خطبة له عليه السلام ( 54 ) في بعض أيام صفّين أيضاً

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ بَعْدَ الْحَمْدِ وَ الصَّلاَةِ .

أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ هذَا مَوْقِفٌ مَنْ نَطِفَ فيهِ نَطِفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَ مَنْ فَلَجَ فيهِ فَلَجَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

أَيُّهَا النَّاسُ [ 2 ] ، [ 10 ] إِنَّ الْمَوْتَ طَالِبٌ حَثيثٌ ، لاَ يَفُوتُهُ الْمُقيمُ ، وَ لاَ يُعْجِزُهُ الْهَارِبُ ، فَأَقْدِمُوا وَ لاَ تَنْكُلُوا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَنِ الْمَوْتِ مَحيدٌ وَ لاَ مَحيصٌ ، وَ إِنَّ مَنْ لَمْ يُقْتَلْ يَمُتْ ، وَ [ 3 ] إِنَّ أَكْرَمَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ .

وَ الَّذي نَفْسُ عَلِيِّ [ 4 ] بْنِ أَبي طَالِبٍ بِيَدِهِ لأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّيْفِ عَلَى الرَّأْسِ [ 5 ] أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ ميتَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ في غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ .

[ 11 ] وَ أَيْمُ اللَّهِ ، لَئِنْ فَرَرْتُمْ [ 6 ] مِنْ سَيْفِ الْعَاجِلَةِ لاَ تَسْلَمُوا مِنْ سَيْفِ الآخِرَةِ [ 7 ] .

وَ أَنْتُمْ لَهَاميمُ الْعَرَبِ ، وَ السَّنَامُ الأَعْظَمِ .

إِنَّ فِي الْفِرَارِ مَوْجِدَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ [ 8 ] وَ الذُّلَّ اللاَّزِمَ وَ الْعَارَ الْبَاقي ، وَ إِنَّ الْفَارَّ لَغَيْرُ مَزيدٍ في عُمْرِهِ ، وَ لاَ مَحْجُوزٍ [ 9 ] بَيْنَهُ وَ بَيْنَ يَوْمِهِ .

[ 10 ] من : إنّ إلى : الهارب . و من : إنّ أكرم إلى : طاعة اللّه ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 123 .

[ 11 ] من : و أيم إلى : بين يومه ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 124 .

[ 1 ] ورد في شرح ابن أبي الحديد ج 3 ص 331 . و ينابيع المودة للقندوزي ص 149 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 448 . و نهج السعادة ج 2 ص 154 . و نهج البلاغة الثاني ص 160 .

[ 2 ] ورد في العقد الفريد ج 5 ص 88 . و أمالي الطوسي ص 172 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 405 و 446 . و منهاج البراعة ج 17 ص 47 . و نهج السعادة ج 1 ص 310 . و نهج البلاغة الثاني ص 176 . باختلاف بين المصادر .

[ 3 ] ورد في المصادر السابقة . و كتاب الفتوح ج 2 ص 468 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 647 . باختلاف .

[ 4 ] ورد في كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 468 . و البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 404 و 647 .

[ 5 ] ورد في البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 647 .

[ 6 ] سلمتم . ورد في

[ 7 ] الآجلة . ورد في نسخة العام 400 ص 146 . و هامش نسخة ابن المؤدب ص 105 . و هامش نسخة الآملي ص 101 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 147 . و نسخة الأسترابادي ص 164 .

[ 8 ] ورد في

[ 9 ] لا محجوب . ورد في نسخة العام 400 ص 146 . و هامش نسخة الآملي ص 101 . و ورد لا مؤخّر عن في

[ 470 ]

وَ إِنَّ هذِهِ الأَصْوَاتِ الَّتي تَسْمَعُونَهَا مِنْ عَدُوِّكُمْ فَشَلٌ وَ اخْتِلاَفٌ . إِنَّا كُنَّا نُؤْمَرُ فِي الْحَرْبِ بِالصَّمْتِ .

فَعَضُّوا عَلَى النَّاجِذِ ، وَ اصْبِرُوا لِوَقْعِ السُّيُوفِ ، فَ [ 1 ] [ 7 ] إِنَّهُمْ لَنْ يَزُولُوا عَنْ مَوَاقِفِهِمْ دُونَ طَعْنٍ دِرَاكٍ يَخْرُجُ مِنْهُ النَّسيمُ [ 2 ] ، وَ ضَرْبٍ يَفْلِقُ الْهَامَ ، وَ يُطيحُ الأُنُوفَ وَ [ 3 ] الْعِظَامَ ، وَ يُنْدِرُ السَّوَاعِدَ وَ الأَقْدَامَ ، وَ تَسْقُطُ مِنْهُ الْمَعَاصِمُ وَ الأَكُفُّ ، وَ حَتَّى تُشْدَخَ جِبَاهُهُمْ بِعُمُدِ الْحَديدِ ، وَ تُنْتَثَرَ حَوَاجِبُهُمْ عَلَى الصُّدُورِ وَ الأَذْقَانِ وَ النُّحُورِ . فَقَاتِلُوهُمْ صَابِرينَ مُحْتَسِبينَ ، فَإِنَّ الْكِتَابَ مَعَكُمْ ، وَ السُّنَّةَ مَعَكُمْ ، وَ مَنْ كَانَا مَعَهُ فَهُوَ الْقَوِيُّ .

