مصادر نهج‏ البلاغة وأسانيده

عبد الزهراء الحسيني الخطيب

 

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 6

الجزء الأول

مقدمة التحقيق

بسم اللَّه الرحمن الرّحيم فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ «صدق اللَّه العلي العظيم»

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 7

 

المؤلف في سطور

بقلم الاستاذ سعيد الطريحي السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب.

ولد في العراق، بناحية الخضر سنة 1339 ه.

أخذ مبادئ العلوم على يد العلامتين السيد كاظم الحسيني الخطيب و الشيخ طالب حيدر رحمهما اللَّه هاجر الى النجف الأشرف سنة 1359 ه، و واصل دراسته فيها و حضر دروس جملة من علمائها و أساتذتها.

لازم الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء طيب اللَّه اثره مدة من الزمن و كان كاتبه و المشرف على طبع بعض كتبه.

بعثه آية اللَّه العظمى السيد الحكيم قدس سره وكيلا عنه في «بلد» و أقام بها.

امتهن الخطابة فكانت مجالسه موضع إعجاب المستمعين و هو إلى جانب الخطابة مؤلف نابه، و باحث مدقّق، و محقق خبير.

له كتب منها (مصادر نهج البلاغة و اسانيده) طبع عدّة مرات و (مختصر معجم الادباء لياقوت الحموي) مخطوط و (كشكول الحسيني) مخطوط و (مائة شاهد و شاهد من معاني كلام الإمام علي (ع) في شعر ابي الطيب المتنبي) طبع مرتين و (اشعة من منار الهدى و هو تلخيص لكتاب منار الهدى للشيخ علي بن عبد اللَّه البحراني) طبع و (شرح شرائع الإسلام للمحقق الحلي) تحت الطبع و (مجموعة في‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 8

عدّة أجزاء و فيها ما يناسب القاؤه في المجالس الحسينية) و «مصادر الحكم المنثورة» و هي الألف كلمة التي نقلها ابن ابي الحديد في آخر شرح نهج البلاغة سيتم قريبا ان شاء اللَّه تعالى.

حقق كتاب «الشافعي في الإمامة» و قد صدر بأربعة أجزاء و كتاب «الغارات للثقفي و قد صدر في مجلد واحد و التاريخ الاحمدي بالمشاركة مع كتابت هذه السطور مدّ اللَّه في عمره و نفع به و ندعو له بالتوفيق و السداد.

دمشق في 14، 11، 1987 م كتبه محمد سعيد الطريحي

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 9

الاهداء

سيدي يا حجة اللَّه في ارضه.

ايها المهدي المنتظر.

فتشت في خبايا الارض. و زوايا الدنيا. أثناء إعدادي لاخراج هذا الكتاب عن (العزيز) الذي أقدم له (بضاعتي المزجاة) التي هى ثمرة أتعاب طويلة و جهود مضنية، (و قد مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ) فوجدتك أقرب ما يكون منّي.

         يمثلك الشوق المبرّح و الفكر            فلا حجب تخفيك عنّي و لا ستر

 

ثم عنّ لي (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ) فرأيت أن أرفعه لمقامك السّامي. بواسطة نائبك العام. الذي قام بأعباء النيابة خير قيام سماحة آية اللَّه السيد محسن الحكيم.

فتقبل سيدي-  ذلك منّي و (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا) الخميس 2 ربيع الآخر 1386 عبد الزهراء الحسينى

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 11

كلمة تعرف منها قيمة هذا الكتاب

اقرأ هذه الكلمة... تعرف قيمة هذا الكتاب... قال الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء طيب اللَّه ثراه: «و عسى ان يوفق اللَّه لافراد كتاب يجمع أسانيد «نهج البلاغة» من كتب الفريقين، فاني احس بشدّة الحاجة إلى ذلك، و قد اضطرنا هذا الوقت و أعوزنا الى مثله، على اني لا أجد لنفسي كفاءة القيام بمثل هذا العمل الجليل، فعسى أن يعنى له بعض الأفاضل فينهض بمثل هذا المشروع الشريف الذي فات السلف الصالح أن يقوم بمثله و «كم ترك الأول للآخر» و غير خفي على ذي لب أنّ من يقوم بهذه الصنيعة العظمى يكون قد سدّ فراغا كبيرا في المعارف و العلوم، و أسدى الى الحقيقة يدا بيضاء يقطع بها السنة المعتدين، و يكعم بها أفواه المتجاسرين، و أقلام المتطاولين على هذا السفر العظيم، الذي لا ثاني له بعد كتاب اللَّه العزيز كما يعترف به كلّ منصف من العارفين، و عسى أن لا يخيب رجاؤنا و لا يفشل اقتراحنا من افاضلنا ان شاء اللَّه».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 12

كلمات في الكتاب

(1) كلمة طيبة

تفضل الامام المرتضى من آل ياسين دامت بركاته بالكلمة التالية: الحمد للَّه على ما أنعم و صلى اللَّه على محمد و آله و سلم و بعد: فربّ موضوع ذي نسب واضح سليم يتناوله قلم مؤرخ ناقد فيطيب له أن يحيطه بأطار من الاوهام و الشكوك يستوحيها من أمور لا تكاد توحي للناقد البصير و همّا و لا شكّا، ثم يأتي من بعده آخرون ليؤرخوا لنفس الموضوع فينقسموا الى فريقين فريق مؤيد و فريق مفند، و تبعا لانقسام هؤلاء المؤرخين ينقسم قراؤهم أيضا الى مؤيدين و الى مفندين، و إذا بذلك الموضوع الواضح النسب يصبح لا لشي‏ء ذي بال موضوعا مجهول النسب أو منسوبا الى غير من يجب أن ينسب إليه، و هذا ما مني به كتاب (نهج البلاغة) المحتوى على شطر كبير من كلام مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام فانه ما زال منذ أمد بعيد و لا يزال حتى اليوم يشقّ طريقه بين فريقين فريق له و فريق عليه مع العلم بان الفريق الاول أقوى عدة و أكثر عددا.

و ما أشبه ما مني به كتاب النهج بما مني به كتاب اللَّه جل شأنه فقد قال المنكرون للتنزيل: إن القرآن من كلام محمد صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و ليس من كلام اللَّه، و قال‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 13

المرتابون في النهج: انه من كلام جامعه السيد الشريف و ليس من كلام الامام عليه السّلام و لو انهم أمعنوا النظر جيدا لعرفوا أن لكلّ من الكلامين طابعه الخاص الذي يمتاز به عن الآخر بصورة واضحة فأين كلام محمد صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم من كلام اللَّه و أين كلام الرضي من كلام الامام علي عليه السّلام و كيف يجوز ان يشتبه هذا بذاك و ما اشتبه التبر يوما باللجين.

على ان هناك من الوثاق التاريخية المعتمد عليها ما لو رجع اليها المتتبع لازداد ايمانا و يقينا بصحة النسبة و ثبوتها بشكل لا يقبل الجدل و الارتياب و هذا ما نهد الى جمعه و الالمام به في هذا الكتاب مؤلفه السيد الجليل البحاثة المتتبع، و الخطيب البارع السيد عبد الزهراء الحسيني حفظه اللَّه، فانه اودعه من الوثائق الصحيحة، و الشواهد الصريحة ما جعله فذا في موضوعه، و لا شك في انك ان رجعت اليه فسوف لا تنكفى‏ء عنه إلا و أنت مؤمن كلّ الايمان بان المرتابين في نسب النهج هم أبعد الناس عن نهج الصواب.

فحيا اللَّه مؤلفه السيد المجاهد بأزكى تحياته، و أسبغ عليه أفضل نعمه و مثوباته، و جزاه عن جهوده المضنية التي عاناها في سبيل تأليفه بما يجازي به المحسنين من عباده الصالحين انه أرحم الراحمين.

20، ذى القعدة، 1387 ه مرتضى آل ياسين

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 14

(2) كتاب كريم

تلقيناه-  بيد الفخر-  من العلامة الكبير، المرحوم الدكتور مصطفى جواد.

حضرة الاستاذ الجليل العالم المحقق السيد عبد الزهراء الحسيني المحترم تحية صادقة، و احترام مستدام اقدمهما لسيادتكم مصحبا لهما شكري الكثير لكم على هديتكم الأدبية البارعة، التي هي كتابكم النفيس «مصادر نهج البلاغة و أسانيده» في جزئه الأول، و في الحق أن عملكم الأدبي هذا من أجل الاعمال التحقيقية الادبية على ندورها في هذه الايام، فبارك اللَّه لك و فيك و عليك، و بارك هذا المجهود الرائع النافع الذي جهدتموه مشكورين مأجورين، جامعين بين جليل الثواب و جميل الآداب، و أسأل اللَّه تعالى ان يطيل عمركم، و يجزل أجركم، و يسهل امركم لاتمام هذا البحث الجزيل الفوائد، الحاوي للكثير من الفرائد.

هذا و تقبلوا في الختام وافر الاكرام و الاعزاز و الاعجاب.

23، 2، 1967 المخلص الدكتور مصطفى جواد

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 15

 

(3) رسالة قيمة

تكرم بها العلامة المفضال، الاستاذ الفذ المحامي توفيق الفكيكي.

سيادة العالم الجليل و البحاثة البجيل، الاستاذ الخطيب المفوه المدره السيد عبد الزهراء الحسيني حفظه اللَّه تعالى و أبقاه.

اهديك اطيب تحية ندية بالشذى الفواح، و أزكى سلام، يعبق بالمسك الاذفر النفاح، و بعد: فقد وصلني ما اوصلتني به من عميم فضلك الواسع، و محصول علمك الوافر، و ثمرة بحثك المجهد المضني المشكور. و هو كتابك القيم الخالد، بل هو الآية من آيات ابداع الفكر العربي الاسلامي المعاصر، و سيبقى بلا ريب نبراسا تهتدي به الاجيال الى احقاق الحق و ازهاق الباطل، و قد شاء اللَّه عز و جل أن يتم على يدك المباركة اصدار الحكم من محكمة التاريخ الكبرى العتيدة ببراءة كتاب «نهج البلاغة» و جامعه سيدنا «الشريف الرضي» قدس اللَّه روحه و أعلى في الفراديس درجاته، مما الصق بهما من التهم المختلفة و أقاويل الزور و البهتان التي ما انزل اللَّه بها من سلطان و التي اختلقها اهل الاهواء و الغرائز المعوجة، و اصحاب العقول السادرة، و النفوس المريضة

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 16

المنحرفة عن نهج الحق، و الجادة البيضاء، و المهيع السوي. فطوبى لك أيها العالم النحرير، ثم طوبى لك أيها الخريت الخبير.

لقد عكفت على مطالعة كتابك الثمين الزاخر بالبينات، و أنا حليف الفراش لهجوم النوبة القلبية و اشتداد وطأة مرض السكر و اللَّه تعالى أسأل أن يمن علي و عليكم بالعافية و يرزقنا الشكر عليها، نعم يا سيدي لقد طالعته من ألفه الى يائه و الحمد للَّه و كنت كلما أنتهي من فصوله يأخذني الدهش و البهر و الاعجاب العجيب لقوة جلدك في البحث و صبرك المحمود على مرارة التنقيب، و طول سهرك في اقامة الحجج الدوامغ و الادلة المسكتة، و الروايات المسندة بأصح الأسانيد الواضحة وضوح النهار الماتع، ثم حدبك المنهك على جمع الاحاديث الشريفة المرفوعة من طريق الصحاح لأهل السنة و الجماعة في حق الوصي عليه السّلام و الوصاية.

أجل يا سيدي: لقد جاء كتابك المنير بأكثر من اعجوبة نادرة و من أولى مزاياه الفائقة اظهاره ما خفى على الباحثين و الكتاب و الادباء الفضلاء من الكنوز المطمورة في الدهاليز و الزوايا، تلك الكنوز الفكرية و المعارف العقلية، و الآثار القلمية المنسية طوال الحقب الماضية و الايام الخالية و كلها جاءت متظافرة لتدعيم صرح الحق و رفع مناره و تمزيق غياهب الباطل و تحطيم يافوخه.

أما العبارة فقوية آسرة، و أما أوعية المعاني فدرية اللمعان، طافحة بالحلاوة خالبة بالطلاوة. و رأيي في المعاني الشريفة، فبالايجاز أقول: كانت أرواحا من النور أسكنت في اجسام سحرية خلابة مرقصة تهز القلوب، و بأسلوب مهذب مرهف يثير الاحساس و الوجدان. و كلمتي الاخيرة: فان‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 17

كتاب مصادر «نهج البلاغة» هو اليوم مصدر المصادر ليعون المحاسن، و محاسن الجواهر، و بدائع الفوائد فشكر اللَّه سعيك المبرور المشكور، و عاشت يداك، و قلمك البليغ السيال أيها السيد الشريف المفضال. هذا و اللَّه أسأل ان يحفظك للفضيلة و العلم ذخرا و مؤملا.

كرخ-  الداودي-  حي المحامين و الحكام 3، 4، 1967 مخلصكم أبو أديب: توفيق الفكيكي

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 18

(4) تفضل الاستاذ الفاضل السيد طاهر أبو رغيف برسالتين حول الكتاب نكتفي بنشر واحدة منهما مع الشكر الجزيل.

سيدنا المبجل العلامة السيد عبد الزهراء الحسيني المحترم السلام عليكم و رحمة اللَّه.

         «و أبلغ خطابا فالبلاغة سلمت            لكفيك منها مقودا و عنانا»

 

و بعد تطلع و انتظار تسلمت «مصادر نهج البلاغة و أسانيده» الذي بشرت به انديتنا منذ عامين، فرحت اتلو سورا من بيانك الذي كان قبسا من بلاغة علي عليه السّلام، و استعرض صورا من الأسانيد التي دحضت بها شبهات المرجفين، فكان ما قدّمت من عرض، و ما شرحت من إيضاح في المستوى الذي لا يرقى اليه غبار الطعن، و لا يحيط به ظلام الشبهات... انه لجهاد كبير بطريقة مبتكرة تحققت اغراضه على يديك اذ رميت فأصبت شغاف القلب من خصومك على بعد مرماك، برغم ما في طريقك‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 19

من عقبات تغلبت عليها بالصبر و المثابرة (و كان فضل اللَّه عليك عظيما) حيث هداك لما اختلف فيه من الحق فكنت من حزبه الذي ارتضى لتقيم الحجة على الذين اتخذوا مما تشابه من (النهج) نافذة للطعن به، و سببا لنشر الظلام من حوله ابتغاء الفتنة ليطفئوا نور اللَّه الذي اشرق به كلام الامام عليه السّلام.

و يسرني بهذه المناسبة أن أقدم لك التهنئة لما أحرزت من فوز في المجال الذي كنت مدخرا له كما نوّه بذلك الامام الحجة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء نور اللَّه ضريحه و السلف الصالح الذين سألوا اللَّه تعالى أن يختار عبدا يجد فيه عزما و حزما لحمل هذا العب‏ء الثقيل فكنته و الحمد للَّه.

البصرة 1 شهر رمضان المبارك: 1388.

طاهر ابو رغيف‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 20

 

(5) كتاب و تاريخ

تفضل الاستاذ الكبير، و الكاتب البليغ الدكتور باقر عبد الغني عميد كلية اللغات في جامعة بغداد، فأتحفنا بهذا الكتاب ننشره في مطلع هذا الجزء اعتزازا به و له جزيل الشكر، و جميل لثناء.

بغداد: 5، 11، 1968.

سماحة العلامة الجليل السيد عبد الزهراء المحترم.

السلام عليك. و بعد: كان أول عهدي ب (نهج البلاغة) يوم كنت تلميذا في الصف الأول المتوسط كان بين يديّ أقرأه و لا أفقه منه شيئا، و شببت و شبّ شغفي به دليل عقيدة لم ينحت الدهر منها ذرة-  إن شاء اللَّه-  و رائد فكرة تتكسر الافكار من كل مهب على حدها، و ريع هوى شيعي يحيي الخواطر، و يشرح الصدر. و ينعش الوجدان.

فلئن أطلت الوقوف عند كتابك أيها السيد الجليل، ذلك أنه شعب ندى من شعاب (النهج) و رافد من روافده الثرة، يملأ صدري بالرواء، و عواطفي بالصفاء، و يشد ما لا يحل و لا يفل من عقد الولاء للامام بديع النهج.

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 21

كان أول ما وفقت اليه-  زاد اللَّه توفيقك-  أن تصديت لبحث أصيل جزيل النفع، جليل الأثر فرسمت له خطة علمية تتجلى معالمها في تنسيق الفصول و الأبواب، و تنضيد المادة، و دقة الانسجام بين ما تنتهي منه، و ما تمهد له، بشكل يحقق وحدة الموضوع، و تكامل أجزائه، فكان أن تراصت نتائج البحث، و تلاءمت خلاصاته بما يضمن له الرجحان في موازين البحوث الرصينة.

ثم سمت بك همتك-  شد اللَّه ازرك، و أجزل أجرك-  فوفرت مادته الغزيرة من (مصادر) زكيتها بأمانة الباحث، و (أسانيد) دعمتها بحجة الناقد و أخبار و روايات نقضت عنها الشك بقوة المتثبت، و لا شك أن المعنيين بحقل البحوث و الدراسات سيقفون على ما بذلته من جهد و صبر و أنت تجمع مادة الكتاب و سيعرف ذوو الاصابة منهم ما انتهيت اليه من أصيل الرأي، و واضح الحجة، و سليم الخلاصة. و سيقرّ لك أهل الانصاف و الذمة العلمية بعدالة الميزان، و سلامة المقياس، و براعة العرض، و المعية الاستنتاج، و نزاهة الحكم، و صراحة الفصل، و دقة الأحكام.

و لن تكدّر صفو اعجابي و تقديري ملاحظات ما هي من صميم الجانب العلمي من الكتاب و لكنك قد تراها مفيدة من حيث العرض المادي له، منها: كنت أوثر أن تطبع نصوص (النهج) بحرف أوضح«» و أن تأخذ الصفحة كلها الى أن تنتهي. ثم يفرد عنوان لرواتها و يرتبون بأرقام، و أرى ان يشار الى المصدر مع تفصيلاته في الحاشية دون أن يتخلل ذكره الحديث، و إن يلتزم بنهج واحد من هذا الباب فقد ذكرت المصادر و تفصيلاتها ثم اقتصرت‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 22

على ذكرها مع الاحالة على الحاشية في وقت واحد و في صفحة واحدة (ج 2، 68) كما آمل أن لا يغفل ذكر أرقام الصفحات من المراجع كما وقع مثلا ص 184 من (قسم الرسائل) عند الاشارة الى (العقد الفريد) و كما حصل في مواطن أخرى.

و ما دام الكتاب ينصب في فكرته الاساسية على أسانيد (النهج) فلعل الأخ الكريم يشاركني الرأي في افراد فهرس خاص برجال السند.

و ختاما وددت لو أن حديثي كان كله تهنئة لك على الجهد الضخم، و الحصيلة الرائعة فلا أملك ما أعبر به عن تقديري و تهنئتي غير دعاء حار الى اللَّه تعالى أن يزيد في توفيقك، و أن يجزيك عالما ينفع الناس بعلمه، و معلما لا يمل درسه، و لا يطوى له كتاب.

و السلام عليك و رحمة اللَّه و بركاته.

المخلص باقر عبد الغني‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 23

 

(6) القى إلي هذا الكتاب الكريم من سماحة العالم الاستاذ الشيخ محمد سعيد دحدوح الحلبي دام مجده ننشره مشفوعا بالشكر الجزيل، و الثناء الجميل.

بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم محمد سعيد دحدوح حلب-  النوحية، زقاق المصبنة 25 شوال 1388 ه-  13، 1، 1969 م.

بسمه تعالى و له الحمد، و صلاته و سلامه على سيدنا محمد و على آله البررة الطيبين، و صحابته المتقين.

أخي و وليي في اللَّه تعالى السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب وفقه اللَّه لما فيه رضاه.

السلام عليكم و رحمة اللَّه و بركاته.

أخي: إن الإنسان حينما يحب انسانا، و حينما يهيم بشخص يجب ان يعرف جميع صفاته، و يعلم كل أحواله، و إذا لم يمكنه ذلك و أراد ان‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 24

يعرف الحقيقة النصوح سأل عنه أعرف الناس به، و أقربهم منه، حتّى يكون على بينة من أمره. و أن عليا سلام اللَّه عليه له محبون-  و الحمد للَّه-  و له مبغضون-  و العياذ باللَّه-  و هذا شأن كلّ عظيم، و قد أصاب من أحبه ذلك، و الشريف الرضي-  طيب اللَّه ثراه-  حينما ألف كلام أمير المؤمنين و جمع نهجه قام جماعة من الناس ليطفئوا هذا النور«» بأفواههم، يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ، و قام جماعة آخرون-  في كل عصر-  لنصرة علي، و بيان حقه، و إظهار محامده و فضائله، و لا عجب إذا كنتم من هؤلاء لأنكم غصن من تلك الدوحة الطاهرة، و فنن من هاتيك الشجرة الطيبة التي (أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ) فقد قمتم بعمل تؤجرون عليه، و تشكرون دائما و أبدا بما قدمتم لأبناء الجيل الصاعد من حقائق واضحة، و حجج دامغة تبين أن الشريف الرضي حاشاه أن يفتري على علي عليه السلام و هو ابنه أو أن ينسب اليه ما لم يقله و هو المتأدب بأدبه، و لكنّ بعض الناس المتغرضين أبت نفوسهم إلّا ان تبدو، و أبى نفاقهم إلّا ان يظهر، فافتروا على الشريف الرضي كما افتروا من قبله على الامام علي. و جئت أنت-  ايها السيد الشريف-  تبرى‏ء السيد الشريف، و تبين (ما حاق بالذين مكروا) و تدحض شبههم الواهية ببيان الحكيم، و كلام المطّلع البليغ الضليع فلله درك، و على اللَّه جزاؤك.

و قد سمعت بكتابك عن طريق مجلة (العربي) و سألت عنه رجل السيادة و العلم السيد هادي فياض و هو اكرمه اللَّه ارسله إلي، فلك الشكر على ما قدمت و له الشكر على ما أهدى. هذا و قد ذكرت أن له جزاء فرجائي‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 25

ارسال ما صدر، او يصدر بعد الأول، و هنا احب ان الفت نظر سيدنا ان من جملة من الف عن الشريف الرضي الكاتب و الشاعر السوري اديب التقي البغدادي فقد اخرج سنة (1380) إلى عالم التأليف مؤلفا سمّاه (الشريف الرضي) عصره، حياته، منازعه، أدبه ب (374) صفحة، فرجائي ان تطلع عليه، و تشير اليه في الطبعة الثانية-  إن شاء اللَّه-  فانه على ما أرى كتاب قيم بتحليل جميل، و مطاف خبير بتاريخ ذلك الشريف... و في الختام دم لمحبكم.

محمد سعيد دحدوح‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 26

 

(7) وردتنا من الكتاب الشهير الدكتور مهدي محبوبة هذه الرسالة و سبق أن تفضل بمثلها فله بما تفضل سابقا و لاحقا وافر الشكر.

لحضرة العالم الفاضل و الخطيب البارع السيد عبد الزهراء الحسيني المحترم، استوحيت من الأمل حقيقة، و من التتبع و البحث واقعا ملموسا عند ما أوصلني المطاف إلى عظيم سفركم، و جليل بحثكم (مصادر نهج البلاغة و أسانيده) و كنت له كالصّادي في حمارة الصيف، اريد الارتشاف من مائه الزلال، و قد طلبته في كثير من المكتبات فلم اوفق للحصول عليه، حتى اوليتموني به، و لما تصفحته اوردني بحق إلى ما أصبو اليه فهو خلاصة جهد الباحث المتطلع الهادف العارف لما فيه من الأدلة المادية المقنعة التي تزيل الشك، و تبدد الأوهام. و قد يزيد ما توصلتم اليه التتبع لاستخراج ما في بطون المخطوطات الكثيرة التي ابتلعتها مكتبات الشرق و الغرب، و كمثل: لا زالت جارتنا تركيا تحوي من هذا التراث العظيم ما تفتقر اليه. و إن لهذا البحث الفريد جذوره الممتدة و التي تحتاج إلى كثير من الصبر و الاناة للكشف عنها و قد عملتم ما بوسعكم. و نظرا لما لهذا البحث من أهمية في‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 27

تاريخ الشرعي الاسلامي، و الأدب العلوي فلا بأس من الاسترسال بما بدأت به، و لا بأس بغض النظر عما لم يصل اليه تتبعكم حتى تصلوا إلى إثبات ذلك لان الكتاب موضوع لذلك.

و أخيرا ارجو أن توفقوا لقطع موارد الشك لدى الجميع باستيفاء الادلة كما اوردتم ذلك مشكورين في الخطبة (الشقشقية) كما ارجو ان تكون طباعة كلام الامام عليه السلام أكثر وضوحا، و اسمحوا لتأخر شكري و اسلموا لأخيكم المخلص.

بغداد: 24 شوال 1388: 12، 1، 1969 الدكتور: مهدي محبوبة

(8) من كلمة للدكتور حامد داود حفني:

«و كان السيد الخطيب عبد الزهراء الحسيني من أشد الباحثين عناية بفهرسة «نهج البلاغة» و اكثر جمعا و احصاء لها في كتابه القيم «مصادر نهج البلاغة و اسانيده»، و الكتاب حسن التقسيم، جيد التبويب، و هو في نظر النهج العلمي الحديث يعد قربي بتقرب بها امثاله الى اللَّه احقاقا للحق و ابطالا للباطل.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 28

(1) أبى الخطيب العبقري الاستاذ الكبير الدكتور الشيخ أحمد الوائلي

أن يكتفي بما قدمه من المساعدة المادية حتى عرض مساهمته الأدبية فتفضل بهذا التاريخ«».

فضيلة الخطيب الاستاذ السيد عبد الزهراء المحترم، تحية و تقدير.

و بعد: تلقيت هديتكم الثمينة الجزءين الأول و الثاني من كتاب (مصادر نهج البلاغة) و بعد الاطلاع عليهما قدرت جهدك، و حسن انتفائك في المادة، و ذوقك في الاسلوب، و رجوت من اللَّه تعالى أن يجعله من ذخائرك (يوم لا ينفع مال و لا بنون).

و تقبل بالختام تحياتي مذيلة بتاريخ الكتاب، و شكرا.

         أيا عبد زهراء بنت النبي            و تلك العبودية المستساغه‏

      لقد صغت من رائعات العقود

            و أبدعت في رصفه و الصياغه‏

         بكل صحيح و تاريخه            (و سمت مصادر نهج البلاغه)

 

1968 أحمد الوائلي‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 29

 

(2) أنعم علينا الطبيب الماهر، و الأديب الشاعر الأخ الاستاذ الميرزا محمد الخليلي بهذا التاريخ. فنشكر له لطفه و عطفه:

         كم شكّ في النهج قوم            من مبغض و مكابر

         فالبعض ينسبه‏

            للرضي إذ كان حائر

         و آخر قال هذا            ملفقات الأواخر

         لذاك قام الخطيب‏

            الأديب نهضة خادر

         فانظر بعقلك و اسأل            ذوي الحجى و البصائر

         فسوف ترضى ضميرا

            لا بل سترضى ضمائر

         فاقرأ و أرخ وفاقا            (للنهج هذي المصادر)

 

النجف الأشرف 1387 محمد الخليلي‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 30

 

(3) تفضل العلامة الخطيب السيد علي الهاشمي دام علاه بهذا التاريخ، و له مني الثناء و الدعاء.

         للسيد الندب سفر            بدا ليجلو الدياجر

         (مصادر) منه وافت‏

            عباقة كالأزاهر

         لكل حبر صحيح            به (الصحاح) تفاخر

               (نهج البلاغة) نهج‏

            لكلّ ناه و آمر

         و حجة تتجلّى            منه لأهل المنابر

         يا رائد الفضل أرخ‏

            (فقل بخير المصادر)

 

1388 الكاظمية على الهاشمي الخطيب

(4) وافانا بهذا التأريخ الشاعر الفاضل صاحب القصائد الذهبية المنقوشة على الأبواب الذهبية في مشهد الكاظمين عليهما السلام و الحرام الزينبي في دمشق السيد علي رضا الهندي ننشره على هذه الصفحة شاكرين لطفه.

         في العلم كان فراغ            و قد سددت فراغه‏

         بخير سفر جليل‏

            مصادرا و صياغه‏

         نور الهدى فيه ارخ            (و نور نهج البلاغه)

 

1389

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 31

مقدمة الطبعة الرابعة

بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم الحمد للَّه بجميع المحامد على جميع النعم و الصلاة و السلام على محمد و آله أصول الكرم، و مصابيح الظلم.

و بعد فإن من دواعي السرور و الاغتباط ان يتفضّل الاستاذ السيد مهدي بحر العلوم صاحب دار الزهراء للطباعة و النشر و التوزيع في بيروت بطبع كتابي «مصادر نهج البلاغة و أسانيده» طبعة رابعة شاكرا لطفه و قد أعدت النظر فيه على سبيل العجلة بالنظر لحالتي الصحيّة فأصلحت بعض الأخطاء المطبعية و أضفت له شيئا يسيرا في مواضع مختلفات سائلا المولى سبحانه أن يجعل عملنا جميعا خالصا لوجهه الكريم إنه نعم المولى و نعم النصير.

بيروت في 3 ربيع الأول 1408 ه عبد الزهراء الحسينى

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 32

مقدمة الطبعة الثانية

بسم اللَّه الرحمن الرحيم المحمود للَّه جلّت قدرته، و المصلّى عليه محمد و عترته أما بعد: فهذا كتاب (مصادر نهج البلاغة) أقدمه للقراء في طبعته الثانية بجميع أجزائه آملا أن ينال رضاهم، و يحظى بقبولهم كما كان في طبعته الأولى خصوصا و ان في هذه الطبعة زيادات لم تكن في الأولى مع تعديلات مهمة في بعض مواده، و إني لأشكر جميع الذين آزروني و شجعوني من العلماء و الأدباء في هذا العمل، و أخصّ بالذكر أخي العلامة الخطيب الشهير الدكتور الشيخ أحمد الوائلي فأنّ له اليد الطولى في اخراج هذه الطبعة بهذه الحلّة الجميلة سائلا المولى سبحانه أن يكثر من أمثاله، و يزيد في توفيقه و اقباله و اللَّه لا يضيع أجر من أحسن عملا.

17 محرم الحرام 1395

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 33

 

مقدمة الطبعة الاولى

(1) كنت مولعا بكتاب «نهج البلاغة» منذ حداثة سنيّ، اجعله سمير وحدتي و أنيس وحشتي، استظهر فصولا من خطبه، و أحفظ قطعا من رسائله، و التقط دررا من حكمه، و كان هذا الولع يتضاعف كلّما اتسعت مداركي، و تضاعفت معلوماتي، و من أجل ذلك أبحث عن كل ما يتعلق به، و ما كتب حوله، و بطبيعة الحال اطلعت على تلك الاوهام التي أحاطت به، و في مقدمتها (إنّ الذي جمعه هو الذي وضعه) فصرت كلّما عنّ لي شي‏ء من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام«» في الكتب المؤلفة قبل صدور «النهج» أو بعده و لكن مع القطع انه لم يؤخذ عنه، أشير اليه في مجموعة خاصة، حتى اجتمع عندي بتيسير اللَّه تعالى على طول الأيام، و مرّ السنين ما يصح أن يجعل‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 34

كمصادر«» ل (نهج البلاغة) و ما يثبت أنّ جامعه ليس له فيه سوى الجمع و الاختيار، و الترتيب و التبويب، و سترى في هذا الكتاب أنّ كل ما حواه «النهج» مروي عن أمير المؤمنين، مشهور النسبة إليه، و أن كلّ اولئك الذين تطاولوا على (نهج البلاغة) أو تحاملوا على جامعه، إن هم إلّا قوم دعاهم الهوى فاجابوه، و قادهم التعصب الأعمى فاتبعوه، (وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى‏ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً).

(2) و لا جرم أنّك قرأت كلمة الإمام كاشف الغطاء رحمه اللَّه في مطلع هذا الكتاب فأعطتك صورة واضحة عمّا بذلته من جهود، و ما لا قيته من عناء في جمع هذا الكتاب و تأليفه، و لا ريب أنك قدّرت كم أخذ ذلك من وقتي و راحتي، و إذا كان كاشف الغطاء أعلى اللَّه مقامه يقعد عن القيام بمثل هذا العمل الجليل-  على حدّ تعبيره-  مع ما يرى من أهميته لما فيه من المشقة و هو البحر الذي لا يدرك قراره، و لا تسبر اغواره، بمكتبته الطافحة بامهات المصادر قديمها و حديثها، مخطوطها و مطبوعها بمحيطه الذي لو مد إليه يد الاستعانة للبّى طلبه العشرات من فرسان هذه الحلبة، و أبطال هذا الميدان، فكيف بي-  رعاك اللَّه-  و أنا في (الخضر)«» و ليس في متناول يدي إلا بضع عشرات من الكتب لا يغني معظمها في مثل هذا المقام، و لا أجد من حولي من يمكن الاستعانة به في مثل هذا الأمر.

و حسبي بهذه الكلمة في التعريف بكتابي هذا، و بيان أهمية موضوعه فقد أغنتني عن تكليف بعض الأعلام في تقديمه، و التّعريف به كما هي عادة أكثر المؤلفين في هذا الزمن.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 35

(3) و لا أدعي بأنّي أول من فتح هذا الباب، و كتب في مثل هذا الموضوع فلشيخنا الهادي من آل كاشف الغطاء-  نضر اللَّه وجهه-  فضل السبق إلى بيان (مدارك نهج البلاغة) و البحث عن أصوله غير أنّه رحمه اللَّه لم يذكر إلا اليسير بصورة مقتضبة، و بيان وجيز و تعجّل في جمعها خوف الشتات، و سارع إلى إخراجها خشية الضّياع كما ذكر ذلك في أواخر الكتاب.

و كتاب الامام الحجة السيد هبة الدين الشهرستاني نور اللَّه ضريحه (ما هو نهج البلاغة) تغني شهرته عن التّنويه به، فقد بحث فيه تاريخ (نهج البلاغة) و قيمته العلمية و الأدبية، و مكانة مؤلفه من التحقيق و الوثاقة، بما لا تقوم به البحوث المطولة، و لا تسد مسدّه الاقوال المسهبة.

و للاستاذ الكبير حسين بستانه بحث قيم تعرض فيه للشبهات الحائمة حول (النهج) نشرته مجلة الاعتدال النجفية الغراء في العدد الرابع من سنتها الخامسة.

و ألف الاستاذ امتياز على عرشي كتابا في هذا الموضوع سماه (استناد نهج البلاغة) نقله إلى العربية الاستاذ عامر الأنصاري و نشرته مجلة (ثقافة الهند) التي يصدرها مجلس الهند للروابط الثقافية بعددها الرابع من المجلد الثامن المؤرخ ديسمبر سنة 1957 م و هذا الكتاب على اختصاره قد ألمّ بالموضوع من أكثر اطرافه و أحاط به من بعض جهاته أطلعني عليه في الآونة الأخيرة العلّامة الاستاذ الشيخ أسد حيدر مؤلف كتاب (الإمام الصادق و المذاهب الاربعة) و لا يفوتني بهذه المناسبة أن أثني أحسن الثناء على (أسد آل حيدر) سلمه اللَّه فكم شجّعني على مواصلة هذا العمل، و حثّني على الجد في إتقانه، و كم جعل في متناول يدي من أمهات المصادر، و مختلف البحوث المتعلقة بهذا الموضوع و دلّني بمعلوماته القيّمة، و خبرته الواسعة على موضع الفائدة منها فجزاه اللَّه عني خير ما يجزي به الواصلين لارحامهم.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 36

و لا أنسى أيضا أن أذكر العلامتين الامامين الشيخ عبد الحسين الاميني صاحب (الغدير)، و المحسن الطهراني صاحب (الذريعة) طيّب اللَّه ثراهما بجميل الذكر على ما بذلاه لي من المعونة (الأول) بما أسداه من نصائح ثمينة، و إرشادات قيّمة و ملاحظات مهمة و (الثاني) بجعل مكتبته تحت تصرفي في أي وقت من ليل أو نهار، و بما أطلعني عليه من القسم المخطوط من ذريعته، فاللَّه اسأل أن يجزى الجميع عنّى بالحسنى كما وفقهم لما يحبّ و يرضى.

و بعد: فهذا كتابي أقدمه بين يدي القارئ الكريم و لا أخادع نفسي فادعي باني قدمته زهرا لا شوك فيه، و ثمرا لا عجم به، فاجل طرفك بين اعطافه و اطرافه فان راقك كلّه أو جله فذاك ما لا آسى معه على ما قاسيته من أتعاب، و ما بذلته من جهود و الا فستجد مني اذنا صغواء، و صدرا رحبا لتقبل كلّ نقد مصدره حسن النية، و غايته التعاون على إحقاق الحق و ما توفيقي إلا باللَّه.

عبد الزهراء الحسينى‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 37

 

تقييد مصادر «نهج البلاغة»

لا أريد بهذا العنوان المعنى المفهوم للمصادر بين الكتاب و المؤلفين فقد أنقل من مصدر لم يره الشريف الرّضي و لم يسمع بذكره، و لكن المقصود: أنّ ذلك الكلام من محتويات (النهج) أو تلك الخطبة، أو هذا الكتاب، أو هذه الحكمة، مشهورة النسبة إلى أمير المؤمنين عليه السّلام، معروفة بين الرّواة، مروية عنه، و لو مع التفاوت و المغايرة في بعض الحروف و الكلمات، أو التقديم أو التأخير أو الزيادة و النقصان، شأن جميع المأثورات عن البلغاء و الخطباء في الجاهلية و الاسلام، لأنّ الوقوف على جميع المصادر التي أخذ عنها الشّريف الرّضي ضرب من المحال، لوجود كتب كثيرة كانت في عصره، عاثت بها يد الايام و لم يبق منها إلا اليسير و لم نعرف عنها إلا اسماء بعضها في كتب الفهارس و الرجال، و بحسبك أن تقف و لو لماما على فهارس ابن النديم و النجاشي و الطّوسي، و ما أشار اليه ياقوت في (معجم الادباء) و ما ذكره صاحب «كشف الظنون» و ما عرضه شيخنا الرّازي في (الذريعة) ليظهر لك ذلك بكل وضوح.

و لو لم يكن في متناول الرضى يومئذ إلا مكتبة أخيه علم الهدى«»

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 38

المعروفة بدار العلم، و التي حوت اكثر من ثمانين الف مجلد«» لكفى، مضافا إلى المكاتبات العامة التي كانت في عهده مثل مكتبة بيت الحكمة التي أنشأها أبو النصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة بن بويه الديلمي«» في سنة (381 ه) و كانت في محلة بين السّورين بالكرخ جمع فيها ما تفرق من كتب فارس و العراق، و استنسخ من الهند و الصين و الروم كتبهم، و جعل فيها نيفا و عشرة آلاف مجلد كلّها بخطوط الائمة المعتبرة منها مائة مصحف نمقتها يد ابن مقلة، ثم اخذ العلماء يحبسون عليها نسخا من مؤلفاتهم حتى أصبحت من أغنى دور الكتب في عاصمة العباسيين«».

و قال عنها ياقوت الحموي: لم يكن في الدنيا أحسن منها كانت كلها بخطوط الائمة المعتبرة، و اصولهم المحررة،«» و كانت خاصة بالشيعة«» و قد أنشأها

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 39

سابور على مثال بيت الحكمة الذي أنشأه الرشيد، و جمع إليها ما كان قد نقل الى العربية من كتب الطبّ و العلم و ما ألف من العلوم الاسلامية، مع ما سعى يحيى بن خالد في جمعه من كتب الهند، و ما وقع للرشيد من كتب الروم و غيرها، و لما تولى المأمون و أنشأ مجلس الترجمة جمع في بيت الحكمة كتب العلم في مختلف لغاتها و فيها اليونانية و السريانية و الفارسية و الهندية و القبطية فضلا عن العربية، و علم الناس رغبته في ذلك فأتوه بالكتب على اختلاف مواضيعها، و أشكال خطوطها«»، ككتاب ذكر ابن النّديم أنه بخطّ عبد المطلب بن هاشم في جلد أدم و فيه ذكر حقّ عبد المطلب من أهل مكة على فلان بن فلان الحميري من أهل صنعاء ألف درهم فضة كيلا بالحديدة و متى دعاه بها أجابه شهد اللَّه و الملكان«».

و لهذه الخزانة ذكر مشتت في كثير من المراجع العربية قديمها و حديثها و قد عرفت في بعضها باسم «بيت الحكمة» و في بعضها باسم «دار الحكمة»«».

و كان المأمون مثالا في إنشاء المكتبات بالممالك الاسلامية فاقتدى به بنو امية في الاندلس و أشبههم به الحكم بن الناصر الذي تولى الخلافة سنة (350 ه) و توفي سنة (366) و كان محبا للعلوم، مكرما لأهلها جماعا للكتب على أنواعها بما لم يجمعه أحد من الملوك قبله، فأنشأ في قرطبة مكتبة جمع إليها الكتب من انحاء العالم فكان يبعث في شرائها رجالا من التجار و معهم الأموال، و يحرضهم على البذل في سبيلها لينافس بني العباس في اقتناء الكتب، و تقريب الكتاب، فاجتمع له من الكتب ما لم يسبق له مثيل في الإسلام، فجعلوها

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 40

في قاعات خاصة من قصر قرطبة، و وضعوا لها الفهارس لكلّ موضوع على حدة و قد ذكر ابن خلدون و المقري ان مجموع ما حوته تلك المكتبة (000، 400) مجلد«».

و اقتدى بالحكم رجال دولته، و عظماء مملكته و انشئوا المكتبات في سائر بلاد الأندلس، حتى قالوا: إنّ غرناطة وحدها كان فيها سبعون مكتبة من المكتبات العمومية و أصبح حبّ الكتب في الأندلس سجية في أهلها، و أصبح اقتناؤها من شارات الوجاهة و الرئاسة عندهم.

و اقتدى بخلفاء بغداد و الاندلس الخلفاء الفاطميون بمصر بدأ بذلك منهم العزيز باللَّه ثاني خلفائهم، تولى الخلافة سنة (365) و هو شاب فاستوزر يعقوب بن كلس، و كان يعقوب مدبّرا و محبّا للعلم، فرتب له الدواوين، و قرّب إليه العلماء على إختلاف طبقاتهم، و أجرى لهم الأرزاق، و حبّب إلى الخليفة اقتناء الكتب فجمع منها جانبا كبيرا، خصص لها قاعات في قصره، و سماها «خزانة الكتب» و بذل الأموال في الاستكثار من المؤلفات المهمة في التاريخ و الأدب و الفقه و لو اجتمع من الكتاب الواحد عشرة نسخ أو مائة نسخة أو أكثر-  ذكروا أنّه كان فيها من كتاب (العين) للخليل نيف و ثلاثون نسخة، منها بخط الخليل نفسه، و عشرون نسخة من تاريخ الطبري، و مائة نسخة من كتاب (الجمهرة) لابن دريد.

و كان عدد النسخ المكرّرة يزداد بتوالي الأعوام حتى بلغ عدد النسخ من (تاريخ الطبري) عند استيلاء صلاح الدين الايوبي على مصر (1200) نسخة، و كان فيها (3400) ختمة قرآن بخطوط منسوبة محلاة بالذهب فلا عجب إذا قالوا: إنّها كانت تحوي (000، 1600) كتاب«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 41

و ليست محتويات «دار الحكمة» أو «دار العلم» التي أنشأها الحاكم بأمر اللَّه بن العزيز باللَّه سنة (350 ه) و حمل إليها الكتب من خزائن القصور بأقل من سابقتها.

و تضمنت مكتبة طرابلس الشام في ذلك العهد مئات الالوف من المجلدات.

و قس على ذلك بقية المكتبات العامة في سائر بلاد الاسلام.

و هذا غير خزائن الكتب التابعة للمدارس، أو البيمارستانات«» أو الجوامع فانها كانت كثيرة جدا و منها ما لا تقل كتبها عن المكتبات الكبرى، و غير الخزائن الخصوصية التي يقتنيها العلماء لانفسهم و هي كثيرة و عظيمة، فقد كانت كتب الصاحب بن عباد تنقل على أربعمائة جمل«».

و ذكر ابن النديم: أنّ محمد بن اسحق رأى في خزانة محمد بن الحسين المعروف بابن ابى بعرة، قمطرا كبيرا فيه نحو ثلاثماة رطل من جلود و صكاك، و قرطاس مصر، و ورق صيني، و ورق خراساني، فيها تعليقات عن العرب، و قصائد مفردات من اشعارهم، و شي‏ء من النحو و الحكايات، و الاخبار و الانساب، و غير ذلك من علوم العرب و غيرهم و على كل جزء أو ورقة أو مدرج تواقيع بخطوط العلماء واحدا إثر واحد، و رأى في جملتها مصحفا بخط خالد بن أبي الهياج صاحب علي عليه السّلام، و رأى فيها بخطوط الحسن و الحسين عليهما السلام و كذلك رأى عهودا لامير المؤمنين عليه السّلام بخطه الشريف«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 42

فهل تستطيع أن تتصور مقدار ما اطلع عليه الرضي من الكتب الموجودة في زمانه و هل تتحرج من القول أنّ ما بقى من تلك الاسفار بالنسبة لما فقد منها إلا كنفشة في بحر لجيّ.

و لأن نال المكتبة الاسلامية ما نالها من العيث و الفساد أيام غزو التتار لبغداد حتى قيل: إنّ هلاكو اتخذ من الكتب الموجودة في خزائن بغداد يومئذ جسرا تعبر عليه جنوده، و امر بإحراق ما تبقى منها. و استطاع نصير الدين الطوسي أن يجمع من فلول تلك الكتب (000، 400) مجلد استودعها في مكتبة مراغة، و ما لحقها أيضا من الدّمار أيام فتح الافرنج لطرابلس الشام، فقد روى أنهم أحرقوا من الكتب ما يقدر بثلاثة ملايين من المجلدات، مضافا إلى ما أصابها من التلف بسبب ما يقوم من المنازعات بين الفرق الاسلامية، أو من جراء اتهام رجال الفلسفة بالزندقة و احراق كتبهم في مختلف البلاد.

فقد ورد في كتاب الى الخليفة القادر باللَّه ببغداد من السلطان محمود بن سبكتكين أنه في سنة (420 ه) حارب الباطنية و المعتزلة و الروافض فصلب منهم جماعة، و حول من الكتب خمسين حملا ما خلا كتب المعتزلة و الفلاسفة و الروافض فانها أحرقت تحت جذوع المصلّبين إذ كانت اصول البدع«».

و ذكر ابن الأثير: أنّ الأعراب من بني عامر أحرقوا في البصرة دارين للكتب، أحدهما وقفت قبل أيام عضد الدّولة بن بويه، و هي أوّل دار وقفت في الإسلام، فقال عضد الدولة هذه مكرمة سبقنا إليها، و الاخرى وقفها الوزير ابن شاه مردان، و كان بها نفائس الكتب و أعيانها«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 43

نعم لأن نال المكتبة الاسلامية-  على العموم-  ما نالها فقد نال المكتبة الشيعية-  على الخصوص-  سواء قبل كارثة التتار أو بعدها ما تقل عنده تلك الكوارث، و تهون معه تلك المحن.

فعند انقراض دولة الفاطميين القي بعضها في النار، و البعض الآخر في النيل، و ترك بعضها في الصحراء فسقت عليها الرياح حتى صارت تلالا عرفت بتلال الكتب، و اتخذ العبيد من جلودها نعالا«»، (فقد غالى الأيوبيون في القضاء على كل أثر للشيعة)«».

و نظرة عجلى في الكتب التي تعرضت لشرح ذلك أمثال «خطط المقريزى» و «الازهر في الف عام» للخفاجى و غيرهما تعطيك صورة واضحة لتلك الرزايا المؤسفة التي حلت بالتراث العربي الاسلامي بسبب التعصب الاعمى، و الحقد المقيت.

و هل يغرب عن بالك ما منيت به مؤلفات الشيخ الطّوسي و كتبه أيّام الفتنة الهوجاء في عهد طغرل‏بيك السلجوقي التي جرى فيها من الامور الفضيعة ما لم يجر مثله في الدّنيا، و لم تكن محنة شيخ الطائفة واحدة فقد كبست دار عدّة مرات، و احرقت كتبه على رؤس الأشهاد في رحبة جامع النصر«»، كما أحرقت مكتبة بيت الحكمة التي أسسها سابور بن اردشير-  كما أشرنا اليها قبل هذا-  فيما احترق من محال الكرخ عند مجي‏ء طغرل‏بيك إلى بغداد و بحسبك أن ترجع الى ما ذكره ابن الجوزى في الجزء الثامن من «المنتظم» من حوادث سنة «441» فما بعدها لتحيط خبرا بما جرى على شيعة أهل‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 44

البيت عليهم السّلام من القتل، و ما لقي علماؤهم من الاساءة، و ما نال مقدساتهم من الإهانة، و ما لحق مكتباتهم من التحريق حتى اضطر شيخ الطائفة أخيرا في سنة (450) أن يهاجر إلى النجف الاشرف، و تسعد تلك البقعة المقدسة بهجرته إليها، و تصبح بفضل إقامته فيها مثابة لطلاب العلم، و رواد الفضل.

و استمرت كتب الشيعة و مكتباتها على هذا الحال حتى في زمن العثمانيين و لو لم يكن إلّا ما فعلوه عند ما استرجعوا العراق من أيدي الصفويين لكفى به شاهدا على ما نقول.

و ليس يخفى عليك ما فعلوه بكتاب (ينابيع المودة) من تحريق الطبعة الاولى و تحريف الثانية. كما أحرقوا الطبعة الاولى من كتاب «الدين و الاسلام» للامام المرحوم كاشف الغطاء في بغداد و الدولة العثمانية في دور الاحتضار.

و لا ينسى أبد الدهر ما فعله الجزار احمد باشا لما احتل جبل عامل و أباح مدنها و قراها من حرقه لكتب العلماء حتى: أنّ أفران عكا أوقدت سبعة ايام من كتب العامليين«».

فهل يطمع طامع بعد تلك الحوادث و الكوارث في العثور على جميع مصادر (نهج البلاغة) بجميع مفرداته و فقراته كلا ثم كلا.

و على هذا فليس بضائر فيما نحن فيه إذا كان فيما ننقله عما جعلناه مصادر للنهج ما يختلف معه اختلافا يسيرا، بزيادة عبارة أو نقصان اخرى، أو اختلاف كلمة، أو سقوط جزء للامور التالية.

أولا-  ذهاب معظم الآثار التي كانت في عهد الشّريف الرّضى بسبب الفتن و المحن كما ألممنا بطرف منها آنفا.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 45

ثانيا-  إنّ الرضى قدّم في ديباجة كتابه: أن روايات كلامه عليه السّلام تختلف اختلافا شديدا، فربما اتفق الكلام المختار في رواية فنقل على وجهه، ثم وجد بعد ذلك في رواية اخرى موضوعا غير وضعه الأول إما بزيادة مختارة، أو بلفظ أحسن عبارة فيقتضي الحال أن يعاد.

ثالثا-  إنّ الشريف لم يجمع (النهج) ليجعل منه مصدرا من مصادر الفقه، أو مدركا من مدارك الأحكام، بل كان جلّ قصده أن يخرج للناس جانبا من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام الذي يتضمن من عجائب البلاغة، و غرائب الفصاحة، و جواهر العربية، و ثواقب الكلم الدينية و الدّنياوية، ما لا يوجد مجتمعا في كلام، و لا مجموع الأطراف في كتاب، لذا تراه لم يذكر الأسانيد، و لم يتعرض للمصادر إلا فيما ندر، و لم يعتن بالتناسق و التتالي، بل ربما يختار من الخطبة الطويلة، ذات الغايات الكثيرة، و المرامي البعيدة بضع كلمات هي أقل بكثير مما ترك منها حتى جاء في مواطن عديدة من الكتاب فصول غير متسقة، و محاسن كلم غير منتظمة، لأنه يورد النكت و اللمع و لا يقصد التتالي و النسق كما ذكر ذلك في صدر الكتاب.

