خطبة له عليه السلام ( 17 ) و تسمّى الغرّاء

و هي من الخطب العجيبة ألقاها لمّا شيّع جنازة فلمّا وضعت في لحدها عجّ أهلها و بكوا فقال عليه السلام :

أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ عَايَنُوا مَا عَايَنَ مَيِّتُهُمْ لأَذْهَلَتْهُمْ مُعَايَنَتُهُمْ عَنْ مَيِّتِهِمْ . وَ إِنَّ لَهُ فيهِمْ لَعَوْدَةٌ ثُمَّ عَوْدَةٌ حَتَّى لاَ يَبْقى مِنْهُمْ أَحَدٌ [ 3 ] .

ثم قال :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ [ 11 ] اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي لاَ يَحْويهِ مَكَانٌ ، وَ لاَ يَحُدُّهُ زَمَانٌ [ 4 ] . عَلاَ بِحَوْلِهِ ، وَ دَنَا بِطَوْلِهِ . مَانِحُ كُلِّ غَنيمَةٍ وَ فَضْلٍ ، وَ كَاشِفُ كُلِّ عَظيمَةٍ وَ أَزْلٍ .

أَحْمَدُهُ عَلى عَوَاطِفِ [ 5 ] كَرَمِهِ ، وَ سَوَابِغِ [ 6 ] نِعَمِهِ ، وَ أُؤْمِنُ بِهِ أَوَّلاً بَادِياً ، وَ أَسْتَهْديِهِ قَريباً هَادِياً ،

وَ أَسْتَعينُهُ قَاهِراً قَادِراً [ 7 ] إِيمَاناً [ 8 ] ، وَ أَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ كَافِياً نَاصِراً إيقَاناً [ 9 ] .

[ 12 ] وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ .

[ 10 ] من : إستعملنا إلى : رحمته ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 190 .

[ 11 ] من : الحمد للّه الّذي علا إلى : كافيا ناصرا ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 83 .

[ 12 ] من : و أشهد إلى : القلوب ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 85 .

-----------
( 1 ) الملك ، 3 .

[ 2 ] ورد في جمهرة الإسلام للشيزري عن نسخة مخطوطة ص 216 ب .

[ 3 ] ورد في كفاية الطالب للكنجي ص 391 . و مصباح البلاغة للميرجهاني ج 1 ص 71 عن حلية الأولياء .

[ 4 ] ورد في أمالي الطوسي ص 694 . و نهج السعادة للمحمودي ج 3 ص 171 .

[ 5 ] جوده و . ورد في المصدرين السابقين ص 172 .

[ 6 ] سبوغ . ورد في المصدرين السابقين .

[ 7 ] قادرا قاهرا . ورد في نسخة عبده ص 185 .

[ 8 ] ورد في أمالي الطوسي ص 694 . و نهج السعادة للمحمودي ج 3 ص 171 .

[ 9 ] ورد في المصدرين السابقين .

[ 216 ]

اَلأَوَّلُ لاَ شَيْ‏ءَ قَبْلَهُ ، وَ الآخِرُ لاَ غَايَةَ لَهُ .

لاَ تَقَعُ الأَوْهَامُ لَهُ عَلى صِفَةٍ ، وَ لاَ تُعْقَدُ [ 1 ] الْقُلُوبُ مِنْهُ عَلى كَيْفِيَّةٍ ، وَ لاَ تَنَالُهُ التَّجْزِئَةُ وَ التَّبْعيضُ ،

وَ لاَ تُحيطُ بِهِ الأَبْصَارُ وَ الْقُلُوبُ .

رَفَعَ السَّمَاءَ فَبَنَاهَا ، وَ سَطَحَ الأَرْضَ فَطَحَاهَا ، وَ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَ مَرْعَاهَا وَ الْجِبَالَ أَرْسَاهَا 1 ، لاَ يَؤُودُهُ خَلْقٌ وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظيمُ [ 3 ] .

[ 11 ] وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ، أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى الْمَشْهُورِ ،

وَ الْكِتَابِ الْمَسْطُورِ ، وَ الدِّينِ الْمَأْثُورِ [ 4 ] ، لإِنْفَاذِ أَمْرِهِ ، وَ إِنْهَاءِ عُذْرِهِ ، وَ تَقْديمِ نُذُرِهِ ، فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ ، وَ هَدى مِنَ الضَّلاَلَةِ ، وَ عَبَدَ رَبَّهُ ، حَتَّى أَتَاهُ الْيَقينُ . فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَثيراً [ 5 ] .

أُوصيكُمْ ، عِبَادَ اللَّهِ ، بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذي ضَرَبَ لَكُمُ الأَمْثَالَ ، وَ وَقَّتَ لَكُمُ الآجَالَ ، وَ جَعَلَ لَكُمْ أَسْمَاعاً لِتَعِيَ مَا عَنَاهَا ، وَ أَبْصَاراً لِتَجْلُوَ عَنْ عَشَاهَا ، وَ أَفْئِدَةً لِتَفْهَمَ مَا دَهَاهَا [ 6 ] ، وَ أَشْلاَءً جَامِعَةً لأَعْضَائِهَا ، مُلاَئِمَةً لأَحْنَائِهَا ، في تَرْكيبِ صُوَرِهَا ، وَ مُدَدِ عُمُرِهَا .

وَ أَلْبَسَكُمُ الرِّيَاشَ ، وَ أَرْفَغَ لَكُمُ [ 7 ] الْمَعَاشَ ، وَ أَحَاطَ بِكُمُ الاِحْصَاءَ [ 8 ] ، وَ أَرْصَدَ [ 9 ] لَكُمُ الْجَزَاءَ .

[ 12 ] فَاتَّقُوا اللَّهَ ، عِبَادَ اللَّهِ ، وَ بَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ ، وَ ابْتَاعُوا مَا يَبْقى لَكُمْ بِمَا يَزُولُ عَنْكُمْ .

[ وَ ] [ 13 ] امْلِكُوا أَنْفُسَكُمْ بِدَوَامِ جِهَادِهَا ، وَ اعْتَصِمُوا [ 10 ] بِالذِّمَمِ في أَوْتَادِهَا .

[ 11 ] من : و أشهد إلى : نذره . و من : أوصيكم إلى : الآجال . و من : جعل لكم إلى : عمرها . و من : و ألبسكم إلى : الجزاء ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 83 . و ورد باختلاف تحت الرقم 182 .

[ 12 ] من : فاتّقوا إلى : يزول عنكم ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 64 .

[ 13 ] من : إملكوا إلى : أوتادها ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 155 .

[ 1 ] تقعد . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 77 . و نسخة عبده ص 201 .

-----------
( 1 ) النازعات ، 31 و 32 .

[ 3 ] ورد في أمالي الطوسي ص 694 . و نهج السعادة للمحمودي ج 3 ص 172 .

[ 4 ] ورد في المصدرين السابقين .

[ 5 ] ورد في المصدرين السابقين .

[ 6 ] ورد في تذكرة الخواص ص 124 . و كفاية الطالب ص 392 . و نهج السعادة ج 3 ص 130 و 187 و 302 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 26 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 71 عن حلية الأولياء . و نهج البلاغة الثاني ص 52 .

[ 7 ] أسبغ عليكم . ورد في الخطبة 182 .

[ 8 ] و أحاطكم بالاحصاء . ورد في نسخة عبده ص 186 .

[ 9 ] أعدّ . ورد في نسخة الأسترابادي ص 75 .

[ 10 ] استعصموا . ورد في متن شرح ابن أبي الحديد ( طبعة دار الأندلس ) ج 4 ص 318 . و هامش شرح ابن ميثم ج 5 ص 333 .

و نسخة الأسترابادي ص 555 .

[ 217 ]

[ 9 ] وَ تَرَحَّلُوا عَنِ الدُّنْيَا [ 1 ] فَقَدْ جُدَّ بِكُمْ ، وَ اسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ .

وَ كُونُوا قَوْماً صيحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا ، وَ عَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ لَهُمْ بِدَارٍ فَاسْتَبْدَلُوا ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً ، وَ لَمْ يَتْرُكْكُمْ [ 2 ] سُدىً ، وَ لَمْ يَضْرِبْ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً ، بَلْ [ 3 ] [ 10 ] آثَرَكُمْ بِالنِّعَمِ السَّوَابِغِ ، وَ الآلاَءِ السَّوَائِغِ ، وَ أَرْفَدَكُمْ بِ [ 4 ] الرُّفَدِ الرَّوَافِغِ ، وَ أَنْذَرَكُمْ بِالْحُجَجِ الْبَوَالِغِ ،

وَ أَحْصَاكُمْ [ 5 ] عَدَداً ، وَ وَظَّفَ لَكُمْ مُدَداً ، في قَرَارِ خِبْرَةٍ ، وَ دَارِ عِبْرَةٍ ، أَنْتُمْ مُخْتَبَرُونَ فيهَا ، وَ مُحَاسَبُونَ عَلَيْهَا .

وَ مَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَيْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ إِلاَّ الْمَوْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ .

وَ إِنَّ غَايَةً تَنْقُصُهَا اللَّحْظَةُ ، وَ تَهْدِمُهَا السَّاعَةُ ، لَجَديرَةٌ [ 6 ] بِقِصَرِ الْمُدَّةِ .

وَ إِنَّ غَائِباً يَحْدُوهُ الْجَديدَانِ ، اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ ، لَحَريٌّ بِسُرْعَةِ الأَوْبَةِ .

وَ إِنَّ قَادِماً يَقْدُمُ بِالْفَوْزِ أَوِ الشِّقْوَةِ ، لَمُسْتَحِقٌّ لأَفْضَلِ الْعُدَّةِ .

فَتَزَوَّدُوا فِي الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا مَا تُحْرِزُونَ بِهِ أَنْفُسَكُمْ [ 7 ] غَداً ، وَ خُذُوا مِنَ الْفَنَاءِ لِلْبَقَاءِ .

وَ اعْلَمُوا ، أَيُّهَا النَّاسُ ، أَنَّكُمْ سَيَّارَةٌ قَدْ حَدَا بِكُمُ الْحَادي ، وَ حَدَا لِخَرَابِ الدُّنْيَا حَادٍ ، وَ نَادَاكُمْ لِلْمَوْتِ مُنَادٍ ، فَلاَ تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَ لاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [ 8 ] .

[ 11 ] فَلَوْ أَنَّ أَحَداً يَجِدُ إِلَى الْبَقَاءِ سُلَّماً ، أَوْ لِدَفْعِ الْمَوْتِ سَبيلاً ، لَكَانَ ذَلِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ ، الَّذي سُخِّرَ لَهُ مُلْكُ الْجِنِّ وَ الإِنْسِ مَعَ النُّبُوَّةِ وَ عَظيمِ الزُّلْفَةِ .

[ 9 ] من : و ترحّلوا إلى : سدى . و من : و ما بين إلى : غدا ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 64 .

[ 10 ] من : آثركم إلى : محاسبون عليها ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 83 .

[ 11 ] من : فلو أنّ أحدا إلى : قوم آخرون ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 182 .

[ 1 ] ورد في العقد الفريد لابن عبد ربه ج 4 ص 192 .

[ 2 ] يمهلكم . ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 3 ص 130 و ص 302 .

