم ان بطانته الفاسدة ألحقت به أضرارا كبيرة .

و المتحصل من كلام الامام ( ع ) في النهج أنه كان له نقد شديد على سيرة عثمان ، فلذلك فهو يرى أن الثوار الذين قاموا عليه كانوا على حق . و لكنه مع ذلك كان يرى أن قتله و هو خليفة بيد الثوار مما لا يتفق مع المصالح العامة للاسلام و المسلمين .

و لقد نصحه الامام ( ع ) كثيرا و حذره من عواقب الامور ، فلم يفلح . و كان أمله الوحيد أن تتحقق المطالب المشروعة للثوار المسلمين ، دون سفك دماء . و لذلك فقد نقد ( ع ) الطرفين المتنازعين فقال : « استأثر فأساء الأثرة و جزعتم فأسأتم الجزع » .

و في حين كان الامام ( ع ) في موقف حرج بين عثمان و أعدائه ، كان عثمان يتهم الامام ( ع ) بممالأة الثوار ضده . و كان يقف منه موقفا مترددا . فتارة يطلب من الامام ( ع ) الجلاء عن المدينة الى عين ماء له ب ( ينبع ) بحجة أن وجوده يزيد في هياج الثوار ، ثم لا يلبث أن يبعث اليه بالقدوم لعلمه بأنه الوحيد الذي يستطيع أن يفيده بتهدئة الثوار ضده . و لقد تألم الامام ( ع ) كثيرا من هذه التصرفات حتى قال لابن عمه : « يا ابن عبّاس ما يريد عثمان إلاّ أن يجعلني جملا ناضحا بالغرب . أقبل و أدبر بعث إليّ أن أخرج ، ثمّ بعث إليّ أن أقدم ، ثمّ هو الآن يبعث إليّ أن أخرج و اللّه لقد دفعت عنه حتّى خشيت أن أكون آثما » .