كلام له عليه السلام ( 112 ) لولده الحسن عَلَيه السَّلام لمّا قال له : يا أمير المؤمنين ، إن القوم حصروا عثمان يطلبون ما يطلبونه

إمّا ظالمين أو مظلومين .

ثم أشار عليه بأن يعزل الناس و يلحق بمكة ، « حتى تؤوب العرب و تعود إليها أحلامها ، و تأتيك وفودها .

و أن لا تتبع طلحة و الزبير ، و تدَعَهما ، فإن اجتمعت الأمة عليك فذاك ، و إن اختلفت رضيتَ بما قضى الله » .

و أذكّرك باللَّه ان لا تُقتل غَداً بمضيَعة [ 2 ] لا ناصر لك .

فقال أمير المؤمنين عليه السلام :

إِجْلِسْ ، يَا بُنَيَّ ، وَ لاَ تَخِنَّ عَلَيَّ خَنينَ الْجَارِيَةِ .

ثم قال عليه السلام :

اَلْحَمْدُ للَّهِ الَّذي يَبْتَلي مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ ، وَ يُعَافي مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ .

أَيْ بُنَيَّ ، أَمَّا قَوْلُكَ : إِنَّ عُثْمَانَ حُصِرَ ، فَمَا ذَنْبي إِنْ كَانَ بَيْنَ النَّاسِ وَ بَيْنَ عُثْمَانَ مَا كَانَ ، وَ لَقَدْ أُحيطَ بِنَا كَمَا أُحيطَ بِهِ ، وَ قَدْ كُنْتُ بِمَعْزِلٍ عَنْ حَصْرِهْ .

وَ أَمَّا قَوْلُكَ : ائْتِ مَكَّةَ ، فَوَ اللَّهِ مَا كُنْتُ لأَكُونَ الرَّجُلَ الَّذي تُسْتَحَلُّ بِهِ مَكَّةُ .

وَ أَمَّا قَوْلُكَ : لاَ تُبَايِعْ حَتَّى تَأْتِيَ بَيْعَةُ الأَمْصَارِ ، فَإِنَّ الأَمْرُ أَمْرُ أَهْلِ الْمَدينَةِ ، وَ كَرِهْتُ أَنْ يَضيعَ هذَا الأَمْرُ .

وَ أَمَّا قَوْلُكَ : اعْتَزِلِ الْعِرَاقَ ، وَدَعْ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرَ ، فَإِنَّ ذلِكَ كَانَ وَهْناً عَلى أَهْلِ الإِسْلاَمِ .

[ 3 ] من : ما زال إلى : عبد اللّه ورد في حكم الشريف الرضي تحت الرقم 453 .

[ 1 ] ورد في أنساب الأشراف ج 2 ص 255 . و الإمامة و السياسة ج 1 ص 29 . و تاريخ الطبري ج 3 ص 519 . و شرح ابن أبي الحديد ج 2 ص 167 و ج 4 ص 79 . و تذكرة الخواص ص 72 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 391 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] مصبعة . ورد في التاريخ للطبري ج 3 ص 474 .

[ 641 ]

وَ أَمَّا قَوْلُكَ : اجْلِسْ في بَيْتِكَ ، فَكَيْفَ لي بِمَا قَدْ لَزِمَني ؟ [ 1 ] .

[ 10 ] وَ اللَّهِ ، يَا بُنَيَّ ، مَا كُنْتُ [ 2 ] لأَكُونَ كَالضَّبُعِ تَنَامُ عَلَى طُولِ اللَّدْمِ ، وَ تَنْتَظِرُ [ 3 ] حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهَا طَالِبُهَا ، وَ يَخْتِلَهَا [ 4 ] رَاصِدُهَا ، فَيَضَعَ الْحَبْلَ في رِجْلِهَا حَتَّى يَقْطَعَ عُرْقُوبَهَا ، ثُمَّ يُخْرِجُهَا فَيُمَزِّقُهَا إِرْباً إِرْباً .

أَ وَ مَنْ تُريدُني ؟ [ 5 ] .

وَ لكِنّي ، يَا بُنَيَّ [ 6 ] ، أَضْرِبُ بِالْمُقْبِلِ إِلَى الْحَقِّ الْمُدْبِرَ عَنْهُ ، وَ بِالسَّامِعِ الْمُطيعِ الْعَاصِيَ الْمُريبَ ، أَبَداً حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيَّ يَوْمي .

إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قُبِضَ وَ مَا أَرى أَحَداً أَحَقَّ بِهذَا الأَمْرِ مِنّي ، فَبَايَعَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ . فَبَايَعْتُ كَمَا بَايَعُوا .

ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ هَلَكَ وَ مَا أَرى أَحَداً أَحَقَّ بِهذَا الأَمْرِ مِنّي ، فَبَايَعَ النَّاسُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ . فَبَايَعْتُ كَمَا بَايَعُوا .

ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ هَلَكَ وَ مَا أَرى أَحَداً أَحَقَّ بِهذَا الأَمْرِ مِنّي ، فَجَعَلَني سَهْماً مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ ، فَبَايَعَ النَّاسُ عُثْمَانَ . فَبَايَعْتُ كَمَا بَايَعُوا .

ثُمَّ سَارَ النَّاسُ إِلى عُثْمَانَ فَقَتَلُوهُ . ثُمَّ أَتَوْني فَبَايَعُوني طَائِعينَ غَيْرَ مُكْرَهينَ [ 7 ] .

فَوَ اللَّهِ ، يَا بُنَيَّ [ 8 ] ، مَا زِلْتُ [ 9 ] مَدْفُوعاً عَنْ حَقِّي ، مُسْتَأْثَراً عَلَيَّ ، مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ تَعَالى

[ 10 ] من : و اللّه لا أكون إلى : راصدها . و من : و لكنّي أضرب إلى : يومي . و من : فو اللّه إلى : النّاس هذا ورد في خطب الرضي تحت الرقم 6 .

[ 1 ] ورد في تاريخ المدينة المنورة ج 3 ص 1257 . و أنساب الأشراف ج 2 ص 216 . و تاريخ الطبري ج 3 ص 474 . و أمالي الطوسي ص 51 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 176 . و البداية و النهاية ج 7 ص 245 . و ذخائر العقبى ص 112 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 387 . و نهج السعادة ج 1 ص 264 و 269 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] ورد في تاريخ المدينة المنورة ج 3 ص 1257 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 387 . و نهج السعادة ج 1 ص 265 . باختلاف .

[ 3 ] ورد في أمالي الطوسي ص 52 . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 265 .

[ 4 ] يختلسها . ورد في نسخة العطاردي ص 20 عن نسخة موجودة في مكتبة ممتاز العلماء في لكنهور الهند .

[ 5 ] ورد في تاريخ الطبري ج 3 ص 474 . و أمالي الطوسي ص 51 . و نهج السعادة ج 1 ص 265 .

[ 6 ] ورد في أمالي الطوسي ص 51 . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 265 .

[ 7 ] ورد في التاريخ للطبري ج 3 ص 476 . و تاريخ دمشق لابن عساكر ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 130 . باختلاف .

[ 8 ] ورد في الإمامة و السياسة لابن قتيبة ج 1 ص 68 .

[ 9 ] مازال أبوك . ورد في أمالي الطوسي ص 52 . و نهج السعادة ج 1 ص 266 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 145 عن المسترشد للطبري .

[ 642 ]

نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ حَتَّى يَوْمِ النَّاسِ هذَا . وَ سَيَعْلَمُ الَّذينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ 1 .

[ 8 ] وَ قَدْ قَلَّبْتُ هذَا الأَمْرَ بَطْنَهُ وَ ظَهْرَهُ حَتَّى مَنَعَنِي النَّوْمَ ، فَمَا وَجَدْتُني يَسَعُني إِلاَّ جِهَادُ الْقَوْمِ وَ [ 2 ] قِتَالُهُمْ [ 3 ] أَوِ الْجُحُودُ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ [ 4 ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ . فَكَانَتْ مُعَالَجَةُ الْقِتَالِ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مُعَالَجَةِ الْعِقَابِ ، وَ مَوْتَاتُ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مَوْتَاتِ الآخِرَة .

فَأَنَا مُقَاتِلٌ مَنْ خَالَفَني بِمَنِ اتَّبَعَني ، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْني وَ بَيْنَهُمْ وَ هُوَ خَيْرُ الْحَاكِمينَ [ 5 ] .