كتاب له عليه السلام ( 49 ) إِلى معاوية يفنّد فيه مزاعمه

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ إِلى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبي سُفْيَانَ .

أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ أَخَا خَوْلاَنَ قَدِمَ عَلَّي بِكِتَابٍ مِنْكَ تَذْكُرُ فيهِ اصْطِفَاءَ اللَّهِ فيهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لِدينِهِ ، وَ تَأْييدِهِ إِيَّاهُ بِمَنْ أَيَّدَهُ ، وَ مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدى وَ الْوَحْي .

فَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذي صَدَقَ لَهُ الْوَعْدَ ، وَ تَمَّمَ لَهُ النَّصْرَ ، وَ مَكَّنَ لَهُ فِي الْبِلاَدِ ، وَ أَظْهَرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ ،

وَ قَمَعَ بِهِ أَهْلَ الْعَدَاوَةِ وَ الشَّنَانِ مِنْ قَوْمِهِ ، الَّذينَ كَذَّبُوهُ ، وَ شَنِفُوا لَهُ ، وَ ظَاهَرُوا عَلى إِخْرَاجِهِ وَ إِخْرَاجِ أَصْحَابِهِ ، وَ أَلَّبُوا عَلَيْهِ الْعَرَبَ ، وَ جَامَعُوهُمْ عَلى حَرْبِهِ ، وَ جَهِدُوا في أَمْرِهِ كُلَّ الْجُهْدِ ، وَ قَلَّبُوا لَهُ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَ ظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ كَارِهُونَ 4 .

وَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَيْهِ تَأْليباً وَ تَحْريضاً أُسْرَتُهُ ، وَ الأَدْنى فَالأَدْنى مِنْ قَوْمِهِ ، إِلاَّ قَليلاً مِمَّنْ عَصَمَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ .

وَ ذَكَرْتَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ اجْتَبى لَهُ مِنَ الْمُسْلِمينَ أَعْوَاناً أَيَّدَهُ بِهِمْ ،

-----------
( 1 ) البقرة ، 42 .

[ 2 ] هديتم . ورد في المناقب للخوارزمي ص 175 . و البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 498 .

[ 3 ] ورد في المصدرين السابقين . و صفين ص 150 . و الفتوح ج 2 ص 558 . و شرح ابن أبي الحديد ج 3 ص 210 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 445 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 104 . و نهج البلاغة الثاني ص 186 . باختلاف يسير .

-----------
( 4 ) التوبة ، 48 .

[ 829 ]

فَكَانُوا في مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ عَلى قَدْرِ فَضَائِلِهِمْ فِي الإِسْلاَمِ ، فَكَانَ أَفْضَلَهُمْ فِي الإِسْلاَمِ ، كَمَا زَعَمْتَ ،

وَ أَنْصَحَهُمْ للَّهِ وَ لِرَسُولِهِ ، الْخَليفَةُ الصِدّيقُ ، وَ مِنْ بَعْدِهِ خَليفَةُ الْخَليفَةِ الْفَارُوقُ .

وَ لَعَمْري إِنْ كَانَ مَكَانُهُمَا فِي الإِسْلاَمِ لَعَظيماً ، وَ إِنْ كَانَ الْمُصَابُ بِهِمَا لَجُرْحاً فِي الإِسْلاَمِ شَديدٌ . فَرَحِمَهُمَا اللَّهُ وَ جَزَاهُمَا بَأَحْسَنِ مَا عَمِلاَ .

وَ مَا أَنْتَ وَ الصِّدّيقُ ، فَالصِّدّيقُ مَنْ صَدَّقَ بِحَقِّنَا ، وَ أَبْطَلَ بَاطِلَ عَدُوِّنَا .

وَ مَا أَنْتَ وَ الْفَارُوقُ ، فَالْفَارُوقُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ عَدُوِّنَا .

وَ ذَكَرْتَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ فِي الْفَضْلِ ثَالِثاً .

فَإِنْ يَكُنْ عُثْمَانُ مُحْسِناً فَسَيَجْزيهِ اللَّهُ بِإِحْسَانِهِ ، وَ إِنْ يَكُ مُسيئاً فَسَيَلْقى رَبّاً غَفُوراً لاَ يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ .

وَ لَعَمْرُ اللَّهِ ، إِنّي لأَرْجُو إِذَا أَعْطَى اللَّهُ الْمُؤْمِنينَ عَلى قَدْرِ فَضَائِلِهِمْ فِي الإِسْلاَمِ ، وَ نَصيحَتِهِمْ للَّهِ وَ لِرَسُولِهِ أَنْ يَكُونَ نَصيبُنَا أَهْلُ الْبَيْتِ في ذَلِكَ الأَوْفَرُ .

إِنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لَمَّا دَعَا إِلَى الإيمَانِ بِاللَّهِ وَ التَّوْحيدِ لَهُ كُنَّا أَهْلُ الْبَيْتِ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ ، وَ صَدَّقَ بِمَا جَاءَ بِهِ .

فَلَبِثْنَا أَحْوَالاً كَامِلَةً مُجَرَّمَةً تَامَّةً وَ مَا يَعْبُدُ اللَّهَ في رَبْعٍ سَاكِنٍ مِنَ الْعَرَبِ أَحَدٌ غَيْرُنَا [ 1 ] .

[ 4 ] فَأَرَادَ قَوْمُنَا قَتْلَ نَبِيِّنَا ، وَ اجْتِيَاحَ أَصْلِنَا ، وَ هَمُّوا بِنَا الْهُمُومَ ، وَ فَعَلُوا بِنَا الأَفَاعيلَ ،

وَ مَنَعُونَا الْمِيَرَةَ ، وَ أَمْسَكُوا عَنَّا [ 2 ] الْعَذْبَ ، وَ أَحْلَسُونَا الْخَوْفَ ، وَ اضْطَرُّونَا إِلى جَبَلٍ وَعْرٍ ، وَ جَعَلُوا عَلَيْنَا الأَرْصَادَ وَ الْعُيُونَ [ 3 ] ، وَ أَوْقَدُوا لَنَا نَارَ الْحَرْبِ ، وَ كَتَبُوا عَلَيْنَا بَيْنَهُمْ كِتَاباً :

لاَ يُوَاكِلُونَنَا ، وَ لاَ يُشَارِبُونَنَا ، وَ لاَ يُنَاكِحُونَنَا ، وَ لاَ يُبَايِعُونَنَا ، وَ لاَ يُكَلِّمُونَنَا ، وَ لاَ نَأْمَنُ فيهِمْ حَتَّى نَدْفَعَ إِلَيْهِمُ نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَيَقْتُلُوهُ وَ يُمَثِّلُوا بِهِ .

[ 4 ] من : فأراد إلى : نار الحرب ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 9 .

[ 1 ] ورد في أنساب الأشراف ج 2 ص 279 . و صفين ص 88 . و العقد الفريد ج 5 ص 83 . و الفتوح ج 2 ص 560 . و المناقب للخوارزمي ص 176 . و شرح ابن أبي الحديد ج 15 ص 76 . و شرح ابن ميثم ج 4 ص 362 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 506 . و منهاج البراعة ج 17 ص 328 . و نهج السعادة ج 4 ص 174 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] ورد في صفين ص 88 . و المناقب للخوارزمي ص 176 . و شرح ابن أبي الحديد ج 15 ص 76 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 506 . و منهاج البراعة ج 17 ص 328 . و نهج السعادة ج 4 ص 174 .

[ 3 ] ورد في صفين ص 88 . و أنساب الأشراف ج 2 ص 280 . و شرح ابن أبي الحديد ج 15 ص 76 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 506 . و منهاج البراعة ج 17 ص 328 . و نهج السعادة ج 4 ص 174 . باختلاف يسير .

[ 830 ]

فَلَمْ نَكُنْ نَأْمَنُ فيهِمْ إِلاَّ مِنْ مَوْسِمٍ إِلى مَوْسِمٍ [ 1 ] .

[ 15 ] فَعَزَمَ اللَّهُ لَنَا عَلى مَنْعِهِ وَ [ 2 ] الذَّبِّ عَنْ حَوْزَتِهِ ، وَ الرَّمْيِ مِنْ وَرَاءِ حُرْمَتِهِ [ 3 ] ، وَ الْقِيَامِ بِأَسْيَافِنَا دُونَهُ في سَاعَاتِ الْخَوْفِ ، وَ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ ، فَ [ 4 ] مُؤْمِنُنَا يَبْغي بِذَلِكَ الأَجْرَ ، وَ كَافِرُنَا يُحَامي عَنِ الأَصْلِ .

