بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ إِلى أَهْلِ الْكُوفَةِ .
سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ . فَإِنّي أَحْمُدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذي لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ .
[ 3 ] من : من عبد اللّه إلى : و السّلام ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 63 .
[ 1 ] خفّفت . ورد في نسخة العطاردي ص 391 عن نسخة نصيري ، و عن شرح الكيذري .
[ 2 ] و لا يبالي . ورد في نسخة العام 400 ص 420 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 360 . و نسخة الأسترابادي ص 500 .
[ 789 ]
أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللَّهَ بِمَنِّهِ وَ فَضْلِهِ وَ حُسْنِ بَلاَئِهِ عِنْدي وَ عِنْدَكُمْ حَكَمٌ عَدْلٌ ، لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ 1 .
ثُمَّ إِنّي أُخْبِرُكُمْ عَنَّا وَ عَمَّنْ سِرْنَا إِلَيْهِمْ مِنْ جَمْعِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ بَعْدَ نَكْثِهِمَا ، عَلى مَا قَدْ عَلِمْتُمْ ،
مِنْ صَفْقَةِ أَيْمَانِهِمَا وَ هُمَا طَائِعَانِ غَيْرُ مُكْرَهَيْنِ ، وَ تَنَكُّبِهِمَا عَنِ الْحَقِّ .
فَخَرَجْتُ مِنَ الْمَدينَةِ بِمَنْ خَرَجْتُ ، مِمَّنْ سَارَعَ إِلى بَيْعَتي وَ إِلَى الْحَقِّ [ مِنَ ] الْمُهَاجِرينَ وَ الأَنْصَارِ ، حَتَّى أَتَيْنَا « ذَا قَارٍ » .
فَبَعَثْتُ ابْنِيَ الْحَسَنَ ، وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ ابْنَ عَمّي ، وَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ ، وَ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ،
فَاسْتَنْفَرْتُكُمْ لِحَقِّ اللَّهِ وَ حَقِّ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ حَقِّنَا . فَأَجَابَني إِخْوَانُكُمْ سُرَّعاً حَتَّى قَدِمُوا عَلَيَّ ، فَسِرْتُ بِهِمْ وَ بِالْمُسَارَعَةِ إِلى طَاعَةِ اللَّهِ حَتَّى نَزَلْتُ ظَهْرَ الْبَصْرَةِ .
وَ قَدِمَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَيْرُ الْبَصْرَةَ ، وَ صَنَعَا بِعَامِلي عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ مَا صَنَعَا ، فَقَدَّمْتُ إِلَيْهِمُ الرُّسُلَ ،
وَ أَعْذَرْتُ كُلَّ الاِعْذَارِ ، وَ أَقَمْتُ الْحُجَّةَ ، وَ أَقَلْتُ الْعَثْرَةَ وَ الزَّلَّةَ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ مِنْ قُرَيْشٍ وَ غَيْرِهِمْ ،
وَ اسْتَتَبْتُهُمْ مِنْ نَكْثِهِمْ بَيْعَتي وَ عَهْدِ اللَّهِ لي عَلَيْهِمْ ، وَ نَاشَدْتُهُمْ عَقْدَ بَيْعَتِهِمْ . فَأَبَوْا إِلاَّ قِتَالي وَ قِتَالَ مَنْ مَعِيَ ، وَ التَّمَادِيَ فِي الْغَيِّ .
فَلَقينَا الْقَوْمَ النَّاكِثينَ لِبَيْعَتِنَا ، الْمُفَرِّقينَ لِجَمَاعَتِنَا ، الْبَاغينَ عَلَيْنَا مِنْ أُمَّتِنَا ، فَلَمْ أَجِدْ بُدّاً مِنْ مُنَاصَفَتِهِمْ لي ، فَاسْتَعَنْتُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ ، وَ نَاهَضْتُهُمْ بِالْجِهَادِ فِي النِّصْفِ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ بِالْخُرَيْبَةِ فِنَاءٍ مِنْ أَفْنِيَةِ الْبَصْرَةِ ، فَقَتَلَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ نَاكِثاً ، وَ نَصَرَنَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ .
وَ قُتِلَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَيْرُ عَلى نَكْثِهِمَا وَ شِقَاقِهِمَا .
وَ قَدْ تَقَدَّمْتُ إِلَيْهِمَا بِالْمَعْذِرَةِ ، وَ أَبْلَغْتُ إِلَيْهِمَا بِالنَّصيحَةِ ، وَ أَشْهَدْتُ عَلَيْهِمَا صُلَحَاءَ الأُمَّةِ ،
وَ مَكَّنْتُهُمَا فِي الْبَيْعَةِ ، فَمَا أَطَاعَا الْمُرْشِدينَ ، وَ لاَ أَجَابَا النَّاصِحينَ .
وَ لاَذَ أَهْلُ الْبَغْي بِعَائِشَةَ ، فَقُتِلَ حَوْلَهَا عَالَمٌ جَمٌّ لاَ يُحْصي عَدَدَهُمْ إِلاَّ اللَّهُ .
ثُمَّ ضَرَبَ اللَّهُ وَجْهَ بَقِيَّتِهِمْ فَأَدْبَرُوا ، وَ وَلَّى مَنْ وَلَّى إِلى مِصْرِهِ .
فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ أَشْأَمَ مِنْ نَاقَةِ الْحِجْرِ عَلى أَهْلِ ذَلِكَ الْمِصْرِ ، مَعَ مَا جَاءَتْ بِهِ مِنَ الْحُوبِ الْكَبيرِ في مَعْصِيَتِهَا لِرَبِّهَا وَ نَبِيِّهِ ، مِنَ الْحَرْبِ ، وَ اغْتِرَارِ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا ، وَ مَا صَنَعَتْهُ مِنَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنينَ ،
وَ سَفْكِ دِمَاءِ الْمُسْلِمينَ ، بِلاَ بَيِّنَةٍ وَ لاَ مَعْذِرَةٍ وَ لاَ حُجَّةٍ ظَاهِرَةٍ لَهَا .
-----------
( 1 ) الرعد ، 11 .
[ 790 ]
فَلَمَّا هَزَمَهُمُ اللَّهُ [ وَ ] خُذِلُوا وَ أَدْبَرُوا ، وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ ، وَ لَمَّا رَأَوْا مَا حَلَّ بِهِمْ ، سَأَلُوني مَا كُنْتُ دَعَوْتُهُمْ إِلَيْهِ قَبْلَ اللِّقَاءِ مِنْ كَفِّ الْقِتَالِ .
فَقَبِلْتُ مِنْهُمْ ، وَ أَغْمَدْتُ السَّيْفَ عَنْهُمْ ، وَ أَخَذْتُ بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ ، وَ أَجْرَيْتُ الْحَقَّ وَ السُّنَّةَ بَيْنَهُمْ ،
فَأَمَرْتُ أَنْ لاَ يُقْتَلَ مُدْبِرٌ ، وَ لاَ يُجْهَزَ عَلى جَريحٍ ، وَ لاَ تُكْشَفَ عَوْرَةٌ ، وَ لاَ يُهْتَكَ سِتْرٌ ، وَ لاَ يُدْخَلَ دَارٌ إِلاَّ بِإِذْنِ أَهْلِهَا ، وَ قَدْ آمَنْتُ النَّاسَ .
وَ قَدِ اسْتُشْهِدَ مِنَّا رِجَالٌ صَالِحُونَ ، ضَاعَفَ اللَّهُ لَهُمُ الْحَسَنَاتُ وَ رَفَعَ دَرَجَاتِهِمْ ، وَ أَثَابَهُمْ ثَوَابَ الصَّادِقينَ الصَّابِرينَ .
وَ أُصيبَ مِمَّنْ أُصيبَ مِنَّا : ثُمَامَةُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَ هِنْدُ بْنُ عَمْروٍ ، وَ عَلْبَاءُ بْنُ الْهَيْثَمِ ، وَ سيحَانُ وَ زَيْدٌ ابْنَا صَوْحَانَ وَ مَحْدُوجٍ [ 1 ] .
[ 3 ] وَ جَزَاكُمُ اللَّهُ ، مِنْ أَهْلِ مِصْرَ ، عَنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ أَحْسَنَ مَا يَجْزِى الْعَامِلينَ بِطَاعَتِهِ ،
وَ الشَّاكِرينَ لِنِعْمَتِهِ .
فَقَدْ سَمِعْتُمْ وَ أَطَعْتُمْ ، وَ دُعيتُمْ فَأَجَبْتُمْ . فَنِعْمَ الإِخْوَانُ وَ الأَعْوَانُ عَلَى الْحَقِّ أَنْتُمْ .
وَ قَدِ اخْتَرْتُ لَهُمْ عَامِلاً اسْتَعْمَلْتُهُ عَلَيْهِمْ وَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ .
وَ أَنَا سَائِرٌ إِلَى الْكُوفَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالى .
وَ قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ زَحْرَ بْنَ قَيْسِ الْجُعْفِيَّ بِالْبِشَارَةِ لِتَسْأَلُوهُ ، وَ لِيُخْبِرَكُمْ عَنَّا وَ عَنْهُمْ ، وَ رَدِّهِمُ الْحَقَّ عَلَيْنَا ، وَ رَدِّ اللَّهِ لَهُمْ وَ هُمْ كَارِهُونَ .
وَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ [ 2 ] .
[ 3 ] من : و جزاكم إلى : فأجبتم ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 2 .
[ 1 ] ورد في الإمامة و السياسة ج 1 ص 110 . و تاريخ الطبري ج 3 ص 545 . و الإرشاد ص 138 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 412 و 428 و 432 . و منهاج البراعة ج 17 ص 13 و 14 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 128 . باختلاف يسير .
[ 2 ] ورد في الإرشاد ص 138 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 412 و 428 و 432 . و منهاج البراعة ج 17 ص 14 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 128 . و نهج البلاغة الثاني ص 204 .
[ 791 ]