حتى مبعث نبيّنا صلى اللّه عليه و آله و سلم بِسْمِ اللَّهِ الرِحْمنِ الرَحِيم [ 6 ] اَلْحَمْدُ للَّهِ الَّذي لا يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ الْقَائِلُونَ ، وَ لا يُحْصي نَعْمَاءَهُ [ 1 ] الْعَادُّونَ ، وَ لا يُؤَدّي حَقَّهُ الْمُجْتَهِدُونَ .
اَلَّذي لا يُدْرِكُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ ، وَ لا يَنَالُهُ غَوْصُ الْفِطَنِ .
اَلَّذي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ ، وَ لا نَعْتٌ مَوْجُودٌ ، وَ لا وَقْتٌ مَعْدُودٌ ، وَ لا أَجَلٌ مَمْدُودٌ .
فَطَرَ الْخَلائِقَ بِقُدْرَتِهِ ، وَ نَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ ، وَ وَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ .
إِنَّ [ 2 ] أَوَّلَ الدّينِ مَعْرِفَتُهُ [ 3 ] ، وَ كَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْديقُ بِهِ ، وَ كَمَالُ التَّصْديقِ بِهِ تَوْحيدُهُ ،
وَ كَمَالُ تَوْحيدِهِ الاِخْلاصُ لَهُ ، وَ كَمَالُ الاِخْلاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ .
لِشَهَادَةِ [ 4 ] كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَيْرُ الْمَوْصُوفِ ، وَ شَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ ، وَ شَهَادَتِهِمَا جَميعاً بِالتَّثْنِيَةِ الْمُمْتَنِعِ مِنْهَا الأَزَلُ [ 5 ] .
[ 6 ] من : الحمد للّه إلى : من الجهالة ورد في خطب الشريف الرضي ( رض ) تحت الرقم 1 .
[ 1 ] نعماه . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 4 . و ورد نعمه . في نسخة ابن ميثم ج 1 ص 106 . و نسخة العطاردي ص 7 عن نسخة موجودة في مكتبة ممتاز العلماء في لكنهور الهند .
[ 2 ] ورد في صحيفة الإمام الرضا عليه السلام ج 1 ص 23 . و دستور معالم الحكم ص 153 . و نهج السعادة ج 3 ص 39 .
[ 3 ] معرفة اللّه . ورد في المصادر السابقة .
[ 4 ] بشهادة . ورد في نسخة العطاردي ص 7 عن نسخة موجودة في مكتبة ممتاز العلماء في لكنهور الهند .
[ 5 ] ورد في مسند الإمام الرضا ج 1 ص 23 . و ورد و شهادتهما جميعا بالتّنبيه على أنفسهما بالحدث الممتنع من الأزل . في دستور معالم الحكم للقضاعي ص 154 . و نهج السعادة للمحمودي ج 3 ص 39 .
[ 58 ]
فَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ ، وَ مَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ ، وَ مَنْ ثَنَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ ، وَ مَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ ، وَ مَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ ، وَ مَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ ، وَ مَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ .
وَ مَنْ قَالَ : « فيمَ ؟ » فَقَدْ ضَمَّنَهُ ، وَ مَنْ قَالَ : « عَلامَ ؟ » فَقَدْ حَمَلَهُ ، وَ مَنْ قَالَ : « أَيْنَ ؟ » فَقَدْ [ 1 ] أَخْلى مِنْهُ ، وَ مَنْ قَالَ : « مَنْ هُوَ ؟ » فَقَدْ نَعَتَهُ ، وَ مَنْ قَالَ : « إِلامَ ؟ » فَقَدْ غَيَّاهُ [ 2 ] .
كَائِنٌ لا عَنْ حَدَثٍ ، مَوْجُودٌ لا عَنْ عَدَمٍ .
مَعَ كُلِّ شَيْءٍ لاَ بِمُقَارَنَةٍ [ 3 ] ، وَ غَيْرُ كُلِّ شَيْءٍ لا بِمُزَايَلَةٍ .
فَاعِلٌ لا بِمَعْنَى الْحَرَكَاتِ وَ الآلَةِ ، بَصيرٌ إِذْ لا مَنْظُورَ إِلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ ، مُتَوَحِّدٌ إِذْ لا سَكَنَ يَسْتَأْنِسُ بِهِ ، وَ لا يَسْتَوْحِشُ لِفَقْدِهِ .
فَكَذَلِكَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَ تَعَالى ، وَ فَوْقَ مَا يَصِفُهُ الْوَاصِفُونَ [ 4 ] .
أَنْشَأَ الْخَلْقَ إِنْشَاءً ، وَ ابْتَدَأَهُ ابْتِدَاءً ، بِلا رَوِيَّةٍ أَجَالَهَاَ [ 5 ] ، وَ لا تَجْرِبَةٍ اسْتَفَادَهَا ، وَ لا حَرَكَةٍ أَحْدَثَهَا ، وَ لا هَمَامَةِ [ 6 ] نَفْسٍ اضْطَرَبَ فيهَا .
أَحَالَ [ 7 ] الأَشْيَاءَ لأَوْقَاتِهَا ، وَ لأَمَ بَيْنَ مُخْتَلِفَاتِهَا ، وَ غَرَّزَ غَرَائِزَهَا ، وَ أَلْزَمَهَا أَشْبَاحَهَا [ 8 ] ، عَالِماً بِهَا قَبْلَ ابْتِدَائِهَا ، مُحيطاً بِحُدُودِهَا وَ انْتِهَائِهَا ، عَارِفاً بِقَرَائِنِهَا وَ أَحْنَائِهَا [ 9 ] .
ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ فَتْقَ الأَجْوَاءِ ، وَ شَقَّ الأَرْجَاءِ ، وَ سَكَائِكَ الْهَوَاءِ ، فَأَجْرى فيهَا مَاءً مُتَلاطِماً تَيَّارُهُ ، مُتَرَاكِماً زَخَّارُهُ .
[ 1 ] ورد في مسند الإمام الرضا ( ع ) ج 1 ص 23 . و دستور معالم الحكم للقضاعي ص 154 . باختلاف .
[ 2 ] ورد في الكافي ج 1 ص 140 . و دستور معالم الحكم ص 154 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 43 . و نهج البلاغة الثاني ص 48 .
[ 3 ] بمقاربة . ورد في نسخة العطاردي ص 7 عن شرح الكيذري .
[ 4 ] ورد في دستور معالم الحكم ص 154 . مسند الإمام الرضا ج 1 ص 23 . و التوحيد ص 57 . و نهج السعادة ج 3 ص 40 .
باختلاف بين المصادر .
[ 5 ] أحالها . ورد في
[ 6 ] هامّة . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 8 . و ورد همّة في نسخة العطاردي ص 8 عن نسخة موجودة في مكتبة ممتاز العلماء في لكنهور الهند . و ورد هماهم في المصدر السابق عن شرح الكيذري
[ 7 ] أجال . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 5 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 8 . و نسخة العطاردي ص 8 عن شرح الراوندي .
[ 8 ] أسناخها . ورد في نسخة العطاردي ص 8 عن شرح الكيذري .
[ 9 ] أختانها . ورد في نسخة العطاردي ص 8 عن شرح الكيذري . و ورد أخيائها . ورد في المصدر السابق عن شرح الراوندي .
[ 59 ]
حَمَلَهُ عَلى مَتْنِ الرّيحِ الْعَاصِفَةِ ، وَ الزَّعْزَعِ [ 1 ] الْقَاصِفَةِ ، فَأَمَرَهَا بِرَدِّهِ ، وَ سَلَّطَهَا عَلى شَدِّهِ ،
وَ قَرَنَهَا إِلى حَدِّهِ ، الْهَوَاءُ مِنْ تَحْتِهَا فَتيقٌ ، وَ الْمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا دَفيقٌ .
ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ ريحاً اعْتَقَمَ [ 2 ] مَهَبَّهَا ، وَ أَدَامَ مُرَبَّهَا ، وَ أَعْصَفَ مَجْرَاهَا ، وَ أَبْعَدَ مَنْشَاهَا ،
فَأَمَرَهَا بِتَصْفيقِ الْمَاءِ الزَّخَّارِ ، وَ إِثَارَةِ مَوْجِ الْبِحَارِ ، فَمَخَضَتْهُ مَخْضَ السِّقَاءِ ، وَ عَصَفَتْ بِهِ عَصْفَهَا بِالْفَضَاءِ ، تَرُدُّ أَوَّلَهُ عَلى [ 3 ] آخِرِهِ ، وَ سَاجِيَهُ عَلى [ 4 ] مَائِرِهِ ، حَتَّى عَبَّ عُبَابُهُ ، وَ رَمى بِالزَّبَدِ رُكَامُهُ .
