( 51 ) شخصية النبي محمد ( ص ) و بعض صفاته و مآثره

يراجع المبحث ( 141 ) الإمام علي ( ع ) و النبي الأعظم ( ص ) .

يراجع المبحث السابق ( 50 ) قال الإمام علي ( ع ) :

إلى أن بعث اللّه سبحانه محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم . . . مشهورة سماته ، كريما ميلاده . . . ثمّ اختار سبحانه لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لقاءه ،

و رضي له ما عنده ، و أكرمه عن دار الدّنيا ، و رغب به عن مقام البلوى ، فقبضه إليه كريما صلّى اللّه عليه و آله . ( الخطبة 1 ، 32 ) أم أنزل اللّه سبحانه دينا تامّا فقصّر الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن تبليغه و أدائه ؟ و اللّه سبحانه يقول : ما فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَي‏ءٍ و قال : فِيهِ تِبْيانٌ لِكُلِّ شَي‏ءٍ . ( الخطبة 18 ، 62 ) اللّهمّ اجعل شرائف صلواتك ، و نوامي بركاتك ، على محمّد عبدك و رسولك . الخاتم لما سبق ، و الفاتح لما انغلق ، و المعلن الحقّ بالحقّ . و الدّافع جيشات الأباطيل ( جمع جيشة ، من جاشت القدر إذا ارتفع غليانها ) ، و الدّامغ صولات الأضاليل . كما حمّل فاضطلع . قائما بأمرك ، مستوفزا ( أي مسرعا ) في مرضاتك . غير ناكل عن قدم ( و هو المشي الى الحرب ) ، و لا واه في عزم . واعيا لوحيك ، حافظا لعهدك ، ماضيا على نفاذ أمرك . حتّى أورى قبس القابس ، و أضاء الطّريق للخابط . و هديت به القلوب ، بعد خوضات الفتن و الآثام ، و أقام بموضحات الأعلام ، و نيّرات الأحكام . فهو أمينك

[ 198 ]

المأمون ، و خازن علمك المخزون ، و شهيدك يوم الدّين . و بعيثك بالحقّ ، و رسولك إلى الخلق . ( الخطبة 70 ، 126 ) و عمّر فيكم نبيّه أزمانا ، حتّى أكمل له و لكم فيما أنزل من كتابه دينه الّذي رضي لنفسه ، و أنهى إليكم على لسانه محابّه من الأعمال و مكارهه ، و نواهيه و أوامره . ( الخطبة 84 ، 151 ) حتّى أفضت كرامة اللّه سبحانه و تعالى إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله فأخرجه من أفضل المعادن منبتا ، و أعزّ الأرومات مغرسا . من الشّجرة الّتي صدع منها أنبياءه ،

و انتجب منها أمناءه . . . فهو إمام من اتّقى ، و بصيرة من اهتدى . سراج لمع ضوؤه ،

و شهاب سطع نوره ، و زند برق لمعه . سيرته القصد ، و سنّته الرّشد ، و كلامه الفصل ،

و حكمه العدل . أرسله على حين فترة من الرّسل ، و هفوة عن العمل ( أي زلة و انحراف من الناس عن العمل بما أمر اللّه على لسان أنبيائه السابقين ) ، و غباوة من الأمم . ( الخطبة 92 ، 185 ) فبالغ صلّى اللّه عليه و آله في النّصيحة ، و مضى على الطّريقة ، و دعا إلى الحكمة ،

و الموعظة الحسنة . ( الخطبة 93 ، 187 ) مستقرّه خير مستقرّ ، و منبته أشرف منبت . في معادن الكرامة ، و مماهد السّلامة . قد صرفت نحوه أفئدة الأبرار ، و ثنيت إليه أزمّة الأبصار . دفن اللّه به الضّغائن ، و أطفأ به الثّوائر . ألّف به إخوانا ، و فرّق به أقرانا ، أعزّ به الذّلّة ، و أذلّ به العزّة . كلامه بيان ،

