و قد سأله سائل أن يصف اللّه حتى كأنه يراه عيانا فغضب عليه السلام لكلامه فصعد المنبر فقال :
بِسْمِ اللَّهِ الْرَحْمنِ الْرَّحيِم [ 8 ] اَلْحَمْدُ للَّهِ الَّذي لاَ يَفِرُهُ [ 6 ] الْمَنْعُ وَ الْجُمُودُ ، وَ لاَ يُكْديهِ الإِعْطَاءُ وَ الْجُودُ ، إِذْ كُلُّ مُعْطٍ
[ 8 ] من : الحمد إلى : الملحّين ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 91 .
[ 7 ] لم نوفّق حتى الآن للعثور على الوصلة الفاصلة بين الفقرات السابقة و اللاحقة في هذه الخطبة الجليلة رغم البحث و السؤال من المتخصصين في بحوث نهج البلاغة . و أسال البارئ تعالى ان يمنّ عليّ بالعثور عليها لإلحاقها بالطبعات القادمة .
[ 1 ] لوقته . ورد في نسخة الآملي ص 9 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 13 . و نسخة الاسترابادي ص 8 . و متن منهاج البراعة ج 2 ص 175 . و نسخة العطاردي ص 12 .
[ 2 ] عليهم . ورد في نسخة العطاردي ص 12 عن شرح الكيذري البيهقي .
[ 3 ] فرض حقّه ، و أوجب حجّه . ورد في نسخة ابن أبي الحديد ج 1 ص 123 . و نسخة الصالح ص 45 .
-----------
( 1 ) آل عمران 97 .
[ 5 ] ورد في جامع الأصول لابن الأثير ج 3 ص 382 .
[ 6 ] لا يعرّه . ورد في نسخة العطاردي ص 90 عن شرح الكيذري البيهقي .
[ 64 ]
مُنْتَقَصٌ سِوَاهُ ، وَ كُلُّ مَانِعٍ مَذْمُومٌ مَا خَلاَهُ .
وَ هُوَ الْمَنَّانُ [ 1 ] بِفَوَائِدِ [ 2 ] النِّعَمِ ، وَ عَوَائِدِ الْمَزيدِ وَ الْقِسَمِ .
عِيَالُهُ الْخَلاَئِقُ ، بِجُودِهِ [ 3 ] ضَمِنَ أَرْزَاقَهُمْ ، وَ قَدَّرَ أَقْوَاتَهُمْ ، وَ نَهَجَ سَبيلَ الرَّاغِبينَ إِلَيْهِ ،
وَ الطَّالِبينَ مَا لَدَيْهِ . وَ لَيْسَ بِمَا سُئِلَ بِأَجْوَدَ مِنْهُ بِمَا [ 4 ] لَمْ يُسْأَلْ .
الأَوَّلُ الَّذي لَيْسَ [ 5 ] لَهُ قَبْلٌ فَيَكُونَ شَيْءٌ قَبْلَهُ ، وَ الآخِرُ الَّذي لَيْسَ لَهُ بَعْدٌ فَيَكُونَ شَيْءٌ بَعْدَهُ ،
وَ الرَّادِعُ أَنَاسِيَّ الأَبْصَارِ عَنْ أَنْ تَنَالَهُ أَوْ تُدْرِكَهُ .
مَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ دَهْرٌ فَتَخْتَلِفَ مِنْهُ [ 6 ] الْحَالُ ، وَ لاَ كَانَ في مَكَانٍ فَيَجُوزَ عَلَيْهِ الاِنْتِقَالُ .
وَ لَوْ وَهَبَ مَا تَنَفَّسَتْ [ 7 ] عَنْهُ مَعَادِنُ الْجِبَالِ ، وَ ضَحِكَتْ عَنْهُ أَصْدَافُ الْبِحَارِ ، مِنْ فِلَزِ [ 8 ] اللُّجَيْنِ ، وَ سَبَائِكِ [ 9 ] الْعِقْيَانِ ، وَ نُثَارَةِ الدُّرِّ ، وَ حَصيدِ [ 10 ] الْمَرْجَانِ ، لِبَعْضِ عَبيدِهِ [ 11 ] ، مَا أَثَّرَ ذَلِكَ في جُودِهِ ، وَ لاَ أَنْفَدَ سَعَةَ مَا عِنْدَهُ ، وَ لَكَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَخَائِرِ الإِنْعَامِ [ 12 ] مَا لاَ تَخْطُرُ لِكَثْرَتِهِ عَلى بَالٍ [ 13 ] ،
وَ لاَ تُنْفِدُهُ مَطَالِبُ الأَنَامِ .
لأَنَّهُ الْجَوَادُ الَّذي لاَ يَغيضُهُ سُؤَالُ السَّائِلينَ ، وَ لاَ يُبَخِّلُهُ [ 14 ] إِلْحَاحُ الْمُلِحّينَ ، وَ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 1 .
[ 1 ] المليء . ورد في التوحيد للصدوق ص 49 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 274 .
[ 2 ] بفرائد . ورد في العقد الفريد لابن عبد ربه ج 4 ص 197 .
[ 3 ] ورد في العقد الفريد لابن عبد ربه ج 4 ص 197 . و التوحيد للصدوق ص 48 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 274 .
[ 4 ] ممّا . ورد في المصدرين السابقين . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 557 .
[ 5 ] لم يكن . ورد في نسخة العطاردي ص 90 عن شرح الكيذري البيهقي .
[ 6 ] عليه . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 86 .
[ 7 ] انشقّت . ورد في العقد الفريد لابن عبد ربه ج 4 ص 197 . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 557 . باختلاف يسير .
[ 8 ] فلق . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 63 .
[ 9 ] ورد في العقد الفريد ج 4 ص 197 . و التوحيد ص 49 . و البحار ج 4 ص 274 . و نهج السعادة ج 1 ص 557 .
[ 10 ] نضائد . ورد في التوحيد للصدوق ص 49 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 274 .
[ 11 ] ورد في المصدرين السابقين . و العقد الفريد ج 4 ص 197 . و نهج السعادة ج 1 ص 557 . باختلاف يسير .
[ 12 ] الإفضال . ورد في التوحيد للصدوق ص 49 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 274 .
[ 13 ] ورد في المصدرين السابقين . و العقد الفريد لابن عبد ربه ج 4 ص 197 . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 557 .
[ 14 ] لا يبخله . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 87 . و نسخة نصيري ص 37 . و متن منهاج البراعة للخوئي ج 6 ص 286 .
-----------
( 1 ) سورة يس ، 82 .
[ 65 ]
فَمَا ظَنُّكُمْ بِمَنْ هُوَ هكَذَا وَ لاَ هكَذَا غَيْرُهُ . سُبْحَانَهُ وَ بِحَمْدِهِ .
أَيُّهَا السَّائِلُ ، اعْقَلْ عَنّي مَا سَأَلْتَنِي عَنْهُ ، وَ لاَ تَسْأَلَنَّ أَحَداً عَنْهُ بَعْدي ، فَإِنّي أَكْفيكَ مَؤُونَةَ الطَّلَبِ ، وَ شِدَّةَ التَّعَمُّقِ فِي الْمَذْهَبِ .
وَ كَيْفَ يُوصَفُ الَّذي سَأَلْتَنِي عَنْهُ ، وَ هُوَ الَّذي عَجَزَتِ الْمَلاَئِكَةُ ، عَلى قُرْبِهِمْ مِنْ كُرْسِيِّ كَرَامَتِهِ ،
وَ طُولِ وَلَهِهِمْ إِلَيْهِ ، وَ تَعْظيمِ جَلاَلِ عِزَّتِهِ ، وَ قُرْبِهِمْ مِنْ غَيْبِ مَلَكُوتِهِ ، أَنْ يَعْلَمُوا مِنْ عِلْمِهِ [ 1 ] إِلاَّ مَا عَلَّمَهُمْ ، وَ هُوَ مِنْ مَلَكُوتِ الْقُدْسِ بِحَيْثُ هُمْ مِنْ مَعْرِفَتِهِ عَلى مَا فَطَرَهُمْ عَلَيْهِ ، فَقَالُوا : سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَليمُ الْحَكيمُ [ 2 ] .
[ 5 ] بَلْ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً ، أَيُّهَا الْمُتَكَلِّفُ لِوَصْفِ رَبِّكَ الرَّحْمنِ بِخِلافِ التَّنْزيلِ وَ الْبُرْهَانِ [ 3 ] ،
فَصِفْ جِبْريلَ وَ ميكَائيلَ ، وَ جُنُودَ الْمَلاَئِكَةِ الْمُقَرَّبينَ ، في حُجُرَاتِ الْقُدْسِ مُرْجَحِنّينَ ، مُتَوَلِّهَةً عُقُولُهُمْ أَنْ يَحُدُّوا أَحْسَنَ الْخَالِقينَ .
[ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ ] [ 6 ] هَلْ تُحِسُّ بِهِ إِذَا دَخَلَ مَنْزِلاً ؟
أَمْ هَلُ تَرَاهُ إِذَا تَوَفَّى أَحَداً ؟ .
بَلْ كَيْفَ يَتَوَفَّى الْجَنينَ في بَطْنِ أُمِّهِ ؟ .
أَيَلِجُ عَلَيْهِ مِنْ بَعْضِ جَوَارِحِهَا ؟ .
أَمِ الرُّوحُ أَجَابَتْهُ بِإِذْنِ رَبِّهَا ؟ .
أَمْ هُوَ سَاكِنٌ مَعَهُ في أَحْشَائِهَا ؟ .
كَيْفَ يَصِفُ إِلهَهُ [ 4 ] مَنْ يَعْجَزُ عَنْ صِفَةِ مَخْلُوقٍ مِثْلِهِ ؟ .
فَإِنَّمَا يُدْرَكُ بِالصِّفَاتِ ذَوُو الْهَيَئَاتِ وَ الأَدَوَاتِ ، وَ مَنْ يَنْقَضي إِذَا بَلَغَ أَمَدَ حَدِّهِ بِالْفَنَاءِ .
فَلاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ ، أَضَاءَ بِنُورِهِ كُلَّ ظَلاَمٍ ، وَ أَظْلَمَ بِظُلْمَتِهِ كُلَّ نُورٍ .
[ 5 ] من : بل إلى : الخالقين . و من : فإنّما يدرك إلى : كلّ نور ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 182 .
