[ 3 ] قال كُميل بن زياد النخعي : أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، فأخرجني إلى ناحية الجبّان لا يكلّمني بكلمة ، فلما أصحر تنفّس الصعداء ، ثم قال :
يَا كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ ، إِنَّ هذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ ، فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا .
فَاحْفَظْ عَنّي مَا أَقُولُ لَكَ :
اَلنَّاسُ ثَلاَثَةٌ :
[ 2 ] من : روى ذعلب إلى : الجنان ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 234 .
[ 3 ] من : قال كميل إلى : المحلّ الأعلى ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 147 .
[ 1 ] ورد في السقيفة ص 106 . و بصائر الدرجات ص 169 و 195 . و الخصال ص 257 . و الكافي ج 1 ص 63 . و الغيبة ص 81 . و غرر الحكم ج 1 ص 283 . و كفاية الطالب ص 199 . و جامع الأصول ج 9 ص 474 . و منهاج البراعة ج 14 ص 60 . باختلاف .
[ 579 ]
فَعَالِمٌ رَبّانِيٌّ .
وَ مُتَعَلِّمٌ عَلى سَبيلِ النَّجَاةِ .
وَ هَمَجٌ رَعَاعٌ ، أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ [ 1 ] ، يَميلُونَ مَعَ كُلِّ ريحٍ .
لَمْ يَسْتَضيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ فَيَهْتَدُوا [ 2 ] ، وَ لَمْ يَلْجَؤُوا إِلى رُكْنٍ وَثيقٍ فَيَنْجُوا [ 3 ] .
يَا كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ ، الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ ، الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ ، وَ أَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ ، وَ الْمَالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ ، وَ الْعِلْمُ يَزْكُوا عَلَى الاِنْفَاقِ ، وَ صَنيعُ [ 4 ] الْمَالِ يَزُولُ بِزَوَالِهِ .
يَا كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ ، مَعْرِفَةُ الْعِلْمِ [ 5 ] دينٌ يُدَانُ اللَّهُ بِهِ ، بِهِ يَكْسِبُ الإِنْسَانُ [ 6 ] الطَّاعَةَ لِرَبِّهِ [ 7 ] في حَيَاتِهِ ، وَ جَميلَ الأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ .
وَ الْعِلْمُ حَاكِمٌ ، وَ الْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ .
يَا كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ ، هَلَكَ خُزَّانُ الأَمْوَالِ وَ هُمْ أَحْيَاءٌ ، وَ الْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ [ 8 ] ، أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ ، وَ أَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ .
ثم قال عليه السلام :
هَاهٍ هَاهٍ [ 9 ] إِنَّ هَاهُنَا [ و أشار إلى صدره بيده ] لَعِلْماً جَمّاً عَلَّمَنيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ [ 10 ] ، لَوْ أَصَبْتُ [ 11 ] لَهُ حَمَلَةً يَرْعَوْنَهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ ، وَ يَرْوُونَهُ كَمَا يَسْمَعُونَهُ .
[ 1 ] صائح . ورد في
[ 2 ] ورد في تحف العقول للحرّاني ص 118 . و البحار للمجلسي ج 22 ص 45 .
[ 3 ] ورد في المصدرين السابقين .
[ 4 ] منفعة . ورد في الغارات ص 90 . و الخصال ص 186 . و أمالي الطوسي ص 20 . و دستور معالم الحكم للقضاعي ص و تحف العقول ص 118 . و نهج السعادة ج 1 ص 505 .
[ 5 ] محبّة العالم . ورد في الغارات ص 90 . و العقد الفريد ج 2 ص 81 . و الإرشاد ص 121 . و الخصال ص 186 . و دستور معالم الحكم ص 83 . و مناقب الخوارزمي ص 264 . و الجوهرة ص 83 . و تذكرة الخواص ص 132 . و كنز العمال ج 10 ص 263 . و البحار ج 1 ص 188 ، و ج 22 ص 45 . و نهج السعادة ج 1 ص 506 . و ج 8 ص 10 . باختلاف يسير .
[ 6 ] العالم . ورد في كنز العمال للهندي ج 10 ص 263 .
[ 7 ] ورد في المصدر السابق . و دستور معالم الحكم للقضاعي ص 83 .
[ 8 ] اللّيل و النّهار . ورد في غرر الحكم للآمدي ج 1 ص 55 و ج 2 ص 793 .
[ 9 ] ورد في أمالي الطوسي ص 20 . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 507 .
[ 10 ] ورد في الاختصاص للمفيد ص 283 . و بصائر الدرجات للحفّار ص 289 .
[ 11 ] لم أصب . ورد في الغارات للثقفي ص 90 .
[ 580 ]
اَللَّهُمَّ [ 1 ] بَلى لَقَدْ أَصَبْتُ لَقِناً غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَيْهِ ، مُسْتَعْمِلاً آلَةَ الدّينِ لِلدُّنْيَا ، وَ مُسْتَظْهِراً بِنِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ [ 2 ] عَلى عِبَادِهِ ، وَ بِحُجَجِهِ عَلى أَوْلِيَائِهِ [ 3 ] ، لِيَتَّخِذَهُ الضُّعَفَاءُ وَليجَةً دُونَ وَلِيِّ الْحَقِّ [ 4 ] .
أَوْ مُنْقَاداً لِحَمَلَةِ [ 5 ] الْحَقِّ لاَ بَصيرَةَ لَهُ في أَحْنَائِهِ ، يَنْقَدِحُ الشَّكُّ في قَلْبِهِ لأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ .
أَلا مَهْ . لاَ ذَا وَ لاَ ذَاكَ .
أَوْ مَنْهُوماً بِاللَّذَّةِ ، سَلِسَ الْقِيَادِ لِلشَّهْوَةِ .
أَوْ مُغْرَماً بِالْجَمْعِ وَ الاِدِّخَارِ .
لَيْسَا مِنْ رُعَاةِ الدّينِ في شَيْءٍ ، أَقْرَبُ شَيْءٍ شَبَهاً بِهِمَا الأَنْعَامُ السَّائِمَةُ .
كَذلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِليهِ [ 6 ] .
اَللَّهُمَّ بَلى . لاَ تَخْلُو الأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ للَّهِ بِحُجَجِهِ [ 7 ] ، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً ، وَ إِمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً ،
لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ وَ بَيِّنَاتُهُ .
