روي أن صاحبا لأمير المؤمنين عليه السلام يقال له همّام بن عباد كان رجلا عابدا . فقال يوما : يا أمير المؤمنين ،
صف لي المتقين حتى كأني أنظر إليهم .
فتثاقل عليه السلام عن جوابه ، ثم قال :
يَا هَمَّامُ ، اتَّقِ اللَّهَ وَ أَحْسِنْ فَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذينَ اتَّقَوْا وَ الَّذينَ هُمْ مُحْسِنُونَ 1 .
فلم يقنع همّام بهذا القول حتى عزم عليه .
فقال عليه السلام :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ [ 6 ] اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي لاَ تُدْرِكُهُ الشَّوَاهِدُ ، وَ لاَ تَحْويهِ الْمَشَاهِدُ ، وَ لاَ تَرَاهُ النَّوَاظِرُ ، وَ لاَ تَحْجُبُهُ السَّوَاتِرُ .
اَلدَّالِّ عَلى قِدَمِهِ بِحُدُوثِ خَلْقِهِ ، وَ بِحُدُوثِ خَلْقِهِ عَلى وُجُودِهِ ، وَ بِاشْتِبَاهِهِمْ [ 5 ] عَلى أَنْ لاَ شَبيهَ لَهُ .
اَلَّذي صَدَقَ في ميعَادِهِ ، وَ ارْتَفَعَ عَنْ ظُلْمِ عِبَادِهِ ، وَ قَامَ بِالْقِسْطِ في خَلْقِهِ ، وَ عَدَلَ عَلَيْهِمْ في
[ 6 ] من : الحمد إلى : في حكمه ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 185 .
[ 1 ] ورد في كنز العمال ج 16 ص 192 . و نهج السعادة ج 1 ص 390 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 20 .
[ 2 ] من ذلك كلّه . ورد في نسخة الأسترابادي ص 603 متن منهاج البراعة ج 21 ص 463 . و نسخة عبده ص 746 . و نسخة الصالح ص 542 . و نسخة العطاردي ص 483 .
[ 3 ] حقّ . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 497 .
-----------
( 1 ) النحل ، 128 .
[ 5 ] بأشباههم . ورد في
[ 189 ]
حُكْمِهِ ، وَ أَحْسَنَ إِلَيْهِمْ في قَسْمِهِ .
لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ .
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي لاَ مِنْ شَيْءٍ كَانَ وُجُودُهُ في قِدَمِهِ ، وَ دَيْمُومِ أَزَلِهِ ، وَ لاَ مِنْ شَيْءٍ كَوَّنَ [ 1 ] مَا قَدْ كَانَ ،
مِنْ إِحْدَاثِ فَطْرِهِ ، وَ اخْتِرَاعِ إِبْدَاعِهِ .
دَلاَلَةً مِنْهُ عَلَيْهِ بِإِتْقَانِ صُنْعِهِ وَ دَلاَئِلِ أَعْمَالِهِ ، الصَّادِرَةِ إِلى إِذْعَانِ الاِقْرَارِ بِهِ لَدى عَجْزِ أَرْجَائِهَا ، وَ تَأْليفِ أَجْزَائِهَا .
اَلْمَوْضُوعَةِ عَلى جِبِلَّةِ الاِضْطِرَارِ إِلى تَدْبيرِهِ ، وَ اكْتِنَافِ إِمْسَاكِهِ ، وَ سَوْمِ مَسيرِهِ ، فيمَا قَرَّرَ مِنْ مَسَائِرِ الأَسْبَابِ في صُنْعِ الطِّبَاعِ الْمُتَغَايِرَةِ بِأَقْدَارِهِ .
وَ أَسْكَنَ مَعَادِنَ الأَجْنَاسِ مِنْ ذِلَّةٍ إِلى حِيَاطَتِهِ وَ إِسْفَاقِهِ فيمَا أَوْدَعَهَا مِنْ آثَارِ صُنْعِهِ ، غَيْرَ مُسْتَغْنِيَةٍ عَنْ لُطْفِهِ وَ إِقَامَتِهِ ، إِحْوَاجاً مِنْهُ لِمَبَالِغِ الْعُقُولِ وَ الأَوْهَامِ إِلَى الْعِبَرِ وَ الْفِكَرِ وَ النَّظَرَ في مَلَكُوتِهِ ، وَ سَعَةِ سُلْطَانِهِ ، وَ كَمَالِ قُدْرَتِهِ ، وَ مَا عَلَيْهِ فيهِ مِنْ وُجُودِهِ في قِدَمِهِ .
إِذْ كَانَ وَ لاَ مَعَهُ وُجُودُ شَيْءٍ مِنَ الْمُحْدَثَاتِ الَّتي بِهَا دَلَّ عَلى تَوْحيدِهِ ، وَ هَدى إِلى مَعْرِفَتِهِ وَ مَعْرِفَةِ غَيْرِهِ مِنَ الأَشْيَاءِ الرَّاجِعَةِ إِلى صُنْعِهِ .
وَ لِذَلِكَ مِنْهُ مَعْرِفَتَانِ قَضَاهُمَا لِخَلْقِهِ :
مِعْرِفَةُ اسْتِغْرَاقٍ وَ إِحَاطَةٍ .
وَ مَعْرِفَةُ هِدَايَةٍ وَ دَلاَلَةٍ .
فَأَمَّا مَعْرِفَةُ الاِسْتِغْرَاقِ وَ الإِحَاطَةِ فَغَيْرُ جَائِزَةٍ لَهُ ، وَ لاَ وَاقِعَةٌ عَلَيْهِ ، لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنَ الأَزَلِ ،
وَ الْخُرُوجِ مِنَ الْحَدَثِ .
وَ أَمَّا مَعْرِفَةُ الدَّلاَلَةِ وَ الْهِدَايَةِ إِلَيْهِ فَغَيْرُ مُدْرَكَةٍ إِلاَّ مِنْ طَريقِ مَا أَدْرَكَتْ صَرُورَاتُ الْعُقُولِ وَ الأَوْهَامِ مِنْ شَوَاهِدِ الصُّنْعِ وَ أَعْلاَمِ التَّدْبيرِ وَ الآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ .
إِذْ لاَ يُمِرُّ النَّاظِرُ الاِدْرَاكَ مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ مِنَ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ وَ إِدْرَاكِهَا ، مِنْ سَمْعٍ وَ مَسْمُوعٍ .
وَ بَصَرٍ وَ مُبْصَرٍ . وَ شَمٍّ وَ مَشْمُومٍ . وَ ذَوْقٍ وَ مَذُوقٍ . وَ لَمْسٍ وَ مَلْمُوسٍ .
وَ كُلُّ ذَلِكَ ، مِمَّا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْعُقُولُ وَ الأَوْهَامُ ، أَجْسَامٌ مَنْسُوبَةٌ إِلَى التَّأْليفِ ، وَ أَعْرَاضٌ عَاجِزَةٌ عَنِ
[ 1 ] أوجد . ورد في جمهرة الإسلام للشيزري ص 216 ب عن صورة عن نسخة مخطوطة
[ 190 ]
الْقِيَامِ بِذَوَاتِهَا .
وَ كُلُّ عَاجِزٍ فَمُضْطَرٌّ إِلى مُعْجِزهِ ، وَ كُلُّ جِسْمٍ دَالٌّ عَلى مُؤَلِّفِهِ ، في ضَرُورَةِ [ حَاجَةِ ] الأَعْرَاضِ إِلى مُعْرِضِهَا ، وَ ذَوَاتِ الأَجْسَامِ إِلى مُؤَلِّفِهَا وَ الْمُوجِدِ لِتَجْديدِهَا وَ تَجْسيمِهَا .
دَالَّةٌ عَلى حُدُوثِ فِطْرَتِهَا وَ نَشَأَةِ صَنْعَتِهَا عَنْ إيجَادِ مَوْجُودٍ مُتَقَدِّمٍ فِي الأَزَلِ لَهَا .
اَلَّذي أَعْدَمَهَا قَبْلَ وُجُودِهَا بَعْدَ عَدَمِهَا .
وَ في ذَلِكَ دَلاَلَةٌ عَلى أَنَّ وُجُودَهُ وَجُودٌ مُبَايِنٌ لَهَا ، خَارِجٌ مِنْ مُلاَمَسَتِهَا وَ مُشَابَهَتِهَا ، لإِحْدَاثِهِ إِيَّاهَا ، وَ تَقَدُّمِهِ لَهَا ، وَ اسْتِحْقَاقِ الأَزَلِ قَبْلَهَا .
إِذْ هِيَ مَعْدُومَةٌ في ذَوَاتِهَا ، غَيْرَ مُشَاهِدَةٍ لابْتِدَائِهَا ، حَتَّى اضْطَرَّهَا الْحُدُوثُ إِلى وُجُودِهَا بَعْدَ عَدَمِهَا .
وَ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ نَشْأَتِهَا عَنْ غَيْرِ مُخْتَلَقٍ كَانَتْ قَبْلَ حُدُوثِهَا ، وَ ظَهَرَتْ أَجْسَاماً مَحْدُودَةً ،
وَ أَعْرَاضاً غَيْرَ مُسْتَغْنِيَةٍ عَنْ إِقَامَةِ الأَجْسَامِ إِيَّاهَا .
