كلام له عليه السلام ( 154 ) لمّا خرج بُسر بن أبي أرطاة إِلى الحجاز

فجمع عليه السلام الناس ، و حضّهم على الجهاد . فسكتوا مليّاً . فقال :

[ 7 ] مَا بَالُكُمْ ، أَ مُخْرَسُونَ أَنْتُمْ لاَ تَتَكَلَّمُونَ ؟ [ 1 ] .

فقال قوم منهم : يا أمير المؤمنين ، إِن سرتَ سِرنا معك .

فقال عليه السلام :

اَللَّهُمَّ [ 2 ] مَا لَكُمْ لاَ سُدِّدْتُمْ لِرُشْدٍ ، وَ لاَ هُديتُمْ لِقَصْدٍ ، أَ في مِثْلِ هذَا يَنْبَغي لي أَنْ أَخْرُجَ ؟ .

إِنَّمَا يَخْرُجُ في مِثْلِ هذَا رَجُلٌ مِمَّنْ أَرْضَاهُ مِنْ شُجْعَانِكُمْ وَ ذَوي بَأْسِكُمْ .

وَ لاَ يَنْبَغي لي أَنْ أَدَعَ الْجُنْدَ ، وَ الْمِصْرَ ، وَ بَيْتَ الْمَالِ ، وَ جِبَايَةَ الأَرْضِ ، وَ الْقَضَاءَ بَيْنَ الْمُسْلِمينَ ، وَ النَّظَرَ في حُقُوقِ الْمُطَالِبينَ ، ثُمَّ أَخْرُجَ في كَتيبَةٍ أَتَّبِعُ أُخْرى فِي الْفَلَوَاتٍ وَ شُعُفِ الْجِبَالِ [ 3 ] ، أَتَقَلْقَلُ تَقَلْقُلَ الْقِدْحِ فِي الْجَفيرِ الْفَارِغِ .

وَ إِنَّمَا أَنَا قُطْبُ الرَّحى تَدُورُ عَلَيَّ وَ أَنَا بِمَكَاني ، فَإِذَا فَارَقْتُهُ اسْتَحَارَ مَدَارُهَا ، وَ اضْطَرَبَ ثِفَالُهَا .

هذَا ، لَعَمْرُ اللَّهِ ، الرَّأْيُ السُّوءُ .

وَ اللَّهِ لَوْ لاَ رَجَائِي الشَّهَادَةَ عِنْدَ لِقَائِي الْعَدُوَّ ، لَوْ قَدْ حُمَّ لي لِقَاؤُهُ ، لَقَرَّبْتُ رِكَابي ، ثُمَّ شَخَصْتُ عَنْكُمْ ، فَلاَ أَطْلُبُكُمْ مَا اخْتَلَفَ جَنُوبٌ وَ شِمَالٌ .

طَعَّانينَ عَيَّابينَ [ 4 ] ، حَيَّادينَ رَوَّاغينَ .

فَوَ اللَّهِ ، إِنَّ فِرَاقَكُمْ لَرَاحَةٌ لِلنَّفْسِ وَ الْبَدَنِ [ 5 ] ، إِنَّهُ لاَ غَنَاءَ في كَثْرَةِ عَدَدِكُمْ مَعَ قِلَّةِ اجْتِمَاعِ قُلُوبِكُمْ .

لَقَدْ حَمَلْتُكُمْ عَلَى الطَّريقِ الْوَاضِحِ الَّتي لاَ يَهْلِكُ عَلَيْهَا إِلاَّ هَالِكٌ [ 6 ] ، [ فَ ] مَنِ اسْتَقَامَ فَإِلَى

[ 7 ] من : ما بالكم إلى : فإلى النّار ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 119 .

[ 1 ] ورد في الغارات للثقفي ص 429 . و نهج السعادة للمحمودي ج 2 ص 600 .

[ 2 ] ورد في المصدرين السابقين .

[ 3 ] ورد في المصدرين السابقين .

[ 4 ] عتّابين . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 141 .

[ 5 ] ورد في الغارات للثقفي ص 430 . و نهج السعادة للمحمودي ج 2 ص 602 .

[ 6 ] عليها هالك . ورد في نسخة الأسترابادي ص 159 .

[ 689 ]

الْجَنَّةِ ، وَ مَنْ زَلَّ فَإِلَى النَّارِ .

مَا بَالُ مَنْ خَالَفَكُمْ أَشَدُّ بَصيرَةً في ضَلاَلَتِهِمْ ، وَ أَبْذَلُ لِمَا في أَيْديهِمْ مِنْكُمْ ؟ .

مَا ذاكَ إِلاَّ أَنَّكُمْ رَكَنْتُمْ إِلَى الدُّنْيَا فَرَضيتُمْ بِالضَّيْمِ ، وَ شَحَحْتُمْ عَلَى الْحُطَامِ ، وَ فَرَّطْتُمْ فيمَا فيهِ عِزُّكُمْ وَ سَعَادَتُكُمْ ، وَ قُوَّتُكُمْ عَلَى مَنْ بَغى عَلَيْكُمْ .

لاَ مِنْ رَبِّكُمْ تَسْتَحْيُونَ ، وَ لاَ لأَنْفُسِكُمْ تَنْظُرُونَ ، وَ أَنْتُمْ في كُلِّ يَوْمٍ تُضَامُونَ ، وَ لاَ تَنْتَبِهُونَ مِنْ رَقْدَتِكُمْ ، وَ لاَ يَنْقَضي فُتُورُكُمْ .

أَمَا تَرَوْنَ إِلى دينِكُمْ كُلَّ يَوْمٍ يَبْلى ، وَ أَنْتُمْ في غَفْلَةِ الدُّنْيَا ؟ .

يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَكُمْ : وَ لاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ 1 .

ثم دعا عليه السلام على بسر فقال :

اَللَّهُمَّ إِنَّ بُسْراً بَاعَ دينَهُ بِالدُّنْيَا ، وَ انْتَهَكَ مَحَارِمَكَ ، وَ كَانَتْ طَاعَةُ مَخْلُوقٍ فَاجِرٍ آثَرَ عِنْدَهُ مِمَّا عِنْدَكَ .

اَللَّهُمَّ فَلاَ تُمِتْهُ حَتَّى تَسْلُبَهُ عَقْلَهُ ، وَ لاَ تُوجِبْ لَهُ رَحْمَتَكَ وَ لاَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ .

اَللَّهُمَّ الْعَنْ بُسْراً ، وَ عَمْرواً ، وَ مُعَاوِيَةَ ، وَ لْيَحِلَّ عَلَيْهِمْ غَضَبُكَ ، وَ لْتَنْزِلْ بِهِمْ نِقْمَتُكَ ، وَ لْيُصِبْهُمْ بَأْسُكَ وَ رِجْزُكَ الَّذي لاَ تَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمينَ [ 2 ] .