رابعا-  قد يأخذ المؤلف من الكلام ما يدخل تحت غرضه، و يندرج في قصده من أبواب كتابه. و هذا ما لا يحصى كثرة.

خامسا-  إنّ كثيرا من المؤلفين ينقلون من ذلك ما يتفق و مذهبهم و ما لا يخالف معتقدهم.

سادسا-  إنّ أكثر الرّواة ينقلون بالمعنى دون اللفظ فقد يبدلون الكلمة بما يرادفها و يروون العبارة بما يضارعها، و ليس هذا في المأثور عن أمير المؤمنين فحسب بل في كلّ المأثورات بما فيها الأحاديث النبوية.

و إذا كانت الصّحابة رضوان اللَّه عليهم مع طول صحبتهم لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 46

و كثرة صلاتهم خلفه اختلفوا في شي‏ء هو من أهم ما يجب على المسلم و هي الصّلاة فترى ان عمر و ابن مسعود و جابر بن عبد اللَّه، و ابن عباس، و ام المؤمنين عائشة كلّ واحد منهم يتشهد في الصّلاة بما يغاير ما يتشهد به الآخر«» و ان اتفقوا في المعنى، فلا ضير أن يختلف الناس في نقل خطبة أو رواية كلام.

و هذه كتب العلماء في مختلف المواضيع، بما فيها صحاح السنة الستة و اصول الشيعة الأربعة تتفاوت صور أكثر المنقولات في كل واحد منها عن المنقول في الآخر، و قد تتفق في المعنى، و قد تختلف فيه، بل إنّ الكتاب الواحد ربما تنقل الرواية فيه بصور شتّى، و وجوه مختلفة، هذا (صحيح البخارى) و هو أجل الصّحاح عند جمهور المسلمين، ينقل كثيرا من الرّوايات بوجوه تختلف لفظا، و تتفق معنى، خذ مثلا حديث رزية يوم الخميس فقد نقله بوجوه تختلف كلماتها و لكن معناها واحد في مواضع يعرفها المتتبعون«»، و لو أردنا أن نكثر من الشواهد لطال بنا المسير.

و اني لعلى يقين لو أن الرّضي رحمه اللَّه تعرض لذكر المصادر، و اعتنى بالاسانيد لقال بعضهم: «اشتغل بعض علمائهم (الشيعة) بعلم الحديث و سمعوا الثقات، و حفظوا الاسانيد الصحيحة، ثم وضعوا بهذه الأسانيد أحاديث تتفق و مذهبهم، و أضلوا بهذه الأحاديث كثيرا من العلماء... إلخ«» فسواء

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 47

فعل الرضى ذلك أو لم يفعل، فان موقفهم من الكتاب سيكون واحدا (و تلك شنشنة اعرفها من اخزم) فذرهم و ما يفترون.

أقسام المصادر

تنقسم المصادر التي اعتمدنا عليها في تحقيق نسبة ما في (نهج البلاغة) الى الامام المرتضى أمير المؤمنين عليه السّلام إلى أربعة اقسام: (الأول) مصادر ألفت قبل سنة (400) و هي سنة صدور (نهج البلاغة) إلى عالم النشر و لا تزال موجودة إلى اليوم و قد نقلنا عنها مباشرة.

(الثاني) مصادر ألفت قبل صدور (النهج) و لكن نقلنا عنها بالواسطة.

(الثالث) كتب ألفت بعد زمن الشريف و لكنها روت كلام أمير المؤمنين عليه السّلام باسناد متصلة و لم تمر فى طريقها على الرّضى و لا على كتابه.

(الرابع) كتب صدرت بعد الرّضي أيضا و لكنها نقلت كلام الامام عليه السّلام بصورة تختلف عما في (النهج) و لم تشر إليه من قريب أو بعيد مما نعتقد معه أنّ مصدرها في النقل غير (نهج البلاغة).

و إليك أسماء بعض تلك المصادر المشار اليها في القسم الأول و الثاني و نرمز الى ما ننقل عنه بالواسطة بحر في (و س) أما المصادر من القسم الثالث و الرابع فستطلع عليها في مطاوي هذا الكتاب ان شاء اللَّه تعالى.

و عسى أن اوفق للعثور على مصادر اخرى فاشير إليها في محالها بمعونة اللَّه.

1-  إثبات الوصية لعلي بن الحسين المسعودي المتوفى عام (333 أو 345) ط النجف الاشرف.

2-  الأخبار الطوال لابي حنيفة احمد بن داود الدينوري المتوفى في‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 48

حدود سنة (290) ط القاهرة سنة 1960 تحقيق عبد المنعم عامر و الدكتور جمال الدين الشيال.

3-  أخبار القضاة تأليف وكيع محمد بن خلف بن حيان بتحقيق عبد العزيز مصطفى المراغي: ط مصر.

4-  الإختصاص للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان المتوفى سنة (413) و المفيد و ان توفي بعد الشريف الرضى و لكنا جعلنا جملة من كتبه من مصادر «نهج البلاغة» لأمرين: أ-  إنّ المفيد من أساتذة الرّضي و قد جرت العادة أن يأخذ التلاميذ من مشايخهم و لا يأخذ المشايخ من تلامذتهم.

ب-  إنّ المفيد لم ينقل في كتبه عن (نهج البلاغة) و لا رواية واحدة بل لم يشر إليه و لا مرة واحدة في كل هذه الكتب التي نقلنا عنها، و لعل اكثرها أولف قبل صدور (النهج).

5-  اختلاف اصول المذهب للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد المصري المتوفى سنة 363، بتحقيق الاستاذ مصطفى غالب ط بيروت 1393 ه 6-  الارشاد للشيخ المفيد ايضا. ط طهران طبعة حجرية.

7-  أسماء المغتالين من الاشراف في الجاهلية و الاسلام لمحمد بن حبيب البغدادي المتوفى سنة (245). بتحقيق الاستاذ عبد السلام هرون ط القاهرة 4، 13 ه.

8-  الاشتقاق لابي بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي البصري المتوفى ببغداد سنة (321) بتحقيق الاستاذ عبد السلام هرون مطبعة السنة المحمدية (1378).

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 49

9-  إعجاز القرآن لابي بكر محمد بن الطيّب الباقلاني المتوفى في شوال عام (372) طبعة دار المعارف بالقاهرة بتحقيق السيد احمد الصقر.

10-  الاغاني لابي الفرج علي بن الحسين الاصبهاني المتوفى عام (356) كما في (روضات الجنات)، أو سنة ثلثمائة و نيفا و ستين كما في فهرست ابن النديم.

الطبعة الاولى.

11-  إكمال الدين و إتمام النعمة للشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المتوفى سنة (380).

12-  الأمالي لابي علي إسماعيل بن القاسم البغدادي المعروف بالقالي المتوفى بقرطبة سنة (356). ط دار الكتب المصرية، القاهرة.

13-  الأمالي لابي القاسم عبد الرحمن بن اسحق الصيمري المعروف بالزجاجي المتوفى سنة (329) ط مصر.

14-  الأمالي لمحمد بن حبيب البغدادي المتوفى (245) كما مرّ قريبا.

(و س): 15-  الامالي للصدوق محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ابتدأ باملائه يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب من سنة سبع و ستين و ثلاثماة، و املى آخر مجلس منه و هو المجلس السابع و التسعون يوم الخميس لاحدى عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان و ستين و ثلاثماة في مشهد الامام الرضا عليه السّلام.

16-  الامالي للشيخ المفيد، و انظر ما قلناه حول مؤلفات المفيد في (الإرشاد)، و يسمى هذا الكتاب بالمجالس ط المطبعة الحيدرية في النجف الاشرف 1369 ه.

17-  الامامة و السياسة لابي محمد عبد اللَّه بن مسلم بن قتيبة بن مسلم‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 50

ابن عمرو الباهلي الدينوري المتوفى على الاشهر في رجب سنة (276).

18-  الامتاع و المؤانسة لابي حيان علي بن محمد بن عباس التوحيدي المتوفى في حدود سنة (380) ط مصر.

19-  الامثال للمفضل بن محمد الضبي المتوفى سنة (168).

20-  أنساب الاشراف لابي جعفر احمد بن يحيي بن جابر البغدادي البلاذري المتوفى سنة (279).

21-  الانصاف في الامامة لابي جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي، (و س).

22-  الاوائل لابي هلال العسكري فرغ من تأليفه في 10 شعبان سنة (395) و هي سنة وفاته.

23-  البديع لعبد اللَّه بن المعتز بن المتوكل العباسي المقتول سنة (296) بتحقيق محمد عبد المنعم الخفاجي ط القاهرة.

24-  البصائر و الذخائر لابى حيّان التوحيدي بتحقيق الاستاذين احمد امين و السيد صقر لجنة التأليف و الترجمة و النشر في القاهرة 1373 ه 25-  بصائر الدرجات لابي جعفر محمد بن الحسن الصفار المتوفى سنة (290) ه. ط تبريز سنة 1381.

26-  البلدان لابي بكر احمد بن ابراهيم الهمداني المعروف بابن الفقيه، و ابن الفقيه من أعلام الادباء في أواخر القرن الثالث الف كتاب (البلدان) في الف ورقة بعد موت المعتضد العباسي سنة (279) و طبع الكتاب في ليدن سنة 1885 م، و يرى بعضهم أن كتاب (البلدان) المشهور هو مختصره، و الذي اختصره علي بن الحسن الشيزري المتوفى حوالي عام (413) كما أن ابن الفقيه سلخ كتاب (المسالك و الممالك) للجيهاني كما ذكر ذلك ابن النديم في (الفهرست): ص 164

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 51

27-  البيان و التبيين لابي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ المتوفى (255) ه ط المطبعة العلمية في القاهرة (1311) ه.

28-  تاريخ الامم و الملوك لمحمد بن جرير الطبري المتوفى (310) ط المطبعة الحسينية في مصر.

29-  تاريخ اليعقوبي لاحمد بن ابي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح المتوفى سنة (284) ه ط بيروت.

30-  تحف العقول لابي محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني المعاصر للشيخ الصدوق. ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات: بيروت 31-  التصحيف و التحريف لابي احمد الحسن بن عبد اللَّه العسكري من مشايخ الصدوق.

32-  تفسير علي بن هاشم القمي من أعيان القرن الثالث، ط النجف الاشرف.

33-  تفسير العياشى لابي النضر (بالضاد المعجمة) محمد بن مسعود بن محمد بن عياش السلمي السمرقندي من علماء المائة الثالثة، و الموجود من تفسير العياشي من اول القرآن الكريم الى آخر سورة الكهف طبع في جزئين في المطبعة العلمية بقم 1380 ه.

34-  تفسير فرات الكوفي و هو الشيخ فرات بن ابراهيم بن فرات يروي فيه عن الحسين بن سعيد الاهوازي صاحب الامام الرضا عليه السّلام، ط المطبعة الحيدرية في النجف الاشرف.

35-  التوحيد للشيخ الصدوق (381) ه ط ايران.

36-  الجعفريات لاسماعيل بن موسى بن جعفر الصادق عليه السّلام و قد

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 52

يعرف هذا الكتاب ب «الأشعثيات» نسبة الى رواية محمد بن محمد بن الاشعث الكوفي. (و س) 37-  الجمع بين الغريبين لابي عبيد احمد بن محمد بن محمد بن ابي عبيد العبدي الهروي المتوفى سنة (401) و هذا الكتاب نقلنا عنه بالواسطة، و اطلعنا على قسم منه مخطوط بخط قديم بالمكتبة الظاهرية بدمشق. و لكنه عاطل من حلية التاريخ. برقم 50، 1588، لغة.

38-  الجمل لابي مخنف لوط بن يحيي الأزدي المتوفى سنة (175) ه (و س).

39-  الجمل لابي الحسن علي بن محمد بن عبد اللَّه المدائني المتوفى في بغداد سنة (225) (و س).

40-  الجمل للشيخ المفيد المتوفى سنة (413)، و اسم هذا الكتاب «النصرة في حرب البصرة»، و لكن ذكرناه بأشهر و أخصر أسمائه. ط المطبعة الحيدرية النجف الاشرف 1368.

41-  الجمل لابي عبد اللَّه محمد بن عمر بن واقد المدائني الواقدي المولود سنة (130) و المتوفى ببغداد سنة (207) ه (و س).

42-  جمهرة الامثال لابي هلال العسكري المتوفى سنة (395). ط القاهرة سنة 1384 ه بتحقيق الاستاذين محمد أبو الفضل ابراهيم و عبد المجيد قطامش و مع اختلاف المؤرخين في سنة وفاة ابي هلال العسكري فإنه مما لا شك فيه أنه توفى في أواخر القرن الرابع أي قبل صدور (نهج البلاغة).

43-  جمهرة الانساب لابي المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبى المتوفى بالكوفة (204 أو 206) ه (و س).

44-  حلية الاولياء لابي نعيم عبد اللَّه بن احمد الاصبهاني المتوفى سنة

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 53

(402)«» بعد صدور النهج بعامين، و قبل موت الرضى بأربع سنوات و انما جعلنا (الحلية) من جملة الكتب التي حققنا عنها بعض المرويات في «النهج» للاحتمال القوي بأنه الف قبل «النهج» اذ لا يعقل ان يؤلف هذا الكتاب المتباعد الاطراف بمدة سنتين هذا من جهة، و من جهة اخرى أن كل المرويات في (الحلية) عن أمير المؤمنين عليه السّلام رواها أبو نعيم بأسانيد متصلة، و بصور تختلف عما في «النهج» اما في بعض الالفاظ، و اما بزيادة أو نقصان، مطبعة السعادة-  القاهرة 1351.

45-  الحيوان لابي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (255) ه.

46-  الخصال للشيخ الصدوق (381) ه طبعة حجرية: ايران.

47-  الخطب لمسعدة بن صدقة و سيأتي الكلام على هذا الكتاب تحت عنوان المؤلفات في كلام امير المؤمنين عليه السّلام (و س).

48-  الخوارج لابي الحسن المدائني (و س).

49-  دعائم الاسلام لابي حنيفة النعمان القاضي المصري طبعة اولى القاهرة باشراف الاستاذ آصف بن علي اصغر فيضي.

50-  دلائل الامامة لمحمد بن جرير بن رستم الطبري الامامي من اعاظم علماء الامامية في القرن الرابع. ط النجف الاشرف 1369 ه.

51-  ذيل امالي القالي. ط دار الكتب المصرية.

52-  الرجال لابي عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي، ط بمبى‏ء (1317) ه و اسم هذا الكتاب (معرفة الناقلين عن الائمة الصادقين)، و إنما ذكرناه بأشهر اسمائه.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 54

هذا و ليعلم أنّ الموجود بأيدي الناس من هذا الكتاب هو مختصره لابي جعفر الطوسي قدس سره، و لا يدري بالأصل أين استقر به النوى و الكشي من تلامذة العياشي فهو من رجال القرن الثالث.

53-  رسائل الجاحظ بتحقيق الاستاذ عبد السلام هرون ط القاهرة.

54-  الرّسائل للشيخ محمد بن يعقوب الكليني صاحب (الكافي) المتوفى سنة (325) (و س).

55-  الروضة للكليني أيضا ط النجف سنة 1385.

56-  الزواجر و المواعظ لابي احمد الحسن بن عبد اللَّه بن سعيد العسكري المتوفى سنة (382) (و س) 57-  زهد أمير المؤمنين عليه السّلام للعياشي (و س).

58-  الزّهد للامام احمد بن حنبل مصورة في مكتبة الامام الحكيم في النجف الاشرف عن مخطوطة المكتبة الظاهرية بدمشق.

59-  الزهد للحسين بن سعيد الاهوازي (و س).

60-  زيادات السقيفة لاحمد بن عبد العزيز الجوهري (و س).

61-  السقيفة للجوهري المذكور أيضا (و س).

62-  الشورى لابي عامر الشعبي (و س).

63-  الشورى لمحمد بن عمر الواقدي (و س).

64-  صحيفة الامام الرضا عليه السّلام ط بيروت.

65-  الصديق و الصداقة لابي حيان التوحيدي المتوفى (380) مطبعة الجوائب في الآستانة سنة 1301 ه.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 55

66-  صفّين لابراهيم بن الحسين بن ديزيل المحدّث المتوفى سنة (281) ه (و س).

67-  صفين لابي الحسن المدائني المتوفى سنة (225) ه (و س).

68-  صفين لعبد العزيز بن يحيى الجلودي المتوفى سنة (332) ه (و س).

69-  صفين لنصر بن مزاحم المنقري المتوفى سنة (202) و هذا الكتاب مرّة ننقل عنه مباشرة من الطبعة التي هي بتحقيق الاستاذ عبد السلام هرون، و مرّة نرجع إليه بالواسطة لأن كل نسخ هذا الكتاب سواء المطبوعة في إيران أو بيروت أو مصر ناقصة.

70-  الصناعتين لابي هلال الحسن بن عبد اللَّه العسكري المتوفى سنة (395). تحقيق الاستاذين محمد علي البجادي و محمد أبو الفضل ابراهيم دار احياء الكتب العربية القاهرة.

71-  الطبقات الكبرى لابي عبد اللَّه محمد بن سعد الزهري البصري كاتب الواقدي المتوفى ببغداد سنة (230) ه. ط ليدن.

72-  طبقات النحويين لابي بكر محمد بن الحسن الزبيدي المتوفى سنة (379) تحقيق الاستاذ محمد ابو الفضل ابراهيم. ط مصر 73-  العقد الفريد لاحمد بن عبد ربه المالكي المتوفى سنة (328) المطبعة الازهرية في القاهرة 1321.

74-  علل الشرائع للشيخ الصدوق (381) طبع النجف الاشرف.

75-  عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق أيضا. طبع قم 76-  عيون الاخبار لابن قتيبة (276) ه طبع دار الكتب المصرية.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 56

77-  الغارات لابراهيم بن هلال الثقفي المتوفى في حدود سنة (283) ه (و س). و قد طبع الكتاب-  أخيرا-  و نقلنا عنه مباشرة في هذه الطبعة.

78-  غريب الحديث لابي عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة (223) مخطوط عثرت على نسختين منه احداهما في المكتبة المحمودية في المسجد النبوي الشريف تاريخها سنة 1106 و الثانية في مكتبة شيخ الاسلام عارف حكمت في المدينة المنورة أيضا، و في آخر هذه الثانية هكذا و اتفق فراغ الكاتب من نسخه في شهر ربيع الآخر سنة ست و اربعين و خمسمائة و حسبنا اللَّه و نعم الوكيل، و على هذه النسخة قراءات و روايات و مقابلات لجملة من العلماء، و منها رواية أحمد بن محمد اللخمي في مجالس آخرها يوم الجمعة العشرون من ربيع الاول سنة ست و ستين و ستمائة.

79-  غريب الحديث لابن قتيبة (276) ه (و س)، توجد منه نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق في مجلدين برقم (1571) و نسخة مصورة عنها في مكتبة الامام أمير المؤمنين العامة في النجف الاشرف.

80-  الغيبة للشيخ محمد بن ابراهيم النعماني المعروف بابن ابي زينب من علماء القرن الثالث. طبعة حجرية: ايران 1317.

81-  الفاضل لابي العباس المبرد (258) تحقيق الاستاذ عبد العزيز الميمني ط دار الكتب المصرية (1375-  1956).

82-  فتوح البلدان لاحمد بن يحيى البلاذري (279).

83-  الفتوح لابي محمد أحمد بن اعثم المتوفى (314)، ط حيدر آباد سنة 1388.

84-  الفتوح لابي الحسن علي بن الحسين المدائني (و س).

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 57

85-  الفرج بعد الشدّة لابي علي المحسن بن ابي القاسم التنوخي المتوفى عام 384 ط دار الطباعة المحمدية بالقاهرة 1375 ه.

86-  الفضائل للامام احمد بن حنبل (و س).

87-  قرب الاسناد لابي العباس عبد اللَّه بن جعفر الحميري القمي المعاصر للامام ابي محمد الحسن بن علي العسكري صلوات اللَّه عليه ط الحيدرية في النجف.

88-  قوت القلوب لابي طالب محمد بن علي بن عطية المكي المتوفى سنة 382، 386 طبع القاهرة.

89-  الكافي (اصوله و فروعه) للشيخ محمد بن يعقوب الكليني المتوفى عام (329). ط دار الكتب الاسلامية: طهران 90-  الكامل لابي العباس محمد بن يزيد بن عبد الاكبر الازدي البصري المشهور بالمبرد، المتوفى ببغداد سنة (285) ط دار العهد الجديد بالقاهرة.

91-  كتاب سليم بن قيس الهلالي المتوفى في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي ط النجف الاشرف.

92-  كتاب ابن دأب و هو عيسى بن يزيد بن بكر بن دأب المعاصر لموسى الهادي الخليفة العباسي ذكر في هذا الكتاب سبعين خصلة من خصال أمير المؤمنين عليه السّلام نقلها الشيخ المفيد عليه الرحمة في (الاختصاص) ص 114 بإسناده إلى ابن دأب، و أوردها العلامة المجلسي في «التاسع من البحار» ص 450. ط كمپاني 93-  نقض العثمانية لابي جعفر محمد بن عبد اللَّه المعتزلي المتوفى سنة (240). (و س) 94-  مائة كلمة لابي عثمان الجاحظ و سيأتي الكلام عليها مفصلا.

95-  المجالس لابي العباس احمد بن يحيى النحوي مولى بني شيبان المعروف بثعلب المتوفى سنة (291). (و س).

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 58

96-  المجتني لابي بكر محمد بن الحسن بن دريد. (و س) 97-  المحاسن لابي جعفر احمد بن خالد البرقي المتوفى سنة (274 أو 280). طبع المطبعة الحيدرية في النجف الاشرف سنة 1384.

98-  المحاسن و الاضداد لابي عثمان الجاحظ (255). ط القاهرة 99-  المحاسن و المساوي لابراهيم بن محمد البيهقي احد اعلام القرن الثالث ط بيروت.

100-  مروج الذهب لعلي بن الحسين المسعودي المتوفى سنة (333 أو 345) ه. ط القاهرة بتحقيق الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد.

101-  المسترشد في الامامة لمحمد بن جرير الطبري الامامي من أعلام القرن الرابع ط المطبعة الحيدرية في النجف الاشرف.

102-  مشاكلة الناس لزمانهم لابن واضح ط بيروت.

103-  المصون لأبي احمد العسكري من أعلام القرن الرابع تحقيق عبد اللَّه هرون طبع الكويت.

104-  المعارف لابن قتيبة الدينوري (276) ط دار الكتب المصرية.

105-  معاني الاخبار للشيخ الصدوق (281) ه ط طهران 1379.

106-  المعمرون و الوصايا، لابي حاتم سهل بن محمد السجستاني المتوفى (255) تحقيق الاستاذ عبد المنعم عامر دار احياء الكتب العربية-  بالقاهرة.

107-  مقاتل الطالبيين لابي الفرج الاصبهاني المتوفى سنة (356) على الاشهر ط القاهرة، تحقيق السيد احمد الصقر.

108-  المقنعة للشيخ المفيد (و س).

109-  من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق (381) ط النجف الاشرف بتحقيق الحجة السيد حسن الخرسان.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 59

110-  الموشى، أو الظرف و الظرفاء لابي الطيب محمد بن احمد بن اسحق الاعرابي المعروف بالوشاء من الادباء في القرن الثالث.

111-  الموفقيات للزبير بن بكار المتوفى (256) ه. تحقيق الدكتور سامي مكي العاني ط 1972 و قد ننقل عن هذا الكتاب بالواسطة و نشير الى ذلك.

112-  المونق لمحمد بن عمران المرزباني المتوفى سنة 377 و قد قال ابن النديم عن هذا الكتاب أنه في أكثر من خمسة آلاف ورقة. (و س) 113-  الوزراء و الكتاب لمحمد بن عبدوس بن عبد الجهشياري بالجيم و الشين المعجمتين بعد الهاء و انما قيل له: الجهشياري لان اباه كان يخدم علي ابن جهشيار حاجب الموفق العباسي و كان خصيصا به فنسب اليه توفى مستترا في بغداد سنة (331) ط اولى-  مصر.

114-  الولاة و القضاة لابي عمرو محمد بن يوسف الكندي المتوفى سنة (350) ه. ط القاهرة (و إنّه لفى زبر الأولين)

من مصادر الرضى

و هناك مصادر و روايات صرّح الرّضى بذكرها و هي: 1-  البيان و التبيين للجاحظ في ج 2: 76.

2-  تاريخ الطبري في ج 3: 243.

3-  الجمل للواقدي في ج 3: 149.

4-  المغازي لسعيد بن يحي الأموي في ج 3: 150.

5-  المقامات لابي جعفر الاسكافي في ج 3: 122.

6-  المقتضب للمبرد في ج 3: 263.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 60

7-  حكاية ابي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام في ج 3: 169.

8-  حكاية ثعلب عن ابن الاعرابي في ج 3: 257.

9-  خبر ضرار الضبائي في ج 3: 166.

10-  رواية ابي جحيفة ج 3: 244.

11-  رواية كميل بن زياد النخعي ج 3: 186.

12-  رواية مسعدة بن صدقة لخطبة الاشباح عن الصادق جعفر بن محمد كما في نسخة ابن ابي الحديد، انظر الشرح م: 2: 138.

13-  روايتي نوف البكالى في ج 2: 124 و ج 3: 173.

14-  ما ذكره ابو عبيد القاسم بن سلام من «غريب الحديث» كما في ج 3: 212 من النهج.

15-  ما وجد بخط هشام بن الكلبي في ج 3: 148.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 61

الكتب المؤلفة في كلام أمير المؤمنين عليه السلام

(1) مهما اختلف الناس في شي‏ء من مناقب أمير المؤمنين و فضائله و مميزاته و خصائصه فانهم لا يختلفون بأنه إمام الفصحاء و سد البلغاء و أنّ كلامه أشرف الكلام و أبلغه بعد كلام اللَّه و كلام نبيه، و أغزره مادة و أرفعه اسلوبا، و أجمعه لجلائل المعاني«» و على أمثلته حذا كل قائل خطيب، و بكلامه استعان كل واعظ بليغ«».

قال معاوية بن ابي سفيان: و اللَّه ما رأيت أحدا يخطب ليس محمدا أحسن من علي إذا خطب فو اللَّه ما سنّ الفصاحة لقريش غيره.

و قال الحارث الأعور: و اللَّه لقد رأيت عليا، و إنه ليخطب قاعدا كقائم، و محاربا كم‏سالم.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 62

قال العلامة شمس الدين الحنفي الشهير بسبط ابن الجوزي: «كان علي ينطق بكلام قد حف بالعصمة، و يتكلم بميزان الحكمة، كلام القى اللَّه عليه المهابه، فكل من طرق سمعه راقه فهابه، و قد جمع اللَّه له بين الحلاوة و الملاحة، و الطلاوة و الفصاحة، لم تسقط له كلمة، و لا بارت له حجة، اعجز الناطقين، و حاز قصب السبق في السابقين»«».

و قال محمد بن طلحة الشافعي: «الفصاحة تنسب اليه، و البلاغة تنقل عنه و البراعة تستفاد منه، و علم المعاني و البيان غريزة فيه»«».

و قالوا: إنّ عبد الحميد الكاتب«» كان في حداثة سنه معلما بالكوفة، و هناك حدث له غرام بتمثل كلام علي بن ابي طالب، فقيل له ما الذي خرّجك في البلاغة قال حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع ففاضت ثم فاضت«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 63

و تخرج ابن المقفع بخطبه«»، و ما نال محمد بن عبد الملك المعروف بالزاهد الفارقي الحظوة من إقبال النّاس على مواعظه، و انثيالهم على مجلسه، و تدوينهم لكلامه إلا لأنه كان يحظ (نهج البلاغة) و يغيّر بعض عباراته فيحسبون أنها من إنشاءه و مبتكراته«».

و قال ابن نباتة«» «حفظت من الخطابة كنزا لا يزيده الانفاق إلا سعة و كثرة، حفظت مائة فصل من مواعظ علي بن ابي طالب«».

و زعم اهل الدواوين أنه لو لا كلام علي بن ابي طالب صلوات اللَّه عليه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 64

و خطبه و بلاغته في منطقه ما أحسن أحد أن يكتب إلى أمير جند أو والي رعية«».

و قال ابن ابي الحديد المعتزلي: «و اعلم أننا لا يتخالجنا الشك في أنه عليه السّلام أفصح من كل ناطق بلغة العرب من الاولين و الآخرين إلا من كلام اللَّه سبحانه، و كلام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم، و ذلك لأن فضيلة الخطيب و الكاتب في خطابته و كتابته يعتمد على أمرين هما مفردات الألفاظ و مركباتها، أما المفردات فان تكون سهلة سلسلة، غير وحشية و لا معقدة، و ألفاظه عليه السّلام كلها كذلك، فأما المركبات فحسن المعنى، و سرعة وصوله إلى الافهام، و اشتماله على الصفات التي باعتبارها فضل بعض الكلام على بعض. و تلك الصفات هي الصناعة التي سماها المتأخرون «البديع» من المقابلة و المطابقة، و حسن التقسيم، ورد آخر الكلام على صدره، و الترصيع و التسهيم، و التوشيح و المماثلة و الاستعارة، و لطافة استعمال المجاز، و الموازنة و التكافؤ، و التسميط و المشاكلة، و لا شبهة أن هذه الصفات كلها موجودة في خطبه و كتبه، مبثوثة متفرقة في فرش كلامه عليه السّلام، و ليس يوجد هذا الامر في كلام أحد غيره، فإن كان قد تعملها، و أعمل رويته في رصفها و نثرها فلقد أتى بالعجب العجاب، و وجب أن يكون إمام النّاس كلهم في ذلك لأنه ابتكره و لم يعرف من قبله، و إن كان اقتضبها ابتداء و فاضت على لسانه مرتجلة و جاش بها طبعه بديهة من غير روية و لا اعتمال فأعجب و أعجب، و على كلا الأمرين فلقد جاء مجليّا، و الفصحاء تنقطع أنفاسهم على أثره، و بحق ما قال معاوية لمحفن الضبي لما قال له: جئتك من عند اعي الناس: يابن اللخناء العلي تقول هذا و هل سن الفصاحة لقريش غيره.

و اعلم ان تكلف الاستدلال على أن الشمس مضيئة يتعب، و صاحبه‏

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 65

منسوب إلى السفه، و جاحد الامور المعلومة علما ضروريا أشدّ سفها ممن رام الاستدلال بالادلة النظرية عليها»«».

(2) لذا ترى أن كلامه عليه السّلام حظى بما لم يحظ به كلام غيره من البلغاء من العناية التامة، و الاهتمام البالغ.

فتراهم بين جامع لكلمه، و راو لخطبه و حافظ لاقواله، و متأثر باسلوبه، و ناظم لحكمه«».

و بلغ من اهتمام الناس بكلامه سلام اللَّه عليه، و شغفهم به، ان اطلقوا على بعض خطبه أسماء خاصة للتعريف بها، و التمييز بينها، مثل (التوحيد، و الشقشقية، و الهداية، و الملاحم، و اللؤلؤة، و الغراء، و القاصعة، و الافتخار، و الاشباح، و الدرة اليتيمة، و الاقاليم، و الوسيلة، و الطالوتية، و القصبية، و النخيلة، و السلمانية، و الناطقة، و الدامغة، و الفاضحة،«»، و المخزون«»،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 66

و المكاييل«»، و الديباج، و البالغة: و المنبرية«»، و الزهراء«»، و المونقة-  و هي الخالية من الالف-  و العارية عن النقطة«».

و لبعض هذه الخطب شروح مستقلة، تجدها مبثوثة في فهارس الكتب، و كتب الرجال.

(3) و لم يكن الشريف الرضى رحمه اللَّه هو السابق إلى جمع كلام أمير المؤمنين عليه السّلام، و لا الأول في تدوينه، فقد عنى الناس به عناية بالغة، و حظي بما لم يحظ به كلام أحد من البلغاء على كثرتهم في الجاهلية و الاسلام، و دونوه في عصره، و حفظوه في أيامه، و كتبوه ساعة القائه.

هذا زيد بن وهب الجهني، و كان من أصحابه، و شهد معه بعض مشاهده جمع كتابا من خطبه سلام اللَّه عليه-  كما سيأتي-  و هذا الحارث الاعور«»

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 67

دون بعض خطبه ساعة القائها«»، و هذا الاصبغ بن نباتة الجاشعي«» و كان من خاصة امير المؤمنين-  روى للناس عهده للاشتر النخعي لما ولاه مصر، و وصيته لولده محمد بن الحنفية-  كما ستعرف ذلك في محله من هذا الكتاب إن شاء اللَّه تعالى.

و هؤلاء شريح القاضي«» و كميل بن زياد النخعي«» و نوف البكالي«»

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 68

و ضرار بن ضمرة الضبائي«» سمعوا بعض كلامه فحفظوه، و رووه للناس كما سمعوه.

و ذكر الجاحظ: أن خطب علي عليه السّلام كانت مدونة محفوظة مشهورة.

و قال ابن واضح في كتابه «مشاكلة الناس لزمانهم» ص 15: كان علي ابن ابي طالب عليه السّلام مشتغلا أيامه كلها في الحرب إلا أنه لم يلبس ثوبا جديدا، و لم يتخذ ضيعة، و لم يعقد على مال«» إلا ما كان بينبع و البعبعة«» مما يتصدق به، و حفظ الناس عنه الخطب، فانه خطب بأربعمائة خطبة، حفظت عنه، و هي التي تدور بين الناس، و يستعملونها في خطبهم».

و أحصى المسعودي ما كان محفوظا من خطبه عليه السّلام، فقال: «و الذي حفظ الناس من خطبه في سائر مقاماته أربعمائة و نيف و ثمانون خطبة»«».

و قال سبط ابن الجوزي الحنفي: «أخبرنا الشريف أبو الحسن على بن محمد الحسيني باسناده إلى الشريف المرتضى قال: «وقع إليّ من خطب أمير المؤمنين عليه السّلام أربعمائة خطبة»«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 69

و قال القطب الرّاوندي سمعت بعض العلماء بالحجاز يقول: إني وجدت في مصر مجموعا من كلام علي عليه السّلام في نيف و عشرين مجلدا«».

فهذه نصوص العلماء على اختلاف مذاهبهم و فيهم المتقدم على الرضى بزمان طويل على أن خطب علي عليه السّلام كانت مدونة محفوظة مجلدة«» مشهورة بين الناس معروفة عندهم، و انها تنيف على أربعمائة و ثمانين بينما المذكور منها في «النهج» هو مختار (121) خطبة و منها ما رواه مكررا لاختلاف الرواية، و هي اقل بكثير مما ذكر.

هذا باستثناء الكلام الجاري مجرى الخطب، و من الواضح ان النصوص التي نقلناها آنفا لا يقصد منها الكلام و انما المراد الخطب خاصة.

(4) و اليك بعض المصنفات في كلامه سلام اللَّه عليه و هي على ضربين: (الاول) المؤلفات قبل «نهج البلاغة»، (الثاني) المؤلفات بعده.

أ-  المؤلفات قبل النهج

1-  خطب أمير المؤمنين على المنابر في الجمع و الاعياد و غيرهما

«». لزيد بن وهب الجهني و الظاهر أن هذا الكتاب أول كتاب جمع في كلامه عليه السّلام لأنّ مؤلفه أدرك الجاهلية و الاسلام، و أسلم في حياة النبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم، و هاجر إليه فبلغته وفاته صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و هو في الطريق، فهو معدود من كبار

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 70

التابعين، سكن الكوفة و كان في الجيش الذي كان مع علي و الذين ساروا الى الخوارج«».

نعم نقول: إنه أول من الف في خطب الإمام عليه السلام لا اول من دونها فانك سترى في مطاوي هذا الكتاب أن جماعة اهتموا بتدوين بعض خطب امير المؤمنين و كلماته و رسائله في حياته سلام اللّه عليه.

توفي زيد بن وهب سنة 96 ه«».

2-  خطب امير المؤمنين المروية عن الامام الصادق عليه السلام

رواه أبو روح فرج بن فروة عن مسعدة بن صدقة عليه السلام و قد وصلت نسخة من هذا الكتاب الى السيد علي بن طاوس عليه الرحمة و كتب عليها بخطه الشريف أنها كتبت بعد المائتين من الهجرة، و حصل هذا الكتاب بعينه عند الشيخ حسن بن سليمان الحلي و نقل عنه في كتابه (منتخب البصائر) خطبة امير المؤمنين الموسومة بالمخزون«» و عن هذا الكتاب أو الذي بعده نقل الرضى خطبة الاشباح في «نهج البلاغة»«».

3-  خطب امير المؤمنين عليه السّلام

لمسعدة بن صدقة العبدي و مسعدة هذا من علماء الجمهور، و قد روى عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق و أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم عليهم السلام، له كتب منها كتاب «خطب امير المؤمنين» و كان هذا الكتاب‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 71

موجودا إلى زمن السيد هاشم البحراني المتوفى سنة (1107 أو 1109) ه و نقل عنه كثيرا في تفسيره (البرهان) و ذكره في مقدمة كتابه المذكور.

و يظن بعضهم ان هذا الكتاب، هو الكتاب المتقدم بعينه«».

4-  كتاب الخطبة الزهراء لامير المؤمنين«»:

هذا الكتاب من جملة كتب ابى مخنف لوط بن يحيي بن مخنف بن سليم الازدي شيخ اصحاب الاخبار بالكوفة و توفى سنة (157) ه يروى عن ابي عبد اللّه الصادق عليه السّلام و يروى عنه هشام الكلبي.

و جدّه مخنف بن سليم صحابي شهد الجمل مع امير المؤمنين عليه السّلام فاستشهد في تلك الوقعة سنة 36.

و كان ابو مخنف من اعاظم مؤرخي الشيعة و مع اشتهار تشيعه اعتمد عليه علماء السنة في النقل عنه كالطبري و ابن الاثير و غيرهما«».

و قد التبس الامر على بعضهم فعقب كلمة الزهراء بكلمة «عليها السلام» ظنا منه ان الخطبة لفاطمة الزهراء صلوات اللّه عليها مع أن السياق يقتضي انها لامير المؤمنين عليه السّلام فان آخر السند هكذا عن عبد الرحمن بن جندب عن ابيه قال: خطب امير المؤمنين عليه السّلام و ذكر الخطبة بطولها«». خصوصا و ان الخطبة الزهراء من مشاهير خطبه عليه السّلام ذكرها ابن عبد ربه المالكي في «العقد الفريد» و اولها: الحمد للّه الذي هو كل شي‏ء و يديه، و منتهى كل‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 72

شي‏ء و وليه إلخ«» و الذي أراه و اعتقده انه ذكرها مختصرة كما هي عادته في اكثر ما رواه في عقده من كلام امير المؤمنين عليه السّلام فانه يذكره اما محرفا أو مبتورا.

و للمولى محمد نجف المشهدي الاخباري العارف المتوفى (1292) شرح على هذه الخطبة«».

5-  خطب امير المؤمنين«»:

مؤلف هذا الكتاب اسماعيل بن مهران بن ابي النصر زيد السكوني الكوفي ذكره النجاشي في «الفهرست» و قال: ثقة معتمد عليه، روى عن جماعة من اصحابنا عن ابي عبد اللّه عليه السّلام، و ذكره الكشي في اصحاب الرضا عليه السّلام صنف كتبا كثيرة منها «الملاحم» و «ثواب القرآن» «و الاهليلجة» «و صفة المؤمن و الكافر» و «خطب امير المؤمنين» و «النوادر»«».

6-  خطب امير المؤمنين عليه السّلام«»

 

للسيد الجليل عبد العظيم بن عبد اللّه بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي ابن أبي طالب عليهم السلام، أحد رجالات أهل البيت العظام و ساداتهم الكرام في العلم و العمل، و الاجتهاد و الورع، معلوم العدالة، معروف بالأمانة مقطوع بوثاقته، كثير الحديث و الرّواية، و قد سمع من أبي الحسن علي بن موسى‏

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 73

الرضا، و ابي جعفر محمد بن علي الجواد، و ابي الحسن علي بن محمد الهادي عليهم السلام و روى عنهم، كما روى الكثير من خطب امير المؤمنين و مواعظه، و كلماته و حكمه، بأسانيد متصلة، و ستطلع على بعض ذلك في محاله من هذا الكتاب إن شاء اللّه تعالى.

و السيد الحسني عظيم المناقب، جم الفضائل، و قد الف في احواله غير واحد من العلماء كالشيخ الصدوق رحمه اللّه، و سمى كتابه «جامع اخبار عبد العظيم الحسني»«» و للصاحب بن عباد رسالة في احواله و فضائله«».

7-  خطب علي عليه السّلام:

لابراهيم بن الحكم بن ظهير الفزاري«»، قال الشيخ الامام آغا بزرك الطهراني رحمه اللّه: «هذا الرجل ممن لم يستوف حقه في كتب الرجال، لا من القدماء و لا من المتأخرين، حتى أن السيد مؤلف (أعيان الشيعة) اقتصر في ترجمته (ج 5 ص 182) على ما نقل مختصرا في النجاشي، و «الفهرست» في حقّ الرجل، و أما الفاضل المامقاني فقد حطّ من شأن الرجل فحكم بجهالته، و قال في آخر ترجمته: «فهو مجهول الحال»: فنقول: أما جده ظهير الفزاري فكان من أصحاب الإمام الصادق عليه السّلام كما ذكره الشيخ في رجاله، و أما والده الحكم بن ظهير كان راوي تفسير

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 74

اسماعيل السدي«» الذي توفى (127) و قد ترجم أبوه الحكم بن ظهير الفزاري في «تهذيب الكمال» بما يظهر منه انه كان من رواة العامة مات قريبا من (180) و أما ولده إبراهيم بن الحكم فهو في أواخر القرن الثاني، و هو من أصحابنا جزما، و قد صنف لنا كتبا منها هذا الكتاب (يعني كتاب الخطب المذكور) كما صرّح به الشيخ الطوسي، و الذي يدل على جلالة الرجل هو أخذ مثل يحي بن زكريا بن شيبان عنه، و روايته في كتابه، و اعتماده على مروياته، فان النجاشى قال في ترجمته «يحي بن زكريا بن شيبان أبو عبد اللّه الكندي العلاف، الشيخ الثقة الصدوق، لا يطعن عليه» فأي مدح و ثناء أعلا من أن يكون أحد شيخا لمثل هذا الشيخ الصدوق الذي لا يطعن عليه بشي‏ء، و يكون معتمدا و معولا عليه عنده، و إذا كان هذا الرجل معروفا عند تلاميذه و الراوى عنه، مع أنهم كانوا من الموثوقين المعلومين لنا، فلا يجوز لنا أن نقول «إنّ هذا الرجل مجهول الحال» لأنا علمنا حاله إجمالا، من جلالة الرواة عنه.

و بالجملة: هذا الرجل هو من خواص الأصحاب و لا يطعن عليه بشى‏ء و لا يأخذ إلّا من الاجلاء لا سيما خطب الوصي عليه السّلام، و ظهر أن مؤلف هذا الكتاب من أصحاب اواخر القرن الثاني»«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 75

8-  خطب امير المؤمنين عليه السّلام برواية الواقدي:

ابي عبد اللّه محمد بن عمر بن واقد المدني المتوفى سنة (207) ه ذكره الامام الرّازي في (الذريعة): 7، 191.

و قال عنه ابن النديم: «و كان يتشيّع حسن المذهب، يلزم التقيّة، و هو الذي روى: أنّ عليا عليه السّلام كان من معجزات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم كالعصا لموسى عليهم السّلام و إحياء الموتى لعيسى بن مريم عليهم السّلام و غير ذلك من الاخبار».

قال: «و كان من أهل المدينة انتقل إلى بغداد و ولي القضاء بها للمأمون بعسكر المهدي، و كان عالما بالمغازي و السير و الفتوح، و اختلاف الناس في الحديث و الفقه، و الأحكام و الأخبار.

قال محمد بن إسحق قرأت بخط عتيق: خلّف الواقدي بعد وفاته ستمائة قمطر«» كتبا، كل قمطر منها حمل رجلين، و كان له غلامان مملوكان يكتبان الليل و النهار، و قبل ذلك بيع له كتاب بألفي دينار»«».

توفى الواقدي في 11 ذي الحجة سنة 207 ببغداد و دفن في مقبرة الخيزران«».

و مما هو جدير بالذكر أن الشريف الرضى ذكر كتاب (الجمل) للواقدي في موضعين من (نهج البلاغة) و هو من جملة المصادر التي ذكرها في (النهج)«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 76

9-  خطب علي عليه السّلام

لابي الفضل نصر بن مزاحم المنقري الكوفي العطار و كان من علماء الأخبار، و شيخ أصحاب المغازي و السير، ألف كتبا حسانا منها كتاب (خطب علي عليه السّلام) و لكن مع مزيد الأسف أنّ تلك الكتب أتى عليها الدهر، و لم يبق منها اليوم سوى كتاب (صفين) و هو ناقص أيضا، و مع هذا فيوجد فيه الكثير من خطب الامام و كتبه و وصاياه، يوافق بعضها بعض ما في (نهج البلاغة).

و كان نصر مستقيم الطريقة، صالح الأمر، قيل: أنه تشرف بالاتصال بأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السّلام، و قيل بأبي جعفر محمد بن علي الجواد سلام اللّه عليهم، و كيف كان فإنه من علماء القرن الثاني إذ ذكر ابن النديم: أنه من طبقة ابي مخنف«».

و قيل: ان وفاته كانت سنة 202 ه.

10-  خطب علي كرم اللّه وجهه«»

 

و هو كتاب واحد من مائة و خمسين تصنيفا في مختلف المواضيع الفها شيخ علماء النسب و الاخبار و السير و الآثار ابو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي (بفتح الكاف و سكون اللام) نسبة إلى كلب بن وبرة قبيلة كبيرة من قضاعة ينسب إليها خلق كثير.

نشأ بالكوفة، و كان نسابة، عالما بأخبار العرب و أيامها، و مثالبها و وقائعها، أخذ عن أبيه محمد بن السائب، و كان محمد هذا من أصحاب‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 77

الامامين الباقر و الصادق عليهما السلام، و كان من علماء الكوفة في التفسير و الأخبار، و أيام الناس، معدودا في المفسرين و النسّابين توفى سنة (146) ه، و لم يخلف إلا كتابا في تفسير القرآن.

و كان السائب و أخواه عبيد و عبد الرحمن و أبوهم بشر قد شهدوا الجمل و صفين مع أمير المؤمنين عليه السّلام.

فأبو المنذر من بيت معرق بالتشيع و الولاء لأهل البيت عليهم السلام و مع هذا لا يستبعد من الذهبي اذا لم يدخله بين الحفاظ المشهورين رغم ما نقله هو عن ابن خلكان أنه منهم.

و لا يستغرب اذا انمحت آثاره الطافحة بكل ما يحتاج إليه الناس من الوجود.

توفى أبو المنذر سنة (205 أو 206) رحمه اللّه.

11-  خطب على و كتبه الى عماله«»

 

لابي الحسن علي بن محمد المدائني، الشيخ المتقدم الخبير الماهر، صاحب التصانيف الكثيرة، منها (خطب النبي) صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. و كتاب (خطب علي و كتبه الى عماله) و كتاب (من قتل من الطالبيين) و كتاب (الفاطميات).

توفى ببغداد سنة (225) و قد بلغ التسعين«».

12-  خطب أمير المؤمنين عليهم السّلام

لصالح بن حماد الرازي صحب أبا الحسن العسكري صلوات اللّه عليه فعليه يكون من رجال المائة الثالثة، له كتب منها (خطب امير المؤمنين عليه السّلام)«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 78

13-  مائة كلمة لامير المؤمنين علي بن ابي طالب

اختارها أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام، و اختار الشريف الرضى جملة منها و اثبتها في (النهج) كما سنشير إليه في موضعه، و رواها الخطيب الخوارزمي في (المناقب) بسنده عن ابي بكر محمد بن الحسن بن دريد، قال: «قال ابو الفضل أحمد بن ابي طاهر صاحب ابي عثمان الجاحظ: كان الجاحظ يقول لنا زمانا: إنّ لأمير المؤمنين علي ابن ابي طالب مائة كلمة كل كلمة منها تفي بألف كلمة من محاسن كلام العرب، قال: و كنت أسأله دهرا بعيدا أن يجمعها لي، و يمليها علي، و كان يعدني بها، و يتغافل عنها، ضنا بها، قال: فلما كان آخر عمره أخرج جملة الكلمات المائة هذه ثم ذكرها.

و روى هذا في (الحدائق الوردية) عن كتاب «جلاء الابصار» عن الحاكم باسناده إلى ابي طاهر صاحب ابي عثمان الجاحظ أيضا«».

و قال ابن الصّباغ المالكى عنها في (الفصول المهمة) «كل كلمة منها بألف كلمة».

و قد ازرى ابو الفتح الآمدي على الجاحظ لاقتصاره على هذه المائة إذ أنها بعض من كل، و طل من وبل-  على حد تعبيره-  و دعاه ذلك الى تأليف كتابه (غرر الحكم و درر الكلم) كما سيأتي.

و اقتدى بالجاحظ جماعة من العلماء فاختار كل واحد منهم مائة كلمة من كلمات امير المؤمنين عليه السّلام، و اختار بعضهم مائتي كلمة رتبها على حروف الهجاء كما سيأتي في امكنته من هذا الباب.

و نظمها رشيد الدين الوطواط فجعل كل كلمة منها في رباعية فارسية و سمى‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 79

ذلك (مطلوب كل طالب من كلام امير المؤمنين علي بن ابي طالب) و سنذكر ذلك تحت عنوان خاص.

و نظم بعضهم منها ثمان و تسعين كلمة، و جعل كل كلمة في بيت من الشعر الفارسي، يوجد ذلك في مجموعة تاريخ كتابتها سنة (1077) ه عند الشيخ مرتضى حفيد الميرزا محمد علي الرشتي، كما ذكر ذلك شيخنا الطهراني في حرف النون من «الذريعة» (غير المطبوع).

و هناك عناوين في «الذريعة» باسم «صد كلمه» أو «نظم صد كلمه» أو ترجمة «صد كلمه» منها لعبد الرحمن بن احمد الرشتي الشهير بجامي المتوفى سنة (898) ه و منها لدرويش أشرف نظمها سنة (868)، و منها للشاعر الملقب في شعره بعادل، و غيرها لشعراء مجهولين و كلها باللغة الفارسية، و لا يدرى هل أن هذه التراجم و هذا النظيم للمائة التي اختارها الجاحظ، أو لغيرها من كلامه صلوات اللّه عليه.

و قد طبعت هذه المائة المختارة مرارا منفردة و منظمة الى غيرها من الكتب في الآستانة و صيدا و إيران.

كما توجد منها نسخ خطية تختلف تواريخ نسخها في غير واحدة من المكتبات الخاصة و العامة، منها عدة نسخ في مكتبة المتحف العراقي و أجمل نسخ المتحف نسخة برقم (208) تاريخها كما في آخرها (938) هجرية و هي بخط السيد عارف الحسني، و تمتاز بأنها مترجمة الى الفارسية نثرا اولا، و نظما ثانيا، و مرقمة كتابة، مثلا: الكلمة السابعة مكتوبة بماء مذهب (المرأ مخبوء تحت لسانه) كتبت بخط واضح جميل ثم يضرب بعد ذلك بخط، ثم يضع بعد ذلك عنوانا مكتوبا بحبر ازرق: معنى الكلمة بالنثر، ثم ينثرها باللغة الفارسية ثم يضع عنوانا بالحمرة معنى الكلمة بالنظم ثم ينظمها في رباعية و هكذا.

