لمّا سأله رجل : أ كان مسيرنا إلى أهل الشام و قتالنا إياهم بقضاء و قدر من اللّه ؟ .
فقال عليه السلام :
نَعَمْ ، يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ [ 2 ] .
وَ الَّذي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ ، مَا عَلَوْنَا تَلْعَةً ، وَ لاَ هَبَطْنَا بَطْنَ وَادٍ ، وَ مَا وَطِئْنَا مَوْطِئاً ، إِلاَّ وَ للَّهِ فيهِ قَضَاءٌ وَ قَدَرٌ .
فقال الرجل : فعند اللّه أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين . ما أرى أن لي من الأجر شيئاً في سعيي إذا كان اللّه قضاه عليّ و قدّره لي .
فقال عليه السلام :
مَهْ ، يَا شَيْخُ ، فَوَ اللَّهِ لَقَدْ أَعْظَمَ اللَّهُ لَكُمُ الأَجْرَ عَلى مَسيرِكُمْ وَ أَنْتُمْ سَائِرُونَ ، وَ عَلى مُقَامِكُمْ وَ أَنْتُمْ مُقيمُونَ ، وَ في مُنْحَدَرِكُمْ وَ أَنْتُمْ مُنْحَدِرُونَ ، وَ في مُنْصَرَفِكُمْ وَ أَنْتُمْ مُنْصَرِفُونَ ، وَ لَمْ تَكُونُوا في شَيْءٍ مِنْ
[ 1 ] على الخير إلاّ بعون اللّه عزّ و جلّ . و وردت الفقرات في الجعفريات ص 238 . و التوحيد ص 383 . و دستور معالم الحكم ص 108 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي ) ج 3 ص 285 . و مختصر البصائر ص 136 و 153 . و كنز العمال ج 1 ص 346 و 349 عن تاريخ ابن عساكر ، و عن الحلية لأبي نعيم . و البحار ج 5 ص 97 و 123 . و نهج البلاغة الثاني ص 110 باختلاف بين المصادر .
[ 2 ] يا شيخ . ورد في عيون أخبار الرضا ج 1 ص 139 . و كتاب الفتوح لابن أعثم ج 4 ص 217 . و الاحتجاج ج 1 ص 208 .
[ 536 ]
حَالاَتِكُمْ مُكْرَهينَ وَ لاَ إِلَيْهَا مُضْطَرّينَ [ 1 ] .
فقال الرجل : و كيف لم نكن مُكرهين و لا مضطرّين و كان بالقضاء و القدَر مسيرنا و منقلبنا و منصرفنا ؟ .
فقال عليه السلام :
[ 10 ] وَيْحَكَ ، يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ [ 2 ] لَعَلَّكَ ظَنَنْتَ قَضَاءً لاَزِماً ، وَ قَدَراً حَاتِماً وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَبَطَلَ الأَمْرُ وَ النَّهْيُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، وَ [ 3 ] الثَّوَابُ وَ الْعِقَابُ ، وَ سَقَطَ مَعْنَى [ 4 ] الْوَعْدِ وَ الْوَعيدِ فَلَمْ يَكُنْ لِمُسيءٍ لاَئِمَةٌ مِنَ اللَّهِ ، وَ لاَ لِمُحْسِنٍ مِنْهُ مَحْمَدَةٌ وَ لَمَا كَانَ الْمُحْسِنُ أَوْلى بِثَوَابِ الاِحْسَانِ مِنَ الْمُسيءِ ، وَ لاَ كَانَ الْمُسيءُ أَوْلى بِعُقُوبَةِ الْمُذْنِبِ مِنَ الْمُحْسِنِ .
لاَ تَظُنَّ ذَلِكَ ، فَإِنَّ الْقَوْلَ بِهِ مَقَالَةُ إِخْوَانُ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ ، وَ حِزْبِ الشَّيْطَانِ ، وَ خُصَمَاءِ الرَّحْمنِ ،
وَ شُهُودِ الزُّورِ ، وَ أَهْلِ الْعَمى عَنِ الصَّوَابِ ، وَ هُمْ قَدَرِيَّةُ هذِهِ الأُمَّةِ وَ مَجُوسُهَا .
يَا شَيْخُ [ 5 ] إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى [ 6 ] أَمَرَ عِبَادَهُ بِالْخَيْرِ [ 7 ] تَخْييراً ، وَ نَهَاهُمْ عَنِ الشَّرِّ [ 8 ] تَحْذيراً ، وَ كَلَّفَ [ 9 ] يَسيراً وَ لَمْ يُكَلِّفْ عَسيراً ، وَ أَعْطى عَلَى الْقَليلِ كَثيراً وَ لَمْ يُعْصَ مَغْلُوباً ، وَ لَمْ يُطَعْ
[ 10 ] من : ويحك لعلّك إلى : و الوعيد . و من : إنّ اللّه إلى : من النّار ورد في حكم الشريف الرضي تحت الرقم 78 .