تَدُلُّ بِحَالاَتِهَا الْخَمْسِ : مِنْ عَدَمِهَا ، وَ وُجُودِهَا ، وَ بَقَائِهَا ، وَ تَقَلُّبِهَا ، وَ فَنَائِهَا ، ضَرُورَةً عَلى صَنْعَةِ وَاحِدٍ غَيْرِ مَنْسُوبٍ إِلى عَدَدِهَا ، وَ لاَ مُشَاكِلٍ لَهَا في ذَوَاتِهَا .
لاخْتِلاَفِ طُعُومِهَا وَ أَلْوَانِهَا ، دُونَ ثِقْلِهَا وَ خِفَّتِهَا ، وَ تَصَرُّفِ نُقْصَانِهَا وَ زِيَادَتِهَا ، وَ تَأْلِيفِ أَشْبَاحِهَا وَ صُوَرِهَا ، وَ تَغَايُرِ ظُلَمِهَا وَ أَنْوَارِهَا الْمُتَلاَقِيَةِ في أَقْطَارِ جَوِّهَا الْمُحيطِ بِهَا ، وَ حُدُودِ إِمْكَانِهَا الْمُكَيِّفِ لَهَا .
فَجَلَّ مُوجِدُهَا عَنْ صِفَاتِهَا وَ تَنَاهي غَايَاتِهَا ، وَ تَعَالى عُلُوّاً كَبيراً .
لَمْ يَخْلُ مِنْهُ مَكَانٌ فَيُدْرَكَ بِأَيْنِيَّتِهِ ، وَ لاَ لَهُ شِبْهٌ [ 1 ] وَ لاَ مِثَالٌ فَيُوصَفَ بِكَيْفِيَّتِهِ ، وَ لَمْ يَغِبْ عَنْ عِلْمِهِ شَيْءٌ فَيُنْعَتَ [ 2 ] بِحَيْثِيَّتِهِ .
مُبَايِنٌ لِجَميعِ مَا أَحْدَثَ مِنَ [ 3 ] الصِّفَاتِ ، وَ مُمْتَنِعٌ عَنِ الاِدْرَاكِ بِمَا ابْتَدَعَ مِنْ تَصْريفِ الذَّوَاتِ ،
وَ خَارِجٌ بِالْكِبْرِيَاءِ وَ الْعَظَمَةِ مِنْ جَميعِ تَصَرُّفِ الْحَالاَتِ .
مُحَرَّمٌ عَلى بَوَارِعِ ثَاقِبَاتِ الْفِطَنِ تَحْديدُهُ ، وَ عَلى عَوَامِقِ نَاقِبَاتِ الْفِكْرِ تَكْييفُهُ ، وَ عَلى غَوَائِصِ
[ 1 ] شبح . ورد في نهج البلاغة الثاني للحائري ص 13 .
[ 2 ] فيعلم . ورد في التوحيد للصدوق ص 69 .
[ 3 ] أجرى في . ورد في نهج البلاغة الثاني للحائري ص 13 .
[ 191 ]
سَابِحَاتِ الْفِطَرِ تَصْويرُهُ .
لاَ تَحْويهِ الأَمَاكِنُ لِعَظَمَتِهِ ، وَ لاَ تَذْرَعُهُ الْمَقَاديرُ لِجَلاَلِهِ ، وَ لاَ تَقْطَعُهُ الْمَقَاييسُ لِكِبْرِيَائِهِ .
مُمْتَنِعٌ عَنِ الأَوْهَامِ أَنْ تَكْتَنِهَهُ ، وَ عَنِ الأَفْهَامِ أَنْ تَسْتَغْرِقَهُ ، وَ عَنِ الأَذْهَانِ أَنْ تُمَثِّلَهُ .
قَدْ يَئِسَتْ مِنِ اسْتِنْبَاطِ الاِحَاطَةِ بِهِ طَوَامِحُ الْعُقُولِ ، وَ نَضَبَتْ عَنِ الاِشَارَةِ إِلَيْهِ بِالاِكْتِنَاهِ بِحَارُ الْعُلُومِ ، وَ رَجَعَتْ بِالصِّغَرِ عَنِ السُّمُوِّ إِلى وَصْفِ قُدْرَتِهِ لَطَائِفُ الْخُصُومِ [ 1 ] .
[ 6 ] وَاحِدٌ لاَ بِعَدَدٍ ، وَ دَائِمٌ لاَ بِأَمَدٍ ، وَ قَائِمٌ لاَ بِعَمَدٍ .
لَيْسَ بِجِنْسٍ فَتُعَادِلَهُ الأَجْنَاسُ ، وَ لاَ بِشَبَحٍ فَتُضَارِعَهُ الأَشْبَاحُ ، وَ لاَ كَالأَشْيَاءِ فَتَقَعَ عَلَيْهِ الصِّفَاتُ [ 2 ] .
تَتَلَقَّاهُ الأَذْهَانُ لاَ بِمُشَاعَرَةٍ ، وَ تَشْهَدُ لَهُ الْمَرَائي لاَ بِمُحَاضَرَةٍ .
لَمْ تُحِطْ بِهِ الأَوْهَامُ ، بَلْ تَجَلَّى لَهَا ، وَ بِهَا امْتَنَعَ مِنْهَا ، وَ إِلَيْهَا حَاكَمَهَا .
لَيْسَ بِذي كِبَرٍ امْتَدَّتْ بِهِ النِّهَايَاتُ فَكَبَّرَتْهُ تَجْسيماً ، وَ لاَ بِذي عِظَمٍ تَنَاهَتْ بِهِ الْغَايَاتُ فَعَظَّمَتْهُ تَجْسيداً ، بَلْ كَبُرَ شَأْناً ، وَ عَظُمَ سُلْطَاناً .
قَدْ ضَلَّتِ الْعُقُولُ في أَمْوَاجِ تَيَّارِ إِدْرَاكِهِ ، وَ تَحَيَّرَتِ الأَوْهَامُ عَنْ إِحَاطَةِ ذِكْرِ أَزَلِيَّتِهِ ، وَ حَصِرَتِ الأَفْهَامُ عَنِ اسْتِشْعَارِ وَصْفِ قُدْرَتِهِ ، وَ غَرِقَتِ الأَذْهَانُ في لُجَجِ أَفْلاَكِ مَلَكُوتِهِ .
مُقْتَدِرٌ بِالآلاَءِ ، وَ مُمْتَنِعٌ بِالْكِبْرِيَاءِ ، وَ مُتَمَلِّكٌ عَلَى الأَشْيَاءِ ، فَلاَ دَهْرَ يَخْلِقُهُ ، وَ لاَ وَصْفَ يُحيطُ بِهِ .
قَدْ خَضَعَتْ لَهُ رَوَاتِبُ [ 3 ] الصِّعَابِ في مَحَلِّ تُخُومِ قَرَارِهَا ، وَ أَذْعَنَتْ لَهُ رَوَاصِنُ الأَسْبَابِ في مُنْتَهى شَوَاهِقِ أَقْطَارِهَا [ 4 ] .
مُسْتَشْهِدٌ بِحُدُوثِ الأَشْيَاءِ عَلى أَزَلِيَّتِهِ ، وَ بِمَا وَ سَمَهَا بِهِ مِنَ الْعَجْزِ عَلى قُدْرَتِهِ ، وَ بِمَا اضْطَرَّهَا إِلَيْهِ مِنَ الْفَنَاءِ عَلى دَوَامِهِ [ 5 ] .
[ 6 ] من : واحد إلى : لا بعمد . و من : تتلقّاه إلى : سلطانا و من : مستشهد إلى : دوامه ورد في خطب الرضي تحت الرقم 185 .
[ 1 ] ورد في جمهرة الإسلام ص 216 ب و التوحيد ص 69 . و الصحيفة العلوية ص 207 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 17 . و نهج السعادة ج 3 ص 34 . و نهج البلاغة الثاني ص 13 . باختلاف بين المصادر .
[ 2 ] ورد في التوحيد للصدوق ص 70 . و مستدرك نهج البلاغة لكاشف الغطاء ص 17 . و نهج البلاغة الثاني للحائري ص 13 .
[ 3 ] ثوابت . ورد في التوحيد للصدوق ص 71 .
[ 4 ] ورد في المصدر السابق . و مستدرك نهج البلاغة لكاشف الغطاء ص 17 . و نهج البلاغة الثاني للحائري ص 13 .
[ 5 ] مستشهد بكلّيّة الأجناس على ربوبيّته ، و بعجزها على قدرته ، و بفطورها على قدمته ، و بزوالها على بقائه . ورد في التوحيد ص 71 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 17 . و نهج البلاغة الثاني ص 13 . باختلاف يسير .
[ 192 ]
فَلَيْسَ لَهَا مَحيصٌ عَنْ إِدْرَاكِهِ إِيَّاهَا ، وَ لاَ خُرُوجٌ عَنْ إِحَاطَتِهِ بِهَا ، وَ لاَ احْتِجَابٌ عَنْ إِحْصَائِهِ لَهَا ،
وَ لاَ امْتِنَاعٌ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا .
كَفى بِإِتْقَانِ الصُّنْعِ لَهَا آيَةً ، وَ بِمُرَكَّبِ الطَّبْعِ عَلَيْهَا دَلاَلَةً ، وَ بِحُدُوثِ الْفَطْرِ عَلَيْهَا قِدْمَةً ،
وَ بِإِحْكَامِ الصَّنْعَةِ لَهَا عِبْرَةً .
فَلَيْسَ إِلَيْهِ حَدٌّ مَنْسُوبٌ ، وَ لاَ لَهُ مَثَلٌ مَضْرُوبٌ ، وَ لاَ شَيْءَ عَنْهُ مَحْجُوبٌ .
تَعَالَى اللَّهُ عَنِ الأَمْثَالِ الْمَضْرُوبَةِ ، وَ الصِّفَاتِ الْمَخْلُوقَةِ عُلُوّاً كَبيراً .
أَلاَ وَ إِنَّ في هِدَايَةِ مَا اضْطَرَّتْ إِلَيْهِ الْعُقُولُ وَ الأَوْهَامُ مِنْ تَحْقيقِ وُجُودِهِ ، وَ إِخْلاَصِ تَوْحيدِهِ ،
وَ نَفْي شَبَهِهِ ، دَلاَلَةً عَلى مَنَارِ عَدْلِهِ ، وَ تَأْييدِ فَطْرِهِ ، وَ عُمُومِ رَأْفَتِهِ ، لاكْتِفَائِهِ بِنَفْسِهِ ، وَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ غَيْرِهِ ، وَ عَدَمِ الْمُنَازِعِ لَهُ في دَيْمُومِيَّتِهِ وَ قِدَمِهِ .
فَسُبْحَانَ الْمُتَطَوِّلِ بِنَعْمَائِهِ ، الْمُتَفَضِّلِ بِآلاَئِهِ عَلى بَرِيَّتِهِ .
وَ تَبَارَكَ الْعَادِلُ في حُكْمِهِ ، الْحَكيمُ في قَضَائِهِ ، اللَّطيفُ بِعِبَادِهِ فيمَا أَمَرَهُمْ مِنْ طَاعَتِهِ ، وَ هَدَاهُمْ بِهِ مِنْ دينِهِ ، وَ دَلَّهُمْ عَلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ ، وَ دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الاِقْرَارِ بِهِ وَ الاِذْعَانِ لِرُبُوبِيَّتِهِ ، عَلى غَيْرِ إِكْرَاهٍ عَلى طَاعَتِهِ ، وَ لاَ قَسْرٍ مِنْهُ عَلى مَعْصِيَتِهِ بَعْدَ إِعْذَارِهِ وَ إِنْذَارِهِ ، لِلْخُرُوجِ مِنْ تَنَاقُضِ الأُمُورِ ، وَ الْبَدَاءَاتِ الَّتي لاَ تَليقُ بِهِ في كِبْرِيَائِهِ وَ امْتِنَاعِ سُلْطَانِهِ .
لأَنَّ الْبَدَاءَاتِ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقينَ ، فَكَيْفَ يَجُوزُ اخْتِيَارُ خَلْقِهِ عَمَّا عَنْهُ نَهى مِنْ عِصْيَانِهِ ،
وَ هَدْمِ اُمُورِهِ بَعْدَ ابْتِدَائِهِ بَطَوْلِهِ ، وَ الدَّعْوَةِ إِلى مَعْرِفَتِهِ وَ طَاعَتِهِ ؟ .
أَمْ كَيْفَ يُمْكِنُ في عَدْلِهِ وَ جُودِهِ إِيجَابُ عَذَابِ الْمَقْسُورينَ مِنْ عِبَادِهِ عَلى جَحْدِهِ وَ الْكُفْرِ بِهِ بَعْدَ الَّذي تَقَدَّمَ لَهُ إِلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ ، وَ تَطَوَّلَ عَلَيْهِمْ فيهِ مِنْ إِشْفَاقِهِ وَ حِيَاطَتِهِ ، مَعَ سُبُوغِ النِّعْمَةِ ،
وَ صِحَّةِ الآلَةِ ، وَ سَلاَمَةِ الْجَارِحَةِ ، وَ مُهْلَةِ الأَجَلِ ، وَ مَضْمُونِ الْهِدَايَةِ ، وَ تَرَكُّبِ الاِسْتِطَاعَةِ ، وَ قُوَّةِ الأَدَوَاتِ بِالْحُجَجِ الْمُبَيِّنَةِ ، وَ الْكُتُبِ الْمُنيرَةِ ، وَ الرُّسُلِ الدَّاعِيَةِ ، وَ الآيَاتِ الزَّاجِرَةِ .
مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَ مَا كُنَّا مُعَذِّبينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً 1 ، مَعَ قَوْلِهِ : وَ مَا ظَلَمْنَاهُمْ وَ لكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمينَ 2 ، وَ قَوْلِهِ : وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى 3 ،
-----------
( 1 ) الإسراء ، 15 .
-----------
( 2 ) الزخرف ، 76 .
-----------
( 3 ) فصّلت ، 17 .
[ 193 ]
وَ قَوْلِهِ : وَ قَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ 1 ، مَعَ قَوْلِهِ : هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ 2 ، وَ قَوْلِهِ :
إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ 3 .
كُلُّ ذَلِكَ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ عَلى سَبيلِ عَدْلِهِ ، وَ مَنْهَجِ حُكْمِهِ ، وَ سَعَةِ رَحْمَتِهِ .
جَلَّ اللَّهُ تَعَالى عَنِ الظُّلْمِ ، وَ الْخُرُوجِ مِنَ الْحِكْمَةِ في حَمْلِ خَلْقِهِ ، عَلى شَتْمِهِ وَ الاِفْتِرَاءِ عَلَيْهِ ،
عُلُوّاً كَبيراً .
وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ إيمَاناً بِرُبُوبِيَّتِهِ ، وَ خِلاَفاً عَلى مَنْ أَنْكَرَهُ [ 4 ] .
[ 4 ] وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ الْمُصْطَفى ، وَ رَسُولُهُ الصَّفِيُّ ، وَ أَمينُهُ الرَّضِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ .
[ 5 ] أُسْرَتُهُ خَيْرُ أُسْرَةٍ ، وَ شَجَرَتُهُ خَيْرُ شَجَرَةٍ ، أَغْصَانُهَا مُعْتَدِلَةٌ ، وَ ثِمَارُهَا مُتَهَدِّلَةٌ .
مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ ، وَ هِجْرَتُهُ بِطَيْبَةَ ، عَلاَ بِهَا ذِكْرُهُ ، وَ امْتَدَّ مِنْهَا صَوْتُهُ .
إِبْتَعَثَهُ [ 5 ] بِالنُّورِ الْمُضيءِ ، وَ الْبُرْهَانِ الْجَلِيِّ ، وَ الْمِنْهَاجِ الْبَادي ، وَ الْكِتَابِ الْهَادي .
أَرْسَلَهُ بِحُجَّةٍ كَافِيَةٍ ، وَ مَوْعِظَةٍ شَافِيَةٍ ، وَ دَعْوَةٍ مُتَلاَفِيَةٍ .
أَظْهَرَ بِهِ الشَّرَائعَ الْمَجْهُولَةَ ، وَ قَمَعَ بِهِ الْبِدَعَ الْمَدْخُولَةَ ، وَ بَيَّنَ بِهِ الأَحْكَامَ الْمَفْصُولَةَ .
أَرْسَلَهُ بِوُجُوبِ الْحُجَجِ ، وَ ظُهُورِ الْفَلَجِ ، وَ إِيضَاحِ الْمَنْهَجِ ، فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ صَادِعاً بِهَا ، وَ حَمَلَ عَلَى الْمَحَجَّةِ دَالاً عَلَيْهَا ، وَ أَقَامَ أَعْلاَمَ الاِهْتِدَاءِ ، وَ مَنَارَ الضِّيَاءِ .
وَ جَعَلَ أَمْرَاسَ الإِسْلاَمِ مَتينَةً ، وَ عُرَى الإيمَانِ وَثيقَةً .
فَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ ديناً تَتَحَقَّقُ شِقْوَتُهُ ، وَ تَنْفَصِمُ عُرْوَتُهُ ، وَ تَعْظُمُ كَبْوَتُهُ ، وَ يَكُنْ مَآبُهُ إِلَى الْحُزْنِ الطَّويلِ ، وَ الْعَذَابِ الْوَبيلِ .
[ 4 ] من : و أشهد إلى : صلّى اللّه عليه و آله و سلّم . و من : أرسله إلى : وثيقة ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 185 .
[ 5 ] من : أسرته إلى : المفصولة . و من : فمن يبتغ إلى : الوبيل ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 161 .
-----------
( 1 ) الإسراء ، 23 .
-----------
( 2 ) المدّثّر ، 56 .