[ 6 ] من : هل تحسّ إلى : مثله ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 112 .
[ 1 ] أمره . ورد في التوحيد للصدوق ص 50 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 274 .
[ 2 ] البقرة ، 32 . و وردت الفقرات في العقد الفريد ج 4 ص 197 . و التوحيد ص 49 . و البحار ج 4 ص 274 . و نهج السعادة ج 1 ص 557 . باختلاف بين المصادر .
[ 3 ] ورد في كنز العمال للهندي ج 1 ص 410 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 69 عن حلية الأولياء .
[ 4 ] الخالق . ورد في المصدرين السابقين .
[ 66 ]
[ 12 ] فَانْظُرْ ، أَيُّهَا السَّائِلُ ، فَمَا دَلَّكَ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ مِنْ صِفَتِهِ ، وَ تَقَدَّمَكَ فيهِ الرُّسُلُ ، فَاتَّبِعْهُ لِيُوصِلَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ مَعْرِفَتِهِ ، فَإِنَّمَا هُوَ نِعْمَةٌ وَ حِكْمَةٌ أُوتيتَهُمَا ، فَخُذْ مَا أُوتيتَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرينَ ،
وَ [ 1 ] ائْتَمَّ بِه ، وَ اسْتَضِئْ بِنُورِ هِدَايَتِهِ .
وَ مَا كَلَّفَكَ الشَّيْطَانُ عِلْمَهُ [ 2 ] مِمَّا لَيْسَ فِي الْكِتَابِ عَلَيْكَ فَرْضُهُ ، وَ لاَ في سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ أَئِمَّةِ الْهُدى أَثَرُهُ ، فَكِلْ عِلْمَهُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مُنْتَهى حَقِّ اللَّهِ عَلَيْكَ .
وَ اعْلَمْ ، أَيُّهَا السَّائِلُ [ 3 ] ، أَنَّ الرَّاسِخينَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذينَ أَغْنَاهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ السُّدَدِ الْمَضْرُوبَةِ دُونَ الْغُيُوبِ ، الاِقْرَارُ بِجُمْلَةِ مَا جَهِلُوا تَفْسيرَهُ مِنَ الْغَيْبِ الْمَحْجُوبِ ، فَقَالُوا : آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [ 4 ] .
فَمَدَحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ [ 5 ] تَعَالَى اعْتِرَافَهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ يُحيطُوا بِهِ عِلْماً ،
وَ سَمَّى تَرْكَهُمُ التَّعَمُّقَ فيمَا لَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْبَحْثُ عَنْ كُنْهِهِ رُسُوخاً .
فَاقْتَصِرْ عَلى ذلِكَ ، وَ لاَ تُقَدِّرْ عَظَمَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلى قَدْرِ عَقْلِكَ ، فَتَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ .
هُوَ الْقَادِرُ [ 6 ] الَّذي إِذَا ارْتَمَتِ الأَوْهَامُ [ 7 ] لِتُدْرِكَ مُنْقَطَعَ قُدْرَتِهِ ، وَ حَاوَلَ الْفِكْرُ الْمُبَرَّأُ مِنْ خَطَرِ [ 8 ] الْوَسَاوِسِ ، أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ في عَميقَاتِ غُيُوبِ مَلَكُوتِهِ ، وَ تَوَلَّهَتِ [ 9 ] الْقُلُوبُ إِلَيْهِ لِتَجْرِيَ في كَيْفِيَّةِ صِفَاتِهِ ، وَ غَمَضَتْ مَدَاخِلُ الْعُقُولِ في حَيْثُ لاَ تَبْلُغُهُ الصِّفَاتُ لِتَنَالَ [ 10 ] عِلْمَ ذَاتِهِ [ 11 ] ،
[ 12 ] من : فانظر إلى : من صفته . و من : فاءتمّ به إلى : عزّته ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 91 .
[ 1 ] ورد في التوحيد للصدوق ص 55 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 277 . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 559 . باختلاف يسير .
[ 2 ] دلّك الشّيطان عليه . ورد في التوحيد للصدوق ص 55 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 277 .
[ 3 ] ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 559 .
[ 4 ] البقرة ، 32 . و وردت الآية في المصدر السابق . و التوحيد للصدوق ص 55 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 277 .
[ 5 ] ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 559 .
[ 6 ] اللّطيف . ورد في التوحيد للصدوق ص 51 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 275 .
[ 7 ] إذا أرادت . . . أن . ورد في المصدرين السابقين .
[ 8 ] خطرات . ورد في متن منهاج البراعة ج 6 ص 303 . و نسخة عبده ص 214 . و نسخة الصالح ص 125 . و نسخة العطاردي ص 91 .
[ 9 ] تواهقت . ورد في نسخة العطاردي ص 91 عن شرح الكيذري .
[ 10 ] لتناول علم . ورد في نسخة عبده ص 214 . و نسخة الصالح ص 125 .
[ 11 ] ذلك . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 91 . و نسخة العطاردي ص 91 عن شرح الراوندي . و ورد إلهيّته في التوحيد للصّدوق ص 51 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 275 .
[ 67 ]
رَدَعَهَا [ 1 ] وَ هِيَ تَجُوبُ مَهَاوِيَ سُدَفِ الْغُيُوبِ ، مُتَخَلِّصَةً إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ .
فَرَجَعَتْ ، إِذْ جُبِهَتْ ، خَاسِئَةً [ 2 ] ، مُعْتَرِفَةً بِأَنَّهُ لاَ يُنَالُ بِجَوْرِ [ 3 ] الإعْتِسَافِ كُنْهُ مَعْرِفَتِهِ ، وَ لاَ تَخْطُرُ بِبَالِ أُولِي الرَّوِيَّاتِ خَاطِرَةٌ [ 4 ] مِنْ تَقْديرِ جَلاَلِ عِزَّتَهِ ، لِبُعْدِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ في قُوَى الْمَحْدُودينَ ،
[ وَ ] لأَنَّهُ خِلاَفُ خَلْقِهِ فَلاَ شَبَهَ لَهُ مِنَ الْمَخْلُوقينَ .
وَ إِنَّمَا يُشَبَّهُ الشَّيْءُ بِعَديلِهِ ، فَأَمَّا مَا لاَ عَديلَ لَهُ فَكَيْفَ يُشَبَّهُ بِغَيْرِ مِثَالِهِ ؟ .
وَ هُوَ الْبَديءُ الَّذي لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ ، وَ الآخِرُ الَّذي لَيْسَ شَيْءٌ بَعْدَهُ .
لاَ تَنَالُهُ الأَبْصَارُ في مَجْدِ جَبَرُوتِهِ ، إِذْ حَجَبَهَا بِحُجُبٍ لاَ تُنْفَذُ في تُخْنِ كَثَافَتِهِ ، وَ لاَ تَخْرُقُ إِلى ذِي الْعَرْشِ مَتَانَةُ خَصَائِصِ سِتْرَاتِهِ .
اَلَّذي تَصَاغَرَتْ عِزَّةُ الْمُتَجَبِّرينَ دُونَ جَلاَلِ عَظَمَتِهِ ، وَ خَضَعَتْ لَهُ الرِّقَابُ وَ عَنَتْ لَهُ الْوُجُوهُ مِنْ مَخَافَتِهِ .
وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ ، سُبْحَانَهُ وَ بِحَمْدِهِ ، لَمْ يَحْدُثْ فَيُمْكِنَ فيهِ التَّغَيُّرُ وَ الاِنْتِقَالُ ، وَ لَمْ تَتَصَرَّفْ في ذَاتِهِ كُرُورُ الأَحْوَالِ ، وَ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ عَقْبُ [ 5 ] الأَيَّامِ وَ اللَّيَالي [ 6 ] .
[ 9 ] اَلَّذِي ابْتَدَعَ الْخَلْقَ عَلى غَيْرِ مِثَالٍ امْتَثَلَهُ ، وَ لاَ مِقْدَارٍ احْتَدى عَلَيْهِ مِنْ خَالِقٍ مَعْبُودٍ [ 7 ] كَانَ قَبْلَهُ ، وَ أَرَانَا مِنْ مَلَكُوتِ قُدْرَتِهِ ، وَ عَجَائِبِ مَا نَطَقَتْ بِهِ آثَارُ حِكْمَتِهِ ، وَ اعْتِرَافِ الْحَاجَةِ مِنَ الْخَلْقِ إِلى أَنْ يُقيمَهَا بِمِسَاكِ قُوَّتِهِ [ 8 ] ، مَا دَلَّنَا بِاضْطِرَارِ قِيَامِ الْحُجَّةِ لَهُ عَلى مَعْرِفَتِهِ .
لاَ تُحيطُ بِهِ الصِّفَاتُ فَيَكُونُ بِإِدْرَاكِهَا إِيَّاهُ بِالْحُدُودِ مُتَنَاهِياً ، وَ مَا زَالَ ، إِذْ هُوَ اللَّهُ الَّذي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، عَنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقينَ مُتَعَالِياً ، وَ انْحَسَرَتِ الْعُيُونُ عَنْ أَنْ تَنَالَهُ فَيَكُونَ بِالْعَيَانِ مَوْصُوفاً ،
وَ بِالذَّاتِ الَّتي لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ عِنْدَ خَلْقِهِ مَعْرُوفاً .
[ 9 ] من : الّذي إلى : معرفته ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 91 .
[ 1 ] ردعت . ورد في التوحيد للصدوق ص 51 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 275 .
[ 2 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 3 ] لجور . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 91 . و ورد بجوب . في التوحيد للصدوق ص 52 .
[ 4 ] خاطر . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 88 .
[ 5 ] حقب . ورد في التوحيد للصدوق ص 51 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 275 .
[ 6 ] ورد في المصدرين السابقين . و العقد الفريد لابن عبد ربه ج 4 ص 197 . باختلاف بين المصادر .
[ 7 ] معهود . ورد في نسخة ابن ميثم ج 2 ص 329 . و نسخة عبده ص 215 . و نسخة العطاردي ص 91 عن شرح فيض الإسلام .
[ 8 ] قدرته . ورد في نسخة عبده ص 215 .