فَرَفَعَهُ في هَوَاءٍ مُنْفَتِقٍ ، وَ جَوٍّ مُنْفَهِقٍ [ 5 ] ، فَسَوَّى مِنْهُ سَبْعُ سَموَاتٍ جَعَلَ سُفْلاهُنَّ مَوْجاً مَكْفُوفاً ، وَ عُلْيَاهُنَّ سَقْفاً مَحْفُوظاً ، وَ سَمْكاً مَرْفُوعاً ، بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُهَا [ 6 ] ، وَ لا دِسَارٍ يَنْتَظِمُهَا [ 7 ] .
ثُمَّ زَيَّنَهَا بِزينَةِ الْكَوَاكِبِ ، وَ ضِيَاءِ الثَّوَاقِبِ ، وَ أَجْرى فيهَا سِرَاجاً مُسْتَطيراً ، وَ قَمَراً مُنيراً ،
في فَلَكٍ دَائِرٍ ، وَ سَقْفٍ سَائِرٍ ، وَ رَقيمٍ مَائِرٍ .
ثُمَّ فَتَقَ سُبْحَانَهُ مَا بَيْنَ السَّماوَاتِ الْعُلى ، فَمَلأَهُنَّ أَطْوَاراً مِنْ مَلائِكَتِهِ ، مِنْهُمْ سُجُودٌ لا يَرْكَعُونَ ، وَ رُكُوعٌ لا يَنْتَصِبُونَ ، وَ صَافُّونَ لا يَتَزَايَلُونَ ، وَ مُسَبِّحُونَ لا يَسْأَمُونَ ، لا يَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُيُونِ ،
وَ لا سَهْوُ الْعُقُولِ ، وَ لا فَتْرَةُ الأَبْدَانِ ، وَ لا غَفْلَةُ النِّسْيَانِ .
فَمِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلى وَحْيِهِ ، وَ أَلْسِنَةٌ إِلى رُسُلِهِ ، وَ مُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَ أَمْرِهِ .
وَ مِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ ، وَ السَّدَنَةُ لِأَبْوَابِ جِنَانِهِ [ 8 ] .
وَ مِنْهُمُ الثَّابِتَةُ فِي الأَرَضينَ السُّفْلى أَقْدَامُهُمْ ، وَ الْمَارِقَةُ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا أَعْنَاقُهُمْ ،
وَ الْخَارِجَةُ مِنَ الْأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ ، وَ الْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ ، نَاكِسَةٌ دُونَهُ أَبْصَارُهُمْ ،
مُتَلَفِّعُونَ تَحْتَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ ، مَضْرُوبَةٌ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَنْ دُونَهُمْ حُجُبُ الْعِزَّةِ ، وَ أَسْتَارُ الْقُدْرَةِ .
[ 1 ] الرُّعود . ورد في نسخة العطاردي ص 8 عن شرح الراوندي .
[ 2 ] أعقم . ورد في متن منهاج البراعة للخوئي ج 1 ص 368 .
[ 3 ] إلى . ورد في نسخة العطاردي ص 8 عن شرح فيض الإسلام . و نسخة عبده ج 1 ص 72 .
[ 4 ] إلى . ورد في المصدرين السابقين .
[ 5 ] منهفق . ورد في متن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ( طبعة دار الأندلس ) ج 1 ص 27 .
[ 6 ] يدّعمها . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 9 .
[ 7 ] و لا دثار ينظمها . ورد في نسخة العطاردي ص 8 عن شرح فيض الإسلام . و ورد يطمّها في .
[ 8 ] جنابه . ورد في نسخة العطاردي ص 9 عن نسخة موجودة في مكتبة ممتاز العلماء في لكنهور الهند .
[ 60 ]
لا يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بِالتَّصْويرِ ، وَ لا يُجْرُونَ عَلَيْهِ صِفَاتِ الْمَصْنُوعينَ ، وَ لا يَحُدُّونَهُ بِالأَمَاكِنِ [ 1 ] ،
وَ لا يُشيرُونَ إِلَيْهِ بِالنَّظَائِرِ [ 2 ] .
