بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ إِلى مُعَاوِيَةَ بْنِ صَخْرٍ [ 5 ] .
[ 7 ] أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ أَتَتْني مِنْكَ مَوْعِظَةٌ مُوَصَّلَةٌ ، وَ رِسَالَةٌ مُحَبَّرَةٌ ، نَمَّقْتَهَا بِضَلاَلِكَ ، وَ أَمْضَيْتَهَا
[ 6 ] من : أمّا بعد إلى : و السّلام لأهله ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 73 .
[ 7 ] من : أمّا بعد إلى : خابطا ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 7 .
[ 1 ] ورد في صفين ص 57 . و شرح ابن أبي الحديد ص ج 14 ص 43 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 499 . و نهج السعادة ج 4 ص 261 .
[ 2 ] لموهن . ورد في نسخة العام 400 ص 428 . و نسخة ابن المؤدب ص 303 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 368 . و نسخة عبده ص 648 . و نسخة الصالح ص 463 .
[ 3 ] تلهس . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 368 . و نسخة العطاردي ص 400 .
[ 4 ] نوارع تنزع . ورد في نسخة العطاردي ص 400 عن نسخة السرخسي و نسخة الكيذري .
[ 5 ] أبي سفيان . ورد في شرح ابن أبي الحديد ج 14 ص 43 . و منهاج البراعة ج 17 ص 216 . و نهج السعادة ج 4 ص 260 .
[ 844 ]
بِسُوءِ رَأْيِكَ .
وَ كِتَابُ امْرِئٍ لَيْسَ لَهُ بَصَرٌ يَهْديهِ ، وَ لاَ قَائِدٌ يُرْشِدُهُ ، قَدْ دَعَاهُ الْهَوى فَأَجَابَهُ ، وَ قَادَهُ الضَّلاَلُ فَاتَّبَعَهُ ، فَهَجَرَ لاَغِطاً ، وَ ضَلَّ خَابِطاً .
فَأَمَّا أَمْرُكَ لي بِالتَّقْوى ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا ، وَ أَسْتَعيذُ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ أَكُونَ مِنَ الَّذينَ إِذَا أُمِرُوا بِهَا أَخَذَتْهُمُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ .
وَ لَوْ لاَ عِلْمي بِكَ ، وَ مَا قَدْ سَبَقَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فيكَ مِمَّا لاَ مَرَدَّ لَهُ دُونَ نَفَاذِهِ ، إِذاً لَوَعَظْتُكَ .
وَ لكِنَّ عِظَتي لاَ تَنْفَعُ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ ، وَ لَمْ يَخَفِ الْعِقَابَ ، وَ لَمْ يَرْجُ للَّهِ وَقَاراً ، وَ لَمْ يَخَفْ لَهُ حَذَاراً .
وَ أَمَّا تَحْذيرُكَ إِيَّايَ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلي وَ سَابِقَتي فِي الإِسْلاَمِ ، فَلَعَمْري لَوْ كُنْتُ الْبَاغي عَلَيْكَ لَكَانَ لَكَ أَنْ تُحَذِّرَني ذَلِكَ ، وَ لكِنّي وَجَدْتُ اللَّهَ تَعَالى يَقُولُ : فَقَاتِلُوا الَّتي تَبْغي حَتَّى تَفيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ 1 .
فَنَظَرْنَا إِلَى الْفِئَتَيْنِ ، أَمَّا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ فَوَجَدْنَاهَا الْفِئَةَ الَّتي أَنْتَ فيهَا ، لأَنَّ بَيْعَتي بِالْمَدينَةِ لَزِمَتْكَ وَ أَنْتَ بِالشَّامِ ، كَمَا لَزِمَتْكَ بَيْعَةُ عُثْمَانَ بِالْمَدينَةِ وَ أَنْتَ أَميرٌ لِعُمَرَ عَلَى الشَّامِ ، وَ كَمَا لَزِمَتْ يَزيدَ أَخَاكَ بَيْعَةُ عُمَرَ وَ هُوَ أَميرٌ لأَبي بَكْرٍ عَلَى الشَّامِ .
وَ أَمَّا شَقُّ عَصَا هذِهِ الأُمَّةِ ، فَأَنَا أَحَقُّ أَنْ أَنْهَاكَ عَنْهُ .
