بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ [ 7 ] هذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِيٌّ أَميرُ الْمُؤْمِنينَ مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الأَشْتَرَ في عَهْدِهِ إِلَيْهِ حينَ وَلاَّهُ مِصْرَ : جَبْوَةَ [ 2 ] خَرَاجِهَا ، وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا ، وَ اسْتِصْلاَحَ أَهْلِهَا [ 3 ] ، وَ عِمَارَةَ بِلاَدِهَا .
أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ [ 4 ] وَ إيثَارِ طَاعَتِهِ ، وَ اتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ في كِتَابِهِ ، مِنْ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ الَّتي لاَ يَسْعَدُ أَحَدٌ إِلاَّ بِاتِّبَاعِهَا ، وَ لاَ يَشْقى إِلاَّ مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا ، وَ أَنْ يَنْصُرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِيَدِهِ وَ قَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ ، فَإِنَّهُ جَلَّ اسْمُهُ قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ ، وَ إِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ .
وَ أَمَرَهُ أَنْ يَكْسِرَ نَفْسَهُ عِنْدَ [ 5 ] الشَّهَوَاتِ ، وَ يَزَعَهَا [ 6 ] عِنْدَ الْجَمَحَاتِ ، فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ، إِلاَّ مَا رَحِمَ اللَّهُ ، وَ أَنْ يَعْتَمِدَ كِتَابَ اللَّهِ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ ، فَإِنَّ فيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَ هُدىً وَ رَحْمَةً
[ 7 ] من : هذا إلى : رحم اللّه ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في الغارات ص 159 . و صحيح البخاري ج 1 ص 207 . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 71 . و أمالي الطوسي ص 29 .
و تحف العقول ص 126 . و منهاج البراعة ج 19 ص 67 و 79 . باختلاف بين المصادر .
[ 2 ] جباية . ورد في نسخة العام 400 ص 390 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 333 . و نسخة الأسترابادي ص 461 . و متن شرح ابن أبي الحديد ج 17 ص 30 . و نسخة عبده 599 . و نسخة الصالح ص 427 . و نسخة العطاردي ص 366 عن شرح فيض الإسلام .
[ 3 ] أرضها . ورد في
[ 4 ] ورد في
[ 5 ] من . ورد في نسخة عبده 600 . و نسخة الصالح ص 427 .
[ 6 ] ينزعها . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 276 . و نسخة الآملي ص 281 .
[ 918 ]
لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ، وَ أَنْ يَتَحَرَّى رِضَى اللَّهِ ، وَ لاَ يَتَعَرَّضَ لِسَخَطِهِ ، وَ لاَ يُصِرَّ عَلى مَعْصِيَتِهِ ، فَإِنَّهُ لاَ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ [ 1 ] .
[ 11 ] ثُمَّ اعْلَمْ ، يَا مَالِكُ ، أَنّي قَدْ وَجَّهْتُكَ إِلى بِلاَدٍ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ مِنْ عَدْلٍ وَ جَوْرٍ ، وَ إِنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِكَ مِثْلَ [ 2 ] مَا كُنْتَ تَنْظُرُ فيهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلاَةِ قَبْلَكَ ، وَ يَقُولُونَ فيكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ فيهِمْ .
وَ إِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحينَ بِمَا يُجْرِي اللَّهُ لَهُمْ عَلى أَلْسُنِ عِبَادِهِ الأَخْيَارِ مِنْ حُسْنِ الأَفْعَالِ وَ جَميلِ السّيرَةِ [ 3 ] .
فَلْيَكُنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَيْكَ ذَخيرَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ بِالْقَصْدِ فيمَا تَجْمَعُ ، وَ مَا تَرْعى بِهِ رَعِيَّتَكَ [ 4 ] .
فَامْلِكْ عَلَيْكَ [ 5 ] هَوَاكَ ، وَ شُحَّ بِنَفْسِكَ عَمَّا لاَ يَحِلُّ لَكَ ، فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الاِنْصَافُ مِنْهَا فيمَا أَحَبَّتْ وَ كَرِهَتْ .
وَ أَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ [ 6 ] ، وَ الْمَحَبَّةَ لَهُمْ ، وَ اللُّطْفَ بِهِمْ [ 7 ] ، وَ الاِحْسَانَ إِلَيْهِمْ ، وَ لاَ تُنِلْهُمْ حَيْفاً [ 8 ] ، وَ لاَ تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ ، فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ :
إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدّينِ ، وَ إِمَّا نَظيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ .
يَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ ، وَ تَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ ، وَ يُؤْتى عَلى أَيْديهِمْ فِي الْعَمْدِ وَ الْخَطَأِ .
فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَ صَفْحِكَ مِثْلَ الَّذي تُحِبُّ أَنْ يُعْطِيَكَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ [ 9 ] مِنْ عَفْوِهِ وَ صَفْحِهِ ، فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ ، وَ وَالِي الأَمْرِ عَلَيْكَ فَوْقَكَ ، وَ اللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلاَّكَ ، وَ قَدِ اسْتَكْفَاكَ [ 10 ] أَمْرَهُمْ ،
[ 11 ] من : ثمّ اعلم إلى : ابتلاك بهم ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 90 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 59 .
[ 2 ] في مثل . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 276 . و نسخة الآملي ص 281 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 333 . و نسخة الأسترابادي ص 461 . و نسخة عبده 600 . و نسخة الصالح ص 427 .
[ 3 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 2 ص 864 .
[ 4 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 90 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 60 .
[ 5 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 132 .
[ 6 ] لرعيّك . ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 354 . و ورد لجميع النّاس في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 119 .
[ 7 ] و التّعطّف عليهم . ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 354 .
[ 8 ] ورد في المصدر السابق . و غرر الحكم ج 1 ص 119 . و تحف العقول ص 90 . و نهج السعادة ج 5 ص 60 .
[ 9 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 116 .
[ 10 ] ولاّك . ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 354 .
[ 919 ]
وَ ابْتَلاَكَ بِهِمْ .
تَحَرَّ رِضَا اللَّهِ وَ تَجَنَّبْ سَخَطَهُ [ 1 ] ، [ 14 ] وَ لاَ تَنْصِبَنَّ نَفْسَكَ لِحَرْبِ اللَّهِ تَعَالى [ 2 ] ، فَإِنَّهُ لاَ يَدَ لَكَ بِنِقْمَتِهِ ، وَ لاَ غِنى بِكَ عَنْ عَفْوِهِ وَ رَحْمَتِهِ ، وَ لاَ مَلْجَأَ لَكَ مِنْهُ إِلاَّ إِلَيْهِ [ 3 ] .
وَ لاَ تَنْدَمَنَّ عَلى عَفْوٍ ، وَ لاَ تَبْجَحَنَّ [ 4 ] بِعُقُوبَةٍ ، وَ لاَ تُسْرِعَنَّ إِلى بَادِرَةٍ وَجَدْتَ مِنْهَا مَنْدُوحَةً ،
وَ لاَ تَقُولَنَّ : إِنّي مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ إِدْغَالٌ فِي الْقَلْبِ ، وَ مَنْهَكَةٌ لِلدّينِ ، وَ تَقَرُّبٌ مِنَ الْغِيَرِ . فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ [ 5 ] .
وَ إِذَا أَحْدَثَ لَكَ مَا أَنْتَ فيهِ مِنْ سُلْطَانِكَ أُبَّهَةً أَوْ مَخيلَةً ، فَانْظُرْ إِلى عِظَمِ [ 6 ] مُلْكِ اللَّهِ فَوْقَكَ ،
وَ قُدْرَتِهِ مِنْكَ عَلى مَا لاَ تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِكَ .
وَ تَفَكَّرْ فِي الْمَوْتِ وَ مَا بَعْدَهُ [ 7 ] ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُطَامِنُ إِلَيْكَ مِنْ طِمَاحِكَ ، وَ يُلَيِّنُ مِنْ جِمَاحِكَ [ 8 ] ،
وَ يَكُفُّ عَنْكَ مِنْ غَرْبِكَ [ 9 ] ، وَ يَفيءُ إِلَيْكَ بِمَا عَزَبَ عَنْكَ مِنْ عَقْلِكَ .
وَ إِيَّاكَ وَ مُسَامَاةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ [ 10 ] في عَظَمَتِهِ ، أَوِ التَّشَبُّهَ بِهِ في جَبَرُوتِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ يُذِلُّ كُلَّ جَبَّارٍ ، وَ يُهينُ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [ 11 ] .
أَنْصِفِ اللَّهَ وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ ، وَ مِنْ خَاصَّتِكَ ، وَ مِنْ [ 12 ] أَهْلِكَ ، وَ مَنْ لَكَ فيهِ هَوىً مِنْ رَعِيَّتِكَ .
فَإِنَّكَ إِنْ لاَ تَفْعَلْ تَظْلِمْ ، وَ مَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللَّهِ كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ [ 13 ] خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ ،
[ 14 ] من : لا تنصبنّ إلى : ميلك معهم ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 355 .
[ 2 ] ورد في المصدر السابق ج 2 ص 819 .
[ 3 ] ورد في المصدر السابق ج 1 ص 355 .
[ 4 ] لا تبتهجنّ . ورد في المصدر السابق ج 2 ص 811 .
[ 5 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 91 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 62 .
[ 6 ] عظيم . ورد في نسخة الأسترابادي ص 463 .
[ 7 ] ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 354 .
[ 8 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 328 .
[ 9 ] و يحقّر في عينك ما استعظمت من نفسك . ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 354 .
[ 10 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 155 .
[ 11 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 91 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 63 .
[ 12 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 13 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 2 ص 670 .
[ 920 ]
وَ مَنْ خَاصَمَهُ اللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ ، وَ كَانَ للَّهِ حَرْباً حَتَّى يَنْزِعَ وَ يَتُوبَ .
وَ لَيْسَ شَيْءٌ أَدْعى إِلى تَغْييرِ نِعْمَةِ اللَّهِ ، وَ تَعْجيلِ نِقْمَتِهِ ، مِنْ إِقَامَةٍ عَلى ظُلْمٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ سَميعُ [ 1 ] دَعَوْةِ الْمَظْلُومينَ ، وَ هُوَ لِلظَّالِمينَ بِالْمِرْصَادِ .
وَ لْيَكُنْ أَحَبُّ الأُمُورِ إِلَيْكَ أَوْسَطَهَا [ 2 ] فِي الْحَقِّ ، وَ أَعَمَّهَا فِي الْعَدْلِ ، وَ أَجْمَعَهَا لِطَاعَةِ الرَّبِّ ، وَ [ 3 ] لِرِضَى الرَّعِيَّةِ ، فَإِنَّ سُخْطَ الْعَامَّةِ يُجْحِفُ بِرِضَا الْخَاصَّةِ ، وَ إِنَّ سُخْطَ الْخَاصَّةِ يُغْتَفَرُ مَعَ رِضَا الْعَامَّةِ .
وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِيَّةِ أَثْقَلَ عَلَى الْوَالي مَؤُونَةً فِي الرَّخَاءِ ، وَ أَقَلَّ مَعُونَةً لَهُ فِي الْبَلاَءِ ، وَ أَكْرَهَ لِلاِنْصَافِ ، وَ أَسْأَلَ بِالاِلْحَافِ ، وَ أَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ الإِعْطَاءِ ، وَ أَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ ، وَ أَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ ، مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّةِ .
وَ إِنَّمَا عِمَادُ الدّينِ ، وَ جِمَاعُ الْمُسْلِمينَ ، وَ الْعُدَّةُ لِلأَعْدَاءِ ، الْعَامَّةُ مِنَ الأُمَّةِ ، فَلْيَكُنْ صَغْوُكَ [ 4 ] لَهُمْ ، وَ مَيْلُكَ مَعَهُمْ .
وَ اعْمَدْ لأَعَمِّ الأُمُورِ مَنْفَعَةً ، وَ خَيْرِهَا عَاقِبَةً . وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ [ 5 ] .
[ 10 ] وَ لْيَكُنْ أَبْعَدَ رَعِيَّتِكَ مِنْكَ ، وَ أَشْنَأُهُمْ عِنْدَكَ [ 6 ] ، أَطْلَبُهُمْ لِمَعَايِبِ النَّاسِ ، فَإِنَّ فِي النَّاسِ عُيُوباً الْوَالي أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا [ 7 ] ، فَلاَ تَكْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْكَ مِنْهَا ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ تَطْهيرُ مَا ظَهَرَ لَكَ ،
وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ [ 8 ] يَحْكُمُ عَلى مَا غَابَ مِنْهَا عَنْكَ .
فَاسْتُرِ الْعَوْرَةَ ، مَا اسْتَطَعْتَ ، يَسْتُرِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ [ 9 ] مِنْكَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِيَّتِكَ .
أَطْلِقْ عَنِ النَّاسِ عُقْدَةَ كُلِّ حِقْدٍ ، وَ اقْطَعْ عَنْكَ سَبَبَ كُلِّ وِتْرٍ ، وَ اقْبَلِ الْعُذْرَ .
[ 10 ] من : و ليكن إلى : كلّ وتر ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] يسمع . ورد في نسخة العام 400 ص 392 . و هامش نسخة الأسترابادي ص 464 . و متن منهاج البراعة للخوئي ج 20 ص 180 . و نسخة العطاردي ص 368 .
[ 2 ] أوسعها . ورد في هامش نسخة ابن المؤدب ص 277 .
[ 3 ] ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 354 .
[ 4 ] صفوك . ورد في نسخة العام 400 ص 393 . و متن شرح ابن أبي الحديد ( طبعة دار الأندلس ) ج 4 ص 121 .
