بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ إِلى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبي سُفْيَانَ [ 4 ] .
[ 6 ] أَمَّا بَعْدُ ، يَا ابْنَ هِنْدٍ [ 5 ] ، فَقَدْ أَتَاني كِتَابُكَ تَذْكُرُ فيهِ اصْطِفَاءَ اللَّهِ تَعَالى مُحَمَّداً صَلَّى
[ 6 ] من : أمّا بعد إلى : النّضال ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 28 .
[ 1 ] قريش . ورد في المصدر السابق . و صفين ص 58 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 121 . و منهاج البراعة ج 17 ص 218 .
و نهج البلاغة الثاني ص 235 .
[ 2 ] عليه الصّلاة و السّلام . ورد في الإمامة و السياسة لابن قتيبة ج 1 ص 112 .
[ 3 ] ورد في المصدر السابق . و صفين ص 58 . و الفتوح ج 2 ص 534 و 535 . و مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 194 و 195 . و المناقب للخوارزمي ص 134 . و شرح ابن أبي الحديد ج 14 ص 43 . و تذكرة الخواص ص 82 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 499 و 500 . و منهاج البراعة ج 17 ص 223 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 121 . و نهج السعادة ج 4 ص 263 و 266 . و نهج البلاغة الثاني ص 235 و 246 . باختلاف .
[ 4 ] ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 4 ص 190 .
[ 5 ] ورد في شرح نهج البلاغة لابن ميثم ج 4 ص 361 .
[ 847 ]
اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لِدينِهِ ، وَ تَأْييدَهُ إِيَّاهُ بِمَنْ أَيَّدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ .
فَلَقَدْ خَبَّأَ لَنَا الدَّهْرُ مِنْكَ عَجَباً ، إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا بِبَلاَءِ [ 1 ] اللَّهِ تَعَالى عِنْدَنَا [ 2 ] ، وَ نِعْمَتِهِ عَلَيْنَا في نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ [ 3 ] ، فَكُنْتَ في ذَلِكَ كَنَاقِلِ [ 4 ] التَّمْرِ إِلى هَجَرٍ ، أَوْ دَاعي مُسَدِّدِهِ إِلَى النِّضَالِ .
فَطَالَمَا دَعَوْتَ أَنْتَ وَ أَوْلِيَاؤُكَ ، أَوْلِيَاءُ الشَّيْطَانِ الرَّجيمِ ، الْحَقَّ أَسَاطيرَ الأَوَّلينَ ، وَ نَبَذْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ، وَ جَهَدْتُمْ في إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ بِأَيْديكُمْ وَ أَفْوَاهِكُمْ ، وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ 1 .
وَ لَعَمْري لَيَنْفُذَنَّ الْعِلْمُ فيكَ ، وَ لَيَتِمَّنَّ النُّورُ بِصَغَارِكَ وَ قَمَاءَتِكَ ، وَ لَتَخْسَأَنَّ طَريداً مَدْحُوراً ،
أَوْ قَتيلاً مَثْبُوراً ، وَ لَتُجْزَيَنَّ بِعَمَلِكَ حَيْثُ لاَ نَاصِرَ لَكَ وَ لاَ مُصَرِّخَ عِنْدَكَ .
فَعِثْ في دُنْيَاكَ الْمُنْقَطِعَةِ عَنْكَ مَا طَابَ لَكَ ، فَكَأَنَّكَ بِأَجَلِكَ قَدِ انْقَضى ، وَ عَمَلِكَ قَدْ هَوى ، ثُمَّ تَصيرُ إِلى لَظى ، لَمْ يَظْلِمْكَ اللَّهُ شَيْئاً وَ مَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبيدِ [ 6 ] .
[ 9 ] وَ زَعَمْتَ أَنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ فِي الإِسْلاَمِ فُلاَنٌ وَ فُلاَنٌ ، فَذَكَرْتَ أَمْراً إِنْ تَمَّ اعْتَزَلَكَ كُلُّهُ ، وَ إِنْ نَقَصَ لَمْ يَلْحَقْكَ ثَلْمُهُ .