ثُمَّ جَمَعَ سُبْحَانَهُ مِنْ حَزْنِ الأَرْضِ وَ سَهْلِهَا ، وَ عَذْبِهَا وَ سَبَخِهَا ، تُرْبَةً سَنَّهَا بِالْمَاءِ حَتَّى خَلَصَتْ [ 3 ] ، وَ لا طَهَا [ 4 ] بِالْبَلَّةِ حَتَّى لَزَبَتْ ، فَجَبَلَ [ 5 ] مِنْهَا صُورَةً ذَاتَ أَحْنَاءٍ وَ وُصُولٍ ، وَ أَعْضَاءٍ وَ فُصُولٍ ، أَجْمَدَهَا حَتَّى اسْتَمْسَكَتْ ، وَ أَصْلَدَهَا حَتَّى صَلْصَلَتْ ، لِوَقْتٍ مَعْدُودٍ ، وَ أَجَلٍ [ 6 ] مَعْلُومٍ [ 7 ] .
ثُمَّ [ 8 ] نَفَخَ فيهَا مِنْ رُوحِهِ فَمَثُلَتْ [ 9 ] إِنْسَاناً ذَا أَذْهَانٍ يُجيلُهَا ، وَ فِكَرٍ يَتَصَرَّفُ بِهَا ، وَ جَوَارِحَ يَخْتَدِمُهَا ، وَ أَدَوَاتٍ يُقَلِّبُهَا ، وَ مَعْرِفَةٍ يَفْرُقُ بِهَا بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ ، وَ الأَذْوَاقِ وَ الْمَشَامِّ ، وَ الأَلْوَانِ وَ الأَجْنَاسِ ، مَعْجُوناً بِطينَةِ الأَلْوَانِ الْمُخْتَلِفَةِ ، وَ الأَشْبَاهِ الْمُؤْتَلِفَةِ ، وَ الأَضْدَادِ الْمُتَعَادِيَةِ ، وَ الأَخْلاطِ الْمُتَبَايِنَةِ ، مِنَ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ ، وَ الْبَلَّةِ وَ الْجُمُودِ ، وَ الْمَسَاءَةِ وَ السُّرُورِ .
وَ اسْتَأْدَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمَلائِكَةَ وَديعَتَهُ لَدَيْهِمْ ، وَ عَهْدَ وَصِيَّتِهِ إِلَيْهِمْ ، فِي الإِذْعَانِ بِالسُّجُودِ لَهُ ، وَ الْخُشُوعِ [ 10 ] لِتَكْرِمَتِهِ ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ [ 11 ] : اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْليسَ 12 ، اعْتَرَتْهُ الْحَمِيَّةُ ، وَ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الشِّقْوَةُ ، وَ تَعَزَّزَ بِخِلْقَةِ النَّارِ ، وَ اسْتَهْوَنَ [ 13 ] خَلْقَ
[ 1 ] بالمواطن . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 10 . و نسخة العطاردي ص 9 عن نسخة موجودة في مكتبة ممتاز العلماء في لكنهور الهند .
[ 2 ] بالنّواظر . ورد في نسخة العطاردي ص 9 عن شرح الكيذري البيهقي .
[ 3 ] خضلت . ورد في المصدر السابق ص 9 عن شرح السرخسي .
[ 4 ] ناطها . ورد في
[ 5 ] فجعل . ورد في متن منهاج البراعة للخوئي ج 2 ص 39 .
[ 6 ] أمد . ورد في متن شرح ابن أبي الحديد ( طبعة دار الأندلس ) ج 1 ص 31 . و متن شرح ابن ميثم ج 1 ص 169 . و متن مصادر نهج البلاغة ج 1 ص 289 .
[ 7 ] ممدود . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 10 .
[ 8 ] و ورد في متن منهاج البراعة للخوئي ج 2 ص 39 .
[ 9 ] فتمثّلت . ورد في المصدر السابق . و نسخة نصيري ص 6 . و نسخة الآملي ص 7 .
[ 10 ] الخنوع . أي الخضوع . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 6 . و نسخة الآملي ص 7 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 11 .
و نسخة العطاردي ص 10 عن نسخة موجودة في مكتبة ممتاز العلماء في لكنهور الهند .
[ 11 ] سبحانه . ورد في نسخة العطاردي ص 10 . و نسخة عبده ج 1 ص 75 .
-----------
( 12 ) الأعراف ، 11 .
[ 13 ] استوهن . ورد في نسخة العطاردي ص 10 . و ورد و قبيله ( جنوده ) اعترتهم الحميّة ، و غلبت عليهم الشّقوة ، و تعزّزوا بخلقة النّار ، و استوهنوا في نسخة العام 400 الموجودة في الظاهرية ص 11 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 11 . و نسخة الاسترابادي ص 11 . و متن منهاج البراعة للخوئي ج 2 ص 55 .