[ 5 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 91 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 63 .
[ 6 ] أبغض رعيّتك إليك . ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 355 .
[ 7 ] يسترها . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 278 .
[ 8 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 228 .
[ 9 ] ورد في المصدر السابق ص 115 .
[ 921 ]
وَ ادْرَإِ الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ [ 1 ] .
[ 12 ] وَ تَغَابَ عَنْ كُلِّ مَا لاَ يَضِحُ لَكَ [ 2 ] .
وَ لاَ تَعْجَلَنَّ إِلى تَصْديقِ سَاعٍ ، فَإِنَّ السَّاعِيَ ظَالِمٌ لِمَنْ سَعى بِهِ [ 3 ] ، غَاشُّ لِمَنْ سَعَى إِلَيْهِ [ 4 ] ،
وَ إِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحينَ .
وَ لاَ تُدْخِلَنَّ في مَشُورَتِكَ بَخيلاً يَعْدِلُ بِكَ عَنِ الْفَضْلِ ، وَ يَعِدُكَ الْفَقْرَ ، وَ لاَ تُشْرِكَنَّ في رَأْيِكَ [ 5 ] جَبَاناً يُضَعِّفُكَ عَنِ الأُمُورِ ، وَ لاَ حَريصاً يُزَيِّنُ لَكَ الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ ، فَإِنَّ الْبُخْلَ وَ الْجُبْنَ وَ الْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى يَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالى كُمُونُهَا فِي الأَشْرَارِ .
وَ اعْلَمْ [ 6 ] أَنَّ شَرَّ وُزَرَائِكَ مَنْ كَانَ لِلأَشْرَارِ قَبْلَكَ وَزيراً .
وَ مَنْ شَرِكَهُمْ فِي الآثَامِ ، وَ قَامَ بِأُمُورِهِمْ في عِبَادِ اللَّهِ [ 7 ] ، فَلاَ يَكُونَنَّ لَكَ بِطَانَةً ، تُشْرِكُهُمْ في دَوْلَتِكَ ، كَمَا شَرَكُوا في سُلْطَانِ غَيْرِكَ ، فَأَوْرَدُوهُمْ مَصَارِعَ السُّوءِ .
وَ لاَ يُعْجِبَنَّكَ شَاهِدُ مَا يَحْضُرُونَكَ بِهِ [ 8 ] ، فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ الأَثَمَةِ ، وَ إِخْوَانُ الظَّلَمَةِ ، وَ عُبَابُ كُلِّ طَمَعٍ وَ دَغَلٍ [ 9 ] .
وَ أَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَيْرَ الْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَ نَفَاذِهِمْ ، وَ لَيْسَ عَلَيْهِ مِثْلُ آصَارِهِمْ [ 10 ] وَ أَوْزَارِهِمْ ، مِمَّنْ لَمْ يُعَاوِنْ ظَالِماً عَلى ظُلْمِهِ ، وَ لاَ آثِماً عَلى إِثْمِهِ ، وَ لَمْ يَكُنْ مَعَ غَيْرِكَ لَهُ سيرَةٌ أَجْحَفَتْ بِالْمُسْلِمينَ وَ الْمُعَاهِدينَ [ 11 ] .
أُولئِكَ أَخَفُّ عَلَيْكَ مَؤُونَةً ، وَ أَحْسَنُ لَكَ مَعُونَةً ، وَ أَحْنى عَلَيْكَ عَطْفاً ، وَ أَقَلُّ لِغَيْرِكَ إِلْفاً ، فَاتَّخِذْ
[ 12 ] من : و تغاب إلى : في الآثام . و : فلا يكوننّ لك بطانة . و من : فإنّهم إلى : على إثمه . و من : أولئك أخفّ إلى : حيث وقع ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 92 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 66 .
[ 2 ] يصرّح لك به . ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 116 .
[ 3 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 2 ص 812 .
[ 4 ] ورد في المصدر السابق . و في ج 1 ص 75 .
[ 5 ] ورد في المصدر السابق ج 2 ص 815 .
[ 6 ] ورد في دعائم الإسلام ج 1 ص 355 . و تحف العقول ص 92 . و نهج السعادة ج 5 ص 66 . باختلاف بين المصادر .
[ 7 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 92 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 67 .
[ 8 ] ورد في المصدرين السابقين . و دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 354 . باختلاف بين المصادر .
[ 9 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 92 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 67 .
[ 10 ] آثامهم . ورد في نسخة العام 400 ص 394 . و نسخة ابن المؤدب ص 279 . و متن شرح ابن أبي الحديد ج 17 ص 42 .
و نسخة الأسترابادي ص 466 .
[ 11 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 92 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 68 .
[ 922 ]
أُولئِكَ خَاصَّةً لِخَلَوَاتِكَ [ 1 ] وَ حَفَلاَتِكَ .
ثُمَّ لِيَكُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَكَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ الْحَقِّ لَكَ ، وَ أَقَلَّهُمْ مُسَاعَدَةً فيمَا يَكُونُ مِنْكَ مِمَّا كَرِهَ اللَّهُ لأَوْلِيَائِهِ ، وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ هَوَاكَ حَيْثُ وَقَعَ ، فَإِنَّهُمْ يَقِفُونَكَ عَلَى الْحَقِّ ، وَ يُبَصِّرُونَكَ مَا يَعُودُ عَلَيْكَ نَفْعُهُ [ 2 ] .
[ 8 ] وَ الْصَقْ بِأَهْلِ الْوَرَعِ وَ الصِّدْقِ ، ثُمَّ رُضْهُمْ عَلى أَنْ لاَ يُطْرُوكَ وَ لاَ يُبَجِّحُوكَ بِبَاطِلٍ لَمْ تَفْعَلْهُ ،
فَإِنَّ كَثْرَةَ الاِطْرَاءِ تُحْدِثُ الزَّهْوَ ، وَ تُدْني مِنَ الْعِزَّةِ [ 3 ] ، وَ الرِّضَا بِذَلِكَ يُوجِبُ الْمَقْتَ مِنَ اللَّهِ .
وَ إِنَّ أَكْثَرَ الْقَوْلِ أَنْ يُشْرَكَ فيهِ الْكَذِبُ تَزْكِيَةُ السُّلْطَانِ ، لأَنَّهُ لاَ يُقْتَصَرُ فيهِ عَلى حُدُودِ الْحَقِّ دُونَ التَّجَاوُزِ إِلَى الاِفْرَاطِ [ 4 ] .
وَ لاَ يَكُونَنَّ الْمُحْسِنُ وَ الْمُسيءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ ، فَإِنَّ في ذَلِكَ تَزْهيداً لأَهْلِ الاِحْسَانِ فِي الاِحْسَانِ ، وَ تَدْريباً لأَهْلِ الاِسَاءَةِ عَلَى الاِسَاءَةِ .
وَ أَلْزِمْ كُلاً مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ أَدَباً مِنْكَ ، يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ ، وَ يَنْتَفِعُ بِهِ أَعْوَانُكَ [ 5 ] .
وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ بِأَدْعى إِلى حُسْنِ ظَنِّ رَاعٍ بِرَعِيَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ ، وَ تَخْفيفِهِ الْمَؤُونَاتِ عَلَيْهِمْ ، وَ تَرْكِ اسْتِكْرَاهِهِ إِيَّاهُمْ عَلى مَا لَيْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ ، فَلْيَكُنْ مِنْكَ في ذَلِكَ أَمْرٌ يَجْتَمِعُ لَكَ بِهِ حُسْنُ الظَّنِّ بِرَعِيَّتِكَ ، فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِهِمْ [ 6 ] يَقْطَعُ عَنْكَ نَصَباً طَويلاً .
وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلاَؤُكَ عِنْدَهُ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ [ 7 ] .
وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلاَؤُكَ عِنْدَهُ .
فَاعْرِفْ هذِهِ الْمَنْزِلَةَ لَكَ وَ عَلَيْكَ ، لِتَزِدْكَ بَصيرَةً في حُسْنِ الصُّنْعِ ، وَ اسْتِكْثَارِ حُسْنِ الْبَلاَءِ
[ 8 ] من : و الصق إلى : من العزّة . و من : و لا يكوننّ إلى : ما ألزم نفسه . و من : و اعلم إلى : بلاؤك عنده ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] خاصّة تجالسهم في خلواتك ، و يحضرون إليك في . ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 356 .
[ 2 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 92 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 69 .
[ 3 ] الغرّة . ورد في نسخة العام 400 ص 394 . و نسخة ابن المؤدب ص 279 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 337 . و نسخة الأسترابادي ص 467 . و نسخة العطاردي ص 370 عن نسخة موجودة في مكتبة ممتاز العلماء في لكنهور الهند ، و عن نسخة موجودة في مكتبة جامعة عليكره الهند .
[ 4 ] ورد في دعائم الإسلام ج 1 ص 356 . و غرر الحكم ج 1 ص 123 . و تحف العقول ص 92 . و نهج السعادة ج 5 ص 69 . باختلاف .
[ 5 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 92 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 70 .
[ 6 ] ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 356 .
[ 7 ] ورد في المصدر السابق .
[ 923 ]
عِنْدَ الْعَامَّةِ ، مَعَ مَا يُوجِبُ اللَّهُ بِهَا لَكَ فِي الْمَعَادِ [ 1 ] .
[ 6 ] وَ لاَ تَنْقُضَنَّ سُنَّةً صَالِحَةً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هذِهِ الأُمَّةِ ، وَ اجْتَمَعَتْ بِهَا الأُلْفَةُ ، وَ صَلَحَتْ عَلَيْهَا الرَّعِيَّةُ .
وَ لاَ تُحْدِثَنَّ سُنَّةً تَضُرُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاضي تِلْكَ السُّنَنِ ، فَيَكُونَ الأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا ، وَ الْوِزْرُ عَلَيْكَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا .
وَ أَكْثِرْ مُدَارَسَةَ الْعُلَمَاءِ ، وَ مُنَاقَشَةَ [ 2 ] الْحُكَمَاءِ ، في تَثْبيتِ مَا صَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ بِلاَدِكَ ، وَ إِقَامَةِ مَا اسْتَقَامَ بِهِ النَّاسُ قَبْلَكَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُحِقُّ الْحَقَّ وَ يَدْفَعُ الْبَاطِلَ ، وَ يُكْتَفى بِهِ دَليلاً وَ مِثَالاً . لأَنَّ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ هِيَ السَّبيلُ إِلى طَاعَةِ اللَّهِ [ 3 ] .
وَ اعْلَمْ أَنَّ الرَّعِيَّةَ [ 4 ] طَبَقَاتٌ لاَ يَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلاَّ بِبَعْضٍ ، وَ لاَ غِنى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ .
فَمِنْهَا جُنُودُ اللَّهِ .
وَ مِنْهَا كُتَّابُ الْعَامَّةِ وَ الْخَاصَّةِ ، وَ مِنْهَا قُضَاةُ الْعَدْلِ ، وَ مِنْهَا عُمَّالُ الاِنْصَافِ وَ الرِّفْقِ .
وَ مِنْهَا أَهْلُ الْجِزْيَةِ وَ الْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَ مُسْلِمَةِ النَّاسِ .
وَ مِنْهَا التُّجَّارُ وَ أَهْلُ الصِّنَاعَاتِ .
وَ مِنْهَا الطَّبَقَةُ السُّفْلى مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ .
وَ كُلٌّ قَدْ سَمَّى اللَّهُ سَهْمَهُ ، وَ وَضَعَ عَلى حَدِّهِ فَريضَتَهُ ، في كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَهْداً مِنْهُ عِنْدَنَا مَحْفُوظاً .
فَالْجُنُودُ ، بِإِذْنِ اللَّهِ ، حُصُونُ الرَّعِيَّةِ ، وَ زَيْنُ الْوُلاَةِ ، وَ عِزُّ الدّينِ ، وَ سُبُلُ الأَمْنِ وَ الْخَفْضِ [ 5 ] ،
وَ لَيْسَ يَقُومُ الرَّعِيَّةُ إِلاَّ بِهِمْ .
[ 6 ] من : و لا تنقضنّ إلى : به النّاس قبلك . و من : و اعلم إلى : في جهاد العدوّ ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 92 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 71 .
[ 2 ] منافثة . ورد في نسخة العام 400 ص 395 . و نسخة الآملي ص 285 . و نسخة الأسترابادي ص 468 . و نسخة عبده ص 605 . و ورد مثافنة في هامش نسخة ابن المؤدب ص 280 . و هامش نسخة الآملي ص 285 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 338 . و هامش نسخة الأسترابادي ص 468 . و نسخة العطاردي ص 370 .
[ 3 ] ورد في دعائم الإسلام ج 1 ص 357 . و تحف العقول ص 93 . و نهج السعادة ج 5 ص 72 . باختلاف يسير .
[ 4 ] ورد في دعائم الإسلام ج 1 ص 357 خمس طبقات . ثم جاء في التقسيم كتّاب العامة و الخاصة و قضاة العدل و عمال الإنصاف طبقة واحدة . و يبدو أن هذا التقسيم هو الصحيح بقرينة الفقرة التي تفصّل دور الطبقات ، لكننا لم نجد في نسخ « نهج البلاغة » التي بين أيدينا غير هذا فلم نتدخل في النص .
[ 5 ] ورد في دعائم الإسلام ج 1 ص 357 . و دستور معالم الحكم ص 149 . و تحف العقول ص 93 . و نهج السعادة ج 5 ص 73 .
