بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ [ 8 ] اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي لَبِسَ الْعِزَّ وَ الْكِبْرِيَاءَ وَ اخْتَارَهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ خَلْقِهِ ، وَ جَعَلَهُمَا حِمىً وَ حَرَماً عَلى غَيْرِهِ ، وَ اصْطَفَاهُمَا لِجَلاَلِهِ ، وَ جَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلى مَنْ نَازَعَهُ فيهِمَا مِنْ عِبَادِهِ . ثُمَّ اخْتَبَرَ
[ 7 ] من : عباد إلى : واعظ ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 90 .
[ 8 ] من : الحمد إلى آخر الخطبة ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 192 .
[ 1 ] راح . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 216 .
[ 2 ] رويّ . ورد في نسخة العطاردي ص 207 عن هامش نسخة موجودة في مكتبة مدرسة نواب في مدينة مشهد .
[ 3 ] أنّه . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 61 . و نسخة نصيري ص 36 . و نسخة الآملي ص 60 . و نسخة الأسترابادي ص 95 .
و نسخة عبده ص 211 . و نسخة الصالح ص 123 . و نسخة العطاردي ص 89 .
[ 4 ] يعنه اللّه سبحانه . ورد في
-----------
( 1 ) الشورى ، 25 .
[ 6 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 2 ص 698 . باختلاف بين المصادر .
[ 134 ]
بِذَلِكَ مَلاَئِكَتَهُ الْمُقَرَّبينَ ، لِيَميزَ الْمُتَوَاضِعينَ مِنْهُمْ مِنَ الْمُتَكَبِّرينَ [ 1 ] ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ هُوَ الْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ الْقُلُوبِ وَ مَحْجُوبَاتِ الْغُيُوبِ : إِنّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فيهِ مِنْ رُوحي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدينَ فَسَجَدَ الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْليسَ 1 ، اعْتَرَضَتْهُ الْحَمِيَّةُ ،
فَافْتَخَرَ عَلى آدَمَ بِخَلْقِهِ ، وَ تَعَصَّبَ عَلَيْهِ لأَصْلِهِ .
فَعَدُوُّ اللَّهِ إِمَامُ الْمُتَعَصِّبينَ ، وَ سَلَفُ الْمُسْتَكْبِرينَ ، الَّذي وَضَعَ أَسَاسَ الْعَصَبِيَّةِ ، وَ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَ الْجَبْرِيَّةِ ، وَ ادَّرَعَ لِبَاسَ التَّعَزُّزِ ، وَ خَلَعَ قِنَاعَ التَّذَلُّلِ .
أَلاَ تَرَوْنَ كَيْفَ صَغَّرَهُ اللَّهُ بِتَكَبُّرِهِ ، وَ وَضَعَهُ بِتَرَفُّعِهِ ، فَجَعَلَهُ فِي الدُّنْيَا مَدْحُوراً ، وَ أَعَدَّ لَهُ فِي الآخِرَةِ سَعيراً .
وَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ مِنْ نُورٍ يَخْطَفُ الأَبْصَارَ ضِيَاؤُهُ ، وَ يَبْهَرُ الْعُقُولَ رُوَاؤُهُ ، وَ طيبٍ يَأْخُذُ الأَنْفَاسَ عَرْفُهُ ، لَفَعَلَ ، وَ لَوْ فَعَلَ لَظَلَّتِ الأَعْنَاقُ لَهُ [ 3 ] خَاضِعَةً ، وَ لَخَفَّتِ الْبَلْوى فيهِ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ .
وَ لكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَبْتَلي خَلْقَهُ بِبَعْضِ مَا يَجْهَلُونَ أَصْلَهُ ، تَمْييزاً بِالاِخْتِبَارِ لَهُمْ ، وَ نَفْياً لِلاِسْتِكْبَارِ عَنْهُمْ ، وَ إِبْعَاداً لِلْخُيَلاَءِ مِنْهُمْ .
فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ بِإِبْليسَ ، إِذْ أَحْبَطَ عَمَلَهُ الطَّويلَ ، وَ جُهْدَهُ الْجَهيدَ الْجَميلَ [ 4 ] ،
وَ كَانَ قَدْ عَبَدَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى [ 5 ] سِتَّةَ آلاَفِ سَنَةٍ ، لاَ يُدْرى أَمِنْ سِنِيِّ الدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِيِّ الآخِرَةِ ، عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ .
فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْليسَ يَسْلَمُ عَلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَعْصِيَتِهِ ؟ .
كَلاَّ ، مَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِيُدْخِلَ الْجَنَّةَ بَشَراً بِأَمْرٍ أَخْرَجَ بِهِ مِنْهَا مَلَكاً .
إِنَّ حُكْمَهُ في أَهْلِ السَّمَاءِ وَ أَهْلِ الأَرْضِ لَوَاحِدٌ ، وَ مَا بَيْنَ اللَّهِ وَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ هَوَادَةٌ في إِبَاحَةِ حِمىً حَرَّمَهُ عَلَى الْعَالَمينَ .
[ 1 ] المستكبرين . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 252 . و نسخة الأسترابادي ص 289 .
-----------
( 1 ) الشورى ، 25 .
[ 3 ] له الأعناق . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 181 . و نسخة نصيري ص 117 . و نسخة الأسترابادي ص 290 . و نسخة عبده ص 420 و نسخة الصالح ص 286 . و نسخة العطاردي ص 288 .
[ 4 ] ورد في
[ 5 ] تعالى و تقدّس . ورد في نسخة الأسترابادي ص 290 .
[ 135 ]
فَاحْذَرُوا ، عِبَادَ اللَّهِ ، عَدُوَّ اللَّهِ إِبْليسَ [ 1 ] أَنْ يُعْدِيَكُمْ بِدَائِهِ ، وَ أَنْ يَسْتَفِزَّكُمْ بِنِدَائِهِ ، وَ أَنْ يُجْلِبَ عَلَيْكُمْ بِخَيْلِهِ وَ رَجِلِهِ .
فَلَعَمْري لَقَدْ فَوَّقَ لَكُمْ سَهْمَ الْوَعيدِ ، وَ أَغْرَقَ إِلَيْكُمْ [ 2 ] بِالنَّزْعِ الشَّديدِ ، وَ رَمَاكُمْ مِنْ مَكَانٍ قَريبٍ ،
وَ قَالَ : رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَني لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَ لأُغْويَنَّهُمْ أَجْمَعينَ 1 .
قَذْفاً بِغَيْبٍ بَعيدٍ ، وَ رَجْماً بِظَنٍّ مُصيبٍ [ 4 ] ، صَدَّقَهُ بِهِ أَبْنَاءُ الْحَمِيَّةِ ، وَ إِخْوَانُ الْعَصَبِيَّةِ ،
وَ فُرْسَانُ الْكِبْرِ وَ الْجَاهِلِيَّةِ .
حَتَّى إِذَا انْقَادَتْ لَهُ الْجَامِحَةُ مِنْكُمْ ، وَ اسْتَحْكَمَتِ الطَّمَاعِيَةُ مِنْهُ فيكُمْ ، فَنَجَمَتْ فيهِ الْحَالُ مِنَ السِّرِّ الْخَفِيِّ إِلَى الأَمْرِ الْجَلِيِّ ، اسْتَفْحَلَ سُلْطَانُهُ عَلَيْكُمْ ، وَ دَلَفَ بِجُنُودِهِ نَحْوَكُمْ ، فَأَقْحَمُوكُمْ وَ لَجَاتِ الذُّلِّ ، وَ أَحَلُّوكُمْ وَ رَطَاتِ الْقَتْلِ [ 5 ] ، وَ أَوْطَؤُوكُمْ إِتْخَانَ الْجِرَاحَةِ ، طَعْناً في عُيُونِكُمْ ، وَ حَزّاً في حُلُوقِكُمْ ، وَ دَقّاً لِمَنَا خِرِكُمْ ، وَ قَصْداً لِمَقَاتِلِكُمْ ، وَ سَوْقاً بِخَزَائِمِ الْقَهْرِ إِلَى النَّارِ الْمُعَدَّةِ لَكُمْ ، فَأَصْبَحَ أَعْظَمَ في دينِكُمْ جَرْحاً ، وَ أَوْرى في دُنْيَاكُمْ قَدْحاً ، مِنَ الَّذينَ أَصْبَحْتُمْ لَهُمْ مُنَاصِبينَ ، وَ عَلَيْهِمْ مُتَأَلِّبينَ .
