قال الامام علي ( ع ) :
أيّها النّاس إن لي عليكم حقّا ، و لكم عليّ حقّ : فأمّا حقّكم عليّ فالنّصيحة لكم ،
و توفير فيئكم عليكم ، و تعليمكم كيلا تجهلوا ، و تأديبكم كيما تعلموا . و أمّا حقّي عليكم فالوفاء بالبيعة ، و النّصيحة في المشهد و المغيب ، و الإجابة حين أدعوكم ،
و الطّاعة حين آمركم . ( الخطبة 34 ، 92 ) أمّا بعد ، فقد جعل اللّه سبحانه لي عليكم حقّا بولاية أمركم ، و لكم عليّ من الحقّ مثل الّذي لي عليكم . فالحقّ أوسع الأشياء في التّواصف ، و أضيقها في التّناصف . لا يجري لأحد إلاّ جرى عليه ، و لا يجري عليه إلاّ جرى له . ( الخطبة 214 ، 409 ) . . . و أعظم ما افترض سبحانه من تلك الحقوق ، حقّ الوالي على الرّعيّة و حقّ الرّعيّة على الوالي . فريضة فرضها اللّه سبحانه لكلّ على كلّ . فجعلها نظاما لألفتهم ، و عزا لدينهم .
فليست تصلح الرّعيّة إلاّ بصلاح الولاة ، و لا تصلح الولاة إلاّ باستقامة الرّعيّة . فإذا أدّت الرّعيّة إلى الوالي حقّه ، و أدّى الوالي إليها حقّها ، عزّ الحقّ بينهم ، و قامت مناهج الدّين ، و اعتدلت معالم العدل ، و جرت على أذلالها السّنن ، فصلح بذلك الزّمان . و طمع في بقاء الدّولة ، و يئست مطامع الأعداء . و إذا غلبت الرّعيّة واليها ،
أو أجحف الوالي برعيّته ، اختلفت هنالك الكلمة ، و ظهرت معالم الجور . و كثر الإدغال في الدّين ( أي الفساد ) ، و تركت محاجّ السّنن . فعمل بالهوى ، و عطّلت الأحكام ، و كثرت علل النّفوس ، فلا يستوحش لعظيم حقّ عطّل ، و لا لعظيم باطل فعل فهنالك تذلّ الأبرار ، و تعزّ الأشرار . و تعظم تبعات اللّه سبحانه عند العباد .
فعليكم بالتّناصح في ذلك ، و حسن التّعاون عليه . فليس أحد و إن اشتدّ على رضا
[ 661 ]
اللّه حرصه ، و طال في العمل اجتهاده ببالغ حقيقة ما اللّه سبحانه أهله من الطّاعة له . و لكن من واجب حقوق اللّه على عباده النّصيحة بمبلغ جهدهم ، و التّعاون على إقامة الحقّ بينهم ، و ليس امرؤ و إن عظمت في الحقّ منزلته ، و تقدّمت في الدّين فضيلته بفوق أن يعان على ما حمّله اللّه من حقّه ، و لا امرؤ و إن صغّرته النّفوس ،
و اقتحمته العيون بدون أن يعين على ذلك أو يعان عليه . ( الخطبة 214 ، 410 ) من كتاب له ( ع ) الى أمرائه على الجيش : من عبد اللّه عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين إلى أصحاب المسالح ( أي حماة الثغور ) : أمّا بعد ، فإنّ حقّا على الوالي أن لا يغيّره على رعيّته فضل ناله ، و لا طول خصّ به ، و أن يزيده ما قسم اللّه له من نعمه دنوّا من عباده ، و عطفا على إخوانه . ألا و إنّ لكم عندي أن لا أحتجز دونكم سرّا إلاّ في حرب ( لان الحرب خدعة و تستوجب الكتمان ) ، و لا أطوي دونكم أمرا إلاّ في حكم ، و لا أوخّر لكم حقّا عن محلّه ، و لا أقف به دون مقطعه ، و أن تكونوا عندي في الحقّ سواء . فإذا فعلت ذلك وجبت للّه عليكم النّعمة ، و لي عليكم الطّاعة . و أن لا تنكصوا عن دعوة ، و لا تفرّطوا في صلاح ، و أن تخوضوا الغمرات إلى الحقّ . فإن أنتم لم تستقيموا لي على ذلك لم يكن أحد أهون عليّ ممّن أعوجّ منكم ، ثمّ أعظم له العقوبة و لا يجد عندي فيها رخصة . فخذوا هذا من أمرائكم ، و اعطوهم من أنفسكم ما يصلح اللّه به أمركم . ( الخطبة 289 ، 513 )