[ 3 ] ورد في تذكرة الخواص ص 124 . و كفاية الطالب ص 392 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 26 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 71 عن حلية الأولياء . و نهج البلاغة الثاني ص 52 .

[ 4 ] ورد في دستور معالم الحكم ص 65 . و تذكرة الخواص ص 118 . و كفاية الطالب ص 392 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 71 .

باختلاف بين المصادر .

[ 5 ] فأحصاكم . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 71 . و نسخة الآملي ص 49 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 73 . و نسخة الأسترابادي ص 75 . و نسخة الصالح ص 108 .

[ 6 ] لحريّة . ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 227 .

[ 7 ] نفوسكم . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 59 . و نسخة ابن المؤدب ص 41 . و نسخة نصيري ص 22 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 61 .

[ 8 ] لقمان ، 33 . و وردت الفقرة في أمالي الطوسي ص 695 . و غرر الحكم ج 1 ص 352 . و نهج السعادة ج 3 ص 173 . و مصباح البلاغة ج 2 ص 113 عن مجموعة ورّام . باختلاف بين المصادر .

[ 218 ]

فَلَمَّا اسْتَوْفى طُعْمَتَهُ ، وَ اسْتَكْمَلَ مُدَّتَهُ ، رَمَتْهُ قِسِيُّ الْفَنَاءِ بِنِبَالِ الْمَوْتِ ، وَ أَصْبَحَتِ الدِّيَارُ مِنْهُ خَالِيَةً ، وَ الْمَسَاكِنُ مُعَطَّلَةً ، وَ وَرِثَهَا قَوْمٌ آخَرُونَ .

أَلاَ وَ إِنَّ الدُّنْيَا دَارٌ غَرَّارَةٌ خَدَّاعَةٌ ، تَنْكِحُ في كُلِّ يَوْمٍ بَعْلاً ، وَ تَقْتُلُ في كُلِّ لَيْلَةٍ أَهْلاً ، وَ تُفَرِّقُ في كُلِّ سَاعَةٍ شَمْلاً .

فَكَمْ مِن مُنَافِسٍ فيهَا وَرَاكِنٍ إِلَيْهَا مِنَ الأُمَمِ السَّالِفَةِ قَدْ قَذَفَتْهُمْ فِي الْهَاوِيَةِ ، وَ دَمَّرَتْهُمْ تَدْميراً ،

وَ تَبَّرَتْهُمْ تَتْبيراً ، وَ أَصْلَتْهُمْ سَعيراً ؟ [ 1 ] .

[ 8 ] فَلْتَكُنِ الدُّنْيَا في أَعْيُنِكُمْ أَصْغَرَ [ 2 ] مِنْ حُثَالَةِ الْقَرَظِ ، وَ قُرَاضَةِ الْجَلَمِ .

وَ اتَّعِظُوا بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَبْلَ أَنْ يَتَّعِظَ بِكُمْ مَنْ كَانَ بَعْدَكُمْ ، وَ ارْفُضُوهَا ذَميمَةً ، فَإِنَّهَا قَدْ رَفَضَتْ مَنْ كَانَ أَشْغَفَ بِهَا مِنْكُمْ .

[ 9 ] وَ إِنَّ لَكُمْ فِي الْقُرُونِ السَّالِفَةِ [ 3 ] لَعِبْرَةً .

أَيْنَ مَنْ جَمَعَ فَأَوْعى ، وَ شَدَّ فَأَوْكى ، وَ مَنَعَ فَأَكْدى ؟ .

أَيْنَ مَنْ سَعى وَ اجْتَهَدَ ، وَ فَرَشَ وَ مَهَّدَ ، وَ أَعَدَّ وَ احْتَشَدَ ؟ .

أَيْنَ مَنْ بَنَى الدُّورَ ، وَ شَرَّفَ الْقُصُورَ ، وَ جَمْهَرَ [ 4 ] الأُلُوفَ ؟ [ 5 ] .

أَيْنَ الْعَمَالِقَةُ وَ أَبْنَاءُ الْعَمَالِقَةِ ؟ .

أَيْنَ الْفَرَاعِنَةُ وَ أَبْنَاءُ الْفَرَاعِنَةِ ؟ .

أَيْنَ الْجَبَابِرَةُ وَ أَبْنَاءُ الْجَبَابِرَةِ ؟ [ 6 ] .

أَيْنَ أَصْحَابُ مَدَائِنِ الرَّسِّ ، الَّذينَ قَتَلُوا النَّبِيّينَ ، وَ أَطْفَؤُوا سُنَنَ [ 7 ] الْمُرْسَلينَ ، وَ أَحْيَوْا سِيَرَ

[ 8 ] من : فلتكن الدّنيا إلى : أشغف بها منكم ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 32 .

[ 9 ] من : و إنّ لكم إلى : لعبرة . و من : أين العمالقة إلى : مدّنوا المدائن ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 182 .

[ 1 ] ورد في أمالي الطوسي ص 695 . و نهج السعادة للمحمودي ج 3 ص 174 .

[ 2 ] أصغر في أعينكم . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 41 . و نسخة الآملي ص 29 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 43 . و نسخة الأسترابادي ص 42 . و نسخة العطاردي ص 41 .

[ 3 ] السّابقة . ورد في

[ 4 ] جهّز . ورد في أمالي الطوسي ص 695 . و نهج السعادة ج 3 ص 174 عن تنبيه الخواطر . و مصباح البلاغة ج 2 ص 113 عن مجموعة ورّام .

[ 5 ] ورد في المصادر السابقة . و غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 170 . باختلاف يسير .

[ 6 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 168 .

[ 7 ] نور . ورد في المصدر السابق .

[ 219 ]

الْجَبَّارينَ ؟ .

أَيْنَ الَّذينَ سَارُوا بِالْجُيُوشِ ، وَ هَزَمُوا الأُلُوفَ ، وَ عَسْكَرُوا الْعَسَاكِرَ ، وَ دَسْكَرُ [ وا ] الدَّسَاكِرَ ،

وَ رَكِبُ [ وا ] الْمَنَابِرَ .

أَيْنَ الَّذينَ شَيَّدُوا الْمَمَالِكَ ، [ 1 ] وَ مَهَّدُوا الْمَسَالِكَ ، وَ أَغَاثُوا الْمَلْهُوفَ ، وَ قَرَوُا الضُّيُوفَ .

أَيْنَ الَّذينَ قَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً 2 وَ أَكْثَرُ جَمْعاً ؟ .

أَيْنَ الَّذينَ كَانُوا أَحْسَنَ آثاراً ، وَ أَعْدَلَ أَفْعَالاً ، وَ أَكْنَفَ مُلْكاً ؟ .

أَيْنَ الَّذينَ مَلَكُوا مِنَ الدُّنْيَا أَقَاصيهَا ؟ .

أَيْنَ الَّذينَ اسْتَذَلُّوا الأَعْدَاءَ ، وَ مَلَكُوا نَوَاصيهَا ؟ .

أَيْنَ الَّذينَ دَانَتْ لَهُمُ الأُمَمُ ؟ .

أَيْنَ الَّذينَ بَلَغُوا مِنَ الدُّنْيَا أَقَاصِيَ الْهِمَمَ ؟ .

قَدْ تَدَاوَلَتْهُمْ أَيَّاماً ، وَ ابْتَلَعَتْهُمْ أَعْوَاماً ، فَصَارُوا أَمْوَاتاً ، وَ فِي الْقُبُورِ رُفَاتاً .

قَدْ يَئِسُوا عَمَّا خَلَّفُوا ، وَ وَقَفُوا عَلى مَا أَسْلَفُوا ، ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمْ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبينَ 3 .

وَ كَأَنّي بِهَا وَ قَدْ أَشْرَفَتْ بِطَلاَئِعِهَا ، وَ عَسْكَرَتْ بِفَظَائِعِهَا ، فَأَصْبَحَ الْمَرْءُ بَعْدَ صِحَّتِهِ مَريضاً ،

وَ بَعْدَ سَلاَمَتِهِ نَقيصاً ، يُعَالِجُ كَرَباً ، وَ يُقَاسي تَعَباً ، في حَشْرَجَةِ السِّيَاقِ [ 4 ] ، وَ تَتَابُعِ الْفَوَاقِ ، وَ تَرَدُّدِ الأَنينِ ، وَ الذُّهُولِ عَنِ الْبَنَاتِ وَ الْبَنينَ ، وَ الْمَرْءُ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَيْهِ شُغْلٌ شَاغِلٌ ، وَ هَوْلٌ هَائِلٌ .

قَدِ اعْتُقِلَ مِنْهُ اللِّسَانُ ، وَ تَرَدَّدَ مِنْهُ الْبَنَانُ ، فَأَجَابَ مَكْرُوباً ، وَ فَارَقَ الدُّنْيَا مَسْلُوباً .

لاَ يَمْلِكُونَ لَهُ نَفْعاً ، وَ لاَ لِمَا حَلَّ بِهِ دَفْعاً ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ في كِتَابِهِ : فَلَوْ لاَ إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدينينَ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقينَ [ 5 ] .

[ 1 ] و مدّنوا المدائن . ورد في نسخ النهج .

-----------
( 2 ) فصّلت ، 15 .

-----------
( 3 ) الأنعام ، 62 .

[ 4 ] السّباق . ورد في أمالي الطوسي ص 695 . و نهج السعادة للمحمودي ج 3 ص 175 .

[ 5 ] الواقعة ، 86 و 87 . و الفقرات وردت في أمالي الطوسي ص 695 . و غرر الحكم ج 1 ص 169 . و نهج السعادة ج 3 ص 174 .

و مصباح البلاغة ج 2 ص 113 و 116 عن مجموعة ورّام .

[ 220 ]

فَ 10 اتَّقُوا اللَّهَ ، عِبَادَ اللَّهِ [ 1 ] ، تَقِيَّةَ مَنْ شَمَّرَ تَجْريداً ، وَ جَدَّ تَشْميراً ، وَ أَكْمَشَ [ 2 ] في مَهَلٍ ، وَ بَادَرَ عَنْ وَجَلٍ ، وَ نَظَرَ في كَرَّةِ الْمَوْئِلِ ، وَ عَاقِبَةِ الْمَصْدَرِ ، وَ مَغَبَّةِ الْمَرْجِعِ .

وَ جِدُّوا فِي الطَّلَبِ ، وَ نَجَاةِ الْمَهْرَبِ ، وَ بَادِرُوا فِي الْعَمَلِ قَبْلَ مَقْطَعِ النَّهَمَاتِ ، وَ قُدُومِ هَادِمِ اللَّذَّاتِ ،

وَ مُفَرِّقِ الْجَمَاعَاتِ [ 3 ] .

[ 11 ] فَإِنَّ الدُّنْيَا [ 12 ] أَقْرَبُ دَارٍ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ ، وَ أَبْعَدُهَا مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ ، لاَ يَدُومُ نَعيمُهَا ، وَ لاَ يُؤْمَنُ فَجْعَاتُهَا ، وَ لاَ يُتَوَقَّى سَوْآتُهَا [ 4 ] .

رَنِقٌ مَشْرَبُهَا ، رَدِغٌ مَشْرَعُهَا ، يُونِقُ مَنْظَرُهَا ، وَ يُوبِقُ مَخْبَرُهَا .

