موقعة صفين

« قرب الرقة على نهر الفرات » مدخل :

بعد أن اندحر رؤوس الفتنة في موقعة الجمل ، و انهزم أتباعهم انهزاما بالغا ، بعث الامام علي ( ع ) من الكوفة كتابا الى معاوية يدعوه الى البيعة . فكان ردّ معاوية أن بعث إليه جيشا جرارا من الشام ، فأرسل الامام ( ع ) اليه بجيش آخر من العراق ، يزيد تعداده على مائة ألف مقاتل ، و التقى الجيشان في أرض صفين قرب الرقة على نهر الفرات .

و قبل ان يبدأ القتال بذل الامام علي ( ع ) قصارى جهده لحل النزاع سلميا ، فبعث الى معاوية الرسل ينصحونه بالعدول عن الحرب ، و لكنه أصر على القتال .

و أخيرا اشتعلت الحرب بين الفريقين ، و كانت حربا طاحنة وجها لوجه ، و استمرت الحرب مائة و عشرة أيام . و كانت أشد ما يمكن في آخر ليلة منها ، حيث كان لا يسمع فيها الا وقع الحديد على الحديد و صوت تطاير الرؤوس ، و سميت لذلك « ليلة الهرير » . و كاد يفنى فيها عسكر معاوية عن بكرة أبيه . عندها لجأ عمرو بن العاص الى خدعة رفع المصاحف على رؤوس الرماح . و وقفت الحرب لاجراء التحكيم .

و قد قتل في هذه المعركة الرهيبة بجريرة معاوية ، عشرون ألفا من أهل العراق و تسعون ألفا من أهل الشام ، فيكون المجموع مائة الف و عشرة الاف كما ذكره المسعودي .

و مما يذكر في هذه الوقعة أن معاوية لما أستولى على مشرعة الفرات منع عسكر الامام علي ( ع ) من شرب الماء ، فلما استولى الامام ( ع ) على المشرعة بعث الى معاوية أن خذوا حاجتكم من الماء ، و قال لأصحابه : « خلوا بينهم و بين الماء ، و اللّه لا أفعل ما فعله الجاهلون » . فانظر الى الفرق بين الحالين .

[ 544 ]