[ 924 ]
ثُمَّ لاَ قِوَامَ لِلْجُنُودِ إِلاَّ بِمَا يُخْرِجُ اللَّهُ تَعَالى لَهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ الَّذي يَقْوَوْنَ بِهِ عَلى [ 1 ] جِهَادِ عَدُوِّهِمْ ، وَ يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ فيمَا يُصْلِحُهُمْ ، وَ يَكُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَتِهِمْ .
ثُمَّ لاَ قِوَامَ لِهذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ إِلاَّ بِالصِّنْفِ الثَّالِثِ مِنَ الْقُضَاةِ وَ الْعُمَّالِ وَ الْكُتَّابِ ، لِمَا يُحْكِمُونَ مِنَ الْمَعَاقِدِ ، وَ يَجْمَعُونَ مِنَ الْمَنَافِعِ ، وَ يُظْهِرُونَ مِنَ الاِنْصَافِ [ 2 ] ، وَ يُؤْتَمَنُونَ عَلَيْهِ مِنْ خَوَاصِّ الأُمُورِ وَ عَوَامِّهَا .
وَ لاَ قِوَامَ لَهُمْ جَميعاً إِلاَّ بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِي الصِّنَاعَاتِ ، فيمَا يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ مِنْ مَرَافِقِهِمْ ،
وَ يُقيمُونَهُ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ ، وَ يَكْفُونَهُمْ مِنَ التَّرَفُّقِ بِأَيْديهِمْ ، مِمَّا لاَ يَبْلُغُهُ رِفْقُ غَيْرِهِمْ .
ثُمَّ الطَّبَقَةُ السُّفْلى مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ الَّذينَ يَحِقُّ رِفْدُهُمْ وَ مَعُونَتُهُمْ ، وَ في فَيْءِ [ 3 ] اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ [ 4 ] لِكُلٍّ سَعَةٌ ، وَ لِكُلٍّ عَلَى الْوَالي حَقٌّ بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهُ .
وَ لَيْسَ يَخْرُجُ الْوَالي مِنْ حَقيقَةِ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ تَعَالى مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ بِالاِهْتِمَامِ وَ الاِسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ ، وَ تَوْطينِ نَفْسِهِ عَلى لُزُومِ الْحَقِّ وَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ فيمَا خَفَّ عَلَيْهِ أَوْ ثَقُلَ .
فَوَلِّ مِنْ جُنُودِكَ أَنْصَحَهُمْ في نَفْسِكَ للَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لإِمَامِكَ ، وَ أَنْقَاهُمْ جَيْباً ، وَ أَفْضَلَهُمْ حِلْماً ،
وَ أَجْمَعَهُمْ عِلْماً وَ سِيَاسَةً [ 5 ] ، مِمَّنْ يُبْطِئُ عَنِ الْغَضَبِ ، وَ يَسْتَريحُ إِلَى الْعُذْرِ ، وَ يَرْأَفُ بِالضُّعَفَاءِ ،
وَ يَنْبُو عَلَى الأَقْوِيَاءِ ، وَ مِمَّنْ لاَ يُثيرُهُ الْعُنْفُ ، وَ لاَ يَقْعُدُ بِهِ الضَّعْفُ .
ثُمَّ الْصَقْ بِذَوِي الأَحْسَابِ وَ أَهْلِ الْبُيُوتَاتِ الصَّالِحَةِ ، وَ السَّوَابِقِ الْحَسَنَةِ ، ثُمَّ أَهْلِ النَّجْدَةِ وَ الشَّجَاعَةِ ، وَ السَّخَاءِ وَ السَّمَاحَةِ ، فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ الْكَرَمِ ، وَ شُعَبٌ مِنَ الْعُرْفِ ، يَهْدُونَ إِلى حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ وَ الإيمَانِ بِقَدَرِهِ [ 6 ] .
ثُمَّ تَفَقَّدْ مِنْ أُمُورِهِمْ مَا يَتَفَقَّدُ الْوَالِدَانِ مِنْ وَلَدِهِمَا .
وَ لاَ يَتَفَاقَمَنَّ في نَفْسِكَ شَيْءٌ قَوَّيْتَهُمْ بِهِ ، وَ لاَ تَحْقِرَنَّ لُطْفاً تَعَاهَدْتَهُمْ بِهِ وَ إِنْ قَلَّ ، فَإِنَّهُ دَاعِيَةٌ لَهُمْ إِلى بَذْلِ النَّصيحَةِ لَكَ ، وَ حُسْنِ الظَّنِّ بِكَ .
[ 1 ] في . ورد في نسخة العام 400 ص 396 . و نسخة ابن المؤدب ص 280 . و هامش نسخة الأسترابادي ص 469 . و نسخة عبده ص 606 . و نسخة العطاردي ص 371 .
[ 2 ] ورد في دستور معالم الحكم للقضاعي ص 150 . و تحف العقول للحرّاني ص 93 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 73 .
[ 3 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 93 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 73 .
[ 4 ] ورد في دستور معالم الحكم للقضاعي ص 150 .
[ 5 ] ورد في دعائم الإسلام ج 1 ص 358 . و تحف العقول ص 94 . و نهج السعادة ج 5 ص 75 . باختلاف بين المصادر .
[ 6 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 93 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 73 .
[ 925 ]
وَ لاَ تَدَعْ تَفَقُّدَ لَطيفِ أُمُورِهِمُ اتِّكَالاً عَلى جَسيمِهَا ، فَإِنَّ لِلْيَسيرِ مِنْ لُطْفِكَ مَوْضِعاً يَنْتَفِعُونَ بِهِ ، وَ لِلْجَسيمِ مَوْقِعاً لاَ يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ .
وَ لْيَكُنْ آثَرُ رُؤُوسِ جُنْدِكَ عِنْدَكَ مَنْ وَاسَاهُمْ في مَعُونَتِهِ ، وَ أَفْضَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ جِدَتِهِ وَ بَذْلِهِ [ 1 ] ،
بِمَا يَسَعُهُمْ وَ يَسَعُ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ خُلُوفِ أَهْليهِمْ ، حَتَّى يَكُونَ هَمُّهُمْ هَمّاً وَاحِداً في جِهَادِ الْعَدُوِّ ،
وَ تَنْقَطِعَ هُمُومُهُمْ مِمَّا سِوى ذَلِكَ .
ثُمَّ وَاتِرْ إِعْلاَمَهُمْ ذَاتَ نَفْسِكَ في إِيثَارِهِمْ ، وَ التَّكْرِمَةِ لَهُمْ ، وَ الاِرْصَادِ بِالتَّوْسِعَةِ ، وَ حَقِّقْ ذَلِكَ بِحُسْنِ الْفِعَالِ وَ الأَثَرِ وَ الْعَطْفِ [ 2 ] ، [ 9 ] فَإِنَّ عَطْفَكَ عَلَيْهِمْ يَعْطِفُ قُلُوبَهُمْ عَلَيْكَ .
وَ إِنَّ أَفْضَلَ قُرَّةِ عَيْنِ الْوُلاَةِ اسْتِقَامَةُ الْعَدْلِ فِي الْبِلاَدِ ، وَ ظُهُورُ مَوَدَّةِ الرَّعِيَّةِ .
وَ إِنَّهُ لاَ تَظْهَرُ مَوَدَّتُهُمْ إِلاَّ بِسَلاَمَةِ صُدُورِهِمْ ، وَ لاَ تَصِحُّ نَصيحَتُهُمْ إِلاَّ بِحيطَتِهِمْ عَلى وُلاَةِ أُمُورِهِمْ ، وَ قِلَّةِ اسْتِثْقَالِ دُوَلِهِمْ ، وَ تَرْكِ اسْتِبْطَاءِ انْقِطَاعِ مُدَّتِهِمْ .
ثُمَّ لاَ تَكِلَنَّ جُنُودَكَ إِلى مَغْنَمٍ وَزَّعْتَهُ بَيْنَهُمْ ، بَلْ أَحْدِثْ لَهُمْ مَعَ كُلِّ مَغْنَمٍ بَدَلاً مِمَّا سِوَاهُ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، تَسْتَنْصِرُ بِهِ ، وَ يَكُونُ دَاعِيَةً لَهُمْ إِلَى الْعَوْدَةِ لِنَصْرِ اللَّهِ وَ دينِهِ . وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ .
وَ اخْصُصْ أَهْلَ الشَّجَاعَةِ وَ النَّجْدَةِ بِكُلِّ عَارِفَةٍ [ 3 ] ، فَافْسَحْ في آمَالِهِمْ إِلى مُنْتَهى غَايَةِ آمَالِكَ مِنَ النَّصيحَةِ بِالْبَذْلِ [ 4 ] .
وَ وَاصِلْ في حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ ، وَ لَطيفِ التَّعَهُّدِ لَهُمْ رَجُلاً رَجُلاً [ 5 ] ، وَ تَعْديدِ مَا أَبْلى ذَوُو الْبَلاَءِ مِنْهُمْ في كُلِّ مَشْهَدٍ [ 6 ] ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الذِّكْرِ مِنْكَ [ 7 ] لِحُسْنِ فِعَالِهِمْ تَهُزُّ الشُّجَاعَ ، وَ تُحَرِّضُ النَّاكِلَ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالى .
ثُمَّ لاَ تَدَعْ أَنْ يَكُونَ لَكَ عَلَيْهِمْ عُيُونٌ مِنْ أَهْلِ الأَمَانَةِ وَ الْقَوْلِ بِالْحَقِّ عِنْدَ النَّاسِ ، فَيُثْبِتُونَ بَلاَءَ كُلِّ ذي بَلاَءٍ مِنْهُمْ ، لِيَثِقَ أُولئِكَ بِعِلْمِكَ بِبَلاَئِهِمْ حَتَّى كَأَنَّكَ شَهِدْتَهُ [ 8 ] .
[ 9 ] من : فإنّ إلى : انقطاع مدّتهم . و من : فافسح في آمالهم و واصل إلى : تعالى ورد في كتب الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 93 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 73 .
[ 2 ] ورد في المصدرين السابقين . و دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 358 . باختلاف بين المصادر .
[ 3 ] ورد في المصادر السابقة . باختلاف .
[ 4 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 94 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 78 .
[ 5 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 6 ] ورد في المصدرين السابقين . و دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 358 .
[ 7 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 94 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 78 .
[ 8 ] ورد في المصدرين السابقين . و دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 358 . باختلاف بين المصادر .
[ 926 ]
[ 6 ] ثُمَّ اعْرِفْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا أَبْلى ، وَ لاَ تَضُمَّنَّ [ 1 ] بَلاَءَ امْرِئٍ إِلى غَيْرِهِ ، وَ لاَ تُقَصِّرَنَّ بِهِ دُونَ غَايَةِ بَلاَئِهِ ، وَ كَافِ كُلاً مِنْهُمْ بِقَدَرِ مَا كَانَ مِنْهُ ، وَ اخْصُصْهُ بِكِتَابٍ مِنْكَ تَهَزُّهُ بِهِ ، وَ تُنْبِئُهُ بِمَا بَلَغَكَ عَنْهُ [ 2 ] .
وَ لاَ يَدْعُوَنَّكَ شَرَفُ امْرِئٍ إِلى أَنْ تُعْظِمَ مِنْ بَلاَئِهِ مَا كَانَ صَغيراً ، وَ لاَ ضَعَةُ امْرِئٍ إِلى أَنْ تَسْتَصْغِرَ مِنْ بَلاَئِهِ مَا كَانَ عَظيماً .
وَ لاَ يُفْسِدَنَّ امْرئً عِنْدَكَ عِلَّةٌ إِنْ عَرَضَتْ لَهُ ، وَ لاَ نَبْوَةَ حَديثٍ لَهُ قَدْ كَانَ لَهُ قَبْلَهَا حُسْنُ بَلاَءٍ ، فَإِنَّ الْعَزَّةَ للَّهِ يُؤْتيهِ مَنْ يَشَاءُ وَ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقينَ .
وَ إِنِ اسْتُشْهِدَ أَحَدٌ مِنْ جُنُودِكَ ، وَ أَهْلِ النِّكَايَةِ في عَدُوِّكَ ، فَاخْلُفْهُ في عِيَالِهِ بِمَا يَخْلُفُ بِهِ الْوَصِيُّ الشَّفيقُ الْمَوْثُوقُ بِهِ ، مِنَ اللُّطْفِ بِهِمْ ، وَ حُسْنِ الْوِلاَيَةِ لَهُمْ ، حَتَّى لاَ يُرى عَلَيْهِمْ أَثَرُ فَقْدِهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَعْطِفُ عَلَيْكَ قُلُوبَ فُرْسَانِكَ ، وَ يَزْدَادُونَ بِهِ تَعْظيماً لِطَاعَتِكَ ، وَ يَسْلِسُونَ لِرُكُوبِ مَعَاريضِ التَّلَفِ الشَّديدِ في وِلاَيَتِكَ . وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ [ 3 ] .
وَ ارْدُدْ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ مَا يُضْلِعُكَ مِنَ الْخُطُوبِ ، وَ يَشْتَبِهُ عَلَيْكَ مِنَ الأُمُورِ ، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى لِقَوْمٍ أَحَبَّ إِرْشَادَهُمْ : يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَطيعُوا اللَّهَ وَ أَطيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْويلاً 4 .
وَ قَالَ تَعَالى : وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَ لَوْ لاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَليلاً [ 5 ] .
فَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ الأَخْذُ بِمُحْكَمِ كِتَابِهِ ، وَ الرَّدُّ إِلَى الرَّسُولِ الأَخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَةِ غَيْرِ الْمُفَرِّقَةِ .
