من كلام للامام ( ع ) و قد دخل على العلاء بن زياد الحارثي و هو من اصحابه ، فلما رأى سعة داره قال : ما كنت تصنع بسعة هذه الدّار في الدّنيا ؟ و أنت إليها في الآخرة كنت أحوج « تراجع التتمة في المبحث ( 274 ) الدنيا و الآخرة » . ( الخطبة 207 ، 400 ) و روي أن شريح بن الحارث قاضي أمير المؤمنين ( ع ) اشترى على عهده دارا بثمانين دينارا ، فبلغه ذلك . فاستدعى شريحا و قال له : بلغني أنّك ابتعت دارا بثمانين دينارا ،
و كتبت لها كتابا ، و أشهدت فيه شهودا . فقال له شريح : قد كان ذلك يا أمير المؤمنين . قال : فنظر إليه نظر المغضب . ثمّ قال له : يا شريح ، أما إنّه سيأتيك من لا ينظر في كتابك ، و لا يسألك عن بيّنتك ، حتّى يخرجك منها شاخصا ،
و يسلمك إلى قبرك خالصا . فانظر يا شريح لا تكون ابتعت هذه الدّار من غير مالك ،
أو نقدت الثّمن من غير حلالك فإذا أنت قد خسرت دار الدّنيا و دار الآخرة أمّا إنّك لو كنت أتيتني عند شرائك ما اشتريت لكتبت لك كتابا على هذه النّسخة .
فلم ترغب في شراء هذه الدّار بدرهم فما فوق . ( الخطبة 242 ، 443 ) و من كتاب له ( ع ) الى عبد اللّه بن عباس عامله على البصرة : . . . فاربع ( أي ارفق ) أبا العباس ، رحمك اللّه ، فيما جرى على لسانك و يدك من خير و شرّ فإنّا شريكان في ذلك . و كن عند صالح ظنّي بك . و لا يفيلنّ ( أي يضعف ) رأيي فيك ، و السّلام .
( الخطبة 257 ، 456 )
[ 595 ]
و من كتاب له ( ع ) الى زياد بن أبيه أحد عماله : و إنّي أقسم باللّه قسما صادقا ، لئن بلغني أنّك خنت من فيء المسلمين شيئا صغيرا أو كبيرا ، لأشدّنّ عليك شدّة تدعك قليل الوفر ، ثقيل الظّهر ، ضئيل الأمر ، و السّلام . ( الخطبة 259 ، 457 ) و الى زياد بن أبيه أيضا : فدع الإسراف مقتصدا ، و اذكر في اليوم غدا . و أمسك من المال بقدر ضرورتك ، و قدّم الفضل ليوم حاجتك . أترجو أن يعطيك اللّه أجر المتواضعين و أنت عنده من المتكبّرين . و تطمع و أنت متمرّغ في النّعيم تمنعه الضّعيف و الأرملة أن يوجب لك ثواب المتصدّقين ؟ و إنّما المرء مجزيّ بما أسلف ،
و قادم على ما قدّم . و السّلام . ( الخطبة 260 ، 458 ) و من كتاب له ( ع ) الى بعض عماله : أمّا بعد ، فقد بلغني عنك أمر ، إن كنت فعلته فقد أسخطت ربّك ، و عصيت إمامك ، و أخزيت أمانتك .
بلغني أنّك جرّدت الأرض ، فأخذت ما تحت قدميك ، و أكلت ما تحت يديك .
فارفع إليّ حسابك ، و اعلم أنّ حساب اللّه أعظم من حساب النّاس ، و السّلام .
( الخطبة 279 ، 497 ) و من كتاب له ( ع ) الى بعض عماله : أمّا بعد ، فإنّي كنت أشركتك في أمانتي ،
و جعلتك شعاري و بطانتي . و لم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي لمواساتي و موازرتي و أداء الأمانة إليّ ، فلمّا رأيت الزّمان على ابن عمّك قد كلب ،
و العدوّ قد حرب ، و أمانة النّاس قد خزيت ، و هذه الأمّة قد فنكت ( أي أخذت أمورها بالهزل ) و شغرت ( أي لم يبق فيها من يحميها ) ، قلبت لابن عمّك ظهر المجنّ ، ففارقته مع المفارقين ، و خذلته مع الخاذلين ، و خنته مع الخائنين . فلا ابن عمّك آسيت ، و لا الأمانة أدّيت . و كأنّك لم تكن اللّه تريد بجهادك ، و كأنّك لم تكن على بيّنة من ربّك ، و كأنّك إنّما كنت تكيد هذه الأمّة عن دنياهم ، و تنوي غرّتهم عن فيئهم . فلمّا أمكنتك الشّدّة في خيانة الأمّة ، أسرعت الكرّة و عاجلت الوثبة ،
و اختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم و أيتامهم ، اختطاف الذّئب الأزلّ ( أي السريع ) دامية المعزى الكسيرة ( أي المكسورة ) ، فحملته إلى الحجاز
[ 596 ]
رحيب الصّدر بحمله غير متأثّم من أخذه ، كأنّك لا أبا لغيرك حدرت إلى أهلك تراثك من أبيك و أمّك . فسبحان اللّه أما تؤمن بالمعاد ؟ أو ما تخاف نقاش الحساب ؟ . أيّها المعدود كان عندنا من أولي الألباب ، كيف تسيغ شرابا و طعاما ، و أنت تعلم أنّك تأكل حراما ، و تشرب حراما ، و تبتاع الإماء و تنكح النّساء من أموال اليتامى و المساكين و المؤمنين و المجاهدين ، الّذين أفاء اللّه عليهم هذه الأموال ، و أحرز بهم هذه البلاد . فاتّق اللّه و اردد إلى هؤلاء القوم أموالهم ،
