عهد له عليه السلام ( 2 ) إِلى محمد بن أبي بكر رضي اللَّه عنه حين قلّده مصر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ إِلى أَهْلِ مِصْرَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبي بَكْرٍ .

سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ .

فَإِنّي أَحْمُدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذي لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ .

أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنّي أُوصيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ في [ 9 ] سِرِّكُمْ وَ عَلاَنِيَتِكُمْ ، وَ عَلى أَيِّ حَالٍ كُنْتُمْ عَلَيْهَا ، وَ الْعَمَلِ

[ 10 ] من : و إنّا إلى : أخزى ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 26 .

[ 1 ] ورد في منهاج البراعة للخوئي ج 19 ص 36 . و نهج السعادة للمحمودي ج 8 ص 71 .

[ 2 ] و إلاّ . ورد في نسخة العام 400 ص 343 . و نسخة ابن المؤدب ص 243 . و نسخة الآملي ص 247 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 290 . و نسخة الأسترابادي ص 403 . و نسخة الصالح ص 382 . و نسخة العطاردي ص 327 .

[ 3 ] بؤسى . ورد في نسخة الصالح ص 382 .

[ 4 ] لامرئ . ورد في منهاج البراعة ج 19 ص 36 . و نهج السعادة ج 8 ص 71 . و مصادر نهج البلاغة ج 3 ص 260 .

[ 5 ] ورد في المصادر السابقة .

[ 6 ] المدقعون . ورد في نسخة نصيري ص 161 .

[ 7 ] فقد أذلّ نفسه . ورد في هامش نسخة ابن المؤدب ص 243 . و نسخة الأسترابادي ص 403 .

[ 8 ] ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 8 ص 433 .

[ 9 ] فيما أنتم عنه مسؤولون . . ورد في أمالي الطوسي ص 24 . و تحف العقول للحرّاني ص 124 . و منهاج البراعة للخوئي ج 19 ص 71 .

[ 903 ]

بِمَا أَنْتُمْ عَنْهُ مَسْؤُولُونَ ، فَأَنْتُمْ بِهِ رَهْنٌ وَ أَنْتُمْ إِلَيْهِ صَائِرُونَ [ 1 ] ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ في كِتَابِهِ :

كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهينَةٌ 2 .

وَ يَقُولُ : وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصيرُ 3 .

وَ يَقُولُ : فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ 4 .

فَاعْلَمُوا [ 5 ] [ 9 ] أَنَّ اللَّهَ تَعَالى لَيُسَائِلُكُمْ [ 6 ] ، مَعْشَرَ عِبَادِهِ ، عَنِ الصَّغيرَةِ مِنْ أَعْمَالِكُمْ وَ الْكَبيرَةِ ، وَ الظَّاهِرَةِ وَ الْمَسْتُورَةِ ، فَإِنْ يُعَذِّبْ فَأَنْتُمْ أَظْلَمُ ، وَ إِنْ يَعْفُ وَ يَغْفِرْ وَ يَرْحَمْ [ 7 ] فَهُوَ أَكْرَمُ ، وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ .

وَ لْيَعْلَمِ الْمَرْءُ مِنْكُمْ أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ بَلاَءٍ وَ فَنَاءٍ ، وَ الآخِرَةَ دَارُ جَزَاءٍ وَ بَقَاءٍ ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُؤْثِرَ مَا يَبْقى عَلى مَا يَفْنى فَلْيَفْعَلْ .

رَزَقَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ بَصَراً لِمَا بَصَّرَنَا ، وَ فَهْماً لِمَا فَهَّمَنَا ، حَتَّى لاَ نُقَصِّرَ عَمَّا أَمَرَنَا بِهِ ، وَ لاَ نَتَعَدَّى إِلى مَا نَهَانَا عَنْهُ .

وَ اعْلَمُوا ، يَا عِبَادَ اللَّهِ ، أَنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى الْمَغْفِرَةِ وَ الرَّحْمَةِ حينَمَا يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ ،

وَ يَنْصَحُهُ بِالتَّوْبَةِ ، فَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّهَا تَجْمَعُ مِنَ الْخَيْرِ مَا لاَ يَجْمَعُ غَيْرُهُ ، وَ يُدْرَكُ بِهَا مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَ خَيْرِ الآخِرَةِ مَا لاَ يُدْرَكُ بِغَيْرِهَا .

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : وَ قيلَ لِلَّذينَ اتَّقَوْا مَاذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذينَ أَحْسَنُوا في هذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَ لَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَ لَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقينَ 8 .

وَ اعْلَمُوا ، يَا عِبَادَ اللَّهِ ، أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَعْمَلُ لِثَلاَثٍ مِنَ الثَّوَابِ :

[ 9 ] من : إنّ اللّه تعالى إلى : فهو أكرم ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 27 .

[ 1 ] تصيرون . ورد في أمالي الطوسي ص 24 .

-----------
( 2 ) المدّثر ، 38 .

-----------
( 3 ) آل عمران ، 28 .

-----------
( 4 ) الحجر ، 92 و 93 .

[ 5 ] ورد في الغارات ص 146 . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 66 و 67 . و أمالي الطوسي ص 24 . و تحف العقول ص 124 .

و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 594 و 595 . و منهاج البراعة ج 19 ص 64 و 70 و 74 . و نهج البلاغة الثاني ص 254 .

باختلاف بين المصادر .

[ 6 ] يسائلكم . ورد في نسخة العام 400 ص 345 . و نسخة نصيري ص 161 . و نسخة الآملي ص 248 . و نسخة الأسترابادي ص 403 . و نسخة عبده ص 543 . و نسخة الصالح ص 383 .

[ 7 ] ورد في البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 . و منهاج البراعة للخوئي ج 19 ص 64 .

-----------
( 8 ) النحل ، 30 .

[ 904 ]

إِمَّا لِخَيْرِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ اللَّهَ يُثيبُهُ بِعَمَلِهِ في دُنْيَاهُ .

قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لإِبْرَاهيمَ : وَ آتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَ إِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحينَ 1 .

فَمَنْ عَمِلَ للَّهِ تَعَالى أَعْطَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ ، وَ كَفَاهُ الْمُهِمَّ فيهِمَا .

وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : قُلْ يَا عِبَادِ الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذينَ أَحْسَنُوا في هذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّي الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ 2 .

فَمَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يُحَاسِبْهُمْ بِهِ فِي الآخِرَةِ .

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : لِلَّذينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيَادَةٌ 3 .

فَالْحُسْنى هِيَ الْجَنَّةُ ، وَ الزِّيَادَةُ هِيَ الدُّنْيَا .

وَ إِمَّا لِخَيْرِ الآخِرَةِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالى يُكَفِّرُ عَنْهُ بِكُلِّ حَسَنَةٍ سَيِّئَةً .

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرينَ 4 .

حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ حُسِبَتْ لَهُمْ حَسَنَاتُهُمْ ، ثُمَّ أُعْطُوا بِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا إِلى سَبْعِمَائَةِ ضِعْفٍ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً 5 .

وَ قَالَ : أُولئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَ هُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ 6 .