وَ مَا أَنْتَ ، يَا ابْنَ هِنْدٍ [ 7 ] ، وَ الْفَاضِلُ وَ الْمَفْضُولُ ، وَ السَّائِسُ وَ الْمَسُوسُ ؟ .
وَ مَا لِلطُّلَقَاءِ وَ أَبْنَاءِ الطُّلَقَاءِ وَ الأَحْزَابِ وَ أَبْنَاءِ الأَحْزَابِ [ 8 ] وَ التَّمْييزِ بَيْنَ الْمُهَاجِرينَ الأَوَّلينَ ،
وَ تَرْتيبِ دَرَجَاتِهِمْ ، وَ تَعْريفِ طَبَقَاتِهِمْ ؟ .
هَيْهَاتَ ، لَقَدْ حَنَّ قِدْحٌ لَيْسَ مِنْهَا ، وَ طَفِقَ يَحْكُمُ فيهَا مَنْ عَلَيْهِ الْحُكْمُ لَهَا .
[ 9 ] من : و زعمت إلى : أحدّث ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 28 .
[ 1 ] عن بلاء . ورد في كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 560 . و شرح نهج البلاغة لابن ميثم ج 4 ص 361 .
[ 2 ] فينا . ورد في المصدرين السابقين .
[ 3 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 4 ] كجالب . ورد في المصدرين السابقين .
-----------
( 1 ) التوبة 32 .
[ 6 ] فصّلت ، 46 . و وردت الفقرات في شرح ابن أبي الحديد ج 15 ص 83 و ج 16 ص 135 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 501 .
و نهج البلاغة الثاني ص 247 .
[ 7 ] ورد في كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 560 .
[ 8 ] ورد في المصدر السابق .
[ 848 ]
أَلاَ تَرْبَعُ ، أَيُّهَا الإِنْسَانُ ، عَلى ظَلْعِكَ ، وَ تَعْرِفُ قُصُورَ ذَرْعِكَ ، وَ تَتَأَخَّرُ حَيْثُ أَخَّرَكَ الْقَدَرُ ، فَمَا عَلَيْكَ غَلَبَةُ الْمَغْلُوبِ ، وَ لاَ لَكَ ظَفَرُ الظَّافِرِ .
وَ إِنَّكَ لَذَهَّابٌ فِي التّيهِ ، رَوَّاغٌ عَنِ الْقَصْدِ .
أَلاَ تَرى ، غَيْرَ مُخْبِرٍ لَكَ وَ لكِنْ بِنِعْمَةِ اللَّهِ أُحَدِّثُ ، أَنَّنَا قَدْ فُزْنَا عَلى جَميعِ الْمُهَاجِرينَ كَفَوْزِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَلى سَائِرِ النَّبِيّينَ ؟ .
أَ وَ لاَ تَرى [ 1 ] [ 6 ] أَنَّ قَوْماً اسْتُشْهِدُوا في سَبيلِ اللَّهِ تَعَالى مِنَ الْمُهَاجِرينَ وَ الأَنْصَارِ ، وَ لِكُلٍّ فَضْلٌ ، حَتَّى إِذَا اسْتُشْهِدَ شَهيدُنَا قيلَ : سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ ، وَ خَصَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِسَبْعينَ تَكْبيرَةً عِنْدَ صَلاَتِهِ عَلَيْهِ ، وَ وَضَعَهُ بِيَدِهِ في قَبْرِهِ ؟ [ 2 ] .
أَوَ لاَ تَرى أَنَّ قَوْماً قُطِّعَتْ أَيْديهِمْ في سَبيلِ اللَّهِ ، وَ لِكُلٍّ فَضْلٌ ، حَتَّى إِذَا فُعِلَ بِوَاحِدِنَا مَا فُعِلَ بِوَاحِدِهِمْ قيلَ : الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ وَ ذُو الْجَنَاحَيْنِ ؟ .
