[فضائله(ع)]

[علمه عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ]

ورواية العامة من الخوارج وغيرهم من المخالف والموافق قول أبي بكر: اللهمَّ إنِّي أقول في الجد برأيي فإن أخطأتُ فمن نفسي وإن أصبتُ فبتوفيقك.

وقوله: وليتكم ولست بخيركم.

وقوله: أقيلوني بيعتي.

فهذا سواءٌ ومن يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله لقد علّمني رسول الله كل شيءٍ، حتى لقد علّمني أرش الخدش.

وقول أبي بكر: وليتكم ولست بخيركم، وقوله: أقيلوني بيعتي، فقالوا: لا نقيلك ولا نستقيلك([1]).

وقوله: إن لي شيطاناً يعتريني؛ فإذا أنا مِلْت فقوّموني، وإذا ما رأيتموني مغضباً فجنبوني لا أميل بأشعاركم وأبشاركم([2]).

فأخبر أنه يقول ما لا يعلم، وأنه ليس بخيركم، وأن له شيطاناً يعتريه.

وقال الله تبارك وتعالى:{بَلْ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ}[القيامة/14] ، وقد قال في نفسه ما هو به أعلم مِمَّن شهد له عليها.

وأمَّا قول علي عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ بشهادة الخلق له برواية من يشير إليه الخوارج وغيرهم بالثقة من جهة المخالف لنا ولهم قول عليٍّ على منبر الكوفة: والله لو تبعتموني ما عال عائل الله، ولا طاش سهم من كتاب الله، ولا اختلف اثنان في حكم الله، ولأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم.

وقوله في غير موطن: لو ثني لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم حتى يزهر، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى يزهر، وبين أهل الزبور بالزبور حتى يزهر، وبين أهل الفرقان بالفرقان حتى يزهر.

وقوله في غير موطن: سلوني قبل أن تفقدوني فإن بين الجوانح مني علماً جمًّا غرني به رسول الله غراً؛ فوالله لأَنا بطرق السماء أعلم من العالم منكم بطرق الأرض، وما نزلت آية من كتاب الله في ليل ولا نهار، ولا سهل ولا جبل إلا وأنا أعلم فيما أنزلت وفيما نزلت.

وسلوني قبل أن تفقدوني؛ فوالله ما من فتنة يهلك فيها مائة وينجو فيها مائة إلا نبأتكم بقائدها، وسائقها، وناعقها؛ إلى يوم القيامة([3]).

وقول النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ فيه:((أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها)) ([4]).

وقوله للخوارج خاصة والمسلمون حضور: تجدون من لو دفعت إليه هذا الأمر الذي تطلبونه بغير قتال أكان يحسن يحكم بكتاب الله؟

قالوا: لا.

قال: أفيكم من لو دفعت هذا الأمر إليه من غير قتال أيضع أموال الله في عباد الله حتى لا يضيع منها درهماً إلا حيث أمر الله به؟

قالوا: لا.

قال: فمن أعجب من قوم يطلبون أمراً بقتال إن دُفع إليهم بغير قتال لم يحسنوه؟

قالوا: فنسألك بالله أعندك علم ممَّا سألتنا عنه؟

قال لهم: نعم؛ وما سألتكم عن شيءٍ إلا وقد علّمنيه رسول الله صلى الله عليه وآله.

هذا روايتكم عنهما جميعاً، وفيهما ولهما بإقرارهما على أنفسهما، والله جل ثناؤه يقول:{أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}[يونس/35] ؛ فالهادي إلى الحق أحق أن يتبع.

[مجموع ما رواه أبو بكر واحداً وعشرين حديثاً]

وقد روت العامة أن جميع الأحاديث المسندات التي رويت عن رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- روى أبو بكر من ذلك إحدى وعشرين حديثاً([5]) قد أثبتناها في كتابنا هذا بإسنادها؛ منها:

[1-] حديث عكرمة([6]) عن ابن عبَّاس قال أبو بكر: يا رسول الله؛ إنَّا إذا كنا في بعض ليل سمعنا وجبة، فإذا أصبحنا أبصرنا بقولنا مقدوراً؟

فقال:((ذلك شيطان يكيدكم، فإذا أنت سمعته فقل: بسم الله أجب رسول الله. فإنك ستلزمه)).

فلزمته، فقال: دعني فإنِّي لا أعود.

فتركته، وأعلمت رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ بذلك فقال:((كذلك يا أبا بكر سيعود)).

قال أبو بكر: فلما أن كان في بعض الليل سمعنا وجبة فقلت: بسم الله أجب رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.

فلزمته، فلما أقبلت أريد به رسول الله حلف لي أنه لا يعود، فتركته.

فلما أصبح غدوت إلى رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فأخبرته بما حلف لي أنه لا يعود، فقال:((كذلك يا أبا بكر إنه سيعود، إذا أخذته فلا تقبل منه يميناً)).

قال أبو بكر: فلما كان في بعض الليل سمعت وجبة فقلت: بسم الله أجب رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.

فلزمته أريد به رسول الله عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ، فلما رأى ذلك قال: دعني؛ فأنا أخبرك بالذي يمنعنا من دخول بيوتكم: هذه الآية:{إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}[الأعراف/54]  إلى قوله:{[تَبَارَكَ]([7]) اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[الأعراف/54] .

[2-] وحديث عمرو بن حريث عن أبي بكر قال: حدثنا رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ:((أن الدجال يخرج من أرض المشرق يقال لها: خراسان([8]) يتبعه قوم كأن وجوههم المجان المطرقة))([9]).

[3-] وحديث موسى بن سباع([10]) قال: سمعت عبد الله بن عمر([11]) يحدث عن أبي بكر الصديق قال: كنت عند رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وأنزلت هذه الآية:{مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا}[النساء/123] .

فقال له رسول الله عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ:((يا أبا بكر؛ ألا أقرئك آية نزلت عليَّ؟)).

فقلت: بلى يا رسول الله فاقرأنيها.

فلا أعلم إلا أنِّي وجدت انقصاماً في ظهري([12]) حتى تمطأت لها.

فقال [له]([13]) رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ:((ما لك يا أبا بكر؟)).

فقلت: يا رسول الله؛ [بأبي أنت وأمي]([14])، وأينا لم يعمل سوءاً وإنا لمجزيون بكل [سوءٍ]([15]) عملنا؟

فقال رسول الله:((أمَّا أنت [يا أبا بكر]([16]) وأصحابك المؤمنون فتجزون في ذلك في الدنيا حتى تلقون الله ليس لكم ذنوب، وأمَّا الآخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزون به يوم القيامة))([17]).

[4-] وحديث واسط النجار عن أبي بكر قال: سمعته يخطب فقال: إن رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قام عام الأول مقامي ، وبكى أبو بكر، فقال:((نسأل الله العفو والعافية؛ فإن الناس لم يعطوا بعد اليقين شيئاً خيراً من العافية.

وعليكم بالصدق فإنه في الجَنَّة، وإيَّاكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار.

لا تقاطعوا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا إخواناً كما أمركم الله به))([18]).

[5-] وحديث أسماء بنت الحكم الفزاري قالت: سمعت علياً [عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ]([19]) يقول: كنت رجلاً إذا سمعت من رسول الله [-صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-]([20]) حديثاً ينفعني الله بما شاء أن ينفعني به، وإذا حدثني أحد من الصحابة استحلفته، فإذا حلف [لي]([21]) صدقته.

وإنَّه حدثني أبو بكر، وصدق أبو بكر، أنه سمع رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ يقول:((ما من عبد مؤمن يذنب ذنباً فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي فيستغفر الله إلا غُفِرَ لَهُ))([22]).

[6-] وحديث مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر، عن أبي بكر، عن النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قال:((لا نُورَثُ ما تركناه صدقة))([23]).

[7-] وحديث ثابت بن أنس أن أبا بكر حدثه قال: قلت للنبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ونحن في الغار: (يا رسول الله)؛ لو أن أحدهم نظر إلى قدميه [أبصرنا تحت قدميه!]([24]).

قال:((يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟!))([25]).

[8-] وحديث مرة الطيب عن أبي بكر، عن النبي صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قال:((لا يدخل الجَنَّة سيء الملكة))([26]).

[9-] وحديث عبد الرَّحمن بن القاسم عن أبيه قال: وَلَدَت أسماءُ([27]) محمَّد بن أبي بكر بذي الحليفة، فرفع ذلك أبو بكر إلى النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ فقال:((مُرها فلتغتسل ولتهلّ))([28]).

[10-] وحديث أبي مليكة([29]) عن عائشة، عن أبي بكر: أن النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كان يدعوا:((اللَّهُمَّ خِر لي واختَر [لي]))([30]).

[11-] وحديث أبي رجاء العطار وأبي مرة([31]) قال:سمعت أبا بكر على المنبر يقول: سمعت رسول الله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يقول:((الوالي العادل المتواضع ظل الله وفيّه في أرضه، فمن نصحه في نفسه وفي عباد الله حشره الله في وفده يوم لا ظل إلا ظله، ومن غشه في نفسه وفي عباد الله خذله الله يوم القيامة)).

[12-] وحديث منصور عن أبي ليلى([32])، عن أبي بكر قال لطلحة بن عبيد الله: ما لي أراك واجماً؟

قال: كلمة سمعتها من رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أنها موجبة، [فلم أسأله عنها]([33]).

قال: أنا أخبرك [عنها بما سمعته]([34]) يقول: ((لا إله إلاَّ الله))([35]).

[13-] وحديث عبيد بن عمير([36]) [قال:]([37]) قال أبو بكر: عهد إليَّ رسول الله أنه ليس من نبي يموت إلا دفن في موضعه([38]).

[14] وحديث هلال بن الصلت أن أبا بكر قال: قال رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((ولله سورة يس تدعى في التوراة المُعِمَّة، قال: تَعُمّ صاحبها بخير الدنيا والآخرة، وتكابد عنه أنواع البلاء، وتدفع عنه أهاويل الآخرة.

وتدعى الدافعة القاضية؛ تدفع كل سوءٍ، وتقضي له كل حاجة.

من قرأها([39]) عدلت (له) عشرين حجة، ومن سمعها عدلت له ألف دينار في سبيل الله([40])، ومن كتبها ثم شربها دخل جوفه ألف دواء، وألف نور، وألف يقين، وألف بركة، وألف رحمة، ودفعت عنه كل غِلٍّ وداء))([41]).

[15-] وحديث عبد الرَّحمن بن أبي ليلى (عن أبي بكر) قال: قال رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ:((رأيت في المنام غنماً سوداً تتبعها غنم عُفر حتى غمرتها، يا أبا بكر أعبر!!)).

[قال:]([42]) قلت: هي العرب تتبعك([43]) ثم العجم.

قال:((كذلك عبرها الملَك سَحَرا))([44]).

[16-] وحديث أبي طلحة بن مصرف عن أبيه، عن أبي معمر، عن أبي بكر: عن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ  [قال]:((من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة([45]) بُنِي له بيت في الجَنَّة))([46]).

[17-] وحديث أبي هريرة قال: قال أبو بكر: يا رسول الله؛ قل لي شيئاً أقوله إذا أصبحت، وإذا أمسيت.

قال:((قل: اللَّهُمَّ عالم الغيب والشهادة فاطر السموات والأرض ربّ كل شيءٍ ومليكه، أشهد أن لا إله إلاَّ الله، أعوذ بك من شرِّ نفسي، ومن شرِّ الشيطان وشرّ كيده)).

فأمره أن يقولها إذا أصبح وإذا أخذ مضجعه([47]).

[18-] وحديث أبي سيار([48]) ضرار بن مرة عن عبد الله بن أبي الهذيل([49]): عن أبي بكر، قال: سألت رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ عن الإزار؟ فأخذ بوسط العظلة، فقلت: زدنا يا رسول الله. فأخذ بمقدم العظلة، فقلت: يا رسول الله؛ زد.

فقال:((لا خير في أسفل من ذلك يا أبا بكر)).

فقلت: هلكنا والله يا رسول الله.

قال:((كلا؛ قارب وسدِّد يا أبا بكر تنجو)).

[19] وحديث عبد الرَّحمن بن أبي ليلى - أيضاً -: قال أبو بكر: أخذ بيدي النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ؛ فمررنا بخباءٍ لأعرابية عجوز، فجلسنا قريباً منه، فرفعَت جانب الخباء ثم قالت: يا هذان؛ إن كنتما تريدان القِرى فعليكما بعظم الحي.

فسكتنا عنها، فلما أن كان مع المساء جاء ابن لها يفعة بأعنز، فدفعت إليه الشفرة وعنزاً، فأتانا بها وقال: أمِّي تقرئكما السلام وتقول: إذبحا وكلا وأطعمانا([50]).

فقال له النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((أردد الشفرة، وأتني بقعب أو قدح)).

فقال: يا هذان؛ إنّ غنمنا قد عُرزت([51]).

فقال:((ائتني بها))([52]).

فأتاه بها، فمسح على ضرع العنز فحلب حلباً حتى ملأ القدح فقال:((انطلق به إلى أمِّك وائتني بأخرى)).

فأتاه بها، فمسح على الضرع فحلب حتى ملأ القدح فسقى الغلام، ثم أتى بأخرى فمسح الضرع فحلب حتى ملأ القدح فسقاني، ثم حلب فشرب.

قال: فَنَمَتْ غنم المرأة وكثرت، وأقبلت تقول: منذ رأينا المبارك، ومنذ مَرَّ بنا المبارك.

فقامت: فسلمت عليَّ، وقالت: يا هذا؛ من الرجل الذي كان معك، فوالله ما زلنا ننظر في خير منذ رأيناه؟

فقلت: ذلك رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.

قالت: فدلني عليه.

فانطلقَت معي، وأهدت له شيئاً من إقط ومتاع الأعراب، فكساها وأعطاها، ولا أعلمها إلا وقد أسلمت([53]).

[20-] وحديث معقل بن يسار([54])، عن أبي بكر قال: قال رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((الشِّرك أخفى عليكم من دبيب النمل والذرَّة، ولكن سأدلك على ما يُذهب صغارَ الشرك وكباره، أن تقول عند الصبح: اللَّهُمَّ إنِّي أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك بما([55]) لا أعلم))([56]).

 [في عدم احتياج الأُمَّة لعلوم أبي بكر]

فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: هل يستقيم في المعقول، أو يحتمل في المجهول لرجل يَسُوس أمر أُمَّة محمَّد -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لم يحفظ غير هذه الأحاديث، على أن الأُمَّة تحتاج إلى معرفة ما افترض الله عليها من الصلاة وتحليلها وتحريمها، والقول في ركوعها وسجودها، وقيامها وقعودها، وعلى ما فيها من سهو وغير ذلك وما يجب فيه؟

وإلى معرفة ما افترض الله عليها من الزكاة في أموالها من المال الصامت والحلي؟

وما يجب في الإبل والبقر والغنم، وأصناف الحبوب؟

وما يجب على المسافر فيه، وفي كم يجب القصر؟

وإلى معرفة الحج وطوافه، وسعيه، والقول عند جميع المواقف، ورمي الجمار، والذبح، والحلاق، وما يُقدِّم وما يُؤخِّر، ومن أخر ما تقدم، وجميع علل ذلك؟ وما يجب على صاحبه مما لا يجب؟

وإلى معرفة الطلاق، والإيلاء، والظهار، ومن طلَّق لغير العدة، ومن طلَّق واحدة، ونصف واحدة، وثلث واحدة، وربع واحدة؟ وما يجب في ذلك، وما يجوز منه مما لا يجوز؟

وإلى معرفة المواريث والفرائض والأحكام في الدِّيات، والقصاص، والأرش، والحدود، وغير ذلك؟ وما يجب فيه وما لا يجب؟

فأي هذه الأحاديث بها يعلم حكم جميع ما تحتاج إليه الأُمَّة مما قد وصفنا حتى تستغني به الأُمَّة عمَّن سواه؟! على أن أبا حنيفة، وزفر، وابن أبي ليلى، ومحمَّد بن الحسن، وجميع من قال برأيه، وجميع النقالة للأحاديث ممن ينسب إلى الستة وغيرهم مثل سفيان الثوري، وسعيد القداح، وابن جريح، وعطاء، ومالك، وغيرهم، قد وضعوا من الأحاديث فيما نزل وفيما لم ينزل من الجوامع وغيرها مما لا يحيط به علم، ولا([57]) تشتمل عليه بصيرة بصير.

فإن كان يستقيم في المعقول أن يستحق الخِلافة أقل الناس علماً وأقلهم رواية عن رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- للعلم جاز أن يكون عالم حديث واحد أحسن استحقاقاً للخِلافة من عالم حديثين، وعالم حديثين أحق من عالم ثلاثة، وعالم ثلاثة أحق من عالم أربعة، وهذا مما لا تحتمله العقول..

غير أن الذي تشهد عليه العقول وتستقيم عليه الأذهان عند جميع الخلق موافقهم ومخالفهم: أن عالم مائة حديث أحق وأولى بالخِلافة من عالم عشرة أحاديث، وعالم ألف حديث أحق وأولى من عالم مائة حديث، وعالم العلم كله حلاله وحرامه، وعلم ما يحتاج إليه الخلق مما قد نزل وما هو نازل تشهد له الأُمَّة بأنه كان يدَّعي ذلك أحق وأولى بالخلافة؛ لأن هذا لا تنكره القلوب؛ لأن الأمَّة نقلت عن النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ، وسُئِل من يَؤُم القوم إذا اجتمعوا؟

فقال:((أقرأهم لكتاب الله)).

قال: فإن كانوا في القراءة سواء؟ ((فأفقههم في الدين)).

قال: فإن كانوا في الفقه سواء؟

قال:((فأعلمهم بالسُّنة)).

قال: فإن كانوا في [السنَّة]([58]) سواء؟ ((فأقدمهم هجرة)) ([59]).

[مسألة حول حديث : ((أرأفُ أمتي بأمتي أبوبكر))...]

(مسألةٌ) فإن قالوا: فإن النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ قال:((أرأف أمَّتي بأمَّتي أبو بكر، وأقوى أمَّتي على أمَّتي عمر، وأقضاهم عليٌّ، وأفرضهم زيدٌ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل([60])، ومن أحب أن يقرأ القرآن غضاً جديداً فليقرأه بقراءة [ابن أم عبد])) ([61]).

(الجواب) فقل للخوارج وغيرهم: نحن نجد الأُمَّة تحتاج إلى القضاء وإلى الفرائض، وإلى معرفة الحلال والحرام، والقرآن، وهذا جميع الدين.

فهي تحتاج إلى علي [عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ]([62])في القضاء، وإلى زيد في الفرائض، وإلى معاذ في الحلال والحرام، وإلى [ابن أم عبد]([63]) في القرآن، ولا نجد الأمَّة تحتاج إلى أبي بكر ولا عمر في شيءٍ من أمور الدين أكثر من الرأفة والقوة، وهما أقل شيء عائدة على الخلق.

فأخبرونا عن حاجة الخلق إليهما في دين الله ما هو؟! فإن الذي ذكرنا لا غِنى بالخلق عنه.

فإن قالوا: فإن زيداً أولى بالخلافة من علي؛ لأن الخلق يحتاجون إليه للفرائض، وفيها مواريثهم.

ومعاذ أولى بالخلافة من علي؛ لأن الخلق يحتاجون إليه لمعرفة الحلال والحرام، وفي معرفتهما طلب ثواب الله [تعالى]([64])، والخوف لعقاب الله([65]).

[وابن أم عبد]([66]) أولى بالخلافة من علي لمعرفة القرآن؛ لأن فيه الأمر والنهي، وما يحتاج الخلق إليه؟!.

فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: هذان رجلان([67]) قد سقطا عن الخلافة لغنى الخلق عنهما بإقراركم، وحاجة الخلق إلى هؤلاء [للذي فيهم]([68])، ونحن مناظروكم فيهم وفي علي بن أبي طالب ليعلم [أيهم] أولى بالخلافة..

قد أقررتم أن النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ قال:((أقضاكم علي)) ([69])، ولا اختلاف بين الأُمَّة أن القاضي لا يكون قاضياً إلاّ وهو عالم بالحلال والحرام، فمتى اختلف اثنان في حلال وَحَرام قَضَى بينهما في تلك الفريضة.

ولا يكون قاضياً إلاّ وهو حافظ لكتاب الله، فمتى اختلف اثنان في شيءٍ من كتاب الله قضى بينهما في ذلك، فإن لم يكن عالماً بهذا كله وإلا فبماذا([70]) يقضي؟!

وقد نراه انتظم هذه الأشياء وشرَّكهم فيها ولم يشرِّكوه في القضاء؛ لأن القاضي هو الحاكم.

وقد أمر الله الخلق أن ينقادوا إلى الحاكم الذي قد جمع له هذه الأشياء وهو قوله تبارك وتعالى:{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء/65] .

وقال:{[فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ]([71]) بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ}[المائدة/48] ، و{بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}[النساء/105] ، وقال:{أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}[يونس/35] ؛ فأخبر الله تبارك وتعالى أنهم لا يؤمنون حتى يُحكِّموا رسوله فيما شجر بينهم.

ثم قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء/59] ؛ فأخبر أن طاعة ولي الأمر طاعة رسوله، وطاعة رسوله طاعة الله، والحاكم الله ورسوله وولي الأمر، يقول الله عَزَّ وَجَلَّ:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء/59] .

[الجواب على من قال: إن الشيعة كفَّرت أصحاب رسول الله(ص)]

وزعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم: إن الشيعة كفَّرت أصحاب رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ.

وزعموا أنهم عصوا الله ورسوله إذ أمرهم بولاية علي فلم يطيعوه.

وزعموا أنه لو أمرهم لأطاعوه وما عصوه؛ لأنهم معصومون ، ولا يقع عليهم الخطأ ولا العصيان لما قد أنزل الله فيهم.

فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: ما الذي أنكرتم من قول من قال: إن المهاجرين والأنصار أخطؤوا وعصوا ولم ينكروا قول الله تبارك وتعالى في أنبيائه ورسله، فأخبر بخطئهم وعصيانهم في كتابه المنزل على نبيه المرسل؛ منهم صفوة الله من خلقه؛ خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسكنه جَنَّته، وأسجد له ملائكته، أمره ألا يقرب الشجرة فعصاه فأخرجه من جواره، ونوَّه به بعصيانه [لربِّ العالمين]([72]) إياه فقال فيه:{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}[طه/121] .

فآدم عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ خير من المهاجرين والأنصار، مع أنه تبارك وتعالى قد أخبر بعصيانهم لربِّ العالمين؛ إذ يقول:{[وَلَقَدْ]([73]) صَدَقَكُمْ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ }[آل عمران/152]  ولم يقل:(وأطعتم).

فإن أنكرتم هذا فحوِّلُوه من المصاحف وصيِّرُوه (وأطعتم).

ثم أخبر بعد العصيان فقال:{مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران/152]  - إلى [قوله]:{مَا لاَ يُبْدُونَ لَكَ}[آل عمران/154] ؛ فأخبر تبارك وتعالى بعصيانهم وتوليهم عن رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وبأنهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية، وأنهم يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لرسول الله.

فقل للخوارج: هل وبَّخ الله تبارك وتعالى آدم إذ عصاه [بمثل ما]([74]) وبَّخ فيه القوم إذ عصوا رسوله؟.

فإذا كانوا قد عصوا رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ في حياته فكيف يُؤمن منهم العصيان بعد وفاته؟!.

فإن قالوا: لا يجوز عليهم الخطأ ببيعتهم؛ لأن فيمن بايعه - زعموا - أخيار أصحاب رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-؛ منهم: سلمان الفارسي وكان يقرأ التوراة والإنجيل والقرآن وينتظر خروج النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.

ومنهم([75]): أبو ذر الغفاري الذي قال فيه رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق عند الله من أبي ذر))([76]).

ومنهم: عمَّار بن ياسر الذي قال فيه رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((خليلي في الله عمَّار بن ياسر))، و((ربّ ذي طمرين لا يُوْبَهَ له لو أقسم على الله لأبر قسمه)).

ومنهم: أبو عبيدة بن الجراح الذي قال فيه رسول الله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ:((أبو عبيدة أمين هذه الأُمَّة))([77]).

ومنهم: طلحة بن عبيد الله، والزبير. ولم يذكروا لهما فضيلة لعلَّة بينهم، ونحن مجيبوهم على هذا إن شاء الله تعالى.

(الجواب): فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: ما حجتهم على من خالفهم فقال: أخطأ القوم جميعاً؛ إذ ولَّوا رجلاً لم يأمنه رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- على أن يبلّغ عنه سورة من كتاب الله يقرأها على الناس يوم الحج الأكبر حتى أرسل خلفه علي بن أبي طالب فأخذها منه([78])، وتركوا أبا عبيدة بن الجرَّاح الذي - زعموا - أن رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أنه قال:((أبو عبيدة أمين هذه الأُمَّة))؟!

فما عذرهم عند الله عَزَّ وَجَلَّ إذ تركوا الأمين واستخلفوا غير الأمين؟

وما حجتهم على من خالفهم فقال: أخطأ القوم إذ تركوا رجلاً كان يقرأ القرآن والتوراة والإنجيل والزبور، وولوا رجلاً لم يكن يقرأ القرآن، ولم يحفظه، ولم يؤلفه إلاَّ من أفواه الرجال وشهادة الشهود؟

وما حجتهم على من خالفهم فقال: أخطأ القوم إذ ولَّوا رجلاً قال:(وليتكم ولست بخيركم) أنه يقول بما لم يعلم، وتركوا أبا ذر الذي قال فيه النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ:((ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق عند الله من أبي ذر))؟

وما حجتهم على من خالفهم فقال: أخطأ القوم إذ ولَّوا رجلاً كان يدعو إلى بيعة من كانت بيعته فلتة وقى الله المسلمين شرها، وتركوا عمَّار بن ياسر الذي قال فيه رسول الله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ:((موعدكم آل ياسر الجَنَّة))([79])، و((مالهم ولعمَّار يدعوهم إلى الجَنَّة ويدعونه إلى النار([80])، قاتله وسالبه في النار))([81]

فمن أضعف حجة، أو أسخف رأيا، وأبين خطأ من قوم يحتجون ببيعة هؤلاء لرجل ليس له من الفضائل ما لهم، ولا يعدُّوا له من المناقب ما لهم؟! [مع]([82]) معرفتهم ومعرفة الخلق ممن يفهم الحديث أن هؤلاء الذين احتجت بهم الخوارج أنهم كانوا شيعة علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خاصة دون الخلق، والقائمين بحجته، والدَّاعين إلى بيعته وقت بيعة أبي بكر، وبعد ذلك.

وأنهم كانوا معه في منزله يوم بيعة أبي بكر حين([83]) كرهوا البيعة وسألوه الخروج عليهم، حتى خرج الزبير بسيفه وكره إلاَّ بَيْعَة علي حتى كُسِر سيفه.

وأمَّا سلمان الفارسي فلم يبايع فوجئت عنقه، وكان من قوله:(كرداد وتكرداد) أي علمتم ولم تعملوا([84]).

[الوصية في أحاديث الصَّحابة وكلام يدل على أن سلمان وأبا ذر وعمار بن ياسر من شيعة علي (ع)]

وروى في ذلك المخالف لنا ولكم من العامة عن أبي إسماعيل الكوفي عن زاذان([85]) عن سلمان الفارسي أنه قال في خطبته بعد أن حمد الله وأثنى عليه:

(أمَّا بعد): أيُّها الناس؛ فإنِّي قد أوتيت علماً، ولو أنِّي أخبركم بكل ما أعلم لقالت طائفة منكم: مجنون. وقالت طائفة أخرى: رحم الله قاتل سلمان. ألا وإن لكم منايا تتبعها بلايا، ألا وإن عند علي بن أبي طالب علم المنايا والبلايا، وفصل الخطاب، وهو على سُنَّة هارون بن عمران حين قال له رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ:((أنت خليفتي ووصيي في أهلي([86])، وأنت مني كهارون من موسَى)).

إنما وَاللهِ لو ولّيتموها عليّاً لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم فابشروا بالبلاء، واقنطوا من الرخاء، فقد نابذتكم على سواء، وانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم من الولاء.

أما والله لو أعلم أنِّي أدفع ضيماً أو أعز لله ديناً لوضعت سيفي على عنقي ثم ضربت به قُدماً)([87]) مع كلام له كثير في خطبته.

وأمَّا أبو ذر فلم يزل يدعو إلى بيعة علي قبل بيعة أبي بكر وبعدها، ويذكر فضائل علي وأفاعيل القوم فيذمها حتى أعقبه ذلك أنه نفي إلى ربذة على صعبة من الإبل بغير وطأ حتى قرحَتا إليتاه فمات فيها رَحِمَهُ الله([88]).

وكان من قوله ما رواه أبو خراسَان محمَّد بن عبد الله بن عيسى قال: حدثنا أحمد بن زيد عن أبيه عن زيد بن السكن - وهؤلاء المخالفون لنا ولكم - يرفع الحديث قال:

رأيت أبا ذر الغفاري محتبساً بحلقة باب الكعبة وهو يقول: أيُّها الناس؛ من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة، أنا أبو ذر الغِفاري، سمعت رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وهو يقول:((أيُّها الناس؛ لو صمتم حتى تكونوا كالأوتار، وصليتم حتى تكونوا كالحنايا، ولقيتم الله بغير ولاية علي بن أبي طالب لكبكم الله في النار على وجوهكم))([89]).

وأمَّا عمَّار بن ياسر فلم يزل يدعو إلى بيعة علي بن أبي طالب، ولم يزل معه في حروبه حتى قُتل في عسكره داعياً إلى نصرته مع قول رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((عمَّار يدور مع الحق حيثما دار))، و((ما لهم ولعمَّار يدعوهم إلى الجَنَّة ويدعونه إلى النار، قاتِلُه وسالِبُه في النار)).

فأخبر عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أن عمَّار بن ياسر يدعو إلى الجَنَّة، وكان داعياً إلى علي، ولم يقل أحد من الأُمَّة إن عمَّاراً دعا إلى غير علي.

فكيف يجوز على هؤلاء النفر خيار أصحاب رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ مجتمع عليهم بالفضل لم يطعن عليهم أحد من الأمَّة بشيءٍ من ثلاث وسبعين فرقة؟!.

وأمَّا أبو عبيدة بن الجراح فإنَّا قد أوضحنا عليه من العلَّة في وسط كتابنا هذا ما فيه الكفاية لمن عقل.

[زَعْم الخوارج أن العباس أقرب لرسول الله (ص) من علي فهو أولى بالإمامة]

وزعمت الخوارج أن العبَّاس أقرب برسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ من علي، وهو أولى بالإمامة؛ لأن العَمَّ - زعموا - أقرب من ابن العم.

فَلعَمْرِي: إن العباس لأَقرب رحماً، فإذا كان الأمر عندهم كذلك فَلِم قدموا أبا بكر على العباس إذ كان عندهم أولى وأقرب من علي، غير أن علي بن أبي طالب أولى بالخلافة من العباس بما سنوضحه إن شاء الله تعالى.

فسل الخوارج ومن قال بمقالتهم: ما حجتهم على من خالفهم واحتج أن الأمَّة أجمعت أن عليّاً أول من آمن بالله ورسوله، ولم يشرك بالله طرفة عين، وأنه كان مع رسول الله، ويذب بسيفه دونه، والعباس في ذلك الوقت مشرك بالله لم يسلم إلا بعد الهجرة، واحتج بقول الله تبارك وتعالى أن عليّاً أولى برسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ من العباس؛ وذلك قول الله تبارك وتعالى:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ}[الأحزاب/6] ؟

فالمؤمن المهاجر أولى برسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ من المؤمن غير المهاجر.

فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: هل نسخ هذه الآية من كتاب الله شيءٌ؟ أم هل تقدرون على تغييرها؟!.

[عمر أفضل من أبي بكر على مقالة الخوارج والعامة]

مع أن الأمر عند الخوارج وعند العامة أن أبا بكر أفضل من عمر، وأن عمر أفضل من العباس، فنظرنا في روايتهم فإذا عمر أفضل من أبي بكر؛ لأنهم رووا أن أبا بكر قال: إن له شيطاناً يعتريه.

ورووا أن النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ قال:((إن الشيطان يفرّ من حسن عمر))([90]).

فالذي يفرّ الشيطان من حسنه أفضل ممَّن يعتريه الشيطان، فعمر كان أولى بالخلافة.

[عمر يتقرب إلى الله عَزَّ وَجَلَّ بالعبَّاس ويستسقي به]

ووجدنا عمر - الفاضل عندهم الذي هو أفضل من العباس - قد تقرب إلى الله عَزَّ وَجَلَّ بالعبَّاس المفضول، فاستسقى به الغيث، وذلك أن عمر عام الرمادة قُحِطَ الناس من الغيث فتقرب إلى الله عَزَّ وَجَلَّ بالعباس إذ أخذه بيده وقدمه بين يديه شافعاً إلى الله عَزَّ وَجَلَّ فقال:(اللَّهُمَّ إنا نتقرب إليك بعم نبينا)، فأسقاهم الله.

فينبغي أن تقدموا الفاضل للخلافة، ومن هاهنا ضلّت الخوارج ومن قال بمقالتهم.

[علي الصدِّيق الأكبر]

وأمَّا قولهم: إن النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ إختص أبا بكر وعمر باسمين لم يختص غيرهما بمثلهما، سمَّا أبا بكر:(صديقاً)، وعمر:(فاروقاً)، وقال الله تعالى في أبي بكر:{ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة/40] ، وأن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أمره بالصلاة.

وقال في عمر:((اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب)) .

وأفضل من هذا كله فيما زعموا أنهما ضجيعا رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ قُبرا في قبر واحد، وأنه أمر بسد الأبواب وترك باب أبي بكر.

[تفسير قوله تعالى:{أُوْلَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ}]

الجواب: أما قولهم: إنه سمَّاه (صِدِّيقاً)؛ فما حجتهم على من خالفهم فقال: ليس لأبي بكر في هذا الاسم فضل على أحد من المؤمنين؛ لأن الله يقول في كتابه:{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ}[الحديد/19] . فكل من آمن بالله ورسوله فهو صِدِّيق؛ مع أن لعلي بن أبي طالب في هذا الاسم ما ليس لغيره قول النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ:((علي الصِدِّيق الأكبر، والفاروق الذي يفرق به بين الحق والباطل))([91]) ولم يقل هذا في غيره، رواه أبو ذر الغفاري.

[تفسير قوله تعالى:{ثَانِيَ اثْنَيْنِ..} الآية، ومعنى الصحبة]

وأما قولهم: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة/40] ؛ فما حجتهم على من خالفهم فقال: ليس من جماعة تنسب إلى رجل بالكون معه إلا قيل فلان ثاني اثنين، وثالث ثلاثة، ورابع أربعة، وخامس خمسة ما كان العدد.

وقد قال الله تبارك وتعالى:{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ..}[المجادلة/7]  الآية([92])، فالله تبارك وتعالى مع الكافر والمؤمن لا يخلو منه أحد.

وأما تسمية النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إيَّاه صاحباً؛ فما حجتهم على من خالفهم فقال: قد تكون الصحبة للكافر والمؤمن([93]) واحتج بقول الله تبارك وتعالى:{قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ}[الكهف/37] ، فسمى المؤمن صاحباً للكافر، ونسبه إليه.

وقد كان في أصحاب رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ منافقون، وقد سمَّاهم النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أصحاباً؛ منهم: عبد الله بن أبي بن سلول صاحب الإفك، وقد كان بعض أصحاب رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أشار عليه أن يقتله فكره ذلك عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ وقال:((أخاف أن يقول الناس: إنّ محمَّداً يقتل أصحابه))([94]).

