كتاب له عليه السلام ( 25 ) إِلى زياد أيضاً

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ إِلى زِيَادِ بْنِ أَبيهِ .

أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ سَعْداً ذَكَرَ لي أَنَّكَ شَتَمْتَهُ ظُلْماً ، وَ تَهَدَّدْتَهُ وَ جَبَهْتَهُ تَجَبُّراً وَ تَكَبُّراً .

فَمَا دَعَاكَ إِلَى التَّكَبُّرِ ، وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ : الْكِبْرِيَاءُ وَ الْعَظَمَةُ رِدَاءُ اللَّهِ ، فَمَنْ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَهُ قَصَمَهُ ؟ .

وَ قَدْ أَخْبَرَني أَنَّكَ تُكْثِرُ مِنَ الأَلْوَانِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي الطَّعَامِ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ ، وَ أَنَّكَ تَبَخَّرُ وَ تَدَّهِنُ كُلَّ يَوْمٍ .

فَمَا ذَا عَلَيْكَ ، ثَكَلَتْكَ أُمُّكَ ، لَوْ صُمْتَ للَّهِ أَيَّاماً ، وَ تَصَدَّقْتَ بِبَعْضِ مَا عِنْدَكَ مُحْتَسِباً ، وَ أَكَلْتَ طَعَامَكَ مِرَاراً قِتَاراً ، فَإِنَّ ذَلِكَ سيرَةِ الأَنْبِيَاءِ وَ شِعَارُ الصَّالِحينَ .

وَ ادَّهِنْ غِبّاً ، فَإِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ : ادَّهِنُوا غِبّاً ، وَ لاَ تَدَّهِنُوا رَفَهاً [ 1 ] .

[ 6 ] فَدَعِ الإِسْرَافَ مُقْتَصِداً ، وَ اذْكُرْ فِي الْيَوْمِ غَداً ، وَ أَمْسِكْ مِنَ الْمَالِ بِقَدْرِ ضَرُورَتِكَ ، وَ قَدِّمِ الْفَضْلَ لِيَوْمِ حَاجَتِكَ [ 2 ] إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ [ 3 ] .

أَتَرْجُو أَنْ يُعْطِيَكَ اللَّهُ أَجْرَ الْمُتَوَاضِعينَ وَ أَنْتَ عِنْدَهُ مِنَ الْمُتَكَبِّرينَ ، وَ تَطْمَعُ ، وَ أَنْتَ مُتَمَرِّغٌ فِي النَّعيمِ تَسْتَأْثِرُ بِهِ عَلَى الْجَارِ وَ الْمِسْكينِ وَ الْفَقيرِ ، وَ [ 4 ] تَمْنَعُهُ الضَّعيفَ وَ الأَرْمَلَةَ وَ اليَتيمَ [ 5 ] ،

أَنْ يُوجِبَ لَكَ ثَوَابَ الْمُتَصَدِّقينَ ؟ .

[ 6 ] من : فدع إلى : المتصدّقين . و من : و إنّما المرء إلى : و السّلام ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 210 .

[ 1 ] ورد في تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 202 . و أنساب الأشراف ج 2 ص 164 . و نثر الدرّ للآبي ج 1 ص 321 و 322 . و منهاج البراعة ج 18 ص 337 . و نهج السعادة ج 5 ص 169 و 192 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] فاقتك . ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 120 .

[ 3 ] ورد في أنساب الأشراف للبلاذري ج 2 ص 165 . و نهج السعادة للمحمودي ج 5 ص 193 .

[ 4 ] ورد في المصدرين السابقين . و نثر الدرّ للآبي ج 1 ص 321 . و منهاج البراعة ج 18 ص 337 . باختلاف بين المصادر .

[ 5 ] ورد في المصادر السابقة . و تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 202 .

[ 798 ]

وَ أَخْبَرَني أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِكَلاَمِ الصِّدّيقينَ ، وَ تَعْمَلُ إِذَا نَزَلْتَ عَمَلَ الْخَطَّائينَ ، فَإِنْ كُنْتَ تَفْعَلُ ذَلِكَ فَنَفْسَكَ ظَلَمْتَ ، وَ عَمَلَكَ أَحْبَطْتَ ، فَتُبْ إِلى رَبِّكَ ، وَ أَصْلِحْ عَمَلَكَ [ 1 ] .

وَ إِنَّمَا الْمَرْءُ مَجْزِيٌّ بِمَا سَلَّفَ [ 2 ] ، وَ قَادِمٌ عَلى مَا قَدَّمَ . وَ السَّلاَمُ .