خطبة له عليه السلام ( 34 ) في عيد الأضحى

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ اَللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ .

اَللَّهُ أَكْبَرُ وَ للَّهِ الْحَمْدُ .

اَلْحَمْدُ للَّهِ عَلى مَا هَدَانَا ، وَ لَهُ الشُّكْرُ عَلى مَا أَوْلاَنَا .

وَ الْحَمْدُ للَّهِ عَلى مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهيمَةِ الأَنْعَامِ .

اَللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، زِنَةَ عَرْشِهِ ، وَ رِضَا نَفْسِهِ ، وَ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ ، وَ عَدَدَ قَطْرِ سَموَاتِهِ ،

وَ نُطَفِ بُحُورِهِ .

[ 1 ] سورة التوحيد . و وردت الفقرات في من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 327 . و منهاج البراعة ج 4 ص 252 . و مستدرك كاشف الغطاء ص 101 . و نهج السعادة ج 1 ص 525 و ج 3 ص 161 . و مصباح البلاغة ج 2 ص 133 عن أمالي الصدوق . و نهج البلاغة الثاني ص 35 . باختلاف بين المصادر .

[ 385 ]

وَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنى ، وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَ الأُولى ، حَتَّى يَرْضى وَ بَعْدَ الرِّضَا ، إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبيرُ ، وَ هُوَ الْعَزيزُ الْغَفُورُ .

اَللَّهُ أَكْبَرُ كَبيراً مُتَكَبِّراً ، وَ إِلهاً عَزيزاً مُتَعَزِّزاً ، وَ رَحيماً عَطُوفاً مُتَحَنِّناً ، يَقْبَلُ التَّوْبَةَ ، وَ يُقيلُ الْعَثْرَةَ ،

وَ يَعْفُو بَعْدَ الْقُدْرَةِ . لاَ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الضَّالُّونَ .

اَللَّهُ أَكْبَرُ كَبيراً ، وَ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ كَثيراً ، وَ سُبْحَانَ اللَّهِ حَنَّاناً قَديراً .

وَ الْحَمْدُ للَّهِ نَحْمَدُهُ وَ نَسْتَعينُهُ وَ نَسْتَغْفِرُهُ وَ نَسْتَهْديهِ .

وَ نَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ] عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ .

مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظيماً 1 ، وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبيناً 2 .

أُوصيكُمْ ، عِبَادَ اللَّهِ ، بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَ كَثْرَةِ ذِكْرِ الْمَوْتِ ، وَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا الَّتي لَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا مَنْ كَانَ فيهَا قَبْلَكُمْ ، وَ لَنْ تَبْقى لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِكُمْ ، فَسَبيلُ مَنْ فيهَا سَبيلُ الْمَاضينَ مِنْ أَهْلِهَا [ 3 ] .

[ 8 ] أَلاَ وَ إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَصَرَّمَتْ وَ آذَنَتْ بِانْقِضَاءٍ ، وَ تَنَكَّرَ مَعْرُوفُهَا ، وَ أَدْبَرَتْ حَذَّاءَ ، فَهِيَ تَحْفِزُ بِالْفَنَاءِ سُكَّانَهَا ، وَ تَحْدُو بِالْمَوْتِ جيرَانَهَا .

وَ قَدْ أَمَرَّ مِنْهَا مَا كَانَ حُلْواً ، وَ كَدِرَ مِنْهَا مَا كَانَ صَفْواً ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ سَمَلَةٌ كَسَمَلَةِ الإِدَاوَةِ [ 4 ] ، أَوْ جُرْعَةٌ كَجُرْعَةِ الْمَقْلَةِ ، لَوْ تَمَزَّزُهَا الصَّدْيَانُ [ 5 ] لَمْ يَنْقَعْ غُلَّتَهُ بِهَا [ 6 ] .

فَأَزْمِعُوَا [ 7 ] ، عِبَادَ اللَّهِ ، الرَّحيلَ عَنْ هذِهِ الدَّارِ الْمَقْدُورِ عَلى أَهْلِهَا الزَّوَالُ ، الْمَمْنُوعِ أَهْلُهَا مِنْ دَوَامِ الْحَيَاةِ ، الْمُذَلَّلَةِ فيهَا أَنْفُسُهُمْ بِالْمَوْتِ ، وَ أَجْمِعُوا مُتَارَكَتَهَا ، فَمَا مِنْ حَيٍّ يَطْمَعُ فِي الْبَقَاءِ ، وَ لاَ

[ 8 ] من : ألا وَ إِنّ إلى : الزّوال ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 52 .

-----------
( 1 ) الأحزاب ، 71 .

-----------
( 2 ) الأحزاب ، 36 .

[ 3 ] ورد في من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 328 . و منهاج البراعة ج 4 ص 322 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 98 . و نهج السعادة ج 1 ص 530 و ج 3 ص 142 . و نهج البلاغة الثاني ص 38 . باختلاف بين المصادر .