-----------
( 3 ) التحريم ، 7 .
[ 4 ] ورد في جمهرة الإسلام ص 216 ب . و التوحيد ص 69 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 17 . و نهج السعادة ج 3 ص 34 . و نهج البلاغة الثاني ص 13 . باختلاف في المصادر .
[ 3 ] بعثه . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 192 . و نسخة الأسترابادي ص 220 . و منهاج البراعة ج 9 ص 404 . و نسخة عبده ص 346 . و متن مصادر نهج البلاغة ج 2 ص 373 . و متن بهج الصباغة ج 2 ص 214 . و نسخة العطاردي ص 187 عن نسخة موجودة في مكتبة مدرسة نواب في مدينة مشهد .
[ 194 ]
[ 11 ] أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى [ 1 ] خَلَقَ الْخَلْقَ حينَ خَلَقَهُمْ ، فَأَلْزَمَهُمْ عِبَادَتَهُ ،
وَ كَلَّفَهُمْ طَاعَتَهُ [ 2 ] ، غَنِيّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ ، آمِناً مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ ، لأَنَّهُ لاَ تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَاهُ ، وَ لاَ تَنْفَعُهُ طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَهُ .
فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ مَعَايِشَهُمْ ، وَ وَضَعَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَوَاضِعَهُمْ ، وَ وَصَفَهُمْ فِي الدّينِ حَيْثُ وَصَفَهُمْ .
لكِنَّهُ تَعَالى عَلِمَ قُصُورَهُمْ عَمَّا يَصْلُحُ عَلَيْهِ شُؤُونُهُمْ ، وَ يَسْتَقيمُ بِهِ دَاءُ أَوَدِهِمْ ، في عَاجِلِهِمْ وَ آجِلِهِمْ ، فَأَدَّبَهُمْ بِأَدَبِهِ ، في أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ ، فَأَمَرَهُمْ تَخْييراً ، وَ كَلَّفَهُمْ يَسيراً ، وَ أَثَابَهُمْ كَثيراً .
وَ أَمَازَ سُبْحَانَهُ بِعَدْلِ حُكْمِهِ وَ حِكْمَتِهِ ، بَيْنَ الْمُوجِفِ مِنْ أَنَامِهِ إِلى مَرْضَاتِهِ وَ مَحَبَّتِهِ ، وَ بَيْنَ الْمُبْطِئِ عَنْهَا وَ الْمُسْتَظْهِرِ عَلى نِعْمَتِهِ مِنْهُمْ بِمَعْصِيَتِهِ ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ : أَمْ حَسِبَ الَّذينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَ مَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [ 3 ] .
وَ إِنَّمَا أَهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ وَ حَوَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ مِنَ الْجَنَّةِ عُقُوبَةً لِمَا صَنَعَا ، حَيْثُ نَهَاهُمَا فَخَالَفَاهُ ،
وَ أَمَرَهُمَا فَعَصَيَاهُ [ 4 ] .
[ 12 ] فَالْمُتَّقُونَ فيهَا هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ [ 5 ] ، مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ ، وَ مَلْبَسُهُمُ الاِقْتِصَادُ [ 6 ] ، وَ مَأْكَلُهُمُ الْقُوتُ [ 7 ] ، وَ مَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ .
خَشَعُوا للَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِطَاعَتِهِ ، وَ خَضَعُوا لَهُ بِعِبَادَتِهِ ، رَاضينَ عَنْهُ في كُلِّ حَالاَتِهِ [ 8 ] .
غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ [ 9 ] عَلَيْهِمْ ، وَ وَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ بِدينِهِمِ [ 10 ]
[ 11 ] من : أمّا بعد إلى : مواضعهم . و من : فالمتّقون إلى : رقابهم ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 193 .
[ 12 ] يبدو أن مقطعا بين الفقرتين السابقة و اللاحقة مفقود ، و نحن لم نتمكن من الحصول عليه رغم تفتيشنا في مختلف المصادر التي اطلعنا عليها . نسأل البارئ تعالى ان يوفقنا للعثور عليها في تحقيقاتنا المستمرة لإلحاقها بالطبعات القادمة .
[ 1 ] جلّ شأنه ، و تقدّست أسماؤه . ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 469 .
[ 2 ] ورد في المصدر السابق .
[ 3 ] الجاثية ، 21 . و وردت الفقرة في المصدر السابق .
[ 4 ] ورد في مصباح البلاغة للميرجهاني ج 3 ص 299 عن الصواعق المحرقة لابن حجر
[ 5 ] البصائر . ورد في هامش نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 271 .
[ 6 ] الاقتصار . ورد في ينابيع المودة للقندوزي ص 416 .
[ 7 ] ورد في المصدر السابق . و مصباح البلاغة للميرجهاني ج 3 ص 270 عن الصواعق المحرقة لابن حجر .
[ 8 ] ورد في المصدرين السابقين . و السقيفة ص 239 . و تحف العقول ص 111 . و نهج السعادة ج 1 ص 470 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 300 عن الصواعق المحرقة لابن حجر . باختلاف في المصادر .
[ 9 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 111 .
[ 10 ] ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 470 .
[ 195 ]
النَّافِعِ لَهُمْ .
نَزَلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلاَءِ كَالَّتي نَزَلَتْ مِنْهُمْ [ 1 ] فِي الرَّخَاءِ ، رِضىً مِنْهُمْ عَنِ اللَّهِ تَعَالى بِالْقَضَاءِ [ 2 ] .
وَ لَوْ لاَ الأَجَلُ الَّذي [ 3 ] كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ في أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، شَوْقاً إِلى جَزيلِ [ 4 ] الثَّوَابِ ، وَ خَوْفاً مِنْ وَبيلِ [ 5 ] الْعِقَابِ [ 6 ] .
عَظُمَ الْخَالِقُ في أَنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مَا دُونَهُ في أَعْيُنِهِمْ .
فَهُمْ وَ الْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا ، فَهُمْ فيهَا مُنَعَّمُونَ .
وَ هُمْ وَ النَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا [ 7 ] ، فَهُمْ فيهَا مُعَذَّبُونَ .
قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ ، وَ شُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ ، وَ أَجْسَادُهُمْ نَحيفَةٌ ، وَ حَاجَاتُهُمْ خَفيفَةٌ ، وَ أَنْفُسُهُمْ عَفيفَةٌ ، وَ مَعُونَتُهُمْ لِلإِسْلاَمِ عَظيمَةٌ [ 8 ] .
صَبَرُوا أَيَّاماً قَصيرَةً ، فَأَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَويلَةً .
تِجَارَةٌ مُرْبِحَةٌ يَسَّرَهَا لَهُمْ رَبُّهُمْ [ 9 ] .
أَرَادَتْهُمُ الدُّنْيَا فَلَمْ [ 10 ] يُريدُوهَا ، وَ طَلَبَتْهُمْ فَأَعْجَزُوهَا [ 11 ] ، وَ أَسَرَتْهُمْ فَفَدَوْا أَنْفُسَهُمْ مِنْهَا .
أَمَّا اللَّيْلُ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ تَالينَ [ 12 ] لأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهُ تَرْتيلاً ، يُحَزِّنُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ ،
[ 1 ] ورد في مصباح البلاغة للميرجهاني ج 3 ص 271 و ص 300 عن الصواعق المحرقة لابن حجر .
[ 2 ] ورد في المصدر السابق . و السقيفة ص 239 . و تحف العقول ص 111 . و نهج السعادة ج 1 ص 470 . و ج 3 ص 407 . باختلاف بين المصادر .
[ 3 ] الآجال الّتي . ورد في نهج السعادة ج 1 ص 470 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 300 عن الصواعق المحرقة لابن حجر .
[ 4 ] ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 3 ص 407 . و تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 130 .
[ 5 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 6 ] العذاب . ورد في هامش نسخة الأسترابادي ص 313 .
[ 7 ] أدخلها . ورد في
[ 8 ] ورد في السقيفة لسليم بن قيس ص 239 . و تحف العقول للحرّاني ص 111 . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 471 .
[ 9 ] ربّ كريم . ورد في السقيفة ص 239 . و نهج السعادة ج 1 ص 471 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 300 عن الصواعق المحرقة لابن حجر .
[ 10 ] و لم . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 272 . و نسخة الأسترابادي ص 313 .
[ 11 ] ورد في السقيفة ص 239 . و تحف العقول ص 111 . و نهج السعادة ج 1 ص 471 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 272 و ص 300 عن الصواعق المحرقة لابن حجر .
[ 12 ] تالون . ورد في هامش نسخة ابن المؤدب ص 193 . و نسخة الأسترابادي ص 313 .
[ 196 ]
وَ يَسْتَثيرُونَ [ 1 ] بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ ، [ وَ ] مَا يُهَيِّجُ أَحْزَانَهُمْ ، بُكَاءً عَلى ذُنُوبِهِمْ وَ جِرَاحِهِمْ وَ وَجَعِ كُلُومِهِمْ [ 2 ] .
فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فيهَا تَشْويقٌ رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً ، وَ تَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً ، وَ ظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبُ أَعْيُنِهِمْ .