و وجدت أيضا عدّة نسخ من هذه «المائة» في مكتبة شيخ الاسلام‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 80

عارف حكمت في المدينة المنورة، و بعضها محلى بالذهب و منها نسخة تاريخها (912)، و نسخة اخرى و معها شرحها منظوما باللغة التركية.

و الكلمات (المائة) هذه نقلها بكاملها الثعالبي في (الايجاز و الاعجاز): ص 28 و الخوارزمي في آخر كتاب المناقب.

14-  رسائل أمير المؤمنين عليه السّلام و اخباره و حروبه«»

 

لابراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال بن عاصم بن مسعود الثقفي الكوفي و سعد بن مسعود هذا أخو أبي عبيد بن مسعود (والد المختار الثقفي رحمه اللّه) ولاه أمير المؤمنين عليه السّلام على المدائن و هو الذي لجأ إليه الحسن عليه السّلام يوم ساباط.

و كان ابراهيم قد نشأ بالكوفة ثم انتقل إلى أصبهان، فأقام بها، و كان السبب في انتقاله أنه الف كتاب (المعرفة) و فيه المناقب المشهورة و المثالب المعروفة، فاستعظمه الكوفيون و اشاروا عليه بأن يتركه و لا يخرجه، فقال: أي البلاد أبعد من الشيعة قالوا: أصبهان فحلف أن لا يروى الكتاب هذا إلّا فيها، فانتقل إليها و رواه هناك، و كان في أول أمره زيديا ثم انتقل و قال بالامامة«».

و لابراهيم مصنفات كثيرة منها كتاب (رسائل أمير المؤمنين و حروبه) و توفى سنة (283).«».

15-  الخطب المعربات«»

 

لابراهيم الثقفى المذكور قبل هذا العنوان، و قد ذكر العلامة الخبير السيد

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 81

هبة الدين عن النجاشي: «ان هذا الكتاب من جملة المؤلفات في كلام امير المؤمنين عليه السّلام» و لا تدل عبارة النجاشي على ذلك، و لعله رحمه اللّه رأى ما يدل على ذلك عند غير النجاشي، او اعتمد في هذا الرأي على قرينة اخرى.

و قد يسمى هذا الكتاب بالخطب المقريات (بالقاف بعد الميم و المثناة التحتانية بعد الراء).

و ذكر السيد رحمه اللّه أيضا ما حاصله: إنّ لابراهيم هذا كتابا في كلام أمير المؤمنين عليه السّلام يوم الشورى و بعد الرجوع الى فهرستي الطوسي و النجاشي وجدت اسم الكتاب هكذا (كتاب الشورى)«» و الظاهر من اسم الكتاب أنه في أخبار الشّورى عامة لا في خصوص كلامه عليه السّلام، و لعل السيد رحمه اللّه عثر على ذلك في غير هذين الكتابين، فهو خرّيت هذه الصّناعة، و استاذ هذا الفن.

16-  خطب امير المؤمنين عليه السّلام

لابي إسحق إبراهيم بن سليمان بن عبيد اللّه بن خالد الخزّاز الكوفي النهمي (نسبة الى نهم بطن من همدان) يرويه عنه النجاشي بثلاث وسائط آخرهم حميد بن زياد المتوفى سنة (310) فيظهر أن النهمي كان في أواخر القرن الثالث، ذكره النجاشي بعنوان الخطب مطلقا، لكن السيد هبة الدين رحمه اللّه قيّده في ص 27 في كتاب (ما هو نهج البلاغة) بأنه لامير المؤمنين و هو الظاهر، حيث لم يعلم من النهمي كونه ممن ينشأ الخطب من نفسه«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 82

17-  خطب امير المؤمنين عليه السّلام مع شرحها

للقاضي النعمان المصري المتوفى سنة (363) عده الدكتور محمد كامل حسين من تصانيفه في مقدمة كتابه «الهمة في معرفة الأئمة» و كان من المعمّرين لأنه اتصل بالخليفة الفاطمي المهدي الذي ملك مصر سنة (296) فتكون ولادته في حدود سنة (270) تقريبا، و تأليفه لهذا الشرح سنة (310) فيكون تأليفه قبل ولادة الرّضى التي كانت في سنة (359) بما يقرب من نصف قرن فلا يصح أن يعد هذا الكتاب من شروح (نهج البلاغة) كما صدر عن البعض«».

و القاضي النعمان من المكثرين من التصنيف في آثار أهل البيت عليهم السلام و كان إماميّا أظهر الحقّ في تصانيفه وراء ستار التقية كما يقول المجلسي في مقدمة (البحار) و تبعه في ذلك الشيخ النوري عند كلامه عن كتاب (دعائم الاسلام) في خاتمة (مستدرك الوسائل).

18-  خطب أمير المؤمنين عليه السّلام

19-  مواعظ علي عليه السّلام

20-  رسائل علي عليه السّلام«»

 

21-  كلام علي عليه السّلام

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 83

22-  الملاحم«»:

هذه الكتب كلها مجموعة من كلام علي عليه السّلام ألفها الشيخ عبد العزيز بن يحيى الجلودي البصري المتوفى سنة (332) و هو من أكابر علماء الإماميّة، و الرواة للآثار و السير «عدد له علماء الرجال ما ينيف على مائتي كتاب بل ما يقرب من ثلثمائة كتاب كلها من عجائب الكتب، منها أربعون كتابا فيما يتعلق بخصوص أمير المؤمنين عليه السّلام من غزواته مع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و حروبه من الجمل و صفين و الغارات و الحكمين، و بني ناجية، و ما نزل في الخمسة، و تزويج فاطمة، و من أحبه و من أبغضه، و من سبّه من الخلفاء و كتاب التفسير عنه، و ما نزل من القرآن في خصوصه، و كتاب شعره و كتاب خطبه و خلافته و عماله و ولاته، و الشورى، و ما كان بينه و بين عثمان، و قضائه و رسائله، و من روى عنه من الصحابة، و كتاب شيعته، و من مال بعده أفرد لكلّ من هذه المذكورات كتابا، ثم على مثل هذا ألف في كل واحد من أهل البيت كتابا، كتاب في ذكر خديجة، كتاب في ذكر فاطمة عليها السلام، كتاب في ذكر الحسن عليه السّلام، كتاب في ذكر الحسين عليه السّلام، كتاب مقتل الحسين، و له عشرات من الكتب تتعلق بعبد اللّه بن عباس، كتاب التفسير عنه، تفسيره عن الصحابة، الناسخ و المنسوخ عنه، ما اسنده عن الصحابة، ما رواه من رأي الصحابة، كتاب أخبار علي بن الحسين عليه السّلام، أخبار محمد الباقر عليه السّلام، أخبار زيد بن علي، أخبار محمد بن الحنفية، أخبار العباس بن عبد المطلب، أخبار جعفر بن أبي طالب، أخبار ام هاني، اخبار عبد اللّه ابن جعفر، أخبار المهدي، أخبار محمد و ابراهيم ابني عبد اللّه بن الحسن، ثم بقية كتبه في سائر العلوم و أحوال سائر الامم عامة و العرب خاصة، و الشعراء على الأخص»«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 84

و لم تحفظ لنا الأيام من تلك الآثار سوى اسمائها في كتب الفهارس و ما ينقل عنها في بعض كتب الأخبار مع مزيد الأسف.

و ينقل السيد ابن طاوس عن (كتاب خطب امير المؤمنين) للجلودي في كتاب (محاسبة النفس) كما في مواطن عديدة من (بحار الانوار).

ب-  المؤلفات بعد النهج

لقد أحطت بما عرضناه عليك قبل هذا بأسماء المؤلفات المفردة في كلام علي عليه السّلام من صدر الاسلام الى زمن ابي الحسن الرضي رضوان اللّه عليه، و لعلّ ما شذ عنّا أكثر مما حصل إلينا.

و إليك طائفة اخرى من المؤلفات بعد ذلك الزمن علما بأن اكثر محتويات ما بقي بأيدي الناس اليوم من هذه الاسفار تتفق صور الروايات فيها مع (النهج) تارة، و تختلف عنه تارة اخرى مما نقطع معه أن مستقى اكثرهم غير (نهج البلاغة) و رواتهم غير الشريف الرضى.

23-  دستور معالم الحكم، و مأثور مكارم الشّيم من كلام أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب

لأبي عبد اللّه محمد بن سلامة بن جعفر الفقيه الشافعي المعروف بالقاضي القضاعي صاحب (الشهاب) المتوفى بمصر ليلة الخميس السادسة عشرة من ذي القعد سنة أربع و خمسين و أربعمائة، ذكره ابن عساكر في (تاريخ دمشق)، و قال: «روى عنه ابو عبد اللّه الحميدي و تولى القضاء بمصر»«».

قال القضاعى في مقدمة كتابه هذا: «اني لما جمعت من حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم ألف كلمة و مائتي كلمة في الوصايا و الأمثال، و الحكم و الآداب،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 85

و ضمنتها كتابا سميته (الشهاب) سألني بعض الاخوان أن اجمع من كلام امير المؤمنين صلوات اللَّه عليه نحوا من عدد الكلمات المذكورة، و ان أعتمد في ذلك على ما أرويه، و أجده في مصنف من أثق به و أرتضيه، و أن أجعله مسرودا بحذف الأسانيد كفعلي في كتاب (الشهاب) فاستخرت اللَّه جلت قدرته، و جمعت من كلامه و بلاغته، و حكمه و عظاته، و آدابه و جواباته، و أدعيته و مناجاته، و المحفوظ من شعره و تمثيلاته، تسعة أبواب منوعة أنواعا»«» ثم ذكر الابواب.

عثر على نسخة من هذا الكتاب الاستاذ جميل العظم منمقة بقلم القاضي عزّ القضاة أبي عبد اللَّه محمد بن ابي الفتح منصور بن خليفة بن منهال، من جهابذة القرن السادس، فرغ من كتابتها يوم الاربعاء ثامن ذي القعدة سنة إحدى عشرة و ستمائة منقولة من نسخة عليها خط الشريف الخطيب أبي الفتوح ناصر بن الحسن بن إسماعيل الحسيني الزيدي راوي الكتاب عن الشيخ أبي عبد اللَّه محمد بن بركات بن هلال السعيدي النحوي عن مؤلفه، و عليها صور سماعات و اجازات لجملة من العلماء، فقدم له مقدّمة موجزة لطيفة، و طبعه بمصر سنة 1332 ه كما طبع عليه تلك السماعات و الرّوايات.

و قد وقع بي البحث على نسخة خطيّة من هذا الكتاب الجليل في (72) صفحة من القطع الكبير وجدتها عند الحاج ابراهيم عبد الهادي غفوري من تجار بغداد المولعين بجمع النوادر من المخطوطات، و هي بخط علاء الدين بن نعمان بن محمود الآلوسي البغدادي فرغ من كتابتها-  كما في آخرها: الساعة الخامسة من ليلة الاثنين لعشر خلون من شهر شوال سنة سبع و عشرين و ثلثمائة و الف بالقسطنطينية و هي بخط واضح، خال من الأغلاط إلّا ما ندر، و قد قابلتها مع مطبوعة العظم فوجدتها لا تختلف عنها بقليل و لا بكثير: إلا أن‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 86

نسخة الآلوسي كثيرا ما يجي‏ء فيها كلمة (كرّم اللَّه وجهه) بدل (عليه السلام) في بعض المواضع، و سقوط كلمات من المخطوطة ترك الناسخ بياضا في أمكنتها، قاعدت الكلمات الساقطة من المخطوطة بطلب من مالكها.

و مخطوطة الآلوسي هذه بغاية الضبط و الدّقة و الجمال، و قد جعل عناوين لبعض الكلمات بالحمرة، كما وضع لها فهرسا جميلا.

و القاضي القضاعي فقيه شافعي-  على المشهور-  و قد يظنّ به التشيع لأدلة و قرائن ذكرها الشيخ النوري-  نور اللَّه ضريحه-  في (خاتمة مستدرك الوسائل): ج 3 ص 367 ليس هذا موضع ذكرها، مضافا إلى أنه كان يكتب لنجيب الدولة الجرةجرائي«» وزير الظاهر لإعزاز دين اللَّه الخليفة السابع من الخلفاء الفاطميين بمصر«».

و للقضاعي عدة تصانيف، منها: كتاب (الأنباء عن الانبياء) (و تواريخ الخلفاء) و (خطط مصر) و من أشهرها كتاب (شهاب الاخبار) جمع فيه من جوامع كلام النبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ألف و مائتي كلمة، و للعلماء شروح كثيرة على هذا الكتاب مذكورة في محالها. و قد جمع الشيخ أبو السعادات أسعد بن عبد القاهر الأصبهاني من أكابر علماء الامامية بين (شهاب النبي) و (دستور الوصي) في كتاب واحد سماه (مجمع البحرين و مطلع السعادتين) و هو اسم على مسمى.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 87

24-  كلام علي عليه السّلام و خطبه

لابي العباس يعقوب بن احمد الصيمري جمعه في كلام علي (ع) و خطبه و نقل عنه ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) في المجلد الثالث ص 410.

و ليس بين يدي الآن من كتب التراجم ما اهتدى به الى معرفة ابي العباس هذا و تاريخ وفاته.

25-  عيون الحكم و المواعظ و ذخيرة المتعظ و الواعظ«»

 

للشيخ علي بن محمد بن شاكر المؤدب الليثي الواسطي، كان فراغه من تأليفه سنة (457) رتبه على ثلاثين بابا على ترتيب الحروف، و باب الثلاثين ذكر فيه مختصرات من كلامه عليه السّلام في التوحيد و الوصايا و مذمة الدنيا، و الأدعية و المكاتبات و باقي الأبواب مقصورة على الحكم و المواعظ من كلامه عليه السّلام«».

و قال عنه الشيخ المجلسي رحمه اللَّه: «استنسخناه من أصل قديم في المواعظ و ذكر الموت و هو خمسمائة و ثمان و ثمانون حكمة»«» يعني بهذا الكلمات القصار ما عدا الخطب و المواعظ، و العهود و الوصايا و الأدعية و المراسلات.

هذا و من البعد بمكان ما قاله سيدنا ابو محمد الحسن الصدر أعلى اللَّه مقامه: «و يشتمل هذا الكتاب على جميع كتاب (غرر الحكم) للآمدي، و زاد عليه كثيرا من حكم أمير المؤمنين التي لم يعثر عليها الآمدي، جمعها من عدة كتب ككتاب (منثور الحكم) لابن الجوزي...» إلخ«» لتقدم صاحب (العيون) على ابن الجوزي و الآمدي ايضا، لأن ابن شاكر فرغ من تأليف (العيون) سنة (457) كما ذكر ذلك السيد الصدر نفسه، و الآمدي من مشايخ ابن‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 88

شهر اشوب المتوفى عام (588) و ابو الفرج ابن الجوزي توفي سنة (597) و أظن أن السيد الصدر تابع بهذا الشيخ المجلسي«» فانه ذكر ذلك في مقدمة (البحار) و سبحان من لم يعتوره سهو و لا نسيان.

و أظنّ قويا أنّ هذا الاشتباه وقع بسبب الكتاب المشارك لكتاب ابن شاكر بالتسمية و الموضوع كما سيأتي برقم (33) إن شاء اللَّه.

و قد أخبرني العلامة الباحث الشيخ محمد باقر المحمودي مؤلف (نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة) أن هذا الكتاب مطبوع قديما و أن نسخة منه توجد في مكتبة مدرسة المروي بطهران و أن صاحب (ناسخ التواريخ) نقل هذا الكتاب جميعه في المجلد الخاص بأمير المؤمنين عليه السّلام غير أنه لم يشر إلى ذلك.

26-  خطب علي بن ابي طالب لابن المديني«»

 

هذا الكتاب لابي موسى محمد بن ابي بكر احمد بن عمر الاصبهاني الحافظ المشهور، المعروف بابن المديني صاحب المؤلفات العديدة التي منها (خطب علي) عليه السّلام و (المغيث) و هو تكملة لكتاب (الجمع بين الغريبين) للهروي، و له ذيل على كتاب شيخه أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي الذي سماه (الانساب).

رحل ابن المديني عن أصبهان في طلب الحديث. ثم عاد اليها، و اقام بها حتى توفى سنة (581).

و المدينى نسبة إلى مدينة النبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم، و عدة مدن اخرى منها مدينة اصبهان و هي المراد هنا«».

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 89

27-  نثر اللآلى‏ء

للشيخ الامام أمين الاسلام ابي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي المفسر المشهور المتوفى سنة (548)، رتّبه على حروف الهجاء.

و قال في المقدمة: «أما بعد، فهذا كتاب «نثر اللآلي» من كلام امير المؤمنين، و امام المتقين، و يعسوب الدين، و خليفة رسول رب العالمين، أسد اللَّه الغالب، أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام على ترتيب حروف الهجاء»، ثم قال: «حرف الالف: «إيمان المرأ يعرف بأيمانه» و آخر كلمة اختارها قوله عليه السّلام: (يأس القلب راحة النفس)».

هذا ما شاهدته أنا في النسخة المطبوعة على الحجر بايران سنة (1312) ه، في مجموعة تحتوي على «أربعين الشهيد الاول» و «أربعين مير فيض اللَّه الحسيني» و قد ذكر شيخنا الامام الرازي في «الذريعة» (في القسم غير المطبوع): أنه توجد نسخة من هذا الكتاب في مكتبة السيد ابي محمد الصدر رحمه اللَّه بالكاظمية، و نسخة في موقوفة الحاج مولى نوروز علي البسطامي بالمشهد الرضوي و آخر ما فيها من حرف الياء قوله عليه السّلام: «يبلغ المرأ بالصدق إلى منازل الكبار» و ذكر ايضا: «ان نسخة من هذا الكتاب عند الشيخ هادي كاشف الغطاء و اولها: (ايمان المرأ يعرف بأيمانه) و آخر كلمة فيها: (يسعد الرجل بصاحبه السعيد)، قال: و طبع مع الترجمة الفارسية في اجزاء مجلة (الدعوة الاسلامية) و مع (الاثنى عشرية في المواعظ العددية).

و ذكر ايضا: ان الشاعر الاديب المتخلص بعادل نظم (نثر اللآلي) في خمسمائة بيت و سماه (نظم اللآلي في نظم نثر اللآلي).

و توجد نسخة من هذا الكتاب بمكتبة الكونغرس في واشنطن في (17) ورقة، و هي نسخة جميلة جدا مذهبة و آخر ما فيها من حرف الياء: «يسعد الرجل بصاحبه الرجل السعيد».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 90

ذكر ذلك الدكتور صلاح الدين المنجد في (فهرس المخطوطات العربية بمكتبة الكونغرس): ص 47 و خفي عليه اسم مؤلف الكتاب.

28-  نثر اللآلى‏ء

لفخر المعالي الامام عزّ الدين علي بن السيد الامام ضياء الدين ابي الرّضا فضل اللَّه بن علي بن هبة اللَّه الحسيني الراوندي، كما ذكره معاصره منتخب الدين، و قال العلامة المجلسي في السابع عشر من (البحار) في أول باب جوامع كلام الامير: «و قد جمع بعض علمائنا كلماته في كتاب «نثر اللآلى‏ء» ا ه، و لعلّ مراده هذا، جمع فيه الكلمات القصار لامير المؤمنين عليه السّلام بترتيب حروف الهجاء أوله «الحمد للَّه رب العالمين و الصلاة و السلام على خير خلقه محمد و آله أجمعين هذا كتاب «نثر اللآلى‏ء» إلخ كذا ذكره في «كشف الحجب» و في «دار الكتب المصرية» نسخة من «نثر اللآلى‏ء» في جمع كلمات الامير عليه السّلام بترتيب الحروف مكتوبة بالمداد الابيض على الذهب، قال عنها شيخنا الامام الرازي رحمه اللَّه «و لا أدري انها للراوندي أو الطبرسي و هي مخرومة من آخرها»«».

29-  مطلوب كلّ طالب من كلام علي بن ابي طالب

تأليف محمد بن عبد الجليل العمري البلخي المعروف بالرّشيد الوطواط المتوفى بخوارزم شاه سنة (553) ه. و كان من أفاضل أهل زمانه في النظم و النثر، و أعلمهم بدقائق كلام العرب، و اسرار النحو و الأدب، و كان كاتبا للسلطان خوارزم شاه الهندي.

و اذا كان (مطلوب كل طالب) هذا الكتيب المطبوع، و المنتشر في أيدي‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 91

الناس فليس هو إلّا شرح للمائة المختارة التي جمعها الجاحظ من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام أخذها الوطواط فشرحها نظما باللغة الفارسية، غير أن ياقوت الحموى ذكر من جملة مؤلفات الوطواط (مطلوب كل طالب من كلام على بن أبي طالب)«» و لعلّ هناك كتابا آخر غير هذا الكتيب المشهور، و قد أشرنا إليه عند الكلام على المائة التي جمعها الجاحظ و في (كشف الظنون) 1: 677 ما يشعر أنها مائة فحسب و من مؤلفات الوطواط (غرر الخصائص) الواضحة، و عرر النقائص الفاضحة) و قد يسمى ب (الغرر و العرر) روما للاختصار، و (حقائق السحر في دقائق الشعر) و غير ذلك.

و من شعر الوطواط في مدح أمير المؤمنين عليه السّلام قوله:

         لقد تجمع في الهادي أبي حسن            ما قد تجمع في الأصحاب من حسن‏

 

30-  غرر الحكم و درر الكلام:

لأبي الفتح ناصح الدين عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد الآمدي فاضل عالم محدث، و من مشايخ ابن شهر اشوب في الرواية، فقد قال في مقدمة «المناقب» في أثناء تعداد كتب الخاصة: و قد أذن لي الآمدى في رواية «غرر الحكم»«»: و قد تضمن هذا الكتاب من حكم أمير المؤمنين و كلماته القصار ما لم يحتو عليه كتاب، و ذكر في مقدمته السبب الذى حداه على تأليف الكتاب فقال: «فإنّ الذي حداني على تخصيص فوائد هذا الكتاب و تعليقها، و جمع كلمه و تنميقها ما تبجح به أبو عثمان الجاحظ عن نفسه و عدده، و زبره في طرسه و حدده في المائة من الحكمة الشاردة عن الأسماع، الجامعة لانواع الانتفاع، التي جمعها عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه الصلاة و السلام، فقلت:

 

                        ادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 92

ياللَّه للعجب من هذا الرجل و هو علامة زمانه، و وحيد أقرانه، مع تقدمه في العلم، و تسنمه ذروة الفهم، و قربه من الصّدر الأول، و ضربه في الفضل بالقدح الأفضل، و القصد الأجزل، كيف عشى عن البدر المنير، و رضي عن الكثير باليسير و هل ذلك إلا بعض من كلّ، وطل من وبل، و إنّي مع كسوف البال، و القصور عن رتبة الكمال، و الاعتراف بالعجز عن إدراك شأو الأفاضل، من الصدور الأوائل، و قصوري عن الجري في ميدانهم، و نقص وزني عن أورانهم، جمعت يسيرا من قصير حكمه، و قليلا من خطير كلمه، يخرس البلغاء عن مساجلته، و يبلس الحكماء عن مشاكلته، و ما أنا في ذلك-  علم اللَّه-  إلا كالمغترف من البحر بكفه، و المعترف بالتقصير و إن بالغ في وصفه، و كيف لا و هو عليه السّلام الشارب من الينبوع النبوى، و الحاوي بين جنبيه العلم اللاهوتي إذ يقول صلوات اللَّه عليه و آله و قوله الحق، و كلامه الصدق على ما أدته إلينا الأئمة النقلة: (إن بين جنبي علما جما لو أصبت له حملة) و قد جعلت أسانيده محذوفة، و رتبته على حروفه و جعلت ما توافق في أواخر حكمه، و تطابق من خواتم كلمه متجمعا مقرنا لكونه أوقع بسماع الآذان، و أوفر في القلوب و الأذهان،... إلخ»«».

و يظهر بأدنى تدبر لمن نظر في المقدمة و الكتاب أنّ الآمدي نثل ما استجمع في كنانته من صوائب حكم أمير المؤمنين ثم نظمها على الحالة التي أراد أن يكون عليها نظم كتابه.

و طبع الكتاب مرات عديدة، في الهند و سوريا و العراق، و هو منتشر مبذول لطالبه، و أخيرا عثرت على نسخة مطبوعة بالقاهرة سنة 1331 باسم غرر الحكم و هي أقل من عشر الكتاب و قد علق عليها الشيخ جمال الدين القاسمي عالم الشام المشهور و كان قد اختارها من هذا الكتاب و لكنها طبعت باسم غرر الحكم. و إني لأخشى أن يأتي زمن فيقال: إن هذه الوريقات هى أصل الكتاب و الباقي مزيد فيه فنقع في مشكلة كمشكلة

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 93

الاضافات في نهج البلاغة التي سنشير إليها تحت عنوان «مشكلة الاضافات في نهج البلاغة».

و قد نظم هذا الكتاب شعرا، و ترجم إلى غير واحدة من اللغات، و شرح عدة شروح نذكر من ذلك: أ-  نظم الغرر و الدرر من كلم أمير المؤمنين للشيخ إبراهيم بن شهاب الدين أحمد بن محمد التبريزي الحصفكي الشهير والده بابن المنّلا نزيل حلب«».

ب-  نظم الغرر و نضد الدرر.

و هو شرح للغرر و الدرر بالفارسية للمولى عبد الكريم بن محمد يحيى القزويني المعاصر للشاه السلطان حسين الصفوي توجد منه نسخة في المكتبة الرضوية بخراسان«».

ج-  منتخب الغرر.

للسيد زين العابدين بن أبي القاسم الطباطبائي و سيأتي الكلام عليه تحت عنوان (انيس السالكين).

د-  أصداف الدرر ترجمة بالفارسية لغرر الحكم للمولى عبد الكريم بن محمد يحيى القزويني صاحب (نظم الغرر و نضد الدرر) الذي مر قريبا ذكره في أول المجلد الثاني من كتابه «نظم الغرر»«».

ه-  رسالة في الأمثال و الحكم منتخبه من غرر الحكم مجهولة المؤلف، مرتبة على الحروف في (77) ورقة أولها (الحمد للَّه الذي هدانا بتوفيقه إلى جادة طريقه...)«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 94

و-  شرح غرر الحكم بالفارسية في عدة مجلدات ذكره شيخنا الرازي و لم يذكر صاحبه فيظهر أنّه مجهول المؤلف«».

ز-  شرح غرر الحكم بالفارسية للمحقق جمال الدين محمد بن الحسين الخونساري المتوفى سنة (1225) ه ألفه بطلب من السلطان حسين الصّفوي و الشارح المذكور أحد أساطين العلم، و أقطاب الفضل و ما من علم إلا نظر فيه، و حصل منه، كان في خزانة كتبه ألف و خمسمائة كتاب في أنواع العلوم لا يوجد فيها كتاب إلا و فيه أثر خطه من تصحيح أو حاشية و كتب بخطه سبعين مؤلفا من تأليفه و تأليف غيره توفي سنة (1145) يوجد هذا الشرح في مجلدين في الخزانة الرضوية على مشرفها السلام.«» ح-  الجواهر العلية ذكر السيد الأمين في «أعيان الشيعة ج 39 ص 191» ان لغرر الحكم تكملة موسومة بالجواهر العلية، و لم يذكر اسم المؤلف.

ط-  ملخص غرر الحكم مجهول المؤلف، و قد نسب للسيد المرتضى و هذه النسبة غلط فاحش لتأخر زمن الآمدي عن زمن الشريف المرتضى و قد وقع في هذا الوهم الاستاذ رشيد الصفار المحامي ناقلا ذلك عن الدكتور الاستاذ حسين على محفوظ«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 95

31-  منثور الحكم«»

 

لابي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد البكري الشهير بابن الجوزي نسبة إلى فرضة الجوز موضع مشهور-  كما يقول ابن خلكان- ، ينتهي نسبه الى القاسم بن محمد بن ابي بكر بست عشرة واسطة، من أفاضل علماء الحنابلة، له يد طولى في التفسير و الحديث، و في كثير من العلوم، و صنف في فنون عديدة، و كتب كثيرا حتى قيل-  و لعلّ فيه شيئا من المبالغة-  أنه جمعت براءة أقلامه التي كتب فيها الحديث، فحصل منها شي‏ء كثير فأوصى أن يسخن بها الماء الذي يغسل فيه بعد موته، ففعل ذلك فكفت و فضل منها و كان قد مهر في صناعة الوعظ، و نال حظوة باقبال الناس عليه عند الوعظ، حتى كان الخليفة العباسيّ الناصر لدين اللَّه يجلس لسماع وعظه على تستر و تخفي، و كان ظريفا ذكيا حاضر الجواب، و كان يبهم في بعض أجوبته حذرا من إيحاش السامعين.

32-  الحكم المنثورة

و هي ألف كلمة ختم بها عبد الحميد بن ابي الحديد كتابه (شرح نهج البلاغة) و قال قبل الشروع بذكرها ما هذا نصه: «و نحن الآن ذاكرون ما لم يذكره الرضي مما نسبه قوم إليه-  يعني إلى علي عليه السّلام-  و بعضه مشهور عنه، و بعضه ليس بذلك المشهور، و لكنه قد روى عنه و عزي إليه، و بعضه من كلام غيره من الحكماء لكنه كالنظير لكلامه، و المضارع لحكمته، و لما كان ذلك متضمنا فنونا من الحكمة النافعة رأينا أن لا نخلي هذا الكتاب عنه لأنه كالتكملة و التّتّمة لكتاب (نهج البلاغة) و ربما وقع في بعضه تكرار شذّ عن‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 96

أذهاننا التنبيه له لطول الكتاب، و تباعد أطرافه، و قد عددنا ذلك فوجدناه الف كلمة»«».

و قد اعترف ابن ابي الحديد بان بعض ما أورده ليس بكلام له، وليته لم يذكر هذا الخليط حتى يتميز كلام امير المؤمنين عن غيره و يكفى غيره مؤنة التحقيق.

33-  عيون الحكم و المواعظ

هذا الكتاب مجهول المؤلف و هو الذي أشرنا إليه عند ذكر سميّه المار برقم (25)، أوله: الحمد للَّه فالق الحبّ، و بارى‏ء النسم... أما بعد: فان الذي حداني الى جمعه... ما بلغني من افتخار ابي عثمان الجاحظ حين جمع مائة حكمة... فألزمت نفسي أن أجمع من كلامه عليه السّلام... و سميته (عيون الحكم و المواعظ) اقتضبته من كتب... مثل (نهج البلاغة) و (دستور معالم الحكم) و (غرر الحكم) و (مناقب خطيب خوارزم) و من (منثور الحكم) و (الفرائد و القلائد) و (الخصال) و غيرها، و قد وضعته ثلاثين بابا في إحدى و تسعين فصلا، منها على حرف المعجم تسعة و عشرون، و الباب الثلاثون أوردت فيه مختصرات من التوحيد و الوصايا، و ذم الدنيا... إلخ و توجد من هذا الكتاب نسختان خطّيتان في مكتبة سبهسالار بطهران«».

34-  استخراج الوقائع المستقبلة من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام

لجمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي الأسدي العالم الفقيه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 97

أودع في هذا الكتاب جملة من الاسرار الغريبة استخرجها من كلام امير المؤمنين عليه السّلام في صفين بعد استشهاد عمار بن ياسر رضي اللَّه عنه، و اطلع على تلك الاسرار تلميذه السيد محمد بن فلاح الواسطي المشعشعي المتوفى سنة (870) ه، قيل: و بعمله في بعض تلك الاسرار اتباعا لهوى نفسه آل أمره إلى ما آل إليه، من إظهار الدعوة الباطلة كما ذكر ذلك القاضي في (مجالس المؤمنين) و الأفندي في (رياض العلماء) في ذيل ترجمة حفيده السيد علي خان بن خلف المشعشعي«».

و لابن فهد عدا الكتاب المذكور مؤلفات فائقة، منها (عدّة الداعي) و (اللمعة الحليّة) و (الموجز) و (التحرير) و (البارع في شرح المختصر النافع).

توفى رحمه اللَّه سنة (841) ه و دفن في كربلاء و قربه مزار مشهور.

35-  منتخب وصايا امير المؤمنين و حكمه

«». كتاب على مرتب حروف المعجم و في آخره وصيته إلى ولده الحسن عليه السّلام بخط التعليق في مجلد بخط المير قاسم القره باغي و هو موجود في (دار الكتب المصرية) و عليه تعليقات باللغة الفارسية«».

36-  نظم وصية امير المؤمنين لولده الحسين الشهيد عليهما السلام

بالفارسية ذكره صاحب الذريعة و قال عنه أنه مجهول الناظم.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 98

37-  وصايا امير المؤمنين عليه السّلام:

جمع بعض الاصحاب، بخط النسخ الجيد المجدول المذهب كتبه الحاج سلطان بن محمد خوشنويس الأصفهاني، موجود في الخزانة الرضوية تاريخ كتابته سنة (1110) ه.

ذكره في «الذريعة» في القسم المخطوط.

38-  وصايا امير المؤمنين لولده الحسن عليهما السلام:

مع ترجمتها بالفارسية في مجلد واحد مجدول مذهب في كل صفحة ستة اسطر موجود في الخزانة الرضوية على صاحبها السلام.

ذكره في «الذريعة» أيضا.

39-  اللآلى‏ء المنثورة

ارجوزة في شرح حديث امير المؤمنين عليه السّلام (إن فساد العامة من فساد الخاصة و الخاصة خمسة اقسام: العلماء، و الزهاد، و التجار، و الغزاة و الحكام... إلخ) و بيان جهات فساد هؤلاء في ثلثمائة و سبعين بيتا، للسيد قطب الدين محمد الملقب بقطب الاقطاب الحسيني الذهبي الشيرازي، جعلها ذيل ارجوزته في العوامل النحوية التي نظمها بقزوين سنة (1130) ه أولها:

         الحمد للَّه وسيع الرّحمة            يرزق من يشاء نور الحكمة

 

و لعله سماها (اللآلى‏ء المنثورة) لقوله فيها:

         أتتكم لآلئا منثورة            في هذه الرّواية المسطورة

 

قال شيخنا الرازي: ارجوزة العوامل مع الشرح في مجلد عند العلامة ميرزا محمد علي الاردوبادي«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 99

40-  الصّحيفة العلوية و التحفة المرتضوية

للشيخ المحدث عبد اللَّه بن صالح بن علي بن احمد البحراني السماهيجي نسبة إلى سماهيج (بالياء المثناة من تحت ثم الجيم أخيرا) قرية من قرى جزيرة صغيرة من جزائر البحرين. و كان الشيخ عبد اللَّه عالما عابدا، شديدا في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، كريما سخيا كثير الملازمة للتدريس و المطالعة و التصنيف له جملة من المصنفات ذكرها في إجازته للشيخ ناصر الجارودي الخطي التي كتبها عصر يوم الاثنين الثالث و العشرين من شهر صفر سنة ثمان و عشرين بعد المائة و الالف و من جملتها (الصحيفة العلوية) جمع فيها ما صحت عنده روايته من الدعوات الواردة عن سيد الوصيين علي بن ابي طالب عليه السّلام، و قد طبع هذا الكتاب على الحجر في ايران اكثر من مرة.

توفى الشيخ عبد اللَّه المذكور في بلدة بهبهان لأنه استوطنها في أواخر ايامه حيث إنه ترك بلاده لما كثرت غارات الخوارج عليها و رحل إلى إيران و استوطن أصفهان قليلا ثم تحول عنها إلى بهبهان حتى وافته المنية ليلة الأربعاء التاسع من شهر جمادى الثانية سنة (1135) ه تغمده اللَّه برحمته.

41-  أنيس السالكين في بعض كلمات امير المؤمنين عليه السّلام

للسيد زين العابدين بن ابي القاسم الطباطبائي الطهراني الشهير بالسيد آقا من تلامذة آية اللَّه المجدد السيد محمد حسن الشيرازي قدس سرّه. أوّله (الحمد للَّه الذي أنعم علينا بأمره بتهذيب نفوسنا).. إلخ. و قد انتخب هذا الكتاب من «غرر الحكم للآمدي» و رتبه على حروف أوائل المطالب فما صدر عنه عليه السّلام، في التكبر و التوكل و التوبة و التفكر جعله في التاء، و ما صدر عنه في العلم و العمل و العفو و العفة جعله في حرف العين و هكذا فرغ منه في النجف الاشرف سنة 1293 ه، توفى في طهران سنة (1303) ه و حمل إلى النجف الاشرف.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 100

42-  الصحيفة العلوية الثانية

قل في اهل العلم من يجهل مقام الشيخ الجليل الميرزا حسين النوري في العلم و التحقيق، و الرواية و الدراية.

و لا اظن ان هناك من لم ير، او لم يطرق سمعه-  على الاقل-  تلك المؤلفات الكثيرة التي جاد بها يراعه و قد طبع اكثرها.

و لا احسب ان في أهل الفضل من يجهل خزانة كتبه أو مكتباته الثالث،«» و ما اشتملت عليه من نفائس الكتب، و نوادر المخطوطات.

و كان رحمه اللَّه ذا ولع بتصحيح ما يقتنيه من الكتب، حتى قيل: انه قل أن يوجد في مكتبته على ضخامتها كتاب إلّا و عليه تصحيح أو ملاحظة أو حواشي أو تعليق بخطه الشريف.

و من هنا كثر تأليفه في المستدركات، فألف موسوعته القيمة (مستدرك الوسائل) استدرك فيها على جميع أبواب ذلك الكتاب على كثرتها، و جاء بما لا يقل عنه ضخامة و نفاسة، و ألف (الصحيفة السجادية الرابعة) على صاحبها السلام و هي استدراك على الصحائف السجادية الأولى و الثانية و الثالثة، كما سيأتي الكلام عليها عند قول امير المؤمنين عليه السّلام. (اللهم صن وجهي باليسار): برقم (223) في باب الخطب.

و من جملة مستدركاته (الصحيفة العلوية الثانية) أستدرك فيها ما فات السماهيجي في (الصحيفة العلوية الاولى) من أدعية امير المؤمنين و مناجاته توجد النسخة التي بخطه الشريف في مكتبة شيخنا الرازي تاريخها كما قرأت في آخرها: و وافق الفراغ من جمعها ليلة السبت الخامس من رجب المرجّب من سنة ثلاث بعد الألف و ثلاثمائة بيد مؤلفها العبد المذنب المسي‏ء حسين بن محمد

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 101

تقي النوري في بلدة سر من رأى ا ه و قد طبعت هذه الصحيفة على الحجر بايران سنة 1311.

توفى الشيخ النوري رحمه اللَّه في أواخر جمادى الثانية سنة (1320) ه و دفن في الصحن العلوي الشريف.

43-  حكم علي بن ابي طالب

جمعها بعض أهل الفضل من المسيحيين، ذكر ذلك الاستاذ يوسف إليان سركيس في (معجم المطبوعات) قال: و هو يشتمل على أربع رسائل (1) نثر اللآلى‏ء في الحكم و الامثال من كلام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب، (2) مختارات من كتاب (غرر الحكم و درر الكلم) الذي جمعه العلامة عبد الواحد الآمدي من كلام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (3) بعض الامثال التي جمعها أبو الفضل الميداني النيسابوري من كلام امير المؤمنين علي بن ابي طالب، (4) طفافة بعض الامثال التي ذكرها شظاظا المفضل بن سلمة الضبي و رفعها الميداني إلى امير المؤمنين علي بن ابي طالب، طبع مع ترجمته و تقييدات و شروح في (او كسوينا) 1806 انتهى«».

44-  غرر جوامع الكلم

مجهول المؤلف، رأيت منه نسخة بمكتبة الامام الحكيم العامة في النجف الاشرف بخط واضح جميل، قال مؤلفه في المقدمة، تأملت كلامه صلوات اللَّه عليه تأمل المعتبر، و تفحصته تفحص المفتكر، فشاهدت في ضمن خطابه دررا منثورة، و في ضمن خطبه و مواعظه فقرا مستورة، فرأيت أن أضم شوارد حكمه إلى متجانساتها... إلخ.

و أول ما رواه من كلامه عليه السّلام في حرف الألف قوله: (إنّ أحبّ العباد

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 102

إلى اللَّه عبد أعانه اللَّه على نفسه». إلخ. و آخر ما رواه في حرف الياء قوله عليه السّلام. «يستدل على حلم الرجل بقلة كلامه، و بمرءوته بكثرة أنعامه».

45-  مائة كلمة جامعة

اختارها العلامة المحدث الحاج عباس القمي من كلماته القصار، و شرحها بالفارسية شرحا مختصرا و قال في مقدمتها خذها فانها حكمة بالغة، و مائة كلمة جامعة، و بدأها بهذه الكلمة (آلة الرئاسة سعة الصدر) و ختمها بقوله عليه السّلام: (يابن آدم ما كسبت فوق قوتك فأنت خازن فيه لغيرك) طبعت على الحجر بايران سنة 1355.

45-  خطب امير المؤمنين عليه السّلام في الملاحم مع شرحها

أملاها العلامة المرحوم الشيخ محمد حرز الدين على الشيخ طيّب علي الهندي.

قال الشيخ محمد حرز الدين رحمة اللَّه عليه«» في «معارف الرجال» ص 389 في ترجمة الشيخ طيب علي المذكور: «كان فاضلا حضر دروس العلماء في النجف، وجد و اجتهد حتى صار عالما فاضلا، كاملا أديبا شاعرا، و كان من الوفاء و حسن الخلق على جانب‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 103

عظيم.»-  إلى أن قال- : «قرأ علينا بعض خطب أمير المؤمنين عليه السّلام في الملاحم و الحوادث قبل ظهور الحجة عجل اللَّه فرجه، و عند ظهوره، و ما بعد ذلك، و شرحناها له بالنصوص الواردة في جملة الأمور، و بينا ما يتعلق بالعلائم النجومية، و أشرنا الى اسماء البلدان و البقاع و الاقاليم التي لا يعرفها في ذلك الوقت إلا من علمه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم «الف باب من العلم».

46-  هدى و نور من كلام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب

للشيخ ثروت منصور هيكل الاحمدي الشرقاوي المصري قال في مقدمته: «سطرت كتابي (هدى و نور) من كلام امير المؤمنين علي بن ابي طالب، من خطبه، و كلامه و كتبه، و ينابيع عظات هديه لانصاره و اعدائه».

و قد اشتمل على سبعة ابواب: الباب الاول: فيما ورد عنه من تنزيه اللَّه سبحانه و تعالى.

الباب الثاني: فيما جاء عنه من وصف بعض المخلوقات، من عوالم الارض و السماء.

الباب الثالث: فيما ورد عنه من بعثة الانبياء عليهم السلام.

الباب الرابع: في النهي عن البدع، و فيه ذكر الموت و ما بعده.

الباب الخامس: فيما روى عنه من ذم المتكبرين.

الباب السادس: في السعي للدنيا مع النهي عن حبها.

الباب السابع: و يشتمل على بعض المأثورات عنه نظما و نثرا في الوصايا و الادعية و المناجاة.

و قدم له العلامة الشيخ محمد الخضر الحسين-  شيخ الازهر يومئذ-  بتقديم موجز عرف فيه أهمية الكتاب، و شرف موضوعه، و من جملته: «وجدت به حكما نافعة، و مواعظ باقية ينتفع بها من تأملها، و أنعم‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 104

النظر فيها و هو اختيار حسن يدل على عقل و فطنة، لأن اختيار المرأ قطعة من عقله، و ارجو ان يجزيه اللَّه احسن الجزاء لأنه قرب النصح للمتناولين، و دل على الخير للراغبين، فهو شريك في الأجر لقائل الحكمة، و سائق العبرة لأنه دل عليها و «الدال على الخير كفاعله».

47-  منتخبات من حكم الامام علي عليه السّلام

للاستاذ اسماعيل علي يوسف الاديب الصحفي الاردني ذكره في كتابه «شهيد كربلاء» ص 6.

48-  جوامع ما ورد عن امير المؤمنين عليه السّلام في المواضيع المختلفة

للاستاذ الباحث الشيخ محمد باقر المحمودي صاحب كتاب (نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة) كما سيأتي في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.

هذا ما أمكنني الاطلاع عليه من الكتب المؤلفة في كلامه عليه السّلام خاصة من أيامه الى يوم الناس، هذا.

و مهما كانت قيمة تلك المؤلفات في أسواق العلم، و متاجر الفضل.

«فان اعظمها خطرا، و اعلاها شأنا، و احسنها ابوابا، و ابعدها صيتا و شأوا، هو مجموع ما اختاره الشريف الرضى في كتابه (نهج البلاغة)«».

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 105

ما هو نهج البلاغة

1-  «ان سطرا واحدا من «نهج البلاغة» يساوي الف سطر من كلام ابن نباته و هو الخطيب الفاضل الذي اتفق الناس على انه اوحد عصره في فنه».

(ابن ابي الحديد) 2-  «لا مفر من الاعتراف بأن «نهج البلاغة» له اصل و الا فهو شاهد على ان الشيعة كانوا من اقدر الناس على صياغة الكلام البليغ».

(الدكتور زكي مبارك) (نهج البلاغة) اسم وضعه الشريف الرضى على كتاب جمع فيه المختار من كلام امير المؤمنين عليه السّلام في جميع فنونه، و متشعبات غصونه، و جعله يدور على اقطاب ثلاثة: الخطب و المواعظ، و العهود و الرسائل، و الحكم و الآداب: و قد بين في مقدمة الكتاب اهميته و الوجه في تسميته بقوله: «علما بأن ذلك يتضمن من عجائب البلاغة، و غرائب الفصاحة، و ثواقب الكلم الدينية و الدنيوية، ما لا يوجد مجتمعا في كلام، و لا مجموع الاطراف في كتاب» و ليس في وسع أحد أن يصف الكتاب بأكثر مما وصفه مؤلفه أو يدل بأزيد

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 106

مما دل عليه اسمه«».

و قد ضم الكتاب مختار (237) كلاما و خطبه تقريبا«»، و (79) بين كتاب و وصية و عهد، و (480) من الكلمات القصار.

و لو أن الشريف الرضى رحمه اللَّه ذكر كل ما ورد عن علي عليه السّلام لجاء بأضعاف كتابه، و لكنه كان يلتقط الفصول التي هي في الطبقة العلياء من الفصاحة من كلام امير المؤمنين عليه السّلام فيذكرها و يتخطى ما قبلها و ما بعدها«».

«و منذ ان صدر هذا الكتاب عن جامعه، سار في الناس ذكره، و تألق نجمه، أشأم و أعرق، و أنجد و أتهم، و اعجب به حيث كان، و تدارسوه في كل مكان، لما اشتمل عليه من اللفظ المنتقى، و المعنى المشرق، و ما احتواه من جوامع الكلم، في أسلوب متساوق الأغراض محكم السبك، يعد في الذروة العليا من النثر العربي الرائع»«».

«و غير خفي أن من يريد اختيار انفس الجواهر من الجواهر الكثيرة لا بد ان يكون جوهريا حاذقا، فكان الرضى باختياره أبلغ منه في كتاباته كما قيل عن ابى تمام لما جمع (ديوان الحماسة) من منتخبات شعر العرب: إنه في انتخاباته اشعر منه في شعره.

و قد لاقى (ديوان الحماسة) من القبول عند الناس اقبالا كثيرا، و شرحه اعاظم العلماء، و كذلك (نهج البلاغة) من الشهرة و القبول ما هو أهله،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 107

و شرح بشروح كثيرة تنبو عن الاحصاء و كان مفخرة من أعاظم مفاخر العرب و الاسلام»«».

«و قد جمع الكتاب ما يمكن أن يعرض للكاتب و الخطيب من أغراض الكلام، فيه الترغيب و التنفير، و السياسات، و الجدليات، و الحقوق، و اصول المدنية، و قواعد العدالة، و النصائح و المواعظ، فلا يطلب الطالب طلبته إلا و يرى فيه أفضلها، و لا تختلج فكرة إلا وجد فيه أكملها»«».

و هلم فاستمع إلى طائفة اخرى من اقوال جهابذة العلم، و اعلام الفكر، فنرى انطباعاتهم عن هذا السفر العظيم و ما له من أثر في نفوسهم، و ليس بمقدورنا الاحاطة بكل ما هو من هذا القبيل و لكنه غيض من فيض.

1-  «هذا الكتاب (نهج البلاغة) قد استودع من خطب الامام علي بن ابي طالب سلام اللَّه عليه ما هو قبس من نور الكلام الالهي، و شمس تضي‏ء بفصاحة المنطق النبوى»«».

(الشيخ محمود شكري الآلوسي)

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 108

2-  «نهج البلاغة»، ذلك الكتاب الذي أقامه اللَّه حجة واضحة على أن عليا كان أحسن مثال حي لنور القرآن و حكمته، و علمه و هدايته، و إعجازه و فصاحته.

اجتمع لعلي في هذا الكتاب ما لم يجتمع لكبار الحكماء، و أفذاذ الفلاسفة، و نوابغ الربانيين، من آيات الحكمة السابغة، و قواعد السياسة المستقيمة، و من كل موعظة باهرة، و حجة بالغة تشهد له بالفضل، و حسن الأثر.

خاص علي في هذا الكتاب لجة العلم، و السياسة و الدين، فكان في كل هذه المسائل نابغة مبرزا، و لئن سألت عن مكان كتابه من الادب بعد أن عرفت مكانه من العلم، فليس في وسع الكاتب المترسل، و الخطيب المصقع، و الشاعر المفلق أن يبلغ الغاية من وصفه، أو النهاية من تقريظه.

و حسبنا أن نقول: أنه الملتقى الفذ الذي التقى فيه جمال الحضارة، و جزالة البداوة، و المنزل المفرد الذي اختارته الحقيقة لنفسها منزلا تطمئن فيه، و تأوي اليه بعد أن زلت بها المنازل في كل لغة»«».

(الاستاذ محمد حسن نائل المرصفي) 3-  إذا شئت أن تفوق أقرانك في العلم و الأدب، و صناعة الانشاء

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 109

فعليك بحفظ القرآن و (نهج البلاغة)«».

(الشيخ ناصيف اليازجي) 4-  «نهج البلاغة» الكتاب المشهور الذي جمع فيه السيد المرتضى «كذا» الموسوي خطب الامير كرم اللَّه وجهه و كتبه و مواعظه و حكمه و سمى (نهج البلاغة) لما أنّه قد اشتمل على كلام يخيل أنه فوق كلام المخلوقين، دون كلام الخالق عز و جل قد اعتنق مرتبة الاعجاز، و ابتدع أبكار الحقيقة و المجاز و للَّه در الناظم حيث يقول فيه:

         الا إن هذا السفر (نهج البلاغة)            لمنتهج العرفان مسلكه جلى‏

         على قمم من آل حرب ترفعت‏

            كجلمود صخر حطه السيل من «على»«»

 

(الشيخ أبو الثناء شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادى) 5-  «و اني لأعتقد أن النظر في كتاب (نهج البلاغة) يورث الرجولة و الشهامة و عظمة النفس، لأنه من روح قهار واجه المصاعب بعزائم الاسود»«».

(الدكتور زكي مبارك) 6-  اذا شاء أحد أن يشفى صبابة نفسه من كلام الإمام فليقبل عليه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 110

في «النهج» من الدفة و ليتعلم المشي على ضوء «نهج البلاغة»«».