غُرُورٌ حَائِلٌ ، وَ شَبَحٌ فَائِلٌ [ 5 ] ، وَ ضَوْءٌ آفِلٌ ، وَ ظِلٌّ زَائِلٌ ، وَ سِنَادٌ مَائِلٌ .

تَصِلُ الْعَطِيَّةَ بِالرَّزِيَّةِ ، وَ الأُمْنِيَّةَ بِالْمَنِيَّةِ .

تُضْني مُسْتَطْرِفَهَا ، وَ تُرْدي مُسْتَزيدَهَا ، وَ تُحَفِّلُ مَصْرَعَهَا ، وَ تُصَرِّمُ حِبَالَهَا [ 6 ] .

حَتَّى إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا ، وَ اطْمَأَنَّ نَاكِرُهَا ، قَمَصَتْ بِأَرْجُلِهَا [ 7 ] ، وَ قَنَصَتْ بِأَحْبُلِهَا ، وَ أَقْصَدَتْ بِأَسْهُمِهَا ، وَ أَعْلَقَتِ الْمَرْءَ أَوْهَاقُ الْمَنِيَّةِ ، قَائِدَةٌ لَهُ إِلى ضَنْكِ الْمَضْجِعِ ، وَ وَحْشَةِ الْمَرْجِعِ ، وَ مُعَايَنَةِ الْمَحَلِّ ، وَ ثَوَابِ الْعَمَلِ .

وَ كَذَلِكَ الْخَلَفُ يَعْقُبُ [ 8 ] السَّلَفَ ، فَعَلى أَيٍّ يَتْبَعُ ؟ [ 9 ] .

[ 10 ] من : إتّقوا اللّه إلى : المرجع ورد في حكم الشريف الرضي تحت الرقم 210 .

[ 11 ] من : فإنّ الدّنيا رنق مشربها إلى : مائل . و من : حتّى إذا أنس إلى : نوال الثّواب ورد في خطب الرضي تحت الرقم 83 .

[ 12 ] من : أقرب دار إلى : رضوان اللّه ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 161 .

[ 1 ] ورد في تذكرة الخواص ص 124 . و كفاية الطالب ص 392 . و مستدرك كاشف الغطاء ص 26 . و نهج السعادة ج 3 ص 303 .

و نهج البلاغة الثاني ص 53 .

[ 2 ] كمّش . ورد في نسخة عبده ص 704 . و نسخة الصالح ص 506 .

[ 3 ] ورد في تذكرة الخواص ص 124 . و كفاية الطالب ص 392 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 26 . و نهج السعادة ج 3 ص 303 .

و مصباح البلاغة ج 1 ص 72 عن حلية الأولياء . و نهج البلاغة الثاني ص 53 . باختلاف يسير .

[ 4 ] ورد في المصادر السابقة . باختلاف يسير .

[ 5 ] ورد في كفاية الطالب ص 392 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 72 عن الحلية . و ورد شجى قاتل في نهج السعادة ج 3 ص 303 .

[ 6 ] ورد في المصدرين السابقين . و دستور معالم الحكم ص 34 . و غرر الحكم ج 1 ص 260 . باختلاف بين المصادر .

[ 7 ] بأرحلها . ورد في

[ 8 ] بعقب . ورد في نسخة الآملي ص 49 . و نسخة نصيري ص 28 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 73 . و نسخة الصالح ص 108 .

[ 9 ] ورد في

[ 221 ]

لاَ تُقْلِعُ الْمَنِيَّةُ اخْتِرَاماً ، وَ لاَ يَرْعَوِي الْبَاقُونَ اجْتِرَاماً ، يَحْتَذُونَ مِثَالاً ، وَ يَمْضُونَ أَرْسَالاً ، إِلى غَايَةِ الاِنْتِهَاءِ ، وَ صَيُّورِ الْفَنَاءِ .

حَتَّى إِذَا تَصَرَّمَتِ الأُمُورُ ، وَ تَقَضَّتِ الدُّهُورُ ، وَ أَزِفَ النُّشُورُ ، أَخْرَجَهُمْ اللَّهُ مِنْ ضَرَائِحِ الْقُبُورِ ،

وَ أَوْكَارِ الطُّيُورِ ، وَ أَوْجِرَةِ السِّبَاعِ ، وَ مَطَارِحِ الْمَهَالِكِ ، سِرَاعاً إِلى أَمْرِهِ ، مُهْطِعينَ إِلى مَعَادِهِ ، رَعيلاً صُمُوتاً ، قِيَاماً صُفُوفاً ، يَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ ، وَ يُسْمِعُهُمُ الدَّاعي ، عَلَيْهِمْ لَبُوسُ الاِسْتِكَانَةِ ، وَ ضَرْعُ الاِسْتِسْلاَمِ وَ الذِّلَةِ .

قَدْ ضَلَّتِ الْحِيَلُ ، وَ انْقَطَعَ الأَمَلُ ، وَ هَوَتِ الأَفْئِدَةُ كَاظِمَةً ، وَ خَشَعَتِ الأَصْوَاتُ مُهَيْنِمَةً ، وَ أَلْجَمَ الْعَرَقُ [ 1 ] ، وَ عَظُمَ الشَّفَقُ ، وَ أُرْعِدَتِ الأَسْمَاعُ لِزَبْرَةِ الدَّاعي إِلى فَصْلِ الْخِطَابِ ، وَ مُقَابَضَةِ [ 2 ] الْجَزَاءِ ،

وَ نَكَالِ الْعِقَابِ ، وَ نَوَالِ الثَّوَابِ ، وَ أَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَ وُضِعَ الْكِتَابُ وَ جي‏ءَ بِالنَّبِيّينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لاَ يُظْلَمُونَ 3 .

وَ نَادَى الْمُنَادي مِنْ مَكَانٍ قَريبٍ ، فَارْتَجَّتِ الأَرْضُ لِنِدَاءِ الْمُنَادي ، وَ كُشِفَ عَنْ سَاقٍ ، وَ كَانَ يَوْمُ التَّلاَقِ .

وَ كُوِّرَتِ الشَّمْسُ ، وَ حُشِرَتِ الْوُحُوشُ ، وَ زُوِّجَتِ النُّفُوسُ ، وَ بَدَتِ الأَسْرَارُ ، وَ ارْتَجَّتِ الأَفْئِدَةُ ، وَ نَزَلَ بِأَهْلِ النَّارِ مِنَ اللَّهِ سَطْوَةٌ مُجيحَةٌ وَ عُقُوبَةٌ مُنيحَةٌ ، فَجَثَوْا حَوْلَ جَهَنَّمَ وَ لَهَا كَلَبٌ وَ لَجَبٌ ، وَ تَغَيُّظٌ وَ وَعيدٌ وَ زَفيرٌ وَ رَعيدٌ ، قَدْ تَأَجَّجَ جَحيمُهَا ، وَ غَلاَ حَميمُهَا ، وَ تَوَقَّدَ سَمُومُهَا .

لاَ يَهْرَمُ خَالِدُهَا ، وَ لاَ يَظْعَنُ مُقيمُهَا ، وَ لاَ يُنَفَّسُ عَنْ سَاكِنِهَا ، وَ لاَ يَنْقَطِعُ عَنْهُمْ حَسَرَاتُهَا ، وَ لاَ تُفْصَمُ كُبُولُهَا .

مَعَهُمْ مَلاَئِكَةُ الزَّجْرِ ، يُبَشِّرُونَهُمْ بِنُزُلٍ مِنْ حَميمٍ ، وَ تَصْلِيَةِ جَحيمٍ .

وَ هُمْ عَنِ اللَّهِ مَحْجُوبُونَ ، وَ لأَوْلِيَائِهِ مُفَارِقُونَ ، وَ إِلَى النَّارِ مُنْطَلِقُونَ .

حَتَّى إِذَا أَتَوْا جَهَنَّمَ قَالُوا : مَا لَنَا مِنْ شَافِعينَ وَ لاَ صَديقٍ حَميمٍ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنينَ 4 .

[ 1 ] الفرق . ورد في

[ 2 ] مقايضة . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 72 . و نسخة نصيري ص 28 . و نسخة الآملي ص 49 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 74 . و نسخة الصالح ص 109 .

-----------
( 3 ) الزمر ، 69 .

-----------
( 4 ) الشعراء ، 100 و 101 .

[ 222 ]

فَقيلَ لَهُمْ : وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ 1 .

وَ جَهَنَّمُ تُنَادِيهِمْ ، وَ هِيَ مُشْرِفَةٌ عَلَيْهِمْ : إِلَيَّ بِأَهْلي ، وَ عِزَّةِ رَبّي ، لأَنْتَقِمَنَّ الْيَوْمَ مِنْ أَعْدَائِهِ .

ثُمَّ يُنَاديهِمْ مَلَكٌ مِنَ الزَّبَانِيَةِ ، ثُمَّ يَسْحَبُهُمْ حَتَّى يُلْقيهِمْ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُمْ :

ذُوقُوا عَذَابَ الْحَريقِ 2 .

ثُمَّ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقينَ ، مُخْضَرَّةً [ 3 ] لِلنَّاظِينَ ، فيهَا [ 4 ] [ 10 ] دَرَجَاتٌ مُتَفَاضِلاَتٌ ، وَ مَنَازِلُ مُتَفَاوِتَاتٍ .

لاَ يَنْقَطِعُ نَعيمُهَا ، وَ لاَ يَظْعَنُ مُقيمُهَا ، وَ لاَ يَهْرَمُ خَالِدُهَا ، وَ لاَ يَبْأَسُ [ 5 ] سَاكِنُهَا .

أَمِنُوا الْمَوْتَ فَصَفَا لَهُمْ مَا فيهَا .

فيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَ أَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَ أَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبينَ وَ أَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً 6 .

مَعَ أَزْوَاجٍ مُطَهَّرَةٍ ، وَ حُورٍ عينٍ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَ الْمَرْجَانُ 7 .

وَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ بِحُلْيَةٍ وَ آنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَ لِبَاسِ السُّنْدُسِ الأَخْضَرِ ، وَ الْفَوَاكِهِ الدَّائِمَةِ .

وَ تَدْخُلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ فَتَقُولُ : سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ 8 .

فَلاَ تَزَالُ الْكَرَامَةُ لَهُمْ حينَ وَفَدُوا إِلى خَالِقِهِمْ ، وَ قَعَدُوا في دَارِهِ ، وَ نَالَهُمْ سَلاَمٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحيمِ 9 .

فَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا وَ إِيَّاكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الَّذينَ خُلِقُوا لَهَا وَ خُلِقَتْ لَهُمْ .

[ 10 ] من : درجات إلى : ساكنها ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 85 .

-----------
( 1 ) الصافّات ، 24 .

-----------
( 2 ) الأنفال ، 50 .

[ 3 ] محضرة . ورد في

[ 4 ] ورد في تذكرة الخواص ص 124 . و كفاية الطالب ص 392 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 26 . و نهج السعادة ج 3 ص 188 .

و ص 304 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 72 عن حلية الأولياء . و نهج البلاغة الثاني ص 53 . باختلاف يسير .

[ 5 ] يأسى . ورد في

-----------
( 6 ) سورة محمّد ، 14 .

-----------
( 7 ) الرحمن ، 57 .

-----------
( 8 ) الرعد ، 24 .

-----------
( 9 ) سورة يس ، 58 .