[ 68 ]
وَ فَاتَ لِعُلُوِّهِ عَنِ الأَشْيَاءِ مَوَاقِعَ وَهْمِ الْمُتَوَهِّمينَ ، وَ ارْتَفَعَ عَنْ أَنْ تَحْوِيَ كُنْهَ عَظَمَتِهِ فَهَاهَةُ [ 1 ] رَوِيَّاتِ الْمُتَفَكِّرينَ .
فَلَيْسَ لَهُ مِثْلٌ فَيَكُونُ مَا يَخْلُقُ مُشَبَّهاً بِهِ ، وَ مَا زَالَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِهِ عَنِ الأَشْبَاهِ وَ الأَنْدَادِ مُنَزَّهاً [ 2 ] .
[ 11 ] وَ ظَهَرَتْ فِي الْبَدَائِعِ الَّتي أَحْدَثَهَا آثَارُ صَنْعَتِهِ ، وَ أَعْلاَمُ حِكْمَتِهِ ، فَصَارَ كُلُّ مَا خَلَقَ حُجَّةً لَهُ ، وَ دَليلاً عَلَيْهِ ، وَ إِنْ كَانَ خَلْقَاً صَامِتاً فَحُجَّتُهُ بِالتَّدْبيرِ نَاطِقَةٌ ، وَ دَلاَلَتُهُ عَلَى الْمُبْدِعِ قَائِمَةٌ .
فَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ شَبَّهَكَ [ 3 ] بِتَبَايُنِ أَعْضَاءِ خَلْقِكَ ، وَ تَلاَحُمِ حِقَاقِ مَفَاصِلِهِمُ الْمُحْتَجِبَةِ لِتَدْبيرِ حِكْمَتِكَ ، لَمْ يَعْقِدْ غَيْبَ [ 4 ] ضَميرِهِ عَلى مَعْرِفَتِكَ ، وَ لَمْ يُبَاشِرْ قَلْبَهُ [ 5 ] الْيَقينُ بِأَنَّهُ لاَ نِدَّ لَكَ .
وَ كَأَنَّهُ [ 6 ] لَمْ يَسْمَعْ تَبَرُّأَ التَّابِعينَ مِنَ الْمَتْبُوعينَ ، إِذْ يَقُولُونَ : تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفي ضَلاَلٍ مُبينٍ إِذْ نُسَوّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمينَ 1 .
كَذَبَ الْعَادِلُونَ بِكَ ، إِذْ شَبَّهُوكَ بِأَصْنَامِهِمْ ، وَ نَحَلُوكَ حِلْيَةَ الْمَخْلُوقينَ بِأَوْهَامِهِمْ ، وَ جَزَّأُوكَ تَجْزِئَةَ الْمُجَسَّمَاتِ بِتَقْديرٍ مُنْتَجٍ مِنْ [ 8 ] خَوَاطِرِهِمْ ، وَ قَدَّرُوكَ عَلَى الْخِلْقَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْقُوى بِقَرَائِحِ عُقُولِهِمْ .
وَ كَيْفَ يَكُونُ مَنْ لاَ يُقْدَرُ قَدْرُهُ مُقَدَّراً في رَوِيَّاتِ الأَوْهَامِ ، وَ قَدْ ضَلَّتْ في إِدْرَاكِ كُنْهِهِ هَوَاجِسُ الأَحْلاَمِ [ 9 ] ، لأَنَّهُ أَجَلُّ مِنْ أَنْ تَحُدَّهُ أَلْبَابُ الْبَشَرِ بِتَفْكيرٍ ، أَوْ تُحيطَ بِهِ الْمَلاَئِكَةُ عَلى قُرْبِهِمْ مِنْ مَلَكُوتِ عِزَّتِهِ بِتَقْدِيرٍ ، وَ هُوَ أَعْلى مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ كُفْوٌ فَيُشَبَّهَ بِنَظيرٍ [ 10 ] .
[ 11 ] من : و ظهرت إلى : بقرائح عقولهم ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 91 .
[ 1 ] لمّة . ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 561 .
[ 2 ] ورد في المصدر السابق . و العقد الفريد ج 4 ص 197 . و التوحيد ص 50 . و البحار ج 4 ص 275 . باختلاف بين المصادر .
[ 3 ] أيّها السّائل ، اعلم أنّ من شبّه ربّنا الجليل . ورد في المصدرين السابقين .
[ 4 ] غيب . ورد في نسخة نصيري ص 38 . و نسخة الآملي ص 62 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 92 .
[ 5 ] قلبه . ورد في نسخة الآملي ص 62 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 92 . و متن شرح ابن ميثم ج 2 ص 329 .
[ 6 ] فكأنّه . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 64 .
-----------
( 1 ) سورة الشعراء ، 97 و 98 .
[ 8 ] ورد في التوحيد للصدوق ص 51 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 275 .
[ 9 ] حواسّ الأنام . ورد في العقد الفريد لابن عبد ربه ج 4 ص 198 .
[ 10 ] ورد في المصدرين السابقين . و العقد الفريد لابن عبد ربه ج 4 ص 198 . و نهج السعادة ج 1 ص 561 . باختلاف بين المصادر .
[ 69 ]
[ 13 ] وَ أَشْهَدُ أَنَّ مَنْ سَاوَاكَ ، رَبَّنَا ، [ 1 ] بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِكَ فَقَدْ عَدَلَ بِكَ ، وَ الْعَادِلُ [ 2 ] كَافِرٌ بِمَا تَنَزَّلَتْ [ 3 ] بِهِ مُحْكَمَاتُ آيَاتِكَ ، وَ نَطَقَتْ عَنْهُ [ 4 ] شَوَاهِدُ حُجَجِ بَيِّنَاتِكَ .
فَإِنَّكَ [ 5 ] أَنْتَ اللَّهُ الَّذي لَمْ تَتَنَاهَ فِي الْعُقُولِ فَتَكُونَ في مَهَبِّ فِكْرِهَا مُكَيَّفاً ، وَ لاَ في رَوِيَّاتِ [ 6 ] خَوَاطِرِهَا [ 7 ] فَتَكُونَ مَحْدُوداً [ 8 ] مُصَرَّفاً .
فَسُبْحَانَهُ وَ تَعَالى عَنْ جَهْلِ الْمَخْلُوقينَ .
وَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى عَنْ إِفْكِ الْجَاهِلينَ .
فَأَيْنَ يُتَاهُ بِأَحَدِكُمْ ، وَ أَيْنَ يُدْرِكُ مَا لاَ يُدْرَكُ ؟ .
وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ [ 9 ] .
قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَأَحْكَمَ تَقْديرَهُ ، وَ دَبَّرَهُ فَأَلْطَفَ تَدْبيرَهُ [ 10 ] ، وَ وَجَّهَهُ لِوِجْهَتِهِ فَلَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ مَنْزِلَتِهِ ، وَ لَمْ يَقْصُرْ دُونَ الاِنْتِهَاءِ إِلى غَايَتِهِ ، وَ لَمْ يَسْتَصْعِبْ إِذْ أُمِرَ [ 11 ] بِالْمُضِيِّ عَلى إِرَادَتِهِ ، فَكَيْفَ وَ إِنَّمَا صَدَرَتِ الأُمُورُ عَنْ مَشيئَتِهِ .
هُوَ الْمُنْشِئُ أَصْنَافَ الأَشْيَاءِ بِلاَ رَوِيَّةِ فِكْرٍ آلَ [ 12 ] إِلَيْهَا ، وَ لاَ قَريحَةِ غَريزَةٍ أَضْمَرَ عَلَيْهَا ، وَ لاَ تَجْرِبَةٍ أَفَادَهَا مِنْ حَوَادِثِ الدُّهُورِ ، وَ لاَ شَريكٍ أَعَانَهُ عَلَى ابْتِدَاعِ عَجَائِبِ الأُمُورِ ، وَ لاَ مُعَانَاةٍ لِلُغُوبٍ
[ 13 ] من : و أشهد إلى : مصرفا . و من : قدّر إلى : الأمور ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 91 .
[ 1 ] ورد في التوحيد للصدوق ص 54 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 277 .
[ 2 ] العادل بك . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 89 . و متن شرح ابن ميثم ج 2 ص 330 . و نسخة الأسترابادي ص 99 . و نسخة العطاردي ص 92 . و نسخة عبده ص 216 . و نسخة الصالح ص 126 .
[ 3 ] نزلت . ورد في متن بهج الصباغة للتستري ج 1 ص 151 .
[ 4 ] به . ورد في المصدر السابق .
[ 5 ] لأنّك . ورد في
[ 6 ] روايات . ورد في .
[ 7 ] حواصل رويّات همم النّفوس . ورد في التوحيد للصدوق ص 54 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 277 .
[ 8 ] محدّدا . ورد في غرر الحكم للآمدي ج 2 ص 601 .
[ 9 ] ورد في العقد الفريد لابن عبد ربه ج 4 ص 198 . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 561 . باختلاف يسير .
[ 10 ] و وضع كلّ شيء بلطف تدبيره موضعه . ورد في التوحيد ص 53 . و البحار ج 4 ص 276 .
[ 11 ] أمر . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 65 . و نسخة الآملي ص 63 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 93 .
[ 12 ] إحتاج . ورد في التوحيد للصدوق ص 54 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 277 .
[ 70 ]
مَسَّهُ ، وَ لاَ مُكَاءَدَةٍ [ 1 ] لِمُخَالِفٍ عَلى أَمْرِهِ [ 2 ] ، [ 16 ] فَتَمَّ خَلْقُهُ [ 3 ] ، وَ أَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ ، وَ أَجَابَ إِلى دَعْوَتِهِ ،
وَ وَافَى الْوَقْتَ الَّذي أَخْرَجَهُ إِلَيْهِ إِجَابَةً [ 4 ] ، لَمْ يَعْتَرِضْ دُونَهُ رَيْثُ الْمُبْطِئِ ، وَ لاَ أَنَاةُ الْمُتَلَكِّئِ .
فَأَقَامَ مِنَ الأَشْيَاءِ أَوَدَهَا ، وَ نَهَجَ مَعَالِمَ [ 5 ] حُدُودِهَا [ 6 ] ، وَ لاَءَمَ بِقُدْرَتِهِ بَيْنَ مُتَضَادِّهَا ، وَ وَصَلَ أَسْبَابَ قَرَائِنِهَا ، وَ خَالَفَ بَيْنَ أَلْوَانِهَا [ 7 ] ، وَ فَرَّقَهَا أَجْنَاساً مُخْتَلِفَاتٍ فِي الْحُدُودِ وَ الأَقْدَارِ [ 8 ] ،
وَ الْغَرَائِزِ وَ الْهَيَئَاتِ ، بَدَايَا [ 9 ] خَلاَئِقَ أَحْكَمَ صُنْعَهَا ، وَ فَطَرَهَا عَلى مَا أَرَادَ وَ ابْتَدَعَهَا .
