قال الامام علي ( ع ) :
و فسح بين الجوّ و بينها ( الضمير عائد الى الجبال ) ، و أعدّ الهواء متنسّما لساكنها ،
و أخرج إليها أهلها على تمام مرافقها . ثمّ لم يدع جرز الأرض ( أي الارض التي تنبت عند مرور مياه العيون عليها ) الّتي تقصر مياه العيون عن روابيها ، و لا تجد جداول الأنهار ذريعة إلى بلوغها ، حتّى أنشأ لها ناشئة سحاب تحيي مواتها ، و تستخرج نباتها . ألّف غمامها بعد افتراق لمعه ، و تباين قزعه . حتّى إذا تمخّضت لجّة المزن فيه ،
و التمع برقه في كففه ، و لم ينم وميضه في كنهور ( القطع العظيمة من السحاب أو المتراكم منه ) ربابه ( الابيض المتلاحق من السحاب ) ، و متراكم سحابه ، أرسله سحّا متداركا قد أسفّ هيدبه ( أي دنا سحابه المتدلي كالذيل ) ، تمريه الجنوب درر أهاضيبه ( أي تستدر ريح الجنوب الماء من السحاب كما يستدر الحالب لبن الناقة ) و دفع شآبيبه ( جمع شؤبوب و هو المطر الشديد ) فلمّا ألقت السّحاب برك بوانيها ( تشبيه السحاب بالناقة اذا بركت و ضربت بعنقها على الارض و لاطمتها بأضلاع زورها ) ،
و بعاع ( ألقى السحاب بعاعه : أمطر كل ما فيه ) ما استقلّت به من العبء المحمول عليها ، أخرج به من هوامد الأرض النّبات ، و من زعر الجبال الأعشاب ، فهي تبهج بزينة رياضها ، و تزدهي بما ألبسته من ريط ( جمع ريطة و هي كل ثوب رقيق لين ) أزاهيرها ، و حلية ما سمطت به من ناضر أنوارها ( جمع نور و هو الزهر ) و جعل ذلك بلاغا للأنام . و رزقا للأنعام . و خرق الفجاج في آفاقها ، و أقام المنار للسّالكين على جوادّ طرقها . ( الخطبة 89 ، 3 ، 172 )
[ 787 ]