[ 223 ]

عِبَادَ اللَّهِ ، اتَّقُوا اللَّهَ تَقِيَّةَ مَنْ كَنَعَ فَخَنَعَ ، وَ وَجِلَ فَرَحَلَ ، وَ حَذِرَ فَأَبْصَرَ فَازْدَجَرَ ، فَاحْتَثَّ طَلَباً ،

وَ نَجَا هَرَباً ، وَ قَدَّمَ لِلْمَعَادِ ، وَ اسْتَظْهَرَ مِنَ الزَّادِ [ 1 ] .

[ 5 ] وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لِهذَا الْجِلْدِ الرَّقيقِ صَبْرٌ عَلَى النَّارِ ، فَارْحَمُوا نُفُوسَكُمْ ، فَإِنَّكُمْ قَدْ جَرَّبْتُمُوهَا في مَصَائِبِ الدُّنْيَا ، فَرَأَيْتُمْ جَزَعَ أَحَدِكُمْ مِنَ الشَّوْكَةِ تُصيبُهُ ، وَ الْعَثْرَةِ تُدْميهِ ، وَ الرَّمْضَاءِ تُحْرِقُهُ ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ بَيْنَ طَابَقَيْنِ مِنْ نَارٍ ، ضَجيعَ حَجَرٍ ، وَ قَرينَ شَيْطَانٍ .

أَعَلِمْتُمْ أَنَّ مَالِكاً إِذَا غَضِبَ عَلَى النَّارِ حَطَمَ بَعْضُهَا بَعْضاً لِغَضَبِهِ ، وَ إِذَا زَجَرَهَا تَوَثَّبَتْ بَيْنَ أَبْوَابِهَا جَزَعاً مِنْ زَجْرَتِهِ .

أَيُّهَا الْيَفَنُ الْكَبيرُ ، الَّذي قَدْ لَهَزَهُ الْقَتيرُ ، كَيْفَ أَنْتَ إِذَا الْتَحَمَتْ أَطْوَاقُ النَّارِ بِعِظَامِ الأَعْنَاقِ ،

وَ نَشِبَتِ الْجَوَامِعُ حَتَّى أَكَلَتْ لُحُومَ السَّوَاعِدِ .

فَاللَّهَ اللَّهَ ، مَعَاشِرَ الْعِبَادِ ، اغْتَنِمُوا [ 2 ] وَ أَنْتُمْ سَالِمُونَ ، أَيَّامَ [ 3 ] الصَّحَّةِ قَبْلَ السَّقَمِ ، وَ أَيَّامَ الشَّبيبَةِ قَبْلَ الْهَرَمِ [ 4 ] ، وَ فِي الْفُسْحَةِ قَبْلَ الضّيقِ ، وَ بَادِرُوا بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ النَّدَمِ .

وَ لاَ يَحْمِلَنَّكُمُ الْمُهْلَةُ عَلى طُولِ الْغَفْلَةِ ، فَإِنَّ الأَجَلَ يَهْدِمُ الأَمَلَ ، وَ الأَيَّامُ مُوكَلَةٌ بِتَنْقيصِ الْمُدَّةِ ،

وَ تَفْريقِ الأَحِبَّةِ .

فَبَادِرُوا ، رَحِمَكُمُ اللَّهِ ، بِالتَوْبَةِ قَبْلَ حُضُورِ النَّوْبَةِ ، وَ بُرُوزِ اللُّعْبَةِ ، الَّتي لاَ يُنْتَظَرُ مَعَهُ الأَوْبَةُ ،

وَ اسْتَعينُوا عَلى بُعْدِ الْمَسَافَةِ بِطُولِ الْمَخَافَةِ .

فَكَمْ مِنْ غَافِلٍ وَثِقَ لِغَفْلَتِهِ ، وَ تَعَلَّلَ بِمُهْلَتِهِ ، فَأَمَّلَ بَعيداً ، وَ بَنى مَشيداً ، فَنَقَصَ بِقُرْبِ أَجَلِهِ بُعْدُ أَمَلِهِ ، وَ فَاجَأَتْهُ مَنِيَّتُهُ بِانْقِطَاعِ أُمْنِيَّتِهِ ، فَصَارَ بَعْدَ الْعِزَّةِ وَ الْمَنْعَةِ ، وَ الشَّرَفِ وَ الرِّفْعَةِ ، مُرْتَهَناً بِمُوبِقَاتِ عَمَلِهِ .

قَدْ غَابَ فَمَا رَجَعَ ، وَ نَدِمِ فَمَا انْتَفَعَ ، وَ شَقِيَ بِمَا جَمَعَ في يَوْمِهِ ، وَ سَعِدَ بِهِ غَيْرُهُ في غَدِهِ ، وَ بَقِيَ مُرْتَهَناً بِكَسْبِ يَدِهِ ، ذَاهِلاً عَنْ أَهْلِهِ وَ وَلَدِهِ .

[ 5 ] من : و اعلموا إلى : الضّيق ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 183 .

[ 1 ] ورد في تذكرة الخواص ص 124 . و كفاية الطالب ص 393 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 26 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 73 عن حلية الأولياء . و نهج السعادة ج 3 ص 304 . و نهج البلاغة الثاني ص 53 . باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] ورد في دستور معالم الحكم للقضاعي ص 63 و 92 . و منهاج البراعة للخوئي ج 14 ص 332 .

[ 3 ] في . ورد في نسخ النهج . و « الأيام » ورد في المصدرين السابقين .

[ 4 ] ورد في المصدرين السابقين .

[ 224 ]

لاَ يُغْني عَنْهُ مَا تَرَكَ فَتيلاً ، وَ لاَ يَجِدُ إِلى مَنَاصٍ سَبيلاً [ 1 ] .

[ 8 ] فَاسْعَوْا في فَكَاكِ رِقَابِكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُغْلَقَ رَهَائِنُهَا .

أَسْهِرُوا عُيُونَكُمْ ، وَ أَضْمِرُوا بُطُونَكُمْ ، وَ اسْتَعْمِلُوا أَقْدَامَكُمْ ، وَ أَنْفِقُوا أَمْوَالَكُمْ ، وَ خُذُوا مِنْ أَجْسَادِكُمْ فَجُودُوا [ 2 ] بِهَا عَلى أَنْفُسِكُمْ ، وَ لاَ تَبْخَلُوا بِهَا عَنْهَا ، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ : إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ 3 .

وَ قَالَ تَعَالى : مَنْ ذَا الَّذي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَريمٌ 4 .

فَلَمْ يَسْتَنْصِرْكُمْ مِنْ ذُلٍّ ، وَ لَمْ يَسْتَقْرِضْكُمْ مِنْ قُلٍّ .

إِسْتَنْصَرَكُمْ وَ لَهُ جُنُودُ السَّموَاتِ وَ الأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ ، وَ اسْتَقْرَضَكُمْ وَ لَهُ خَزَائِنُ السَّموَاتِ وَ الأَرْضِ وَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَميدُ .

وَ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً 5 .

فَبَادِرُوا بِأَعْمَالِكُمْ تَكُونُوا مَعَ جيرَانِ اللَّهِ في دَارِهِ ، رَافَقَ بِهِمْ رُسُلَهُ ، وَ أَزَارَهُمْ مَلاَئِكَتَهُ ، وَ أَكْرَمَ أَسْمَاعَهُمْ عَنْ أَنْ تَسْمَعَ حَسيسَ نَارٍ أَبَداً ، وَ صَانَ أَجْسَادَهُمْ أَنْ تَلْقى لُغُوباً وَ نَصَباً ، ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتيهِ مَنْ يَشَاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظيمِ 6 .

[ 9 ] فَاتَّعِظُوَا ، عِبَادَ اللَّهِ ، بِالْعِبَرِ النَّوَافِعِ ، وَ اعْتَبِرُوا بِالآيِ السَّوَاطِعِ ، وَ ازْدَجِرُوا بِالنُّذُرِ الْبَوَالِغِ ،

وَ انْتَفِعُوا بِالذِّكْرِ وَ الْمَوَاعِظِ ، [ فَ ] إِنَّكُمْ [ 7 ] [ 10 ] عِبَادٌ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَاراً ، وَ مَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً ،

وَ مَقْبُوضُونَ احْتِضَاراً ، وَ مُضَمَّنُونَ أَجْدَاثاً ، وَ كَائِنُونَ رُفَاتاً ، وَ مَبْعُوثُونَ أَفْرَاداً ، وَ مَدينُونَ جَزَاءً ،

وَ مُمَيَّزُونَ حِسَاباً .

[ 8 ] من : فاسعوا في فكاك إلى : ذو الفضل العظيم ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 183 .

[ 9 ] من : فاتّعظوا إلى : المواعظ ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 85 .

[ 10 ] من : عباد إلى : النّواحب ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 83 .

[ 1 ] ورد في دستور معالم الحكم للقضاعي ص 63 و 92 . و منهاج البراعة للخوئي ج 14 ص 332 .

[ 2 ] ما تجودون . ورد في نسخة نصيري ص 108 . و متن منهاج البراعة للخوئي ج 10 ص 373 .

-----------
( 3 ) سورة محمد ، 7 .

-----------
( 4 ) الحديد ، 10 .

-----------
( 5 ) الملك ، 2 .

-----------
( 6 ) الجمعة ، 3 .

[ 7 ] ورد في دستور معالم الحكم للقضاعي ص 59 . و منهاج البراعة للخوئي ج 14 ص 337 .

[ 225 ]

قَدْ أُمْهِلُوا في طَلَبِ الْمَخْرَجِ ، وَ هُدُوا سَبيلَ الْمَنْهَجِ ، وَ عُمِّرُوا مَهَلَ الْمُسْتَعْتَبِ ، وَ كُشِفَ [ 1 ] عَنْهُمْ سُدَفُ الرَّيْبِ ، وَ خُلُّوا لِمِضْمَارِ الْجِيَادِ ، وَ رَوِيَّةِ الاِرْتِيَادِ ، وَ أَنَاةِ الْمُقْتَبِسِ الْمُرْتَادِ ، في مُدَّةِ الأَجَلِ ، وَ مُضْطَرَبِ الْمَهَلِ .

فَيَا لَهَا أَمْثَالاً صَائِبَةً ، وَ مَوَاعِظَ شَافِيَةً ، لَوْ صَادَفَتْ قُلُوباً زَاكِيَةً ، وَ أَسْمَاعاً وَاعِيَةً ، وَ آرَاءً عَازِمَةً ، وَ أَلْبَاباً حَازِمَةً .

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَقِيَّةَ مَنْ سَمِعَ فَخَشَعَ ، وَ اقْتَرَفَ فَاعْتَرَفَ ، وَ وَجِلَ فَعَمِلَ ، وَ حَاذَرَ فَبَادَرَ ، وَ أَيْقَنَ فَأَحْسَنَ ، وَ عُبِّرَ فَاعْتَبَرَ ، وَ حُذِّرَ فَازْدَجَرَ ، وَ أَجَابَ فَأَنَابَ ، وَ رَاجَعَ فَتَابَ ، وَ اقْتَدى فَاحْتَذى ، وَ أُرِيَ فَرَأَى‏ ، فَأَسْرَعَ طَالِباً ، وَ نَجَا هَارِباً ، فَأَفَادَ ذَخيرَةً ، وَ أَطَابَ سَريرَةً ، وَ عَمَرَ مَعَاداً ، وَ اسْتَظْهَرَ زَاداً ،

لِيَوْمِ رَحيلِهِ ، وَ وَجْهِ سَبيلِهِ ، وَ حَالِ حَاجَتِهِ ، وَ مَوْطِنِ فَاقَتِهِ ، وَ قَدَّمَ أَمَامَهُ ، لِدَارِ مُقَامِهِ .