فإنّك إن لم تفعل ، ثمّ أمكنني اللّه منك ، لأعذرنّ إلى اللّه فيك ، و لأضربنّك بسيفي الّذي ما ضربت به أحدا إلاّ دخل النّار و و اللّه لو أنّ الحسن و الحسين فعلا مثل الّذي فعلت ، ما كانت لهما عندي هوادة ، و لا ظفرا منّي بإرادة ، حتّى آخذ الحقّ منهما ، و أزيح الباطل عن مظلمتهما . و أقسم باللّه ربّ العالمين ما يسرّني أنّ ما أخذته من أموالهم حلال لي ، أتركه ميراثا لمن بعدي . فضحّ رويدا ، فكأنّك بلغت المدى ، و دفنت تحت الثّرى ، و عرضت عليك أعمالك بالمحلّ الّذي ينادي الظّالم فيه بالحسرة ، و يتمنّى المضيّع فيه الرّجعة ، و لات حين مناص . ( الخطبة 280 ، 497 ) و من كتاب له ( ع ) الى عمر بن أبي سلمة المخزومي ، و كان عامله على البحرين فعزله ،
و استعمل نعمان بن عجلان الزرقي مكانه : أمّا بعد ، فإنّي قد ولّيت نعمان بن عجلان الزّرقيّ على البحرين ، و نزعت يدك بلا ذم لك و لا تثريب عليك ( أي لوم ) .
فلقد أحسنت الولاية ، و أدّيت الأمانة . فأقبل غير ظنين و لا ملوم ، و لا متّهم و لا مأثوم . فلقد أردت المسير إلى ظلمة أهل الشّام ، و أحببت أن تشهد معي ، فإنّك ممّن أستظهر به على جهاد العدوّ ، و إقامة عمود الدّين . إن شاء اللّه . ( الخطبة 281 ، 500 ) و من كتاب له ( ع ) الى مصقلة بن هبيرة الشيباني ، و هو عامله على أردشير خرّة من بلاد العجم : بلغني عنك أمر إن كنت فعلته فقد أسخطت إلهك ، و عصيت إمامك : أنّك تقسم فيء المسلمين الّذي حازته رماحهم و خيولهم ، و أريقت عليه دماؤهم ، فيمن
[ 597 ]
اعتامك من أعراب قومك . فو الّذي فلق الحبّة ، و برأ النّسمة ، لئن كان ذلك حقّا لتجدنّ لك عليّ هوانا ، و لتخفّنّ عندي ميزانا . فلا تستهن بحقّ ربّك ، و لا تصلح دنياك بمحق دينك ، فتكون من الأخسرين أعمالا .
ألا و إنّ حقّ من قبلك و قبلنا من المسلمين في قسمة هذا الفيء سواء : يردون عندي عليه ،
و يصدرون عنه . ( الخطبة 282 ، 500 ) و من كتاب له ( ع ) الى عثمان بن حنيف الانصاري و كان عامله على البصرة ، و قد بلغه أنه دعي الى وليمة قوم من أهلها فمضى اليها : أمّا بعد ، يا ابن حنيف ، فقد بلغني أنّ رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها ، تستطاب لك الألوان ،
و تنقل إليك الجفان . و ما ظننت أنّك تجيب إلى طعام قوم ، عائلهم مجفوّ ، و غنيّهم مدعوّ . فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم . فما اشتبه عليك بعضه فالفظه ،
و ما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه « تراجع بقية الكتاب في المبحث ( 132 ) الامام علي ( ع ) صوت العدالة الانسانية » . ( الخطبة 284 ، 505 ) و يختتم ( ع ) كتابه السابق قائلا : فاتّق اللّه يا ابن حنيف ، و لتكفف أقراصك ، ليكون من النّار خلاصك . ( الخطبة 284 ، 510 ) و من كتاب له ( ع ) الى المنذر بن الجارود العبدي ، و قد خان في بعض ما ولاه من أعماله :
أمّا بعد . فإنّ صلاح أبيك ما غرّني منك ، و ظننت أنّك تتّبع هديه ، و تسلك سبيله ،
فإذا أنت فيما رقّي إليّ عنك ، لا تدع لهواك انقيادا ، و لا تبقي لآخرتك عتادا . تعمر دنياك بخراب آخرتك ، و تصل عشيرتك بقطيعة دينك . و لئن كان ما بلغني عنك حقا ،
لجمل أهلك و شسع نعلك ( أي جلدتها ) خير منك . و من كان بصفتك فليس بأهل أن يسدّ به ثغر ، أو ينفذ به أمر ، أو يعلى له قدر ، أو يشرك في أمانة ، أو يؤمن على خيانة ، فأقبل إليّ حين يصل إليك كتابي هذا ، إن شاء اللّه .
قال الشريف الرضي : و المنذر هذا هو الذي قال فيه أمير المؤمنين ( ع ) : انه لنظّار في عطفيه ، مختال في برديه ، تفّال في شراكيه ( أي ينفض سير نعله من التراب كثيرا من العجب و الخيلاء ) . ( الخطبة 310 ، 559 )
[ 598 ]