فَاجْعَلُوا عَلَيْهِ حَدَّكُمْ ، وَ لَهُ جِدَّكُمْ ، فَلَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ فَخَرَ عَلى أَصْلِكُمْ ، وَ وَقَعَ في حَسَبِكُمْ ، وَ دَفَعَ في نَسَبِكُمْ ، وَ أَجْلَبَ بِخَيْلِهِ عَلَيْكُمْ ، وَ قَصَدَ بِرَجِلِهِ سَبيلَكُمْ ، يَقْتَنِصُونَكُمْ بِكُلِّ مَكَانٍ ، وَ يَضْرِبُونَ مِنْكُمْ كُلَّ بَنَانٍ ، وَ لاَ تَمْتَنِعُونَ بِحيلَةٍ ، وَ لاَ تَدْفَعُونَ بِعَزيمَةٍ في حَوْمَةِ ذُلٍّ ، وَ حَلْقَةِ ضيقٍ ، وَ عَرْصَةِ مَوْتٍ ،
وَ جَوْلَةِ بَلاَءٍ .
فَأَطْفِئُوا مَا كَمَنَ في قُلُوبِكُمْ مِنْ نيرَانِ الْعَصَبِيَّةِ ، وَ أَحْقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَإِنَّمَا تِلْكَ الْحَمِيَّةُ تَكُونُ فِي الْمُسْلِمِ مِنْ خَطَرَاتِ الشَّيْطَانِ وَ نَخَوَاتِهِ ، وَ نَزَغَاتِهِ وَ نَفَثَاتِهِ ، وَ اعْتَمِدُوا [ 6 ] وَضْعَ التَّذَلُّلِ عَلى رُؤُوسِكُمْ ، وَ إِلْقَاءَ التَّعَزُّزِ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ ، وَ خَلْعَ التَّكَبُّرِ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ .
[ 1 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 145 .
[ 2 ] لكم . ورد في نسخة العام 400 ص 254 . و نسخة ابن المؤدب ص 181 . و نسخة نصيري ص 118 . و نسخة الآملي ص 218 .
و نسخة ابن أبي المحاسن ص 253 . و نسخة الأسترابادي ص 291 . و متن منهاج البراعة ج 11 ص 281 . و نسخة عبده ص 240 .
و نسخة العطاردي ص 289 .
-----------
( 1 ) الحجر ، 39 .
[ 4 ] غير مصيب . ورد في هامش نسخة ابن المؤدب ص 181 . و هامش نسخة نصيري ص 118 . و نسخة الآملي ص 218 و نسخة ابن أبي المحاسن ص 253 . و نسخة الأسترابادي ص 291 . و نسخة الصالح ص 287 . و نسخة العطاردي ص 289 .
[ 5 ] القلّ . ورد في نسخة نصيري ص 118 .
[ 6 ] اعتهدوا . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 255 .
[ 136 ]
وَ اتَّخِذُوا التَّوَاضُعَ مَسْلَحَةً بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ عَدُوِّكُمْ إِبْليسَ وَ جُنُودِهِ ، فَإِنَّ لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ جُنُوداً وَ أَعْوَاناً ، وَ رَجْلاً وَ فُرْسَاناً .
وَ لاَ تَكُونُوا كَالْمُتَكَبِّرِ عَلَى ابْنِ أُمِّهِ مِنْ غَيْرِ مَا فَضْلٍ جَعَلَهُ اللَّهُ فيهِ ، سِوى مَا أَلْحَقَتِ الْعَظَمَةُ بِنَفْسِهِ مِنْ عَدَاوَةِ الْحَسَدِ وَ الْحَسَبِ ، وَ قَدَحَتِ الْحَمِيَّةُ في قَلْبِهِ مِنْ نَارِ الْغَضَبِ ، وَ نَفَخَ الشَّيْطَانُ في أَنْفِهِ مِنْ ريحِ الْكِبْرِ ، الَّذي أَعْقَبَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهِ النَّدَامَةَ ، وَ أَلَزَمَهُ آثَامَ الْقَاتِلينَ [ 1 ] إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
أَلاَ وَ قَدْ أَمْعَنْتُمْ فِي الْغَيِّ [ 2 ] ، وَ أَفْسَدْتُمْ فِي الأَرْضِ ، مُصَارَحَةً للَّهِ بِالْمُنَاصَبَةِ ، وَ مُبَارَزَةً لِلْمُؤْمِنينَ بِالْمُحَارَبَةِ .
فَاللَّهَ اللَّهَ في كِبْرِ الْحَمِيَّةِ ، وَ فَخْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَإِنَّهُ مَلاَقِحُ الشَّنَآنِ ، وَ مَنَافِخُ الشَّيْطَانِ ، الَّتي خَدَعَ بِهَا الأُمَمَ الْمَاضِيَةَ ، وَ الْقُرُونَ الْخَالِيَةَ ، حَتَّى أَعْنَقُوا في حَنَادِسِ جَهَالَتِهِ ، وَ مَهَاوي ضَلاَلَتِهِ ،
ذُلُلاً عَنْ سِيَاقِهِ ، سُلُساً في قِيَادِهِ ، أَمْراً تَشَابَهَتِ الْقُلُوبُ فيهِ ، وَ تَتَابَعَتِ الْقُرُونُ عَلَيْهِ ، وَ كِبْراً تَضَايَقَتِ الصُّدُورُ بِهِ .
أَلاَ فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ طَاعَةِ سَادَاتِكُمْ وَ كُبَرَائِكُمُ ، الَّذينَ تَكَبَّرُوا عَلى حَسَبِهِمْ ، وَ تَرَفَّعُوا فَوْقَ نَسَبِهِمْ ، وَ أَلْقَوُا الْهَجينَةَ [ 3 ] عَلى رَبِّهِمْ ، وَ جَاحَدُوا اللَّهَ عَلى مَا صَنَعَ بِهِمْ ، مُكَابَرَةً لِقَضَائِهِ ، وَ مُغَالَبَةً لآلاَئِهِ ، فَإِنَّهُمْ قَوَاعِدُ أَسَاسِ الْعَصَبِيَّةِ ، وَ دَعَائِمُ أَرْكَانِ الْفِتْنَةِ ، وَ سُيُوفُ اعْتِزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ .
فَاتَّقُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ [ 4 ] وَ لاَ تَكُونُوا لِنِعَمِهِ عَلَيْكُمْ أَضْدَاداً ، وَ لاَ لِفَضْلِهِ عِنْدَكُمْ حُسَّاداً ، وَ لاَ تُطيعُوا الأَدْعِيَاءَ الَّذينَ شَرِبْتُمْ بِصَفْوِكُمْ كَدَرَهُمْ ، وَ خَلَطْتُمْ بِصِحَّتِكُمْ مَرَضَهُمْ ، وَ أَدْخَلْتُمْ في حَقِّكُمْ بَاطِلَهُمْ ، وَ هُمْ أَسَاسُ الْفُسُوقِ ، وَ أَحْلاَسُ الْعُقُوقِ .
إِتَّخَذَهُمْ إِبْليسُ مَطَايَا ضَلاَلٍ ، وَ جُنْداً بِهِمْ يَصُولُ عَلَى النَّاسِ ، وَ تَرَاجِمَةً يَنْطِقُ عَلى
[ 1 ] القائلين . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 255 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 255 .
[ 2 ] البغي . ورد في نسخة العام 400 ص 255 . و نسخة ابن المؤدب ص 182 . و نسخة نصيري ص 118 . و نسخة الآملي ص 219 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 255 . و متن منهاج البراعة ج 11 ص 298 . و نسخة عبده ص 422 . و نسخة الصالح ص 298 .
