و قد قال له أحد أصحابه : يا أمير المؤمنين لا تسِر في هذه الساعة ، فإنك إن سرت في هذا الوقت خشيت أن لا تظفر بمرادك في علم النجوم . فقال عليه السلام له :
أَيُّهَا الدِّهْقَانُ [ 4 ] الْمُنْبِئُ بِالأَخْبَارِ ، وَ الْمُحَذِّرُ مِنَ الأَقْدَارِ ، أَنْتَ الَّذي تُسَيِّرُ الْجَارِيَاتِ ، وَ تَقْضي عَلَيَّ بِالْحَادِثَاتِ ، وَ تَنْقُلُهَا مَعَ الدَّقَائِقِ وَ السَّاعَاتِ ؟ .
أَ عَالِمٌ أَنْتَ بِمَا نَزَلَ الْبَارِحَةَ في آخِرِ الْميزَانِ ، وَ بِأَيُّ نَجْمٍ اخْتَلَفَ بُرْجُ السَّرَطَانِ ؟ .
فَأَخْبِرْني عَنْ طُولِ الأَسَدِ وَ تَبَاعُدِهِ مِنَ الْمَطَالِعِ وَ الْمَرَاجِعِ ، وَ مَا الزُّهْرَةُ مِنَ التَّوَابِعِ وَ الْجَوَامِعِ ؟ .
فَمَا بَيْنَ السَّوَاري إِلَى الزَّرَاري ؟ .
وَ مَا بَيْنَ السَّاعَاتِ إِلَى الْمُعْجِزَاتِ ؟ .
وَ كَمْ قَدْرُ شُعَاعِ الْمُبْدِرَاتِ ؟ .
وَ كَمْ يَحْصُلُ الْفَجْرُ فِي الْغَدَوَاتِ ؟ .
ثم قال عليه السلام :
فَهَلْ عَلِمْتَ ، يَا دِهْقَانُ ، أَنَّ الْمُلْكَ انْتَقَلَ الْبَارِحَةَ مِنْ بَيْتٍ إِلى بَيْتٍ بِالصّينِ ، وَ انْقَلَبَ بُرْجُ مَاجينَ ،
وَ احْتَرَقَ دُورٌ بِالزِّنْجِ ، وَ طَفَحَ جُبُّ سَرَانْديبَ ، وَ تَهَدَّمَ حِصْنُ الأَنْدَلُسِ ، وَ هَاجَ نَمْلُ الشّيحِ في وَادِ النَّمْلِ ،
[ 3 ] من : لمّا سمع رجلاً إلى : في شكّ ورد في حكم الشريف الرضي تحت الرقم 97 .
[ 1 ] استفزّهم . ورد في هامش نسخة نصيري ص 104 . ون الأسترابادي ص 257 . ون العطاردي عن شرح الراوندي . و ورد استقلّهم في نسخة العام 400 ص 226 . ون ابن المؤدب ص 160 . ون الآملي ص 157 . ون العطاردي ص 115 .
[ 2 ] ورد في البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 567 . و منهاج البراعة ج 10 ص 293 . و نهج السعادة ج 2 ص 483 .
[ 4 ] و هو مسافر بن عوف بن الأحمر . و قيل اسمه سر سفيل كانت الفرس تحكم برأيه .
[ 675 ]
وَ انْهَزَمَ مُرَاقُ الْهِنْدِيِّ ، وَ فُقِدَ دَيَّانُ الْيَهُودِ بِبَابِلَةَ ، وَ هُزِمَ بَطْريكُ الرُّومِ بِرُومِيَةَ ، وَ عَمِيَ رَاهِبُ عَمُورِيَةَ ،
وَ هَلَكَ مَلِكُ إِفْريقِيَةَ ، وَ سَقَطَتْ شُرْفَاتُ الذَّهَبِ مِنْ قِسْطَنْطينِيَّةَ الْكُبْرى ؟ .
أَفَعَالِمٌ أَنْتَ بِهذِهِ الْحَوَادِثِ ، وَ مَا الَّذي أَحْدَثَهَا شَرْقِيُّهَا أَوْ غَرْبِيُّهَا مِنَ الْفَلَكِ .