[ 61 ]
الصَّلْصَالِ ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى النَّظِرَةَ اسْتِحْقَاقاً لِلسَّخْطَةِ ، وَ اسْتِتْمَاماً لِلْبَلِيَّةِ ،
وَ إِنْجَازاً لِلْعِدَةِ ، فَقَالَ : إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ 1 .
ثُمَّ أَسْكَنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ آدَمَ دَاراً أَرْغَدَ فيهَا عيشَتَهُ [ 2 ] ، وَ آمَنَ فيهَا مَحَلَّتَهُ ، وَ حَذَّرَهُ إِبْليسَ وَ عَدَاوَتَهُ ، فَاغْتَرَّهُ عَدُوُّهُ نَفَاسَةً عَلَيْهِ بِدَارِ الْمُقَامِ ، وَ مُرَافَقَةِ الأَبْرَارِ ، فَبَاعَ الْيَقينَ بِشَكِّهِ ، وَ الْعَزيمَةَ بِوَهْنِهِ ، وَ اسْتَبْدَلَ بِالْجَذَلِ وَ جَلاً ، وَ بِالاِغْتِرَارِ نَدَماً .
ثُمَّ بَسَطَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ في تَوْبَتِهِ ، وَ لَقَّاهُ كَلِمَةَ رَحْمَتِهِ ، وَ وَعَدَهُ الْمَرَدَّ إِلى جَنَّتِهِ ،
فَأَهْبَطَهُ [ 3 ] إِلى دَارِ الْبَلِيَّةِ ، وَ تَنَاسُلِ الذُّرِّيَّةِ .
وَ اصْطَفى سُبْحَانَهُ مِنْ وُلْدِهِ أَنْبِيَاءَ أَخَذَ عَلَى الْوَحْيِ ميثَاقَهُمْ ، وَ عَلى تَبْليغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ [ 4 ] ، لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ خَلْقِهِ عَهْدَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ ، فَجَهِلُوا حَقَّهُ ، وَ اتَّخَذُوا الأَنْدَادَ مَعَهُ ، وَ اجْتَالَتْهُمُ [ 5 ] الشَّيَاطِينُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ ، وَ اقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ . [ 8 ] فَبَعَثَ اللَّهُ فيهِمْ رُسُلَهُ ، وَ وَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ بِمَا خَصَّهُمْ بِهِ مِنْ وَحْيِهِ ، وَ جَعَلَهُمْ حُجَّةً لَهُ عَلى خَلْقِهِ ، فَدَعَاهُمْ بِلِسَانِ الصِّدْقِ إِلى سَبيلِ الْحَقِّ ،
لِيَسْتَأْدُوهُمْ ميثَاقَ فِطْرَتِهِ ، وَ يُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ ، وَ يَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِالتَّبْليغِ ، لِئَلاَّ تَجِبَ الْحُجَّةُ لَهُمْ بِتَرْكِ الإِعْذَارِ إِلَيْهِمْ ، وَ يُثيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ ، وَ يُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ [ 6 ] ، مِنْ سَقْفٍ فَوْقَهُمْ مَرْفُوعٍ ، وَ مِهَادٍ تَحْتَهُمْ مَوْضُوعٍ ، وَ مَعَايِشَ تُحْييهِمْ ، وَ آجَالٍ تُفْنيهِمْ ، وَ أَوْصَابٍ تُهْرِمُهُمْ ، وَ أَحْدَاثٍ تَتَابَعُ عَلَيْهِمْ .
وَ لَمْ يُخْلِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ خَلْقَهُ مِنْ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ ، أَوْ كِتَابٍ مُنْزَلٍ ، أَوْ حُجَّةٍ لازِمَةٍ ، أَوْ مَحَجَّةٍ قَائِمَةٍ . رُسُلٌ لا تُقَصِّرُ [ 7 ] بِهِمْ قِلَّةُ عَدَدِهِمْ ، وَ لا كَثْرَةُ الْمُكَذِّبينَ لَهُمْ ، مِنْ سَابِقٍ سُمِّيَ لَهُ مَنْ بَعْدَهُ ، أَوْ غَابِرٍ
[ 8 ] بعث اللّه رسله بما خصّهم من وحيه ، و جعلهم حجّة له على خلقه ، لئلا تجب الحجة لهم بترك الإعذار اليهم . و من : فدعاهم إلى : سبيل الحقّ ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 144 .