وأما قوله:{لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة/40] ؛ فقل لهم: إن كان النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ هو الذي حزن فنهاه أبو بكر عن الحزن فما كان ينبغي لأبي بكر أن ينهى النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ عن شيءٍ فعله؛ لأنه أعلم من أبي بكر بما فعل، وهو الآمر والناهي لأبي بكر وغيره.

وإن كان أبو بكر هو الذي حزن فما الذي أحزنه وهو مع النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وهو يعلم أن الله وملائكته معهما؟!

فما نهاه رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إلا عن معصية، فقد كان ينبغي له أن يتأسَّى برسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-؛ مع أن آخر الآية تدل على ذم أبي بكر، قوله تبارك وتعالى:{فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا}[التوبة/40]  يريد بذلك نبيه عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ، ولم يقل: فأنزل الله سكينته عليهما كما سماهما {اثْنَيْنِ} فيجعلهما شريكين في السكينة كما أشرك بينهما في الاسمين، وكما أشرك بين المؤمنين في السكينة مع رسوله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ وأشركهم في السكينة مع رسوله، وأفرد رسوله بالسكينة في الغار، ولم يسم معه أحداً.

وقد علمت الأُمَّة أن علي بن أبي طالب ثبت معه بحُنين ولم يزل عنه، وأنه شريك في السكينة والنفر الذين وقفوا معه.

[حديث سد الأبواب]

وأما قولهم: إن النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- سدَّ أبواب أصحابه وفتح باب أبي بكر. فهذه دعوى منهم، ومن ادعى دعوى بلا برهان ولا دليل لم يجز ذلك له، ولو كان ذلك لما خفِي على الأُمَّة باب أبي بكر في المسجد.

فما حجتهم على من خالفهم فاحتج بالحديث المشهور عن سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر أن النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قال:((سدوا هذه الأبواب الشارعة إلا باب علي)).

فعُوتب النبي في ذلك فقال:((ما أنا سددت أبوابكم وفتحت بابه؛ ولكن الله أمرني بذلك))([95])، يدل ذلك على أن لعليٍّ معه منزلاً في المسجد.

ورواية حزام بن سعيد عن معاذ بن جابر بن عبد الله أن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ دخل المسجد وفي يده عسيب رطب فقال:((أخرجوا من المسجد لا تناموا فيه))، وطفق يضربهم بذلك العسيب، فأجفل الناس وأجفل معهم علي عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ، فقال له النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ:((أما أنت يا علي فقد أحل الله لك ما أحل لي)).

ورواية أبي ميمون من جهة علي بن الحسين وهو ممَّن لا يطعن عليه أحد من الخوارج ولا من غيرهم خاصة دون أهل بيت محمَّد عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أنه قال: سألني عيسى الهلالي فقال: أخبرني عن الأبواب هل سمعت من أبيك فيها شيئاً؟

فقال: حدثني الحسين بن علي عن علي قال: أخذ رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ بيدي فقال:((إن موسَى سأل ربَّه أن يُطّهِّر مسجده لهارون وذريته، وسألت ربِّي أن يطهر مسجدي لك ولذريتك من بعدي))([96]).

ثم أرسل رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ إلى أبي بكر أن سد بابك؛ فاسترجع، ثم قال: هل فعل ذلك بأحد قبلي؟

قال: ((لا)).

قال: سمعاً وطاعة.

ثم أرسل إلى عمر أن سد بابك، فقال: هل فعل هذا بأحد قبلي؟

قال:((نعم)).

فقال: لي بأبي بكر أسوة. فسد بابه.

ثم أرسل إلى العباس أن سد بابك. فغضب غضباً شديداً ثم قال: إرجع فقل: أليس عم الرجل صنو أبيه؟

فقال:((بلى؛ ولكن سد بابك)).

فلما سمعت فاطمة عليها السلام سد الأبواب خرجت فجلست على بابها تنتظر متى يؤمر بسد باب علي.

فرأى فاطمة والحسن والحسين معها، فقال: [فخرجت]([97]) وبسطت ذراعيها مثل الأسد وأخرجت جرويها.

قال: وخاض الناس في سد أبوابهم وفَتْح باب علي، فلما سمع النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ بذلك صعد المنبر، فحمد الله فأثنى عليه ثم قال:((ما الذي خضتم فيه؟! ما أنا الذي سددت أبوابكم وفتحت باب علي؛ ولكن الله سد أبوابكم وفتح باب علي))([98]).

وحديث إبراهيم بن أبي يحيى عن جعفر عن أبيه أن النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أمر بسد الأبواب التي في المسجد إلا باب علي بن أبي طالب.

وعنه أيضاً عن إسحاق، عن علي بن عباد، عن ابن عمر قال: أُخرجنا من المسجد إلاَّ النبي وعلي بن أبي طالب([99]).

[دفن أبي بكر وعمر إلى جنب النبيّ (ص)]

وأمَّا قول الخوارج ومن قال بمقالتهم: إن أبا بكر وعمر ضجيعا رسول الله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وأنهم قُبِرُوا في قبر واحد.

فإن كان رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أوصَى إليهما أو إلى غيرهما أن يُقبرا معه في قبره فلعَمْرِي إنها لفضيلة، فمن الموصَى إليه بذلك حتى نعرفه؟!.

وقد زعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم: أنه صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لم يوص إلى أحد، [وإن كانا أمرا بذلك]([100]) من غير رأيه فما كان ذلك لهما ولا لغيرهما؛ لأن الله جل ثناؤه يقول في كتابه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ}[الأحزاب/53] ، وحرمته بعد وفاته كحرمته في حياته صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً.

[شجاعته عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ ورفعه لراية الإسلام]

وأمَّا قولهم: إن عمر أعز به الإسلام. فما حجتهم على من خالفهم في إنكار ذلك وقال:

إنه لم يكن في بيت عزّ، ولم يكن له منعة في عشيرة، ولا شجاعة في بلد، فبأي وجه عُزَّ به الإسلام؟!

أو ما حجتهم على من احتج عليهم فقال: قد حصر المشركون رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- في الشِّعب بمكَّة، ومعه بنوا هاشم مؤمنهم وكافرهم، ومعهم عمر بن الخطاب، فلم يُعزُّوا به، ولم يدفع عنهم ضيماً، ولم يشدوا به عضداً؟

وما حجتهم على من خالفهم فقال: إن النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ صده المشركون عن دخول مكَّة، وصدوا هَدْيه وهو معكوف أن يبلغ مَحِلَّه ومعه عمر، فما باله لم يعزّهم ويمنعهم حتى يدخلوا مكَّة ومبلغ هَدْيَ النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ مَحِلَّه؟.

وما حجتهم على من خالفهم واحتج عليهم بقول الله تبارك وتعالى:{وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ}[آل عمران/123]  حين دعاه سعيد بن العاص للمبارزة فلم يبرز إليه، فَلِم لم يُعزّ به الإسلام؟!

[حديث: الرَّاية]

وما حجتهم على من خالفهم فقال: إن عمر انهزم براية رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يوم خيبر حين ردها منكوسة؛ حتى قال رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((لأعطين الرَّاية غداً رجلاً كراراً غير فرار يحبُّ الله ورسوله، ويحبُّه الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه))([101]).

فوجَّه بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ ففتح الله على يديه، وأعزّ به نبيه والإسلام.

فما بال عمر بن الخطاب لم يبلغ الكتاب والراية حتى يُعزّ به الإسلام؟!

وما حجتهم على من خالفهم فقال: إن ضرار بن الخطاب الفهري لحق عمر بن الخطاب وهو منهزم في بعض غزوات النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُُ فجعل ينقب رأسه بالرمح وهو يقول:(من أنت! فإنِّي [آليت]([102]) ألاَّ أقتل قُرشياً؟)([103]).

فقال: أنا عمر بن الخطاب.

فقال:(أُشكرها لي).

فَلِم لم يثبت حتى يعزّ به الإسلام؟!.

أو ما حجتهم على من خالفهم فقال: إن عمرو بن عبد ودٍّ طفر الخندق بفرسه، وهو بطل المشركين، فجعل ينادي للبراز عمر بن الخطاب وغيره من أصحاب رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، فجعل عمر يلوذ برسول الله من عمرو بن عبد ودٍّ حتى برز إليه أمير المؤمنين فقتله.

فَلِم لم يبرز إليه عمر بن الخطاب حتى يُعزّ به الإسلام؟.

أو ما حجتهم على من خالفهم فقال: إن رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بعث إلى ذات السلاسل أبا بكر فانهزم، ثم بعث عمر فانهزم، ثم بعث عمرو بن العاص فانهزم، فأنَّبَهم([104]) رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بانهزامهم، ثم بعث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ففتح الله على يديه.

فما بال عمر لم يفعل فِعل عليٍّ بذات السلاسل حتى يُعز به الإسلام؟!.

[حديث: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي]

فإن كان الإسلام إنما يعزّ بكل من انهزم فينبغي أن يذل بكل من هَزَم!!، ولكن قل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: بماذا يدافعون أفاعيل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ ومناقبه ومبارزته للأقران، وكشف الكرب عن رسول الله، وعن المهاجرين والأنصار؛ التي لا يجحدها أحد من الأُمَّة بالرواية المأثورة القائمة؟

من ذلك نداء جبريل عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ يوم أحد؛ [إذ قال]([105]):(يا محمَّد؛ من هذا الذي يضرب بين يديك قدماً، فقد أعجب ضربه ملائكة السماء؟

فقال:((يا جبريل؛ هذا علي بن أبي طالب)).

فعَرَج جبريل إلى السماء وهو يقول:(لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي)([106]).

وفي رواية أخرى في غير هذا الحديث في يوم أحُد وقد انهزم الخلق غير علي يضرب بين يدي رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قُدماً، والعباس آخذ بلجام بغلة النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ، وعلي لا يمر بكتيبة من كتائب المشركين إلا فلَّها، فقال جبريل: يا محمَّد؛ من هذا؟

فقال:((هذا علي بن أبي طالب)).

فقال: يا محمَّد؛ هكذا المواساة.

فقال:((يا جبريل؛ هذا مني وأنا منه)).

فقال جبريل عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ:(وأنا منكما يا محمَّد)([107]). فلذلك كان يقال: جبريل هاشمي الملائكة.

فإن قالت الخوارج وغيرهم: هذا حديث باطل، كيف يسأل جبريلُ محمداً:(مَن هذا)، وجبريل بعليٍّ أعرف، فكيف يجهله جبريل؟!

فقل لهم: لم يجهله؛ (بل) هو به عارف، وله غير منكر؛ ولكن أحب أن يُشهره ويُنوِّه باسمه، ويُعلم الخلق بفضله؛ كقوله تعالى لموسى([108]) بن عمران عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ:{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى}[طه/17] ، وهو تبارك وتعالى بها أعلم.

فقال موسى عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ:{قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}[طه/18] .

وإن أحق من يُعزَّ به الإسلام من افتتح خيبر واقتلع بابها فرمى به خلفه أربعين ذراعاً، وكان لا يفتحه إلا أربعون رجلاً.

وأحق من يعز به الإسلام من فَرَّج عن النبي - صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - وعن أصحابه من عمرو بن عبد ود حين جاز الخندق وجعل ينادي بعمر وأصحابه من أصحاب النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ للمبارزة ورسول الله يقول:((من يكفيني عمرو بن عبد ود([109]) أكفيه حر يوم القيامة؟))، فكفاه الله أمره بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ.

وأحق من يعز به الإسلام من قتل عُتبة وشيبة ابني ربيعة، والوليد ومرحباً، ويأسر أبطال المشركين، وصناديد قريش، وقد أحجم عنهم عمر وغير عمر من أصحاب رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-([110]).

وأحق من يعز به الإسلام من له من المناقب والفضائل من لو قسمت بين أمَّة محمَّد - صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - لأوحلتهم([111]).

[سبب امتناع الإمام علي عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ عن جهاد الخلفاء الثلاثة]

وزعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم: أن عليّاً كان أشجع من أبي بكر وعمر، وأعز عشيرة، فما منعه أن يجاهدهم كما جاهد طلحة والزبير ومعاوية؟!.

فقل للخوارج (ومن قال بمقالتهم([112])): إن القوم اضطروا إلى أمير المؤمنين بعد عثمان؛ إذ لم يجدوا غيره، وهم الذين طلبوه ولم يطلبهم.

فلما بايعوه ونكثوا عليه لم يسعه إلا جهاد من عَصَاه بمن أطاعه، ولم يكن أحد أطاعه يوم بيعة أبي بكر، فمن يجاهد العاصي إذا لم يجد مطيعاً([113])؟!

فإن قالوا: يجاهد بنفسه حتى يكون ذلك له عُذراً.

فقل لهم: ما بال رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لم يجاهد المشركين بنفسه حتى يكون ذلك له عذراً؟ وَلِمْ هرب إلى الغار وقد كان أشجع من علي قلباً وأقوى بدناً؟!

فإن قالوا: لأن الله أمره بذلك، حتى يجد من ينصره ويؤويه([114]).

فقل لهم: وكذلك أمير المؤمنين أمره رسول الله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ألا يجاهد بنفسه حتى يجد من ينصره ويؤويه.

فإن قالوا: لو قام ودعا إلى نفسه يومئذٍِ لما عدل الناس به أبا بكر؛ لأنه إنما كان في بيت منعة وعِزٍّ في بني هاشم، وأبو بكر في بيت قلة وذلِةَّ في بني تِيم.

فقل لهم: قد احتججنا عليكم بالحجج القاطعة والبراهين النيرة بدعاء النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ إليه في حياته.

ولسنا نقايسكم بهاشم وعزها، ولا تيم وذلها؛ ولكن انظروا في الإحَن والضغائن التي كانت في صدور القوم على علي بن أبي طالب عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ أن امرَأَةً أمرها رسول الله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بلزوم([115]) بيتها وتَقِرَّ فيه، ولا تبرج تبرج الجاهلية الأولى، وضرب رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ عليها حجاباً، فخرجت على علي تقاتله، وخرج معها من الخلق ما لا يحصيه إلا الله عَزَّ وَجَلَّ من قريش وغير قريش ممَّن وتره أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ، وممَّن لم يتره، فضربوا وجهه بالسيف، وقتلوا أصحابه، ومنعوا النصرة بأمر هذه وهي امرأة، فكيف لو رام أمير المؤمنين ذلك من أبيها أبي بكر؟!.

[ضغائن الناس لأمير المؤمنين (ع)]

فكيف ظن الخوارج كانوا صانعين بعليٍّ على تلك الإحن والضغائن التي كانت في صدورهم؟

فإن قالوا: لم تكن بينهم إحن ولا ضغائن.

* فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: فأين الرواية المشهورة التي نقلها أهل العلم أن النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ ومعه علي بن أبي طالب بحديقة من نخل، ومعه غيره، فقال علي: يا رسول الله؛ ما أحسن هذه الحَدِيْقَة.

فقال:((يا أبا الحسن؛ حَدِيْقَتُكَ في الجنَّة أحسن منها)).

ثم مَرَّ بأخرى فقال: يا رسول الله؛ ما أحسن هذه الحَدِيْقَة.

فقال:((يا أبا الحسن؛ حَدِيْقَتُكَ في الجنَّة أحسن منها)).

ثم مَرَّ بأخرى فقال له النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ مثل ذلك حتى مَرَّ بسبع حدائق، كل ذلك يقول له علي مثل ذلك، فيقول له النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ مثل ذلك.

ثم بكى رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فقال له علي: ما يبكيك يا رسول الله؟

فقال:((ضغائن لك في صدور رجال من أُمَّتِي لن يبدوها لك حتى يفقدوني))([116]).

* فقل للخوارج: أليس قد بدت تلك الضغائن لعلي بعد رسول الله عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ في غير موطن، ولقد جهرت به قريش ونساؤهم؟

من ذلك قول فاطمة بنت عتبة إذ خطبها علي بن أبي طالب فردته وتزوجت عقيلاً([117]) فقال علي لعثمان: ألا تعجب من قول فاطمة - أي خطبتها - فردتني وتزوجت عقيلاً؟!

فعاتبها عثمان في ذلك، وكان بينها وبينه دُر.

فقالت: إن عليّاً قتل الأحبَّة يوم بدر.

* ومما حفظ أهل العلم من المخالف لنا ولكم الحديث الذي يرفع إلى عبد الله بن عباس - وهو عندكم ممَّن طعن على علي يوم هرب بجباية البصرة إلى الطائف - عن عائشة عند وفاة النبي صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ؛ إذ ذكروا أنه أمر أبا بكر بالصلاة، أن عائشة قالت:

أقبل رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عاصباً رأسه يخط الأرض برجليه يتهادى بين أُسامة بن زيد، والفضل بن العباس، ورجل آخر كرهت عائشة أن تسميه.

فقيل لعبد الله بن العباس: من الرجل الذي كرهت عائشة أن تسميه؟

قال: هو علي بن أبي طالب.

فقيل له: وما الذي منعها أن تسميه؟!

قال: إن نفسها لم تطب له بخير([118]).

* ومما روى أهل العلم المخالفون لنا ولكم: أن عبد الله بن عمر بن الخطاب أتى الحجاج بن يوسف ليلاً فَدَقَّ عليه بابه، فلما دخل قال: أبسط يدك أبايعك عن عبد الملك بن مروان؛ فإنِّي سمعت رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ يقول:((من مات ليلته وهو لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية))([119]).

فلما بايعه وخرج من عنده قال الحجاج: العجب من عبد الله بن عمر!! [إنه]([120]) بالأمس يقول لعلي بن أبي طالب:(أقلني بيعتي فإني حمل رداح لا غدوّ له ولا رواح).

فأقاله بيعته، وأتاني يبايعني عن عبد الملك بن مروان!.

فكتب الحجاج بذلك إلى عبد الملك بن مروان، فأمر له بعشرة آلاف.

* ومما حفظه الخوارج وغيرهم ورواه أيضاً عن عبد الله بن عباس حين أرسله أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ بعد وقعة الجمل إلى عائشة وهي نازلة في دار عبد الله بن خلف الخزاعي بالبصرة يأمرها بالخروج إلى المدينة فقالت: أفعل والله أخرج، [والله! أما والله]([121]) ما في الأرض أبغض إليَّ من بلدة أنتم فيها معاشر بني هاشم.

فقال لها عبد الله بن عباس: أما والله ما تلك بديَّا عندك؛ لقد سمّينا أباك:(صِدِّيقاً) واسمه: عتيق بن أبي قحافة.

وجعلناك للمسلمين أُمًّا، وأنتِ ابنة أمِّ رومان.

فقالت: أتمنّون عليَّ برسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ؟!

فقال: [إي]([122]) والله! إنِّي لأمُنُّ عليك بمن لو كان منك لمننتِ به عليَّ.

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

تم الجزء الثاني [من الكامل المنير]([123])

 [وَصَلَّىَ اللهُ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَّ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرًا]


 

الجزءُ الثَّالِثُ مِن كتاب الكامل المنير([124])

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

[جملة من قتلهم الإمام علي عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ ببدر، وأُحد، والخندق]

(ومما رواه المخالفون لنا ولكم([125])): أن عمر بن الخطاب قال يوم الشورى لبني هاشم: إن تُطَعْ قَوْمُكم فيكم لن تَلوا هذا الأمر أبداً.

وقول عثمان لعليٍّ [عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ]([126]):(ما ذنبي إن كانت قريش لا تحبكم، وقد قتلتَ منهم ثمانين كأنهم شنوف الذهب (تشرب([127])) أنوفهم قبل شفاههم)، وليس علي القاتل لأولئك.

وقد علمت الأُمَّة أن أبا سفيان لم يزل يكيد رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام، وأن معاوية لم يزل يكيد([128]) عليّاً، وأن يزيد بن معاوية لم يزل يكيد([129]) الحسين بن علي عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ، فهؤلاء أضداد [متعادون]([130]) الآباء للآباء، والأبناء للأبناء.

ولقد تَلَهَّفَ يزيد بن معاوية على قتل مَنْ قتل علي بن أبي طالب من بني أُميَّة يوم أُحُد، ويوم بدر مثل: عتبة وشيبة ابني ربيعة، والوليد بن عتبة وغيرهم، فأورثتهم تلك الضغائن من بني أُميَّة أبناؤهم وفي سائر قريش، فما زال يطلب يزيد بتلك الأوتار، ويرجو إدراكها من رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-؛ حتى أوقع بِحرم رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام، وبأهل الحرَّة ما أوقع، ولم ينكر ذلك عليه أحد من قريش ولا غيرها؛ حتى تمثل في ذلك بشعر ابن الزبعرى بعد أن قتل الحسين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ وثمانية عشر من أهل بيته فقال - عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين - متمثلاً مفتخراً بذلك:

ليت أشياخي ببدر شهدوا

 

جزع الخزرج من وقع الأسل

 

يوم حلت بفناء بركها

 

واستحر القتل من عبد الأشل([131])

 

لأهلّوا واستهلّوا فرحاً

 

ثم قالوا يا يزيد لا شلل

 

لست من خُندف إن لم أنتقم

 

من بني أحمد ما كان فعل([132])

 

فأخبر - عدو الله وابن عدوه، وابن ابن عدوه - أنه قد أدرك ثأره من رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- في ولده وأهل بيته بقتل من قتله علي بن أبي طالب عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ من بني أُميَّة ببدر وأحُد، (و([133]))لم ينكر ذلك على يزيد أحدٌ من الأُمَّة؛ لا من قريش، ولا من غيرها.

ولقد لقيت نساء بني أُميَّة ومواليهم وشيعَتهم علي بن الحسين رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (وأتباعه([134])) وبناتِ رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-؛ إذ حُملوا إلى الشام كالسبي المجلوب على محامل بلا وطأ، وبنوا أُميَّة مسرورون فرحون يؤذون حرم رسول الله، ويقولون: الحمد لله الذي فعل بكم هذا قصاصاً كما فعل بالمظلوم عثمان بن عفان.

فلم ينكر عليهم أحد من الأُمَّة ولا على يزيد شيئاً من ذلك؛ لأنه ليس أحدٌ من قريش إلا وقد وتَرَه أمير المؤمنين بأخٍ، أو ابن عمٍّ، أو قريب، بين يدي رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-؛ أو ليس هو القائل لمن أُسَمِّي للخوارج ولغيرهم في كتابي هذا من صناديد قريش خاصَّة ليكون للخوارج ولغيرهم دليلاً على أن تلك الضغائن لا تزول، وتلك الأحقاد لا تحول؟!

قَتَل سعيد بن العاص، الحائد عنه عمر بن الخطاب وهو يدعو إلى البراز، وهو من بني أُميَّة.

ومن بني أسد: نوفل بن خويلد، وربيعة بن الأسود، والحارث بن الأسود.

ومن بني عبد الدَّار: طُعمة بن عدي، والنضر بن الحارث، وطُعمة بن الحارث.

ومن بني تيم بن مُرَّة: عمير بن عثمان بن عمرو، وهو ابن عم أبي بكر.

ومن بني مخزوم: أبا قيس بن الفاكه بن المغيرة، ومسعود بن أبي أُميَّة، وأبا قيس بن الوليد بن المغيرة، وحذيفة بن أبي حذيفة بن المغيرة.

ومن بني عائذ بن عبد الله المخزومي: أبا المنذر بن رفاعة، وعبد الله بن المنذر بن رفاعة، والحاجب بن السائب.

وأبا العاص بن قيس بن عدي - من بني جمح - ونَيبة ومنَبِّه ابني الحجاج، والعاص بن أُميَّة.

ومن بني عامر بن لؤي: سعيد بن وهب.

ومن بني أُميَّة: معاوية بن المغيرة، والعاص بن أبي ديار وابن عم أبيه.

(وقتل يوم أحُد) من بني شيبة: طلحة بن أبي طلحة - كبش القوم -.

(ويوم الخندق): عمرو بن عبد ود، المشهور.

(ويوم بدر): عُتبة وشيبة ابني ربيعة جَدَّي معاوية.

ومن بني أُميَّة بن عبد العُزَّى: عبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث.

ومن بني مخزوم: هاشم بن أُميَّة بن مغيرة، وأُميَّة بن أبي حذيفة بن المغيرة، والوليد بن العاص بن هاشم بن المغيرة.

ومن بني عامر بن لؤي: السائب بن مالك، وشعبة بن مالك.

ومن ثقيف: الحكم بن أبي الحكم، والأخنس.

(ويوم الفتح) من بني قصي: الحارث بن سعيد؛ الذي أمر رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أن يُقتل ولو وجد متعلقاً بأستار الكعبة.

وكان قتلى بدر سبعين رجلاً، قتل منهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ أربعين رجلاً، هذا من قريش خاصَّة سوى من قتل من سائر الخلق، فَعُوْدِي أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ فيهم وأورثته([135]) تلك القتلى التي قتل في طاعة الله عَزَّ وَجَلَّ وطاعة رسوله ضغائن وأحقاداً (في([136])) صدورهم لعلي عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ وعلى ولده، لا تُحل ولا تُبرأ؛ فلهذا كرهت قريش ولاية علي بن أبي طالب عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ.

[إحتجاجه عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ بفضائله يوم الشورى بالقرآن والسنة]

 زعمت الخوارج أن عليّاً دخل في الشورى، وأنهم اختاروا عثمان دون علي، وأن عليّاً بايع عثمان ورضي به.

فقل للخوارج: إن كان الأمر على ما ذكرتم فَلِم خلعتم عثمان وقتلتموه، وطرحتموه على المزبلة، فأقام ثلاثة أيام مطروحاً لم يُقبر، يأتي إليه الصبيان فيضربون بطنه وهم يقولون:

أبا عمرو أبا عمرو

 

رماك   الله  بالجمرِ

 

فما تصنع بالمالِ

 

إذا  أُدلِيت([137]) في القبرِ

 

 هذا بعد أن أقام محصوراً أربعين ليلة يستغيث بعلي وبمعاوية وبالخوارج وغيرهم، لم يغثه أحد.

وزعمت الخوارج: أن عليّاً دخل في الشورى وكان أحدهم راضياً بذلك، فصيَّرُوا أمرهم إلى عثمان بن عفان.

فليس للخوارج ولا لمن قال بمقالتهم في دخول علي في الشورى حُجَّة؛ (بل) الحُجَّة كانت لعليٍّ رَحْمَةُ اْللهِ عليه بما قد احتج به على أصحاب الشورى([138])، وبما نحن محتجون به، لا يدفعه إلا جاهل ومعاند؛ إذ لم تكن الشورى فرضاً من الله عَزَّ وَجَلَّ، ولا سنَّة من النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-؛ وإنما دخل عليٌّ معهم ليحتج عليهم ويذكِّرهم حقَّه الَّذي أنزل الله عَزَّ وَجَلَّ فيه من الآيات الواضحات، التي لا يدعيها أحدٌ غيره، ولم يدعها أحدٌ لنفسه.

 [فمن]([139]) ذلك: قول الله تبارك وتعالى:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ [وَالَّذِينَ آمَنُوا]..}([140])[المائدة/55]  الآية؛ لا اختلاف([141]) بين الأُمَّة أنها نزلت في علي [عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ]([142])، ولم يدّعها أحد غيره([143]).

وقوله تبارك تعالى:{[فَقُلْ]([144]) تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}[آل عمران/61] ؛ لا اختلاف بين الأُمَّة أنها نزلت في علي، وفاطمة، والحسن، والحسين([145])، لا يقدر أحد من الخلق (أن([146])) يدعيها لنفسه ولا لغيره غيرهم صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِم وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ.

وقوله:{إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}[الرعد/7]  نزلت في علي لا يدعيها أحد من الخلق غيره([147]).

وقوله في سورة {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}[الإنسان/1]  في عليٍّ حين أطعم المسكين، واليتيم، والأسير([148])؛ فحكى الله عن ضميره ما لم يتفوَّه به:{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}[الإنسان/9-10] .

فأخبر تبارك وتعالى بما وقاهم وبما أعدّ لهم من الجَنَّة، والحَرِيْر والسُنْدُس، والإِسْتَبْرَق، وحلي الذَّهَب والفِضَّة ما لم يعدده لأحد من أهل الجنة غيرهم([149])، ولا حكى تبارك وتعالى في القرآن لنبي ولا لصديق ولا لشهيد أنه أعدّ له في الجَنَّة مثل ما أعدّ لعليٍّ عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ.

(والقوارير([150])): ليس في جميع القرآن ذِكر قوارير إلاَّ ما ذُكِر لعليّ([151])، فإن كان في الجنَّة نعت أحسن من نعت ما أعد لعليّ فليأتوا به، وهذا ما لا يدعيه أحد غيره.

وأشياء كثيرة لا يحصيها إلا الله تعالى؛ مع ما جاء فيه من الأحاديث عن رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- المجمع([152]) عليها، مثل: غدير خم، وحديث الطائر([153])، وحديث الكهف([154])، وحديث ليلة الجن، وحديث المرقاة، وغير ذلك.

[حديث المناشدة]

يدل عليه ما رواه محمد بن سليمان البصري قال: حدثنا يحيى بن صالح الحريري، قال: حدثنا الهيثم بن واقد، عن يعقوب بن إبراهيم([155])، عن أبي الجارود([156]) - وهؤلاء المخالفون لنا ولكم - عن عامر بن الطفيل([157]) وغيره، قال: كنا على الباب يوم الشورى([158])؛ فسمعنا علي بن أبي طالب يقول: بايع الناس أبا بكر وأنا والله كنت أولى بها منه، وأحق بذلك. إن بيعتي في رقابكم جاءت عن الله وعن رسوله فنقضتم العهد والميثاق، والله بيني وبينكم.

ثم بايع الناس عمر وأنا والله كنت أولى وأحق بذلك.

ثم تريدون أن تبايعوا لعثمان؟! فالله بيني وبينكم يوم القيامة.

ثم قال: والله لأحتجنَّ علكيم بحجج لا يستطيع معاهدٌ منكم، ولا مشرك، ولا مصلِّ أن يرد حُجَّة منها.

ثم قال: ناشدتكم بالله أيها الخمسة([159]) وأنتم أيها الناس؛ أتعلمون أن فيكم من وحَّد الله قبلي؟

قالوا: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من صلَّى القبلتين غيري([160]

قالوا: اللَّهُمَّ لا.

قال: أفيكم من اتخذه رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أخاً لنفسه حين قال:((أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي))([161]

قالوا: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من له عم كعمي حمزة أسد الله وأسد رسوله وسيد الشهداء، الذي غسلته الملائكة؟

قالوا: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من له أخ مثل أخي جعفر له جناحان من جوهر يطير بهما مع الملائكة([162]

قالوا: اللَّهُمَّ لا.

قال: أفيكم من له زوجة مثل زوجتي فاطمة سيدة نساء العالمين([163]

قالوا: اللَّهُمَّ لا.

قال: أفيكم من له سبطان مثل سبطي: الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجَنَّة([164]

قالوا: اللَّهُمَّ لا.

[قال: أفيكم من يجري له سهمان([165]) غيري؟

قالوا: اللهمَّ لا]([166]).

قال: أفيكم من قدَّم بين يدي نجواه صدقة غيري([167]

قالوا: اللَّهُمَّ لا.

قال: أفيكم من كان أعظم عناءً برسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يقيه بنفسه غيري حين اضطجعت في مضجعه، وبذلت مُهجة نفسي([168]) فأنزل الله {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}[البقرة/207]  غيري؟

قالوا: اللَّهُمَّ لا.

قال: أفيكم من كان أقتل لصناديد العرب عند كل شدة تنزل برسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام مني؟

قالوا: اللَّهُمَّ لا.

قال: أفيكم من قتل يوم بدر ستة رجال في المبارزة غيري؟

قالوا: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من ثبت مع رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام يوم أحد حين انهزمتم غيري؛ فأنزل الله في كتابه ما أنزل حين عاتبكم بالذي كان من انهزامكم عن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ، وسمَّاني صابراً، وسمَّاني شاكراً؟

فقالوا: اللَّهُمَّ لا.

قال: أفيكم من قال جبريل يومئذٍ:(يا محمَّد؛ لقد تعجبت الملائكة من مواساة هذا الرجل لك منذ اليوم بنفسه). فقال رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام:((إنَّه مني وأنا منه)). قال جبريل:(وأنا منكما)([169]) [غيري؟([170])]

قالوا: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من قال له رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ مثل الذي قال لي يوم بعثني إلى ذات السلاسل حين بعث إليهم أبا بكر فانهزم، ثم بعث عمر فانهزم، ثم بعث عمرو بن العاص فانهزم، فقال رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((لأبعثنَّ إليهم رجلاً طاعته كطاعتي، ومعصيته كمعصيتي، لا ينهزم كما انهزمتم حتى يفتح الله على يديه إن شاء الله))([171]

قالو: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من قتل مرحباً اليهودي، وأسر أخاه، غيري؟

قالوا: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من أُمر رسول الله أن يباهل به غيري، وغير زوجتي، وابني([172]

قالوا: اللَّهُمَّ لا.

قال: أفيكم من ترك بابه في المسجد عن أمر الله غيري([173]

قالوا: اللَّهُمَّ لا.

قال: أفيكم من أحل له في مسجد الرسول ما أُحل لي غيري([174]

قالوا: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من سَمَّاه الله في كتابه مؤمناً، وسمى عدوه وهو [الوليد بن] عُقبة بن أبي معيط فاسقاً([175])، غيري؟

قالوا: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من قال جبريل لرسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ بأمر الله:(لا يؤدِّي عنك سورة براءة إلا رجل هو منك وأنت منه). قال النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ:((فمن يا جبريل ذلك؟)) قال:(علي بن أبي طالب). فدفعها إليَّ رسول الله وأمرني بردّ أبي بكر([176]

قالوا: اللَّهُمَّ لا.

قال: أفيكم من قال له رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((هذا سيّد العرب))([177]) غيري؟

قالوا: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من كان بايعه جبريل غيري([178]

قالوا: اللَّهُمَّ لا.

قال: أفيكم من قال له النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((هذا أقدمكم سلماً، وأعلمكم علماً، وأقرأكم لكتاب الله))([179]) غيري؟

قالوا: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من كلّمته الجن حين سرحنا رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أنا، وأبا بكر، وعمر، وعثمان، إلى وادي الجن؛ فبدأ أبو بكر فسلم عليهم وكلّمهم فلم يجيبوه، ثم كلّمهم عمر فلم يجيبوه، ثم كلّمهم عثمان فلم يجيبوه، ثم قال القوم:(إنَّا لا نجيب إلا نبياً([180]) أو وصي نبي). فسلمتُ عليهم، فردوا السلام وقالوا:(تكلّم بما شئت نجبك عليه). فأجابوني على كل شيءٍ أمرني به رسول الله عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ، غيري؟

قالوا: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من أغمض رسول الله [-صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-]([181]) غيري؟

قالوا: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من غسَّل رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وحنَّطه، وكفَّنه([182])، غيري؟

قالوا: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من كان أقرب عهد برسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- حين وضعه في قبره([183]) غيري؟

قالوا: اللهمَّ لا.

ثم قال: الله بيني وبينكم.

ثم قال: أفيكم مَنْ إذا قاتل قاتل جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله([184]) غيري؟

قالوا: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من قال الله عَزَّ وَجَلَّ:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}([185])[المائدة/55]  غيري([186]

قالوا: اللهمَّ لا.

قال: أفيكم من قال له رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ يوم الغدير عن أمر الله ما قال لكم:((أيُّها الناس؛ من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، اللَّهُمَّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأعزّ من أعزه))([187])، وقال:(( هذا وليكم من بعدي))([188])، غيري؟

قالوا: اللهمَّ لا.

ثم قال: أناشدك الله يا عثمان، وأنت يا طلحة، وأنت يا زبير، وأنت يا عبد الرَّحمن، أما كنتم عشرة رجال عند رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وأبو بكر، وعمر، وأنتم أيُّها الأربعة، وسلمان الفارسي، والمقداد، ويزيد بن الحصيب الأسلمي، فقال رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ لأبي بكر:((قم يا أبا بكر فسلم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب))([189]).