[ 3 ] الهجنة . ورد في هامش نسخة ابن المؤدب ص 183 . و نسخة نصيري ص 119 . و هامش نسخة الآملي ص 219 . و هامش نسخة الأسترابادي ص 294 .
[ 4 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 2 ص 804 .
[ 137 ]
أَلْسِنَتِهِمُ ، اسْتِرَاقاً لِعُقُولِكُمْ ، وَ دُخُولاً في عُيُونِكُمْ ، وَ نَفْثاً [ 1 ] في أَسْمَاعِكُمْ ، فَجَعَلَكُمْ مَرْمى نَبْلِهِ ،
وَ مَوْطِئَ قَدَمِهِ ، وَ مَأْخَذَ يَدِهِ .
فَاعْتَبِرُوا بِمَا أَصَابَ الأُمَمَ الْمُسْتَكْبِرينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ، مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وَ صَوْلاَتِهِ ، وَ وَقَائِعِهِ وَ مَثُلاَتِهِ ،
وَ اتَّعِظُوا بِمَثَاوي خُدُودِهِمْ ، وَ مَصَارِعِ جُنُوبِهِمْ .
وَ اسْتَعيذُوا بِاللَّهِ مِنْ لَوَاقِحِ الْكِبْرِ ، كَمَا تَسْتَعيذُونَهُ [ 2 ] مِنْ طَوَارِقِ الدَّهْرِ ، وَ اسْتَعِدُّوا لِمُجَاهَدَتِهِ حَسَبَ الطَّاقَةِ [ 3 ] .
فَلَوْ رَخَّصَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ [ 4 ] فِي الْكِبْرِ لأَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ لَرَخَّصَ فيهِ لِخَاصَّةِ أَنْبِيَائِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ ، وَ لكِنَّهُ سُبْحَانَهُ كَرَّهَ إِلَيْهِمُ التَّكَابُرَ [ 5 ] ، وَ رَضِيَ لَهُمُ التَّوَاضُعَ ، فَأَلْصَقُوا بِالأَرْضِ خُدُودَهُمْ ، وَ عَفَّرُوا فِي التُّرَابِ وُجُوهَهُمْ ، وَ خَفَضُوا أَجْنِحَتَهُمْ لِلْمُؤْمِنينَ ، وَ كَانُوا أَقْوَاماً [ 6 ] مُسْتَضْعَفينَ .
قَدِ اخْتَبَرَهُمُ اللَّهُ بِالْمَخْمَصَةِ ، وَ ابْتَلاَهُمْ بِالْمَجْهَدَةِ ، وَ امْتَحَنَهُمْ بِالْمَخَاوِفِ ، وَ مَخَضَهُمْ [ 7 ] بِالْمَكَارِهِ .
فَلاَ تَعْتَبِرُوا الرِّضَا وَ السَّخَطَ بِالْمَالِ وَ الْوَلَدِ ، جَهْلاً بِمَوَاقِعِ الْفِتْنَةِ وَ الاِخْتِبَارِ ، في مَوَاضِعِ الْغِنى وَ الاِقْتِدَارِ ، فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى : أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَ بَنينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لاَ يَشْعُرُونَ 1 .
فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ الْمُسْتَكْبِرينَ في أَنْفُسِهِمْ بِأَوْلِيَائِهِ الْمُسْتَضْعَفينَ
[ 1 ] ثنا مثل الثناء إلاّ أنه في الخير و الشرّ جميعا و الثناء في الخير خاصة ورد في . و ورد نثأ في هامش نسخة نصيري ص 119 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 256 . و نسخة العطاردي ص 291 عن شرح السرخسي . و ورد نثّا في هامش نسخة الأسترابادي ص 295 . و نسخة العطاردي ص 291 .
[ 2 ] تستعيذون به . ورد في نسخة العام 400 ص 257 . و نسخة الأسترابادي ص 295 . و نسخة العطاردي ص 291 عن نسخة موجودة في مكتبة مدرسة نواب في مدينة مشهد .
[ 3 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 138 .
[ 4 ] ورد في المصدر السابق ج 2 ص 606 .
[ 5 ] التّكاثر . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 183 . و هامش نسخة نصيري ص 119 .
[ 6 ] قوما . ورد في نسخة نصيري ص 119 . و نسخة الصالح ص 290 .
[ 7 ] محّصهم . ورد في هامش نسخة ابن المؤدب ص 184 . و متن شرح ابن أبي الحديد ج 13 ص 151 . و نسخة الأسترابادي ص 295 . و نسخة العطاردي ص 292 عن شرح السرخسي . و ورد محّضهم في نسخة نصيري ص 119 . و نسخة العطاردي ص 292 عن نسخة موجودة في مكتبة مدرسة نواب في مدينة مشهد ، و عن شرح الكيذري .
-----------
( 1 ) المؤمنون ، 56 .
[ 138 ]
في أَعْيُنِهِمْ .
وَ لَقَدْ دَخَلَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ وَ مَعَهُ أَخُوهُ هَارُونُ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ عَلى فِرْعَوْنَ وَ عَلَيْهِمَا مَدَارِعُ الصُّوفِ ، وَ بِأَيْدِيهِمَا الْعِصِيُّ ، فَشَرَطَا لَهُ ، إِنْ أَسْلَمَ ، بَقَاءَ مُلْكِهِ وَ دَوَامَ عِزِّهِ .
فَقَالَ : أَلاَ تَعْجَبُونَ مِنْ هذَيْنِ ، يَشْرِطَانِ [ 1 ] لي دَوَامَ الْعِزِّ وَ بَقَاءَ الْمُلْكِ ، وَ هُمَا بِمَا تَرَوْنَ مِنْ حَالِ الْفَقْرِ وَ الذُّلِّ .
فَهَلاَّ أُلْقِيَ عَلَيْهِمَا أَسَاوِرَةٌ [ 2 ] مِنْ ذَهَبٍ ؟ . إِعْظَاماً لِلذَّهَبِ وَ جَمْعِهِ ، وَ احْتِقَاراً للصُّوفِ وَ لُبْسِهِ .
وَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَنْبِيَائِهِ ، حَيْثُ بَعَثَهُمْ ، أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ الذُّهْبَانِ ، وَ مَعَادِنَ الْعِقْيَانِ [ 3 ] ، وَ مَغَارِسَ الْجِنَانِ ، وَ أَنْ يَحْشُرَ مَعَهُمْ طُيُورَ السَّمَاءِ ، وَ وُحُوشَ الأَرَضينَ [ 4 ] ، لَفَعَلَ .
وَ لَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلاَءُ ، وَ بَطَلَ الْجَزَاءُ ، وَ اضْمَحَلَّتِ الأَنْبَاءُ [ 5 ] ، وَ لَمَا وَجَبَ لِلْقَابِلينَ أُجُورُ الْمُبْتَلينَ ، وَ لاَ اسْتَحَقَّ الْمُؤْمِنُونَ ثَوَابَ الْمُحْسِنينَ ، وَ لاَ لَزِمَتِ الأَسْمَاءُ أَهَاليهَا عَلى [ 6 ] مَعَانيهَا .
وَ كَذَلِكَ لَوْ أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعينَ 1 ، وَ لَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلْوى عَنِ النَّاسِ أَجْمَعينَ [ 8 ] .
وَ لكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ رُسُلَهُ أُولي قُوَّةٍ في عَزَائِمِ نِيّاتِ [ 9 ] هِمْ ، وَضَعَفَةً فيمَا تَرَى الأَعْيُنُ مِنْ حَالاَتِهِمْ ، مَعَ قَنَاعَةٍ تَمْلأُ الْقُلُوبَ وَ الْعُيُونَ غِنىً ، وَ خَصَاصَةٍ تَمْلأُ الأَبْصَارَ وَ الأَسْمَاعَ أَذىً .
