يراجع المبحث ( 222 ) سياسة جباية الخراج من وصية له ( ع ) كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات ( أي الزكاة ) : انطلق على تقوى اللّه وحده لا شريك له . و لا تروّعنّ مسلما ، و لا تجتازنّ عليه كارها . و لا تأخذنّ منه أكثر من حقّ اللّه في ماله ، فإذا قدمت على الحيّ فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم ، ثمّ امض إليهم بالسّكينة و الوقار ، حتّى تقوم بينهم فتسلّم عليهم ،
و لا تخدج بالتّحيّة لهم ( أي تبخل ) ، ثمّ تقول : عباد اللّه ، أرسلني إليكم وليّ اللّه و خليفته ، لآخذ منكم حقّ اللّه في أموالكم ، فهل للّه في أموالكم من حقّ فتؤدوه إلى وليّه فإن قال قائل : لا ، فلا تراجعه . و إن أنعم لك منعم ، فانطلق معه من غير أن تخيفه أو توعده أو تعسفه أو ترهقه . فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضّة . فإن كان له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلاّ بإذنه ، فإنّ أكثرها له ، فإذا أتيتها فلا تدخل عليها دخول متسلّط عليه و لا عنيف به . و لا تنفّرنّ بهيمة و لا تنزعنّها ، و لا تسوءنّ صاحبها فيها .
و اصدع المال صدعين ( أي قسمين ) ثمّ خيّره ، فإذا اختار فلا تعرّضنّ لما اختاره . ثمّ اصدع الباقي صدعين . ثمّ خيّره ، فإذا اختار فلا تعرّضنّ لما اختاره . فلا تزال كذلك حتّى يبقى ما فيه وفاء لحقّ اللّه في ماله ، فاقبض حقّ اللّه منه . فإن استقالك فأقله ( أي إن طلب الاعفاء من القسمة فأعد القسمة له ) ، ثمّ اخلطهما ثمّ اصنع مثل الّذي صنعت أوّلا ، حتّى تأخذ حقّ اللّه في ماله . و لا تأخذنّ عودا و لا هرمة و لا مكسورة و لا مهلوسة ، و لا ذات عوار ( أي ذات العيب من الابل ) و لا تأمننّ عليها إلاّ من تثق بدينه رافقا بمال المسلمين ، حتّى يوصّله إلى وليّهم فيقسمه بينهم . و لا توكّل بها إلاّ
[ 630 ]
ناصحا شفيقا و أمينا حفيظا ، غير معنف و لا مجحف ، و لا ملغب و لا متعب . ثمّ احدر إلينا ما اجتمع عندك ، نصيّره حيث أمر اللّه به ، فإذا أخذها أمينك فأوعز إليه ألاّ يحول بين ناقة و بين فصيلها ، و لا يمصر لبنها فيضرّ ذلك بولدها ، و لا يجهدنّها ركوبا ، و ليعدل بين صواحباتها في ذلك و بينها ، و ليرفّه على اللاّغب ( أي المتعب منها ) ، و ليستأن بالنّقب و الظّالع ( أي التي تغمز في مشيتها ) ، و ليوردها ما تمرّ به من الغدر ( أي المياه ) و لا يعدل بها عن نبت الأرض إلى جوادّ الطّرق ، و ليروّحها في السّاعات ، و ليمهلها عند النّطاف ( أي المياه القليلة ) و الأعشاب . حتّى تأتينا بإذن اللّه بدنا منقيات ، غير متعبات و لا مجهودات ، لنقسمها على كتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله فإنّ ذلك أعظم لأجرك و أقرب لرشدك ، إن شاء اللّه . ( الخطبة 264 ، 461 ) و من عهد له ( ع ) الى بعض عماله و قد بعثه على الصدقة : . . . و أمره أن لا يجبههم ( أي يضرب جبهتهم ) و لا يعضههم . و لا يرغب عنهم تفضّلا بالإمارة عليهم . فإنّهم الإخوان في الدّين ، و الأعوان على استخراج الحقوق . ( الخطبة 264 ، 463 ) و من كتاب له ( ع ) الى عماله على الخراج : من عبد اللّه عليّ أمير المؤمنين إلى أصحاب الخراج . . . فأنصفوا النّاس من أنفسكم ، و اصبروا لحوائجهم ، فإنّكم خزّان الرّعيّة ،
و وكلاء الأمّة ، و سفراء الأئمة . و لا تحسموا أحدا عن حاجته ، و لا تحبسوه عن طلبته ، و لا تبيعنّ للنّاس في الخراج كسوة شتاء و لا صيف و لا دابّة يعتملون عليها و لا عبدا ، و لا تضربنّ أحدا سوطا لمكان درهم ، و لا تمسّنّ مال أحد من النّاس ،
مصلّ و لا معاهد ، إلاّ أن تجدوا فرسا أو سلاحا يعدى به على أهل الإسلام . فإنّه لا ينبغي للمسلم أن يدع ذلك في أيدي أعداء الإسلام ، فيكون شوكة عليه .
و لا تدّخروا أنفسكم نصيحة ، و لا الجند حسن سيرة ، و لا الرّعيّة معونة ، و لا دين اللّه قوّة . و أبلوا في سبيل اللّه ما استوجب عليكم ، فإنّ اللّه سبحانه ، قد اصطنع عندنا و عندكم أن نشكره بجهدنا ، و أن ننصره بما بلغت قوّتنا ، و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم . ( الخطبة 290 ، 515 )
[ 631 ]
و قال ( ع ) لزياد بن أبيه ، و قد استخلفه لعبد اللّه بن العباس على فارس و أعمالها ، نهاه فيه عن زيادة الخراج : استعمل العدل ، و احذر العسف و الحيف . فإنّ العسف يعود بالجلاء ( أي التفرق ) و الحيف يدعو إلى السّيف . ( 476 ح ، 662 )