كلام له عليه السلام ( 35 ) لمّا سمع رجلاً يذمّ الدنيا مُطنباً

مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَذُمُّونَ الدُّنْيَا وَ قَدِ انْتَحَلُوا الزُّهْدَ فيهَا ؟ [ 4 ] .

[ 9 ] إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ [ 5 ] صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا ، وَ دَارُ عَافِيَةٍ [ 6 ] لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا ، وَ دَارُ غِنىً لِمَنْ تَزَوَّدَ

[ 7 ] من : لا يقلّ إلى : يتقبّل ورد في حكم الشريف الرضي تحت الرقم 95 .

[ 8 ] من : كيف تجدك إلى : مأمنه ورد في حكم الشريف الرضي تحت الرقم 115 .

[ 9 ] من : إنّ الدّنيا إلى : فاتّعظوا ورد في حكم الشريف الرضي تحت الرقم 131 .

[ 1 ] تناهى . ورد في كنز العمال للهندي ج 16 ص 208 .

[ 2 ] ورد في تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 283 . و غرر الحكم ج 2 ص 855 . و مصادر نهج البلاغة ج 4 ص 90 عن تنبيه الخاطر للمالكي . باختلاف بين المصادر .

[ 3 ] ورد في مصادر نهج البلاغة للخطيب ج 4 ص 106 .

[ 4 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 132 . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 366 . و نهج البلاغة الثاني للحائري ص 101 .

[ 5 ] منزل . ورد في المصادر السابقة . و الزهد ص 87 . و أمالي الطوسي ص 605 . و نهج السعادة ج 3 ص 276 .

[ 6 ] نجاة . ورد في البيان و التبيين ج 2 ص 102 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 266 . و البداية و النهاية ج 8 ص 8 . و نثر الدرّ ج 1 ص 273 . و نهج السعادة ج 3 ص 318 .

[ 566 ]

مِنْهَا ، وَ دَارُ مَوْعِظَةٍ لِمَنِ اتَّعَظَ بِهَا .

اَلدُّنْيَا [ 1 ] مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ [ 2 ] اللَّهِ ، وَ مُصَلَّى مَلاَئِكَةِ اللَّهِ ، وَ مَهْبَطُ وَحْيِ اللَّهِ ، وَ مَتْجَرُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ ،

اكْتَسَبُوا فيهَا الرَّحْمَةَ ، وَ رَبِحُوا فيهَا [ 3 ] الْجَنَّةَ .

فَمَنْ ذَا يَذُمُّ الدُّنْيَا [ 4 ] ، وَ قَدْ آذَنَتْ بِبَيْنِهَا ، وَ نَادَتْ بِفِرَاقِهَا ، وَ نَعَتْ نَفْسَهَا وَ أَهْلَهَا ، فَمَثَّلَتْ لَهُمْ بِبَلاَئِهَا الْبَلاَءَ ، وَ شَوَّقَتْهُمْ [ 5 ] بِسُرُورِهَا إِلَى السُّرُورِ ، وَ ذَكَّرَتْهُمْ بِنَعيمِهَا طيبَ الْحُبُورِ [ 6 ] .

رَاحَتْ بِعَافِيَةٍ ، وَ ابْتَكَرَتْ [ 7 ] بِفَجيعَةٍ ، تَرْغيباً وَ تَرْهيباً ، وَ تَخْويفاً وَ تَحْذيراً ، فَذَمَّهَا رِجَالٌ [ 8 ] غَدَاةَ النَّدَامَةِ ، وَ حَمِدَهَا آخَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

ذَكَّرَتْهُمُ الدُّنْيَا فَتَذَكَّرُوا تَصَاريفَهَا [ 9 ] ، وَ حَدَّثَتْهُمْ فَصَدَّقُوا حَديثَهَا [ 10 ] ، وَ وَعَظَتْهُمْ فَاتَّعَظُوا ،

وَ خَوَّفَتْهُمْ فَخَافُوا ، وَ شَوَّقَتْهُمْ فَاشْتَاقُوا .