فَاتَّقُوا اللَّهَ ، عَبَادَ اللَّهِ ، جِهَةَ مَا خَلَقَكُمْ لَهُ ، وَ احْذَرُوا مِنْهُ كُنْهَ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ ، وَ اخْشَوْهُ خَشْيَةً تَحْجُزُكُمْ عَمَّا يُسْخِطُهُ [ 2 ] .

وَ اسْتَحِقُّوا مِنْهُ مَا أَعَدَّ لَكُمْ بِالتَّنَجُّزِ لِصِدْقِ مِيعَادِهِ ، وَ الْحَذَرِ مِنْ هَوْلِ مَعَادِهِ ، بِأَبْدَانٍ قَائِمَةٍ بِأَرْفَاقِهَا ، وَ قُلُوبٍ رَائِدَةٍ لأَرْزَاقِهَا ، في مُجَلِّلاَتِ نِعَمِهِ ، وَ مُوجِبَاتِ مِنَنِهِ ، وَ حَوَاجِزِ عَافِيَتِهِ .

وَ قَدَّرَ لَكُمْ أَعْمَاراً سَتَرَهَا عَنْكُمْ ، وَ خَلَّفَ لَكُمْ عِبَراً مِنْ آثَارِ الْمَاضينَ قَبْلَكُمْ ، مِنْ مُسْتَمْتَعِ خَلاَقِهِمْ ، وَ مُسْتَفْسَحِ خَنَاقِهِمْ .

أَرْهَقَتْهُمُ الْمَنَايَا دُونَ الآمَالِ ، وَ شَذَّبَهُمْ [ 3 ] عَنْهَا تَخَرُّمُ الآجَالِ .

لَمْ يَمْهَدُوا في سَلاَمَةِ الأَبْدَانِ ، وَ لَمْ يَعْتَبِرُوا في أُنُفِ الأَوَانِ .

فَهَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضَاضَةِ الشَّبَابِ إِلاَّ حَوَانِيَ [ 4 ] الْهَرَمِ ، وَ أَهْلُ غَضَارَةِ الصِّحَّةِ إِلاَّ نَوَازِلَ السَّقَمِ ، وَ أَهْلُ مُدَّةِ الْبَقَاءِ إِلاَّ آوِنَةَ [ 5 ] الْفَنَاءِ ، وَ اقْتِرَابَ الْفَوْتِ ، وَ دُنُوَّ الْمَوْتِ [ 6 ] ، مَعَ قُرْبِ الزِّيَالِ ، وَ أُزُوفِ

[ 1 ] كشفت . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 72 . و نسخة نصيري ص 28 . و نسخة الآملي ص 50 و نسخة ابن أبي المحاسن ص 74 . و نسخة عبده ص 190 و نسخة الصالح ص 109 . و نسخة العطاردي ص 75 .

[ 2 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 145 .

[ 3 ] شذّ بهم . ورد في نسخة الآملي ص 51 . و نسخة عبده ص 192 . و نسخة الصالح ص 110 .

[ 4 ] جواني . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 52 . و نسخة العطاردي ص 76 عن شرح الكيذري . و ورد جوافي في

[ 5 ] مفاجأة . ورد في دستور معالم الحكم للقضاعي ص 60 . و منهاج البراعة للخوئي ج 14 ص 337 .

[ 6 ] ورد في المصدرين السابقين .

[ 226 ]

الاِنْتِقَالِ ، وَ إِشْفَاءِ الزَّوَالِ ، وَ حَفْزِ الأَنينِ ، وَ رَشْحِ الْجَبينِ ، وَ امْتِدَادِ الْعِرْنينِ [ 1 ] ، وَ عَلَزِ الْقَلَقِ ، وَ فَيْظِ الرَّمَقِ [ 2 ] ، وَ أَلَمِ الْمَضَضِ ، وَ غُصَصِ الْجَرَضِ ، وَ تَلَفُّتِ الاِسْتِغَاثَةِ بِنُصْرَةِ الْحَفَدَةِ وَ الأَقْرِبَاءِ ، وَ الأَعِزَّةِ وَ الْقُرَنَاءِ .

فَهَلْ دَفَعَتِ الأَقَارِبُ ، أَوْ نَفَعَتِ النَّوَاحِبُ ؟ .

أَلاَ وَ إِنَّ الدُّنْيَا [ قَدْ ] دَارَتْ عَلَيْكُمْ بِصُرُوفِهَا ، وَ رَمَتْكُمْ بِسِهَامِ حُتُوفِهَا ، فَهِيَ تَنْزِعُ أَرْوَاحَكُمْ نَزْعاً ،

وَ أَنْتُمْ تَجْمَعُونَ لَهَا جَمْعاً .

لِلْمَوْتِ تُولَدُونَ ، وَ إِلَى الْقُبُورِ تُنْقَلُونَ ، وَ عَلَى التُّرَابِ تَتَوَسَّدُونَ ، وَ إِلَى الدُّودِ تُسَلَّمُونَ ، وَ إِلَى الْحِسَابِ تُبْعَثُونَ [ 3 ] .

[ 10 ] فَاعْتَبِرُوا بِنُزُولِكُمْ مَنَازِلَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، وَ انْقِطَاعِكُمْ عَنْ أَوْصَلِ إِخْوَانِكُمْ .

[ 11 ] وَ اعْلَمُوا ، عِبَادَ اللَّهِ ، أَنَّكُمْ وَ مَا أَنْتُمْ فيهِ مِنْ هذِهِ الدُّنْيَا عَلى سَبيلِ [ 4 ] مَنْ قَدْ مَضى قَبْلَكُمْ ، مِمَّنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَاراً ، وَ أَشَدَّ بَطْشاً [ 5 ] ، وَ أَعْمَرَ دِيَاراً ، وَ أَبْعَدَ آثَاراً .

أَصْبَحَتْ أَصْوَاتُهُمْ هَامِدَةً ، وَ رِيَاحُهُمْ رَاكِدَةً ، وَ أَجْسَادُهُمْ بَالِيَةً ، وَ دِيَارُهُمْ خَالِيَةً ، وَ آثَارُهُمْ عَافِيَةً ، فَاسْتَبْدَلُوا بِالْقُصُورِ الْمُشَيَّدَةِ ، وَ السُّرُرِ الْمُنَضَّدَةِ [ 6 ] ، وَ النَّمَارِقِ الْمُمَهَّدَةِ [ 7 ] ، الصُّخُورَ وَ الأَحْجَارَ الْمُسَنَّدَةَ [ 8 ] ، وَ الْقُبُورَ اللاَّطِئَةَ الْمُلَحَّدَةَ ، الَّتي قَدْ بُنِيَ عَلَى الْخَرَابِ [ 9 ] فِنَاؤُهَا ، وَ شُيِّدَ بِالتُّرَابِ بِنَاؤُهَا .

[ 10 ] من : فاعتبروا إلى : إخوانكم ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 117 .

[ 11 ] من : و اعلموا إلى : و الثّرى ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 226 .

[ 1 ] ورد في دستور معالم الحكم للقضاعي ص 60 . و منهاج البراعة للخوئي ج 14 ص 337 .

[ 2 ] ورد في المصدرين السابقين .

[ 3 ] ورد في

[ 4 ] محجّة . ورد في

[ 5 ] ورد في دستور معالم الحكم ص 61 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 269 . و تذكرة الخواص ص 117 . و كنز العمال ج 16 ص 201 . و منهاج البراعة ج 14 ص 337 . و نهج السعادة ج 3 ص 181 . باختلاف يسير .

[ 6 ] ورد في المصادر السابقة . باختلاف .

[ 7 ] الموسّدة . ورد في تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 117 .

[ 8 ] بطون اللّحود ، و مجاورة الدّود . ورد في

[ 9 ] بالخراب . ورد في نسخة ابن ميثم ج 4 ص 90 . و متن منهاج البراعة ج 14 ص 321 . و متن بهج الصباغة ج 8 ص 319 .

و متن مصادر نهج البلاغة ج 3 ص 166 . و نسخة العطاردي ص 266 .

[ 227 ]

فَمَحَلُّهَا مُقْتَرِبٌ ، وَ سَاكِنُهَا مُغْتَرِبٌ ، بَيْنَ أَهْلِ مَحَلَّةٍ مُوحِشينَ ، وَ أَهْلِ فَرَاغٍ مُتَشَاغِلينَ .

لاَ يَسْتَأْنِسُونَ بِالأَوْطَانِ [ 1 ] ، وَ لاَ يَتَوَاصَلُونَ تَوَاصُلَ الْجيرَانِ ، عَلى مَا بَيْنَهُمْ مِنْ قُرْبِ الْجِوَارِ ،

وَ دُنُوِّ الدَّارِ .

وَ كَيْفَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ تَزَاوُرٌ ، وَ قَدْ طَحَنَهُمْ بِكَلْكَلِهِ الْبِلى ، وَ أَكَلَتْهُمُ الْجَنَادِلُ وَ الثَّرى ، فَأَصْبَحُوا بَعْدَ الْحَيَاةِ أَمْوَاتاً ، وَ بَعْدَ غَضَارَةِ الْعَيْشِ رُفَاتاً ؟ .

قَدْ فُجِعَ بِهِمُ الأَحْبَابُ ، وَ أُسْكِنُوا التُّرَابَ ، وَ ظَعَنُوا فَلَيْسَ لَهُمْ إِيَابٌ ، وَ تَمَنَّوُا الرُّجُوعَ فَحيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ .

هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ، كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَ مِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [ 2 ] .

[ 8 ] وَ كَأَنْ قَدْ صِرْتُمْ إِلى مَا صَارُوا إِلَيْهِ مِنَ الْوَحْدَةِ وَ الْبِلى في دَارِ الْمَوْتى [ 3 ] ، وَ ارْتَهَنَكُمْ ذَلِكَ الْمَضْجَعُ ، وَ ضَمَّكُمْ ذَلِكَ الْمُسْتَوْدَعُ .

فَكَيْفَ بِكُمْ لَوْ تَنَاهَتْ بِكُمُ الأُمُورُ ، وَ بُعْثِرَتِ الْقُبُورُ ، وَ حُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ، وَ هُتِكَتْ عَنْكُمُ الْحُجُبُ وَ الأَسْتَارُ ، وَ ظَهَرَتْ مِنْكُمُ الْعُيُوبُ وَ الأَسْرَارُ ، وَ زَالَ الشَّكُّ وَ الاِرْتِيَابُ ، وَ أُوقِفْتُمْ لِلتَّحْصيلِ ،

بَيْنَ يَدَيِ مَلِكٍ جَليلٍ ، فَطَارَتِ الْقُلُوبُ لإِشْفَاقِهَا مِنْ سَالِفِ الذُّنُوبِ [ 4 ] ، هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ 5 .

إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ في كِتَابِهِ : لِيَجْزِيَ الَّذينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنى 6 .