وَ أَمَّا [ 5 ] مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قُرَيْشٍ بَعْدُ فَإِنَّهُ [ 6 ] خِلْوٌ مِمَّا نَحْنُ فيهِ بِحِلْفٍ يَمْنَعُهُ ، أَوْ عَشيرَةٍ تَقُومُ دُونَهُ ، فَلاَ يَبْغيهِ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا بَغَانَا بِهِ قَوْمُنَا مِنَ التَّلَفِ [ 7 ] ، فَهُوَ مِنَ الْقَتْلِ بِمَكَانِ نَجْوَةٍ وَ [ 8 ] أَمْنٍ .

فَكَانَ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ .

ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالى رَسُولَهُ بِالْهِجْرَةِ ، وَ أَذِنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ في قِتَالِ الْمُشْرِكينَ [ 9 ] .

وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ ، وَ دُعِيَتْ نِزَالِ [ 10 ] ، وَ أَحْجَمَ النَّاسُ ، قَدَّمَ أَهْلَ بَيْتِهِ فَوَقى بِهِمْ أَصْحَابَهُ حَرَّ [ 11 ] السُّيُوفِ وَ الأَسِنَّةِ ، فَقُتِلَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ يَوْمَ بَدْرٍ . وَ قُتِلَ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُدٍ . وَ قُتِلَ جَعْفَرُ وَ زَيْدٌ [ 12 ] يَوْمَ مُؤْتَةَ .

وَ أَسْلَمَ النَّاسُ نَبِيَّهُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ غَيْرَ الْعَبَّاسِ عِمِّهِ ، وَ أَبي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنِ عَمِّهِ [ 13 ] . وَ أَرَادَ مَنْ لَوْ شِئْتَ ، يَا مُعَاوِيَةَ [ 14 ] ، ذَكَرْتُ اسْمَهُ مِثْلَ الَّذي أَرَادُوا مِنَ الشَّهَادَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ

[ 15 ] من : فعزم إلى : بمكان أمن . و من : و كان رسول إلى : أجّلت ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 9 .

[ 1 ] ورد في صفين ص 88 . و أنساب الأشراف ج 2 ص 280 . و شرح ابن أبي الحديد ج 15 ص 76 . و المناقب للخوارزمي ص 176 .

و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 506 . و منهاج البراعة ج 17 ص 328 . و نهج السعادة ج 4 ص 174 . باختلاف يسير .

[ 2 ] ورد في المصادر السابقة .

[ 3 ] حومته . ورد في متن شرح ابن أبي الحديد ج 14 ص 47 . و ورد الرّمياء من وراء جمرته في البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 506 .

[ 4 ] ورد في المصدر السابق . و صفين ص 88 . و شرح ابن أبي الحديد ج 15 ص 76 . و منهاج البراعة ج 17 ص 328 . و نهج السعادة ج 4 ص 174 .

[ 5 ] ورد في المصادر السابقة .

[ 6 ] ورد في المصادر السابقة .

[ 7 ] ورد في المصادر السابقة . و أنساب الأشراف ج 2 ص 280 . باختلاف يسير .

[ 8 ] ورد في المصادر السابقة .

[ 9 ] ورد في المصادر السابقة . و المناقب للخوارزمي ص 176 . باختلاف .

[ 10 ] ورد في المصادر السابقة .

[ 11 ] حدّ . ورد في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 15 ص 77 . و البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 506 .

[ 12 ] ورد في المصدرين السابقين . و صفين ص 89 . و العقد الفريد ج 5 ص 84 . و منهاج البراعة ج 17 ص 329 . و نهج السعادة ج 4 ص 179 .

[ 13 ] ورد في المناقب للخوارزمي ص 177 .

[ 14 ] ورد في المصدر السابق .

[ 831 ]

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ [ 1 ] ، وَ لكِنَّ آجَالَهُمْ عُجِّلَتْ ، وَ مَنِيَّتَهُ أُجِّلَتْ . وَ اللَّهُ وَلِيُّ الاِحْسَانِ إِلَيْهِمْ ، وَ الْمَنَّانُ عَلَيْهِمْ ، بِمَا قَدْ أَسْلَفُوا مِنَ الصَّالِحَاتِ .