أَوَلاَ تَرى أَنْ مُسْلِمَنَا قَدْ بَانَ في إِسْلاَمِهِ كَمَا بَانَ جَاهِلُنَا في جَاهِلِيَّتِهِ ، حَتَّى قَالَ عِمِّيَ الْعَبَّاسُ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لأَبي طَالِبٍ :
أَبَا طَالِبٍ لاَ تَقْبَلِ النَّصْفَ مِنْهُمُ
وَ إِنْ أَنْصَفُوا حَتَّى نُعَقَّ وَ نُظْلَمَا
أَبى قَوْمُنَا أَنْ يَنْصِفُونَا فَأَنْصَفَتْ
صَوَارِمُ في أَيْمَانِنَا تَقْطُرُ الدَّمَا
تَرَكْنَاهُمُ لاَ يَسْتَحِلُّونَ بَعْدَهَا
لِذي حُرْمَةٍ في سَائِرِ النَّاسِ مُحْرَمَا
[ 3 ] وَ لَوْ لاَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ تَزْكِيَةِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ ، لَذَكَرَ ذَاكِرٌ فَضَائِلَ جَمَّةً تَعْرِفُهَا قُلُوبُ الْمُؤْمِنينَ ،
وَ لاَ تَمُجُّهَا آذَانُ السَّامِعينَ .
فَدَعْ عَنْكَ ، يَا ابْنَ هِنْدٍ [ 4 ] ، مَنْ قَدْ مَالَتْ بِهِ الرَّمِيَّةُ ، فَإِنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا ، وَ النَّاسُ بَعْدُ صَنَائِعُ لَنَا .
لَمْ يَمْنَعْنَا قَديمُ عِزِّنَا وَ لاَ عَادِيُّ طَوْلِنَا عَلى قَوْمِكَ أَنْ خَلَطْنَاكُمْ بِأَنْفُسِنَا ، فَنَكَحْنَا وَ أَنْكَحْنَا فِعْلَ الأَكْفَاءِ ، وَ لَسْتُمْ هُنَاكَ .
وَ أَنَّى يَكُونُ ذَلِكَ ، كَذَلِكَ وَ مِنَّا الْمِشْكَاةُ وَ الزَّيْتُونَةُ وَ مِنْكُمُ الشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ ، وَ مِنَّا [ 5 ] النَّبِيُّ
[ 6 ] من : أنّ قوما إلى : ذو الجناحين . و من : و لو لا ما نهى إلى : و إليه أنيب ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 28 .
[ 1 ] ورد في كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 560 .
[ 2 ] ورد في المصدر السابق .
[ 3 ] ورد في المصدر السابق .
[ 4 ] ورد في المصدر السابق .
[ 5 ] ورد في المصدر السابق .
[ 849 ]
وَ مِنْكُمُ الْمُكَذِّبُ ، وَ مِنَّا أَسَدُ اللَّهِ وَ مِنْكُمْ طَريدُ رَسُولِ اللَّهِ ، وَ مِنَّا هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مُنَافٍ [ 1 ] وَ مِنْكُمْ أُمَيَّةُ كَلْبُ [ 2 ] الأَحْلاَفِ ، وَ مِنَّا الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ وَ مِنْكُمْ عَدُوُّ الإِسْلاَمِ وَ السُّنَّةِ [ 3 ] ، وَ مِنَّا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مِنْكُمْ صِبْيَةُ النَّارِ ، وَ مِنَّا خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمينَ بِلاَ كَذِب [ 4 ] وَ مِنْكُمْ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ . في كَثيرٍ مِمَّا لَنَا وَ عَلَيْكُمْ ؟ .
فَإِسْلاَمُنَا مَا قَدْ سُمِعَ ، وَ جَاهِلِيَّتُكُمْ [ 5 ] لاَ تُدْفَعُ ، وَ الْقُرْآنُ يَجْمَعُ لَنَا مَا شَذَّ عَنَّا ، وَ هُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى : وَ أُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ في كِتَابِ اللَّهِ 6 .
وَ قَوْلُهُ تَعَالى : إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهيمَ لَلَّذينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيَّ وَ الَّذينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنينَ 7 .
فَنَحْنُ مَرَّةً أَوْلى بِالْقَرَابَةِ ، وَ تَارَةً أَوْلى بِالطَّاعَةِ .
وَ لَمَّا احْتَجَّ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى الأَنْصَارِ يَوْمَ السَّقيفَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَلَجُوَا عَلَيْهِمْ ، فَإِنْ يَكُنِ الْفَلَجُ بِهِ فَالْحَقُّ لَنَا دُونَكُمْ ، وَ إِنْ يَكُنْ بِغَيْرِهِ فَالأَنْصَارُ عَلى دَعْوَاهُمْ .