و صمته لسان . ( الخطبة 94 ، 187 ) و نشهد أن لا إله غيره ، و أنّ محمّدا عبده و رسوله ، أرسله بأمره صادعا ، و بذكره ناطقا ،

فأدّى أمينا ، و مضى رشيدا ، و خلّف فينا راية الحقّ . ( الخطبة 98 ، 193 ) فقاتل ( أي النبي ) بمن أطاعه من عصاه ، يسوقهم إلى منجاتهم ، و يبادر بهم السّاعة أن تنزل بهم . يحسر الحسير ( أي يعالج الضعيف ) ، و يقف الكسير ( أي المكسور ) ، فيقيم عليه حتّى يلحقه غايته . إلاّ هالكا لا خير فيه . حتّى أراهم منجاتهم ، و بوّأهم محلّتهم .

فاستدارت رحاهم ، و استقامت قناتهم . ( الخطبة 102 ، 198 )

[ 199 ]

حتّى بعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله ، شهيدا و بشيرا و نذيرا ، خير البريّة طفلا ،

و أنجبها كهلا ، و أطهر المطهّرين شيمة ، و أجود المستمطرين ديمة . ( الخطبة 103 ، 199 ) حتّى أورى قبسا لقابس ، و أنار علما لحابس ، فهو أمينك المأمون ، و شهيدك يوم الدّين ،

و بعيثك نعمة ، و رسولك بالحقّ رحمة . اللّهمّ اقسم له مقسما من عدلك ، و اجزه مضعّفات الخير من فضلك . اللّهمّ أعل على بناء البانين بناءه ، و أكرم لديك نزله ،

و شرّف عندك منزله ، و آته الوسيلة ، و أعطه السّناء ( أي الرفعة ) و الفضيلة ، و احشرنا في زمرته غير خزايا ، و لا نادمين و لا ناكبين ، و لا ناكثين و لا ضالّين ، و لا مضلّين و لا مفتونين . ( الخطبة 104 ، 202 ) اختاره من شجرة الأنبياء ، و مشكاة الضّياء ، و ذؤابة العلياء ، و سرّة البطحاء ، و مصابيح الظّلمة ، و ينابيع الحكمة . ( الخطبة 106 ، 205 ) و قال ( ع ) في ذكر النبي صلّى اللّه عليه و آله : قد حقّر الدّنيا و صغّرها و أهون بها و هوّنها .

و علم أنّ اللّه زواها عنه اختيارا ، و بسطها لغيره احتقارا . فأعرض عن الدّنيا بقلبه ،

و أمات ذكرها عن نفسه ، و أحبّ أن تغيب زينتها عن عينه ، لكيلا يتّخذ منها رياشا ، أو يرجو فيها مقاما . بلّغ عن ربّه معذرا ، و نصح لأمّته منذرا ، و دعا إلى الجنّة مبشّرا ،

و خوّف من النّار محذّرا . ( الخطبة 107 ، 212 ) و اقتدوا بهدي نبيّكم فإنّه أفضل الهدي ، و استنّوا بسنّته فإنّها أهدى السّنن . ( الخطبة 108 ، 213 ) أرسله داعيا إلى الحقّ و شاهدا على الخلق . فبلّغ رسالات ربّه غير وان و لا مقصّر ،

و جاهد في اللّه أعداءه غير واهن و لا معذّر . إمام من اتّقى ، و بصر من اهتدى . ( الخطبة 114 ، 224 ) و نشهد أن لا إله غيره ، و أنّ محمّدا نجيبه و بعيثه ، شهادة يوافق فيها السّرّ الإعلان و القلب اللّسان . ( الخطبة 130 ، 243 ) و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ، و نجيبه و صفوته . لا يوازى فضله و لا يجبر فقده . أضاءت به البلاد بعد الضّلالة المظلمة ، و الجهالة الغالبة ، و الجفوة

[ 200 ]