وَ إِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فيهَا تَخْويفٌ أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ ، وَ اقْشَعَرَّتْ مِنْهَا جُلُودُهُمْ ، وَ وَجِلَتْ مِنْهَا قُلُوبُهُمْ [ 3 ] ، وَ ظَنُّوا أَنَّ زَفيرَ جَهَنَّمَ وَ شَهيقَهَا في أُصُولِ آذَانِهِمْ .
فَهُمْ حَانُونَ عَلى أَوْسَاطِهِمْ ، مُفْتَرِشُونَ لِجِبَاهِهِمْ وَ أَكُفِّهِمْ وَ رُكَبِهِمْ وَ أَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ ،
يَطْلُبُونَ [ 4 ] إِلَى اللَّهِ تَعَالى في فَكَاكِ رِقَابِهِمْ مِنَ النَّارِ .
تَجْري دُمُوعُهُمْ عَلى خُدُودِهِمْ ، يُمَجِّدُونَ جَبَّاراً عَظيماً .
قَدْ حَلا في أَفْوَاهِهِمْ وَ حَلا في قُلُوبِهِمْ طَعْمُ مُنَاجَاتِهِ ، وَ لَذيذُ الْخَلْوَةِ بِهِ .
قَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ عَلى نَفْسِهِ بِجَلاَلِ عِزَّتِهِ لَيُوَرِّثَنَّهُمُ الْمَقَامَ الأَعْلى في مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَهُ [ 5 ] .
[ 7 ] وَ أَمَّا النَّهَارُ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ ، أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ .
قَدْ بَرَاهُمُ الْخَوْفُ بَرْيَ الْقِدَاحِ .
يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضى ، وَ مَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ .
أَوْ [ 6 ] يَقَولُ : قَدْ خُولِطُوا ، وَ لَقَدْ خَالَطَهُمْ أَمْرٌ عَظيمٌ .
إِذَا ذَكَرُوا عَظَمَةَ اللَّهِ تَعَالى رَبِّهِمْ وَ شِدَّةَ سُلْطَانِهِ ، مَعَ مَا يُخَالِطُهُمْ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَ أَهْوَالِ الْقِيَامَةِ ، أَفْزَعَ ذَلِكَ قُلُوبَهُمْ ، وَ طَاشَتْ لَهُ حُلُومُهُمْ ، وَ ذَهِلَتْ مِنْهُ عُقُولُهُمْ .
[ 7 ] من : و أمّا النّهار إلى : أمر عظيم ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 193 .
[ 1 ] يستبرون . ورد في نسخة الأسترابادي ص 313 .
[ 2 ] كلوم جوانحهم . ورد في السقيفة ص 239 . و وردت الفقرة في المصدر السابق . و تحف العقول ص 112 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 301 عن الصواعق المحرقة لابن حجر . باختلاف يسير .
[ 3 ] ورد في السقيفة لسليم بن قيس ص 240 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 301 عن الصواعق المحرقة لابن حجر .
[ 4 ] يجأرون إلى اللّه : ربّنا ربّنا . ورد في عيون الأخبار ج 6 ص 353 . و تاريخ دمشق ( ترجمة علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 260 . و تذكرة الخواص ص 130 . و كنز العمال ج 3 ص 719 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 301 عن الصواعق المحرقة لابن حجر .
باختلاف بين المصادر .
[ 5 ] ورد في السقيفة ص 240 . و تاريخ دمشق ( ترجمة علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 260 . و البداية و النهاية ج 8 ص 7 . و نهج السعادة ج 1 ص 472 . و ج 3 ص 261 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 301 عن الصواعق المحرقة لابن حجر . و نهج البلاغة الثاني ص 75 .
باختلاف بين المصادر .
[ 6 ] ورد في مصباح البلاغة للميرجهاني ج 3 ص 301 عن الصواعق المحرقة لابن حجر . و ورد و في نسخ النهج .
[ 197 ]
فَإِذَا اسْتَفَاقُوا مِنْ ذَلِكَ بَادَرُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالى بِالأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ [ 1 ] .
[ 13 ] لاَ يَرْضَوْنَ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الْقَليلَ ، وَ لاَ يَسْتَكْثِرُونَ الْكَثيرَ .
يَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ أَنَّهُمّ شِرَارٌ وَ إِنَّهُمُ الأَكْيَاسُ الأَبْرَارُ [ 2 ] ، فَهُمْ لأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ ، وَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ .
إِذَا زُكِّيَ أَحَدُهُمْ [ 3 ] خَافَ مِمَّا يُقَالُ لَهُ ، فَيَقُولٌ :
أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسي مِنْ غَيْري ، وَ رَبّي [ 4 ] أَعْلَمُ بي مِنْ نَفْسِي [ 5 ] . اَللَّهُمَّ لاَ تُؤَاخِذْني بِمَا يَقُولُونَ ،
وَ اجْعَلْني أَفْضَلَ [ 6 ] مِمَّا يَظُنُّونَ ، وَ اغْفِرْلي مَا لاَ يَعْلَمُونَ ، فَإِنَّكَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ، وَ سَتَّارُ الْعُيُوبِ [ 7 ] .
فَمِنْ عَلاَمَةِ [ 8 ] أَحَدِهِمْ أَنَّكَ تَرى لَهُ قُوَّةً في دينٍ ، وَ حَزْماً في لينٍ ، وَ إيمَاناً في يَقينٍ ، وَ حِرْصاً في عِلْمٍ ، وَ عِلْماً في حِلْمٍ ، وَ كَيْساً في رِفْقٍ ، وَ رِفْقاً في كَسْبٍ ، وَ شَفَقَةً في نَفَقَةٍ ، وَ فَهْماً في فِقْهٍ [ 9 ] ، وَ قَصْداً في غِنىً ، وَ خُشُوعاً في عِبَادَةٍ ، وَ تَجَمُّلاً [ 10 ] في فَاقَةٍ ، وَ صَبْراً في شِدَّةٍ ، وَ رَحْمَةً لِلْجُمْهُورِ ، وَ إِعْطَاءً في حَقٍّ [ 11 ] ، وَ طَلَباً في حَلاَلٍ ، وَ نَشَاطاً [ 12 ] في هُدىً ، وَ تَحَرُّجاً عَنْ طَمَعٍ ، وَ اعْتِصَاماً عِنْدَ شَهْوَةٍ ، وَ بِرّاً فِي اسْتِقَامَةٍ .
لاَ يَغُرُّهُ ثَنَاءُ مَنْ جَهِلَهُ ، وَ لاَ يَدَعُ إِحْصَاءَ مَا عَمِلَهِ ، يَسْتَبْطِئُ نَفْسَهُ فِي الْعَمَلِ وَ هُوَ مِنْ صَالِحِ
[ 13 ] من : لا يرضون إلى : عن طمع ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 193 .
[ 1 ] ورد في السقيفة ص 240 . و تحف العقول ص 112 . و ينابع المودة ص 417 . و نهج السعادة ج 1 ص 472 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 273 و 302 عن الصواعق المحرقة لابن حجر .
[ 2 ] ورد في كتاب الزهد لحسين بن سعيد الأهوازي ص 41 .
[ 3 ] أحد منهم . ورد في نسخة العام 400 ص 273 . و نسخة الأسترابادي ص 314 . و نسخة العطاردي ص 226 .
[ 4 ] و اللّه . ورد في
[ 5 ] منّي بنفسي . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 273 . و نسخة الأسترابادي ص 314 . و متن شرح ابن أبي الحديد ( طبعة دار الأندلس ) ج 2 ص 548 . و متن شرح ابن ميثم ج 3 ص 411 .
[ 6 ] خيرا . ورد في السقيفة لسليم بن قيس ص 240 . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 472 .
[ 7 ] ورد في السقيفة ص 240 . و تحف العقول ص 112 . و نهج السعادة ج 1 ص 473 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 302 عن الصواعق المحرقة لابن حجر .
[ 8 ] علامات . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 273 .
[ 9 ] ورد في السقيفة ص 240 . و دستور الحكم ص 129 . و تحف العقول ص 112 . و ينابع المودة ص 417 . و نهج السعادة ج 1 ص 473 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 273 و 302 عن الصواعق المحرقة لابن حجر . باختلاف يسير .
[ 10 ] تحمّلا . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 273 . و متن شرح ابن ميثم ج 3 ص 411 .
[ 11 ] ورد في السقيفة ص 240 . و تحف العقول ص 112 . و ينابع المودة ص 417 . و نهج السعادة ج 1 ص 473 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 273 عن الصواعق المحرقة لابن حجر . باختلاف بين المصادر .
[ 12 ] تسلّطا . ورد في
[ 198 ]
عَمَلِهِ عَلى وَجَلٍ [ 1 ] .
[ 8 ] قَدْ أَحْيَا عَقْلَهُ ، وَ أَمَاتَ شَهْوَتَهُ ، وَ أَطَاعَ رَبَّهُ ، وَ عَصى [ 2 ] نَفْسَهُ ، حَتَّى دَقَّ جَليلُهُ ، وَ لَطُفَ غَليظُهُ .
