[ 6 ] قال عبد اللّه بن عباس رضي الله عنه : دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار [ 3 ] و هو خصف نعله ، فقلت له : نحن إلى أن تصلح أمرنا أحوج منّا إلى ما تصنع .
فلم يكلّمني حتى فرغ من نعله ، ثم ضمّها إلى صاحبتها ، فقال عليه السلام لي :
مَا قيمَةُ هذَا النَّعْلِ ؟ .
فقلت : لا قيمة لها .
فقال عليه السلام :
وَ اللَّهِ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ ، إِلاَّ أَنْ أُقيمَ حَقّاً ، أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلاً .
ثم خرج أمير المؤمنين عليه السلام فخطب الناس فقال :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ الأَوَّلِ قَبْلَ كُلِّ أَوَّلٍ ، وَ الآخِرِ بَعْدَ كُلِّ آخِرٍ ، وَ بِأَوَّلِيَّتِهِ وَجَبَ أَنْ لا أَوَّلَ لَهُ ، وَ بِآخِرِيَّتِهِ وَجَبَ أَنْ لا آخِرَ لَهُ .
وَ نَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ، أَرْسَلَهُ بِكِتَابٍ فَصَّلَهُ ،
وَ أَحْكَمَهُ وَ أَعَزَّهُ ، حَفِظَهُ بِعِلْمِهِ ، وَ أَحْكَمَهُ بِنُورِهِ ، وَ أَيَّدَهُ بِسُلْطَانِهِ ، وَ كَلأَهُ مِنْ أَنْ يَبْتَزَّهُ هَوىً ، أَوْ تَميلَ بِهِ شَهْوَةٌ . لا يَأْتيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزيلٌ مِنْ حَكيمٍ حَميدٍ 1 .
وَ هُوَ الَّذي لا يُخْلِقُهُ طُولُ الرَّدِّ ، وَ لا تَزيغُ عَنْهُ الْعُقُولُ ، وَ لا تَلْتَبِسُ مِنْهُ الأَلْسُنُ [ 5 ] .
[ 6 ] من : قال عبد اللّه بن عبّاس إلى : فخطب النّاس ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 33 .
[ 1 ] خذلوا الحقّ ، و لم ينصروا الباطل . و لم ينصرا الباطل . ورد في نسخ النهج برواية ثانية .
[ 2 ] ورد في البحار للمجلسي ج 22 ص 105 . و نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 312 .
[ 3 ] بالربذة . ورد في البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 389 . و منهاج البراعة للخوئي ج 7 ص 212 و ج 17 ص 35 .
-----------
( 1 ) فصّلت ، 42 .
[ 5 ] ورد في شرح الأخبار ج 2 ص 310 . و نثر الدرّ ج 1 ص 258 . و الدر المنثور ج 6 ص 337 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 22 .
باختلاف بين المصادر .
[ 428 ]
[ 10 ] لا تَفْنى عَجَائِبُهُ ، وَ لا تَنْقَضي غَرَائِبُهُ ، وَ لا تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلاَّ بِهِ ، وَ لا يُعْلَمُ عِلْمٌ مِثْلُهُ [ 1 ] .
[ 11 ] فيهِ شِفَاءٌ لِمُشْتَفٍ ، وَ كَفَاءٌ لِمُكْتَفٍ .
هُوَ الَّذي لَمَّا سَمِعَهُ الْجِنُّ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرينَ 2 قَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدي إِلَى الرُّشْدِ 3 .
مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ ، وَ مَنْ زَالَ عَنْهُ عَدَا ، وَ مَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ ، وَ مَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ ، وَ مَنْ خَاصَمَ بِهِ فَلَجَ ، وَ مَنْ قَاتَلَ بِهِ نُصِرَ ، وَ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ هُدِيَ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقيمٍ [ 4 ] .
[ 12 ] وَ فِي الْقُرْآنِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ ، وَ خَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ ، وَ حُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ .
أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ، وَ أَشْهَدَ الْمَلائِكَةَ بِتَصْديقِهِ . قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَجْهُهُ : لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَهُ إِلَيْكَ ، أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ، وَ الْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَ كَفى بِاللَّهِ شَهيداً 5 .
فَجَعَلَهُ نُورَ الْهُدَى الَّتي هِيَ أَقْوَمُ ، فَقَالَ : إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدي لِلَّتي هِيَ أَقْوَمُ وَ يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنينَ الَّذينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبيراً 6 .
وَ قَالَ : فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ 7 .
وَ قَالَ : اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَليلاً مَّا تَذَكَّرُونَ 8 .
وَ قَالَ : فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَ مَنْ تَابَ مَعَكَ وَ لا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصيرٌ 9 .
هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ .
هُوَ النَّاطِقُ بِالْعَدْلِ ، وَ الآمِرُ بِالْفَضْلِ .
[ 10 ] من : لا تفنى إلى : إلاّ به ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 18 .
[ 11 ] من : فيه شفاء إلى : لمكتف ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 214 .
[ 12 ] من : و في القرآن إلى : حكم ما بينكم ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 313 .
[ 1 ] ورد في
-----------
( 2 ) الأحقاف ، 29 .
-----------
( 3 ) الجنّ ، 1 ، 2 .
[ 4 ] ورد في شرح الأخبار ج 2 ص 310 . و نثر الدرّ ج 1 ص 258 . و جامع الأصول ج 9 ص 352 . و كنز العمال ج 16 ص 193 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 22 عن منتخب كنز العمال . باختلاف بين المصادر .
-----------
( 5 ) النساء ، 166 .
-----------
( 6 ) الإسراء ، 9 .
-----------
( 7 ) القيامة ، 18 .
-----------
( 8 ) الأعراف ، 3 .
-----------
( 9 ) هود ، 112 .
[ 429 ]
مَنْ تَرَكُهُ مِنَ الْجَبَّارينَ قَصَمَهُ اللَّهُ ، وَ مَنِ ابْتَغَى الْهُدى في غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ .
فَفِي اتِّبَاعِ مَا جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ الْفَوْزُ الْعَظيمُ ، وَ في تَرْكِهِ الْخَطَأُ الْمُبينُ .
وَ قَالَ : إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَ لا يَشْقى 1 .
فَجَعَلَ فِي اتِّبَاعِهِ كُلَّ خَيْرٍ يُرْجى فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ [ 2 ] .
[ 12 ] أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالى بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ، وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً ، وَ لا يَدَّعي نُبُوَّةً وَ لا وَحْياً ، فَقَاتَلَ بِمَنْ أَطَاعَهُ مَنْ عَصَاهُ .
فَسَاقَ النَّاسَ حَتَّى بَوَّأَهُمْ [ 3 ] مَحَلَّتَهُمْ ، وَ بَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ [ 4 ] ، وَ يُبَادِرُ بِهِمُ السَّاعَةَ أَنْ تَنْزِلَ بِهِمْ ، يَحْسِرُ الْحَسيرَ ، وَ يَقِفُ الْكَسيرَ ، فَيُقيمُ عَلَيْهِ حَتَّى يُلْحِقَهُ غَايَتَهُ ، إِلاَّ هَالِكاً لا خَيْرَ فيهِ .
فَاسْتَدَارَتْ رَحَاهُمْ ، وَ اسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ ، وَ اطْمَأَنَّتْ صَفَاتُهُمْ .
وَ أَيْمُ اللَّهِ [ 5 ] ، لَقَدْ كُنْتُ مِنْ سَاقَتِهَا [ 6 ] ، حَتَّى تَوَلَّتْ بِحَذَافِيرِهَا ، وَ اسْتَوْسَقَتْ في قِيَادِهَا ، مَا عَجَزْتُ ، [ وَ لا ] ضَعُفْتُ ، وَ لا جَبُنْتُ ، وَ لا وَهَنْتُ ، وَ لا خُنْتُ .