فقال أبو بكر: أمن الله ومن رسوله؟

قال:((نعم)).

فقال لعمر، فقال مثل مقالة أبي بكر: أمن الله ومن رسوله؟

قال النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ:((نعم)).

ثم قال لك يا عثمان فقلتَ مثل ما قالا، ثم قال لجميعكم فلم تقولوا مثل ما قالوا؛ (بل) سلمتم ورضيتم؟

قالوا: اللَّهُمَّ نعم؛ قد كان ذلك جميع ما قلت، لا يُنكر ولا يُجحد.

فسل الخوارج ومن قال بمقالتهم: بماذا تدافعون هذه الحجج؟!.

أمَا كان حُجَّة أصحاب الشورى على أمير المؤمنين يومئذٍ!؟

[الجواب على من قال : إن الشورى فرض من الله تعالى]

[فإن قالوا]([190]): إن الشورى فرض من الله تبارك وتعالى لقوله:{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}[الشورى/38] ؟

فقل لهم: ما حجتهم على من خالفهم فقال: إنما نزلت في الخلق عامة تأديباً لهم لا فرضاً عليهم، واحتج بقول الله تبارك وتعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ}[البقرة/277] ، {[وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ] وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}[الشورى/38]  فكل من كان على هذه الشريطة - إذا آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، وأنفق ممَّا رزقه الله - فأمرهم شورى بينهم بالتأديب لا بالفرض، ولو كانت فرضاً لازماً ما جاز لأحدٍ من الأمَّة أن يبتاع ولا يبيع بدانق حتى يشاور الأمَّة جميعاً، وهذا ما لا يكون.

فإن قالوا: هذا في الخلافة.

فقل لهم: فلِم لم يسند رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أمر الخلافة إلى ستة نفر حتى يختاروا منهم رجلاً - إن كان فرضاً - كما أسند عمر أمر الخلافة إلى ستة نفر، ولم يسند أبو بكر أيضاً إلى ستة نفر - إن كان فرضاً -؟!

أم كيف أصاب عمر الفرض ولم يصبه رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام، ولم يصبه أبو بكر؟!

ولكن زعموا: أن عمر أنكره أن يتقلد أمر الأُمَّة بعد وفاته خِيفة أن يحكم بجور فيجري عليه إثم ذلك الجور؛ فصيرها إلى ستة نفر ليتشاوروا في ذلك فدخل فيما كره من حيث علم، وجهلته العامَّة، فافهم من ذلك بما سنوضحه إن شاء الله تعالى من الحجة لنا في قوله [تعالى]:{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}[الشورى/38] .

إنا نقول: إنما قال:{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}[الشورى/38] ؟ ولم يقل:(أمري شورى بينهم)، ولا:(أمر ديني شورى بينهم)، ولا:(فرضي شورى بينهم)، فافهم هذا إن شاء الله تعالى.

[حديث المؤاخاة]

رجع الكلام إلى قولنا: فيما سنوضحه إن شاء الله تعالى.

الجواب في ذلك:

قد علمت الأُمَّة أن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ آخا بين أصحابه فاختار بعضهم لبعض على قدر فضائلهم، وسوابقهم، ومنازلهم.

فآخا بين أبي بكر وعمر، وبين طلحة والزبير، وبين عبد الرَّحمن بن عوف وعثمان بن عفّان، وبين سعد بن أبي وقّاص ومعاذ بن جبل، وآخا بين نفسه صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ وبين علي بن أبي طالب([191])؛ إذ لم يكن له كفواً في جميع الأرض غيره، ولا نظير له فيهم غيره، وكان كل واحد منهم برًّا بأخيه، مصفياً له هواه، مائلاً إليه بودِّه، ولا يؤثر عليه غيره.

فكان النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام أبر الخلق بأخيه، لا يتقدمه عنده أحد في ثقته، وبره إيَّاه، وإفضائه بأسراره إليه أولى الخلق بذلك صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ؛ حتى إذا حضرته الوفاة أوصى إليه بقضاء دينه، وإنفاذ عدَّته، وغسله وحنوطه وكفنه، دون الأُمَّة كلها، لا يختلف في ذلك أحد.

فقام علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بهذا كله دون الخلق مع ما عهد إليه وإلى الأُمَّة فيه من الولاء في غدير خُمٍّ.

[اشتغال علي (ع) بجهاز رسول الله (ص)]

فلما توفي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- اشتغل علي بجهاز أخيه، واشتغل أبو بكر وعمر بطلب مقام علي من رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ، فدعا كل واحد منهما الناس إلى بيعة أخيه كما دعا رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إلى بيعة عليٍّ أخيه، فلم يُطَعْ إذ دعا إليها، وأُطِيْع عمر إذ دعا إلى بيعة أخيه أبي بكر، فقام أبو بكر مقام عليٍّ، وكان طلب الخلافة عندهما أولى من جهاز رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، ومواراته في قبره صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، والحزن عليه، وعظم المصيبة([192]).

فلما حضرت أبا بكر الوفاة دعا الناس إلى بيعة عمر أخيه، ورد الأمر إليه، وكذلك قال أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ يوم بيعة أبي بكر لعمر حين قال عمر لعليٍّ: أيُّها الرجل لست بمتروك أو تبايع.

فكان من قول علي لعمر: احلب حلباً لك شطره، أشدد له الأمر اليوم ليرده عليك غداً.

فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: أليس قد حلب عمر لأبي بكر ورد عليه أبو بكر فقام عمر مقام أخيه بالخلافة.

فلما حضرته الوفاة نظر إلى من بقي من الأخوة الذين آخا بينهم رسول الله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ممَّن يصلح للخلافة عندهم، فإذا عثمان بن عفّان وعبد الرَّحمن بن عوف أخوان، وإذا طلحة والزبير أخوان، وإذا علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقّاص ليس واحد منهما لصاحبه بأخ.

فعلم عمر أن كل واحد من هؤلاء الأربعة؛ كل واحد منهم يدعو إلى أخيه ولا يؤثر عليه أحد.

وعلم أن عبد الرَّحمن بن عوف وسعد بن وقاص ابنا عم، زهريان، كل واحد منهما صِهر لصاحبه مع الأخوة.

فأمر الخمسة واحد من جهة الأخوة والقرابة والصهورة، وبقي على بن أبي طالب عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ ليس له في القوم أخ، ولا صهر، ولا قريب، ولا من يعتضد به، ولا من يدعو إليه؛ غير أن الزبير قد كان دعا إلى علي يوم بيعة أبي بكر فخرج بسيفه وقال: لا أبايع إلا عليّاً.

فصاح عمر: اقتلوا الكلب -يعني الزبير-.

فوثب إليه أسيد بن الحضير([193]) وسلمة بن أسلم فانتزعوا السيف من يده.

فخاف عمر شذوذ الزبير وميله إلى علي لتلك الفعلة، ووثق بهؤلاء الأربعة أنهم لا يدعون إلى علي، ولذلك جعلها عمر شورى.

والدليل على ذلك قوله:(إن اجتمع ثلاثة وثلاثة فالحق في الفرقة التي فيها عبد الرَّحمن بن عوف)، وذلك أنه علم أنه يدعو إلى أخيه عثمان بن عفّان:(إن اتفق أربعة([194]) وخالف اثنان فاضربوا أعناق الاثنين)؛ لأنه علم أن علي بن أبي طالب والزبير سيخالفان، وأن عليّاً سيدعو إلى نفسه ويستجيبه الزبير كما خالفا عليهم يوم بيعة أبي بكر، وإلا فما دليل عمر أن الحق في الفرقة التي فيها عبد الرَّحمن بن عوف؛ إذ لم يكن أمراً من الله ولا من رسوله.

ثم حكم بحكم آخر: أن يصيروا الستة أصحاب الشورى في بيت ويتشاوروا فيه ثلاثة أيام، ولا يدخل عليهم أحد، (فإن مضت ثلاثة أيام ولم يقيموا رجلاً منهم فاضربوا أعناقهم جميعاً).

وصيَّر على ضرب أعناقهم ابنه عبد الله [بن عمر]([195])، واستخلف على الصلاة صهيب الرومي([196])، فكان يصلي بالمهاجرين والأنصار.

فإذا كانت الصلاة - فيما زعموا عندهم - عمود الدين، وهي أفضل الأعمال، وهي دليلهم على أبي بكر؛ إذ زعموا أن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أمره بالصلاة فقد دلَّهم عمر على صهيب إذ أمره بالصلاة، فما كان حاجتهم إلى الشورى، مع أن تصحيح فعال عمر في الشورى وصرفه الخلافة عن علي بن أبي طالب، ومحبَّته أن يصيِّر إلى عثمان بن عفان من جهة عبد الرَّحمن بن عوف، أنهم لما اجتمعوا فاحتج عليهم أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ بما قد ذكرنا فلم يقبلوا من قوله شيئاً، فقال عبد الرَّحمن - وقوله لأصحاب الشورى -:(صيِّروا الأمر في يدي على أنِّي أخرج منها نفسي وأصير الخلافة إلى رجل منكم ترضون به جميعاً، يعمل فيها بكتاب الله وسنة نبيِّه)([197]).

فصيَّروا الأمر إليه على هذه الشريطة، فلم يختلج أحد ممن له عقل ومعرفة أن عبد الرَّحمن بن عوف سيصيرها إلى علي؛ إذ ليس أحد من القوم أعلم بكتاب الله عَزَّ وَجَلَّ، ولا بحلاله ولا بحرامه، ولا سنَّة رسوله منه.

فخلا عبد الرَّحمن بأخيه عثمان فقال له:(أصيِّرُها إليك على أن تعمل فيها([198]) بكتاب الله وسنة نبيه، وتسير فيها سيرة أبي بكر وعمر، وتجعل لي مصر طعمة ما بقيت)([199]).

فأجابه إلى ذلك، واستتر بقوله:(تعمل فيها بكتاب الله وسنَّة رسوله)، فأوضح سيرة أبي بكر وعمر، ولم يرد غير سيرتهما؛ لأنه علم أن علياً لا يسير بسيرتهما.

ثم خلا بسعد فقال له:(أصيِّرُها إليك على أن تحكم فيها بكتاب الله وسنة رسوله، وتسير فيها بسيرة أبي بكر وعمر، وتجعل لي مصر طعمة ما بقيت). فأجابه إلى ذلك.

ثم خلا بطلحة بن عبيد الله فقال له مثل مقالته لصاحبه، فأجابه إلى ذلك.

ثم خلا بالزبير بن العوَّام فقال له مثل مقالته لأصحابه، فأجابه إلى ذلك.

ثم خلا بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَسَلامُهُ فقال:(إنِّي أُصيِّرُها إليك على أن تحكم فيها بكتاب الله وسنة نبيِّه، وتسير فيها بسيرة أبي بكر وعمر، وتجعل لي مصر طعمة ما بقيت).

فقال أمير المؤمنين:(أحكم فيها بكتاب الله وسنة نبيِّه، وأنظر في شرطك في مصر؛ فإن كان يصير لكل رجل من المسلمين مثل مصر صيرت لك مصر وإلا فليس لك عندي إلا ما لأقصَى رجل من المسلمين وأدناهم).

فأعاد عبد الرَّحمن الشروط كلها على القوم فأجابوه بجوابهم الأول ما خلا أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ فلم يجبه إلاَّ إلى ما قد كان قال له.

فجعل يسألهم ثلاث مرات فيجيبوه بقول واحد، ويسأل أمير المؤمنين فيجبه([200]) بجوابه الأوَّل.

ثم قال عبد الرَّحمن لأخيه عثمان:(أبسط يدك أبايعك)، فبسط يده فبايعه.

فسل الخوارج ومن قال بمقالتهم: في أي كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ وسنة نبيِّه عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام كانت الشروط([201]

وهل كانت سيرة أبي بكر وعمر بغير كتاب الله وسنة نبيه؛ إذ أجابه القوم إلى ذلك، وكره أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ؟!.


 

[التحكيم]

وزعمت الخوارج: أن علياً حكَّم في دين الله ولم يكن ذلك له.

وزعموا: أنه حكَّم كافرين: أبا موسَى الأشعري وعمرو بن العاص، وكان الحُكم فيهم القتال، أو الفيء إلى أمر الله.

واحتجوا بقول الله تبارك وتعالى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[الحجرات/9] .

واحتجوا بحكومة ذوي عدل بقتل عصفور قُتل في الحرم، وغير ذلك.

[الجواب في التحكيم]

سل الخوارج عن ذات أنفسهم؛ إذ كانوا في عسكر علي يقاتلون معاوية، وأهل الشام في عسكر معاوية يقاتلون معه، يضرب بعضهم رقاب بعض، أَفِئَة واحدة كانوا مؤتلفين أم مفترقين مختلفين؟

فإن قالوا: بل فئتين مختلفتين، تدَّعي كل واحدة منهما الحق، وتدَّعي كل واحدة منهما أن الأخرى عليها باغية.

فقل لهم: فإن كانوا كذلك فمن أي جهة نقَلت أن عليّاً كافرٌ؛ أمن الموافق لها أم من المخالف؟!

فإن قالوا: بل من الموافق من أصحابهم.

فقل لهم: كيف تُقبل شهادتهم على عليٍّ وهم أعداؤه وخصماؤه؟

فإن كانت تجوز شهادة الخصم على خصمه لم لا تجوز شهادة علي عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ أنهم كُفَّار كما جوَّزُوا شهادتهم على علي أنه كافر؟

وكيف تجوز شهادة أبي لهب - عدو الله - على رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ: أنه ساحر، وشاعر، ومجنون؟!.

فإن قالوا: لا تجوز شهادة العدو على عدوه.

فقل لهم: فكيف تجوز شهادة الخوارج على عليٍّ وهم أعداؤه؟

وإن كان لا تجوز شهادته عليهم ولا شهادتهم عليه دون ناظرٍ في أمره وأمرهم من غيره وغيرهم، وهو الناظر الذي افترض الله عليه الإصلاح بين الفئتين إذا اقتتلتا.

فإن قالوا: لا يجوز دون ناظرٍ بينهما ليعرف الباغي من المبغي عليه.

فقل لهم: أخبرونا عن هذا الناظر الذي ينظر بينكم؛ أليس طاعته طاعة الله، ومعصيته معصية الله؟

فإن قالوا: بلى؛ وقد نظرنا نحن فلم يخف علينا ولا على أحد من الأُمَّة أن معاوية وأصحابه هم الباغون على علي وأصحابه، فلم نجد إلا القتال لمعاوية ولأصحاب علي حتَّى يفيئُوا جميعاً إلى أمر الله.

فقل لهم: ليس النظر إليكم، إنما النظر إلى غيركم فيكم وفي أصحاب معاوية؛ لأنكم فِئَتان اقتتلتم فأَمَرَ الله غيركم بالنظر فيما بينكم لأن يصلح بينكم أو يقاتل الفئة الباغية منكم؛ لأنه المأمور بالإصلاح بينكم، أو القتال لهم، أو لكم، فعليه الأمر والنهي لكم، وعليكم السمع والطاعة له، ليس لكم أن تنازعوه، ولا تُخَطِّئُوه في شيءٍ من أفعاله؛ لأنه هو المسئُول عمَّا أمر به يوم القيامة مطيعاً كان لله أو عاصياً، وأنتم المسئولون عن أمره ونهيه إيَّاكم، ناجين بطاعته، وهالكين بمعصيته؛ إذ كانت - زعمتم - طاعته طاعة الله عَزَّ وَجَلَّ، ومعصيته معصية الله.

فإن قالوا: إن من كانت طاعته طاعة الله، ومعصيته معصية الله لم يقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، ولم يُحكَّم كافرين في دماء المسلمين، ونحن نرى علي بن أبي طالب قد حَكَّم كافرين في دين الله في سفك دماء المتهجدين في الأسحار، القائمين الليل، والصائمين النهار، لم يشهد عليهم أحد من الخلق أنهم سفكوا دماً، ولا استحلوا محرماً، ولم يجحدوا ربًّا، ولم يتركوا صلاةً ولا صياماً.

 [قصة ذي الثدَيَّة بن ذي الخنيصرة التميمي]

فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: أليس تشهدون أن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام طاعته طاعة الله، ومعصيته معصية الله؟

فإن قالوا: بلى.

فقل لهم: فهل يشهد أحد من الخلق([202]) على ذي الثدية بن ذي الخنيصرة التميمي([203]) أنه قتل أحداً على عهد رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، أو استحل محرماً حين أمر النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام بقتله، وذلك أن الأُمَّة نقلت بالأثر المشهور أنهم قالوا:

بينا رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام يُقسِّم الغنائم في مسجده؛ إذ دخل عليه ذو الثُدَيَّة بن ذي الخنيصرة التميمي فقال له: إعدل يا محمَّد!.

قال:((ويْلك! إن أنا لم أعدل فمن يعدل؟)).

ثم دخل المسجد يصلي فدفع عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ إلى أبي بكر سيفاً فقال:((إذهب؛ فاقتل المصلي)).

فذهب أبو بكر فوجده راكعاً يصلي فكره قتله، وتحرَّج من ذلك ورجع إلى النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ فقال: يا رسول الله؛ وجدتُ رجلاً يصلي راكعاً فكرهت أن أقتل مصلياً.

ثم دفع السيف إلى عمر وأمره بمثل ما أمر به أبا بكر، فوجده ساجداً فكره قتله فرجع إلى النبي فقال: يا رسول الله؛ وجدتُ رجلاً ساجداً فكرهت قتله.

ثم دفع السيف إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ وقال:((إذهب؛ فاقتل المصلي، ولا أراك تجده، وأنت قاتله في عصبة يخرجون عليك معه)).

فذهب أمير المؤمنين فلم يجده حتى خرج عليه هو وأصحابه يوم النهروان، وقتله أمير المؤمنين وأصحابه([204]).

فقل للخوارج: فلم لم تنكروا على رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أن يأمر بقتل رجلٍّ يصلي لم يشهد عليه أحد من الأُمَّة أنه قتل نفساً، ولا جحد فرضاً، وأنكرتم على أمير المؤمنين، فقال قوم:(بايعوه). فنكثوا بيعته، وخلعوا طاعته، وفارقوا جماعته، مع إقرارهم بأنه وصيّ رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.

[قصة الصبي المتعبد الذي أمر النبيّ (ص) بقتله]

وقد روي عن أبي أويس قال: حدثنا عبد العزيز بن محمَّد بن أبي عبيد([205]) [الدراوردي]([206]) عن موسى بن عبيد([207]) بن عبد العزيز الزندي عن هود بن عطاء([208])، عن أنس بن مالك قال:

كان صبي وجِدَ متعبداً على عهد رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام يعجبنا شأنه، فذكرنا ذلك للنبي عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام ذات يوم، فقال رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((لا أعرفه)).

فوصفناه فلم يعرفه، فبينا نحن على ذلك إذ طلع فقلنا: هو هذا.

فقال رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ:((إنِّي لأرى رجلاً عليه مقنعة من الشيطان)) .

فأقبل عليه حتى وقف علينا، فقال له النبي [-صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-]([209]):((نشدتك بالله؛ هل قلت حين وقفت علينا: ما في هذا المجلس أحد خير مني؟)).

فقال: نعم.

ثم دخل يصلي، فقال النبي عليه وآله السلام:((من يقتله؟)).

فقال أبو بكر: أنا.

فقام ليقتله، فلما رآه يصلي تركه ورجع، فقال: يا رسول الله؛ نهيتنا عن قتل المصلين فكرهت أن أقتله وهو يصلي.

فقال رسول الله:((من يقتله؟)).

فقال عمر: أنا.

فوجده عمر ساجداً فقال: قد رجع من هو خير مني، وجدته ساجداً فلم أقتله.

فقال رسول الله:((من يقتله؟)).

فقال علي بن أبي طالب: أنا أقتله يا رسول الله.

فقال رسول الله:((أنت إن أدركته)).

فذهب فلم يقدر عليه، ووجده قد خرج.

فقال رسول الله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ:((لو قتل هذا لكان أولهم وآخرهم ما اختلف من أُمَّتِي رجلان))([210]).

[قصة موسى عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ والعبد الصالح]

فإن أنكرت الخوارج هذا الحديث فقل: هل ينكرون ما حكى الله في كتابه المنزل على لسان نبيِّه المرسل عن موسى نبي الله عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ والعبد الصالح الذي قال فيه:{عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا * قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا * قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا * قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْرًا * قَالَ فَإِنْ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا}[الكهف/65-70] .

فلما ركبا في السفينة خرقها العالم؛ فكان خرقها لله رضاً، ولموسى سخطاً، ولأهلها نجاةً.

فقال موسَى:{أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا}[الكهف/71] .

ولا اختلاف عند ذوي العقول وأهل المعرفة أن خرق السفينة دليل على غَرَق أهلها، وعند العالم علم ما لم يطلع عليه ذووا العقول أن ذلك نجاة لأهلها.

فقال العالم لموسَى:{أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا}[الكهف/72] ، فقال موسى:{لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا}[الكهف/73] .

{فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاَمًا}[الكهف/74]  فقتله العالم، فقال موسى:{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا}[الكهف/74] ، فكان قتل العالم [للغلام]([211]) لله رضاً، ولموسَى سخطاً، ولأبويه صلاحاً.

ولا اختلاف بين الأُمَّة أن من قتل نفساً بغير نفس دليل على الإثم الكبير، وعند العالم من العلم ما لم يكن عند موسى.

فقال له العالم:{أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا}[الكهف/75] . فقال:{إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا}[الكهف/76] .

{فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ}[الكهف/77]  فأقامه العالم، فقال له موسَى:{لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا}[الكهف/77] ، فكان إقامة الجدار لله عَزَّ وَجَلَّ رضاً، ولموسى سخطاً، وللغلامين صلاحاً؛ لأن يستخرجا كنزهما من تحته، فقال العالم لموسَى:{هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}[الكهف/78] .

فأخبر العالم موسى بخبر السفينة وأخذ الملك السفن غصباً بأنه خاف عليها.

وبخبر الغلام وما خشي أن يرهق أبويه من الطغيان والكفر، وأن الله جَلَّ ثَنَاؤُهُ أراد أن يبدلهما خيراً منه زكاة وأقرب رحماً.

وبخبر الجدار وبالكنز الذي كان تحته للغلامين حين أقامه؛ لأن يبلغ الغلامان أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربِّك.

ثم اعتذر العالم إليه فقال:{وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي}[الكهف/82]  إنما فعلته عن أمر الله.

وكذلك أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ كان عنده من العلم بقتال أهل النهروان ما لم يكن عند من نقم عليه ذلك، ولم يقتلهم إلا بأمر رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ، ولم يأمر رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عليّاً بقتلهم وقتالهم إلا بأمر الله، فكان قتلهم لله رضاً، ولمن نقم ذلك سخطاً، وللأُمَّة صلاحاً.

[وصيَّة رسول الله (ص) لعليٍّ(ع) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين]

لكن الأُمَّة نقلت أن رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أوصى إلى علي وقال له:((قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين))([212]).

فلم يكن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام ليوصي إلى علي إلا بأمر الله تبارك وتعالى.

ولم يكن الله جَلَّ ثَنَاؤُهُ ليأمر رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أن يوصي إلى عليٍّ وهو يعلم أنه يسفك الدماء التي حرم الله، ولا يُغيِّر، ولا يُبدِّل؛ لأنه ليس من فعل حكيم أن يرسل رسولاً وهو يعلم أن ذلك الرسول يخالف أمره، ولا يكون إلا معصوماً باختياره واستحقاقه، ولا يفعل إلا ما يُؤْمر به؛ لأنه تبارك وتعالى عالم بما الخلق عاملون([213])، وما إليه صائرون.

وكذلك قال -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:{مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ}[الأحقاف/9] ([214]).

فإن زعموا: أن طاعته ليس لله بطاعة، وأن معصيته ليست لله بمعصية؛ وإنما أقاموه ضرورة من جهة التراضي بين المسلمين لا من جهة الفرض من الله؛ كالميتة يحل أكلها لمن اضطر إليها، وكالتيمم من الصعيد مباح لمن لم يجد ماءً.

فسلهم: ماذا يقولون في سفك ما سفكوا من دماء أصحاب معاوية، وأصحاب طلحة، والزبير، وعائشة، وما سفك أصحاب معاوية، وأصحاب طلحة، والزبير، وعائشة، من دماء أصحابهم على ضرورة كان ذلك؟

أم لم يجدوا الذي أمروا به كما لم يجدوا أصحاب الميتة طعاماً حتى اضطروا إلى أكلها والطعام موجود معروف؟!

وكما لم يجد المتيمم ماء في وقت حاجته إليه حتى اضطروا إلى الصعيد، والماء بعد ذلك قائم موجود معروف؟

فنحن نجد الماء والطعام بعد عدمهما في وقت الضرورة موجودين قائمين ليسا بمنقطعين أبداً.

وزعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم: أن الله جَلَّ ثَنَاؤُهُ أمر مصلحاً يصلح بين فِئَتين من المسلمين اقتتلتا طاعة من الله مفروضة وهو عندهم معدوم، وهذا من المحال، وليس من فعل حكيم أن يأمر تبارك وتعالى مصلحاً يصلح بين فِئَتين طاعته طاعة الله، ومعصيته معصية الله، وهو معدوم لا يعرف.

لقد أعظمت الخوارج ومن قال بمقالتهم في هذا الفرية على الله، سبحانه وتعالى عمَّا يقولون علواً كبيراً.

فما عذرهم عند الله في سفك دم من لم يؤمروا بسفك دمه؟

وما حجتهم على من خالفهم من أهل الشام فقال: معاوية كان إماماً من جهة التراضي بين المسلمين لا من جهة الفرض من الله عَزَّ وَجَلَّ، ولكن تراضوا به كما تَرَاضَى أصحاب عليّ بعليّ؟

وما حجتهم على من خالفهم من أهل البصرة فقال: إن طلحة والزبير كانا إمامين من جهة التراضي بين المسلمين كما تراضَى أهل العراق [بعلي]([215])، وكما تراضَى أهل الشام بمعاوية لعنه الله؟

فإذا كان الأمر على هذا سقط الفرض عن الخلق، ومتى سقط الفرض عن الخلق سقط الاستعباد، ووقع التهارج، ولم يكن لقول الله تبارك وتعالى معنى؛ لأنه أمر بمعدوم لا يوجد، وحاشاه تبارك وتعالى عن ذلك.

وما حَاجَةٌ إلى قوله([216])، وما معنى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[الحجرات/9] ؛ إذ أمر تبارك وتعالى مصلحاً يصلح بين فِئَتين من المؤمنين اقتتلتا فلم يدل الخلق على المصلح الذي من أطاعه أطاع الله، ومن عصاه عصا الله([217]).

فإن زعموا أن معاوية وأصحابه هم الباغون، وأن الخوارج هم المبغي عليهم، فمن المأمور بالإصلاح؟

[الجواب على طعن الخوارج في تحكيم علي (ع) أبا موسى الأشعري وعمرو بن العاص]

وما لهم رَضوا ببعث أبي موسَى إذ بعثه علي وأصحابه من قبل التحكيم؟

ولم دخلوا في فِئَة علي وأقاموا في عسكره رضي الله عنه سامعين لأمره مقتصرين على رأيه، يُصَلُّون خلفه، ويقتدون به، حتى فرغ الحَكَمَان من حكومتهما؟ أفلا اعتزلوا قبل ذلك ثم نظروا في أمر معاوية وأمر علي إن كانوا - زعموا - أنهم المأمورون بالإصلاح والقتال؟

فإن كان عليٌّ وأصحابه عندهم هم الباغون قاتلوهم مع معاوية، وإن كان معاوية وأصحابه هم الباغون قاتلوهم مع علي.

فإن قالوا: قد أخطأ وأخطأنا إذ حَكَّم كافرين في دين الله وفي دماء المسلمين: أبا موسَى الأشعري، وعمرو بن العاص، وأخرج الحكم من يده إليهما.

فقل لهم: إن كان من أنصف من نفسه فأخرج الحكم من يده إلى غيره وأمره أن يحكم بما أنزل الله فكان ذلك عندهم خلعاً لنفسه داخل في الكفر تجب البراءة منه، فرسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إِذَنْ خالع لنفسه من النبوءة، خارج من الدين، يوم الذي صيَّر الحكم إلى سعد بن معاذ حين أبت اليهود من بني قريضة أن تنزل على حكمه، وسألت أن تنزل على حكم سعد بن معاذ.

وحين دعا اليهود والنصارى إلى المباهلة فقال:{[فَقُلْ]([218]) تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}[آل عمران/61] .

وحين قال:{فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}[القصص/49] .

فإن كان الحق عند الخوارج على ما فعل النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام من تصيير حكم بني قريضة إلى سعد بن معاذ، والمباهلة للنصارى، وسؤاله كتاباً هو أهدى من كتابه إنصافاً لهم، وإثباتاً للحجة عليهم، وقلة شك منه لما هو فيه، وثقة بما هو عليه، وعلمه أنهم لا يأتون بكتاب هو أهدى من كتابه، فِلَمَ عابت([219]) الخوارج أمير المؤمنين وقد فعل مثل فعل رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام عَلَى أن مع رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ملائكة منزلين([220]) ومردفين([221]) ومسومين([222]) يضربون من أدبر وتولَّى، فأعطاهم [رسول([223])] الله أكثر مما فعل أمير المؤمنين.

فإن قالوا: قد أخطأ وأخطأنا إذ حَكَّم كافرين في دماء المسلمين.

فقل لهم: أخبرونا عن أبي موسى وعمرو متى كفرا أَقَبْل التحكيم أم بعده؟

فإن قالوا: قبل التحكيم.

فقل لهم: فابرؤُا إِذَنْ من رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام إذ ولّى أبا موسَى تهامة، وولى عمرو بن العاص غزوة ذات السلاسل على سرية من المهاجرين والأنصار، فيهم أبو بكر وعمر.

وابرؤا أيضاً من عمر بن الخطاب إذ ولّى أبا موسَى البصرة وهو كافر يحكم في دمائهم، وفروجهم، وأموالهم.

فإن قالوا: إنما كفر بعد الحكومة.

فقل لهم: فما يلزم أمير المؤمنين من كفر أبي موسَى إذ كفر بعد إيمانه، أَمره أن يحكم بما أنزل الله كما أمر الله أهل الكتاب النصارى وغيرهم أن يحكموا بما أنزل الله فيه؛ إذ يقول:{وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّه فِيه} [المائدة/47] ، فأمرهم أن يحكموا وهم كفار، فلو حكموا بالإنجيل لخرجوا من كفرهم.

وكذلك أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ ما ذا عليه إذ أمر أبا موسى أن يحكم بما أنزل الله فلم يفعل؛ مع أن قولهم حَكَّم أبا موسَى وهذه لفظة تغليط؛ لأن بين التحكيم والحكم فرقاً في المعنى واللفظ.

[الفرق بين التحكيم والحكم]

فأمَّا التحيكم: فقول الرجل للرجل:(إحتكم في مالي ما شئت) على أنه لا يرده فيما طلب، وهذا معنى التحكيم.

[وأمَّا الحكم]([224]): فقول الرجل للقاضي:(أحكم بالحق)، فليس للقاضي أن يعدو حكم الله؛ لأنه مؤتمن.

وكذلك([225]) أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ إنما أمر أبا موسى أن يحكم بالائتمان منه على الإيمان.

[الفرق بين الإيمان والائتمان]

فإن قالت الخوارج: ما الفرق بين الإيمان والائتمان، وما المعنى فيهما؟

فقل لهم: أمَّا الإيمان: فمثل الرَّجل يُوَكِّل الرَّجل فيما يثق به، فهو أمينهُ، والعدل عنده في كل ما صنع، راضياً بذلك عليه وله.

وأمَّا الائتمان: فمثل الرجل يأمر (اليهودي والنصراني([226])) فيقول له:(اتق الله وانظر في وجه النظر، واحكم بما حكم الله)، واليهودي والنصراني عنده غير ثقتين ولا أمينين، فمتى حكما بحكم الله خرجا من كفرهما.

[الجواب على الخوارج في تحكيم علي(ع) الحَكمين وهو يعلم أنهما يخلعانه]

وزعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم: أن الشيعة تقول: إن علي بن أبي طالب يعلم الغيب.

ولو كان يعلم الغيب لما حَكَّم الحكمين وهو يعلم أنهما يخلعانه.

وزعموا: أن رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لم يكن يعلم الغيب، واحتجوا بقول الله عَزَّ وَجَلَّ:{وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ}[الأعراف/188] .

وزعموا: أن أحداً لو يعلم([227]) الغيب لعلمته ملائكة الله المقربون([228]).

ولعَمْرِي ما قالت الشيعة ولا أحد من الخلق أن عليّاً يعلم الغيب.

الجواب في ذلك قول الشيعة:

إنَّ لله تبارك وتعالى عِلْمين؛ عِلم لم يُطْلِع عليه ملكاً مقرباً، ولا نبياً مرسلاً.

وعِلم أطلع عليه من شاء من أنبيائه المرسلين.

وقد أعلم تبارك وتعالى من أنبيائه من الغيب ما لم يُعلمه ملائكته.

هذا آدم عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ نبي الله قد علم من الغيب ما لم تعلمه الملائكة، قوله تبارك وتعالى:{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا}[البقرة/31]  وكانت الأسماء ممَّا غَيَّبَ الله علمها عن الملائكة، ثم عرضهم([229]) على الملائكة فقال:{أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}[البقرة/31] ، فتبرؤا من علم الغيب الذي علمه آدم ولم يعلموه، فكان من قولهم:{سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}[البقرة/32] .

قال الله:{يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}[البقرة/33] ، فأعلمهم أن علم آدم من علم الغيب.

وأما قولهم: إن رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لم يكن يعلم الغيب، واحتجوا بقول الله عَزَّ وَجَلَّ:{وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ}[الأعراف/188] .

ففهمت الخوارج هذه الآية وتأويلها على الطعن على محمَّد صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وتركوا ما أكرمه الله به -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- من اطلاعه إيَّاه على غيبه إذ يقول تبارك وتعالى؛ إذ تفرَّد بالغيب واستثنائه نبيّه في كتابه الناطق على لسان نبيِّه الصادق:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا}[الجن/26] ، [ثم استثنى تبارك وتعالى فقال([230])]:{إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا}[الجن/27] .

فسل الخوارج: من هذا المستثنى في علم الغيب: أرسول الله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ؟ أم ذو الثدَيَّة؟.

وسلهم: من قال الله فيه:{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ}[التكوير/20-21]  من هذا المطاع الأمين الذي كانت تطيعه الشجر والوحوش([231]) والهوام ولا يعصيه شيءٌ ممَّا يدل الخلق عليه؟.

[بعض معجزاته صلى الله عليه وآله وسلم]

من ذلك أنه قال للشجرتين حين أراد القعود بينهما:((أقبلا)) فأقبلتا تخطان الأرض خطاً حتى قعد بينهما، ثم قال:((ارجعا)) فرجعتا([232]).

[1- قصة انشقاق القمر]

وقوله [-صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-]([233])للقمر:((هات نصفك))، فسقط نصف القمر في يده حين سأله المشركون ذلك.

وفي رواية أخرى: أنه انشق في السماء نصفين ونزلت فيه السورة:{اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}[القمر/1]  وذلك حين سأله المشركون في ذلك.

[2- قصة أهيان بن الأكوع مع الذئب]

وحديث أهيان([234]) بن الأكوع الرَّاعي إذ أتاه ذئبٌ فاحتمل شاة من غنمه، فقال أهيان: يا عجباه! ذئب احتمل شاة أكبر منه؟

فقال الذئب: أعجب والله من ذلك: أن محمَّداً رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ ببطن مَكَّة بين أظهركم يدعوكم إلى الله فلا تجيبونه.