وَ لَوْ كَانِتِ الأَنْبِيَاءُ أَهْلَ قُوَّةٍ لاَ تُرَامُ ، وَ عِزَّةٍ لاَ تُضَامُ ، وَ مُلْكٍ تُمَدُّ [ 10 ] نَحْوَهُ أَعْنَاقُ الرِّجَالِ ، وَ تُشَدُّ إِلَيْهِ عُقَدُ الرِّحَالِ ، لَكَانَ ذَلِكَ أَهْوَنَ عَلَى الْخَلْقِ فِي الاِعْتِبَارِ [ 11 ] ، وَ أَبْعَدَ لَهُمْ فِي [ 12 ] الاِسْتِكْبَارِ [ 13 ] ،
[ 1 ] يشترطان . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 258 .
[ 2 ] أسورة . ورد في
[ 3 ] البلدان . ورد في الكافي للكليني ج 4 ص 198 . و منهاج البراعة للخوئي ج 11 ص 346 .
[ 4 ] طير السّماء ، و وحش الأرض . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 258 .
[ 5 ] اضمحلّ الأبناء . ورد في نسخة و ورد الابتلاء . في الكافي ج 4 ص 198 . و منهاج البراعة ج 11 ص 346 .
[ 6 ] ورد في المصدرين السابقين .
-----------
( 1 ) الشعراء ، 4 .
[ 8 ] ورد في الكافي للكليني ج 4 ص 198 . و منهاج البراعة للخوئي ج 11 ص 346 .
[ 9 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 10 ] تمتدّ . ورد في نسخة نصيري ص 120 . و نسخة عبده ص 426 . و نسخة العطاردي ص 293 .
[ 11 ] الاختبار . ورد في الكافي للكليني ج 4 ص 199 . و منهاج البراعة للخوئي ج 11 ص 346 .
[ 12 ] من . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 185 . و نسخة نصيري ص 120 . و نسخة الآملي ص 221 . و نسخة العطاردي ص 293 .
[ 13 ] الاستكثار . ورد في .
[ 139 ]
وَ لآمَنُوا عَنْ رَهْبَةٍ قَاهِرَةٍ لَهُمْ ، أَوْ رَغْبَةٍ مَائِلَةٍ بِهِمْ ، فَكَانَتِ النِّيَّاتُ مُشْتَرَكَةً ، وَ الْحَسَنَاتُ مُقْتَسَمَةً .
وَ لكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الاِتِّبَاعُ لِرُسُلِهِ ، وَ التَّصْديقُ بِكُتُبِهِ ، وَ الْخُشُوعُ لِوَجْهِهِ ،
وَ الاِسْتِكَانَةُ لأَمْرِهِ ، وَ الاِسْتِسْلاَمُ لِطَاعَتِهِ ، أُمُوراً لَهُ خَاصَّةً ، لاَ تَشُوبُهَا مِنْ غَيْرِهَا شَائِبَةٌ .
وَ كُلَّمَا كَانَتِ الْبَلْوى وَ الاِخْتِبَارُ أَعْظَمَ كَانَتِ الْمَثُوبَةُ وَ الْجَزَاءُ أَجْزَلَ .
أَلاَ تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ اخْتَبَرَ الأَوَّلينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ [ 1 ] إِلَى الآخِرينَ مِنْ هذَا الْعَالَمِ بِأَحْجَارٍ لاَ تَضُرُّ وَ لاَ تَنْفَعُ ، وَ لاَ تُبْصِرُ وَ لاَ تَسْمَعُ ، فَجَعَلَهَا بَيْنَهُ الْحَرَامَ الَّذي جَعَلَهُ لِلنَّاسِ قِيَاماً .
ثُمَّ وَضَعَهُ بِأَوْعَرِ بِقَاعِ الأَرْضِ حَجَراً ، وَ أَقَلِّ نَتَائِقِ الدُّنْيَا مَدَراً ، وَ أَضْيَقِ بُطُونِ الأَوْديَةِ قُطْراً ،
وَ أَغْلَظِ مَحَالِّ الْمُسْلِمينَ مِيَاهاً [ 2 ] ، بَيْنَ جِبَالٍ خَشِنَةٍ ، وَ رِمَالٍ دَمِثَةٍ ، وَ عُيُونٍ وَ شِلَةٍ ، وَ قُرىً مُنْقَطِعَةٍ ،
وَ أَثَرٍ مِنْ مَوَاضِعِ قَطْرِ السَّمَاءِ دَاثِرٍ [ 3 ] ، لاَ يَزْكُو بِهَا خُفٌّ وَ لاَ حَافِرٌ وَ لاَ ظِلْفٌ .
ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ وَلَدَهُ أَنْ يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ [ 4 ] نَحْوَهُ ، فَصَارَ مَثَابَةً لِمُنْتَجَعِ أَسْفَارِهِمْ ،
وَ غَايَةً لِمُلْقى رِحَالِهِمْ .
تَهْوي إِلَيْهِ ثِمَارُ الأَفْئِدَةِ مِنْ مَفَاوِزِ قِفَارٍ سَحيقَةٍ ، وَ مَهَاوي فِجَاجٍ عَميقَةٍ ، وَ جَزَائِرِ بِحَارٍ مُنْقَطِعَةٍ ، حَتَّى يَهُزُّوا مَنَاكِبَهُمْ ذُلُلاً ، يُهَلِّلُونَ للَّهِ حَوْلَهُ ، وَ يَرْمُلُونَ [ 5 ] عَلى أَقْدَامِهِمْ شُعْثاً غُبْراً لَهُ ، قَدْ نَبَذُوا الْقُنَعَ وَ [ 6 ] السَّرَابيلَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ، وَ شَوَّهُوا بِإِعْفَاءِ الشُّعُورِ مَحَاسِنَ خَلْقِهِمْ ، ابْتِلاَءً عَظيماً ، وَ امْتِحَاناً شَديداً ، وَ اخْتِبَاراً مُبيناً [ 7 ] ، وَ تَمْحيصاً بَليغاً .
جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالى سَبَباً لِرَحْمَتِهِ ، وَ عِلَّةً لِمَغْفِرَتِهِ [ 8 ] ، وَ وُصْلَةً [ 9 ] إِلى جَنَّتِهِ .
[ 1 ] عليه السّلام . ورد في نسخة نصيري ص 120 . و نسخة الأسترابادي ص 298 . و ورد صلّى اللّه عليه و سلّم في نسخة ابن أبي المحاسن ص 258 .
[ 2 ] ورد في الكافي للكليني ج 4 ص 199 . و منهاج البراعة للخوئي ج 11 ص 347 .
[ 3 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 4 ] أغطافهم . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 260 .
[ 5 ] يزملون . ورد في المصدر السابق .
[ 6 ] ورد في الكافي للكليني ج 4 ص 199 . و منهاج البراعة للخوئي ج 11 ص 347 .
[ 7 ] مهينا . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 260 .
[ 8 ] ورد في الكافي للكليني ج 4 ص 200 . و منهاج البراعة للخوئي ج 11 ص 347 .
[ 9 ] وسيلة . ورد في المصدرين السابقين .
[ 140 ]
وَ لَوْ أَرَادَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَضَعَ بَيْتَهُ الْحَرَامَ ، وَ مَشَاعِرَهُ الْعِظَامَ ، بَيْنَ جَنَّاتٍ وَ أَنْهَارٍ ، وَ سَهْلٍ وَ قَرَارٍ ، جَمِّ الأَشْجَارِ ، دَانِي الثِّمَارِ ، مُلْتَفِّ الْبُنى ، مُتَّصِلِ الْقُرى ، بَيْنَ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ ، وَ رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ ،
وَ أَرْيَافٍ مُحْدِقَةٍ ، وَ عِرَاصٍ مُغْدِقَةٍ ، وَ زُرُوعٍ [ 1 ] نَاضِرَةٍ ، وَ طُرُقٍ عَامِرَةٍ ، وَ حَدَائِقَ كَثيرَةٍ [ 2 ] ، لَكَانَ قَدْ صَغُرَ [ 3 ] قَدْرُ الْجَزَاءِ عَلى حَسَبِ ضَعْفِ الْبَلاَءِ .
