بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ إِلى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبي سُفْيَانَ [ 1 ] .
[ 4 ] أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ آنَ لَكَ أَنْ تَنْتَفِعَ بِاللَّمْحِ الْبَاصِرِ مِنْ عِيَانِ الأُمُورِ ، فَلَقَدْ سَلَكْتَ مَدَارِجَ أَسْلاَفِكَ بِادِّعَائِكَ الأَبَاطيلَ ، وَ إِقْحَامِكَ [ 2 ] غُرُورَ الْمَيْنِ وَ الأَكَاذيبِ ، مِنِ انْتِحَالِكَ [ 3 ] مَا قَدْ عَلاَ عَنْكَ ، وَ ابْتِزَازِكَ لِمَا قَدِ اخْتُزِنَ دُونَكَ ، فِرَاراً مِنَ الْحَقِّ ، وَ جُحُوداً لِمَا هُوَ أَلْزَمُ لَكَ مِنْ لَحْمِكَ وَ دَمِكَ ، مِمَّا قَدْ وَعَاهُ سَمْعُكَ ،
وَ مُلِئَ بِهِ صَدْرُكَ .
فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ 1 ، وَ بَعْدَ الْبَيَانِ إِلاَّ اللَّبْسُ ؟ .
فَاحْذَرِ الشُّبْهَةَ وَ اشْتِمَالِهَا عَلى لُبْسَتِهَا ، فَإِنَّ الْفِتْنَةَ طَالَمَا أَغْدَفَتْ جَلاَبيبَهَا ، وَ أَعْشَتِ الأَبْصَارَ ظُلْمَتُهَا .
وَ قَدْ أَتَاني كِتَابٌ مِنْكَ ذُو أَفَانينَ مِنَ الْقَوْلِ ضَعُفَتْ قُوَاهَا عَنِ السِّلْمِ ، وَ أَسَاطيرَ لَمْ يَحُكْهَا مِنْكَ عِلْمٌ وَ لاَ حِلْمٌ ، أَصْبَحْتَ مِنْهَا كَالْخَائضِ فِي الدَّهَاسِ ، وَ الْخَابِطِ فِي الدَّيمَاسِ ، وَ تَرَقَّيْتَ إِلى مَرْقَبَةٍ بَعيدَةِ الْمَرَامِ ، نَازِحَةِ الأَعْلاَمِ ، تَقْصُرُ دُونَهَا الأُنُوقُ ، وَ يُحَاذى بِهَا الْعَيُّوقُ .
وَ حَاشَ للَّهِ أَنْ تَلِيَ لِلْمُسْلِمينَ مِنْ بَعْدي صَدْراً أَوْ وِرْداً ، أَوْ أُجْرِيَ لَكَ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ عَقْداً أَوْ عَهْداً .
فَمِنَ الآنَ فَتَدَارَكْ نَفْسَكَ وَ انْظُرْ لَهَا ، فَإِنَّكَ إِنْ فَرَّطْتَ حَتَّى يَنْهَدَ إِلَيْكَ عِبَادُ اللَّهِ أُرْتِجَتْ عَلَيْكَ الأُمُورُ ، وَ مُنِعْتَ أَمْراً هُوَ مِنْكَ الْيَوْمَ مَقْبُولٌ . وَ السَّلاَمُ .
[ 4 ] من : أمّا بعد إلى : و السّلام ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 65 .
[ 1 ] ورد في
[ 2 ] اقتحامك . ورد في نسخة الأسترابادي ص 502 . و نسخة الصالح ص 456 . و نسخة العطاردي ص 393 .
[ 3 ] و بانتحالك . ورد في المصادر السابقة . و نسخة العام 400 ص 421 . و هامش نسخة ابن المؤدب ص 298 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 362 . و نسخة عبده ص 639 .
-----------
( 1 ) يونس ، 32 .
[ 843 ]