( 214 ) طبقات الرعية و تكاملها

من كتاب للامام علي ( ع ) كتبه لمالك الاشتر النخعي ، لما ولاه على مصر و أعمالها ، حين اضطرب أمر محمد بن أبي بكر . و هو أطول عهد و أجمع كتبه للمحاسن . يقول فيه :

و اعلم أنّ الرّعيّة طبقات لا يصلح بعضها إلاّ ببعض ، و لا غنى ببعضها عن بعض :

فمنها جنود اللّه ، و منها كتّاب العامّة و الخاصّة ، و منها قضاة العدل ، و منها عمّال الإنصاف و الرّفق ، و منها أهل الجزية و الخراج من أهل الذّمّة و مسلمة النّاس ، و منها التّجّار و أهل الصّناعات ، و منها الطّبقة السفلى من ذوي الحاجة و المسكنة ، و كلّ قد سمّى اللّه له سهمه ( أي نصيبه من الحق ) . و وضع على حدّه فريضة في كتابه أو سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عهدا منّه عندنا محفوظا .

فالجنود بإذن اللّه ، حصون الرّعيّة ، و زين الولاة ، و عزّ الدّين ، و سبل الأمن . و ليس تقوم الرّعيّة إلاّ بهم . ثمّ لا قوام للجنود إلاّ بما يخرج اللّه لهم من الخراج الّذي يقوون به على جهاد عدوّهم ، و يعتمدون عليه فيما يصلحهم ، و يكون من وراء حاجتهم . ثمّ لا قوام لهذين الصّنفين إلاّ بالصّنف الثّالث من القضاة و العمّال و الكتّاب ،

لما يحكمون من المعاقد ، و يجمعون من المنافع ، و يؤتمنون عليه من خواصّ الأمور و عوامّها . و لا قوام لهم جميعا إلاّ بالتّجار و ذوي الصّناعات ، فيما يجتمعون عليه من

[ 604 ]

مرافقهم ، و يقيمونه من أسواقهم ، و يكفونهم من التّرفّق بأيديهم ما لا يبلغه رفق غيرهم . ثمّ الطّبقة السّفلى من أهل الحاجة و المسكنة ، الّذين يحقّ رفدهم و معونتهم ، و في اللّه لكلّ سعة ، و لكلّ على الوالي حقّ بقدر ما يصلحه ، و ليس يخرج الوالي من حقيقة ما ألزمه اللّه من ذلك إلاّ بالإهتمام و الإستعانة باللّه ، و توطين نفسه على لزوم الحقّ ، و الصّبر عليه فيما خفّ عليه أو ثقل . ( الخطبة 292 ، 2 ، 522 )