أَيْنَ أَهْلُ الدّينِ ، وَ طُلاَّبُ الأَجْرِ ؟ .

أَيْنَ أَهْلُ الصَّبْرِ ، وَ طُلاَّبُ الْخَيْرِ ؟ .

أَيْنَ مَنْ يَشْري وَجْهَهُ للَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟ [ 4 ] .

[ 8 ] أَيْنَ الْمَانِعُ لِلذِّمَارِ ، وَ الْغَائِرُ عِنْدَ نُزُولِ الْحَقَائِقِ مِنْ أَهْلِ الْحِفَاظِ ؟ .

مَنِ الرَّائِحُ [ 5 ] إِلَى اللَّهِ كَالظَّمْآنِ يَرِدُ الْمَاءَ ؟ .

اَلْعَارُ وَرَاءَكُمْ ، وَ الْجَنَّةُ أَمَامَكُمْ .

اَلْجَنَّةُ تَحْتَ أَطْرَافِ الْعَوَالي .

اَلْيَوْمَ تُبْلَى الأَخْبَارُ [ 6 ] .

وَ اللَّهِ لأَنَا أَشْوَقُ إِلى لِقَائِهِمْ مِنْهُمْ إِلى دِيَارِهِمْ .

وَ اللَّهِ ، يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ ، مَا أَظُنُّ هؤُلاَء الْقَوْمَ إِلاَّ ظَاهِرينَ عَلَيْكُمْ .

وَ الَّذي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ إِنّي أَرى أُمُورَهُمْ قَدْ عَلَتْ ، وَ أَرى نيرَانَكُمْ قَدْ خَبَتْ ، وَ أَرَاهُمْ

[ 7 ] من : إنّهم إلى : الأقدام . و من : من الرّائح إلى : يرد الماء . و من : الجنّة إلى : ديارهم ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 124 .

[ 8 ] من : أين إلى : الحفاظ . و من : العار إلى : أمامكم ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 171 .

[ 1 ] ورد في

[ 2 ] النّسم . ورد في تاريخ الطبري ج 4 ص 37 . و الإرشاد ص 142 . و ورد القشم في شرح ابن ميثم ج 3 ص 126 .

[ 3 ] ورد في البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 483 .

[ 4 ] ورد في مروج الذهب ج 2 ص 398 . و تاريخ الطبري ج 4 ص 32 . و الإرشاد ص 142 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 483 و 453 و 460 . باختلاف بين المصادر .

[ 5 ] رائح . ورد في نسخة العام 400 ص 146 . و نسخة ابن المؤدب ص 105 . و نسخة الآملي ص 102 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 147 . و نسخة الأسترابادي ص 165 . و هامش نسخة عبده ص 291 . و نسخة العطاردي ص 144 .

[ 6 ] الأخيار . ورد في هامش نسخة نصيري ص 67 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 147 .

[ 471 ]

جَادّينَ في بَاطِلِهِمْ ، وَ أَرَاكُمْ وَانينَ في حَقِّكُمْ ، وَ أَرَاهُمْ مُجْتَمِعينَ ، وَ أَرَاكُمْ مُتَفَرِّقينَ ، وَ أَرَاهُمْ لِصَاحِبِهِمْ مُطيعينَ وَ أَرَاكُمْ لي عَاصينَ .

وَ أَيْمُ اللَّهِ لَئِنْ ظَهَرُوا عَلَيْكُمْ لَتَجِدُنَّهُمْ أَرْبَابَ سُوءٍ مِنْ بَعْدي لَكُمْ .

لَكَأَنّي ، وَ اللَّهِ ، أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَ قَدْ شَارَكُوكُمْ في بِلاَدِكُمْ ، وَ حَمَلُوا إِلى بِلاَدِهِمْ فَيْئَكُمْ [ 1 ] .

[ 9 ] وَ كَأَنّي أَنْظُرُ إِلَيْكُمْ تَكِشُّونَ [ 2 ] كَشيشَ الضِّبَابِ ، لاَ تَأْخُذُونَ حَقّاً ، وَ لاَ تَمْنَعُونَ ضَيْماً [ 3 ] .

قَدْ خُلّيتُمْ وَ الطَّريقَ .

وَ كَأَنّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَقْتُلُونَ صُلَحَاءَكُمْ ، وَ يُخيفُونَ عُلَمَاءَكُمْ ، وَ يَحيفُونَ قُرَّاءَكُمْ .

وَ كَأَنّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَحْرِمُونَكُمْ ، وَ يَحْجُبُونَكُمْ ، وَ يَدْنُونَ النَّاسَ دُونَكُمْ .

فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْحِرْمَانَ ، وَ لَقيتُمُ الذُّلَّ وَ الْهَوَانَ ، وَ وَقْعَ السَّيْفِ ، وَ نُزُولَ الْخَوْفِ ، لَتَنَدَّمْتُمْ ، وَ تَحَسَّرْتُمْ عَلى تَفَرُّقِكُمْ [ 4 ] ، وَ تَذَاكَرْتُمْ [ 5 ] مَا أَنْتُمْ فيهِ الْيَوْمَ مِنَ الْخَفْضِ وَ الْعَافِيَةِ حينَ لاَ يَنْفَعُكُمُ التِّذْكَارُ .

وَ اللَّهِ لَ [ 10 ] أَقْرَبُ قَوْمٍ مِنَ الْجَهْلِ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، وَ الْجُرْأَةِ عَلَيْهِ ، وَ الاغْتِرَارِ ، قَوْمٌ قَائِدُهُمْ [ 6 ] .

مُعَاوِيَةُ بْنُ آكِلَةِ الأَكْبَادِ ، وَ مُؤَدِّبُهُمْ ابْنُ النَّابِغَةِ ، وَ أَبُو الأَعْوَرِ السَّلْمِيِّ ، وَ ابْنُ أَبي مُعَيْطٍ شَارِبُ الْخَمْرِ وَ الْمَجْلُودُ حَدّاً فِي الإِسْلاَمِ ، وَ الطَّريدُ مَرْوَانُ .

وَ هُمْ أُولاَءِ يَقُومُونَ فَيَنْقُصُونَني وَ يَشْتِمُونَني ، وَ قَبْلَ الْيَوْمِ قَاتَلُوني وَ شَتَمُوني ، وَ أَنَا إِذْ ذَاكَ أَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ [ 7 ] ، وَ هُمْ يَدْعُونَ إِلى عِبَادَةِ الأَصْنَامِ [ 8 ] .

فَالْحَمْدُ للَّهِ وَ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ . وَ قَديماً مَا عَادَانِيَ الْفَاسِقُونَ فَعَادَاهُمُ اللَّهُ .

[ 9 ] من : و كأنّي إلى : و الطّريق ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 123 .

[ 10 ] من : و أقرب قوم إلى : النّابغة ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 180 .

[ 1 ] ورد في الغارات ص 351 . و الإمامة و السياسة ج 1 ص 172 . و الإرشاد ص 146 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 630 و 649 .

و منهاج البراعة ج 8 ص 155 . و نهج السعادة ج 2 ص 585 . باختلاف يسير .

[ 2 ] يكشّ بعضكم على بعض . ورد في الغارات ص 351 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 630 . و نهج السعادة ج 2 ص 585 .

[ 3 ] للّه من حرمة . ورد في المصادر السابقة . و منهاج البراعة للخوئي ج 8 ص 156 . باختلاف يسير .

[ 4 ] تفريطكم في جهاد عدوّكم . ورد في الإمامة و السياسة لابن قتيبة ج 1 ص 173 .

[ 5 ] تذكّرتم . ورد في الغارات للثقفي ص 351 .

[ 6 ] رئيسهم . ورد في البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 483 .

[ 7 ] الهدى و الحقّ . ورد في كتاب الفتوح لابن أعثم ج 3 ص 141 .

[ 8 ] الأوثان . ورد في البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 483 .

[ 472 ]

أَلَمْ تَعْجَبُوا ، إِنَّ هذَا لَهُوَ الْخَطْبُ الْجَليلُ ، إِنَّ فُسَّاقاً مُنَافِقينَ كَانُوا عِنْدَنا غَيْرَ مُؤْتَمَنينَ [ 1 ] ، و عَنِ الإِسْلاَمِ وَ أَهْلِهِ مُنْحَرِفينَ [ 2 ] ، أَصْبَحُوا وَ قَدْ خَدَعُوا شَطْرَ هذِهِ الأُمَّةِ ، فَأَشْرَبُوا قُلُوبَهُمْ حُبَّ الْفِتْنَةِ ،

وَ اسْتَمَالُوا أَهْوَاءَهُمْ إِلَى الْبَاطِلِ بِالإِفْكِ وَ الْبُهْتَانِ ، حَتَّى نَصَبُوا لَنَا الْحَرْبَ ، وَجَدُّوا [ 3 ] في إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهِ الْكَافِرُونَ [ 4 ] ؟ .

[ 11 ] اَللَّهُمَّ فَإِنَّهُمْ [ 5 ] قَدْ [ 6 ] رَدُّوا الْحَقَّ فَافْضُضْ جَمَاعَتَهُمْ ، وَ شَتِّتْ كَلِمَتَهُمْ ، وَ أَبْسِلْهُمْ بِخَطَايَاهُمْ ،

فَإنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَ الَيْتَ ، وَ لاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ [ 7 ] .