فَيَا [ 11 ] [ 13 ] أَيُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْيَا ، الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا ، الْمَخْدُوعُ بِأَبَاطيلِهَا ، أَتَغْتَرُّ [ 12 ] بِالدُّنْيَا ثُمَّ تَذُمُّهَا ؟ .

أَنْتَ الْمُتَجَرِّمُ عَلَيْهَا أَمْ هِيَ الْمُتَجَرِّمَةُ عَلَيْكَ ؟ .

[ 13 ] من : أيّها الذّامّ إلى : المتجرّمة عليك ورد في حكم الشريف الرضي تحت الرقم 131 .

[ 1 ] ورد في مروج الذهب للمسعودي ج 2 ص 431 .

[ 2 ] أنبياء . ورد في البيان و التبيين ج 2 ص 102 . و الإرشاد ص 157 . و الخصال ص 605 . و نثر الدرّ ج 1 ص 273 . و تاريخ دمشق ( ترجمة علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 266 . و نهج السعادة ج 1 ص 368 . و ج 3 ص 318 . و نهج البلاغة الثاني ص 101 .

[ 3 ] منها . ورد في شرح الأخبار ج 2 ص 224 . و نهج السعادة ج 1 ص 366 . و نهج البلاغة الثاني ص 101 .

[ 4 ] ورد في المصدرين السابقين . و تحف العقول للحرّاني ص 132 . و ورد هَا في نسخ النهج .

[ 5 ] شبّهت . ورد في البيان و التبيين ج 2 ص 102 . و نثر الدرّ ج 1 ص 273 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 266 . و نهج السعادة ج 1 ص 366 .

[ 6 ] ورد في تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 142 .

[ 7 ] تبكّرت . ورد في غرر الحكم ج 1 ص 265 . و تاريخ دمشق ( ترجمة علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 268 . باختلاف يسير .

[ 8 ] قوم . ورد في تحف العقول للحرّاني ص 132 .

[ 9 ] ورد في مروج الذهب للمسعودي ج 2 ص 431 .

[ 10 ] ورد في المصدر السابق .

[ 11 ] ورد في المصدر السابق . و الزهد ص 87 . و البيان و التبيين ج 2 ص 102 . و تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 208 . و نثر الدرّ ج 1 ص 273 . و أمالي الطوسي ص 606 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 266 و 267 . و تحف العقول ص 132 . و البداية و النهاية ج 8 ص 8 . و نهج السعادة ج 1 ص 366 و ج 3 ص 319 . و نهج البلاغة الثاني ص 101 . باختلاف .

[ 12 ] أتفتتن . ورد في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 18 ص 325 .

[ 567 ]

لَيْتَ شِعْري ، مَتى خَدَعَتْكَ الدُّنْيَا ، أَمْ مَتَى اسْتَدَامَتْ لَكَ ؟ [ 1 ] .

[ 5 ] مَتَى اسْتَهْوَتْكَ ، أَمْ مَتى غَرَّتْكَ ؟ .

أَ بِمَصَارِعِ آبَائِكَ مِنَ الْبِلى ، أَمْ بِمَضَاجِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثَّرى ؟ .

كَمْ عَلَّلْتَ بِكَفَّيْكَ ، وَ كَمْ مَرَّضْتَ بِيَدَيْكَ ، تَبْغي [ 2 ] لَهُمُ الشِّفَاءَ ، وَ تَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الدَّوَاءَ ، وَ تَطْلُبُ لَهُمُ [ 3 ] الأَطِبَّاءَ ، غَدَاةَ لاَ يُغْني عَنْهُمْ دَوَاؤُكَ ، وَ لاَ يُجْدي عَنْهُمْ بُكَاؤُكَ ، لَمْ يَنْفَعْ أَحَدَهُمْ إِشْفَاقُكَ ، وَ لَمْ تُسْعَفْ فيهِ بِطَلِبَتِكَ ، وَ لَمْ تَدْفَعْ عَنْهُ بِقُوَّتِكَ .