وَ نَحْنُ أَهُلُ رَسُولِ اللَّهِ الَّذينَ نَسْتَنْبِطُ الْمُحْكَمَ مِنْ كِتَابِهِ ، وَ نُمَيِّزُ الْمُتَشَابِهَ مِنْهُ ، وَ نَعْرِفُ النَّاسِخَ مِمَّا نَسَخَ اللَّهُ وَ وَضَعَ إِصْرَهُ .
[ 6 ] من : ثمّ اعرف إلى : بلائه . و من : و لا يدعونك إلى : ما كان عظيما . و من : و اردد إلى : الرّسول . و من : فالرّدّ إلى : المفرّقة ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] تضيفنّ . ورد في نسخة عبده ص 609 .
[ 2 ] ورد في دعائم الإسلام ج 1 ص 359 . و تحف العقول ص 94 . و نهج السعادة ج 5 ص 79 . باختلاف بين المصادر .
[ 3 ] ورد في المصادر السابقة . باختلاف بين المصادر .
-----------
( 4 ) النساء ، 59 .
[ 5 ] النساء ، 83 . و وردت الفقرات في تحف العقول للحرّاني ص 95 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 81 .
[ 927 ]
[ 10 ] ثُمَّ انْظُرْ في أَمْرِ الأَحْكَامِ بَيْنَ النَّاسِ بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ ، فَإِنَّ الْحُكْمَ في إِنْصَافِ الْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ ، وَ الأَخْذِ لِلضَّعيفِ مِنَ الْقَوِيِّ ، وَ إِقَامَةِ حُدُودِ اللَّهِ عَلى سُنَّتِهَا وَ مِنْهَاجِهَا ، مِمَّا يُصْلِحُ عِبَادَ اللَّهِ وَ بِلاَدَهُ .
فَ [ 1 ] اخْتَرْ لِلْحُكْمِ [ 2 ] بَيْنَ النَّاسِ أَفْضَلَ رَعِيَّتِكَ في نَفْسِكَ وَ أَنْفُسِهِمْ لِلْعِلْمِ وَ الْحِلْمِ وَ الْوَرَعِ وَ السَّخَاءِ [ 3 ] ، مِمَّنْ لاَ تَضيقُ بِهِ الأُمُورُ ، وَ لاَ يُمَحِّكُهُ الْخُصُومُ ، وَ لاَ يَتَمَادى في إِثْبَاتِ [ 4 ] الزَّلَّةِ ، وَ لاَ يَحْصَرُ مِنَ الْفَيْءِ إِلَى الْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ ، وَ لاَ تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلى طَمَعٍ ، وَ لاَ يَدْخُلُهُ إِعْجَابٌ [ 5 ] ، وَ لاَ يَكْتَفي بِأَدْنى فَهْمٍ دُونَ أَقْصَاهُ ، أَوْقَفَهُمْ فِي الشُّبُهَاتِ ، وَ آخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ ، وَ أَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَةِ الْخَصْمِ ،
وَ أَصْبَرَهُمْ عَلى تَكْشيفِ الأُمُورِ ، وَ أَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اتِّضَاحِ الْحُكْمِ ، مِمَّنْ لاَ يَزْدَهيهِ إِطْرَاءٌ ، وَ لاَ يَسْتَميلُهُ إِغْرَاءٌ ، وَ لاَ يُصْغي لِلتَّبْليغِ بِأَنْ يُقَالَ : قَالَ فُلاَنٌ ، وَ قَالَ فُلاَنٌ .
فَوَلِّ قَضَاءَكَ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ [ 6 ] ، وَ أُولئِكَ قَليلٌ .
ثُمَّ أَكْثِرْ تَعَاهُدَ أَمْرِهِ وَ [ 7 ] قَضَائِهِ ، وَ افْسَحْ لَهُ فِي الْبَذْلِ ، مَا يُزيلُ [ 8 ] عِلَّتَهُ ، وَ تَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَى النَّاسِ ، وَ أَعْطِهِ مِنَ الْمَنْزِلَةِ لَدَيْكَ مَا لاَ يَطْمَعُ فيهِ غَيْرُهُ مِنْ خَاصَّتِكَ ، لِيَأْمَنَ بِذَلِكَ اغْتِيَالَ [ 9 ] الرِّجَالِ لَهُ عِنْدَكَ ، فَلاَ يُحَابي أَحَداً لِلرَّجَاءِ ، وَ لاَ يُصَانِعُهُ لاسْتِجْلاَبِ حُسْنِ الثَّنَاءِ .
وَ أَحْسِنْ تَوْقيرَهُ في صُحْبَتِكَ ، وَ قَرِّبْهُ في مَجْلِسِكَ ، وَ أَمْضِ قَضَاءَهُ ، وَ أَنْفِذْ حُكْمَهُ ، وَ اشْدُدْ عَضُدَهُ .
وَ اجْعَلْ أَعْوَانَهُ خِيَارَ مَنْ تَرْضى مِنْ نُظَرَائِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَ أَهْلِ الْوَرَعِ وَ النَّصيحَةِ للَّهِ وَ لِعِبَادِ اللَّهِ ، لِيُنَاظِرَهُمْ فيمَا شُبِّهِ عَلَيْهِ ، وَ يَلْطُفَ عَلَيْهِمْ لِعِلْمِ مَا غَابَ عَنْهُ ، وَ يَكُونُونَ شُهَدَاءَ عَلى قَضَائِهِ بَيْنَ
[ 10 ] من : ثمّ اختر إلى : إغراء . و من : و أولئك إلى : له عندك ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 95 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 81 .
[ 2 ] للقضاء . ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 360 .
[ 3 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 95 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 81 .
[ 4 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 5 ] ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 360 .
[ 6 ] ورد في المصدر السابق . و تحف العقول للحرّاني ص 96 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 84 . باختلاف بين المصادر .
[ 7 ] ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 360 .
[ 8 ] يزيح . ورد في نسخة العام 400 ص 399 . و نسخة ابن المؤدب ص 282 . و نسخة الآملي ص 288 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 341 . و نسخة الأسترابادي ص 473 . و نسخة العطاردي ص 374 .
[ 9 ] اغتياب . ورد في هامش نسخة ابن المؤدب ص 283 . و نسخة العطاردي ص 374 عن شرح السرخسي .
[ 928 ]
النَّاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
وَ اخْتَرْ لأَطْرَافِكَ قُضَاةً تَجْتَهِدُ فيهِمْ نَفْسَكَ ، لاَ يَخْتَلِفُونَ وَ لاَ يَتَدَابَرُونَ في حُكْمِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ، فَإِنَّ الاِخْتِلاَفَ فِي الْحُكْمِ إِضَاعَةٌ لِلْعَدْلِ ، وَ غِرَّةٌ [ 1 ] فِي الدّينِ ، وَ سَبَبٌ لِلْفُرْقَةِ .
وَ قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ مَا يَأْتُونَ وَ مَا يُنْفِقُونَ ، وَ أَمَرَ بِرَدِّ مَا لاَ يَعْلَمُونَ إِلى مَنِ اسْتَوْدَعَهُ اللَّهُ عِلْمَ كِتَابِهِ ،
وَ اسْتَحْفَظَهُ الْحُكْمَ فيهِ .
فَإِنَّمَا اخْتِلاَفُ الْقُضَاةِ في دُخُولِ الْبَغْي بَيْنَهُمْ ، وَ اكْتِفَاءِ كُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ بِرَأْيِهِ دُونَ مَنْ فَرَضَ اللَّهُ وِلاَيَتَهُ ، وَ لَيْسَ يَصْلُحُ الدّينُ وَ لاَ أَهْلُ الدّينِ عَلى ذَلِكَ .
وَ لكِنْ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الأَثَرِ وَ السُّنَّةِ ، فَإِذَا أَعْيَاهُ ذَلِكَ رَدَّهُ إِلى أَهْلِهِ ، فَإِنْ غَابَ أَهْلُهُ عَنْهُ نَاظَرَ غَيْرَهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمينَ . لَيْسَ لَهُ تَرْكُ ذَلِكَ إِلى غَيْرِهِ .
وَ لَيْسَ لِقَاضِيَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ أَنْ يُقيمَا عَلَى اخْتِلاَفٍ فِي الْحُكْمِ دُونَمَا رَفْعِ ذَلِكَ إِلى وَلِيِّ الأَمْرِ فيهَا ، فَيَكُونُ هُوَ الْحَاكِمُ بِمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ، ثُمَّ يَجْتَمِعَانِ عَلى حُكْمِهِمَا فيمَا وَافَقَهُمَا أَوْ خَالَفَهُمَا [ 2 ] .
[ 5 ] فَانْظُرْ في ذَلِكَ نَظَراً بَليغاً ، فَإِنَّ هذَا الدّينَ قَدْ كَانَ أَسيراً في أَيْدِي الأَشْرَارِ ، يُعْمَلُ فيهِ بِالْهَوى ، وَ تُطْلَبُ بِهِ الدُّنْيَا .
وَ اكْتُبْ إِلى قُضَاةِ بُلْدَانِكَ فَلْيَرْفَعُوا إِلَيْكَ كُلَّ حُكْمٍ اخْتَلَفُوا فيهِ عَلى حُقُوقِهِ .
ثُمَّ تَصَفَّحْ تِلْكَ الأَحْكَامَ ، فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ ، وَ سُنَّةَ نَبِيِّهِ ، وَ الأَثَرَ مِنْ إِمَامِكَ ، فَامْضِهِ وَ احْمِلْهُمْ عَلَيْهِ ، وَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ فَاجْمَعْ لَهُ الْفُقَهَاءَ بِحَضْرَتِكَ ، فَنَاظِرْهُمْ فيهِ ، ثُمَّ أَمْضِ مَا يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ أَقَاويلُ الْفُقَهَاءِ بَحَضْرَتِكَ مِنَ الْمُسْلِمينَ ، فَإِنَّ كُلَّ حُكْمٍ اخْتَلَفَ فيهِ الرَّعِيَّةُ مَرْدُودٌ إِلَى الإِمَامِ ، وَ عَلَى الإِمَامِ الاِسْتِعَانَةُ بِاللَّهِ ، وَ الاِجْتِهَادُ في إِقَامَةِ الْحُدُودِ ، وَ جَبْرُ الرَّعِيَّةِ عَلى أَمْرِهِ . وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ [ 3 ] .
ثُمَّ انْظُرْ في أُمُورِ عُمَّالِكَ فَاسْتَعْمِلْهُمُ اخْتِبَاراً ، وَ لاَ تُوَلِّهِمْ أُمُورَكَ [ 4 ] مُحَابَاةً وَ أَثَرَةً ، فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ الْجَوْرِ وَ الْخِيَانَةِ للَّهِ ، وَ إِدْخَالُ الضَّرَرِ عَلَى النَّاسِ . وَ لَيْسَتْ تَصْلُحُ الأُمُورُ بِالاِدْغَالِ .
[ 5 ] من : فانظر إلى : به الدّنيا . و من : ثمّ انظر إلى : و الخيانة ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] عورة . ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 360 .
[ 2 ] ورد في المصدر السابق . و تحف العقول ص 96 . و نهج السعادة ج 5 ص 85 . باختلاف بين المصادر .
[ 3 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 96 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 88 .
[ 4 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 929 ]
فَاصْطَفِ لِوِلاَيَةِ أَعْمَالِكَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَ الْوَرَعِ وَ الْعِلْمِ وَ السِّيَاسَةِ [ 1 ] ، [ 13 ] وَ تَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ التَّجْرِبَةِ [ 2 ] وَ الْحَيَاءِ ، مِنْ أَهْلِ الْبُيُوتَاتِ الصَّالِحَةِ ، وَ الْقَدَمِ فِي الإِسْلاَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، فَإِنَّهُمْ أَكْرَمُ أَخْلاَقاً ،
وَ أَصَحُّ أَعْرَاضاً ، وَ أَقَلُّ فِي الْمَطَامِعِ إِشْرَافاً [ 3 ] ، وَ أَبْلَغُ في عَوَاقِبِ الأُمُورِ نَظَراً . فَلْيَكُونُوا أَعْوَانَكَ عَلى مَا تَقَلَّدْتَ ، وَ لاَ تَسْتَعْمِلْ إِلاَّ شيعَتَكَ مِنْهُمْ [ 4 ] .
ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَيْهِمْ فِي الْعِمَالاَتِ [ 5 ] ، وَ وَسِّعْ عَلَيْهِمْ فِي [ 6 ] الأَرْزَاقِ ، فَإِنَّ في [ 7 ] ذَلِكَ قُوَّةً لَهُمْ عَلَى اسْتِصْلاَحِ أَنْفُسِهِمْ ، وَ غِنىً لَهُمْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَيْديهِمْ ، وَ هُوَ ، مَعَ ذَلِكَ [ 8 ] ، حُجَّةٌ لَكَ عَلَيْهِمْ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَكَ أَوْ ثَلَمُوا أَمَانَتَكَ .
ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ ، وَ ابْعَثِ الْعُيُونَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَ الْوَفَاءِ عَلَيْهِمْ ، فَإِنَّ تَعَاهُدَكَ فِي السِّرِّ لأُمُورِهِمْ حَدْوَةٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الأَمَانَةِ ، وَ الرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ .
وَ احْذَرْ أَنْ تَسْتَعْمِلَ أَهْلَ التَّكَبُّرِ وَ التَّجَبُّرِ وَ النَّخْوَةِ ، وَ مَنْ يُحِبُّ الاِطْرَاءَ وَ الثَّنَاءَ وَ الذِّكْرَ وَ يَطْلُبُ شَرَفَ الدُّنْيَا ، وَ لاَ شَرَفَ إِلاَّ بِالتَّقْوى [ 9 ] .