(الاستاذ امين نخلة) 7-  «... حفظ على القرآن كلّه، فوقف على أسراره، و اختلط به لحمه و دمه، و القارئ يرى ذلك في (نهج البلاغة) و يلمس فيه مقدار استفادة على من بيانه و حكمته، و ناهيك بالقرآن مؤدبا و مهذبا، يستنطق البكي‏ء«» الأبكم فيفتق لسانه بالبيان الساحر، و الفصاحة العالية، فكيف إذا كان مثل على في خصوبته، و عبقريته، و استعداده ممن صفت نفوسهم، و أعرضوا عن الدنيا و أخلصوا للدين فجرت ينابيع الحكمة من قلوبهم، متدفقة على ألسنتهم، كالمحيطات تجري بالسلس العذب من الكلمات و هل كان الحسن البصري«» في زواجر وعظه، و بالغ منطقه إلا اثرا من على، و قطرة من محيط أدبه، ففتن الناس بعبادته، و خلب البابهم‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 111

بجمله، فكيف يكون الاستاذ العليم و الإمام الحكيم على بن أبي طالب لقد كان على في خطبه المتدفقة يمثل بحرا خضما من العلماء الربانيين و اسلوبا جديدا لم يكن إلا لسيد المرسلين، و طرق بحوثا من التوحيد لم تكن تخضع في الخطابة إلا لمثله، فهي فلسفة سامية لم يعرفها الناس قبله، فدانت لبيانه، و سلست في منطقه و أدبه.

و خاض في أسرار الكون، و طبائع الناس، و تشريح النفوس، و بيان خصائصها و أصنافها، و عرض لمداخل الشيطان و مخارجه، و فتن الدنيا و آفاتها، في الموت و أحواله، و في بدء الخلق، و وصف الأرض، و في شأن السماء و ما يعرج فيها من أملاك، و ما يحف بها من أفلاك، كما عرض لملك الموت و أطال في وصفه.

و خطب على في السياسة و في شئون البيعة و العهد و الوفاء، و اختيار الأحق و ما أحاط بذلك من ظروف و صروف، كتحكيم صفين و ما تبعه من آثار سيئة و تفرق الكلمة.

و لم يفته أن ينوه في خطبه بأنصار الحق، و أعوان الخير، و الدعوة إلى الجهاد، و فيها محاجة للخوارج و نصحه لهم و لأمثالهم باتباع الحق و غير ذلك مما يكفي فيه ضرب المثل، و لفت النظر.

و غير أن ناحية عجيبة امتاز بها الإمام، هي ما اختص بها الصفوة من الأنبياء و من على شاكلتهم كانت تظهر في بعض تجلياته، و أشار إليها في بعض مقاماته، و لم يسلك فيها سواه إلا أن يكون رسول اللَّه صلوات اللَّه عليه.

فقد ذكر كثيرا من مستقبل الامة، و أورد ما يكون لبعض أحزابها كالخوارج و غيرهم، و من ذلك وصفه لصاحب الزنج و ذكر الكثير من أحواله و ذلك من غير شك لون من الكرامات.

هذا إلى أنه طرق نواحي من القول كانت من خواص الشعر إذ ذاك،

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 112

و لكنه ضمنها خطبه فوصف الطب، و عرض للخفاش و ما فيه من عجائب، و الطاوس و ما يحويه من أسرار، و ما في الإنسان من عجائب الخلق، و آيات المبدع الحق و احيلك في ذلك كله على «نهج البلاغة».

و هكذا تجد في كلام علي الدين و السياسة، و الأدب، و الحكمة، و الوصف العجيب، و البيان الزاخر.

هذا كتاب علي الى شريح القاضي يعظه، و قد اشترى دارا، و يحذره من مال المسلمين، في معان عجيبة، و اسلوب خلاب.

و هذا كتابه الى معاوية يجادله في الأحق بالخلافة، و قتل عثمان في معان لا يحسنها سواه.

و تلك كتبه إلى العاملين على الصدقات يعلمهم فيها واجباتهم في جميع ملابساتهم.

و ذلك عهده إلى محمد بن ابي بكير حين قلده مصر.

و تلك وصيته الى الحسن عند منصرفه من (صفين) لم يدع فيها معنى تتطلبه الحياة لمثله إلا وجهه فيها أسمى توجيه، في فلسفة خصيبة، و حكم رائعة مفيدة، و كل تلك النواحي و الاغراض في معان سامية مبسطة، يعلو بها العلم الرباني الغزير، و الروح السامية الرفيعة، و تدنو بها تلك القوة الجبارة على امتلاك أزمّة القول، كأنما نثل كنانته بين يديه فوضع لكل معنى لفظة في أدق استعمال.

و لقد يضيق في القول فأقف حائرا عاجزا عن شرح ما يجول بنفسي من تقدير تلك المعاني السامية فيسعدنى تصوير الامام«» له و هو يقدم «نهج البلاغة»: (فكان يخيل إلي في كل مقام أن حروبا شبت، و غارات شنت، و ان للبلاغة دولة، و للفصاحة صولة... إلخ).

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 113

اما الأسلوب فيتجلى لك بما يأتي: (1) الثروة من الألفاظ العربية في مفردها و جمعها، و مذكرها و مؤنثها، و حقيقتها و مجازها.

(2) المجازات و الكنايات في معرض انيق، و قالب بديع.

(3) الإيجاز الدقيق مع الاطناب في مقامه، و يظهر ذلك في فقره، و سجعاته الفريدة، التي يجمل بكل أديب أن يحفظ الكثير منها، ليكون بيانه التكوين العربي السليم.

(4) المحسنات البديعة في نمط ممتاز، من جناس إلى طباق و ترصيع و إلى قلب و عكس، تزدان بجمالها البلاغة و يكمل بها حسن الموقع.

(5) الجرس و الموسيقى، و جمال الايقاع مما يدركه أهل الذوق الفني«».

و يحسن قبل الختام أن أشير إلى ما نوه به صاحب (الطراز) الامام يحيي اليمني، فقد تكرر ذلك في عدة مناسبات و أولها تمثيله للبلاغة في أول كتابه، قال-  و هو في ذلك الصدد- .

«فمن معنى كلامه ارتوى كل مصقع خطيب، و على منواله نسج كل واعظ بليغ، إذ كان عليه السّلام مشرع البلاغة، و موردها، و محط البلاغة و مولدها، و هيدب«» مزنها الساكب، و متفجر ودقها«» الهاطل، و عن هذا قال أمير المؤمنين في بعض كلامه: «نحن أمراء الكلام، و فينا تشبثت عروقه، و علينا تهدلت أغصانه، ثم أورد مثالا من أول خطبة في (نهج البلاغة) و قال: العجب من علماء البيان و الجماهير من حذاق المعاني كيف أعرضوا

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 114

عن كلامه و هو الغاية التي لا مرتبة فوقها، و منتهى كل مطلب و غاية كل مقصد في جميع ما يطلبونه، من المجازات و التمثيل و الكنايات و قد اثر عن فارس البلاغة، و أمير البيان الجاحظ انه قال: ما قرع سمعي كلام بعد كلام اللَّه، و كلام رسوله إلا عارضته إلا كلمات لأمير المؤمنين على ابن أبي طالب كرم اللَّه وجهه فما قدرت على معارضتها و هى مثل قوله: «ما هلك امرؤ عرف قدره» و «استغن عمن شئت تكن نظيره، و احسن إلى من شئت تكن أميره، و احتج الى من شئت تكن أسيره»«».

(الاستاذ محمد أمين النواوي) 8-  «في كتاب (نهج البلاغة) فيض من آيات التوحيد و الحكمة الالهية تتسع به دراسة كل مشتغل بالعقائد، و أصول التأليه و حكم التوحيد»«».

(الاستاذ عباس محمود العقاد) 9-  «نهج البلاغة» هو ما اختاره الشريف الرضي أبو الحسن محمد بن الحسين الموسوي من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه، و هو الكتاب الذي ضم بين دفتيه عيون البلاغة و فنونها، و تهيأت به للناظر فيه أسباب الفصاحة و دنا منه قطافها، إذ كان من كلام أفصح الخلق-  بعد الرسول صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم-  منطقا، و أشدهم اقتدارا، و أبرعهم حجة، و أملكهم للغة يديرها كيف شاء الحكيم الذي تصدر الحكمة عن بيانه، و الخطيب الذي يملأ القلب سحر بيانه، و العالم الذي تهيأ له من خلاط الرسول، و كتابة الوحي، و الكفاح عن الدين بسيفه و لسانه منذ حداثته ما لم يتهيأ لأحد سواه»«».

(الاستاذ محمد محي الدين عبد الحميد)

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 115

10- : و بعد«»: فقد أوفى لي حكم القدر بالاطلاع على كتاب «نهج البلاغة» مصادفة بلا تعمل، فتصفحت بعض صفحاته، و تأملت جملا من عباراته، فكان يخيل لي في كل مقام أن حروبا شبت، و غارات شنت، و ان للبلاغة دولة، و للفصاحة صولة، و ان للأوهام عرامة«»، و للريب دعارة و ان جحافل الخطابة، و كتائب الذرابة في عقود النظام و صفوف الانتظام تنافح بالصفيح الأبلج«» و القويم الأملج، و تمتلج المهج بر و أضع الحجج فتفل من دعارة الوساوس«» و تصيب مقاتل الخوانس. فما أنا إلا و الحق منتصر، و الباطل منكسر، و مرج الشك في خمود«»، و هرج الريب في ركود و أن مدبر تلك الدولة و باسل تلك الصولة هو حامل لوائها الغالب أمير المؤمنين علي بن ابي طالب«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 116

بل كنت كلما انتقلت من موضع إلى موضع احس بتغير المشاهد، و تحول المعاهد: فتارة كنت أجدني في عالم يعمره من المعاني أرواح عالية، في حلل من العبارات الزاهية، تطوف على النفوس الزاكية، و تدنو من القلوب الصافية: توحي اليها رشادها، و تقوم منها مرادها، و تنفر بها عن مداحض المزالق، إلى جواد الفضل و الكمال.

و طورا كانت تتكشف لي الجمل عن وجوه باسرة، و أنياب كاشرة، و أرواح في أشباح النمور، و مخالب النسور، قد تحفزت للوثاب، ثم انقضت للاختلاب، فخلبت القلوب عن هواها و أخذت الخواطر دون مرماها، و اختالت فاسد الاهواء، و باطل الآراء.

و أحيانا كنت أشهد أن عقلا نورانيا، لا يشبه خلقا جسدانيا، فصل عن الموكب الالهي، و اتصل بالروح الانساني، فخلع عن غاشيات الطبيعة و سما به إلى الملكوت الأعلى، و نما به الى مشهد النور الأجلى، و سكن به الى عمار جانب التقديس، بعد استخلاصه من شوائب التلبيس.

و آنات كأني أسمع خطيب الحكمة ينادي بأعلياء الكلمة، و أولياء أمر الامة، يعرفهم مواقع الصواب، و يبصرهم مواضع الارتياب، و يحذرهم مزالق الاضطراب، و يرشدهم إلى دقائق السياسة، و يهديهم طرق الكياسة، و يرتفع بهم الى منصات الرئاسة، و يصعدهم شرف التدبير، و يشرف بهم على حسن المصير.

ذلك الكتاب الجليل هو جملة ما اختاره السيد الشريف الرضي-  رحمه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 117

اللَّه-  من كلام سيدنا و مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه، جمع متفرقة و سماه «نهج البلاغة» و لا أعلم اسما أليق بالدلالة على معناه منه، و ليس في وسعي أن أصف هذا الكتاب بأزيد مما دل عليه اسمه، و لا أن آتي بشي‏ء في بيان مزيته فوق ما أتى به صاحب الإختيار«».

(الاستاذ الإمام الشيخ محمد عبده) 11-  «... عرفت (نهج البلاغة) في صدر الصبا... و بقيت نغمات في الأذن، ثم أخذت أسمع بعد ذلك-  كلّما لمع خطيب على منابر السياسة-  قول الناس تعليقا على بلاغة الخطيب: لقد قرأ (نهج البلاغة) و امتلأ بفصاحته وها أنا أعيد القراءة هذه الأيام فإذا البلاغة قد ازدادت في الأذنين حلاوة، و إذا العبارات كأنما أضافت طلاوة إلى طلاوة... لست أعني زخرف الكلام... بل أعني طريقه في اختيار اللفظ الصلب العنيد، الذي لا يقوى على تشكيله إلّا ازميل تحركه يد صنّاع، و كان يمكن للمعنى نفسه أن يساق في لفظ أيسر منالا، فصنعة الفنان هنا شبيهة بصنعة المثال في الحضارة المصرية القيمة يتخيّر لتماثيله صم الجلاميد، فكأنما الكاتب هنا كالنّحاة أراد عملا أقوى من الدهر دواما و خلودا.

فقلّب معي الصفحات الرائعة الأدبيّة من (نهج البلاغة) و قل لي: أين ينتهي الأديب ليبدأ الفيلسوف، و أين ينتهي الفيلسوف ليبدأ الفارس، ثم أين ينتهي هذا ليبدأ السياسي إنّه لا فواصل و لا فوارق، ففي هذه المختارات خطب و رسائل و أحكام، و حجاج و شواهد امتزج فيها الأدب بالحكمة، و الحكمة بالأريحيّة و هاتان بما نسميه اليوم سياسة يسوس بها الحاكم شعبه، أو يداور بها المفاوض خصمه.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 118

و إنّ النصوص ليطول بنا نقلها إلى القارئ ما طال (نهج البلاغة) فخير للقارئ ان يرجع اليه ليطالع نفسا قد اجتمع فيها ما يصور عصرها من حيث الركون في إدراك حقائق الأمور إلى سلامة السليقة، و حضور البديهة، و صدق البصيرة بغير حاجة إلى تحليلات العقل و تعليلاته، و لا إلى طريقة المناطقة في جمع الشواهد و ترتيب الشواهد على المقدمات».

الدكتور زكي محفوظ و لو أردنا أن نأتي بكل ما قيل في (نهج البلاغة) لطال بنا المقام و يحسبك ما ذكرنا.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 119

أوهام ابن خلكان و مقلديه

 (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) «قرآن كريم» ابن خلكان: هو قاضي القضاة شمس الدين احمد بن ابراهيم بن ابي بكر المعروف بخلكان الإربلي البرمكي، و من هذا النسب جاءه هذا اللقب، و ذلك أن أبا بكر هذا كان ذات يوم يفاخر أقرانه، و يفخر بآبائه من آل برمك، فقيل له: خلّ كان ابي كذا، و كان جدى كذا و حدثنا عن نفسك الآن فلقب من هذه الواقعة بخلكان.

ولد ابن خلكان بأربل سنة (608) ه و توفى بدمشق سنة (681) و كان أديبا فاضلا يحب الشعر و الأدب، و كان-  كما حدث هو عن نفسه-  مغرما بشعر يزيد بن معاوية بن ابي سفيان، شديد الاهتمام به، بحيث خلصه من شعر غيره، ليكون حافظا شعره الخالص، لا المنسوب له، فقد قال عند ما ترجم لمحمد بن عمران المرزباني: «كان-  أي المرزباني-  راوية للأدب، صاحب أخبار، و تواليفه كثيرة و كان ثقة في الحديث، و مائلا الى التشيع في المذهب-  إلى أن قال-  و هو أول من جمع شعر يزيد بن معاوية بن ابي سفيان الاموي و اعتنى به، و هو صغير الحجم يدخل في ثلاثة كراريس، و قد جمعه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 120

من بعده جماعة، و زادوا فيه أشياء كثيرة ليست منه، و شعر يزيد مع قلته في نهاية الحسن» و ذكر أبياتا من جيد شعره ثم قال: «و كنت حفظت جميع ديوان يزيد لشدّة غرامي به سنة ثلاث و ثلاثين و ستمائة بمدينة دمشق، و عرفت صحيحه من المنسوب إليه، الذي ليس له، و تتبعته حتى ظفرت بصاحب كل أبيات، و لو لا خوف الإطالة لبينت ذلك»«».

و ابتلى ابن خلكان في أواخر أيامه بحب أحد اولاد الملوك، و هو مسعود بن الملك المظفر، حتى أن الغلام زاره في بعض الايام فبسط له ابن خلكان الطرحة«»، و قال له. (ما عندي أعزّ من هذا تطأ عليه) و لما فشى أمرهما، و علم به أهله، منعوه من الركوب إليه، فقال ابن خلكان في ذلك أشعارا ذكر بعضها ابن شاكر في (فوات الوفيات) و قد شغفه حبّه، تيمه هواه حتى امتنع من النوم فكان يدور الليل كله، و يكرر قول ابن سكرة الهاشمي:

         انا و اللَّه هالك            آيس من سلامتي‏

         او أرى القامة التي‏

            قد اقامت قيامتي‏

 

إلى ان يصبح على هذه الحال، و يروى انه مات و هو ينشدهما، و كان ذلك آخر ما نطق به«».

 

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 121

و اشهر مؤلفات ابن خلكان (وفيات الأعيان، و انبياء أبناء الزمان) تعرّض فيه لذكر المشاهير من التابعين، و من بعدهم إلى زمان نفسه، و قد أظهر في هذا الكتاب من التعصب على جماعة و الغلوّ في آخرين يتجلى ذلك واضحا لمن سبر غوره، و أنعم النظر فيه، و لو لا خوف الاطالة لذكرت جملا من ذلك.

و في هذا الكتاب بذر بذرة التشكيك في (نهج البلاغة) و في من جمعه إذ قال في (وفيات الأعيان) ج 3: 3 عند ما ترجم للسيد المرتضى: «و قد اختلف الناس في كتاب (نهج البلاغة) المجموع من كلام الامام علي بن ابي طالب رضي اللَّه عنه، هل جمعه أم جمع أخيه الرضى و قد قيل: إنه ليس من كلام علي، و انما الذي جمعه، و نسبه إليه هو الذي وضعه و اللَّه اعلم انتهى».

ثم جاء من بعده كل من الصفدي في (الوافي بالوفيات) و اليافعي في «مرآة الجنان»: ج 3 ص 55 و الذهبي فى (ميزان الاعتدال): ج 1 ص 101 و ابن حجر في «لسان الميزان»: ج 4 ص 223 و غير اولئك من القدامى و المحدثين، فتابعوه على هذا الرأي، و ترسموا خطاه، و نهجوا سبيله، و نسجوا على منواله شبها و أوهاما هي أو هى من بيت العنكبوت، لا يقوم لها دليل، و لا تستند إلى ركن وثيق، و قد تصدى جماعة من علماء الامامية و أدبائهم قديما و حديثا إلى تفنيد تلك المزاعم، و محق تلك الافائك بالدليل العلمي و البرهان المنطقي، و الدراسة الموضوعية كما ستقف على اكثره في مطاوي هذا الكتاب.

و هلم نزن قول ابن خلكان بميزان العدل، لا ب (ميزان الاعتدال)«» لنعرف مبلغه من العلم، و مكانته في التحقيق، و محله في الدراية و الرواية.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 122

أولا-  تراه يذكر الاختلاف بين الناس في «نهج البلاغة» هل هو-  أي المرتضى-  جمعه ام جمع اخيه الرضى وليته دلنا على واحد من اولئك الناس الذين اختلفوا في جامع (نهج البلاغة)، وليتك-  أخي القارئ-  تعثر لنا على واحد من اولئك الناس، في الكتب المؤلفة قبل (وفيات ابن خلكان) و ما اكثرها في هذا الوقت.

ثانيا-  إنّ مما لا يختلف فيه اثنان أن (المجازات النبوية) أو «مجازات الآثار النبوية»-  كما يسمى احيانا-  و (حقائق التأويل) و (خصائص الأئمة) من مؤلفات الشريف الرضى،

إشارات الرضى أن (نهج البلاغة) من جمعه

و إليك إشارات الرضى في هذه الكتب ان (نهج البلاغة) من جمعه.

أ-  في المجازات النبوية:

صرح الرضي في خمسة مواضع من هذا الكتاب أن (نهج البلاغة) من جمعه: 1-  عند كلامه على قوله صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «أغبط الناس عندي مؤمن خفيف الحاذ«»، ذو حظ من صلاة»:.: قال: و يبيّن ذلك قول أمير المؤمنين علي عليه السّلام في كلام له: «تخففوا تلحقوا» و قد ذكرنا ذلك في كتابنا الموسوم ب «نهج البلاغة» الذي أوردنا فيه مختار جميع كلامه صلى اللَّه عليه و على الطاهرين من أولاده«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 123

2-  في كلامه على الحديث «اسرعكن لحاقا بي، اطولكن يدا».

قال: و مثل ذلك قول امير المؤمنين عليه السّلام: «من يعط باليد القصيرة يعط باليد الطويلة»... و قد ذكرنا ذلك في كتابنا الموسوم ب «نهج البلاغة»«».

3-  عند كلامه على الاستعارة في قوله صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم في خطبه له «ألا و إنّ الدنيا قد ارتحلت مدبرة، و إن الآخرة قد ارتحلت مقبلة»... قال: «و يروى هذا الكلام على تغيير في ألفاظه لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام و قد أوردناه في كتابنا الموسوم ب «نهج البلاغة» و هو المشتمل على مختار كلامه عليه السّلام في جميع المعاني و الأغراض، و الأجناس و الأعراض»«».

4-  في حديث القرآن «ما نزل من القرآن آية إلّا و لها ظهر و بطن، و لكلّ حرف حدّ، و لكلّ حدّ مقطع».: قال: «المراد ان القرآن يتقلب وجوها، و يحتمل من التأويلات ضروبا كما وصفه أمير المؤمنين علي عليه السّلام في كلام له فقال «القرآن حمال ذو وجوه» أي يحتمل التصريف على التأويلات، و الحمل على الوجوه المختلفات، و قد ذكرنا هذا الكلام في كتابنا الموسوم ب «نهج البلاغة»«».

5-  عند الكلام على قوله صلوات اللَّه عليه و آله (القلوب أوعية بعضها أوعى من بعض)... قال: «و ربما نسب هذا الكلام الى امير المؤمنين عليه السّلام على خلاف في لفظه، و قد ذكرناه في جملة كلامه لكميل بن زياد النخعي في كتاب (نهج البلاغة)«»».

يضاف الى ذلك إن في (نهج البلاغة) ذكر لكتاب (المجازات) عند قوله‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 124

عليه السّلام «العين و كاء السه»«» قال الرضي رحمه اللَّه تعالى: و هذا من الاستعارات العجيبة-  الى ان قال-  و قد تكلمنا على هذه الاستعارة في كتابنا الموسوم ب (مجازات الآثار النبوية) و كلامه حول هذه الكلمة في ص 208 من (المجازات) و قال بعد ذلك و من الناس من ينسب هذا الكلام إلى أمير المؤمنين علي عليه السّلام، و قد ذكر ذلك محمد بن يزيد المبرد في كتاب (المقتضب) في باب اللفظ بالحروف، و في الأظهر الأشهر أنه للنبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم.

و قد احتاط الرضي رحمه اللَّه في نقل هذا الحديث في (النهج) فقال: و هذا القول في الاشهر الأظهر من كلام النبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و قد رواه قوم لأمير المؤمنين عليه السّلام و ذكر ذلك المبرد... إلخ«».

ب-  في حقائق التأويل:

هذا الكتاب من أنفس كتب التفسير و اعلاها، كشف فيه عن غرائب القرآن و عجائبه، و خفاياه و غوامضه، و اسراره و دقائق اخباره، و يقال: انه بحجم (التبيان) للشيخ الطوسي، و الموجود منه الآن الجزء الخامس فقط يبتدى‏ء فيه من أول السورة التي يذكر فيها آل عمران إلى أواسط السورة التي يذكر فيها النساء و قد طبع في النجف الاشرف طبعة متقنة بتحقيق العلامة الشيخ محمد رضا آل كاشف الغطاء رحمه اللَّه، و قدم له العلامة المرحوم الشيخ عبد الحسين الحلي مقدمة ضافية.

و لا خلاف بين أهل العلم أن هذا الكتاب الجليل للسيد الرضي رحمه اللَّه، و مما يؤسف له أنه لا يوجد منه إلا الجزء الخامس و مع هذا جاء فيه تصريح من الرضي بأن (نهج البلاغة) من تأليفه.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 125

قال رحمه اللَّه في ص 167 بعد ان ذكر طرفا من علو بلاغة القرآن الكريم: «و إني لأقول أبدا: لو كان كلام يلحق بغباره، او يجري في مضماره بعد كلام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم لكان ذلك كلام امير المؤمنين عليه السّلام، إذ كان منفردا بطريقة الفصاحة، لا تزاحمه عليها المناكب، و لا يلحق بعقوه فيها الكادح الجاهد، و من أراد أن يعلم برهان ما أشرنا إليه فلينعم النظر في كتابنا الذي ألفناه و وسمناه ب (نهج البلاغة)، و يشتمل على مختار جميع الواقع الينا من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام، في جميع الانحاء و الاغراض، و الاجناس و الانواع من خطب و كتب، و مواعظ و حكم، و بوبناه أبوابا ثلاثة، تشتمل على هذه الأقسام مميزة مفصّلة، و قد عظم الانتفاع به، و كثر الطالبون له، لعظيم ما ضمنه من عجائب الفصاحة و بدائعها، و شرائف الكلم و نفائسها، و جواهر الفقر و فرائدها و كلامه عليه السّلام مع ما ذكر من علو طبقته، و خلو طريقه، و انفراد طريقته، فإنه إذا حول ليلحق غاية من أدنى غايات القرآن وجد ناكسا متقاعسا، و مقهقرا راجعا، واقعا بليدا، و واقعا بعيدا، على انه الكلام الذي وصفناه بسبق المجارين و العلو على المسامين... إلخ» هذا و لعلّ من يوفق للعثور على بقية أجزاء (حقائق التأويل) يجد ذكرا للنهج في عدّة مواضع منه.

يضاف إلى ذلك أن لحقائق التأويل ذكر في (المجازات النبوية) ص: 258.

ج-  في خصائص الأئمة

اتفق كتاب التراجم، و اصحاب الفهارس على أن هذا الكتاب من جملة تآليف الشريف الرضي رحمه اللَّه، و قد ذكر (الخصائص) في موضعين من (نهج البلاغة) مما يشعر أن مؤلف (النهج) هو مؤلف (الخصائص).

(الأول) في مقدمة (النهج) و هو قوله: فإني كنت في عنفوان السن‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 126

و غضاضة الغصن، ابتدأت بتأليف كتاب في (خصائص الأئمة) عليهم السلام يشتمل على محاسن أخبارهم، و جواهر كلامهم، حداني عليه غرض ذكرته في صدر الكتاب، و جعلته امام الكلام و لما فرغت من الخصائص التي تخص امير المؤمنين عليا صلوات اللَّه عليه و عاقت عن اتمام بقية الكتاب محاجزات الأيام، و مماطلات الزمان، و كنت قد بوّبت ما خرج من ذلك أبوابا و فصلته فصولا فجاء في آخرها فصل يتضمن محاسن ما نقل عنه عليه السّلام من الكلام القصير في المواعظ و الحكم و الامثال و الآداب دون الخطب الطويلة، و الكتب المبسوطة فاستحسن جماعة من الاصدقاء ما اشتمل عليه الفصل المقدم ذكره معجبين ببدائعه، و متعجبين من نواصعه، و سألوني عند ذلك أن ابدأ بتأليف كتاب يحتوي على المختار من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام في جميع فنونه و متشعبات غصونه من خطب و كتب و مواعظ و ادب«»... إلخ.

(الثاني): عند تعليق جامع النهج على قوله عليه السّلام (تخففوا تلحقوا).

قال: فأما قوله عليه السّلام (تخففوا تلحقوا) فما سمع كلام أقل منه مسموعا و لا أكثر محصولا، و ما أبعد غورها من كلمة، و انقع نطفتها من حكمة و قد نبهنا في كتاب (الخصائص) على عظم قدرها، و شرف جوهرها«»».

و كتاب (خصائص الأئمة) ذكره شيخنا الطهراني حفظه اللَّه في (الذريعة) ج 7 ص 162، فقال عنه: «كان عند شيخنا المحدث النوري، و رأيت في مكتبة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء نسخة كتابتها حدود (1070) قال في ديباجته: «كنت-  حفظ اللَّه عليك دينك، و قوى في ولاء العترة يقينك-  سألتني أن أصنف لك كتابا يشتمل على خصائص أخبار الأئمة الاثنى عشر صلوات اللَّه عليهم، و على ترتيب ايامهم، و تدريج طبقاتهم، ذاكرا أوقات‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 127

مواليدهم، و مدد أعمارهم، و تاريخ وفياتهم و مواضع قبورهم، و أسامي أمهاتهم، و مختصرا من فضل زياراتهم، ثم موردا طرفا من جوابات المسائل التي سئلوا عنها، و استخرجت أقاويلهم فيها، و لمعا من اسرار أحاديثهم، و ظواهر و بواطن اعلامهم و نبذا من الصحاح في النص عليهم-  إلى أن ذكر في سبب التأليف-  أن الباعث على تأليفه هو تعيير بعض علينا، بعدم تأليف لنا في هذا الموضوع».

و كان شروعه في التأليف (383) و الاسف انه لم يتم الكتاب يجميع مقاصده، لاشتغاله بجمع كتابه (نهج البلاغة) كما صرّح في ذلك في أول (النهج) و انما خرج من (الخصائص) أبواب و فصول من خصائص أمير المؤمنين عليه السّلام، و في الفصل الاخير أورد الكلمات القصار له، و المجموع يقرب من ألف و خمسمائة بيت ثلثها الكلمات القصار، فعند ذلك عنّ له أن يكتب جميع ما صدر من معدن الفصاحة من الخطب و الكتب و الكلمات فاشتغل بجمع (النهج) إلى ان فرغ منه في سنة (400) و لم يمهله الاجل لاتمام (الخصائص).

و نسخة الشيخ شير محمد الهمداني المعاصر في النجف منتسخة من نسخة الشيخ هادى، و رأيت في طهران نسخة اخرى في مكتبة سلطان العلماء، و نسخة في مكتبة راجة فيض آباد كما في فهرسها المخطوط» انتهى كلامه رحمه اللَّه.

و قد طبع الكتاب في النجف الاشرف سنة 1369 ه.

و توجد من (خصائص الائمة) نسخة ثمينة قديمة في مكتبة رامبور و في ختامها ان كاتبها عبد الجبار بن الحسين بن ابي القاسم الفرهاني فرغ من كتابتها سنة (553) ه. و كتب الكاتب نفسه بخطه: (كتاب خصائص الأئمة الاثنى عشر تصنيف السيد الامام ذي الحسبين أبي الحسن محمد بن الحسين بن موسى الموسوي‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 128

رضي اللَّه عنه)«».

تلك نصوص الشريف الرضي رحمه اللَّه في كتبه التي لا يختلف في نسبتها إليه و هي تنادي بأفصح لسان، و اوضح بيان أن (نهج البلاغة) له لا لأخيه المرتضى و هذه معاجم الشيعة جمعاء فلن تجد من ترجمة اربابها إلا ناصّا على صحة النسب، و جازما باستقامة النسب منذ عصر المؤلف و الى اليوم الحاضر انظر «فهرست ابي العباس النجاشي» المتوفى سنة (450) «و فهرست الشيخ منتجب الدين» المتوفى (585) و... و... و«».

عرفت فيما تقدم ان «نهج البلاغة» من مؤلفات الشريف الرضي و ان القول بأنه من جمع اخيه المرتضى-  بعد ما سلف-  سفه في الرأي و اصرار على الخطأ، و ستعرف ان شاء اللَّه تعالى، ان الرضي روى ما رأى، و أورد ما ورد و ان اتهامه بالكذب على امير المؤمنين في سبيل النزعة المذهبية مردود لا يقبله إلا من يجهل اخلاق الرضي«».

و لا أدري كيف يتهم الشريف بالوضع و هو علم من اعلام طائفة من المسلمين يرون ان الكذب مطلقا-  فضلا عن الكذب على اللَّه و الرسول و الأئمة-  اعظم جرما، و اكبر اثما من شرب الخمر-  و شارب الخمر عندهم كعابد الوثن«»-  و قد انفردوا بحكم خاص و هو أنّ من جملة المفطرات عندهم في شهر رمضان تعمد الكذب على اللَّه و الرسول و الأئمة عليهم السلام سواء كان متعلقا بامور الدين او الدنيا، و سواء كان بنحو الأخبار او الفتوى بالعربي أو بغيره من اللغات، من غير فرق ان يكون بالقول او الكتابة،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 129

او الاشارة او الكناية، و لا فرق ان يكون المكذوب في كتاب من كتب الأخبار أولا، فمع العلم بكذبه لا يجوز الاخبار به و ان اسنده الى ذلك الكتاب«»: كل ذلك حيطة للدين، و حماية لمعالمه، و حفظا لاحكامه، حتى لا يتلاعب به اهل الاهواء، فيدخل فيه ما ليس منه، و اذا رجعت الى ما صنفه علماء الامامية في احوال الرجال، و كتب الجرح و التعديل، و ما وضعوه من قواعد راسخة، و اصول محكمة، في نقل الاحاديث و اخذ الاخبار، و استنباط الاحكام، تجد الصدق و الامانة، و الدين و الورع، بأجمل صورها، و اسمى معانيها.

و لكن ذنب الشيعة الامامية و جريمتهم التي لا تغتفر (انهم لا يعتبرون من الاحاديث إلا ما صح لهم من طرق اهل البيت عن جدهم، يعني ما رواه الصادق، عن ابيه الباقر، عن ابيه زين العابدين، عن الحسين السبط، عن أبيه أمير المؤمنين، عن رسول اللَّه سلام اللَّه عليهم جميعا)«».

و لا تثريب عليهم، و لا ذنب لهم اذا تورعوا في النقل، و تحروا الحقائق و توخوا الصدق، و ضربوا بكل ما وجدوا به ادنى خدش عرض الجدار (فقد اتسع نطاق الكذب على اللَّه و على رسوله و تلاطمت امواج الافتراء، و تصدر قوم لا امانة لهم، و لا دين يردعهم، و لا عهد لهم بالصدق، فحدثوا الناس بالاكاذيب و نمّقوا و زوّروا و وضعوا من الاحاديث أنّى شاءت رغباتهم، إرضاء لسلطان لا يرعى للصدق حرمة، و لا يرى للدين قيمة،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 130

فدرج الناس على ذلك، و تلقوا تلك الاحاديث بلا تمحيص و لا تتبع)«»: و ما أحق الشيعة ان يستشهدوا بالمثل السائر (رمتني بدائها و انسلت) و ما أولاهم بالتمثل بقول الشاعر:

         فانك إن تهج حنيفة سادرا            فقبلك قد فاتوا يد المتناول‏

         كفرعون إذ يرمي السماء بسهمه‏

            فردّ عليه السهم أفوق ناصل‏

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 131

شبهات حول «نهج البلاغة»

ثم جاء بعد ابن خلكان اقوام فتعاهدوا تلك البذرة التي اشرنا إليها فيما سلف حتى اخرجوا منها نبتة أشبه بخضراء الدمن فكانت ثمرتها ما يأتي:-  (1) ان في الكتاب من التعريض بصحابة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم ما لا يسلم ان يصح صدوره عن مثل الامام علي«».

(2) ما فيه من ذكر الوصي و الوصاية«».

(3) طول بعض الخطب و الكتب كالقاصعة، و الاشباح، و عهد مالك بما لم يك مألوفا في صدر الاسلام«».

(4) إنّ فيه من السجع و التنميق اللفظي، و آثار الصنعة ما لم يعهده عصر الامام و لا عرفه، و إنما ذلك طرأ على العربية بعد العصر الجاهلي و صدر الاسلام و افتتن به ادباء العصر العباسي و الشريف الرضى جاء من بعد ذلك على ما الفوه فصنف الكتاب على نهجهم و طريقتهم.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 132

(5) ان فيه من دقة الوصف و استفراغ صفات الموصوف، و احكام الفكرة، و بلوغ النهاية في التدقيق كما تراه في وصف الخفاش و الطاوس، و النملة و الجرادة، و كل ذلك لم يلتفت إليه علماء الصدر الأول، و لا ادباؤه و لا شعراؤه و إنما عرفه العرب بعد تعريب كتب اليونان و الفرس الأدبية و الحكمية، و يدخل في هذا استعمال الألفاظ الاصطلاحية التي عرفت في علوم الحكمة من بعد كالأين و الكيف و نحوهما.

و كذلك استعمال الطريقة العددية في شرح المسائل، و في تقسيم الفضائل أو الرذائل مثل قوله: «الاستغفار على ستة معان»، «الايمان على اربع دعائم، الصبر و اليقين و العدل و الجهاد. و الصبر منها على اربع شعب... إلخ».

(6) ان في عبارات الكتاب ما يشم منه ريح ادعاء صاحبه علم الغيب، و هذا أمر يجلّ عن مثله مقام علي و من كان على شاكلة علي ممن حضر عهد الرسالة، و رأى نور النبوة«».

(7) ما فيه من الحث على الزهد، و ذكر الموت، و قرض الدنيا على منهاج المسيح عليه السّلام«».

(8) وصف الحياة الاجتماعية على نحو لم يعرف إلا في عصور متأخرة، ترى في هذه الخطب طعنا شديدا على الوزراء و الحكام و الولاة و القضاة و العلماء في السلوك و الاخلاق، و في الذمم و الضمائر، و وصفا للقضاة بالجهل و عدم المعرفة بأحكام الشريعة«».

(9) إن بعض ما روي عن علي في (نهج البلاغة) روي عن عيره في غيره، كقوله: «كان لي فيما مضى أخ عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه»..

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 133

و هذا مروي عن ابن المقفع«»، و كقوله: «الدنيا دار مجاز...» يروى لسحبان وائل«».

(10) خلو الكتب الأدبية عن كثير مما في «نهج البلاغة»«».

و ستقرأ على الصفحات التالية البراهين التي أوردناها في دحض تلك المزاعم، و تبديد تلك الاوهام.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 134

(1) الصحابة في (نهج البلاغة)

«لقد رأيت اصحاب محمد صلى اللَّه عليه و آله فما ارى احدا منكم يشبههم» لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا، و قد بانوا سجدا و قياما، يراوحون بين جباههم و خدودهم، و يقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم، اذا ذكر اللَّه هملت اعينهم حتى تبل جيوبهم و مادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف، خوفا من العقاب و رجاء للثواب».

«نهج البلاغة 1: 190» الصحبة لغة هي المعاشرة، و تطلق على المعاشرة في الزمن القليل و الكثير، و لذلك يقال: صحبت فلانا حولا و شهرا و يوما و ساعة، فيوقع اسم لقليل ما يقع عليه منها كثيره«»، و تقع بين المؤمن و الكافر، كما تقع بين المؤمن‏

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 135

و المؤمن قال تعالى: ( قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَ هُوَ يُحاوِرُهُ: أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا، الكهف: 38) و القصة تدل على أن المحاورة جرت بين مؤمن و كافر، و قال تعالى مخاطبا مشركي قريش ( ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏، النجم: 3)، و قال جلّ شأنه: ( ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ، سبأ: 47)... إلى غير ذلك من الآيات البيّنات، و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و قد اشير عليه بقتل عبد اللَّه بن أبي، رأس المنافقين: (بل نحسن صحبته، و نترفق به ما صحبنا و لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه)«».

و قد اصطلح علماء الحديث، على أنّ الصحابي من رأي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و قد ادرك الحلم فأسلم، و عقل أمر الدين و رضيه و صحبه و لو ساعة من نهار«»، و ذهب أكثرهم إلى تعديلهم جميعا، و تأويل ما ينافي ذلك، و لا مشاحة في أن الصحبة فضيلة جليلة، و لكن الصحابة لم يكونوا طرازا واحدا في الفقه و العلم، و لا نمطا متشابها في الادراك و الفهم، و إنما كانوا في ذلك طبقات متفاوتة، و درجات متباينة، شأن الناس جميعا في هذه الحياة، سنة اللَّه في خلقه (وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا)«». ففيهم من أحسن الصحبة، و أبلى البلاء الحسن، و جاهد في اللَّه حق جهاده، و سابقوا إلى دعوته و منهم الذين لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ (دِيارِهِمْ وَ أَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ، اللَّهِ وَ رِضْواناً وَ يَنْصُرُونَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ، مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى، الفتح: 29) و لم يحدثوا بعد رسول اللَّه حدثا، و لم يؤوا محدثا، إلى غير ذلك مما وصفهم اللَّه و رسوله به.

روى البخاري في صحيحه عن ابن مسعود: قال: قال النبي صلّى اللَّه عليه و سلم: (انا فرطكم‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 136

على الحوض ليرفعن إلىّ رجال منكم حتى اذا اهويت لانا و لهم اختلجوا دوني.

فأقول: ربي اصحابي فيقال: لا تدري ما احدثوا بعدك. و روى مثله البخاري ايضا عن سهل بن سعد و زاد عليه فأقول سحقا سحقا لمن بدل بعدي).

كما ان فيهم الذين ( ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ، التوبة: 47) وَ مِنْهُمْ (مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَ لا تَفْتِنِّي، التوبة: 48) و منهم من لمز النبي (في الصدقات، التوبة: 57) و منهم من آذاه و قالوا ( وَ مِنْهُمُ، التوبة 60) و منهم « الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً وَ تَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، التوبة: 106) و منهم من كان فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ و منهم المعوقون، و منهم الذين اعتذروا في غزوة تبوك و كانوا بضعة و ثمانين رجلا و حلفوا للنبي فقبل منهم علانيتهم فنزل فيهم قوله تعالى: (سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ، يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضى‏ عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ)، التوبة: 93). و في هذه الغزوة هم أربعة عشر منافقا ليفتكوا برسول اللَّه في ظلمات الليل عند عقبة هناك، و لما انصرف النبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم من هذه الغزوة إلى المدينة كان في الطريق ماء يخرج من و شل بوادي المشقق. فقال رسول اللَّه: «من سبق إلى ذلك الماء فلا يسقين منه شيئا حتى نأتيه فسبقه إليه نفر من المنافقين و استقوا ما فيه فلما أتاه رسول اللَّه وقف عليه فلم ير فيه شيئا، و لما علم النبي بأمر المنافقين، قال: «او لم ننههم ان يستقوا منه شيئا حتى نأتيه ثم لعنهم و دعا عليهم».

و بحسبك ان تجد في القرآن سورة تسمى سورة المنافقين.

و روى البخاري عن زيد بن ثابت: لما خرج النبي إلى أحد رجع ناس من أصحابه فقالت فرقة منهم: نقتلهم، و قالت فرقة: لا نقتلهم فنزلت الآية الكريمة ( فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا... الآية، النساء: 86)، قال الراغب في مفرداته: أركسهم اي ردهم إلى الكفر.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 137

و الكلام في هذا الباب كثير جدا«».

و في القرآن الكريم قبل (نهج البلاغة) تعريض ببعض الصحابة، و ذم طائفة منهم-  كما مر عليك طرف من ذلك-  و كذلك كتب الصحاح و المسانيد المعتبرة لم تخل من الذم لبعضهم، بل رأينا الصحابة أنفسهم ينقد بعضهم بعضا، و يلعن بعضهم بعضا، و لو كانت الصحابة عند نفسها بالمنزلة التي لا يصح فيها نقد و لا لعن لعلمت ذلك، و هذا طلحة و الزبير و من كان معهم و في جانبهم لم يروا ان يمسكوا عن علي، و هذا معاوية و عمرو بن العاص لم يقصرا دون ضربه و ضرب اصحابه بالسيف و كالذي روى عن عمر انه طعن في رواية أبي هريرة، و شتم خالد بن الوليد و حكم بفسقه، و خون عمرو بن العاص و معاوية و نسبهما الى سرقة مال الفى‏ء و اقتطاعه، و قل ان يكون في الصحابة من سلم من لسانه او يده، الى كثير من امثال ذلك مما رواه التاريخ.

روى ابن الاثير في (اسد الغابة) ج 4 ص 292 في ترجمة السائب بن أبي حبيش قال فيه عمر رضي اللَّه عنه: «ذاك رجل لا أعلم فيه عيبا، و ما أحد بعد رسول اللَّه إلا و أنا أقدر أن اعيبه» و هذا طعن في الصحابة بالجملة.

و كان التابعون يسلكون بالصحابة هذا المسلك، و يقولون في العصاة منهم هذا القول، و إنما اتخذهم العامة أربابا بعد ذلك، فالصحابة قوم من الناس لهم ما للناس و عليهم ما عليهم«». و اعتبارهم جميعا عدولا، لا يجوز عليهم نقد، و لا يتجه اليهم طعن، و لا يتسرب إليهم تجريح مراغمة واضحة للقرآن الكريم، و السنة المطهرة، و السيرة الثابتة، و ليتني أدري لما ذا يمتنع على علي عليه السّلام شتم خصومه و أعدائه الذين شتموه، و نكثوا بيعته، و بغوا عليه،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 138

و تألبوا لقتاله و أي انكار على (نهج البلاغة) إذا نقل فيه شي‏ء من ذلك يقول الاستاذ محمد محى الدين عبد الحميد: كنا نتكلم في هذا الموضوع مرّة فقال أحد إخواننا: أنا لا افهم معنى لانكار بعض الناس أن يقول علي في معاوية و عمرو بن العاص و هم يؤمنون بأنه حاربهما، و دعاهما مبارزته«».

و يحدر بنا ههنا ان ننقل كلاما للعلامة المتضلع السيد محمد بن عقيل العلوي الحضرمي قال: «سبب من يسمونهم صحابة حسب اصطلاحهم الحادث بعضهم لبعض قد وقع قطعا، و لا سبيل لتأثيمهم كلهم، كما لا سبيل إلى القول بضد ذلك و حيث أنه لم يقل أحد يعتد بقوله بتخطئة الامام علي، تحققنا ان سبه عليه السّلام لاعدائه كان طاعة للَّه فهو فيه مثاب، و مثله من شاركه و ناصره و اتبعه، كما تيقنا أن سبّ أعدائه له كان ظلما و إثما، و نفاقا و فسوقا.

فما يفهمه قولهم من ذم كل ساب لأي فرد ممن سموهم باصطلاحهم صحابة باطل قطعا و إلا لدخل فيه علي من جهتين متقابلتين ففي إثباته ابطاله فتأمل»«».

يضاف إلى ذلك أن جميع التعريض و السباب-  على حد تعبيرهم-  الموجود في (نهج البلاغة) ما هو إلا نقد بناء، و وصف للاعمال، بلغة مهذبة، و الفاظ متزنة لم يخرج بها عن حق، و لم يدخل فيها بباطل، و نظرة واحدة في ثنايا الكتاب تغني عن سرد الشواهد و تسطير الادلة.

هذا و إن في (نهج البلاغة) من مديح الصحابة شيئا ليس بالقليل من ذلك قوله عليه السّلام: (لقد رأيت اصحاب محمد صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فما أرى أحدا منكم يشبههم... إلخ) كما مر قبل قليل.

و القاعدة عند أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه في الصحابة (رض) تلوح‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 139

في قوله عليه السّلام الذى رواه القاضي النعمان بن أبي عبد اللَّه محمد المصري المتوفى سنة (363) في كتاب «دعائم الاسلام»: (و اوصيكم بأصحاب محمد الذين لم يحدثوا حدثا و لم يأووا محدثا، و لم يمنعوا حقا، فان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم أوصانا بهم، و لعن المحدث منهم و من غيرهم«»).

و بالجملة الصحابة ناس كقيرهم-  مع فضل الصحبة-  فيهم العدول الثقاة، و القادة الهداة، و فيهم الناكثون و المارقون و البغاة، و فيهم من لعبت بهم الاهواء، و فيهم من خرج عن الحق، و فيهم من رجع إليه، و الامور بعواقبها، و الأعمال بخواتمها و الى اللَّه المصير.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 140

(2) الوصي و الوصاية

حديث الوصي و الوصاية أمر مشهور بين الناس، معروف لديهم قبل (نهج البلاغة) و بعده، و الآثار ناطقة به، و الكتب مليئة بذكره فقلّ أن تجد كتابا في التفسير، أو الحديث أو التاريخ، أو السير، أو الشعر أو الأدب إلا و فيه شي‏ء من ذكره، أو الإشارة إليه.

و إذا كانت الوصيّة في الحطام الزائل، و العرض الحاضر، فريضة محكمة، و سنة ثابتة، حتى جاء في صحيحي البخارى و مسلم«» عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم إنه قال: (ما حقّ امرى‏ء مسلم له شي‏ء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا و وصيته مكتوبة عنده) كذا في لفظ البخاري، و في لفظ مسلم: (يبيت ثلاثة ليال)، قال ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم قال ذلك إلا و عندي وصيتي، و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: (من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية)«»، و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: (و من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصا

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 141

في مروئة و عقله)«».

فما بالها تنفى في خلافة راشدة، و شريعة خالدة، متكفلة بصلاح النفوس و النواميس، و الأموال و الأحكام، و الأخلاق و الصالح العام، و السلام و الوئام، و من المسلم قصور الفهم البشري العادي عن غايات تلكم الشئون، فلا منتدح و الحالة هذه أن يعين الرسول الأمين عن ربه خليفته من بعده، ليقتص اثره«».

أ يكون أبو بكر (رض) أحرص على مصلحة الامة من نبي الرّحمة فيوصي بها إلى عمر أ فتكون ام المؤمنين عائشة (رض) أنظر للامة من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فتقول لعبد اللَّه بن عمر: يا بني أبلغ عمر سلامي و قل له: لا تدع امة محمد بلا راع، استخلف عليهم و لا تدعهم بعدك هملا فاني أخشى عليهم الفتنة«».

أو يكون عبد اللَّه بن عمر أعلم بمثال الامور فيقول لأبيه: لو استخلفت قال: من قال: تجتهد فانّك لست لهم بربّ، أرأيت لو أنك بعثت إلى قيم أرضك ألم تحب أن يستخلف مكانه حتى يرجع إلى الأرض قال: بلى قال: أرأيت إلى راعي غنمك ألم تحبّ أن يستخلف رجلا حتى يرجع«» أ يخشى معاوية أن يدع امة محمد بعده كالضان لا راعي لها«» و لا يخشى محمد ذلك و لما ترك النبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم امته سدى هملا و فتح بذلك أبواب الفتن المضلة

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 142

المدلهمة و استحقر امته و رأى رعيته أهون من رعية الابل و الغنم حاشا النبي الأعظم عن هذه الأوهام، فانه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم وصى و استخلف و نص على خليفته و بلغ امته، غير أنه عهد إلى وصيّه من بعده: إن الامة ستغدر به بعده كما ورد في الصحيح«» و قال له أيضا: (أما انك ستلقى بعدي جهدا) قال علي: في سلامة من ديني قال: (في سلامة من دينك)«» و قال لعلي: (ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها إلا من بعدي)«» و قال له: (يا علي إنّك ستبتلي بعدي فلا تقاتلن). «كنوز الدقائق للمناوى ص 188»«».

و على كل حال لو أردنا التبسط في الحديث عن الوصاية و الوصي لأتينا بما يضاهي هذا الكتاب بل يزيد عليه أضعافا، و لكن سنشير إلى نماذج من ذلك لترى أن (نهج البلاغة) لم ينفرد بذلك بل لم ينطو إلا على النزر اليسير، و لتعرف أنّ حديث الوصي و الوصاية من الشهرة و التواتر بمكان عظيم: و هاك فخذها: 1-  «منها ما كان في مبدأ الدعوة الإسلامية قبل ظهور الإسلام و حين أنزل اللَّه تعالى عليه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ( وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ، الشعراء: 215) فدعاهم إلى دار عمه أبي طالب، و هم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا، و فيهم أعمامه أبو طالب و حمزة و العبّاس و أبو لهب، و الحديث في ذلك من صحاح السنن المذكورة و في آخره قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «يا بني‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 143

عبد المطلب إنّى و اللَّه ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، جئتكم بخير الدنيا و الآخرة و قد أمرني اللَّه أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على أمري هذا على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم» فأحجم القوم عنها غير علي و كان أصغرهم إذ قام فقال: أنا يا نبي اللَّه أكون وزيرك عليه فأخذ رسول اللَّه برقبته و قال: «إنّ هذا اخي و وصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا» فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع ا ه.