وَ قَدْ مَثَّلَتْ لَكَ بِهِ الدُّنْيَا نَفْسَكَ ، وَ بِحَالِهِ حَالَكَ [ 4 ] ، وَ بِمَصْرَعِهِ مَصْرَعَكَ ، وَ بِمَضْجَعِهِ مَضْجَعَكَ ،

غَدَاةَ لاَ يَنْفَعُكَ أَحِبَّاؤُكَ ، وَ لاَ يُغْني عَنْكَ نِدَاؤُكَ .

حينَ يَشْتَدُّ مِنَ الْمَوْتِ أَعَالينُ الْمَرَضِ ، وَ أَليمُ لَوْعَاتِ الْمَضَضِ .

حينَ لاَ يَنْفَعُ الأَليلُ ، وَ لاَ يَدْفَعُ الْعَويلُ .

حينَ يُحْفَزُ بِهَا الْحَيْزُومُ ، وَ يَغُصُّ بِهَا الْحُلْقُومُ .

حينَ لاَ يُسْمِعُهُ النِّدَاءُ ، وَ لاَ يَرُوعُهُ الدُّعَاءُ .

فَيَا طُولَ الْحُزْنِ عِنْدَ انْقِطَاعِ الأَجَلِ .

ثُمَّ يُرَاحُ بِهِ عَلى شِرْجَعٍ تُقِلُّهُ أَكُفُّ أَرْبَعٍ ، فَيُضْجَعُ في قَبْرِهِ في لَبَثٍ ، وَ ضيقِ جَدَثٍ .

فَذَهَبَتِ الْجِدَّةُ ، وَ انْقَطَعَتِ الْمُدَّةُ ، وَ رَفَضَتْهُ الْعَطَفَةُ ، وَ قَطَعَتْهُ اللَّطَفَةُ .

لاَ تَقَارَبُهُ الأَخِلاَّءُ ، وَ لاَ يُلِمُّ بِهِ الزُّوَّارُ ، وَ لاَ اتَّسَقَتْ بِهِ الدَّارُ .

إِنْقَطَعَ دُونَهُ الأَثَرُ ، وَ اسْتَعْجَمَ دُونَهُ الْخَبَرُ .

[ 5 ] من : متى استهوتك إلى : مصرعك ورد في حكم الشريف الرضي تحت الرقم 131 .

[ 1 ] ورد في البيان و التبيين ج 2 ص 102 . و مروج الذهب ج 2 ص 431 . و تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 208 . و نثر الدرّ ج 1 ص 273 . و أمالي الطوسي ص 606 . و تاريخ دمشق ( ترجمة علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 266 و 268 . و تذكرة الخواص ص 141 و البداية و النهاية ج 8 ص 8 . و تحف العقول ص 132 . و نهج السعادة ج 1 ص 368 و ج 3 ص 277 و 319 . و نهج البلاغة الثاني ص 101 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] تبتغي . ورد في نسخة العام 400 ص 453 . و متن شرح ابن أبي الحديد ج 18 ص 325 . و نسخة الصالح ص 492 .

و نسخة العطاردي ص 430 عن شرح فيض الإسلام .

[ 3 ] ورد في البيان و التبيين ج 2 ص 102 . و الخصال ص 606 . و نثر الدرّ ج 1 ص 273 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 266 . و تذكرة الخواص ص 141 . و تحف العقول ص 132 . و نهج السعادة ج 1 ص 368 و ج 3 ص 278 . و نهج البلاغة الثاني ص 101 . باختلاف يسير .

[ 4 ] ورد في تحف العقول ص 132 . و نهج السعادة ج 1 ص 368 . و نهج البلاغة الثاني ص 101 .