وَ تَحَفَّظْ مِنَ الأَعْوَانِ ، فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ يَدَهُ إِلى خِيَانَةٍ ، أَوْ رَكِبَ فُجُوراً [ 10 ] اجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَيْهِ عِنْدَكَ أَخْبَارُ عُيُونِكَ مَعَ سُوءِ ثَنَاءِ رَعِيَّتِكَ [ 11 ] اكْتَفَيْتَ بِذَلِكَ شَاهِداً عَلَيْهِ [ 12 ] ، فَبَسَطْتَ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ في بَدَنِهِ ، وَ أَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ، ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ الْمَذَلَّةِ ، وَ وَسَمْتَهُ بِالْخِيَانَةِ ، وَ قَلَّدْتَهُ
[ 13 ] من : و توخّ إلى : عواقب الأمور نظرا . و من : ثمّ أسبغ إلى : بالرّعيّة . و من : و تحفّظ إلى : عار التّهمة ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في دعائم الإسلام ج 1 ص 360 . و تحف العقول ص 96 . و نهج السعادة ج 5 ص 88 . باختلاف بين المصادر .
[ 2 ] النّصيحة . ورد في
[ 3 ] إشراقا . ورد في نسخة عبده ص 611 . و نسخة الصالح ص 435 . و ورد إسرافا في نسخة العطاردي ص 374 عن نسخة موجودة في مكتبة مدرسة نواب في مدينة مشهد .
[ 4 ] ورد في دعائم الإسلام ج 1 ص 361 . و تحف العقول ص 97 . و نهج السعادة ج 5 ص 90 . باختلاف بين المصادر .
[ 5 ] النّعمات . ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 361 .
[ 6 ] ورد في المصدر السابق . و تحف العقول للحرّاني ص 97 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 90 . باختلاف بين المصادر .
[ 7 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 97 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 90 .
[ 8 ] ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 361 .
[ 9 ] ورد في المصدر السابق .
[ 10 ] ورد في المصدر السابق .
[ 11 ] ورد في المصدر السابق .
[ 12 ] ورد في المصدر السابق .
[ 930 ]
عَارَ التُّهْمَةِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ تَنْكيلاً وَعِظَةً لِغَيْرِهِ . إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالى [ 1 ] .
[ 10 ] وَ تَفَقَّدْ أَمْرَ الْخَرَاجِ بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ ، فَإِنَّ في صَلاَحِهِ وَ صَلاَحِهِمْ صَلاَحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ ، وَ لاَ صَلاَحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلاَّ بِهِمْ ، لأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عِيَالٌ عَلَى الْخَرَاجِ وَ أَهْلِهِ .
وَ لْيَكُنْ نَظَرُكَ في عِمَارَةِ الأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فِي اسْتِجْلاَبِ الْخَرَاجِ ، لأَنَّ ذَلِكَ لاَ يُدْرَكُ إِلاَّ بِالْعِمَارَةِ .
وَ مَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَيْرِ عِمَارَةٍ أَخْرَبَ الْبِلاَدَ ، وَ أَهْلَكَ الْعِبَادَ ، وَ لَمْ يَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلاَّ قَليلاً .
فَاجْمَعْ إِلَيْكَ أَهْلَ الْخَرَاجِ مِنْ كُلِّ بُلْدَانِكَ ، وَ مُرْهُمْ فَلْيُعْلِمُوكَ حَالَ بِلاَدِهِمْ ، وَ مَا فيهِ صَلاَحُهُمْ وَ رَخَاءُ جِبَايَتِهِمْ ، ثُمَّ سَلْ عَمَّا يَرْفَعُ إِلَيْكَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ [ 2 ] .
فَإِنْ شَكَوْا ثِقَلاً فِي الْخَرَاجِ أَوْ عِلَّةً ، أَوِ انْقِطَاعَ شِرْبٍ أَوْ بَالَّةٍ ، أَوْ إِحَالَةَ أَرْضٍ اغْتَمَرَهَا غَرَقٌ ،
أَوْ أَجْحَفَ بِهَا عَطَشٌ ، خَفَّفْتَ عَنْهُمْ بِمَا تَرْجُو أَنْ يَصْلُحَ بِهِ أَمْرُهُمْ .
وَ إِنْ سَأَلُوا مَعُونَةً عَلى إِصْلاَحِ مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ بِأَمْوَالِهِمْ ، فَاكْفِهِمْ مَؤُونَتَهُ ، فَإِنَّ في عَاقِبَةِ كِفَايَتِكَ إِيَّاهُمْ صَلاَحاً . إِنْ شَاءَ اللَّهُ [ 3 ] .
وَ لاَ يَثْقُلَنَّ عَلَيْكَ شَيْءٌ خَفَّفْتَ بِهِ الْمَؤُونَةَ عَنْهُمْ ، فَإِنَّهُ ذُخْرٌ يَعُودُونَ بِهِ عَلَيْكَ في عِمَارَةِ بِلاَدِكَ ،
وَ تَزْيينِ وِلاَيَتِكَ ، مَعَ اقْتِنَائِكَ مَوَدَّتَهُمْ ، وَ [ 4 ] اسْتِجْلاَبِكَ حُسْنَ ثَنَائِهِمْ [ 5 ] ، وَ تَبَجُّحِكَ بِاسْتِفَاضَةِ [ 6 ] الْعَدْلِ وَ الْخَيْرِ [ 7 ] فيهِمْ ، وَ مَا يُسَهِّلُ اللَّهُ بِهِ مِنْ جَلْبِهِمْ ، فَإِنَّ الْخَرَاجَ لاَ يُسْتَخْرَجُ بِالْكَدِّ وَ الاِتْعَابِ ، مَعَ أَنَّهَا عَقْدٌ تَعْتَمِدُ عَلَيْهَا إِنْ حَدَثَ حَدَثٌ كُنْتَ عَلَيْهِمْ [ 8 ] مُعْتَمِداً أَفْضَلَ [ 9 ] قُوَّتِهِمْ بِمَا ذَخَرْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ إِجْمَامِكَ لَهُمْ ، وَ الثِّقَةَ مِنْهُمْ ، بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنَ عَدْلِكَ عَلَيْهِمْ ، وَ رِفْقِكَ بِهِمْ .
[ 10 ] من : و تفقّد إلى : إلاّ قليلا . و من : فإن شكوا إلى : أمرهم . و من : و لا يثقلنّ إلى : العدل فيهم . و من : معتمدا إلى : بالعبر ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 361 .
[ 2 ] ورد في المصدر السابق . و تحف العقول ص 97 . و نهج السعادة ج 5 ص 92 . باختلاف يسير .
[ 3 ] ورد في المصادر السابقة .
[ 4 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 97 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 93 .
[ 5 ] نيّاتهم . ورد في هامش نسخة الأسترابادي ص 475 .
[ 6 ] باستقامة . ورد في المصدر السابق .
[ 7 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 98 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 93 .
[ 8 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 9 ] فضل . ورد في نسخة الآملي ص 289 . و نسخة الأسترابادي ص 475 . و نسخة عبده ص 613 . و نسخة الصالح ص 436 .
و نسخة العطاردي 375 .
[ 931 ]
فَرُبَّمَا حَدَثَ مِنَ الأُمُورِ مَا إِذَا عَوَّلْتَ فيهِ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدُ احْتَمَلُوهُ طَيِّبَةً أَنْفُسُهُمْ بِهِ .
فَإِنَّ الْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ ، وَ إِنَّمَا يُؤْتى خَرَابُ الأَرْضِ مِنْ إِعْوَازِ أَهْلِهَا .
وَ إِنَّمَا يُعْوِزُ أَهْلُهَا لإِشْرَافِ أَنْفُسِ الْوُلاَةِ عَلَى الْجَمْعِ ، وَ سُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ ، وَ قِلَّةِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ .
فَمَا الْوَالي إِلاَّ عَلى إِحْدى مَنْزِلَتَيْنِ :
إِمَّا أَنْ يَبْقى إِلى قَابِلٍ ، فَهُوَ إِلى مَا عَمِلَ بِهِ مِنْ إِصْلاَحٍ وَ إِحْسَانٍ إِلى رَعِيَّتِهِ أَحْوَجُ ، وَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ أَحْسَنُ وَ الدُّعَاءُ أَكْثَرُ ، وَ الثَّوَابُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلُ .
وَ إِنْ جَمَعَ لِغَيْرِهِ فِي الْخَزَائِنِ مَا أَخْرَبَ بِهِ الْبِلاَدَ ، وَ أَهْلَكَ بِهِ الرَّعِيَّةَ ، صَارَ مُرْتَهَناً لِغَيْرِهِ ، وَ الاِثْمُ فيهِ عَلَيْهِ .
وَ لَيْسَ يَبْقى مِنْ أُمُورِ الْوُلاَةِ إِلاَّ ذِكْرُهُمْ ، حَسَنَةً كَانَتْ أَوْ قَبيحَةً ، وَ أَمَّا الأَمْوَالُ فَلاَ بُدَّ أَنْ يُؤْتى عَلَيْهَا ، فَيَكُونُ نَفْعُهَا لِغَيْرِهِ ، أَوْ لِنَائِبَةٍ مِنْ نَوَائِبِ الدَّهْرِ تَأْتي عَلَيْهَا فَتَكُونَ حَسْرَةً عَلى أَهْلِهَا .
وَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَعْرِفَ عَوَاقِبَ الاِحْسَانِ وَ الاِسَاءَةِ ، وَ ضَيَاعَ الْعُقُولِ بَيْنَ ذَلِكَ ، فَانْظُرْ في أُمُورِ مَنْ مَضى مِنْ صَالِحِي الْوُلاَةِ وَ شِرَارِهِمْ ، فَهَلْ تَجِدُ مِنْهُمْ أَحَداً مِمَّنْ حَسُنَتْ فِي النَّاسِ سيرَتُهُ ، وَ خَفَّتْ عَلَيْهِمْ مَؤُونَتُهُ ، وَ سَخَتْ بِإِعْطَاءِ الْحَقِّ نَفْسُهُ ، أَضَرَّ بِه ذَلِكَ في شِدَّةِ مُلْكِهِ ، أَوْ في لَذَّاتِ بَدَنِهِ ، أَوْ في حُسْنِ ذِكْرِهِ فِي النَّاسِ ؟ .
أَوْ هَلْ تَجِدُ أَحَداً مِمَّنْ سَاءَتْ فِي النَّاسِ سيرَتُهُ ، وَ اشْتَدَّتْ عَلَيْهِمْ مَؤْونَتُهُ ، كَانَ لَهُ بِذَلِكَ مِنَ الْعِزِّ في مُلْكِهِ مِثْلُ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنَ النَّقْصِ بِهِ في دُنْيَاهُ وَ آخِرَتِهِ ؟ .
فَلاَ تَنْظُرْ إِلى مَا تَجْمَعُ مِنَ الأَمْوَالِ ، وَ لَكِنِ انْظُرْ إِلى مَا تَجْمَعُ مِنَ الْخَيْرَاتِ وَ تَعْمَلُ مِنَ الْحَسَنَاتِ ،
فَإِنَّ الْمُحْسِنَ مُعَانٌ ، وَ اللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفيقِ وَ الْهَادي إِلَى الصَّوَابِ [ 1 ] .
[ 4 ] ثُمَّ انْظُرْ في حَالِ كُتَّابِكَ ، فَاعْرِفْ حَالَ كُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ فيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ ، فَإِنَّ لِلْكُتَّابِ مَنَازِلَ ،
وَ لِكُلِّ مَنْزِلَةٍ مِنْهَا حَقٌّ مِنَ الأَدَبِ لاَ تَحْتَمِلُ غَيْرَهُ [ 2 ] . فَوَلِّ عَلى أُمُورِكَ خَيْرَهُمْ .
وَ اخْصُصْ رَسَائِلَكَ الَّتي تُدْخِلُ فيهَا مَكَائِدَكَ وَ أسْرَارَكَ بِأَجْمَعِهِمْ لِوُجُودِ [ 3 ] صَالِحِ الأَخْلاَقِ ،
[ 4 ] من : ثمّ انظر في حال كتّابك فولّ إلى : ممّن ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 363 .
[ 2 ] ورد في المصدر السابق . و تحف العقول ص 97 . و نهج السعادة ج 5 ص 92 . باختلاف يسير .
[ 3 ] لوجوه . ورد في نسخة الصالح ص 437 . و نسخة العطاردي ص 376 .
[ 932 ]
مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْمُنَاظَرَةِ في جَلاَئِلِ الأُمُورِ ، وَ مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ وَ النَّصيحَةِ وَ الذِّهْنِ ، وَ أَطْوَاهُمْ عَنْكَ لِمَكْنُونِ الأَسْرَارِ ، مِمَّنْ [ 1 ] [ 10 ] لاَ تُبْطِرُهُ الْكَرَامَةُ ، وَ لاَ يَزْدَهيهِ الاِلْطَافُ ، وَ لاَ تَمْحَقُ بِهِ الدَّالَّةُ [ 2 ] ، فَيَجْتَرِئَ بِهَا عَلَيْكَ في خِلاَفٍ لَكَ بِحَضْرَةِ مَلأٍ [ 3 ] ، وَ لاَ تُقَصِّرُ بِهِ الْغَفْلَةُ عَنْ إيرَادِ مُكَاتَبَاتِ عُمَّالِكَ [ 4 ] عَلَيْكَ ،
وَ إِصْدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَى الصَّوَابِ عَنْكَ ، وَ فيمَا يَأْخُذُ لَكَ وَ يُعْطي مِنْكَ ، وَ لاَ يُضْعِفُ عَقْداً اعْتَقَدَهُ لَكَ ،
وَ لاَ يَعْجِزُ عَنْ إِطْلاَقِ مَا عُقِدَ عَلَيْكَ ، وَ لاَ يَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِي الأُمُورِ ، فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ يَكُونُ بِقَدْرِ غَيْرِهِ أَجْهَلُ .