وَ بَرَقَ لَهُ لاَمِعٌ كَثيرُ الْبَرْقِ ، فَأَبَانَ لَهُ الطَّريقَ ، وَ سَلَكَ بِهِ السَّبيلَ ، وَ تَدَافَعَتْهُ الأَبْوَابُ إِلى بَابِ السَّلاَمَةِ ، وَ دَارِ الإِقَامَةِ ، وَ ثَبَتَتْ [ 3 ] رِجْلاَهُ بِطُمَأْنينَةِ بَدَنِهِ في قَرَارِ الأَمْنِ وَ الرَّاحَةِ ، بِمَا اسْتَعْمَلَ قَلْبَهُ ،
وَ أَرْضى رَبَّهُ .
[ 9 ] يُمْسي وَ هَمُّهُ الشُّكْرُ ، وَ يُصْبِحُ وَ هَمُّهُ الذِّكْرُ .
يَبيتُ حَذِراً ، وَ يُصْبِحُ فَرِحاً ، حَذِراً لِمَا حُذِّرَ مِنَ الْغَفْلَةِ ، وَ فَرِحاً بِمَا أَصَابَ مِنَ الْفَضْلِ وَ الرَّحْمَةِ .
نِيَّتُهُ خَالِصَةٌ ، وَ أَعْمَالُهُ لَيْسَ فيهَا غِشٌّ وَ خَديعَةٌ .
نَظَرُهُ عِبْرَةٌ ، وَ سُكُوتُهُ فِكْرَةٌ ، وَ كَلاَمُهُ حِكْمَةٌ [ 4 ] .
إِنِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فيمَا تَكْرَهُ [ 5 ] لَمْ يُعْطِهَا سُؤْلَهَا فيمَا تُحِبُّ .
قُرَّةُ عَيْنِهِ فيمَا لاَ يَزُولُ ، وَ زَهَادَتُهُ فيمَا لاَ يَبْقى [ 6 ] .
يَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ ، وَ الْعِلْمَ بِالْعَقْلِ ، وَ الْعَقْلَ بِالصَّبْرِ [ 7 ] ، وَ الْقَوْلَ بِالْعَمَلِ .
[ 8 ] من : قد أحيا إلى : أرضى ربّه ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 220 .
[ 9 ] من : يعمل الأعمال الصّالحة ( الموجود في الهامش ) إلى : و الرّحمة . و من : إن استصعبت إلى : بالعمل ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 193 .
[ 1 ] ورد في السقيفة ص 240 . و تحف العقول ص 112 . و ينابع المودة ص 417 . و نهج السعادة ج 1 ص 473 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 273 عن الصواعق المحرقة لابن حجر . باختلاف بين المصادر و ورد في نسخ النهج يعمل الأعمال الصّالحة و هو منها على و جل بدل الفقرة الأخيرة .
[ 2 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 240 و ج 2 ص 532 . باختلاف .
[ 3 ] تثبّتت . ورد في نسخة الجيلاني الموجودة في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام في مدينة مشهد .
[ 4 ] ورد في منهاج البراعة للخوئي ج 12 ص 161 . و نهج البلاغة الثاني للحائري ص 67 .
[ 5 ] يكره . ورد في
[ 6 ] فرحه فيما يخلد و يطول ، و رغبته فيما يبقى . ورد في السقيفة ص 241 . و ينابيع المودة ص 417 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 273 عن الصواعق المحرقة لابن حجر . باختلاف .
[ 7 ] ورد في السقيفة ص 241 . و منهاج البراعة ج 12 ص 162 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 303 عن الصواعق المحرقة لابن حجر .
و نهج البلاغة الثاني ص 67 . باختلاف يسير .
[ 199 ]
[ 11 ] تَرَاهُ بَعيداً كَسَلُهُ [ 1 ] ، قَريباً أَمَلُهُ ، قَليلاً زَلَلُهُ ، دَائِماً نَشَاطُهُ ، مُتَوَقِّعاً أَجَلَهُ ، كَثيراً فِكْرُهُ ،
مَعْدُوماً كِبْرُهُ ، مَتيناً صَبْرُهُ ، ذَاكِراً رَبَّهُ [ 2 ] ، خَاشِعاً قَلْبُهُ ، عَازِباً جَهْلُهُ [ 3 ] ، قَانِعَةً نَفْسُهُ بِالَّذي قُدِّرَ لَهُ [ 4 ] .
مَنْزُوراً أَكْلُهُ ، سَهْلاً أَمْرُهُ ، حَريزاً دينُهُ [ 5 ] ، مَيِّتَةً شَهْوَتُهُ ، مَكْظُوماً غَيْظُهُ ، صَافِياً خُلْقُهُ ، آمِناً مِنْهُ جَارُهُ .
نَاصِحاً فِي السِّرِّ وَ الْعَلاَنِيَةِ ، مُنَاصِحاً ، مُتَبَاذِلاً ، مُتَوَاخِياً .
لاَ يَهْجُرُ أَخَاهُ ، وَ لاَ يَغْتَابُهُ ، وَ لاَ يَمْكُرُ بِهِ .
لاَ يُحَدِّثُ الأَصْدِقَاءَ بِالَّذي يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ ، وَ لاَ يَكْتُمُ شَهَادَةَ الأَعْدَاءِ .
وَ لاَ يَعْمَلُ شَيْئاً مِنَ الْحَقِّ رِئَاءً ، وَ لاَ يَتْرُكُهُ حَيَاءً [ 6 ] .
اَلْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ ، وَ الشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ .
إِنْ كَانَ فِي الْغَافِلينَ كُتِبَ فِي الذَّاكِرينَ ، وَ إِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلينَ .
يَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَهُ ، وَ يُعْطي مَنْ حَرَمَهُ ، وَ يَصِلُ مَنْ قَطَعَهُ .
لاَ يَعْزُبُ حِلْمُهُ ، وَ لاَ يَعْجَلُ فيمَا يُريبُهُ ، وَ لاَ يَأْسَفُ عَلى مَا فَاتَهُ ، وَ لاَ يَحْزَنُ عَلى مَا أَصَابَهُ ، وَ يَصْفَحُ عَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ ، وَ لاَ يَرْجُو مَا لاَ يَجُوزُ لَهُ الرَّجَاءُ .
وَ لاَ يَفْشَلُ فِي الشِّدَّةِ وَ لاَ يَبْطَرُ فِي الرَّخَاءِ [ 7 ] .
بَعيداً فُحْشُهُ ، لَيِّناً قَوْلُهُ ، غَائِباً مُنْكَرُهُ [ 8 ] ، حَاضِراً [ 9 ] مَعْرُوفُهُ ، صَادِقاً قَوْلُهُ ، حَسَناً فِعْلُهُ [ 10 ] ،
[ 11 ] من : تراه قريبا إلى : غيظه . و من : الخير إلى : قطعه . و من : بعيدا إلى : مدبرا شرّه ورد في خطب الرضي تحت الرقم 193 .
[ 1 ] ورد في السقيفة ص 241 . و تحف العقول ص 113 . و منهاج البراعة ج 12 ص 162 . و نهج البلاغة الثاني ص 67 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 303 عن الصواعق المحرقة لابن حجر . و نهج السعادة ج 1 ص 474 . باختلاف بين المصادر .
[ 2 ] ورد في السقيفة ص 241 . و تحف العقول ص 113 . و ينابيع المودة ص 417 . و منهاج البراعة ج 12 ص 162 . و نهج السعادة ج 1 ص 474 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 273 عن الصواعق المحرقة لابن حجر . باختلاف .
[ 3 ] ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 474 .
[ 4 ] ورد في منهاج البراعة للخوئي ج 12 ص 162 . و مصباح البلاغة للميرجهاني ج 3 ص 303 عن الصواعق المحرقة لابن حجر .
[ 5 ] حزينا لذنبه . ورد في منهاج البراعة للخوئي ج 12 ص 162 .
[ 6 ] ورد في السقيفة ص 241 . و الكافي ج 2 ص 226 . و تحف العقول ص 113 . و منهاج البراعة ج 12 ص 162 . و نهج السعادة ج 1 ص 475 . و مصباح البلاغة ج 3 ص 273 و 303 عن الصواعق المحرقة لابن حجر . باختلاف بين المصادر .
[ 7 ] ورد في المصادر السابقة . و نهج البلاغة الثاني للحائري ص 67 . باختلاف بين المصادر .
[ 8 ] مكره . ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 475 .
[ 9 ] كثيرا . ورد في تحف العقول للحرّاني ص 113 .
[ 10 ] ورد في المصدر السابق . و السقيفة لسليم بن قيس ص 241 .
[ 200 ]
مُقْبِلاً خَيْرُهُ ، مُدْبِراً شَرُّهُ .
حَيَاؤُهُ يَعْلُو شَهْوَتَهُ ، وَ وُدُّهُ يَعْلُو حَسَدَهُ ، وَ عَفْوُهُ يَعْلُو حِقْدَهُ .