وَ قَالَ : وَ وُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمينَ مُشْفِقينَ مِمَّا فيهِ وَ يَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَا لِهذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغيرَةً وَ لاَ كَبيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَ وَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَ لاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [ 7 ] .

[ 8 ] من : و كأن قد صرتم إلى : بعثرت القبور . و من : هنالك إلى : ما كانوا يفترون ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 226 .

[ 1 ] بالعمران . ورد في دستور معالم الحكم ص 61 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 269 . و تذكرة الخواص ص 117 . و كنز العمال ج 16 ص 201 . و منهاج البراعة ج 14 ص 337 . و نهج السعادة ج 3 ص 182 .

[ 2 ] المؤمنون ، 100 . و وردت الفقرات في المصادر السابقة . باختلاف .

[ 3 ] ورد في المصادر السابقة . عدا تذكرة الخواص .

[ 4 ] ورد في دستور معالم الحكم ص 62 . و تاريخ دمشق ( ترجمة علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 269 . و تذكرة الخواص ص 117 .

و كنز العمال ج 1 ص 202 . و الأمالي ص 695 . و منهاج البراعة ج 14 ص 338 . و نهج السعادة ج 3 ص 183 . باختلاف .

-----------
( 5 ) يونس ، 30 .

-----------
( 6 ) النجم ، 31 .

[ 7 ] الكهف ، 49 . و وردت الفقرة في المصادر السابقة . و مصباح البلاغة ج 2 ص 116 عن مجموعة ورّام . باختلاف بين المصادر .

[ 228 ]

[ 7 ] أَمْ هذَا الَّذي أَنْشَأَهُ في ظُلُمَاتِ الأَرْحَامِ ، وَ شُغُفِ الأَسْتَارِ ، نُطْفَةً دِهَاقاً [ 1 ] ، وَ عَلَقَةً مُحَاقاً ،

وَ جَنيناً وَ رَاضِعاً ، وَ وَليداً وَ يَافِعاً ، ثُمَّ مَنَحَهُ قَلْباً حَافِظاً ، وَ لِسَاناً لاَفِظاً ، وَ بَصَراً لاَحِظاً ، لِيَفْهَمَ مُعْتَبِراً ، وَ يُقَصِّرَ مُزْدَجِراً .

حَتَّى إِذَا قَامَ اعْتِدَالُهُ ، وَ اسْتَوى مِثَالُهُ ، نَفَرَ مُسْتَكْبِراً ، وَ خَبَطَ سَادِراً ، مَاتِحاً في غَرْبِ هَوَاهُ ،

كَادِحاً سَعْياً لِدُنْيَاهُ ، في لَذَّاتِ طَرَبِهِ ، وَ بَدَوَاتِ أَرَبِهِ .

لاَ يَتَحَسَّبُ [ 2 ] رَزِيَّةً ، وَ لاَ يَخْشَعُ تَقِيَّةً ، فَمَاتَ في فِتْنَتِهِ غَريراً ، وَ عَاشَ في هَفْوَتِهِ أَسيراً [ 3 ] .

لَمْ يُفِدْ [ 4 ] عِوَضاً ، وَ لَمْ يَقْضِ مُفْتَرَضاً .

دَهَمَتْهُ فَجَعَاتُ الْمَنِيَّةِ في غُبَّرِ جِمَاحِهِ ، وَ سَنَنِ مَرَاحِهِ ، فَظَلَّ سَادِراً ، وَ بَاتَ سَاهِراً ، في غَمَرَاتِ الآلاَمِ ، وَ طَوَارِقِ الأَوْجَاعِ وَ الأَسْقَامِ ، بَيْنَ أَخٍ شَقيقٍ ، وَ وَالِدٍ شَفيقٍ ، وَ دَاعِيَةٍ بِالْوَيْلِ جَزَعاً ، وَ لاَدِمَةٍ لِلصَّدْرِ قَلَقاً .

وَ الْمَرْءُ في سَكْرَةٍ مُلْهِيَةٍ ، وَ غَمْرَةٍ كَارِثَةٍ [ 5 ] ، وَ أَنَّةٍ مُوجِعَةٍ ، وَ جَذْبَةٍ مُكْرِبَةٍ ، وَ سَوْقَةٍ مُتْعِبَةٍ .

ثُمَّ أُدْرِجَ في أَكْفَانِهِ مُبْلِساً ، وَ جُذِبَ مُنْقَاداً سَلِساً .

ثُمَّ أُلْقِيَ عَلَى الأَعْوَادِ رَجيعَ وَصَبٍ ، وَ نِضْوَ سَقَمٍ ، تَحْمِلُهُ حَفَدَةُ الْوِلْدَانِ ، وَ حَشَدَةُ الإِخْوَانِ ،

إِلى دَارِ غُرْبَتِهِ ، وَ مُنْقَطَعِ زَوْرَتِهِ ، وَ مُنْفَرَدِ [ 6 ] وَحْشَتِهِ .

حَتَّى إِذَا انْصَرَفَ الْمُشَيِّعُ ، وَ رَجَعَ الْمُتَفَجِّعُ ، أُقْعِدَ في حُفْرَتِهِ نَجِيّاً ، لِبَهْتَةِ السُّؤَالِ ، وَ عَثْرَةِ الاِمْتِحَانِ .

وَ أَعْظَمُ مَا هُنَالِكَ بَلِيَّةً نُزُلُ الْحَميمِ ، وَ تَصْلِيَةُ الْجَحيمِ ، وَ فَوْرَاتُ السَّعيرِ ، وَ سَوْرَاتُ الزَّفيرِ .

لاَ فَتْرَةٌ مُريحَةٌ ، وَ لاَ دَعَةٌ مُزيحَةٌ ، وَ لاَ قُوَّةٌ حَاجِزَةٌ ، وَ لاَ مَوْتَةٌ نَاجِزَةٌ ، وَ لاَ سِنَةٌ مُسْلِيَةٌ ، بَيْنَ أَطْوَارِ

[ 7 ] من : أم هذا إلى : راجعون ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 83 .

[ 1 ] دفاقا . ورد في نسخة نصيري ص 30 . و هامش متن شرح ابن أبي الحديد ( طبعة دار الأندلس ) ج 2 ص 96 .

[ 2 ] لا يحتسب . ورد في نسخة نصيري ص 30 . و نسخة الآملي ص 52 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 78 . و نسخة الأسترابادي ص 82 . و نسخة عبده ص 196 . و نسخة الصالح ص 113 .

[ 3 ] يسيرا . ورد في المصادر السابقة . و نسخة العام 400 ص 76 . و نسخة العطاردي ص 79 .

[ 4 ] لم يفده . ورد في

[ 5 ] كاربة . ورد في نسخة العطاردي ص 79 عن شرح الكيذري .

[ 6 ] مفرد . ورد في نسخة نصيري ص 31 . و نسخة الصالح ص 113 .

[ 229 ]

الْمَوْتَاتِ ، وَ عَذَابِ السَّاعَاتِ .

إِنَّا بِاللَّهِ عَائِذُونَ ، وَ إِنَّا للَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .

ثُمَّ مِنْ دُونِ ذَلِكَ أَهْوَالُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَ يَوْمِ الْحَسْرَةِ وَ النَّدَامَةِ .

يَوْمَ تُنْصَبُ فيهِ الْمَوَازينُ ، وَ تُنْشَرُ فيهِ الدَّوَاوينُ ، لإِحْصَاءِ كُلِّ صَغيرَةٍ ، وَ إِعْلاَنِ كُلِّ كَبيرَةٍ [ 1 ] .

[ 9 ] وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَجَازَكُمْ عَلَى الصِّرَاطِ وَ مَزَالِقِ دَحْضِهِ ، وَ أَهَاويلِ زَلَلِهِ ، وَ تَارَاتِ أَهْوَالِهِ .

فَاتَّقُوا اللَّهَ ، عِبَادَ اللَّهِ ، تَقِيَّةَ ذي لُبٍّ شَغَلَ التَّفَكُّرُ قَلْبَهُ ، وَ أَنْصَبَ الْخَوْفُ بَدَنَهُ ، وَ أَسْهَرَ التَّهَجُّدُ غِرَارَ نَوْمِهِ ، وَ أَظْمَأَ الرَّجَاءُ هَوَاجِرَ يَوْمِهِ ، وَ ظَلَفَ الزُّهْدُ شَهَوَاتِهِ ، وَ أَوْجَفَ [ 2 ] الذِّكْرُ بِلِسَانِهِ ، وَ قَدَّمَ الْخَوْفَ لأَمَانِهِ [ 3 ] ، وَ تَنَكَّبَ الْمَخَالِجَ عَنْ وَضْحِ السَّبيلِ ، وَ سَلَكَ أَقْصَدَ الْمَسَالِكِ إِلَى النَّهْجِ الْمَطْلُوبِ ،

وَ لَمْ تَفْتِلْهُ فَاتِلاَتُ الْغُرُورِ [ 4 ] ، وَ لَمْ تَعْمَ عَلَيْهِ مُشْتَبِهَاتُ الأُمُورِ ، ظَافِراً بِفَرْحَةِ الْبُشْرى ، وَ رَاحَةِ النُّعْمى ، في أَنْعَمِ نَوْمِهِ ، وَ آمِنِ يَوْمِهِ .

قَدْ عَبَرَ مَعْبَرَ الْعَاجِلَةِ حَميداً ، وَ قَدَّمَ زَادَ الآجِلَةِ سَعيداً ، وَ بَادَرَ مِنْ وَجَلٍ [ 5 ] ، وَ أَكْمَشَ في مَهَلٍ ،

وَ رَغِبَ في طَلَبٍ ، وَ ذَهَبَ [ 6 ] عَنْ هَرَبٍ ، وَ رَقَبَ في يَوْمِهِ غَدَهُ ، وَ نَظَرَ قُدْماً [ 7 ] أَمَامَ .

فَكَفى بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً وَ نَوَالاً ، وَ كَفى بِالنَّارِ عِقَاباً وَ وَبَالاً ، وَ كَفى بِاللَّهِ ظَهيراً وَ مُجيراً [ 8 ] ، وَ كَفى بَاللَّهِ مُنْتَقِماً وَ نَصيراً ، وَ كَفى بَالْكِتَابِ حَجيجاً وَ خَصيماً .

عِبَادَ اللَّهِ الَّذينَ عُمِّرُوا فَنَعِمُوا ، وَ عُلِّمُوا فَفَهِمُوا ، وَ أُنْظِرُوا فَلَهُوا ، وَ سُلِّمُوا فَنَسُوا ، أُمْهِلُوا

[ 9 ] من : و اعلموا إلى : خصيما . و من : عباد اللّه إلى : المسخطة ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 83 .

[ 1 ] ورد في أمالي الطوسي ص 695 . و نهج السعادة للمحمودي ج 3 ص 176 . و مصباح البلاغة ج 2 ص 116 عن مجموعة ورّام .

باختلاف بين المصادر .

[ 2 ] أرجف . ورد في نسخة عبده ص 194 .

[ 3 ] لإبّانه . ورد في المصدر السابق .

[ 4 ] و لم تقتله قاتلات الغرور . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 75 . و نسخة نصيري ص 30 .

[ 5 ] عن وجل . ورد في متن شرح ابن أبي الحديد ج 6 ص 264 .

[ 6 ] رهب . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 75 . و نسخة نصيري ص 30 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 77 .