وَ وَلِّ مَا دُونَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابَةِ رَسَائِلِكَ ، وَ جَمَاعَاتِ كُتُبِ خَرَاجِكَ ، وَ دَوَاوينِ جُنُودِكَ ، قَوْماً تَجْتَهِدُ نَفْسَكَ فِي اخْتِيَارِهِمْ ، فَإِنَّهَا رُؤُوسُ أَمْرِكَ ، وَ أَجْمَعُهَا لِنَفْعِكَ ، وَ أَعَمُّهَا لِنَفْعِ رَعِيَّتِكَ [ 5 ] .
ثُمَّ لاَ يَكُنِ اخْتِيَارُكَ إِيَّاهُمْ عَلى فِرَاسَتِكَ ، وَ اسْتِنَامَتِكَ ، وَ حُسْنِ الظَّنِّ مِنْكَ بِهِمْ [ 6 ] ، فَإِنَّ الرِّجَالَ يَتَعَرَّضُونَ [ 7 ] لِفِرَاسَاتِ الْوُلاَةِ بَتَصَنُّعِهِمْ وَ حُسْنِ خِدْمَتِهِمْ ، وَ لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ النَّصيحَةِ وَ الأَمَانَةِ شَيْءٌ .
وَ لكِنِ اخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحينَ قَبْلَكَ ، فَاعْمِدْ لأَحْسَنِهِمْ كَانَ فِي الْعَامَّةِ أَثَراً ، وَ أَعْرَفِهِمْ فيهَا بِالنُّبْلِ وَ [ 8 ] الأَمَانَةِ وَجْهاً ، فَإِنَّ ذَلِكَ دَليلٌ عَلى نَصيحَتِكَ للَّهِ وَ لِمَنْ وُلّيتَ أَمْرَهُ ، ثُمَّ مُرْهُمْ بِحُسْنِ الْوِلاَيَةِ ، وَ لينِ الْكَلِمَةِ [ 9 ] .
وَ اجْعَلْ لِرَأْسِ كُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِكَ رَأْساً مِنْهُمْ ، لاَ يَقْهَرُهُ كَبيرُهَا ، وَ لاَ يَتَشَتَّتُ عَلَيْهِ كَثيرُهَا .
ثُمَّ تَفَقَّدْ مَا غَابَ عَنْكَ مِنْ حَالاَتِهِمْ ، وَ أُمُورِ مَنْ يَرِدُ عَلَيْكَ رَسَائِلُهُ ، وَ ذَوِي الْحَاجَةِ ، وَ كَيْفَ
[ 10 ] من : لا تبطره إلى : أجهل . و من : ثمّ لا يكن إلى : ولّيت أمره . و من : و اجعل لرأس إلى : كثيرها ورد في كتب الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في دعائم الإسلام ج 1 ص 364 . و تحف العقول ص 98 . و نهج السعادة ج 5 ص 96 . باختلاف يسير .
[ 2 ] ورد في المصادر السابقة .
[ 3 ] فيجترئ بها عليك في خلأ ، أو يلتمس إظهارها في ملإ . ورد في تحف العقول ص 98 . و نهج السعادة ج 5 ص 96 .
[ 4 ] كتب الأطراف . ورد في المصدرين السابقين .
[ 5 ] ورد في المصدرين السابقين . و دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 364 . باختلاف بين المصادر .
[ 6 ] ورد في المصادر السابقة .
[ 7 ] يتعرّفون . ورد في نسخة العام 400 ص 402 . و نسخة ابن المؤدب ص 285 . و نسخة الآملي ص 290 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 344 . و نسخة الأسترابادي ص 477 . و نسخة عبده ص 614 . و نسخة العطاردي ص 376 .
[ 8 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 99 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 98 .
[ 9 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 933 ]
وِلاَيَتُهُمْ ، وَ قَبُولُهُمْ ، وَلينُهُمْ ، وَ حُجَّتُهُمْ ، فَإِنَّ التَّبَرُّمَ وَ الْعِزَّ وَ النَّخْوَةَ مِنْ كَثيرٍ مِنَ الْكُتَّابِ ، إِلاَّ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ .
وَ لَيْسَ لِلنَّاسِ بُدٌّ مِنْ طَلَبِ حَاجَاتِهِمْ [ 1 ] ، [ 6 ] وَ مَهْمَا كَانَ في عُمَّالِكَ [ 2 ] مِنْ عَيْبٍ فَتَغَابَيْتَ عَنْهُ أُلْزِمْتَهُ .
ثُمَّ اسْتَوْصِ بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِي الصِّنَاعَاتِ وَ أَوْصِ بِهِمْ خَيْراً ، الْمُقيمُ مِنْهُمْ ، وَ الْمُضْطَرِبُ بِمَالِهِ ،
وَ الْمُتَرَفِّقُ بِبَدَنِهِ ، فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ الْمَنَافِعِ ، وَ أَسْبَابُ الْمَرَافِقِ ، وَ جُلاَّبُهَا مِنَ الْمَبَاعِدِ وَ الْمَطَارِحِ ، في بَرِّكَ وَ بَحْرِكَ ، وَ سَهْلِكَ وَ جَبَلِكَ ، حَيْثُ لاَ يَلْتَئِمُ النَّاسُ لِمَوَاضِعِهَا ، وَ لاَ يَجْتَرِؤُونَ عَلَيْهَا .
فَاحْفَظْ حُرْمَتَهُمْ ، وَ آمِنْ سُبُلَهُمْ ، وَ خُذْ لَهُمْ بِحُقُوقِهِمْ [ 3 ] ، فَإِنَّهُمْ سِلْمٌ لاَ تُخَافُ بَائِقَتُهُ ، وَ صُلْحٌ لاَ تُخْشى غَائِلَتُهُ .
وَ تَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِحَضْرَتِكَ ، وَ في حَوَاشي بِلاَدِكَ .
وَ اعْلَمْ ، مَعَ ذَلِكَ ، أَنَّ في كَثيرٍ مِنْهُمْ ضيقاً فَاحِشاً ، وَ شُحاً قَبيحاً ، وَ احْتِكَاراً لِلْمَنَافِعِ ، وَ تَحَكُّماً فِي الْبِيَاعَاتِ ، وَ ذَلِكَ بَابُ مَضَرَّةٍ لِلْعَامَّةِ ، وَ عَيْبٌ عَلَى الْوُلاَةِ ، فَامْنَعْ مِنَ الاِحْتِكَارِ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مَنَعَ مِنْهُ .
وَ لْيَكُنِ الْبَيْعُ بَيْعاً سَمْحاً ، بِمَوَازينِ عَدْلٍ ، وَ أَسْعَارٍ لاَ تُجْحِفُ بِالْفَريقَيْنِ : مِنَ الْبَائِعِ وَ الْمُبْتَاعِ .
فَمَنْ قَارَفَ حُكْرَةً بَعْدَ نَهْيِكَ إِيَّاهُ ، فَنَكِّلْ بِهِ وَ عَاقِبْهُ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ [ 4 ] .
ثُمَّ اللَّهَ اللَّهَ فِي الطَّبَقَةِ السُّفْلى مِنَ الَّذينَ لاَ حيلَةَ لَهُمْ ، مِنَ الْمَسَاكينَ ، وَ الْمُحْتَاجينَ ، وَ أَهْلِ الْبُؤْسى وَ الزَّمْنى ، فَإِنَّ في هذِهِ الطَّبَقَةِ قَانِعاً وَ مُعْتَرّاً .
وَ احْفَظْ للَّهِ مَا اسْتَحْفَظَكَ مِنْ حَقِّهِ فيهِمْ [ 5 ] ، وَ اجْعَلْ لَهُمْ قِسْماً مِنْ بَيْتِ مَالِكَ ، وَ قِسْماً مِنْ غَلاَّتِ صَوَافِي الإِسْلاَمِ في كُلِّ بَلَدٍ ، فَإِنَّ لِلأَقْصى مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذي لِلأَدْنى ، وَ كُلٌّ قَدِ اسْتُرْعيتَ حَقَّهُ .
[ 6 ] من : و مهما إلى : لا يجترؤون عليها . و من : فإنّهم سلم إلى : خدّك لهم ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 99 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 98 . باختلاف يسير .
[ 2 ] كتّابك . ورد في نسخة العام 400 ص 403 . و نسخة ابن المؤدب ص 285 . و نسخة الآملي ص 291 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 344 . و نسخة الأسترابادي ص 477 . و نسخة عبده ص 614 . و نسخة الصالح ص 437 . ون العطاردي ص 376 .
[ 3 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 99 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 100 . باختلاف يسير .
[ 4 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 5 ] من حقوقهم . ورد في متن بهج الصباغة للتستري ج 14 ص 385 .
[ 934 ]
فَلاَ يَشْغَلَنَّكَ عَنْهُمْ بَطَرٌ ، فَإِنَّكَ لاَ تُعْذَرُ بَتَضْييعِكَ الصَّغيرَ [ 1 ] التَّافِهَ لإِحْكَامِكَ الْكَثيرَ الْمُهِمَّ .
فَلاَ تُشْخِصْ هَمَّكَ عَنْهُمْ ، وَ لاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لَهُمْ ، وَ تَوَاضَعْ للَّهِ سُبْحَانَهُ الَّذي رَفَعَكَ ، وَ اخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلضُّعَفَاءِ [ 2 ] ، [ 11 ] وَ تَفَقَّدْ أُمُورَ مَنْ لاَ يَصِلُ إِلَيْكَ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ الْعُيُونُ ، وَ تَحْقِرُهُ الرِّجَالُ .
فَفَرِّغْ لأُولَئِكَ ثِقَتَكَ مِنْ أَهْلِ الْخَشْيَةِ وَ التَّوَاضُعِ ، مِمَّنْ لاَ يَحْتَقِرُ الضُّعَفَاءَ ، وَ لاَ يَسْتَشْرِفُ الْعُظَمَاءَ [ 3 ] ، فَلْيَرْفَعْ إِلَيْكَ أُمُورَهُمْ ، ثُمَّ اعْمَلْ فيهِمْ بِالاِعْذَارِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى يَوْمَ تَلْقَاهُ ،
فَإِنَّ هؤُلاَءِ مِنْ بَيْنِ الرَّعِيَّةِ أَحْوَجُ إِلَى الاِنْصَافِ وَ التَّعَاهُدِ [ 4 ] مِنْ غَيْرِهِمْ . وَ كُلٌّ فَأَعْذِرْ إِلَى اللَّهِ تَعَالى في تَأْدِيَةِ حَقِّهِ إِلَيْهِ .
وَ تَعَهَّدْ أَهْلَ الْيُتْمِ وَ الزَّمَانَةِ [ 5 ] ، وَ ذَوِي الرِّقَّةِ فِي السِّنِّ ، مِمَّنْ لاَ حيلَةَ لَهُ ، وَ لاَ يَنْصِبُ لِلْمَسْأَلَةِ نَفْسَهُ ، فَأَجْرِ لَهُمْ أَرْزَاقاً . فَإِنَّهُمْ عِبَادُ اللَّهِ ، فَتَقَرَّبْ إِلَى اللَّهِ بِتَخَلُّصِهِمْ ، وَ وَضْعِهِمْ مَوَاضِعَهُمْ في أَقْوَاتِهِمْ وَ حُقُوقِهِمْ . فَإِنَّ الأَعْمَالَ إِنَّمَا تَخْلُصُ بِصِدْقِ النِّيَّاتِ .
ثُمَّ إِنَّهُ لاَ تَسْكُنُ نُفُوسُ النَّاسِ أَوْ بَعْضِهِمْ إِلى أَنَّكَ قَدْ قَضَيْتَ حُقُوقَهُمْ بِظَهْرِ الْغَيْبِ دُونَ مُشَافَهَتِكَ بِالْحَاجَاتِ [ 6 ] ، وَ ذَلِكَ عَلَى الْوُلاَةِ ثَقيلٌ ، وَ الْحَقُّ كُلُّهُ ثَقيلٌ ، وَ قَدْ يُخَفِّفُهُ اللَّهُ تَعَالى عَلى أَقْوَامٍ طَلَبُوا الْعَاقِبَةَ فَصَبَّرُوا أَنْفُسَهُمْ ، وَ وَثِقُوا بِصِدْقِ مَوْعُودِ اللَّهِ لَهُمْ [ 7 ] . فَكُنْ مِنْهُمْ وَ اسْتَعِنْ بِاللَّهِ [ 8 ] .
وَ اجْعَلْ لِذَوِي الْحَاجَاتِ مِنْكَ قِسْماً تُفَرِّغُ لَهُمْ فيهِ شَخْصَكَ وَ ذِهْنَكَ مِنْ كُلِّ شُغْلٍ ، ثُمَّ تَأْذَنُ لَهُمْ عَلَيْكَ [ 9 ] ، وَ تَجْلِسُ لَهُمْ مَجْلِساً عَامّاً فَتَتَوَاضَعُ فيهِ للَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذي خَلَقَكَ [ 10 ] ، وَ تُقْعِدُ
[ 11 ] من : و تفقّد إلى : و التّواضع . و من : فليرفع إلى : للمسألة نفسه . و من : و ذلك على الولاة إلى : شرطك ورد في كتب الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في تحف العقول للحراني ص 100 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 102 .