وَ كَمْ ذَا ، وَ أَيْنَ أُولئِكَ ؟ .
أُولئِكَ ، وَ اللَّهِ ، الأَقَلُّونَ عَدَداً ، وَ الأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ [ 8 ] قَدْراً ، بِهِمْ يَحْفَظُ اللَّهُ حُجَجَهُ وَ بَيِّنَاتِهِ ، حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ ، وَ يَزْرَعُوهَا في قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ .
هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلى حَقيقَةِ الْبَصيرَةِ [ 9 ] ، وَ بَاشَرُوا رَوْحَ الْيَقينِ ، وَ اسْتَلاَنُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ [ 10 ] الْمُتْرَفُونَ ، وَ أَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ ، وَ صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ
[ 1 ] ورد في بصائر الدرجات ص 289 . و تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 206 . و دستور معالم الحكم ص 84 . و تذكرة الخواص ص 132 .
و كنز العمال ج 10 ص 263 . باختلاف بين المصادر .
[ 2 ] ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 8 ص 13 .
[ 3 ] خلقه . ورد في أمالي الطوسي ص 20 . و البحار للمجلسي ج 1 ص 188 .
[ 4 ] ورد في المصدرين السابقين . و الخصال للصدوق ص 187 . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 507 ، و ج 8 ص 13 .
[ 5 ] متقلّدا بجملة . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 457 . و نسخة الأسترابادي ص 551 .
[ 6 ] أهله . ورد في هامش نسخة الأسترابادي ص 551 .
[ 7 ] بحجّة . ورد في المصدر السابق . و نسخة العام 400 ص 458 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 395 . و نسخة عبده ص 693 .
و نسخة الصالح ص 497 .
[ 8 ] ورد في نهج البلاغة الثاني للحائري ص 103 .
[ 9 ] العلم . ورد في الخصال ص 187 . و البحار ج 1 ص 188 . و نهج السعادة ج 8 ص 16 . و ورد الإيمان في دستور معالم الحكم ص 85 . و غرر الحكم ج 2 ص 797 . و إرشاد القلوب ج 2 ص 315 .
[ 10 ] استعوره . ورد في نسخة الصالح ص 490 .
[ 581 ]
الأَعْلى .
[ قَدْ ] دَانُوا بِالتَّقِيَّةِ عَنْ دينِهِمْ ، وَ الْخَوْفِ مِنْ عَدُوِّهِمْ .
خُرْسٌ صُمْتٌ في دَوْلَةِ الْبَاطِلِ ، يَنْتَظِرُونَ دَوْلَةَ الْحَقِّ .
وَ سَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَ يَمْحَقُ الْكَافِرينَ .
يَا كُمَيْلُ [ 1 ] ، [ 8 ] أُولئِكَ أُمَنَاءُ اللَّهِ في خَلْقِهِ ، وَ [ 2 ] خُلَفَاؤُهُ [ 3 ] في أَرْضِهِ ، وَ سُرُجُهُ في بِلاَدِهِ [ 4 ] ،
وَ الدُّعَاةُ إِلى دينِهِ .
هَاهٍ هَاهٍ طُوبى لَهُمْ عَلى صَبْرِهِمْ عَلى دينِهِمْ في حَالِ هُدْنَتِهِمْ .
وَ [ 5 ] آهِ آهِ شَوْقاً [ 6 ] إِلى رُؤْيَتِهِمْ في حَالِ ظُهُورِ دَوْلَتِهِمْ .
وَ سَيَجْمَعُنَا اللَّهُ وَ إِيَّاهُمْ في جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ .
يَا كُمَيْلُ ، سَمِّ كُلَّ يَوْمٍ بِاسْمِ اللَّهِ ، وَ قُلْ : لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ .
وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ، وَ اذْكُرْنَا ، وَ سَمِّ بِأَسْمَائِنَا ، وَ صَلِّ عَلَيْنَا ، وَ اسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَ بِنَا ، وَ ادْرأْ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِكَ وَ مَا تَحُوطُهُ عِنَايَتُكَ ، تُكْفَ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَدَّبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ، وَ هُوَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَدَّبَني ،
وَ أَنَا أُؤَدِّبُ الْمُؤْمِنينَ ، وَ أُوَرِّثُ الأَدَبَ الْمُكْرَمينَ .
يَا كُمَيْلُ ، مَا مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ وَ أَنَا اَفْتَحُهُ ، وَ مَا مِنْ سِرٍّ إِلاَّ وَ الْقَائِمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَخْتِمُهُ .
يَا كُمَيْلُ ، ذُرِّيَّةٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ 1 .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تَأْخُذْ إِلاَّ عَنَّا تَكُنْ مِنَّا .
يَا كُمَيْلُ ، مَا مِنْ حَرَكَةٍ إِلاَّ وَ أَنْتَ مُحْتَاجٌ فيهَا إِلى مَعْرِفَةٍ .
[ 8 ] من : أولئك خلفاء اللّه إلى : رؤيتهم ورد في حكم الشريف الرضي تحت الرقم 147 .
[ 1 ] ورد في تحف العقول ص 119 . و الجوهرة ص 84 . و نهج البلاغة الثاني ص 103 . باختلاف بين المصادر .
[ 2 ] ورد في الخصال ص 187 . و تذكرة الخواص ص 132 . و تحف العقول ص 119 . و إرشاد القلوب ج 2 ص 315 . و البحار ج 1 ص 188 و ج 22 ص 46 . و نهج السعادة ج 8 ص 18 . باختلاف يسير .
[ 3 ] خلفاء اللّه . ورد في نسخة العام 400 ص 458 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 395 . و نسخة الأسترابادي ص 552 .
و نسخة عبده ص 693 . و نسخة الصالح ص 497 .
[ 4 ] ورد في
[ 5 ] ورد في الكافي ج 1 ص 336 . و الجوهرة ص 84 . و نهج البلاغة الثاني ص 104 . باختلاف بين المصادر .
[ 6 ] وا شوقا . ورد في إرشاد القلوب للديلمي ج 2 ص 315 . و تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 132 . باختلاف يسير .
-----------
( 1 ) آل عمران ، 34 .
[ 582 ]
يَا كُمَيْلُ ، إِذَا أَكَلْتَ الطَّعَامَ فَسَمِّ بِاسْمِ اللَّهِ الَّذي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ دَاءٌ ، وَ فيهِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ الأَدْوَاءِ .
