مدخل :

عرّف أحدهم الزهد بأنه : الأخذ القليل و العطاء الكثير . أي أن هناك نسبة عكسية بين التمتع المادي و العطاء الانساني ، سواء في مجال الاخلاق و العواطف ، أو في مجال المساعدات و التعاون الاجتماعي ، أو من جهة العروج الى العالم العلوي .

[ 880 ]

و في الواقع ان ابتعاد الانسان عن التمتع بنعم الحياة ، يهب لجوهره الصفاء و الجلاء ، و يزيد في فكره و ارادته ، و يمنحه القوة و النشاط .

و ينطبق هذا أيضا على الحيوان و النبات . فالحيوان البري الذي لا يجد الطعام الوفير ، ينشأ قويا صلبا ، قادرا على تحمّل الظروف الصعبة ، على عكس الحيوان الأليف الذي يعيش في الحظائر المنعمة . و كذلك الأمر بالنسبة للنبات ، فالنبات الصحراوي أقلّ حاجة للماء و الغذاء من النبات الخضري ، و اذا أحرقناه يعطي طاقة حرارية أكثر و يطول أمد احتراقه .

و قد ردّ الامام علي ( ع ) على من قال له : إذا كان قوتك قرصين من الشعير ، فانّك ستعجز عن منازلة الشجعان . فقال له ( ع ) : بل انني أقوى منك ، لأن القوة ليست بكثرة الطعام و طراوته ، بل بقلة الطعام و خشونته .