وَ زَعَمْتَ أَنّي لِكُلِّ الْخُلَفَاءِ حَسَدْتُ ، وَ عَلى كُلِّهِمْ بَغَيْتُ ، فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ الْجِنَايَةُ عَلَيْكَ ،
فَيَكُونَ الْعُذْرُ إِلَيْكَ .
وَ تِلْكَ شَكاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا وَ قُلْتَ : إِنّي كُنْتُ أُقَادُ كَمَا يُقَادُ الْجَمَلُ الْمَخْشُوشُ حَتَّى أُبَايِعَ . وَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ أَرَدْتَ أَنْ تَذُمَّ فَمَدَحْتَ ، وَ أَنْ تَفْضَحَ فَافْتَضَحْتَ .
وَ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْ غَضَاضَةٍ في أَنْ يَكُونَ مَظْلُوماً مَا لَمْ يَكُنْ شَاكّاً في دينِهِ ، وَ لاَ مُرْتَاباً بِيَقينِهِ [ 8 ] .
[ 1 ] ورد في كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 560 .
[ 2 ] أسد . ورد في نسخ النهج .
[ 3 ] ورد في كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 560 .
[ 4 ] ورد في المصدر السابق .
[ 5 ] جاهليّتنا . ورد في نسخة العام 400 ص 349 . و هامش نسخة ابن المؤدب ص 247 . و نسخة نصيري ص 163 . و نسخة الآملي ص 251 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 295 . و نسخة الأسترابادي ص 409 . و نسخة عبده ص 548 . و نسخة الصالح ص 387 .
-----------
( 6 ) الأنفال ، 75 .
-----------
( 7 ) آل عمران ، 68 .
[ 8 ] بنفسه . ورد في هامش نسخة ابن المؤدب ص 247 .
[ 850 ]
وَ هذِهِ حُجَّتي إِلى غَيْرِكَ قَصْدُهَا ، وَ لكِنّي أَطْلَقْتُ لَكَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا سَنَحَ مِنْ ذِكْرِهَا .
ثُمَّ ذَكَرْتَ مَا كَانَ مِنْ أَمْري وَ أَمْرِ عُثْمَانَ . فَلَكَ أَنْ تُجَابَ عَنْ هذِهِ لِرَحِمِكَ مِنْهُ .
فَأَيُّنَا كَانَ أَعْدى لَهُ ، وَ أَهْدى إِلى مَقَاتِلِهِ ، أَمَنْ بَذَلَ لَهُ نُصْرَتَهُ فَاسْتَقْعَدَهُ وَ اسْتَكَفَّهُ ، أَمْ مَنِ اسْتَنْصَرَهُ فَتَرَاخى عَنْهُ وَ بَثَّ الْمَنُونَ إِلَيْهِ ، حَتَّى أَتى قَدَرُهُ عَلَيْهِ ؟ .
كَلاَّ وَ اللَّهِ ، لَقَدَ عَلِمَ اللَّهُ الْمُعَوِّقينَ مِنْكُمْ وَ الْقَائِلينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَ لاَ يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَليلاً 1 .
وَ مَا كُنْتُ لأَعْتَذِرَ مِنْ أَنّي كُنْتُ أَنْقِمُ عَلَيْهِ أَحْدَاثاً ، فَإِنْ كَانَ الذَّنْبُ إِلَيْهِ إِرْشَادي وَ هِدَايَتي لَهُ ،
فَرُبَّ مَلُومٍ لاَ ذَنْبَ لَهُ وَ قَدْ يَسْتَفيدُ الظِّنَّةَ الْمُتَنَصِّحُ وَ مَا أَرَدْتُ إِلاَّ الاِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ مَا تَوْفيقي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنيبُ 2 .
وَ لَعَمْري مَا قَتَلَ ابْنَ عَمِكَ غَيْرُكَ ، وَ لاَ خَذَلَهُ سِوَاكَ .
