فقال عليه السلام :
إِنَّ في أَيْدِي النَّاسِ حَقّاً وَ بَاطِلاً ، وَ صِدْقاً وَ كَذِباً ، وَ نَاسِخاً وَ مَنْسُوخاً ، وَ عَامّاً وَ خَاصّاً ،
وَ مُحْكَماً وَ مُتَشَابِهاً ، وَ حِفْظاً وَ وَهْماً .
وَ لَقَدْ كُذِبَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَلى عَهْدِهِ ، حَتَّى قَامَ خَطيباً فَقَالَ :
أَيُّهَا النَّاسُ ، قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ الْكَذَّابَةُ ، فَ [ 2 ] مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ .
ثُمَّ كُذِبَ عَلَيْهِ مِنْ بَعْدِهِ حينَ تُوُفِّيَ ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلى نَبِيِّ الرَّحْمَةِ ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ [ 3 ] .
وَ إِنَّمَا أَتَاكَ [ 4 ] بِالْحَديثِ أَرَبَعَةُ رِجَالٍ لَيْسَ لَهُمْ خَامِسٌ :
رَجُلٌ مُنَافِقٌ مُظْهِرٌ لِلإيمَانِ ، مُتَصَنِّعٌ بِالإِسْلاَمِ بِاللِّسَانِ [ 5 ] ، لاَ يَتَأَثَّمُ وَ لاَ يَتَحَرَّجُ أَنْ [ 6 ] يَكْذِبَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مُتَعَمِّداً .
[ 7 ] من : و قد سأله إلى : فقال . و من : من كذب إلى : النّار . و من : و إنّما إلى : لقف عنه ورد في خطب الرضي تحت الرقم 210 .
[ 1 ] ورد في الغارات للثقفي ص 55 . و مناقب آل أبي طالب لابن شهر اشوب ج 2 ص 114 .
[ 2 ] ورد في السقيفة ص 104 . و الخصال ص 255 . و الكافي ج 1 ص 62 . و تحف العقول ص 136 . و الاحتجاج ج 1 ص 264 .
و البحار ج 2 ص 228 و ج 36 ص 273 . و منهاج البراعة ج 14 ص 59 .
[ 3 ] ورد في المصادر السابقة . باختلاف يسير .
[ 4 ] يأتيك . ورد في السقيفة لسليم بن قيس ص 104 . و تحف العقول للحرّاني ص 136 .
[ 5 ] ورد في الغيبة للنعماني ص 76 .
[ 6 ] ورد في السقيفة ص 104 . و الخصال ص 256 . و الكافي ج 1 ص 63 . و منهاج البراعة ج 14 ص 59 .
[ 574 ]
فَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ [ 1 ] أَنَّهُ مُنَافِقٌ كَاذِبٌ لَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ ، وَ لَمْ يُصَدِّقُوا قَوْلَهُ ، وَ لكِنَّهُمْ قَالُوا : هذَا [ 2 ] صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَدْ [ 3 ] رَآهُ وَ سَمِعَ مِنْهُ ، وَ لَقِفَ عَنْهُ ، وَ هُوَ لاَ يَكْذِبُ ، وَ لاَ يَسْتَحِلُّ الْكَذِبَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ [ 4 ] . [ 17 ] فَيَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ وَ هُمْ لاَ يَعْرِفُونَ حَالَهُ [ 5 ] .
وَ قَدْ أَخْبَرَكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ [ 6 ] عَنِ الْمُنَافِقينَ بِمَا أَخْبَرَكَ ، وَ وَصَفَهُمْ بِمَا وَصَفَهُمْ بِهِ لَكَ ، فَقَالَ :
وَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَ إِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ [ 7 ] .
ثُمَّ إِنَّهُمْ [ 8 ] بَقُوا [ 9 ] بَعْدَهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ السَّلاَمُ [ 10 ] ، وَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا [ 11 ] ، فَتَقَرَّبُوا إِلى أَئِمَّةِ الضَّلاَلَةِ ، وَ الدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ ، بِالزُّورِ وَ الْكَذِبِ [ 12 ] وَ الْبُهْتَانِ ، فَوَلَّوْهُمُ الأَعْمَالَ ، وَ جَعَلُوهُمْ [ 13 ] عَلى رِقَابِ النَّاسِ ، فَأَكَلُوا بِهِمُ الدُّنْيَا .