وَ لَوْ كَانَ الإِسَاسُ الْمَحْمُولُ عَلَيْهَا ، وَ الأَحْجَارُ الْمَرْفُوعُ بِهَا ، مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ ، وَ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ ، وَ نُورٍ وَ ضِيَاءٍ ، لَخَفَّفَ ذَلِكَ مُصَارَعَةَ [ 4 ] الشَّكِّ فِي الصُّدُورِ ، وَ لَوَضَعَ مُجَاهَدَةَ إِبْليسَ عَنِ الْقُلُوبِ ، وَ لَنَفى مُعْتَلَجَ الرَّيْبِ مِنَ النَّاسِ .
وَ لكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ بِأَنْوَاعِ الشَّدَائِدِ ، وَ يَتَعَبَّدُهُمْ بِأَلْوَانِ الْمَجَاهِدِ ، وَ يَبْتَليهِمْ بِضُرُوبِ الْمَكَارِهِ ، إِخْرَاجاً لِلتَّكَبُّرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ ، وَ إِسْكَاناً لِلتَّذَلُّلِ في نُفُوسِهِمْ ، وَ لِيَجْعَلَ ذَلِكَ أَبْوَاباً فُتُحاً إِلى فَضْلِهِ ، وَ أَسْبَاباً ذُلُلاً لِعَفْوِهِ كَمَا قَالَ : اَلَم . أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لاَ يُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبينَ [ 5 ] .
فَاللَّهَ اللَّهَ في عَاجِلِ الْبَغْيِ ، وَ آجِلِ وَ خَامَةِ الظُّلْمِ ، وَ سُوءِ عَاقِبَةِ الْكِبْرِ ، فَإِنَّهَا مَصْيَدَةُ إِبْليسَ الْعُظْمى ، وَ مَكيدَتُهُ الْكُبْرَى ، الَّتي تُسَاوِرُ قُلُوبَ الرِّجَالِ مُسَاوَرَةَ السُّمُومِ الْقَاتِلَةِ ، فَمَا تُكْدي أَبَداً ،
وَ لاَ تُشْوي أَحَداً ، لاَ عَالِماً لِعِلْمِهِ ، وَ لاَ مُقِلاً في طِمْرِهِ .
وَ عَنْ ذَلِكَ مَا حَرَسَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنينَ بِالصَّلاَةِ وَ الزَّكَاةِ [ 6 ] ، وَ مُجَاهَدَةِ الصِّيَامِ فِي الأَيَّامِ الْمَفْرُوضَاتِ ، تَسْكيناً لأَطْرَافِهِمْ ، وَ تَخْشيعاً لأَبْصَارِهِمْ ، وَ تَذْليلاً لِنُفُوسِهِمْ ، وَ تَخْفيضاً [ 7 ] لِقُلُوبِهِمْ ،
وَ إِذْهَاباً لِلْخُيَلاَءِ عَنْهُمْ ، لِمَا في ذَلِكَ مِنْ تَعْفيرِ عِتَاقِ [ 8 ] الْوُجُوهِ بِالتُّرَابِ تَوَاضُعاً ، وَ إِلْصَاقِ كَرَائِمِ
[ 1 ] رياض . ورد في نسخة عبده ص 428 . و نسخة الصالح ص 293 .
[ 2 ] ورد في الكافي للكليني ج 4 ص 200 . و منهاج البراعة للخوئي ج 11 ص 347 .
[ 3 ] صغّر . ورد في نسخة العام 400 ص 260 . و نسخة نصيري ص 121 . و نسخة الآملي ص 223 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 259 . و نسخة الأسترابادي ص 299 . و نسخة العطاردي ص 294 .
[ 4 ] مضارعة . ورد في نسخة العام 400 ص 261 . و نسخة ابن المؤدب ص 186 . و نسخة نصيري ص 121 . و هامش نسخة الآملي ص 223 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 260 . و ورد مسارعة في نسخة عبده ص 428 .
[ 5 ] العنكبوت ، 2 و 3 . و وردت الفقرة في الكافي للكليني ج 4 ص 200 . و منهاج البراعة للخوئي ج 11 ص 347 .
[ 6 ] بالصّلوات و الزّكوات . ورد في نسخة العام 400 ص 261 . و نسخة ابن المؤدب ص 186 . و نسخة نصيري ص 121 .
و نسخة الآملي ص 223 . و نسخة عبده ص 429 . و نسخة الصالح ص 294 . و نسخة العطاردي ص 295 .
[ 7 ] تخضيعا . ورد في
[ 8 ] عنائق . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 261 .
[ 141 ]
الْجَوَارِحِ بِالأَرْضِ تَصَاغُراً ، وَ لُحُوقِ الْبُطُونِ بِالْمُتُونِ مِنَ الصِّيَامِ تَذَلُّلاً ، مَعَ مَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ صَرْفِ ثَمَرَاتِ الأَرْضِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ إِلى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ الْفَقْرِ .
أُنْظُرُوا [ 1 ] إِلى مَا في هذِهِ الأَفْعَالِ [ 2 ] مِنْ قَمْعِ نَوَاجِمِ الْفَخْرِ ، وَ قَدْعِ [ 3 ] طَوَالِعِ الْكِبْرِ .
وَ لَقَدْ نَظَرْتُ فَمَا وَجَدْتُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمينَ يَتَعَصَّبُ لِشَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ إِلاَّ عَنْ عِلَّةٍ تَحْتَمِلُ تَمْويهَ الْجُهَلاَءِ ، أَوْ حُجَّةٍ تَليطُ بِعُقُولِ السُّفَهَاءِ ، غَيْرَكُمْ ، فَإِنَّكُمْ تَتَعَصَّبُونَ لأَمْرٍ مَا يُعْرَفُ لَهُ سَبَبٌ وَ لاَ عِلَّةٌ .
أَمَّا إِبْليسُ فَتَعَصَّبَ عَلى آدَمَ لأَصْلِهِ ، وَ طَعَنَ عَلَيْهِ في خِلْقَتِهِ ، فَقَالَ : أَنَا نَارِيٌّ وَ أَنْتَ طينِيٌّ .
وَ أَمَّا الأَغْنِيَاءُ مِنْ مُتْرَفَةِ الأُمَمِ ، فَتَعَصَّبُوا لآثَارِ مَوَاقِعِ النِّعَمِ ، فَقَالُوا : نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَ أَوْلاَداً وَ مَا نَحْنُ بِمُعَذَّبينَ 1 .
فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ ، فَلْيَكُنْ تَعَصُّبُكُمْ لِمَكَارِمِ الأَخْلاقِ [ 5 ] ، وَ مَحَامِدِ الأَفْعَالِ ، وَ مَحَاسِنِ الأُمُورِ ، الَّتي تَفَاضَلَتْ فيهَا الْمُجَدَاءُ وَ النُّجَدَاءُ ، مِنْ بُيُوتَاتِ الْعَرَبِ ، وَ يَعَاسيبِ الْقَبَائِلِ ، بِالأَخْلاَقِ الرَّغيبَةِ ، وَ الأَحْلاَمِ الْعَظيمَةِ ، وَ الأَخْطَارِ الْجَليلَةِ ، وَ الآثَارِ الْمَحْمُودَةِ .
فَتَعَصَّبُوا لِخِلاَلِ الْحَمْدِ ، مِنَ الْحِفْظِ لِلْجِوَارِ ، وَ الْوَفَاءِ بِالذِّمَامِ ، وَ الطَّاعَةِ لِلْبِرِّ ، وَ الْمَعْصِيَةِ لِلْكِبْرِ ، وَ الأَخْذِ بِالْفَضْلِ ، وَ الْكَفِّ عَنِ الْبَغْيِ ، وَ الإِعْظَامِ لِلْقَتْلِ ، وَ الاِنْصَافِ لِلْخَلْقِ ، وَ الْكَظْمِ لِلْغَيْظِ ،
وَ اجْتِنَابِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ .
وَ احْذَرُوا مَا نَزَلَ بِالأُمَمِ قَبْلَكُمْ مِنَ الْمَثُلاَتِ ، بِسُوءِ الأَفْعَالِ ، وَ ذَميمِ الأَعْمَالِ ، فَتَذَكَّرُوا فِي الْخَيْرِ وَ الشَّرِّ أَحْوَالَهُمْ ، وَ احْذَرُوا أَنْ تَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ .
فَإِذَا تَفَكَّرْتُمْ في تَفَاوُتِ حَالَيْهِمْ ، فَالْزَمُوا كُلَّ أَمْرٍ لَزِمَتِ الْعِزَّةُ بِهِ حَالَهُمْ [ 6 ] ، وَ زَاحَتِ الأَعْدَاءُ
[ 1 ] فانظروا . ورد في نسخة نصيري ص 121 .
[ 2 ] الأحوال . ورد في نسخة العطاردي ص 295 عن نسخة موجودة في مكتبة ممتاز العلماء في لكنهور الهند .
[ 3 ] قلع . ورد في هامش نسخة الأسترابادي ص 300 .
-----------
( 1 ) سورة سبأ ، 35 .
[ 5 ] الخصال . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 187 . و نسخة نصيري ص 121 . و نسخة الآملي ص 224 . و نسخة عبده ص 430 .
و نسخة الصالح ص 295 . و نسخة العطاردي ص 296 . و ورد الخلال في هامش الآملي ص 224 .
[ 6 ] شأنهم . ورد في نسخة نصيري ص 122 . و نسخة عبده ص 431 . و نسخة الصالح ص 296 . و نسخة العطاردي ص 296 عن شرح فيض الإسلام .
[ 142 ]
لَهُ عَنْهُمْ ، وَ مُدَّتِ الْعَافِيَةُ بِهِ [ 1 ] عَلَيْهِمْ ، وَ انْقَادَتِ النَّعْمَةُ لَهُ مَعَهُمْ ، وَ وَصَلَتِ الْكَرَامَةُ عَلَيْهِ حَبْلَهُمْ ، مِنَ الاِجْتِنَابِ لِلْفُرْقَةِ ، وَ اللُّزُومِ لِلأُلْفَةِ ، وَ التَّحَاضِّ عَلَيْهَا ، وَ التَّوَاصي بِهَا ، وَ اجْتَنِبُوا كُلَّ أَمْرٍ كَسَرَ فِقْرَتَهُمْ ، وَ أَوْهَنَ مُنَّتَهُمْ ، مِنْ تَضَاغُنِ الْقُلُوبِ ، وَ تَشَاحُنِ الصُّدُورِ ، وَ تَدَابُرِ النُّفُوسِ ، وَ تَخَاذُلِ الأَيْدي .
وَ تَدَبَّرُوا أَحْوَالَ الْمَاضينَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ قَبْلَكُمْ ، كَيْفَ كَانُوا في حَالِ التَّمْحيصِ وَ الْبَلاَءِ .
أَلَمْ يَكُونُوا أَثْقَلَ الْخَلاَئِقِ أَعْبَاءً ، وَ أَجْهَدَ الْعِبَادِ بَلاَءً ، وَ أَضْيَقَ أَهْلِ الدُّنْيَا حَالاً ؟ .
إِتَّخَذَتْهُمُ الْفَرَاعِنَةُ عَبيداً ، فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ، وَ جَرَّعُوهُمْ جُرَعَ الْمُرَارَ ، فَلَمْ تَبْرَحِ الْحَالُ بِهِمْ في ذُلِّ الْهَلَكَةِ وَ قَهْرِ الْغَلَبَةِ ، لاَ يَجِدُونَ حيلَةً فِي امْتِنَاعٍ ، وَ لاَ سَبيلاً إِلى دِفَاعٍ .
حَتَّى إِذَا رَأَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ جِدَّ الصَّبْرِ مِنْهُمْ عَلَى الأَذى في مَحَبَّتِهِ ، وَ الاِحْتِمَالِ لِلْمَكْرُوهِ مِنْ خَوْفِهِ ، جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مَضَايِقِ الْبَلاَءِ فَرَجاً ، فَأَبْدَلَهُمُ الْعِزَّ مَكَانَ الذُّلِّ ، وَ الأَمْنَ مَكَانَ الْخَوْفِ ،
فَصَارُوا مُلُوكاً حُكَّاماً ، وَ أَئِمَّةً أَعْلاَماً ، وَ بَلَغَتِ الْكَرَامَةُ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ مَا لَمْ تَذْهَبِ [ 2 ] الآمَالُ إِلَيْهِ بِهِمْ .
فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانُوا حَيْثُ كَانَتِ الأَمْلاَءُ مُجْتَمِعَةً ، وَ الأَهْوَاءُ مُؤْتَلِفَةً [ 3 ] ، وَ الْقُلُوبُ مُعْتَدِلَةً ،
وَ الأَيْدي مُتَرَادِفَةً [ 4 ] ، وَ السُّيُوفُ مَتَنَاصِرَةً ، وَ الْبَصَائِرُ نَافِذَةً ، وَ الْعَزَائِمُ وَاحِدَةً ؟ .
أَلَمْ يَكُونُوا أَرْبَاباً في أَقْطَارِ الأَرَضينَ ، وَ مُلُوكاً عَلى رِقَابِ الْعَالَمينَ ؟ .
وَ انْظُرُوا إِلى مَا صَارُوا إِلَيْهِ في آخِرِ أُمُورِهِمْ ، حينَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ ، وَ تَشَتَّتَتِ الأُلْفَةُ ، وَ اخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ وَ الأَفْئِدَةُ ، وَ تَشَعَّبُوا مُخْتَلِفينَ ، وَ تَفَرَّقُوا مُتَحَارِبينَ ، قَدْ خَلَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِبَاسَ كَرَامَتِهِ ، وَ سَلَبَهُمْ غَضَارَةَ نِعْمَتِهِ ، وَ بَقَّى قَصَصَ أَخْبَارِهِمْ فيكُمْ ، عِبْرَةً لِلْمُعْتَبِرينَ مِنْكُمْ .
فَاعْتَبِرُوا بِحَالِ وُلْدِ إِسْمَاعيلَ ، وَ بَني إِسْحَاقَ ، وَ بَني إِسْرَائيلَ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ ، فَمَا أَشَدَّ اعْتِدَالَ الأَحْوَالِ ، وَ أَقْرَبَ اشْتِبَاهَ الأَمْثَالِ .
تَأَمَّلُوا أَمْرَهُمْ في حَالِ تَشَتُّتِهِمْ وَ تَفَرُّقِهِمْ ، لَيَالِيَ كَانَتِ الأَكَاسِرَةُ وَ الْقَيَاصِرَةُ أَرْبَاباً لَهُمْ ،
يَحْتَازُونَهُمْ عَنْ ريفِ الآفَاقِ ، وَ بَحْرِ الْعِرَاقِ ، وَ خُضْرَةِ الدُّنْيَا ، إِلى مَنَابِتِ الشّيحِ ، وَ مَهَافِي [ 5 ] الرّيحِ ،
وَ نَكَدِ الْمَعَاشِ ، فَتَرَكُوهُمْ عَالَةً مَسَاكينَ ، إِخْوَانَ دَبَرٍ وَ وَبَرٍ .
[ 1 ] فيه . ورد في نسخة العام 400 ص 263 . و نسخة ابن المؤدب ص 187 . و نسخة نصيري ص 122 . و نسخة الآملي ص 225 و نسخة ابن أبي المحاسن ص 262 . و نسخة الأسترابادي ص 302 . و نسخة عبده ص 431 . و نسخة العطاردي ص 296 .
[ 2 ] تبلغ . ورد في هامش نسخة الأسترابادي ص 303 . و نسخة عبده ص 432 .
[ 3 ] متّفقة . ورد في متن منهاج البراعة ج 11 ص 354 . و متن بهج الصباغة ج 11 ص 114 . و نسخة عبده ص 432 .
[ 4 ] مترافدة . ورد في نسخة نصيري ص 112 . و نسخة الآملي ص 225 .
[ 5 ] مهابّ . ورد في هامش نسخة ابن المؤدب ص 189 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 263 . و نسخة الأسترابادي ص 304 .
[ 143 ]
أَذَلَّ الأُمَمِ دَاراً ، وَ أَجْدَبَهُمْ قَرَاراً ، لاَ يَأْوُونَ إِلى جَنَاحِ دَعْوَةٍ يَعْتَصِمُونَ بِهَا ، وَ لاَ إِلى ظِلِّ أُلْفَةٍ يَعْتَمِدُونَ عَلى عِزِّهَا .
