( 213 ) وصايا الامام ( ع ) لأصحابه و حكامه و ولاته و عماله و قضاته

يراجع المبحث ( 201 ) محمد بن أبي بكر ، و المبحث ( 202 ) مالك الاشتر النخعي .

تراجع مباحث الفصل التالى ( 27 ) المتضمنة عهد الامام ( ع ) لمالك الاشتر حين ولاه مصر و أعمالها .

من كتاب له ( ع ) الى الاشعث بن قيس عامل أذربيجان : و إنّ عملك ليس لك بطعمة ،

و لكنّه في عنقك أمانة . و أنت مسترعى لمن فوقك . ليس لك أن تفتات ( أي تستبد ) في رعيّة ، و لا تخاطر إلاّ بوثيقة . و في يديك مال من مال اللّه عزّ و جلّ ، و أنت من خزّانه حتّى تسلّمه إليّ . و لعلّي ألاّ أكون شرّ ولاتك لك ، و السّلام . ( الخطبة 244 ، 445 ) و من كتاب له ( ع ) الى عبد اللّه بن عباس ، و كان ( رض ) يقول : ما انتفعت بكلام بعد كلام رسول اللّه ( ص ) كانتفاعي بهذا الكلام : أمّا بعد ، فإنّ المرء قد يسرّه درك ما لم يكن ليفوته ، و يسؤه فوت ما لم يكن ليدركه . فليكن سرورك بما نلت من آخرتك ، و ليكن أسفك على ما فاتك منها . و ما نلت من دنياك فلا تكثر به فرحا . و ما فاتك منها فلا تأس عليه جزعا . و ليكن همّك فيما بعد الموت . ( الخطبة 261 ، 458 ) و من عهد له ( ع ) الى محمد بن أبي بكر حين قلده مصر : و اعلم يا محمّد بن أبي بكر أنّي قد ولّيتك أعظم أجنادي في نفسي أهل مصر . فأنت محقوق أن تخالف على نفسك ( أي مطالب بمخالفة شهوة نفسك ) و أن تنافح عن دينك ، و لو لم يكن لك إلاّ ساعة من الدّهر . و لا تسخط اللّه برضا أحد من خلقه ، فإنّ في اللّه خلفا من غيره ،

و ليس من اللّه خلف في غيره .

صلّ الصّلاة لوقتها المؤقّت لها ، و لا تعجّل وقتها لفراغ ، و لا تؤخّرها عن وقتها لاشتغال . و اعلم أنّ كلّ شي‏ء من عملك تبع لصلاتك . ( الخطبة 266 ، 466 ) و من كتاب له ( ع ) الى قثم بن العباس عامله على مكة : أمّا بعد ، فإنّ عيني بالمغرب ،

[ 599 ]

كتب إليّ يعلمني أنّه وجّه إلى الموسم أناس من أهل الشّام . . . فأقم على ما في يديك قيام الحازم الصّليب ( أي الشديد ) و النّاصح اللّبيب . و التّابع لسلطانه ، المطيع لإمامه . و إيّاك و ما يعتذر منه ، و لا تكن عند النّعماء بطرا ، و لا عند البأساء فشلا ،

و السّلام . ( الخطبة 272 ، 491 ) و من كتابه ( ع ) الى مالك الاشتر ، لما ولاه على مصر و أعمالها ، حين اضطرب أمر محمد بن أبي بكر ، و هو أطول عهد له ( ع ) و أجمع كتبه للمحاسن : بسم اللّه الرّحمن الرّحيم . هذا ما أمر به عبد اللّه عليّ أمير المؤمنين ، مالك بن الحارث الأشتر في عهده إليه ،

حين ولاّه مصر : جباية خراجها ، و جهاد عدوّها ، و استصلاح أهلها ، و عمارة بلادها .

أمره بتقوى اللّه ، و إيثار طاعته و اتّباع ما أمر به في كتابه : من فرائضه و سننه ، الّتي لا يسعد أحد إلاّ باتّباعها ، و لا يشقى إلاّ مع جحودها و إضاعتها ، و أن ينصر اللّه سبحانه بقلبه و يده و لسانه ، فإنّه جلّ اسمه ، قد تكفّل بنصر من نصره ، و إعزاز من أعزّه . و أمره أن يكسر نفسه من الشّهوات ، و يزعها عند الجمحات ( أي يكفها عن اطماعها ) ، فإنّ النّفس أمّارة بالسّوء ، إلاّ ما رحم اللّه . ( الخطبة 292 ، 1 ، 517 ) و يتابع كتابه ( ع ) قائلا : و إذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبّهة أو مخيلة ( أي خيلاء ) فانظر إلى عظم ملك اللّه فوقك و قدرته منك ، على ما لا تقدر عليه من نفسك ،

فإنّ ذلك يطامن ( أي يخفف ) إليك من طماحك ، و يكفّ عنك من غربك ( أي حدتك ) ، و يفي‏ء إليك بما عزب ( أي غاب ) عنك من عقلك .