وَ إِنَّ مَسيري هذَا لِمِثْلِهَا [ 7 ] عَنْ عَهْدٍ إِلَيَّ فيهِ [ 8 ] .
وَ أَيْمُ اللَّهِ لأَبْقُرَنَّ [ 9 ] الْبَاطِلَ حَتَّى أُخْرِجَ [ 10 ] الْحَقَّ مِنْ خَاصِرَتِهِ [ 11 ] إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
[ 12 ] من : أمّا بعد إلى : و السّمرا ورد في خطب الشريف الرضي تحت الرقم 33 . و ورد باختلاف يسير تحت الرقم 104 .
-----------
( 1 ) طه ، 123 .
[ 2 ] ورد في عيون الأخبار ج 5 ص 133 . و العقد الفريد ج 2 ص 103 . و شرح الأخبار ج 2 ص 310 . و نثر الدرّ ج 1 ص 258 . و جامع الأصول ج 9 ص 252 . و كنز العمال ج 16 ص 193 . و الدر المنثور ج 6 ص 337 . و مصباح البلاغة ج 1 ص 22 عن منتخب كنز العمال . باختلاف بين المصادر .
[ 3 ] يسوقهم إلى . ورد في نسخ النهج برواية ثانية .
[ 4 ] أراهم منجاتهم . ورد في نسخ النهج برواية ثانية .
[ 5 ] أما و اللّه . ورد في نسخ النهج برواية ثانية .
[ 6 ] إن كنت لفي ساقتها . ورد في نسخ النهج برواية ثانية .
[ 7 ] لمثلها . ورد في نسخة العام 400 ص 43 . و نسخة ابن المؤدب ص 29 . و نسخة الآملي ص 30 . و نسخة الأسترابادي ص 43 .
[ 8 ] ورد في الإرشاد للمفيد ص 132 . و البحار للمجلسي ( مجلد قديم ) ج 8 ص 389 . و منهاج البراعة للخوئي ج 7 ص 213 .
[ 9 ] فلأنقبنّ . ورد في نسخ النهج برواية ثانية .
[ 10 ] يخرج الحقّ . ورد في نسخ النهج برواية ثانية .
[ 11 ] جنبه . ورد في نسخ النهج برواية ثانية .
[ 430 ]
فَقُلْ لِقُرَيْشٍ فَلْتَضِجَّ مِنّي ضَجيجاً [ 1 ] .
مَا لي وَ لِقُرَيْشٍ .
أَمَا [ 2 ] وَ اللَّهِ لَقَدْ قَاتَلْتُهُمْ كَافِرينَ ، وَ لأُقَاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونينَ ، وَ إِنّي لَصَاحِبُهُمْ بِالأَمْسِ كَمَا أَنَا صَاحِبُهُمُ الْيَوْمَ .
وَ اللَّهِ مَا تَنْقِمُ مِنَّا قُرَيْشٌ إِلاَّ أَنَّا أَهْلُ بَيْتٍ شَيَّدَ اللَّهُ فَوْقَ بُنْيَانِهِمْ بُنْيَانَنَا ، وَ أَعْلى فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ رُؤُوسَنَا [ 3 ] ، وَ اخْتَارَنَا عَلَيْهِمْ ، فَنَقَمُوا عَلَى اللَّهِ أَنِ اخْتَارَنَا عَلَيْهِمْ ، وَ سَخِطُوا مَا رَضِيَ اللَّهُ ، وَ أَحَبُّوا مَا كَرِهَ اللَّهُ .