أخرجه بهذه الألفاظ كثير من حفظة الآثار النبوية كابن اسحق، و ابن جرير، و ابن أبي حاتم، و ابن مردويه، و أبي نعيم، و البيهقي في سننه، و في دلائله، و الثعلبي و الطبري في تفسير سورة الشعراء من تفسيريهما الكبيرين، و أخرجه الطبري أيضا في الجزء الثاني من كتاب «تاريخ الامم و الملوك»«» و أرسله ابن الاثير إرسال المسلمات في الجزء الثاني من كامله«» عند ذكر أمر اللَّه نبيه بإظهار دعوته و أبو الفداء في الجزء الأول من تاريخه«» عند ذكره أول من أسلم من الناس، و نقله الأمام أبو جعفر الإسكافي المعتزلي في كتابه «نقض العثمانية» مصرحا بصحته«»، و أورده الحلبي في باب استخفائه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و أصحابه في دار الأرقم من سيرته المعروفة، و أخرجه بهذا المعنى مع تقارب الألفاظ غير واحد من إثبات السنة، و جهابذة الحديث كالطحاوي و الضياء المقدسي في المختارة، و سعيد بن منصور في السنن، و حسبك ما أخرجه احمد بن حنبل من حديث علي في ص 111 و في ص 159 من الجزء

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 144

الأول من مسنده فراجع:...» إلخ«».

2-  و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: (إن اللَّه تعالى أنزل إلي « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ» و قد أمرني جبرئيل عن ربي أن أقوم في هذا المشهد، و اعلم كلّ أبيض و أسود: أنّ علي بن أبي طالب أخي و وصيي و خليفتي و الإمام بعدى».

(الولاية لمحمد بن جرير الطبرى)«».

3-  و قوله صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «معاشر الناس. هذا أخي و وصيي و واعي علمي، و خليفتي على من آمن بي».

(الولاية لمحمد بن جرير الطبري)«» 4-  و قال صلّى اللَّه عليه و آله: «علي وعاء علمي، و وصيي و بابي الذى اؤتي منه».

(كفاية الطالب ص 70 و ص 93).

5-  قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم لفاطمة عليها السلام: «إنّ اللَّه اطلع على أهل الأرض اطلاعة فاختار أباك فبعثه نبيا، ثم اطلع الثانية فاختار بعلك و أوحى إلي فاتخذته وصيا).

(إكمال كنزل العمال 6، 153 مجمع الزوائد 9، 165)«»

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 145

6-  و منه قوله صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «أنا أفضل أنبياء اللَّه و رسله، و علي بن أبي طالب أفضل الأوصياء... الحديث».

(رواه الحمويني في (فرائد السمطين) في السمط الاول في الباب 58) 7-  و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «علي أخي و وزيري و وصيي و خليفتي في امتي و ولي كلّ مؤمن بعدى».

(المصدر المذكور في السمط المزبور) 8-  عن ابن عباس قال: «قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم لام سلمة: «هذا علي بن أبي طالب لحمه من لحمي، و دمه من دمي، و هو مني بمنزلة هرون من موسى إلا أنّه لا نبي بعدي، يا ام سلمة هذا أمير المؤمنين و سيد المسلمين و وعاء علمي و وصيي و بابي الذي أؤتى منه اخي في الدنيا و الآخرة و معي في المقام الاعلى...) الحديث.

(مناقب الخوارزمي ص 52 و ص 58).

9-  عن سلمان قال: «قلت لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: يا رسول اللَّه إنّه لم يكن نبي إلّا و له وصي فمن وصيك» قال: «وصيي و خليفتي في أهلي و خير من أترك بعدي، مؤدي ديني و منجز عداتي علي بن ابي طالب».

(الولاية لمحمد بن جرير الطبرى)«» 10-  قال النبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «يا أنس يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، و سيد المسلمين، و قائد الغر المحجلين، و خاتم الوصيين، قال أنس: قلت اللّهم اجعله رجلا من الأنصار، و كتمته، إذ جاء علي فقال: من هذا يا أنس قلت: علي فقام مستبشرا و اعتنقه»... الحديث.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 146

(المصدر السابق 3، 48 عن حلية الأولياء لأبي نعيم، و الولاية الطبرى)«» 11-  و قال صلّى اللَّه عليه و سلّم: «إن اللَّه عز و جل عهد إلي في على عهدا، إن عليا راية الهدى، و إمام أوليائي، و نور من أطاعني، و هو الكلمة التي الزمها المتقين، من أحبه أحبني، و من أبغضه أبغضني، فبشره، فجاء علي فبشرته بذلك، فقال: يا رسول اللَّه أنا عبد اللَّه و في قبضته، فان يعذبني فبذنبي، و إن يتم الذى بشرني به، فاللَّه أولى به، قال صلّى اللَّه عليه و سلّم، قلت: اللهم أجل قلبه، و أجعله ربيعة الايمان، فقال ربّي عز و جل، قد فعلت به ذلك، ثم قال تعالى: «إني مستخصه بالبلاء، فقلت: يا رب إنّه أخي و وصيي، فقال تعالى: إنّه شي‏ء قد سبق إنه مبتلى و مبتلى به).

(ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي ص 89) 12-  عن أنس بن مالك، قال: قلنا لسلمان: سل النبي صلّى اللَّه عليه و سلّم عن وصيّه، فقال سلمان: يا رسول اللَّه من وصيك فقال: «يا سلمان من وصي موسى» فقال: يوشع بن نون، قال صلّى اللَّه عليه و سلّم: «وصيي و وارثي، يقضي ديني، و ينجز موعدي علي بن أبي طالب».

ينابيع المودة ص 89 عن مسند أحمد بن حنبل) 13-  عن أبي أيوب: إنّ النبي صلّى اللَّه عليه و سلّم مرض مرضه فأتته فاطمة عليها السلام تعوده، فلما رأت ما برسول اللَّه من الجهد و الضعف استعبرت فبكت‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 147

حتى سالت دموعها على خديها، فقال لها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم: «إنّ لكرامة اللَّه اياك زوجتك من هو أقدمهم سلما، و أكثرهم علما، و أعظمهم حلما، ان اللَّه اطلع إلى أهل الارض اطلاعة فاختارني منهم فبعثني نبيا مرسلا، ثم اطع اطلاعة فاختار منهم بعلك فأوحى إلي أن ازوجك إيّاه و اتخذه وصيّا و اخا». (مناقب الخطيب الخوارزمي ص 67) 14-  و من حديث ام سلمة مع مولى لها يبغض عليا عليه السلام قالت: «أقبل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم و كان يومي و إنما كان نصيبي في تسعة أيام يوما واحدا، فدخل النبي صلّى اللَّه عليه و سلّم و هو يتخلل أصابعه في أصابع علي عليه السلام واضعا يده عليه، فقال: «يا ام سلمة أخرجي من البيت و أخليه لنا، فخرجت و أقبلا يتناجيان و أسمع الكلام و لا أدري ما يقولان، حتى إذا قلت: قد انتصف النهار و أقبلت و قلت، السلام عليكم، ألج فقال النبي صلّى اللَّه عليه و سلم: لا تلجى و ارجعي مكانك، ثم تناجيا طويلا، حتى قام عمود الظهر، فقلت: ذهب يومي و شغله عليّ، فأقبلت أمشي حتى وقفت على الباب، فقلت: السلام عليكم ألج فقال صلّى اللَّه عليه و سلّم: لا تلجي، فرجعت و جلست مكاني، حتى إذا أنا قلت قد زالت الشمس الآن يخرج إلى الصلاة فيذهب يومي، و لم أر قط أطول منه، أقبلت أمشي حتى وقفت على باب الدار، فقلت: السلام عليكم ألج فقال النبي صلّى اللَّه عليه و سلّم نعم فلجي، فدخلت و على عليه السلام، واضع يده على ركبتي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم قد أدنى فاه من أذن النبي صلّى اللَّه عليه و سلّم و فم النبي صلّى اللَّه عليه و سلّم على اذن علي صلّى اللَّه عليه و سلّم يتساران، و علي يقول: أ فأمضي و أفعل و النبي صلّى اللَّه عليه و سلّم يقول: نعم، فدخلت و عليّ معرض وجهه حتى دخلت و خرج، فأخذني النبي صلّى اللَّه عليه و سلّم و أقعدني، ثم قال: يا ام سلمة لا تلوميني فإن جبرئيل أتاني بأمر اللَّه تعالى يأمرني أن أوصي به عليا من بعدي، و كنت بين جبرئيل و علي، جبرئيل عن يميني، و علي عن شمالي، فأمرني جبرئيل ان آمر عليا بما هو كائن بعدى فاعذريني و لا تلوميني، إنّ اللَّه أختار من كل امة نبيا و اختار لكل نبي وصيا فأنا نبي هذه الامة، و علي

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 148

وصيي في عترتي و اهل بيتي و امتي من بعدي».

(مناقب الخوارزمي ص 87) 15-  عن ابن عباس رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم (يا علي أنت صاحب حوضي، و صاحب لوائي، و حبيب قلبي، و وصيي و وارث علمي... الحديث) (ينابيع المودة ص 156) 16-  عن أبي الطفيل عامر بن واثلة و هو آخر من مات من الصحابة بالاتفاق عن علي رضي اللَّه عنهما، قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم: (يا علي أنت وصيي حربك حربي و سلمك سلمي... الحديث) (ينابيع المودة ص 97) 17-  عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم: «إن اللَّه قد فرض عليكم طاعتي، و نهاكم عن معصيتي، و فرض عليكم طاعة علي من بعدى، و نهاكم عن معصيته و هو وصيى و وارثي... الحديث» 18-  قال صلّى اللَّه عليه و سلّم: «لكلّ نبيّ وصي و وارث و علي وصييّ و وارثي».

(ينابيع المودة ص 213 عن الفردوس للديلمي) 19-  عن بريدة مرفوعا: «لكلّ نبي وصي و وارث و أن عليا وصيي و وارثي» أخرجه أبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة».

(المصدر السابق ص 245) 20-  عن علي بن هلال عن أبيه قال: «دخلت على النبي صلّى اللَّه عليه و سلم في مرضه فبكت فاطمة، فقال: «ما يبكيك يا ابنتى» فقالت: «أخشى‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 149

الضيعة بعدك» فقال: (يا حبيبتي إن اللَّه اطلع على أهل الأرض اطلاعة فاختار منهم أباك فبعثه برسالته، ثم اطلع اطلاعة فاختار منهم بعلك، و أوحى إلى أن انكحك إياه، يا فاطمة نحن أهل بيت قد أعطانا اللَّه تبارك و تعالى سبع خصال لم يعطها أحدا قبلنا، و لا يعطها أحدا بعدنا، أنا خاتم النبيين، و أكرمهم على اللَّه عز و جل أبوك، و وصيي خير الأوصياء، و أحبهم الى اللَّه عز و جل بعلك، و شهيدنا خير الشهداء، و أحبّهم إليّ حمزة عم أبيك و عمّ بعلك، و منّا من له جناحان يطير بهما في الجنة مع الملائكة حيث يشاء، و هو ابن عم أبيك و أخو بعلك، و منا سبطا هذه الامة، و هما الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة ابناك، و الذي بعثنى بالحق نبيا إنّ المهدي من ولدك يملأ الأرض قسطا كما ملئت جورا) أخرجه الحافظ ابو العلاء الهمداني (في الأحاديث الأربعين في المهدي رضي اللَّه عنه).

(المصدر السابق ص 265) 21-  عن خالد بن معدان رفعه: «إنّ من أحبّ أن يمسى في رحمة اللَّه و يصبح في رحمة اللَّه فلا يدخل قلبه شكّ بأن ذريتي أفضل الذريات، و وصيي أفضل الأوصياء».

(المصدر السابق ص 291 عن كتاب مودة القربي للهمداني) 22-  ابن عباس قال: دعاني رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم فقال لي: (أبشرك إنّ اللَّه تعالى أيدني بسيد الأولين و الآخرين و الوصيين علي فجعله كفو ابنتي فان اردت أن تنتفع فاتبعه).

(اخرجه الهمدانى في المودة الرابعة من كتاب مودة القربى) 23-  علي عليه السّلام رفعه: (إنّ اللَّه تعالى جعلّ لكلّ نبي وصيا، شيث وصي آدم، و يوشع وصي موسى، و شمعون وصي عيسى، و عليا وصي محمد... الحديث). (مودة القربي، المودة الرابعة) 24-  أنس رفعه: «إنّ اللَّه اصطفاني على الأنبياء فاختارني و اختار لي‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 150

وصيا. و اخترت ابن عمي وصيي، يشد عضدي كما يشهد عضد موسى بأخيه هرون... الحديث).

(كتاب مودة القربي: المودة السادسة) 25-  عن عباية بن ربعى رضي اللَّه عنه مرفوعا: «أنا سيد النبيين، و علي سيد الوصيين... الحديث).

(كتاب مودة القربى في المودة العاشرة) 26-  قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم: «أنا خاتم النبيين، و أنت يا علي خاتم الوصيين إلى يوم الدين) أخرجه الحمويني عن ابي ذر.

(ينابيع المودة ص 90) 27-  عن ابن عباس رضي اللَّه عنه قال: (قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم «إنّ عليا وصيي و من ولده المنتظر المهدي... الحديث) (المصدر السابق ص 536 عن فرائد السمطين للحمويني) 28-  عن أنس قال: قلنا لسلمان الفارسي: سل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم من وصيّه فسأل سلمان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم فقال: من كان وصي موسى بن عمران فقال: يوشع بن نون فقال: «إنّ وصيي و وارثي و منجز وعدي علي بن ابي طالب).

(تذكرة الخواص: 49) 29-  إنّ النبي صلّى اللَّه عليه و سلم قال: «هبط على جبرئيل عليه السّلام يوم حنين فقال: يا محمد إن ربك تبارك و تعالى يقرؤك السلام و قال: ادفع هذه الأترجة الى ابن عمك و وصيّك علي بن ابي طالب رضي اللَّه عنه فدفعتها إليه... الحديث».

(المحاسن و المساوئ للبيهقي: 42)

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 151

30-  إنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم، كان عند ام سلمة بنت أبي امية إذ أقبل على عليه السّلام يريد الدخول على النبي صلّى اللَّه عليه و سلم فنقر نقرا خفيفا فعرف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم نقره فقال «يا ام سلمة قومي فافتحي الباب» فقالت: يا رسول من هذا الذي يبلغ خطره إن أستقبله بمحاسني و معاصمي فقال: «يا ام سلمة إنّ طاعتي طاعة اللَّه جلّ و عزّ، قال (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ) قومي يا ام سلمة فإنّ بالباب رجلا ليس بالخرق و لا بالنزق، و لا بالعجل في أمره، يحبّ اللَّه و رسوله و يحبّه اللَّه و رسوله، يا ام سلمة إنه إن تفتحي الباب له، فلن يدخل حتى يخفى عليه الوطء» فلم يدخل حتى غابت عنه، و خفى عليه الوطء، فلما لم يحس لها حركة دفع الباب و دخل فسلم على النبي صلّى اللَّه عليه و سلم فردّ عليه السّلام فقال: يا ام «سلمة هل تعرفين هذا» قلت: نعم هذا علي بن أبي طالب، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم: «نعم هذا علي-  إلى ان قال-  و هو الوصي على أهل بيتي، و على الاخيار من امتي... الحديث».

(المحاسن و المساوئ للبيهقي: 44) 31-  عن أنس بن مالك، قال: بينما أنا عند النبي صلّى اللَّه عليه و سلم إذ قال: يطلع الآن، قلت: فداك أبي و امي من ذا قال: «سيد المسلمين: و أمير المؤمنين و خير الوصيين، و أولى الناس بالنبيين» قال فطلع علي عليه السّلام.

(المناقب للحافظ ابن مردويه)«» 32-  عن أنس بن مالك، قال: كنت خادما لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم و كانت ليلة ام حبيبة بنت ابي سفيان، فأتيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم بوضوء فقال: «يا أنس يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، و خير الوصيين، أقدم الناس‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 152

إسلاما، و أكثر الناس علما، و أرجح الناس حلما» قلت: اللهم اجعله رجلا من قومي فلم البث أن دخل علي بن ابي طالب... الحديث.

(نسخة كتاب القاضي أبي الحسن على بن محمد القزويني من أكابر علماء الجمهور في القرن الرابع)«».

33-  قال صلّى اللَّه عليه و سلم يوم الغدير: «إنّ جبرئيل عليه السّلام هبط إلى مرارا ثلاثا يأمرني عن السلام رب السلام ان اقوم في المشهد فاعلم كل أبيض و أسود ان علي بن ابي طالب اخي و وصيي، و خليفتي على أمتي، و الامام من بعدي، محله مني محل هرون من موسى إلّا انه لا نبى بعدي... الحديث».

(الرجال لأحمد بن محمد الطبري المعروف بالخليلي) (من علماء القرن الرابع)«» 34-  في الحديث: «ينادي مناد (أي يوم القيامة) هذا علي بن ابي طالب وصي رسول رب العالمين، و امام المتقين، و قائد الغر المحجلين... الحديث».

(المنتقى من تاريخ بغداد لابن الحداد الحنبلي)«» 35-  عن سلمان الفارسي قال: قلنا يوما يا رسول اللَّه من الخليفة بعدك حتى نعلمه قال لي: «يا سلمان أدخل على أبا ذر و المقداد و أبا ايوب الانصاري (و أم سلمة زوجة النبي صلّى اللَّه عليه و سلم من وراء الباب-  ثم قال: «اشهدوا، و افهموا عني إنّ علي بن ابي طالب وصيي و وارثي، و قاضي دينى و عداتي».

الحديث.

(مناقب أهل البيت لمحمد بن جرير الطبري)

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 153

36-  و قال صلّى اللَّه عليه و سلم: «علي أخي و مني و أنا من علي فهو باب علمي و وصيي«»».

37-  و قال صلّى اللَّه عليه و سلم: «يا علي انت سيد الوصيين، و وارث علم النبيين و خير الصديقين...» الحديث.

(مائة حديث لمحمد بن احمد بن الحسن) (من شيوخ الخطيب الخوارزمي)«» 38-  إنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم كان قاعدا مع اصحابه فرأى عليا فقال: «هذا خير الوصيين، و أمير الغر المحجلين».

(فضائل علي لعثمان بن احمد بن أبي عمران السماك) 39-  قال صلّى اللَّه عليه و سلم: إنّ اللَّه اختار من (كذا) كلّ نبي وصيا و علي وصي عترتي، و اهل بيتي و امتي من بعدي.

(مناقب الخوارزمي) 40-  عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم: «يا أنس اسكب لي وضوء» ثم قام فصلى ركعتين ثم قال: «يا أنس اول من يدخل عليك من هذا الباب امير المؤمنين و سيد المسلمين و قائد الغر المحجلين، و خاتم الوصيين.

قال أنس: قلت اللهم اجعله رجلا من الأنصار و كتمته إذ جاء على فقال «من هذا يا أنس» فقلت علي، فقام مستبشرا فاعتنقه... إلخ.

(مطالب السؤول لمحمد بن طلحة الشافعي ج 1: 60)

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 154

تلكم أربعون حديثا نقلتها من أوثق المصادر و إنما اقتصرت على هذا العدد لا كون ممن (حفظ اربعين حديثا) و هاك بقدر ما مر من الشواهد الاخرى: 41-  حنان سمعت عليا يقول: (لأقولن قولا لم يقله أحد قبلي، و لا يقوله بعدي إلا كذاب، أنا عبد اللَّه، و اخو رسوله... و أنا خير الوصيين).

(فرائد السمطين الباب: 57) 42-  و قال علي عليه السّلام: (أنا من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم كالعضد من المنكب، و كالذراع من العضد، و كالكف من الذراع، رباني صغيرا، و آخاني كبيرا، و لقد علمتم أني كان لي منه مجلس سر لا يطلع عليه احد غيري، و أنه أوصى إلي دون اصحابه و اهل بيته... إلخ).

(الحكم المنثورة باشارة «جكز»).

43-  و قال عليه السّلام: (أنا أخو رسول اللَّه و وصيّه... إلخ).

(مناقب الخوارزمي ص 143) 44-  و من عهده عليه السّلام لمحمد بن أبي بكر رحمه اللَّه: «فإنه لا سواء امام الهدى و امام الردى، و وصي النبي و عدو النبي».

(شرح ابن أبي الحديد: م 2 ص 26، جمهرة رسائل العرب 1: 540) 45-  و مما روي عنه ع من الشعر قوله:

         يا عجبا لقد سمعت منكرا            كذبا على اللَّه يشيب الشعرا

         يسترق السمع و يغشى البصرا

            ما كان يرضي أحمدا لو اخبرا

         أن يقرنوا وصيه و الابترا«»

 

(كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص 42)

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 155

46-  و خطب الامام ابو محمد الحسن السبط سيد شباب اهل الجنة خطبته الغراء فقال فيها: (و أنا ابن النبي، و أنا ابن الوصي).

(مستدرك الحاكم 3: 172) 47-  و قال الحسين ع في خطبته يوم عاشوراء: (أما بعد فانسبوني فانظروا من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم فعاتبوها، فانظروا هل يحل لكم قتلى و انتهاك حرمتي أ لست ابن بنت نبيكم ص و ابن وصيه، و ابن عمه، و اول المؤمنين باللَّه... الخطبة).

(تاريخ الطبري ج 6: 242 في حوادث سنة 61) 48-  و من الشعر المقول في صدر الاسلام المتضمن كونه ع وصي رسول اللَّه قول عبد اللَّه بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب.

         و منّا علي ذاك صاحب خيبر            و صاحب بدر يوم سالت كتائبه‏

         وصي النبي المصطفى و ابن عمه‏

            فمن ذا يدانيه و من ذا يقاربه‏

 

49-  و قال عبد الرحمن بن جعيل:

         لعمرى لقد بايعتم ذا حفيظة            على الدين معروف العفاف موفقا

         عليا وصي المصطفى و ابن عمه‏

            و اول من صلى أخا الدين و التقى‏

 

50-  و قال ابو الهيثم بن التيهان و كان بدريا:

         قل للزبير و قل لطلحة إننا            نحن الذين شعارنا الأنصار

         نحن الذين رأت قريش فعلنا

            يوم القليب أولئك الكفار

         كنا شعار نبينا و دثاره            يفديه منا الروح و الأبصار

         إن الوصي إمامنا و ولينا

            برح الخفاء و باحت الاسرار

 

51-  و قال عمر بن حارثة الأنصارى في محمد بن الحنيفة من أبيات انشأها يوم الجمل:

         سمي النبي و شبه الوصي            و رايته لونها العندم‏

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 156

52-  و قال رجل من الأزد يوم الجمل:

         هذا علي و هو الوصي            آخاه يوم النجوة النبي‏

         و قال هذا بعدي الولي‏

            وعاه واع و نسى الشقى‏

 

53-  و خرج يوم الجمل غلام من بني ضبّة شاب معلم من عسكر عائشة و هو يقول:

         نحن بنو ضبة أعداء علي            ذاك الذي يعرف قدما بالوصي‏

         و فارس الخيل على عهد النبي‏

            ما أنا عن فضل علي بالعمي‏

         لكنني أنعي ابن عفان التقي            إنّ الولي طالب ثار الولي‏

 

54-  و قال سعيد بن قيس الهمدانى يوم الجمل و كان في عسكر علي ع:

         أية حرب أضرمت نيرانها            و كسرت يوم الوغى مرانها

         قل للوصي أقبلت قحطانها

            فادع بها تكفيكها همدانها

         هم بنوها و هم اخوانها

 

55-  و قال حجر بن عدى الكندي في ذلك اليوم أيضا:

         يا ربنا سلم لنا عليا            سلم لنا المبارك المرضيا

         المؤمن الموحد التقيا

            لا خطل الرأي و لا غويا

         بل هاديا موفقا مهديا            و احفظه ربي و احفظ النبيا

         فيه فقد كان له وليا

            ثم ارتضاه بعده وصيا

 

56-  و قال خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين و كان بدريا يوم الجمل ايضا:

         يا وصي النبي قد أجلت الحرب            الأعادي و سارت الأظعان‏

         و استقامت لك الامور من الشام‏

            و في الشام يظهر الاذعان‏

         حسبهم ما رأوا و حسبك منا            هكذا نحن حيث كنا و كانوا

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 157

57-  و قال خزيمه يوم الجمل أيضا في أبيات يخاطب بها ام المؤمنين عائشة:

         وصي رسول اللَّه من دون أهله            و أنت على ما كان من ذاك شاهده‏

 

58-  خطب ابن الزبير يوم الجمل و خطب الحسن عليه السّلام بعده فقال عمرو بن احيحة في ذلك:

         حسن الخير يا شبيه أبيه            قمت فينا مقام خير خطيب‏

         قمت بالخطبة التي صدع اللَّه‏

            بها عن أبيك أهل العيوب‏

         و كشفت القناع فاتضح الأمر            و أصلحت فاسدات القلوب‏

         لست كابن الزبير لجلج في القول‏

            و طأطأ عنان فسل مريب‏

         و أبى اللَّه أن يقوم بما قام            به ابن الوصي و ابن النجيب‏

         إن شخصا بين النبي-  لك الخير-             و بين الوصي غير مشوب‏

 

كل هذه الأشعار و الأراجيز نقلها ابن أبي الحديد عن كتاب وقعة (الجمل) لأبى مخنف لوط بن يحيى«».

و الحديدي يعترف هنا و يقر بتسمية علي بالوصي و لكنه يتمحل في تفسير ذلك فيحرفه عن موضعه فيقول: «أمّا الوصية فلا ريب عندنا-  أى عند المعتزلة-  أنّ عليا ع كان وصي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و إن خالف في ذلك من هو منسوب عندنا إلى العناد و لسنا نعني بالوصية النص على الخلافة و لكن امورا اخرى لعلها إذا لمحت اشرف و اجل»«».

انظره لما عجز عن التوجيه و التأويل جعل المعنى (في قلب الشاعر)

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 158

-  كما يقول المثل العامي-  فان لم تكن الوصاية هي النص على الخلافة فعلى أى شي‏ء أعلى التركة و النبي لا يورث فيما يزعمون 59-  و جاء المنذر بن ابي حميصة الوادعي (و كان فارس همدان و شاعرهم) الى علي ع فقال: يا أمير المؤمنين إنّ عكا و الأشعريين طلبوا إلى معاوية الفرائض و العطاء فأعطاهم، فباعوا الدين بالدنيا، و إنا رضينا بالآخرة من الدنيا، و بالعراق من الشام، و بك من معاوية، و اللَّه لآخرتنا خير من دنياهم، و لإمامنا أهدى من إمامهم، فاستفتحنا بالحرب، وثق بنا بالنصر، و احملنا على الموت ثم قال في ذلك:

         إنّ عكا سالوا الفرائض و الأشعر            سالوا جوائزا بثنيه«»

         تركوا الدين للعطاء و للفر

            ض فكانوا بذاك شرّ البريه‏

         و سألنا حسن الثواب من اللَّه            و صبرا على الجهاد و نيه‏

         فلكلّ ما ساله و نواه‏

            كلّنا يحسب الخلاف خطية

         و لأهل العراق أحسن في الحرب            إذا ما تدافت السمهريه‏

         و لأهل العراق أحمل للثقل‏

            إذا عمّت البلاد بليه‏

         ليس منا من لم يكن لك في اللَّه            وليا يا ذا الولا و الوصية

 

فقال علي: حسبك رحمك اللَّه و أثنى عليه خيرا و على قومه.

(كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص 436) 60-  و من جملة احتجاج الخوارج على أمير المؤمنين ع انه ضيع الوصية فكان من جوابه ع «أما قولكم أني كنت وصيّا فضيّعت الوصية فانّ اللَّه عز و جل يقول: «وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ» أ فرأيتم هذا البيت لو لم يحج اليه أحد

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 159

كان البيت يكفر إن هذا البيت لو تركه من استطاع إليه سبيلا كفر، و أنتم كفرتم بترككم إياي لا أنا بتركي لكم... إلخ».

(تاريخ ابن واضح ج 2 ص 182) 61-  و قال مالك بن الحارث الأشتر لما بويع أمير المؤمنين ع (أيها الناس هذا وصي الأوصياء، و وارث علم الأنبياء، العظيم البلاء، الحسن العناء، الذي شهد له كتاب اللَّه بالإيمان، و رسوله بجنة الرضوان، من كملت فيه الفضائل، و لم يشك في سابقته و علمه و فضله الاواخر و لا الاوائل).

(تاريخ ابن واضح ج 2: 168) 62-  و قال عبد اللَّه بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب:

         و إن ولي الامر بعد محمد            علي و في كل المواطن صاحبه‏

         وصي رسول اللَّه حقا و صنوه‏

            و أول من صلى و من لان جانبه‏

 

(نقض العثمانية لابي جعفر الاسكافي المعتزلي) 63-  و من كتاب لعمرو بن العاص إلى معاوية قبل أن يتفقا: (فأما دعوتي اليه من خلع ربقة الاسلام من عنقي، و التهور في الضلالة معك، و اعانتي اياك على الباطل، و اختراط السيف في وجه علي و هو أخو رسول اللَّه و وصيه و وارثه، و قاضي دينه و منجز وعده، و زوج ابنته...) إلخ. (مناقب الخوارزمي ص 125) 64-  و جاء في كتاب محمد بن أبي بكر الى معاوية: (فكفف-  لك الويل-  تعدل نفسك بعلي و هو وارث رسول اللَّه و وصيه...) إلخ. (مروج الذهب ج 3 ص 61) 65-  و قال حسان بن ثابت يمدح عليا بلسان الأنصار:

         حفظت رسول اللَّه فينا و عهده            اليك و من أولى به منك من و من‏

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 160

         أ لست أخاه في الهدى و وصيه            و أعلم منهم بالكتاب و بالسنن‏

 

(الموفقيات للزبير بن بكار)«» 66-  و قال أبو الأسود الدئلى«»:

         احب محمد حبّا شديدا            و عباسا و حمزة و الوصبا

         احبهم لحبّ اللَّه حتى‏

            أجي‏ء إذا بعثت على هويا

         هوى أعطيته منذ استدارت            رحى الإسلام لم يعدل سويا

         يقول الأرذلون بنو قشير

            طوال الدهر ما تنسى عليا«»

         بنو عم النبي و أقربوه            أحب الناس كلهم إليا

         فان يك حبهم رشدا أصبه‏

            و لست بمخطي‏ء إن كان غيا«»

 

(الكامل للمبرد ج 2: 130) 67-  و قال النعمان بن العجلان شاعر الأنصار و أحد ساداتهم من قصيدة له، يذكر فيها أيام الأنصار في الإسلام، و يذكر فيها الخلافة بعد النبي صلى اللَّه عليه و آله:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 161

 

         و كان هوانا في علي و إنه            لأهل لها من حيث تدري و لا تدري‏

         فذاك بعون اللَّه يدعو إلى الهدى‏

            و ينهى عن الفحشاء و البغي و النكر

         وصي النبي المصطفى و ابن عمه            و قاتل فرسان الضلالة و الكفر

 

(عن الموفقيات للزبير بن بكار) 68-  مر ابن عباس بنفر يسبون عليا ع فقال: أيّكم الساب للَّه فأنكروا، قال: فأيّكم الساب لرسول اللَّه فأنكروا، قال: فأيكم الساب لعلي قالوا: فهذا نعم، قال: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله يقول: (من سبّ عليا فقد سبني، و من سبني فقد سبّ اللَّه، و من سبّ اللَّه فقد كفر) ثم التفت إلى ابنه فقال: قل فيهم: فقال:

         نظروا اليك بأعين محمرة            نظر التيوس إلى شفار الجازر

         غزر الحواجب خاضعي أعناقهم‏

            نظر الذليل الى العزير القاهر

         سبوا الإله و كذبوا بمحمد            المرتضى ذاك الوصي الطاهر

         أحياؤهم عار على أمواتهم‏

            و الميتون فضيحة للغابر

 

(الولاية للطبرى، و الابانة للعكبرى)«» 69-  طارق بن شهاب الأحمسي و هو ممن رأى النبي و روى عنه«» قال و هو يفكر مع من يكون في فتنة الجمل: ادع عليا و هو أول الناس إيمانا باللَّه و ابن عم رسول اللَّه و وصيه... إلخ.

(شرح النهج لابن ابي الحديد م: 76) 70-  قال أبو سعيد التيمي المعروف بعقيصا«» قال: كنا مع علي في‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 162

مسيره إلى الشام، حتى إذا كنا بظهر الكوفة من جانب هذا السواد-  قال-  عطش الناس و احتاجوا إلى الماء، فانطلق بنا علي حتى أتى بنا على صخرة ضرس من الأرض كأنها ربضة العنز«»، فأمرنا فاقتلعناها فخرج لنا ماء فشرب الناس منه و ارتووا، قال: ثم أمرنا فأكفأناها عليه، قال: و سار الناس حتى اذا مضينا قليلا قال علي: منكم أحد يعلم مكان هذا الماء الذي شربتم منه قالوا: نعم يا أمير المؤمنين، قال: فانطلقوا إليه، قال: فانطلق منا رجال ركبانا و مشاة فاقتصصنا الطريق اليه، حتى انتهينا إلى المكان الذي نرى أنّه فيه، قال: فطلبناها فلم نقدر على شي‏ء، حتى إذا عيل علينا انطلقنا إلى دير قريب منا فسألناهم: أين الماء الذي هو عندكم قالوا: ما قربنا ماء، قالوا: بلى إنا شربنا منه، قالوا: أنتم شربتم منه قلنا نعم: قال صاحب الدير ما بني هذا الدير إلا بذلك الماء و ما استخرجه الا نبي أو وصي نبي«».

(كتاب صفين ص 145) قرأت فيما مضى سبعين شاهدا بأن الوصي و الوصاية أمران معروفان في صدر الاسلام، و لو لا خوف الاطالة و الملالة لذكرنا المزيد من ذلك على انه شي‏ء يفوت الحصر.

و اليك أيضا ما جاء في هذا المعنى في كلمات بعض المشاهير ممن تأخر عن ذلك للعصر.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 163

71-  قال الكميت بن زيد الاسدي في ميميته المشهورة: و الوصي الذي أمال التجوبي به عرش امة لانهدام كان اهل العفاف و المجد و الخير و نقض الامور و الإبرام و الوصي الولي و الفارس المعلم تحت العجاج غير الكهام و وصى الوصي ذي الخطة الفصل و مردي الخصوم يوم الخصام (هاشميات الكميت ص 29) و علق الاستاذ محمد محمود الرافعى شارح (الهاشميات) على البيت الأول بما يأتي: «و الوصي هنا الذي يوصى له، و يقال للذي يوصي أيضا و هو من الأضداد، و المراد به علي كرم اللَّه وجهه سمي وصيا لأن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلّم وصى له فمن ذلك ما روي عن أبي بريدة عن أبيه مرفوعا أنه قال: «لكل نبي وصي و أن عليا وصيي و وارثي».

و أخرج الترمذي عن النبي أنه قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه).

و روى البخاري عن مصعب بن سعد بن أبيه: أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم خرج الى تبوك و استخلف عليا فقال: «أ تخلفني في الصبيان و النساء» قال: (ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي).

و قال ابن قيس الرقيات: نحن منّا النبي أحمد و الصدّيق منّا التقى و الحكماء و علىّ و جعفر ذو الجناحين هناك (الوصي) و الشهداء و هذا شي‏ء كانوا يقولونه، و يكثرون فيه). و قال كثير لما حبس عبد اللَّه بن الزبير محمد بن الحنفية.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 164

 

         تخبر من لاقيت انك عائذ            بل العائذ المحبوس في سجن عارم‏

         وصي النبي المصطفى و ابن عمه‏

            و فكاك أعناق و قاضي مغارم‏

 

أراد ابن وصي النبي، و العرب تقيم المضاف إليه في الباب مقام المضاف... إلخ»«».

أقول: و لو أن الرافعي روى البيت بروايته الاخرى لأغناه عن إقامة المضاف إليه مقام المضاف، و هي:

         سمي نبي اللَّه و ابن وصيّه            و فكاك أغلال و قاضي مغارم«»

 

و لكنه أخذ برواية المبرد في «الكامل» و تابعه على هذا التفسير«»: و قال الرافعي معلقا على قول الكميت: و الوصي الولي... البيت: «الولي يعني وليّ العهد بعد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم، و المعلم الذي إذا علم مكانه في الحرب بعلامة أعلمها».

قال: «و الكهام الكليل من الرجال و السيوف يقال سيفه كهام«».

72-  و قال السيد اسماعيل بن محمد الحميري في قصيدته المذهبة التي شرحها السيد المرتضى أعلى اللَّه مقامه:

         و كأن قلبي حين يذكر أحمدا            و وصي أحمد نيط من ذي مخلب‏

 

و السيد الحميري من المكثرين لذكر الوصاية و الوصي في أشعاره.

73-  و قال دعبل الخزاعي في رثاء الحسين ع:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 165

 

         رأس ابن بنت محمد و وصيه            يا للرجال على قناة يرفع‏

 

(معجم الادباء 11: 110) و في شعر دعبل من ذكر الوصاية شي‏ء كثير.

74-  و قال ابو تمام الطائي:

         فعلتم بأبناء النبي و رهطه            أفاعيل أدناها الخيانة و الغدر

         و من قبله أخلفتم لوصيه‏

            بداهية دهياء ليس لها قدر

 

و القصيدة مثبتة في ديوانه ص 143.

75-  و قال: أبو الطيب المتنبي و قد عوتب على تركه مدح أمير المؤمنين عليه السّلام:

         و تركت مدحي للوصي تعمّدا            إذ كان نورا مستطيلا شاملا

         و إذا استطال الشي‏ء قام بنفسه‏

            و صفات ضوء الشمس تذهب باطلا«»

 

76-  و قال أبو الفتح محمود بن محمد بن الحسين بن السندي بن شاهك الرملى المعروف بكشاجم:

         فجدهم خاتم الأنبياء            و يعرف ذلك جميع الملل‏

         و والدهم سيد الأوصياء

            و معطي الفقير و مردي البطل‏

 

و في هذه القصيدة يقول:

         فيا معشر الظالمين الذين            أذاقوا النبي مضيق الثكل‏

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 166

         نبذتم وصيته بالعراء            و قلتم عليه الذي لم يقل‏

 

إلى آخر قصيدته الموجودة في نسخ ديوانه المخطوط و هي 47 بيتا، و قد أسقط ناشر ديوانه من القصيدة ما يخالف مذهبه، و ليست هذه بأول يد حرفت الكلم عن مواضعه«».

77-  و للصاحب بن عباد شعر كثير في الوصي و الوصاية منه قوله:

         قالت: فمن صاحب الدين الحنيف أجب            فقلت أحمد خير السادة الرسل‏

         قالت: فمن بعده تصغى الولاء له‏

            قلت الوصي الذي أربى على زحل‏

 

ثم ذكر في هذه القصيدة جملة من مناقب أمير المؤمنين ع على سبيل السؤال منها و الجواب منه، إلى أن قال في آخرها:

         قالت فمن هو هذا الفرد سمعه لنا            فقلت ذاك أمير المؤمنين علي‏

 

(مناقب آل أبي طالب) 78-  و لبديع الزمان الهمداني: يقولون لي: لا تحب الوصي فقلت الثرى بفم الكاذب

         أحبّ النبي و آل النبي            و اختص آل أبي طالب‏

         و أعطي الصّحابة حقّ الولاء

            و أجري على السنن الواجب‏

         و إن كان رفضا ولاء الوصي            فلا ترض بالرفض من جانبي‏

         و إن كان نصبا ولاء الجميع‏

            فانّي كما زعموا ناصبي‏

         و لو كنتم من ولاء الوصى            على العجز كنت على الغارب‏

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 167

         يرى اللَّه سري إذا لم تروه            فكم تحكمون على الغائب‏

 

(مناقب الخوارزمي ص 47) 79-  و قال أبو فراس الحمداني:

         إذ قال يوم غدير خمّ معلنا            من كنت مولاه فذا مولاه‏

         هذى وصيته إليه فافهموا

            يا من يقول: بان ما أوصاه‏

 

(الغدير 3: 404) 80-  يروى أن المستنصر العباسي خرج يوما إلى زيارة قبر سلمان الفارسي رضي اللَّه عنه و معه السيد محمد بن علي الاقساسي فقال له المستنصر و هما في الطريق: ان من الأكاذيب ما يرويه غلاة الشيعة من مجي‏ء علي بن أبي طالب من المدينة إلى المدائن لما توفي سلمان الفارسي، و تغسيله إياه و رجوعه من ليلته فأجابه السيد المذكور بقول أبي الفضل التيمي في رد من أنكر ذلك:

         أنكرت ليلة إذ سار الوصي بها            إلى المدائن لما أن لها طلبا

         و غسل الطّهر سلمانا و عاد إلى‏

            عراص يثرب و الأصباح ما وجبا

         و قلت ذلك من قول الغلاة و ما            ذنب الغلاة إذا لم يذكروا كذبا

         فآصف قبل ردّ الطرف من سبأ

            بعرش بلقيس وافى يخرق الحجبا

         فأنت في آصف لم تغل فيه بلى            في حيدر أنا غال إن ذا عجبا

         إن كان أحمد خير المرسلين فذا

            (خير الوصيين) أو كل الحديث هبا

 

هذا و كم جاء ذكر الوصيّة و الوصي في أقوال الشعراء عدا من ذكرنا أمثال سفيان بن مصعب العبدي، و المفجّع المصري، و أبي الفضل الصنوبري، و القاضي التنوخي، و أبي القاسم الزاهي، و أبي العباس الضبيّ، و أبن الرومي، و ابن حماد، و الشريف المرتضى، و مهيار الديلمي، و الحسين بن الحجاج، و ابن منير الطرابلسي، و الخطيب الخوارزمي، و قطب الدين الراوندى، و سبط ابن التعاويذى، و أبي الحسين الجزار و غيرهم...

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 168

و غير خفى أنه ليس بين الأشعار و الأخبار فرق اذا امتنع في مجيئها، و اصل مخرجها الاتفاق و التواطؤ«».

و قد كنت أعددت أكثر من مائة شاهد في الوصية من الأحاديث و الأخبار من أقوال العلماء و الشعراء، و الادباء ثم أضربت عنها خوف الملالة و اقتصرت على ما مر و فيه كفاية (و شهود كلّ قضية اثنان).

المؤلفون في الوصية

و إليك أسماء المؤلفين في الوصيّة من القرون الاولى، و الصدر الاول قبل القرن الرابع: 1-  كتاب الوصية لهشام بن الحكم المشهور.

2-  الوصية للحسين بن سعيد الاهوازي.

3-  «للحكم بن مسكين المكفوف.

4-  «لعلي بن المغيرة.

5-  «لعلي بن الحسن بن فضال.

6-  «لمحمد بن علي بن الفضل.

7-  «لابراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي.

8-  «لمحمد بن احمد بن خالد البرقي صاحب (المحاسن).

9-  «لعبد العزيز بن يحيى الجلودي.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 169

و أكثر هؤلاء من أهل القرن الأول و الثاني، أما أهل القرن الثالث فهم جماعة كثيرة أيضا.

10-  الوصية لعلي بن دئاب.

11-  «ليحيى بن المستفاد.

12-  «لمحمد بن أحمد الصابوني.

13-  «لمحمد بن الحسن بن فروخ.

14-  «إثبات الوصية و الإمامة لعلي بن الحسين المسعودي صاحب (مروج الذهب).

15-  الوصية لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي.

16-  الوصايا لمحمد بن علي الشلمغاني المشهور.

17-  الوصية لمحمد بن الحسن بن عامر.

أما ما ألف بعد القرن الرابع فشي‏ء لا يستطاع حصره، و ذكر المسعودي في كتابه المعروف (باثبات الوصية) لكلّ نبي اثنى عشر وصيا ذكرهم بأسمائهم، و بسط الكلام بعض البسط في الأئمة الاثنى عشر«».

و لم يزل العلماء يؤلفون في «الوصية» من ذلك اليوم إلى يومنا هذا و كان آخر من ألف العلامة المعاصر الشيخ نجم الدين العسكري إذ أخرج للناس كتابه الجليل (علي و الوصية) و قد ضمنه الاحاديث الصحيحة المروية في كتب علماء السنة عن النبي صلّى اللَّه عليه و سلم و التي تنص على أن عليا عليه السّلام وصيه و خليفته من بعده. و بالمناسبة أذكر إن للشيخ العسكري كتبا مهمة، و أهم كتبه-  في نظري القاصر-  كتابه القيّم (الوضوء في الكتاب و السنّة) و هو من الكتب التي يجب ان تقرأ.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 170

هذا عدا الكتب التي ألفت باسم (الإمامة) أو (الولاية) أو (إثبات الإمامة) أو غير ذلك و كتب الفهارس و الرجال مشحونة بذكرها.

فهل بعد هذا كله لأحد ان يقول: إنّ الرضي انفرد بنقل ما يتضمن ذكر الوصي و الوصاية و هل يبقى في نفس أحد شي‏ء من هذه الشبهة التي هي أو هى من بيت العنكبوت.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 171

(3) الاطناب و الايجاز

أما الاطناب و الايجاز و المساواة فلا يحتاج فيها أن تؤثر عن النبي صلى اللَّه عليه و آله، و خلفائه الراشدين، و لم يكن أحدهما مرسوما في الاسلام بحيث يجب اتباعه، بل هى تابعة لما تقتضيه المصلحة، و تفرضه الحاجة، و ربما كانت أحوال و غايات لا بد فيها من ذلك، و شتان ما بين زمانه عليه السّلام، و أزمنة الخلفاء«».

حتى هؤلاء الذين أرسوا هذه الشبهة أقروا بذلك و اعترفوا بحقيقته فقال أحدهم«»: (نحن لا نقول إنّ هذا القدر من الطول في الخطب غير مقبول عقلا... إلخ).

فالتطويل و الإيجاز في خطب الإمام و كتبه يجري حسب المقامات و الأحوال و هذا شي‏ء معروف عن البلغاء في الجاهلية و الإسلام.

و قد رووا أن قيس بن خارجة بن سنان خطب يوما إلى الليل فما أعاد

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 172

كلمة و لا معنى«».

و قد رووا أيضا أن وفدا من خراسان قدم على معاوية و فيهم سعيد بن عثمان، فطلب سحبان وائل«» فأدخل عليه فقال: تكلم، فقال: انظروا لي عصا تقوم من أودي، قالوا: و ما تصنع بها و أنت بحضرة أمير المؤمنين قال: ما كان يصنع بها موسى و هو يخاطب ربّه، فقال معاوية: هاتوا عصاى، فأتوا بها فأخذها، ثم قام و تكلم منذ صلاة الظهر الى أن قامت صلاة العصر ما تنحنح و لا سعل، و لا توقف، و لا ابتدأ في معنى فخرج منه و قد بقي عليه منه شي‏ء، فما زالت تلك حاله حتى أشار معاوية بيده، فأشار اليه: أن لا تقطع على كلامي، فقال معاوية: الصلاة، قال: هى أمامك و نحن في صلاة و تحميد، و وعد و وعيد، فقال معاوية: أنت أخطب العرب، فقال سحبان: و العجم و الجن و الانس«».

و مع هذا الاسترسال في الكلام، و طول النفس في الخطابة نراه يوجز احيانا حتى يجي‏ء في ادنى غاية من غاية الاختصار.

يقول الدكتور زكي مبارك: «و سحبان وائل الذي عرف بالتطويل و إنه كان يخطب أحيانا نصف يوم، أثرت عنه الخطب القصيرة الموجزة، و ذلك يدل على أن الفطرة كانت غالبة على ذلك العصر، و أن القاعدة المطردة لم تكن شيئا آخر غير مراعاة الظروف، و رسائل علي بن ابي طالب، و خطبه، و وصاياه، و عهوده الى ولاته تجري على هذا النمط، فهو يطيل حين يكتب عهدا ليبيّن فيه ما يجب على الحاكم في سياسة القطر الذي يرعاه، و يوجز حين‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 173

يكتب إلى بعض خواصه في شي‏ء معين لا يقتضي التطويل»«».

و عبد الحميد الكاتب لتأثره ببلاغة أمير المؤمنين عليه السّلام تراه يوجز مرة غاية الإيجاز، و يطنب اخرى إذا اقتضت الحال غاية الإطناب.

فمن إيجازه: إن بعض عمال مروان أهدى اليه عبدا أسودا، فأمره الاجابة مختصرا، فكتب: لو وجدت لونا شرّا من السواد و عددا أقل من الواحد لأهديته.

و من إسهابه: إنّه لما ظهر أبو مسلم الخراساني بدعوة بني العباس كتب إليه مروان يستميله و يضمنه ما لو قرئ لأوقع الإختلاف بين أصحاب أبي مسلم، و كان من كبر حجمه يحمل على جمل، ثم قال لمروان: قد كتبت كتابا متى قرأه بطل تدبيره، فإن يك ذلك و إلا فالهلاك، فلما ورد الكتاب على أبي مسلم لم يقرأه، و أمر بنار فأحرقه و كتب على حزازة منه إلى مروان:

         محا السيف أسطار البلاغة و انتحى            عليك ليوث الغاب من كلّ جانب‏

يهون عليها العتب من كلّ عاتب‏                    فان تقدموا نعمل سيوفا شحيذة

           

 

و يقال: إن أوّل الكتاب كان: لو أراد اللَّه بالنملة صلاحا لما خلق لها جناحا.

و لقد شهد الجاحظ بخطب أمير المؤمنين الطوال بقوله: «لم يكن عمر من أهل الخطب الطوال، و كان كلامه قصيرا، و إنما صاحب الخطب الطوال علي ابن أبي طالب»«».

و لسنا-  بعد ذلك-  بحاجة إلى أن نسهب في القول هنا، و نستكثر من الأدلة على كون الإيجاز و الإطناب لا يختص بواحد منهما قوم دون قوم و لا ينحصر أحدهما بحصر دون آخر.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 174

(4) السجع و التنميق

السجع إذا جاء من غير تصنع و تكلف، و لم تظهر سماجته، و لم يثقل استماعه كان آية من آيات البلاغة، و دلائل الفصاحة، و مع ذلك فليس ما في الكتاب كله سجعا و ما فيه من السجع فهو مما لم تدع إليه الصنعة، و لا اقتضاه الكلف بالمحسنات، و أكثره مما يأتي عفوا بلا كد خاطر، و لا تجشم هول، و مثله في عبارات عصره واقع، و من عرف أن ابن ابي طالب كان حامي عرين الفصاحة، و ابن بجدتها لم يعسر عليه التسليم«».

و لو كان السجع المقبول، و الازدواج المستحسن، كالذي حواه (نهج البلاغة) عيبا في الكلام لما اشتمل القرآن الكريم، و الحديث الشريف، و ما يؤثر عن البلغاء في ذلك العصر على الكثير منه.

فمن الاول، فحسبك أن تتلو هذه السور الشريفة: الذاريات، الطور، النجم، القمر، الرّحمن، الواقعة... إلى غير ذلك. بل القرآن المجيد كله‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 175

ذو فواصل و قرائن و في هذا كفاية في دحض هذه الشبهة على أنها واهية من أساسها.

و أرجو من قارئى الكريم أن لا يرى في هذا القول انا نقيس بكتاب اللَّه العزيز غيره، أو نقرن معه سواه، بل نرى أن أعلى غاية من كلام البلغاء بما فيهم أمير المؤمنين عليه السّلام لا تقاس بأدنى غاية من الكتاب الحكيم.