فقال أهيان بن الأكوع: وأعجب من ذلك كله كلامه.

فكان بينهما كلام كثير إلى أن قال له أهيان: والله لو كنتُ أجد من يرعى لي غنمي ويضمنها لي لخرجت إليه.

فقال له الذئب: أنا أضمنها لك.

فضمنها إيَّاه وخرج أهيان، فلما رآه رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- مقبلاً قال:((هذا أخوكم أهيان كان من شأنه وشأن الذئب كذا وكذا، وقد استودع الذئب غنمه)) فأخبره بقصته، فقال له النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ:((ارجع إلى غنمك فإن الذئب يرعاها لك))، فرجع وقد أسلم([235]).

وزعمت الخوارج: أن رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لا يعلم الغيب، فمن أعلم رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بهذا الغيب؟.

[3- قصة بعير يشكو صاحبه بين يدي رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-]

ويوم سار ببعير معقول فلما نظر إليه البعير خرَّ بين يديه فقال رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((من صاحب هذا البعير؟))

فقال رجل من القوم: أنا يا رسول الله.

فقال:((ما أعددت لخصومته؟ زعم أنك عقلته منذ اليوم لم تطعمه شيئاً، ولم تحله يطلب على نفسه؟)).

[4- قصة الذراع المسموم]

وقصة الذراع الذي وضع له المشركون فيه السّم، وكان يعجبه الذراع، فلما مد يده إليه أنطق الله الذراع فقال: يا رسول الله؛ لا تأكلني فإنِّي مسموم([236]).

[5- الرسول يُعلم عمَّه العبّاس أن لديه مالاً أعطاه أم الفضل]

وقوله لعمِّه العبّاس ببدر يوم أُسِر؛ إذ طلب منه أن يفتدي نفسه، فقال: ليس عندي ما أفتدي به نفسي.

قال:(( بلى؛ من المال الذي أعطيته أم الفضل)).

فقال العباس: والله ما اطلع على ذلك غيري وغيرها. فأسلم العباس([237]).

[6- المرأة اليهودية وبيعها سلمان الفارسي من رسول الله (ص)]

وحديث المرأة اليهودية التي كرهت أن تبيع سلمان الفارسي إلى رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ إلا بأربعمائة نخلة موقرة مُطعمة، فأمر النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ عليّاً أن يأتيه بأربعمائة نواة، فأتاه بها، فجعل رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يأخذ النواة فيبلها بريقه، ثم يغرسها في الأرض، ثم يأخذ الأخرى فلا يغرسها حتى تطِلع الأولى بقنوانها موقرة ما بين صفراء وحمراء، صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَرَحِمَ وَكَرَّمَ، حتى أتى على آخرها فدفعها إلى الإمرأة ثمناً لسلمان.

[7- إخباره (ص) بما كان قبله وبما يكون بعده من الأعاجيب والفتن]

ومثل إخباره بما كان قبله من الأُمم الماضية، وبما يكون بعده من الأعاجيب والفتن التي قد شاهد الخلق بعضها ممَّا قد كان وممَّا سيكون، مثل قوله للزبير:((لتقاتلنه وأنت له ظالم-يعني عليًّا-)).

ـ ولعائشة:((لَتُقَاتِلِنه وأنت له ظالمة)).

ـ وبفتنة عثمان وقتله، وقتل الحسين عليه أفضل السلام.

ـ وظهور بني أُميَّة وملكهم رجلاً رجلاً، وكم يملك كل واحد منهم، وما يكون في زمانه، ومما تكون منيَّته.

ـ [وبملوك بني العبَّاس رجلاً رجلاً، وبملك كل رجل منهم، وبما يكون في زمانه ، ومما تكون منيَّته]([238]).

ـ وبفتنة الدَّجَّال، وخروج السفياني، ومن يلحقهما، وفي أي وقت يخرجان.

ـ وكان يقول -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لأصحابه:((سووا صفوفكم فإنِّي أراكم من خلفي كما أرى قبلتي أمامي)).

ـ وقوله عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام:((من زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي))، فكل زائر يزوره من الخلق بعد وفاته فهو يعرفه باسمه واسم أبيه، وفي أي بلد هو لا تنكر الأُمَّة هذا، وأنه يشهد له يوم القيامة.

ـ فإن أنكرت الخوارج ذلك فلم لم تنكر الحديث المشهور الذي نقلته الأُمَّة من أهل العلم: أن الله تبارك وتعالى أخذ مواثيق العباد فصيرها في الركن ليحتج به على الخلق يوم القيامة على أنه حجر لا يسمع، ولا يبصر، ولا ينطق، فليس من أحد يطوف بالبيت إلا وهو يستلم الركن، أو يقوم بحذائه إن لم يقدر على استلامه فيشير إليه ويقول:(اللَّهُمَّ أمانتي أدّيتها، وميثاقي تعاهدته، ليشهد لي بالموافاة).

ولا اختلاف بين الأُمّة أنه يؤتَى بالركن يوم القيامة فيُقعد على منبر من نور فينطق بلسان ذلق، فيشهد لجميع من وافاه من الخلق منذ أنزله الله عَزَّ وَجَلَّ إلى البيت إلى يوم القيامة، يعرّفهم بأسمائهم وأنسابهم([239])، هذا على أنه حجر لا يسمع، ولا يبصر، ولا ينطق، ورسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ حُجَّة الله على خلقه، والشاهد على الأولين والآخرين يوم القيامة، يدل على ذلك قوله عَزَّ وَجَلَّ:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا}[النساء/41] .

وقوله:{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب/45-56] ؛ فهو الشاهد على الخلق، والمطلّع على أعمالهم حيّاً وميِّتاً صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ، يدل على ذلك قوله عَزَّ وَجَلَّ:{وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}[التوبة/105]  هذا في الدنيا.

ثم قال:{وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[التوبة/105]  هذا في الآخرة.

فإن قالوا: قد نرى الله قد استثنى مع رسوله على الإطلاع على أعمال العباد المؤمنين، فَمَن هؤلاء المؤمنون الذين استثناهم الله؟

فقل لهم: أولئك حُجَج الله وأوصياء رسوله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ؛ لأن الله عَزَّ وَجَلَّ قد احتج بهم على خلقه خلفاء من بعد النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- واحداً بعد واحدٍ، فلذلك سمَّاهم فقال:{وَالْمُؤْمِنُونَ}.

فإن أنكروا ذلك على الأوصياء خاصة، وقالوا: هي في المؤمنين عامَّة.

فقل لهم: فليقصدوا لنا رجلاً([240]) منهم أو من غيرهم ممَّن لا يشكّون في إيمانه ليخبر رجلاً منا أو من غيرنا من عمله الذي يعمل في منزله في ليل أو نهار، أو سر أو علانية، حتى نعلم أنه من أهل هذه الآية الذي يطلعون مع الله ومع رسوله على أعمال العباد إن كانوا صادقين.

فإن قالوا: لسنا ننكرها عن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ وعلم ما أطلعه الله عليه؛ إذ كان حُجَّة الله على خلقه، ولكن ننكر قولكم إن علي بن أبي طالب يعلم الغيب، وإنكم إنما تأولتم فيه، وقلتم فيه ما ليس فيه ولا له، ولم يدّعه لنفسه.

قلنا لهم: أمَّا نحن فلم ندع أن عليّاً يعلم من الغيب شيئاً من تلقاء نفسه، أو أنه إله.

ونحن ننسبه إلى أبي طالب، فالإله ليس له أب، وننسب الحسن والحسين إليه ابنين، والإله لا ولد له، ونقول إنه [زوج]([241]) فاطمة [رضي الله عنها]([242])، والإله لا صاحبة له، وهو بشر يناله من الملالة والضجر، والموت والحياة ما ينال مثله، وهو متعبد في صلاته وصيامه وحَجِّه وجهاده.

فمن كان على هذا الحال كيف يكون إلهاً؟ وَلِمْ أتعب نفسه بالعبادة، وَلِم خلق معاوية إن كان إلهاً حتى يقاتله، وَلِم خلق ابن ملجم حتى يقتله؟ إن هذا الإله ضعيف، وهذا قول الرعاع والهمج، ومن لا رَوِيَّة له، ولا معرفة عنده.

وكيف تقول الشيعة هذا وهم رجال الأُمَّة في أهل العلم والنظر، والتوحيد والعدل، ولولاهم لظهرت الزنادقة على الأُمَّة، ولا كان في سائر الفرق تمييز بين الحق والباطل، ولا من يعرف الخطأ من الصواب.

فهم رجال الإسلام، والذابون عن دين الله عَزَّ وَجَلَّ، وأهل الفتش والنظر والعلم بالقرآن والحجج المنيرة، والأقوال الرشيدة، والبيان الزاهر، ولله عَزَّ وَجَلَّ المِنَّة عليهم في ذلك؛ إذ هم الفرقة الناجية.

ولكن من قول الشيعة: إن رسول الله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ قد أطلعه الله من غيبه على ما يحتج به على عباده ليكون له عليهم بذلك شهيداً، ويكون له بتصديقهم إيَّاه حُجَّة، فلم يبق ممَّا تحتاج إليه الأُمَّة من قليل ولا كثير، ولا دقيق ولا جليل، ولا حلال ولا حرام، ولا ما قد كان ولا ما هو كائن إلى يوم القيامة إلا وقد علمه رسول الله عن الله.

وكذلك علي بن أبي طالب عَلِمَه عن رسول الله، فرسول الله حُجَّة الله، وعلي حُجَّة لرسول الله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

تم الجزء الثالث بمنّ الله وعونه وتوفيقه وصلَّى الله على سيدنا محمَّد وآله وسلم.

يتلوه الجزء الرابع: وكذلك الأئمة من بعد علي الخلف منهم حُجَّة السلف، ولا تخلو الأرض لله عَزَّ وَجَلَّ من حُجَّة.

 

ـــــــــــــــ


 

الجزءُ الرَّابِعُ مِن كِتاب الكامل المنير([243])

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

بسم الله الرحمن الرحيم

 

[اطلاعه (ص) عليّاً عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ على بعض المغيبات، وذكر جملة من ذلك]

وكذلك الأئمة من بعد علي الخلف منهم حجة السلف([244])، ولا تخلو الأرض لله عَزَّ وَجَلَّ([245]) من حجة، عِلْمُ آخرهم من علم أولهم، ولقد كان علي بن أبي طالب يدَّعي ذلـك ويقول على رؤوس الخلائق، لا ينكر ذلك عليه منكر، ولا يدعيه عليه أحد؛ من ذلك أنه كان يقول: سلوني قبل أن تفقدوني؛ فوالله لأنا بطرق السماء أعلم من العالم([246]) [منكم([247])] بطرق الأرض، وما من فتنة يهلك فيها مائة وينجو منها مائه إلا نبأتكم بسائقها، وقائدها، وناعقها([248]) إلى يوم القيامة([249]).

وكان يقول: أنا يعسوب المؤمنين، وغاية السابقين، ولسان المتقين، وخاتم الوصيين، ووارث علم النبيئين([250]).

فمن كان يقول هذه المقالة ويدعي هذه الدعوى؟ لا ينكرها أحد، ولا يدعي مثلها أحد، ما ينكر المنكرون عليه أن يكون الله ورسوله [صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ] قد أطلعه على علم الغيب على ما لم يطلع عليه أحد بعد رسول الله مُبلِّغاً عن الله، وكان علي مُبلِّغاً عن رسول الله.

فإن قالوا: قد ادعيتم أن رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قد أطلعه على ما كان وعلى ما هو كائن إلى يوم القيامة، فما باله حكَّم الحكمين وهو يعلم أنهما يخلعانه وقد أعلمه النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ بذلك؟

فقل لهم: ليس عليه بتحكيم الحكمين إن كان حكمهما حجة، ولا يلزمه في ذلك إلا ما يلزم أنبياء الله ( عليهم السلام ) بعلمهم لمن([251]) لا يؤمن بهم ثم يدعوهم إلى الإيمان.

وهذا نوح عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ لبث في قومه يدعوهم إلى الله [تعالى]([252]) ألف سنة إلا خمسين عاماً، فما كان علمه أنهم لا يؤمنون إذ قال:{رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا}[نوح/26-27] ؛ فمن أين علم أن مَنْ في أصلاب([253]) الرجال وأرحام النساء من قومه لا يكونون إلا كفاراً؟ فما معنى دعائه إياهم وقد علم أنهم يضلون عباد الله وأنهم لا يجيبونه.

فليس يلزم [عليًّا]([254]) من الحجة بعلمه أن الحكمين يخلعانه إذ حكّمهما إلا ما يلزم نوحاً عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ إذ دعا قومه وهو يعلم أنهم لا يجيبونه.

ولِمَ أمر الله تعالى محمَّداً صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أن ينذر عشيرته الأقربين أبا لهب وغيره من أهل بيته، وقد أنزل الله عليه فيه:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ}[المسد/1-3]  فلم دعاه رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ وقد علم أنه لا يؤمن وأنه سيصلى ناراً ذات لهب؟؛ فليس يلزم عليّاً بعلمه أن الحكمين يخلعانه إلا ما يلزم رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ إذ دعا أبا لهب وهو يعلم أنه لا يجيبه.

ولم أنذر رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ عشيرته وقد علم أنهم لا يؤمنون؟

ولم أمر الله موسى عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ بدعاء فرعون وبني إسرائيل وهو يعلم أنهم لا يؤمنون؟

فإن قالوا: إن الله بعث رسله حججاً على الخلق لأن لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.

فقل لهم: لسنا في الحجة؛ إنما نحن في العلم، زعمتم: لم حكّم علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وهو يعلم؟

فقلنا لكم: فلم فعل الله عَزَّ وَجَلَّ وأنبياؤه([255]) وهم يعلمون؟

الجواب: ولكن من قول الشيعة في أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، ووارث علم النبيئين علي بن أبي طالب عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ: أن رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قد عهد إليه بما لم يعهده([256]) إلى غيره، وأوصى إليه بما لم يوص به إلى غيره، وأطلعه من العلم الذي جهلته الخوارج وغيرهم مما عاينوه ولم يقدروا([257]) على إنكاره ولا على جحوده ما لم يطلع عليه أحد من الخلق.

فإن قالوا: لا يجوز أن يُطْلِع رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ علي بن أبي طالب على شيء من أمر دين الله ويكتمه عن الأمة؛ هذا منفي عن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ.

فقل لهم: أمَا ما يحتاج الخلق إليه مما افترض الله عليهم([258]) من الأمر والنهي؛ كالصلاة، والزكاة، والحج، والصيام، وما يكون الخلق فيه شرعاً فقد أعلمهم بذلك وأداه إليهم؟

وأمَّا أن يعلمهم ما يكون وما هو كائن فلم يكن ذلك عليه صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ واجباً؛ لأنه لو كان ذلك واجباً عليه لما ترك أن يعلم أهل المدينة بذلك رجلاً رجلاً، وأهل مكة رجلاً رجلاً، ثم يخرج إلى المدائن والقرى والآفاق، والمشرق والمغرب، ويأتي إلى الإمرأة في خدرها، وإلى الأعرابي في بدوه([259])،وإلى الرَّاعي في مرعاه، فيعلمهم جميعاً، فيكون الله تعالى قد ألزمه ما لا يطيق.

وَلَمَا قبضه الله حتى يعلم([260]) الأولين والآخرين حتى يساوي بينهم في العلم، وهذا ما لا يكون.

وقد أخبرنا الله عَزَّ وَجَلَّ([261]) أن العلماء بعضهم أعلم من بعض حيث يقول:{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}[يوسف/76] .

وليس ما علَّمَه رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ عليّاً من العلم الذي لا يوجد علمه إلا عند عليّ بنقص على رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، ولا خيانة، ولا تفريط؛ لأنه عائد نفع ذلك على الأمَّة؛ لأنها محتاجة إلى إمام يقوم لها بدينها، وشاهد ذلك قول رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها))، وقول الله تعالى:{أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}[يونس/53] .

وقد علمت الأمَّة أن جميع أصحاب محمد -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كانوا يحتاجون إلى عليّ عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ في جميع النوازل والحوادث، ويسألونه عما لا يعلمون، فهذا يوجب أن الناس في العلم بعضهم أرفع من بعض.

فإن أنكروا ذلك؛ فقل لهم: فَلِم روى الآخر عن الأول؟

وما بال الآخر لم يساوِ الأول في العلم؟

ولم رووا عن أبي بكر علماً (لم يرووه عن عمر([262]))، وعلماً لم يرووه عن عثمان؟

فلا([263]) أراه عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ ساوَى بينهم في المعرفة في العلم؛ (بل) أوصى إلى عليّ وعلَّمَه من العلم ما لم يعلم أحداً من جميع الأمَّة.

وقد أخبر الله عَزَّ وَجَلَّ عن نعمته وفضله على إبراهيم خليله عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ؛ حيث يقول ممَّا خص به أهل بيت إبراهيم:{وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ}[العنكبوت/27] ؛ إذ كانت ذارري الأنبياء عليهم السلام أكرم على الله من غيرهم.

[إخباره عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ ما يجري من أمر خلافة بني أميَّة ومن بعدهم من بني العبَّاس قبل وقوعها، وكذلك إخباره عن ظهور المهدي عليه السلام]

وبعد: فإن أنكروا ذلك فليروُوا لنا عن أحد من الخلق ما قد روينا نحن وهم في علي بن أبي طالب عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ وعنه مما لم تروه الأُمة عن غيره أول خلافة بني أمية رجلاً رجلاً، ثم خلافة بني العباس بعدهم.

هذا عبد الله بن عبد الرَّحمن روى عن أبيه، عن معمر قال: لما كان في اليوم الذي بويع فيه لأبي بكر دخل على عليّ المقداد بن الأسود، وسلمان الفارسي، وعمَّار بن ياسر، ونفر من أصحاب رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، فقالوا له: أخرج بنا فنجاهدهم في الله.

فكره علي عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ وقال: رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أمرني [أني]([264]) لا أرتدي ثوباً حتى أفرغ من تأليف القرآن([265]).

ثم حمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

سيكون من بعد ما ترون أمور كثيرة؛ إنه سيلي هذا الأمر من بعدي نفر من بني أُميَّة، يلي منهم رجل يجتمع عليه أمر الأُمة واسع الصدر، ضخم الحلقوم، يأكل ولا يشبع، لا يموت حتى لا يبقى له في السماء ناصر، ولا في الأرض عاذر.

ثم تفضي من بعده إلى رجل شرير، جريء على الله، مستحل لما حرم الله، يميز([266]) عقبي، ويقتل ولدي، ويذبح حرم رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، يتعدى على عباد الله، قليل العمر، كثير في سياسته شره.

ثم تفضى من بعده إلى رجل بخيل ذي حمية وعصبية، إمام جاهلية، ليس بمحمود في فعله وفي جنده، يختل دين الله، يقتل في حرم الله وأمنه.

ثم تفضى من بعده إلى رجل كثير المثالب، منتصر الكتائب، يذل العباد، ويدوخ البلاد، كثير الفساد والأعوان والأجناد.

ثم تفضى من بعده إلى رجل ليس بدونه في الشر، لا يقيل عثرة، ولا يستر عورة. يسير بسيرة أبيه، ليس له شبيه، ذي لسان طويل، ونَيْل قليل.

ثم تفضى منه([267]) إلى رجل متعاهد بجنده، مانع لرفده، قليل وفاؤه، نزير عطاؤه.

ثم تفضى من بعده إلى رجل متورع ممسك ([268]) وليس كذلك ذي نفاق، ويقسم الزكاة والفيء([269])، ويكثر الصوم والصلاة؛ يتصنع للرعية، ويقسم بالسوية، يقتله آمن خدمه عنده، وأحظى حشمه لديه.

ثم تفضى من بعده إلى رجل يحذو حذو آبائه بالفجور، ويغر عباد الله بالغرور، يملك أربع سنين، ثم تقوم عليه قيامته.

ثم تفضى من بعده إلى رجل فاجر مشوم، فاسق ظلوم، مارد غشوم، يقتل من ولدي وشيعتي أخياراً علماءاً، أحباراً أبراراً أتقياء.

ثم تفضى من بعده إلى رجل يقفو على أثره، ويتبعه على سيرته، ذو أمل طويل وعمر قليل.

ثم تفضى من بعده إلى رجل أقل منه عمراً، وأكثر منه شرًّا.

ثم تفضى من بعده إلى المخلوع من بني أُميَّة، كثير الغي، بعيد الرشد عند انقضاء مدتهم وتصرّم ملكهم.

ثم تفضى من بعده إلى رجل آخرهم سلطانا، وأكثرهم طغياناً، لا يلي بعده([270]) منهم إنسان، ولا يجتمع منهم اثنان.

ثم تفضى من بعده إلى رجل من بني العباس ذي همم كثيرة قبيحة، يأخذ بالجريرة ويقتل بالصغيرة، وملكه في نواحي الحيرة.

ثم تفضى من بعده إلى رجل خرب الطرائق، قليل المرافق، يقتل البر الصادق، ويستحي من الظلوم الفاسق، ولا يبقي خَيِّراً إلا قتله، ولا فاسقاً إلا موَّله وخوَّله، يصيب أهل بيتي منه بلاء طويل وعذاب أليم.‎

 ثم تفضى من بعده إلى رجل حسود حقود، ظلوم غشوم.

ثم تفضى من بعده إلى رجل جميل الصورة، قبيح السيرة، تدين له البلاد، ويخضع له العباد، وتجتمع له الأجناد.

ثم تفضى من بعده إلى رجل ضعيف النحيرة، لئيم([271]) الغريزة، يُهراق دمه، ويقتله حشمه.

ثم تفضى من بعده إلى رجل متصنع متشيِّع، ذي دهاء وأدب، وكلام وخطب، يُظهر مودتنا ويضمر بغضنا.

ثم تفضى من بعده إلى رجل سائس  للملك، مقرب للترك، شجاع القلب، مجتمع اللب.

ثم تفضى من بعده إلى رجل حسن الطريقة، سهل الخليقة، يحسن حال أهل بيتي وهو خير أهل بيته.

ثم تفضى من بعده إلى رجل فاسق، مارق، أحمق، صاحب لذات، وله خلوة، ويقتل في أمن خلافته وقد تفرد([272]) بلذّاته، وخلا بشهواته.

ثم تفضى من بعده إلى رجل ذي همم طويلة، وعقل راجح، ذي عمر قصير، وأمل طويل، مشهور أمره، قليل عمره، مرتفع ذكره.

ثم تفضى من بعده إلى المخلوع من بني العباس، المكبود المقهور، المقتنع باليسير.

ثم تفضى من بعده إلى رجل يقهره جنده، ويقتله عبيده.

ثم تفضى من بعده إلى رجل مارق، فاسق، غوي، يظهر الدَيَانة، ويخون الأمانة. ثم يقتله الغواة والجفاة.

ثم تفضى من بعده إلى رجل (عقله([273])) ضعيف، ودينه سخيف.

ثم تفضى من بعد ذلك إلى رجل لا تصلح له ولا يصلح لها.

ثم تفضى من بعده إلى رجل متداهي غافل عمَّا يطرقه لاهي، لا يعلم حتى يأتيه هلكه ويزول ملكه، وهو آخرهم ملكاً، وأسرعهم هلكاً، وعند هلكه ..

يظهر أمر الله [سبحانه]([274])، ويعز أولياءه، ويظهر الحق، ويزهق الباطل، ويظهر المهدي؛ اسمه اسم النبي واسم أبيه كاسم أبيه، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً([275]).

يختم الله به وبولده أئمة الخلافة كما ختمت بمحمَّد -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- النبوءة، لا تزول عنهم الخلافة بعد أن تكون فيهم، ولا يزالون مع الحق والحق معهم حتى يردوا الحوض([276]).

طوبى لمن أدركهم وجاهد معهم ونصرهم، المقتول معهم كالمقتول مع النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ، والمجاهد معهم كالمجاهد معه.

لا يعرف بعد([277]) ظهورهم الجور، يتوارثون الحق آخراً عن أول، آخرهم يتبع سيرة أولهم، ليس معهم غوي ولا ذي جرأة، يتوارثونه إلى يوم القيامة.

فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: ما بال رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- خَصَّ عليّاً بهذا العلم ولم يساوِ بينهم فيه؟

وقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: أليس قد كان هؤلاء الملوك والخلفاء الذين ذكرهم عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ وسيكون المهدي، فمن أعلم علياً بهذا الغيب؟

[إخباره عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ رشيد الهجري بما سيقع به من تمثيل وقتل على يد الدَّعِي عبيد الله بن زياد]

وحديث أبي حيَّان العوفي عن قنوى بنت رشيد الهجري قال: قلت لها: أخبريني بما سمعت من أبيك؟

قالت: سمعت أبي يقول: قال حبيبي أمير المؤمنين: يا رشيد! كيف صبرك إذا أرسل عليك دَعِي بني أميَّة فقَطَّع يديك ورجليك ولسانك؟

قلت: يا أمير المؤمنين أليس أجر ذلك الجنة؟ قال: بلى؛ يا رشيد أنت معي في الدنيا والآخرة.

قالت: فوالله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه الدَّعِي عبيد الله بن زياد؛ فدعاه إلى البراءة من عليٍّ، فأبى أن يبرأ منه.

قال له: فبأي ميتة قال لك تموت؟

قال: أخبرني خليلي أنك تدعوني إلى البراءة منه، فلا أبرأ منه، فتقطع إذ ذاك يدي ورجلي ولساني، فقال: والله لأُكَذِبَنّ قوله فيك اليوم؛ قَدِّموه فقطِّعُوا يديه ورجليه واتركوا لسانه حامِلُه طوائفه.

فلما قُطعت يداه ورجلاه قالت له ابنته: جعلت فداك هل تجد لما أصابك ألماً؟

قال: لا يا بنية.

فكان الزحام بين الناس، فلما حملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله قال: ائتوني بصحيفة ودواة. فكتب الكاتب: بِسْمِ اْللهِ اْلرَّحْمَنِ اْلرَّحِيْمِ، وذهب اللعين. فأخبره أنه يكتب للناس ما يكون إلى أن تقوم الساعة، فأرسل إليه الحَجَّام حتى قطع لسانه فمات في ليلته تلك رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَرَحِمَهُ([278]).

وكان أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ يسميه (رشيد المنايا). وكان قد ألقى إليه علم المنايا والبلايا، فكان إذا لقي الرجل قال: يا فلان أنت تموت موتة كذا وكذا، وتُقتل أنت يا فلان بقتلة كذا وكذا. فيكون كما قال رشيد.

قل للخوارج: أليس قد كان هذا؟ فمن أعلم علياً [عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ]بهذا الغيب؟

[إخباره صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ميتماً بما سيقع به من القتل والصلب على يد الدَّعِي عبيد الله بن زياد]

وحديث علي الخياط عن عبد الله بن الوضاح، عن يوسف بن عمران الميتمي، عن أبيه قال : قال سمعت أبي ميتماً يقول: دعاني أمير المؤمنين - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ - يوماً فقال لي: كيف أنت إذا دعاك دعي بني أُميَّة عبيد الله بن زياد إلى البراءة مني؟

فقلت: إذاً والله لا أبرأ([279]) منك يا أمير المؤمنين.

قال([280]): إذاً والله يقتلك ويصلبك!!.

فقلت: إذاً والله أصبر وذلك في الله قليل.

قال: يا ميتم! إذاً تكون معي في درجتي.

قال: فكان ميتم يمر بعريف قومه فيقول : يا فلان كأني بك قد دعاك دعي بني أُميَّة بن دعيها فيطلبني منك فتقول: هو بمكَّة، فيقول لك: لا أدري ما تقول! لا بد لك من أن تأتيني به، فتخرج إلى القادسية فتقيم بها أياماً، فإذا أُقْدِمْتُ عليك ذهبت بي إليه فيقتلني على باب عمرو بن حُريث([281])، فإذا كان اليوم الرابع ابتدر منخاري دماً عبيطاً.

قال: وكان ميتم يمر بالنخلة السمحة فيضرب بيده عليها ويقول: يا نخلة لك نبت ولك غذيت.

وكان يمر بعمرو بن حُريث فيقول: يا عمرو! إذا جاورتك فأحسن جواري.

فكان عمرو يرى أنه يشتري إلى جنبه داراً أو ضيعه لزق ضيعته، فكان عمرو يقول: ليتك قد فعلت.

فخرج ميتم إلى مكَّة وأرسل الطاغية عبيد الله بن زياد إلى عريف ميتم فطلبه من العريف فأخبره أنه بمكَّة، فقال له: لئن لم تأتني به لأقتلنك.

فأجَّل له أجلاً، وخرج العريف إلى القادسية ينتظر ميتمًا، فلمّا قدم ميتم أخذ بيده فأتى به عبيد الله بن زياد.

فلما أدخله عليه قال: ميتم!. قال: نعم!؟ قال: تبرأ من أبي تراب، قال: لا أعرف أبا تراب([282]).

قال: فتبرأ من علي بن أبي طالب.

قال: فإن أنا لم أفعل؟

قال: إذاً والله أقتلك.

قال: أما إنه قد كان يقول: إنك تقتلني وتصلبني على باب عمرو بن حُريث، فإذا كان اليوم الرابع ابتدر منخاري دماً عبيطاً.

قال: فأمر به .

فقُتِل رَحِمَهُ اللهُ ، وصلب على باب عمرو بن حريث، فقال للناس: سلوني هو مصلوب قبل أن يموت!؟؛ فوالله لأخبرنكم بما يكون إلى يوم القيامة.

فلما سأله الناس عن حديث واحد أتاه رسول ابن زياد فألجمه بلجام من شريط، فهو أول من أُلجم بلجام، وهو مصلوب.

فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: أليس قد كان ذلك؟ فمن أعلم علياً بهذا الغيب؟

[إخباره عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ بما يجري من أمر الخوارج، وطلبه لذي الثُّدَيَّة]

والحديث الذي روته العامة أن أمير المؤمنين لما سار إلى النهروان في قتال الخوارج شك رجل من أصحابة يقال له جندب الأسدي([283]) فبلغ أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ شكُّه في قتال الخوارج فقال له:(يا جندب! الزمني)، فلزمه.

فلما دنوا من قنطرة النهروان التي كانت من ورائها الوقعة خفق([284]) أمير المؤمنين عند زوال الشمس فأتاه قنبر - رَحِمَهُ اللهُ - يؤذنه بالصلاة، فانتبه فقال له:(ائتني بشيء من ماءٍ).

فقعد فتوضأ وأقبل فارس يركض فقال: قد والله يا أمير المؤمنين عَبر القوم القنطرة، قال:(كذبت والله ما عَبر القوم قنطرة، ولا يعبرونها، ولا يقتلون منا عشرة، ولا يفلت([285]) منهم عشرة).

فلما سمع جندب مقالة أمير المؤمنين قال: الله أكبر هذه والله علامة قد أعطانيها.

ثم أقبل فارس آخر يركض [بفرسه]([286]) فقال: والله يا أمير المؤمنين قد كاد القوم يعبروا. قال:(صدقت). ثم صلَّى بالناس الظهر وتوجه بمن معه من الناس نحو القنطرة.

قال جندب: والله لا يصل إلى القنطرة قبلي أحد من الناس. وكان تحته فرس جواد فركضه حتى أتى القنطرة ورجال القوم وراء القنطرة، وكان جندب أول من رمى1 بسهمه فيهم، وأول من طَعن برمحه وضرب بسيفه.

فلما أن قتلهم علي قال:(اطلبوا [لي([287])] ذا الثدية).

فطلبوه فلم يصيبوه، فقالوا: يا أمير المؤمنين ما أصبناه.

فقال:( اطلبوه؛ فوالله ما كَذَبت ولا كُذِّبت، ولا ضللت ولا ضُلَّ بي، وإنِّي لعلَى بيِّنة من ربِّي بيَّنها لنبيئه فبيَّنها لي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ).

ثم توجه هو بنفسه مع أصحابه حتى أتى إلى ساقية فإذا فيها قتلى كثير - لا رحمهم الله - بعضهم على بعض فقال:(اقلبوهم) . فاستخرجوه من تحتهم، فقال:(هذا هو).

ثم قال:(الحمد لله الذي قتلك يا عدو الله وعجَّل بك وأصحابك([288]) إلى النار).

وقد كانت الخوارج خرجوا عليه قبل ذلك بحرورا بجانب الكوفة اثنَي عشر ألفاً فأتوه بخبرهم فخرج إليهم في الناس وعليه إزار ورداء راكباً بغلةرسول الله [-صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-]، فقال الناس: يا أمير المؤمنين: تخرج إليهم في إزار ورداء إن القوم شاكون في السلاح؟

فقال: إنه ليس يوم قتالهم؛ ولكنهم سيخرجون علي في قابل بالنهروان أربعة آلاف يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.

فلما برز إليهم بحرورا قال لهم: ارضوا بمائة منكم.

ثم قال للمائة: ارضوا بخمسين منكم.

ثم قال: ارضوا بعشرين، ثم قال: ارضوا بعشرة، ثم قال: ارضوا برجل.

ثم قال: ليس اليوم أوان قتالكم، وستفترقون حتى تصيروا أربعة آلاف وتخرجوا عليَّ قليلاً في مثل هذا الشهر، في مثل هذا اليوم؛ فأخرج إليكم أنا وأصحابي فأقاتلكم حتى لا يبقى منكم مخبر؛ والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لهكذا أخبرني أخي - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ .

قال: فافترقوا حتى صاروا أربعة آلاف كما قال أمير المؤمنين فقتلهم حتى ما بقي منهم رجل([289]).

فسل الخوارج: من أعلم علياً عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ بهذا الغيب؟

[إخباره عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ بمصارع الحسين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ بكربلاء]

ومن ذلك خروجه يريد صفين والخوارج معه فسار بكربلاء فقال: هاهنا مصارع الحسين وأصحابه، هذا مناخ ركابهم، هذا محل رحالهم، هذا مهارق دمائهم، فكان ذلك([290]).

فقل للخوارج: من أعلم علياً بهذا الغيب؟

[خبر الراهب والعين]

ثم سار حتى انتهى إلى راهب في صومعته([291]) وقد انقطع الناس بالعطش([292]) فشكوا ذلك إليه عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ وذلك أنه أخذ بهم طرق البر وترك الفرات عياناً، فدنا من الراهب فهتف به فأشرف إليه من صومعته فقال: يا راهب هل قرب قائمك من ماءٍ؟ فقال: لا([293]).

فسار [قليلاً([294])] حتى نزل في موضع فيه رمل فأمر الناس فنزلوا([295]) وأمرهم أن يبحثوا عن ذلك الرَّمل، فأصابوا تحت ذلك الرَّمل صخرة؛ فقلعها([296]) أمير المؤمنين بيده رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ونحاها فإذا فيها ماءٌ أرقُّ من الزلال، وأعذب من كل ماءٍ، فشرب الناس وارتووا وحملوا([297]) وردوا الصخرة والرَّمل كما كان.

ثم سار فقال أمير المؤمنين: بحقي عليكم إلا([298]) رجعتم إلى موضع العين فنظرتم هل تقدرون عليها.

فرجع الناس إلى موضع الرمل فبحثوا الرمل فلم يصيبوا العين([299]).

فسل الخوارج: من أعلم علياً بهذا الغيب؟.

[إخباره عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ أن قاتله عبد الرَّحمن بن ملجم لعنه الله]

وقوله لعبد الرَّحمن بن ملجم([300]) كلما نظر إليه في عسكره:

أريد حياته ويريد قتلي

 

عذيرك من خليلك من مراد([301])
 

 

أما والله لتخضبن هذه من هذه([302])، ووضع يده على صلعته ثم وضعها علي تحت لحيته، فقال له أصحابه: يا أمير المؤمنين ألا تقتله؟

فقال([303]): ومن يقتلني؟([304]).