إِنْتَظَمَ عِلْمُهُ صُنُوفَ ذَرْئِهَا ، وَ أَدْرَكَ تَدْبيرُهُ حُسْنَ تَقْديرِهَا [ 10 ] ، وَ نَظَّمَ بِلاَ تَعْليقٍ رَهَوَاتِ [ 11 ] فُرَجِهَا ، وَ لاَحَمَ صُدُوعَ انْفِرَاجِهَا ، وَ وَشَّجَ [ 12 ] بَيْنَهَا وَ بَيْنَ أَزْوَاجِهَا ، وَ ذَلَّلَ لِلْهَابِطينَ بِأَمْرِهِ وَ الصَّاعِدينَ بِأَعْمَالِ خَلْقِهِ حُزُونَةَ مِعْرَاجِهَا ، وَ نَادَاهَا بَعْدَ إِذْ هِيَ دُخَانٌ مُبينٌ ، فَالْتَحَمَتْ عُرى أَشْرَاجِهَا ، وَ فَتَقَ بَعْدَ الاِرْتِتَاقِ صَوَامِتَ أَبْوَابِهَا ، وَ أَقَامَ رَصَداً مِنَ الشُّهُبِ الثَّوَاقِبِ عَلى نِقَابِهَا ،
وَ أَمْسَكَهَا مِنْ أَنْ تَمُورَ في خَرْقِ الْهَوَاءِ بِأَيْدِهِ [ 13 ] ، وَ أَمَرَهَا أَنْ تَقِفَ مُسْتَسْلِمَةً لأَمْرِهِ .
وَ جَعَلَ شَمْسَهَا آيَةً مُبْصِرَةً لِنَهَارِهَا ، وَ قَمَرَهَا آيَةً مَمْحُوَّةً مِنْ لَيْلِهَا ، فَأَجْرَاهُمَا [ 14 ] في مَنَاقِلِ مَجْرَاهُمَا ، وَ قَدَّرَ مَسيرَهُمَا [ 15 ] في مَدَارِجِ دَرَجِهِمَا ، لِيُمَيَّزَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ بِهِمَا ، وَ لِيُعْلَمَ عَدَدُ
[ 16 ] من : فتمّ إلى : و ابتدعها . و من : و نظم إلى : جوادّ طرقها ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 91 .
[ 1 ] مكابدة . ورد في
[ 2 ] ورد في التّوحيد للصدوق ص 53 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 276 .
[ 3 ] خلقه بأمره . ورد في نسخة الأسترابادي ص 100 . و نسخة العطاردي ص 93 .
[ 4 ] ورد في التوحيد للصدوق ص 53 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 276 .
[ 5 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 6 ] نهج جددها . ورد في نسخة الأسترابادي ص 100 .
[ 7 ] ورد في التوحيد للصدوق ص 54 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 276 .
[ 8 ] الأقطار . ورد في نسخة الأسترابادي ص 100 .
[ 9 ] برأ . ورد في نسخة العطاردي ص 93 . عن شرح الكيذري .
[ 10 ] ورد في التوحيد للصدوق ص 54 . و البحار للمجلسي ج 4 ص 276 .
[ 11 ] زهوات . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 94 . و نسخة الأسترابادي ص 101 .
[ 12 ] وشج . ورد في نسخة العام 400 ص 90 . و متن مصادر نهج البلاغة للخطيب ج 1 ص 149 .
[ 13 ] رائدة . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 94 . و نسخة العطاردي ص 93 . عن شرح السرخسي .
[ 14 ] و أجراهما . ورد في نسخة العام 400 ص 91 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 94 . و الأسترابادي ص 101 . و نسخة العطاردي ص 94 .
[ 15 ] سيرهما . ورد في متن شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 419 . و نسخة عبده ص 218 . و نسخة الصالح ص 128 . و نسخة العطاردي ص 94 . عن شرح فيض الإسلام .
[ 71 ]
السِّنينَ وَ الْحِسَابِ بِمَقَاديرِهِمَا .
ثُمَّ عَلَّقَ في جَوِّهَا فَلَكَهَا [ 1 ] ، وَ نَاطَ بِهَا زينَتَهَا ، مِنْ خَفِيَّاتِ دَرَاريِّهَا ، وَ مَصَابِيحِ كَوَاكِبِهَا ،
وَ رَمى مُسْتَرِقِي السَّمْعِ بِثَوَاقِبِ شُهُبِهَا ، وَ أَجْرَاهَا عَلى أَذْلاَلِ تَسْخيرِهَا ، مِنْ ثَبَاتِ ثَابِتِهَا ، وَ مَسيرِ سَائِرِهَا ، وَ هُبُوطِهَا وَ صُعُودِهَا ، وَ نُحُوسِهَا وَ سُعُودِهَا .
ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ [ 2 ] سُبْحَانَهُ لإِسْكَانِ سَموَاتِهِ ، وَ عِمَارَةِ الصَّفيحِ الأَعْلى مِنْ مَلَكُوتِهِ ، خَلْقاً بَديعاً مِنْ مَلاَئِكَتِهِ ، مَلَأَ [ 3 ] بِهِمْ فُرُوجَ فِجَاجِهَا ، وَ حَشَابِهِمْ فُتُوقَ أَجْوَائِهَا ، وَ بَيْنَ فَجَوَاتِ تِلْكَ الْفُرُوجِ زَجَلَ الْمُسَبِّحينَ مِنْهُمْ في حَظَائِرِ الْقُدْسِ ، وَ سُتُرَاتِ الْحُجُبِ ، وَ سُرَادِقَاتِ الْمَجْدِ ، وَ وَرَاءَ ذَلِكَ الرَّجيجِ الَّذي تَسْتَكُّ مِنْهُ الأَسْمَاعُ سُبُحَاتُ نُورٍ تَرْدَعُ الأَبْصَارَ عَنْ بُلُوغِهَا ، فَتَقِفُ خَاسِئَةً عَلى حُدُودِهَا .
أَنْشَأَهُمْ عَلى صُوَرٍ مُخْتَلِفَاتٍ ، وَ أَقْدَارٍ مُتَفَاوِتَاتٍ ، أُولي أجْنِحَةٍ [ 4 ] تُسَبِّحُ جَلاَلَ عِزَّتِهِ ، لاَ يَنْتَحِلُونَ مَا ظَهَرَ فِي الْخَلْقِ مِنْ صُنْعِهِ [ 5 ] ، وَ لاَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَخْلُقُونَ شَيْئَاً مَعَهُ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ ، بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ 1 .
جَعَلَهُمْ اللَّهُ فيمَا هُنَالِكَ أَهْلَ الأَمَانَةِ عَلى وَحْيِهِ ، وَ حَمَّلَهُمْ إِلَى الْمُرْسَلينَ وَدَائِعَ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ ،
وَ عَصَمَهُمْ مِنْ رَيْبِ الشُّبُهَاتِ ، فَمَا مِنْهُمْ زَائِغٌ عَنْ سَبيلِ مَرْضَاتِهِ ، وَ أَمَدَّهُمْ . بِفَوَائِدِ الْمَعُونَةِ ، وَ أَشْعَرَ قُلُوبَهُمْ تَوَاضُعَ إِخْبَاتِ السَّكينَةِ ، وَ فَتَحَ لَهُمْ أَبْوَاباً ذُلُلاً إِلى تَمْجِيدِهِ [ 7 ] ، وَ نَصَبَ لَهُمْ مَنَاراً وَاضِحَةً عَلى أَعْلاَمِ تَوْحيدِهِ .
لَمْ تُثْقِلْهُمْ مُوصِرَاتُ الآثَامِ ، وَ لَمْ تَرْتَحِلْهُمْ [ 8 ] عُقَبُ اللَّيَالي وَ الأَيَّامِ ، وَ لَمْ تَرْمِ الشُّكُوكُ
[ 1 ] فلكا . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 91 . و نسخة الآملي ص 64 .
[ 2 ] ورد في
[ 3 ] و ملأ . ورد في نسخة الآملي ص 64 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 94 . و متن شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 423 . و نسخة العطاردي ص 94 .
[ 4 ] أُولي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَ ثُلاَثَ [ وَ رُبَاعَ ] . فاطر ، 1 . ورد في نسخة العام 400 ص 92 . و نسخة ابن المؤدب ص 66 .
[ 5 ] صنعته . ورد في نسخة الأسترابادي ص 102 . و نسخة عبده ص 220 .
-----------
( 1 ) الأنبياء ، 26 و 27 .
[ 7 ] تماجيده . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 67 . و نسخة نصيري ص 40 . و نسخة الآملي ص 65 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 95 . و نسخة الأسترابادي ص 103 . و متن منهاج البراعة ج 6 ص 369 . و نسخة العطاردي ص 95 .
[ 8 ] تحلّهم . ورد في .
[ 72 ]
بِنَوَازِعِهَا [ 1 ] عَزيمَةَ إيمَانِهِمْ ، وَ لَمْ تَعْتَرِكِ الظُّنُونُ عَلى مَعَاقِدِ يَقينِهِمْ ، وَ لاَ قَدَحَتْ قَادِحَةُ الإِحَنِ فيمَا بَيْنَهُمْ ، وَ لاَ سَلَبَتْهُمُ الْحَيْرَةُ مَا لاَقَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِضَمَائِرِهِمْ ، وَ [ 2 ] سَكَنَ مِنْ عَظَمَتِهِ وَ هَيْبَةِ جَلاَلَتِهِ في أَثْنَاءِ صُدُورِهِمْ ، وَ لَمْ تَطْمَعْ فيهِمُ الْوَسَاوِسُ فَتَقْتَرِعَ بِرَيْنِهَا [ 3 ] عَلى فِكْرِهِمْ .
مِنْهُمْ مَنْ هُوَ في خَلْقِ الْغَمَامِ الدُّلَّخِ [ 4 ] ، وَ في عِظَمِ الْجِبَالِ الشُّمَّخِ ، وَ في قَتْرَةِ [ 5 ] الظَّلاَمِ الأَيْهَمِ [ 6 ] .