و من الثاني: قوله صلّى اللَّه عليه و سلم: (إنّ الأعمار، تفنى و الأجسام تبلى، و الأيام تطوى، و الليل و النهار يتطاردان تطارد البريد، يقربان كل بعيد، و يخلقان كل جديد، و في ذلك-  عباد اللَّه-  ما يلهي عن الشهوات، و يرغب في الباقيات الصالحات).

و قوله صلّى اللَّه عليه و سلم: (إنّ مع العز ذلّا و ان مع الحياة موتا، و ان مع الدنيا آخرة، و إن لكل شي‏ء حسابا، و لكل حسنة ثوابا، و لكل سيئة عقابا، و إن على كلّ شي‏ء رقيبا، و انه لا بد لك من قرين يدفن معك هو حي و أنت ميت، فان كان كريما أكرمك، و إن كان لئيما أسلمك، و لا تبعث إلا معه، و لا تسأل إلا عنه، فلا تجعله إلا صالحا فانه ان صلح أنست به، و ان فسد لم يستوحش الا منه و هو عملك).

و قوله صلّى اللَّه عليه و سلم: (افشوا السلام، و اطعموا الطعام، و صلوا الأرحام، و صلوا بالليل و الناس نيام).

و قوله صلّى اللَّه عليه و سلم: (انما الحياء من اللَّه أن تحفظ الرأس و ما وعى و البطن و ما حوى، و تذكر الموت و البلى).

و قوله صلّى اللَّه عليه و سلم: (ارجعن مأزورات غير مأجورات) و انما هو موزورات بالواو و لكن عدل عنه للمقابلة.

و من الثالث: خطبة قس بن ساعدة الأيادي و من الرواة لها رسول اللَّه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 176

صلّى اللَّه عليه و سلم نفسه«» و منها: «أيها الناس اسمعوا و عوا، من عاش مات و من مات فات، و كلّ ما هو آت آت، ليل داج، و نهار ساج، و سماء ذات أبراج، و نجوم تزهر، و بحار تزخر، و جبال مرساة، و أرض مدحاة، و أنهار مجراة، انّ في السماء لخبرا، و انّ في الأرض لعبرا... الخطبة».

و من خطبة لأبي بكر: (استهدي اللَّه بالهدى، و أعوذ به من الضلالة و الردى، من يهد اللَّه فهو المهتدي، و من يضلل فلن تجد له وليا مرشدا).

و من خطبة له اخرى: (يا معشر الانصار ان شئتم ان تقولوا: آويناكم في ظلالنا، و شاطرناكم في اموالنا، و نصرناكم بأنفسنا، قلتم: و ان لكم من الفضل ما لا يحصيه العدد، و ان طال به الأمد).

و من خطبة لعمر في الاستسقاء: (اللهم قد ضرع الصغير، و رق الكبير، و ارتفعت الشكوى، و أنت تعلم السر و أخفى).

و من خطبة لعثمان خطب بها الناس لما نقموا عليه ما نقموا: (ان لكل شي‏ء آفة، و ان لكل نعمة عاهة، و في هذا الدين عيابون ظنانون، يظهرون لكم ما تحبون، و يسرون ما تكرهون، يقولون لكم و تقولون)«».

و لو أردنا أن نلم بك ببعض ما ورد عن ذلك في كلام الخلفاء و الامراء و العلماء لضاق بنا المجال، و بحسبك أن ترجع الى بعض كتب التأريخ و الأدب مثل: (عيون الاخبار) و (البيان و التبيين) و (العقد الفريد) و (زهر الآداب) و (جمهرة خطب العرب) لترى الكثير من السجع و المقابلة، في‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 177

كلام البلغاء و الفصحاء في الجاهلية و صدر الاسلام.

و العجب من الاستاذ احمد امين حين يقول: و استوجب هذا الشك امور ما في بعضه من سجع منمق، و صناعة لفظية لا تعرف لذلك العصر كقوله: (اكرم عشيرتك فانهم جناحك الذي به تطير و أصلك الذي اليه تصير)«»، فاستكثر على سيد البلغاء الذي صحب الرسول منذ نعومة أظفاره، و تأثر بالقرآن منذ نزوله و (كتبه على تنزيله) أن يقول مثل هذا الكلام.

و عجب من ذلك انه اعتمد في شكه بنهج البلاغة على (هوار الذي شك في نسبة القرآن الى اللَّه سبحانه قبل أن يشك في نسبة (النهج). الى علي عليه السّلام، فيقول عنه الدكتور طه حسين: «و يروى الاستاذ (هوار) ان ورود هذه الاخبار في شعر أمية بن أبي الصلت مخالفة بعض المخالفة لما جاء في القرآن دليل، على صحة هذا الشعر من جهة، و على أن النبي قد استسقى منه أخباره من جهة اخرى»«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 178

(5) دقة الوصف و التقسيمات العدديّة

ان أكثر الشاكين في (النهج) لم يركنوا الى مقياس علمي خلا العاطفة و الأغراض و لم يكونوا احرارا متجردين عن كل شي‏ء و الا متى كانت دقة التخيل، و اجادة الوصف وقفا على قوم دون قوم، أو ليس الشعر العربي مملوء بدقة الوصف و استكماله ثم أليس لقرشي شهد تنزيل القرآن، و صحب أفصح العرب منذ نعومة أظفاره، و كتب له الوحي، و سمع ما يفجره اللَّه تعالى على لسانه من ينابيع الحكمة، أليس لهذا القرشي ميزة عن سائر الناس«».

بقي شي‏ء آخر: لقائل أن يقول: هب أن العرب تفننوا في صفات ما ألفوه كالخيل و الابل، بل و حتى النملة و الجرادة، و لكن أنى لواحد منهم أن يصف الطاوس، و بلادهم لم تعرف هذا النوع من الأطيار. و قد وصفه بهذه الصفة التي بلغت الغاية في الدقة حتى يقول في الخطبة: «أحيلك على‏

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 179

معاينة» يشير بذلك الى حاله في سفاده، و رؤية ذلك إنما تكون لمن تكثر عنده، و يطول مكثها لديه، و قد ذكر هذا الاشكال ابن أبي الحديد، و أجاب عنه بقوله: «لم يشاهد أمير المؤمنين عليه السّلام الطواويس بالمدينة بل بالكوفة، و كانت يومئذ تجبى لها ثمرات كل شي‏ء، و تأتي اليه هدايا الملوك من الآفاق، و رؤية المسافدة مع الذكر و الانثى غير مستبعدة»«».

قال شيخنا الهادي عطر اللَّه مرقده بعد أن ذكر هذا الاعتراض: «و هذا كله من الجهل بمقام أمير المؤمنين و فضله و مبلغه من العلم»«».

أما استعمال الألفاظ الاصطلاحية التي عرفت في علوم الحكمة بعد تعريب كتب اليونان و الفرس الادبية و الحكمية، فاترك الجواب هنا للعلامة الاستاذ الشيخ محمد جواد مغنية ففيه كفاية.

قال حفظه اللَّه: «ان في القرآن قضايا علمية و فلسفية و تشريعية لم تعرفها العرب في عهد النبي و لا قبله، و قد استدل علماء الكلام، و فلاسفة المسلمين بالآيات القرآنية، و الاحاديث النبوية في كثير من الموضوعات الفلسفية التي تكلموا عنها، فهل هذه الآيات و الاحاديث منحولة مدسوسة و هل من الضروري اذا اتفق قول مع قول ان يكون أحدهما مصدرا للآخر، و قد أثبت علماء الغرب و الشرق من غير المسلمين بأن القرآن و السنة هما المصدر الأول للحضارة الاسلامية و علومها و فلسفتها، و كلنا يعلم أن عليا هو صنو الرسول و تلميذه و نجيه، و شريك القرآن، بل هو القرآن الناطق، و ما بين الدفتين القرآن الصامت.

و الغريب أن هؤلاء المنكرين لا يستكثرون على ابن خلدون الكلام في علم‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 180

الاجتماع قبل ان يعرفه روسو«» و منتسكيو«» و ان يقولوا عن علومه و معارفه: «انها تدفق فجائي، و حدس باطني، و اختمار لا شعوري» يستكثرون على باب مدينة العلم ان يصف الطاوس، و ان يقول: اللَّه ايّن الأين فلا يقال له: أين و كيّف الكيف فلا يقال له: كيف و ان يصف الباري تعالى بصفات تليق بجلاله، و هو اعرف الناس به بعد الرسول.

هذا الى ان الامام تكلم عن أشياء لا يعرفها اليونان و لا غير اليونان»«».

و أمّا استعمال التقسيمات العددية في شرح المسائل، و بيان الفضائل و الرذائل، فالحديث النبوي، و كلمات الصحابة، و كلام العرب مفعم بذلك، فأي فرق بين قول علي عليه السّلام: «الاستغفار على ستة معان... إلخ»«» و قول الرسول عليه السّلام: (ستة أشياء حسنة و لكنها من ستة أحسن، العدل حسن و هو من الامراء أحسن، و الصبر حسن و هو من الفقراء أحسن، و الورع حسن و هو من العلماء أحسن، و السخاء حسن و هو من الأغنياء أحسن، و التوبة حسنة و هي من الشباب أحسن، و الحياء حسن و هو من النساء أحسن، و أمير لا عدل له كغمام لا غيث له، و فقير لا صبر له كمصباح لا ضوء له، و عالم لا ورع له كشجرة لا ثمرة لها، و غني لا سخاء له كمكان لا نبت له و شاب لا توبة له‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 181

كنهر لا ماء فيه، و امرأة لا حياء لها كطعام لا ملح له)«».

و قوله صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: «ثلاث كفارات، و ثلاث درجات، و ثلاث منجيات، و ثلاث مهلكات، فأمّا الكفارات: فإسباغ الوضوء في السبرات و انتظار الصّلوات بعد الصلوات، و نقل الاقدام إلى الجمعات. و أمّا الدّرجات: فاطعام الطعام و افشاء السلام، و الصلاة في الليل و الناس نيام، و أما المنجيات: فالعدل في الغضب و الرضا، و القصد في الغنا و الفقر، و خشية اللَّه في السر و العلانية.، و أما المهلكات: فشح مطاع و هوىّ متبع و إعجاب المرأ بنفسه»«».

و قوله صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: (معشر المسلمين اياكم و الزنا فان فيه ست خصال، ثلاث في الدنيا و ثلاث في الآخرة، فأما التي في الدنيا فانه يذهب البهاء، و يورث للفقر، و ينقص العمر، و أما التي في الآخرة فانه يوجب سخط العرب، و سوء الحساب، و الخلود في النار)«».

و قال صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: (اخلاء ابن آدم ثلاثة: واحد يتبعه إلى قبض روحه، و الثاني إلى قبره، و الثالث إلى محشره، فالذي يتبعه إلى قبض روحه فماله، و الذي يتبعه الى قبره فأهله، و الذي يتبعه الى محشره فعمله)«».

و عن عبد الرحمن بن عوف قال: انه دخل على ابي بكر الصديق رضي اللَّه عنه في مرضه الذي توفي فيه فأصابه مهتما فقال له عبد الرحمن في جملة كلام له: إنّك لا تأسى على شي‏ء من الدنيا. قال أبو بكر رضي اللَّه عنه: أجل اني لا آسى على شي‏ء من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن وددت اني تركتهن،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 182

و ثلاث تركتهن و وددت اني فعلتهن، و ثلاث وددت اني سألت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم عنهن.

فأمّا الثلاث التي وددت أني تركتهن، فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شي‏ء و إن كانوا قد غلقوه على الحرب، و وددت اني لم أكن حرقت الفجاءة السلمي و اني قتلته سريحا، أو خليته نجيحا«»، و وددت اني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين-  يريد عمر أو أبا عبيدة-  فكان أحدهما أميرا و كنت وزيرا.

و أما اللاتي تركتهن: فوددت اني يوم اتيت بالاشعث بن قيس أسيرا كنت ضربت عنقه، فإنّه تخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه، و وددت اني حين سيرت خالد بن الوليد إلى أهل الردة كنت أقمت بذى القصة، فان ظفر المسلمون ظفروا و ان هزموا كنت بصدد لقاء أو مدد، و وددت اني اذ وجهت خالد الى الشام كنت وجهت عمر بن الخطاب إلى العراق، فكنت قد بسطت يدي كليهما في سبيل اللَّه، و مدّ يديه.

و وددت اني سألت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم لمن هذا الامر فلا ينازعه أحد،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 183

و وددت اني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب و وددت اني كنت سألته عن ميراث ابنة الأخ و العمة فان في نفسي منهما شيئا.

اخرجه ابو عبيد «في الأموال» ص: 131 و الطبري في تاريخه 4 ص: 52، و ابن قتيبة في «الامامة و السياسة» 1: 18، و المسعودى في «مروج الذهب» 1: 414، و ابن عبد ربه في «العقد الفريد» 2: 254«».

و في حديث عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه أنه قال: «النساء ثلاث، فهينة لينة عفيفة مسلمة تعين أهلها على العيش، و لا تعين العيش على أهلها، و اخرى وعاء للولد و اخرى غل قمل يضعه اللَّه في عنق من يشاء و يكفه عمن يشاء.

و الرجال ثلاثة، رجل ذو رأي و عقل، و رجل إذا حزبه امرأتى ذا رأي فاستشاره، و رجل حائر بائر، و لا يأتمر رشدا، و لا يطيع مرشدا»«».

ذكر ذلك ابن قتيبة في كتاب (غريب الحديث)«».

و لو أردنا أن نجمع الشواهد من هذا القبيل من المأثورات عن النبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و الأئمة و الصحابة لجاء كتاب برأسه، و بحسبك أن تطلع على كتابي (الخصال) و (المواعظ العددية) لترى الكثير من ذلك، و زد على ذلك إن المرويات في (نهج البلاغة) من هذا النوع هو من المتواتر عن أمير المؤمنين عليه السّلام إجماعا، مثل قوله عليه السّلام: «الناس ثلاثة» و قوله: «الايمان على أربع دعائم» كما ستراه واضحا في مباحث هذا الكتاب إن شاء اللَّه تعالى.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 184

(6) المغيبات في «نهج البلاغة»

أما العلم بالمغيبات في (نهج البلاغة) فلا نقول: إنه استنتاج للقضايا الاجتماعية، من مقدماتها و أسبابها، أو أن الذي مكن الامام ذلك هو دقة ذهنه، و قوة عارضته-  كما قال بعضهم-  و لكنه تعلم من ذي علم، فإن اللَّه تعالى أطلع نبيه صلى اللَّه عليه و آله على أمور غيبية فعلها النبي لوصيه عليه السّلام و دعا له بأن يعيها صدره، و تضطم عليها جوانحه، فأخبر أمير المؤمنين الناس ببعض ذلك حسب مقتضيات الأحوال «و أفضى اليهم ببعض ما سمع، و ما كذب و لا كذب».

و لشيخنا الأميني كلمة جامعة حول الموضوع نقتطف منها ما يلي: «العلم بالغيب أعني الوقوف على ما وراء الشهود و العيان من حديث ما غبر و ما هو آت إنما هو أمر سائغ ممكن لعامة البشر كالعلم بالشهادة يتصور في كل ما ينبأ الإنسان من عالم غابر، أو عهد قادم لم يروه و لم يشهده، مهما أخبره بذلك عالم خبير، أخذا من مبدأ الغيب و الشهادة، أو علما بطرق‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 185

اخرى معقولة، و ليس هناك أي وازع من ذلك، و أما المؤمنين خاصة فأغلب معلوماتهم إنما هو الغيب من الايمان باللَّه و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر، و جنته و ناره، و لقائه، و الحياة بعد الموت، و البعث و النشور، و نفخ الصور، و الحساب، و الحور و القصور و الولدان، و ما يقع في العرض الاكبر، الى آخر ما آمن به المؤمن و صدّقه، فهذا غيب كله، و أطلق عليه الغيب في الكتاب العزيز، و بذلك عرف اللَّه المؤمنين في قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) «البقرة: 3» و قوله (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ) «مريم: 61».

و منصب النبوة و الرسالة يستدعي لمتوليه العلم بالغيب من شتى النواحي مضافا إلى ما يعلم منه المؤمنون، و اليه يشير قوله تعالى: (كُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَ جاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَ مَوْعِظَةٌ وَ ذِكْرى‏ لِلْمُؤْمِنِينَ) «هود: 120» و من هنا قص على نبيه القصص، و قال بعد النبأ عن قصة مريم: (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) «آل عمران: 44» و قال بعد سرد قصة نوح: (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ) «هود: 49» و قال بعد قصة إخوان يوسف: (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) «يوسف: 102».

و هذا العلم بالغيب الخاص بهم دون غيرهم ينص عليه بقوله تعالى: (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ)، نعم: (و لا يحيطون بشي‏ء من علمه الا بما شاء)، (و ما اوتيتم من العلم الا قليلا).

فالأنبياء و الأولياء و المؤمنون كلهم يعلمون الغيب بنص من الكتاب العزيز، و لكل منهم جزء مقسوم، غير أن علم هؤلاء كلهم بلغ ما بلغ محدود لا محالة كمّا، و كيفا، و عارض ليس بذاتي، و مسبوق بعدمه ليس بأزلي، و له بدء و نهاية ليس بسرمدي، و مأخوذ من اللَّه سبحانه و تعالى (وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ). «الانعام: 59».

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 186

و النبي و وارث علمه في امته يحتاجون في العمل و السير على طبق علمهم بالغيب من البلايا، و المنايا، و القضايا، و اعلامهم الناس بشي‏ء من ذلك، إلى امر المولى سبحانه و رخصته، و انما العلم، و العمل به، و اعلام الناس بذلك، مراحل ثلاث لا دخل لكل مرحلة بالاخرى، و لا يستلزم العلم بالشي‏ء وجوب العمل على طبقه، و لا ضرورة الاعلام به، و لكل منها جهات مقتضية، و وجوه مانعة لا بد من رعايتها، و ليس كل ما يعلم يعمل به، و (لا كل ما يعلم يقال).

فهلّا كان من الغيب«» (نبأ ابني آدم و ابن نوح) و انباء قوم هود و عاد و ثمود، و قوم إبراهيم و لوط، و ذكرى ذي القرنين، و نبأ من سلف من الأنبياء و المرسلين و هلا كان منه ما أسر به النبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم إلى بعض أزواجه فأفشته الى أبيها فلما نبأها به (قالَتْ، مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ: نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) «التحريم، 3».

و هلا كان منه ما أنبأ موسى صاحبه من تأويل ما لم يستطع عليه صبرا (الكهف) و هلا كان منه ما كان يقول عيسى لامته: (وَ أُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَ ما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) (آل عمران: 49).

و هلا كان من قول عيسى لبني إسرائيل: (وَ إِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَ مُبَشِّراً): (الصف: 6).

و هلا كان منه ما أوحى اللَّه تعالى إلى يوسف: (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ) (يوسف: 15).

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 187

و هلا كان منه ما أنبأ آدم الملائكة بأسمائهم أمرا من اللَّه: (قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ) (البقرة: 33).

و هلا كان منه تلكم البشارات الجملة المحكية عن التوراة و الانجيل و الزبور و صحف الماضين و زبر الأولين بنبوة نبي الإسلام و شمائله، و تاريخ حياته، و ذكر امته ليس هناك أى منع و حظر إن علم اللَّه أحدا ممن خلق مما شاء و أراد من الغيب المكتوم ما كان أو سيكون، من علم السموات و الأرضين، من علم الأولين و الآخرين، من علم الملائكة و المرسلين، كما لم ير وازع إذا حبا أحدا بعلم ما شاء من الشهادة و أراه ما خلق كما أرى إبراهيم ملكوت السموات و الأرض، و لا يتصور عندئذ قط اشتراك مع المولى سبحانه في صفة العلم بالغيب و لا العلم بالشهادة، و لو بلغ علم العالم أى مرتبة رابية.

و كذلك الحال في علم الملائكة، لو أذن اللَّه تعالى إسرافيل مثلا و قد نصب بين عينيه اللوح المحفوظ الذي فيه تبيان كل شي‏ء أن يقرأ ما فيه، و يطلع عليه لم يشارك اللَّه قط في صفة العلم بالغيب، و لا يلزم منه الشرك.

فلا مقايسة بين العلم الذاتي المطلق و بين العرضي المحدود، و لا بين ما لا يكيف بكيف، و لا يؤين بأين و بين المحدود و المقيد، و لا بين الأزلي الأبدي و بين الحادث الموقت، و لا بين التأصلي و بين المكتسب من الغير، كما لا يقاس العلم النبوي بعلم غيره من البشر، لاختلاف طرق علمهما، و تباين الخصوصيات و القيود المتخذة في علم كل منهما مع الاشتراك في امكان الوجود.

فالعلم بالغيب على وجه التأصل و الاطلاق من دون قيد بكم و كيف كالعلم بالشهادة على هذا الوجه انما هو من صفات الباري سبحانه و يخصان بذاته لا مطلق العلم بالغيب و الشهادة و هذا هو المعنى نفيا و اثباتا في مثل قوله تعالى: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) «النمل: 65»

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 188

و قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) «فاطر: 38». و قوله تعالى حكاية عن نوح: (وَ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَ لا أَقُولُ إِنِّي) «الأنعام: 50، هود: 31» و قوله حكاية عن نبيه صلى اللَّه عليه و آله: (لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) «الاعراف: 188».

و بهذا التفصيل في وجوه العلم يعلم عدم التعارض نفيا و اثباتا بين أدلة المسألة كتابا و سنة، فكل الأدلة النافية و المثبتة ناظر الى ناحية منها، و الموضوع المنفي من علم في لسان الأدلة غير المثبت منه، و كذلك بالعكس، و قد يوعز الى الجهتين في بعض النصوص الواردة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام مثل قول الامام أبي الحسن موسى الكاظم عليه السّلام مجيبا يحيي بن عبد اللَّه بن الحسن لما قال له: جعلت فداك انهم يزعمون انك تعلم الغيب فقال عليه السّلام (سبحان اللَّه ضع يدك على رأسي فو اللَّه ما بقيت شعرة فيه و لا في جسدي الا قامت)، ثم قال: (لا و اللَّه ما هي الا وراثة عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و سلم)«».

و كذلك الحال في بقية الصفات الخاصة بالمولى العزيز سبحانه و تعالى فانها تمتاز عن مضاهاة ما عنده غيره من تلكم الصفات بقيودها المخصصة، فلو كان عيسى على نبينا و آله و عليه السلام يحي كل الموتى بإذن اللَّه، أو كان خلق عالما من البشر من الطين باذن ربه أو بدل ذلك الطير الذي أخبر عنه بقوله: (وَ رَسُولًا إِلى‏ بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ «آل عمران: 49» لم يكن يشارك المولى سبحانه في صفة الأحياء و الخلق، و اللَّه هو المولى، و هو محي الموتى وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ.

و ان الملك المصور في الارحام مع تصيره ما شاء اللَّه من الصور و خلقه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 189

سمعها و بصرها و جلدها و لحمها و عظامها«» لم يكن يشارك ربه في صفته، و اللَّه هو الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ، و هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ.

و ملك الموت مع أنه يتوفى الأنفس، و أنزل اللَّه فيه القرآن و قال: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) «السجدة: 11» صح مع ذلك الحصر في قوله تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) و اللَّه هو المميت و لا يشاركه ملك الموت في ذلك، كما صحّت النسبة في قوله تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) «النحل: 28» و في قوله تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) «النحل: 32» و لا تعارض في كلّ ذلك و لا اثم و لا فسوق في اسناد الإماتة الى غيره تعالى.

و الملك لا يغشاه نوم العيون و لا سنة الراقد«» بتقدير من اللَّه العزيز العليم و مع ذلك لم يشارك اللَّه فيما مدح نفسه بقوله: (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ).

«البقرة: 255».

و لو أن أحدا مكنه المولى سبحانه من احياء موتان الأرض برمتها لم يشاركه تعالى: (و اللَّه هو الذي يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ)«» اه.

و للشيخ ميثم البحراني رحمه اللَّه رأي في كيفية علم أمير المؤمنين عليه السّلام بعض المغيبات نورده هنا اتماما للفائدة قال: لا يقال: لا نسلم أن ذلك علم ألهمه اللَّه اياه، و أفاضه عليه، بل الرسول صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم أخبره بوقائع جزئية من ذلك، و حينئذ لا يبقى بينه و بين غيره فرق في‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 190

هذا المعنى، فانّ الواحد منّا لو أخبره الرسول صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم بشي‏ء من ذلك لكان له أن يحكي ما قال الرسول و ان وقع المخبر به على وفق قوله، و يدل على ذلك قوله بعد وصف الأتراك و قد قال له بعض أصحابه في ذلك المقام: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب فضحك و قال للرجل-  و كان كلبيا- : (يا أخا كلب ليس هذا بعلم غيب، و انما هو تعلم من ذي علم، و انما علم الغيب علم الساعة و ما عدده اللَّه سبحانه بقوله: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) من ذكر و انثى، و قبيح و جميل، و شقي و سعيد، و من يكون للنار حطبا، أو في الجنان للنبيين مرافقا، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه الا اللَّه و ما سوى ذلك فعلم علمه اللَّه نبيه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فعلمنيه، و دعا لي بأن يعيه صدري و تضطم عليه جوانحي)، و هذا تصريح بأنه تعلم من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله، لأنا نقول: إنا لم ندع أنه عليه السّلام يعلم الغيب، بل المدعى أنه كان لنفسه القدسية استعداد أن تنتقش بالامور الغيبية عن إفاضة جود اللَّه تعالى، و فرق بين الغيب الذي لا يعلمه إلا اللَّه و بين ما ادعيناه، فان المراد بعلم الغيب هو العلم الذي لا يكون مستفادا عن سبب يفيده و ذلك إنّما يصدق في حق اللَّه تعالى إذ كل علم لذي علم عداه فهو مستفاد من جوده إما بواسطة أو بغير واسطة فلا يكون علم غيب و إن كان إطلاعا على أمر غيبي لا يتأهل للاطلاع عليه كل الناس، بل يختص بنفوس خصت بعناية إلهية كما قال تعالى (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ) فاذا عرفت ذلك ظهر أن كلامه عليه السّلام صادق مطابق لما أردناه فانه نفى أن يكون ما قاله علم غيب لأنه مستفاد من جود اللَّه تعالى، و قوله: (و انما هو تعلم من ذي علم) اشارة الى واسطة تعليم الرسول له و هو اعداد نفسه على طول الصحبة بتعليمه، و اشارة الى كيفية السلوك و أسباب التطوع و الرياضة حتى استعد للانتقاش بالامور الغيبية و الإخبار عنها، و ليس التعليم-  و ان كان أمرا قد يلزم ايجاد العلم-  فتبين اذن أن تعليم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم لم يكن مجرد توقيفه على الصور الجزئية بل اعداد نفسه بالقوانين الكلية،

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 191

و لو كانت الامور التي تلقاها عن الرسول صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم صورا جزئية لم يحتج الى مثل دعائه في فهمه لها فان فهم الصور الجزئية أمر ممكن سهل في حق من له أدنى فهم، و ان ما يحتاج الى الدعاء، و اعداد الأذهان له بأنواع الأعدادات هو الامور الكلية العامة للجزئيات و كيفية انشعابها عنها و تفريعها و تفصيلها و أسباب تلك الامور المعدة لإدراكها، و ما يؤيد ذلك قوله عليه السّلام: (علمني رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ألف باب من العلم فانفتح لي من كل باب ألف باب)، و قول الرسول: (أعطيت جوامع الكلم و أعطى علي جوامع العلم)، و المراد بالانفتاح ليس الا التفريع و انشعاب القوانين الكلية عما هو أهم منها، و بجوامع العلم ليس الا ضوابطه و قوانينه، و في قوله: (و أعطي) بالبناء للمفعول دليل ظاهر على أن المعطي لعلي جوامع العلم ليس هو النبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم بل الذي أعطاه ذلك هو الذي أعطى النبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم جوامع الكلم و هو الحق سبحانه و تعالى.

أما الامور التي عددها اللَّه سبحانه فهو من الامور الغيبية، و قوله لا يعلمها أحد الا اللَّه كقوله (وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) و هو محتمل للتخصيص لما هو في قوله (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ)، الجن: 26) واضح لا يحتاج العاقل في استكشافه الى كلفة«» اه.

و ما أدري لما ذا يقال: «ان التنبؤات التي جاءت في (نهج البلاغة) عن الحجاج و فتنة الزنج و غارات التتار و ما إليها من مدخول الكلام عليه، مما أضافه النساخ إلى الكتاب بعد وقوع تلك الحوادث بزمن قصير أو طويل...»«»

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 192

هب أن الإخبار عن الحجاج و فتنة الزنج أضيفت الى الكتاب بعد صدوره بزمن قصير أو طويل-  لأنه لا يريد أن يتهم الرضي بالوضع-  و لكن كيف يضاف إلى الكتاب الاخبار عن فتنة التتار، و كل حوادث التتار من حملات جنكيزخان إلى احتلال هلاكو بغداد كان ما بين سنة (616) و سنة (656) و هذه نسخ (نهج البلاغة) المخطوطة قبل هذا التأريخ كما سيأتي الكلام عليها مفصلا تحت عنوان «مشكلة الاضافات»-  و فيها نسخة مكتبة المتحف العراقي المؤرخة سنة (556) ه أى قبل وقوع تلك الحوادث بمائة عام و فيها هذا الكلام الذي يشير فيه الامام أمير المؤمنين عليه السّلام الى تلك الفتن و المحن و هو لا يختلف عما في النسخ المطبوعة، بل المخطوطة أيضا: و هذا عبد الحميد بن أبي الحديد وقعت إليه عدة نسخ من الكتاب و فيها ما كتب في حياة الرضي رحمه اللَّه كما أشار ذلك في غير موضع من شرحه لم يستشعر هذه الإضافات المزعومة، بل نراه يقول في شرحه للخطبة التي أشار فيها أمير المؤمنين الى التتار: «و اعلم ان هذا الغيب الذي أخبر عليه السّلام عنه قد رأيناه نحن عيانا» و وقع في زماننا، و كان الناس ينتظرونه من أول الاسلام حتى ساقه القضاء و القدر إلى عصرنا، و هم التتار الذين خرجوا من أقاصي المشرق». إلخ«».

و ليت شعري لما ذا كل هذا التحامل على «نهج البلاغة» لاشتماله على ذكر بعض الامور الغيبية، و هذه كل كتب الحديث و السنن، و التاريخ و السير، و العلم و الأدب قل أن يخلو واحد منها من ذكر مغيبات رويت عن أمير المؤمنين و غيره من الصحابة و غيرهم.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 193

(7) الزهد و ذم الدنيا

الدنيا المذمومة في (نهج البلاغة) هي الدنيا الموصوفة في القرآن الكريم بقوله سبحانه: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَ.) الحديد: 20) فالدنيا الموصوفة في هذه الآية هي التي أمر أمير المؤمنين عليه السّلام بالزهد فيها، و نهى عن الركون إليها، و التهالك عليها، و متاعها ما جمع في قوله تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِينَ وَ الْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعامِ وَ الْحَرْثِ.) آل عمران: 14) فالحبّ الأعمى لهذه المذكورات مع الغفلة عما بعدها، و السعي للحصول عليها من أي وجه، و على أي كيفية هو المراد في كل ما جاء في (نهج البلاغة) فخرج بهذا الكسب لصيانة ماء الوجه، و السعي في طلب الرزق الحلال للتوسعة على الاهل، و صلة الارحام، و التفقد للجيران، و التعطف على أهل المسكنة، و الاعانة للضعيف، و الاغاثة للمهيف، و العمل في التجارة لتنظيم الحياة، و إعداد القوة لإعلاء كلمة الحق، و دحض الباطل الى امثال ذلك، و يظهر من هذا معنى ما ورد في الأثر (الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ما كان للَّه).

و اظن انّ مورد هذه الشبهة حفظ من (نهج البلاغة) شيئا و غابت عنه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 194

أشياء و نظر فيه من جانب و أهمل منه عدة جوانب، فهو يستمسك بكلام أمير المؤمنين عليه السّلام مع نوف البكالي، و يأخذه على ظاهره، و يتجاهل كلامه مع عاصم بن زياد الحارثي حين سمع عنه أنّه لبس العباءة و تخلى عن الدنيا، فدعاه عليه السّلام فلما رأى ما هو عليه قال: يا عدي نفسه لقد استهام بك الخبيث أما رحمت أهلك و ولدك أ ترى اللَّه احل لك الطيبات و هو يكره أن تنالها أنت أهون على اللَّه من ذلك، قال: يا أمير المؤمنين، هذا أنت في خشونة ملبسك، و جشوبة مأكلك قال: «ويحك إن اللَّه فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره»«».

و تجاهل ايضا قوله عليه السّلام في عهده لمحمد بن ابي بكر: (ان المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا و آجل الآخرة، فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم، و لم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، و أكلوها بأفضل ما أكلت فحظوا من الدنيا بما حظى به المترفون، و أخذوا منها ما أخذ الجبابرة المتكبرون، ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ، و المتجر الرابح)«».

فالدنيا في (نهج البلاغة) على ضربين: دنيا تطلب لذاتها مع الغفلة عما وراءها و هي المذمومة. و دنيا تطلب لما بعدها و تؤخذ من حلها، و تنال من الوجه الذي اذن اللَّه به و هي المحمودة لان (الدنيا خلقت لغيرها و لم تخلق لنفسها)«» و هي (دار صدق لمن صدقها، و دار عافية لمن فهم عنها، و دار غنى لمن تزود منها، و دار موعظة لمن اتعظ بها، مسجد أحباء اللَّه، و مصلى ملائكة اللَّه، و مهبط وحي اللَّه، و متجر

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 195

أولياء اللَّه، اكتسبوا فيها الرحمة، و ربحوا فيها الجنة فمن ذا يذمها«».

و صفوة القول: إن أمير المؤمنين عليه السّلام يرى أن ما أحلّ اللَّه في الدنيا اكثر مما حرم منها، و بمقدور الانسان أن يتمتع بزينتها المحللة، و يتناول من طيبات رزقها مع الحذر من اتباع الهوى، و طول الامل (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ.) الأعراف: 31) و اذا استعصى على الانسان ان يتوصل الى ذلك الا بما حرم اللَّه (فطوبى للزاهدين في الدنيا، اولئك قوم اتخذوا الارض بساطا و ترابها فراشا، و ماءها طيبا)«» و (كل مقتصر عليه كاف»«» و «و ما خير بعده النار بخير، و ما شرّ بشرّ بعده الجنة، و كل نعيم دون الجنة محقور، و كل بلاء دون النار عافية)«» و لهذا قال عليه السّلام: «و اللَّه لأن أبيت على حسك السعدان مسهدا، و اجر في الأغلال مصفدا أحب الي من أن القى اللَّه و رسوله يوم القيامة ظالما لبعض العباد، و غاصبا لشي‏ء من الحطام»«».

و الخلاصة: ليس الزهد في (نهج البلاغة) هو تقصير الثياب، و تقارب الخطو، و لوي الجيد، و التماوت عند التكلم و لكن «الزهادة قصر الأمل، و الشكر عند النعم، و الورع عند المحارم»«» و (الزاهد كله بين كلمتين من القرآن قال اللَّه سبحانه: (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ)

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 196

الحديد: 23) و (من لم يأس على الماضي و لم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه»«» و «افضل الزهد اخفاء الزهد»«».

و أما ما في (النهج) من ذكر الموت و الفنى، و القبر و البلى فله في القرآن الكريم اسوة فكم فيه من آيات، مثل (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ.) النساء: 77) (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ.) الانبياء: 35) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ) المائدة: 109) (وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ.) ق: 19) (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ.) الرحمن: 26) (وَ لا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ) القصص: 88). و هكذا.

و سرّ الحث الشديد على ذكر الموت-  سواء كان في القرآن الكريم او الأحاديث النبوية أو في (نهج البلاغة)-  عظيم، و حكمته بالغة، فإنّ من كان ذاكرا للموت مستعدا له يعيش شجاعا لا يرهب سلطانا، و لا يجبن في نزال، و لا يكف عن القتال، كريما لا يحرص على مال، عادلا لا يظلم، بريئا من الحرص و الطمع، سالما من الخبث و الجشع، صابرا في البأساء و الضراء شاكرا عند الشدّة و الرخاء لا تزعزعه الشدائد، و لا تثني عزمه الأوابد«»، عزيزا لا يخزى و لا يذل، عاملا يجد لا يكلّ و لا يملّ، لا تريبه ريبة، و لا يجزع لمصيبة، و لا تفسده الشهوات، و لا تقوده اللذات، و لا تضعضعه البليات، لا يؤخر عملا الى غد مخافة أن يدركه الأجل فيفوته أجر العمل، و هذا هو السبب في عزّ المسلمين في الغابر، و ذلهم في الحاضر، فانهم كانوا يذكرون الموت في جميع اوقاتهم حتى ان اصحاب رسول اللَّه كانوا لا يتركون الوضوء مخافة أن تدركهم الساعة و هم محدثون، فلما أيقنوا انهم صائرون الى‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 197

الموت لا محالة و كانوا ذاكرين له في جميع حالاتهم هانت عليهم نفوسهم فارخصوها في سبيل اللَّه، وجدوا في العمل فأدركوا غاية الأمل، و من هانت«» عليه نفسه عزّ و أبى الذل، و كان ذلك شعارهم في جهادهم و غزواتهم و ارجازهم في حروبهم.

هذا العباس بن علي عليه السّلام يقول في رجزه عند جهاده من هم أكثر منه عددا وعدة:

         لا أرهب الموت إذا الموت زقا            حتى أوارى في المصاليت لقى‏

 

«»

         إني انا العباس اغدو بالسقا            و لا أخاف الشّر عند الملتقى‏

 

و قد اقتدى بذلك بأخيه الحسين عليه السّلام اذ يقول في رجزه:

         الموت خير من ركوب العار            و العار اولى من دخول النار

 

و قال قبل ذلك:

         فان تكن الابدان للموت انشئت            فقتل امرء بالسيف في اللَّه افضل‏

 

و قد جرى شعراء المسلمين و ادباؤهم في صدر الاسلام في هذا الجري فقال قائلهم:

         و إذا لم يكن من الموت بدّ            فمن العار ان تموت جبانا

 

و ما احسن قول المتنبى حين قال:

         إذا غامرت في أمر مروم            فلا تقنع بما دون النجوم‏

         فطعم الموت في أمر حقير

            كطعم الموت في أمر عظيم‏

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 198

و كانوا يعدون نسيان الموت ضلالا، و ذكره هدى و كمالا فقال شاعرهم:

         صاح شمر و لا تزل ذاكر            الموت فنسيانه ضلال مبين‏

 

و بذلك حسنت حالهم، و صلحت أعمالهم، و أدركوا ما أملوا و عز سلطانهم، و قويت شكيمتهم، و سخروا البلاد، و خضعت لهم جبابرة العباد، و لما حلت الدنيا في أعينهم و تناسوا ذكر الموت اسرعوا إلى اللذات، و انقادوا الى الشهوات، و هابوا الموت ففزعوا لكلّ صيحة و صوت، و تداعت اركانهم، و تزعزع سلطانهم، فهلكوا و ضلوا، و خابوا و ذلوا، فذكر الموت حياة و فيه رضى الرحمن، و نسيانه ممات و مرضاة للشيطان«».

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 199

(8) وصف الحياة الاجتماعية

الشبه حول (النهج) كلها واهية من أصلها و لكن هذه الشبهة بالخصوص أوهاها و ليت شعرى كيف يستكثر على رجل مثل علي بن ابي طالب ان يصف الأوضاع الاجتماعية و هو ذو النظرة الثاقبة و (الاذن الواعية) الذي استمد ثقافته من القرآن، و لازم الرسول ملازمة اصبح بها باب مدينة علمه، و وعاء فهمه، و عيبة حكمه مع تجاربه الكثيرة و خبرته الواسعة، و كثرة الأحداث في عصره، فكم جرت من حوادث هامة، و وقعت من قضايا كبرى و كم اختلف فقهاء الصحابة بينهم في الأحكام و كم رد بعضهم على بعض في كثير من المسائل و كم سفك من دم حرام و كم اكلت اموال بالباطل و كم و كم و هلم جرا.

فكيف و الحال هذه لا يصف علي ما حوله، و لا يشن الحملة على بعض الولاة الخونة، و القضاة الفسقة و هو حامي حمى الإسلام و المتفاني في سبيل الصالح العام.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 200

(9) المشتركات في «نهج البلاغة»

اما ما قيل: إن بعض ما روى عن الامام علي في (نهج البلاغة) روي عن غيره في غيره، فهو قليل جدا و سنتعرض لذكر مداركه و نذكر من رواه عن امير المؤمنين في امكنته من هذا الكتاب بحول اللَّه و قوته.

و ارجو ان لا يغرب عن البال نصوص العلماء المتعددة، و التي سلف ذكر بعضها ان خطب امير المؤمنين عليه السّلام كانت تدور بين الناس و يستعملونها في خطبهم إما بنصها، أو بالاقتباس منها، او باحتذا امثلتها، و يغفلون نسبتها اليه انتحالا او تقية او لسبب آخر.

بل و حتى الخوارج لا يمتنعون من حفظ خطبه عليه السّلام و اعادتها على منابرهم في الجمع و الأعياد.

يقول الاستاذ الشيخ محمد علي دبوز استاذ الأدب العربي في معهد الحياة في الجزائر (و هو من معتدلي الأباضية) في كتاب (تاريخ المغرب الكبير) ج 3 ص 588.

«قال ابن الصغير: كان الأباضية (في الدولة الرستمية)«» لا يمنعون‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 201

احدا من الصلاة في مساجدهم و لا يكشفون على حاله و لو رأوه رافعا يديه«» و كانت خطبهم على منابرهم هي خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه لحب الاباضية للامام علي رضي اللَّه عنه«»، و اجلالهم لمقامه، و اعجابهم ببلاغته و فصاحته.

ان ايثار الاباضية في الدولة الرستمية لخطب الامام علي رضي اللَّه عنه يدل على حبهم له و على الرقي الذى كانت عليه الدولة في الفهم و الذوق الأدبي، و على تمكن الجماهير«» في العربية.

إن خطب الجمعة و الأعياد يراعي الأئمة فيها ان تكون في مستوى الجماهير، و خطب الامام علي رضي اللَّه عنه التي كانت تجلجل في منابر تيهرت دليل على مستوى الثقافي الرفيع الذي كانت عليه الجماهير و على تمكن الدولة الرستمية في العربية الفصحى و انتشارها في كل طبقاتها».

و مما يجدر التلميح له في هذا المقام ان خصوم علي و بنيه في الدولة الاموية، بل و حتى في دولة قسمائهم و بني عمهم آل العباس جندوا انفسهم الى محق فضائلهم و محو آثارهم بشتى الوسائل و مختلف الأساليب: فطائفة عليها وضع الاحاديث في ذمهم...

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 202

و اخرى مهمتها تجريح ما ورد في فضلهم... و اخرى وظيفتها اختلاق الأخبار في مدح مناويئهم و هكذا...«» و جماعة عليهم ان ينسبوا ما ورد عنهم من الكلم و الحكم و الأدعية و المناجاة الى غيرهم... و لهذا السبب اخفى اهل البيت عليهم السلام (الصحيفة السجادية) الا عن خواص شيعتهم مخافة أن يقع هذا العلم الى أعدائهم فينسبونه إلى غيرهم«».

و كيف كان فيه:

         من جاء بالقول البليغ فنا            قل عنهم و إلا فهو منهم سارق‏

 

أما الشبهة العاشرة و هي خلو الكتب الأدبية عن كثير مما في (نهج البلاغة) بزعمهم فستعرف في هذا الكتاب-  بعون اللَّه-  بطلان ذلك.

رأي ابن أبي الحديد

و لا يفوتنا بعد ما تقدم أن نذكر رأي ابن أبي الحديد المعتزلي في (نهج البلاغة) فان له يدا طولى في النقد و التمحيص، و قدما راسخة في التحقيق و الدراية، قال: «ان كثيرا من أرباب الهوى«» يقولون: انّ كثيرا من (نهج البلاغة)

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 203

كلام صنعه قوم من فصحاء الشيعة، و ربما عزوا بعضه الى الرضي ابي الحسن و غيره، و هؤلاء قوم أعمت العصبية أعينهم، فضلوا عن النهج الواضح، و ركبوا بينات الطريق ضلالا و قلة معرفة باساليب الكلام.

و انا أوضح لك بكلام مختصر ما في هذا الخاطر من الغلط فأقول: إمّا أن يكون كل (نهج البلاغة) مصنوعا منحولا، أو بعضه، و الاول باطل بالضرورة، لأنا نعلم بالتواتر صحة اسناد بعضه الى امير المؤمنين عليه السّلام، و قد نقل المحدثون كلهم أو جلهم و المؤرخون كثيرا منه، و ليسوا من الشيعة لينتسبوا الى غرض في ذلك، و الثاني يدل على ما قلناه، لأن من أنس بالكلام و الخطابة و شدا طرفا من علم البيان، و صار له ذوق في هذا الباب لا بد أن يفرق بين الكلام الركيك و الفصيح، و بين الفصيح الأفصح، و بين الأصيل و المولد، و اذا وقف على كراس واحد يتضمن كلاما لجماعة من الخطباء أو لاثنين منهم فقط فلا بد أن يفرق بين الكلامين و يميّز بين الطريقتين، ألا ترى انا مع معرفتنا بالشعر و نقده لو تصفحنا ديوان أبي تمام فوجدناه قد كتب في أثنائه قصائد أو قصيدة واحدة لغيره لعرفنا بالذوق مباينتها لشعر أبي تمام و نفسه و طريقته، و مذهبه في القريض ألا ترى أن العلماء بهذا الشأن حذفوا من شعره قصائد كثيرة منحولة اليه لمباينتها لمذهبه في الشعر و كذلك حذفوا من شعر أبي نؤاس شيئا كثيرا لما ظهر لهم أنه ليس من الفاظه، و لا من شعره، و كذلك غيرهما من الشعراء و لم يعتمدوا في ذلك الا على الذوق خاصة و انت اذا تأملت (نهج البلاغة) وجدته كله ماء واحدا و نفسا واحدا، و اسلوبا واحدا كالجسم البسيط الذي ليس بعض من ابعاضه مخالفا لباقي الأبعاض في الماهية و كالقرآن العزيز اوله كأوسطه، و اوسطه كآخره، و كل سورة منه و كل آية مماثلة في المأخذ و المذهب و الفنن و الطريق و النظم لباقي الآيات و السور، و لو كان بعض (نهج البلاغة) منحولا، و بعضه صحيحا لم يكن ذلك كذلك، فقد ظهر لك بهذا البرهان الواضح ضلال من زعم أن هذا الكتاب أو بعضه منحول إلى أمير المؤمنين‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 204

عليه السّلام... و اعلم أن قائل هذا القول يطرق على نفسه ما لا قبل له به، لأنا متى فتحنا هذا الباب، و سلطنا الشكوك على أنفسنا في هذا النحو لم نثق بصحة كلام منقول عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله أبدا، و ساغ لطاعن أن يطعن و يقول: هذا الخبر منحول، و هذا الكلام مصنوع، و كذلك ما نقل عن أبي بكر و عمر من الكلام و الخطب و المواعظ و الأدب و غير ذلك، و كل أمر جعله هذا الطاعن مستندا له فيما يرويه عن النبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم، و الأئمة الراشدين، و الصحابة و التابعين، و الشعراء و المترسلين و الخطباء، فلناصري أمير المؤمنين عليه السّلام أن يستعدوا إلى مثله فيما يروونه عنه من (نهج البلاغة) و غيره و هذا واضح»«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 205

مشكلة الاضافات

بقيت مشكلة اخرى، و هي أن الشريف الرضي رحمه اللَّه بعد فراغه من جمع (نهج البلاغة) ترك أوراقا من البياض في آخر كلّ باب من أبوابه الثلاثة لاقتناص الشارد، و استلحاق الوارد«»، فهل بقي (النهج) على وضعه أم تعرض للزيادات و الاضافات-  كما زعم بعضهم- «» و الحقيقة، إن دعوى هذه الزيادة من الافتراء المحض كالافتراء بأن (نهج البلاغة) من وضع جامعه، و هي ممنوعة أشدّ المنع لامور: (الاول) إن النسخة التي بخط الرضي كانت موجودة في زمن ابن أبي الحديد، كما ذكر ذلك في شرح قوله: (للَّه بلد فلان) قال: و فلان المكنى عنه عمر بن الخطاب و قد وجدت النسخة التي بخط الرضي ابي الحسن جامع (نهج البلاغة) و تحت فلان عمر، قال: حدثني بذلك فخار بن معد الموسوي الشاعر الأديب،«» و السيد شمس الدين فخار بن معد توفي في سنة 630، و ابن أبي الحديد ألف الشرح بين سنة 640 و 644، فالنهج إلى هذا الحد سالم من‏

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 206

التحريف و الاضافة، بل و إلى زمن كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني المتوفى سنة (679) لأنه أشار إلى نسخة الرضي في مواضع من شرحه على (نهج البلاغة).

(الثاني) إذا عرفت ما تقدم فاليك بعض النسخ المخطوطة الموجودة في هذا الوقت و هو سنة (1384) ه و فيها ما هو سابق في تأريخه على زمن السيد فخار بن معد، و ابن أبي الحديد، و ابن ميثم أيضا، و لا تعقل الزيادة بعد ذلك الزمن لابن ابن أبي الحديد، و ابن ميثم ضبطا أصل (النهج) في شرحيهما عليه.

1-  حدثني شيخنا العلامة الخبير المتتبع الشيخ عبد الحسين الاميني مؤلف (الغدير) دام علاه قال: «رأيت نسخة من (نهج البلاغة) عند أحد الأعلام في النجف الاشرف و عليها اجازة السيد المرتضى أعلى اللَّه مقامه بخط يده لبعض تلامذته و فيها يقول: «اجزت لفلان رواية كتاب أخي... إلخ» و النسخة لا تختلف عما في ايدي الناس اليوم من «نهج البلاغة». قال: (و قد بيع هذا الكتاب في سوق الهرج، و صادف وجود الحاج نعمان الاعظمي في النجف فاشتراه و لا يعلم مستقره الآن إلا اللَّه سبحانه و تعالى).

2-  و مما أفادني به شيخنا الاميني قال: (يوجد في مدرسة النواب بمشهد الامام الرضا سلام اللَّه عليه نسخة من (نهج البلاغة) ناقص من أوله مقدار ورقة و في آخر النسخة ما يلي.

تم كتاب «نهج البلاغة» و قد صادف الفراغ من كتابته سنة أربع و أربعين و خمسمائة كتبه محمد بن أحمد النقيب حامدا و مصليا على نبيه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم».

3-  نسخة من «نهج البلاغة» تاريخ كتابتها سنة (512) ه توجد عند السيد محمد المحيط الطباطبائي بطهران، كذا في (الذريعة) لشيخنا الطهراني (حرف النون القسم المخطوط).

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 207

4-  نسخة من (نهج البلاغة) في مكتبة مدرسة الفاضل خانة«»، في المشهد الرضوي بخط الشريف محمد بن محمد بن احمد النقيب تاريخها سنة (544) كما في (الذريعة) أيضا. و الظاهر انها هي النسخة التي رآها الشيخ الأميني.

5-  و منه نسخة رآها الشيخ آغا بزرك رحمه اللَّه عند السيد محسن الكشميرى الكتبي ببغداد تاريخ نسخها سنة (525) (الذريعة: حرف النون: القسم المخطوط).