فسل الخوارج: من أعلم علياً بهذا الغيب؟

وفي الليلة التي قتل صبيحتها بات تلك الليلة يصلي و يدعو وجعل رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يدور - رَحِمَهُ اللهُ وَغَفَرَ لَهُ - ويختلف ويتمثل ويقول:

أشدد حيازمك للـ

 

ـموت فإن الموت لاقيك

 

ولا تجزع من الموت

 

إذا حلّ بواديك

 

فقالت له ابنته زينب([305]): لقد طال سهرك ليلتك هذه وتمثلك بهذا البيت! فقال لها: يا بنيَّة! هذه أول ليلة من الآخرة، وآخر ليلة من الدنيا.

فخرج عند طلوع الفجر، فخرج إليه ابن ملجم، - لعنه الله وأخزاه - فضربه بالسيف فقبض عليه أمير المؤمنين - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَرَحْمَتُهُ - فقال له: [أنت]([306]) عبد الرَّحمن بن ملجم؟

قال: نعم يا أمير المؤمنين.

قال له علي عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ: الله أكبر، الله أكبر، والله ما كذبت ولا كذبت([307]).

فسل الخوارج: من أعلم علياً بهذا الغيب؟

[إخباره عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ عن ظهور نهر يخرج بالكوفة]

وقوله لأهل الكوفة: أنا أخبركم أنه [سيجري]([308]) هاهنا نهر [يكون]([309]) أوله ضراً على أهل الكوفة، وآخره منفعة لهم أكنتم مصدقي بما قلت؟!

قالوا: يا أمير المؤمنين! ويكون هذا؟ قال:(والله لكأني أنظر إلى نهر في هذا الموضع قد جرى فيه الماء وجرت فيه السفن يكون عذاباً على أهل هذه القرية أولاً، ورحمة لهم آخراً). فلم يلبث إلا أياماً حتى حُفر نهر الكوفة فكان كما قال لهم.

فسل الخوارج: من أعلم علياً بهذا الغيب؟

[إخباره عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ بحرق وغرق البصرة]

ومثل قوله في البصرة:(يا بصرة، يا جند المرأة، وأتباع البهيمة لتحرقنّ ولتغرقنّ حتى لا يرى([310]) إلا منارة مسجدها)، كأنه جوجو سفينة، فقد حرقت [ونحن]([311]) ننتظر الغرق تصديقاً لقول أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ.

فسل الخوارج: من أعلم عليّاً بهذا الغيب؟

[في قسمة مال بيت المسلمين بالبصرة]

ومثل حديث عبد الله بن عباس إذ أمره أمير المؤمنين أن يقسم ما في بيت المال في البصرة بين أصحابه لكل رجل خمسمائة درهم لا يزيد عليها ولا ينقص منها شيء، فقسم المال كما أمره فبقي ألف وخمسمائة درهم؛ فقال: يا أمير المؤمنين؛ أمرتني أن أقسم لكل رجل خمسمائة درهم، وذكرت أنها لا تزيد ولا تنقص، وأنه بقي ألف وخمسمائة درهم؟

قال: صدقت يا ابن عباس، هات أعطني خمسمائة وادفع إلى الحسن والحسين كل واحد منهم خمسمائة.

فسل الخوارج: من أعلم عليّاً بهذا الغيب؟

[خبر النبي دانيال]

وبما روي في كتاب ( فتوح عمر بن الخطاب ) أن قوّاده وجدوا قبراً فيه رجلاً طول أنفه شبراً، فلم يدروا ما شأنه، فكتبوا إلى عمر بن الخطاب، فلم يجد عمر علمه عند أحد من جميع أصحاب محمَّد رسول الله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ؛ حتى أرسل إلى علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فسأله عنه وأخبره بما كتب إليه أبو موسى الأشعري من جهله للميت([312]).

فقال علي لعمر: أو ما عرفت الرجل أنت ومن معك من أصحاب رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-؟!.

فقال عمر: ما عرفته؛ وهم هؤلاء ما عرفوه.

فقال علي بن أبي طالب: هذا نبيء من الأنبياء يقال له (دانيال).

فقال: ما علمك به([313]

فقال: أعلمني به رسول الله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

وكتب عمر إلى أبي موسى بخبره ذلك، فأخبر أبو موسى؛ فأرسل بكتاب عمر فآمن القوم وقالوا: صدقتم؛ أنتم أصحاب نبي وصاحبكم وصي نبي.

فلما وصل كتاب أبي موسى إلى عمر قرأه على أصحابه([314]) [ثم قال]([315]) لعليٍّ: ما أعلمك يا أبا الحسن، وما أحلمك وأنبلك([316]).

[علي عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ يفتي قاضي الجن أبي حازم في مسألة سأله عنها]

ومثل هذا حديث أبي حازم قاضي الجن رواه [محمد بن]([317]) إبراهيم بن محمد قاضي الجنَد فقال - وهو المخالف لنا ولكم - قال: بينَا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يخطب الناس على منبر الكوفة إذ أقبل ثعبان عظيم فجعل يتخلخل الناس وأجفلوا عنه وهم يريدون قتله، فقال لهم أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ: اتركوه.

ثم أتى إلى المنبر وارتقى حتى حاذى برأسه رأس أمير المؤمنين، ثم التقم أذنه، فسمعنا له نقيقاً كنقيق الضفدع، فأجابه أمير المؤمنين بمثل نقيقه، فسألوا عليّاً عن ذلك فقال: هذا أخي أبو حازم قاضي الجن يسألني عن مسألة فأخبرته بها([318]).

وأشياء كثيرة ممَّا لا [يعلهما]([319]) إلا نبي أو وصي نبي.

[الجواب على من أنكر الدلائل والأعلام في أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ]

فإن أنكرت الخوارج وقالوا: لا تكن هذه الدلائل والأعلام إلا مع نبي، وقد انقضت النبوة والوحي بعد محمَّد -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.

فقل للخوارج: إنا لم ندَّع هذه الآيات والدلائل لعليّ أنه نبي، ولا أنه أوحي بها إليه، ولا علمها من تلقاء نفسه؛ إنما ادعيناها له من جهة النبي - صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ - وأجازه [إيَّاها]([320]) إذ كان وصيّه وحجته على أُمَّته من بعده، وموضع أسراره، ومستودع علمه.

وقد علمنا وعلموا أن أحداً من جميع الأُمة لم يدَّع هذه الفضائل لنفسه ولا ادعاها أحدٌ لا من أصحابه ولا من غيرهم.

فإن أنكروا هذه الدلائل في أمير المؤمنين فقل لهم: هل تنكرون أن هذه الدلائل والأعلام مع وليّ من أولياء الله [تعالى]([321]) نالها بطاعة الله؟

فإن قالوا: قد يمكن، وقد ولا يمكن.

فقل لهم: هل يمكن أن يكون عدو من أعداء الله نالها بمعصية الله؟

فإن قالوا: نعم.

فقل لهم: هل تنكرون أن إبليس قد نال بمعصية الله - زعمتم - ما لم ينله ولي الله بطاعة الله، فأخبرونا بأي منزلة قال إبليس على أنه شخص واحد يتصور - زعمتم - في كل صورة، ويتجسم كل جسم في مشرق الأرض وفي مغربها، وفي بَرِّها وفي بحرها، لا يخلو منه مكان - زعمتم - ثم مكَّن الله له من جميع الخلق بقولكم وقول الحشوية حتى علم وساوس الصدور وخفقان القلوب، وهو أخس الأوهام، فهو - زعمتم - مع كل عبد وحر، وذكر وأنثى، ومؤمن وكافر، مشارك الخلق في الأموال والأولاد، لا يخفى عليه من ولد آدم شيء.

وقد روت الحشوية أن إبليس قال: ما ولد مولود قط من ولد آدم إلا وأنا أعلم متى حُمل به ومتى وُلِد إلا عيسى [بن مريم] عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ فإني لم أعلم متى حُمل به ومتى ولد([322]).

هذا ما قويَ عليه - زعمتم - من شياطينه وأعوانه وجنده، وكيف لا تذكرون هذا الذي نال بمعصية الله على أنه نال هذا - زعمتم - منذ خلق الله آدم إلى يوم القيامة مما لا يحصيه إلا الله عَزَّ وَجَلَّ، وأنكرتم البشير الذي ذكرناه عن وليّ من أولياء الله على أنه حجة الله على خلقه [بما]([323]) أفضَى بذلك العلم إليه رسول الله مع فضائله التي لم نذكرها في القرآن والرواية لكثرتها، وعجزنا عن إحصائها فتركناها خوف التطويل([324]) عن ذكر بعضها.

فإن قالوا: إن الله عَزَّ وَجَلَّ أعطى إبليس ذلك وقوَّاه عليه.

فقل لهم: فكذلك نقول أيضاً في عليّ إن الله عَزَّ وَجَلَّ أعطاه ذلك وقوَّاه عليه.

فإن قالوا: إن الله عَزَّ وَجَلَّ ابتَلى العباد بإبليس ونهاهم عن طاعته.

فقل [لهم]([325]): وكذلك مَنَّ الله على العباد بعليٍّ [عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ]([326]) وأمرهم بطاعته؛ فلم يكن الله تبارك وتعالى ليحتج على عباده بحجة فيقطع عنهم ما يحتاجون إليه([327]) في ليل ونهار وساعة من الساعات مع أنه تبارك وتعالى أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين، (وأعلم العَالمين([328])) بمصلحة الخلق أجمعين([329])، فلم يكن ليعطي عدوه ما ليس له على خلقه من الحجج والمعجزات ما يضل به خلقه ويمنعه وليّه، وحجته على خلقه ما هو لهم([330]) منفعة، وحجة له عليهم.

أم كيف لا تنكرون ما هو دون إبليس في المعرفة من أخبار الغيوب التي لا تكون إلا مع نبي أو وصي نبي وتصدقونهم على ذلك؛ مثل أقاويل الكهنة وأصحاب النجوم الذين يخبرونهم بمواليد الخلق وسعيدهم وشقيهم، وما يصيب أحداً في بدنه.

وعن الغائب ومتى يقدم، ومتى يموت، ومتى تكون منيَّته.

وعن الإمرأة وما في بطنها؛ أذكر هو أم أنثى، وكم تزوج من الرجال.

وعن الرجل كم يتزوج من النساء، وأسباب كثيرة لا تُحصَى.

فإن قالوا: هذه الأشياء لا نصدق بها؛ لأن الكهنة وأصحاب النجوم لا يعلمون الغيب.

فلعمري: إنهم كذلك، ويبطل من صَدَّقهم لقول الله عَزَّ وَجَلَّ:{قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}[النمل/65] .

فإن زعمت الخوارج: أن الكهنة وأصحاب النجوم إنما يتظننون ويتركنون، ويصيبون ويخطئون، بمنزلة الرؤيا يراها النائم فيأتي إلى المُعبِّر فيقصها عليه، فينظر المُعبِّر؛ فربما أصاب وربما أخطأ، ولا يُصدَّق إلا بما تأتي الأخبار القوَّية والروايات الصحيحة في الأنبياء المصطفين، والخلفاء الراشدين المهتدين([331]).

[عمر يصيح: يا سارية الجبل الجبل]

فقل لهم: فإن كانت الروايات عندكم قويَّة والآيات صحيحة في الأنبياء المصطفين، والخلفاء الراشدين المهتدين([332]) فما حجتكم([333]) على من خالفكم([334]) في الروايات في عمر بن الخطاب حتى جاز ذلك له عندكم؛ إذ ليس بنبي ولا وصي نبي، فصدقتم قوله في ذلك؛ من ذلك أنه روي عنه أنه وجَّه جيشاً إلى نهاوند وأمّر عليه سارية، وبين نهاوند والمدينة مائة فرسخ، فزعموا أن عمر بن الخطاب صعد المنبر خطيباً فصاح: يا سارية: الجبل الجبل.

ثم استمر في خطبته. فلما نزل قال له المسلمون: يا أمير المؤمنين! سمعناك تقول في خطبتك: يا سارية: الجبل الجبل؟!.

قال: نعم؛ إني نظرت إلى سارية قد حظره المشركون فخفت عليه، فصحت به: الجبل الجبل .

فانحاز إليه فسلم هو وأصحابه. فكيف صدقوا سارية أيضاً على هذا الخبر!؟

[عمر يكتب رسالة يخاطب بها نهر النيل؟!]

وما حجتهم على من خالفهم وأكذبهم فيما رووا: أن وفد مصر قدموا على عمر فشكوا إليه قلة النيل، فأمر بدواة وقرطاس فكتب إلى النيل: بِسْمِ اْللهِ اْلرَّحْمَنِ اْلرَّحِيْمِ، من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر.

[أما بعد([335])]: إن([336]) كنت تجري بحولك وقوتك فلا حاجة لنا فيك، وإن كنت تجري بحول الله وقوَّته فإذا أتاك كتابي هذا فاجْرِ على اسم الله وبركته.

ثم طوى الكتاب وختمه ودفعه إليهم وأمرهم أن يطرحوه فيه، ففعلوا ذلك فأصبح النيل يطفح بالمدينة([337])، ولو كان هذا حقاً لما استسقى بالعباس([338]).

[على باب عمر ستر بغير و تد، ورحى تطحن بغير يد]

وما حجتهم على من خالفهم وأكذب رواياتهم: أن رجلاً سار إلى([339]) باب عمر فوجد عليه ستراً معلّقاً بغير وتد وإذا رحى تطحن بغير يد!!.

فمر ذلك الرجل برسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ فأخبره بذلك، فقال [رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-]([340]):((أما علمت أن الله أخدم عمرَ ملائكته؟!)).

وأشياء كثيرة يجري بعضها على قد شرحنا في كتابنا هذا بما سنوضحه بإقرار عمر على نفسه إنشاء الله تعالى.

 [إنَّ هذا لفي كتاب الله؟!]

فسل الخوارج ومن قال بمقالتهم: ما حجتهم على من خالفهم فقال: بأي فضيلة استوجب عمر بن الخطاب هذه العلامات والدلائل والعجائب مع روايته في نفسه وإقراره عليها ما روته الأُمَّة عنه؛ من ذلك قوله يوم توفي رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فقال الناس: مات رسول الله.

فقال عمر: [لا([341])] والله! ما مات رسول الله؛ ولكنه أُرسِل كما أُرسِل موسى بن عمران فلبث في قومه أربعين يوماً، وإنِّي لأرجو أن يُقَطّع أيدي قوم وأرجلهم يقولون: إن رسول الله مات.

قال أبو بكر: يا أبا حفص؛ بَلَى قد مات رسول الله([342])، أليس الله يقول في كتابه:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}[الزمر/30] ؟

فقال عمر: إن هذا لفي كتاب الله؟!

قال أبو بكر: نعم.

فضرب عمر بدرته الأرض وقال: مات والله رسول الله([343]).

[كلٌّ أفقه منك يا عمر!]

وقوله على المنبر: أَلاَ لاَ يَتزوجنَّ أحدٌ منكم على أكثر من أربعمائة درهم فأعاقبه على ذلك.

فقالت له امرأة من الناس: الله أعدل منك يا عمر؛ إذ يقول:{وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[النساء/20] ؛ فالقنطار أكثر من أربعمائة.

فقال لنفسه: كلٌّ أفقه منك يا عمر([344]).

[لولا عليٌّ لهلك عمر]

ومثل التي وضعت لستة أشهر فأراد رجمها فقال له علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:((إن عذرها في كتاب الله بيِّن)).

قال: وفي أي كتاب الله؟

قال: قوله تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}[البقرة/233] ، وقوله:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف/15] .

فقال عند ذلك: لولا علي لهلك عمر([345]).

[عمر يقول : إن رسول الله لم يبين الخلافة والكلالة والربا]

ومثل قوله: ثلاث لم يكن رسول الله بيّنها لنا؛ ولو بيّنها لنا لكانت أحب إليَّ من الدنيا وما فيها: الخلافة، والكلالة، والربا([346]).

فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: قد رويتم في عمر أنتم ومن خالفكم من الجماعة فضائل وعلامات ودلالات لا تكون إلا في نبي أو وصي نبي، فقد أخبر [عن نفسه بخلاف ما رويتم عنه، ولو رويتم في علي عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ ومن خالفكم من الجماعة فضائل وعلامات، وقد أخبر علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عن نفسه بخلاف ما أخبر([347])] عمر عن نفسه مِمَّا قد شرحنا في كتابنا هذا.

فما حجة الخوارج ومن قال بمقالتهم على من خالفهم([348]) فقال:

أيُّهما أولى عندكم بنيل مصر إن كان حقاً؛ أرجل يدعي أنه وصي رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ [وخليفته]([349]) لا يدفعه عن ذلك أحد، ولا يدعيه غيره.

روي عنه: أنه أتاه رجل أعرابي فقال له: يا أبا الحسن! أنت وصي رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وخليفته؟

فقال: نعم.

فقال: فإن([350]) رسول الله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ وعدني بمائتي ناقة حمُرًا عُشُرًا، فيها عبدان أسودان يستاقانها.

فنظر علي عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ إلى بساط كان رسول الله يقعد عليه؛ فدعا الحسن والحسين فقال: اذهبا إلى وادي فلان وادي من أودية الجن؛ فناديا: إنَّا رسولا حبيب حبيب الله.

فأجابهما الوادي بالتلبية، وقال: صدقتما.

فقالا: إن جَدَّنا وعد فلاناً الأعرابي بمائتي ناقة حمراً عشراً فيها عبدان أسودان يستاقانها. فدفعاها ([351]) إلى الأعرابي.

أم من قام خطيباً فقال: أيها الناس لا يَتزوجنَّ أحدٌ منكم([352]) بأكثر من أربعمائة درهم فأعاقبه على ذلك.

فرده عن قوله امرأة من المسلمين فقالت: الله أعدل منك يا عمر؛ إذ يقول:{وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[النساء/20] .

فرد على نفسه: كلٌّ أفقه منك يا عمر؟

وما حجتهم على من خالفهم في الستر والرحى وخدمة الملائكة فقال: أيهما أولَى: أن يكون على بابه ستر معلّق بغير وتد، ورحَى تطحن بغير يد، أم مَنْ أمر برجم المرأة التي وضعَت لستة أشهر بغير علم منه ولا معرفة بعذرها في كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ؟ أم مَنْ رده عن رجمها وقال: لا ترجمها يا عمر فإن عذرها في كتاب الله؟

فسأله: في أي كتاب الله؟

فقال: قوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ [لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ]}[البقرة/233] ، وقوله:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف/15] .

فقال بعد ذلك: لولا عليٌّ لهلك عمر. وكفَّ عن ما أمر به من رجمها.

أو ما حجتهم على من خالفهم في حديث سارية فقال: أيُّهما أولى أن تفتح له الأرض حتى ينظر أقصاها وأدناها، أرجل سار بعسكره يوم صفين فأصابهم عطش شديد فلم يقدروا على ماءٍ فأمرهم أن يحتفروا في موضع، فاحتفروا فوجدوا صخرة مطبقة على عين ماءٍ فاقتلعها، فإذا فيها ماءٌ أرقُّ من الزلال، وأعذب من كل ماءٍ، فشربوا ووردوا، ثم أطبق الصخرة مكانها، فلما عاد عسكره إلى موضعها لم يقدروا على مكانها؟

أم رجل جهل معرفة الخلافة والكلالة والربا، وفي جهله لهذه الثلاثة هلاك أمة محمَّد عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ فتقلد هذا كله على الجهل منه؟!.

أمَّا الخلافة: ففيها الأمر([353]) والنهي لجميع الخلق بما أمر الله ونهى عنه وافترضه.

وأمَّا الكلالة: ففيها مواريث الخلق.

وأمَّا الربا: ففيه تجارات الخلق ومعايشهم ومعاملاتهم؛ فصدقتموه على هذا؟!.

وكيف صدَّقتم شيبان الرَّاعي وهو عندكم دون عمر بن الخطاب أنه سار من واسط إلى مكَّة في ليلة ومعه رغيفان حاران عليهما كَامخ فَوَافَى بهما عرفات؟!.

أم كيف صدقتم حبيباً أبا محمَّد أنه كتب كتاباً ضماناً لرجل اشترى له داراً من الله في الجَنَّة، فلما حضرت الرجل الوفاة أوصَى ابنه أن يضع الكتاب في كفنه، ففعل ذلك ابنه، وبات حبيب ليلته فإذا بهاتف يهتف به: يا أبا محمَّد! هاك الكتاب فإن صاحبك قد وَافَى الدار([354]).

فأصبح الكتاب تحت وسادة حبيب، وأن ابن ذلك الرجل قدم البصرة فدخل على حبيب فسلم عليه فقال: من أنت؟

فقال: أنا ابن الذي اشترى منك الدار في ا لجَنَّة.

قال: فما فعل الكتاب؟

قال: أمرني أن أضعه في كفنه فوضعته.

فقال له حبيب: أتعرف الكتاب إذا رأيته؟

قال: نعم. فأخرج الكتاب إليه.

فقال: هو والله هذا.

فقال له حبيب: فإن أباك قد وَافَى([355]) الدار.

فجاز هذا لكم؟!.

ومثله خبر الرَّبيْع الذي ادعت العامة أنه نزل من السماءِ فيه مكتوب: براءة من الله لعمر بن عبد العزيز([356]).

أم كيف صدَّقتم الخواض الذي كان يخوض النار في البصرة زمان أبي موسى، وقد احترقت البصرة فوجدوا شيخاً يسبح الحوض في بطن النار كما يخوض أحدكم الماء لا يناله منها شيء، فقال أبو موسَى: كيف لم تحترق؟!.

فقال له الشيخ: إنِّي عزمت على ربِّي أن لا يحرقني في النار.

فقال أبو موسَى:(عزمت عليك إلا ناظرت ربك أن يطفئ عنا هذه النار ). ففعل؟

أم كيف صدقتم إبراهيم بن أدهم([357]) أنه كان يُحَوِّل الحصى دنانير، وإذا أراد أن يتوضَأ صَبَّ أدواته فخرج منها الماءُ، وإذا أراد أن يشرب صبَّ فتحول ذلك الماء لبناً. وأشياء كثيرة لا تحصَى.

وما رووا من معجزات يحيى بن أبي كثير اليمامي([358])، وأنه كان يقيم المقيم للصلاة فيخرج يسير في الهواء من اللهج([359]) إلى المسجد. مع أشياء كثيرة اختصرناها لكثرتها.

فكيف صدقتم في هؤلاء بهذه الآيات والمعجزات والأعاجيب، [وأكذبتم]([360]) ما جاء في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ([361]) الذي قال له رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ:((أنت مني وأنا منك، لحمك من لحمي، ودمك من دمي))([362]).

وهو وصيّ الوصيِّين ووارث علم النبيئين علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وصي محمَّد عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ، ووزيره، وأخوه، وخليفته على أُمَّته، وحجته، والمجاهد في سبيل الله، والسابق إلى دين الله، وقاتل الأقران في الله، وكاشف الكروب عن رسول الله، والذي له من الفضائل الشريفة([363])، والمناقب العظيمة، ما لو قُسِّمَتْ على أُمَّة محمَّد لأوحلتهم كثرة؛ وإنما عددنا منها القليل من الكثير الجليل، زاده الله شرفاً وأنصفه من ظالِمِيه.

وليس لهؤلاء الذين رويتم فيهم هذه العجائب والدلالات التي صَدَّقتموها فضيلة يستوجبون بها المنازل التي ذكرتم.

[شبهات وردود]

[زعم الخوارج أن الصلاة لا تجوز إلا على النبيين]

وزعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم أن الصلاة لا تجوز على أحد إلا على النبيئين لا على غيرهم.

فلعمري: ما قصدت الخوارج بهذا المعنى إلا بغضة لآل محمَّد عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ؛ إذ أمر الله رسوله بالصلاة عليهم؛ لأن الصلاة من الله هي الرَّحمة، وكذلك قوله تبارك وتعالى:{رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ}[هود/73] ؛ فهذا البيت الذي نزلت فيه الرَّحمة غير بيت محمَّد عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ؟

وقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}[الأحزاب:41-43] ، فإذا كانت الصلاة من الله على المؤمنين فما الذي أخرج أهل بيت النبيّ([364]) منها وهم المؤمنون وبهم أمن المؤمنون؟

فبماذا استوجبت الخوارج الدخول في الصلاة ويُخْرَجُ منها آل محمَّد [-صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-]؟!

وقوله تبارك وتعالى:{وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}[البقرة/155-157] ، فإذا كانت من الله الصَّلاة والرَّحمة والهُدَى على الصَّابرين فما الذي أخرج أهل بيت محمَّد منها وهم الصابرون الذين صبروا على المصائب في الله مع رسوله، ومنذ قبض الله نبيَّه عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ على القتل، والصلب، والحريق، والظلم، ومنع الحقوق إلى يومنا هذا مع قول النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ:((لا تُصلُّوا عليَّ صلاةً بتراء))([365]).

فقيل: يا رسول الله! وما الصلاة البتراء؟

قال:((أن تُصلُّوا عليّ وحدي؛ ولكن صَلُّوا عليَّ وعلى أهل بيتي فقولوا: اللَّهُمَّ صلِّ على محمَّدٍ وعلى آل محمَّدٍ، وبارك على محمَّدٍ وعلى آل محمَّدٍ، كما صَلَّيت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميد مجيد))([366]).

[الجواب على زعم الخوارج: أن قول الشيعة في علي (ع) كقول النصارى في عسيى بن مريم عليهما السلام]

وزعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم أن مثل الشيعة في قولهم في علي بن أبي طالب كمثل النصارى في قولهم في عيسى بن مريم عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ؛ ادعت النصارى أن عيسى إله، وادعت الشيعة أن علياً إله؛ فقد نفى عيسى ذلك عن نفسه فتعالى الله عمَّا يقولون علواً كبيراً.

فقل للخوارج: إن كانت النصارى قالت إن عيسى إله فقد نفى عيسى ذلك عن نفسه، فقال:{إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا}[مريم/30] .

وإن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ قد نفى عن الشيعة ما ادعت الخوارج عليهم من الكذب في عليٍّ وذلك قوله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ بالأثر المشهور الذي نقلته الأمَّة عنه - أنه قال لعليّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:((يا عليّ؛ لولا أن تقول فيك طوائف من أُمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم؛ لقلت اليوم فيك مقالاً لا تمر بمَلأٍ من الناس إلاَّ أخـذوا التُّراب من تحت قدميك يتباركون بـه))([367]).

فقول النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ:((لولا أن تقول فيك طوائف من أُمَّتي)) نفى عن أمَّته أنها لا تقوله؛ لأنه لو علم أنها تقول في عليٍّ ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لما قال :((لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي)).

فإذا علم عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أنها لا تقول ما قالت النصارى أمسك عن المقال الذي لو قاله فيه لأخذوا التراب من تحت قدميه يتباركون به.

فإن زعمت الخوارج: أن الشيعة تقوله فقد أكذبت رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ، ومن أكذب رسول الله فقد أكذب الله وكفر به وبرسوله.

وإن كذبوا على الشيعة أنها مثَّلت علي بن أبي طالب بعيسى بن مريم فقد ضرب الله تبارك وتعالى عيسى بن مريم مثلاً بعليّ بن أبي طالب في كتابه الناطق على لسان نبيِّه الصَّادق [المصدوق]([368]) محمَّد صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ: أن المنافقين ومن كان يبغض أمير المؤمنين عليّاً لما سمعوا قول النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- في علي:((لولا أن تقول فيك طوائف من أُمَّتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم))، قالوا: ما بال محمد يرفع بضبع([369]) ابن عمه حتى مثله بعيسى بن مريم؟

فأنزل الله في عليّ وفيهم:{وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلاَئِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ}[الزخرف/57-60] .

فسل الخوارج: من الذي ضرب الله مثلاً؟ ومن هذا الذي صد عنه قوم النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ؟ ومن هذا العبد الذي أنعم الله عليه وجعله مثلاً لبني إسرائيل؟

هل ادعى أحدٌ من الأُمَّة، أو رُوِيَ في أحد من الأُمَّة وقال فيه رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ هذا المقال غير علي بن أبي طالب؟

[الجواب على من زعم أن سبب حديث الغدير منافرة وقعت بين علي(ع) وزيد بن حارثة]

وزعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم أن النبي -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لم يقل في علي:((من كنت مولاه فعلي مولاه)) يريد بذلك ولاء الدين؛ إنما كان سبب ذلك أنه كان بين عليٍّ و[بين] زيد منافرة وذلك في حَجَّة الوداع.

فقال له علي: أنت مولاي!.

فقال له زيد:أنا مولى رسول الله.

فقال رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:((من كنت مولاه فعليٌّ مولاه)).

إن مولى الرجل مولى ابن عمه، فلذلك قال.

فقل للخوارج ولمن قال بمقالتهم: هل أمر رسول الله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ لشيء ينزل عليه من الفرائض بالصلاة جامعة؟

فإن قالوا: نعم.

فسلهم: لأي فريضة في أي موضع؟ لا يجدون ذلك.

وإن قالوا: لا.

فقل: أَفليس قد أمر يوم غدير خم بالصلاة جامعة؟

فلا بد من قولهم: نعم؛ لأنهم وجميع الفرق الثلاث والسبعين قد أجمعت على ذلك.

فقل: هل يستقيم في المعقول، أو يجهله ذووا العقول: أن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ يأمره بالصلاة جامعة لفريضة من فرائض الله ويأمر بها في منافرة رجلين جحد أحدهما صاحبه الولاء؟

إن هذا المقال لا تقبله القلوب مع أن هذا القول كان في حَجَّة الوداع([370])، وزيد -رَحِمَهُ اللهُ- قُتِل يوم مُؤته حين وجهه النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ إيَّاه وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة الأنصاري. إِلاَّ أن تكون الخوارج أَوْ غيرهم رووا أن زيداً بعث بعد ذلك فالله قادر على ما يشاء، مع أن في هذا الحديث:((من كنت مولاه فعليٌّ مولاه)) لفظ متسق [قوله]:((اللَّهُمَّ وال من والاه [139]، وعاد من عاداه، وأحب من أحبَّه، وابغض من أبغضه)).

وقوله:((هذا وليكم من بعدي))، هذا في رواية أخرى. فما معنى هذا القول؟

وما معنى قول عمر بن الخطاب يومئذٍ:(يهنيك([371]) يا بن أبي طالب؛ أصبحت - أو قال -: أمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة)([372])؟ أَلاَ قال: أصبحت مولى زيد، ولم يقل: مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. لولا أنه أراد ولاء الدين؟!.

فإن قالوا: فإن عنى بقوله وَلاء الدين فليس إذاً لعليّ في هذا فضل على غيره؛ لأن الله يقول:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[التوبة/71]  فعلي وليٌّ، وهم أولياؤه.

فقل لهم: فإن لم يكن له عليهم فضل بأنه وليُّهم، وهم أولياؤه، فرسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ (ليس له إذاً([373])) فضل على المؤمنين؛ لأنه وليُّهم، وهم أولياؤه.

فإن قالوا: فما فضل علي بن أبي طالب على المؤمنين إن كان رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أراد به ولاء الدين؟

فقل: أراد به أنه أولى بهم من أنفسهم كما أن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أولى بهم من أنفسهم، وكما أن الله تبارك وتعالى أولى بالمؤمنين من أنفسهم؛ لأنه يقول في كتابه:{[ذَلِكَ بِأَنَّ]([374]) اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ}[محمَّد/11] ؛ فهو ولي المؤمنين ومولاهم في الدين، وليس بولي للكافرين ولا مولى لهم وهو مالكهم.

وقوله:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}[البقرة/257]  ثم قال:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ}[البقرة/257] ، فأخبر أنه ولي([375]) المؤمنين، وليس بولي للكافرين.

ثم أخبر أنَّ ولاءه الذي وَلِيَ به المؤمنين لرسوله([376]) عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ فقال:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[الأحزاب/6]  أي في الدين.

ثم أخبر رسوله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ([377]) أن الولاَء الذي جعله الله له في الدين لعلي بن أبي طالب [رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]([378]) فقال:((من كنت مولاه فعلي مولاه))، و ((من كنت وليَّه فعليٌّ وليُّه))([379]).

فولاية الله تعالى، وولاية رسول الله، وولاية علي بن أبي طالب، على الخلق واحدة([380]).

ولو كان الأمر على ما قالت الخوارج أنه في زيد، لم يكن رسول الله ليحابي عليّاً عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ بالولاء دون العباس؛ لأن العمَّ عند الخوارج - وعند من قال بمقالتهم - أولى من ابن العمِّ بالميراث، وأجمعوا في فرائضهم على رجل هلك وترك ابنته وعمه وابن عمه من عمٍّ آخر أن للبنت النصف، وللعمِّ النصف، وليس لابن العمِّ من عمٍّ آخر شيء.

فقل لهم: ما بالهم([381]) ورَّثُوا أعمامهم من بني إخوانهم من آبائهم، ومنعوا فاطمة ميراثها ([382]) من أبيها صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا، والعباس ميراثه من ابن أخيه، ووثبوا على حيطانه([383]) فدك وغيرها في المدينة واحتجبوها لأنفسهم؟!.

فإن قالوا: إن الأنبياء لا يورثون([384])، واحتجوا بأن([385]) النبيّ عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ قال:((إنا معشر الأنبياء لا نورث)).

وقال:((ما تركناه صدقة))([386]).

فقل لهم: لمن قال هذا؟ أو إلى من أوصى بماله صدقة؟؛ لأنه لا تجوز صدقة إلا بولي وشاهد.

[في نحل رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ابنته فاطمة فدك والعوالي]

وقد زعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم: أن رسول الله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ لم يُوْصِ إلى أحد.

فإن قالوا: إن وصيه أبو بكر والشاهدان على قوله:((ما تركناه صدقة)) عمر بن الخطاب، وأبي عبيدة بن الجراح.

فقل لهم: أمَّا الوصيَّة فلم يدعها أبو بكر، ولم يدعها أحد من الأُمَّة برواية مأثورة.

وأمَّا شهادة عمر وأبو عبيدة فقد شهد عليٌّ، وابناه الحسن والحسين، وأم أيمن، في فدك بخلاف شهادة عمر، وأبي عبيدة، أنها لفاطمة نِحل([387])([388]) من رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.

ولا خلاف([389]) بين الأُمَّة أن فدكاً([390]) من تركة رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ؛ فلا تخلو أن تكونَ إحدى الشهادتين حقاً، والأخرى باطلاً، وأن يكون رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أشهد عمر وأبا عبيدة بخلاف ما أشهد به عليّاً، وفاطمة، والحسن، والحسين، وأم أيمن؛ فإن كان فعل - وحاشاه صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ - أن يُشهد قوماً بخلاف ما يُشهد ([391]) به آخرين فيدعهم في التباس وشبهة يخرجون فيها إلى الخصومة.

فإن قالوا: فإن شهادة علي والحسن والحسين لا تجوز لأنهم يجرُّون إلى أنفسهم، وأم أيمن لا تجوز شهادتها وحدها لأنها امرأة.

فقل لهم: فأخبرونا عن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ لو أشهده رجل من أُمته على وصيته وحده أكانت تجوز شهادته؟

فإن قالوا: لا. كفروا.

وإن قالوا: نعم؛ لأنه الشاهد على الخلق، والحاكم عليهم.

فقل: وكذلك عليٌّ الشاهد على الخلق، والحاكم عليهم؛ لأن عليّاً من رسول الله عليه وَآلِهِ السلام ورسول الله منه وذلك قول الله تبارك وتعالى:{[فَقُلْ] ([392]) تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}[آل عمران/61] .

فدعا رسول الله [-صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-]([393]) من الأبناء الحسن والحسين، ومن النساء فاطمة الزهراء، ومن الأنفس علياً عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ.

فنفس رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ لا تشهد بالزُّور، ولا تعمل بالخطأ، ولا يفضلها([394]) أحد من المخلوقين.