وَ مِنْهُمْ مَنْ قَدْ خَرَقَتْ أَقْدَامُهُمْ تُخُومَ الأَرْضِ السُّفْلى ، فَهِيَ كَرَايَاتٍ بيضٍ قَدْ نَفَذَتْ في مَخَارِقِ الْهَوَاءِ ، وَ تَحْتَهَا ريحٌ هَفَّافَةٌ تَحْبِسُهَا عَلى حَيْثُ انْتَهَتْ مِنَ الْحُدُودِ الْمُتَنَاهِيَةِ .
قَدِ اسْتَفْرَغَتْهُمْ أَشْغَالُ عِبَادَتِهِ ، وَ وَسَّلَتْ [ 7 ] حَقَائِقُ الإيمَانِ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَعْرِفَتِهِ ، وَ قَطَعَهُمُ الإِيقَانُ بِهِ إِلَى الْوَلَهِ إِلَيْهِ ، وَ لَمْ تُجَاوِزْ [ 8 ] رَغَبَاتُهُمْ مَا عِنْدَهُ إِلى مَا عِنْدَ غَيْرِهِ .
قَدْ ذَاقُوا حَلاَوَةَ مَعْرِفَتِهِ ، وَ شَرِبُوا بِالْكَأْسِ الرَّوِيَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِ ، وَ تَمَكَّنَتْ مِنْ سُوَيْدَاءِ قُلُوبِهِمْ وَشيجَةُ [ 9 ] خيفَتِهِ ، فَحَنَوْا بِطُولِ الطَّاعَةِ اعْتِدَالَ ظُهُورِهِمْ ، وَ لَمْ يُنْفِدْ طُولُ الرَّغْبَةِ إِلَيْهِ مَادَّةَ تَضَرُّعِهِمْ ، وَ لاَ أَطْلَقَ عَنْهُمْ عَظيمُ الزُّلْفَةِ رِبَقَ خُشُوعِهِمْ ، وَ لَمْ يَتَوَلَّهُمُ الاِعْجَابُ فَيَسْتَكْثِرُوا مَا سَلَفَ مِنْهُمْ ، وَ لاَ تَرَكَتْ لَهُمْ إِسْتِكَانَةُ الإِجْلاَلِ نَصيباً في تَعْظيمِ حَسَنَاتِهِمْ ، وَ لَمْ تَجْرِ الْفَتَرَاتُ فيهِمْ عَلى طُولِ دُؤُوبِهِمْ ، وَ لَمْ تَغِضْ رَغَبَاتُهُمْ فَيُخَالِفُوا عَنْ رَجَاءِ رَبِّهِمْ ، وَ لَمْ تَجِفَّ لِطُولِ الْمُنَاجَاةِ أَسْلاَتُ أَلْسِنَتِهِمْ ، وَ لاَ مَلَكَتْهُمُ الأَشْغَالُ فَتَنْقَطِعَ بِهَمْسِ الْجُؤَارِ [ 10 ] إِلَيْهِ أَصْوَاتُهُمْ ، وَ لَمْ تَخْتَلِفْ في مَقَاوِمِ [ 11 ]
[ 1 ] بنوازغها . ورود في نسخة العطاردي ص 94 عن نسخة موجودة في مكتبة جامعة عليكره الهند . و عن شرح الكيذري
[ 2 ] و ما . ورد في متن منهاج البراعة ج 6 ص 369 . و نسخة عبده ص 221 . و نسخة الصالح ص 129 .
[ 3 ] تفترع بريبها . ورد في نسخة العطاردي ص 95 عن شرح الكيذري ، و عن شرح الراوندي .
[ 4 ] الدّلّح . ورد في نسخة نصيري ص 40 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 96 . و متن منهاج البراعة ج 6 ص 369 . و نسخة عبده ص 221 . و ورد الدّلّج . في نسخة العام 400 ص 93 . و نسخة ابن المؤدب ص 67 . و نسخة الآملي ص 65 .
[ 5 ] فترة . ورد في نسخة العطاردي ص 95 عن شرح الراوندي .
[ 6 ] الأبهم . ورد في نسخة عبده ص 221 .
[ 7 ] وصّلت . ورد في متن شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 424 . و متن منهاج البراعة ج 6 ص 369 . و نسخة عبده ص 221 .
و نسخة الصالح ص 130 . و نسخة العطاردي ص 95 عن شرح فيض الإسلام .
[ 8 ] تجاوز . ورد في نسخة العام 400 ص 93 . و متن شرح ابن ميثم ج 2 ص 352 .
[ 9 ] مشيجة . ورد في نسخة العطاردي ص 96 عن شرح عبده .
[ 10 ] الخبر . ورد في نسخة العام 400 ص 94 . و نسخة ابن المؤدب ص 68 . و نسخة نصيري ص 40 . و نسخة الآملي ص 66 .
و نسخة ابن أبي المحاسن ص 97 .
[ 11 ] مقادم . ورد في نسخة العطاردي ص 96 عن شرح الكيذري .
[ 73 ]
الطَّاعَةِ مَنَاكِبُهُمْ ، وَ لَمْ يَثْنُوا إِلى رَاحَةِ التَّقْصيرِ في أَمْرِهِ رِقَابَهُمْ ، وَ لاَ تَعْدُو عَلى عَزيمَةِ جِدِّهِمْ بَلاَدَةُ الْغَفَلاَتِ ، وَ لاَ تَنْتَضِلُ في هِمَمِهِمْ خَدَائِعُ الشَّهَوَاتِ .
قَدِ اتَّخَذُوا ذَا الْعَرْشِ ذَخيرَةً لِيَوْمِ فَاقَتِهِمْ ، وَ يَمَّمُوهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْخَلْقِ إِلَى الْمَخْلُوقينَ بِرَغْبَتِهِمْ .
لاَ يَقْطَعُونَ أَمَدَ غَايَةِ عِبَادَتِهِ [ 1 ] ، وَ لاَ يَرْجِعُ بِهِمُ الاِسْتِهْتَارُ بِلُزُومِ طَاعَتِهِ إِلاَّ إِلى مَوَادَّ مِنْ قُلُوبِهِمْ غَيْرِ مُنْقَطِعَةٍ مِنْ رَجَائِهِ وَ مَخَافَتِهِ .
لَمْ تَنْقَطِعْ أَسْبَابُ الشَّفَقَةِ مِنْهُمْ فَيَنُوا في جِدِّهِمْ ، وَ لَمْ تَأْسِرْهُمُ الأَطْمَاعُ فَيُؤْثِرُوا وَشيكَ السَّعْيِ عَلَى اجْتِهَادِهِمْ ، وَ لَمْ يَسْتَعْظِمُوا مَا مَضى مِنْ أَعْمَالِهِمْ ، وَ لَوِ اسْتَعْظَمُوا ذَلِكَ لَنَسَخَ الرَّجَاءُ مِنْهُمْ شَفَقَاتِ وَجَلِهِمْ ، وَ لَمْ يَخْتَلِفُوا في رَبِّهِمْ بِاسْتِحْوَاذِ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ ، وَ لَمْ يُفَرِّقْهُمْ سُوءُ التَّقَاطُعِ ، وَ لاَ تَوَلاَّهُمْ غِلُّ التَّحَاسُدِ ، وَ لاَ تَشَعَّبَتْهُمْ [ 2 ] مَصَارِفُ الرَّيْبِ ، وَ لاَ اقْتَسَمَتْهُمْ أَخْيَافُ الْهِمَمِ ،
فَهُمْ أُسَرَاءُ إيمَانٍ لَمْ يَفُكَّهُمْ مِنْ رِبْقَتِهِ زَيْغٌ وَ لاَ عُدُولٌ ، وَ لاَ وَنىً وَ لاَ فُتُورٌ .
وَ لَيْسَ في أَطْبَاقِ السَّموَاتِ مَوْضِعُ إِهَابٍ اِلاَّ وَ عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ ، أَوْ سَاعٍ حَافِدٌ ، يَزْدَادُونَ عَلى طُولِ الطَّاعَةِ بِرَبِّهِمْ عِلْماً ، وَ تَزْدَادُ عِزَّةُ رَبِّهِمْ في قُلُوبِهِمْ عِظَماً .
[ وَ ] كَبَسَ الأَرْضَ عَلى مَوْرِ أَمْوَاجٍ مُسْتَفْحِلَةٍ ، وَ لُجَجِ بِحَارٍ زَاخِرَةٍ ، تَلْتَطِمُ أَوَاذِيُّ أَمْوَاجِهَا ،
وَ تَصْطَفِقُ مُتَقَاذِفَاتُ أَتْبَاجِهَا ، وَ تَرْغُو زَبَداً كَالْفُحُولِ عِنْدَ هِيَاجِهَا ، فَخَضَعَ جِمَاحُ الْمَاءِ الْمُتَلاَطِمِ لِثِقْلِ حَمْلِهَا ، وَ سَكَنَ هَيْجُ ارْتِمَائِهِ إِذْ وَطِئَتْهُ بِكَلْكَلِهَا ، وَ ذَلَّ مُسْتَخْذِياً إِذْ تَمَعَّكَتْ عَلَيْهِ بِكَوَاهِلِهَا ،
فَأَصْبَحَ بَعْدَ اصْطِخَابِ أَمْوَاجِهِ سَاجِياً مَقْهُوراً ، وَ في حَكَمَةِ الذُّلِّ مُنْقَاداً أَسيراً .
وَ سَكَنَتِ الأَرْضُ مَدْحُوَّةً في لُجَّةِ تَيَّارِهِ ، وَ رَدَّتْ مِنْ نَخْوَةِ بَأْوِهِ [ 3 ] وَ اعْتِلاَئِهِ ، وَ شُمُوخِ أَنْفِهِ وَ سُمُوِّ غُلَوَائِهِ ، وَ كَعَمَتْهُ عَلى كِظَّةِ جَرْيَتِهِ ، فَهَمَدَ بَعْدَ نَزَقَاتِهِ [ 4 ] ، وَ لَبَدَ بَعْدَ زَيَفَانِ وَ ثَبَاتِهِ .