( أي علامة ) ، و مبشّرا بالجنّة ، و منذرا بالعقوبة . خرج من الدّنيا خميصا ( أي خالي البطن ) ، و ورد الآخرة سليما . لم يضع حجرا على حجر ، حتّى مضى لسبيله ، و أجاب داعي ربّه . فما أعظم منّة اللّه عندنا حين أنعم علينا به ، سلفا نتّبعه ، و قائدا نطأ عقبه ( أي نتبعه ) . ( الخطبة 158 ، 283 ) ابتعثه بالنّور المضي‏ء و البرهان الجليّ ، و المنهاج البادي و الكتاب الهادي . اسرته خير أسرة و شجرته خير شجرة . أغصانها معتدلة و ثمارها متهدّلة . مولده بمكّة و هجرته بطيبة . علا بها ذكره و امتدّ منها صوته . ( الخطبة 159 ، 285 ) أمين وحيه و خاتم رسله ، و بشير رحمته و نذير نقمته . ( الخطبة 171 ، 308 ) و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله المجتبى من خلائقه ، و المعتام ( أي المختار ) لشرح حقائقه ، و المختصّ بعقائل كراماته . و المصطفى لكرائم رسالاته . و الموضّحة به أشراط الهدى ، و المجلوّ به غربيب العمى . ( الخطبة 176 ، 319 ) و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله دعا إلى طاعته ، و قاهر أعداءه جهادا عن دينه ، لا يثنيه عن ذلك اجتماع على تكذيبه ، و التماس لإطفاء نوره . ( الخطبة 188 ، 350 ) و لقد قرن اللّه به صلّى اللّه عليه و آله من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته ،

يسلك به طريق المكارم ، و محاسن أخلاق العالم ليله و نهاره . . . ( الخطبة 190 ، 4 ، 373 ) و أشهد أنّ محمّدا نجيب اللّه ، و سفير وحيه ، و رسول رحمته . ( الخطبة 196 ، 387 ) أرسله بالضّياء ، و قدّمه في الإصطفاء . فرتق به المفاتق ، و ساور به المغالب . و ذلّل به الصّعوبة ، و سهّل به الحزونة . حتّى سرّح الضّلال عن يمين و شمال . ( الخطبة 211 ، 406 ) و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ، و سيّد عباده . كلّما نسخ اللّه الخلق فرقتين ، جعله في خيرهما . لم يسهم فيه عاهر ، و لا ضرب فيه فاجر . ( الخطبة 212 ، 406 ) و اعلم يا بنيّ أنّ أحدا لم ينبى‏ء عن اللّه سبحانه كما أنبأ عنه الرّسول صلّى اللّه عليه و آله فارض به رائدا ، و إلى النّجاة قائدا . فإنّي لم الك نصيحة . ( الخطبة 270 ، 2 ، 479 ) و حكى عنه الامام محمد الباقر ( ع ) انّه قال : كان في الأرض أمانان من عذاب اللّه .

و قد رفع أحدهما . فدونكم الآخر فتمسّكوا به . أمّا الأمان الّذي رفع فهو رسول اللّه

[ 201 ]

الجافية . ( الخطبة 149 ، 264 ) و قال ( ع ) يصف زهد رسول اللّه ( ص ) و تركه للدنيا : و لقد كان في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كاف لك في الأسوة . و دليل لك على ذمّ الدّنيا و عيبها ، و كثرة مخازيها و مساويها ، إذ قبضت عنه أطرافها ، و وطّئت لغيره أكنافها . و فطم عن رضاعها ،

و زوي عن زخارفها . ( الخطبة 158 ، 282 ) فتأسّ بنبيّك الأطيب الأطهر صلّى اللّه عليه و آله فإنّ فيه اسوة لمن تأسّى ، و عزاء لمن تعزّى . و أحبّ العباد إلى اللّه المتأسّي بنبيّه ، و المقتصّ لأثره . قضم الدّنيا قضما ، و لم يعرها طرفا . أهضم أهل الدّنيا كشحا ، و أخمصهم من الدّنيا بطنا . عرضت عليه الدّنيا فأبى أن يقبلها . و علم أنّ اللّه سبحانه أبغض شيئا فأبغضه ، و حقر شيئا فحقّره ، و صغّر شيئا فصغّره . و لو لم يكن فينا إلاّ حبّنا ما أبغض اللّه و رسوله ، و تعظيمنا ما صغّر اللّه و رسوله ، لكفى به شقاقا للّه ، و محادّة عن أمر اللّه . و لقد كان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يأكل على الأرض ، و يجلس جلسة العبد ، و يخصف بيده نعله ،