[ 7 ] قدما . ورد في نسخة عبده ص 195 . و ورد قدما في

[ 8 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 2 ص 556 .

[ 230 ]

طَويلاً ، وَ مُنِحُوا جَميلاً ، وَ حُذِّرُوا أَليماً ، وَ وُعِدُوا جَسيماً ، احْذَرُوا الذُّنُوبَ الْمُورِطَةَ [ 1 ] ، وَ الْعُيُوبَ الْمُسْخِطَةَ ، [ 11 ] وَ اعْتَبِرُوا بِمَا قَدْ رَأَيْتُمْ مِنْ مَصَارِعِ الْقُرُونِ قَبْلَكُمْ ، قَدْ تَزَايَلَتْ أَوْصَالُهُمْ ، وَ زَالَتْ أَبْصَارُهُمْ وَ أَسْمَاعُهُمْ [ 2 ] ، وَ ذَهَبَ شَرَفُهُمْ وَ عِزُّهُمْ ، وَ انْقَطَعَ سُرُورُهُمْ وَ نَعيمُهُمْ ، فَبُدِّلُوا بِقُرْبِ الأَوْلاَدِ فَقْدَهَا ، وَ بِصُحْبَةِ الأَزْوَاجِ مُفَارَقَتَهَا [ 3 ] .

لاَ يَتَفَاخَرُونَ وَ لاَ يَتَنَاسَلُونَ ، وَ لاَ يَتَزَاوَرُونَ وَ لاَ يَتَحَاوَرُونَ [ 4 ] .

فَاحْذَرُوا ، عِبَادَ اللَّهِ ، حَذَرَ الْغَالِبِ لِنَفْسِهِ ، الْمَانِعِ لِشَهْوَتِهِ ، النَّاظِرِ بِعَقْلِهِ ، فَإِنَّ الأمْرَ وَاضِحٌ ،

وَ الْعَلَمَ قَائِمٌ ، وَ الطَّريقَ جَدَدٌ ، وَ السَّبيلَ قَصْدٌ .

[ 12 ] فَاعْمَلُوا ، وَ أَنْتُمْ في نَفَسِ [ 5 ] الْبَقَاءِ ، وَ الصُّحُفُ مَنْشُورَةٌ ، وَ التَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ ، وَ الْمُدْبِرُ يُدْعى ، وَ الْمُسي‏ءُ يُرْجى ، قَبْلَ أَنْ يَخْمُدَ [ 6 ] الْعَمَلُ ، وَ يَنْقَطِعَ الْمَهَلُ ، وَ يَنْقَضِيَ الأَجَلُ [ 7 ] ، وَ يُسَدَّ بَابُ التَّوْبَةِ ، وَ تَصْعَدَ الْمَلاَئِكَةُ .

[ 13 ] أَلآنَ ، عِبَادَ اللَّهِ ، بَادِرُوا صَالِحَ الأَعْمَالِ [ 8 ] وَ الْخِنَاقُ مُهْمَلٌ ، وَ الرُّوحُ مُرْسَلٌ ، في فَيْنَةِ الاِرْشَادِ [ 9 ] ، وَ رَاحَةِ الأَجْسَادِ ، وَ بَاحَةِ الاِحْتِشَادِ ، وَ مَهَلِ الْبَقِيَّةِ ، وَ أُنُفِ الْمَشِيَّةِ ، وَ إِنْظَارِ [ 10 ] التَّوْبَةِ ،

وَ انْفِسَاحِ الْحَوْبَةِ ، قَبْلَ الضَّنْكِ وَ الْمَضيقِ ، وَ الرَّوْعِ وَ الزُّهُوقِ ، وَ قَبْلَ قُدُومِ الْغَائِبِ الْمُنْتَظَرِ ، وَ أَخْذَةِ

[ 11 ] من : و اعتبروا إلى : السّبيل قصد ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 161 .

[ 12 ] من : فاعملوا إلى : الملائكة ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 237 .

[ 13 ] من : الآن عباد اللّه و الخناق إلى : المقتدر ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 83 .

[ 1 ] المورّطة . ورد في نسخة الآملي ص 53 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 79 . و نسخة عبده ص 198 . و نسخة الصالح ص 114 .

[ 2 ] أسماعهم و أبصارهم . ورد في نسخة العام 400 ص 196 . و نسخة ابن المؤدب ص 139 . و نسخة نصيري ص 90 .

و نسخة الآملي ص 136 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 193 . و نسخة العطاردي عن نسخة موجودة في مكتبة مدرسة نواب في مدينة مشهد ، و عن نسخة موجودة في مكتبة جامعة عليكره الهند . و نسخة موجودة في مكتبة ممتاز العلماء في لكنهور .

[ 3 ] بعدها . ورد في هامش نسخة الأسترابادي ص 222 .

[ 4 ] يتجاورون . ورد في نسخة ابن المؤدب ص 139 . و نسخة نصيري ص 90 . و نسخة الآملي ص 136 . و نسخة عبده ص 348 .

[ 5 ] آونة . ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 140 .

[ 6 ] يخمل . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 323 .

[ 7 ] تنقضي المدّة . ورد في المصدر السابق . و نسخة ابن المؤدب ص 228 . و نسخة نصيري ص 150 . و نسخة الآملي ص 232 .

[ 8 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 340 .

[ 9 ] الارتياد . ورد في نسخة الأسترابادي ص 83 . و هامش متن منهاج البراعة ج 6 ص 66 . و هامش نسخة عبده ص 199 .

[ 10 ] انتظار . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 76 .

[ 231 ]

الْعَزيزِ الْمُقْتَدِرِ .

اَللَّهَ اللَّهَ ، عِبَادَ اللَّهِ ، قَبْلَ جُفُوفِ الأَقْلاَمِ ، وَ تَصَرُّمِ الأَيَّامِ ، وَ لُزُومِ الآثَامِ ، وَ قَبْلَ الدَّعْوَةِ بِالْحَسْرَةِ وَ الْوَيْلِ وَ الشَّقْوَةِ ، وَ نُزُولِ عَذَابِ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً .

أَيُّهَا النَّاسُ ، الآنَ الآنَ ، مَا دَامَ الْوَثَاقُ مُطْلَقاً ، وَ السِّرَاجُ مُنيراً ، وَ بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحاً ، وَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُطْوَى الصَّحيفَةُ ، فَلاَ رِزْقٌ يَنْزِلُ ، وَ لاَ عَمَلٌ يَصْعَدُ .

اَلْمِضْمَارُ الْيَوْمَ ، وَ السِّبَاقُ غَداً ، وَ إِنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ إِلى جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ .

اَلآنَ الآنَ ، مِنْ قَبْلِ النَّدَمِ ، وَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتى عَلى مَا فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَاني لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقينَ أَوْ تَقُولَ حينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنينَ 1 .

فَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْجَليلُ جَلَّ جَلاَلُهُ : بَلى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَ اسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكَافِرينَ 2 .

فَوَ اللَّهِ مَا يَسْأَلُ الرُّجُوعَ إِلاَّ لِيَعْمَلَ صَالِحاً ، وَ لاَ يُشْرِكَ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [ 3 ] .

[ 4 ] فَأَخَذَ امْرُؤٌ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ ، وَ أَخَذَ مِنْ حَيٍّ لِمَيِّتٍ ، وَ مِنْ فَانٍ لِبَاقٍ ، وَ مِنْ ذَاهِبٍ لِدَائِمٍ .

إِمْرُؤٌ خَافَ اللَّهَ وَ هُوَ مُعَمَّرٌ إِلى أَجَلِهِ ، وَ مَنْظُورٌ إِلى عَمَلِهِ .

إِمْرُؤٌ أَلْجَمَ نَفْسَهُ بِلِجَامِهَا ، وَ زَمَّهَا بِزِمَامِهَا ، فَأَمْسَكَهَا بِلِجَامِهَا عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ ، وَ قَادَهَا بِزِمَامِهَا إِلى طَاعَةِ اللَّهِ .

[ 5 ] يَا أُولِي الأَبْصَارِ وَ الأَسْمَاعِ ، وَ الْعَافِيَةِ وَ الْمَتَاعِ ، هَلْ مِنْ مَنَاصٍ أَوْ خَلاَصٍ ، أَوْ مَعَاذٍ أَوْ مَلاَذٍ ، أَوْ فِرَارٍ أَوْ مَحَارٍ ؟ .

أَمْ لاَ ، فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ؟ .

أَمْ أَيْنَ تُصْرَفُونَ ؟ .

أَمْ بِمَا ذَا تَغْتَرُّونَ ؟ .

[ 4 ] من : فأخذ إلى : طاعة اللّه ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 237 .

[ 5 ] من : يا أولى إلى : دنياها ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 83 .

-----------
( 1 ) الزّمر ، 56 58 .

-----------
( 2 ) الزّمر ، 59 .

[ 3 ] ورد في أمالي الطوسي ص 696 . و نهج السعادة ج 3 ص 176 . و مصباح البلاغة ج 2 ص 116 عن مجموعة ورّام .

[ 232 ]

وَ إِنَّمَا حَظُّ أَحَدِكُمْ مِنَ الأَرْضِ ذَاتِ الطُّولِ وَ الْعَرْضِ قَيْدُ قَدِّهِ ، مُتَعَفِّراً [ 1 ] عَلى خَدِّهِ ، وَ قَدْ غُودِرَ في مَحَلَّةِ الأَمْوَاتِ رَهيناً ، وَ في ضيقِ الْمَضْجَعِ وَحيداً .

قَدْ هَتَكَتِ الْهَوَامُّ جِلْدَتَهُ ، وَ أَبْلَتِ النَّوَاهِكُ جِدَّتَهُ ، وَ عَفَتِ الْعَوَاصِفُ آثَارَهُ ، وَ مَحَا الْحَدَثَانُ [ 2 ] مَعَالِمَهُ ، وَ صَارَتِ الأَجْسَادُ شَحِبَةً بَعْدَ بَضَّتِهَا ، وَ الْعِظَامُ نَخِرَةً بَعْدَ قُوَّتِهَا ، وَ الأَرْوَاحُ مُرْتَهَنَةً بِثِقَلِ أَعْبَائِهَا ، مُوقِنَةً بِغَيْبِ أَنْبَائِهَا .

لاَ تُسْتَزَادُ مِنْ صَالِحِ عَمَلِهَا ، وَ لاَ تُسْتَعْتَبُ مِنْ سَيِ‏ءِ زَلَلِهَا .

أَ وَ لَسْتُمْ أَبْنَاءَ الْقَوْمِ وَ الآبَاءَ ، وَ إِخْوَانَهُمْ وَ الأَقْرِبَاءَ ، تَحْتَذُونَ أَمْثِلَتَهُمْ ، وَ تَرْكَبُونَ قِدَّتَهُمْ ،

وَ تَطَؤُونَ جَادَّتَهُمْ ؟ .

فَالْقُلُوبُ قَاسِيَةٌ عَنْ حَظِّهَا ، لاَهِيَةٌ عَنْ رُشْدِهَا ، سَالِكَةٌ في غَيْرِ مِضْمَارِهَا ، كَأَنَّ الْمَعْنِيَّ سِوَاهَا ، وَ كَأَنَّ الرُّشْدَ في إِحْرَازِ دُنْيَاهَا .

فَعَلامَ ، عِبَادَ اللَّهِ ، التَّعَرُّجُ وَ الدَّلَجُ ؟ .