[ 568 ]

وَ بَكَّرَتْ وَرَثَتُهُ ، فَأَقْسَمَتْ تَرِكَتَهُ .

وَ لَحِقَهُ الْحُوبُ ، وَ أَحَاطَتْ بِهِ الذُّنُوبُ .

فَإِنْ يَكُنْ قَدَّمَ خَيْراً طَابَ مَكْسَبُهُ ، وَ إِنْ يَكُنْ قَدَّمَ شَرّاً تَبَّ مُنْقَلَبُهُ .

وَ كَيْفَ يَنْفَعُ نَفْساً قَرَارُهَا ، وَ الْمَوْتُ قُصَارُهَا ، وَ الْقَبْرُ مَزَارُهَا ؟ .

فَكَفى بِهذَا وَاعِظاً كَفى . وَ لاَ تَسْمَعُ في مَدْحِ الدُّنْيَا أَحْسَنَ مِنْ هذَا .

ثم التفت عليه السّلام إلى أصحابه ، فقال :

أُوصيكُمْ ، عِبَادَ اللَّهِ ، بِتَقْوَى اللَّهِ ، فَإِنَّهَا غِبْطَةُ الطَّالِبِ الرَّاجي ، وَ ثِقَةُ الْهَارِبِ اللاَّجي .

وَ اسْتَشْعِرُوا التَّقْوى شِعَاراً بَاطِناً ، وَ اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً خَالِصاً ، تَحْيَوْا بِهِ أَفْضَلَ الْحَيَاةِ ، وَ تَسْلُكُوا بِهِ طَريقَ النَّجَاةِ [ 1 ] .

[ 7 ] أَيُّهَا النَّاسُ ، انْظُرُوا إِلَى الدُّنْيَا نَظَرَ الزَّاهِدينَ فيهَا ، الصَّادِفينَ عَنْهَا ، فَإِنَّهَا ، وَ اللَّهِ ، عَمَّا قَليلٍ تُزيلُ الثَّاويَ ، [ وَ ] تُشْخِصُ الْوَادِعَ [ 2 ] السَّاكِنَ ، وَ تُفْجِعُ الْمُتْرَفَ الْمُغْتَبِطَ [ 3 ] الآمِنَ .

لاَ يَرْجِعُ مَا تَوَلَّى مِنْهَا فَأَدْبَر ، وَ لاَ يُدْرى مَا هُوَ آتٍ مِنْهَا فَيُنْتَظَرُ [ 4 ] .

أَمَانِيُّهَا كَاذِبَةٌ ، وَ آمَالُهَا بَاطِلَةٌ .

صَفْوُهَا كَدَرٌ ، وَ ابْنُ آدَمَ فيهَا عَلى خَطَرٍ .

إِمَّا نِعْمَةٌ زَائِلَةٌ ، وَ إِمَّا بَلِيَّةٌ نَازِلَةٌ ، وَ إِمَّا مُعْظَمَةٌ جَائِحَةٌ ، وَ إِمَّا مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ .

وَصَلَ الْبَلاَءُ مِنْهَا بِالرَّخَاءِ ، وَ الْبَقَاءُ فيهَا بِالْفَنَاءِ .

فَ [ 5 ] سُرُورُهَا مَشُوبٌ بِالْحُزْنِ ، وَ جَلَدُ الرِّجَالِ فيهَا إِلَى الضَّعْفِ ، وَ آخِرُ الْحَيَاةِ فيهَا إِلَى [ 6 ] الْوَهْنِ .

[ 7 ] من : أيّها النّاس إلى : فينتظر . و من : سرورها إلى : الضّعف و الوهن ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 103 .