وقد قال الله تبارك وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}[الحجرات/1] ؛ فمن قدم على عليّ فقد قدم على رسول الله؛ إذ سماهما الله نفساً واحدة.

وقل لهم أيضاً: ما باله صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ إن كان الأمر على ما قالوا أنه قال:((ما تركناه صدقة)) لم يعهد إلى فاطمة عَلَيْهَا الْسَّلاَمُ إذ لا تطلب ما ليس لها (وما هو([395])) صدقة لغيرها!؟

وما باله أيضاً لم يعهد إلى علي بن أبي طالب، وإلى الحسن والحسين عليهم السلام، وإلى أم أيمن، أن لا يشهدوا لفاطمة عليها السلام بأن ما ترك صدقة إن كان أشهد عمر وأبا عبيدة دُون المهاجرين والأنصار؟!.

وأعظم من هذا كله: أنهم شهدوا على رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بخلاف قول الله تبارك وتعالى؛ زعموا أن رسول الله -صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قال:((نحن معاشر الأنبياء لا نورث))، والله تعالى يقول:{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ}[النمل/16] .

وقال أيضاً في زكريا:{وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}[مريم/5-6] .

فإن قالوا: إنما ورث سلميان داود النبوَّة والعلم، وكذلك ورث يحيى بن زكريا النبوة والعلم.

فقل: إن النبوَّة والعلم ليسا بدنانير، ولا بدراهم، ولا بدُوْر، ولا بحيطان، تُوْرَثُ وتقسم، وليست بأموالٍ اكتسبوها؛ إنما النبوَّة والعلم لله تبارك وتعالى، يصطفي الله بهما من يشاء من عباده؛ فهو أعلم حيث يجعل رسالاته، ومن يحبو بنبوَّته، ومن يُؤتي حكمته، مع أن داود وسيلمان عليهما السلام قد كانا في عصر واحد نبيئَين، وعالمين حاكمين، وذلك قوله تبارك وتعالى:{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ}[الأنبياء/78]  الآية {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ}[الأنبياء/79] .

ثم قال:{وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}[الأنبياء/79] ، فإذا كان سليمان قد آتاه الله النبوة والحكم والعلم في حياة داود فما الذي ورث من داود غير ماله؟!.

وأما القول في زكريا عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ إذ يقول:{وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}[مريم/5-6] ، فوهب الله له يحيى.

فزعمت الخوارج: أن يحيى ورث نبوة زكريا وعلمه، وقد سأل زكريا ربَّه أن يرثه ويرث من آل يعقوب؛ فدعوة الأنبياء مُجَابَة.

وقد قال الله [تعالى]:{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ}[الأنبياء/90] ؛ فما الذي ورث يحيى من آل يعقوب: أنبوتهم، أم غير نبوتهم؟!.

[فقل لهم]: كيف خاف زكريا الموالي من ورائه أن يرثوه النبوة والعلم، والنبوَّة والعلم ليسا في يده فيرثها مواليه وبنو عمه؛ إنما هما إلى الله يصطفي لهما من يشاء من عباده؟!.

[ جوابات على بعض مسائل متفرقة]

وأمَّا ما احتجت به الخوارج من مخاطبة حوشب ذي ظليم لعلي بن أبي طالب وسؤاله إياه أن يمسك عن الحرب، ويُصَيِّرُ لهم الشام، ويُصَيِّرُوْنَ له العراق، وجواب عليٍّ عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ إياه بالكراهة لذلك دون القتال والطاعة، وذلك - زعموا - قبل صِفِّين بأيام، فلم يلبثوا إلا بضعة عشر يوماً حتى افترقوا عن سبعين ألف قتيل.

والحجة على الخوارج في ذلك من الوجهين جميعاً؛ إن كانوا قاتلوا مع علي بن أبي طالب على غير الحق، وقتلوا أصحاب معاوية بغياً وظلماً وعدواناً.

فقل لهم: ماذا أعدوا لله تعالى من الجواب إذا سألهم عن قتل من قتلوا ظلماً وعدواناً؟

وإن كانوا قاتلوا معه على حق فإلى أنفسهم أحسنوا؛ إذ أمرهم الله بأمره فأطاعوه والمنَّة لعليٍّ عليهم في ذلك، فما معنى احتجاجهم في حوشب ذي ظليم؟!.

وأما قولهم: إن الحجاج بن يوسف -لعنه الله- سأل الحسن بن أبي الحسن البصري([396]) فقال له: ما تقول في عليّ، وعثمان، وطلحة، والزبير، أيُّهم كان على الحق، وأيُّهم كان على الباطل؟

فقال الحسن له: أقول كما قال من هو خير مني لمن هو شر منك؛ قال فرعون لموسَى:{فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى}[طه/51] .

قال موسى:{قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى}[طه/52] .

فإن كان الحسن عند الخوارج قدوة فقد كان ينبغي لهم أن يقتدوا به وأن يمسكوا عن ذكر الشيعة ولا يكفروهم، وأن لاَ يقولوا فيهم الزور والبهتان.

ويمسكوا عن ذكر الخلافة، ولا يحتجوا لأبي بكر ، ولا لعمر، على علي بن أبي طالب عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ([397]).

ويمسكوا عن انتقاص عليٍّ، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعائشة، وأن لا يخطئوهم.

وعن انتقاص معاوية، وأبي موسَى الأشعري، وعمرو بن العاص. وإذا سألوهم عنهم أن يقولوا فيهم كما قال الحسن للحجاج.

واحتجوا علينا بذلك: إذ سأله - فيما زعموا - عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير، وعائشة، وأبي موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، والشيعة، فيجب أن يذكـروا عندهم أن يقولوا:علمهم عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى.

ولا يبحثوا عن أمورهم، ولا ينظروا في مساوئ أخبارهم وأفعالهم؛ حتى يعلم الخلق أنهم قد اقتدوا بالحسن بن أبي الحسن البصري؛ إذ اتخذوه حُجَّة.

وكل حججهم منتقضة؛ لأن الباطل لا قوام له ولا صحة فيه، والحق يتلألأ مثل الشمس مُضيءٌ مُنير لا تَفْسُدُ حُجَجُه، ولا يَقطع صاحبه، ولا يُدخله البوار([398])، ولا يُعقِّب النار.

وأما ما ذكروا عن الربيع بن خثيم وسؤال من سأله([399]) أن يُذكِّرَ الناس ويحضهم على الخير، فكان من قوله: ما أنا براضٍ عن نفسي حتى أفرغ من ذمها إلى ذم الناس.

وزعم([400]) أنه لا يخاف الله في ذنوب الناس، وأنه يخاف في ذنب نفسه.

وزعموا: أنه ينبغي [للعاقل]([401]) أن يكون له في نفسه شُغل عن الناس، ويحاسب نفسه، وأنه يخزن لسانه عَمَّا لا يحل له؛ فذلك خير له وأسلم لدينه.

فإن مثل الخوارج ومن قال بقولهم في هذا وأمرهم به غيرهم، وتركهم فعله؛ كما قال الله عَزَّ وَجَلَّ:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}[البقرة/44] .

وقال الشاعر:

إذا عبت أمراً ثم جِئتَ بمثله

 

فأنت ومن تزري عليه سواء

 

 وقول آخر [في المعنى([402])]:

لا تنه عن خُلق وتأتي مثله

 

عار عليك إذا فعلت عظيم

 

فلو تدبرت الخوارج كتاب الله تعالى، واقتصروا على أمره ونهيه، وفزعوا بما لم يعلموا من العلم والدِّين إلى من أُمروا أن يفزعوا إليه عند اشتكال الأمور عليهم([403])، وتشبهها لهم، ولم يقيموا أَئمةً لم يؤمروا بإقامتهم، وقلّدوا دينهم ما لم يؤمروا بتقليده رجالاً موَّهوا عليهم؛ يحلّون لهم الحرام، ويحرمون عليهم الحلال؛ كان أسلم لهم في دينهم ودنياهم، وأرضى لخالقهم([404])؛ ولكن قول الله تبارك وتعالى أصدق إذ يقول:{وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ}[يونس/101] .

 * * * * * * * * * * * * *

وفقنا الله تعالى وإيَّاك لطاعته، وحجزنا وإيِّاك عن معصيته بعصمته، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، وصلواتُ الرؤوف الرِّحيم ربنا على الرؤوف الرَّحيم نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آهل بيته الطَّيِّبِين الأخيار([405])، الصَّادقين الأبرار، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطَّهِّرهم تطهيراً.

تمّ كتاب الكامل المنير، بمنِّ الله وتيسيره، وعونه وتوفيقه وتسديده، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * *


 

([1]) تفسير القرطبي: 1/272 و7/172، كشاف القناع لابن إدريس: 6/160.

([2]) ووردت هذه القصة بألفاظ مختلفة في موارد متعدّدة نذكر بعضها ونختمها بجملة من المصادر.

فمنها: قد وليت أمركم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن زغت فقوّموني - كما جاء في لفظ ابن الجوزي في الصفوة -.

ومنها: إنّي وليت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على الحقّ فأعينوني، وإن رأيتموني على الباطل فسدّدوني - كما في طبقات ابن سعد: 3/151(3/-القسم الأول- 139).

ومنها: ألا وإنّما أنا بشر ولست بخير من أحد منكم فراعوني، فإذا رأيتموني استقمت فاتّبعوني، وإن رأيتموني غضبت فاجتنبوني، لا أُوثر في أشعاركم وأبشاركم - كما في الطبقات أيضاً - والإمامة والسياسية لابن قتيبة: 1/16، وتاريخ الطبري: 3/210، وغيرها.

ومنها: أما والله ما أنا بخيركم، ولقد كنت لمقامي هذا كارهاً، ولوددت أنّ فيكم من يكفيني، أفتظنون أنّي أعمل فيكم بسنة رسول الله (ص)؟‍ إذن لا أقوم بها، وإنّ رسول الله كان يُعصم بالوحي وكان معه ملك، وإن لي شيطاناً يعتريني، فإذا غضبت فاجتبنوني..

أنظر: مسند أحمد بن حنبل: 1/14، مجمع الزوائد للهيثمي: 5/183، الإمامة والسياسة لابن قتيبة: 1/16(صفحة: 6، ضمن خطبة أبي بكر)، والصفوة: 1/99، المجتبى لابن دريد: 27، عيون الأخبار لابن قتيبة: 2/234، كنز العمال للمتقي الهندي: 3/126 و135-136. قال: رواه الطبراني في الأوسط، الرياض النضرة للمحب الطبري: 1/167 و177، تاريخ الطبري: 3/203 و210، تاريخ ابن كثير: 5/247، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 47-48، تاريخ ابن جرير: 2/440، تاريخ اليعقوبي: 2/107، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1/134 و3/8 و14، 4/167(الطبعة ذات أربعة مجلدات)، سيرة ابن هشام: 4/340، السيرة الحلبية: 3/288، تهذيب الكامل: 1/6، إعجاز القرآن: 115، العقد الفريد لابن عبد ربّه الأندلسي: 2/158، وغيرها من مصادر العامّة.

([3]) تفسير ابن جرير: 64/114، طبقات ابن سعد: 2/ق2/101، تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني: 7/37، حلية الأولياء لأبي نعيم: 1/67-68، كنز العمال للمتقي: 1/228، معالم المدرستين لمرتضى العسكري: ص515.

([4]) كنز العمال: 12/212 ح 1219، وراجع كنور الحقائق للمناوي، المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري: 3/137، وفيه ((فمن أراد العلم)) بدلاً عن ((فمن أراد المدينة)).

وفي رواية:((أنا مدنية العلم وعليّ بابها، فمن أراد المدنية فليأت من الباب)). قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.

أنظر مستدرك الصحيحين: 3/126. وفي ص127 بطريق آخر، وفي تاريخ بغداد: 4/348 و7/172 و11/48، أسد الغابة: 4/22، مجمع الزوائد: 9/114، تهذيب التهذيب: 6/320 و7/427، متن فيض القدير: 3/46، كنز العمال: 12/201، ح1130، الصواعق المحرقة: ص73. معالم المدرستين: 1/515-516.

([5]) الأحاديث المذكورة (20) حديثاً، ويبدو لي أن الحديث الحادي والعشرين هو: أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال:((من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنة الله لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم))، وقد يكون سقط من قبل الناسخ، والحديث أخرجه محمّد بن إسماعيل الأمير الصنعاني في كتابه: سبل السلام 4/190.

([6]) عكرمة بن عبد الله البربري، أبو عبد الله مولى عبد الله بن عباس رَضِيَ اللهُ عنهما، المتوفي سنة 107ه‍، أصله من البربر، وهب لعبد الله بن عباس فاجتهد في تعلميه القرآن والسنة، روى عن ابن عباس، والحسن بن علي، وابن عمر، وأبي سعيد، وأبي هريرة، وعائشة، غيرهم.

([7]) ما بين المعقوفين تصويب؛ ففي (أ): فتبارك.

([8]) خُرَاسَان: كلمة مركبة من (خور) أي شمس، و(اسان) أي مشرق. بلاد قديمة في آسيا بين نهر امودَيا شمالاً وشرقاً، وجبال هندوكوش جنوباً، ومناطق فارس غرباً.

([9]) سنن الترمذي: كتاب الفتن، ح/2163. وسنن ابن ماجة: كتاب الفتن، ح/4062. ومسند أحمد: مسند العشرة المبشرين بالجَنَّة، ح/12 و33.

([10]) وفي (ب،ج‍): مولى بن سباع.

([11]) عبد الله بن عمر بن الخطاب، كنيته أبو عبد الرَّحمن، ولد بعد البعثة بيسير، وهو شقيق حفصة، توفي في أول سنة 74ه‍. واستصغر يوم أحد، وهو ابن 14 سنة، وهو من المكثرين في الرواية، له ألف وستمائة وثلاثون حديثاً، وقد هاجر مع أبيه، وشهد الخندق وبيعة الرضوان. روى عنه بنوه: سالم، وحمزة، وعبيد الله، وابن المسيب ومولاه نافع.

([12]) في (ج‍): فلا أعلم إلا وحدث انقصاماً في ظهري.

([13]) من (ب،ج‍).

([14]) من (ب،ج‍) وفي (أ): بأمي وأبي.

([15]) تصويب من (ب،ج‍) ففي (أ): شيء.

([16]) من (ب،ج‍).

([17]) سنن الترمذي: كتاب تفسير القرآن، ح/26965.

([18]) مسند أحمد: مسند العشرة المبشرين بالجَنَّة، ح/34.

([19]) من (ج‍).

([20]) من (ج‍).

([21]) سقط من (أ)، وأثبت من (ب،ج‍).

([22]) مسند أحمد: مسند العشرة المبشرين بالجَنَّة، ح/43 و53. سنن أبي داود: كتاب الصلاة، ح1300. سنن الترمذي: كتاب الصلاة، ح371.

([23]) صحيح البخاري: كتاب المناقب، ح3435، وكتاب المغازي ح3730، وكتاب الفرائض ح6230. ومسلم: كتاب الجهاد والسير، ح3304 و3305. وسنن الترمذي: كتاب السير، ح1533. والنسائي: كتاب قسم الفيء، ح4072. سنن أبي داود: كتاب الخراج والأمارة والفيء، ح2578. مسند أحمد: مسند العشرة المبشرين بالجَنَّة، ح9 و25 و74 و52 و55.

([24]) من (ب، ج‍)، وفي (أ): أبصرنا تحت قدميه.

([25]) البخاري: كتاب المناقب ح3380 و3629، وكتاب تفسير القرآن ح4295. وصحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، ح4389. وسنن الترمذي: كتب تفسير القرآن، ح3021. ومسند أحمد: مسند العشرة المبشرين بالجَنَّة، ح11.

([26]) سنن الترمذي: كتاب البر والصلة، ح1869. مسند أحمد: مسند العشرة المبشرين بالجَنَّة، ح71. سنن ابن ماجة: كتاب الأدب، ح3681.

([27]) أسماء بنت عميس - بضم المهملة الأولى - الخثعمية، أسلمت مع زوجها جعفر عليه السلام، وهاجرت الهجرتين، وتزوجها بعد جعفر أبو بكر فولدت له محمداً، ثم تزوجها أمير المؤمنين عليه السلام بعد موت فاطمة عليها السلام، فولدت له يحيى، وهي القابلة للحسنين عليهما السلام، وكانت من خواص أهل البيت عليهم السلام، توفيت بعد علي عليه السلام. روى عنها أولادها عبد الله وعون ابنا جعفر، ومحمد بن أبي بكر.

([28]) سنن الترمذي: كتاب مناسك الحج، ح2616. سنن ابن ماجة: كتاب المناسك، ح2903. وفي موطأ مالك: كتاب الحج، ح618:((ثم لتهيل))، و(تهل): أي تحرم وتلبي.

([29]) أبو مليكة. عن عائشة، وعنه محمد بن عبد الله بن عمر. والصواب بن أبي مليكة.

([30]) سنن الترمذي: كتاب الدعوات، ح3438، وما بين المعقوفين سقط من (أ)، وأثبت من (ب،ج‍).

([31]) أبو مرة مولى عمرو بن العاص. عن مولاه وابنه، وعمر بن الخطاب. وعنه يزيد بن الهاد.

([32]) عبد الرَّحمن بن أبي ليلى الأنصاري، أبو محمد الكوفي، ولد في خلافة أبي بكر، وقتل في وقعة الجماجم سنة 82ه‍.  قرأ القرآن على علي عليه السلام، وأدرك مائة وعشرين من الصحابة، وشهد النهروان مع علي عليه السلام.

([33]) من (ب،ج‍).

([34]) في (أ): أنا أخبرك بما سمعته.. وفي (ب): أنا أخبرك عنها بما تسمعه.

([35])مسند أحمد: مسند العشرة المبشرين بالجَنَّة، ح/1314.

([36]) عبيد الله بن عمير. عن عائشة، وعنه عطاء. الصواب في هذا وفي الأول عبيد بحذف الجلالة. ترجمته في الجداول -خ-: ص248.

([37]) من (ب،ج‍).

([38]) مسند أحمد: مسند العشرة المبشرين بالجَنَّة، ح27.

([39]) وفي (ب): من قرأ لها.

([40]) في (ج‍): في سبيل الله تعالى.

([41]) ونحوه ما أورده الأعقم في تفسيره عن الحاكم قال: وعن أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:((يس تدعا المُعِمَّة))، قيل يا رسول الله: وما المُعِمَّة؟. قال:((تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة. وتدعا الدافعة تدفع [عنه] كل شيءٍ، والقاضية تقضي له كل حاجة. ومن قرأها عدلت له عشرين حجَّة، ومن سمعها عدلت له ألف دينار في سبيل الله)). روى ذلك الحاكم. اه‍، أنظر تفسير الأعقم سورة يس الآية/1.

([42]) من (ب،ج‍).

([43]) في (ج‍): تتبعكم.

([44]) مسند أحمد: باقي مسند الأنصار، ح/22685، وهو مروي عن علي بن زيد عن أبي الطفيل.

([45]) القطا: طائر معروف، واحدهُ قطاة، والجمع قطوات وقطيات. وممن ذكر أن القطا من الحمام الرافعي في كتاب الحج والأطعمة، ومن أهل اللغة ابن قتيبة.

ومفحص قطاة: بفتح الميم موضعها الذي تجثم فيه وتبيض كأنها تفحص عنه التراب - أي تكشفه -، والفحص: البحث والكشف. وخصت القطاة بهذا لأنها لا تبيض في شجر ولا على رأس جبل إنما تجعل مجثمها على بسيط الأرض دون سائر الطيور.

([46]) مسند أحمد: مسند بني هاشم، ح2050، سنن ابن ماجة: كتاب المساجد والجماعات، ح730.

([47]) مسند أحمد: مسند العشرة المبشرين بالجَنَّة، ح60.

([48]) (ج‍): يسار.

([49]) عبد الله بن أبي الهذيل، أبو المغيرة الكوفي. عن علي، وعمر وابن مسعود. وعنه إسماعيل بن رجاء، وغيره.

([50]) في (ج‍): وأطعمنا.

([51]) في (ج‍): ما هذا؟ إن غنمنا قد غرزت.

([52]) من (ج‍)، وفي (ب): ائتني به.

([53]) المناقب للكوفي: 1/70 ح28، مصنف ابن أبي شيبة: 11/105، مسند أحمد بن حنبل: 1/462، سنن البيهقي: ج6/84، مستدرك الصحيحين للحاكم: 3/8-10، أنظر حاشية المناقب للكوفي.

([54]) معقل -بفتح الميم وسكون المهملة، وكسر القاف، فلام - بن يسار - بمثناة تحتية فمهملتين بينهما ألف - المزني، أبو عبد الله، شهد بيعة الرضوان، نزل البصرة، وفي المثل: إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل. وبها توفي آخر زمن معاوية. عنه الحسن، ومعاوية بن قرة. خرج له أبو طالب، ومحمد، والجماعة.

([55]) - مما (نخ).

([56]) وفي (ب): وأستغفرك لما لا أعلم.

([57]) - نخ (أ): ولم.

([58]) تصويب ففي (أ): القراءة.

([59]) أنظر تفسير القرطبي: 1/352، وفيه زيادة لفظ: فإن كانوا في الهجرة سواء ((فأقدمهم سلماً))، وفي مضمون الحديث - أيضاً - أنظر: الكافي في فقه ابن حنبل لابن قدامة المقدسي: 1/186، كشاف القناع لابن إدريس البهوتي: 1/462، فتاوى ابن تيمية: 19/26، و23/244، مغني المحتاج للشربيني: 1/243، شرح فتح القدير للسيواسي: 1/347، وفيه:((فأقدمهم إسلاماً))، بدائع الصنائع للساكاني: 1/157، صحيح مسلم: 1/465 ح673، سنن الترمذي: 1/459، مصنف ابن أبي شيبة: 1/301، مصنف عبد الرزاق: 2/389، السنن الصغرى للبيهقي: 1/313، السنن الكبرى للبيهقي: 3/119، سنن أبي داود: 1/159، المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري: 1/370، صحيح ابن حبان: 5/501 و505، سنن الدار قطني: 1/280، بداية المجتهد للقرطبي: 1/104، المنتقى لابن الجارود النيسابوري: 1/85.

([60]) معاذ بن جبل بن عمرو الخزرجي السلمي، أبو عبد الرحمن، توفي في طاعون عمواس بالأردن سنة 18ه‍. كان من أعيان الصحابة في العلم والفتوى، والحفظ للقرآن، أسلم وله 18 سنة، شهد العقبة الأخيرة وبدراً، وما بعدها، وبعثه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن يعلم القرآن والأحكام، وكان يزوره في الأسفار، وأخذ بيده، فقال:((يا معاذ ! والله إنِّي لأحبُّك))، وكان أمة حنيفاً قانتاً.

([61]) نخ (ب): ابن أم معبد.

([62]) من (ج‍).

([63]) نخ (ب): ابن أم معبد.

([64]) من (ج‍).

([65]) في (ج‍) والخوف والعقاب.

([66]) نخ (ب) : ابن أم معبد.

([67]) وهما أبا بكر وعمر.

([68]) من (ب،ج‍) وفي (أ): الذين فيهم.

([69]) وفي الرياض النضرة: 2/198 وذخائر العقبى: ص83، قالا فيهما عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنه قال:((أقضى أُمّتي عليٌّ)). قال أخرجه في المصابيح الحسان. أنظر الرياض النضرة: 3/147، المناقب للخوارزمي: ص81.

وعن عمر بن الخطاب، قال: أقضانا علي بن أبي طالب. قال أخرجه السلفي. أنظر الرياض النضرة: 3/147، ذخائر العقبى: ص83، فتح الباري: 7/60.

وفي مضمون الحديث أيضاً أنظر صحيح البخاري: كتاب التفسير في باب قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنْسِهَا}(البقرة/106)، صحيح ابن ماجة: باب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ص14، مستدرك الصحيحين: 3/146، سنن أبي داود، أسد الغابة: 4/22، طبقات ابن سعد: ج2 /القسم2/ ص102، الاستيعاب لابن عبد البر: 1/8 و2/461، سنن البيهقي: 10/269، حلية الأولياء لأبي نعيم: 1/65 و1/66، الهيثمي في مجمعه: 9/165، الرياض النضرة: 2/198، مرقاة المفاتيح لعلي بن سلطان: 5/198.

([70]) نخ (أ): فبما.

([71]) وقال تعالى: {وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ} (المائدة/49)، وما بين المعقوفين تصويب؛ ففي (أ): احكم بما أنزل الله.

([72]) من (ب،ج‍).

([73]) ما بين المعقوفين تصويب، ففي (أ): لقد.

([74]) من (ب،ج‍).

([75]) - نخ (ب) : وفيهم.

([76]) سنن ابن ماجة: المقدمة، باب 11 ح/156. سنن الترمذي: كتاب المناقب، باب مناقب أبي ذر، مسند أحمد: 2/143 و175 و223 و5/351 و356 و4/442، وطبقات ابن سعد: ط. أوربا، 4/ق1/168 معالم المدرستين: 1/464.

([77]) أنظر العقد الفريد لابن عبد ربِّه: 4/274.

([78]) وذلك عندما أرسل الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر بتبليغ سورة براءة، فمن الأحاديث الدالة على ذلك في مسند أحمد وغيره، واللفظ لمسند أحمد قال: عن علي قال: لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم دعا النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكَّة، ثمّ دعاني النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلم فقالي لي:((أدرك أبا بكر، فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى أهل مكَّة فاقرأه عليهم)). فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه، ورجع أبو بكر إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله؛ نزل فيَّ شيءٌ؟ قال:((لا؛ ولكن جبرئيل جاءني فقال: لن يؤدّي عنك إلاّ أنت أو رجل منك)). أنظر مسند أحمد: 1/151، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/203، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/119.

وفي مضمون الحديث أيضاً أنظر صحيح الترمذي: 2/183، خصائص النسائي: ص20، تفسير ابن جرير: 10/46-47، مستدرك الصحيحين: 3/51، مسند أحمد بن حنبل: 1/3 و330، كنز العمال: 1/246 و6/339، ذخائر العقبى للمحب الطبري: ص69، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/119، تفسير الدر المنثور للسيوطي: 3/219-210 معالم المدرستين لمرتضى العسكري: 1/213-214.

([79]) وقال صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:((صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنَّة))، وفي رواية عنه صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:((اصبروا آل ياسر موعدكم الجنَّة))، أنظر في مضمون الحديث: المجموع لمحيي الدين بن شرف: 1/352، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/293، المستدرك على الصحيحين للحاكم: 3/432، سير أعلام النبلاء للذهبي: 1/409.

([80]) مصنف ابن أبي شيبة: 6/385، وفي مضمون الحديث أنظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 1/415 و419، سبل السلام لابن الأمير الصنعاني: 3/285، تحفية الأحوذي: 10/204 و213، صحيح ابن حبان: 15/553-554، صحيح البخاري: 1/172 وفيه قوله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:((ويح عمَّار تقتله الفئة الباغية..))، مجمع الزوائد للهيثمي: 7/243، وفيه :((اللَّهُمَّ إنّك أولعتهم بعمار يدعوهم إلى الجَنَّة ويدعونه إلى النار)). رواه أبو نعيم في حليته: 4/20. وذكره المتقي - أيضاً - في كنز العمال: 6/184.

([81]) كنز العمال للمتقي الهندي: 7/75 و 1/538 ح37410، صحيح البخاري: 1/172 ح436، مسند أحمد: 3/516 ح11451، البداية والنهاية لابن كثير: 3/263، مجمع الزوائد للهيثمي: 7/244، سير أعلام النبلاء للذهبي: 1/425، وفيه قول عمار رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يوم صفين: ائتوني بشربة لبن قال. فشرب ثم قال: قال رسول الله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:((إن آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن)) ثم تقدم فقتل وقال عمار بصفين -أيضاً-: أزفت الجنان وزوجت الحور العين اليوم نلقى حبيبنا محمدا صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

([82]) من (ب،ج‍)، وفي الأصل: من.

([83]) (ب): حتى.

([84]) ومثله ما جاء في الأنساب:(قال سلمان حين بويع أبو بكر (كرداذ وناكرداذ) أي علمتم وما عملتهم - لو بايعوا علياً لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم). اه‍، أنظر أنساب الأشراف للبلاذري: ص591.

([85]) زاذان أبو عمر، وقيل: أبو عبد الله الكندي مولاهم، الكوفي، توفي سنة82ه‍. من مشاهير التابعين، ومن أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. خَرَّج له الجماعة إلا البخاري، وأئمتنا الخمسة إلا الجرجاني، وهو المراد أينما ورد مطلقاً في كتب أئمتنا عليهم السلام.

([86]) (ب،ج‍): أنت خليفتي ووصيي على أهلي.

([87]) أنظر المناقب للكوفي: 1/414 ح327، أنساب الأشراف للبلاذري: ص591.

([88]) قصة ما وقع بين أبي ذر وعثمان، وخبر نفيه إلى الربذة تجدها في المصادر التالية: شرح النهج لابن أبي الحديد: 8/257-259، مروج الذهب للمسعودي: 2/340-341، المستدرك على الصحيحين للحاكم: 3/344، الكامل لابن الأثير: 2/280.

([89]) وفي (ب،ج‍):((لكبكم الله في نار جهنم)).. اه‍، وروى ابن المغازلي الشافعي في كتابه المناقب بسنده عن ابن لعيهة عن أبي الزُّبير قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعرفات وعليٌّ تجاهه فأومأ إليَّ وإلى عليّ فأقبلنا نحوه وهو يقول:((ادن منِّي يا عليُّ)) فدنا منه فقال:((ضع خمسك في خمسي)) فجعل كفَّه في كفِّه فقال:((يا عليُّ؛ خُلِقتُ أنا وأنت من شجرة أنا أصلها وأنت فرعها، والحسن والحسين أغصانها، فمن تعلّق بغصن منها أدخله الله الجنَّة.

يا عليُّ؛ لو أنَّ أُمَّتي صاموا حتَّى يكونوا كالحنايا، وصلُّوا حتَّى يكونوا كالأوتار وأبغضوك لأكبَّهم الله في النَّار)). اه‍ أنظر المناقب لابن المغازلي: ص186 ح340.

([90]) وفي رواية الترمذي: (إذا طلع فانفضّ الناس، فقال رسول الله (ص):(إنِّي لأنظر إلى شياطين الجنّ والإنس قد فرّوا من عمر). أنظر سنن الترمذي: أبواب المناقب، باب مناقب عمر.

وفي رواية: (أنّ جارية سوداء ضربت بالدفّ وغنّت بين يدي رسول الله (ص) بعد رجوعه من إحدى غزواته، فدخل عمر فألقت الدفّ تحت استها، ثمّ قعدت عليها، فقال رسول الله (ص): إنّ الشيطان ليخاف منك يا عمر). أنظر سنن الترمذي: أبواب المناقب، باب مناقب عمر، ومسند أحمد: 5/353.

([91]) المناقب للكوفي: 1/152 ح86 وص276 ح179وص277 ح191 وص280 ح194 وص299 ح223 وجميعها برواية محمَّد بن سليمان الكوفي بأسانيد مختلفة، وأنظر أيضاً مجمع الزوائد للهيثمي: 9/102، فيض القدير للمناوي: 4/358 في الشرح، كنز العمال للمتقي الهندي: 6/156 ح32990. متخب فضائل النبي وأهل بيته(ع): ص133-134.

([92]) وفي حاشية (أ): أصل التلاوة هو قوله [تعالى]: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا [هُوَ مَعَهُمْ]..} الآيات. (سورة المجادلة: الآية/7).

([93]) في (ج‍): قد تكون الصحبة للمؤمن والكافر.

([94]) تفسير الطبري: 28/112، تفسير ابن كثير: 1/49، صحيح مسلم: 4/1998، سنن الترمذي: 5/417، فتح الباري لابن حجر العسقلاني: 2/127، مصنف عبد الرزاق بن همام الصنعاني: 9/469، مجمع الزوائد للهثمي: 1/109 و6/231.

([95]) سنن الترمذي: 5/599 ح3732، خصائص النسائي - ضمن السنن -: 5/119 ح8427، حلية الأولياء: 4/153، الرياض النضرة: 3/139، كفاية الطالب: ص202، تذكرة السبط: ص41، مسند أحمد بن حنبل: 2/62، كنز العمال: 6/319، أسد الغابة: 3/214، مستدرك الصحيحين: 3/125، فتح الباري: 8/15، المعجم الكبير للطبراني: 2/246 ح2031، (المنتخب في فضائل النبي وأهل بيته عليه السلام: ص245-246).

([96]) وذكر المتقي في كنز العمال قال: عن علي عليه السلام أخذ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم بيدي قال:((إن موسى عليه السلام سأل ربَّه أن يطهر مسجده بهارون وإنِّي سألت ربِّي أن يطهر مسجدي بك وذريتك)). أنظر كنز العمال للمتقي: 6/408.

([97]) من (ج‍)، وفي (أ، ب): وخرجت.

([98]) الدر المنثور للسيوطي- في ذيل تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى} (النجم/3)، صحيح الترمذي: 2/301، مستدرك الصحيحين للحاكم: 3/116 و125، مسند أحمد بن حنبل: 1/175 و330 و2/26، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/114 و115 و119، سنن النسائي: ص8، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/203، حلية الأولياء لأبي نعيم: 4/153، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 7/205، كنز العمال للمتقي: 6/398، ميزان الاعتدال للذهبي: 2/194.

([99]) وروى البيهقي في سننه بسنده عن أم سلمة [رَضِيَ اللهُ عنها] قالت: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوجه هذا المسجد فقال:((ألا لا يحل هذا المسجد لجنب ولا لحائض إلاَّ لرسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين، ألا قد بينت لكم الأسماء أن لا تضلوا)).

ورواه بطريق آخر أيضاً عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:((ألا إنّ مسجدي حرام على كل حائض من النساء وكل جنب من الرجال إلاَّ على محمَّد وأهل بيته علي وفاطمة والحسن والحسين)). أنظر سنن البيهقي: 7/65. ثم إن الطريقين المذكورين قد ذكرهما المتقي أيضاً في كنز العمال: 6/217، قال في أولهما: أخرجه البيهقي وابن عساكر، وقال في ثانيهما: أخرجه البيهقي. أنظر فضائل الخمسة للفيروز آبادي: 2/175.

([100]) من (ب)، وفي (أ): وإن كان أمراً بذلك.

([101]) للحديث مصادر عديدة يجدها الطالب في صحيح البخاري: 3/1086 ح2812، مسند أحمد بن حنبل: 1/185 و230 و320، 2/384، 4/51، 5/322 و353، خصائص النسائي: ص4 و6 و8 و16 و32، المرقاة لعلي بن سلطان - الذيل -: 5/566، طبقات ابن سعد: 2/ق1/80، الاستيعاب: 2/450، كنز العمال: 5/283-258، 6/393 و395، 404-406، الرياض النضرة: 2/185، مسند أبي داود الطيالسي: 10/320، تاريخ بغداد: 1/259، 7/401، مستدرك الصحيحين: 3/38 و437، مجمع الزوائد: 6/150-151، 9/119 و126، تاريخ الطبري: 2/300، الرياض النضرة: 2/187 و203، حلية الأولياء: 1/62، تهذيب التهذيب: 7/337 و339، أسد الغابة: 3/34، 4/30، 5/231، الإصابة: 7/ق2/108، الكشاف للزمخشري: تفسير آية النجوى - المجادلة. منتخب فضائل النبي وأهل بتيه عليه السلام: ص152 و154.

([102]) في (ج‍): (ما أنت فإني آليت)، كما أن في (ب): (الايت) وهو خطأ من الناسخ، والصواب: آليت.

([103]) من (ب،ج‍).

([104]) أنبهم: لامهم ووبخهم، تمت قاموس.

([105]) من (ب)، وفي (أ): وقال.

