[ 11 ] رُوي أن شريح بن الحارث قاضي أمير المؤمنين عليه السلام اشترى على عهده داراً بثمانين ديناراً ،
فبلغه ذلك ، فاستدعى شُريحاً و قال له :
بَلَغَني أَنَّكَ ابْتَعْتَ دَاراً بِثَمَانينَ دينَاراً ، وَ كَتَبْتَ لَهَا كِتَاباً ، وَ أَشْهَدْتَ فيهِ شُهُوداً ؟ .
فقال له شريح : قد كان ذلك يا أمير المؤمنين .
فنظر عليه السلام إليه نظر المغضَب ثم قال :
يَا شُرَيْحُ ، اتَّقِ اللَّهَ [ 7 ] .
أَمَا إِنَّهُ سَيَأْتيكَ مَنْ لاَ يَنْظُرُ في كِتَابِكَ ، وَ لاَ يَسْأَلُكَ عَنْ بَيِّنَتِكَ ، حَتَّى يُخْرِجَكَ مِنْهَا [ 8 ] شَاخِصاً ،
وَ يُسْلِمَكَ إِلى قَبْرِكَ خَالِصاً .
فَانْظُرْ ، يَا شُرَيْحُ ، أَنْ [ 9 ] لاَ تَكُونَ ابْتَعْتَ هذِهِ الدَّارَ مِنْ غَيْرِ مَالِكَ [ 10 ] ، أَوْ نَقَدْتَ الثَّمَنَ مِنْ
[ 11 ] من : روي أن شريحا إلى : فما فوقه ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 3 .
[ 1 ] ورد في البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 433 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 107 . و نهج البلاغة الثاني ص 220 .
[ 2 ] خزّاني . ورد في نسخة العام 400 ص 328 . ون ابن المؤدب ص 231 . ون ابن أبي المحاسن ص 275 . ون الأسترابادي ص 373 .
[ 3 ] ورد في صفين ص 20 . و الإمامة و السياسة ج 1 ص 111 . و العقد الفريد ج 5 ص 78 . و الفتوح ج 2 ص 503 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 433 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 107 . و نهج البلاغة الثاني ص 220 .
[ 4 ] ورد في الإمامة و السياسة ج 1 ص 111 . و العقد الفريد ج 5 ص 78 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 122 .
[ 5 ] لعليّ . ورد في نسخة العام 400 ص 328 . و متن شرح نهج البلاغة لابن ميثم ج 4 ص 350 .
[ 6 ] ورد في صفين ص 21 . و العقد الفريد ج 5 ص 78 . و الفتوح ج 2 ص 503 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 433 . و منهاج البراعة ج 17 ص 181 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 107 و 122 . و نهج السعادة ج 4 ص 86 . و نهج البلاغة الثاني ص 220 . باختلاف يسير .
[ 7 ] ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 602 .
[ 8 ] عن بيتك . ورد في هامش نسخة ابن المؤدب ص 230 . و نسخة نصيري ص 152 .
[ 9 ] ورد في دستور معالم الحكم ص 135 . و تذكرة الخواص ص 138 . و نهج السعادة ج 1 ص 602 .
[ 10 ] مالكها . ورد في
[ 805 ]
غَيْرِ حَلاَلِكَ [ 1 ] ، فَإِذاً أَنْتَ قَدْ خَسِرْتَ دَارَ الدُّنْيَا وَ دَارَ الآخِرَةِ جَميعاً [ 2 ] .
أَمَا إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ أَتَيْتَني عِنْدَ شَرَائِكَ مَا اشْتَرَيْتَ لَكَتَبْتُ لَكَ كِتَاباً عَلى هذِهِ النُّسْخَةِ ، فَلَمْ تَرْغَبْ في شِرَاءِ هذِهِ الدَّارِ بِالدِّرْهَمِ فَمَا فَوْقَهُ [ 3 ] .
قال شُريح : و ما كنت تكتب يا أمير المؤمنين ؟ .
قال عليه السلام :
كُنْتُ أَكْتُبُ لَكَ هذَا الْكِتَابَ [ 4 ] :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ [ 10 ] هذَا مَا اشْتَرى عَبْدٌ ذَليلٌ ، مِنْ مَيِّتٍ قَدْ أُزْعِجَ لِلرَّحيلِ ، اشْتَرى مِنْهُ دَاراً مِنْ [ 5 ] دَارِ الْغُرُورِ ،
مِنْ جَانِبِ الْفَانينَ ، وَ خِطَّةِ الْهَالِكينَ .
وَ تَجْمَعُ هذِهِ الدَّارَ حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ :
اَلْحَدُّ الأَوَّلُ مِنْهَا [ 6 ] يَنْتَهي إِلى دَوَاعِي الآفَاتِ .
وَ الْحَدُّ الثَّاني مِنْهَا [ 7 ] يَنْتَهي إِلى دَوَاعِي الْمُصيبَاتِ .
وَ الْحَدُّ الثَّالِثُ مِنْهَا [ 8 ] يَنْتَهي إِلَى الْهَوَى الْمُرْدي .