و يرقع بيده ثوبه ، و يركب الحمار العاري ، و يردف خلفه . و يكون السّتر على باب بيته فتكون فيه التّصاوير ، فيقول : يا فلانة لإحدى أزواجه غيّبيه عنّي ، فإنّي إذا نظرت إليه ذكرت الدّنيا و زخارفها . فأعرض عن الدّنيا بقلبه ، و أمات ذكرها من نفسه ، و أحبّ أن تغيب زينتها عن عينه ، لكيلا يتّخذ منها رياشا ، و لا يعتقدها قرارا ،

و لا يرجو فيها مقاما . فأخرجها من النّفس ، و أشخصها عن القلب ، و غيّبها عن البصر .

و كذلك من أبغض شيئا أبغض أن ينظر إليه ، و أن يذكر عنده .

و لقد كان في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما يدلّك على مساوى‏ء الدّنيا و عيوبها .

إذ جاع فيها مع خاصّته ، و زويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته . فلينظر ناظر بعقله ،

أكرم اللّه محمّدا بذلك أم أهانه ؟ . فإن قال : أهانه ، فقد كذب و اللّه العظيم بالإفك العظيم ، و إن قال : أكرمه ، فليعلم أنّ اللّه قد أهان غيره ، حيث بسط الدّنيا له ،

و زواها عن أقرب النّاس منه . فتأسّى متأسّ بنبيّه ( أي فليقتد به ) ، و اقتصّ أثره ، و ولج مولجه . و إلاّ فلا يأمن الهلكة . فإنّ اللّه جعل محمّدا صلّى اللّه عليه و آله علما للسّاعة

[ 202 ]

صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، و أمّا الأمان الباقي فالإستغفار . قال اللّه تعالى : وَ ما كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ اَنْتَ فِيهِمْ ، وَ ما كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ . ( 88 ح ، 580 ) و قال ( ع ) : إنّ أولى النّاس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به ، ثمّ تلا إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ، وَ هذَا النَّبِيُّ ، وَ الَّذِينَ آمَنُوا . ثمّ قال : إنّ وليّ محمّد من أطاع اللّه ، و إن بعدت لحمته ( أي نسبه ) ، و إنّ عدوّ محمّد من عصى اللّه ، و إن قربت قرابته . ( 96 ح ، 581 ) و قال ( ع ) : كنّا إذا احمرّ البأس ( أي اشتدّ الخوف ) إتّقينا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلم يكن أحد منّا أقرب إلى العدوّ منه . ( 9 غريب كلامه ، 617 ) إنّ المسكين رسول اللّه ، فمن منعه فقد منع اللّه ، و من أعطاه فقد أعطى اللّه .

( 304 ح ، 627 ) قال له ( ع ) بعض اليهود : ما دفنتم نبيّكم حتى اختلفتم فيه ؟ فقال عليه السلام له : إنّما اختلفنا عنه لا فيه . و لكنّكم ما جفّت أرجلكم من البحر حتّى قلتم لنبيّكم اجْعَلْ لَنَا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ . فَقَال إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ . ( 317 ح ، 630 ) إذا كانت لك إلى اللّه سبحانه حاجة ، فابدأ بمسألة الصّلاة على رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ سل حاجتك ، فإنّ اللّه أكرم من أن يسأل حاجتين ، فيقضي إحداهما و يمنع الأخرى . ( 361 ح ، 638 ) و قال ( ع ) عن النبيّ ( ص ) : و وليهم وال فأقام و استقام ، حتّى ضرب الدّين بجرانه ( كناية عن التمكن ) . ( 467 ح ، 660 )