فَارْغَبُوا في هذَا ، رَحِمَكُمُ اللَّهُ ، وَ اعْمَلُوا لَهُ ، وَ تَحَاضُّوا عَلَيْهِ [ 7 ] .

[ 9 ] وَ اعْلَمُوا ، عِبَادَ اللَّهِ ، أَنَّ الْمُؤْمِنينَ [ 8 ] الْمُتَّقينَ ذَهَبُوا بِعَاجِلِ الدُّنْيَا وَ آجِلِ الآخِرَةِ ، فَشَارَكُوا أَهْلَ الدُّنْيَا في دُنْيَاهُمْ ، وَ لَمْ يُشَارِكْهُمْ أَهْلُ الدُّنْيَا في آخِرَتِهِمْ .

أَبَاحَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا مَا كَفَاهُمْ بِهِ وَ أَغْنَاهُمْ .

[ 9 ] من : و اعلموا . . . أنّ المتّقين إلى : آخرتهم ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 27 .

-----------
( 1 ) العنكبوت ، 27 .

-----------
( 2 ) الزمر ، 10 .

-----------
( 3 ) يونس ، 26 .

-----------
( 4 ) هود ، 114 .

-----------
( 5 ) النبأ ، 36 .

-----------
( 6 ) سبأ ، 37 .

[ 7 ] ورد في الغارات ص 145 و 147 . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 66 . و أمالي الطوسي ص 24 . و تحف العقول ص 124 .

و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 . و منهاج البراعة ج 19 ص 64 و 75 . و نهج البلاغة الثاني ص 254 . باختلاف .

[ 8 ] ورد في شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 67 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 . و منهاج البراعة ج 19 ص 64 .

[ 905 ]

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : قُلْ مَنْ حَرَّمَ زينَةَ اللَّهِ الَّتي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَ الطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [ 1 ] .

[ 10 ] سَكَنُوا الدُّنْيَا بِأَفْضَلِ مَا سُكِنَتْ ، وَ أَكَلُوهَا بِأَفْضَلِ مَا أُكِلَتْ .

شَارَكُوا أَهْلَ الدُّنْيَا في دُنْيَاهُمْ ، فَأَكَلُوا مَعَهُمْ مِنْ طَيِّبَاتِ [ 2 ] مَا يَأْكُلُونَ ، وَ شَرِبُوا مِنْ طَيِّبَاتِ [ 3 ] مَا يَشْرَبُونَ ، وَ لَبِسُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا يَلْبَسُونَ ، وَ سَكَنُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا يَسْكُنُونَ ، وَ تَزَوَّجُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا يَتَزَوَّجُونَ ، وَ رَكِبُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا يَرْكَبُونَ [ 4 ] ، فَحَظُوا مِنَ الدُّنْيَا بِمَا حَظِيَ بِهِ الْمُتْرَفُونَ ، وَ أَخَذُوا مِنْهَا مَا أَخَذَهُ الْجَبَابِرَةُ الْمُتَكَبِّرُونَ ، ثُمَّ انْقَلَبُوا عَنْهَا بِالزَّادِ الْمُبَلِّغِ ، وَ الْمَتْجَرِ الْمُرْبِحِ [ 5 ] .

أَصَابُوا لَذَّةَ أَهْلِ [ 6 ] الدُّنْيَا في دُنْيَاهُمْ ، وَ تَيَقَّنُوا أَنَّهُمْ جيرَانُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ [ 7 ] غَداً في آخِرَتِهِمْ ، يَتَمَنَّوْنَ عَلَيْهِ فَيُعْطيهِمْ مَا يَتَمَنَّوْنَ [ 8 ] ، لاَ تُرَدُّ لَهُمْ دَعْوَةٌ ، وَ لاَ يَنْقُصُ لَهُمْ نَصيبٌ مِنْ لَذَّةٍ .

فَإِلى هذَا ، يَا عِبَادَ اللَّهِ ، يَشْتَاقُ مَنْ كَانَ لَهُ عَقْلٌ ، وَ يَعْمَلُ لَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ .

وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ .

فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ ، يَا أَهْلَ مِصْرَ ، وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ، أَنْ يُصَدِّقَ قَوْلُكُمْ فِعْلَكُمْ ، وَ أَنْ يُوَافِقَ سِرُّكُمْ عَلاَنِيَتَكُمْ ، وَ لاَ تُخَالِفَ أَلْسِنَتُكُمْ قُلُوبَكُمْ ، فَافْعَلُوا .

عَصَمَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ بِالْهُدى ، وَ سَلَكَ بِنَا وَ بِكُمُ الْمَحَجَّةَ الْوُسْطى [ 9 ] .

[ 10 ] من : سكنوا إلى : ما أكلت . و من : فحظوا إلى : في آخرتهم . و من : لا تردّ إلى : من لذّة ورد في كتب الرضي تحت الرقم 27 .

[ 1 ] الأعراف ، 32 . و وردت الفقرة في شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 67 . و أمالي الطوسي ص 26 . و تحف العقول ص 125 .

و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 . و منهاج البراعة ج 19 ص 64 و 70 و 75 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] أفضل . ورد في الغارات للثقفي ص 148 .

[ 3 ] أفضل . ورد في المصدر السابق .

[ 4 ] ورد في المصدر السابق . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 68 . و أمالي الطوسي ص 26 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 .

و منهاج البراعة ج 19 ص 65 و 75 . باختلاف بين المصادر .

[ 5 ] الرّابح . ورد في نسخة العام 400 ص 345 . و هامش نسخة ابن المؤدب ص 244 . و نسخة الآملي ص 248 . و نسخة الأسترابادي ص 404 . و نسخة عبده ص 544 . و نسخة الصالح ص 383 .

[ 6 ] زهد . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 291 . و نسخة ابن المؤدب ص 244 . و نصيري ص 161 . و نسخة الآملي ص 248 .

و نسخة عبده ص 544 . و نسخة الصالح ص 383 . و نسخة العطاردي ص 329 . و ورد هذه في نسخة الأسترابادي ص 404 .

[ 7 ] ورد في الغارات للثقفي ص 148 . و البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 .

[ 8 ] ورد في المصدرين السابقين . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 68 . و أمالي الطوسي ص 26 . و منهاج البراعة ج 19 ص 65 و 75 .

[ 9 ] العظمى . ورد في البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 597 .

[ 906 ]

وَ إِيَّاكُمْ وَ دَعْوَةَ الْكَذَّابِ ابْنِ هِنْدٍ ، وَ تَأَمَّلُوا ، وَ اعْلَمُوا [ 1 ] [ 9 ] أَنَّهُ لاَ سَوَاءَ إِمَامُ الْهُدى وَ إِمَامُ الرَّدى ،

وَ وَلِيُّ [ 2 ] النَّبِيِّ وَ عَدُوُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ .

جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ مِمَّنْ يُحِبُّ وَ يَرْضى [ 3 ] .

وَ لَقَدْ قَالَ لي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ : إِنّي لاَ أَخَافُ عَلى أُمَّتي مُؤْمِناً وَ لاَ مُشْرِكاً .

أَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَمْنَعُهُ اللَّهُ بِإيمَانِهِ ، وَ أَمَّا الْمُشْرِكُ فَيَقْمَعُهُ اللَّهُ [ 4 ] بِشِرْكِهِ [ 5 ] .

وَ لكِنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ كُلَّ مُنَافِقِ الْجَنَانِ ، عَالِمِ اللِّسَانِ ، يَقُولُ مَا تَعْرِفُونَ ، وَ يَفْعَلُ مَا تُنْكِرُونَ .

وَ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ : مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَاتُهُ ، وَ سَاءَتْهُ سَيِّئَاتُهُ ، فَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ حَقّاً .

وَ كَانَ يَقُولُ : خَصْلَتَانِ لاَ تَجْتَمِعَانِ في مُنَافِقٍ :

حُسْنُ سَمْتٍ ، وَ فِقْهٌ في سُنَّةٍ .

وَ اعْلَمُوا ، يَا عِبَادَ اللَّهِ ، أَنَّكُمْ إِذَا اتَّقَيْتُمُ رَبَّكُمْ ، وَ حَفِظْتُمْ نَبِيَّكُمْ في أَهْلِ بَيْتِهِ ، فَقَدْ عَبَدْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا عُبِدَ ، وَ ذَكَرْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا ذُكِرَ ، وَ شَكَرْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا شُكِرَ ، وَ أَخَذْتُمْ بِأَفْضَلِ الصَّبْرِ ، وَ جَاهَدْتُمْ بِأَفْضَلِ الْجِهَادِ [ 6 ] ، وَ إِنْ كَانَ غَيْرُكُمْ أَطْوَلَ مِنْكُمْ صَلاَةً ، وَ أَكْثَرَ صِيَاماً وَ صَدَقَةً ، إِذْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ أَتْقى [ 7 ] وَ أَخْشَعُ للَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُمْ ، وَ أَنْصَحَ لأُوْلِيَاءِ اللَّهِ وَ مَنْ هُوَ وَلِيُّ الأَمْرِ مِنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ [ 8 ] .

[ 9 ] من : إنّه لا سواء إلى : تنكرون ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 27 .

[ 1 ] ورد في الغارات ص 157 . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 68 و 71 . و أمالي الطوسي ص 26 و 29 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 . و منهاج البراعة ج 19 ص 67 و 76 و 79 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] وصيّ . ورد في متن بهج الصباغة للتستري ج 4 ص 2 .

[ 3 ] ورد في الغارات للثقفي ص 157 .

[ 4 ] فيحجزه اللّه عنكم . ورد في شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 71 . و أمالي الطوسي ص 30 . و منهاج البراعة ج 19 ص 79 .

[ 5 ] لشركه . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 245 .

[ 6 ] و اجتهدتم بأفضل الإجتهاد . ورد في أمالي الطوسي ص 26 . و تحف العقول ص 125 . و منهاج البراعة ج 19 ص 76 .

[ 7 ] أوفى . ورد في تحف العقول للحرّاني ص 125 .

[ 8 ] ورد في المصدر السابق . و الغارات ص 149 و 157 . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 68 . و أمالي الطوسي ص 26 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 . و منهاج البراعة ج 19 ص 65 و 71 و 76 . باختلاف بين المصادر .

[ 907 ]

وَ [ 7 ] احْذَرُوا ، عِبَادَ اللَّهِ ، الْمَوْتَ وَ قُرْبَهُ وَ كَرْبَهُ وَ سَكْرَتَهُ وَ نُزُولَهُ [ 1 ] ، وَ أَعِدُّوا لَهُ عُدَّتَه ، فَإِنَّهُ يَأْتي [ 2 ] بِأَمْرٍ عَظيمٍ ، وَ خَطْبٍ جَليلٍ ، بِخَيْرٍ لاَ يَكُونُ مَعَهُ شَرٌّ أَبَداً ، أَوْ بِشَرٍّ لاَ يَكُونُ مَعَهُ خَيْرٌ أَبَداً .

فَمَنْ أَقْرَبُ إِلَى الْجَنَّةِ مِنْ عَامِلِهَا ، وَ مَنْ أَقْرَبُ إِلَى النَّارِ مِنْ عَامِلِهَا ؟ .

[ 8 ] قَدِ انْجَابَتِ السَّرَائِرُ لأَهْلِ الْبَصَائِرِ ، وَ وَضَحَتْ مَحَجَّةُ الْحَقِّ لِخَابِطِهَا [ 3 ] ، وَ أَسْفَرَتِ السَّاعَةُ عَنْ وَجْهِهَا ، وَ ظَهَرَتِ الْعَلاَمَةُ لِمُتَوَسِّمِهَا .

إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ تُفَارِقُ رُوحُهُ جَسَدَهُ حَتَّى يَعْلَمَ إِلى أَيِّ الْمَنْزِلَيْنِ يَصيرُ :

إِلَى الْجَنَّةِ أَمْ إِلَى النَّارِ .

أَهُوَ عَدُوٌ للَّهِ أَمْ هُوَ لَهُ وَلِيٌّ .

فَإِنْ كَانَ وَلِيّاً للَّهِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَ شُرِّعَتْ لَهُ طُرُقُهَا ، وَ نَظَرَ إِلى مَا أَعَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لأَوْلِيَائِهِ فيهَا ، فَفَرَغَ مِنْ كُلِّ شُغْلٍ ، وَ وُضِعَ عَنْهُ كُلُّ ثِقْلٍ .

وَ إِنْ كَانَ عَدُوّاً للَّهِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَ شُرِّعَتْ لَهُ طُرُقُهَا ، وَ نَظَرَ إِلى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لأَهْلِهَا ،

فَاسْتَقْبَلَ كُلَّ مَكْرُوهٍ ، وَ فَارَقَ كُلَّ سُرُورٍ .

كُلُّ هذَا يَكُونُ عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَ عِنْدَهُ يَكُونُ الْيَقينُ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ اسْمُهُ : الَّذينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ طَيِّبينَ يَقُولُونَ سَلاَمٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ 4 .

وَ يَقُولُ : الَّذينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدينَ فيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرينَ 5 .

وَ اعْلَمُوا ، يَا عِبَادَ اللَّهِ ، أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ مِنْهُ فَوْتٌ ، فَاحْذَرُوهُ قَبْلَ وُقُوعِهِ ، وَ أَعِدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ [ 6 ] .

[ 7 ] من : إحذروا إلى : النّار من عاملها ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 27 .

[ 8 ] من : قد انجابت إلى : لمتوسّمها ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 108 .

[ 1 ] ورد في الغارات ص 149 و 157 . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 68 . و أمالي الطوسي ص 26 . و تحف العقول ص 125 .

و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 . و منهاج البراعة ج 19 ص 65 و 71 و 76 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] يفاجئكم . ورد في أمالي الطوسي ص 26 . و منهاج البراعة للخوئي ج 19 ص 76 .

[ 3 ] لأهلها . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 87 .

-----------
( 4 ) الزمر ، 73 .

-----------
( 5 ) الزمر ، 72 .