يَا كُمَيْلُ ، إِذَا أَكَلْتَ الطَّعَامَ فَوَاكِلِ الطَّعَامَ وَ لاَ تَبْخَلْ عَلَيْهِ ، فَإِنَّكَ لَنْ تَرْزُقَ النَّاسَ شَيْئاً ، وَ اللَّهُ يُجْزِلُ لَكَ الثَوَابَ بِذَلِكَ .
يَا كُمَيْلُ ، إِذَا أَنْتَ أَكَلْتَ فَطَوِّلْ أَكْلَكَ لِيَسْتَوْفِيَ مَنْ مَعَكَ ، وَ يُرْزَقَ مِنْهُ غَيْرُكَ .
يَا كُمَيْلُ ، إِذَا اسْتَوْفَيْتَ طَعَامَكَ فَاحْمَدِ اللَّهَ عَلى مَا رَزَقَكَ ، وَ ارْفَعْ بِذَلِكَ صَوْتَكَ يَحْمَدْهُ سِوَاكَ ،
فَيَعْظُمَ بِذَلِكَ أَجْرُكَ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تُوقِرَنَّ مِعْدَتَكَ طَعَاماً ، وَدَعْ فيهَا لِلْمَاءِ مَوْضِعاً ، وَ لِلرّيحِ مَجَالاً .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تُنْفِدْ طَعَامَكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمْ يُنْفِدْهُ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تَرْفَعَنَّ يَدَكَ عَنِ الطَّعَامِ إِلاَّ وَ أَنْتَ تَشْتَهيهِ ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأَنْتَ تَسْتَمْرِئُهُ .
يَا كُمَيْلُ ، صِحَّةُ الْجِسْمِ مِنْ قِلَّةِ الطَّعَامِ وَ قِلَّةِ الْمَاءِ .
يَا كُمَيْلُ ، أَحْسِنْ خُلُقَكَ ، وَ ابْسِطْ جَليسَكَ ، وَ لاَ تَنْهَرَنَّ خَادِمَكَ .
يَا كُمَيْلُ ، الْبَرَكَةُ فِي الْمَالِ مِنْ إيتَاءِ الزَّكَاةَ ، وَ مُوَاسَاةِ الْمُؤْمِنينَ ، وَ صِلَةِ الأَقْرَبينَ ، وَ هُمُ الأَقْرَبُونَ لَنَا .
يَا كُمَيْلُ ، زِدْ قَرَابَتَكَ الْمُؤْمِنَ عَلى مَا تُعْطي سِوَاهُ مِنَ الْمُؤْمِنينَ ، وَ كُنْ بِهِمْ أَرْأَفُ ، وَ عَلَيْهِمْ أَعْطَفُ ،
وَ تَصَدَّقْ عَلَى الْمَسَاكينِ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تَرُدَّنَّ سَائِلاً وَ لَوْ مِنْ شَطْرِ حَبَّةِ عِنَبٍ أَوْ شِقِّ تَمْرَةٍ ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَنْمُو عِنْدَ اللَّهِ .
يَا كُمَيْلُ ، أَحْسَنُ حِلْيَةِ الْمُؤْمِنِ التَّوَاضُعُ ، وَ جَمَالُهُ التَّعَفُّفُ ، وَ شَرَفُهُ التَّفَقُّهُ [ 1 ] ، وَ عِزُّهُ تَرْكُ الْقَالِ وَ الْقيلِ .
يَا كُمَيْلُ ، إِيَّاكَ وَ الْمِرَاءَ ، فَإِنَّكَ تُغْري بِنَفْسِكَ السُّفَهَاءَ ، وَ إِذَا فَعَلْتَ تُفْسِدُ الإِخَاءَ .
يَا كُمَيْلُ ، إِذَا جَادَلْتَ فِي اللَّهِ تَعَالى فَلاَ تُخَاطِبْ إِلاَّ مَنْ يُشْبِهُ الْعُقَلاَءَ ، وَ هذَا ضَرُورَةٌ .
يَا كُمَيْلُ ، هُمْ عَلى كُلٍّ سُفَهَاءُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالى : أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَ لكِنْ لاَ يَعْلَمُونَ 1 .
يَا كُمَيْلُ ، في كُلِّ صِنْفٍ قَوْمٌ أَرْفَعُ مِنْ قَوْمٍ ، فَإِيَّاكَ وَ مُنَاظَرَةَ الْخَسيسِ مِنْهُمْ .
[ 1 ] الشّفقة . ورد في مصباح البلاغة للميرجهاني ج 1 ص 117 عن بشارة المصطفى للطبري .
-----------
( 1 ) البقرة ، 13 .
[ 583 ]
فَإِنْ أَسْمَعُوكَ فَاحْتَمِلْ ، وَ كُنْ مِنَ الَّذينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالى بِقَوْلِهِ : وَ إِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً 1 .
يَا كُمَيْلُ ، قُلِ الْحَقَّ عَلى كُلِّ حَالٍ ، وَ وَادِّ الْمُتَّقينَ ، وَ اهْجُرِ الْفَاسِقينَ ، وَ جَانِبِ الْمُنَافِقينَ ، وَ لاَ تُصَاحِبِ الْخَائِنينَ .
يَا كُمَيْلُ ، إِيَّاكَ إِيَّاكَ وَ تَطَرُّقَ أَبْوَابِ الظَّالِمينَ وَ الاِخْتِلاَطَ بِهِمْ ، وَ الاِكْتِسَابَ مَعَهُمْ ، وَ إِيَّاكَ أَنْ تُطيعَهُمْ [ وَ ] تُعَظِّمَهُمْ ، أَوْ أَنْ تَشْهَدَ في مَجَالِسِهِمْ بِمَا يُسْخِطُ اللَّهَ عَلَيْكَ .
وَ إِنِ اضْطُرِرْتَ إِلى حُضُورِهِمْ فَدَاوِمْ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالى وَ التَّوَكُّلَ عَلَيْهِ ، وَ اسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِهِمْ ، وَ أَطْرِقْ عَنْهُمْ ، وَ أَنْكِرْ بِقَلْبِكَ فِعْلَهُمْ ، وَ اجْهَرْ بِتَعْظيمِ اللَّهِ تَعَالى لِتُسْمِعَهُمْ ، فَإِنَّهُمْ بِهَا يَهَابُونَكَ وَ تُكْفى شَرَّهُمْ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ أَحَبَّ مَا امْتَثَلَهُ الْعِبَادُ إِلَى اللَّهِ تَعَالى بَعْدَ الاِقْرَارِ بِهِ وَ بِأَوْلِيَائِهِ ، عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ ،
التَّجَمُّلُ وَ التَّعَفُّفُ وَ الاِصْطِبَارُ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تُرِيَنَّ النَّاسَ افْتِقَارَكَ ، وَ اصْبِرْ عَلَيْهِ احْتِسَاباً بِعِزٍّ وَ تَسَتُّرٍ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ بَأْسَ بِأَنْ تُعْلِمَ أَخَاكَ سِرَّكَ .