6-  نسخة من «نهج البلاغة» رأيتها أنا في مكتبة الآثار (مكتبة المتحف العراقي) ببغداد برقم (356) مخطوطات، كاملة جيدة الخط، واضحة الرسوم، تاريخها كما في آخرها مكتوب بالحمرة هكذا بالحرف الواحد (آخر كتاب نهج البلاغة فرغ من كتابته محمد بن سعيد بن الحسين العامري يوم الجمعة، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شعبان سنة خمس و ستين و خمسمائة) و بعده مكتوب بنفس الخط و قد طمست بعض الكلمات، و عاثت الأرضة في بعضها، و أنا أذكر لك بعض ما استطعت قراءته: قال أبو الحسن علي بن احمد الفنجكردي فيه«».

         (نهج البلاغة) من كلام المرتضى            جمع الرضي الموسوي السيد

         بهر العقول بحسنه و بهائه«»

            كالدر فصل نظمه بزبرجد

         الفاظه علوية لكنها            علوية حلت محل الفرقد

         فيه لأرباب البلاغة مقنع‏

            من يعن باستظهاره يستسعد

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 208

         و ترى العيون إليه صورا«» إن قرا            منه كتابا رائعا في مشهد

         أعجب به كلماته قد ناسبت‏

            كلمات خير الناس طرا أحمد

         نعم المعين على الخطابة للفتى            و به إلى طرق الكتابة يهتدي‏

         و أجد يعقوب بن أحمد ذكره‏

            لعلو همته (و طيب المولد)«»

         و دعا اليه تحرضا اصحابه            فعل الحنيفي الكريم المرشد

 

و في أول صفحة منه كما يأتي: (هذا الكتاب الشريف مما من اللَّه به على عبده المخطئ احمد بن محمد بن علي بن مسعود الحتي).

و في أواخر هذه النسخة بعد قوله عليه السّلام (رب مفتون بحسن القول فيه) مكتوب هكذا بالحمرة: (زيادة من نسخة كتبت في عهد المصنف) ثم ذكر الزيادات و هي كما يلي بالحرف الواحد: و قال عليه السّلام: الدنيا خلقت لغيرها و لم تخلق لنفسها.

و قال عليه السّلام: إن لبني أمية مرودا يجرون... الى آخر الكلمة (464).

و قال عليه السّلام: في مدح الأنصار: هم و اللَّه ربوا الإسلام كما يربى الفلو مع غنائهم بأيديهم السباط، و ألسنتهم السلاط.

و قال عليه السّلام: العين وكاء السه إلى آخر تعليق الرضي على هذه الكلمة انظر الحكمة (466).

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 209

و قال عليه السّلام: في كلام له: و وليهم وال فأقام و استقام حتى ضرب الدين بجرانه.

و قال عليه السّلام: يأتي على الناس زمان عضوض بعض المؤسر فيه على ما في يديه... إلخ الكلمة (468).

و قال عليه السّلام: يهلك في رجلان محبّ مفرط و باهت مفتر... إلخ الكلمة (469).

و سئل عن التوحيد و العدل: فقال عليه السّلام: التوحيد ان لا تتوهمه و العدل ان لا تتهمه.

و قال عليه السّلام: لا خير في الصمت عن الحكم، كما انه لا خير في القول بالجهل.

و قال عليه السّلام: في دعاء استسقى به: اللهم اسقنا ذلل السحاب دون صعابها و قيل له عليه السلام: لو غيرت شيبك يا أمير المؤمنين فقال عليه السّلام: الخضاب زينة، و نحن قوم في مصيبة يريد وفاة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم.

و قال عليه السّلام: القناعة مال لا ينفد.

و قال عليه السّلام: لزياد بن أبيه و قد استخلفه لعبد اللَّه بن العباس على فارس و اعمالها في كلام طويل بينهما نهاه فيه عن تقدم الخراج: استعمل العدل، و احذر العسف و الحيف الى آخر الكلمة (476).

و قال عليه السّلام: ما أخذ اللَّه على أهل الجهل ان يتعلموا حتى اخذ على أهل العلم أن يعلموا.

و قال عليه السّلام: شرّ الإخوان من تكلف له.

و قال عليه السّلام: إذا احتشم المؤمن اخاه فقد فارقه.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 210

ثم كتب بعد ذلك بالحمرة هكذا (انتهت الزيادة).

و ستعرف إن شاء اللَّه في مباحث هذا الكتاب أن هذه الزيادات كلها لأمير المؤمنين عليه السّلام، كما أنها أضافها الرضى نفسه في الكتاب فقد ذكر ابن أبي الحديد بعد أن فسر قوله عليه السّلام (رب مفتون بحسن القول فيه) قال: (و اعلم ان الرضي رحمه اللَّه قطع كتابه (نهج البلاغة) على هذا الفصل، و هكذا وجدت النسخة بخطه و قال-  أي الرضي- : و هذا حين انتهاء الغاية بنا الى قطع المنتزع من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام حامدين اللَّه سبحانه على ما منّ به من توفيقنا لضم ما انتشر من أطرافه، و تقريب ما بعد من اقطاره و مقررين العزم كما شرطنا أولا على تفصيل اوراق من البياض في آخر كلّ باب من الابواب لتكون لاقتناص الشارد، و استلحاق الوارد، و ما عساه أن يظهر لنا بعد الغموض، و يقع بعد الشذوذ، و ما توفيقنا الا باللَّه عليه توكلنا و هو حسبنا و نعم الوكيل)، قال: ثم وجدنا نسخا كثيرة فيها زيادات بعد هذا الكلام، قيل: إنها وجدت في نسخة كتبت في حياة الرضي رحمه اللَّه و قرأت عليه فأمضاها، و اذن في إلحاقها بالكتاب«».

و بالجملة ان هذه النسخة أعني نسخة مكتبة الآثار من أهم نسخ (نهج البلاغة) المخطوطة في هذا الزمن، و لكن الارضة قد دبت اليها فنخرت بعض صفحاتها مما هيج أسفي، و أخذتني الحمية على ودائع العلم فكتبت الى الدكتور فيصل الوائلي مدير الآثار العام، أصف له حالها، و استنجد به في البقيا عليها، و اقترحت عليه أن تصور ليرجع إليها المراجع و توضع هي في خزانة لا ترى إلا من وراء حجاب فلا يسمح للهواء أن يلامسها فضلا عن الأيدي تقلبها، و لا أدري هل القي إليه كتابي، و أخذ باقتراحي أم لا فانه لم يتفضل بالجواب.

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 211

هذا و لم يتعرض الاستاذ الخبير كوركيس عواد لذكر هذه المخطوطة في كتابه (المخطوطات التأريخية في خزانة كتب المتحف العراقي ببغداد) و لعلها وردت المتحف بعد صدور الكتاب المذكور أي بعد سنة (1957) م.

7-  نسخة من الكتاب المذكور بخط السيد الحسن بن محمد بن عبد اللَّه ابن علي الجعفري الحسيني سبط الامام أبي الرضا الراوندي تاريخها سنة احدى و ثلاثين و ستمائة و هي بمكتبة مدرسة السيد اليزدي في النجف الاشرف.

8-  و في مكتبة آية اللَّه الحكيم العامة في النجف الاشرف نسخة من (النهج) بقلم السيد نجم الدين الحسيني بن أردشير بن محمد الطبري فرغ من كتابتها يوم السبت من آخر صفر سنة سبع و ستين و ستمائة و هي النسخة التي رآها صاحب الرياض فوصفها و ذكر خصوصياتها فقال ما هذا نصه: السيد نجم الدين أبو عبد اللَّه الحسين بن أردشير بن محمد الطبري كان فاضلا عالما جليلا، و كان من تلامذة الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد و يروي عنه، قال: و قد رأيت في أصفهان نسخة من (نهج البلاغة) بخطه و تأريخ كتابتها سنة (667) آخر صفر بالحلة السيفية في مقام صاحب الزمان عليه السّلام عليها خط الشيخ نجيب الدين المذكور و هذه صورة خطه الشريف: أنهاه أحسن اللَّه توفيقه قراءة و شرحا لمشكله و غريبه نفعه اللَّه و ايانا به بمحمد و آله، و كتب يحى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلي بالحلة حماها اللَّه في صفر سنة سبع و سبعين و ستمائة و عليها خط السيد محمد بن أبي الرضا العلوى أيضا و هذه صورته: انهاه ادام اللَّه بقاه قراءة مهذبة و كتبه محمد بن أبي الرضا انتهى، ثم انه كان على ظهر النسخة أيضا هكذا: قرأ عليّ السيد الأجل الأوحد الفقيه العالم الفاضل المرتضى نجم الدين أبو عبد اللَّه الحسين بن أردشير بن محمد الطبري أصلح اللَّه أعماله و بلغه آماله كل هذا الكتاب من أوله الى آخره، فكمل له الكتاب كله و شرحت له مشكله،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 212

و أبرزت له كثيرا من معانيه، و أذنت له في روايته عني عن السيد الفقيه العالم المقرئ المتكلم مجد الدين ابى حامد محمد بن علي بن عبد اللَّه بن زهرة الحسيني الحلي رضي اللَّه عنه، عن الشيخ فقيه الدين أبي جعفر محمد بن شهر اشوب المازندراني، عن السيد ابي الصمصام ذي الفقار بن معد الحسيني المروزي، عن أبي عبد اللَّه محمد بن علي الحلواني عن السيد الرضي أبي الحسن محمد بن الحسين بن موسى بن محمد الموسوي، و عنه الفقيه عز الدين أبي الحرث محمد بن الحسن بن علي الحسيني البغدادي عن قطب الدين ابي الحسين الراوندي عن السيد بن المجتبى و المرتضى ابني الداعى الحسين الحلبي عن أبي جعفر الدوريستي عن السيد الرضي فليروه متى شاء (بياض الاصل) سنة سبع و سبعين و ستمائة.

و على النسخة صورة للمقابلة بنسخة صحيحة بالحضرة الغروية في شهر رمضان سنة (726) ا ه.

هكذا كان العلماء يروون (نهج البلاغة) و يأخذونه خلفا عن سلف و لا يكتفي احدهم بروايته من طريق واحد كما ترى فمن اين جاءت هذه الزيادة يا منصفون و هذه النسخة موجودة بمكتبة الامام السيد الحكيم و قد رأيتها بعيني و بمستطاع كل أحد أن يطلع عليها.

9-  نسخة من (النهج) مخطوطة محفوظة بمكتبة طلعت باشا بدار الكتب المصرية برقم (4840) ادب، كتبت بقلم النسخ الجميل، مضبوطة بالشكل الكامل و محلاة بالذهب و اللازورد، و بصفحة العنوان دائرة مذهبة برسم خزانة (غياث الدين و الحق) يليها صفحتان متقابلتان منقوشتان بنقوش هندسية بالذهب و الألوان، و بداخلها عنوان (كتاب نهج البلاغة من كلام علي عليه السّلام و الصلاة على محمد و آله الطاهرين) و بعض عناوين النسخة مكتوبة

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 213

بالذهب، و فواصل الفقرات محلاة بالذهب ايضا، و بآخرها خاتمة النسخة داخل حلية مذهبة جاء بها (تم الكتاب بالحضرة الشريفة المقدسة النجفية بمشهد مولانا و سيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أخي الرسول، و زوج البتول، و والد أولاد الرسول صلوات اللَّه عليهم، و كتبه و ذهبه الحسين بن محمد الحسيني في شهور سنة اثنين و ثمانين و ستمائة) و النسخة مجلدة بجلد أثري بالضغط و التذهيب و المرجح أنه من عصر الكتابة و تقع في (421) صفحة و مسطرتها (13) سطرا.

و على هذه النسخة ضبط الاستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم الأصل من شرح ابن أبي الحديد في طبعته الأخيرة، و قد أخذ صورتين فتوغرافيتين واحدة من فاتحتها و الثانية من خاتمتها«».

10-  نسخة بخط ياقوت المستعصمي الشهير بجودة الخط موجودة في الخزانة الرضوية و تاريخها (701).

11-  نسخة اخرى بخط ياقوت أيضا في خزانة المدرسة الحسينية في الموصل، و قد اعتني بهذه النسخة فحيلت و نقش أولها بلون لازوردي، و جلدت بجلد أسود منقوش محلى، و جاء في صدر الكتاب: «كتبه الفقير إلى رحمة ربه ياقوت بن عبد اللَّه النوري».

و كتب في الصفحة المقابلة لهذه الكتابة بخط جيد ما نصه: «قد صح النقل عن بعض الثقاة ان قدوة الكتاب ياقوت المنسوب إلى المستعصم باللَّه آخر الخلفاء العباسيين لم ينسب نفسه إليه حذرا و احتياطا بل كتب بدل المستعصمي النوري لنسبة ارادته و ارتباطه إلى ابي الحسن النوري الذي هو من خلفاء الجنيد البغدادي»«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 214

12-  نسخة تاريخها (792) رآها الشيخ هادي كاشف الغطاء رحمه اللَّه في احدى مكتبات النجف الاشرف كما ذكر ذلك في «مدارك نهج البلاغة» ص: 42.

13-  نسخة في خزانة مكتبة المتحف العراقي ببغداد تاريخها عاشر شهر رمضان المبارك سنة أربع و سبعمائة بخط بندار بن محمد بن بندار الوراميني الرمال تعريفا وفق اللَّه درايته بحق محمد و صحبه الأخيار الأبرار و سلم تسليما كثيرا، كذا في آخر سطر منها بالحرف الواحد.

14-  نسخة اخرى في مكتبة المتحف ايضا تاريخها أواخر محرم الحرام سنة سبع و ستين و سبعمائة.

15-  نسخة اخرى في مكتبة المتحف العراقي و في آخرها: كتبه العبد الضعيف المحتاج الى رحمة ربه، و عفو مولاه صالح بن أحمد بن إبراهيم بن محمد ابن صالح الانصاري يوم الخميس السادس و العشرين من شهر محرم الحرام في سنة خمس و سبعين و ثمانمائة حامدا و مصليا على محمد و آله الطيبين الطاهرين.

16-  نسخة في مكتبة المتحف أيضا تاريخها آخر شهر ذي الحجة سنة (1103) بخط أحمد بن سيد إبراهيم الطباطبائي و عليها تعليقات لبعض العلماء و اكثرها مقتبس من شروح نهج البلاغة.

17-  نسخة من «نهج البلاغة» في خزانة المتحف العراقي ايضا ناقصة الآخر بخط جميل واضح، و لكنها تنم عن القدم و في أولها ابيات من شعر ابي يوسف يعقوب بن احمد، و قد مر ذكرها.

18-  نسخة من «النهج» كتبت بخط جلي تاريخها سنة 1090 ه توجد في مخطوطات مكتبة الكونگرس في واشنطن في جلد مذهب مطلي بالميناء.

19-  نسخة منه أيضا في المكتبة الظاهرية بدمشق كتبت سنة (918) ه برقم (775) مخطوطات.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 215

20-  نسخة اخرى بالظاهرية أيضا مخرومة من أولها تاريخ كتابتها (1077 ه).

21-  نسخة تاريخها (1013 ه) توجد في مكتبة التقوى بخط السيد محمد باقر بن السيد محمد شاهي تلميذ السيد الجزائري ذكرها شيخنا الرازي في (الذريعة) و سيأتي ذكرها تحت عنوان شروح (نهج البلاغة).

22-  نسخة في مكتبة الدكتور الباحث حسين علي محفوظ حفظه اللَّه و تاريخها (1059) ه.

ذلك ما احطت به خبرا من نسخ (النهج) المخطوطة و لعل ما خفي علي أكثر.

(الثالث): إنّ عادة العلماء في تلك الأزمان يرون الكتب بالاجازة و ينقلونها بالسماع، و يضبطونها بالمقابلة، كما رأيت من كلام صاحب (الرياض) حول نسخة السيد نجم الدين الطبري، و لا تزال بقية من هذه العادة بين العلماء اليوم، فيجيزون لتلاميذهم رواية ما رووه عن مشايخهم... و اليك بعض اجازات العلماء برواية (نهج البلاغة): 1-  إجازة الشيخ محمد بن علي بن أحمد بن بندار للشيخ الفقيه أبي عبد اللَّه الحسين برواية «نهج البلاغة» في جمادي الآخرة سنة (499) ه 2-  إجازة السيد علي بن فضل الحسيني لعلي بن محمد بن الحسين المتطبب برواية الكتاب في رجب سنة (589).

3-  إجازة الشيخ نجيب الدين احمد بن يحيى الحلي للسيد عز الدين الحسن ابن علي المعروف بابن الأبرز برواية الكتاب في شعبان سنة (655).

4-  إجازة العلامة الحلي لابن زهرة في سنة (723).

5-  إجازة السيد محمد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي لجمال الدين بن أبي المعالي سنة (730).

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 216

6-  إجازة فخر الدين محمد بن العلامة الحلي لابن مظاهر في سنة (741).

7-  إجازة الشيخ علي بن محمد بن يونس البياضي صاحب (الصراط المستقيم) للشيخ ناصر بن إبراهيم البويهي سنة (852).

8-  إجازة الشيخ علي المحقق الكركي للمولى حسين الاسترابادي سنة (907).

9-  إجازة المحقق الكركي للشيخ ابراهيم سنة (934).

10-  «««للقاضي صفي الدين عيسى سنة (937).

11-  «الشهيد الثاني للشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي في سنة (941).

12-  إجازة الشيخ حسن بن الشهيد الثاني الكبيرة.

13-  «الشيخ أحمد بن نعمة اللَّه بن خاتون للمولى عبد اللَّه التستري في سنة (988).

14-  إجازة الشيخ محمد بن أحمد بن نعمة اللَّه بن خاتون للسيد ظهير الدين الهمداني في سنة (1008).

15-  إجازة العلامة المجلسي الأول لتلميذه آقا حسين الخونسارى سنة (1602).

16-  إجازة العلامة المجلسي الأول الكبيرة لولده العلامة المجلسي المؤرخة سنة (1068).

17-  إجازة الشيخ صالح بن عبد الكريم للمولى محمد هادي بن محمد تقي الشولستاني سنة (1080).

18-  إجازة المجلسي الثاني للسيد ميرزا إبراهيم النيشابوري سنة (1088).

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 217

19-  إجازة العلامة المجلسي للسيد نعمة اللَّه الجزائري سنة (1096) و غيرها من الاجازات«».

20-  إجازة المجلسي الثاني لمحمد مؤمن الرازي سنة 1092 كما رأيتها بخطه المبارك على نسخة من نهج البلاغة تاريخها سنة 818 في مكتبة مسجد گوهرشاد بخراسان.

فمن أين تسربت هذه الاضافات و الزيادات و لما ذا لا يعثر احد و لو على نسخة واحدة من نسخ (النهج) غير الخالية من التحريف المزعوم و لما ذا لم يقل بهذا المتقدمون حتى من ذهبوا إلى أن في (النهج) دخيلا و لما ذا كل هذه الحملات على هذا الكتاب بالخصوص و ما هذا الشي‏ء الذي اضطمت عليه دفتاه مما يخالف الكتاب العزيز، أو يناهض السنة المطهرة، أو يعارض الآثار الثابتة، أو ينافي العقل و كيف تواطأ نساخ (نهج البلاغة) و شراحه، و رواته. مع اختلاف أزمانهم و بلدانهم، بل و تباين مذاهبهم على الإضافة و التغيير.

و هناك شي‏ء آخر ينبغي التنبيه عليه، و هو الإختلاف في ترتيب نسخ (نهج البلاغة) بتقديم بعض الخطب على بعض، و السبب في ذلك أن بعض النساخ سهما فكتب الخطبة اللاحقة قبل السابقة ثم تنبه لذلك فكتب السابقة بعد اللاحقة من دون تنبيه، و جاء من بعده فأخذها كما وجدها، و هذا لا يقلل من أهمية الكتاب. و لا يقدح في نسبته، بعد الاتفاق على أن كل واحدة من هذه النسخ اشتملت على ما اشتملت عليه الاخرى من الكلام المروي عن أمير المؤمنين عليه السّلام، اللهم إلا ما أوجبه السهو من زيادة حرف، أو نقصان‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 218

كلمة، أو سقوط جملة، و هذا ما لا يخلو منه كتاب، و لذا نرى المعلقين.

و المصححين يكثرون في حواشي الكتب التي يشرفون على تصحيحها، من كلمة: هذه الكلمة ساقطة من نسخة (آ): و قولهم في الأصل (كذا) و أثبتنا ما في (كذا) و قولهم: هذا البيت زيادة في نسخة (ح) مثلا و هكذا و نظرة واحدة في المطبوعات الحديثة تعرف فيها مصداق ما نقول، انظر المطبوعات التي أشرف عليها الأساتذة أمثال: الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد، و للاستاذ عبد السلام محمد هارون، و السيد أحمد صقر و غير هؤلاء ممن لا نرى في تعدادهم عظيم فائدة.

و انما نبهنا على ذلك كي لا يتورط أحد فيما تورط فيه الشيخ محي الدين الخياط فعلق على النسخة التي عليها شرح الاستاذ الامام الشيخ محمد عبده المطبوعة في بيروت على نفقة (محمد كمال بكداش) قال في ص 388 من الجزء الأول: لم يذكر ابن أبي الحديد هذه الخطبة (يعني الخطبة 173) التي أولها: «الحمد للَّه الذي لا تدركه الشواهد» و ما بعدها إلى الخطبة التي أولها: روى إن صاحبا لأمير المؤمنين، و لذلك لا ترى بعد الآن كلاما لابن أبي الحديد إلى أن تمر هذه الخطب انتهى كلامه.

مع أن هذه الخطبة و ما بعدها كلها مذكورة في نسخة ابن ابي الحديد، غير انها تختلف في ترتيب الخطب عن النسخة التي اشرف الخياط على تصحيحها، و حسبك أن تقارن بين نسخة الخياط من ص 388 الى ص 433 من الجزء الاول و بين الشرح لابن أبي الحديد من ص 194 الى ص 245 من المجلد الثالث لترى كيف فتق الخياط هذا الرتق و كيف وقع في هذا الوهم و أوقع فيه غيره

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 219

مكتبة «نهج البلاغة»

«و هناك خدمة ثانية أداها كتاب (نهج البلاغة) للغة العربية فقد كان فرصة ثمينة لحركة الافهام و العقول».

فان ذكرتم أن «نهج البلاغة» شرح نحو اربعين مرة، و أنّ فيه فصولات ترجمت الى بعض اللغات الغربية و الشرقية.

و... انه فتح امام النقد ابوابا و مذاهب.

و... انه أشهر مجموعة، و اكبر مجموعة حفظت منسوبة الى عصر الخلفاء.

و... انه شرق و غرب و لم تخل منه مكتبة عربية او اعجمية من المكتبات التي تستوفي اصول المراجع.

ان ذكرتم كل هذه الخصائص، عرفتم ان الشريف خدم الادب و اللغة و الاخلاق، بجمع اصول ذلك الكتاب.

(الدكتور زكي مبارك) لقد صار الشريف الرضي رحمه اللَّه بجمعه (نهج البلاغة) سببا لشحذ القرائح، و تحريك الاقلام، و تجاول الآراء: إذ ليس في المكتبة الإسلامية على تباعد أطرافها، و اتساع نطاقها، كتاب نال من العناية ما ناله هذا الكتاب فقد كثر الطالبون له في حياة مؤلفه، و شرحوه في أيامه، و تناوله العلماء

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 220

و الادباء حفظا و درسا، ثم تتابعت الشروح، و المؤلفات له و عليه، حتى قيل: ان شروحه بلغت المائتين.

قال العلامة المرحوم الشيخ محمد رضا آل كاشف الغطاء قد وقفنا حتى اليوم (يعني سنة 1360) على ستة و ستين شرحا ما عدا الشروح الخاصة بخطب مخصوصة و هي لا تقل عن تسعين شرحا، و يروي بعض العلماء بالتأليف و الآداب ان شروح النهج قد بلغت المائتين«».

و لو قدر لأحد أن يحظى بكل ما ألّف حول «النهج» قديما و حديثا لاجتمع له مكتبة برأسها تستحق أن يطلق عليها (مكتبة نهج البلاغة) يجد فيها المطالع امنيته، و المراجع بغيته في مختلف الأبحاث و العلوم.

و تنقسم هذه المكتبة إلى قسمين: الأول: شروح «نهج البلاغة».

الثاني: المؤلفات حول «النهج و المستدركات عليه».

كما ستقرؤه على الصفحات التالية بعون اللَّه تعالى.

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 221

شروح نهج البلاغة

لقد ذكر هذه الشروح كل من المحدث النوري أعلى اللَّه مقامه في (خاتمة مستدرك الوسائل) ج 3: 513، و السيد الأمين قدس سره في (أعيان الشيعة) ج 41: 267، و الشيخ الأميني دامت بركاته في (الغدير) و نثر الشيخ الرازي طائفة منها في تضاعيف (الذريعة) و قد تصرفت في نقولهم، و ادمجت بعضها ببعض، و زدت عليها ما عثرت عليه في أماكن أخرى، و اضفت الى ذلك ما لا يخلو من فائدة.

و ستعرف أن ابن أبي الحديد و اهم بقوله: «و لم يشرح هذا الكتاب يعني (نهج البلاغة)-  قبلي فيما أعلمه إلا واحد هو سعيد بن هبة اللَّه بن الحسن الفقيه المعروف بالقطب الراوندي، و هو من فقهاء الإمامية... إلخ»«».

خصوصا اذا جعلت نصب عينيك أن ابن ابي الحديد اكمل شرح نهج البلاغة سنة (644) ه و قد وقع في هذا الوهم أيضا صاحب «رياض العلماء»-  كما نقل عنه-  قال‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 222

رحمه اللَّه: (إن القطب الراوندي و هو أول من شرح نهج البلاغة... إلخ).

كما وقع في مثل ذلك أيضا شيخنا النوري رحمه اللَّه حيث ذكر (أن أول من شرحه أبو الحسن البيهقي)«» و تبعه على هذا شيخنا القمي في (الكنى و الالقاب) ج 3 ص 23 و ستعرف أن البيهقي مسبوق بشرح (نهج البلاغة)، كما وهم البيهقي كذلك بقوله في أول شرحه: (قرأت كتاب «نهج البلاغة» على الامام الزاهد الحسن بن يعقوب بن أحمد القارى، و هو و أبوه في فلك الأدب قمران، و في حدائق الورع ثمران في شهور سنة ست عشرة و خمسمائة، و خطه شاهد لى بذلك) إلى أن قال: (و لم يشرح قبلي من كان من الفضلاء السابقين هذا الكتاب... إلخ)«».

و إليك بعض شروح (نهج البلاغة).

1-  اعلام نهج البلاغة

للسيد العلامة علي بن ناصر المعاصر للسيد الرضي و هو أقدم الشروح، و اوثقها و اتقنها اوله: (الحمد للَّه الذي نجانا من مهاوي الغي و ظلماته، و هدانا سبيل الحق ببيّنات آياته...) إلخ«».

و اطلعت على نسخة من هذا الشرح في مكتبة الامام الفقيد الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء برقم: (848) مخطوطات، و في آخرها: بلغ مقابلة على نسخة ذكر أنها قوبلت على نسخة مسموعة، و ذلك في شهر المحرم أول شهور سنة سبعمائة.

ثم جاء بعد ذلك هذه العبارة: تمّ الكتاب بعون اللَّه و حسن تيسيره في‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 223

شهر رمضان المعظم من إحدى و تسعمائة في المشهد المقدّس المنصور على ساكنه السلام.

2-  المعارج في شرح نهج البلاغة:

للسيد على بن ناصر أيضا كما ذكر ذلك السيد في «الاعيان» ج 41 ص 267.

3-  شرح نهج البلاغة:

لمحمد بن احمد الوبري من اعلام القرن الخامس.

4-  التعليق على نهج البلاغة:

للسيد ضياء الدين ابي الرضا فضل اللَّه بن علي بن عبيد اللَّه الحسيني الراوندي من تلامذة الشيخ ابي علي بن الشيخ الطوسي، و من أسانيد ابن شهر اشوب.

و عن السمعاني انه قال في كتاب «الانساب»: «قصدت زيارة السيد ابي الرضا ضياء الدين فلما انتهيت الى داره وقفت على الباب هنيئة انتظر خروجه فرأيت مكتوبا على طرار الباب«» هذه الآية المشعرة بطهارته و تقواه (وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى‏ وَ.) الأحزاب: 33) فلما اجتمعت به رأيت منه فوق ما كنت أسمع عنه، و سمعت منه جملة من الأحاديث، و كتبت مقاطيع من شعره، و من أشعاره التي كتبها لي بخطه الشريف هذه الأبيات:

         هل لك يا مغرور من زاجر            أو حاجز من جهلك الغامر

         أمس تقضى و غدا لم يجي‏ء

            و اليوم يمضي لمحة الباصر

         فذلك العمر كذا ينقضي            ما أشبه الماضي بالغابر«»

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 224

و للسيد ضياء الدين غير «التعليق» مؤلفات منها: «ضوء الشهاب» و «كتاب الاربعين من الأحاديث» و «أدعية السر» و «شرح الرسالة الذهبية» و تاريخ التعليق المذكور سنة (511) ه.

5-  معارج نهج البلاغة

لأبي الحسن علي بن أبي القاسم زيد (من ذرية خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين صاحب رسول اللَّه صلىّ اللَّه عليه و آله و سلّم)«» البيهقي المتكلم الجليل الشهير بفريد خراسان، من مشايخ ابن شهر اشوب، و قد أخذ من أستاذه هذا كتاب «حلية الاشراف»«» تأليف والده كما ذكر ذلك في مقدمة كتاب «مناقب آل ابي طالب».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 225

و ذكر في هذا الشرح طرقه الى السيد الرضي رحمه اللَّه فقال: (قرأت في كتاب «نهج البلاغة» على الامام الزاهد الحسن بن يعقوب بن احمد القارى-  الى ان قال-  في شهور سنة ست عشرة و خمسمائة و خطه شاهد لي بذلك، و الكتاب سماع له عن الشيخ جعفر الدوريستي الفقيه«»، و الكتاب سماع لي عن والدي الامام أبي القاسم زيد بن محمد البيهقي«»، و له اجازة عن الشيخ جعفر الدوريستي، و خط الشيخ جعفر شاهد عدل بذلك، و بعض الكتاب سماع لي عن رجال لي رحمة اللَّه عليهم، و الرواية الصحيحة في هذا الكتاب رواية ابي الأغر محمد بن همام البغدادي تلميذ الرضي، و كان عالما بأخبار أمير المؤمنين عليه السّلام«».

و بهذا تعرف عناية العلماء في رواية (نهج البلاغة) و ضبطه.

و قال في أول شرحه على (النهج): التمس مني الإمام السعيد جمال المحققين أبو القاسم علي بن الحسن الخونقى النيسابوري«» أن أشرح (نهج البلاغة)-  ذلك الإمام الزاهد الورع من لجّة بحر الحياة.

ثم أهدى شرحه هذا إلى ملك النقباء على بن محمد بن هبة اللَّه النيسابوري.

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 226

و السيد علي بن محمد هذا وصفه البيهقي في أول شرحه على (نهج البلاغة) بقوله: و خدمت بهذا الكتاب خزانة السيد الأجل العالم عماد الدولة و الدين، جلال الاسلام و المسلمين، ملك النقباء في العالمين... إلخ.

و ألف البيهقي أيضا بالتماسه (لباب الأنساب) فرغ منه في شهر رمضان سنة 558«».

و للبيهقي غير الشرح المذكور من الكتب (أسئلة القرآن مع الأجوبة) و (إعجاز القرآن) و (قرائن القرآن)، و (مشارب التجارب) و (تلخيص مسائل من الذريعة) للسيد المرتضى، و (الإفادة للشهادة) و (جواب يوسف اليهودي) و غيرها.

و البيهقي هذا من ذرية خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين الأنصاري صاحب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم المقتول مع علي عليه السّلام بصفين و سيأتي في الخطبة (180) تأوه أمير المؤمنين عليه.

6-  المعراج في شرح نهج البلاغة:

مجهول المؤلف، ذكره الشيخ النوري نور اللَّه ضريحه عند كلامه على شرح القطب الكيدري كما سيجي‏ء.

7-  منهاج البراعة:

للامام أبي الحسن سعيد بن هبة اللَّه بن الحسن المعروف بقطب الدين الراوندي الفقيه الحجة في كل فنون العلم، المصنف في كلّها من أعاظم علماء الامامية و محدثيهم، و هو أحد مشايخ ابن شهر اشوب، و يروي عن جماعة

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 227

من المشايخ كأمين الاسلام الطبرسي، و المرتضى الرازي، و العماد الطبري و ابن الشجري و الآمدي و غيرهم.

و من مؤلفاته (خلاصة التفاسير) في عشر مجلدات و هذا التفسير أجمع الجوامع لعلوم القرآن و (فقه القرآن) و (الخرائج و الجرائح) و (قصص القرآن) و (شرح خطبة نهج البلاغة) أي مقدمة الرضي للنهج، كما سيأتي إن شاء اللَّه.

و يروي الشيخ قطب الدين الراوندي (نهج البلاغة) عن الشيخ عبد الرحيم البغدادي المعروف بابن الاخوة، عن الفاضلة الجليلة السيدة النقية بنت السيد المرتضى علم الهدى عن عمّها الشريف الرضي رحمهم اللَّه تعالى.

و له طريق آخر في روايته للنهج عن السيدين المرتضى و المجتبى ابني الداعي الحسين الحلبي عن أبي جعفر الدوريستي عن السيد الرضي.

و قد أكثر ابن أبي الحديد في شرحه نقد شرح القطب الراوندي، و الايراد عليه، و أخفى كلّ محاسن هذا الكتاب و حسنات مؤلفه، و قد رأى القذاة في عين الراوندي و لم ير الجذع في عينه.

هذا و قد حدثني العلامة المحقق الشيخ محمد السماوي سنة 13 أن في مكتبته نسخة خطية من شرح القطب الراوندي، و قال إنه على استعداد لاعطائها من يريد طبعها بلا عوض و لا ندري أين مثواها الآن، لأن مكتبة الشيخ محمد السماوي رحمه اللَّه تبددت بعد موته، و كان من حرصه عليها لو تمكن أن لا يراها النسيم لفعل.

و حدثني الاستاذ المتتبع السيد عبد العزيز الطباطبائي بحضرة الشيخ صاحب (الذريعة) قدس سرّه أن نسخة خطية من (شرح نهج البلاغة) هذا بمجلس الشورى في طهران برقم (7565) و قال: إنه عازم على تصوير

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 228

نسخة منه لمكتبة الامام أمير المؤمنين في النجف الاشرف، كما سبق أن صوّر لها عددا من المخطوطات.

توفي القطب الراوندي رحمه اللَّه في شوال سنة (573) و قبره بقم بجوار الحضرة الفاطمية مزار مشهور.

8-  حدائق الحقائق:

لأبي الحسين محمد بن الحسين البيهقي النيسابوري الكيدري نسبة الى كيدر، قرية من قرى بيهق، او الكندري-  بالنون بعد الكاف-  نسبة الى قرية من قرى نيسابور، من علماء الامامية صاحب كتاب (الاصباح) في الفقه، و (أنوار العقول) في الأشعار المنسوبة لأمير المؤمنين عليه السّلام.

و سيأتي لنا بحث شامل في هذا الكتاب-  إن شاء اللَّه-  في الديوان المنسوب لأمير المؤمنين عليه السّلام عند الكلام في مصادر الكلمة رقم (190) في باب الكلمات القصار و هي قوله عليه السّلام: «و اعجبا أتكون الخلافة بالصحابة و لا تكون بالصحابة و القرابة» كما سيأتي ذكر ل (أنوار العقول) هناك.

و الكيدري من معاصري القطب الرواندي، و قد فرغ من شرحه على «النهج» سنة (576) و قال في أوّله بعد كلام طويل: فعنّ لي أن أشرع في شرح هذا الكتاب مستمدا-  بعد توفيق اللَّه-  من كتابي (المعراج) و (المنهاج) غائصا على دررهما كافلا بإيراد فوائد على ما فيهما، و زوائد لا كزيادة الاديم، بل كما زيد في العقد من الدر اليتيم، و متمما ما تضمناه.. إلخ و (المنهاج) و (المعراج) من شروح (نهج البلاغة) قال شيخنا النوري نور اللَّه ضريحه: أما (المنهاج) فهو شرح الراوندي و أما (المعراج) فلا أعرف مؤلفه. اه.

و قد ذكرنا (المعراج) فيما تقدم.

9-  مناهج نهج البلاغة:

للامام قطب الدين الكيدري أيضا ذكره السيد ابو محمد الحسن الصدر في‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 229

(تأسيس الشيعة ص 417) و قد لخصه ابو علي الحسن بن محمد السبزواري في كتاب سماه (بهجة المناهج) كما سيأتي إن شاء اللَّه.

10-  شرح نهج البلاغة:

للشيخ أفضل الدين الحسن بن علي بن أحمد الماه آبادي أحد مشايخ صاحب (الفهرست) الشيخ منتجب الدين المتوفى بعد سنة (585).

قال في (أمل الآمل) 2: 69: الشيخ الامام أفضل الدين الحسن بن علي بن أحمد الماه آبادي علم في الأدب، فقيه صالح، ثقة متبحر، له تصانيف منها: (شرح النهج)، (شرح الشهاب)، (شرح اللمع)، كتاب (رد التنجيم) كتاب في الاعراب، (ديوان شعره)، (ديوان نثره).

11-  شرح النهج:

للقاضي عبد الجبار المردد بين جمع مقارنين بعصر شيخ الطائفة الطوسي.

و هم الفقهاء الأفذاذ: 1-  القاضي ركن الدين عبد الجبار بن علي الطوسي.

2-  القاضي عبد الجبار بن فضل.

3-  عبد الجبار بن منصور.

4-  عبد الجبار بن أحمد المتوفى بالري عام 415 صاحب كتاب (المغني) الذي نقضه المرتضى ب (الشافي).

5-  عبد الجبار بن عبد اللَّه المقري الرازي.

6-  عبد الجبار بن محمد الطوسي.

7-  أبو علي عبد الجبار بن الحسين. و سيأتي ذكر لهذا الشرح برقم 26.

12-  شرح نهج البلاغة:

للفخر الرازي أبي عبد اللَّه محمد بن عمر المفسر المشهور المتوفى عام (606)

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 230

لم يتم كما صرح به القفطي في (تاريخ الحكماء) و الصفدي في (الوافي بالوفيات) و كما أن الرازي لم يتم شرحه على (نهج البلاغة) كذلك لم يتم تفسيره للقرآن الكريم فأتم التفسير ابو العباس أحمد بن محمد بن مكي القرشي القمولي صاحب كتاب (المحيط في شرح الوسيط) و غيرها المتوفى في رجب سنة 727.

13-  شرح نهج البلاغة:

لأبي الفضل يحيى بن أبي طي حميد بن ظافر البخاري من تلامذة ابن شهر اشوب.

قال ابن حجر في (لسان الميزان) ج 6 ص 263: ولد في حلب سنة (575) و قرأ القرآن، ثم جرّد رواية أبي عمر، و أكثر رواية نافع، و تعاطى صنعة التجارة مع والده، و كان مقدما فيها، ثم نظم الشعر، و مدح الظاهر بن السلطان صلاح الدين الأيوبي، و استقرّ في شعرائه و أخذ الفقه عن أبي جعفر محمد بن علي بن شهر اشوب المازندراني، و كان بارعا في الفقه على مذهب الامامية، و له مشاركة في الاصول، و القراءات، و أخذ عن غيره، اه.

له من المؤلفات (معادن الذهب في تاريخ حلب) و (فضائل الائمة) و (خلاصة الخلاص في آداب الخواص) و (الحاوي في رجال الامامية) و (سلك النظام في أخبار الشام) و غيرها، توفي سنة 630.

14-  شرح نهج البلاغة:

ألفه علامة المعتزلة الفاضل عز الدين عبد الحميد بن محمد بن محمد بن أبي الحديد المعتزلي المدائني لخزانة الوزير أبي طالب محمد بن أحمد بن علي العلقمي المتوفى عام (656) وزير المستعصم آخر خلفاء بني العباس، صنفه في مدة أربع سنين و ثمانية أشهر-  كما في آخر الكتاب-  و لما فرغ من تصنيفه أنفذه على يد أخيه موفق الدين كما عن كتاب «معجز الآداب في معجم الالقاب»

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 231

لأحمد بن محمد الشيباني-  قال: فبعث له بمائة دينار و خلعه سنية و فرس فكتب الى الوزير:

         أيا رب العباد رفعت ضبعي            و طلت بمنكبي و بللت ربقي‏

         وزيغ الأشعري كشفت عني‏

            و لم أسلك ثنيات الطريق‏

         أحب الاعتزال و ناصريه            نعم و فريقهم أبدا فريقي‏

         و «شرح النهج» لم أدركه إلا

            بعونك بعد مجهدة و ضيق‏

         تمثل إذ بدأت به لعيني            هناك كذروة الطود السحيق«»

         فتمّ بحسن عونك و هو أنأى‏

            من العيّوق أو بيض الأنوق«»

         بآل العلقمي ورت زنادي            و قامت بين أهل الفضل سوقي«»

         فكم ثوب أنيق نلت منهم‏

            و نلت بهم، و كم طرف عتيق«»

         أدام اللَّه دولتهم و أنحى            على أعدائهم بالخنفيق«»

 

و ذكر ابن سنجر في «تجارب السلف» ما هذا معرب بعضه: قال (لما حمل الشرح الى مجلس الوزير أخرج الفا (يعني من الدراهم) و عشرة تخوت«»

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 232

ثياب للرجال و النساء، و وهب له جارية تركية و أعطاه غلامين حبشيين، و فرشا و أواني ثمينة، فقال ابن أبي الحديد: ما كنت أحسب أني أبلغ كلّ هذا عندك، او أستحق ذلك فقال ابن العلقمي: خل هذا عنك، و أين يقع هذا مما يجب لك و سأرعى حقك ما دمت حيا.

فلما أراد ابن أبي الحديد النهوض أخرج معه حاشيته و أركبوه و ساروا حوله حتى أوصلوه الى داره.

قال: و لما وقعت حادثة المغول أخذوا ابن أبي الحديد و أخاه موفق الدين و أرادوا قتلهما، فسعى ابن العلقمي في خلاصهما، و تشفع إليهم بنصير الدين الطوسي فخلوا عنهما، فأقبل ابن أبي الحديد يشكر ابن العلقمي على حسن فعله فقال ابن العلقمي: و اللَّه لو افتديتكما بنفسي لكان ذلك قليلا، لأنك خلدت اسمي في كتابك) اه ملخصا«».

و شرح ابن ابي الحديد من اشهر الشروح، و اكثرها انتشارا، و اغزرها مادة، و أكثرها فائدة، و قد حدثني استاذي المرحوم السيد كاظم الخطيب، قال: لقد قرأت شرح ابن أبي الحديد عدة مرات من فاتحته الى خاتمته و مع ذلك كلما اعدت مراجعته أجد فيه ما كأني لم أقرأه، و لم أعرج عليه.

و للدكتور صفاء خلوصي كلمة ضافية حول شرح ابن أبي الحديد نشرتها مجلة (المعلم الجديد) بعنوان (الكنوز الدفينة في شرح ابن ابي الحديد لنهج البلاغة) نقتطف منها ما يلي: «كتاب و لا كالكتب، بل بوسعي أن أقول: إنه من الكتب القليلة

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 233

النادرة التي تجمع بين المتعة و الفائدة الى أقصى حدودهما، مع نصاعة في الديباجة، و حلاوة في اللغة، و سلامة في التعبير، و سلاسة في البيان، فأنت حين تقرأ الكتاب تشعر كأنك تطالع دائرة معارف تزودك بمعلومات لغوية، و أدبية، و تاريخية، و فلسفية، على صعيد واحد ضمن إطار (نهج البلاغة) للامام علي.

و ليس هذا فحسب بل إن كثيرا من الكتب التي أصبحت في عداد التراث العربي المفقود لا تزال عناوينها و مقتبسات منها محفوظة فيه.

و بوسع القارئ المطالع له أن يقتبس شيئا جديدا من كل فصل من فصوله، إن لم أقل من كل صفحة من صفحاته، فهو الكتاب القديم الجديد دائما و ابدا.

و تجد التاريخ الإسلامي من عهد الرسالة الى سنة 623 ه أي قبل سقوط بغداد على يد التتر بثلاثة عشر عاما موزعا في ثنايا الكتاب بأجزائه الاربعة«».

و أمتع فصل في الكتاب هو الفصل الخاص بالزحف التتري بقيادة جنكيزخان على البلاد الاسلامية، و الامور التي يرويها هي مما عاصره فشهده بنفسه، او سمع به في حياته.

و لا يقل فصل حرب صاحب الزنج عن فصل هجمات التتار على البلاد الاسلامية متعة و فائدة.

و لقد ذكرنا في بداية بحثنا هذا: ان شرح ابن أبي الحديد يضم أجزاء من كتب لم يبق لها أثر، و هو من هذه الناحية أشبه بمتحف المخطوطات ممزقة قديمة، فمن تلك مثلا: (كتاب صفين) لنصر بن مزاحم المنقري، و كتاب (التاج) لابن الراوندي، و كتاب (العباسية) للجاحظ، و (الموفقيات)

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 234

للزبير بن بكار، و كتاب (السقيفة) لأحمد بن عبد العزيز الجوهري، و كتاب (وقعة الجمل) لأبي مخنف، و كتاب (الغارات) لابن هلال الثقفي، و كتاب (الجمع بين الغريبين) للهروي، و (الجراح) لقدامة بن جعفر، و يلوح ان ما تبقى من كتاب (الغارات)«» في مضامير شرح ابن أبي الحديد اكثر من غيره من المصادر البائدة، و لكثرة المصادر المتوفرة ايام ابن أبي الحديد قبل كارثة التتار نجد في كتابه معلومات لا تتهيأ لنا في كتب اخرى.

و يروى استنادا الى المصادر الصحيحة التي كانت بجوزته أنه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم مكث قبل الرسالة سنين عشرة يسمع الصوت و يرى الضوء، و لا يخاطبه أحد، و كان ذلك إرهاصا لرسالته عليه السّلام، فحكم تلك السنين العشرة حكم ايام رسالته، و معنى ذلك تقليص ايام الجاهلية عشر سنوات اخرى، و إدخال يوم ولادة الامام علي في العهد الاسلامي لا الجاهلي الوثني.

و الكتاب من أفضل المراجع لدراسة موضوع «الخوارج» و لا يكاد يوازيه في الأفضلية غير «الكامل» للمبرد الذي هو من بعض مصادره.

و ينهج ابن ابي الحديد نهجا روائيا تصويريا في كتاباته مما يجعلها ممتعة غاية الامتاع.

و تنشر في ثنايا «الشرح» نقاط لغوية ممتعة بينها ما يهم الباحثين في علم اللغات.

و يبدو ان ابن أبي الحديد تعمد في أن يجعل كتابه مرجعا للملاحم الداهية

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 235

في تاريخ الاسلام فمن معركة الجمل الى صفين و غارات الخوارج الى ثورة الزنج، و غزوات التتار المفجعة المؤلمة، و لقد تفصل بصورة خاصة في ثورة الزنج (ج 2 ص 488-  540) و لا اعتقد ان هناك مرجعا أوفى و أدق من كتاب ابن أبي الحديد في هذا الموضوع.

و هكذا نجد بوجه عام ان ابن أبي الحديد قد جعل (شرح نهج البلاغة) اطارا جميلا بصورة رائعة تزدحم فيها الوقائع التاريخية، و البحوث الأدبية و المناقشات الفلسفية، فهو بحق منجم لكنوز دفينة لا تقوم بثمن»«».

توجد في مكتبات النجف الأشرف الخاصة و العامة عدة نسخ من شرح ابن أبي الحديد كتبت بأزمان مختلفة أهمها نسخة مكتبة المشهد العلوي و لعلها من أقدم النسخ الخطية، كما توجد نسخة كاملة بعشرين جزء بخطوط مختلفة بمكتبة المتحف البريطاني برقم (136) و نسخة اخرى بمكتبة الفاتيكان بروما برقم (986)، و حدثني العلامة المرحوم الشيخ محمد السماوي في سنة (1359) ه قال: عرضت عليّ النسخة التي هي بخط ابن أبي الحديد ناقصة بعض الأجزاء منذ سنين فعجزت عن شرائها يومذاك و اشتراها الاستاذ خليل عزمي بمائة و خمسين روبية ا ه.

و رأيت مجلدا يحتوي على النصف الاول من الشرح المذكور عند العلامة الاستاذ الشيخ اسد حيدر، مخطوط بخط واضح غاية في الجودة، و من لطيف الصدف أن الشيخ اسد دخل الصحن الحسيني الشريف فوجد هذا المجلد معروضا للبيع فاشتراه و تصفحه و إذا به يجد عليه ملكية والده بخطه، كما وجد بعض الحواشي و التصحيحات بخط والده أيضا و قد أكل التصحيف منها جانبا، و سأل بعد ذلك الشيخ محمد السماوي عن النصف الثاني من هذه النسخة فأخبره بوجوده في مكتبة بعض الاعلام في النجف.

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 236

هذا و يعد ابن أبي الحديد، من خصوم الشيعة، و أشدّ مناوئيهم رغم ما يظهر من حبّه لعلي عليه السّلام، و إظهار تفضيله.

و رأيت بخط الامام المرحوم كاشف الغطاء على ظهر المجلد الاول من الشرح من الطبعة ذات المجلدين المطبوعة على الحجر في ايران الموجودة في مكتبته العامة الشهيرة في النجف الأشرف ما معناه: (نعم المؤلف لو لا عناد المؤلف) فتأمل هذه العبارة من هذا المطلع المتتبع لتعرف أن هؤلاء الذين نسبوا ابن أبي الحديد الى التشيع على جانب من الخطأ عظيم.

و سمعت المرحوم الثقة السيد كاظم الحسيني الخطيب«» ينقل عن الامام الشيخ محمد طه نجف قدس سره أنه قال: «لو أوقف خصوم أمير المؤمنين عليه السّلام بين يدي اللَّه ما استطاعوا ان يعتذروا عن أنفسهم كما اعتذر عنهم ابن أبي الحديد».

لذلك كثر الرد عليه من اعلام الامامية، و اليك أسماء بعض الكتب المفردة في الردّ عليه مضافا إلى من تعرضوا لرده حسب ما تقتضيه المقامات من أبواب كتبهم:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 237

أ-  الروح في نقض ما أبرمه ابن أبي الحديد للسيد جمال الدين أبي الفضائل احمد بن موسى بن جعفر (شقيق السيد علي بن طاوس) و كان من فقهاء أهل البيت، له أكثر من ثمانين مصنفا منها (نقض الرسالة العثمانية) و (الملاذ في الفقه) و (العدّة في أصول الفقه) و (شواهد القرآن) و (عين العبرة في غبن العترة) توفى في الحلة سنة 683-  677 و مرقده الشريف في الحلة ظاهر معروف.

ب-  سلاسل الحديد و تقييد اهل التقليد: لعلامة البحرين السيد هاشم بن سليمان البحراني التوبلي المتوفى (1107) انتخبه من شرح ابن ابي الحديد ورد عليه، ذكر في (لؤلؤة البحرين) ص 54، و في (انوار البدرين) ص 138، و في (الذريعة) ج 21 ص 210 و قد سمي هذا الكتاب باسم رسالة للسيد ماجد البحراني المتوفى 21 شهر رمضان (1028) اسمها (سلاسل الحديد في تقييد اهل التقليد) و الظاهر من اسم هذه الاخيرة ان موضوعها في الانتصار للاخباريين.

ج-  سلاسل الحديد في الرد على ابن ابي الحديد للشيخ يوسف الكوفي الأوالي ذكره ابو الثناء الآلوسي في «الفيض الوارد في مرثية خالد» ص 30، و اظن انه الآتي و لكن الشيخ يوسف البحراني لا يعرف بالكوفي.