هُوَ [ 1 ] [ 9 ] فِي الزَّلاَزِلِ وَ قُورٌ ، وَ فِي الْمَكَارِهِ صَبُورٌ ، وَ فِي الرَّخَاءِ شَكُورٌ .
لاَ يَحيفُ عَلى مَنْ يُبْغِضُ ، وَ لاَ يَأْثَمُ فيمَنْ يُحِبُّ ، وَ لاَ يَدَّعي مَا لَيْسَ لَهُ ، وَ لاَ يَجْحَدُ حَقّاً هُوَ عَلَيْهِ [ 2 ] ، [ وَ ] يَعْتَرِفُ بِالْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يُشْهَدَ عَلَيْهِ .
هَشَّاشٌ بَشَّاشٌ ، لاَ بِعَبَّاسٍ وَ لاَ بِجَسَّاسٍ .
صَليبٌ كَظَّامٌ بَسَّامٌ .
دَقيقُ النَّظَرِ ، عَظيمُ الْحَذَرِ .
لاَ يَبْخَلُ ، وَ إِنْ بُخِلَ عَلَيْهِ صَبَرَ [ 3 ] .
لاَ يُضيعُ مَا اسْتُحْفِظَ عَلَيْهِ وَ لاَ يَنْسى مَا ذُكِّرَ ، وَ لاَ يُنَابِزُ بِالأَلْقَابِ ، وَ لاَ يَعْرِفُ الْعَابَ ، وَ لاَ يَبْغي عَلى أَحَدٍ ، وَ لاَ يَهِمُّ بِالْحَسَدِ [ 4 ] ، وَ لاَ يُضَارُّ بِالْجَارِ ، وَ لاَ يَشْمَتُ بِالْمَصَائِبِ .
مُؤَدٍّ لِلأَمَانَاتِ ، عَامِلٌ بِالطَّاعَاتِ ، سَريعٌ إِلَى الْخَيْرَاتِ ، بَطيءٌ عَنِ الْمُنْكَرَاتِ .
يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَفْعَلُهُ ، وَ يَنْهى عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يَجْتَنِبُهُ [ 5 ] .
وَ لاَ يَدْخُلُ فِي الْبَاطِلِ ، وَ لاَ يَخْرُجُ مِنَ الْحَقِّ .
عَقِلَ فَاسْتَحْيى ، وَ قَنِعَ فَاسْتَغْنى [ 6 ] .
إِنْ صَمَتَ لَمْ يَغُمَّهُ صَمْتُهُ ، وَ إِنْ نَطَقَ لَمْ يَعْلُ لَفْظُهُ [ 7 ] ، وَ إِنْ ضَحِكَ لَمْ يَعْلُ صَوْتُهُ [ 8 ] .
[ 9 ] من : في الزّلازل إلى : يشهد عليه . و من : لا يضيع إلى : بالألقاب . و من : و لا يضارّ إلى : بالمصائب . و من : و لا يدخل إلى : من الحقّ . و من : إن صمت إلى : صوته ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 193 .
[ 1 ] ورد في السقيفة ص 241 . و الكافي ج 2 ص 226 . و منهاج البراعة ج 12 ص 162 . و نهج البلاغة الثاني ص 66 .
[ 2 ] ورد في السقيفة ص 241 . و غرر الحكم ج 1 ص 83 . و تحف العقول ص 113 . و نهج السعادة ج 1 ص 475 . باختلاف يسير .
[ 3 ] ورد في الكافي ج 2 ص 229 . و منهاج البراعة ج 12 ص 161 . و نهج البلاغة الثاني ص 66 .
[ 4 ] ورد في المصدر السابق . و تذكرة الخواص ص 130 . و تحف العقول ص 113 . و نهج السعادة ج 1 ص 475 . باختلاف .
[ 5 ] ورد في السقيفة ص 241 . و تحف العقول ص 113 . و نهج السعادة ج 1 ص 475 .
[ 6 ] ورد في منهاج البراعة للخوئي ج 12 ص 161 .
[ 7 ] ورد في السقيفة لسليم بن قيس ص 241 .
[ 8 ] إن ضحك لم يخرق ، و إن غضب لم ينزق . ضحكه تبسّم ، و استفهامه تعلّم ، و مراجعته تفهّم . ورد في الكافي للكليني ج 2 ص 227 .
[ 201 ]
لاَ يَجْمَعُ بِهِ الْغَيْظُ ، وَ لاَ يَغْلِبُهُ الْهَوى ، وَ لاَ يَقْهَرُهُ الشُّحُّ ، وَ لاَ يَطْمَعُ فيمَا لَيْسَ لَهُ .
يُخَالِطُ النَّاسَ بِعِلْمٍ ، وَ يُفَارِقُهُمْ بِسِلْمٍ .
يَتَكَلَّمُ لِيَغْنَمَ ، وَ يَصْمُتُ لِيَعْلَمَ ، وَ يَسْأَلُ لِيَفْهَمَ ، وَ يَتَّجِرُ لِيَغْنَمَ .
لاَ يَنْصِتُ لِلْخَيْرِ لِيَفْخَرَ بِهِ ، وَ لاَ يَتَكَلَّمُ لِيَتَجَبَّرَ بِهِ عَلى مَنْ سِوَاهُ [ 1 ] ، [ 9 ] وَ إِنْ بُغِيَ عَلَيْهِ صَبَرَ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ [ 2 ] هُوَ الْمُنْتَصِرُ [ 3 ] الَّذي يَنْتَقِمُ لَهُ .
نَفْسُهُ مِنْهُ في عَنَاءٍ ، وَ النَّاسُ مِنْهُ في رَاحَةٍ [ 4 ] .
أَتْعَبَ نَفْسَهُ لآخِرَتِهِ ، وَ أَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ .
بُعْدُهُ عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ زُهْدٌ وَ نَزَاهَةٌ ، وَ دُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنَا مِنْهُ لينٌ وَ رَحْمَةٌ .
لَيْسَ تَبَاعُدُهُ بِكِبْرٍ وَ عَظَمَةٍ ، وَ لاَ دُنُوُّهُ بِمَكْرٍ وَ خَديعَةٍ ، بَلْ يَقْتَدي بِمَنْ سَلَفَ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ قَبْلَهُ ، وَ هُوَ إِمَامٌ لِمَنْ خَلَفَ مِنْ أَهْلِ الْبِرِّ بَعْدَهُ .
يَا هَمَّامُ [ 5 ] ، [ 10 ] الْمُؤْمِنُ هُوَ الْكَيِّسُ الْفَطِنُ [ 6 ] ، بِشْرُهُ في وَجْهِهِ ، وَ حُزْنُهُ في قَلْبِهِ ، وَ قُوَّتُهُ في دينِهِ [ 7 ] ، أَوْسَعُ شَيْءٍ صَدْراً ، وَ أَذَّلُ شَيْءٍ نَفْساً ، وَ أَرْفَعُ [ شَيْءٍ ] قَدْراً .
زَاجِرٌ عَنْ كُلِّ فَانٍ ، حَاضٌّ عَلى كُلِّ حَسَنٍ .
لاَ حَقُودٌ ، وَ لاَ حَسُودٌ ، وَ لاَ وَثَّابٌ ، وَ لاَ سَبَّابٌ ، وَ لاَ عَيَّابٌ ، وَ لاَ مُغْتَابٌ [ 8 ] .
يَكْرَهُ الرَّفْعَةَ ، وَ يَشْنَأُ السُّمْعَةَ .
[ 9 ] من : و إن بغي إلى : و خديعة ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 193 .
[ 10 ] من : المؤمن إلى : شيء نفسا . و من : يكره إلى : العريكة ورد في حكم الشريف الرضي تحت الرقم 333 .
[ 1 ] ورد في السقيفة ص 241 . و الكافي ج 2 ص 230 . و تحف العقول ص 113 . و منهاج البراعة ج 12 ص 160 . و نهج السعادة ج 1 ص 476 .
[ 2 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 113 .
[ 3 ] ورد في السقيفة لسليم بن قيس ص 242 . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 476 .
[ 4 ] رجاء . ورد في تحف العقول للحرّاني ص 113 . و ورد عفاء في دستور معالم الحكم للقضاعي ص 129 .
[ 5 ] ورد في السقيفة ص 242 . و الكافي ج 2 ص 230 . و تحف العقول ص 113 . و منهاج البراعة ج 12 ص 160 . و نهج السعادة ج 1 ص 476 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 62 . و نهج البلاغة الثاني ص 65 . باختلاف يسير .
[ 6 ] ورد في الكافي ج 2 ص 226 . و منهاج البراعة ج 12 ص 160 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 62 . و نهج البلاغة الثاني ص 65 .
[ 7 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 221 .
[ 8 ] ورد في الكافي ج 2 ص 226 . و تذكرة الخواص ص 129 . و منهاج البراعة ج 12 ص 160 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 62 .
و نهج البلاغة الثاني ص 65 . باختلاف بين المصادر .
[ 202 ]
طَويلٌ غَمُّهُ ، بَعيدٌ هَمُّهُ ، كَثيرٌ صَمْتُهُ ، مَشْغُولٌ وَقْتُهُ بِمَا يَنْفَعُهُ .