وَ أَيْمُ اللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِأَحَدٍ وَ لاَ رَأَيْتُ مَنْ هُوَ أَنْصَحُ للَّهِ فِي طَاعَةِ رَسُولِهِ ، وَ لاَ أَطْوَعُ لِرَسُولِهِ في طَاعَةِ رَبِّهِ ، وَ لاَ أَصْبَرَ عَلَى اللأْوَاءِ وَ الضَّرَّاءِ ، وَ حينَ الْبَأْسِ ، وَ مَوَاطِنِ الْمَكْرُوهِ ، مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مِنْ هؤُلاَءِ النَّفَرِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذينَ سَمَّيْتُ لَكَ ، وَ فِي الْمُهَاجِرينَ خَيْرٌ كَثيرٌ نَعْرِفُهُ ، جَزَاهُمُ اللَّهُ خَيْراً بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ .

وَ ذَكَرْتَ حَسَدِي عَلَى الْخُلَفَاءَ ، وَ إِبْطَائي عَنْهُمْ ، وَ بَغْيي عَلَيْهِمْ .

فَأَمَّا الْحَسَدُ وَ الْبَغْيُ عَلَيْهِمْ ، فَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَكُونَ أَسْرَرْتُهُ أَوْ أَعْلَنْتُهُ ، بَلْ أَنَا الْمَحْسُودُ الْمَبْغِيُّ عَلَيْهِ .

وَ أَمَّا الإِبْطَاءُ عَنْهُمْ وَ الْكَرَاهَةُ لأَمْرِهِمْ . فَإِنّي لَسْتُ أَعْتَذِرُ مِنْهُ إِلَيْكَ وَ لاَ إِلَى النَّاسِ . وَ ذَلِكَ لأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ لَمَّا قَبَضَ نَبِيَّهُ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ اخْتَلَفَ النَّاسُ ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : مِنَّا الأَميرٌ ، وَ قَالَتِ الأَنْصَارُ : مِنَّا الأَميرٌ .

فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : مِنَّا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِالأَمْرِ مِنْكُمْ . فَعَرَفَتْ ذَلِكَ الأَنْصَارُ ، فَسَلَّمَتْ لِقُرَيْشٍ الْوِلاَيَةَ وَ السُّلْطَانَ .

فَإِذَا اسْتَحَقُّوهَا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ دُونَ الأَنْصَارِ ، فَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَحَقُّ بِهَا مِنْهُمْ ، وَ إِلاَّ فَإِنَّ الأَنْصَارُ أَعْظَمُ الْعَرَبِ فيهَا نَصيباً .

فَلاَ أَدْري أَصْحَابي سَلَّمُوا مِنْ أَنْ يَكُونُوا حَقّي أَخَذُوا ، أَوِ الأَنْصَارَ ظَلَمُوا ؟ .

بَلْ عَرَفْتُ أَنَّ حَقّي هُوَ الْمَأْخُوذُ ، وَ قَدْ تَرَكْتُهُ لَهُمْ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ [ 2 ] .

[ 3 ] فَيَا عَجَباً لِلدَّهْرِ إِذْ صِرْتُ يُقْرَنُ بي مَنْ لَمْ يَسْعَ بِقَدَمي ، وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ كَسَابِقَتي الَّتي لاَ يُدْلي أَحَدٌ بِمِثْلِهَا ، إِلاَّ أَنْ يَدَّعِيَ مُدَّعٍ مَا لاَ أَعْرِفُهُ ، وَ لاَ أَظُنُّ اللَّهَ تَعَالى يَعْرِفُهُ . فَالْحَمْدُ للَّهِ عَلى كُلِّ حَالٍ .

وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ ، وَ قَطيعَتي رَحِمَهُ ، وَ تَأْليبِي النَّاسَ عَلَيْهِ . فَإِنَّ عُثْمَانَ عَمِلَ مَا قَدْ

[ 3 ] من : فيا عجبا إلى : كلّ حال ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 9 .

[ 1 ] ورد في صفين ص 89 . و العقد الفريد ج 5 ص 84 . المناقب للخوارزمي ص 177 . و منهاج البراعة ج 17 ص 329 . و نهج السعادة ج 4 ص 179 .

[ 2 ] ورد في المصادر السابقة . و كتاب الفتوح ج 2 ص 558 . و أنساب الأشراف ج 2 ص 279 . باختلاف بين المصادر .

[ 832 ]

عَلِمْتَ مِنَ الْحَدَثِ ، فَصَنَعَ النَّاسُ بِهِ مَا قَدْ رَأَيْتَ مِنَ التَّغْييرِ .

وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ ، يَا مُعَاوِيَةُ ، أَنّي قَدْ كُنْتُ في عُزْلَةٍ عَنْهُ ، يَسَعُني مِنْ ذَلِكَ مَا وَسِعَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ . إِلاَّ أَنْ تَتَجَنَّى ، فَتَجَنَّ مَا بَدَا لَكَ [ 1 ] .

[ 5 ] وَ أَمَّا مَا سَأَلْتَ مِنْ دَفْعِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ إِلَيْكَ ، فَإِنّي نَظَرْتُ في هذَا الأَمْرِ ، وَ ضَرَبْتُ أَنْفَهُ وَ عَيْنَيْهُ [ 2 ] ، فَلَمْ أَرَ يَسَعُني دَفْعُهُمْ إِلَيْكَ وَ لاَ إِلى غَيْرِكَ .

وَ لَعَمْري لَئِنْ لَمْ تَنْزِعْ عَنْ غَيِّكَ وَ شِقَاقِكَ ، يَا ابْنَ آكِلَةِ الأَكْبَادِ [ 3 ] ، لَتَعْرِفَنَّهُمْ عَنْ قَليلٍ يَطْلُبُونَكَ ،

وَ لاَ يُكَلِّفُونَكَ طَلَبَهُمْ في بَرٍّ وَ لاَ بَحْرٍ ، وَ لاَ جَبَلٍ وَ لاَ سَهْلٍ ، إِلاَّ أَنَّهُ طَلَبٌ يَسُوؤُكَ وِجْدَانُهُ ، وَ زَوْرٌ لاَ يَسُرُّكَ لُقْيَانُهُ .

وَ لَقَدْ كَانَ أَبُوكَ أَبُو سُفْيَانَ أَتَاني حينَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ وَلَّى النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ ، فَقَالَ : لأَنْتَ أَحَقُّ بِمَقَامِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ أَوْلى بِهذَا الأَمْرِ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ ،

وَ أَنَا زَعيمٌ لَكَ بِذَلِكَ عَلى مَنْ خَالَفَ عَلَيْكَ ، ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ ، فَأَنْتَ أَعَزُّ الْعَرَبِ دَعْوَةً . فَلَمْ أَقْبَلْ ذَلِكَ .

وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ أَبَاكَ قَدْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ وَ أَرَادَهُ ، حَتَّى كُنْتُ أَنَا الَّذي أَبَيْتُ عَلَيْهِ لِقُرْبِ عَهْدِ النَّاسِ بِالْكُفْرِ وَ الْجَاهِلِيَّةِ ، مَخَافَةَ الْفُرْقَةِ بَيْنَ أَهْلِ الإِسْلاَمِ ، وَ شَقِّ عَصَا الأُمَّةِ .

فَإِنْ تَعْرِفْ مِنْ حَقّي مَا كَانَ يَعْرِفُ أَبُوكَ تُصِبْ رُشْدَكَ ، وَ إِنْ أَبَيْتَ اسْتَعَنْتُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ وَ نِعْمَ الْمُسْتَعَانُ ، وَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنيبُ [ 4 ] .

وَ السَّلاَمُ لأَهْلِهِ .

[ 5 ] من : و أمّا ما سألت إلى : و السّلام لأهله ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 9 .

[ 1 ] ورد في أنساب الأشراف ج 2 ص 81 . و صفين ص 89 . و الفتوح ج 2 ص 558 . و العقد الفريد ج 5 ص 84 . و المناقب للخوارزمي ص 178 . و شرح ابن أبي الحديد ج 15 ص 77 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 506 . و منهاج البراعة ج 17 ص 329 . و نهج السعادة ج 4 ص 179 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] ورد في أنساب الأشراف ج 2 ص 81 . و صفين ص 89 . و الفتوح ج 2 ص 558 . و العقد الفريد ج 5 ص 84 . و شرح ابن أبي الحديد ج 15 ص 77 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 506 . و منهاج البراعة ج 17 ص 329 . و نهج السعادة ج 4 ص 179 .

[ 3 ] ورد في المناقب للخوارزمي ص 178 .

[ 4 ] ورد في المصدر السابق . و أنساب الأشراف ج 2 ص 81 . و صفين ص 89 . و الفتوح ج 2 ص 559 . و العقد الفريد ج 5 ص 84 .

و شرح ابن أبي الحديد ج 15 ص 77 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 506 . و منهاج البراعة ج 17 ص 329 . و نهج السعادة ج 4 ص 179 . باختلاف يسير .

[ 833 ]