( إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله و معتلفه ) استقرت الخلافة لعثمان و هو ثالث القوم ، و لما بايعه الناس و رأى تلك العزة و الاحترام غلب عليه الكبر و الغرور ، و يقال للمتكبر : نافج حضنيه كأنه قد نفخ جانبيه و رفعهما ، و قد تستعمل هذه الكلمة لمن امتلأ بطنه من الطعام ، فقام بين روثه و موضع اعتلافه ، فكما ان البهيمة لا اهتمام إلا الأكل و الروث كذلك كان عثمان لا يبالي بأمور المسلمين ،
و لا يهتم بمصالحهم بل كان همه إشباع بطنه و فرجه و شهوته و شبقه ، و جعل اقاربه أمراء على الناس ، و اركبهم على رقاب المسلمين يفعلون ما يشاؤن . و جعل مال اللّه أي بيت مال المسلمين تحت اختيار هؤلاء يأخذون ما ارادوا ، و كان هو يهب ما يشاء لمن يشاء لا من كد يمينه و لا من عرق جبينه ، كما يقال : وهب الامير ما لم يملك . و هذه صورة من منح عثمان من بيت مال المسلمين الى من شائت نفسه ،
نقلناها من الجزء الثامن من الغدير لشيخنا الاميني .
صورة من منح عثمان رقما الدنيار كتابة الاعلام 000 500 خمسمائة الف الى مروان 000 100 مائة الف الى ابن ابي سرح 000 200 مائتي الف الى طلحة
[ 185 ]
رقما الدينار كتابة الاعلام 000 150 2 مليونان و مت و خمسون الف الى عبد الرحمن 000 500 خمسمائة الف الى يعلى بن منبه 000 100 مائة الف الى زيد بن ثابت 000 500 1 مليون و نصف الى عثمان الخليفة 000 200 مائتا الف الى عثمان الخليفة 000 310 4 المجموع اربعة ملايين و ثلاثمائة و عشرة آلاف دينار رقما الدرهم كتابة الأعلام 000 300 ثلاثمائة الف الى الحكم 000 20 2 مليونان و عشرون الف الى الحكم 000 100 مائة الف الى سعيد 000 100 مائة الف الى الوليد 000 300 ثلاثمائة الف الى عبد اللّه 000 600 ستمائة الف الى عبد اللّه 000 200 مائتا الف الى ابي سفيان 000 100 مائة الف الى طلحة 000 000 3 ثلاثة ملايين الى طلحة 000 800 59 تسع و خمسون مليون و ثمانمائة الف الى الزبير 00 500 2 مليونان و نصف الى سعد بن ابي وقاص 000 5000 3 ثلاثة ملايين و نصف الى عثمان الخليفة 000 770 126 المجموع مائة و ستة و عشرون مليون و سبعمائة و سبعون الف درهم
[ 186 ]
و من هنا تعرف معنى كلام الامام عليه السلام : ( و قام معه بنو ابيه يخضمون مال اللّه خضم الابل نبتة الربيع ) فكما ان الابل تأكل نبات الربيع بشوق كثير لانها تحمل الجوع في الشتاء بسبب عدم النبات ، كذلك اقارب عثمان وصلوا الى تلك الثروة بعد الجوع و الفقر و الى تلك العزة بعد المذلة و المسكنة .