فَلَمَّا اخْتَارَنَا اللَّهُ شَرَكْنَاهُمْ في حَريمِنَا ، وَ [ 4 ] أَدْخَلْنَاهُمْ في حَيِّزِنَا [ 5 ] ، فَعَرَّفْنَاهُمْ الْكِتَابَ وَ السُّنَّةَ ، وَ عَلَّمْنَاهُمُ الْفَرَائِضَ وَ السُّنَنَ ، وَ دَيَّنَّاهُمُ الدّينَ وَ الإِسْلامَ ، فَوَثَبُوا عَلَيْنَا ، وَ جَحَدُوا فَضْلَنَا ،
وَ مَنَعُونَا حَقَّنَا [ 6 ] ، فَكَانُوا كَمَا قَالَ الأَوَّلُ :
أَدَمْتُ لَعَمْري شُرْبَكَ الْمَحْضَ صَابِحاً
وَ أَكْلَكَ بِالزُّبْدِ الْمُقَشَّرَةَ الْبُجْرَا
وَ نَحْنُ وَهَبْنَاكَ الْعَلاءَ وَ لَمْ تَكُنْ
عَلِيّاً وَ حُطْنَا حَوْلَكَ الْجُرْدَ وَ السُّمْرَا
أَلَيْسَ بِنَا اهْتَدَوْا مِنْ مَتَاهِ الْكُفْرِ ، وَ مِنْ عَمَى الضَّلالَةِ ، وَ غَيِّ الْجَهَالَةِ ، وَ بي أُنْقِذُوا مِنَ الْفِتْنَةِ الظَّلْمَاءِ ، وَ الْمِحْنَةِ الْعَمْيَاءِ ؟ .
وَيْلَهُمْ . أَلَمْ أُخَلِّصْهُمْ مِنْ نيرِ الطُّغَاةِ ، وَ سُيُوفِ الْبُغَاةِ ، وَ كُرْهِ الْعُتَاةِ ، وَ وَطْأَةِ الأَسَدِ ؟ .
أَلَيْسَ بي تَسَنَّمُوا الشَّرَفَ ، وَ نَالُوا الْحَقَّ وَ النَّصَفَ ؟ .
أَلَسْتُ آيَةَ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ، وَ دَليلَ رِسَالَتِهِ ، وَ عَلامَةَ رِضَاهُ وَ سَخَطِهِ ؟ .
وَ بي كَانَ يَبْري جَمَاجِمَ الْبُهْمِ ، وَ هَامَ الأَبْطَالِ ، إِذَا فَزِعَتْ تَيْمٌ إِلَى الْفِرَارِ ، وَ عَدِيٌّ إِلَى الاِنْتِكَاصِ ؟ .
وَ لَوْ أَسْلَمْتُ قُرَيْشاً لِلْمَنَايَا وَ الْحُتُوفِ لَحَصَدَتْهُمْ سُيُوفُ الْعَرَازِمِ ، وَ وَطِئَتْهُمْ خُيُولُ الأَعَاجِمِ ،
[ 1 ] ورد في نهج السعادة للمحمودي ج 1 ص 252 . باختلاف .
[ 2 ] ورد في الإرشاد ص 132 . و البحار ( مجلد قديم ) ج 8 ص 389 . و منهاج البراعة ج 7 ص 213 و ج 17 ص 35 . و نهج السعادة ج 1 ص 252 .
[ 3 ] ورد في مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 229 . و البحار ج 29 ص 558 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 71 . و نهج البلاغة الثاني ص 95 .
[ 4 ] ورد في البحار ج 29 ص 558 عن العدد القوية ص 189 ح 19 عن الإرشاد لكيفية الطلب في أئمة العباد للصفار .
[ 5 ] خيرنا . ورد في
[ 6 ] ورد في مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 229 . و المستدرك لكاشف الغطاء ص 71 . و نهج البلاغة الثاني ص 95 . باختلاف .
