كلام له عليه السلام ( 105 ) لطلحة و الزبير و المناقشة التي دارت بينه و بينهما بسبب مساواتهما مع سائر المسلمين في قسمة الفي‏ء

و عتبهما عليه لترك مشورتهما في الأحكام قالا له : إنّا أتينا عمّالك على قسمة الفي‏ء ، فأعطوا كل واحد منّا مثل ما أعطوا سائر الناس .

فقال عليه السلام :

وَ مَا تُريدَانِ ؟ .

فقالا : ليس كذلك كان يعطينا عمر .

فقال عليه السلام :

أَيُّهُمَا أَفْضَلُ عِنْدَكُمَا ، أَبُو بَكْرٍ أَوْ عُمَرُ ؟ .

قالا : أبو بكر أفضل .

فقال عليه السلام :

هذَا قَسْمُ أَبي بَكْرٍ .

وَ إِلاَّ فَدَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ غَيْرَهُ ، فَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يُعْطيكُمَا ؟ .

فسكتا .

[ 2 ] من : إنّ إلى : أفواههم ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 232 .

[ 1 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 270 .

[ 635 ]

فقال عليه السلام :

أَلَيْسَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يُقَسِّمُ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمينَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ ؟ .

قالا : نعَم .

فقال عليه السلام :

أَفَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَوْلى بِالاِتِّبَاعِ عِنْدَكُمَا أَمْ سُنَّةُ عُمَرٍ ؟ .

قالا : بل سنّة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم ، و لكن ، يا أمير المؤمنين ، لنا سابقة و غناء و قرابة . فإن رأيت أن لا تسوّينا بالناس فافعل .

فقال عليه السلام :

سَابِقَتُكُمَا أَسْبَقُ أَم سَابِقَتي ؟ .

قالا : سابقتك .

فقال عليه السلام :

فَغَنَاؤُكُمَا أَعْظَمُ أَمْ غَنَائي ؟ .

قالا : بل أنت يا أمير المؤمنين أعظم غناءً .

فقال عليه السلام :

فَقَرَابَتُكُمَا إِلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَقْرَبُ أَمْ قَرَابَتي ؟ .

قالا : قرابتك .

فقال عليه السلام :

فَوَ اللَّهِ مَا أَنَا وَ أَجيري هذَا ( و أومى بيده إلى أجير كان يعمل بين يديه ) في هذَا الْمَالِ إِلاَّ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ ، عَلى مَا عَهِدْتُ وَ عَهِدْتُمَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ، وَ سُنَّتُهُ أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعُ مِنْ أَنْ يُتَّبَعَ مَنْ خَالَفَهَا بَعْدَهُ [ 1 ] .

ثم قال عليه السلام مخاطباً إيّاهما بعد ما اتهماه بالاستئثار بالحكم و القسم :

[ 4 ] لَقَدْ نَقَمْتُمَا يَسيراً ، وَ أَرْجَأْتُمَا [ 2 ] كَثيراً ، فَاسْتَغْفِرَا اللَّهَ يَغْفِرْ لَكُمَا [ 3 ] .

[ 4 ] من : لقد نقمتما إلى : عتبى ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 205 .

[ 1 ] ورد في دعائم الإسلام ج 1 ص 384 . و شرح الأخبار ج 1 ص 374 . و مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 128 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 370 و 371 و 389 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] أرحلتما . ورد في نسخة الأسترابادي ص 334 .

[ 3 ] ورد في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 7 ص 41 .

[ 636 ]

أَلاَ تُخْبِرَاني ، أَيُّ شَيْ‏ءٍ كَانَ لَكُمَا فيهِ حَقُّ دَفَعْتُكُمَا عَنْهُ ؟ .

أَمْ أَيُّ قَسْمٍ اسْتَأْثَرْتُ لِنَفْسي [ 1 ] عَلَيْكُمَا بِهِ ؟ .

أَمْ أَيُّ حُكْمٍ أَوْ حَقٍّ رَفَعَهُ إِلَيَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمينَ ضَعُفْتُ عَنْهُ أَوْ جَهِلْتُهُ أَوْ أَخْطَأْتُ بَابَهُ ؟ .

أَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنَ الاِسْتئثَارِ ، فَ [ 2 ] وَ اللَّهِ مَا كَانَتْ لي فِي الْخِلاَفَةِ رَغْبَةٌ ، وَ لاَ فِي الْوِلاَيَةِ إِرْبَةٌ ،

وَ لكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُوني إِلَيْهَا وَ حَمَلْتُمُوني عَلَيْهَا فَخِفْتُ أَنْ أَرُدَّكُمْ فَتَخْتَلِفَ الأُمَّةُ [ 3 ] .