-----------
( 1 ) الحجر ، 36 و 37 .
[ 2 ] عيشه . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في الظاهرية ص 11 . و نسخة ابن المؤدب ص 6 . و نسخة نصيري ص 6 .
و نسخة ابن أبي المحاسن ص 11 . و نسخة الاسترابادي ص 5 .
[ 3 ] و أهبطه . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في الظاهرية ص 11 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 11 . و متن شرح ابن ميثم ج 1 ص 170 . و نسخة الاسترابادي ص 5 . و نسخة عبده ج 1 ص 76 .
[ 4 ] أيمانهم . ورد في
[ 5 ] و احتالتهم . ورد في نسخة العطاردي ص 11 عن شرح السرخسي ، و عن شرح الراوندي .
[ 6 ] الآيات المقدّرة . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 12 . و نسخة العطاردي ص 11 عن شرح فيض الإسلام . و نسخة عبده ج 1 ص 77 .
[ 7 ] لا تقصر . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في الظاهرية ص 12 . و نسخة عبده ج 1 ص 77 .
[ 62 ]
عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَهُ ، عَلى ذَلِكَ نَسَلَتِ الْقُرُونُ [ 1 ] ، وَ مَضَتِ الدُّهُورُ ، وَ سَلَفَتِ الآبَاءُ ، وَ خَلَفَتِ الأَبْنَاءُ .
إِلى أَنْ بَعَثَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى مُحَمَّدَاً [ 2 ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لِإِنْجَازِ عِدَتِه ،
وَ إِتَمَامِ نُبُوَّتِهِ ، مَأْخُوذاً عَلَى النَّبِيّينَ ميثَاقُهُ ، مَشْهُورَةً سِمَاتُهُ ، كَريماً ميلادُهُ . وَ أَهْلُ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ مِلَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ ، وَ أَهْوَاءٌ مُنْتَشِرَةٌ ، وَ طَرَائِقُ [ 3 ] مُتَشَتِّتَةٌ ، بَيْنَ مُشَبِّهٍ للَّهِ بِخَلْقِهِ ، أَوْ مُلْحِدٍ فِي اسْمِهِ ، أَوْ مُشيرٍ إِلى غَيْرِهِ ، فَهَدَاهُمْ بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ ، وَ أَنْقَذَهُمْ بِمَكَانِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ .
[ 9 ] أَلا إِنَّ اللَّهَ تَعَالى قَدْ كَشَفَ الْخَلْقَ كَشْفَةً ، لا أَنَّهُ جَهِلَ مَا أَخْفَوْهُ مِنْ مَصُونِ أَسْرَارِهِمْ ،
وَ مَكْنُونِ ضَمَائِرِهِمْ ، وَ لكِنْ لِيَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ، فَيَكُونَ الثَّوَابُ جَزَاءً ، وَ الْعِقَابُ بَوَاءً .
[ 10 ] ثُمَّ اخْتَارَ سُبْحَانَهُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لِقَاءَهُ ، وَ رَضِيَ لَهُ مَا عِنْدَهُ ،
وَ أَكْرَمَهُ [ 4 ] عَنْ دَارِ الدُّنْيَا ، وَ رَغِبَ بِهِ عَنْ مَقَامِ [ 5 ] الْبَلْوى ، فَقَبَضَهُ إِلَيْهِ كَريماً ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ .
وَ خَلَّفَ فيكُمْ مَا خَلَّفَتِ الأَنْبِيَاءُ في أُمَمِهَا ، إِذْ لَمْ يَتْرُكُوهُمْ هَمَلاً ، بِغَيْرِ طَريقٍ وَاضِحٍ ، وَ لا عَلَمٍ قَائِمٍ ، كِتَابَ رَبِّكُمْ ، مُبَيِّناً حَلالَهُ وَ حَرَامَهُ ، وَ فَرَائِضَهُ وَ فَضَائِلَهُ [ 6 ] ، وَ نَاسِخَهُ وَ مَنْسُوخَهُ ، وَ رُخَصَهُ وَ عَزَائِمَهُ ، وَ خَاصَّهُ وَ عَامَّهُ ، وَ عِبَرَهُ وَ أَمْثَالَهُ ، وَ مُرْسَلَهُ وَ مَحْدُودَهُ ، وَ مُحْكَمَهُ وَ مُتَشَابِهَهُ ، مُفَسِّراً جُمَلَهُ [ 7 ] ، وَ مُبَيِّنَاً غَوَامِضَهُ .