وَ مَنْ أَخُوكَ . أَخُوكَ الَّذي لاَ يَخْذُلُكَ عِنْدَ الشَّديدَةِ ، وَ لاَ يَقْعُدُ عَنْكَ عِنْدَ الْجَريرَةِ ، وَ لاَ يَخْدَعُكَ حينَ تَسْأَلُهُ ، وَ لاَ يَدَعُكَ حَتَّى تَسْأَلَهُ ، وَ لاَ يَذَرُكَ وَ أَمْرَكَ حَتَّى تُعْلِمَهُ ، فَإِنْ كَانَ مُميلاً أَصْلَحَهُ .
يَا كُمَيْلُ ، الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ ، لأَنَّهُ يَتَأَمَّلُهُ فَيَسُدُّ فَاقَتَهُ ، وَ يُجَمِّلُ حَالَتَهُ .
يَا كُمَيْلُ ، الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ، وَ لاَ شَيْءَ آثَرُ عِنْدَ كُلِّ أَخٍ مِنْ أَخيهِ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنْ لَمْ تُحِبَّ أَخَاكَ فَلَسْتَ أَخَاهُ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنَ مَنْ قَالَ بِقَوْلِنَا ، فَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ قَصَّرَ عَنَّا ، وَ مَنْ قَصَّرَ عَنَّا لَمْ يَلْحَقْ بِنَا ،
وَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَنَا فَ [ هُوَ ] فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ .
يَا كُمَيْلُ ، كُلُّ مَصْدُورٍ يَنْفُثُ ، فَمَنْ نَفَثَ إِلَيْكَ مِنَّا بِأَمْرٍ وَ أَمَرَكَ بِسَتْرِهِ فَاسْتُرْهُ ، وَ إِيَّاكَ أَنْ تُبْدِيَهُ ،
فَلَيْسَ لَكَ مِنْ إِبْدَائِهِ تَوْبَةٌ ، وَ إِذَا لَمْ يَكُنْ تَوْبَةٌ فَالْمَصيرُ إِلى لَظى .
يَا كُمَيْلُ ، إِذَاعَةُ سِرِّ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لاَ يُقيلُ اللَّهُ تَعَالى مِنْهَا ، وَ لاَ يَحْتَمِلُ أَحَداً عَلَيْهَا ، وَ مَا قَالُوهُ لَكَ مُطْلَقاً فَلاَ تُعْلِمْهُ إِلاَّ مُؤْمِناً مُوافِقاً .
-----------
( 1 ) الفرقان ، 63 .
[ 584 ]
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تُعْلِمُوا الْكَافِرينَ مِنْ أَخْبَارِنَا فَيَزيدُوا عَلَيْهَا فَيُبْدُوكُمْ بِهَا إِلى يَوْمِ يُعَاقِبُونَ عَلَيْهَا .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ بُدَّ لِمَاضيكُمْ مِنْ أَوْبَةٍ ، وَ لاَ بُدَّ لَنَا فيكُمْ مِنْ غَلَبَةٍ .
يَا كُمَيْلُ ، سَيَجْمَعُ اللَّهُ تَعَالى لَكُمْ خَيْرَ الْبَدْءِ وَ الْعَاقِبَةِ .
يَا كُمَيْلُ ، أَنْتُمْ مُمَتَّعُونَ بِأَعْدَائِكُمْ ، تَطْرَبُونَ بِطَرَبِهِمْ ، وَ تَشْرَبُونَ بِشُرْبِهِمْ ، وَ تَأْكُلُونَ بِأَكْلِهِمْ ،
وَ تَدْخُلُونَ مَدَاخِلَهُمْ .
وَ رُبَّمَا غَلَبْتُمْ عَلى نِعْمَتِهِمْ ، إِي وَ اللَّهِ ، عَلى إِكْرَاهٍ مِنْهُمْ لِذَلِكَ ، وَ لكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَاصِرُكُمْ وَ خَاذِلُهُمْ .
فَإِذَا كَانَ ، وَ اللَّهِ ، يَوْمُكُمْ ، وَ ظَهَرَ صَاحِبُكُمْ ، لَمْ يَأْكُلُوا ، وَ اللَّهِ ، مَعَكُمْ ، وَ لَمْ يَرِدُوا مَوَارِدَكُمْ ، وَ لَمْ يَقْرَعُوا أَبْوَابَكُمْ ، وَ لَمْ يَنَالُوا نِعْمَتَكُمْ ، أَذِلَّةً خَائِبينَ ، مَلْعُونينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتيلاً 1 .
يَا كُمَيْلُ ، احْمَدِ اللَّهَ تَعَالى وَ الْمُؤْمِنينَ عَلى ذَلِكَ ، وَ عَلى كُلِّ نِعْمَةٍ .
يَا كُمَيْلُ ، قُلْ عِنْدَ كُلِّ شِدَّةٍ : لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظيمِ تُكْفَهَا ، وَ قُلْ عِنْدَ كُلِّ نِعْمَةٍ :
الْحَمْدُ للَّهِ تُزْدَدْ مِنْهَا .
وَ إِذَا أَبْطَأَتِ الأَرْزَاقُ عَلَيْكَ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ يُوَسِّعْ عَلَيْكَ فيهَا .