فَالأَحْوَالُ مُضْطَرِبَةٌ ، وَ الأَيْدي مُخْتَلِفَةٌ ، وَ الْكَثْرَةُ مُتَفَرِّقَةٌ ، في بَلاَءِ أَزْلٍ ، وَ أَطْبَاقِ جَهْلٍ ، مِنْ بَنَاتٍ مَوْؤُدَةٍ ، وَ أَصْنَامٍ مَعْبُودَةٍ ، وَ أَرْحَامٍ مَقْطُوعَةٍ ، وَ غَارَاتٍ مَشْنُونَةٍ .
فَانْظُرُوا إِلى مَوَاقِعِ نِعَمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ [ 1 ] حينَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولاً ، فَعَقَدَ بِمِلَّتِهِ طَاعَتَهُمْ ، وَ جَمَعَ عَلى دَعْوَتِهِ أُلْفَتَهُمْ ، كَيْفَ نَشَرَتِ النِّعْمَةُ عَلَيْهِمْ جَنَاحَ كَرَامَتِهَا ، وَ أَسَالَتْ لَهُمْ جَدَاوِلَ نَعيمِهَا ، وَ الْتَفَّتِ [ 2 ] الْمِلَّةُ بِهِمْ في عَوَائِدِ بَرَكَتِهَا ، فَأَصْبَحُوا في نِعْمَتِهَا غَرِقينَ ، وَ في خُضْرَةِ عَيْشِهَا فَكِهينَ .
قَدْ تَرَبَّعَتِ الأُمُورُ بِهِمْ في ظِلِّ سُلْطَانٍ قَاهِرٍ ، وَ آوَتْهُمُ الْحَالُ إِلى كَنَفِ عِزٍّ غَالِبٍ ، وَ تَعَطَّفَتِ الأُمُورُ عَلَيْهِمْ في ذُرى مُلْكٍ ثَابِتٍ ، فَهُمْ حُكَّامٌ عَلَى الْعَالَمينَ ، وَ مُلُوكٌ في أَطْرَافِ الأَرَضينَ ، يَمْلِكُونَ الأُمُورَ عَلى مَنْ كَانَ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِمْ ، وَ يُمْضُونَ الأَحْكَامَ فيمَنْ كَانَ يُمْضيهَا فيهِمْ . لاَ تُغْمَزُ لَهُمْ قَنَاةٌ ،
وَ لاَ تُقْرَعُ لَهُمْ صَفَاةٌ .
أَلاَ وَ إِنَّكُمْ قَدْ نَفَضْتُمْ أَيْدِيَكُمْ مِنْ حَبْلِ الطَّاعَةِ ، وَ ثَلَمْتُمْ حِصْنَ اللَّهِ الْمَضْرُوبِ عَلَيْكُمْ بِأَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدِ امْتَنَّ عَلى جَمَاعَةِ هذِهِ الأُمَّةِ ، فيمَا عَقَدَ بَيْنَهُمْ مِنْ حَبْلِ هذِهِ الأُلْفَةِ الَّتي يَتَنَقَّلُونَ [ 3 ] في ظِلِّهَا ، وَ يَأْوُونَ إِلى كَنَفِهَا ، بِنِعْمَةٍ لاَ يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ الْمَخْلُوقينَ لَهَا قيمَةً لأَنَّهَا أَرْجَحُ مِنْ كُلِّ ثَمَنٍ ، وَ أَجَلُّ مِنْ كُلِّ خَطَرٍ .
وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ صِرْتُمْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَعْرَاباً ، وَ بَعْدَ الْمُوَالاَةِ أَحْزَاباً ، مَا تَتَعَلَّقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ إِلاَّ بِاسْمِهِ ، وَ لاَ تَعْرِفُونَ مِنَ الإيمَانِ إِلاَّ [ 4 ] رَسْمَهُ .
تَقُولُونَ : النَّارَ وَ لاَ الْعَارَ .
كَأَنَّكُمْ تُريدُونَ أَنْ تُكْفِئُوا الإِسْلاَمَ عَلى وَجْهِهِ ، انْتِهَاكاً لِحَريمِهِ ، وَ نَقْضاً لِميثَاقِهِ الَّذي وَضَعَهُ اللَّهُ لَكُمْ حَرَماً في أَرْضِهِ ، وَ أَمْناً بَيْنَ خَلْقِهِ .
[ 1 ] عندهم . ورد في هامش نسخة الأسترابادي ص 304 .
[ 2 ] التقت . ورد في هامش نسخة ابن المؤدب ص 189 . و نسخة نصيري ص 123 . و نسخة الأسترابادي ص 305 .
[ 3 ] يتقلّبون في طيّها . ورد في نسخة العطاردي ص 299 عن نسخة موجودة في مكتبة ممتاز العلماء في لكنهور الهند .
[ 4 ] غير . ورد في نسخة نصيري ص 123 .
[ 144 ]
وَ إِنَّكُمْ إِنْ لَجَأْتُمْ إِلى غَيْرِهِ حَارَبَكُمْ أَهْلُ الْكُفْرِ ، ثُمَّ لاَ جِبْرَائيلَ وَ لاَ ميكَائيلَ ، وَ لاَ مُهَاجِرينَ وَ لاَ أَنْصَارَ يَنْصُرُونَكُمْ ، إِلاَّ الْمُقَارَعَةَ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَكُمْ .
وَ إِنَّ عِنْدَكُمُ الأَمْثَالَ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ تَعَالى وَ قَوَارِعِهِ ، وَ أَيَّامِهِ وَ وَقَائِعِهِ ، فَلاَ تَسْتَبْطِئُوا وَعيدَهُ جَهْلاً بِأَخْذِهِ ، وَ تَهَاوُناً بِبَطْشِهِ ، وَ يَأْساً مِنْ بَأْسِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى لَمْ يَلْعَنِ الْقَرُونَ الْمَاضِيَةَ بَيْنَ أَيْديكُمْ إِلاَّ لِتَرْكِهِمُ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، فَلَعَنَ السُّفَهَاءَ لِرُكُوبِ الْمَعَاصي ، وَ الْحُكَمَاءَ [ 1 ] لِتَرْكِ التَّنَاهي .
أَلاَ وَ قَدْ قَطَّعْتُمْ [ 2 ] قَيْدَ الإِسْلاَمِ ، وَ عَطَّلْتُمْ حُدُودَهُ ، وَ أَمَتُّمْ أَحْكَامَهُ .
أَلاَ وَ قَدْ أَمَرَنِيَ اللَّهُ بِقِتَالِ أَهْلِ الْبَغْي وَ النَّكْثِ وَ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ .
فَأَمَّا النَّاكِثُونَ فَقَدْ قَاتَلْتُ .
وَ أَمَّا الْقَاسِطُونَ فَقَدْ جَاهَدْتُ .
وَ أَمَّا الْمَارِقَةُ فَقَدْ دَوَّخْتُ .
وَ أَمَّا شَيْطَانُ الرَّدْهَةِ [ 3 ] فَقَدْ كُفَيتُهُ بِصَعْقَةٍ سُمِعَتْ لَهَا وَجْبَةُ قَلْبِهِ ، وَ رَجَّةُ صَدْرِهِ .
وَ بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْي ، وَ لَئِنْ أَذِنَ اللَّهُ فِي الْكَرَّةِ عَلَيْهِمْ لأُديلَنَّ مِنْهُمْ ، إِلاَّ مَا يَتَشَذَّرُ في أَطْرَافِ الأَرْضِ [ 4 ] تَشَذُّراً [ 5 ] .
أَنَا وَضَعْتُ فِي الصِّغَرِ بِكَلاَكِلِ الْعَرَبِ ، وَ كَسَرْتُ نَوَاجِمَ قُرُونِ رَبيعَةَ وَ مُضَرَ .
وَ قَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِالْقَرَابَةِ الْقَريبَةِ ، وَ الْمَنْزِلَةِ الْخَصيصَةِ .