وَ بِأَيِّ كَوْكَبٍ تَقْضي في أَعْلَى الْقُطْبِ ، وَ بِأَيِّهَا تُنَحِّسُ مَنْ تُنَحِّسُ ؟ .
فَهَلْ عَلِمْتَ أَنَّهُ سَعِدَ الْيَوْمَ اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ عَالَماً ، في كُلِّ عَالَمٍ سَبْعُونَ عَالَماً ، مِنْهُمْ فِي الْبَرِّ ،
وَ مِنْهُمْ فِي الْبَحْرِ ، وَ بَعْضٌ فِي الْجِبَالِ ، وَ بَعْضٌ فِي الْغِيَاضِ ، وَ بَعْضٌ فِي الْعُمْرَانِ ، وَ مَا الَّذي أَسْعَدَهُمْ ؟ .
ثم قال عليه السلام :
يَا دِهْقَانُ ، أَظُنُّكَ حَكَمْتَ عَلَىَ اقْتِرَانِ المُشْتَرِي وَ زُحَلَ ، لَمَّا اسْتَتَارَ لَكَ فِي الْغَسَقِ ، وَ ظَهَرَ تَلأْلُؤُ شُعَاعِ الْمِرّيخِ وَ تَشْريقِهِ فِي السَّحَرِ ، وَ قَدْ سَارَ فَاتَّصَلَ جِرْمُهُ بِجِرْمِ تَرْبيعِ الْقَمَرِ .
وَ ذَلِكَ دَليلٌ عَلَى اسْتِحْقَاقِ أَلْفِ أَلْفٍ مِنَ الْبَشَرِ ، كُلُّهُمْ يُولَدُونَ الْيَوْمَ وَ اللَّيْلَةَ ، وَ يَمُوتُ مِثْلُهُمْ .
ثم قال عليه السلام :
إِذَا كَانَ طُرُقَ السَّمَاءِ لاَ تَعْلَمُهَا فَإِنّي أَسْأَلُكَ عَنْ قَريبٍ .
أَتَدْري مَا في بَطْنِ فرسي هذِهِ ، أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى ؟ .
قال : إِن حسبت علمت .
فقال عليه السلام :
إِنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مَا كَانَ يَدَّعي عِلْمَ مَا ادَّعَيْتَ عِلْمَهُ [ 1 ] .
[ ثم قال عليه السلام : ] [ 5 ] أَ تَزْعُمُ أَنَّكَ تَهْدي إِلَى السَّاعَةِ الَّتي مَنْ سَارَ فيهَا صُرِفَ عَنْهُ السُّوءُ ، وَ تُخَوِّفُ مِنَ السَّاعَةِ الَّتي مَنْ سَارَ فيهَا حَاقَ بِهِ الضُّرُّ ؟ .
فَمَنْ صَدَّقَكَ [ 2 ] بِهذَا فَقَدْ كَذَّبَ الْقُرْآنَ ، وَ اسْتَغْنى عَنِ الاِسْتِعَانَةِ [ 3 ] بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ [ 4 ] في
[ 5 ] من : أتزعم إلى : فيها النّفع و أمن الضرّ ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 79 .
[ 1 ] ورد في أنساب الأشراف ج 2 ص 368 . و شرح ابن أبي الحديد ج 2 ص 270 . و مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 61 . و كنز العمال ج 10 ص 278 . و البحار ج 41 ص 336 . و ( مجلد قديم ) ج 8 ص 554 . و الاحتجاج ج 1 ص 239 . و منهاج البراعة ج 5 ص 265 و 266 . باختلاف بين المصادر .
[ 2 ] صدّق . ورد في نسخة عبده ص 181 .
[ 3 ] الإعانة . ورد في المصدر السابق .
[ 4 ] تعالى . ورد في نسخة نصيري ص 26 .
[ 676 ]
نَيْلِ الْمَحْبُوبِ وَ دَفْعِ [ 1 ] الْمَكْرُوهِ .