يَا كُمَيْلُ ، إِذَا وَسْوَسَ الشَّيْطَانُ في صَدْرِكَ فَقُلْ : أَعُوذُ بِاللَّهِ الْقَوِيِّ مِنَ الشَّيْطَانِ الْغَوِيِّ ، وَ أَعُوذُ بِمُحَمَّدٍ الرَّضِيِّ مِنْ شَرِّ مَا قُدِّرَ وَ قُضِيَ ، وَ أَعُوذُ بِإِلهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعينَ ، تُكْفَ مَؤُونَةَ إِبْليسَ وَ الشَّيَاطينَ مَعَهُ ، وَ لَوْ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ أَبَالِسَةٌ مِثْلُهُ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ لَهُمْ خُدَعاً وَ شَقَاشِقَ وَ زَخَارِفَ وَ وَسَاوِسَ وَ خُيَلاَءَ عَلى كُلِّ أَحَدٍ قَدْرَ مَنْزِلَتِهِ فِي الطَّاعَةِ وَ الْمَعْصِيَةِ ، فَبِحَسَبِ ذَلِكَ يَسْتَوْلُونَ عَلَيْهِ بِالْغَلَبَةِ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ عَدُوَّ أَعْدى مِنْهُمْ ، وَ لاَ ضَارَّ أَضَرُّ بِكَ مِنْهُمْ ، أُمْنِيَتُهُمْ أَنْ تَكُونَ مَعَهُمْ غَداً إِذَا جَثَوْا فِي الْعَذَابِ الأَليمِ ، لاَ يَفْتُرُ عَنْهُمْ بِشَرَرِهِ ، وَ لاَ يَقْصُرُ عَنْهُمْ ، خَالِدينَ فيهَا أَبَداً 2 .
يَا كُمَيْلُ ، سَخَطُ اللَّهِ تَعَالى مُحيطٌ بِمَنْ لَمْ يَحْتَرِزْ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ وَ بِنَبِيِّهِ وَ جَميعِ عَزَائِمِهِ جَلَّ وَ عَزَّ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّهُمْ يَخْدَعُونَكَ بِأَنْفُسِهِمْ ، فَإِذَا لَمْ تُجِبْهُمْ مَكَرُوا بِكَ وَ بِنَفْسِكَ بِتَحْبيبِهِمْ إِلَيْكَ
-----------
( 1 ) الأحزاب ، 61 .
-----------
( 2 ) النساء ، 169 .
[ 585 ]
شَهَوَاتِكَ ، وَ إِعْطَائِكَ أَمَانِيَّكَ وَ إِرَادَتَكَ ، وَ يُسَوِّلُونَ لَكَ ، وَ يُنْسُونَكَ ، وَ يَنْهَوْنَكَ وَ يَأْمُرُونَكَ ، وَ يُحْسِنُونَ ظَنَّكَ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّى تَرْجُوَهُ فَتَغْتَرُّ بِذَلِكَ فَتَعْصيهِ ، وَ جَزَاءُ الْعَاصي لَظى .
يَا كُمَيْلُ ، احْفَظْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى لَهُمْ [ 1 ] .
وَ الْمُسَوِّلُ الشَّيْطَانُ ، وَ الْمُمْلِي اللَّهُ تَعَالى .
يَا كُمَيْلُ ، اذْكُرْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالى لإِبْليسَ لَعَنَهُ اللَّهُ : وَ اجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ وَ شَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَ الأَوْلاَدِ وَ عِدْهُمْ وَ مَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً [ 2 ] .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ إِبْليسَ لاَ يَعِدُ عَنْ نَفْسِهِ ، وَ إِنَّمَا يَعِدُهُمْ عَنْ رَبِّهِ ، لِيَحْمِلَهُمْ عَلى مَعْصِيَتِهِ فَيُوَرِّطَهُمْ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّهُ يَأْتيكَ بِلُطْفِ كَيْدِهِ ، فَيَأْمُرُكَ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَلِفْتَهُ مِنْ طَاعَةٍ لاَ تَدَعُهَا ، فَتَحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ مَلَكٌ كَريمٌ ، وَ إِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ رَجيمٌ ، فَإِذَا سَكَنْتَ إِلَيْهِ وَ اطْمَأْنَنْتَ ، حَمَلَكَ عَلَى الْعَظَائِمِ الْمُهْلِكَةِ الَّتي لاَ نَجَاةَ مَعَهَا .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ لَهُ فِخَاخاً يَنْصِبُهَا ، فَاحْذَرْ أَنْ يُوقِعَكَ فيهَا .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ الأَرْضَ مَمْلُوءَةٌ مِنْ فِخَاخِهِمْ ، فَلَنْ يَنْجُوَ مِنْهَا إِلاَّ مَنْ تَشَبَّثَ بِنَا ، وَ قَدْ أَعْلَمَكَ اللَّهُ أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ مِنْهَا إِلاَّ عِبَادُهُ ، وَ عِبَادُهُ أَوْلِيَاؤُنَا . وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : إِنَّ عِبَادي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ [ 3 ] .
وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ : إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ [ 4 ] .
يَا كُمَيْلُ ، إِنْجُ بِوِلاَيَتِنَا مِنْ أَنْ يَشْرَكَكَ الشَّيْطَانُ في مَالِكَ وَ وَلَدِكَ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تَغْتَرَّ بِأَقْوَامٍ يُصَلُّونَ فَيُطيلُونَ ، وَ يَصُومُونَ فَيُدَاوِمُونَ ، وَ يَتَصَدَّقُونَ فَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُوَفَّقُونَ [ 5 ] .
[ فَ ] [ 6 ] كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلاَّ الْجُوعُ وَ الظَّمَأُ .
[ 6 ] من : كم من إلى : إفطارهم ورد في حكم الشريف الرضي تحت الرقم 145 .
-----------
( 1 ) محمد ، 25 .
-----------
( 2 ) الإسراء ، 64 .
-----------
( 3 ) الحجر ، 42 .
-----------
( 4 ) النحل 100 .
[ 5 ] ورد في الكافي ج 1 ص 336 . و هامش غرر الحكم ج 2 ص 16 . و إرشاد القلوب ج 2 ص 315 . و نور الأبصار ص 92 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 141 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 115 عن بشارة المصطفى و نهج البلاغة الثاني ص 104 و 214 . باختلاف بين المصادر .
[ 586 ]
وَ كَمْ مِنْ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلاَّ السَّهَرُ وَ الْعَنَاءُ .
حَبَّذَا صَوْمُ [ 1 ] الأَكْيَاسِ وَ إِفْطَارُهُمْ .
وَ اللَّهِ لَنَوْمٌ عَلى يَقينٍ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ أَهْلِ الأَرْضِ مِنَ الْمُغْتَرّينَ .