[ 6 ] ورد في الغارات ص 149 . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 68 . و أمالي الطوسي ص 26 . و كنز العمال ج 15 ص 701 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 596 . و منهاج البراعة ج 19 ص 65 و 76 . باختلاف بين المصادر .

[ 908 ]

[ 5 ] وَ إِنَّكُمْ [ 1 ] طُرَدَاءُ الْمَوْتِ ، إِنْ أَقَمْتُمْ لَهُ أَخَذَكُمْ ، وَ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنْهُ أَدْرَكَكُمْ ، وَ هُوَ أَلْزَمُ لَكُمْ مِنْ ظِلِّكُمْ .

إِنَّ [ 2 ] الْمَوْتَ مَعْقُودٌ بِنَوَاصيكُمْ ، وَ الدُّنْيَا تُطْوى مِنْ خَلْفِكُمْ .

فَالاِسْرَاعَ ، الاِسْرَاعَ .

اَلْوَحَا ، الْوَحَا .

اَلنَّجَاءَ ، النَّجَاءَ .

فَإِنَّ وَرَاءَكُمْ طَالِبٌ حَثيثٌ ، فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ عِنْدَمَا تُنَازِعُكُمْ إِلَيْهِ أَنْفُسُكُمْ مِنَ الشَّهَوَاتِ ، فَإِنَّهُ كَفى بِالْمَوْتِ وَاعِظاً .

وَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَثيراً مَا يُوصي أَصْحَابَهُ بِذِكْرِ الْمَوْتِ فَيَقُولُ : أَكْثِرُوا ذَكْرَ الْمَوْتِ فِإِنَّهُ هَادِمُ اللَّذَّاتِ ، حَائِلٌ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ الشَّهَوَاتِ .

وَ اعْلَمُوا ، يَا عِبَادَ اللَّهِ ، أَنَّ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَشَدُّ مِنَ الْمَوْتِ لِمَنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ وَ يَرْحَمْهُ ، فَاحْذَرُوا الْقَبْرَ وَ ضيقَهُ وَ ضَنْكَهُ وَ ضَمَّتَهُ [ 3 ] وَ ظُلْمَتَهُ وَ غُرْبَتَهُ .

أَلاَ وَ إِنَّ الْقَبْرَ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ ، أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ .

أَلاَ وَ إِنَّ الْقَبْرَ يَقُولُ كُلَّ يِوْمٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ :

أَنَا بَيْتُ الْغُرْبَةِ .

أَنَا بَيْتُ التُّرْبَةِ .

أَنا بَيْتُ الْوَحْشَةِ .

أَنَا بَيْتُ الدّيدَانِ [ 4 ] وَ الْهَوَامِّ .

إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا دُفِنَ قَالَتِ الأَرْضُ لَهُ : مَرْحَباً وَ أَهْلاً ، قَدْ كُنْتَ مِمَّنْ أُحِبُّ أَنْ تَمْشِيَ عَلى

[ 5 ] من : و إنّكم إلى : من خلفكم ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 27 .

[ 1 ] و أنتم . ورد في هامش نسخة ابن المؤدب ص 244 . و نسخة الآملي ص 248 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 292 . و نسخة الأسترابادي ص 404 . و نسخة عبده ص 544 . و نسخة الصالح ص 384 . و نسخة العطاردي ص 329 .

[ 2 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 247 .

[ 3 ] ضغطته . ورد في كنز العمال للهندي ج 15 ص 701 .

[ 4 ] الدّود . ورد في الغارات ص 150 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 264 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 596 . و البيان و التعريف ج 1 ص 357 . و منهاج البراعة ج 19 ص 77 .

[ 909 ]

ظَهْري ، فَسَتَعْلَمُ ، إِذَ وَلِيتُكَ الْيَوْمَ وَ صِرْتَ إِلَيَّ ، كَيْفَ صُنْعي بِكَ . فَتَتَّسِعُ لَهُ مَدَّ الْبَصَرِ ، وَ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ .

وَ إِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ [ 1 ] إِذَا دُفِنَ قَالَتْ لَهُ الأَرْضُ : لاَ مَرْحَباً وَ لاَ أَهْلاً ، فَقَدْ كُنْتَ مِمَّنْ أُبْغِضُ أَنْ تَمْشِيَ عَلى ظَهْري ، فَإِذْ وَلِيتُكَ الْيَوْمَ وَ صِرْتَ إِلَيَّ فَسَتَعْلَمُ كَيْفَ صُنْعي بِكَ . فَتَنْضَمُّ عَلَيْهِ حَتَّى تَلْتَقِيَ عَلَيْهِ وَ تَخْتَلِفَ أَضْلاَعُهُ .

وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْمَعيشَةَ الضَّنْكَ الَّتي قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنْكاً 2 وَ حَذَّرَ مِنْهَا عَدُوَّهُ هِيَ عَذَابُ الْقَبْرِ .

فَإِنَّهُ يُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَى الْكَافِرِ في قَبْرِهِ تِسَعَةً وَ تِسْعينَ تِنّيناً عِظَاماً فَيَنْهَشْنَ لَحْمَهُ ، وَ يَكْسِرْنَ عَظْمَهُ ، وَ يَتَرَدَّدْنَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ إِلى أَنْ يُبْعَثَ إِلَى الْحِسَابِ .

لَوْ أَنَّ تِنّيناً وَاحِداً مِنْهَا نَفَخَ فِي الأَرْضِ مَا أَنْبَتَتْ زَرْعاً أَبَداً .

وَ اعْلَمُوا ، يَا عِبَادَ اللَّهِ ، أَنَّ أَنْفُسَكُمُ الضَّعيفَةَ ، وَ أَجْسَادَكُمُ النَّاعِمَةَ الرَّقيقَةَ الَّتي يَكْفيهَا الْيَسيرُ مِنَ الْعِقَابِ ، تَضْعُفُ عَنْ هذَا ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَرْحَمُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَجْسَادَكُمْ مِمَّا لاَ طَاقَةَ لَكُمْ بِهِ ، وَ لاَ صَبْرَ لَكُمْ عَلَيْهِ ، فَتَعْمَلُوا بِمَا أَحَبَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ، وَ تَتْرُكُوا مَا كَرِهَ اللَّهُ ، فَافْعَلُوا .

وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ .

أَلاَ وَ اعْلَمُوا ، يَا عِبَادَ اللَّهِ ، أَنَّ بَعْدَ الْقَبْرِ الْبَعْثُ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْقَبْرِ ، يَوْمَ يَشيبُ فيهِ الصَّغيرُ ،

وَ يَسْكَرُ فيهُ الْكَبيرُ ، وَ تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ ، وَ تَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَ تَرَى النَّاسَ سُكَارى وَ مَا هُمْ بِسُكَارى وَ لكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَديدٌ 3 .

وَ احْذَرُوا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَريراً 4 . وَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطيراً [ 5 ] .

[ 6 ] وَ ذَلِكَ يَوْمٌ يَجْمَعُ اللَّهُ فيهِ الأَوَّلينَ وَ الآخِرينَ لِنِقَاشِ الْحِسَابِ وَ جَزَاءِ الأَعْمَالِ ، خُضُوعاً

[ 6 ] من : و ذلك إلى : متّسعا ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 102 .