وَ تَبْتَغي [ 2 ] في قَوْلِكَ لِلْعَامِلِ بِأَمْرِكَ أَنْ يُولِيَكَ الْحَمْدَ دُونَ رَبِّهِ جَلَّ جَلاَلُهُ [ 3 ] ، لأَنَّكَ ، بِزَعْمِكَ أَنْتَ ، هَدَيْتَهُ إِلَى السَّاعَةِ الَّتي نَالَ فيهَا النَّفْعَ ، وَ صَرَفْتَهُ عَنِ السَّاعَةِ الَّتي يَحيقُ السُّوءُ بِمَنْ سَارَ فيهَا [ 4 ] وَ أَمِنَ الضُّرَّ .
فَمَنْ آمَنَ بِكَ في هذَا لَمْ آمَنْ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ كَمَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدّاً .
اَللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُكَ [ 5 ] ، وَ لاَ ضُرَّ إلاَّ ضُرُّكَ ، وَ لاَ إِلهَ غَيْرُكَ .
أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ بَلَغَني أَنَّكَ بَعْدَهَا تَنْظُرُ فِي النُّجُومِ وَ تَعْمَلُ بِهَا لأَجْلِدَنَّكَ حَدَّ الْمُفْتَري ، وَ لأُخَلِّدَنَّكَ فِي السِّجْنِ أَبَداً مَّا بَقيتُ وَ بَقيتَ ، وَ لأُحْرِمَنَّكَ الْعَطَاءَ مَا كَانَ لي مِنْ سُلْطَانٍ [ 6 ] .
ثم أقبل عليه السلام على الناس فقال :
[ 9 ] أَيُّهَا النَّاسُ ، إِيَّاكُمْ وَ تَعَلُّمَ النُّجُومِ إِلاَّ مَا يُهْتَدى بِهِ في ظُلُمَاتِ [ 7 ] بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ ، فَإِنَّهَا تَدْعُو إِلَى الْكَهَانَةِ ، وَ الْمُنَجِّمُ كَالْكَاهِنِ ، وَ الْكَاهِنُ كَالسَّاحِرِ ، وَ السَّاحِرُ كَالْكَافِرِ ، وَ الْكَافِرُ فِي النَّارِ .
أَمَا إنَّهُ مَا كَانَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مُنَجِّمٌ وَ لاَ لَنَا مِنْ بَعْدِهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا بِلاَدَ كِسْرى وَ قَيْصَرَ وَ سَائِرَ الْبُلْدَانِ .
أَيُّهَا النَّاسُ ، تَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ وَثِقُوا بِهِ ، فَإِنَّهُ يَكْفِي مِمَّنْ سِوَاهُ .
ثم قال له عليه السلام :
نُكَذِّبُكَ وَ نُخَالِفُكَ وَ نَسيرُ فِي السَّاعَةِ الَّتي نَهَيْتَنَا عَنْهَا [ 8 ] .
سيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى وَ عَوْنِهِ .
[ 9 ] من : أيّها النّاس إلى : و الكافر في النّار . و من : سيروا إلى : و عونه ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 79 .
[ 1 ] صرف . ورد في شرح ابن أبي الحديد ج 2 ص 270 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 554 . و منهاج البراعة ج 5 ص 165 .
[ 2 ] ينبغي . ورد في نسخة العام 400 ص 68 . و نسخة ابن المؤدب ص 48 . و هامش نسخة نصيري ص 26 . و نسخة الآملي ص 47 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 70 . و نسخة الأسترابادي ص 72 .
[ 3 ] ورد في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 2 ص 270 . و البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 553 .
[ 4 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 5 ] لا طير إلاّ طيرك . ورد في المصدرين السابقين . و تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 145 .
[ 6 ] ورد في المصدرين السابقين . و أنساب الأشراف ج 2 ص 369 . و تذكرة الخواص ص 145 . و كنز العمال ج 10 ص 115 .
باختلاف بين المصادر .
[ 7 ] ورد في المصادر السابقة .
[ 8 ] ورد في المصادر السابقة .
[ 677 ]