[ 4 ] إلاّ شفافة كشفافة الإناء . ورد في المستدرك لكاشف الغطاء ص 98 . و نهج السعادة ج 1 ص 532 . و نهج البلاغة الثاني ص 38 .

[ 5 ] العطشان . ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 3 ص 142 .

[ 6 ] ورد في من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 329 . و منهاج البراعة ج 4 ص 323 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 98 . و نهج السعادة ج 1 ص 532 و ج 3 ص 142 . و نهج البلاغة الثاني ص 38 .

[ 7 ] فاذنوا ، عباد اللّه بالرّحيل . ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 3 ص 143 .

[ 386 ]

نَفْسٌ إِلاَّ وَ قَدْ أَذْعَنَتْ لِلْمَنُونِ [ 1 ] .

[ 8 ] وَ لاَ يَغْلِبَنَّكُمْ فيهَا الأَمَلُ ، وَ لاَ يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الأَمَدُ ، فَتَقْسُو قُلُوبُكُمْ .

وَ لاَ تَغْتَرُّوا بِالْمُنى وَ خُدَعِ الشَّيْطَانِ وَ تَسْوِيفِهِ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ، عَدُوَّكُمْ ، حَريصٌ عَلى إِهْلاَكِكُمْ .

تَعَبَّدُوا للَّهِ ، عِبَادَ اللَّهِ ، أَيَّامَ الْحَيَاةِ [ 2 ] ، فَوَ اللَّهِ لَوْ قَدْ حَنَنْتُمْ حَنينَ الْوُلَّهِ الْعِجَالِ ، وَ دَعَوْتُمْ بِهَديلِ الْحَمَامِ ، وَ جَأَرْتُمْ جُؤَارَ مُتَبَتَّلِي الرُّهْبَانِ ، وَ خَرَجْتُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالى [ 3 ] مِنَ الأَمْوَالِ وَ الأَوْلاَدِ ،

الْتِمَاسَ الْقُرْبَةِ إِلَيْهِ فِي ارْتِفَاعِ دَرَجَةٍ عِنْدَهُ ، أَوْ غُفْرَانِ سَيِّئَةٍ أَحْصَتْهَا كُتُبُهُ وَ حَفِظَهَا رُسُلُهُ ، لَكَانَ قَليلاً فيمَا أَرْجُو لَكُمْ مِنْ ثَوَابِهِ ، وَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ عِقَابِهِ .

وَ تَاللَّهِ لَوِ انْمَاثَتْ قُلُوبُكُمُ انْمِيَاثاً ، وَ سَالَتْ عُيُونُكُمْ مِنْ رَغْبَةٍ إِلَيْهِ أَوْ رَهْبَةٍ مِنْهُ دَماً ، ثُمَّ عُمِّرْتُمْ فِي الدُّنْيَا مَا الدُّنْيَا بَاقِيَةٌ عَلى أَفْضَلِ اجْتِهَادٍ وَ عَمَلٍ [ 4 ] ، مَا جَزَتْ أَعْمَالُكُمْ عَنْكُمْ ، وَ لَوْ لَمْ تُبْقُوا شَيْئاً مِنْ جُهْدِكُمْ ، مَا قُمْتُمْ بِحَقِّ أَنْعُمِهِ عَلَيْكُمْ الْعِظَامِ ، وَ هُدَاهُ إِيَّاكُمْ لِلإيمَانِ ، وَ لاَ اسْتَحْقَقْتُمْ جَنَّتَهُ وَ لاَ رَحْمَتَهُ ، وَ لكِنْ بِرَحْمَتِهِ تُرْحَمُونَ ، وَ بِهُدَاهُ تَهْتَدُونَ ، وَ بِهِمَا إِلى جَنَّتِهِ يَصيرُ مِنْكُمُ الْمُقْسِطُونَ .

جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ بِرَحْمَتِهِ مِنَ التَّائِبينَ الْعَابِدينَ الأَوَّابينَ .

أَلاَ وَ إِنَّ هذَا يَوْمٌ حُرْمَتُهُ عَظيمَةٌ ، وَ بَرَكَتُهُ مَأْمُولَةٌ ، وَ الْمَغْفِرَةُ فيهِ مَرْجُوَّةٌ ، فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالى ، وَ تَعَرَّضُوا لِثَوَابِهِ بِالتَّوْبَةِ ، وَ الاِنَابَةِ ، وَ الْخُضُوعِ ، وَ الْخُشُوعِ وَ التَّضَرُّعِ ، فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَ يَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ 1 وَ هُوَ الرَّحيمُ الْوَدُودُ .

وَ مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلْيُضَحِّ بِجِذْعٍ مِنَ الضَّأْنِ ، وَ لاَ يُجْزي عَنْهُ جِذْعٌ مِنَ الْمَعْزِ [ 6 ] .