[ 1 ] الفاجر . ورد في البيان و التعريف للدمشقي ج 1 ص 357 .

-----------
( 2 ) سورة طه ، 124 .

-----------
( 3 ) الحج ، 2 .

-----------
( 4 ) الإنسان ، 10 .

[ 5 ] الإنسان ، 7 . و وردت الفقرات في الغارات ص 150 . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 69 . و أمالي الطوسي ص 27 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 363 و 264 . و كنز العمال ج 15 ص 702 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 596 . و تحف العقول ص 125 . و المستطرف ج 1 ص 60 . و البيان و التعريف ج 1 ص 357 . و منهاج البراعة ج 19 ص 65 و 76 .

باختلاف بين المصادر .

[ 910 ]

قِيَاماً ، قَدْ أَلْجَمَهُمُ الْعَرَقُ ، وَ رَجَفَتْ بِهِمُ الأَرْضُ .

فَأَحْسَنُهُمْ حَالاً مَنْ وَجَدَ لِقَدَمِهِ مَوْضِعاً ، وَ لِنَفْسِهِ مُتَّسَعاً .

أَمَا إِنَّ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ فَزَعَهُ اسْتَطَارَ حَتَّى لَيَرْهَبُ مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ الَّذينَ لاَ ذَنْبَ لَهُمْ ، وَ تَرْعَبُ مِنْهُ السَّبْعُ الشِّدَادُ ، وَ الْجِبَالُ الأَوْتَادُ ، وَ الأَرْضُ الْمِهَادُ ، وَ تَنْشَقُّ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ، وَ تَتَغَيَّرُ فَكَأَنَّهَا وَرْدَةٌ كَالدِّهَانِ ، وَ تَكُونُ الْجِبَالُ سَرَاباً كَثيباً مَهيلاً بَعْدَ مَا كَانَتْ صُمّاً صِلاَباً .

يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ : وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّموَاتِ وَ مَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ 1 .

فَكَيْفَ بِمَنْ عَصَى اللَّهَ بِالسَّمْعِ وَ الْبَصَرِ وَ اللِّسَانِ وَ الْيَدِ وَ الرِّجْلِ وَ الْفَرْجِ وَ الْبَطْنِ ، إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ وَ يَرْحَمْهُ ، مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ .

وَ اعْلَمُوا ، يَا عِبَادَ اللَّهِ ، أَنَّ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَشَدُّ وَ أَدْهى عَلى مَنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ [ 2 ] .

[ 7 ] فَاحْذَرُوا نَاراً قَعْرُهَا بَعيدٌ ، وَ حَرُّهَا شَديدٌ ، وَ شَرَابُهَا صَديدٌ ، وَ عَذَابُهَا جَديدٌ ، وَ مَقَامِعُهَا مِنْ حَديدٍ ، لاَ يَفْتُرُ عَذَابُهَا ، وَ لاَ يَمُوتُ سَاكِنُهَا [ 3 ] .

دَارٌ لَيْسَ للَّهِ سُبْحَانَهُ [ 4 ] فيهَا رَحْمَةٌ ، وَ لاَ تُسْمَعُ فيهَا لأَهْلِهَا [ 5 ] دَعْوَةٌ ، وَ لاَ تُفَرَّجُ فيهَا كُرْبَةٌ .

وَ اعْلَمُوا ، يَا عِبَادَ اللَّهِ ، أَنَّ مَعَ هذَا رَحْمَةُ اللَّهِ الَّتي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ ، لاَ تَعْجَزُ عَنِ الْعِبَادِ ، وَ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّموَاتُ وَ الأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقينَ 6 .

خَيْرٌ لاَ يَكُونُ بَعْدَهُ شَرُّ أَبَداً ، وَ شَهْوَةٌ لاَ تَنْفَدُ أَبَداً ، وَ لَذَّةٌ لاَ تَفْنى أَبَداً ، وَ مَجْمَعٌ لاَ يَتَفَرَّقُ أَبَداً .

سُكَّانُهَا قَدْ جَاوَرُوا الرَّحْمنَ ، وَ قَامَ بَيْنَ أَيْديهِمُ الْغِلْمَانُ ، بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهَا الْفَاكِهَةُ

[ 7 ] من : فاحذروا إلى : عذابها جديد . و من : دار ليس فيها إلى : كربة ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 27 .

-----------
( 1 ) الزّمر ، 68 .

[ 2 ] ورد في الغارات ص 152 . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 69 . و أمالي الطوسي ص 28 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 264 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 596 . و كنز العمال ج 15 ص 702 . و منهاج البراعة ج 19 ص 66 و 78 . باختلاف بين المصادر .

[ 3 ] ورد في المصادر السابقة . و البحار للمجلسي ج 8 ص 286 .

[ 4 ] ورد في الغارات للثقفي ص 152 . و البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 596 .

[ 5 ] ورد في البحار للمجلسي ج 8 ص 286 . و منهاج البراعة للخوئي ج 19 ص 78 .

-----------
( 6 ) آل عمران ، 133 .

[ 911 ]

وَ الرَّيْحَانُ .

وَ إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَزُورُونَ الْجَبَّارَ سُبْحَانَهُ في كُلِّ جُمُعَةٍ ،

فَيَكُونُ أَقْرَبُهُمْ مِنْهُ عَلى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ .

وَ الَّذينَ يَلُونَهُمْ عَلى مَنَابِرَ مِنْ يَاقُوتٍ .

وَ الَّذينَ يَلُونَهُمْ عَلى مَنَابِرَ مِنْ زَبَرْجَدٍ .

وَ الَّذينَ يَلُونَهُمْ عَلى مَنَابِرَ مِنْ مِسْكٍ .

فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ يَنْظُرُونَ إِلى نُورِ اللَّهَ جَلَّ جَلاَلُهُ وَ يَنْظُرُ اللَّهُ في وُجُوهِهِمْ ، إِذْ أَقْبَلَتْ سَحَابَةٌ تَغْشَاهُمْ ، فَتُمْطِرُ عَلَيْهِمْ مِنَ النِّعْمَةِ وَ اللَّذَّةِ وَ السُّرُورِ وَ الْبَهْجَةِ مَا لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ .

وَ مَعَ هذَا مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ : رِضْوَانُ اللَّهِ الأَكْبَرُ .

فَلَوْ أَنَّنَا لَمْ نُخَوَّفْ إِلاَّ بِبَعْضِ مَا خُوِّفْنَا بِهِ لَكُنَّا مَحْقُوقينَ أَنْ يَشْتَدَّ خَوْفُنَا مِمَّا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ ،

وَ لاَ صَبْرَ لَنَا عَلَيْهِ ، وَ أَنْ يَشْتَدَّ شَوْقُنَا إِلى مَا لاَ غَنَاءَ لَنَا عَنْهُ ، وَ لاَ بُدَّ لَنَا مِنْهُ [ 1 ] .