وَضَعَني في حِجْرِهِ وَ أَنَا وَلَدٌ [ 6 ] ، يَضُمُّني إِلى صَدْرِهِ ، وَ يَكْنُفُني في فِرَاشِهِ ، وَ يُمِسُّني جَسَدَهُ ،
[ 1 ] الحلماء . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 190 . و نسخة نصيري ص 124 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 265 . و نسخة الأسترابادي ص 306 . و نسخة عبده ص 435 . و نسخة الصالح ص 299 . و نسخة العطاردي ص 299 .
[ 2 ] قطعتم . ورد في نسخة العام 400 ص 267 . و نسخة ابن المؤدب ص 190 . و نسخة الآملي ص 228 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 265 . و نسخة الأسترابادي ص 307 . و نسخة عبده ص 436 . و نسخة الصالح ص 299 .
[ 3 ] الرّدّة . ورد في نسخة نصيري ص 124 .
[ 4 ] البلاد . ورد في نسخة ابن أبي الحديد ج 12 ص 183 . و نسخة عبده ص 436 . و نسخة الصالح ص 300 . و نسخة العطاردي ص 300 عن شرح فيض الإسلام ، و عن نسخة موجودة في مكتبة مدرسة نواب في مدينة مشهد .
[ 5 ] تشذّذا . ورد في
[ 6 ] وليد . ورد في نسخة العام 400 ص 267 . و نسخة ابن المؤدب ص 190 . و نسخة نصيري ص 124 . و نسخة الآملي ص 228 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 266 . و نسخة الأسترابادي ص 307 . و نسخة العطاردي ص 300 .
[ 145 ]
وَ يُشِمُّني عَرْفَهُ .
وَ كَانَ يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنيهِ .
وَ مَا وَجَدَ لي كَذْبَةً في قَوْلٍ ، وَ لاَ خَطْلَةً في فِعْلٍ .
وَ لَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ ،
يَسْلُكُ بِهِ طَريقَ الْمَكَارِمِ ، وَ مَحَاسِنَ أَخْلاَقِ الْعَالَمِ ، لَيْلَهُ وَ نَهَارَهُ .
وَ لَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصيلِ أَثَرَ أُمِّهِ ، يَرْفَعُ لي في كُلِّ يَوْمٍ عَلَماً مِنْ أَخْلاَقِهِ ، وَ يَأْمُرُني بِالاِقْتِدَاءِ بِهِ .
وَ لَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ في كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ ، فَأَرَاهُ وَ لاَ يَرَاهُ غَيْري .
وَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الإِسْلاَمِ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ خَديجَةَ وَ أَنَا ثَالِثُهُمَا ، أَرى نُورَ الْوَحْيِ وَ الرِّسالَةِ ، وَ أَشُمُّ ريحَ النُّبُوَّةِ .
وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّهَ الشَّيْطَانِ حينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا هذِهِ الرَّنَّةُ ؟ .
فَقَالَ : هذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ ، إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ ، وَ تَرى مَا أَرى ، إِلاَّ أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ ، وَ لكِنَّكَ لَوَزيرٌ ، وَ إِنَّكَ لَعَلى خَيْرٍ .
وَ لَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لَمَّا أَتَاهُ الْمَلأُ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَقَالُوا لَهُ : يَا مُحَمَّدُ ،
إِنَّكَ قَدِ ادَّعَيْتَ عَظيماً ، لَمْ يَدَّعِهِ آبَاؤُكَ وَ لاَ أَحَدٌ مِنْ بَيْتِكَ [ 1 ] ، وَ نَحْنُ نَسْأَلُكَ أَمْراً إِنْ أَنْتَ أَجَبْتَنَا إِلَيْهِ وَ أَرَيْتَنَاهُ عَلِمْنَا أَنَّكَ نَبِيُّ وَ رَسُولٌ ، وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْنَا أَنَّكَ سَاحِرٌ كَذَّابٌ .
فَقَالَ لَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ :
وَ مَا تَسْأَلُونَ ؟ .
قَالُوا : تَدْعُو لَنَا هذِهِ الشَّجَرَةَ حَتَّى تَنْقَلِعَ بِعُرُوقِهَا وَ تَقِفَ بَيْنَ يَدَيْكَ .
فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ :
إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ ، فَإِنْ فَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ ذَلِكَ ، أَتُوْمِنُونَ وَ تَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ ؟ .
قَالُوا : نَعَمْ .
قَالَ : فَإِنّي سَأُريكُمْ مَا تَطْلُبُونَ ، وَ إِنّي لأَعْلَمُ أَنَّكُمْ لاَ تَفيئُونَ إِلى خَيْرٍ ، وَ أَنَّ فيكُمْ مَنْ يُطْرَحُ فِي
[ 1 ] أهل بيتك . ورد في نسخة نصيري ص 124 .
[ 146 ]
الْقَليبِ ، وَ مَنْ يُحَزِّبُ الأَحْزَابَ .
ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ :
يَا أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ إِنْ كُنْتِ تُؤْمِنينَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الآخِرِ ، وَ تَعْلَمينَ أَنّي رَسُولُ اللَّهِ فَانْقَلِعي بِعُرُوقِكِ حَتَّى تَقِفي بَيْنَ يَدَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ .
فَوَ الَّذي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ نَبِّياً ، لانْقَلَعَتِ الشَّجَرَةُ بِعُرُوقِهَا ، وَ جَاءَتْ وَ لَهَا دَوِيٌّ شَديدٌ ، وَ قَصْفٌ كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَّيْرِ ، حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مُرَفْرِفَةً ، وَ أَلْقَتْ بِغُصْنِهَا الأعْلى عَلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ، وَ بِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلى مَنْكِبي ، وَ كُنْتُ عَنْ يَميِنِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ .
فَلَمَّا نَظَرَ الْقَوْمُ إِلى ذَلِكَ قَالُوا ، عُلُوّاً وَ اسْتِكْبَاراً :
فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصْفُهَا ، وَ يَبْقى نِصْفُهَا .
فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ .
فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نِصْفُهَا كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وَ أَشَّدِّهِ دَوِيّاً ، فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ .
فَقَالُوا ، كُفْراً وَ عُتُوّاً : فَمُرْ هذَا النِّصْفَ فَلْيَرْجِعْ إِلى نِصْفِهِ كَمَا كَانَ .
فَأَمَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَرَجَعَ .
فَقُلْتُ أَنَا :
لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ ، إِنّي أَوَّلُ مُؤْمِنٍ بِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَ أَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الشَّجَرَةَ فَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالى تَصْديقاً لِنُبُوَّتِكَ ، وَ إِجْلاَلاً لِكَلِمَتِكَ .
فَقَالَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ : بَلْ سَاحِرٌ كَذَّابٌ ، عَجيبُ السِّحْرِ خَفيفٌ فيهِ .
وَ هَلْ يُصَدِّقُكَ في أَمْرِكَ إِلاَّ مِثْلُ هذَا . يَعْنُونَني .
[ 1 ] وَ إِنّي لَمِنْ قَوْمٍ لاَ تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ .
سيمَاهُمْ سيمَا الصِّدِّيقينَ ، وَ كَلاَمُهُمْ كَلاَمُ الأَبْرَارِ .
عُمَّارُ اللَّيْلِ ، وَ مَنَارُ النَّهَارِ .
[ 1 ] يبدو أن بين الفقرات السابقة و اللاحقة في هذه الخطبة الجليلة انقطاعا نسال اللّه تعالى ان يوفقنا للعثور على الفقرة الواصلة لإلحاقها بالطبعات القادمة .
[ 147 ]
مُتَمَسِّكُونَ بِحَبْلِ اللَّهِ الْقُرْآنِ ، يُحْيُونَ سُنَنَ اللَّهِ وَ سُنَنَ رَسُولِهِ .
لاَ يَسْتَكْبِرُونَ وَ لاَ يَعْلُونَ ، وَ لاَ يَغُلُّونَ وَ لاَ يُفْسِدُونَ .
قُلُوبُهُمْ فِي الْجِنَانِ ، وَ أَجْسَادُهُمْ فِي الْعَمَلِ .