[ 9 ] وَ مِنْ تَمَامِ [ 7 ] الأُضْحِيَةِ اسْتِشْرَافُ أُذُنِهَا ، وَ سَلامَةُ عَيْنِهَا ، فَإِذَا سَلِمَتِ الأُذُنُ وَ الْعَيْنُ

[ 8 ] من : و لا يغلبنّكم إلى : الأمد . و من : فو اللّه إلى : للإيمان ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 52 .

[ 9 ] من : و من تمام إلى : المنسك ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 53 .

[ 1 ] ورد في من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 329 . و منهاج البراعة ج 4 ص 323 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 99 . و نهج السعادة ج 1 ص 532 و ج 3 ص 143 . و نهج البلاغة الثاني ص 38 . باختلاف يسير .

[ 2 ] ورد في من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 329 . و منهاج البراعة ج 4 ص 323 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 99 . و نهج السعادة ج 1 ص 532 . و نهج البلاغة الثاني ص 38 . باختلاف يسير .

[ 3 ] ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 3 ص 143 .

[ 4 ] ورد في المستدرك لكاشف الغطاء ص 99 . و نهج السعادة ج 1 ص 533 . و نهج البلاغة الثاني ص 38 .

-----------
( 1 ) الشورى ، 25 .

[ 6 ] ورد في من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 329 . و منهاج البراعة ج 4 ص 323 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 99 . و نهج السعادة ج 1 ص 533 . و نهج البلاغة الثاني ص 38 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 71 عن حلية الأولياء لأبي نعيم .

[ 7 ] كمال . ورد في نسخة عبده ص 155 .

[ 387 ]

سَلِمَتِ الأُضْحِيَةُ وَ تَمَّتْ .

وَ لَوْ [ 1 ] كَانَتْ عَضْبَاءَ الْقَرْنِ أَوْ [ 2 ] تَجُرُّ رِجْلَهَا إِلَى الْمَنْسَكِ فَلاَ تُجْزي .

وَ إِذَا ضَحَّيْتُمْ فَكُلُوا مِنْهَا وَ أَطْعِمُوا ، وَ اهْدُوا ، وَ ادَّخِرُوا ، وَ احْمِدُوا اللَّهَ عَلى مَا رَزَقَكُمْ مِنْ بَهيمَةِ الأَنْعَامِ .

وَ أَقيمُوا الصَّلاَةَ وَ آتُوا الزَّكَاةَ ، وَ أَحْسِنُوا الْعِبَادَةَ ، وَ أَقيمُوا الشَّهَادَةَ بِالْقِسْطِ ، وَ ارْغَبُوا فيمَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ، وَ أَدُّوا مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْجِهَادِ ، وَ الْحَجِّ ، وَ الصِّيَامِ ، وَ الصَّلاَةِ ، وَ الزَّكَاةِ ، وَ مَعَالِمِ الإيمَانِ ، فَإِنَّ ثَوَابَ ذَلِكَ عَظيمٌ لاَ يَنْفدُ ، وَ خَيْرَهُ جَسيمٌ ، وَ تَرْكَهُ وَ بَالٌ لاَ يَبيدُ .

وَ أْمُرُوا بِالْمَعْروفِ ، وَ انْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَ أَعينُوا الضَّعيفَ ، وَ أَخيفُوا الظَّالِمَ ، وَ انْصُرُوا الْمَظْلُومَ ، وَ خُذُوا فَوْقَ يَدِ الْمُريبِ .

وَ أَحْسِنُوا إِلى نِسَائِكُمْ وَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ .

وَ اصْدُقُوا الْحَديثَ ، وَ أَدُّوا الأَمَانَةَ ، وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ ، وَ كُونُوا قَوَّامينَ بِالْحَقِّ [ 3 ] .

وَ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَ الْميزَانَ .

وَ جَاهِدُوا في سَبيلِ اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ، وَ لاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَ لاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ 1 .

إِنَّ أَبْلَغَ الْمَوْعِظَةِ وَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ كَلاَمُ اللَّهِ . أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجيمِ . بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [ 5 ] .

و جلس عليه السلام كالرائد العجلان ثم نهض فخطب الخطبة الثانية المذكورة في ذيل خطبة الجمعة .

[ 1 ] و إن . ورد في من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 330 . و منهاج البراعة ج 4 ص 323 . و نهج السعادة ج 1 ص 534 .

[ 2 ] ورد في من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 330 . و منهاج البراعة ج 4 ص 323 .

[ 3 ] بالقسط . ورد في المستدرك لكاشف الغطاء ص 100 . و نهج السعادة ج 1 ص 535 . و نهج البلاغة الثاني ص 39 .

-----------
( 1 ) لقمان ، 40 .

[ 5 ] سورة التوحيد . و وردت الفقرات في العقد الفريد ج 4 ص 177 . و من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 330 . و منهاج البراعة ج 4 ص 324 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 100 . و نهج السعادة ج 1 ص 535 . و نهج البلاغة الثاني ص 39 . باختلاف بين المصادر .

[ 388 ]