وَ إِنَّمَا النَّاسُ مَعَ [ 14 ] الْمُلُوكِ وَ الدُّنْيَا ، وَ هِيَ غَايَتُهُمُ الَّتي يَطْلُبُونَ [ 15 ] ، إِلاَّ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ [ 16 ] .
[ 17 ] من : فيأخذون بقوله و قد إلى : وصفهم به لك . و من : ثمّ بقوا بعده إلى : و متشابهه ورد في خطب الرضي تحت الرقم 210 .
[ 1 ] المسلمون . ورد في السقيفة لسليم بن قيس ص 104 .
[ 2 ] ورد في المصدر السابق . و الخصال للصدوق ص 256 . و الكافي للكليني ج 1 ص 63 . و منهاج البراعة للخوئي ج 14 ص 59 .
[ 3 ] ورد في الغيبة للنعماني ص 76 .
[ 4 ] ورد في السقيفة لسليم بن قيس ص 104 .
[ 5 ] ورد في الخصال ص 256 . و الكافي ج 1 ص 63 . و الغيبة ص 77 . و تحف العقول ص 136 . و البحار ج 2 ص 228 . و منهاج البراعة ج 14 ص 59 .
[ 6 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 136 . و منهاج البراعة للخوئي ج 14 ص 59 .
[ 7 ] المنافقون ، 4 . و وردت الفقرة في السقيفة ص 104 . و الخصال ص 256 . و الكافي ج 1 ص 63 . و تحف العقول ص 136 . و البحار ج 2 ص 228 . و منهاج البراعة ج 14 ص 59 .
[ 8 ] ورد في تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 133 . و نهج السعادة للمحمودي ج 2 ص 611 .
[ 9 ] عاشوا . ورد في المصدرين السابقين .
[ 10 ] رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم . ورد في الغيبة للنعماني ص 76 .
[ 11 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 136 .
[ 12 ] ورد في السقيفة ص 104 . و الخصال ص 256 . و الكافي ج 1 ص 63 . و تحف العقول ص 136 . و البحار ج 2 ص 228 . و منهاج البراعة ج 14 ص 59 .
[ 13 ] حملوهم . ورد في المصادر السابقة . و الغيبة للنعماني ص 77 .
[ 14 ] تبع ل . ورد في تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 133 . و نهج السعادة للمحمودي ج 2 ص 611 .
[ 15 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 136 .
[ 16 ] ورد في تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 133 . و نهج السعادة للمحمودي ج 2 ص 611 .
[ 575 ]
فَهذَا [ 1 ] أَحَدُ الأَرْبَعَةِ .
وَ الثَّاني : [ 2 ] رَجُلٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ شَيْئاً لَمْ يَحْفَظْهُ عَلى وَجْهِهِ ،
فَوَهِمَ فيهِ ، وَ لَمْ يَتَعَمَّدْ كَذِباً ، فَهُوَ في يَدَيْهِ يَرْويهِ وَ يَعْمَلُ بِهِ ، وَ يَقُولُ : أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ . فَلَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ وَهِمَ فيهِ لَمْ يَقْبَلُوهُ مِنْهُ ، وَ لَوْ عَلِمَ هُوَ أَنَّهُ كَذَلِكَ لَرَفَضَهُ ،
وَ مَا عَمِلَ بِهِ [ 3 ] .
وَ رَجُلٌ ثَالِثٌ ، سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ شَيْئاً يَأْمُرُ بِهِ . ثُمَّ إِنَّهُ نَهى عَنْهُ وَ هُوَ لاَ يَعْلَمُ ، أَوْ سَمِعَهُ يَنْهى عَنْ شَيْءٍ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ وَ هُوَ لاَ يَعْلَمُ ، فَحَفِظَ الْمَنْسُوخَ وَ لَمْ يَحْفَظِ النَّاسِخَ ،
فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ مَا حَدَّثَ بِهِ [ 4 ] لَرَفَضَهُ ، وَ لَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ ، إِذْ سَمِعُوهُ مِنْهُ ، أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضُوهُ ، [ وَ ] مَا نَقَلُوا عَنْهُ [ 5 ] .