وَ الْحَدُّ الرَّابِعُ مِنْهَا [ 9 ] يَنْتَهي إِلَى الشَّيْطَانِ الْمُغْوي ، وَ فيهِ يُشْرَعُ بَابُ هذِهِ الدَّارُ .
إِشْتَرى هذَا الْمُغْتَرُّ بِالأَمَلِ ، مِنْ هذَا الْمُزْعَجِ بِالأَجَلِ ، هذِهِ الدَّارَ بِالْخُرُوجِ مِنْ عِزِّ الْقَنَاعَةِ ،
وَ الدُّخُولِ في ذُلِّ الطَّلَبِ وَ الضَّرَاعَةِ .
[ 10 ] من : هذا ما إلى : المبطلون ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 3 .
[ 1 ] حلّ لك . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 230 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 273 . و نسخة العطاردي ص 310 عن نسخة موجودة في مكتبة جامعة عليكره ، و عن نسخة مكتبة ممتاز العلماء في لكنهور . و ورد حلّه في نهج السعادة ج 1 ص 603 .
[ 2 ] ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 603 .
[ 3 ] بدرهم فما فوق . ورد في نسخة العام 400 ص 327 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 273 . و نسخة عبده ص 519 .
و نسخة الصالح ص 365 . و نسخة العطاردي ص 310 عن شرح فيض الإسلام .
[ 4 ] ورد في دستور معالم الحكم ص 136 . و تذكرة الخواص ص 138 . و نهج السعادة ج 1 ص 603 . باختلاف يسير .
[ 5 ] في . ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 603 .
[ 6 ] ورد في المصدر السابق .
[ 7 ] ورد في المصدر السابق .
[ 8 ] ورد في المصدر السابق .
[ 9 ] ورد في المصدر السابق .
[ 806 ]
فَمَا أَدْرَكَ هذَا الْمُشْتَري فيمَا اشْتَرى مِنْهُ مِنْ دَرْكٍ فَعَلى مُبَلْبِلِ [ 1 ] أَجْسَامِ الْمُلُوكِ ، وَ سَالِبِ نُفُوسِ الْجَبَابِرَةِ ، وَ مُزيلِ مُلْكِ الْفَرَاعِنَةِ ، مِثْلِ كِسْرى وَ قَيْصَرَ ، وَ تُبَّعٍ وَ حِمْيَرَ ، وَ مَنْ جَمَعَ الْمَالَ عَلَى الْمَالِ فَأَكْثَرَ ، وَ مَنْ بَنى وَ شَيَّدَ ، وَ زَخْرَفَ وَ نَجَّدَ ، وَ ادَّخَرَ وَ اعْتَقَدَ ، وَ نَظَرَ بِزَعْمِهِ لِلْوَلَدِ .
إِشْخَاصُهُمْ ، وَ اللَّهِ [ 2 ] ، جَميعاً إِلى مَوْقِفِ الْعَرْضِ وَ الْحِسَابِ ، وَ مَوْضِعِ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ ، إِذَا وَقَعَ الأَمْرُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ ، وَ خَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ 1 .
شَهِدَ عَلى ذَلِكَ :
التَّوَانِي ابْنُ الْفَاقَةِ .
وَ الْغُرُورُ ابْنُ الأَمَلِ .
وَ الْحِرْصُ ابْنُ الرَّغْبَةِ .
وَ اللَّهْوُ ابْنُ اللَّعِبِ .
وَ مَنْ أَخْلَدَ إِلى مَحَلِّ الْثَوى ، وَ مَالَ إِلَى الدُّنْيَا عَنِ الأُخْرى [ 4 ] .
[ وَ ] [ 7 ] شَهِدَ عَلى ذَلِكَ الْعَقْلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَسْرِ الْهَوى ، وَ سَلِمَ مِنْ عَلاَئِقِ [ 5 ] الدُّنْيَا ، وَ سَمِعَ مُنَادِيَ الزُّهْدِ يُنَادي في عَرَصَاتِهَا :
مَا أَبْيَنَ الْحَقَّ لِذي عَيْنَيْنِ
إِنَّ الرَّحيلَ أَحَدُ الْيَوْمَيْنِ
تَزَوَّدُوا مِنْ صَالِحِ الأَعْمَالِ ، وَ قَرِّبُوا الآمَالَ بِالآجَالِ ، فَقَدْ دَنَا الرِّحْلَةُ وَ الزَّوَالُ [ 6 ] .
[ 7 ] من : شهد على إلى : علائق الدّنيا ورد في كتب الشريف الرضي تحت الرقم 3 .
[ 1 ] مبلي . ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 605 .
[ 2 ] ورد في تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 139 .
-----------
( 1 ) غافر ، 78 .
[ 4 ] ورد في تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 139 .
[ 5 ] و نظر بعين الزّوال إلى أهل الدّنيا . ورد في مصادر نهج البلاغة للخطيب ج 3 ص 200 عن الأربعين للبهائي .
[ 6 ] ورد في المصدر السابق . و دستور معالم الحكم للقضاعي ص 137 . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 605 .
[ 807 ]