يَا كُمَيْلُ ، أُقْسِمُ بِاللَّهِ ، لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا حَمَلَ قَوْماً عَلَى الْفَوَاحِشِ مِثْلَ الزِّنَا وَ شُرْبِ الْخَمْرِ وَ الرِّبَا وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْخَنَا وَ الْمَآثِمِ ، حَبَّتَ إِلَيْهِمُ الْعِبَادَةَ الشَّديدَةَ ، وَ الْخُشُوعَ ، وَ الرُّكُوعَ ، وَ الْخُضُوعَ ، وَ السُّجُودَ ، ثُمَّ حَمَلَهُمْ عَلى وِلاَيَةِ الأَئِمَّةِ الَّذينَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ، وَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنْصَرُونَ 2 .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّهُ مُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ ، فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُسْتَوْدَعينَ ، وَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقَرّاً إِذَا لَزِمْتَ الْجَادَّةَ الْوَاضِحَةَ الَّتي لاَ تُخْرِجُكَ إِلى عِوَجٍ ، وَ لاَ تُزيلُكَ عَنْ مَنْهَجٍ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ رُخْصَةَ في فَرْضٍ ، وَ لاَ شِدَّةَ في نَافِلَةٍ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لاَ يَسْأَلُكَ إِلاَّ عَمَّا فَرَضَ ، وَ إِنَّمَا قَدَّمْنَا عَمَلَ النَّوَافِلِ بَيْنَ أَيْدينَا لِلأَهْوَالِ الْعِظَامِ ، وَ الطَّامَّةِ يَوْمَ الْمُقَامِ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ الْوَاجِبَ للَّهِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُزيلَهُ الْفَرَائِضُ وَ النَّوَافِلُ وَ جَميعُ الأَعْمَالِ وَ صَالِحُ الأَمْوَالِ ، وَ لكِنْ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ 3 .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ ذُنُوبَكَ أَكْثَرُ مِنْ حَسَنَاتِكَ ، وَ غَفْلَتَكَ أَكْثَرُ مِنْ ذِكْرِكَ ، وَ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْكَ أَكْثَرُ مِنْ كُلِّ عَمَلِكَ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّكَ لاَ تَخْلُو مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَكَ وَ عَافِيَتِهِ إِيَّاكَ ، فَلاَ تَخْلُ مِنْ تَحْميدِهِ وَ تَمْجيدِهِ ، وَ تَسْبيحِهِ وَ تَقْديسِهِ ، وَ شُكْرِهِ وَ ذِكْرِهِ عَلى كُلِّ حَالٍ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذينَ قَالَ [ عَنْهُمُ ] اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ 4 ،
وَ نَسَبَهُمْ إِلَى الْفِسْقِ فَقَالَ : أُولئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ .
يَا كُمَيْلُ ، لَيْسَ الشَّأْنُ أَنْ تُصَلَّيَ وَ تَصُومَ وَ تَتَصَدَّقَ . وَ إِنَّمَا الشَّأْنُ أَنْ تَكُونَ الصَّلاَةُ بِقَلْبٍ نَقِيٍّ ،
[ 1 ] نوم . ورد في نسخة العام 400 الموجودة في المكتبة الظاهرية ص 456 . و نسخة ابن أبي المحاسن ص 394 . و نسخة الأسترابادي ص 549 . و نسخة عبده ص 691 . و نسخة الصالح ص 495 . و نسخة العطاردي ص 433 .
-----------
( 2 ) القصص ، 41 .
-----------
( 3 ) البقرة ، 184 .
-----------
( 4 ) الحشر ، 19 .
[ 587 ]
وَ عَمَلٍ عِنْدَ اللَّهِ مَرْضِيٍّ ، وَ خُشُوعٍ سَوِيٍّ ، وَ إِبْقَاءٍ لِلْجِدِّ فيهَا .
يَا كُمَيْلُ ، عِنْدَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ وَ مَا بَيْنَهُمَا تَبَتَّلُ الْعُرُوقُ وَ الْمَفَاصِلُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ وَلاَءً إِلى مَا تَأْتي بِهِ مِنْ جَميعِ صَلَوَاتِكَ .
يَا كُمَيْلُ ، انْظُرْ فيمَ تُصَلّي ، وَ عَلاَمَ تُصَلّي ، إِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ وَجْهِهِ وَ حِلِّهِ فَلاَ قَبُولَ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ اللِّسَانَ يَنْزَحُ مِنَ الْقَلْبِ ، وَ الْقَلْبَ يَقُومُ بِالْغِذَاءِ ، فَانْظُرْ فيمَا تُغَذّي قَلْبَكَ وَ جِسْمَكَ ،
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِك حَلاَلاً لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ تَعَالى تَسْبيحَكَ وَ لاَ شُكْرَكَ .
يَا كُمَيْلُ ، افْهَمْ وَ اعْلَمْ أَنّا لاَ نُرَخِّصُ في تَرْكِ أَدَاءِ الأَمَانَاتِ لأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ ، فَمَنْ رَوى عَنّي في ذَلِكَ رُخْصَةً فَقَدْ أَبْطَلَ وَ أَثِمَ ، وَ جَزَاؤُهُ النَّارُ بِمَا كَذَبَ .
أُقْسِمُ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ لي قَبْلَ وَفَاتِهِ بِسَاعَةٍ مِرَاراً ثَلاَثَةً :
يَا أَبَا الْحَسَنِ ، أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ فيمَا جَلَّ وَ قَلَّ حَتَّى الْخَيْطَ وَ الْمِخْيَطَ .
يَا كُمَيْلُ ، لاَ غَزْوَ إِلاَّ مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ ، وَ لاَ نَفَلَ [ 1 ] إِلاَّ مِنْ إِمَامٍ فَاضِلٍ .
يَا كُمَيْلُ ، أَ رَأَيْتَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُظْهِرْ نَبِيّاً وَ كَانَ فِي الأَرْضِ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ كَانَ في دُعَائِهِ إِلَى اللَّهِ مُخْطِئاً أَوْ مُصيباً . بَلى ، وَ اللَّهِ ، مُخْطِئاً حَتَّى يَنْصِبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِذَلِكَ وَ يُؤَهِّلَهُ لَهُ .
يَا كُمَيْلُ ، الدّينُ للَّهِ . فَلاَ تَغْتَرَّنَّ بِأَقْوَالِ الأُمَّةِ الْمَخْدُوعَةِ ، الْتي قَدْ ضَلَّتْ بَعْدَ مَا اهْتَدَتْ ، وَ جَحَدَتْ بَعْدَ مَا قَبِلَتْ .