وَ رَجُلٌ [ 6 ] آخَرَ رَابِعٌ ، لَمْ يَكْذِبْ عَلَى اللَّهِ وَ لاَ عَلى رَسُولِهِ ، مُبْغِضٌ لِلْكَذِبِ خَوْفاً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ [ 7 ] ، وَ تَعْظيماً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ، وَ لَمْ يَهِمْ ، وَ لَمْ يَغِبْ [ 8 ] ، بَلْ حَفِظَ مَا سَمِعَ عَلى وَجْهِهِ ، فَجَاءَ بِهِ عَلى مَا سَمِعَهُ ، لَمْ يَزِدْ فيهِ ، وَ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ ، وَ حَفِظَ النَّاسِخَ فَعَمِلَ بِهِ ، وَ حَفِظَ الْمَنْسُوخَ فَجَنَّبَ عَنْهُ ، وَ عَرَفَ الْخَاصَّ وَ الْعَامَّ فَوَضَعَ كُلَّ شَيْءٍ مَوْضِعَهُ ، وَ عَرَفَ الْمُحْكَمَ وَ مُتَشَابِهَهُ .
وَ إِنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ نَهْيَهُ مِثْلُ الْقُرْآنِ نَاسِخٌ وَ مَنْسُوخٌ ، وَ خَاصٌّ وَ عَامٌّ ، وَ مُحْكَمٌ وَ مُتَشَابِهٌ .
وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ في كِتَابِهِ : مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [ 9 ] .
[ 10 ] وَ قَدْ كَانَ يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ الْكَلاَمُ لَهُ وَجْهَانِ :
[ 10 ] من : و قد كان يكون إلى : رواياتهم ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 210 .
[ 1 ] فهو . ورد في نسخة عبده ص 467 .
[ 2 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 137 .
[ 3 ] ورد في المصدر السابق . و تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 133 .
[ 4 ] ورد في تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 133 .
[ 5 ] ورد في
[ 6 ] ورد في السقيفة لسليم بن قيس ص 105 . و تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 133 . و الغيبة للنعماني ص 79 .
[ 7 ] ورد في الخصال للصدوق ص 256 . و الغيبة للنعماني ص 79 . و منهاج البراعة للخوئي ج 14 ص 60 .
[ 8 ] ورد في تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 133 . و نهج السعادة للمحمودي ج 3 ص 27 .
[ 9 ] الحشر ، 7 . و وردت الفقرة في السقيفة ص 105 . و الخصال ص 256 . و الكافي ج 1 ص 63 . و الغيبة ص 80 . و تحف العقول ص 137 . و البحار ج 2 ص 229 . و منهاج البراعة ج 14 ص 60 . باختلاف يسير .
[ 576 ]
فَكَلاَمٌ خَاصٌ ، وَ كَلاَمٌ عَامٌّ .
فَيَسْمَعُهُ مَنْ لاَ يَعْرِفُ مَا عَنَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهِ ، وَ لاَ مَا عَنى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ، فَيَحْمِلُهُ السَّامِعُ وَ يُوَجِّهُهُ عَلى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ بِمَعْنَاهُ ، وَ مَا قُصِدَ بِهِ ، وَ مَا خَرَجَ مِنْ أَجْلِهِ .
وَ لَيْسَ كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مَنْ كَانَ يَسْأَلُهُ عَنِ الشَّيْءِ [ 1 ] وَ يَسْتَفْهِمُهُ ، حَتَّى إِنْ كَانُوا لَيُحِبُّونَ أَنْ يَجيءَ الأَعْرَابِيُّ أَوِ الطَّارِئُ فَيَسْأَلَهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ [ 2 ] حَتَّى يَسْمَعُوا .