([106]) أنظر: صحيح البخاري: كتاب الجهاد والسير - باب ما قيل في لوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم - وباب فضل من أسلم على يديه رجل، صحيح مسلم: كتاب الجهاد والسير - باب غزوة ذي فرد -، مسند أحمد بن حنبل: 4/51، الاستيعاب لابن عبد البَّر: 2/450، طبقات ابن سعد: 2/القسم1/80، كنز العمال للمتقي: 5/284، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/185، صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة من فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام، صحيح الترمذي: 2/300 في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام، خصائص النسائي: ص4، صحيح ابن ماجة: ص12 باب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/123-124، مستدرك الصحيحين للحاكم: 3/38، مسند أحمد بن حنبل: 51/320 و/353، حلية الأولياء لأبي نعيم: 1/62، خصائص النسائي: ص4 و8 و32، تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني: 7/337، الإصابة لابن حجر العسقلاني: 7/القسم1/108، أُسد الغابة لابن الأثير الجزري: 3/34.

([107]) الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/172 مرقاة المفاتيح لعلي بن سلطان: 5/568، وفيهما ((وأنا منكما يا رسول الله)) قالا: أخرجه أحمد في المناقب. وذكره الهيثمي أيضاً في مجمعه: 6/114، وقال رواه الطبراني، وذكره المتقي أيضاً في كنز العمال: 6/400 وقال أيضاً: رواه الطبراني.

([108]) ويسميه أهل العربية: استفهام تقريري. اه‍ من حاشية (أ).

([109]) عمرو بن عبد ودّ، ويقال: ابن ود، وقد كان عمرو من مشاهير الأبطال ومن ذوي الجرأة من الرجال، وقد قتله الإمام علي عليه السلام في يوم الخندق، والقصة في ذلك مشهورة، وقالت أم كلثوم - أخت عمرو بن عبد ود - ترثيه وتذكر قتل علي عليه السلام له:

لو كان قاتل عمرو غير قاتله

 

لكنت أبكي عليه دائم الأبد

 

لكن قاتله من لا يُعاب به

 

قد كان يدعى أبوه بيضة البلد

 

من هاشم في ذراها وهي صاعدة

 

إلى السماء تميت الناس بالحسد

 

قوم أبى الله إلا أن يكون لهم

 

كرامة الدين والدنيا بلا لدد

 

يا أم كلثوم ابكيه ولا تدعي

 

بكاء معولة حرّى على ولد

 

انتهى، أنظر كتاب ((سيرة المصطفى)) لهاشم معروف الحسني: ص495.

([110]) (ب،ج‍): من أصحاب النبي عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ.

([111]) أوحله: أوقعه وغلبه، وأثقله به. اه‍ قاموس.

([112]) - زيادة من نخ (أ). 

([113]) (ب،ج‍): إن لم يجد مطيعاً.

([114]) (ب): ويورثه.

([115]) - نخ (ب) : تلزم.

([116]) المناقب للكوفي: 1/230 ح144، وص236ح150، المصنف لابن أبي شيبة: ج12، تاريخ دمشق: 2/327، وابن عساكر في ترجمته: ح834-836. أنظر هامش مناقب الكوفي: 1/230-231. تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 12/398، كنز العمال للمتقي: 6/408، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/118.

([117]) عقيل بن أبي طالب بن هاشم، أسلم يوم بدر هو والعباس ونوفل بن الحارث - كما في رواية الإمام أبي طالب -. شهد مؤتة، وكان أنسب قريش، وقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم:((إنِّي أحبُّك حبين: لحب أبي طالب، وحبِّي إيّاك)). رواه الجرجاني، وابن عبد البَّر، وابن أبي الحديد. له أحاديث رواها عنه ابنه محمد والحسن البصري، توفي في خلافة معاوية. أخرج له أبو طالب، والجرجاني، والنسائي، وابن ماجة، وله ذكر في مجموع زيد بن علي في الوكالة.

([118]) طبقات ابن سعد: 2/232، معالم المدرستين: 1/330).

([119]) قال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ( إذا كان في عصر هذا الإنسان إمام قائم زكي تقي علم نقي فلم يعرفه ولم ينصره وتركه وخذله ومات على ذلك مات ميتة جاهلية، فإذا لم يكن إمام ظاهر معروف باسمه مفهوم بقيامه فالإِمام الرسول والقرآن وأمير المؤمنين ، وممن كان على سيرته وفي صفته من ولده فتجب معرفة ما ذكرنا على جميع الأنام إذا لم يعلم في الأرض في ذلك العصر إمام ويجب عليهم أن يعلموا أن هذا الأمر في ولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خاصاً دون غيرهم، وأنه لا يعدم في كل عصر حجة لله يظهر منهم إمام يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فإذا علم كل ما ذكرنا وكان الأمر عنده على ما شرحنا ثم مات فقد نجا من الميتة الجاهلية وما على الميتة المليَّة، ومن جهل ذلك ولم يقل به ولم يعتقده فقد خرج من الميتة المليَّة ومات على الميتة الجاهلية. هذا تفسير الحديث ومعناه). اه‍ أنظر كتاب الأحكام في الحلال والحرام للإمام الهادي عليه السلام: 2/466-467.

([120]) من (ب).

([121]) تصويب من (ب)؛ ففي (أ): والله والله.

([122]) سقط من (أ،ب)، وأثبت من (ج‍).

([123]) من (ب)، وفي الأصل: يَتلُو الجُزْءُ الثَّالِثُ من كتاب الكامل المنير، جواب الخوارج على كتابهم الذي طعنوا فيه على أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ، وعنَّفوا شيعته ففي هذا الكتاب الابتداء والجواب جميعاً.

([124]) - في الأصل: جواب الخوارج على كتابهم الذي طعنوا فيه على أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ، وعنفوا شيعته، ففي هذا الكتاب الابتداء والجواب جميعاً، (وهو هذا([124]))

([125]) - نخ (أ): ومما رواه مخالفونا ومخالفوكم.

([126]) من (ج‍).

([127]) - زيادة من نخ (ب) .

([128]) - نخ (أ): يكد.

([129]) - نخ (أ): يكد.

([130]) من (ب)، وفي (أ): معاندون.

([131]) (ب،ج‍): في عبد الأشل.

([132]) وفي حاشية (ب): وقيل: إن منها:

لَعبت هاشم بالدين فلا

 

خبر جاءَ ولاَ وحيٌ نَزَل

 

 

([133]) - زيادة من نخ (أ).

([134]) - زيادة من نخ (أ).

([135]) وفي (ب): وأرَّثته.

([136]) - زيادة من نخ (ب) .

([137]) - نخ (أ) : دليت.

([138]) (ب): بما احتج به عليٌّ على أصحاب الشورى.

([139]) من (ج‍)، وفي (أ،ب): ومن.

([140]) ما بين المعقوفين من (ج‍).

([141]) - نخ (ب) : خلاف.

([142]) من (ج‍).

([143]) أنظر الفخر الرازي في تفسيره الكبير: في سورة المائدة/55، نور الأبصار للشبلنجي: ص170، تفسير الطبري: 6/186، الدر المنثور للسيوطي: 7/504، والكشاف للزمخشري ذيل تفسير الآية ، كنز العمال للمتقي: 6/319 و7/305 ، أسباب النزول للواحدي : ص148، ذخائر العقبى للطبري: ص88 و102، مجمع الزوائد للهيثمي: 7/17، منتخب فضائل النبي وأهل بيته عليهم السلام: ص182-183. كنز العمال للمتقي: 7/305.

([144]) تصويب؛ ففي (أ): قل.

([145]) روى الترمذي بسنده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، قال: لما أنزل الله هذه الآية: {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} دعا رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم علياً وفاطمة والحسن والحسين فقال:((اللَّهُمَّ هؤلاء أهلي)) أنظر صحيح الترمذي: 2/166 و2/300. وأنظر أيضاً تخريجه في حديث المناشدة في حاشية الجزء الثالث من هذا الكتاب.

قال الزمخشري في كشافه: فإن قلت: ما كان دعاؤه [أي النبي صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ] إلى المباهلة إلا ليتبين الكاذب منه ومن خصمه، وذلك أمر يختص به وبمن يكاذبه، فما معنى ضم الأبناء والنساء؟.

قلت: ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه حيث استجرأ على تعريض أعزته وأفلاذ كبده وأحبّ الناس إليه لذلك، ولم يقتصر على تعريض نفسه له، وعلى ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه مع أحبته وأعزّته هلاك الاستئصال إن تمت المباهلة، وخص الأبناء والنساء لأنهم أعزّ الأهل وألصقهم بالقلوب، وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يقتل، ومن ثمة كانوا يسوقون مع أنفسهم الضعائن في الحروب لتمنعهم من الهرب، ويسمون الذادة عنهم بأرواحهم حماة الحقائق، وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبِّه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم، وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس مفدون بها، وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عَلَيْهِمُ الْسَّلاَمُ، وفيه برهان واضح على صحة نبوّة النبيّ صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؛ لأنه لم يرو أحد من موافق ولا مخالف أنهم أجابوا إلى ذلك. اه‍، أنظر الكشاف: 1/434 تفسير قوله تعالى:{ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ..} الآية (سورة آل عمران/61).

([146]) - زيادة من نخ (أ).

([147]) مستدرك الصحيحين: 3/129، كنز العمال للمتقي: 1/251 و6/157، مجمع الزوائد للهيثمي: 7/41، التفسير الكبير للفخر الرازي، والدر المنثور للسيوطي: في ذيل تفسير الآية في سورة الرعد، نور الأبصار للشبلنجي: ص70، كنوز الحقائق للمناوي: 42.

وروى ابن جرير الطبري في تفسيره بسنده عن ابن عباس قال: لما نزلت {إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} وضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يده على صدره فقال:((أنا المنذر، ولكل قوم هاد))،وأومأ بيده إلى منكب علي عليه السلام فقال:((أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون بعدي)). أنظر تفسير ابن جريرالطبري: 13/72.

([148]) أسد الغابة لابن الأثير الجزري: 5/530 في ترجمة فضة النوبية، نور الأبصار للشبلنجي: ص102، أسباب النزول للواحدي: ص331، والرياض النضرة للمحب الطبري: 2/227، الدر المنثور للسيوطي: في ذيل تفسير قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا(8)} في سورة هل أتى.

([149])- ممَّن روى أسباب نزول هذه الآية ابن الأثير الجزري في أسد الغابة: 5/530، الزمخشري في كشافه - في تفسير قوله تعالى: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا}(الإنسان/12)، وانظر أيضاً أسباب النزول للواحدي: ص331، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/227، الدر المنثور للسيوطي - في ذيل تفسير قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}، نور الأبصار للشبلنجي: ص102، فضائل الخمسة للفيروز آبادي: 1/301=303، المناقب لابن المغازلي الشافعي: ص176 ح320.

([150]) - زيادة من نخ (أ).

([151]) إشارة إلى قوله تعالى: {قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا}(الإنسان/16).

([152]) - نخ (أ): المجتمع.

([153]) روى ابن الأثير الجزري بسنده عن الحسن - يعني البصري - يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: أهدي لرسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم  طير، فقال:((اللَّهُمَّ ائتني برجلٍّ يحبه الله ويحبه رسوله)). قال أنس: فأتى علي، فقرع الباب. فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم مشغول. وكنت أحب أن يكون رجلاً من الأنصار، ثم إن علياً فعل مثل ذلك، ثم أتى الثالثة فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم:((يا أنس؛ أدخله فقد عنيته))، فلما أقبل قال:((اللَّهُمَّ والِ من والاه)).

قال: وقد رواه عن أنس غير واحد، حدثنا حميد الطويل، وأبو الهندي، ويغنم بن سالم. اه‍. أنظر: أسد الغابة لابن الأثير: 4/30، وأنظر أيضاً كنز العمال للمتقي: 6/406.

([154])- أنظر كتاب المناقب لابن المغازلي: ص155-156 ح280.

([155]) يعقوب بن إبراهيم الكوفي، أبو يوسف، صاحب أبي حنيفة وقاضي القضاة، تفقه على أبي حنيفة، وسمع الحديث عن عطاء بن السائب وطبقته.

([156]) زياد بن المنذر الكوفي الهمداني وقيل الثقفي، وقيل النهدي. روى عن الباقر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر علياً بثلم الحيطان أي سد الأبواب التي كانت إلى المسجد، روى له الترمذي قال في الميزان: يروي عن أبي بردة وعن الحسن وعن مروان بن معاوية ومحمد بن سنان العوفي وعدة. زاد في الخلاصة، ممَّن أخذ عنهم، محمد بن كعب، وفيمن أخذوا عنه محمد بن بكر.

([157]) أبو الطفيل عامر بن واثلة. سبقت ترجمته.

([158]) هذا الحديث المعروف بحديث المناشدة، وقد ورد بألفاظ مختلفة في مواطن كثيرة في كتب المؤالف والمخالف، ومن الموارد مناشدته عليه السلام يوم الشورى، وقد أخرجه الكثير من أئمتنا عليهم السلام، وشيعتهم والعامة، كما في أمالي المؤيد بالله(ع)، والشافي للإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة(ع)، أنوار اليقين للإمام الحسن بن بدر الدين -خ-، المحيط في أصول الإمامة للشيخ الإمام أبي الحسن علي بن الحسين بن محمد الزيدي -خ-، الحدائق الوردية للشهيد المحلي -خ-، المناقب لابن المغازلي الشافعي: ص88 ح155، المناقب للخوارزمي: ص207، فرائد السمطين للحمويني، كنز العمال للمتقي الهندي: 3/155، شرح نهج البلاغة: 2/61، الصواعق المحرقة لابن حجر: ص93،  الاستيعاب لابن عبد البر: 2/460، مسند أحمد بن حنبل: 1/118 و5/366، مجمع الزائد للهيثمي: 9/107، خصائص النسائي: ص22 وص40، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/169، حلية الأولياء لأبي نعيم: 5/26، الإصابة لابن حجر العسقلاني: 3/ القسم1/29 و4/ق1/16، أسد الغابة لابن الأثير: 2/307 و3/321 و5/276.

([159]) وهم من جعل عمر فيهم الخلافة من بعده شورى: عثمان بن عفّان، وعبد الرَّحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقّاص.

([160]) روى محمد بن سليمان الكوفي بسنده عن ميمون بن مهران قال:(بينما ابن عبّاس قاعد على شفير زمزم إذاً هو برجل قائم بين الركن والمقام رافع يديه وهو يقول: الّلهمّ إنّي أبرأ إليك من عليّ بن أبي طالب!! فقال ابن عبّاس: يا ميمون تكلتك أمّك عليّ بالرجل، قال ميمون: فأخذت بيد الرجل فأتيت به ابن عبّاس فقال [له]: ويلك لأيّ شيء تبرأ من عليّ بن أبي طالب؟ قال: لأنّه قتل أهل النهروان وأهل صفين وأهل الجمل وأهل النخلة [و]كلّهم مسلمون لم يشركوا بالله طرفة عين!! قال ابن عبّاس: فما اسمك؟ قال: زمعة بن خارجة الخارجي. قال ابن عبّاس: إنّك لغويّ عن حجّتك وإنّك لمخذول من إله العرش [ويلك إنّه] لقد سبقت لعليّ سوابق لو سبقت واحدة منهنّ لأهل الدنيا إذاً لوسعتهم!! قال له الرجل: فأخبرني بها. [فـ]قال [ابن عبّاس]: أمّا الأولى فإنّ عليّاً لم يشرك بالله طرفة عين ولم يقرّب لصنم قرباناً.[فـ]قال له: الرجل: فالثانية يا ابن عبّاس فإنّي تائب. قال [ابن عبّاس] : صلّى [عليّ] مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القبلتين جميعاً وبايعه البيعتين..)الحديث أنظر المناقب للكوفي: 1/216 ح136، تحقيق محمد باقر المحمودي. وورد أن عليّاً عليه السلام أول من صلى وشبه صلاته بصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بروايات مختلفة في سنن ابن ماجة: 12، مستدرك الصحيحين للحاكم: 3/112، كنز العمال للمتقي: 6/394، المعجم الكبير للطبراني: 6/269 ح6184، الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي: 4/229، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/102، سنن النسائي: 5/106 ح8395، الرياض النضرة للمحب الطبري: 3/96، تاريخ الطبري: 2/310، سنن الترمذي: 2/301، مسند أحمد: 1/99، أُسد الغابة لابن الأثير: 4/18، خصائص النسائي: ص3، الاستيعاب لابن عبد البَّر: 3/32، الكامل في التاريخ لابن الأثير: 1/484، السيرة النبوية لابن إسحاق: ص137،  منتخب فضائل النبي وأهل بيته عليهم السلام: ص117-119، أسباب النزول للواحدي: ص182، التفسير الكبير للفخر الرازي: 10/68 - في ذيل تفسير آية قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ..}(التوبة/19). -، طبقات ابن سعد: 3/القسم1/13،  صحيح البخاري: كتاب الصلاة - باب إتمام التكبير في الركوع -، صحيح النسائي: 1/164، صحيح مسلم: كتاب الصلاة - باب إثبات التكبير في كل خفض ورفع -، صحيح ابن ماجة: كتاب الصلاة - باب التسليم -، مسند أحمد: 4/413، فتح الباري في شرح صحيح البخاري: 2/413-414.

([161]) حديث المنزلة، له شواهد متعددة تجدها في فتح الباري شرح صحيح البخاري للعسقلاني: 8/76، كنز العمال: 3/154 و5/40 و6/154 و188 و395 و402 و405 و8/215، سنن ابن ماجة: ص12، مسند أحمد: 1/170 و173-175 و177 و179 و182 و184 و185 و230 و3/32 و338 و6/369 و438، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 1/324 و3/288، و4/71 و204 و382 و8/52 و9/394 10/43 و11/432 و12/323، خصائص النسائي: ص4 و8 و14-17 و19 و32، حلية الأولياء لأبي نعيم: 4/345 و7/194-196 و8/307، سنن أبي داود: 1/28 و29، أسد الغابة لابن الأثير: 4/26 و5/8، سنن الترمذي: 2/301، مستدرك الصحيحين: 2/337، الرياض النضرة للمحب الطبري: 1/13 و2/162-164 و175 و195 و203 و7/452، خرج معنى ح162 الحافظ الدمشقي في معجمه 1/156، ذخائر العقبى للمحب الطبري: ص120، الطبقات لابن سعد: 3/القسم1/14-15، الاستيعاب لابن عبد البَّر: 2/459 مجمع الزوائد للهيثمي: 9/109-111، تاريخ الطبري: 2/368. منتخب فضائل النبي وأهل بيته عليه السلام: ص121-125.

([162]) المناقب للكوفي: 1/127-130 و1/406-408، المعجم الكبير للطبراني: 2/51 رقم2674، شواهد التنزيل للحسكاني: 2/29 رقم669، سنن الترمذي: - كتاب المناقب - في أول باب مناقب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم 5/243 ح3684، هامش المناقب للكوفي: 128-129. كنز العمال للمتقي: 7/103. فضائل الخمسة للفيروز آبادي: 1/210. وانظر أيضاً الجزء الأول من هذا الكتاب، الباب الثاني في ذكر فضائل أهل البيت عليهم السلام، حديث رقم 13.

([163]) روى الحاكم بسنده عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال -وهو في مرضه الذي توفي فيه -:((يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين، وسيدة نساء هذه الأمَّة، وسيدة نساء المؤمنين؟)). أنظر مستدرك الصحيحين للحاكم: 3/165، ولفضل فاطمة الزهراء عليها السلام أحاديث عديدة بألفاظ مختلفة؛ منها أنها سيدة نساء العالمين، وسيدة نساء الجَنَّة، وسيدة نساء المؤمنين، وخير نساء عالمها. أنظر صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق، مسند أحمد: 6/282، طبقات ابن سعد: 2/40، أُسد الغابة لابن الأثير: 5/522، مسند أبو داود الطيالسي: ج6 في أحاديث النساء، صحيح الترمذي: 2/306، مشكل الآثار للطحاوي: 1/48 و49، مستدرك الصحيحين للحاكم: 3/156، حلية الأولياء لأبي نعيم: 2/42، خصائص النسائي: ص34، كنز العمال للمتقي: 7/111، ذخائر العقبى للمحب الطبري: ص44، الاستيعاب لابن عبد البَّر: 2/720 و750، فيض القدير للمناوي: 3/432، تفسير ابن جرير: 3/180، الدر المنثور للسيوطي - في ذيل تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ}(آل عمران/42).

([164]) روى الترمذي في صحيحه بسندين عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم:((الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجَنَّة)). أنظر صحيح الترمذي: 2/306، وفي مضمون هذا الحديث أيضاً أنظر صحيح الترمذي: 2/307، صحيح ابن ماجة: باب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، مستدرك الصحيحين للحاكم: 3/167، حلية الأولياء لأبي نعيم: 4/139، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 1/140، الإصابة لابن حجر العسقلاني: 1/القسم1/266، كنز العمال للمتقي: 6/220، خصائص النسائي: ص34، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/182، كنوز الحقائق للمناوي: ص81، ذخائر العقبى للمحب الطبري: ص129.

([165]) من هامش (ب)، ففي الأصل: سهام.

([166]) سقط من (أ)، وأثبت من (ب).

([167]) روى الترمذي بسنده عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: لما نزلت {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} قال لي النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم:((ترى ديناراً؟)). قلت: لا يطيقونه. قال:((فنصف دينار؟)). قلت: لا يطيقونه. قال:((فكم؟)). قلت: شعيرة. قال:((إنك زهيد)). قال: فنزلت: {ءَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ..} الآية، قال: فبي خفف الله عن هذه الأُمَّة.

أنظر صحيح الترمذي: 2/ص227 في أبواب تفسير القرآن، تفسير ابن جرير الطبري: 28/15، كنز العمال للمتقي: 1/268، ذخائر العقبى للمحب الطبري: 109، خصائص النسائي: ص39، أسباب النزول للواحدي: ص308، الدر المنثور للسيوطي: في تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ..} في سورة المجادلة الآية/12، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/200.

([168]) في التفسير الكبير للفخر الرازي في ذيل تفسيره لقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} (البقرة/207) قال: نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام، بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة خروجه إلى الغار، (قال) ويروى أنه لما نام على فراشه قام جبريل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجبريل ينادي: بخٍ بخٍ، من مثلك يا بن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة، ونزلت الآية يعني بها: ومن الناس من يشري نفسه (إلخ).وأنظر أيضاً أُسد الغابة لابن الأثير: 4/25، نور الأبصار للشبلنجي: ص77، كنوز الحقائق للمناوي: ص31 وقال: إن الله يباهي بعلي عليه السلام كل يوم الملائكة، قال الديلمي. خصائص النسائي: ص8، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/203، مسند أحمد: 1/348،  كنز العمال للمتقي: 3/155، الدر المنثور للسيوطي - في ذيل تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ..}(الأنفال/30)، الطبقات الكبرى لابن سعد: 8/35 و162، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 13/191، مجمع الفوائد للهيثمي: 7/27.

([169]) تاريخ ابن جرير الطبري: 2/197، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/172 مرقاة المفاتيح لعلي بن سلطان: 5/568، وفيهما ((وأنا منكما يا رسول الله)) قالا: أخرجه أحمد في المناقب. وذكره الهيثمي أيضاً في مجمعه: 6/114، وقال رواه الطبراني، وذكره المتقي أيضاً في كنز العمال: 6/400 وقال أيضاً: رواه الطبراني.

([170]) - زيادة من نخ (أ).

([171])- وفي مضمون الحديث أنظر مستدرك الصحيحين للحاكم: 2/120، الكشاف للزمخشري - في تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا..}(الحجرات/6)، خصائص النسائي: ص19، مجمع الزوائد للهيثمي: 7/110، كنز العمال للمتقي: 6/153 و400 و405، الصواعق المحرقة لابن حجر: ص75، الاستيعاب لابن عبد البَّر: 2/464، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/164، فيض القدير للمناوي: 4/356.

([172]) روى الترمذي بسنده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، قال: لما أنزل الله هذه الآية: {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} دعا رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم علياً وفاطمة والحسن والحسين فقال:((اللَّهُمَّ هؤلاء أهلي)) أنظر صحيح الترمذي: 2/166 و2/300، صحيح مسلم: كتاب الفضائل، باب فضل علي بن أبي طالب عليه السلام، مسند أحمد: 1/185، الدر المنثور للسيوطي: تفسير آية المباهلة في سورة آل عمران، سنن البيهقي: 7/63، الكشاف للزمخشري، والفخر الرازي - في ذيل تفسير آية المباهلة في سورة آل عمران، نور الأبصار للشبلنجي: ص100، تفسير ابن جرير الطبري: 3/212-312، أسباب النزول للواحدي: ص75، الصواعق المحرقة: ص93.

([173]) سنن الترمذي: 5/599 ح3732، خصائص النسائي - ضمن السنن -: 5/119 ح8427، حلية الأولياء: 4/153، الرياض النضرة: 3/139، كفاية الطالب: ص202، تذكرة السبط: ص41، مسند أحمد بن حنبل: 2/62، كنز العمال: 6/319، أسد الغابة: 3/214، مستدرك الصحيحين: 3/125، فتح الباري: 8/15، المعجم الكبير للطبراني: 2/246 ح2031، المنتخب في فضائل النبي وأهل بيته عليه السلام: ص245-246.

([174])- أنظر صحيح الترمذي: 2/300، سنن البيهقي: 7/66، كنز العمال للمتقي: 3/154 و6/159، تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني: 9/387، سنن البيهقي: 7/65،  مجمع الزوائد للهيثمي: 9/115، الصواعق المحرقة: ص73، فتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني: 8/16.

([175]) روى ابن جرير الطبري بسنده عن عطاء بن يسار قال: نزلت بالمدينة في علي بن أبي طالب عليه السلام والوليد بن عقبة بن أبي معيط، كان بين الوليد وبين علي عليه السلام كلام، فقال الوليد بن عقبة: أنا أبسط منك لساناً، وأحد منك سناناً، وأرد منك للكتيبة، فقال علي عليه السلام: اسكت فإنَّك فاسق، فأنزل الله فيهما: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}(السجدة/18-20).

وذكره الزمخشري أيضاً الكشاف في تفسير الآية في سورة السجدة، وذكره السيوطي في الدر المنثور في تفسير الآية، وذكره الواحدي في أسباب النزول: ص263.

وممن ذكر أنها نزلت في علي والوليد بن عقبة السيوطي في الدر المنثور في تفسير الآية في سورة السجدة، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: 13/321، والمحب الطبري في الرياض النضرة: 2/206.

([176]) مسند أحمد: 1/151، صحيح الترمذي: 2/183، خصائص النسائي: ص20، تفسير ابن جرير: 10/46-47، مستدرك الصحيحين: 3/51، مسند أحمد بن حنبل: 1/3 و330، كنز العمال: 1/246 و6/339، ذخائر العقبى للمحب الطبري: ص69، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/119، تفسير الدر المنثور للسيوطي: 3/219-210. معالم المدرستين لمرتضى العسكري: 1/213-214.

([177]) روى الحاكم في مستدركه بسنده عن عورة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم:((ادعوا لي سيد العرب)) فقلت: يا رسول الله ! ألست سيد العرب؟ قال:((أنا سيد ولد آدم وعليٌّ سيد العرب)). أنظر مستدرك الصحيحين للحاكم: 3/124. قال الفيروز آبادي في القاموس:((العبقري: الكامل من كل شيء، والسيد: الذي ليس فوقه شيء)).

وفي مضمون هذا الحديث أيضاً أنظر حلية الأولياء لأبي نعيم: 1/63 و5/38، مستدرك الصحيحين: 3/124، كنز العمال للمتقي: 6/157 و400، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 11/89، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/116 و131، الصواعق المحرقة لابن حجر: ص73، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/177، المعجم الكبير للطبراني: 2/88 ح2749. فضائل الخمسة للفيروز آبادي: 2/110-112، منتخب فضائل النبي وأهل بيته عليهم السلام: ص138. المناقب لابن المغازلي الشافعي: ص147-148 ح257-259.

([178])

([179]) وفي المنير لأحمد بن موسى الطبري:قال: أفيكم من قال له رسول الله:((هذا أقدمكم سلماً - يعني: إسلاماً - وأعلمكم علماً، وأقرأكم لكتاب الله، وأقضاكم لحكم الله)) غيري؟. اه‍، أنظر المنير لأحمد بن موسى الطبري: ص227.

([180]) في (ب): نبي.

([181]) من (ج‍).

([182]) مسند أحمد بن حنبل: 1/260، سنن البيهقي: 3/388، حلية الأولياء لأبي نعيم: 4/73، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/36، قصص الأنبياء للثعلبي: ص59، مستدرك الصحيحين: 3/111، طبقات ابن سعد: 2/ق2/50 و51 و61، كنز العمال للمتقي: 4/54 و6/155 و393، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/178 و179، كنوز الحدائق للمناوي: ص179.

([183]) مستدرك الصحيحين: 3/138، خصائص النسائي: ص40، مسند أحمد بن جنبل: 6/300، الإصابة لابن حجر العسقلاني: 8/القسم1/183، كنز العمال للمتقي: 3/155.

([184]) روى أحمد بن حنبل عن هبيرة، قال: خطبنا الحسن بن علي عليه السلام فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم، ولا يدركه الآخرون، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبعثه بالرَّاية جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله لا ينصرف حتى يفتح عليه. مسند أحمد: 1/328 ح1721. ذخائر العقبى للمحب الطبري: ص76، السنن الكبرى للنسائي: 5/112 ح8408، المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري: 3/188 ح4802، طبقات ابن سعد: 3/38، ترجمة الإمام علي (ع) من تاريخ مدنية دمشق الكبير لابن عساكر: 3/399 ح1397، البداية والنهاية لابن كثير: 7/368، صفوة الصفوة لابن الجوزي: 1/313، حلية الأولياء لأبي نعيم: 1/65. منتخب فضائل النبي وأهل بيته عليهم السلام: ص234-235. مجمع الزوائد للهيثمي: 9/146، كنز العمال للمتقي الهندي: 6/412. فضائل الخمسة للفيروز آبادي: 3/100. المناقب لابن المغازلي الشافعي: ص25 ح16.

([185]) ما بين المعقوفين من (ب).

([186]) روى ابن جرير في تفسيره بسنده عن غالب بن عبيد الله قال: سمعت مجاهداً يقول في قوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ...} الآية، (قال) نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام تصدق وهو راكع. أنظر تفسير ابن جرير الطبري: 6/186.

وفي مضمون هذا الحديث أيضاً أنظر تفسير ابن جرير الطبري: 6/186، الكشاف للزمخشري، والدر المنثور للسيوطي، والتفسير الكبير للفخر الرازي - في ذيل تفسير قوله تعالى: { وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (المائدة/55)، كنز العمال للمتقي: 6/319، و7/305، مجمع الزوائد للهيثمي: 7/17، ذخائر العقبى للمحب الطبري: ص88 و102، تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني: 11/439.

قال الإمام عبد الله بن حمزة عليه السلام:(.. فقد اتفق الخاصة والعامة على أن المراد بالآية علي بن أبي طالب عليه السلام، وهذا نص صريح في صحة إمامته عليه السلام، ووجوب خلافته عقيب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل؛ لأنه رتب الولاية ثلاث مراتب: لله سبحانه، وللرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وللمتصدق بخاتمه وهو راكع وهو علي بن أبي طالب. فهو الولي النافذ التصرف في الأمة كما يقال هذا ولي المرأة وولي اليتيم.

فإن قال قائل: إن الآية أتت بذكر {الَّذِينَ ءَامَنُوا} بلفظ الجمع، وهذا عام في الذين آمنوا؛ لأن كلاً منهم يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، فأي تخصيص حصل لأمير المؤمنين عليه السلام؟ وأي فرق علم من مفهوم الآية؟.

قلنا: الجواب عن ذلك: أن الله سبحانه وتعالى قال: {وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} ولا نعلم من لدن آدم عليه السلام إلى يومنا هذا أن أحداً تصدق بالخاتم في الركعة ونزلت في حقه آية غير أمير المؤمنين عليه السلام، فأبان الفرق غاية الإبانة، وخصص ما كان بلفظ العموم غاية التخصيص وهو بقوله تعالى: {وَهُمْ رَاكِعُونَ} وهذه النون في {الَّذِينَ ءَامَنُوا} نون العظمة. قال الله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}[القصص/4] وهو تعالى واحد، وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر/9] فتكون حينئذٍ نون العظمة لا نون الجمع، والمراد بها الواحد، ونقيس على لفظتها التثنية، وقد ذكره الله سبحانه وتعالى في آية المباهلة بلفظ الجمع وفاطمة عليها السلام بقوله تعالى: {أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}[آل عمران/61]  وذلك شائع في اللغة العربية، فإذا حصل الإتفاق من الخاص والعام على أن هذه الآية مختصة بأمير المؤمنين عليه السلام وليس واحد ممن قال بولايته وولاية غيره يرتاب في اختصاصها به عليه السلام فنقول إن معنى قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ} يريد أولى بكم من أنفسكم، ورسوله كذلك أولى بكم من أنفسكم، يدل عليه قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[الأحزاب/6] وقد شرَّك الله سبحانه مع ولايته وولاية رسوله ثالثاً وعيَّنه تعيينا جليًّا، وأشار إليه بإيتاء الزكاة في الركعة إشارة متفقاً عليها من الخاص والعام فثبت له من فرض الولاية ما ثبت لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم على كافة خلق الله تعالى كما ثبت لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ ولي في الآية، ولولا ما حجزنا به إيماننا من الوقوف دون الحدود المضروبة محاذرة الوقوع فيها لقلنا لتظاهر الأدلة ما قال أبو فراس:

تالله ما جهل الأقوام موضعها

 

لكنهم ستروا وجه الذي علموا

 

انتهى المراد نقله من كلام الإمام عبد الله بن حمزة عليه السلام، أنظر الشافي: القسم1/ج1/124.

([187]) وهو المشهور بحديث الغدير له مصادر عديدة، يجدها الطالب في صحيح الترمذي: 2/298، مرقاة المفاتيح لعلي بن سلطان: 5/568، صحيح ابن ماجة: ص12، مسند أحمد بن حنبل: 1/118 و119 و4/281 و368 و372 و5/307 و366، كنز العمال للمتقي: 1/48 و6/155 و390 و397-399 و403 و405-406، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/169 و5/419، مستدرك الصحيحين للحاكم: 2/129 و3/109 و371، خصائص النسائي: ص22 و23 و25، الصواعق المحرقة لابن حجر: ص25 و26، حلية الأولياء لابن نعيم: 4/23 و5/26، الدر المنثور للسيوطي - في ذيل تفسير قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}(الأحزاب/6)، فيض القدير للمناوي: 6/218، التفسير الكبير للفخر الرازي - في ذيل تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}(المائدة: الآية/67)، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 7/377 و8/290 و12/343، مجمع الزوائد للهيثمي: 7/17 و9/105-108 و166، الإصابة لابن حجر العسقلاني: 1/القسم1/319 و4/ق1/16 و169 و7/ق1/156، أُسد الغابة لابن الأثير: 1/308 و368، مشكل الآثار للطحاوي: 2/307، الإمامة والسياسية لابن قتيبة: ص93، فضائل الخمسة للفيروز آبادي: 1/399-431. ذخائر العقبى للمحب الطبري: ص68، مناقب الخوارزمي: ص160 ح191، فرائد السمطين للجويني: 1/75 ح41 و42، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 8/290، 14/236 رقم7545، تاريخ اليعقوبي: 2/112، المعجم الكبير للطبراني: 5/166 رقم4969، المرقاة في شرح المشكاة للقاري: 10/463 ح6091، البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي: 5/231، منتخب فضائل النبي وأهل بيته عليهم السلام: ص198-203.

