فلما رأى أمير المؤمنين عليه السلام سعة داره قال :
[ 9 ] مَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِسِعَةِ هذِهِ الدَّارِ فِي الدُّنْيَا ، وَ [ 7 ] أَنْتَ إِلَيْهَا فِي الآخِرَةِ أَحْوَجُ ؟ .
وَ بَلى إِنْ شِئْتَ بَلَغْتَ بِهَا الآخِرَةَ ، تَقْري فيهَا الضَّيْفَ ، وَ تَصِلُ فيهَا الرَّحِمَ ، وَ تُطْلِعُ مِنْهَا الْحُقُوقَ مَطَالِعَهَا ، فَإِذَا أَنْتَ قَدْ بَلَغْتَ بِهَا الآخِرَةَ .
[ 8 ] من : فمن استطاع إلى : فليفعل . و من : و أمّا فلانة إلى : على اللّه تعالى ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 156 .
[ 9 ] من : و قد دخل إلى : و ولدك ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 209 .
[ 1 ] ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 374 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 13 عن منتخب كنز العمال . باختلاف يسير .
[ 2 ] عائشة . ورد في البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 410 . و نهج السعادة ج 1 ص 379 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 13 . عن منتخب كنز العمال .
[ 3 ] رائحة . ورد في نسخة الآملي ص 127 .
[ 4 ] ورد في مصباح البلاغة للميرجهاني ج 1 ص 13 . عن منتخب كنز العمال .
[ 5 ] ورد في المصدر السابق . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 379 .
[ 6 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 7 ] أما . ورد في نسخة الجيلاني . و نسخة العطاردي ص 243 .
[ 648 ]
فقال له العلاء : يا أمير المؤمنين ، أشكو إليك أخي عاصم .
فقال عليه السلام :
وَ مَا بَالُهُ ؟ .
قال العلاء : لبس العباء ، و ترك الملاء ، و غمّ أهله ، و حزن ولده ، و تخلى عن الدنيا .
فقال عليه السلام :
عَلَيَّ به .
فلما جاء و قد ائتزر بعباءة وارتدى بأخرى عبس عليه السلام في وجهه و قال له :
يَا عُدَيَّ نَفْسِهِ ، لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكَ الْخَبيثُ .
أَمَا رَحِمْتَ أَهْلَكَ وَ وَلَدَكَ ؟ .
أَلَمْ تَسْمَعْ إِلى قَوْلِهِ تَعَالى : و يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ [ 1 ] .
[ 2 ] أَتَرَى اللَّهَ أَحَلَّ لَكَ الطَّيِّبَاتِ وَ هُوَ يَكْرَهُ أَنْ تَأْخُذَهَا ؟ .
أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ : وَ الأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ فيهَا فَاكِهَةٌ وَ النَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ 2 ؟ .
أَوَ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ : مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ 3 . ثُمَّ قَالَ : يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجَانُ ؟ .
وَ قَالَ : وَ مِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَ تَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا 4 ؟ .
أَمَا وَ اللَّهِ ، [ إِنَّ ] ابْتِذَالَ نِعَمِ اللَّهِ بِالْفِعَالِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنِ ابْتِذَالِهَا بِالْمَقَالِ .
وَ قَدْ سَمِعْتُمُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ : وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ 5 .
وَ قَوْلَهُ : قُلْ مَنْ حَرَّمَ زينَةَ اللَّهِ الَّتي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَ الطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ 6 .
أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ .
إِنَّ اللَّهَ خَاطَبَ الْمُؤْمِنينَ بِمَا خَاطَبَ بِهِ الْمُرْسَلينَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ
[ 2 ] من : أترى إلى : أن تأخذها . و : أنت أهون على اللّه من ذلك ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 209 .
[ 1 ] الأعراف ، 157 . و وردت الفقرة في تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 106 .
-----------
( 2 ) الرحمن ، 9 ، 10 .
-----------
( 3 ) الرحمن ، 18 و 21 .
-----------
( 4 ) فاطر ، 12 .
-----------
( 5 ) الضحى ، 10 .
-----------
( 6 ) الأعراف ، 32 .
[ 649 ]
وَ اعْمَلُوا صَالِحاً إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَليمٌ 1 .
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لِبَعْضِ نِسَائِهِ : مَا لي أَرَاكِ شَعْثَاءَ مَرْهَاءَ سَلْتَاءَ ؟ .
قال عاصم : يا أمير المؤمنين ، هذا أنت في خشونة ملبسك ، و جشوبة مأكلك [ 2 ] .
فقال عليه السلام :
[ 9 ] وَيْحَكَ ، إِنّي لَسْتُ كَأَنْتَ .
إِنَّ اللَّهَ تَعَالى فَرَضَ عَلى أَئِمَّةِ الْعَدْلِ [ 3 ] أَنْ يُقَدِّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِضَعَفَةِ النَّاسِ ، [ وَ ] يَتَأَسَّوْا بِأَضْعَفِ رَعِيَّتِهِمْ حَالاً فِي الأَكْلِ وَ اللِّبَاسِ ، وَ لاَ يَتَمَيَّزُوا عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ لاَ يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ [ 4 ] ، كَيْلاَ يَتَبَيَّغَ بِالْفَقيرِ فَقْرُهُ ، فَيَرْضى عَنِ اللَّهِ تَعَالى بِمَا هُوَ فيهِ ، وَ يَرَاهُمُ الْغَنِيُّ فَيَزْدَادَ شُكْراً وَ تَوَاضُعاً .
فَلأُعْلَمَنَّ مَا لَبَسْتَ إِلاَّ مِنْ أَحْسَنِ زَيِّ قَوْمِكَ ، فَالْعَمَلُ بِالنِّعْمَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْحَديثِ عَنْهَا [ 5 ] .