وَ أَمَّا تَخْويفُكَ لي مِنْ قَتْلِ أَهْلِ الْبَغْي ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَمَرَني بِقِتَالِهِمْ وَ قَتْلِهِمْ ،
وَ قَالَ لأَصْحَابِهِ : إِنَّ فيكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ عَلى تَأْويلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلى تَنْزيلِهِ ، وَ أَشَارَ إِلَيَّ .
وَ أَنَا أَوْلى مَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ .
وَ زَعَمْتَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَفْسَدَ عَلَيْكَ بَيْعَتي خُفُوري [ 2 ] في عُثْمَانَ ، وَ لَعَمْري مَا كُنْتُ إِلاَّ رَجُلاً مِنَ الْمُهَاجِرينَ ، أَوْرَدْتُ كَمَا أَوْرَدُوا ، وَ أَصْدَرْتُ كَمَا أَصْدَرُوا ، وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَجْمَعَهُمْ عَلى ضَلاَلٍ ، وَ لاَ لِيَضْرِبَهُمْ بِالْعَمى .
وَ مَا أَمَرْتُ فَتَلْزَمَني خَطيئَةُ الأَمْرِ ، وَ لاَ قَتَلْتُ فَيَجِبَ عَلَيَّ قِصَاصُ [ 3 ] الْقَاتِلِ .
-----------
( 1 ) الحجرات ، 9 .
[ 2 ] خطيئتي . ورد في كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 534 .
[ 3 ] فأخاف على نفسي قصاص . ورد في العقد الفريد ج 5 ص 81 . و نهج السعادة للمحمودي ج 4 ص 93 .
[ 845 ]
وَ أَمَّا قَوْلُكَ : إِنَّ أَهْلَ الشَّامِ هُمُ الْحُكَّامُ عَلى أَهْلِ الْحِجَازِ ، فَهَاتِ رَجُلاً مِنْ قُرَيْشِ الشَّامِ يُقْبَلُ فِي الشُّورى ، أَوْ تَحِلُّ لَهُ الْخِلاَفَةُ .
فَإِنْ سَمَّيْتَ أَحَداً مِنْهُمْ [ 1 ] كَذَّبَكَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الأَنْصَارُ ، وَ إِلاَّ فَأَنَا آتيكَ بِهِ مِنْ قُرَيْشِ الْحِجَازِ .
وَ أَمَّا قَوْلُكَ : إِنَّ بَيْعَتي لَمْ تَصِحّ لأَنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَمْ يَدْخُلُوا فيهَا ، كَيْفَ وَ إِنَّهَا شَمِلَتِ الْخَاصَّ وَ الْعَامَّ [ 2 ] ، [ 7 ] لأَنَّهَا بَيْعَةٌ عَامَّةٌ [ 3 ] وَاحِدَةٌ ، تُلْزِمُ الْحَاضِرَ وَ الْغَائِبَ [ 4 ] ، لاَ يُثَنَّى فيهَا النَّظَرُ [ 5 ] ، وَ لاَ يُسْتَأْنَفُ فيهَا الْخِيَارُ .
اَلْخَارِجُ مِنْهَا طَاعِنٌ ، وَ الْمُرَوّي فيهَا مُدَاهِنٌ .
وَ إِنَّمَا الشُّورى لِلْمُؤْمِنينَ مِنَ الْمُهَاجِرينَ الأَوَّلينَ ، السَّابِقينَ بِالاِحْسَانِ مِنَ الْبَدْرِيّينَ .
وَ إِنَّمَا أَنْتَ طَليقٌ ابْنُ طَليقٍ ، لَعينٌ ابْنُ لَعينٍ ، وَثَنٌ ابْنُ وَثَنٍ ، لَيْسَتْ لَكَ هِجْرَةٌ وَ لاَ سَابِقَةٌ ، وَ لاَ مَنْقَبَةٌ وَ لاَ فَضيلَةٌ ، وَ كَانَ أَبُوكَ مِنَ الأَحْزَابِ الَّذينَ حَارَبُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ . فَنَصَرَ اللَّهُ عَبْدَهُ ، وَ صَدَّقَ وَعْدَهُ ، وَ هَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ .
وَ أَمَّا تَمْييزُكَ بَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، وَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ ، فَلَعَمْري مَا الأَمْرُ في ذَلِكَ إِلاَّ وَاحِدٌ سَوَاءٌ .