[ 1 ] ورد في الفتوح ج 4 ص 217 . و الإرشاد ص 120 . و التوحيد ص 380 . و الاحتجاج ج 1 ص 208 . و شرح ابن أبي الحديد ج 18 ص 227 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 284 . و شرح ابن ميثم ج 5 ص 278 . و البحار ج 5 ص 13 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 49 . و نهج السعادة ج 2 ص 304 . و نهج البلاغة الثاني ص 167 . باختلاف بين المصادر .
[ 2 ] ورد في شرح ابن أبي الحديد ج 18 ص 227 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 49 . و نهج البلاغة الثاني ص 167 . و ورد يا شيخ في كتاب الفتوح لابن أعثم ج 4 ص 217 . و عيون أخبار الرضا ج 1 ص 139 . و التوحيد ص 380 .
[ 3 ] ورد في الإرشاد ص 120 . و التوحيد ص 380 . و الاحتجاج ج 1 ص 208 . و شرح ابن أبي الحديد ج 18 ص 227 . و شرح ابن ميثم ج 5 ص 278 . و البحار ج 5 ص 13 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 49 . و نهج السعادة ج 2 ص 304 . و نهج البلاغة الثاني ص 167 . باختلاف يسير .
[ 4 ] ورد في التوحيد للصدوق ص 380 . و البحار للمجلسي ج 5 ص 13 .
[ 5 ] ورد في الفتوح ج 4 ص 218 . و الإرشاد ص 120 . و التوحيد ص 380 . و عيون الأخبار ج 1 ص 139 . و الاحتجاج ج 1 ص 208 .
و شرح ابن أبي الحديد ج 18 ص 227 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي ) ج 3 ص 284 . و شرح ابن ميثم ج 5 ص 278 .
و البحار ج 5 ص 13 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 49 . و نهج السعادة ج 2 ص 304 . و نهج البلاغة الثاني ص 167 .
باختلاف بين المصادر .
[ 6 ] ورد في عيون الأخبار ج 1 ص 139 . و الفتوح ج 4 ص 218 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 284 .
و الاحتجاج ج 1 ص 208 . و نهج السعادة ج 2 ص 306 . باختلاف بين المصادر .
[ 7 ] ورد في تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 284 . و كنز العمال ج 1 ص 345 . و نهج السعادة ج 2 ص 306 .
[ 8 ] ورد في المصادر السابقة .
[ 9 ] فكلّف . ورد في خصائص الأئمة للرضي ص 93 .
[ 537 ]
مُكْرِهاً ، وَ لَمْ يُمَلِّكْ مُفَوِّضاً [ 1 ] ، وَ لَمْ يُرْسِلِ الأَنْبِيَاءَ إِلى خَلْقِهِ مُبَشِّرينَ وَ مُنْذِرينَ [ 2 ] لَعِباً ، وَ لَمْ يُنْزِلِ الْكُتُبَ لِلْعِبَادِ [ 3 ] عَبَثاً ، وَ لاَ خَلَقَ السَّموَاتِ وَ الأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ، ذَلِكَ ظَنُّ الَّذينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ 4 .
فسأله الرجل : فما القضاء و القدَر عندك اللذان ما سرنا إلا بهما ؟ .
فقال عليه السلام :
هُوَ الأَمْرُ مِنَ اللَّهِ تَعَالى بِالطَّاعَةِ ، وَ النَّهْيُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ ، وَ التَّمْكينُ مِنْ فِعْلِ الْحَسَنَةِ وَ تَرْكِ السَّيِّئَةِ ، وَ الْمَعُونَةُ عَلَى الْقُرْبَةِ إِلَيْهِ ، وَ الْخِذْلاَنُ لِمَنْ عَصَاهُ ، وَ الْوَعْدُ وَ الْوَعيدُ ، وَ التَّرْغيبُ وَ التَّرْهيب .
كُلُّ ذَلِكَ قَضَاءُ اللَّهِ في أَفْعَالِنَا وَ قَدَرُهُ لأَعْمَالِنَا .
[ ثم تلا عليه السلام قوله تعالى : ] وَ قَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَ بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً 5 .
و قوله تعالى :
وَ كَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً 6 .
[ ثمّ قال عليه السلام : ] فَأَمَّا غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ تَظُنَّهُ ، فَإِنَّ الظَّنَّ لَهُ مُحْبِطٌ لِلأَعْمَالِ [ 7 ] .