[ 2 ] ورد في المصدرين السابقين . و غرر الحكم للآمدي ج 2 ص 821 .
[ 3 ] ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 364 .
[ 4 ] ورد في المصدر السابق .
[ 5 ] ورد في المصدر السابق . و تحف العقول للحراني ص 100 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 104 .
[ 6 ] ورد في المصادر السابقة .
[ 7 ] لمن صبر و احتسب . ورد في تحف العقول للحراني ص 100 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 104 .
[ 8 ] ورد في المصادر السابقة .
[ 9 ] ورد في المصادر السابقة .
[ 10 ] رفعك . ورد في المصدرين السابقين .
[ 935 ]
عَنْهُمْ [ 1 ] جُنْدَكَ وَ أَعْوَانَكَ مِنْ أَحْرَاسِكَ وَ شُرَطِكَ .
تَخْفِضُ لَهُمْ في مَجْلِسِكَ ذَلِكَ جَنَاحَكَ ، وَ تُلَيِّنُ لَهُمْ كَنَفَكَ في مُرَاجَعَتِكَ وَ وَجْهَكَ [ 2 ] ، [ 9 ] حَتَّى يُكَلِّمَكَ مُتَكَلِّمُهُمْ غَيْرَ مُتَتَعْتِعٍ . فَإِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ في غَيْرِ مَوْطِنٍ :
لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّةٌ لاَ يُؤْخَذُ لِلضَّعيفِ فيهَا حَقَّهُ مِنَ الْقَوِيِّ غَيْرَ مُتَتَعْتِعٍ .
ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ مِنْهُمْ وَ الْعِيَّ ، وَ نَحِّ عَنْهُمُ [ 3 ] الضّيقَ وَ الأَنَفَ يَبْسُطِ اللَّهُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ أَكْنَافَ رَحْمَتِهِ ، وَ يُوجِبْ لَكَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ .
وَ أَعْطِ مَا أَعْطَيْتَ هَنيئاً ، وَ امْنَعْ [ 4 ] في إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ ، وَ تَوَاضَعْ هُنَاكَ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَاضِعينَ .
وَ لْيَكُنْ أَكْرَمُ أَعْوَانِكَ عَلَيْكَ وَ أَحْظَا [ هُمْ ] عِنْدَكَ ، أَلْيَنَهُمْ جَانِباً ، وَ أَحْسَنَهُمْ مُرَاجَعَةً ، وَ أَلْطَفَهُمْ بِالضُّعَفَاءِ ، وَ أَعْمَلَهُمْ بِالْحَق . إِنْ شَاءَ اللَّهُ [ 5 ] .
ثُمَّ إِنَّ [ 6 ] أُمُوراً مِنْ أُمُورِكَ لاَ بُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا :
مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ بِمَا يَعْيَا عَنْهُ كُتَّابُكَ .
وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ يَوْمَ [ 7 ] وُرُودِهَا عَلَيْكَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورَ أَعْوَانِكَ .
وَ مِنْهَا مَعْرِفَةُ مَا يَصِلُ إِلَى الْكُتَّابِ وَ الْخُزَّانِ مِمَّا تَحْتَ أَيْديهِمْ .
فَلاَ تَتَوَانَ فيمَا هُنَالِكَ ، وَ لاَ تَغْتَنِمْ تَأْخيرَهُ .
وَ اجْعَلْ لِكُلِّ أَمْرٍ مِنْهَا مَنْ يُنَاظِرُ فيهِ وُلاَتَهُ بِتَفْريغٍ لِقَلْبِكَ وَ هَمِّكَ ، فَكُلَّمَا أَمْضَيْتَ أَمْراً فَأَمْضِهِ بَعْدَ التَّرْوِيَةِ ، وَ مُرَاجَعَةِ نَفْسِكَ وَ مُشَاوَرَةِ وَلِيِّ ذَلِكَ ، بِغَيْرِ احْتِشَامٍ وَ لاَ رَأْيٍ يُكْتَسَبُ بِهِ عَلَيْكَ نَقيضُهُ .
وَ لاَ تُؤَخِّرْ عَمَلَ يَوْمٍ إِلى غَدٍ [ 8 ] .
[ 9 ] من : حتّى يكلّمك إلى : إعذار . و من : ثمّ أمورا إلى : أعوانك ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] عنك . ورد في نسخة العام 400 ص 405 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 346 . و نسخة الأسترابادي ص 480 . و متن شرح ابن أبي الحديد ( طبعة دار الأندلس ) ج 4 ص
[ 2 ] ورد في تحف العقول للحراني ص 100 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 105 .
[ 3 ] عنك . ورد في متن شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد ( طبعة دار الأندلس ) ج 4 ص
[ 4 ] ما تعطيه معجّلا مهنّأ ، و إن منعت فليكن . ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 126 .
[ 5 ] ورد في غرر الحكم ج 2 ص 586 . و تحف العقول ص 100 . و نهج السعادة ج 5 ص 105 . باختلاف بين المصادر .
[ 6 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 100 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 105 .
[ 7 ] عند . ورد في نسخة العام 400 ص 405 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 347 . و نسخة الأسترابادي ص 480 .
[ 8 ] ورد في غرر الحكم ج 1 ص 318 . و تحف العقول ص 100 . و نهج السعادة ج 5 ص 105 . باختلاف .
[ 936 ]
[ 7 ] وَ أَمْضِ لِكُلِّ يَوْمٍ عَمَلَهُ ، فَإِنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ مَّا فيهِ .
وَ اجْعَلْ لِنَفْسِكَ فيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ [ 1 ] تَعَالى أَفْضَلَ تِلْكَ الْمَوَاقيتِ ، وَ أَجْزَلَ تِلْكَ الأَقْسَامِ ، وَ إِنْ كَانَتْ كُلُّهَا للَّهِ تَعَالى إِذَا صَلُحَتْ فيهَا النِّيَّةُ ، وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِيَّةُ .
وَ لْيَكُنْ في خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ للَّهِ بِهِ دينَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ الَّتي هِيَ لَهُ خَاصَّةً ، فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ النَّافِلَةَ لِنَبِيِّهِ خَاصَّةً دُونَ [ سَائِرِ ] خَلْفِهِ ، فَقَالَ : وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً 1 .
فَذَلِكَ أَمْرٌ اخْتَصَّ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ وَ أَكْرَمَهُ بِهِ ، لَيْسَ لأَحَدٍ سِوَاهُ ، وَ هُوَ لِمَنْ سِوَاهُ تَطَوُّعٌ ، فَإِنَّهُ يَقُولُ :
وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَليمٌ [ 3 ] .
فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِكَ في لَيْلِكَ وَ نَهَارِكَ مَا يَجِبُ [ 4 ] ، وَ وَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ كَامِلاً غَيْرَ مَثْلُومٍ وَ لاَ مَنْقُوصٍ ، بَالِغاً مِنْ بَدَنِكَ مَا بَلَغَ .
وَ إِذَا قُمْتَ في صَلاَتِكَ لِلنَّاسِ ، فَلاَ تُطَوِّلَنَّ ، وَ لاَ [ 5 ] تَكُونَنَّ مُنَفِّراً وَ لاَ مُضَيِّعاً ، فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّةُ وَ لَهُ الْحَاجَةُ .
وَ قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ حينَ وَجَّهَني إِلَى الْيَمَنِ : كَيْفَ أُصَلّي بِهِمْ ؟ .
فَقَالَ : صَلِّ بِهِمْ كَصَلاَةِ أَضْعَفِهِمْ ، وَ كُنْ بِالْمُؤْمِنينَ رَحيماً .
وَ أَمَّا بَعْدَ هذَا ، فَلاَ تُطَوِّلَنَّ احْتِجَابَكَ [ 6 ] عَنْ رَعِيَّتِكَ ، فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلاَةِ عَنِ الرَّعِيَّةِ شُعْبَةٌ مِنَ الضّيقِ ، وَ قِلَّةُ عِلْمٍ بِالأُمُورِ .
وَ الاِحْتِجَابُ مِنْهُمْ يَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دُونَهُ ، فَيَصْغُرُ عِنْدَهُمُ الْكَبيرُ ، وَ يَعْظُمُ الصَّغيرُ ، وَ يَقْبُحُ الْحَسَنُ ، وَ يَحْسُنُ الْقَبيحُ ، وَ يُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ .
وَ إِنَّمَا الْوَالي بَشَرٌ لاَ يَعْرِفُ مَا تَوَارى عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الأُمُورِ ، وَ لَيْسَتْ عَلَى الْحَقِّ سِمَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصِّدْقِ مِنَ الْكَذِبِ .
[ 7 ] من : و أمض إلى : خاصة . و من : فأعط إلى : من الكذب ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 126 .
-----------
( 1 ) الإسراء ، 79 .
[ 3 ] البقرة ، 158 . و وردت الفقرات في تحف العقول للحراني ص 100 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 108 .
[ 4 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 5 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 6 ] فلا يطولنّ احتجابك . ورد في نسخة الآملي ص 293 . و نسخة الأسترابادي ص 482 .
[ 937 ]
فَتَحَصَّنْ مِنَ الاِدْخَالِ فِي الْحُقُوقِ بِلِينِ الْحِجَابِ ، فَ [ 1 ] [ 8 ] إِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ :
إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُكَ بِالْبَذْلِ فِي الْحَقِّ ، فَفيمَ احْتِجَابُكَ مِنْ وَاجِبِ حَقٍّ تُعْطيهِ ، أَوْ فِعْلٍ كَريمٍ تُسْديهِ ؟ .
أَوْ مُبْتَلىً بِالْمَنْعِ ، فَمَا أَسْرَعَ كَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ إِذَا أَيِسُوا مِنْ بَذْلِكَ .
مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَيْكَ مِمَّا لاَ مَؤُونَةَ فيهِ عَلَيْكَ ، مِنْ شَكَاةِ مَظْلَمَةٍ ، أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ في مُعَامَلَةٍ .
فَانْتَفِعْ بِمَا وَصَفْتُ لَكَ ، وَ اقْتَصِرْ عَلى حَظِّكَ وَ رُشْدِكَ . إِنْ شَاءَ اللَّهُ [ 2 ] .
ثُمَّ إِنَّ لِلْوَالي [ 3 ] خَاصَّةً وَ بِطَانَةً فيهِمُ اسْتِئْثَارٌ وَ تَطَاوُلٌ ، وَ قِلَّةُ إِنْصَافٍ في مُعَامَلَةٍ ، فَاحْسِمْ مَادَّةَ [ 4 ] أُولئِكَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْكَ الأَحْوَالِ .
وَ لاَ تَقْطَعَنَّ لأَحَدٍ مِنْ حَاشِيَتِكَ [ 5 ] وَ حَامَّتِكَ قَطيعَةً ، وَ لاَ يَطْمَعَنَّ مِنْكَ فِي اعْتِقَادِ عُقْدَةٍ تَضُرُّ بِمَنْ يَليهَا مِنَ النَّاسِ ، في شِرْبٍ أَوْ عَمَلٍ مُشْتَرَكٍ يَحْمِلُونَ مَؤْونَتَهُ عَلى غَيْرِهِمْ ، فَيَكُونَ مَهْنَأُ ذَلِكَ لَهُمْ دُونَكَ ، وَ عَيْبُهُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ .
عَلَيْكَ بِالْعَدْلِ في حُكْمِكَ إِذَا انْتَهَتِ الأُمُورُ إِلَيْكَ [ 6 ] ، وَ أَلْزِمِ الْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ الْقَريبِ وَ الْبَعيدِ ،
وَ كُنْ في ذَلِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً ، وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ قَرَابَتِكَ وَ خَوَاصِّكَ [ 7 ] حَيْثُ وَقَعَ .
وَ ابْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا يَثْقُلُ عَلَيْكَ مِنْهُ ، فَإِنَّ مَغَبَّةَ ذَلِكَ مَحْمُودَةٌ .
وَ إِنْ ظَنَّتِ الرَّعِيَّةُ بِكَ حَيْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِكَ ، وَ اعْدِلْ عَنْكَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِكَ ، فَإِنَّ في ذَلِكَ رِيَاضَةً مِنْكَ لِنَفْسِكَ ، وَ رِفْقاً بِرَعِيَّتِكَ ، وَ إِعْذَاراً تَبْلُغُ بِهِ حَاجَتَكَ مِنْ تَقْويمِهِمْ عَلَى الْحَقِّ في خَفْضٍ
[ 8 ] من : إنّما إلى : معاملة . و من : ثمّ إنّ إلى : و الآخرة . و من : و ألزم الحقّ إلى : حسن الظّنّ ورد في كتب الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 290 . و تحف العقول ص 101 . و البداية و النهاية ج 8 ص 9 .
و كنز العمال ج 13 ص 185 . و نهج السعادة ج 5 ص 55 و 110 .
[ 2 ] ورد في المصادر السابقة .
[ 3 ] للملوك . ورد في تحف العقول للحراني ص 102 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 111 .
[ 4 ] مؤونة . ورد في نسخة العام 400 ص 407 . و نسخة ابن المؤدب ص 288 . و هامش نسخة الآملي ص 294 . و نسخة الأسترابادي ص 483 . و نسخة العطاردي ص 380 عن نسخة موجودة في مكتبة ممتاز العلماء في لكنهور الهند .
[ 5 ] حشمك . ورد في دعائم الإسلام ج 1 ص 367 . و تحف العقول ص 102 . و نهج السعادة ج 5 ص 112 .
[ 6 ] ورد في تحف العقول للحراني ص 102 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 112 .