وَ أَمَّا قَوْلُكَ : ادْفَعْ إِلَيَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ ، فَمَا أَنْتَ وَ ذَاكَ ، إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ مِنْ بَني أُمَيَّةَ وَ هَاهُنَا بَنُو عُثْمَانَ وَ هُمْ أَوْلى بِمُطَالَبَةِ دَمِهِ [ 6 ] مِنْكَ .
فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّكَ أَقْوى عَلى طَلَبِ دَمِ أَبيهِمْ مِنْهُمْ ، فَارْجِعْ إِلَى الْبَيْعَةِ الَّتي لَزِمَتْكَ ، وَ ادْخُلْ في
[ 7 ] من : لأنّها بيعة واحدة لا يثنّى إلى : مداهن ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 7 .
[ 1 ] زعمت ذلك . ورد في وقعة صفين ص 58 . و كتاب الفتوح ج 2 ص 534 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 499 .
[ 2 ] ورد في المصادر السابقة . و الإمامة و السياسة ج 1 ص 113 . و العقد الفريد ج 5 ص 81 . و الفتوح ج 2 ص 535 . و مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 194 و 195 . و المناقب للخوارزمي ص 134 . و شرح ابن أبي الحديد ج 14 ص 43 . و منهاج البراعة ج 17 ص 216 و 223 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 120 . و نهج السعادة ج 4 ص 93 و 261 . و نهج البلاغة الثاني ص 235 و 257 .
باختلاف بين المصادر .
[ 3 ] ورد في العقد الفريد ج 5 ص 78 . و الفتوح ج 2 ص 494 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 499 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 121 . و نهج السعادة ج 4 ص 94 .
[ 4 ] ورد في شرح ابن أبي الحديد ج 14 ص 43 . و منهاج البراعة ج 17 ص 223 . و نهج السعادة ج 4 ص 263 .
[ 5 ] لا ينثني فيها البصير . ورد في الإمامة و السياسة لابن قتيبة ج 1 ص 112 .
[ 6 ] أولى بعثمان . ورد في المصدر السابق .
[ 846 ]
طَاعَتي ، ثُمَّ حَاكِمِ الْقَوْمَ إِلَيَّ ، أَحْمِلُكَ وَ إِيَّاهُمْ عَلَى الْمَحَجَّةِ .
وَ أَمَّا وُلُوعُكَ في أَمْرِ عُثْمَانَ ، فَوَ اللَّهِ مَا قُلْتَ ذَلِكَ عَنْ حَقِّ الْعَيَانِ ، وَ لاَ عَنْ يَقينٍ بِالْخَبَرِ .
وَ أَمَّا اعْتِرَافُكَ بِفَضْلي وَ بِقِدَمي وَ سَوَابِقي فِي الإِسْلاَمِ وَ قَرَابَتي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ، وَ شَرَفي في بَني هَاشِمٍ [ 1 ] ، فَلَعَمْري لَوِ اسْتَطَعْتَ دَفْعَهُ لَفَعَلْتَ .
فَشَأْنُكَ وَ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ وَ الْحَيْرَةِ وَ الْجَهَالَةِ ، تَجِدِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ في ذَلِكَ بِالْمِرْصَادِ ،
مِنْ دُنْيَاكَ الْمُنْقَطِعَةِ عَنْكَ ، وَ تَمَنّيكَ الأَبَاطيلَ .
وَ قَدْ عَلِمْتَ مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ [ 2 ] فيكَ وَ في أُمِّكَ وَ أَبيكَ .
فَارْبَعْ عَلى ظَلْعِكَ ، وَ انْزَعْ سِرْبَالَ غَيِّكَ ، وَ اتْرُكْ مَا لاَ جَدْوى لَهُ عَلَيْكَ ، فَلَيْسَ لَكَ عِنْدي إِلاَّ السَّيْفُ حَتَّى تَفيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ صَاغِراً ، وَ تَدْخُلَ فِي الْبَيْعَةِ رَاغِماً .
أَلَمْ تَرَ قَوْمي إِذْ دَعَاهُمْ أَخُوهُمُ
أَجَابُوا وَ إِنْ يَغْضَبْ عَلى الْقَوْمِ يَغْضَبُوا
وَ السَّلاَمُ
[ 3 ] .