وَ لَقَدْ تَرَبَّصْتَ بِهِ الدَّوَائِرَ ، وَ تَمَنَّيْتَ لَهُ الأَمَانِيَّ ، طَمَعاً فيمَا ظَهَرَ مِنْكَ ، وَ دَلَّ عَلَيْهِ فِعْلُكَ .
وَ إِنّي لأَرْجُو أَنْ أُلْحِقَكَ بِهِ عَلى أَعْظَمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَ أَكْبَرَ مِنْ خَطيئَتِهِ .
وَ كُنْتَ تَسْأَلُني [ أَنْ ] أَدْفَعَ إِلَيْكَ قَتَلَةَ عُثْمَانَ ، وَ لَيْسَ لَكَ أَنْ تَسْأَلَ ذَلِكَ ، وَ لاَ إِلَيَّ أَنْ أَدْفَعَهُمْ إِلَيْكَ ،
وَ إِنَّمَا ذَلِكَ إِلى وَرَثَةِ عُثْمَانَ وَ أَوْلاَدِهِ ، وَ هُمْ أَوْلى بِطَلَبِ دَمِ أَبيهِمْ مِنْكَ .
فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّكَ أَقْوى عَلَى الطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ ، فَادْخُلْ فيمَا دَخَلَ فيهِ الْمُهَاجِرُونَ وَ الأَنْصَارُ ،
وَ حَاكِمِ الْقَوْمَ أَحْمِلُكَ وَ إِيَّاهُمْ عَلى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ [ 3 ] .
[ 6 ] وَ ذَكَرْتَ أَنَّهُ لَيْسَ لي وَ لاَ لأَصْحَابِي عِنْدَكَ إِلاَّ السَّيْفُ .
فَلَقَدْ أَضْحَكْتَ بَعْدَ اسْتِعْبَارٍ .
يَا ابْنَ آكِلَةِ الأَكْبَادِ [ 4 ] ، مَتى أَلْفَيْتَ بَني عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ الأَعْدَاءِ نَاكِلينَ ، وَ بِالسُّيُوفِ [ 5 ]
[ 6 ] من : و ذكرت إلى : ببعيد ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 28 .
-----------
( 1 ) الأحزاب ، 18 .
-----------
( 2 ) هود ، 88 .
[ 3 ] ورد في العقد الفريد ج 5 ص 82 . و الفتوح ج 2 ص 561 . و شرح ابن أبي الحديد ج 15 ص 84 . و نهج البلاغة الثاني ص 247 .
باختلاف بين المصادر .
[ 4 ] ورد في كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 561 .
[ 5 ] بالسّيف . ورد في متن شرح ابن أبي الحديد ج 15 ص 183 . و متن شرح ابن ميثم ج 4 ص 435 . و نسخة الصالح ص 389 .
[ 851 ]
مُخَوَّفينَ ؟ .
فَلَبِّثْ قَليلاً يَلْحَقِ الْهَيْجَا حَمَلْ فَسَيَطْلُبُكَ مَنْ تَطْلُبُ ، وَ يَقْرُبُ مِنْكَ مَا تَسْتَبْعِدُ .
وَ أَنَا مُرْقِلٌ نَحْوَكَ في جَحْفَلٍ مِنَ الْمُهَاجِرينَ وَ الأَنْصَارِ وَ التَّابِعينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ ، شَديدٍ زِحَامُهُمْ ، سَاطِعٍ قَتَامُهُمْ ، مُتَسَرْبلينَ سَرَابيلَ الْمَوْتِ ، أَحَبُّ اللِّقَاءِ إِلَيْهِمْ لِقَاءُ رَبِّهِمْ .
وَ قَدْ صَحِبَتْهُمْ ذُرِّيَّةٌ بَدْرِيَّةٌ ، وَ سُيُوفٌ هَاشِمِيَّةٌ ، قَدْ عَرَفْتَ مَوَاقِعَ نِصَالِهَا في أَخيكَ وَ خَالِكَ وَ جَدِّكَ وَ أَهْلِكَ ، وَ مَا هِيَ مِنَ الظَّالِمينَ بِبَعيدٍ 1 .