وَ كَانَ لاَ يَمُرُّ بي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إِلاَّ سَأَلْتُهُ [ 3 ] عَنْهُ وَ حَفِظْتُهُ .
فَهذِهِ وُجُوهُ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ فِي اخْتِلاَفِهِمْ ، وَ عِلَلِهِمْ في رِوَايَاتِهِمْ .
وَ لَقَدْ كُنْتُ أَدْخُلُ أَنَا عَلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كُلَّ يَوْمٍ دَخْلَةً ، وَ كُلَّ لَيْلَةٍ دَخْلَةً ،
فَيُخْليني فيهَا خَلْوَةً أَدُورُ مَعَهُ حَيْثُمَا دَارَ .
وَ قَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَصْنَعْ ذَلِكَ بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ غَيْري .
وَ رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ في شَيْءٍ يَأْتيني رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَكْثَرَ ذَلِكَ في مَنْزِلي .
وَ كُنْتُ إِذَا دَخَلْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ مَنَازِلِهِ خَلاَ بي ، وَ أَقَامَ نِسَاءَهُ حَتَّى لاَ يَبْقى عِنْدَهُ غَيْري ، وَ إِذَا أَتَاني لِلْخَلْوَةِ مَعي في بَيْتي لَمْ تَقُمْ فَاطِمَةُ وَ لاَ أَحَدٌ مِنْ بَنِيَّ .
وَ كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُهُ أَجَابَني ، وَ إِذَا سَكَتُّ عَنْهُ أَوْ نَفَدَتْ مَسَائِلِي ابْتَدَأَني .
فَمَا نَزَلَتْ عَلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ في لَيْلٍ وَ لاَ نَهَارٍ ، وَ لاَ سَهْلٍ وَ لاَ جَبَلٍ ، وَ لاَ سَمَاءٍ وَ لاَ أَرْضٍ ، وَ لاَ دُنْيَا وَ لاَ آخِرَةٍ ، وَ لاَ جَنَّةٍ وَ لاَ نَارٍ ، وَ لاَ ضِيَاءٍ وَ لاَ ظُلْمَةٍ ، إِلاَّ أَقْرَأَنيهَا وَ أَمْلاَهَا عَلَيَّ ، فَكَتَبْتُهَا بِخَطّي ، وَ عَلَّمَني تَأْويلَهَا وَ تَفْسيرَهَا ، وَ نَاسِخَهَا وَ مَنْسُوخَهَا ، وَ مُحْكَمَهَا وَ مُتَشَابِهَهَا ، وَ خَاصَّهَا وَ عَامَّهَا ، وَ كَيْفَ نَزَلَتْ ، وَ أَيْنَ نَزَلَتْ ، وَ فيمَنْ نَزَلَتْ ، إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
وَ دَعَا اللَّهَ لي أَنْ يُعْطِيَني فَهْمَهَا وَ حِفْظَهَا ، فَمَا نَسيتُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مُنْذُ حَفِظْتُهَا ، وَ لاَ عِلْماً
[ 1 ] ورد في الكافي ج 1 ص 63 . و الغيبة ص 80 . و تحف العقول ص 137 . و منهاج البراعة ج 14 ص 60 .
[ 2 ] فيسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ورد في السقيفة ص 106 . و الخصال ص 257 . و الكافي ج 1 ص 64 . و الغيبة ص 80 . و البحار ج 2 ص 229 . و منهاج البراعة ج 14 ص 60 .
[ 3 ] سألت . ورد في متن شرح ابن ميثم ج 4 ص 21 . و نسخة الجيلاني الموجودة في مكتبة الإمام الرضا ( ع ) في مدينة مشهد .
و متن منهاج البراعة ج 14 ص 26 . و متن مصادر نهج البلاغة ج 3 ص 114 .
[ 577 ]
أَمْلاَهُ عَلَيَّ ، مُنْذُ دَعَا اللَّهَ لي بِمَا دَعَاهُ .