[ 6 ] وَ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ ، عِبَادَ اللَّهِ [ 2 ] ، أَنْ يَشْتَدَّ خَوْفُكُمْ مِنَ اللَّهِ ، وَ أَنْ يَحْسُنَ ظَنُّكُمْ بِهِ ، فَاجْمَعُوا بَيْنَهُمَا .

فَإِنَّ الْعَبْدَ إِنَّمَا يَكُونُ حُسْنُ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ عَلى قَدْرِ خَوْفِهِ مِنْ رَبِّهِ .

وَ إِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ ظَنّاً بِاللَّهِ أَشَدُّهُمْ خَوْفاً للَّهِ [ 3 ] .

جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ مِنَ الْمُتَّقينَ ، وَ أَدْخَلَنَا وَ إِيَّاكُمْ دَارَ النَّعيمِ ، وَ أَجَارَنَا [ 4 ] وَ إِيَّاكُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَليمِ [ 5 ] .

[ 6 ] من : و إن استطعتم إلى : خوفا للّه ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 27 .

[ 1 ] ورد في الغارات ص 145 . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 70 . و أمالي الطوسي ص 28 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 264 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 596 . و كنز العمال ج 15 ص 702 . و المستطرف ج 1 ص 60 .

و منهاج البراعة ج 19 ص 66 و 78 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] ورد في الغارات للثقفي ص 145 . و شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 6 ص 70 . و منهاج البراعة للخوئي ج 19 ص 67 .

[ 3 ] إنّما تكون طاعته على قدر خوفه ، و إنّ أحسن النّاس للّه طاعة أشدّهم له خوفا . ورد في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 6 ص 70 . و منهاج البراعة للخوئي ج 19 ص 67 .

[ 4 ] أعاذنا . ورد في

[ 5 ] ورد في تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 264 . و كنز العمال ج 15 ص 702 . و المستطرف ج 1 ص 60 .

باختلاف بين المصادر .

[ 912 ]

[ 12 ] وَ [ 1 ] اعْلَمْ ، يَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبي بَكْرٍ ، أَنّي قَدْ وَلَّيْتُكَ أَعْظَمَ أَجْنَادي في نَفْسي أَهْلَ مِصْرَ .

وَ إِذْ وَلَّيْتُكَ مَا وَلَّيْتُكَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ [ 2 ] ، فَأَنْتَ مَحْقُوقٌ [ 3 ] أَنْ تُخَالِفَ فيهِ [ 4 ] عَلى نَفْسِكَ ، وَ أَنْ تُنَافِحَ عَنْ دينِكَ [ 5 ] ، وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَكَ إِلاَّ سَاعَةٌ مِنَ الدَّهْرِ [ 6 ] .

وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ [ 7 ] لاَ تُسْخِطَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ [ 8 ] بِرِضى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَافْعَلْ [ 9 ] ، فَإِنَّ فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ [ 10 ] خَلَفاً مِنْ غَيْرِهِ ، وَ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ خَلَفٌ في شَيْ‏ءٍ [ 11 ] غَيْرِهِ .

ثُمَّ اعْلَمْ ، يَا مُحَمَّدُ ، أَنَّكَ وَ إِنْ كُنْتَ مُحْتَاجاً إِلى نَصيبِكَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ أَنَّكَ إِلى نَصيبِكَ مِنَ الآخِرَةِ أَحْوَجُ .

فَإِنْ عَرَضَ لَكَ أَمْرَانِ : أَحَدُهُمَا لِلآخِرَةِ ، وَ الآخَرُ لِلدُّنْيَا ، فَابْدَأْ بِأَمْرِ الآخِرَةِ .

وَ لْتَعْظُمْ رَغْبَتُكَ فِي الْخَيْرِ ، وَ لْتَحْسُنْ فيهِ نِيَّتُكَ .

فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُعْطِي الْعَبْدَ عَلى قَدْرِ نِيَّتِهِ ، وَ إِذَا أَحَبَّ الْخَيْرَ وَ أَهْلَهُ وَ لَمْ يَعْمَلْهُ كَانَ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، كَمَنْ عَمِلَهُ .

فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَالَ حينَ رَجَعَ مِنْ تَبُوكَ : إِنَّ بِالْمَدينَةِ لأَقْوَاماً مَا

[ 12 ] من : و اعلم إلى : خلف في غيره ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 27 .

[ 1 ] ثمّ . ورد في الغارات للثقفي ص 145 . و أمالي الطوسي ص 28 . و منهاج البراعة للخوئي ج 19 ص 78 .

[ 2 ] ورد في المصادر السابقة . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 67 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 . و نهج البلاغة الثاني ص 255 . باختلاف يسير .

[ 3 ] حقيق . ورد في شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 67 . و أمالي الطوسي ص 28 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 . و منهاج البراعة ج 19 ص 78 .

[ 4 ] ورد في الغارات ص 145 . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 67 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 . و منهاج البراعة ج 19 ص 78 . و نهج البلاغة الثاني ص 255 . تخاف منه . ورد في أمالي الطوسي ص 28 .

[ 5 ] تحذر منه على دينك . ورد في المصادر السابقة .

[ 6 ] نهار . ورد في الغارات ص 145 . و تحف العقول ص 125 . و منهاج البراعة ج 19 ص 78 . و نهج البلاغة الثاني ص 255 .

[ 7 ] ورد في المصادر السابقة . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 67 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 .

[ 8 ] ورد في

[ 9 ] ورد في الغارات ص 145 . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 67 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 . و تحف العقول ص 125 .

و منهاج البراعة ج 19 ص 78 . و نهج البلاغة الثاني ص 255 .

[ 10 ] ورد في أمالي الطوسي ص 28 . و منهاج البراعة للخوئي ج 19 ص 78 .

[ 11 ] ورد في المصدرين السابقين . و الغارات ص 145 . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 67 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 .

و تحف العقول ص 125 . و نهج البلاغة الثاني ص 255 .

[ 913 ]

سِرْتُمْ مِنْ مَسيرٍ ، وَ لاَ هَبَطْتُمْ مِنْ وَادٍ ، إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ ، مَا حَبَسَهُمْ إِلاَّ الْمَرَضُ .

يَقُولُ : كَانَتْ لَهُمْ نِيَّةٌ .

إِشْتَدَّ عَلَى الظَّالِمِ وَ خُذْ عَلى يَدَيْهِ .

وَ لِنْ لأَهْلِ الْخَيْرِ وَ قَرِّبْهُمْ مِنْكَ ، وَ اجْعَلْهُمْ بِطَانَتَكَ .

وَ آثِرِ الْفُقَهَاءَ وَ أَهْلَ الصِّدْقِ وَ الْوَفَاءِ وَ الْحَيَاءِ وَ الْوَرَعِ عَلى أَهْلِ الْفُجُورِ وَ الْكَذِبِ وَ الْغَدْرِ .

وَ لْيَكُنِ الصَّالِحُونَ الأَبْرَارُ إِخْوَانَكَ وَ أَقْرَانَكَ ، وَ الْفَاجِرُونَ الْغَادِرُونَ أَعْدَاءَكَ ، فَإِنَّ أَحَبَّ إِخْوَاني إِلَيَّ أَكْثَرُهُمْ للَّهِ ذِكْراً ، وَ أَشَدُّهُمْ مِنْهُ خَوْفاً . وَ أَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .

وَ إِذَا أَنْتَ قَضَيْتَ بَيْنَ النَّاسِ [ 1 ] [ 3 ] فَاخْفِضْ لَهُمْ جَنَاحَكَ ، وَ أَلِنْ لَهُمْ جَانِبَكَ ، وَ ابْسُطْ لَهُمْ وَجْهَكَ .

وَ آسِ بَيْنَهُمْ فِي اللَّحْظَةِ وَ النَّظْرَةِ ، وَ الإِشَارَةِ وَ التَّحِيَّةِ حَتَّى لاَ يَطْمَعَ الْعُظَمَاءُ في حَيْفِكَ لَهُمْ ،

وَ لاَ يَيْأَسَ الضُّعَفَاءُ مِنْ عَدْلِكَ عَلَيْهِمْ [ 2 ] .

وَ أَنْ تَسْأَلَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ ، وَ عَلَى الْمُدَّعى عَلَيْهِ الْيَمينُ .

وَ مَنْ صَالَحَ أَخَاهُ عَلى صُلْحٍ فَأَجْزِ صُلْحَهُ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ صُلْحاً يُحَرِّمُ حَلاَلاً ، أَوْ يُحَلِّلُ حَرَاماً .

ثُمَّ انْظُرْ ، يَا مُحَمَّدُ ، إِلى صَلاَتِكَ كَيْفَ تُصَلّيهَا ، فَإِنَّكَ إِمَامُ الْقَوْمِ ، يَنْبَغي لَكَ أَنْ تُتِمَّهَا ، وَ أَنْ تُخَفِّفَهَا ، وَ أَنْ تُصَلّيهَا لِوَقْتِهَا .

فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ إِمَامٍ يُصَلّي بِقَوْمٍ فَيَكُونَ في صَلاَتِهِمْ تَقْصيرٌ إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِ أَوْزَارُهُمْ ، وَ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ صَلاَتِهِمْ شَيْئاً ، وَ لاَ يُتَمِّمْهَا إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ ، وَ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً .

ثُمَّ انْظُرْ إِلى وُضُوئِكَ فَإِنَّهُ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ ، وَ لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لاَ وُضُوءَ لَهُ ، فَأْتِ بِهِ عَلى وَجْهِهِ :

تَمَضْمَضْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ .

وَ اسْتَنْشِقْ ثَلاَثاً .

وَ اغْسِلْ وَجْهَكَ .

[ 3 ] من : فاخفض إلى : عدلك عليهم ورد في كتب الرضي تحت الرقم 27 . و باختلاف يسير ورد في الكتب تحت الرقم 46 .

[ 1 ] ورد في الغارات ص 145 . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 66 . و أمالي الطوسي ص 28 . و تحف العقول ص 124 و 125 .

و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 595 و 605 . و منهاج البراعة ج 19 ص 63 و 70 و 78 . و نهج البلاغة الثاني ص 255 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] بهم . ورد في نسخة عبده ص 543 .

[ 914 ]

ثُمَّ يَدَكَ الْيُمْنى إِلَى الْمِرْفَقِ .

ثُمَّ الْيُسْرى إِلَى الْمِرْفَقِ .

ثُمَّ امْسَحْ رَأْسَكَ وَ رِجْلَيْكَ .

فَإِنّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَصْنَعُ ذَلِكَ .

وَ اعْلَمْ أَنَّ الْوُضُوءَ نِصْفُ الإيمَانِ [ 1 ] .

[ 6 ] وَ صَلِّ الصَّلاَةَ [ 2 ] لِوَقْتِهَا [ 3 ] الْمُوَقَّتِ لَهَا ، وَ لاَ تُعَجِّلْ وَقْتَهَا لِفَرَاغٍ ، وَ لاَ تُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا لاشْتِغَالٍ ، فَإِنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَنْ أَوْقَاتِ الصَّلاَةِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ : أَتَاني جِبْريلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَرَاني وَقْتَ الصَّلاَة :

فصَلَّى الظُّهْرَ حينَ زَالَتِ الشَّمْسُ فَكَانَتْ عَلى حَاجِبِهِ الأَيْمَنِ .

ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ فَكَانَتْ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً [ 4 ] .

ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حينَ غَرُبَتِ الشَّمْسُ .

ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حينَ غَابَ الشَّفَقُ .

ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ فَغَلَّسَ بِهَا وَ النُّجُومُ مُشْتَبِكَةٌ .

كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَذَا يُصَلّي قَبْلَكَ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ ، وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ، أَنْ تَلْتَزِمَ السُّنَّةَ الْمَعْرُوفَةَ ، وَ تَسْلُكَ الطَّريقَ الْوَاضِحَ الَّذي أَخَذُوا ، فَافْعَلْ [ 5 ] ، لَعَلَّكَ تَقْدُمُ عَلَيْهِمْ غَداً .

ثُمَّ انْظُرْ إِلى رُكُوعِكَ وَ سُجُودِكَ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَانَ أَتَمَّ النَّاسِ صَلاَةً وَ أَحْفَظَهُمْ لَهَا .

وَ كَانَ إِذَا رَكَعَ قَالَ : سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظيمِ وَ بِحَمْدِهِ ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ .

[ 6 ] من : و صلّ إلى : لاشتغال ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 27 .

[ 1 ] ورد في الغارات ص 155 . و شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 71 . و أمالي الطوسي ص 29 . و تحف العقول ص 124 و 125 .

و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 605 . و منهاج البراعة ج 19 ص 67 و 70 و 78 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] صلاة الظّهر . ورد في الغارات للثقفي ص 155 .

[ 3 ] ارتقب وقت الصّلاة فصلّها لوقتها . ورد في أمالي الطوسي ص 29 . و منهاج البراعة للخوئي ج 19 ص 78 .

[ 4 ] فكان ظلّ كلّ شي‏ء مثله . ورد في المصدرين السابقين .

[ 5 ] فصلّ لهذه الأوقات ، و الزم السّنّة المعروفة ، و الطّريق الواضح الّذي أخذه . و . ورد في المصدرين السابقين .

[ 915 ]

وَ إِذَا رَفَعَ صُلْبَهُ قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ . اَللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ مِلْ‏ءَ سَموَاتِكَ وَ مِلْ‏ءَ أَرْضِكَ وَ مِلْ‏ءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْ‏ءٍ .

فَإِذَا سَجَدَ قَالَ : سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلى وَ بِحَمْدِهِ ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ [ 1 ] .

[ 3 ] وَ اعْلَمْ ، يَا مُحَمَّدُ [ 2 ] ، أَنَّ كُلَّ شَيْ‏ءٍ مِنْ عَمَلِكَ تَبَعٌ لِصَلاَتِكَ ، فَمَنْ ضَيَّعَ الصَّلاَةَ فَإِنَّهُ لِغَيْرِ الصَّلاَةِ مِنْ شَرَائِعِ الإِسْلاَمِ أَضْيَعُ .