ثُمَّ لاَ أَقْبَلُ لَكَ مَعْذِرَةً وَ لاَ شَفَاعَةً ، وَ لاَ أُجيبُكَ إِلى طَلَبٍ وَ سُؤَالٍ ، وَ لَتَرْجِعَنَّ إِلى تَحَيُّرِكَ وَ تَلَدُّدِكَ .
فَأَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ صَاحِبُ السَّيْفِ ، وَ إِنَّ قَائِمَتَهُ لَفي يَدي .
وَ قَدْ عَلِمْتَ مَنْ قَتَلْتُ مِنْ صَنَاديدِ بَني عَبْدِ شَمْسٍ ، وَ فَرَاعِنَةِ بَني سَهْمٍ وَ جُمَحٍ وَ مَخْزُومٍ ، وَ أَيْتَمْتُ أَبْنَاءَهُمْ ، وَ أَيَّمْتُ نِسَاءَهُمْ .
وَ أُذَكِّرُكَ مَا لَسْتَ لَهُ نَاسِياً ، يَوْمَ قَتَلْتُ أَخَاكَ حَنْظَلَةَ وَ جَرَرْتُ بِرِجْلِهِ إِلَى الْقَليبِ ، وَ أَسَرْتُ أَخَاكَ عَمْرواً فَجَعَلْتُ عُنُقَهُ بَيْنَ سَاقَيْهِ رِبَاطاً ، وَ طَلَبْتُكَ فَفَرَرْتَ وَ لَكَ حُصَاصٌ . فَلَوْ لاَ أَنّي لاَ أَتْبَعُ فَارّاً لَجَعَلْتُكَ ثَالِثَهَمَا .
وَ إِنّي أُولي لَكَ بِاللَّهِ أَلِيَّةً بَرَّةً غَيْرَ فَاجِرَةٍ ، لَئِنْ جَمَعَتْني وَ إِيَّاكَ جَوَامِعُ الأَقْدَارِ لأَتْرُكَنَّكَ مَثَلاً يَتَمَثَّلُ بِهِ النَّاسُ أَبَداً ، وَ لأُجَعْجِعَنَّ بِكَ في مَنَاخِكَ ، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْني وَ بَيْنَكَ وَ هُوَ خَيْرُ الْحَاكِمينَ .
وَ قَدْ مَضى مَا مَضى ، وَ انْقَضى مِنْ كَيْدِكَ مَا انْقَضى .
وَ أَنَا سَائِرٌ نَحْوَكَ عَلى أَثَرِ هذَا الْكِتَابِ ، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ ، وَ انْظُرْ لَهَا ، وَ تَدَارَكْهَا .
فَإِنَّكَ إِنْ فَرَّطْتَ وَ اسْتَمْرَرْتَ عَلى غَيِّكَ وَ غُلْوَائِكَ حَتَّى يَنْهَدَ إِلَيْكَ عِبَادُ اللَّهِ ، أُرْتِجَتْ عَلَيْكَ الأُمُورُ ،
وَ مُنِعْتَ أَمْراً هُوَ الْيَوْمَ مِنْكَ مَقْبُولٌ .
يَا ابْنَ حَرْبٍ ، إِنَّ لِجَاجَكَ في مُنَازَعَةِ الأَمْرِ أَهْلَهُ مِنْ سِفَاهِ الرَّأْيِ ، فَلاَ يُطْمِعَنَّكَ أَهْلُ الضَّلاَلِ ،
وَ لاَ يُوبِقَنَّكَ سَفَهُ رَأْيِ الْجُهَّالِ ، فَوَ الَّذي نَفْسُ عَلِيٍّ بِيَدَهِ ، لَئِنْ بَرَقَتْ في وَجْهِكَ بَارِقَةٌ مِنْ ذِي الْفَقَارِ ،
لَتُصْعَقَنَّ صَعْقَةً لاَ تَفيقُ مِنْهَا حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّورِ النَّفْخَةُ الَّتي يَئِسْتَ مِنْهَا كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ [ 2 ] .
-----------
( 1 ) هود ، 83 .
[ 2 ] الممتحنة ، 13 . و وردت الفقرات في شرح ابن أبي الحديد ج 15 ص 84 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 519 . و نهج البلاغة الثاني ص 247 .
[ 852 ]