[ 1 ] ورد في الزهد ص 87 . و مروج الذهب ج 2 ص 432 . و الكافي ج 8 ص 15 . و أمالي الطوسي ص 606 . و تاريخ دمشق ( ترجمة علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 268 . و تحف العقول ص 132 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 146 . و نهج السعادة ج 1 ص 368 و 370 ، و ج 3 ص 278 . و نهج البلاغة الثاني ص 101 و 194 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] ورد في دستور معالم الحكم للقضاعي ص 40 .

[ 3 ] ورد في المصدر السابق .

[ 4 ] فيحذر . ورد في المصدر السابق .

[ 5 ] ورد في المصدر السابق . و الكافي ج 8 ص 15 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 146 . و نهج السعادة ج 7 ص 54 . و نهج البلاغة الثاني ص 194 . باختلاف بين المصادر .

[ 6 ] ورد في دستور معالم الحكم للقضاعي ص 49 . و نهج السعادة للمحمودي ج 3 ص 280 .

[ 569 ]

فَهِيَ كَرَوْضَةٍ اعْتَمَّ مَرْعَاهَا ، وَ أَعْجَبَتْ مَنْ يَرَاهَا ، عَذْبٌ شُرْبُهَا ، طَيِّبٌ تُرْبُهَا ، تَمُجُّ عُرُوقُهَا الثَّرى ،

وَ تَنْطِفُ فُرُوعُهَا النَّدى .

حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْعُشْبُ إِبَّانَهُ ، وَ اسْتَوى بَنَانُهُ ، هَاجَتْ ريحٌ تَحُتُّ الْوَرَقَ ، وَ تُفَرِّقُ مَا اتَّسَقَ ،

فَأَصْبَحَتْ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالى : هَشيماً تَذْرُوه الرِّيَاحُ وَ كَانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ مُقْتَدِراً [ 1 ] .

[ 8 ] فَلاَ تَغُرَّنَّكُمْ [ 2 ] كَثْرَةُ مَا يُعْجِبُكُمْ فيهَا لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكُمْ مِنْهَا .

رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً تَفَكَّرَ فَاعْتَبَرَ ، وَ اعْتَبَرَ فَأَبْصَرَ ، وَ أَبْصَرَ فَازْدَجَرَ ، وَ عَايَنَ إِدْبَارَ مَا قَدْ أَدْبَرَ ،

وَ حُضُورَ مَا قَدْ حَضَرَ [ 3 ] .

فَكَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ الدُّنْيَا عَمَّا قَليلٍ لَمْ يَكُنْ ، وَ كَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ الآخِرَةِ عَمَّا قَليلٍ لَمْ يَزُلْ .

وَ كُلُّ مَعْدُودٍ مُنْقَصٍ ، وَ كُلُّ سُرُورٍ [ 4 ] مُنْقَضٍ [ 5 ] ، وَ كُلُّ جَمْعٍ إِلى شَتَاتٍ [ 6 ] ، وَ كُلُّ مُتَوَقَّعٍ آتٍ ،

وَ كُلُّ آتٍ قَريبٌ ، وَ كُلُّ قَريبٍ [ 7 ] دَانٍ .

[ 9 ] عِبَادَ اللَّهِ ، إِنَّكُمْ وَ مَا تَأْمَلُونَ مِنْ هذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ أَثْوِيَاءُ مُؤَجَّلُونَ ، وَ مَدينُونَ مُقْتَضَوْنَ ،

أَجَلٌ مَنْقُوصٌ ، وَ عَمَلٌ مَحْفُوظٌ .

فَرُبَّ دَائِبٍ مُضَيِّعٌ ، وَ رُبَّ كَادِحٍ خَاسِرٌ .

وَ قَدْ أَصْبَحْتُمْ في زَمَنٍ لاَ يَزْدَادُ الْخَيْرُ فيهِ إِلاَّ إِدْبَاراً ، وَ الشَّرُّ فيهِ إِلاَّ إِقْبَالاً ، وَ الشَّيْطَانُ في هَلاَكِ النَّاسِ إِلاَّ طَمَعاً .