أَسْأَلُ اللَّهَ الَّذي يَرى وَ لاَ يُرى ، وَ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الأَعْلى ، أَنْ يَجْعَلَنَا وَ إِيَّاكَ مِمَّنْ يُحِبُّ وَ يَرْضى ، حَتَّى يُعينَنَا وَ إِيَّاكَ عَلى شُكْرِهِ وَ ذِكْرِهِ ، وَ حُسْنِ عِبَادَتِهِ وَ أَدَاءِ حَقِّهِ ، وَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ اخْتَارَهُ لَنَا ، في دينِنَا وَ دُنْيَانَا ، وَ أُولاَنَا وَ آخِرَتِنَا ، وَ أَنْ يَجْعَلَنَا وَ إِيَّاكَ مَنَ الْمُتَّقينَ الَّذينَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاَ هُمْ يَحْزَنُونَ . إِنَّهُ سَميعٌ قَريبٌ .

يَا مُحَمَّدَ بْنَ أَبي بَكْرٍ ، اعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ الْفِقْهِ الْوَرَعُ في دينِ اللَّهِ ، وَ الْعَمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ ، فَعَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ في مُقَامِكَ وَ مَقْعَدِكَ ، وَ سِرِّكَ وَ عَلاَنِيَتِكَ ، وَ عَلى أَيِّ حَالٍ كُنْتَ عَلَيْهَا .

وَ اعْلَمْ أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ بَلاَءٍ وَ فَنَاءٍ ، وَ الآخِرَةُ دَارُ جَزَاءٍ وَ بَقَاءٍ ، فَاعْمَلْ لِمَا يَبْقى ، وَ اعْدِلْ عَمَّا يَفْنى ،

وَ لاَ تَنْسَ نَصيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا .

جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكَ مِنَ الْمُتَّقينَ .

ثُمَّ إِنّي أُوصيكَ بِسَبْعِ خِصَالٍ هُنَّ جَوَامِعُ الإِسْلاَمِ :

إِخْشَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لاَ تَخْشَ النَّاسَ فِي اللَّهِ ، وَ إِنَّ خَيْرَ الْقَوْلِ مَا صَدَّقَهُ الْعَمَلُ .

وَ لاَ تَقْضِ في أَمْرٍ وَاحِدٍ بِقَضَاءَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ، فَيَتَنَاقَضُ أَمْرُكَ ، وَ تَزيغُ عَنِ الْحَقِّ .

وَ أَحِبَّ لِعَامَّةِ رَعِيَّتِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَ أَهْلِ بَيْتِكَ ، وَ اكْرَهْ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ وَ أَهْلِ بَيْتِكَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَلْزَمُ لِلْحُجَّةِ عِنْدَ اللَّهِ ، وَ أَصْلَحُ لأَحْوَالَ رَعِيَّتِكَ .

وَ خُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ ، وَ لاَ تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ .

وَ أَقِمْ وَجْهَكَ ، وَ انْصَحِ الْمَرْءَ الْمُسْلِمَ إِذَا اسْتَشَارَكَ .

وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ أُسْوَةً لِقَريبِ الْمُسْلِمينَ وَ بَعيدِهِمْ .

[ 3 ] من : و اعلم أنّ كلّ إلى : لصلاتك ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 27 .

[ 1 ] ورد في الغارات للثقفي ص 156 . و أمالي الطوسي ص 29 . و منهاج البراعة للخوئي ج 19 ص 78 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] ورد في الغارات للثقفي ص 156 .

[ 916 ]

وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اصْبِرْ عَلى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ 1 .

وَ عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ . فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ اعْتَكَفَ عَاماً فِي الْعَشْرِ الأَوَّلِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ . وَ اعْتَكَفَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ فِي الْعَشْرِ الأَوْسَطِ . فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الِثَّالِثُ رَجَعَ مِنْ بَدْرٍ وَ قَضى اعْتِكَافَهُ . فَنَامَ وَ رأى‏ في مَنَامِهِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ كَأَنَّهُ يَسْجُدُ في مَاءٍ وَ طينٍ .

فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ رَجَعَ مِنْ لَيْلَتِهِ إِلى أَزْوَاجِهِ وَ أُنَاسٌ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ .

ثُمَّ إِنَّهُمْ مُطِرُوا لَيْلَةَ ثَلاَثٍ وَ عِشْرينَ ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ حينَ أَصْبَحَ ، فَرُئِيَ في وَجْهِ النَّبِيِّ الطّينُ .

فَلَمْ يَزَلْ يَعْتَكِفْ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ .

وَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ : مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، ثُمَّ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالَ ، فَكَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ .

جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَوَدَّتَنَا فِي الدّينِ ، وَ خُلَّتَنَا وَ إِيَّاكُمْ خُلَّةَ الْمُتَّقينَ ، وَ وُدَّ الْمُخْلِصينَ ، وَ أَبْقى لَكُمْ طَاعَتَكُمْ حَتَّى يَجْمَعَنَا وَ إِيَّاكُمْ بِهَا في دَارِ الرِّضْوَانِ إِخْوَاناً عَلى سُرُرٍ مُتَقَابِلينَ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ .

أَحْسِنُوا ، يَا أَهْلَ مِصْرَ ، مُوَازَرَةَ مُحَمَّدٍ أَميرَكُمْ ، وَ اثْبُتُوا عَلى طَاعَتِهِ ، تَرِدُوا حَوْضَ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ .

أَعَانَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ عَلى مَا يُرْضيهِ .

وَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

و رُوي أن عمرو بن العاص لمّا ظهر على محمد بن أبي بكر و قتله أخذ كتبه أجمع فبعث بها إلى معاوية بن أبي سفيان .

و كان معاوية ينظر في هذا الكتاب و يعجبه .

فقال الوليد بن عقبه ، و هو عند معاوية ، لمّا رأى إعجاب معاوية به : مُر بهذه الأحاديث أن تُحرق .

فقال معاوية : مَه ، يا ابن أبي مُعيط . إنه لا رأي لك .

فقال له الوليد : إنه لا رأي لك . أفمن الرأي أن يعلم الناس أن أحاديث أبي تراب عندك تتعلم منها و تقضي بقضائه ؟ .

فقال معاوية : ويلك ، أتأمرني أن أحرق علماً مثل هذا ؟ .

و اللّه ما سمعتُ بعلم أجمع منه و لا أحكم و لا أوضح .

-----------
( 1 ) لقمان ، 17 .

[ 917 ]

فقال الوليد : إن كنت تعجب من علمه و قضائه فعلامَ تقاتله ؟ .

فقال معاوية : لو لا أن أبا تراب قتل عثمان ثم أفتانا لأخذنا عنه .

ثم سكت هنيهة . ثم نظر إلى جلسائه فقال : إنا لا نقول إن هذه من كتب علي بن أبي طالب ، و لكنا نقول :

إن هذه من كتب أبي بكر الصّديق كانت عند إبنه محمد ، فنحن نقضي بها و نفتي .

فلم تزل تلك الكتب في خزائن بني أمية حتى ولّي عمر بن عبد العزيز ، فهو الذي أظهر أنها من أحاديث علي بن أبي طالب عليه السلام [ 1 ] .