صفحة 151 صفحة 152 صفحة 153 الهاء مَعَ النّون 54 ـ هُنالِكَ لَوْ دَعَوْتَ أتاكَ مِنْهُمْ = فَوارِسُ مِثْلَ أَرْمِيَةِ الحَميمِ (1) . من آخر خطبة له (عليه السّلام) وقد تواترت عليه الأخبار باستيلاء معاوية على البلاد ، حيث قال (عليه السّلام) في آخرها: (اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ مَلِلْتُهُمْ ومَلُّونِي ، وسَئِمْتُهُمْ وسَئِمُونِي ، فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ وأَبْدِلْهُمْ بِي شَرّاً مِنِّي . اللَّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ كَمَا يُمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ . أَمَا واللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِكُمْ أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ : "هُنَالِكَ لَودَعَوْتَ أَتَاكَ مِنْهُمْ = فَوَارِسُ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الْحَمِيمِ" ) (من الوافر) . قال بعض الشراح : نسبه ابن منظور في لسان العرب إلى (الهذلي) مع مغايرة بسيطة . قال : قال الهذلي: هُنَالِكَ لَودَعَوْتَ أَتَاكَ مِنْهُمْ = رِجَالٌ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الْحَمِيمِ ووجه استشهاد الإمام (عليه السّلام) به أنّه كان يتمنّى لو أنّ لديه بدل أهل الكوفة من إذا دعوا أجابوا مسرعين ، ومن إذا استغيث بهم أغاثوا ؛ فقد جاء قبله : (أَمَا واللَّهِ ...) . وبنو فرس بن غنم ، أو فراس بن غنم : حيّ عربيّ مشهور بالشجاعة . وأرمية الحميم : سُحُب الصيف ، ويضرب بها المثل لأنّها أخّف وأسرع في الانتقال(2). ـــــــــــــــــ (1) النهج 1 : 333 ، 25/ط. (2) رسالة الإسلام 122 (عدد 7 ـ 8). صفحة 154 ووجه الخفة لأنّها لا ماء فيها ، والتي فيها لا تكون إلاّ في الشتاء . يريد بذلك : أنّ فوارس بني غنم مسرعون إذا دعوا وللإغاثة إذا استغيثوا. فلولا أن مع الإمام من يستنهِض بهم ويُستغاث لما تجرّي من أمثال معاوية لتسنّم عرش الرئاسة ، ولكن قد خلا له الجوّ فطفق يصفر ويجول . وتمنّى الإمام (عليه السّلام) لفوارس بني غنم هو أحد تمنّياته وقد تمنّى استبدال كلّ عشر من أصحابه بواحد من أذناب معاوية ، حيث إنّ أهل الشام يثبتون إذا دعوا وإن كان على أمر باطل . وأما أصحابه ، فهم على الحق ولا ثبات لهم كما جاء في كلام له (عليه السّلام) (1) . ـــــــــــــــــ (1) النهج 7 : 70 ـ 71 ، 96/كلام. صفحة 155 صفحة 156 صفحة 157 الواو مَعَ الألف 55 ـ وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَةً (1) . برواية نصر بن مزاحم في كتاب (صفّين) في كتابه (عليه السّلام) إلى عمرو بن عاص ، ولم يذكر الزيادة المثليّة الشريف الرضي (طاب ثراه) . ولفظ رواية نصر: (من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى الأبتر ابن الأبتر عمرو بن العاص بن وائل ، شانئ محمّد وآل محمّد في الجاهليّة والإسلام : سلام على من اتّبع الهدى أمّا بعد ، فَإِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ دِينَكَ تَبَعاً لِدُنْيَا امْرِئٍ فاسق مَهْتُوكٍ سِتْرُهُ ، يَشِينُ الْكَرِيمَ بِمَجْلِسِهِ ، ويُسَفِّهُ الْحَلِيمَ بِخِلْطَتِهِ ، فَصَارَ قَلْبُكَ لِقَلْبِهِ تَبَعَاً ، كَمَا قِيْلَ : "وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَةً" ...). أقول: ذكرنا (2) رواية الرضي (رحمه الله) تحت المثل : (اتِّبَاعَ الْكَلْبِ لِلضِّرْغَامِ يَلُوذُ بِمَخَالِبِهِ) . قال