([188])- أنظر صحيح الترمذي: 2/297، مسند أحمد: 4/437 و5/356، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/171 و203، حلية الأولياء لأبي نعيم: 6/294، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/128 و199، خصائص النسائي: ص24، مسند أبي داود الطيالسي: 11/360، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 4/339، كنز العمال للمتقي: 6/154 و155 و396، كنوز الحقائق للمناوي: ص186، أُسد الغابة لابن الأثير: 5/94، الإصابة لابن حجر العسقلاني: 6/القسم1/325. فضائل الخمسة للفيروز آبادي: 2/9-13.

([189]) أمالي المرشد بالله عليه السلام: 1/141، تنبيه الغافلين للحاكم الجشمي، المنير للطبري: ص229.

([190]) سقط من (أ)، وأثبت من (ب).

([191])- أنظر المناقب للكوفي: 1/319 ح241، ص306 ح225، ص325 ح246، ص328-329 ح253.

([192]) (ب): عظم الميتة.

([193]) في (أ): حصين، وقد سبقت ترجمته.

([194]) - نخ (ب) : الأربعة.

([195]) من (ب).

([196]) صهيب الرومي، أحد المؤذنة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، هو أبو يحيى النمري، صحابي مشهور، شهد بدراً وغيرها، توفي بالمدينة سنة ثمان، وقيل تسع وثلاثين، ودفن بالبقيع. اه‍ .

([197]) العقد الفريد للأندلسي: 3/74، كنز العمال للمتقي الهندي: 3/160، طبقات ابن سعد: 5/20-22، أنساب الأشراف للبلاذري: 5/19 و12، تاريخ اليعقوبي: 1/162، تاريخ الطبري: حوادث سنة 23ه‍، 3/297، الحدائق الوردية للشهيد المحلي: 1/40.

([198]) في (ج‍): فيهم.

([199]) أنظر المصادر السابقة.

([200]) - نخ (أ): ويجيبه.

([201]) (ب): الشورى.

([202]) في (ج‍): فهل يشهد عليهم أحد من الخلق.

([203]) ذو الخويصرة التميمي حرقوص بن زهير. أصل الخوارج، راجع ترجمته من الإصابة لابن حجر العسقلاني.

([204]) صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق -باب علامات النبوة في الإسلام-، خصائص النسائي: ص43 و44، أسد الغابة لابن الأثير: 2/140، تفسير ابن جرير الطبري: 10/109، مسند أحمد بن حنبل: 3/56 و65، مجمع الزوائد للهيثمي: 6/234، مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري: 2/145، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 1/159.

([205]) هكذا في (أ)، وترجمته في الجداول بدون أبي.

([206]) في (أ): الدراتدي، وفي (ب): الداروي وفي (ج‍): الدراوندي. وجميعها خطأ، والصواب الدراوردي، وهو: عبدالعزيز بن محمد بن عبيد الجهني أو القضاعي مولاهم، أبو محمد المدني الدراوردي، المتوفي سنة 189ه‍،  عن عطاء ونافع والصادق وعِدَّة. وعنه الثوري وشعبة ووكيع وخلف. وترجمته في الجداول -خ-: ص236.

([207]) وفي (ب): عبيد الله.

([208]) هود بن عطاء اليماني. عن أنس وشداد بن أوس، وعنه معاوية بن سلام.

([209]) من (ج‍).

([210]) مجمع الزوائد للهيثمي: 6/227.

([211]) سقط من (أ،ب)،  وأثبت من (ج‍).

([212]) مستدرك الصحيحين للحاكم: 3/139، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 8/340، أُسد الغابة لابن الأثير: 4/32، الدر المنثور للسيوطي - في ذيل تفسير قوله تعالى: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ}(الزخرف/41)، كنز العمال للمتقي: 6/88، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/235. فضائل الخمسة للفيروز آبادي: 2/398-402، فرائد السمطين لابن المؤيّد الجويني: 1/284 ح224، كفاية الطالب لمحمَّد بن يوسف الكنجي: ص169. منتخب فضائل النبي وأهل بيته عليهم السلام: ص235.

([213]) (ج‍): أعلم بما الخلق عاملون.

([214]) ونحوه ما رواه أحمد بسنده عن ابن عباس من حديث طويل جاء فيه قوله صلى الله عليه وآله وسلم :((والله إنِّي رسول الله وما أدري ما يُفعل بي..)) الحديث، أنظر مسند أحمد: مسند بني هاشم ح2020 و2938.

([215]) سقط من (أ)، وأثبتت من (ب).

([216]) (ب): أو ما حاجة إلى قوله.

([217]) (ب): فلم يدل الخلق على المصلح الذي طاعته طاعة الله، من أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصا الله؟

([218]) تصويب ففي (أ): قل.

([219]) - نخ (أ) : عاتب .

([220]) قال تعالى: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِنْ الْمَلاَئِكَةِ مُنْزَلِينَ} (آل عمران/124).

([221]) قال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ} (الأنفال/9).

([222]) قال تعالى: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنْ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِينَ} (آل عمران/125).

([223]) - هذا وارد في نخ (أ) تحت علامة (ظ).

([224]) سقط من (أ)، وأثبت من (ب).

([225]) - نخ (أ) : فكذلك.

([226]) - نخ (أ) : النصارى واليهود ويقول ..

([227]) - نخ (أ) : علم.

([228]) في (ج‍): المنزلون.

([229]) - نخ (ب) : عرضه.

([230]) - زيادة من نخ (ب).

([231]) - نخ (أ): الوحش.

([232]) صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق - باب انشقاق القمر -، بسندين عن أنس بن مالك وعن عبد الله، وفي كتاب التفسير - باب قوله تعالى: {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}(القمر/1)، صحيح الترمذي: 2/211، بسندين عن أنس وعن جبير بن مطعم، مسند أحمد بن حنبل: 1/413، صحيح مسلم: كتاب الزهد - باب حديث جابر الطويل روى بسنده عن عبادة بن الوليد.

([233]) من (ج‍).

([234]) - نخ (أ) : أهبان.

([235]) المناقب للكوفي: 1/50 ح15 رواه محمَّد بن سليمان بسنده عن أبي سعيد الخدري. وأنظر أيضاً طبقات ابن سعد: 1/ق1/114.

([236]) سنن الدارمي: 1/33.

([237]) مسند أحمد بن حنبل: 4/353.

([238]) سقط من (أ)، وأثبت من (ب).

([239]) روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: حججنا مع عمر بن الخطاب فلما دخل الطواف استقبل الحجر فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قبَّلك ما قبتلك، ثم قبله. فقال له علي بن أبي طالب عليه السلام: بلى يا عمر إنه يضر وينفع. قال: بم؟ قال: بكتاب الله تبارك وتعالى، قال: وأين ذلك من كتاب الله؟ قال: قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي ءَادَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف:172]، خلق الله آدم ومسح على ظهره فقرّرهم بأنه الرب وأنهم العبيد، وأخذ عهودهم ومواثيقهم، وكتب ذلك في رق وكان لهذا الحجر عينان ولسان فقال له: إفتح فاك. قال: ففتح فاه فألقمه ذلك الرق وقال: إشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة. وإني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول:((يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود له لسان ذلق يشهد لمن سمعه بالتوحيد)). فهو يا عمر يضر وينفع، فقال عمر: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن. اه‍، أنظر مستدرك الصحيحين للحاكم: 1/457، فضائل الخمسة للفيروز آبادي: 2/212-213، صحيح البخاري: كتاب الحج -باب ما ذكره في الحجر الأسود- بسنده عن عباس بن ربيعة، صحيح الترمذي: 2/163، صحيح النسائي: 2/37، سنن أبي داود: 11/باب تقبيل الحجر، مسند أحمد بن حنبل: 1/16 و26 و42، وروى البخاري في صحيحه كتاب الحج باب الرَمَل في الحج والعمرة بسنده عن أسلم، والبيهقي في سننه: 5/72.

وقد جاء في فضل الحجر الأسود كثير من الروايات من طرق الخاصّة والعامّة، ونحن نذكر نموذجاً ممّا جاء من طرق العامّة:

وروى أحمد بن حنبل بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:((يأتي الركن يوم القيامة أعظم من أبي قبيس له لسان وشفتان)). أنظر مسند أحمد: مسند المكثرين من الصحابة ح6683.

وأخرج الترمذي في صحيحه: 1/180 بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في الحجر:((والله ليبعثنه الله يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحقّ)).

ورواه ابن ماجة في صحيحه باب استلام الحجر، وأحمد بن حنبل في المسند: 1/247 و291 و307، والبيهقي في سننه: 5/75، وأبو نعيم في حليته: 4/306 باختلاف في اللفظ، وجاء في فيض القدير للمناوي: 1/527 باختلاف يسير.

وأورد أحمد بن حنبل في المسند: 1/373، والخطيب البغدادي: 7/361، عن أنس، قال: قال رسول الله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ :((الحجر الأسود من الجنّة وكان أشدّ بياضاً من الثلج حتى سوّدته خطايا أهل الشرك)).

وهو مذكور في فيض القدير للمناوي: 4/546.

وقد جاء في صحيح النسائي: 2/37، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وكذا في مسند أحمد بن حنبل: 3/277، وفي سنن البيهقي: 5/75، عن ابن عباس، فقرة منه.

وقريب منه ما في صحيح الترمذي: 1/166، ومسند أحمد بن حنبل: 1/307 و329، فيض القدير للمناوي: 3/409، طبقات ابن سعد: 1/12 -القسم الأول-، سنن البيهقي: باب ما رود في الحجر الأسود في المجلد الخامس، وكون الحجر الأسود من الجنّة أو من حجارة الجنّة بنص رسول الله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. نقله النسائي في صحيحه: 2/37، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وأحمد بن حنبل في مسنده: 5/75، وغيرهما. أنظر بحار الأنوار للمجلسي: 30/688-689.

([240]) - نخ (ب) : فليقصدوا لنا إلى رجل.

([241]) من (ب، ج‍)، وفي (أ): زوجته.

([242]) من (ب).

([243]) - جَوَابُ الخوارج على كتابِهِمُ الذي طَعَنُوا فيهِ على أمير المؤمنين عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ، وعنّفوا شيعته، ففي هذا الكتاب الابتداء والجواب جميعاً ونسأل الله العون والتوفيق، وصلى الله وسلم على سيِّدنا محمد وآله.

([244]) - نخ (أ) : للسلف.

([245]) في (ب): سبحانه.

([246]) في (ب): فوالله لأنا أعلم بطرق السماء من العالم.

([247]) - زيادة من نخ (أ).

([248]) في (ب): إلا نبأتكم بقائدها وسائقها وناعقها.

([249]) وفي روايات أخرى قال عليه السلام في بعض خطبه:(سلوني فوالله لا تسألوني عن شيءٍ يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم، سلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا أنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل)، وقال عليه السلام:(سلوني قبل أن تفقدوني، فإني لا أسأل عن شيء دون العرش إلا أخبرت عنه)، وقال عليه السلام:(سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم..) إلخ. أنظر كنز العمال للمتقي: 1/288 و6/405، طبقات ابن سعد: 2/القسم2/101، تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني: 7/337، الاستيعاب لابن عبد البَّر: 2/463، الإصابة لابن حجر: 2/509. منتخب فضائل النبي وأهل بتيه عليهم السلام: ص205.

وعن سعيد بن المسيّب، قال: ما كان أحد من الناس يقول: سلوني، غير علي بن أبي طالب عليه السلام. أنظر الاستيعاب لابن عبد البَّر: 2/462، أسد الغابة لابن الأثير: 4/22، الصواعق المحرقة لابن حجر: ص76، الرياض النضرة: 2/198. منتخب فضائل النبي وأهل بيته عليهم السلام: ص204.

([250]) وروى أبي نعيم في حليته بسنده عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:((يا أنس اسكب لي وضوءاً، ثم قام فصلى ركعتين، ثم قال: يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين..)) الحديث، وروى المتقي في كنزه عن علي عليه السلام قال:((أنا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة)).

وفي مضمون الحديث أنظر: حلية الأولياء لأبي نعيم: 1/63 و66، كنز العمال للمتقي: 6/394، مستدرك الصحيحين للحاكم: 3/137، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/177، الإصابة لابن حجر العسقلاني: 7/القسم1/167، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/102، الفيض القدير للمناوي: 4/358، كنوز الحقائق للمناوي: ص92، أسد الغابة لابن الأثير: 1/84 رقم92 و3/174 رقم2811، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 4/219 و11/112 و13/122، نور الأبصار للشبلنجي: ص73، الصواعق المحرقة لابن حجر: ص75-76، فضائل النبي وأهل بيته عليهم السلام: ص139-140.

([251]) في (ب): ممَّن.

([252]) من (ب).

([253]) في (ب): أن في أصلاب.

([254]) من (ب)، وفي (أ): عليّ.

([255]) في (ب): بأنبيائه.

([256]) - نخ (أ): يعهد.

([257]) - نخ (أ): يعذروا.

([258]) في (ب): مما افترضه الله تعالى عليهم.

([259]) في (ب): بلده.

([260]) في (ب): وقد علَّم.

([261]) في (ب): وقد أخبر الله تعالى.

([262]) - زيادة من نخ (ب).

([263]) في (ب): فلما.

([264]) من (ب).

([265]) ونحوه في حلية الأولياء لأبي نعيم: 1/67.

([266]) في (ب): من.

([267]) في (ج‍): من بعده.

([268]) (ب): متنسك.

([269]) في (ب): [و]يقسم الفيء والزكاة.

([270]) في (ب): بعدهم.

([271]) في (ب): سُمَّ.

([272]) في (ب): وقد تلذَّذ.

([273]) - زيادة من نخ (أ).

([274]) من (ج‍).

([275]) أخرَّج محمد بن سليمان الكوفي في مناقبه بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):((أوّل سبعة يدخلون الجنّة أنا وعليّ والحسن والحسين وحمزة وجعفر والمهدي محمد بن عبد الله)). أنظر المناقب للكوفي: 1/237 ح151. وأخرج الإمام القاسم بن إبراهيم في كتابه (الإمامة) -خ- قوله صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:((المهدي - في بديَّ دولتهم وسماه باسمه واسم أبيه - اسمه باسمي، واسم أبيه باسم أبي، سخي على المال، شديد على العمال، رحيم بالمساكين)).

وأخرجه أبو داود وغيره عن عبد الله عن النبي صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال:((لو لم يبق في الدنيا إلاّ يوم لطوَّل الله ذلك اليوم؛ حتى يبعث فيه رجلاً مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي)) زاد في حديث فطر: ((يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً)).

أنظر سنن أبي داود: 4/106، ح3733، والطبراني في الأوسط: 2/135 ح1255، والكبير: 10/135 ح10222، وابن حبان: 15/236 ح6824.

([276]) في (ب): حتى يردون على الحوض. اه‍.

([277]) في (ب): بين.

([278]) أنظر النصائح الكافية برواية الحافظ الذهبي.

([279]) - نخ (أ) : لا نبرأ.

([280]) في (ب): فقال.

([281]) عمرو بن حريث المخزومي أبو سعيد الكوفي، المتوفي سنة 85ه‍. روى عنه ابنه جعفر والحسين العُرَنيّ.

([282]) كان من ألقاب علي عليه السلام أبا تراب، سمَّاه بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وكنَّاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بـ(أبي تراب) وذكر سبب كنيته له بذلك ما روى البخاري، بسنده عن أبي حازم أن رجلاً جاء إلى سهل بن سعد فقال: هذا فلان - لأمير المدينة - يدعو علياً عليه السلام عند المنبر، قال: فيقول: ماذا؟ قال: يقول له: أبو تراب. فضحك، قال: والله ما سماه إلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما كان له اسم أحب إليه منه. فاستقطعت الحديث مهلاً وقلت: يا أبا عباس؛ كيف؟ قال : دخل علي عليه السلام على فاطمة ثم خرج فاضطجع في المسجد، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :((أين ابن عمك؟)) قالت: في المسجد. فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره، فجعل يمسح التراب عن ظهره فيقول:((اجلس يا أبا تراب -مرتين)). أنظر كتاب صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق - باب مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام  وكتاب الصلاة، وكتاب الأدب، وكتاب الاستئذان، وانظر أيضاً صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة - باب فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام، تاريخ الطبري: 2/124.فضائل الخمسة للفيروز آبادي: 1/245-246. كنز العمال للمتقي: 4/390، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/111.

([283]) جندب بن عبد الله، وقيل: بن كعب، قاتل الساحر بين يدي الوليد، وفيه أثر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ذكره السيوطي في الدلائل، وكان مع أمير المؤمنين بصفين. وروى عن أمير المؤمنين وغيره، وروى عنه ولده وغيره. توفي لعشر مضين من تملك معاوية.

([284]) وفي حاشية (أ): معنى الخفقة: هو النعس الخفيف، وهو أسرع للانتباه، ويكون هو نوم القيلولة.

([285]) في (ب): ولا يقتل.

([286]) من (ب)، وفي (أ): فرسه.

([287]) - زيادة من نخ (ب).

([288]) في (ب): وبأصحابك.

([289]) أنظر المناقب لابن المغازلي الشافعي: ص56-58 ح86 و87، وص251-260 ح460-462، ومجمع الزوائد للهيثمي: 6/341، وراجع أخبار الخوارج في تاريخ الطبري، وابن الأثير، وابن كثير، وفي غيرها من كتاب التاريخ. وللأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك  أنظر صحيح البخاري: كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى:{ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ…} [المعارج/4]، صحيح مسلم: كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم، ح143 و144 و145 و146، ميزان الاعتدال 2/263، لسان الميزان لابن حجر العسقلاني: 4/362 رقم6101، مسند أحمد بن حنبل: 1/78، سنن أبي داود: 3/242 ح4763، مجمع الزوائد للهيثمي: 6/239، الإصابة لابن حجر العسقلاني: 6/348، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 1/204 رقم44. منتخب فضائل النبي وأهل بيته عليهم السلام: ص243-244.

([290]) الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/222، الصواعق المحرقة لابن حجر: ص115.

([291]) سبق تخريجه.

([292]) في (ب): من العطش.

([293]) وفي حاشية (أ): في بعض الروايات: فسألوا الراهب عن الماء فقال: ما بُني هذا الدِّير إلا لأجل ذلك الماء، وإنه لم يخرجه إلا نبي أو وصي نبي.

([294]) - زيادة من نخ (ب).

([295]) في (ب): ينزلوا.

([296]) - نخ (أ): فاقتلعها.

([297]) في (ب): وحملوا وارتووا.

([298]) - نخ (ب) : إذا رجعتم.

([299]) كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي: - خبر الرَّاهب والعين - 2/468-470، وقد سبق تخريج خبر الصخرة في هذا الكتاب.

وفي الحدائق الوردية للمحلي:(ولما خرج عليه السلام من الأنبار سائراً أخرج في طريقه عيناً بقرب دير، فسُئل الراهب، فقال: إنما بُنِي هذا الدير لهذه العين، و إنه عين راحوما، ما استخرجها إلا نبي أو وصي نبي، ولقد شرب منها سبعون نبيئًا وسبعون وصياً، فأخبروا بذلك علياً عليه السلام). اه‍، أنظر الحدائق الوردية لأبي الحسن حسام الدين حميد بن أحمد المحلي: 1/40 -خ-.

([300]) عبد الرَّحمن بن ملجم المرادي - لعنه الله -، قاتل علي عليه السلام، وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأشقى الأمة كما في الحديث:((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ عليه السلام: ألا أحدثك بأشقى الناس؟ قال: بلى، قال: رجلان؛ أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك على هذا - يعني قرنه - حتى تبتل منه هذه - يعني لحيته -)). أنظر الدر المنثور للسيوطي: في ذيل تفسير سورة الشمس.

([301]) أنظر الطبقات لابن سعد: 3/القسم1/22، الاستيعاب لابن عبد البَّر: 2/470، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/245.

([302]) وقال صلى الله عليه وآله وسلم :((والذي فلق الحبَّة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذه)) أنظر مسند أحمد بن حنبل: 1/156، الاستيعاب لابن عبد البَّر: 2/470. وفي مضمون الحديث أيضاً أنظر: مستدرك الصحيحين للحاكم: 3/142، الاستيعاب لابن عبد البَّر: 2/681، مسند أبي داود الطيالسي: 1/23، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/137، كنز العمال للمتقي الهندي: 6/157 و398، الطبقات لابن سعد: 3/القسم1/22-23.

([303]) - نخ (ب) : قال.

([304]) الاستيعاب لابن عبد البَّر: 2/470، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/245.

([305]) واسمها أم كلثوم. سبق ترجمتها في الجزء الأول من هذا الكتاب.

([306]) من (ج‍).

([307]) روى ابن عبد البَّر بسنده عن ابن أبي فضالة قال: خرجت مع أبي إلى علي بن أبي طالب عليه السلام بينبع وكان عائداً له، وكان مريضاً ثقيلاً يخاف عليه - إلى قوله: - فقال له علي عليه السلام:(لست ميتاً من وجعي هذا؛ إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عهد إليَّ أن لا أموت حتى أؤمر ثم تخضب هذه من هذه - يعني لحيته من هامته -). أنظر الاستيعاب لابن عبد البَّر: 2/681، مسند أحمد بن حنبل: 1/102، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/223.

وروى المتقي الهندي بسنده قال: عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليٍّ عليه السلام:((إنك مستخلف مقتول، وإن هذه مخضوبة من هذا - يعني لحيته من رأسه-)). قال أخرجه الطبراني وابن عساكر. أنظر كنز العمال للمتقي: 6/398.

وروى الحاكم في مستدركه بسنده عن أبي سنان الدؤلي إنه عاد علياً عليه السلام في شكوى له شكاها قال: فقلت له: لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه. فقال: لكني والله ما تخوفت على نفسي منه لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصادق المصدوق يقول:((إنك ستضرب ضربه هاهنا - وأشار إلى صدغيه - فيسيل دمها حتى تخضب لحيتك ويكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود)).

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري. اه‍، والحديث رواه البيهقي أيضاً في: 8/58، وابن الأثير أيضاً في أُسد الغابة: 4/33 باختلاف في اللفظ، وغير هؤلاء أيضاً من أئمة الحديث.

([308]) في (ب): سيخرج.

([309]) من (ب)، وفي (أ): يكن.

([310]) في (ب): يرينَّ.

([311]) من (ب)، وفي (أ): وهي.

([312]) في (ج‍): من جهة الميت.

([313]) في (ج‍): ما أعلمك به.

([314]) في (ج‍): قرأه على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

([315]) من (ب)، وفي (أ): فقال.

([316]) أنظر كتاب الفتوح للكوفي:- خبر دانيال الحكيم -ج2/7. والكامل لابن الأثير: ج2 ص271. وتاريخ الطبري: ج4 ص220. وفتوح البلدان للبلاذري: ص386.

([317]) من (ج‍).

([318]) ونحوه ما رواه ابن المسعودي صاحب تاريخ مروج الذهب، في كتابه (إثبات الوصية للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام): ص153، قال: وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام كان على منبر الكوفة يخطب الناس إذ أقبلت حيّة من باب الفيل فقال: افرجوا لها فإن هذا رسول قوم من الجنّ يقال لها بنو عامر.

فأفرجوا لها وجاءت الحيّة قد صعدت إلى أمير المؤمنين عليه السلام فوضعت فاها في أُذنه وهي تنق فكلّمها مثل نقيقها وولّت خارجة من حيث دخلت.

فنزل عليه السلام بعد فراغه من خطبته فأخبر الناس: أن قتالاً وقع بين قوم من الجن فأتت هذه الحية تسأله عمّا يصلح بينهم فعلّمها.

([319]) من (ج‍)، وفي (أ،ب): يعلمه.

([320]) من (ج‍)، وفي (أ،ب): إياه.

([321]) من (ج‍).

([322]) قال صَلَّىَ اْللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:((كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبه حين تلده أمه إلا عيسى بن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب))، أنظر السنن الكبرى للبيهقي: 6/257 ح12265، وفي مضمون الحديث - أيضاً -أنظر: صحيح ابن حبان: 14/128، تفسير الطبري: 3/240.

([323]) من (ج‍).

([324]) (ج‍): فتركناها خوفاً من التطويل.

([325]) من (ب).

([326]) من (ب).

([327]) (ج‍): بل يحتاجون إليه.

([328]) - نخ (ب) : والعالم بمصلحة.

([329]) (ب): وأعدل العادلين، والعَالِم بمصحلة الخلق أجميعن.

([330]) (ج‍): ما يعولهم.

([331]) (ج‍): المجتهدين.

([332]) (ج‍): المجتهدين.

([333]) (ج‍): حجتهم.

([334]) (ج‍): خالفهم.

([335]) - زيادة من نخ (ب).

([336]) - نخ (أ): فإن.

([337]) في (ب): بالمد.

([338])- انظر فتوح الشام للواقدي 2/44، تفسير الرازي: 5/478، سيرة عمر لابن الجوزي: ص150، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/12، تاريخ ابن كثير: 7/100، تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص86، محاضرة الأوائل للسكتواري: ص168، خزانة الأسرار: ص132، تاريخ القرماني هامش الكامل: 1/203، الروض الفائق: ص246، الفتوحات الإسلاميَّة: 2/437، نور الأبصار للشبلنجي: ص62، جوهرة الكلام للقراغولي الحنفي: ص44، وانظر أيضاً الغدير للأميني: 8/82-85.

([339]) (ب): على.

([340]) من (ب).

([341]) - زيادة من نخ (أ).

([342]) في (ج‍): قال أبو بكر: بلى قد مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا أبا حفص.

([343]) وفي مصادر أخرى: تلا أبو بكر قوله تعالى: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ..} الآية (سورة آل عمران: الآية/144). أنظر  الغدير للأميني عن شرح المواهب للزرقاني:  8/281، الطبقات لابن سعد: 2/القسم2/54، تاريخ الطبري: 1/1817-1818، تاريخ ابن كثير: 5/243، السيرة الحلبية: 3/392. معالم المدرستين: 1/149-150. وراجع ابن ماجة: ح1627، والآية: 144 من سورة آل عمران.

([344]) مجمع الزائد للهيثمي:4/284، السنن الكبرى للبيهقي: 7/233.

([345]) الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/194، كنز العمال للمتقي: 3/96 و288، الاستيعاب لابن عبد البَّر: 2/461، التفسير الكبير للرازي: 28/15، الدر المنثور للسيوطي: 7/441-442، تذكرة الخواص لابن الجوزي: ص148، مناقب الخوارزمي: ص95 ح94، ذخائر العقبى للمحب الطبري: ص82، كفاية الطالب للكنجي: ص226، منتخب فضائل النبي وأهل بيته عليهم السلام: ص217.

([346]) سنن ابن ماجة: 2/911 ح2727، سنن البيهقي: 6/225. بحار الأنوار للمجلسي: 30/513.

([347]) - زيادة من نخ (ب) .

([348]) - نخ (أ): خالف هذا.

([349]) من (ج‍).

([350]) - نخ (أ): إن.

([351]) - نخ (أ): فدفعها.

([352]) (ج‍): أحدكم.

([353]) في (ج‍): الأمر بالمعروف.

([354]) (ج‍): قد أوفى الدار.

([355]) (ج‍): أوفى.

([356]) عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي، أبو حفص، ولي الخلافة بعد سليمان بن عبد الملك، وكانت ولايته تسعة وعشرين شهراً كأبي بكر، ولد سنة 61ه‍، وتوفي سنة 101ه‍، توفي بدير سمعان، ودفن بها. سمع أنس بن مالك، والسائب بن يزيد، وسهل بن سعد، وخولة بنت حكيم من الصحابة، وعروة بن الزبير، وابن الزبير، وابن المسيب، وخلق من التابعين، وروى عنه الزهري وحميد الطويل وآخرون.

([357]) إبراهيم بن أدهم الزاهد، المتوفي سنة 62ه‍، عن الباقر وغيره، وعنه إبراهيم بن بشار وعبد العزيز بن أبي السائب وخلق. احتج به الترمذي. الجداول الصغرى: ص32.

([358]) يحيى بن أبي كثير أبو نصر الطائي اليمامي، المتوفي سنة 120ه‍، عن أبي أمامة وأبي مسعود في مسلم، وعن أنس في النسائي وذلك مرسل، وعن أبي سلمة وزهير بن محمد وغيرهم. وعنه ابن عبد الله، وهشام الدستوائي، وأبان بن عياش وعلي بن سهل وغيرهم.

([359]) اللهج: شباك أو نافذة المنزل.

([360]) من (ب)، وفي (أ): ولم تصدقوا.

([361]) (ج‍): كرم الله وجه في الجَنَّة.

([362]) وروى نحوه الإمام الأعظم المنصور بالله عبدالله بن حمزة في الشافي بإسناده إلى كتاب: (المحيط بأصول الإمامة) للشيخ الإمام أبي الحسن علي بن الحسين بن محمد الزيدي - رحمه الله -، ورواه أيضاً بإسناده عن جابر، ورواه محمد بن سليمان الكوفي بسنده عن  جابر بن عبدالله الأنصاري في كتابه المناقب: 1/458 و459 ح360، وأخرجه الخوارزمي عن علي، والكنجي عن زيد بن علي، وأخرجه المرشد بالله بسندين في كتابه الأمالي: 1/133و137، وأخرجه ابن المغازلي في مناقبه: ص157، ورواه الهيثمي في مجمعه: 9/131.

([363]) في (ب) والذي فيه من الفضائل الشريفة. وفي (ج‍): والذي قال فيه من الفضائل الشريفة.

([364]) (ج‍): أهل البيت.

([365]) وفي الصواعق المحرقة: قال صلى الله عليه وآله وسلم:((لا تصلوا عليّ الصلاة البتراء، فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون: اللَّهُمَّ صلِّ على محمَّد وتمسكون؛ بل قولوا: اللَّهُمَّ صلِّ على محمَّد وعلى آل محمَّد)). أنظر الصواعق المحرقة لابن حجر: ص87، وفضائل الخمسة للفيروز آبادي: 1/268).

([366]) صحيح البخاري: كتاب الدعوات، في باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، صحيح مسلم: كتاب الصلاة في باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد التشهد، صحيح الترمذي: 2/212، صحيح النسائي: 1/190، صحيح ابن ماجة: كتاب الصلاة، ص65، فتح الباري في شرح صحيح البخاري: 13/411، مستدرك الصحيحين للحاكم: 1/269، تفسير ابن جرير الطبري: 22/31، مسند أحمد بن حنبل: 5/353، سنن البيهقي: 2/147، سنن الدار قطني: ص135، تاريخ بغـداد للخطيب البغدادي: 14/303، كنز العمال للمتقي: 1/215 و217 و124، و3/15، و4/104، الصواعق المحرقة لابن حجر: 87 / مسند الشافعي: ص23.

([367]) أخرجه الإمام الأعظم المنصور بالله عبد الله بن حمزة في الشافي بإسناده إلى كتاب: (المحيط بأصول الإمامة) للشيخ الإمام أبي الحسن علي بن الحسين بن محمد الزيدي، ورواه أيضاً بإسناده عن جابر، ورواه محمد بن سليمان الكوفي بسنده عن  جابر بن عبدالله الأنصاري في كتابه المناقب: 1/458 و459 ح360، وأخرجه الخوارزمي عن علي، والكنجي عن زيد بن علي، وأخرجه المرشد بالله بسندين في كتابه الأمالي: 1/133و137، وأخرجه ابن المغازلي في مناقبة: ص157، ورواه الهيثمي في مجمعه: 9/131.

([368]) من (ج‍).

([369]) وفي حاشية (ب): الضبع - بالضاد المعجمة وبعدها باء موحدة وعينٌ مهملة - العضد. ذكره في نظام الغريب.

([370]) أي قول زيد رحمه الله: أنا مولى رسول الله.

([371]) - نخ (أ) : ليهنك.

([372]) مسند أحمد بن حنبل: 4/281، التفسير الكبير للفخر الرازي - في ذيل تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (المائدة/67)، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 8/290، شرح فيض القدير للمناوي: 6/217، ذخائر العقبى للمحب الطبري: ص68، الصواعق المحرقة لابن حجر: ص26 و107، الرياض النضرة للمحب الطبري: 2/170. فضائل الخمسة للفيروز آبادي: 1/432-434، تاريخ اليعقوبي: 2/43. وقد سبق تخريج الحديث بقدر أوسع كما في الجزء الثاني.

([373]) - نخ (ب) : ليس إذاً له.

([374]) ما بين المعقوفين تصويب؛ ففي (أ): إن الله.

([375]) - نخ (أ): مولى .

([376]) في (أ): لنبيِّه.

([377]) في (ج‍) رسول الله عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ.

([378]) من (ج‍).

([379]) كنز العمال للمتقي: 6/390 و397، المناقب للكوفي: 1/450-453 ح350-352، المناقب لابن المغازلي الشافعي: ص34-35 ح35.

([380]) وذلك قوله تعالى:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا..} الآية (المائدة/55).

([381]) - نخ (أ): بدا لهم.

([382]) - نخ (أ): إرثها.

([383]) في (ج‍): حطام.

([384]) في (ب): لا تُورَث.

([385]) - نخ (ب): أن.

([386]) وفي تاريخ الطبري من حديث طويل فيه قول أبي بكر:((أما إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا نورث ما تركناه صدقة، إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال، وإنّي - والله - لا أدع أمراً رايت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصنعه إلا صنعته، قال: فهجرته فاطمة، فلم تكلّمه في ذلك حتى ماتت؛ فدفنها عليّ ليلاً، ولم يؤذن بها أبا بكر)) اه‍  أنظر تاريخ الطبري: 3/208 باب وصيّتها عليها السلام بأن تدفن ليلاً وإخفاء قبرها.

([387]) - نخ (أ): نحلة.

([388]) النِحل: العطيَّة والهِبة.

([389]) (ب،ج‍) ولا اختلاف.

([390]) فدك : قرية بالحجاز ، بينها وبين المدينة يومان ، وقيل : ثلاثة ، أفاءها الله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في سنة سبع صلحاً ، وذلك أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لمّا نزل خيبر ، وفتح حصونها ، ولم يبق إلا ثلاث ، واشتدّ بهم الحصار ، راسلوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسألونه أن ينزلهم على الجلاء وفعل ، وبلغ ذلك أهل فدك ، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم ، فأجابهم إلى ذلك ، فهي ممّا لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، فكانت خالصة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

وفيها عين فوّارة ، ونخيل كثيرة ، وهي التي نحلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة صلوات الله عليها . ولمّا قالت فاطمة عليها السلام : إن رسول الله نحلنيها ، قال أبو بكر : أُريد لذلك !!. الخبر‍، أنظر معجم البلدان : 4/238.

([391]) - نخ (أ): أشهد.

([392]) ما بين المعقوفين تصويب؛ ففي (أ): قل.

([393]) من (ج‍).

([394]) (ب): لا يعضلها.

([395]) - نخ (أ): وهو.

([396]) الحسن بي أبي الحسن سَيار البصري، مولى أم سلمة والربيع بنت النضر أو زيد بن ثابت، وجميل بن قطنة أبو سعيد أحمد، المتوفي سنة 110ه‍. روى عن جندب بن عبد الله وأنس وعبد الرَّحمن بن سمرة، ومعقل بن يسار، وأبي بكرة، وسمرة، قال سعيد: لم يسمع منه، وأرسل عن خلق من الصحابة، وروى عنه أيوب وحميد، ويونس، وقتادة، ومطر الورَّاق.

([397]) (ج‍): كرم الله وجهه.

([398]) - نخ (ب): العوار.

([399]) (ج‍): وسائل سأله.

([400]) (ج‍): وزعمتم.

([401]) من (ب)، وفي (أ): للقائل.

([402]) - زيادة من نخ (ب).

([403]) (ب): عند إشكال الأمور عليهم.

([404]) في (ج‍): للطفهم.

([405]) - نخ (ب): الأطهار.