إيّاك و مساماة اللّه في عظمته ، و التّشبّه به في جبروته ، فإنّ اللّه يذلّ كلّ جبّار و يهين كلّ مختال . ( الخطبة 292 ، 1 ، 518 ) و امض لكلّ يوم عمله ، فإنّ لكلّ يوم ما فيه . و اجعل لنفسك فيما بينك و بين اللّه أفضل تلك المواقيت ، و أجزل تلك الأقسام . و إن كانت كلّها للّه إذا صلحت فيها النّيّة ،

و سلمت منها الرّعيّة . و ليكن في خاصّة ما تخلص به للّه دينك : إقامة فرائضه الّتي هي له خاصّة ، فاعط اللّه من بدنك في ليلك و نهارك . و وفّ ما تقرّبت به إلى اللّه من ذلك كاملا غير مثلوم و لا منقوص ، بالغا من بدنك ما بلغ . ( الخطبة 292 ، 4 ، 533 )

[ 600 ]

و إيّاك و الإعجاب بنفسك ، و الثّقة بما يعجبك منها ، و حبّ الإطراء ، فإنّ ذلك من أوثق فرص الشّيطان في نفسه ، ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين . ( الخطبة 292 ، 5 ، 538 ) و إيّاك و العجلة بالأمور قبل أوانها ، أو التّسقّط فيها ، عند إمكانها ، أو اللّجاجة فيها إذا تنكّرت ، أو الوهن عنها إذا استوضحت . فضع كلّ أمر موضعه ، و أوقع كلّ أمر موقعه . ( الخطبة 292 ، 5 ، 539 ) و يختتم الامام ( ع ) كتابه لمالك الاشتر بقوله : و الواجب عليك أنّ تتذكّر ما مضى لمن تقدّمك من حكومة عادلة ، أو سنّة فاضلة ، أو أثر عن نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أو فريضة في كتاب اللّه ، فتقتدي بما شاهدت ممّا عملنا به فيها ، و تجتهد لنفسك في اتّباع ما عهدت إليك في عهدي هذا ، و استوثقت به من الحجّة لنفسي عليك ، لكيلا تكون لك علّة عند تسرّع نفسك إلى هواها . و أنا أسأل اللّه بسعة رحمته ، و عظيم قدرته على إعطاء كلّ رغبة ، أن يوفّقني و إيّاك لما فيه رضاه من الإقامة على العذر الواضح إليه و إلى خلقه ، مع حسن الثّناء في العباد ،

و جميل الأثر في البلاد ، و تمام النّعمة ، و تضعيف الكرامة ، و أن يختم لي و لك بالسّعادة و الشّهادة ، إنّا إليه راجعون . و السّلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الطّيّبين الطّاهرين ، و سلّم تسليما كثيرا ، و السّلام . ( الخطبة 292 ، 5 ، 539 ) من وصية له ( ع ) وصى بها شريح بن هاني‏ء ، لما جعله على مقدمته الى الشام : اتّق اللّه في كلّ صباح و مساء و خف على نفسك الدّنيا الغرور ، و لا تأمنها على حال .

و اعلم أنّك إن لم تردع نفسك عن كثير ممّا تحبّ ، مخافة مكروه ، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضّرر . فكن لنفسك مانعا رادعا ، و لنزوتك عند الحفيظة ( أي الغضب ) واقما ( أي قاهرا ) قامعا . ( الخطبة 295 ، 542 ) و من كتاب له ( ع ) الى قثم بن العباس ، و هو عامله على مكة : أمّا بعد ، فأقم للنّاس الحجّ ، و ذكّرهم بأيّام اللّه ، و اجلس لهم العصرين ( أي الغداة و العشي ) . فأفت المستفتي ، و علّم الجاهل ، و ذاكر العالم . و لا يكن . . . ( الخطبة 306 ، 555 )

[ 601 ]