[ 7 ] خاصّتك . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 348 . و نسخة عبده ص 620 . و نسخة الصالح ص 442 . و نسخة العطاردي ص 380 .
[ 938 ]
وَ إِجْمَالٍ [ 1 ] .
وَ لاَ تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ وَ للَّهِ فيهِ رِضىً ، فَإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ ، وَ رَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ ، وَ أَمْناً لِبِلاَدِكَ .
وَ لكِنَّ الْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّكَ بَعْدَ صُلْحِهِ ، فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِيَتَغَفَّلَ .
فَخُذْ بِالْحَزْمِ ، وَ اتَّهِمْ في ذَلِكَ حُسْنَ الظَّنِّ ، وَ تَحَصَّنْ كُلَّ مَخُوفٍ تُؤْتى مِنْهُ ، وَ بِاللَّهِ الثِّقَةُ في جَميعِ الأُمُورِ [ 2 ] .
[ 8 ] وَ إِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ عَدُوٍّ لَكَ عُقْدَةً ، أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً ، فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ ، وَ ارْعَ ذِمَّتَكَ بِالأَمَانَةِ وَ الصِّدْقِ [ 3 ] .
وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَيْتَ مِنْ عَهْدِكَ [ 4 ] ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ شَيْءٌ النَّاسُ أَشَدُّ عَلَيْهِ اجْتِمَاعاً ، مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ ، وَ تَشَتُّتِ آرَائِهِمْ [ 5 ] ، مِنْ تَعْظيمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ .
وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ فيمَا بَيْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمينَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ .
فَلاَ تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ ، وَ لاَ تَخيسَنَّ بِعَهْدِكَ ، وَ لاَ تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ ، فَإِنَّهُ لاَ يَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ جَاهِلٌ شَقِيٌّ .
وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ [ 6 ] عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَيْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ ، وَ حَريماً يَسْكُنُونَ إِلى مَنْعَتِهِ ، وَ يَسْتَفيضُونَ إِلى جِوَارِهِ ، فَلاَ إِدْغَالَ وَ لاَ مُدَالَسَةَ وَ لاَ خِدَاعَ فيهِ .
وَ لاَ تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ [ 7 ] فيهِ الْعِلَلَ ، وَ لاَ تُعَوِّلَنَّ عَلى لَحْنِ الْقَوْلِ بَعْدَ التَّوْكيدِ وَ التَّوْثِقَةِ .
وَ لاَ يَدْعُوَنَّكَ ضيقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فيهِ عَهْدُ اللَّهِ ، إِلى طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ، فَإِنَّ صَبْرَكَ
[ 8 ] من : و إن عقدت إلى : و لا آخرتك ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في تحف العقول للحراني ص 102 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 113 .
[ 2 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 3 ] ورد في دعائم الإسلام للتميمي ج 1 ص 367 .
[ 4 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 273 .
[ 5 ] أديانهم . ورد في تحف العقول للحراني ص 102 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 114 .
[ 6 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 2 ص 815 .
[ 7 ] يجوز . ورد في نسخة العام 400 ص 409 . و متن مصادر نهج البلاغة للخطيب ج 3 ص 420 .
[ 939 ]
عَلى ضيقِ أَمْرٍ تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَ فَضْلَ عَاقِبَتِهِ ، خَيْرٌ لَكَ [ 1 ] مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ ، وَ أَنْ تُحيطَ بِكَ فيهِ مِنَ اللَّهِ طِلْبَةٌ لاَ تَسْتَقْبِلُ [ 2 ] فيهَا دُنْيَاكَ وَ لاَ آخِرَتَكَ .
وَ قَدْ كَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ سُنَنٌ فِي الْمُشْرِكينَ ، وَ مِنَّا بَعْدَهُ سُنَنٌ ، قَدْ جَرَتْ بِهَا سُنَنٌ وَ أَمْثَالٌ فِي الظَّالِمينَ وَ مَنْ تَوَجَّهَ قِبْلَتَنَا وَ تَسَمَّى بِدينِنَا ، فَسِرْفي عَدُوِّكَ بِمِثْلِ مَا شَاهَدْتَ مِنَّا في مِثْلِهِمْ مِنَ الأَعْدَاءِ .
وَ وَاتِرْ إِلَيْنَا الْكُتُبَ بِالإِخْبَارِ بِكُلِّ حَدَثٍ ، يَأْتِكَ مِنَّا أَمْرٌ عَامٌّ . وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ [ 3 ] .
وَ [ 7 ] إِيَّاكَ وَ الدِّمَاءَ وَ سَفْكَهَا بِغَيْرِ حِلِّهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَدْعى لِنَقْمَةٍ ، وَ لاَ أَعْظَمَ لِتَبِعَةٍ ، وَ لاَ أَحْرى بِزَوَالِ نِعْمَةٍ ، وَ انْقِطَاعِ مُدَّةٍ ، مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقِّهَا .
وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِئٌ بِالْحُكْمِ بَيْنَ الْعِبَادِ ، فيمَا تَسَافَكُوا مِنَ الدِّمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
فَلاَ تُقَوِّيَنَّ [ 4 ] سُلْطَانَكَ بِسَفْكِ دَمٍ حَرَامٍ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُضْعِفُهُ وَ يُوهِنُهُ ، بَلْ يُزيلُهُ وَ يَنْقُلُهُ .
فَإِيَّاكَ وَ التَّعَرُّضَ لِسَخَطِ اللَّهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لِوَلِيِّ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً سُلْطَاناً ، قَالَ اللَّهُ : وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً [ 5 ] .
وَ لاَ عُذْرَ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ وَ لاَ عِنْدي في قَتْلِ الْعَمْدِ ، لأَنَّ فيهِ قَوَدَ الْبَدَنِ .
وَ إِنِ ابْتُليتَ بِخَطَأٍ وَ أَفْرَطَ عَلَيْكَ سَوْطُكَ أَوْ يَدُكَ بِعُقُوبَةٍ ، فَإِنَّ فِي الْوَكْزَةِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَةً .
فَلاَ تَطْمَحَنَّ بِكَ نَخْوَةُ سُلْطَانِكَ عَنْ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ دِيَةً مُسَلَّمَةً يُتَقَرَّبُ [ بِهَا ] إِلَى اللَّهِ زُلْفى [ 6 ] .
وَ إِيَّاكَ وَ الاِعْجَابَ بِنَفْسِكَ ، وَ الثِّقَةَ بِمَا يُعْجِبُكَ مِنْهَا ، وَ حُبَّ الاِطْرَاءِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّيْطَانِ في نَفْسِهِ لِيَمْحَقَ مَا يَكُونُ مِنْ إِحْسَانِ الْمُحْسِنينَ .
وَ إِيَّاكَ وَ الْمَنَّ عَلى رَعِيَّتِكَ بِإِحْسَانِكَ ، أَوِ التَّزَيُّدَ فيمَا كَانَ مِنْ فِعْلِكَ ، أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَكَ بِخُلْفِكَ ، فَإِنَّ الْمَنَّ يُبْطِلُ الاِحْسَانَ ، وَ التَّزَيُّدَ يَذْهَبُ بِنُورِ الْحَقِّ ، وَ الْخُلْفَ يُوجِبُ الْمَقْتَ عِنْدَ
[ 7 ] من : إيّاك إلى : و ينقله . و من : و لا عذر إلى : ربّك ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 2 ص 818 .
[ 2 ] لا تستقيل . ورد في نسخة العام 400 ص 409 . و نسخة الآملي ص 295 . و نسخة الأسترابادي ص 485 . و نسخة عبده ص 622 .
[ 3 ] ورد في تحف العقول للحراني ص 95 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 81 .
[ 4 ] تصوننّ . ورد في تحف العقول للحراني ص 103 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 117 .
[ 5 ] الإسراء ، 33 . و وردت الفقرة في المصدرين السابقين .
[ 6 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 940 ]
اللَّهِ وَ النَّاسِ ، وَ قَدْ [ 1 ] قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى : كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ 1 .
وَ إِيَّاكَ وَ الْعَجَلَةَ بِالأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا ، أَوِ التَّسَاقُطَ [ 3 ] فيهَا عِنْدَ إِمْكَانِهَا ، أَوِ اللَّجَاجَةَ فيهَا إِذَا تَنَكَّرَتْ ، أَوِ الْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ ، فَضَعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ ، وَ أَوْقِعْ كُلَّ عَمَلٍ مَوْقِعَهُ .
وَ اِيَّاكَ وَ الاِسْتِئْثَارَ بِمَا النَّاسُ فيهِ إِسْوَةٌ ، وَ التَّغَابِيَ عَمَّا تُعْنى بِهِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِلْعُيُونِ [ 4 ] ،
فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْكَ لِغَيْرِكَ .
وَ عَمَّا قَليلٍ تَنْكَشِفُ عَنْكَ أَغْطِيَةُ الأُمُورِ ، وَ يَبْرُزُ الْجَبَّارُ بِعَظَمَتِهِ [ 5 ] وَ يَنْتَصِفُ مِنْكَ لِلْمَظْلُومِ [ 6 ] .
إِمْلِكْ حَمِيَّةَ أَنْفِكَ ، وَ سَوْرَةَ حَدِّكَ ، وَ سَطْوَةَ يَدِكَ ، وَ غَرْبَ لِسَانِكَ ، وَ احْتَرِسْ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِكَفِّ الْبَادِرَةِ ، وَ تَأْخيرِ السَّطْوَةِ .
وَ ارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى السَّمَاءِ عِنْدَمَا يَحْضُرُكَ مِنْهُ شَيْءٌ [ 7 ] حَتَّى يَسْكُنَ غَضَبُكَ فَتَمْلِكَ الاِخْتِيَارَ .
وَ لَنْ تُحْكِمَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِكَ حَتَّى تُكْثِرَ هُمُومَكَ بِذِكْرِ الْمَعَادِ إِلى رَبِّكَ .
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ جُمِعَ لَكَ في هذَا الْعَهْدِ مِنْ صُنُوفِ مَا لَمْ آلُكَ فيهِ رُشْداً إِنْ أَحَبَّ اللَّهُ إِرْشَادَكَ وَ تَوْفيقَكَ [ 8 ] .
[ 10 ] وَ الْوَاجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَتَذَكَّرَ مَا مَضى لِمَنْ تَقَدَّمَكَ مِنْ حُكُومَةٍ عَادِلَةٍ ، أَوْ سُنَّةٍ فَاضِلَةٍ ، أَوْ أَثَرٍ عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ، أَوْ فَريضَةٍ في كِتَابِ اللَّهِ ، فَتَقْتَدِيَ بِمَا شَاهَدْتَ مِمَّا عَمِلْنَا بِهِ فيهَا ، وَ تَجْتَهِدَ لِنَفْسِكَ فِي اتِّبَاعِ مَا عَهِدْتُ إِلَيْكَ في عَهْدي هذَا ، وَ فيمَا [ 9 ] اسْتَوْثَقْتُ بِهِ مِنَ الْحُجَّةِ لِنَفْسي عَلَيْكَ ، لِكَيْلاَ تَكُونَ لَكَ عِلَّةٌ عِنْدَ تَسَرُّعِ نَفْسِكَ إِلى هَوَاهَا ، فَلَنْ يَعْصِمَ مِنَ السُّوءِ ، وَ لاَ يُوَفِّقَ لِلْخَيْرِ ، إِلاَّ اللَّهُ تَعَالى .
[ 10 ] من : و الواجب إلى : تسليما كثيرا ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .
[ 1 ] ورد في تحف العقول للحراني ص 103 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 118 .
-----------
( 1 ) الصف ، 3 .
[ 3 ] التّثبّط . ورد في هامش نسخة ابن المؤدب ص 290 . و هامش نسخة الآملي ص 296 . و ورد التّسقّط في نسخة عبده ص 623 . و نسخة الصالح ص 444 .
[ 4 ] للنّاظرين . ورد في غرر الحكم ج 1 ص 157 . و تحف العقول ص 103 . و نهج السعادة ج 5 ص 120 .
[ 5 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 103 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 120 .
[ 6 ] المظلومون من الظّالمين . ورد في المصدرين السابقين .
[ 7 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 8 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 9 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 941 ]
وَ قَدْ كَانَ مِمَّا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ في وَصَايَاهِ تَحْضيضاً عَلَى الصَّلاَةِ وَ الزَّكَاةِ وَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ، فَبِذَلِكَ أَخْتِمُ لَكَ مَا عَهِدْتُ إلَيْكَ ، وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظيمِ .
وَ أَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِسَعَةِ رَحْمَتِهِ ، وَ عَظيمِ قُدْرَتِهِ عَلى إِعْطَاءِ كُلِّ رَغْبَةٍ ، أَنْ يُوَفِّقَني وَ إِيَّاكَ لِمَا فيهِ رِضَاهُ مِنَ الاِقَامَةِ عَلَى الْعُذْرِ الْوَاضِحِ إِلَيْهِ وَ إِلى خَلْقِهِ ، مَعَ حُسْنِ الثَّنَاءِ فِي الْعِبَادِ ،
وَ جَميلِ الأَثَرِ فِي الْبِلاَدِ ، وَ تَمَامِ النِّعْمَةِ ، وَ تَضْعيفِ الْكَرَامَةِ ، وَ أَنْ يَخْتِمَ لي وَ لَكَ بِالسَّعَادَةِ وَ الشَّهَادَةِ إِنَّا إِلَيْهِ رَاغِبُونَ .
وَ السَّلاَمُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ وَ سَلَّمَ تَسْليماً كَثيراً .
[ 942 ]