صفحة 171 الياء مَعَ الدّال 61 ـ يَدُ اللهِ عَلى الجَماعَةِ (1) .
من كلام له (عليه السّلام) قاله للخوارج ، ومنه قوله (روحي فداه) : (والْزَمُوا السَّوَادَ الأعْظَمَ فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ على الْجَمَاعَةِ ، وإِيَّاكُمْ والْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ النَّاسِ لِلشَّيْطَانِ كَمَا أَنَّ الشَّاذَّ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ ...) . أقول: قد صحّ هذا المثل عن النّبي (صلّى الله عليه وآله) أيضاً بلفظ : (يد الله مع الجماعة) رواه جمع من المحدثين والأدباء من الشيعة والسنة (2) ، أي أنّ الجماعة المتّفقة من أهل الإسلام في كنف الله ووقايته فوقهم ، وهم بعيدون من الأذى والخوف ، فأقيموا بين ظهرانيهم . وفي حديث: (عليكم بالجماعة فإنّ يد الله على الفسطاط) (الفسطاط : المصر الجامع ، ويد الله كناية عن الحفظ والدفاع عن أهل المصر ، كأنّهم خصوا بوقاية الله تعالى وحسن دفاعه) (3) . والإمام (عليه السّلام) حذّر القوم من الفرقة ومثّل لهم مغّبتها بالغنم المتخلّف من الأغنام التي هي تحت رعاية الراعي ، فكما هو للذئب لا محالة كذلك المتخلّف عن الجماعة للذئاب الإنسيّة والجنيّة من الشياطين . وفي حديث الإمام الرضا (عليه السّلام) قال : (إنّما جعلت الجماعة لئّلا يكون الإخلاص والتوحيد والإسلام والعبادة لله إلاّ طاهراً مكشوفاً مشهوراً ؛ لأنّ في ـــــــــــــــــ (1) النهج 8 : 112 ، 127/كلام. (2) جامع الأصول 6 : 564 المحاضرة والتمثيل 27. (3) النهاية في (يد). صفحة 172 إظهاره حجّة على أهل الشرق والغرب لله وحده ، وليكون المنافق والمستخّف مؤدّياً لما أقرّ به يظهر الإسلام والمراقبة ، وليكون شهادات الناس بالإسلام بعضهم لبعض جائزة ممكنة ، مع ما فيه من المساعدة على البّر والتقوى ، والزجر عن كثير من معاصي الله (عزّ وجلّ) ) (1) . ومن أمر الله تعالى بالاعتصام بحبله والنهي عن التفرقة يعرف الاهتمام البالغ بهذا الصدد ، كما يعلم ذلك من رواية الإحراق بالنار لدار من لم يحضر جماعة المسلمين (2) . ولا ينافي لزوم الجماعة ما جاء من النهي في أحاديث أهل البيت (عليهم السّلام) عن أن يقول الرجل : أنا أحد من الناس ، وأنا مع الناس ، فقد روى الصدوق عن الصادق (عليه السّلام) قوله : (ولا تكن إمَّعة) (3) . وذلك يراد به في الأمر المحرّم شرعاً وعقلاً ، وهم الهمج من الناس يميلون مع كلّ ريح . هذا آخر ما أردناه هنا . والحمد لله تعالى أوّلاً وآخراً ، وصلّى الله على محمّد وآله ، لا سيَّما الإمام المهدي (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) . ـــــــــــــــــ (1) الوسائل 5 : 375. (2) الوسائل 18 : 289 ـ 290. (3) معاني الأخبار 266. صفحة 173 يعجبني ذكر خمسة أبيات وجدتها على هامش بعض نسخ النهج المطبوعة ، وهي: نهجُ البلاغةِ نهجُ العلمِ والعملِ = فاسْلِكْهُ ياصاحِ تبلغْ غايةَ الأملِ ألفاظُه دُرَرٌ زَانَتْ بِحُلْيَتِهَا = أهلَ الفضائلِ من حُلْيٍ ومن حُلَلِ ومن معانيهِ أنوارُ الهدى سطعتْ = تَنْجَابُ عنها ظلامُ الزَّيغِ والزَّلَلِ وكيف لا وَهْوَ نهجٌ طابَ منْهَجَهُ = هَدَى إليه أميرُ المؤمنينَ عليّ وما قاله المرتضى مرتضى = كلامُ عَلِيٍّ كلامٌ عَلِيّ * * * والله (عزّ وجلّ) نسأل أن يسلك بنا منهج مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأولاده الأحد عشر المعصومين ، خلفاء الرّسول الأعظم (صلّى الله تعالى عليهم وسلّم) . ويجمعنا معهم في دار السلام . |