فَلَمَّا سَكَنَ هَيْجُ الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ أَكْنَافِهَا ، وَ حَمَلَ شَوَاهِقَ الْجِبَالِ الشُّمَّخِ الْبُذَّخِ عَلى أَكْتَافِهَا ،
فَجَّرَ يَنَابيعَ الْعُيُونِ مِنْ عَرَانينِ أُنُوفِهَا ، وَ فَرَّقَهَا في سُهُوبِ بيدِهَا وَ أَخَاديدِهَا ، وَ عَدَّلَ حَرَكَاتِهَا
[ 1 ] أمد عبادته . ورد في نسخة الآملي ص 66 .
[ 2 ] شعّبتهم . ورد في المصدر السابق . و نسخة العام 400 ص 94 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 97 . و متن منهاج البراعة ج 6 ص 371 . و نسخة العطاردي ص 97 . و نسخة عبده ص 223 .
[ 3 ] بائه . ورد في نسخة العام 400 ص 95 .
[ 4 ] نزفاته . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 98 . و نسخة العطاردي ص 97 عن شرح الكيذري . و ورد نزقانه . في نسخة عبده ص 225 .
[ 74 ]
بِالرَّاسِيَاتِ مِنْ جَلاَميدِهَا ، وَ ذَوَاتِ الشَّنَاخيبِ الشُّمِّ [ 1 ] مِنْ صَيَاخيدِهَا ، فَسَكَنَتْ مِنَ الْمَيَدَانِ لِرُسُوبِ [ 2 ] الْجِبَلِ فِي قِطَعِ أَديمِهَا ، وَ تَغَلْغُلِهَا مُتَسَرِّبَةً في جَوْبَاتِ خَيَاشيمِهَا ، وَ رَكُوبِهَا أَعْنَاقَ سُهُولِ الأَرَضينَ وَ جَرَاثيمِهَا ، وَ فَسَحَ [ 3 ] بَيْنَ الْجَوِّ وَ بَيْنَهَا ، وَ أَعَدَّ الْهَوَاءَ مُتَنَسَّماً لِسَاكِنِهَا ، وَ أَخْرَجَ إِلَيْهَا أَهْلَهَا عَلى تَمَامِ مَرَافِقِهَا .
ثُمَّ لَمْ يَدَعْ جُرُزَ [ 4 ] الأَرْضِ الَّتي تَقْصُرُ مِيَاهُ الْعُيُونِ عَنْ رَوَابيهَا [ 5 ] ، وَ لاَ تَجِدُ جَدَاوِلُ الأَنْهَارِ ذَريعَةً إِلى بُلُوغِهَا ، حَتَّى أَنْشَأَ لَهَا نَاشِئَةَ سَحَابٍ تُحْيي مَوَاتَهَا ، وَ تَسْتَخْرِجُ نَبَاتَهَا ، أَلَّفَ غَمَامَهَا بَعْدَ افْتِرَاقِ لُمَعِهِ ، وَ تَبَايُنِ قُزَعِهِ ، حَتَّى إِذَا تَمَخَّضَتْ لُجَّةُ الْمُزْنِ فيهِ ، وَ الْتَمَعَ بَرْقُهُ في كُفَفِهِ [ 6 ] ، وَ لَمْ يَنَمْ وَ ميضُهُ في كَنَهْوَرِ رَبَابِهِ ، وَ مُتَرَاكِمِ سَحَابِهِ .
أَرْسَلَهُ سَحّاً مُتَدَارِكاً ، قَدْ أَسَفَّ هَيْدَبُهُ ، تَمْريهِ [ 7 ] الْجَنُوبُ دِرَرَ أَهَاضيبِهِ ، وَ دَفْعَ شَآبيبِهِ .
فَلَمَّا أَلْقَتِ السَّحَابُ بَرْكَ بَوَانيهَا ، وَ بَعَاعَ مَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ مِنَ الْعِبْءِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهَا ، أَخْرَجَ بِهِ مِنْ هَوَامِدِ الأَرْضِ النَّبَاتَ ، وَ مِنْ زُعْرِ الْجِبَالِ الأَعْشَابَ ، فَهِيَ تَبْهَجُ بِزينَةِ رِيَاضِهَا ، وَ تَزْدَهي بِمَا أُلْبِسَتْهُ مِنْ رَيْطِ أَزَاهيرِهَا ، وَ حِلْيَةِ مَا سُمِطَتْ [ 8 ] بِهِ مِنْ نَاضِرِ أَنْوَارِهَا ، وَ جَعَلَ ذَلِكَ بَلاَغاً لِلأَنَامِ ،
وَ رِزْقاً لِلأَنْعَامِ ، وَ خَرَقَ الْفِجَاجَ في آفَاقِهَا ، وَ أَقَامَ الْمَنَارَ لِلسَّالِكينَ عَلى جَوَادِّ طُرُقِهَا .
[ 7 ] وَ قَدَّرَ الأَرْزَاقَ فَكَثَّرَهَا وَ قَلَّلَهَا ، وَ قَسَّمَهَا عَلَى الضيقِ وَ السَّعَةِ ، فَعَدَلَ فيهَا لِيَبْتَلِيَ مَنْ أَرَادَ بِمَيْسُورِهَا وَ مَعْسُورِهَا ، وَ لِيَخْتَبِرَ بِذَلِكَ الشُّكْرَ وَ الصَّبْرَ مِنْ غَنِيِّهَا وَ فَقيرِهَا .
ثُمَّ قَرَنَ سُبْحَانَهُ بِسَعَتِهَا عَقَابيلَ فَاقَتِهَا ، وَ بِسَلاَمَتِهَا طَوَارِقَ آفَاتِهَا ، وَ بِفُرَجِ أَفْرَاحِهَا غُصَصَ أَتْرَاحِهَا .
[ 7 ] من : و قدّر إلى : ما هو أهله ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 91 .
[ 1 ] الصّمّ . ورد في نسخة نصيري ص 42 . و متن شرح ابن أبي الحديد ( طبعة دار الأندلس ) ج 2 ص 154 .
[ 2 ] برسوب . ورد في نسخة العام 400 ص 96 . و نسخة ابن المؤدب ص 69 . و نسخة نصيري ص 42 . و نسخة الآملي ص 67 .
و نسخة ابن أبي المحاسن ص 99 . و نسخة الأسترابادي ص 107 . و متن منهاج البراعة ج 7 ص 3 . و نسخة العطاردي ص 98 .
[ 3 ] فسّح . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 69 .
[ 4 ] حزن . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 96 .
[ 5 ] روائيها . ورد في نسخة نصيري ص 42 . و نسخة الأسترابادي ص 107 .
[ 6 ] كسفه . ورد في نسخة نصيري ص 42 .
[ 7 ] يمري . ورد في
[ 8 ] شمّطت . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 70 . و نسخة الآملي ص 68 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 99 . و نسخة العطاردي ص 98 عن شرح الكيذري ، و عن نسخة موجودة في مكتبة ممتاز العلماء في لكنهور الهند .
[ 75 ]
وَ خَلَقَ الآجَالَ فَأَطَالَهَا وَ قَصَّرَهَا ، وَ قَدَّمَهَا وَ أَخَّرَهَا ، وَ وَصَلَ بِالْمَوْتِ أَسْبَابَهَا ، وَ جَعَلَهُ خَالِجاً لأَشْطَانِهَا ، وَ قَاطِعاً لِمَرَائِرِ أَقْرَانِهَا .
عَالِمُ السِّرِّ مِنْ ضَمَائِرِ الْمُضْمِرينَ ، وَ نَجْوَى الْمُتَخَافِتينَ ، وَ خَوَاطِرِ رَجْمِ الظُّنُونِ ، وَ عُقَدِ عَزيمَاتِ الْيَقينِ ، وَ مَسَارِقِ إيمَاضِ الْجُفُونِ ، وَ مَا ضَمِنَتْهُ أَكْنَانُ الْقُلُوبِ وَ غَيَابَاتُ الْغُيُوبِ ، وَ مَا أَصْغَتْ لاسْتِرَاقِهِ مَصَائِخُ الأَسْمَاعِ ، وَ مَصَائِفِ الذَّرِّ ، وَ مَشَاتِي الْهَوَامِّ ، وَ رَجْعِ الْحَنينِ مِنَ الْمُولَهَاتِ ،
وَ هَمْسِ الأَقْدَامِ ، وَ مُنْفَسَحِ الثَّمَرَةِ مِنْ وَلاَئِجِ غُلُفِ الأَكْمَامِ ، وَ مُنْقَمَعِ الْوُحُوشِ مِنْ غيرَانِ الْجِبَالِ وَ أَوْدِيَتِهَا ، وَ مُخْتَبَأِ الْبَعُوضِ بَيْنَ سُوقِ الأَشْجَارِ وَ أَلْحِيَتِهَا ، وَ مَغْرِزِ الأَوْرَاقِ مِنَ الأَفْنَانِ ، وَ مَحَطِّ الأَمْشَاجِ مِنْ مَسَارِبِ الأَصْلاَبِ ، وَ نَاشِئَةِ الْغُيُومِ وَ مُتَلاَحِمِهَا ، وَ دُرُورِ قَطْرِ السَّحَابِ في مُتَرَاكِمِهَا ،
وَ مَا تَسْفِي الأَعَاصيرُ بِذُيُولِهَا ، وَ تَعْفُو الأَمْطَارُ بِسُيُولِهَا ، وَ عَوْمِ [ 1 ] نَبَاتِ الأَرْضِ في كُتْبَانِ الرِّمَالِ ،
وَ مُسْتَقَرِّ ذَوَاتِ الأَجْنِحَةِ بِذُرى شَنَاخيبِ الْجِبَالِ ، وَ تَغْريدِ ذَوَاتِ الْمَنْطِقِ [ 2 ] في دَيَاجيرِ الأَوْكَارِ ،
وَ مَا أَوْعَبَتْهُ [ 3 ] الأَصْدَافُ ، وَ حَضَنَتْ عَلَيْهِ أَمْوَاجُ الْبِحَارِ ، وَ مَا غَشِيَتْهُ [ 4 ] سُدْفَةُ لَيْلٍ ، أَوْ ذَرَّ عَلَيْهِ شَارِقُ نَهَارٍ ، وَ مَا اعْتَقَبَتْ عَلَيْهِ أَطْبَاقُ الدَّيَاجيرِ ، وَ سُبُحَاتُ النُّورِ ، وَ أَثَرِ كُلِّ خَطْوَةٍ ، وَ حِسِّ كُلِّ حَرَكَةٍ ، وَ رَجْعِ كُلِّ كَلِمَةٍ ، وَ تَحْريكِ كُلِّ شَفَةٍ ، وَ مُسْتَقَرِّ كُلِّ نَسَمَةٍ ، وَ مِثْقَالِ كُلِّ ذَرَّةٍ ، وَ هَمَاهِمِ كُلِّ نَفْسٍ هَامَّةٍ ، وَ مَا عَلَيْهَا مِنْ ثَمَرِ شَجَرَةٍ ، أَوْ سَاقِطِ وَرَقةٍ ، أَوْ قَرَارَةِ نُطْفَةٍ ، أَوْ نُقَاعَةِ دَمٍ وَ مُضْغَةٍ ، أَوْ نَاشِئَةِ خَلْقٍ وَ سُلاَلَةٍ .