نعم بذل عثمان هذه الكنوز لهؤلاء الذين مرت عليك اسمائهم لا استحقاقا او جزاء لجهاد او شكرا على بلاء ما كنت تقول في ملك او رئيس جمهورية ينفق هذه الأموال الطائلة من مال الشعب الى من تشتهي نفسه ؟ فهل كنت تتعجب إذا ثار الشعب في وجه هذا الدكتاتور المسرف و قضى على حياته ؟
و كيف كان فلسنا الآن في بيان جرائم الخليفة و مساويه من حكمه بخلاف ما انزل اللّه : من رجم النساء العفائف ، و هتك احترام اعاظم الابرار ، و لسنا الآن فى صدد ذكر ضرب عثمان عبد اللّه بن مسعود أحد القراء السبعة و أحد كتبة القرآن ، و لا اذكر لك إحراقه مصحف عبد اللّه بن مسعود ، و لا اقول : انه ضرب عمارا و طرحه و جعل يضرب برجله عورة عمار حتى افتق و عمار شيخ كبير و من كبار الصحابة حتى اغمي عليه و حمل الى منزل ام سلمة فما افاق إلا في الليل بحيث فاته صلاة الظهر و العصر و المغرب . و لا اخبرك بما جرى على ابي ذر و هو أصدق الصحابه : من نفيه الى الشام ، إرجاعه منها الى المدينة على بعير بغير غطاء و لا وطاء بحيث لما وصل الى المدينة كان قد تناثر لحم فخذيه ، ثم تسييره الى الربذة ،
و سبه و شتمه و نسبة الكذب اليه خلافا لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله حيث قال :
ما اظلت الخضراء و ما اقلت الغبراء على ذي لهجة اصدق من ابي ذر الى ان مات ابو ذر في البر الاقفر غريبا وحيدا لم يكن عنده احد سوى ابنته .
هذه جرائم و مخازي لكل واحدة منها إضبارة كبيرة محفوظة في محفظة التاريخ
[ 187 ]
( الى أن انتكث فتله ) كانت من جملة اعماله انه ارسل جماعة من الفسقة الفجرة و جعلهم امراء على الناس و كان الناس يكتبون الى عثمان و يشكون اليه من ظلم عماله و هو لا يبالي بتلك الشكاوى و كانت عائشة قد جائت الى عثمان فقالت له : اعطني ما كان يعطيني ابي و عمر بن الخطاب .
فقال : لم أجد لك موضعا في الكتاب و لا في السنة ، و انما كان ابوك و عمر ابن الخطاب يعطيانك بطيبة من انفسهما و انا لا افعل .
عائشة : فاعطني من ميراثي من رسول اللّه .
عثمان : ا و لم تجيء انت و مالك بن اوس النضري فشهدتما ان رسول اللّه لا يورّث حتى منعتما فاطمة ميراثها و ابطلتما حقها ؟ فكيف تطلبين اليوم ميراثا من النبي ؟
فتركته و انصرفت و من ذلك اليوم رفعت راية الخلاف عليه ، و كان عثمان اذا خرج الى الصلوة اخذت عائشة قميص رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله على قصبة فرفعته عليها ثم قالت :
ان عثمان بن عفان قد خالف صاحب هذا القميص و ترك سنته . الى أن تأذى منها عثمان فصعد المنبر فقال : ان هذه . . . عدوة اللّه ضرب اللّه مثلها و مثل صاحبتها حفصة في الكتاب : إمرأة نوح و امرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما . . . و قيل ادخلا النار مع الداخلين . .
فقالت عائشة يا نعثل يا عدو اللّه : انما سماك رسول اللّه نعثلا باسم نعثل اليهودي الذي باليمن . فلاعنته و لاعنها و حلفت ان لا تسكن بالمدينة و خرجت الى مكة و هي تقول في طريقها : اقتلوا نعثلا قتل اللّه نعثلا فلقد ابلى سنة رسول اللّه و هذه ثيابه لم تبل بعد .
( الى ان انتكث فتله ، و اجهز عليه عمله ، و كبت به بطنته ) انتكث فتله اي انتقض تدبيره كالحبل الذي يفتل ليكون قويا محكما ، و اذا انتكث الحبل صار
[ 188 ]
ضعيفا لا يمكن حمل الأثقال به .
و قتلته اعماله التي تقدم ذكر بعضها مجملا ، و القاه في التهلكة شدة اهتمامه ببطنه و فرجه و شهوته و شبقه ، و حبه لأرحامه و اقاربه ، و تسليطهم على دماء الناس و اموالهم و اعراضهم .
و كان قتل عثمان يوم الثامن عشر من ذى الحجة سنة خمس و ثلاثين من الهجرة