قال الإمام علي ( ع ) :
اللّهمّ قد انصاحت ( أي جفت ) جبالنا ، و اغبرّت أرضنا . و هامت دوابنا ، و تحيّرت في مرابضها . و عجّت عجيج الثّكالى على أولادها ، و ملّت التّردّد في مراتعها ، و الحنين إلى مواردها اللّهمّ فارحم أنين الآنّة ، و حنين الحانّة اللّهمّ فارحم حيرتها في مذاهبها ، و أنينها في موالجها اللّهمّ خرجنا إليك حين اعتكرت علينا حدابير ( جمع حدبار و هي الناقة التي أنضاها السير ) السّنين ، و أخلفتنا مخايل الجود ( جمع مخيلة ،
و هي السحابة التي تظهر كأنها ماطرة ثم لا تمطر ) . فكنت الرّجاء للمبتئس ، و البلاغ للملتمس . ندعوك حين قنط الأنام ، و منع الغمام ، و هلك السّوام ، أن لا تؤاخذنا بأعمالنا ، و لا تأخذنا بذنوبنا . و انشر علينا رحمتك بالسّحاب المنبعق ( أي كأن للسحاب بطنا تنشق فينزل ما فيها ) ، و الرّبيع المغدق ، و النبات المونق . سحّا وابلا ،
[ 291 ]
تحيي به ما قد مات ، و تردّ به ما قد فات . أللّهمّ سقيا منك محيية مروية ، تامّة عامّة ،
طيّبة مباركة ، هنيئة مريعة . زاكيا نبتها ، ثامرا فرعها ، ناضرا ورقها . تنعش بها الضّعيف من عبادك ، و تحيي بها الميّت من بلادك أللّهمّ سقيا منك تعشب بها نجادنا ، و تجري بها وهادنا ، و يخضب بها جنابنا ( الجناب : الناحية ) ، و تقبل بها ثمارنا و تعيش بها مواشينا ، و تندى بها أقاصينا ، و تستعين بها ضواحينا . من بركاتك الواسعة ، و عطاياك الجزيلة . على بريّتك المرملة ( أي الفقيرة ) و وحشك المهملة .
و أنزل علينا سماء مخضلة ، مدرارا هاطلة . يدافع الودق منها الودق ( أي المطر ) ،
و يحفز القطر منها القطر . غير خلّب برقها ( أي برق يطمعك بالمطر و لا ينزل بالمطر ) ،
و لا جهام ( السحاب الذي لا مطر فيها ) عارضها ( العارض ما يعرض في الافق من سحاب ) . و لا قزع ( القزع : القطع الصغار المتفرقة من السحاب ) ربابها ( الرباب :
السحاب الابيض ) ، و لا شقّان ذهابها ( أي و لا أمطار قليلة ذات ريح باردة ) ، حتّى يخصب لإمراعها المجدبون ، و يحيا ببركتها المسنتون ( اي المقحطون ) . فإنّك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا ، و تنشر رحمتك و أنت الوليّ الحميد . ( الخطبة 113 ، 222 ) من خطبة له ( ع ) ينبه فيها العباد على لزوم الدعاء و الاستغاثة اذا احتبس عنهم المطر : الا و إنّ الأرض الّتي تقلّكم ، و السّماء الّتي تظّلكم ، مطيعتان لربّكم . و ما أصبحتا تجودان لكم ببركتهما توجّعا لكم ، و لا زلفة إليكم ، و لا لخير ترجوانه منكم . و لكن أمرتا بمنافعكم فأطاعتا ، و أقيمتا على حدود مصالحكم فقامتا .
إنّ اللّه يبتلي عباده عند الأعمال السّيّئة بنقص الثّمرات ، و حبس البركات ،
و إغلاق خزائن الخيرات . ليتوب تائب ، و يقلع مقلع . و يتذكّر متذكّر ، و يزدجر مزدجر . و قد جعل اللّه سبحانه الأستغفار سببا لدرور الرّزق و رحمة الخلق ، فقال سبحانه اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِل السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ ، وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَ يَجْعَلَْ لَكُمْ اَنْهَاراً فرحم اللّه امرءا استقبل توبته ،
و استقال خطيئته ، و بادر منيّته .
أللّهمّ إنّا خرجنا إليك من تحت الأستار و الأكنان ، و بعد عجيج البهائم و الولدان .
[ 292 ]
راغبين في رحمتك و راجين فضل نعمتك ، و خائفين من عذابك و نقمتك . أللّهمّ فاسقنا غيثك و لا تجعلنا من القانطين ، و لا تهلكنا بالسّنين ، و لا تؤاخذنا بما فعل السّفهاء منّا ، يا ارحم الرّاحمين . اللّهمّ إنّا خرجنا إليك نشكو إليك ما لا يخفى عليك .
حين ألجأتنا المضايق الوعرة ، و أجاءتنا المقاحط المجدبة . و أعيتنا المطالب المتعسّرة ، و تلاحمت علينا الفتن المستصعبة . أللّهمّ إنّا نسألك ألاّ تردّنا خائبين ،
و لا تقلبنا واجمين . و لا تخاطبنا بذنوبنا ، و لا تقايسنا بأعمالنا . أللّهمّ انشر علينا غيثك و بركتك . و رزقك و رحمتك . و اسقنا سقيا ناقعة مروية معشبة . تنبت بها ما قد فات ، و تحيي بها ما قد مات . نافعة الحيا ( أي المطر ) كثيرة المجتنى . تروي بها القيعان ، و تسيل البطنان ( جمع بطن و هو ما انخفض من الارض في ضيق ) . و تستورق الأشجار ، و ترخص الأسعار إِنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِيرٌ . ( الخطبة 141 ، 253 ) و قال ( ع ) في دعاء استسقى به : أللّهمّ اسقنا ذلل السّحاب دون صعابها ( شبه السحاب ذات الرعود و البروق و الرياح و الصواعق بالابل الصعاب ) . ( 472 ح ، 661 )