لَمْ تَلْحَقْهُ في ذَلِكَ كُلِّهِ كُلْفَةٌ ، وَ لاَ اعْتَرَضَتْهُ في حِفْظِ مَا ابْتَدَعَ مِنْ خَلْقِهِ عَارِضَةٌ ، وَ لاَ اعْتَوَرَتْهُ في تَنْفيذِ الأُمُورِ وَ تَدَابيرِ الْمَخْلُوقينَ مَلاَلَةٌ وَ لاَ فَتْرَةٌ ، بَلْ نَفَذَهُمْ [ 5 ] عِلْمُهُ ، وَ أَحْصَاهُمْ عَدُّهُ [ 6 ] ،
وَ وَسِعَهُمْ عَدْلُهُ ، وَ غَمَرَهُمْ فَضْلُهُ ، مَعَ تَقْصيرِهِمْ عَنْ كُنْهِ مَا هُوَ أَهْلُهُ .
[ 7 ] فَلَمَّا مَهَّدَ أَرْضَهُ ، وَ أَنْفَذَ أَمْرَهُ ، اخْتَارَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ خِيَرَةً مِنْ خَلْقِهِ ، وَ جَعَلَهُ أَوَّلَ جِبِلَّتِهِ ،
[ 7 ] من : فلمّا إلى : فقرنا ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 91 .
[ 1 ] عموم . ورد في نسخة الآملي ص 68 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 101 . و نسخة العطاردي ص 100 عن نسخة موجودة في مكتبة ممتاز العلماء في لكنهور الهند .
[ 2 ] النّطق . ورد في نسخة نصيري ص 43 .
[ 3 ] أودعته . ورد في المصدر السابق . و ورد وعبته . في نسخة ابن المؤدب ص 72 .
[ 4 ] عشيته . ورد في نسخة .
[ 5 ] نفذ فيهم . ورد في نسخة العام 400 ص 99 . و نسخة عبده ص 232 . و متن منهاج البراعة ج 7 ص 47 .
[ 6 ] عدده . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 99 . و نسخة ابن المؤدب ص 72 . و نسخة نصيري ص 43 . و نسخة العطاردي ص 100 .
[ 76 ]
وَ أَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ ، وَ أَرْغَدَ فيهَا أُكُلَهُ ، وَ أَوْعَزَ إِلَيْهِ فيمَا نَهَاهُ عَنْهُ ، وَ أَعْلَمَهُ أَنَّ فِي الإِقْدَامِ عَلَيْهِ التَّعَرُّضَ لِمَعْصِيَتِهِ ، وَ الْمُخَاطَرَةَ بِمَنْزِلَتِهِ .
فَأَقْدَمَ عَلى مَا نَهَاهُ عَنْهُ مُوافَاةً [ 1 ] لِسَابِقِ عِلْمِهِ ، فَأَهْبَطَهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ لِيَعْمُرَ أَرْضَهُ بِنَسْلِهِ ،
وَ لِيُقيمَ الْحُجَّةَ بِهِ عَلى عِبَادِهِ .
وَ لَمْ يُخْلِهِمْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ مِمَّا يُؤَكِّدُ عَلَيْهِمْ حُجَّةَ رُبُوبِيَّتِهِ ، وَ يَصِلُ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَعْرِفَتِهِ ،
بَلْ تَعَاهَدَهُمْ بِالْحُجَجِ عَلى أَلْسُنِ الْخِيَرَةِ مِنْ أَنْبِيَائِهِ ، وَ مُتَحَمِّلي وَ دَائِعِ رِسَالاَتِهِ ، قَرْناً فَقَرْناً .
[ 9 ] فَاسْتَوْدَعَهُمْ في أَفْضَلِ مُسْتَوْدَعٍ ، وَ أَقَرَّهُمْ في خَيْرِ مُسْتَقَرٍّ ، تَنَاسَخَتْهُمْ [ 2 ] كَرَائِمُ الأَصْلاَبِ إِلى مُطَهَّرَاتِ الأَرْحَامِ ، كُلَّمَا مَضى سَلَفٌ قَامَ مِنْهُمْ بِدينِ اللَّهِ خَلَفٌ .
حَتَّى أَفْضَتْ كَرَامَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى إِلى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ، فَأَخْرَجَهُ مِنْ أَفْضَلِ الْمَعَادِنِ مَنْبِتاً [ 3 ] ، وَ أَعَزِّ الأَرُومَاتِ مَغْرِساً .
مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتى صَدَعَ [ 4 ] مِنْهَا أَنْبِيَاءَهُ ، وَ انْتَخَبَ [ 5 ] مِنْهَا أُمَنَاءَهُ ، الطَّيِّبَةِ الْعُودِ ، الْمُعْتَدِلَةِ الْعَمُودِ ، الْبَاسِقَةِ الْفُرُوعِ ، النَّاضِرَةِ الْغُصُونِ ، الْيَانِعَةِ الثِّمَارِ ، الْكَريمَةِ الْحَشَاءِ [ 6 ] .
عِتْرَتُهُ خَيْرُ الْعِتَرِ ، وَ أُسْرَتُهُ خَيْرُ الأُسَرِ ، وَ شَجَرَتُهُ خَيْرُ الشَّجَرِ ، نَبَتَتْ في حَرَمٍ ، وَ بَسَقَتْ في كَرَمٍ ، وَ فيهِ تَشَعَّبَتْ وَ أَثْمَرَتْ ، وَ عَزَّتْ وَ امْتَنَعَتْ ، فَسَمَتْ بِهِ وَ شَمَخَتْ [ 7 ] .
لَهَا فُرُوعٌ طِوَالٌ ، وَ ثَمَرٌ لا يُنَالُ [ 8 ] .
[ 10 ] مُسْتَقَرُّهُ خَيْرُ مُسْتَقَرٍّ ، وَ مَنْبِتُهُ أَشْرَفُ مَنْبِتٍ ، في مَعَادِنِ الْكَرَامَةِ ، وَ مَمَاهِدِ السَّلاَمَةِ .
[ 9 ] من : فاستودعهم إلى : أمناءه . و من : عترته إلى : في كرم . و من : لها فروع إلى : لا ينال ورد في خطب الرضي تحت الرقم 94 .
[ 10 ] من : مستقرّه إلى : السّلامة ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 96 .
[ 1 ] موافقة . ورد في
[ 2 ] تناسلتهم . ورد في هامش نسخة ابن المؤدب ص 74 . و نسخة العطاردي ص 104 عن شرح الراوندي .
[ 3 ] أكرم المعادن محتدا ، و أفضل المنابت منبتا . ورد في .
[ 4 ] صاغ . ورد في العقد الفريد لابن عبد ربه ج 4 ص 165 . و التوحيد للصدوق ص 72 .
[ 5 ] انتجب . ورد في نسخة العام 400 ص 103 . و نسخة الأسترابادي ص 116 . و نسخة العطاردي ص 104 .
[ 6 ] ورد في العقد الفريد ج 4 ص 164 . و التوحيد ص 72 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 16 . و نهج البلاغة الثاني ص 11 . باختلاف .
[ 7 ] ورد في المصادر السابقة باختلاف .
[ 8 ] و ثمرة لا تنال . ورد في نسخة الآملي ص 72 . و نسخة عبده ص 237 . و نسخة الصالح ص 139 . و نسخة العطاردي ص 104 .
[ 77 ]
حَتَّى أَكْرَمَهْ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ بِالرُّوحِ الأَمينِ ، وَ النُّورِ الْمُبينِ ، وَ الْكِتَابِ الْمُسْتَبينِ ، فَخَتَمْ بِهِ النَّبِيّين ،
وَ أَتَمَّ بِهِ عِدَّةَ الْمُرْسَلينَ ، وَ جَعَلَهُ خَليفَتَهُ عَلى عِبَادِهِ ، وَ أَمينَهُ في بِلاَدِهِ .
زَيَّنَهُ بِالتَّقْوى ، وَ آثَارِ الذِّكْرى ، وَ سَخَّرَ لَهُ الْبُرَاقَ ، وَ صَافَحَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ ، وَ أَرْعَبَ بِهِ الأَبَالِسَةَ ، وَ هَدَمَ بِهِ الأَصْنَامَ وَ الآلِهَةِ الْمَعْبُودَةَ دُونَهُ [ 1 ] .
[ 7 ] قَدْ صُرِفَتْ نَحْوَهُ أَفْئِدَةُ الأَبْرَارِ ، وَ ثُنِيَتْ إِلَيْهِ أَزِمَّةُ الأَبْصَارِ .
دَفَنَ اللَّهُ بِهِ الضَّغَائِنَ ، وَ أَطْفَأَ بِهِ النَّوَائِرَ [ 2 ] ، أَلَّفَ بِهِ إِخْوَانَاً ، وَ فَرَّقَ [ 3 ] بِهِ أَقْرَاناً ، وَ أَعَزَّ بِهِ الذِّلَّةَ ، وَ أَذَلَّ بِهِ الْعِزَّةَ .
[ 8 ] حَتَّى تَمَّتْ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ حُجَّتُهُ ، وَ بَلَغَ الْمَقْطَعَ عُذُرُهُ وَ نُذُرُهُ .
كَلاَمُهُ بَيَانٌ ، وَ صَمْتُهُ لِسَانٌ ، [ 9 ] فَهُوَ إِمَامُ مَنِ اتَّقى ، وَ بَصيرَةُ مَنِ اهْتَدى .