بَيْنَ مَأْخُوذٍ ميثَاقُ عِلْمِهِ [ 8 ] ، وَ مُوَسَّعٍ عَلَى الْعِبَادِ في جَهْلِهِ ، وَ بَيْنَ مُثْبَتٍ فِي الْكَتَابِ فَرْضُهُ وَ مَعْلُومٍ فِي السُّنَّةِ نَسْخُهُ ، وَ وَاجِبٍ فِي الشَّريعَةِ أَخْذُهُ وَ مُرَخَّصٍ فِي الْكِتَابِ تَرْكُهُ ، وَ بَيْنَ وَاجِبٍ
[ 9 ] من : ألا إنّ اللّه تعالى ، الى : و العقاب بواء . ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 144 .
[ 10 ] من : ثم اختار إلى : عن العالمين ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 1 .
[ 1 ] القرون الماضية . . . الدّهور الخالية . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في الظاهرية ص 12 .
[ 2 ] محمّدا رسول اللّه . ورد في نسخة العطاردي ص 11 . و نسخة عبده ج 1 ص 78 . و نسخة الصالح ص 44 .
[ 3 ] طوائف . ورد في متن شرح ابن أبي الحديد ( طبعة دار الأندلس ) ج 1 ص 38 . و متن شرح ابن ميثم ج 1 ص 199 . و متن مصادر نهج البلاغة ج 1 ص 292 .
[ 4 ] فأكرمه . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في الظاهرية ص 13 . و نسخة ابن المؤدب ص 7 . و نسخة نصيري ص 6 .
و نسخة ابن أبي المحاسن ص 12 .
[ 5 ] مقارنة . ورد في المصادر السابقة . و نسخة العطاردي ص 11 . و نسخة عبده ج 1 ص 78 .
[ 6 ] نوافله . ورد في
[ 7 ] مجمله . ورد في نسخة عبده ج 1 ص 79 . و نسخة الصالح ص 44 .
[ 8 ] مأخوذ ميثاق في علمه . ورد في نسخة عبده ج 1 ص 79 .
[ 63 ]
بِوَقْتِهِ [ 1 ] ، وَ زَائِلٍ في مُسْتَقْبَلِهِ ، وَ مُبَايَنٍ بَيْنَ مَحَارِمِهِ . مِنْ كَبيرٍ أَوْعَدَ عَلَيْهِ نيرَانَهُ ، أَوْ صَغيرٍ أَرْصَدَ لَهُ غُفْرَانَهُ ، وَ بَيْنَ مَقْبُولٍ في أَدْنَاهُ ، وَ مُوَسَّعٍ في أَقْصَاهُ .
[ 7 ] وَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ [ 2 ] حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرَامِ الَّذي جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلأَنَامِ ، يَرِدُونَهُ وُرُودَ الأَنْعَامِ ،
وَ يَأْلَهُونَ إِلَيْهِ وُلُوهَ الْحَمَامِ ، جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلامَةً لِتَوَاضُعِهِمْ لِعَظَمَتِهِ ، وَ إِذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِهِ .
وَ اخْتَارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمَّاعاً ، أَجَابُوا إِلَيْهِ دَعْوَتَهُ ، وَ صَدَّقُوا كَلِمَتَهُ ، وَ وَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنْبِيَائِهِ ،
وَ تَشَبَّهُوا بِمَلائِكَتِهِ الْمُطيفينَ بِعَرْشِهِ ، يُحْرِزُونَ الأَرْبَاحَ في مَتْجَرِ عِبَادَتِهِ ، وَ يَتَبَادَرُونَ عِنْدَ مَوْعِدِ مَغْفِرَتِهِ .
جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى لِلإِسْلامِ عَلَماً ، وَ لِلْعَائِذينَ حَرَماً ، فَرَضَ حَجَّهُ ، وَ أَوْجَبَ حَقَّهُ [ 3 ] ،
وَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ وِفَادَتَه ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى : وَ للَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمينَ 1 .
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيُهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ : مَنْ مَلَكَ رَاحِلَةً وَ زَاداً يُبْلِغُهُ إِلى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَ لَمْ يَحِجَّ فَلاَ عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيّاً أَوْ نَصْرَانِيّاً [ 5 ] .