يَا كُمَيْلُ ، الدّينُ للَّهِ ، فَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالى مِنْ أَحَدٍ الْقِيَامَ بِهِ إِلاَّ رَسُولاً أَوْ نَبِيّاً أَوْ وَصِيّاً .
يَا كُمَيْلُ ، هِيَ نُبُوَّةٌ وَ رِسَالَةٌ وَ إِمَامَةٌ ، وَ لَيْسَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلاَّ مُوالينَ مُتَّبِعينَ ، أَوْ عَامِهينَ مُبْتَدِعينَ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ النَّصَارى لَمْ تُعَطِّلْ [ أَحْكَامَ ] اللَّهِ تَعَالى وَ لاَ الْيَهُودُ ، وَ لاَ جَحَدَتْ مُوسى وَ لاَ عيسى ، وَ لكِنَّهُمْ زَادُوا وَ نَقَصُوا ، وَ حَرَّفُوا وَ أَلْحَدُوا ، فَلُعِنُوا وَ مُقِتُوا وَ لَمْ يَتُوبُوا .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقينَ 1 .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ أَبَانَا آدَمَ لَمْ يَلِدْ يَهُودِيّاً وَ لاَ نَصْرَانِيّاً ، وَ لاَ كَانَ ابْنُهُ إِلاَّ حَنيفاً مُسْلِماً ، فَلَمْ يَقُمْ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ ، فَأَدَّاهُ إِلى أَنْ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ قُرْبَانَهُ ، بَلْ قَبِلَ مِنْ أَخيهِ فَحَسَدَهُ فَقَتَلَهُ ، وَ هُوَ مِنَ الْمَسْجُونينَ
[ 1 ] نقل . ورد في هامش تحت العقول للحرّاني ص 122 .
-----------
( 1 ) المائدة ، 27 .
[ 588 ]
فِي الْفَلَقِ الَّذينَ عِدَّتُهُمُ اثْنَا عَشَرَ ، سِتَّةٌ مِنَ الأَوَّلينَ ، وَ سِتَّةٌ مِنَ الآخِرينَ .
وَ الْفَلَقُ أَسْفَلُ مِنَ النَّارِ ، وَ مِنْ بُخَارِهِ حَرُّ جَهَنَّمَ . وَ حَسْبُكَ فيمَا حَرُّ جَهَنَّمَ مِنْ بُخَارِهِ .
يَا كُمَيْلُ ، نَحْنُ ، وَ اللَّهِ ، الَّذينَ اتَّقَوْا وَ الَّذينَ هُمْ مُحْسِنُونَ 1 .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَريمٌ حَليمٌ ، عَظيمٌ رَحيمٌ ، دَلَّنَا عَلى أَخْلاَقِهِ ، وَ أَمَرَنَا بِالأَخْذِ بِهَا وَ حَمْلِ النَّاسِ عَلَيْهَا ، فَقَدْ أَدَّيْنَاهَا غَيْرَ مُتَخَلِّفينَ ، وَ أَرْسَلْنَاهَا غَيْرَ مُنَافِقينَ ، وَ صَدَّقْنَاهَا غَيْرَ مُكَذِّبينَ ،
وَ قَبِلْنَاهَا غَيْرَ مُرْتَابينَ .
لَمْ يَكُنْ لَنَا ، وَ اللَّهِ ، شَيَاطينُ نُوحي إِليهَا وَ تُوحي إِلَيْنَا ، كَمَا وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْماً ذَكَرَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ في كِتَابِهِ ، لَوْ قُرِئَ كَمَا أُنْزِلَ : شَيَاطينَ الْجِنِّ وَ الإِنْسِ يُوحي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً 2 .
يَا كُمَيْلُ ، الْوَيْلُ لَهُمْ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً 3 .
يَا كُمَيْلُ ، لَسْتُ ، وَ اللَّهِ ، مُتَمَلِّقاً حَتَّى أُطَاعَ ، وَ لاَ مُمِنّاً حَتَّى أُعْصى [ 4 ] ، وَ لاَ مَائِلاً لِطُغَامِ الأَعْرَابِ حَتَّى أَنْتَحِلَ إِمْرَةَ الْمُؤْمِنينَ وَ أُدْعى بِهَا .
يَا كُمَيْلُ ، نَحْنُ الثِّقْلُ الأَصْغَرُ ، وَ الْقُرْآنُ الثِّقْلُ الأَكْبَرُ ، وَ قَدْ أَسْمَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ، وَ قَدْ جَمَعَهُمْ ، فَنَادى فيهِمُ : الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ أَيَّاماً سَبْعَةً ، فَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ . فَصَعَدَ الْمِنْبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنى عَلَيْهِ ، وَ قَالَ :
مَعَاشِرَ النَّاسِ ، إِنّي مُؤَدٍّ عَنْ رَبّي عَزَّ وَ جَلَّ وَ لاَ مُخْبِرٌ عَنْ نَفْسي ، فَمَنْ صَدَّقَني فَلِلَّهِ صَدَّقَ ،
وَ مَنْ صَدَّقَ اللَّهَ أَثَابَهُ الْجِنَانَ ، وَ مَنْ كَذَّبَني فَقَدْ كَذَّبَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ، وَ مَنْ كَذَّبَ اللَّهَ أَعْقَبَهُ النّيرَانَ .
ثُمَّ نَادَاني . فَصَعَدْتُ . فَأَقَامَني دُونَهُ ، وَ رَأْسي إِلى صَدْرِهِ ، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ عَنْ يَمينِهِ وَ شِمَالِهِ ، ثُمَّ قَالَ :
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمينَ ، أَمَرَني جِبْريلُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رَبّي وَ رَبِّكُمْ أَنْ أُعْلِمَكُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الثِّقْلُ الأَكْبَرُ ، وَ أَنَّ وَصِيّي هذَا وَ ابْنَايَ وَ مَنْ خَلَفَهُمْ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ حَاملاً وَصَايَاهُمْ هُمُ الثِّقْلُ الأَصْغَرُ .
يَشْهَدُ الثِّقْلُ الأَصْغَرُ لِلثِّقْلِ الأَكْبَرِ ، وَ يَشْهَدُ الثِّقْلُ الأَكْبَرُ لِلثِّقْلِ الأَصْغَرِ ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُلاَزِمٌ
-----------
( 1 ) النحل ، 128 .
-----------
( 2 ) الأنعام ، 112 .
-----------
( 3 ) مريم ، 59 .