ابن الأثير: (هذا مثل للعرب يضرب لكلّ اثنين أو أمرين جمعتهما حالة واحدة اتّصف بهما كلّ منهما ، وأصله فيما قيل : إنّ شنّاً قبيلة من عبد القيس ، وطبقاً حيّ من إياد ، اتفقوا على أمرٍ فقيل لهما ذلك ؛ لأنّ كلّ واحد منهما وافق شكله ونظيره . وقيل : شنّ رجل من دهاة العرب ، وطبقة امرأة من جنسه زُوّجت منه ولهما قصّة ، وقيل : الشّن وعاء من أدم تشّنن ، أي أخلِق ، فجعلوا له طبقاً من فوقه فوافقه ، ـــــــــــــــــــ (1) النهج 16 : 160 ـ 163 ، 39/كتاب. (2) انظر : ص 21 من هذا الكتاب . صفحة 158 فتكون الهاء في الأوّل للتأنيث ، وفي الثاني ضمير الشّن) (1) . أثبت المثل جمعٌ ، منهم الميداني . قال : (قال ابن الكلبي : طبقةُ قبيلةٌ من إياد كانت لا تطاق ، فوقع بها شّن بن أفصى ... فانتصف منها وأصابت منه ، فصار مثلاً للمتفقَيْن في الشّدة وغيرها . قال الشاعر: لَقَيَتْ شَنُّ إيَاداً بِالْقِنَا = طَبْقاً وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَهْ) (2) ـــــــــــــــــــ (1) النهاية في (طبق). (2) مجمع الأمثال 2 : 360 حرف الواو. صفحة 159 الواو مَعَ التّاء 56 ـ وتِلْكَ شَكاةٌ ظاهِرٌ عَنْكَ عَارُها (1) . (من الطويل) من قصيدة لأبي ذؤيب الهذلي يرثي بها نشيبة بن محرث الهذلي ، أوّلها: هَلِ الدَهرُ إِلاَّ لَيلَةٌ وَنَهارُها = وَإِلّا طُلوعُ الشَمسِ ثُمَّ غِيارُها أَبى القَلبُ إِلاَّ أُمَّ عَمروٍ وَأَصبَحَت = تُحَرَّقُ ناري بِالشَكاةِ وَنارُها وَعَيَّرَها الواشونَ أَنّي أُحِبُّها = وَتِلكَ شَكاةُ ظاهِرٌ عَنكَ عارُها (2) تمثّل به الإمام (عليه السّلام) في جوابه لمعاوية: (وزَعَمْتَ أَنِّي لِكُلِّ الْخُلَفَاءِ حَسَدْتُ ! وعَلَى كُلِّهِمْ بَغَيْتُ ! فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَيْسَتِ الْجِنَايَةُ عَلَيْكَ فَيَكُونَ الْعُذْرُ إِلَيْكَ : ............................ = وتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا) . أي إن كنت حاسداً لهم وباغياً كما رعمت ، فليس ذنب ذلك عليك وأنت على عذر منه . وفي نفي الجناية عن معاوية إن صدق في رمي الحسد والبغي إليه (عليه السّلام) إبطال لاستمساكه بذلك لرئاسته ، وأنّه ليس بكفيل لهم ولا حقّ له ولا ولاية عليهم ، أو أنّ من يطلب حقّاً ثابتاً على الآخرين ليس بجناية وإن أوهمها . وكم من مواطن فيها مطالبة الحقوق معدودة من الجناية عند قوم وليست كذلك ، ولا يرتاب المطّلع على حادثة السقيفة والشورى وما نصّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) على إقامة الإمام (عليه السّلام) مقامه من بعده يوم غدير خم : أنّ الخلافة من حقّه الثابت ، فمطالبة الحقّ ليست جناية ولا حسداً ولا بغياً منه عليهم . ومن هوان ـــــــــــــــــــــ (1) النهج 15 : 183 ، 28/ك. (2) رسالة الإسلام 124 ـ 125 عدد 7 ـ 8. صفحة 160 الدنيا مخاطبة أمير المؤمنين (عليه السّلام) أمثال معاوية كما نسب إليه (عليه السّلام) : (إنّ الدّهر أنزلني حتّى قيل : عليّ ومعاوية) . ولعلّ من أهمّ الغصص وأمضّها مواجهة الأنذال ومكالمتهم . ومن ذلك قول زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السّلام) مخاطبة ليزيد بن معاوية : (ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك إنّي لأستصغر قدرك وأستعظم تقريعك وأستكثر توبيخك...)(1) عند دخول حرم الحسين (عليه السّلام) عليه (لعنة الله) . ــــــــــــــــــــــ (1) اللهوف 71. |