أقسام النفس :
قال أرسطو : ان جوهر النفس لا يختلف عن جوهر الجسد ، و لذلك كانت قوى النفس موافقة لقوى الحياة . فالاحياء تتغذى و تحس و تتحرك و تعقل ، و النفس منها : المغذية ،
و الحسية ، و المحركة ، و الناطقة .
و هذه الاقسام الاربعة هي أقسام النفس الكاملة . فالنبات له القوة المغذية ، و الحيوان له الحسية و المحركة ، و الانسان وحده له الناطقة .
و نقف على شبيه هذا التقسيم في جواب الامام ( ع ) لكميل بن زياد حين سأله أن يعرّف له النفس .
عناصر النفس :
قال أفلاطون : ان نفس الانسان هي مجموع ثلاث نفوس هي :
1 نفس عاقلة : محبّة للحكمة و العلم ، و مركزها الدماغ .
2 نفس غضبية ( سبعية ) : هي مصدر الشجاعة و العواطف الكريمة التي تنزع الى المجد ،
و مركزها القلب .
3 نفس شهوانية : هي مصدر الرغبات المادية ، كحب الطعام و المال و الشهوات ،
و مركزها القلب أيضا .
و قد شبّه أفلاطون مجموع هذه القوى الثلاث بعربة فيها سائق ( هو النفس العاقلة ) ، يقود فرسين ، أحدهما مطيع أصيل ( هو النفس الغضبية ) ، و آخر لئيم جموح ( هو النفس الشهوانية ) .
و يكون ترتيب هذه القوى كما يلي : العاقلة فوق الغضبية ، و الغضبية فوق الشهوانية ،
ابطها كلها العيال فان أوسع الانسان قوته الغضبية و قوته الشهوانية لسلطان العقل ،
حيث يسخرها فيما . . . . . . .
[ 677 ]
حالات النفس :
عبّر القرآن الكريم عن النفس بعدة معان ، تمثل حالات النفس التي تطرأ عليها . و هي ثلاث :
1 النفس التي تدعو الى الحق و تأمر بالخير ، و هي النفس المطمئنة . قال تعالى يَا أَيَتُهَا النَفْسُ المُطْمَئنَّةُ ارْجِعي إلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَةً و سميت مطمئنة لأن صاحبها حين يطيع اللّه يبلغ درجة الاطمئنان في الدنيا و الآخرة .
2 النفس التي تدعو الى الشر و تأمر بالسوء ، و هي النفس الامارة . قال تعالى إنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ، إلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي .
3 النفس التي اذا عمل الانسان سوءا لامته و أنّبته على فعله ، و هي النفس اللوامة . قال تعالى لاَ أُقُْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ وَ لاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَامَةِ .
و في حين ان تأثير النفس الأمارة بالسوء كبير على الانسان ، متمثلا في حبه للمال و النساء و الشهوات ، فقد جعل اللّه عليه حجتين : الاولى قبل فعل السوء و هي النفس المطمئنة تدعوه الى الخير ، و الثانية بعد فعل السوء و هي النفس اللوامة تؤكد له خطأ عمله و توبخه عليه .
و نلاحظ في مبحث ( النفس ) أن أغلب كلام الامام ( ع ) منصب على ذم النفس ، يقصد بها النفس الامارة بالسوء . مثال ذلك قوله ( ع ) : « فرحم اللّه رجلا نزع عن شهوته ، و قمع هوى نفسه . فإنّ هذه النفس أبعد شيء منزعا . و إنّها لا تزال تنزع إلى معصية في هوى » .