وَ مَا تَرَكَ شَيْئاً عَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ حَلاَلٍ وَ لاَ حَرَامٍ ، وَ لاَ أَمْرٍ وَ لاَ نَهْيٍ ، أَوْ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ ، كَانَ أَوْ يَكُونُ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَ لاَ كِتَابٍ مُنْزَلٍ عَلى أَحَدٍ قَبْلَهُ في أَمْرٍ بِطَاعَةٍ ، أَوْ نَهْيٍ عَنْ مَعْصِيَةٍ ، إِلاَّ عَلَّمَنيهِ وَ حَفِظْتُهُ ، فَلَمْ أَنْسَ مِنْهُ حَرْفاً وَاحِداً .
ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلى صَدْري ، وَ دَعَا اللَّهَ أَنْ يَمْلأَ قَلْبي عِلْماً وَ فَهْماً وَ فِقْهاً وَ حُكْماً وَ نُوراً ، وَ أَنْ يُعَلِّمَني فَلاَ أَجْهَلُ ، وَ أَنْ يُحَفِّظَني فَلاَ أَنْسى .
وَ إِنّي قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، بِأَبي أَنْتَ وَ أُمّي ، إِنّي مُنْذُ يَوْمِ دَعَوْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لي بِمَا دَعَوْتَ لَمْ أَنْسَ شَيْئاً مِمَّا عَلَّمْتَني ، وَ لَمْ يَفُتْني شَيْءٌ لَمْ أَكْتُبْهُ مِمَّا عَلَّمْتَني وَ لَمْ تَأْمُرْني بِكِتَابَتِهِ ، أَ فَتَخَوَّفُ عَلَيَّ النِّسْيَانَ فيمَا بَعْدُ ؟ .
فَقَالَ : يَا أَخي ، لاَ ، لَسْتُ أَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ النِّسْيَانَ وَ لاَ الْجَهْلَ .
وَ قَدْ أَخْبَرَنِي اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ قَدِ اسْتَجَابَ لِي فيكَ وَ في شُرَكَائِكَ الَّذينَ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِكَ .
وَ إِنَّمَا تَكْتُبُهُ لَهُمْ .
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَ مَنْ شُرَكَائي ؟ .
قَالَ : الَّذينَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَ بي فَقَالَ : يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَطيعُوا اللَّهَ وَ أَطيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى الرَّسُولِ 1 .
قُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، وَ مَنْ هُمُ الأَوْصِيَاءُ ؟ .
قَالَ : الأَوْصِيَاءُ ، إِلى أَنْ يَرِدُوا عَلَيَّ حَوْضي ، كُلُّهُمْ هَادٍ مُهْتَدٍ ، لاَ يَضُرُّهُمْ كَيْدُ مَنْ كَادَهُمْ ، وَ لاَ خِذْلاَنُ مَنْ خَذَلَهُمْ .
هُمْ مَعَ الْقُرْآنِ ، وَ الْقُرْآنُ مَعَهُمْ ، لاَ يُفَارِقُونَهُ وَ لاَ يُفَارِقُهُمْ .
بِهِمْ يَنْصُرُ اللَّهُ أُمَّتي وَ بِهِمْ يَسْقي [ هِمُ ] الْغَيْثَ ، وَ بِهِمْ يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُمْ ، وَ بِهِمْ يُصْرَفُ الْبَلاَءُ عَنْهُمْ ، وَ بِهِمْ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ مِنَ السَّمَاءِ .
قُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، سَمِّهِمْ لي .
فَسَمَّاهُمْ رَجُلاً رَجُلاً ، مِنْهُمْ ، وَ اللَّهِ ، يَا أَخَابَني هِلاَلٍ ، مَهْدِيُّ هذِهِ الأُمَّةِ الَّذي يَمْلأُ الأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً .
-----------
( 1 ) النساء ، 59 .
[ 578 ]
وَ اللَّهِ إِنّي لأَعْرِفُ جَميعَ مَنْ يُبَايِعُهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ ، وَ أَعْرِفُ أَسْمَاءَ الْجَميعِ وَ قَبَائِلِهِمْ [ 1 ] .