فَهذَا أَوَانُ قَوِيَتْ عُدَّتُهُ ، وَ عَمَّتْ مَكيدَتُهُ ، وَ أَمْكَنَتْ فَريسَتُهُ .

إِضْرِبْ بِطَرْفِكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ النَّاسِ ، فَهَلْ تُبْصِرُ إِلاَّ فَقيراً يُكَابِدُ فَقْراً ، أَوْ غَنِيّاً بَدَّلَ نِعْمَةَ

[ 8 ] من : فلا تغرّنّكم إلى : فأبصر . و من : و كلّ معدود إلى : آت ورد في حكم الشريف الرضي تحت الرقم 75 . و تكرر في الخطب تحت الرقم 103 .

[ 9 ] من : عباد اللّه إلى : العاملين به ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 129 .

[ 1 ] الكهف ، 45 . و وردت الفقرات في الكافي ج 8 ص 15 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 146 . و نهج السعادة ج 7 ص 54 . و نهج البلاغة الثاني ص 194 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] لا يغرّنّكم . ورد في نسخة الأسترابادي ص 126 . و نسخة عبده ص 248 . و نسخة الصالح ص 149 .

[ 3 ] ورد في دستور معالم الحكم للقضاعي ص 48 . و نهج السعادة للمحمودي ج 3 ص 280 .

[ 4 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 2 ص 545 .

[ 5 ] متنغّص . ورد في المصدر السابق .

[ 6 ] ورد في المصدر السابق .

[ 7 ] ورد في المصدر السابق .

[ 570 ]

اللَّهِ كُفْراً ، أَوْ بَخيلاً اتَّخَذَ الْبُخْلَ بِحَقِّ اللَّهِ وَفْراً ، أَوْ مُتَمَرِّداً كَأَنَّ بِأُذُنِهِ عَنْ سَمْعِ الْمَوَاعِظِ وَقْراً ؟ .

أَيْنَ أَخْيَارُكُمْ [ 1 ] وَ صُلَحَاؤُكُمْ ؟ .

وَ أَيْنَ أَحْرَارُكُمْ وَ سُمَحَاؤُكُمْ ؟ .

وَ أَيْنَ الْمُتَوَرِّعُونَ في مَكَاسِبِهِمْ ، وَ الْمُتَنَزِّهُونَ [ 2 ] في مَذَاهِبِهِمْ ؟ .

أَلَيْسَ قَدْ ظَعَنُوا جَميعاً عَنْ هذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ ، وَ الْعَاجِلَةِ الْمُنَغِّصَةِ ؟ .

وَ هَلْ خُلِّفْتُمْ [ 3 ] إِلاَّ في حُثَالَةٍ لاَ تَلْتَقي إِلاَّ بِذَمِّهِمُ الشَّفَتَانِ ، اسْتِصْغَاراً لِقَدْرِهِمْ ، وَ ذَهَاباً عَنْ ذِكْرِهِمْ .

فَإِنَّا للَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .

ظَهَرَ الْفَسَادُ فَلاَ مُنْكِرٌ مُغَيِّرٌ ، وَ لاَ زَاجِرٌ مُزْدَجِرٌ .

أَفَبِهذَا تُريدُونَ أَنْ تُجَاوِرُوا اللَّهَ في دَارِ قُدْسِهِ ، وَ تَكُونُوا أَعَزَّ أَوْلِيَائِهِ عِنْدَهُ ؟ .

هَيْهَاتَ ، لاَ يُخْدَعُ اللَّهُ عَنْ جَنَّتِهِ ، وَ لاَ تُنَالُ مَرْضَاتُهُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ .

[ ثم قال عليه السلام : ] لَعَنَ اللَّهُ الآمِرينَ بِالْمَعْرُوفِ التَّارِكينَ لَهُ ، وَ النَّاهينَ عَنِ الْمُنْكَرِ الْعَامِلينَ بِهِ .