[ 431 ]
وَ طَحَنَتْهُمْ سَنَابِكُ الصَّافِنَاتِ ، وَ حَوَافِرُ الصَّاهِلاتِ ، عِنْدَ إِطْلاقِ الأَعِنَّةِ ، وَ بَريقِ الأَسِنَّةِ ، وَ لَمَا بَقَوْا لِظُلْمي ، وَ لاَ عَاشُوا لِهَضْمي ، وَ لَمَا قَالُوا : إِنَّكَ لَحَريصٌ مُتَّهَمٌ .
يَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرينَ وَ الأَنْصَارِ ، أَيْنَ كَانَتْ سُبْقَةُ تَيْمٍ وَ عَدِيٍّ إِلى سَقيفَةِ بَني سَاعِدَةَ خَوْفَ الْفِتْنَةِ ؟ .
أَلا كَانَتْ يَوْمَ الأَبْوَاءِ ، إِذْ تَكَاثَفَتِ الصُّفُوفُ ، وَ تَكَاثَرَتِ الْحُتُوفُ ، وَ تَقَارَعَتِ السُّيُوفُ ؟ .
أَمْ هَلاَّ خَشِيَا فِتْنَةَ الإِسْلامِ يَوْمَ ابْنِ عَبْدِ وُدٍّ ، وَ قَدْ نَفَخَ بِسَيْفِهِ ، وَ شَمَخَ بِأَنْفِهِ ، وَ طَمَحَ بِطَرْفِهِ ؟ .
وَ لِمَ لَمْ يُشْفِقَا عَلَى الدّينِ وَ أَهْلِهِ يَوْمَ بُوَاطٍ ، إِذِ اسْوَدَّ لَوْنُ الأُفُقِ ، وَ اعْوَجَّ عَظْمُ الْعُنُقِ ، وَ انْحَلَّ سَيْلُ الْغَرَقِ ؟ .
وَ لِمَ لَمْ يُشْفِقَا يَوْمَ رَضْوى ، إِذِ السِّهَامُ تَطيرُ ، وَ الْمَنَايَا تَسيرُ ، وَ الأُسْدُ تَزيرُ ؟ .
وَ هَلاَّ بَادَرَا يَوْمَ الْعُسَيْرَةِ ، إِذِ الأَسْنَانُ تَصْطَكُّ ، وَ الآذَانُ تَسْتَكُّ ، وَ الدُّرُوعُ تُهْتَكُ ؟ .
وَ هَلاَّ كَانَتْ مُبَادَرَتُهُمَا يَوْمَ بَدْرٍ ، إِذِ الأَرْوَاحُ فِي الصُّعَدَاءِ تَرْتَقي ، وَ الْجِيَادُ بَالصَّنَاديدِ تَرْتَدي ،
وَ الأَرْضُ بِدِمَاءِ الأَبْطَالِ تَرْتَوي ؟ .
وَ لِمَ لَمْ يُشْفِقَا عَلَى الدّينِ يَوْمَ بَدْرٍ الثَّانِيَةِ ، وَ الدَّعَاسُ تَرْعَبُ ، وَ الأَوْدَاجُ تَشْخُبُ ، وَ الصُّدُورُ تُخْضَبُ ؟ .
وَ هَلاَّ بَادَرَا يَوْمَ ذَاتِ اللُّيُوثِ ، وَ قَدْ أَمَجَّ التَّوْلَبُ ، وَ اصْطَلَمَ الشَّوْقَبُ ، وَ ادْلَهَمَّ الْكَوْكَبُ ؟ .
وَ لِمَ لاَ كَانَتْ شَفَقَتُهُمَا عَلَى الإِسْلاَمِ يَوْمَ الأَكْدَرِ ، وَ الْعُيُونُ تَدْمَعُ ، وَ الْمَنِيَّةُ تَلْمَعُ ، وَ الصَّفَائِحُ تُنْزَعُ ؟ .
أَنَا صَاحِبُ هذِهِ الْمَشَاهِدِ ، وَ أَبُو هذِهِ الْمَوَاقِفِ ، وَ ابْنُ هذِهِ الأَفْعَالِ الْحَميدَةِ [ 1 ] .