سِرَاجٌ لَمَعَ ضَوْؤُهُ ، وَ شِهَابٌ سَطَعَ نُورُهُ ، وَ زَنْدٌ بَرَقَ لَمْعُهُ ، فَاسْتَضَاءَتْ بِهِ الْعِبَادُ ، وَ اسْتَنَارَتْ بِهِ الْبِلاَدُ [ 4 ] .
سيرَتُهُ الْقَصْدُ [ 5 ] ، وَ سُنَّتُهُ الرُّشْدُ ، وَ كَلاَمُهُ الْفَصْلُ ، وَ حُكْمُهُ الْعَدْلُ [ 6 ] .
صَدَعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِمَا أَمَرَهُ رَبُّهُ ، وَ بَلَّغَ مَا حَمَّلَهُ ، حَتَّى أَفْصَحَ بِالتَّوْحيدِ دَعْوَتُهُ ،
وَ أَظْهَرَ فِي الْخَلْقِ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ ، وَ خَلُصَتْ لَهُ الْوَحْدَانِيَّةُ ، وَ صَفَتْ لَهُ الرُّبُوبِيَّةُ .
وَ أَظْهَرَ اللَّهُ بِالتَّوْحيدِ حُجَّتَهُ ، وَ أَعْلى بِالإِسْلاَمِ دَرَجَتَهُ ، وَ اخْتَارَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِيِّهِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الرَّوْحِ وَ الدَّرَجَةِ وَ الْوَسيلَةِ .
اَللَّهُمَّ فَخُصَّ مُحَمَّداً بِالذِّكْرِ الْمَحْمُودِ ، وَ الْحَوْضِ الْمَوْرُودِ ، وَ آتِهِ الْوَسيلَةَ وَ الْفَضيلَةَ ، وَ اجْعَلْ فِي الْمُصْطَفَيْنَ مَحَلَّتَهُ ، وَ فِي الأَعْلَيْنَ دَرَجَتَهُ ، وَ شَرِّفْ بُنْيَانَهُ ، وَ عَظِّمْ بُرْهَانَهُ ، وَ اسْقِنَا بِكَأْسِهِ ، وَ أَوْرِدْنَا
[ 7 ] و من : قد صرفت إلى : به العزّة . و كلامه بيان ، و صمته لسان ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 96 .
[ 8 ] من : حتّى إلى : نذره ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 91 .
[ 9 ] من : فهو إمام إلى : لمعه . و من : سيرته إلى : حكمه العدل ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 94 .
[ 1 ] ورد في العقد الفريد ج 4 ص 164 . و التوحيد ص 72 . و مستدرك كاشف الغطاء ص 16 . و نهج البلاغة الثاني ص 11 . باختلاف .
[ 2 ] الثّوائر . ورد في نسخة عبده ص 238 . و نسخة الصالح ص 141 .
[ 3 ] قرن . ورد في نسخة نصيري ص 46 .
[ 4 ] ورد في العقد الفريد ج 4 ص 165 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 17 . و نهج البلاغة الثاني ص 12 .
[ 5 ] العدل . ورد في المصدرين السابقين . و التوحيد للصدوق ص 72 .
[ 6 ] الحقّ . ورد في المصادر السابقة .
[ 78 ]
حَوْضَهُ ، وَ احْشُرْنَا في زُمْرَتِهِ ، غَيْرَ خَزَايَا وَ لاَ نَاكِثينَ ، وَ لاَ شَاكّينَ وَ لاَ مُرْتَابينَ ، وَ لاَ ضَالّينَ وَ لاَ مَفْتُونينَ ،
وَ لاَ مُبَدِّلينَ وَ لاَ حَائِدينَ .
اَللَّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً مِنْ كُلِّ كَرَامَةٍ أَفْضَلَهَا ، وَ مِنْ كُلِّ نَعيمٍ أَكْمَلَهُ ، وَ مِنْ كُلِّ عَطَاءٍ أَجْزَلَهُ ، وَ مِنْ كُلِّ قَسْمٍ أَتَمَّهُ ، حَتَّى لاَ يَكُونَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ أَقْرَبَ مِنْكَ مَكَاناً ، وَ لاَ أَحْظى عِنْدَكَ مَنْزِلَةً ، وَ لاَ أَقْرَبَ إِلَيْكَ وَسيلَةً ، وَ لاَ أَعْظَمَ عَلَيْكَ حَقّاً وَ لاَ شَفَاعَةً ، مِنْ مُحَمَّدٍ [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ] ، وَ اجْمَعْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ في ظِلِّ الْعَيْشِ ، وَ بَرْدِ الرَّوْحِ ، وَ قُرَّةِ الأَعْيُنِ ، وَ نُضْرَةِ السُّرُورِ ، وَ بَهْجَةِ النَّعيمِ . فَإِنَّا نَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ ،
وَ أَدَّى الأَمَانَةَ ، وَ اجْتَهَدَ لِلأُمَّةِ ، وَ جَاهَدَ في سَبيلِكَ ، وَ أُوذِيَ في جَنْبِكَ ، وَ لَمْ يَخَفْ لَوْمَةَ لاَئِمٍ في دينِكَ ،
وَ عَبَدَكَ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقينَ .
اَللَّهُمَّ رَبَّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، وَ رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرَامِ ، وَ رَبَّ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ ، وَ رَبَّ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ، بَلِّغْ مُحَمَّداً مِنَّا السَّلاَمَ .
اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مَلاَئِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ ، وَ عَلى أَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلينَ ، وَ عَلَى الْحَفَظَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبينَ .
وَ صَلَّى اللَّهُ عَلى أَهْلِ السَّموَاتِ وَ أَهْلِ الأَرَضينَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ .
[ أَيُّهَا النَّاسُ ، ] وَ فيكُمْ مَنْ يَخْلُفُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمْ لَنْ تَضِلُّوا ،
وَ هُمُ الدُّعَاةُ ، وَ بِهِمُ النَّجَاةُ ، وَ هُمْ أَرْكَانُ الأَرْضِ ، وَ هُمُ النُّجُومُ بِهِمْ يُسْتَضَاءُ ، مِنْ شَجَرَةٍ طَابَ فَرْعُهَا ،
وَ زَيْتُونَةٍ بُورِكَ أَصْلُهَا ، مِنْ خَيْرِ مُسْتَقَرٍّ إِلى خَيْرِ مُسْتَوْدَعٍ ، مِنْ مُبَارَكٍ إِلى مُبَارَكٍ ، صَفَتْ مِنَ الأَقْذَارِ وَ الأَدْنَاسِ ، وَ مِنْ قَبيحِ مَا نَبَتَ عَلَيْهِ أَشْرَارُ النَّاسِ .
حَسَرَتْ عَنْ صِفَاتِهِمُ الأَلْسُنُ ، وَ قَصُرَتْ عَنْ بُلُوغِهِمُ الأَعْنَاقُ ، وَ بِالنَّاسِ إِلَيْهِمْ حَاجَةٌ .
فَاخْلُفُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فيهِمْ بِأَحْسَنِ الْخِلاَفَةِ ، فَقَدْ أَخْبَرَكُمْ أَنَّهُمْ وَ الْقُرْآنُ الثَّقَلاَنِ ، وَ أَنَّهُمَا « لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ » .
فَالْزَمُوهُمْ تَهْتَدُوا وَ تَرْشُدُوا ، وَ لاَ تَتَفَرَّقُوا عَنْهُمْ وَ لاَ تَتْرُكُوهُمْ فَتَفَرَّقُوا وَ تَمْرُقُوا [ 1 ] .
[ 3 ] اَللَّهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ الْوَصْفِ الْجَميلِ ، وَ التِّعْدَادِ الْكَثيرِ ، إِنْ تُؤَمَّلْ فَخَيْرُ مَأْمُولٍ [ 2 ] ، وَ إِنْ تُرْجَ فَأَكْرَمُ مَرْجُوٍّ .
[ 3 ] من : أللّهمّ إلى : قدير ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 91 .
[ 1 ] ورد في العقد الفريد ج 4 ص 165 . و التوحيد ص 72 . و دستور معالم الحكم ص 89 . و مستدرك كاشف الغطاء ص 16 . و نهج البلاغة الثاني ص 11 . باختلاف بين المصادر .
[ 2 ] مؤمّل . ورد في متن شرح ابن ميثم ج 2 ص 368 . و نسخة عبده ص 232 .
[ 79 ]
اَللَّهُمَّ وَ قَدْ بَسَطْتَ لي فيمَا لاَ أَمْدَحُ بِهِ غَيْرَكَ ، وَ لاَ أُثْني بِهِ عَلى أَحَدٍ سِوَاكَ ، وَ لاَ أُوَجِّهُهُ إِلى مَعَادِنِ الْخَيْبَةِ وَ مَوَاضِعِ الرّيبَةِ ، وَ عَدَلْتَ [ 1 ] بِلِسَاني عَنْ مَدَائِحِ الآدَمِيّينَ ، وَ الثَّنَاءِ عَلَى الْمَرْبُوبينَ الْمَخْلُوقينَ .
اَللَّهُمَّ وَ لِكُلِّ مُثْنٍ عَلى مَنْ أَثْنى عَلَيْهِ مَثُوبَةٌ مِنْ جَزَاءٍ ، أَوْ عَارِفَةٌ مِنْ عَطَاءٍ ، وَ قَدْ رَجَوْتُكَ دَليلاً عَلى ذَخَائِرِ الرَّحْمَةِ وَ كُنُوزِ الْمَغْفِرَةِ .
اَللَّهُمَّ وَ هذَا مَقَامُ مَنْ أَفْرَدَكَ بِالتَّوْحيدِ الَّذي هُوَ لَكَ ، وَ لَمْ يَرَ مُسْتَحِقّاً لِهذِهِ الْمَحَامِدِ وَ الْمَمَادِحِ غَيْرَكَ ، وَ بِيَ فَاقَةٌ إِلَيْكَ لاَ يَجْبُرُ مَسْكَنَتَهَا إِلاَّ فَضْلُكَ ، وَ لاَ يَنْعَشُ مِنْ خَلَّتِهَا إِلاَّ مَنُّكَ وَ جُودُكَ . فَهَبْ لَنَا في هذَا الْمَقَامِ رِضَاكَ ، وَ أَغْنِنَا عَنْ مَدِّ الأَيْدي إِلى سِوَاكَ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ .