الانسان بفطرته يحبّ الحياة ، و ليس المقصود من ذمّ الدنيا ذم الحياة ، و لا ذمّ العلاقات الطبيعية و الفطرية . و انّما المقصود من ذلك هو ذمّ العلاقة القلبية الموجبة لأسر الانسان بيد الدنيا و من في يده شيء منها . و هذا ما يسميه الاسلام : عبادة الدنيا ، و يكافحه مكافحة شديدة .
و يحدث هذا عند ما يظنّ الانسان أن الحياة هدفا و غاية ، لا طريقا و وسيلة . و يغفل عن أن لها غاية وراءها ، و أن قيمة الانسان في الحياة بقدر هدفه منها . و عند ما يدرك الانسان الهدف الصحيح يصبح في أحسن تقويم ، و عند ما يجهله و يتعامى عنه يصبح في أسفل سافلين . و نجد الهدف الصحيح ملخصا في الحديث القدسي : « يابن آدم خلقت الأشياء لأجلك ، و خلقتك لأجلي » .
و ما أروع خطبة الامام ( ع ) رقم ( 32 ) التي يقسم فيها الناس الى قسمين : أبناء الدنيا و أبناء الآخرة ، و يقسم أبناء الدنيا الى أربعة أصناف ، و يعتبر هؤلاء الأصناف الأربعة فرقة واحدة ، هي أهل الدنيا ، لأنهم اشتركوا في وجهة واحدة ، هي أنهم باعوا أنفسهم للدنيا « و لبئس المتجر أن ترى الدّنيا لنفسك ثمنا » .