وَ قُورٌ ، ذَكُورٌ [ 1 ] ، شَكُورٌ ، صَبُورٌ .
مَغْمُورٌ بِفِكْرَتِهِ ، ضَنينٌ بِخَلَّتِهِ [ 2 ] .
سَهْلُ الْخَليقَةِ ، لَيِّنُ الْعَريكَةِ .
رَصينُ الْوَفَاءِ ، قَليلُ الأَذى .
لاَ مُتَأَفِّكٌ وَ لاَ مُتَهَتِّكٌ .
كَثيرٌ عِلْمُهُ ، عَظيمٌ حِلْمُهُ .
لاَ يَبْخَلُ وَ لاَ يَعْجَلُ ، وَ لاَ يَضْجَرُ وَ لاَ يَبْطَرُ ، وَ لاَ يَحيفُ في حُكْمِهِ ، وَ لاَ يَجُورُ في عِلْمِهِ [ 3 ] .
[ 6 ] نَفْسُهُ أَصْلَبُ مِنَ الصَّلْدِ ، وَ هُوَ أَذَلُّ مِنَ الْعَبْدِ ، وَ مُكَادَحَتُهُ [ 4 ] أَحْلى مِنَ الشَّهْدِ .
لاَ جَشِعٌ ، وَ لاَ هَلِعٌ ، وَ لاَ عَنِفٌ ، وَ لاَ صَلِفٌ ، وَ لاَ مُتَكَلِّفٌ ، وَ لاَ مُتَعَمِّقٌ .
جَميلُ الْمُنَازَعَةِ ، كَريمُ الْمُرَاجَعَةِ .
عَدْلٌ إِنْ غَضِبَ ، رَفيقٌ إِنْ طَلَبَ .
لاَ يَتَهَوَّرُ ، وَ لاَ يَتَجَبَّرُ .
خَالِصُ الْوُدِّ ، وَثيقُ الْعَهْدِ ، وَفِيُّ الْعَقْدِ .
شَفيقٌ وَصُولٌ ، حَليمٌ حَمُولٌ ، قَليلُ الْفُضُولِ .
رَاضٍ عَنِ اللَّهِ ، مُخَالِفٌ لِهَوَاهُ .
لاَ يَغْلَظُ عَلى مَنْ يُؤْذيهِ [ 5 ] ، وَ لاَ يَخُوضُ فيمَا لاَ يَعْنيهِ .
نَاصِرٌ لِلدّينِ ، مُحَامٍ عَنِ الْمُؤْمِنينَ ، كَهْفٌ لِلْمُسْلِمينَ .
لاَ يَخْرُقُ الثَّنَاءُ سَمْعَهُ ، وَ لاَ يَنْكِي الطَّمَعُ قَلْبَهُ ، وَ لاَ يَصْرِفُ اللَّعِبُ حُكْمَهُ ، وَ لاَ يُطْلِعُ الْجَاهِلَ عِلْمَهُ .
[ 6 ] من : نفسه إلى : من العبد ورد في حكم الشريف الرضي تحت الرقم 333 .
[ 1 ] ورد في الكافي ج 2 ص 226 . و تذكرة الخواص ص 129 . و منهاج البراعة ج 12 ص 160 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 62 .
و نهج البلاغة الثاني ص 65 . باختلاف بين المصادر .
[ 2 ] مغموم بفكره ، مسرور بفقره . ورد في المصادر السابقة .
[ 3 ] ورد في الكافي ج 2 ص 227 . و منهاج البراعة ج 12 ص 160 . و مستدرك كاشف الغطاء ص 63 . و نهج البلاغة الثاني ص 65 .
[ 4 ] مطارحته . ورد في
[ 5 ] من دونه . ورد في الكافي ج 2 ص 227 . و منهاج البراعة ج 12 ص 160 . و مستدرك كاشف الغطاء ص 63 . و نهج البلاغة الثاني ص 65 .
[ 203 ]
قَوَّالٌ فَعَّالٌ ، عَالِمٌ حَازِمٌ .
لاَ بِفَحَّاشٍ وَ لاَ بِطَيَّاشٍ .
وَصُولٌ في غَيْرِ عُنْفٍ ، بَذُولٌ في غَيْرِ سَرْفٍ .
لاَ بِخَتَّارٍ وَ لاَ بِغَدَّارٍ ، وَ لاَ يَقْتَفي أَثَراً ، وَ لاَ يَحيفُ بَشَراً .
رَفيقٌ بِالْخَلْقِ ، سَاعٍ فِي الأَرْضِ .
عَوْنٌ لِلضَّعيفِ ، غَوْثٌ لِلَّهيفِ .
لاَ يَهْتِكُ سِتْراً ، وَ لاَ يَكْشِفُ سِرّاً .
كَثيرُ الْبَلْوى ، قَليلُ الشَّكْوى .
إِنْ رَأى خَيْراً ذَكَرَهُ ، وَ إِنْ عَايَنَ شَرّاً سَتَرَهُ .
يَسْتُرُ الْعَيْبَ ، وَ يَحْفَظُ الْغَيْبَ ، وَ يُقيلُ الْعَثَرَةَ ، وَ يَغْفِرُ الزَّلَّةَ .
لاَ يَطَّلِعُ عَلى نُصْحٍ فَيَذَرُهُ ، وَ لاَ يَدَعُ جُنْحَ حَيْفٍ فَيُصْلِحُهُ .
أَمينٌ ، رَصينٌ ، تَقِيٌّ ، نَقِيٌّ ، زَكِيٌّ ، رَضِيٌّ .
يَقْبَلُ الْعُذْرَ ، وَ يُجْمِلُ الذِّكْرَ ، وَ يُحْسِنُ بِالنَّاسِ الظَّنَّ ، وَ يَتَّهِمُ عَلَى الْعَيْبِ نَفْسَهُ .
يُحِبُّ فِي اللَّهِ بِفِقْهٍ وَ عِلْمٍ ، وَ يَقْطَعُ فِي اللَّهِ بِحَزْمٍ وَ عَزْمٍ .
لاَ يَخْرُقُ بِهِ فَرَحٌ ، وَ لاَ يَطيشُ بِهِ مَرَحٌ .
مُذَكِّرٌ لِلْعَالِمِ ، مُعَلِّمٌ لِلْجَاهِلِ .
لاَ يُتَوَقَّعُ لَهُ بَائِقَةٌ ، وَ لاَ يُخَافُ لَهُ غَائِلَةٌ .
كُلُّ سَعْيٍ أَخْلَصُ عِنْدَهُ مِنْ سَعْيِهِ ، وَ كُلُّ نَفْسٍ أَصْلَحُ عِنْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ .
عَالِمٌ بِعَيْبِهِ ، شَاغِلٌ بِغَمِّهِ ، وَ لاَ يَثِقُ بِغَيْرِ رَبِّهِ .
غَريبٌ ، وَحيدٌ ، حَزينٌ .
يُحِبُّ فِي اللَّهِ وَ يُجَاهِدُ فِي اللَّهِ لِيَتَّبِعَ رِضَاهُ .
وَ لاَ يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ ، وَ لاَ يُوَالي في سَخَطِ رَبِّهِ .
مُجَالِسٌ لِأَهْلِ الْفَقْرِ ، مُصَادِقٌ لأَهْلِ الصِّدْقِ ، مُؤَازِرٌ لأَهْلِ الْحَقِّ .
عَوْنٌ لِلْغَريبِ ، أَبٌ لِلْيَتيمِ ، بَعْلٌ لِلأَرْمَلَةِ ، حَفِيٌّ بِأَهْلِ الْمَسْكَنَةِ .
[ 204 ]
مَرْجُوٌّ لِكُلِّ كَريهَةٍ ، مَأْمُولٌ لِكُلِّ شِدَّةٍ .
أُولئِكَ الآمِنُونَ الْمُطْمَئِنُّونَ الَّذينَ يُسْقَوْنَ مِنْ كَأْسٍ لاَ لَغْوٌ فيهَا وَ لاَ تَأْثيمٌ .
أُولئِكَ شيعَتُنَا وَ أَحِبَّتُنَا ، وَ مِنَّا وَ مَعَنَا .
أَلاَ آهِ شَوْقاً إِلَيْهِمْ [ 1 ] .
[ 2 ] فصعق همّام رحمه اللّه صعقة كانت نفسه فيها .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام :
أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَيْهِ .
ثم قال :
هَكَذَا تَصْنَعُ الْمَوَاعِظُ الْبَالِغَةُ بِأَهْلِهَا .
فقال له قائل : فما بالك أنت يا أمير المؤمنين ؟ .
فقال عليه السلام :
وَيْحَكَ ، إِنَّ لِكُلِّ أَجَلٍ وَقْتاً لاَ يَعْدُوهُ ، وَ سَبَباً لاَ يَتَجَاوَزُهُ ، فَمَهْلاً ، لاَ تَعُدْ لِمِثْلِهَا ، فَإِنَّمَا نَفَثَ الشَّيْطَانُ عَلى لِسَانِكَ .