فَلَمّا أَفْضَتْ إِلَيَّ نَظَرْتُ إِلى كِتَابِ اللَّهِ وَ مَا وَضَعَ لَنَا وَ أَمَرَنَا بِالْحُكْمِ بِهِ فَاتَّبَعْتُهُ ، وَ مَا اسْتَنَّ [ 4 ] النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَاقْتَدَيْتُهُ ، فَلَمْ أَحْتَجْ في ذَلِكَ إِلى رَأْيِكُمَا وَ لاَ رَأْيِ غَيْرِكُمَا ، وَ لاَ وَقَعَ [ 5 ] حُكْمٌ جَهِلْتُهُ لَيْسَ في كِتَابِ اللَّهِ بَيَانُهُ ، وَ لاَ فِي السُّنَّةِ بُرْهَانُهُ [ 6 ] ، فَأَسْتَشيرَكُمَا وَ إِخْوَانِيَ مِنَ الْمُسْلِمينَ . وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ أَرْغَبْ عَنْكُمَا وَ لاَ عَنْ غَيْرِكُمَا .

وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أَمْرِ الْقَسْمِ وَ [ 7 ] الأُسْوَةِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ أَنَا فيهِ بِرَأْيي ، وَ لاَ وَليتُهُ هَوىً مِنّي ، بَلْ وَجَدْتُ أَنَا وَ أَنْتُمَا مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ [ 8 ] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ ، فَلَمْ أَحْتَجْ إِلَيْكُمَا فيمَا قَدْ فَرَغَ اللَّهُ تَعَالى مِنْ قَسْمِهِ ، وَ أَمْضى فيهِ حُكْمَهُ ، وَ كِتَابُ اللَّهِ نَاطِقٌ بِهِ ، وَ هُوَ الْكِتَابُ الَّذي لاَ يَأْتيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزيلٌ مِنْ حَكيمٍ حَميدٍ [ 9 ] .

فَلَيْسَ لَكُمَا ، وَ اللَّهِ ، عِنْدي وَ لاَ لِغَيْرِكُمَا في هذَا عُتْبى .

وَ أَمَّا قَوْلُكُمَا : جَعَلْتَ فَيْئَنَا وَ مَا أَفَاءَتْهُ سُيُوفُنَا وَ رِمَاحُنَا سَوَاءً بَيْنَنَا وَ بَيْنَ غَيْرِنَا ، فَقَديماً سَبَقَ إِلَى الإِسْلاَمِ قَوْمٌ وَ نَصَرُوهُ بِسُيُوفِهِمْ وَرِمَاحِهِمْ ، فَلاَ فَضَّلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي الْقَسْمِ ، وَ لاَ آثَرَهُمْ بِالسَّبْقِ .

[ 1 ] ورد في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 7 ص 41 .

[ 2 ] ورد في المصدر السابق . و البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 370 .

[ 3 ] ورد في المصدرين السابقين .

[ 4 ] استسنّ . ورد في نسخة العام 400 ص 289 . و نسخة ابن المؤدب ص 205 . و نسخة نصيري ص 134 . و نسخة الآملي ص 179 . و نسخة الأسترابادي ص 334 . و نسخة الجيلاني . و نسخة عبده ص 463 . و نسخة العطاردي ص 240 .

[ 5 ] لم يقع . ورد في نسخة العام 400 ص 289 . و نسخة ابن المؤدب ص 205 . و نسخة نصيري ص 134 . و هامش نسخة الآملي ص 179 . و نسخة الأسترابادي ص 335 . و نسخة الجيلاني .

[ 6 ] ورد في البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 370 .

[ 7 ] ورد في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 7 ص 41 .

[ 8 ] ورد في البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 371 .

[ 9 ] فصلت ، 42 . و وردت الفقرة في المصدر السابق . و شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 7 ص 41 .

[ 637 ]

وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُوَفٍّ السَّابِقَ وَ الْمُجَاهِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَالَهُ .

وَ لَيْسَ لَكُمَا ، وَ اللَّهِ ، عِنْدي وَ لاَ لِغَيْرِكُمَا إِلاَّ ذَلِكَ [ 1 ] .

[ 5 ] أَخَذَ اللَّهُ بِقُلُوبِنَا وَ قُلُوبِكُمْ إِلَى الْحَقِّ ، وَ أَلْهَمَنَا وَ إِيَّاكُمُ الصَّبْرَ .

ثم قال عليه السلام :

رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً رَأى‏ حَقّاً فَأَعَانَ عَلَيْهِ ، أَوْ رَأى‏ جَوْراً فَرَدَّهُ ، وَ كَانَ عَوْناً بِالْحَقِّ عَلى صَاحِبِهِ [ 2 ] .