وَ إِلى أَيْنَ الْمَفَرُّ وَ الْمَهْرَبُ ؟ .

وَ هذَا الْمَوْتُ فِي الطَّلَبِ ، يَخْتَرِمُ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ ، لاَ يَتَحَنَّنُ عَلى ضَعيفٍ ، وَ لاَ يُعَرِّجُ عَلى شَريفٍ ،

وَ الْجَديدَانِ يَحُثَّانِ الأَجَلَ تَحْثيثاً ، وَ يَسُوقَانِهِ سَوْقاً حَثيثاً .

وَ كُلُّ مَا هُوَ آتٍ فَقَريبٌ .

وَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ الْعَجَبُ الْعَجيبُ .

فَأَعِدُّوا الْجَوَابَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ ، وَ أَكْثِرُوا الزَّادَ لِيَوْمِ الْمَعَادِ [ 3 ] .

[ 6 ] عِبَادَ اللَّهِ ، إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ [ 4 ] إِلَيْهِ عَبْداً أَعَانَهُ اللَّهُ عَلى نَفْسِهِ ، فَاسْتَشْعَرَ الْحُزْنَ ، وَ تَجَلْبَبَ الْخَوْفَ ، وَ أَضْمَرَ الْيَقينَ ، وَ عَرِيَ مِنَ الشَّكِّ في تَوَهُّمِ الزَّوَالِ ، فَهُوَ مِنْهُ عَلى بَالٍ [ 5 ] ،

فَزَهَرَ مِصْبَاحُ الْهُدى في قَلْبِهِ ، وَ أَعَدَّ الْقِرى لِيَوْمِهِ النَّازِلِ بِهِ ، فَقَرَّبَ عَلى نَفْسِهِ الْبَعيدَ ، وَ هَوَّنَ الشَّديدَ .

[ 6 ] من : عباد اللّه إلى : كان منزله ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 87 .

[ 1 ] منعفرا . ورد في نسخة ابن أبي المحاسن ص 79 . و نسخة الأسترابادي ص 83 .

[ 2 ] الجديدان . ورد في نسخة نصيري ص 29 .

[ 3 ] ورد في دستور معالم الحكم للقضاعي ص 64 و 94 . و منهاج البراعة للخوئي ج 14 ص 338 .

[ 4 ] ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 239 .

[ 5 ] ورد في دستور معالم الحكم للقضاعي ص 66 و 144 . و منهاج البراعة للخوئي ج 14 ص 339 . باختلاف يسير .

[ 233 ]

نَظَرَ فَأَبْصَرَ ، وَ ذَكَرَ فَاسْتَكْثَرَ ، وَ ارْتَوى مِنْ عَذْبٍ فُرَاتٍ سُهِّلَتْ لَهُ مَوَارِدُهُ ، فَشَرِبَ نَهْلاً ، وَ سَلَكَ سَبيلاً جَدَداً .

قَدْ خَلَعَ سَرَابيلَ الشَّهَوَاتِ ، وَ تَخَلَّى مِنَ الْهُمُومِ إِلاَّ هَمّاً وَاحِداً انْفَرَدَ [ 1 ] بِهِ ، فَخَرَجَ مِنْ صِفَةِ الْعَمى ، وَ مُشَارَكَةِ أَهْلِ الْهَوى ، وَ صَارَ مِنْ مَفَاتيحِ أَبْوَابِ الْهُدى ، وَ مَغَاليقِ أَبْوَابِ الرَّدى .

قَدْ أَبْصَرَ طَريقَهُ ، وَ سَلَكَ سَبيلَهُ ، وَ عَرَفَ مَنَارَهُ [ 2 ] ، وَ اسْتَفْتَحَ بِمَا فَتَحَ الْعَالِمُ بِهِ أَبْوَابَهُ ، وَ خَاضَ بِحَارَهُ [ 3 ] ، وَ قَطَعَ غِمَارَهُ .

وَ اسْتَمْسَكَ مِنَ الْعُرى بِأَوْثَقِهَا ، وَ اسْتَعْصَمَ [ 4 ] مِنَ الْحِبَالِ بِأَمْتَنِهَا ، فَهُوَ مِنَ الْيَقينِ عَلى مِثْلِ ضَوْءِ الشَّمْسِ .

قَدْ نَصَبَ نَفْسَهُ للَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى في أَرْفَعِ الأُمُورِ ، مِنْ إِصْدَارِ كُلِّ وَارِدٍ عَلَيْهِ ، وَ تَصْييرِ كُلِّ فَرْعٍ إِلى أَصْلِهِ .

مِصْبَاحُ ظُلُمَاتٍ ، كَشَّافُ عَشَوَاتٍ [ 5 ] ، خَوَّاضُ غَمَرَاتٍ [ 6 ] ، مِفْتَاحُ [ 7 ] مُبْهَمَاتٍ ، دَفَّاعُ [ 8 ] مُعْضِلاَتٍ ،

دَليلُ فَلَوَاتٍ .

يَقُولُ فَيُفْهِمُ ، وَ يَسْكُتُ فَيَسْلَمُ .

قَدْ أَخْلَصَ للَّهِ سُبْحَانَهُ فَاسْتَخْلَصَهُ ، فَهُوَ مِنْ مَعَادِنِ دينِهِ ، وَ أَوْتَادِ أَرْضِهِ .

قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْعَدْلَ ، فَكَانَ أَوَّلَ عَدْلِهِ نَفْيُ الْهَوى عَنْ نَفْسِهِ .

يَصِفُ الْحَقَّ وَ يَعْمَلُ بِهِ .

لاَ يَدَعُ لِلْخَيْرِ غَايَةً إِلاَّ أَمَّهَا ، وَ لاَ مَظِنَّةً إِلاَّ قَصَدَهَا .

[ 1 ] تفرّد . ورد في

[ 2 ] و وضحت له سبيله و مناره . ورد في دستور معالم الحكم ص 66 و 145 . و منهاج البراعة ج 14 ص 339 . باختلاف يسير .

[ 3 ] ورد في المصدرين السابقين .

[ 4 ] ورد في منهاج البراعة للخوئي ج 14 ص 339 .

[ 5 ] غشوات . ورد في نسخة نصيري ص 34 . و نسخة الآملي ص 57 . و ورد عشاوات في نسخة عبده ص 205 و نسخة الصالح ص 119 .

[ 6 ] ورد في منهاج البراعة للخوئي ج 14 ص 339 .

[ 7 ] فتّاح . ورد في المصدر السابق . و دستور معالم الحكم للقضاعي ص 66 . و غرر الحكم للآمدي ج 2 ص 518 .

[ 8 ] دافع . ورد في المصدرين السابقين .

[ 234 ]

قَدْ أَمْكَنَ الْكِتَابَ مِنْ زِمَامِهِ ، فَهُوَ قَائِدُهُ وَ إِمَامُهُ ، يَحُلُّ حَيْثُ حَلَّ ثَقَلُهُ ، وَ يَنْزِلُ حَيْثُ كَانَ مَنْزِلُهُ .

[ 5 ] وَ إِنَّ مِنْ أَبْغَضِ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالى لَعَبْداً وَ كَلَهُ اللَّهُ إِلى نَفْسِهِ ، جَائِراً عَنْ قَصْدِ السَّبيلِ ، سَائِراً بِغَيْرِ دَليلٍ .

إِنْ دُعِيَ إِلى حَرْثِ الدُّنْيَا عَمِلَ ، وَ إِنْ دُعِيَ إِلى حَرْثِ الآخِرَةِ كَسِلَ .

كَأَنَّ مَا عَمِلَ لَهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ ، وَ كَأَنَّ مَا وَنى فيهِ سَاقِطٌ عَنْهُ .

[ 6 ] وَ آخَرَ قَدْ تَسَمَّى [ 1 ] عَالِماً وَ لَيْسَ بِهِ ، فَاقْتَبَسَ جَهَائِلَ مِنْ جُهَّالٍ ، وَ أَضَاليلَ مِنْ ضُلاَّلٍ ،

وَ نَصَبَ لِلنَّاسِ أَشْرَاكاً مِنْ حَبَائِلِ [ 2 ] غُرُورٍ ، وَ قَوْلِ زُورٍ .

قَدْ حَمَلَ الْكِتَابَ عَلى آرَائِهِ ، وَ عَطَفَ الْحَقَّ عَلى أَهَوَائِهِ .

يُؤَمِّنُ النَّاسَ مِنَ الْعَظَائِمِ ، وَ يُهَوِّنُ كَبيرَ الْجَرَائِمِ .

يَقُولُ : أَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ ، وَ فيهَا وَقَعَ .

وَ يَقُولُ : أَعْتَزِلُ الْبِدَعَ ، وَ بَيْنَهَا اضْطَجَعَ .

فَالصُّورَةُ صُورَةُ إِنْسَانٍ ، وَ الْقَلْبُ قَلْبُ حَيَوَانٍ .

لاَ يَعْرِفُ بَابَ الْهُدى فَيَتَّبِعَهُ ، وَ لاَ بَابَ الْعَمى فَيَصُدَّ عَنْهُ .

فَذَلِكَ مَيِّتُ الأَحْيَاءِ .

جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ عَامِلينَ بِكِتَابِهِ ، مُتَّبِعينَ لِسُنَّةِ رَسُولِهِ [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ] . [ وَ ] عَصَمَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ بِطَاعَتِهِ ، وَ أَعَانَنَا وَ إِيَّاكُمْ عَلى مَا يُقَرِّبُ إِلَيْهِ ، وَ يُزْلِفُ لَدَيْهِ ، حَتَّى يُحِلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ ،

إِنَّهُ حَميدٌ مَجيدٌ ، فَإِنَّمَا نَحْنُ بِهِ وَ لَهُ [ 3 ] .

[ 7 ] أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ ، وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلى نَفْسي وَ أَنْفُسِكُمْ ، وَ هُوَ حَسْبُنَا وَ نِعْمَ الْوَكيلُ .

وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لي وَ لَكُمْ [ 4 ] .

[ 5 ] من : و إنّ من إلى : ساقط عنه ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 103 .

[ 6 ] من : و آخر إلى : ميّت الأحياء ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 87 .

[ 7 ] من : أقول إلى : الوكيل ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 183 .

[ 1 ] يسمّى . ورد في نسخة العام 400 ص 81 . و هامش نسخة ابن المؤدب ص 58 . و نسخة نصيري ص 34 .

[ 2 ] حبال . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 81 . و نسخة ابن المؤدب ص 58 . و نسخة نصيري ص 34 . و نسخة الآملي ص 57 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 85 . و نسخة الأسترابادي ص 89 .

[ 3 ] ورد في دستور معالم الحكم ص 64 . و تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ) ج 3 ص 269 . و تذكرة الخواص ص 117 . و كنز العمال ج 16 ص 202 . و منهاج البراعة ج 14 ص 338 . و نهج السعادة ج 3 ص 184 . باختلاف بين المصادر .

[ 4 ] ورد في الأمالي ص 696 . و تذكرة الخواص ص 124 . و كفاية الطالب ص 393 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 26 . و نهج السعادة ج 3 ص 178 . و 191 . و مصباح البلاغة ج 2 ص 117 عن مجموعة ورّام . و نهج البلاغة الثاني ص 53 .

[ 235 ]