[ 4 ] لا ممنّيا حتّى لا أعصى . ورد في تحف العقول للحرّاني ص 122 .
[ 589 ]
لِصَاحِبِهِ غَيْرُ مُفَارِقٍ لَهُ حَتَّى يَرِدَا عَلَى اللَّهِ فَيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا وَ بَيْنَ الْعِبَادِ .
يَا كُمَيْلُ ، فَإِذَا كُنَّا كَذَلِكَ فَعَلاَمَ تَقَدَّمَنَا مَنْ تَقَدَّمَ ، وَ تَأَخَّرَ عَنَّا مَنْ تَأَخَّرَ ؟ .
يَا كُمَيْلُ ، قَدْ أَبْلَغَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ رِسَالَةَ رَبِّهِ ، وَ نَصَحَ لَهُمْ ، وَ لكِنْ لاَ يُحِبُّونَ النَّاصِحينَ .
يَا كُمَيْلُ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَوْلاً أَعْلَنَهُ ، وَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الأَنْصَارُ مُتَوَافِرُونَ ،
يَوْماً بَعْدَ الْعَصْرِ ، يَوْمَ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، قَائِماً عَلى قَدَمَيْهِ مِنْ فَوْقِ مِنْبَرِهِ : عَلِيٌّ مِنّي ، وَ ابْنَايَ مِنْهُ ، وَ الطَّيِّبُونَ مِنّي وَ مِنْهُمْ ، وَ هُمُ الطَّيِّبُونَ بَعْدَ أُمِّهِمْ ، وَ هُمْ سَفينَةُ نُوحٍ ، مَنْ رَكِبَهَا نَجَا ، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَوى ، النَّاجي فِي الْجَنَّةِ ، وَ الْهَاوي في لَظى .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتيهِ مَنْ يَشَاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظيمِ 1 .
يَا كُمَيْلُ ، عَلاَمَ يَحْسُدُونَنَا ، وَ اللَّهُ شَاءَنَا قَبْلَ أَنْ يَعْرِفُونَا . أَتَرَاهُمْ بِحَسَدِهِمْ إِيَّانَا عَنْ رَبِّنَا يُزَيِّلُونَنَا ؟ .
يَا كُمَيْلُ ، إِنَّمَا حَظِيَ مَنْ حَظِيَ بِدُنيَا زَائِلَةٍ مُدْبِرَةٍ ، فَافْهَمْ تَحْظَ بِآخِرَةٍ بَاقِيَةٍ ثَابِتَةٍ .
يَا كُمَيْلُ ، كُلٌّ يَصيرُ إِلَى الآخِرَةِ ، وَ الَّذي نَرْغَبُ فيهِ مِنْهَا رِضَي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الدَّرَجَاتِ الْعُلى مِنَ الْجَنَّةِ الَّتي لاَ يُورِثُهَا إِلاَّ مَنْ كَانَ تَقِيّاً .
يَا كُمَيْلُ ، مَنْ لاَ يَسْكُنُ الْجَنَّةَ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَليمٍ ، وَ خِزْيٍ مُقيمٍ ، وَ مَقَاطِعَ وَ أَكْبَالٍ ، وَ سَلاَسِلَ طِوَالٍ ، وَ مُقَطِّعَاتِ النّيرَانِ ، وَ مُقَارَنَةِ الشَّيْطَانِ .
اَلشَّرَابُ صَديدٌ ، وَ اللِّبَاسُ حَديدٌ ، وَ الْخَزَنَةُ فَظَظَةٌ ، وَ النَّارُ مُلْتَهِبَةٌ ، وَ الأَبْوَابُ مُوثَقَةٌ مُطْبَقَةٌ .
يُنَادُونَ فَلاَ يُجَابُونَ ، وَ يَسْتَغيثِونَ فَلاَ يُرْحَمُونَ ، نِدَاؤُهُمْ : يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ 2 .
يَا كُمَيْلُ ، نَحْنُ ، وَ اللَّهِ ، الْحَقُّ الَّذي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّموَاتُ وَ الأَرْضُ وَ مَنْ فيهِنَّ 3 .
يَا كُمَيْلُ ، ثُمَّ يُنَادُونَ اللَّهَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ بَعْدَ أَنْ يَمْكُثُوا أَحْقَاباً : اجْعَلْنَا عَلَى الرِّضَا ،
فَيُجيبَهُمُ : اخْسَؤُوا فيهَا وَ لاَ تُكَلِّمُونِ 4 .
-----------
( 1 ) آل عمران ، 73 .
-----------
( 2 ) الزخرف ، 77 و 78 .
-----------
( 3 ) المؤمنون ، 71 .
-----------
( 4 ) المؤمنون ، 108 .
[ 590 ]
فَعِنْدَهَا يَئِسُوا مِنَ الْكَرَّةِ ، وَ اشْتَدَّتِ الْحَسْرَةُ ، وَ أَيْقَنُوا بِالْمَكْثِ وَ الْهَلَكَةِ ، جَزَاءً بِمَا كَسَبُوا [ 1 ] .
[ 9 ] يَا كُمَيْلُ ، مُرْ أَهْلَكَ أَنْ يَرُوحُوا في كَسْبِ الْمَكَارِمِ ، وَ يُسَارِعُوا إِلى تَحَمُّلِ الْمَغَانِمِ [ 2 ] ،
وَ يُدْلِجُوا في حَاجَةِ مَنْ هُوَ نَائِمٌ ، فَوَ الَّذي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ مَا مِنْ أَحَدٍ أَوْدَعَ قَلْباً سُرُوراً إِلاَّ وَ خَلَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى [ 3 ] لَهُ مِنْ ذَلِكَ السُّرُورِ لُطْفاً ، فَإِذَا نَزَلَتْ بِهِ نَائِبَةٌ جَرى إِلَيْهَا كَالْمَاءِ فِي انْحِدَارِهِ حَتَّى يَطْرُدَهَا عَنْهُ كَمَا تُطْرَدُ غَريبَةُ الإبِلِ .
يَا كُمَيْلُ ، أَنَا أَحَمَدُ اللَّهَ عَلى تَوْفيقِهِ إِيَّايَ وَ الْمُؤْمِنينَ ، وَ عَلى كُلِّ حَالٍ ، وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لي وَ لَكَ [ 4 ] .
[ 10 ] إِنْصَرِفْ ، يَا كُمَيْلُ ، إِذَا شِئْتَ .