( 14 ) قدرة اللّه

يراجع الفصل الثالث : خلق المخلوقات .

قال الامام علي ( ع ) :

و كلّ عزيز غيره ذليل ، و كلّ قويّ غيره ضعيف ، و كلّ مالك غيره مملوك ، و كلّ عالم غيره متعلّم ، و كلّ قادر غيره يقدر و يعجز . ( الخطبة 63 ، 119 ) و قال ( ع ) في خطبة الأشباح : و لا تقدّر عظمة اللّه سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين . هو القادر الّذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته ، و حاول الفكر المبرّأ من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته ، و تولّهت القلوب إليه لتجري في كيفيّة صفاته ، و غمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه الصّفات لتناول علم ذاته ، ردعها و هي تجوب مهاوي سدف الغيوب متخلّصة إليه سبحانه ، فرجعت إذ جبهت معترفة بأنّه لا ينال بجور الإعتساف كنه معرفته ، و لا تخطر ببال أولي الرّويّات خاطرة من تقدير جلال عزّته . الّذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله ، و لا مقدار احتذى عليه ، من خالق معبود كان قبله ، و أرانا من ملكوت قدرته ،

و عجائب ما نطقت به آثار حكمته ، و اعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك قوّته ، ما دلّنا باضطرار قيام الحجّة له على معرفته ، فظهرت في البدائع الّتي أحدثها آثار صنعته ، و أعلام حكمته ، فصار كلّ ما خلق حجّة له و دليلا عليه . و إن كان خلقا صامتا ، فحجّته بالتّدبير ناطقة ، و دلالته على المبدع قائمة . ( الخطبة 89 ، 1 ، 162 ) قدّر ما خلق فأحكم تقديره ، و دبّره فألطف تدبيره ، و وجّهه لوجهته فلم يتعدّ حدود منزلته ، و لم يقصر دون الإنتهاء إلى غايته ، و لم يستصعب إذ أمر بالمضيّ على إرادته ، فكيف و إنّما صدرت الأمور عن مشيئته ؟ المنشى‏ء أصناف الأشياء

[ 106 ]

بلا رويّة فكر آل إليها ، و لا قريحة غريزة أضمر عليها ، و لا تجربة أفادها من حوادث الدّهور ، و لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور ، فتمّ خلقه بأمره ، و أذعن لطاعته ،

و أجاب إلى دعوته ، لم يعترض دونه ريث المبطى‏ء ، و لا أناة المتلكّى‏ء . فأقام من الأشياء أودها ، و نهج حدودها ، و لاءم بقدرته بين متضادّها ، و وصل أسباب قرائنها ،

و فرّقها أجناسا مختلفات في الحدود و الأقدار ، و الغرائز و الهيئات ، بدايا ( جمع بدي‏ء أي مصنوع ) خلائق . أحكم صنعها ، و فطرها على ما أراد و ابتدعها . ( الخطبة 89 ، 1 ، 164 ) حتّى إذا بلغ الكتاب أجله ، و الأمر مقاديره . و ألحق آخر الخلق بأوّله ، و جاء من أمر اللّه ما يريده من تجديد خلقه ، أماد السّماء و فطرها و أرجّ الأرض و أرجفها ، و قلع جبالها و نسفها . و دكّ بعضها بعضا من هيبة جلالته و مخوف سطوته . و أخرج من فيها ،

فجدّدهم بعد إخلاقهم ، و جمعهم بعد تفرّقهم . ( الخطبة 107 ، 211 ) فتجلّى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه ، بما أراهم من قدرته ، و خوّفهم من سطوته ، و كيف محق من محق بالمثلات ، و احتصد من احتصد بالنّقمات . ( الخطبة 145 ، 258 ) ضادّ النور بالظّلمة ، و الوضوح بالبهمة ، و الجمود بالبلل ، و الحرور بالصّرد . مؤلّف بين متعادياتها ، مقارن بين متبايناتها ، مقرّب بين متباعداتها ، مفرّق بين متدانياتها . ( الخطبة 184 ، 341 ) يقول لمن أراد كونه : ( كن فيكون ) . لا بصوت يقرع ، و لا بنداء يسمع . ( الخطبة 184 ، 343 ) خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره ، و لم يستعن على خلقها بأحد من خلقه .

( الخطبة 184 ، 344 ) و لكنّه سبحانه دبّرها بلطفه ، و أمسكها بأمره ، و أتقنها بقدرته . ( الخطبة 184 ، 346 ) الّذي أظهر من آثار سلطانه ، و جلال كبريائه ، ما حيّر مقل العيون من عجائب قدرته ،

و ردع خطرات هماهم النّفوس عن عرفان كنه صفته . ( الخطبة 193 ، 382 )

[ 107 ]