كلام له عليه السلام ( 119 ) للعلاء بن زياد الحارثي و هو من أصحابه و قد دخل عليه بالبصرة ، يعوده

فلما رأى أمير المؤمنين عليه السلام سعة داره قال :

[ 9 ] مَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِسِعَةِ هذِهِ الدَّارِ فِي الدُّنْيَا ، وَ [ 7 ] أَنْتَ إِلَيْهَا فِي الآخِرَةِ أَحْوَجُ ؟ .

وَ بَلى إِنْ شِئْتَ بَلَغْتَ بِهَا الآخِرَةَ ، تَقْري فيهَا الضَّيْفَ ، وَ تَصِلُ فيهَا الرَّحِمَ ، وَ تُطْلِعُ مِنْهَا الْحُقُوقَ مَطَالِعَهَا ، فَإِذَا أَنْتَ قَدْ بَلَغْتَ بِهَا الآخِرَةَ .

[ 8 ] من : فمن استطاع إلى : فليفعل . و من : و أمّا فلانة إلى : على اللّه تعالى ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 156 .

[ 9 ] من : و قد دخل إلى : و ولدك ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 209 .

[ 1 ] ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 374 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 13 عن منتخب كنز العمال . باختلاف يسير .

[ 2 ] عائشة . ورد في البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 410 . و نهج السعادة ج 1 ص 379 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 13 . عن منتخب كنز العمال .

[ 3 ] رائحة . ورد في نسخة الآملي ص 127 .

[ 4 ] ورد في مصباح البلاغة للميرجهاني ج 1 ص 13 . عن منتخب كنز العمال .

[ 5 ] ورد في المصدر السابق . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 379 .

[ 6 ] ورد في المصدرين السابقين .

[ 7 ] أما . ورد في نسخة الجيلاني . و نسخة العطاردي ص 243 .

[ 648 ]

فقال له العلاء : يا أمير المؤمنين ، أشكو إليك أخي عاصم .

فقال عليه السلام :

وَ مَا بَالُهُ ؟ .

قال العلاء : لبس العباء ، و ترك الملاء ، و غمّ أهله ، و حزن ولده ، و تخلى عن الدنيا .

فقال عليه السلام :

عَلَيَّ به .

فلما جاء و قد ائتزر بعباءة وارتدى بأخرى عبس عليه السلام في وجهه و قال له :

يَا عُدَيَّ نَفْسِهِ ، لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكَ الْخَبيثُ .

أَمَا رَحِمْتَ أَهْلَكَ وَ وَلَدَكَ ؟ .

أَلَمْ تَسْمَعْ إِلى قَوْلِهِ تَعَالى : و يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ [ 1 ] .

[ 2 ] أَتَرَى اللَّهَ أَحَلَّ لَكَ الطَّيِّبَاتِ وَ هُوَ يَكْرَهُ أَنْ تَأْخُذَهَا ؟ .

أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ : وَ الأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ فيهَا فَاكِهَةٌ وَ النَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ 2 ؟ .

أَوَ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ : مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ 3 . ثُمَّ قَالَ : يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجَانُ ؟ .

وَ قَالَ : وَ مِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَ تَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا 4 ؟ .

أَمَا وَ اللَّهِ ، [ إِنَّ ] ابْتِذَالَ نِعَمِ اللَّهِ بِالْفِعَالِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنِ ابْتِذَالِهَا بِالْمَقَالِ .

وَ قَدْ سَمِعْتُمُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ : وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ 5 .

وَ قَوْلَهُ : قُلْ مَنْ حَرَّمَ زينَةَ اللَّهِ الَّتي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَ الطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ 6 .

أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ .

إِنَّ اللَّهَ خَاطَبَ الْمُؤْمِنينَ بِمَا خَاطَبَ بِهِ الْمُرْسَلينَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ

[ 2 ] من : أترى إلى : أن تأخذها . و : أنت أهون على اللّه من ذلك ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 209 .

[ 1 ] الأعراف ، 157 . و وردت الفقرة في تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 106 .

-----------
( 2 ) الرحمن ، 9 ، 10 .

-----------
( 3 ) الرحمن ، 18 و 21 .

-----------
( 4 ) فاطر ، 12 .

-----------
( 5 ) الضحى ، 10 .

-----------
( 6 ) الأعراف ، 32 .

[ 649 ]

وَ اعْمَلُوا صَالِحاً إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَليمٌ 1 .

وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لِبَعْضِ نِسَائِهِ : مَا لي أَرَاكِ شَعْثَاءَ مَرْهَاءَ سَلْتَاءَ ؟ .

قال عاصم : يا أمير المؤمنين ، هذا أنت في خشونة ملبسك ، و جشوبة مأكلك [ 2 ] .

فقال عليه السلام :

[ 9 ] وَيْحَكَ ، إِنّي لَسْتُ كَأَنْتَ .

إِنَّ اللَّهَ تَعَالى فَرَضَ عَلى أَئِمَّةِ الْعَدْلِ [ 3 ] أَنْ يُقَدِّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِضَعَفَةِ النَّاسِ ، [ وَ ] يَتَأَسَّوْا بِأَضْعَفِ رَعِيَّتِهِمْ حَالاً فِي الأَكْلِ وَ اللِّبَاسِ ، وَ لاَ يَتَمَيَّزُوا عَلَيْهِمْ بِشَيْ‏ءٍ لاَ يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ [ 4 ] ، كَيْلاَ يَتَبَيَّغَ بِالْفَقيرِ فَقْرُهُ ، فَيَرْضى عَنِ اللَّهِ تَعَالى بِمَا هُوَ فيهِ ، وَ يَرَاهُمُ الْغَنِيُّ فَيَزْدَادَ شُكْراً وَ تَوَاضُعاً .

فَلأُعْلَمَنَّ مَا لَبَسْتَ إِلاَّ مِنْ أَحْسَنِ زَيِّ قَوْمِكَ ، فَالْعَمَلُ بِالنِّعْمَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْحَديثِ عَنْهَا [ 5 ] .