[ 5 ] إِنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ عَظُمَ جَلاَلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ في نَفْسِهِ ، وَ جَلَّ مَوْضِعُهُ مِنْ قَلْبِهِ ، أَنْ يَصْغُرَ عِنْدَهُ ، لِعِظَمِ ذَلِكَ ، كُلُّ مَا سِوَاهُ .
وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَنْ عَظُمَتْ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَ لَطُفَ إِحْسَانُهُ إِلَيْهِ .
فَإِنَّهُ لَمْ تَعْظُمْ نِعْمَةُ اللَّهِ تَعَالى [ 1 ] عَلى أَحَدٍ إِلاَّ ازْدَادَ حَقُّ اللَّهِ عَلَيْهِ عِظَماً .
وَ إِنَّ مِنْ أَسْخَفِ حَالاَتِ الْوُلاَةِ عِنْدَ صَالِحِ النَّاسِ ، أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ حُبُّ الْفَخْرِ ، وَ يُوضَعَ أَمْرُهُمْ عَلَى الْكِبْرِ .
وَ قَدْ كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ جَالَ في ظَنِّكُمْ أَنّي أُحِبُّ الإِطْرَاءَ ، وَ اسْتِمَاعَ الثَّنَاءِ .
وَ لَسْتُ بِحَمْدِ اللَّهِ ، كَذَلِكَ ، وَ لَوْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فِيَّ لَتَرَكْتُهُ انْحِطَاطاً للَّهِ سُبْحَانَهُ عَنْ تَنَاوُلِ مَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْعَظَمَةِ وَ الْكِبْرِيَاءِ .
وَ رُبَّمَا اسْتَحْلَى النَّاسُ الثَّنَاءَ بَعْدَ الْبَلاَءِ .
فَلاَ تُثْنُوا عَلَيَّ بِجَميلِ ثَنَاءٍ ، لإِخْرَاجي نَفْسي إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ إِلَيْكُمْ مِنَ التَّقِيَّةِ [ 2 ] في حُقُوقٍ لَمْ أَفْرَغْ مِنْ أَدَائِهَا ، وَ فَرَائِضَ لاَ بُدَّ مِنْ إِمْضَائِهَا .
فَلاَ تُكَلِّمُوني بِمَا يُكَلَّمُ بِهِ الْجَبَابِرَةُ ، وَ لاَ تَتَحَفَّظُوا مِنّي [ 3 ] بِمَا يُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ ،
وَ لاَ تُخَالِطُوني بِالْمُصَانَعَةِ ، وَ لاَ تَظُنُّوا بِيَ اسْتِثْقَالاً في حَقٍّ قيلَ لي ، وَ لاَ الْتِمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسي لِمَا لاَ يَصْلُحُ لي [ 4 ] ، فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَثْقَلَ الْحَقَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ ، أَوِ الْعَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ ، كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَيْهِ .
فَلاَ تَكُفُّوا عَنْ مَقَالَةٍ بِحَقٍّ ، أَوْ مَشُورَةٍ بِعَدْلٍ ، فَإِنّي لَسْتُ في نَفْسي بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِئَ ، وَ لاَ آمَنُ
[ 5 ] من : إنّ من إلى : بعد العمى ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 216 .
[ 1 ] ورد في منهاج البراعة للخوئي ج 14 ص 160 .
[ 2 ] البقيّة . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 212 . و نسخة نصيري ص 140 . و نسخة الآملي ص 188 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 215 . و نسخة الأسترابادي ص 350 . و نسخة الجيلاني . و نسخة العطاردي ص 253 .
[ 3 ] عنّي . ورد في نسخة العام 40 . الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 302 .
[ 4 ] ورد في منهاج البراعة للخوئي ج 14 ص 161 .
[ 600 ]
ذَلِكَ مِنْ فِعْلي ، إِلاَّ أَنْ يَكْفِيَ اللَّهُ مِنْ نَفْسي مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنّي .
فَإِنَّمَا أَنَا وَ أَنْتُمْ عَبيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لاَ رَبَّ غَيْرُهُ ، يَمْلِكُ مِنَّا مَا لاَ نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا ، وَ أَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فيهِ إِلى مَا صَلُحْنَا عَلَيْهِ ، فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلاَلَةِ بِالْهُدى ، وَ أَعْطَانَا الْبَصيرَةَ بَعْدَ الْعَمى .