كلام له عليه السلام ( 118 ) لعبّاد بن قيس فيما غنم عسكره من أهل البصرة

لمّا قال له : قسمت ما في العسكر و تركت الأموال و النساء و الذرية فقال عليه السلام :

يَا أَخَا بَكْرٍ ، أَنْتَ امْرُؤٌ ضَعيفُ الرَّأْيِ ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لاَ نَأْخُذُ الصَّغيرَ بِذَنْبِ الْكَبيرِ ، وَ أَنَّ الأَمْوَالَ كَانَتْ لَهُمْ قَبْلَ الْفُرْقَةِ ، وَ تَزَوَّجُوا عَلى رِشْدَةٍ ، وَ وَلَدُوا عَلى فِطْرَةِ ؟ .

وَ إِنَّمَا لَكُمْ مَا حَوى عَسْكَرُهُمْ ، وَ مَا كَانَ في دُورِهِمْ فَهُوَ ميرَاثٌ عَلى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالى لِذُرِّيَّتِهِمْ ، وَ عَلى نِسَائِهِمُ الْعِدَّةُ . وَ لَيْسَ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ وَ لاَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ مِنْ سَبيلٍ .

فَإِنْ عَدَا عَلَيْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ أَخَذْنَاهُ بِذَنْبِهِ ، وَ إِنْ كَفَّ عَنَّا لَمْ نَحْمِلْ عَلَيْهِ ذَنْبَ غَيْرِهِ .

يَا أَخَا بَكْرٍ ، لَقَدْ حَكَمْتُ فيهِمْ بِحُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ في أَهْلِ مَكَّةَ ، قَسَمَ مَا حَوَى الْعَسْكَرَ ، وَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا سِوى ذَلِكَ ، وَ إِنَّمَا اتَّبَعْتُ أَثَرَهُ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ .

يَا أَخَا بَكْرٍ ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ يَحِلُّ مَا فيهَا ، وَ أَنَّ دَارَ الْهِجْرَةِ يَحْرُمُ مَا فيهَا إِلاَّ بِالْحَقِّ .

فَمَهْلاً مَهْلاً ، رَحِمَكُمُ اللَّهُ ، فَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تُصَدِّقُوني ، وَ أَكْثَرْتُمْ عَلَيَّ ، هَاتُوا سِهَامَكُمْ ، فَأَيُّكُمْ يَأْخُذُ أُمَّكُمْ عَائِشَةَ في سَهْمِهِ ، فَهِيَ رَأْسُ الأَمْرِ ؟ .

فتنادى الناس من كل جانب :

أصبت ، يا أمير المؤمنين ، و أخطأنا ، و علمت و جهلنا ، فنحن نستغفر اللَّه تعالى .

فقال عليه السلام :

أُنْظُرُوا ، رَحِمَكُمُ اللَّهُ ، مَا تُؤْمَرُونَ بِهِ فَامْضُوا لَهُ ، فَإِنَّ الْعَالِمَ أَعْلَمُ بِمَا يَأْتي بِهِ مِنَ الْجَاهِلِ الْخَسيسِ الأَخَسِّ [ 1 ] .

[ 4 ] فَإِنْ أَطَعْتُمُوني فَإِنّي حَامِلُكُمْ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالى [ 2 ] عَلى سَبيلِ الْجَنَّةِ [ 3 ] وَ إِنْ كَانَ ذَا

[ 4 ] من : فإن إلى : مريرة ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 156 .

[ 1 ] ورد في الإمامة و السياسة ج 1 ص 97 . و دعائم الإسلام ج 1 ص 395 . و شرح الأخبار ج 1 ص 395 . و كنز العمال ج 16 ص 185 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 410 . و نهج السعادة ج 1 ص 374 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 12 عن منتخب كنز العمال .

باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] ورد في كنز العمال للهندي ج 16 ص 185 . و مصباح البلاغة للميرجهاني ج 1 ص 13 عن منتخب كنز العمال .

[ 3 ] النّجاة . ورد في البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 410 .

[ 647 ]

مَشَقَّةٍ شَديدَةٍ ، وَ مَذَافَةٍ مَريرَةٍ .

ثُمَّ إِنّي أُخْبِرُكُمْ أَنَّ خَيْلاً مِنْ بَني إِسْرَائيلَ أَمَرَهُمْ نَبِيُّهُمْ أَنْ لاَ يَشْرَبُوا مِنَ النَّهْرِ ، فَلَجُّوا في تَرْكِ أَمْرِهِ ، فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَليلٌ مِنْهُمْ . فَكُونُوا ، رَحِمَكُمُ اللَّهُ ، مِنْ أُولئِكَ الَّذينَ أَطَاعُوا نَبِيَّهُمْ ، وَ لَمْ يَعْصُوا رَبَّهُمْ [ 1 ] .

[ 8 ] فَمَنِ اسْتَطَاعَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَعْتَقِلَ نَفْسَهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلْيَفْعَلْ .

وَ أَمَّا فُلاَنَةُ [ 2 ] فَأَدْرَكَهَا ضَعْفُ رَأْيُ [ 3 ] النِّسَاءِ ، وَ ضِغْنٌ عَلَيَّ [ 4 ] غَلاَ في صَدْرِهَا كَمِرْجَلِ الْقَيْنِ .

وَ لَوْ دُعِيَتْ لِتَنَالَ مِنْ غَيْري مَا أَتَتْ إِلَيَّ لَمْ تَفْعَلْ .

وَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ [ 5 ] حُرْمَتُهَا الأُولى ، وَ الْحِسَابُ عَلَى اللَّهِ تَعَالى ، يَعْفُو عَمَّنْ يَشَاءُ ، وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ [ 6 ] .