د-  سلاسل الحديد في تقييد ابن ابي الحديد: للشيخ يوسف البحراني صاحب (الحدائق الناضرة) المتوفى سنة (1186) ه وصفه مؤلفه في آخر (لؤلؤة البحرين) بقوله: (ذكرت في أوله مقدمة شافية في الإمامة تصلح أن تكون كتابا مستقلا، ثم نقلت من كلامه في الشرح المذكور ما يتعلق بالإمامة و أحوال الخلفاء و ما يناسب ذلك و يدخل تحته، و بينت ما فيه من الخلل و المفاسد الظاهرة لكل طالب و قاصد،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 238

خرج منه مجلد و من المجلد الثاني ما يقرب من الثلث و عاق الإشتغال بكتاب «الحدائق» عن اتمامه) اه.

و قال الشيخ آغا بزرك: «رأيته في كتب السيد خليفة و اشتراه الميرزا محمد الطهراني لمكتبته (مكتبة الطهراني بسامراء) و قد اوقفت بعد وفاته»«».

ه-  الرد على ابن ابي الحديد: للشيخ علي بن الشيخ حسن البلادي البحراني المتوفى عام (1340) ه صاحب كتاب (انوار البدرين) ذكره في (الانوار) ص 372 قال (لنا حواش كثيرة على شرح ابن ابي الحديد للنهج المرتضوي ورد عليه).

و قد لخص شرح ابن ابي الحديد فخر الدين عبد اللَّه المؤيد باللَّه و أسماه «العقد النضيد المستخرج من شرح ابن ابي الحديد» توجد منه نسخة مؤرخة بسنة (1080) ه، كما اختصره السلطان محمود الطبسي-  كما سيأتي-  إن شاء اللَّه، و انتخب منه الشيخ محمد بن قنبر علي الكاظمي كتابا سماه «التقاط الدرر المنتخب» فرغ منه سنة (1283) ه قال شيخنا الإمام الطهراني: و النسخة بخطه في خزانة كتب سيدنا الحسن صدر الدين الكاظمي ا ه.

و نقله الى الفارسية المولى شمس بن محمد بن مراد سنة (1013) ه كما ترجمه بالفارسية الحاج نصر اللَّه بن فتح اللَّه الدزفولي، و زاد عليه كما سيأتي.

و-  النقد السديد لشرح الخطبة الشقشقية لابن ابي الحديد: للفاضل الورع الشيخ محسن كريم نزيل (الخضر) اليوم اقتصر فيه على رد بعض أقوال ابن ابي الحديد في شرح الشقشقية، و قد طبع الجزء الأول منه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 239

في النجف في سنة (1383) و هو عازم على اخراج الجزء الثاني-  أرجو له من اللَّه التوفيق.

و رأيت عند العلامة المرحوم الشيخ طالب حيدر كراريس قرأ علينا منها فصولا جيدة يرد فيها على ابن ابي الحديد في اعتذاره عن خصوم أمير المؤمنين عليه السّلام.

و قبل أعوام ظهر كتاب (تشريح شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد) لمحمود الملاح و هو كتاب ملي‏ء بالطعن على الامام علي و شيعته، و جحود فضائله و مناقبه، و نكران البديهيات من الامور، و المسلمات من القضايا، بل لم يسلم من تجريحه حتى علماء المسلمين من غير الشيعة امثال: الإمام أحمد ابن حنبل، و النسائي، و ابن قتيبة، و الزمخشري، و سبط ابن الجوزي، و ابن الصباغ المالكي، و الإمام الشيخ محمد عبده، و الاستاذ محمد محي الدين عبد الحميد و أحمد زكي شيخ العروبة و غيرهم، بل و حتى أحمد أمين و العقاد و محمد سيد كيلاني مع مشاركتهم له في الرأي بالتشكيك بنسبة كل ما في (نهج البلاغة) للإمام علي عليه السّلام.

و لم يخف على أهل النظر من العراقيين-  و قتئذ-  السبب و الغاية من تأليف هذا الكتاب، و من خدمهم فيه و لمصلحة من اخرجه و قد رد عليه الاستاذ رياض حمزة شير علي بكراسة أسماها «الملاح التائه» باسلوب تهكمي مدعوم بالحقائق الناصعة، و الحجج الرصينة، و قد طبع هذا الرد مرتين.

كما ألف الأديب الشاعر عبد الحسين الشيخ موسى السماوي في رده (مبضع الجراح في تشريح الملاح) و قد طبع و نشر يومذاك.

و كما لعلماء الشيعة ردّ على ابن ابي الحديد كذلك لعلماء السنة ردّ عليه لما يذهب إليه من تفضيل علي عليه السّلام و من جملة الردود (سلاسل الحديد في رد

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 240

ابن ابي الحديد) لمصطفى بن محمد أمين الواعظ من علماء بغداد توفي سنة 1331 ه توفى ابن ابي الحديد سنة (656) على الأصح بعد وفاة ابن العلقمي بأيام قلائل، فعن (الحوادث الجامعة) في وفيات سنة (656).

(توفى فيها الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي«» في جمادي الآخرة ببغداد... و القاضي موفق الدين أبو المعالي القاسم بن ابي الحديد المدائني في جمادى الآخرة فرثاه اخوه عز الدين عبد الحميد بقوله:

         أ أبا المعالي هل سمعت تأوهي            فلقد عهدتك في الحياة سميعا

         عيني بكتك و لو تطيق جوانحي‏

            و جوارحي أجرت عليك نجيعا

         أنفا غضبت على الزمان فلم تطع            حبلا لاسباب الوفاء قطوعا

         و وفيت للمولى الوزير فلم تعش‏

            من بعده شهرا و لا اسبوعا

         و بقيت بعد كما فلو كان الرد            ى بيدي لفارقنا الحياة جميعا

 

فعاش عز الدين بعد أخيه أربعة عشر يوما).

خلف ابن ابي الحديد خمسة عشر مؤلفا أشهرها ذكرا و أعلاها قدرا و أعمها نفعا هو (شرح نهج البلاغة).

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 241

15-  شرح نهج البلاغة:

للسيد السند رضي الدين ابي القاسم علي بن موسى بن جعفر الطاوسي الحسني صاحب الكرامات المعروفة، و الفضائل المشهورة، كان أعبد أهل زمانه و ازهدهم مع ما جمع اللَّه له من خير الدنيا و الآخرة، و كان من المعظمين لشعائر اللَّه بحيث ما ذكر الاسم المبارك (لفظ الجلالة) في واحد من مؤلفاته العديدة إلا و عقبه بقوله: جل جلاله.

و كان دأبه في غلاة ضياعه الكثيرة، و أراضيه الواسعة، أن يحتفظ بعشر لنفسه و يخرج تسعة اعشار في سبيل اللَّه تعالى.

و ليس غرضي ان اترجم له في كتابي هذا، و استقصي تفاصيل احواله-  فهو اشهر من ان يذكر-  و انما أردت-  علم اللَّه-  ان اتبرك بذكره، و اشرف كتابي بشي‏ء من احواله.

له مؤلفات يطول المقام بتعدادها منها: (شرح نهج البلاغة) الذي نحن بصدده، ذكره صاحب (كشف الحجب)، و مما يؤسف له أن هذا الشرح لا يعرف منه إلا اسمه ككثير من شروح (نهج البلاغة) التي عاث بها الزمن، و لعبت بها الأيدي الأثيمة.

توفى رضوان اللَّه عليه يوم الإثنين خامس ذي القعدة سنة (664).

16-  شرح نهج البلاغة:

لابي طالب تاج الدين علي بن انجب بن عثمان بن عبد اللَّه البغدادي المشهور بابن الساعي، خازن الكتب للمستنصر العباسي، كان فقيها محدثا، مؤرخا شاعرا أديبا، له مؤلفات كثيرة في التفسير و الحديث، و الفقه و التاريخ منها (شرح نهج البلاغة) و أشهرها (مختصر اخبار الخلفاء) المعروف بتاريخ ابن الساعي، يبحث عن تاريخ الدولة العباسية من تشكيلها إلى‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 242

انقراضها طبع بمصر سنة 1309 ه و معه (غاية الاختصار) لابن زهرة الحسيني نقيب العلويين في حلب.

17-  شرح نهج البلاغة:

لكمال الدين ميثم بن علي بن ميثم«» البحراني العالم المحقق، و الفيلسوف المتبحر، و الحكيم المتأله، يروى عن علي بن سليمان البحراني، و نصير الدين الطوسي.

قيل: إنّ كمال الدين ابن ميثم تلمذ على نصير الدين الطوسي في الحكمة، و تلميذ نصير الدين على ابن ميثم في الفقه.

و روى عنه العلامة الحلي، و السيد عبد الكريم بن طاوس.

و كتب الشيخ سليمان البحراني في احواله رسالة سماها «السلافة البهية في الترجمة الميثمية» قال فيها: «و من اطلع على شرح نهج البلاغة الذي صنفه للصاحب عطاء الملك الجويني و هو عدة مجلدات شهد له بالتبرز في جميع الفنون الاسلامية و الحكمية و الأسرار العرفانية»«»، و قد اطلعت أنا على رسالة الماحوزي في الشيخ ميثم في مجموعة عند الخطيب الشيخ محمد صادق آل عصفور في قرية الدراز في البحرين و في آخرها كتب الترجمة الموسومة بالسلافة البهية سليمان بن عبد اللَّه البحراني في الليلة السابعة و العشرين من شهر جمادى الاولى للسنة الرابعة و المائة و الألف من الهجرة النبوية بعد ربع الليل تقريبا و الحمد للَّه رب العالمين.

و لا عجب فهذا الشيخ معدود في الفلاسفة و الحكماء، و العلماء و الفقهاء، و ذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 243

18-  شرح نهج البلاغة المتوسط

لابن ميثم أيضا فان له ثلاثة شروح على (نهج البلاغة) (الأول) الكبير و هو كتاب ممتع مشحون بدقائق الحكمة، دعاه الى تأليفه ما رآه من تشوق علاء الدين الجويني إلى كشف حقائق (نهج البلاغة) و قد مر ذكره قبل هذا، (الثاني) و هو هذا و اسمه أو اسم الذي يأتي بعده (مصباح السالكين) (الثالث) و هو الذي يأتي:

19-  شرح نهج البلاغة الصغير:

لابن ميثم أيضا، و هو الشرح الكبير لخصه باشارة علاء الدين المذكور لولديه نظام الدين ابي منصور محمد، و مظفر الدين أبي العباس علي فرغ من تلخيصه في آخر شوال سنة احدى و ثمانين و ستمائة.

و قال سيد (الأعيان) رحمه اللَّه: كتبت النسخة التي وجدت منه سنة (701) و قوبلت سنة (703) و كتب عليها السيد كاظم الرشتي: انه للامام يحى العلوي صاحب (الطراز) و السيد يحيى هذا توفى سنة (749).

و يذهب بعضهم: إنّ لابن ميثم شرحين على (النهج) فقط-  و هما الكبير و هو الذي ذكرناه أولا، و الصغير و هو الذي ذكرناه أخيرا-  و انما اشتبه من اشتبه بنسبة الثالث اليه من شرحه للمائة كلمة المروية عن علي عليه السّلام، غير أن صاحب (لؤلؤة البحرين) نقل عن الشيخ سليمان بن عبد اللَّه البحراني انه قال: «و سمعت من بعض الثقاة ان له شرحا ثالثا على (نهج البلاغة)«»» توجد نسخة من هذا الشرح في مدرسة الفاضل خانة، و نسخة اخرى في مدرسة المروى بطهران، و ثالثة عند آقا مجد الدين الخواجة نصيري ذكر ذلك ابن يوسف ج 2، 51.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 244

و لا يفوتني ههنا أن أتعرض لوصف شرح الشيخ ميثم رحمه اللَّه المسمى (منهاج العارفين) الذي شرح فيه (المائة المختارة) التي جمعها الجاحظ من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام، و التي مرّ الكلام عليها في باب الكتب المؤلفة في كلام أمير المؤمنين عليه السّلام.

و هذا الكتاب الجليل مرتب على ثلاثة أقسام: (القسم الأول) في المبادي‏ء و المقدمات، و يشتمل على ثلاثة فصول يندرج تحتها عدة مباحث، في النفس الحيوانية و تحقيقها، و برهان وجودها، و ماهية الادراك و الحواس الباطنة و الظاهرة، و القوى المحركة بالارادة، و الارواح الحاملة لهذه القوى، و النفس الانسانية و الفلكية و ماهيتهما، و البرهان على وجودهما، و الكلام في الكمالات العقلية الانسانية، و تفصيل لاصول الفضائل الخلقية ثم الكلام على احوال النفس بعد المفارقة، و البرهان على بقائها، و معنى السعادة و الشقاوة، و إثبات اللذة العقلية للنفوس الانسانية، و الاشارة إلى أحوال السالكين، و معنى الزاهد و العابد و العارف، و كيفية التمكن من الاخبار عن المغيبات، و الاتيان بخوارق العادات.

(القسم الثاني) في المقاصد و فيه فصول ثلاثة (الأول) في المباحث المتعلقة بالعقل و الجهل و العلم و الظن و النظر، و تكلم في تلك الامور في شرحه لاثنتين و عشرين كلمة من تلك (المائة) بدأها في شرح قوله صلوات اللَّه عليه (لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا) و ختمها في شرح قوله سلام اللَّه عليه (من نظر اعتبر) و (الثاني) في المباحث المتعلقة في الاخلاق الرضية و الردّية، و جعل ذلك في شرح اثنتين و ثلاثين كلمة من الكلمات المذكورة بدأ فيها بشرح قوله عليه السّلام (من عذب لسانه كثر إخوانه) و ختمها في شرح قوله عليه السّلام (لا صحة مع نهم) و (الثالث) في المباحث المتعلقة بالآداب و الحكم المصلحية و جعل ذلك في شرح ست و أربعين كلمة من تلك الكلمات، افتتحها بالكلام على قوله عليه السّلام (أكرم النسب حسن الأدب) و ختمها بشرح دعائه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 245

عليه السّلام (اللهم اغفر لنا رمزات الألحاظ، و سقطات الألفاظ، و هفوات اللسان، و سهوات الجنان).

أما (القسم الثالث) فيشتمل على فصلين (الاول) في بيان أن عليا عليه السّلام كان مستجمعا لجميع الفضائل (الثاني) في بيان اطلاعه عليه السّلام على المغيبات، و تمكنه من خوارق العادات.

و الكتاب قيم بكل معنى الكلمة و كل بحوثه مبنية على أسس علمية و قواعد فلسفية، و اصول حكمية، و ذلك ما دعاني لاستعراض محتوياته.

اطلعت على نسخة منه عند العالم الزاهد الشيخ حسين البلادي صاحب المؤلفات الكثيرة، و العلم الغزير. ثم انتقلت إلىّ بالشراء، أسأله تعالى أن يوفقني لنشرها. كما رأيت نسخة منها بمكتبة الإمام الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء. و قد طبعت أخيرا بطهران بتحقيق السيد جلال الأرومي رحمه اللَّه.

20-  شرح نهج البلاغة:

لأبي الفضائل الحسن بن محمد بن الحسن الصغاني العمري الحنفي اللغوي المحدثّ صاحب (مجمع البحرين) في اللغة، و (شرح صحيح البخاري) و (العباب) و قد مرّ أنه ألف (العباب) للوزير ابن العلقمي.

يوجد من تصانيفه في الخزانة الرضوية على مشرفها السلام كتاب (الشمس المنيرة) و يظهر من كتابه هذا وجوب الرجوع إلى أهل البيت عليهم السلام.

توفى سنة (650)«».

21-  شرح النهج:

لابن العنقا ذكره صاحب «وقائع الأيام» ص 357 و قال انه رأى في باب الكاف من كتاب «رياض العلماء» ما نقله مؤلف الرياض عن فهرس كتاب‏

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 246

«تحفة الابرار»«» تأليف السيد حسين بن مساعد بن الحسن الحسيني، و أوردها في آخر كتابه، و كلها من مؤلفات علماء السنة و الجماعة المعتمد عليهم، وعد من تلك الكتب (شرح نهج البلاغة) لابن العنقا، و قال انه جمعه من أربعة شروح... إلخ.

قال الشيخ الامام صاحب «الذريعة»: و لم يذكر ابن العنقا فيما بين ايدينا من الكتب«».

22-  شرح نهج البلاغة:

ذكره صاحب كتاب «وقائع الايام» أيضا عن «الرياض» عن «تحفة الابرار» لابن مساعد المذكور.

23-  شرح نهج البلاغة:

للعلامة الحلي جمال الدين أبي منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن علي ابن المطهر المتوفى عام (726) و يظهر من (الخلاصة) أنّ هذا الشرح مختصر من بعض الشروح و لم يسمّه، فانّه قدس سرّه ذكر من مؤلفاته (مختصر شرح نهج البلاغة) لكن الشيخ آغا بزرك ذكر في (الذريعة) من القسم غير المخطوط أنه مختصر شرح الشيخ ميثم البحراني، و قال: إن هذا المختصر موجود عند الميرزا محمد باقر الخونساري«».

24-  شرح نهج البلاغة:

للسيد يحى بن حمزة العلوي اليماني من أئمة الزيدية المتوفى سنة (749) صاحب كتاب (الطراز) و قد أشار الى شرحه هذا في مواضع من كتابه هذا نذكر منها في الجزء الأول ص: 118 و 166 و في الجزء الثاني: ص: 252 و غيرها.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 247

25-  النفائس في شرح نهج البلاغة:

لبعض علماء السنة موجود في الخزانة الرضوية على مشرفها السلام تاريخ كتابته سنة (759).

26-  شرح نهج البلاغة:

لكمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم العتائقي الحلي العالم المحقق، الفقيه المتبحر، من علماء المائة الثامنة و من معاصري الشهيد الأول له مؤلفات كثيرة في جملة من العلوم يوجد جملة منها في الخزانة العلوية في النجف الأشرف و بعضها بخطه، و منها (شرح نهج البلاغة) في أربعة مجلدات، جمعه من أربعة شروح، (شرح القاضي عبد الجبار) و (شرح ابن أبي الحديد) و (شرح كمال الدين البحراني) و (شرح الكيدري) و كان تاريخ فراغه من المجلد الثالث من الشرح المذكور شعبان سنة (780).

و من جملة ما كان في الخزانة العلوية من مؤلفات العتائقي (شرح ديوان المتنبي) بخطه في جزئين، و (شرح زبدة الإدراك في علم الأفلاك) لنصير الدين الطوسي و اسمه (الشهدة في شرح الزبدة) و (شرح التلويح) في الطب، فرغ منه في سرار شعبان سنة (774) و (شرح صفوة المعارف) و (المنتخب في لباب الأدب) في علم البلاغة، و لا يدري كيف هي اليوم إذ دون الوصول إليها خرط القتاد.

27-  شرح نهج البلاغة:

لسعد الدين مسعود بن عمر بن عبد اللَّه التفتازاني الهروي الشافعي المتوفى عام (792) في سمرقند، و كان حجة في البلاغة و المنطق، و له يد في الفقه و علم الكلام له كتب منها (المطول) و (الإرشاد) و (تهذيب المنطق) و (المقاصد) و (المفتاح)، و تفتازان قرية كبيرة من نواحي نسا من أعمال خراسان.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 248

28-  حواشي نهج البلاغة

للشيخ أحمد بن الحسن الناوندي من أعلام القرن السابع، و من تلامذة الشيخ جمال الدين الوراميني، و الحواشي المذكورة من تقريرات استاذه المذكور.

29-  التعليقات على (نهج البلاغة):

توجد منه نسخة في مكتبة المتحف (مكتبة الآثار العامة ببغداد) بخط السيد أحمد بن السيد ابراهيم الطباطبائي تاريخها (1103) ه و التعليقات المذكورة لبعض العلماء المجهولين و قد تقدمت منا الإشارة الى هذه الكتاب عند استعراضنا للنسخ المخطوطة من نهج البلاغة تحت عنوان (مشكلة الإضافات)«».

30-  التحفة العلية في شرح البلاغة الحيدرية:

للسيد أفصح الدين محمد بن حبيب اللَّه بن أحمد الحسيني كبير جدا، فرغ منه في صفر سنة (884) كتبه لبعض الملوك، و منه نسخة موجودة في مكتبة السيد الجليل السيد علي الهمداني في النجف الاشرف، و يسمى هذا الشرح أيضا بالمواهب الالهية.

31-  روضة الابرار في شرح نهج البلاغة:

لأبي الحسن علي بن الحسن الزواري الأصبهاني من علماء الامامية من تلامذة المحقق الكركي، له تآليف منها تفسير كبير بالفارسية يعرف بتفسير الزواري، و ترجم إلى الفارسية كتاب (كشف الغمّة) للاربلي، و (عدّة الداعي) لابن فهد الحلي، و (مكارم الأخلاق) للطبرسي، و (الاعتقاد)

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 249

للصدوق، و غيرها.

و الزواري-  بكسر الزاي-  نسبة إلى زوارة قصبة من أعمال اصبهان تعرف بقرية السادات لكثرة العلويين فيها.

32-  شرح نهج البلاغة:

لقوام الدين يوسف بن الحسن الشهير بقاضي بغداد المتوفى في حدود سنة 922 ذكره صاحب (كشف الظنون).

33-  منهج الفصاحة في شرح نهج البلاغة:

و هو بالفارسية تأليف جلال الدين الحسين بن شرف الدين عبد الحق المعروف بالالهي المتوفى سنة (950) ه العالم الفاضل المتبحر صاحب المؤلفات الكثيرة التي منها الشرح المذكور ألفه باسم السلطان الشاه إسماعيل الصفوي توجد منه مخطوطة بمكتبة مجلس الشورى بطهران برقم (5783). كما اخبرني بذلك الاستاذ السيد عبد العزيز الطباطبائي.

34-  تنبيه الغافلين و تذكرة العارفين:

شرح لنهج البلاغة بالفارسية مطبوع ألفه العلامة الجليل المولى فتح اللَّه ابن شكر اللَّه القاشاني المتوفى (988) ه.

35-  شرح نهج البلاغة:

بالفارسية أيضا تأليف عز الدين علي بن جعفر شمس الدين الآملي عالم فاضل فقيه محقق مدقق، جامع للعلوم العقلية و النقلية، و كان من شركاء الدرس مع الشيخ علي الكركي، و الشيخ إبراهيم القطيفي عند الشيخ علي بن هلال الجزائري له كتب منها الشرح المزبور.

36-  شرح نهج البلاغة:

بنحو الحاشية للمولى عماد الدين علي القارئ الاسترابادي أحد أعلام القرن العاشر.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 250

37-  شرح نهج البلاغة:

مجهول المؤلف، قال عنه المحدث النوري رحمه اللَّه: رأيته بمشهد الرضا عليه السّلام و قد سقط من أوله أوراق، و هو مختصر لم أعرف مؤلفه إلا أن النسخة كانت عتيقة جدا انتهى.

38-  منهاج الولاية:

شرح لنهج البلاغة بالفارسية للعلامة جمال السالكين عبد الباقي الخطاط الصوفي التبريزي، المعروف بحسن الخط في خط النسخ و الثلث كان فاضلا عالما محققا، يسلك مسلك الصوفية، و كان في عصر الشاه عباس الأول الصفوي له مؤلفات منها الشرح المذكور.

39-  شرح نهج البلاغة:

للشيخ علي المعروف بالحكيم الصوفي بالفارسية فرغ منه سنة (1016) ه قال السيد الأمين رحمه اللَّه: رأينا نسخة منه بهمدان.

40-  أنوار الفصاحة في شرح نهج البلاغة:

للمولى نظام الدين علي بن الحسن الجيلاني ثلاث مجلدات فرغ من الأول منها في (4 ربيع الأول سنة 1053 ه).

41-  شرح نهج البلاغة:

للشيخ نور محمد بن القاضي عبد العزيز بن القاضي طاهر محمد المحلي شرحه باللغة الفارسية سنة (1028) ه ينقل فيه أحيانا بعض كلمات الفلاسفة و العرفاء ذكره ابن يوسف في كتابه (نهج البلاغة چيست) ص 18 و قال إنّ نسخة منه في مكتبة مدرسة سپهسالار بطهران.

42-  شرح نهج البلاغة:

تعليقات للشيخ الرئيس أبو الحسن محمد الملقب ب (صديق الملك) علقها

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 251

بخطه الجيد على نسخة من (النهج) بأمر نظام الملك كاظم خان النوري، (لم يتم).

43-  شرح نهج البلاغة:

للشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي الحارثي علم الأئمة الاعلام، و شيخ علماء الإسلام، ولد في بعلبك يوم الاربعاء 17 من ذي الحجة سنة 953، و انتقل به والده و هو صغير إلى بلاد فارس، فنشأ في حجره و أخذ عنه و عن غيره، و برع حتى بذ أقرانه، و علا سعده، و تلألأ نجمه، و اختير لمشيخة الاسلام، فنهض باعبائها مدة ثم رغب في السياحة، فترك ذلك المنصب و قصد حج بيت اللَّه الحرام، ثم أخذ في السياحة فساح ثلاثين سنة اجتمع في أثنائها بكثير من أهل الفضل و أخذ عنهم و أخذوا عنه، ثم عاد إلى إيران فقلد مشيخة الاسلام، و فوضت إليه امور الشريعة، و كان ينوي العودة إلى السياحة غير أن الأجل وافاه في 12 شوال سنة (1031) و هو مقيم يومئذ بإصبهان فحمل إلى مشهد الإمام الرضا عليه السّلام و دفن في داره قريبا من الحرم الرضوي، و قبره مزار مشهور، و قد زرته في سنة (1374) ه و رأيت مؤلفاته بأجمعها قد وضعت في خزانة خاصة عند مرقده الشريف.

له مؤلفات مشهورة، و أكثرها مطبوع، منها (الكشكول) و (المخلاة) و (العروة الوثقى) و (مفتاح الفلاح) و (الجامع العباسي) و (خلاصة الحساب) أما شرحه على «النهج» فانه لم يتم.

44-  العقد النضيد المستخرج من شرح ابن ابي الحديد:

لفخر الدين عبد اللَّه بن المؤيد باللَّه و قد مر ذكره عند الكلام على شرح ابن أبي الحديد، توجد منه نسخة في مكتبة المجلس النيابي بطهران كما في (الذريعة): ج 14 ص 134.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 252

45-  شرح نهج البلاغة:

للعالم الحكيم الشيخ حسين بن شهاب الدين بن الحسين العاملي الكركي المتوفى في 11 صفر سنة 1076، ترجمه في «السلافة» و اثنى عليه كثيرا، و ذكر قدومه إلى والده في بلاد الهند سنة 1074 و وفاته هناك في التاريخ المتقدم عن 64 عاما، له كتب منها الشرح المذكور و هو من الشروح المبسوطة، و «عقود الدرر» و «الاسعاف» و «مختصر الاغاني»«»، و كان عالما أديبا شاعرا فصيح اللسان، حاضر الجواب له شعر جليل، أكثره في مدح أهل البيت عليهم السلام، سكن اصفهان مدة ثم حيدر آباد و توفى بها في 11 صفر سنة 1076 و من شعره:

         جودي بوصل أو ببين            فاليأس إحدى الراحتين‏

         أ يحلّ في شرع الهوى‏

            ان تذهبي بدم (الحسين)

 

46-  شرح نهج البلاغة:

بالفارسية للشيخ محمد مهدي بن أبي تراب الهندي فرغ منه في شهر رمضان سنة (1097).

47-  المستطرفات في شرح نهج الهداة:

للشيخ الامام فخر الدين بن محمد بن علي بن أحمد بن طريح الطريحي النجفي المنتهي نسبه الكريم الى الشهيد حبيب بن مظاهر الأسدي رضوان اللَّه عليه.

ولد يوم الجمعة آخر شوال سنة (919) ه، في النجف الاشرف و تولى المرحوم والده تربيته، و اشرف على دراسته، ثم حضر على جملة من الاعلام كالشيخ محمود بن حسام الدين الحلي، و الشيخ محمد بن جابر العاملي، و الشيخ شرف الدين بن علي الشولستاني النجفي: و عمه الشيخ محمد الطريحي.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 253

و لشيخنا الطريحي أعلى اللَّه مقامه جملة من المؤلفات في مختلف الفنون تبلغ الاربعين و أكثرها لم يطبع، أما المطبوع منها: (1) مجمع البحرين في اللغة، جمع بين تفسير الآيات الكريمة و الاحاديث الشريفة و قد طبع على الحجر عدة مرات، كما طبع هذه الأيام على الحروف طبعة متقنة.

(2) غريب القرآن.

(3) جامع المقال في تمييز المشتركات من الرجال.

(4) المنتخب في المراثي و الخطب، و يدعى هذا الكتاب بالفخري.

(5) ضبط أسماء الرجال.

و الطريحي أول من روى حديث الكساء بصورته المعروفة التي يقرؤها الناس للتبرك و التيمن.

أما مصنفاته المخطوطة فهي مشتتة في المكتبات العلمية في النجف و خارجها، و بعضها موجود في مكتبة آل طريح في النجف في دار أحد أحفاده و منها شرح نهج البلاغة المسمى (مستطرفات نهج البلاغة) كما في (الذريعة) حرف الميم من القسم المخطوط أو «المستطرفات في نهج الهداة».

و روى عن الطريحي جماعة من العلماء منهم العلامة المجلسي صاحب (البحار) و الحر العاملي صاحب (الوسائل) و نجله الشيخ صفى الدين صاحب (مطارح النظر في شرح الباب الحادي عشر) و السيد هاشم البحراني صاحب (البرهان) و ابن أخيه الشيخ جمال الدين صاحب كتاب (فروق اللغات) و غيرهم.

و كانت له مدرسة و جامع في الرماحية، و جامع في محلة البراق من محال النجف يعرف باسمه.

توفى رحمه اللَّه سنة 1085 ه و رثاه جملة من الشعراء منهم تلميذه الشيخ محمد أمين الكاظمي صاحب (المشتركات) بقوله:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 254

 

         خطب أصاب حشا الهدى و الدين            مذ فخره أودى بسهم منون‏

         علم له علم العلوم، و فضله‏

            منشور أعلام ليوم الدين‏

         سل (مجمع البحرين) و الدرر التي            نظمت به عن علمه المخزون‏

 

و انظر لتأليفاته و بيانه الشافي بعين بصيرة و يقين تجد التقى في هديه و الفضل في أقواله بالحكم و التبيين

         لا فخر حيث تضيف أصحاب الكسا            ارخ (و طيدا بعد فخر الدين)

 

1085 ه«»

48-  بهجة الحدائق:

للسيد محمد بن أبي تراب الحسني الأصبهاني المعروف بعلاء الدين گلستانه المتوفى سنة (1100) ه، و كان عالما زاهدا، له مؤلفات منها هذا الشرح و الشرح الذي يأتي بعده، و (منهج اليقين) و هو شرح لرسالة الإمام الصادق عليه السّلام التي كتبها لأصحابه، و أمرهم بمدارستها، و النظر فيها، و العمل بها، فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم، فإذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها.

و الرسالة المذكورة رواها الكليني في «الكافي» و «الروضة»«» و اختصرها ابن شعبة في «تحف العقول» ص 313.

و من مؤلفاته ايضا «شرح الخطبة الشقشقية» و سنوافيك به في محله من الكتاب إن شاء اللَّه تعالى.

توجد نسخة من «بهجة الحدائق» في مكتبة مدرسة الإمام البروجردي في «النجف الأشرف».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 255

49-  حدائق الحقائق «في شرح كلمات كتاب اللَّه الناطق»

للسيد المتقدم، هو شرح كبير وصفه الشيخ النوري بقوله: «إنه يقرب من ثلاثين ألف بيت إلا أنّه ما جاوز الخطبة الشقشقية إلا نزرا يسيرا».

و قال الإمام الرازي: «ان الموجود منه ثلاثة مجلدات تنتهي إلى خطبة (كنتم جند المرأة، و اتباع البهيمة) و لا يعلم بقية مجلداته»، فتصور في كم من المجلدات يكون هذا الكتاب.

50-  شرح نهج البلاغة:

للسيد الإمام الحسن بن المطهر بن محمد بن الحسين الجرموزي اليمني المتوفى سنة (1110) من اسرة كلهم علماء ادباء شعراء تعرف بآل المطهر، ترجمه في (نسمة السحر) ناقلا تفاصيل أحواله من كتاب ولده السيد احمد بن الحسن الجرموزى المسمى (قلائد الجوهر في أبناء آل المطهر) أورد فيه أحوال والده و تصانيفه و منها (شرح النهج) قال: لكنه لم يتم«».

51-  شرح نهج البلاغة:

للمولى محمد صالح بن محمد باقر القزويني الروغني من أعلام القرن الحادي عشر و هو بالفارسية قال فيه الإمام صاحب (الذريعة) 14: 128 «من أنفع شروح النهج، شرح حامل المتن على سبيل المزج، يكتب المتن بالحمرة، و الشرح بالسواد-  قال-  رأيت مجلده الأول المنتهي إلى آخر الخطبة القاصعة في مكتبة السادة آل الخرسان في النجف الأشرف، أوله (الحمد للَّه على ما أولانا من نعمه) تاريخ كتابته (1237) و رأيت النسخة التامة في مكتبة المولى محمد علي الخونسارى و نسخة منه في مكتبة سپهسالار بطهران تاريخ كتابتها (1088)-  قال- : و قد طبع بإيران طبعا جيدا بالحروف في سنة (1321) مع مقدمة لمباشر الطبع الميرزا علي (أديب خلوت)

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 256

ابن الميرزا إسماعيل (عماد لشكر الاشتياني) قال: و الحق في آخره خمس قصائد من إنشائه في مدح أمير المؤمنين عليه السّلام، و ميز فيه المتن عن الشرح بقوسين في طرفي المتن فزاد في الشرح حسنا، لكنه اشتبه عليه اسم الشارح فنسبه إلى المولى صالح بن محمد البرغاني (1283)...»

52-  الحواشي الضافية و الموازين الوافية:

للعلامة المحدث السيد نعمة اللَّه الجزائري و هو حواشي و تعليقات على (نهج البلاغة) يقع في ثلاثة مجلدات، نظير تفسيره المعروف ب (العقود و المرجان في حواشي القرآن) و قد نقل مقدارا من هذه الحواشي تلميذه السيد محمد باقر بن السيد محمد شاهي على نسخة (النهج) التي كتبها بخطه في سنة (1103) و جعل رمز تلك الحواشي (ع. ن).

توجد هذه النسخة في مكتبة التقوى كما ذكرنا ذلك عند الكلام على نسخ (النهج) المخطوطة«».

و السيد الجزائري من العلماء المكثرين في التأليف، و له ولع بشرح الكتب المهمة، فانه شرح كتب الحديث الأربعة المعروفة و (نهج البلاغة) و (الصحيفة السجادية).

توفى السيد الجزائري رحمه اللَّه سنة (1112 أو 1114).

53-  شرح نهج البلاغة:

لتاج الدين حسن المعروف ب (ملا تاجا) المتوفى سنة 1138 والد الفاضل الهندي«» و هو باللغة الفارسية، و يوجد في المكتبات الخاصة باصفهان.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 257

54-  شرح نهج البلاغة:

للشيخ المحدّث عبد اللَّه بن صالح البحراني السماهيجي، المتوفى سنة (1135)، من أكابر علماء الإمامية المحدثين، صاحب (الصحيفة العلوية و التحفة المرتضوية) التي سبق ذكرها في ص 81 من هذا الجزء.

و السماهيجي نسبة إلى قرية سماهيج (بفتح أوله و بالياء المثناة من بعد الهاء و الجيم اخيرا) من جزيرة صغيرة بجنب جزيرة أوال من المشرق، و جزيرة أوال من جزائر البحرين و إليها ينسب جماعة من أهل العلم.

55-  شرح نهج البلاغة:

للشيخ عبد اللَّه بن نور اللَّه أو نور الدين كما في (الفيض القدسي للنوري) البحراني صاحب كتاب (العوالم) الذي هو في مثل (بحار الأنوار) في المقدار.

قال الشيخ آغا بزرك رحمه اللَّه في الكواكب المنتشرة في (أعيان القرن الثاني بعد العشرة) مخطوط: (سمعت من بعض المطلعين انه في أربعين مجلدا موجودة كلها في إحدى مكتبات يزد) قال: «و رأيت الجزء الأول من المجلد الثالث عشر من العوالم» و هو في مطاعن بعض مناوئي أمير المؤمنين عليه السّلام.

56-  شرح نهج البلاغة:

للشيخ أبي الرضا محمد علي بن بشارة من آل موحي الخاقاني النجفي المتوفى بعد سنة (1138) ه و إلى هذا الشرح أشار الشيخ أحمد النحوي الحلي رحمه اللَّه، في قصيدة مدح بها المؤلف مطلعها:

         ت فيا شمس النهار تستري            خجلا و يا زهر النجوم تكدري‏

 

إلى أن يقول:

         من آل نوح شبه أفلاك العلى            و بدور هالات الندى و المفخر

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 258

         لا سيما العلم الذي دانت له            الاعلام ذو الفضل الذي لم ينكر

         و لقد كسى (نهج البلاغة) فكره‏

            شرحا فأظهر كلّ خاف مضمر

 

و الشيخ محمد على المذكور بطل من أبطال العلم و فحل من فحول القريض، و فذ من أفذاذ الفضيلة، و علم من أعلام الأدب، له مؤلفات سوى (نهج البلاغة) منها (نشوة السلافة و محل الاضافة) و هو تتميم لكتاب (سلافة العصر) للسيد علي خان المدني، و منها (نتائج الأفكار) و (ريحانة النحو) و من مدائحه لأمير المؤمنين عليه السّلام قوله:

         و إذا رقى للوعظ صهوة منبر            يصغي لزاجر وعظه جبارها

         (نهج البلاغة) من جواهر لفظه‏

            فيه العلوم تبينت أسرارها

 

ترجمه شيخنا الاميني في غديره الضافي ج 11 ص 373-  382.

و قال الاستاذ علي الخاقاني في الجزء الأول (من شعراء الحلة) ص 62 ط ثانية عن هذا الشرح إنه موجود عند بعض الاعلام في النجف.

57-  شرح نهج البلاغة:

للميرزا محمد علي بن أبي طالب الزاهدي الكيلاني الأصبهاني من أحفاد الشيخ ابراهيم الشهير بالزاهد الجيلاني مرشد السيد صفي الدين اسحق جد السلاطين الصفويين.

ولد باصبهان 27-  ربيع المولود سنة (1103) و اشتغل على والده و جماعة من أعلام وقته كالشيخ خليل الطالقاني، و المولى محمد صادق الأمروستاني، و الحاج محمد طاهر الاصبهاني و غيرهم، و حصلت له ملاقات جمع آخر من العلماء فأدرك في صغره العلامة المجلسي و كثيرا من معاصريه و تلامذته، و ساح في بلاد فارس و العراق و اليمن، ثم ورد بلاد الهند سنة 1047 و مكث في دلهي ما يقرب من أربعة عشر عاما ثم انتقل منها الى بنارس 1171 و بقى هناك إلى أن توفى في 11 جمادى الاولى سنة 1181.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 259

له تصانيف كثيرة منها (التذكرة) و (شرح نهج البلاغة)«».

58-  شرح نهج البلاغة:

للعلامة الجليل السيد عبد اللَّه بن السيد محمد رضا شبر الحسيني المتوفى سنة (1242) كان هذا السيد من العلماء الربانيين، و الفقهاء المتبحرين، و قد لقب في عصره بالمجلسي الثاني لكثرة ما ألف و ما حقق، فان له مؤلفات عديدة في مختلف العلوم كالتفسير، و الحديث، و الاخبار، و الفقه و الاصول، و ذكر كل مؤلفاته لا يحتملها كتابنا هذا، و من أراد الاطلاع عليها فعليه بكتاب (دار السلام) للميرزا النوري، و ما كتبه العلامة السيد محمد صادق الصدر في مقدمة (حق اليقين) ليرى العجب العجاب، و إنها لنفسية مع كثرتها و لا يعوزها التحقيق مع وفرتها.

و قد ذكر أن ذلك ببركة الإمام موسى بن جعفر سلام اللَّه عليه و ذلك أن السيد رحمه اللَّه رآه في المنام و كأنه أعطاه قلما و أمره أن يكتب به.

و سمعت من بعض الثقاة أن السيد قدس سره مات و القلم بيده و هذا من شدة حبه للعلم و ولعه بالكتابة.

و الشرح الذي نحن في ذكره في مجلد ضخم رأيته عند حفيده الحجة السيد على شبر بالكويت بخط جميل واضح، قال في مقدمته: «هذا تعليق لطيف و شرح مختصر شريف، علقته على (نهج البلاغة) غير ذى إيجاز مخل، و لا إطناب ممل، يحل مشكلاته، و يفتح مغلقاته، و ينبه على جملة من نكاته، و يوضح غريب فقراته، على طراز غريب، و نمط عجيب، تهش إليه النفوس السليمة، و تقبله العقول المستقيمة، و قد عولت فيه غالبا فيما يتعلق بالتواريخ و القصص على شرح المحقق الفريد ابن أبي الحديد، و فيما يتعلق بالاعراب و النكات و الدقائق على شرح العالم الرباني ابن ميثم البحراني قدس سره».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 260

و في آخره «و قد وقع الفراغ منه على يد مؤلفه المذنب الجاني، و الأسير الفاني، عبد اللَّه بن محمد رضا الشبري في ثاني عشر من جمادى الاولى عصرية يوم الخميس في السنة الحادية و الأربعين بعد المائتين و الألف من الهجرة النبوية، على مهاجرها ألف صلاة و تحية حامدا مصليا مستغفرا».

و بعده هكذا «ثم وافق الفراغ من استنساخه على يد أقل الخليقة بل لا شي‏ء في الحقيقة المذنب الآثم، الغريق في بحار الجرائم درويش ابن المرحوم كاظم في ظهرية يوم الأربعاء الخامس و العشرون من شهر محرم الحرام من شهور سنة الثانية و الاربعين و المائتين بعد الألف من الهجرة إلخ...».

و قد اخبرني السيد علي شبر سلمه اللَّه انه اشتراه من بعض أحفاد السيد رحمه اللَّه القاطنين في طهران، و للسيد عبد اللَّه أيضا شرح على (النهج) صغير.

59-  إرشاد المؤمنين إلى معرفة نهج البلاغة المبين:

ليحيى بن إبراهيم الجحا في المتوفى سنة (1103) و الكتاب في 426 ورقة، و تاريخ كتابته سنة 1262 ه، ذكر هذا الاستاذ حميد مجيد هدو في مجلة المورد البغدادية العدد 2 من المجلد 3 لسنة 1394 ه تحت عنوان مخطوطات من صنعاء.

60-  شرح نهج البلاغة:

للشيخ شمس بن محمد بن مراد و هو ترجمة لشرح النهج لابن أبي الحديد بالفارسية لكنه لم يتم، و الموجود منه الأجزاء الستة الاولى و قليل من الجزء السابع، و قال مؤرخا له في آخر الجزء الأول و معبرا عن نفسه (الفقير إلى رحمة ربه الجواد شمس بن محمد بن مراد يوم الأحد من شهر ربيع المولود سنة 1013)«».

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 261

61-  شرح نهج البلاغة:

للمولى شمس الدين بن محمد بن مرط الخطيب و هو نقل لشرح ابن أبي الحديد إلى الفارسية، و احتمل ضياء الدين يوسف انه هو السابق بعينه«» خلافا لصاحب «رياض العلماء».

62-  شرح نهج البلاغة:

لبعض الفضلاء، و هو عبارة عن ترجمة و شرح لنهج البلاغة بالفارسية و النسخة مذهبة مجدولة نفيسة تاريخ الفراغ من كتابتها: 8 شعبان 973 بخط المولى عبد اللَّه بن الحسين، و يظن الشيخ آغا بزرك أن الترجمة له أيضا: و هذه النسخة في المكتبة الرضوية وقفها الشاه عباس الكبير سنة 1017

63-  شرح نهج البلاغة:

بعنوان قال و يذكر كلام الإمام عليه السّلام ثم يعقبه بقوله: أقول و يشرحه مختصرا، و النسخة في مكتبة مدرسة الإمام البروجردي قدس سره، و يرجح الشيخ الرازي أنه لبعض علماء العامة.

64-  مصباح الأنوار:

لنظام الدين أحمد الكيلاني ذكره الشيخ في «الذريعة» 14: 151 عن الفاضل المعاصر الشيخ محمد المهدي اللاهيجي النجفي.

65-  شرح نهج البلاغة:

للميرزا محمد تقي بن كاظم بن عزيز اللَّه بن المولى محمد تقي بن مقصود علي المجلسي الاصبهاني المعروف بالشمس آبادي، و الملقب بالألماسي، لأن والده الميرزا كاظم نصب الماسا في موضع الاصبعين من ضريح أمير المؤمنين عليه السّلام كانت قيمته سبعة آلاف تومانا.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 262

و كان الميرزا المذكور ابن أخي العلامة المجلسي، و صهره على ابنته، فصاحب الترجمة سبط العلامة المجلسي و ابن ابن أخيه كما صرح به تلميذه في كتابه (نور العين).

و في (تميم امل الآمل) انه كان متعبدا زاهدا ناسكا بكاء من خوف اللَّه، دائم الحزن من عذابه ينتفع الناس به في جمعته و جماعته ا ه.

و ترجمه حفيده الميرزا حيدر علي في إجازته الكبيرة، و أثنى على علمه و فضله، و حسن سجاياه، و ذكر أنه ولد سنة 1089 و توفى سنة 1159 عن تمام سبعين سنة، و دفن في مقبرة جده المجلسي رحمه اللَّه«».

66-  شرح نهج البلاغة:

للمولى سلطان محمود بن غلام علي الطبسي القاضي من تلامذة العلامة المجلسي، و قد سبق منا ذكر هذا الشرح عند الكلام على شرح ابن أبي الحديد: و ذكرنا هناك أن هذا الشرح مختصره.

67-  شرح نهج البلاغة:

للمولى محمد رفيع بن فرج الجيلاني المشهدي المعمّر، كان علامة محققا، متكلما فصيحا متقنا ذكره صاحب (اللؤلؤة) و قال فيه: «و لم أر قوة فضله و إيمانه فيمن رأيت من فضلاء العرب و العجم، كان متواضعا منصفا كريم الأخلاق، حضرت درسه أوقات إقامتي في المشهد-  إلى أن قال-  له رسالة في وجوب الجمعة عينا، و رسالة في الاجتهاد و التقليد و غير ذلك».

و قال تلميذه الآخر الشيخ حسين بن محمد البارباري السنبسي في إجازته الكبيرة للشيخ حسين بن عبد اللَّه الأوالى: «إنه أفضل أهل زمانه و أكمل أهل أوانه، و كان إماميا عدلا ثقة محققا مدققا مجتهدا، أصوليا جامعا لفنون‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 263

العلم إماما في الجمعة و الجماعة» ثم عدد تصانيفه و ذكر منها (شرح نهج البلاغة) و رسالة في الإستدلال على العصمة بآية (لا ينال عهدي الظالمين البقرة: 124) و آية (و سيجنبها الأتقى. الأعلى: 11) ثم قال في تفسير قوله تعالى (و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون. الذاريات 59) ثم قال بعد ذلك «توفى في حدود الستين بعد المائة بالمشهد و عمره يقرب من المائة.

و ترجمه السيد حسين بن إبراهيم القزويني من مشايخ السيد بحر العلوم قدس سره في «اللآلى‏ء الثمينة» و أثنى عليه.

و ترجمه الشيخ النوري ترجمة مفصلة في أواخر الفصل الرابع من «الفيض القدسي»«».

و شرحه على (النهج) سلك فيه طريقة جامعة بين شرحي ابن أبي الحديد و ابن ميثم.

68-  شرح النهج:

للشيخ عبد النبي بن شرف الدين محمد الطوسجي الآذربيجاني العالم الفقيه الرياضي الاصولي الرجالي بكربلاء في سنة 1203 صاحب كتاب «الرد على نواقض الروافض» و «تحفة السالكين». و شرح كتب البهائي الثلاثة (الخلاصة) و (الزبدة) و (الصمدية).

توجد مخطوطة من كتابه الأخير في مدرسة الامام البروجردي في النجف الأشرف، و يظهر من كلام سيد (الأعيان) أن هذا الكتاب حاشية على (نهج البلاغة) من جملة حواشيه على الكتب كالكتب الأربعة و غيرها.

69-  شرح نهج البلاغة:

لمحمد باقر بن محمد اللاهيجي الاصفهاني، ألف هذا الشرح بالفارسية بأمر

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 264

السلطان فتح علي شاه القاجاري في مجلدين، فرغ من الأول سنة 1225، و من الثاني سنة 1226، و طبعا في طهران سنة 1317، و له تفسير القرآن رتبه على أربعة معان في أربع مجلدات حسان أحدها في القصص و الثانية في الذكرى و الثالثة في الأحكام و الرابعة في أحوال القيامة.

70-  منهج المعرفة:

للسيد صدر الدين بن محمد باقر الموسوي الدزفولي المتوفى سنة 1256، ذكر هذا الشرح في فهرس تصانيفه في أول كتابه (مصباح الذاكرين) المطبوع، توجد نسخة من هذا الشرح عند الفاضل الشيخ مهدي بن محمد شرف الدين في تستر.

71-  شرح نهج البلاغة:

للسيد الجليل محمد مهدي بن السيد مرتضى الحسيني الخاتون آبادي حفيد الشيخ المجلسي و هذا الشرح بالفارسية يوجد مجلد من في مكتبة مدرسة سبهسالار بطهران، و خمسة مجلدات اخرى عند العلامة السيد محمد المشكاة حفظه اللَّه في طهران.

و الشارح المذكور من أعلام الإمامية ولد سنة 1185 و توفى سنة 1263 و دفن في مقبرة جده المجلسي الشهير بتخت فولاذ باصبهان، و له من الكتب سوى الشرح المذكور (تكملة الحياة) في الإمامة.

72-  شرح نهج البلاغة:

للعلامة العارف السيد محمد تقي بن السيد مؤمن بن السيد محمد تقي الحسيني القزويني المتوفى سنة (1270) قال شيخنا الرازي رحمه اللَّه: «رأيت مجلده الأول عند سبطه العالم السيد جواد السيد مصطفى القزويني»، و له أيضا (منتخب نهج البلاغة) سماه «طرائف الحكمة» سنذكره في محله إن شاء اللَّه.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 265

73-  شرح النهج:

للسيد أبي القاسم بن السيد محمد حسن البختياراتي الاصفهاني المتوفى سنة 1272، قال شيخنا في «الذريعة» 14: 114: «هو مجلد بخط الشارح كما حدثني به حفيده السيد حسين بن علي بن الشارح-  قال- : و توفى الحفيد في طهران سنة 1368 و فاتني السؤال منه عن سائر خصوصياته-  قال-  و هو صهر آية اللَّه السيد أبي الحسن الاصفهاني».

74-  شرح النهج:

لا يدري مؤلفه-  لنقصان أوله-  رآه شيخنا الرازي عند العلامة المولي علي محمد النجف آبادي قبيل وفاته قال: «و هو شرح مزج مختصر اقتصر فيه على بيان اللغات، و هو ناقص أولا و آخرا، و أول الموجود منه خطبة استنفار الناس إلى أهل الشام» ثم ذكر رحمه اللَّه نموذجا من ذلك الشرح«».

75-  مظهر البينات:

للحاج نصر اللَّه بن فتح اللَّه الدزفولي، و هذا الشرح عبارة عن ترجمة لشرح ابن أبي الحديد مع زيادة في التحقيقات، و قد كتب بأمر السلطان ناصر الدين شاه القاجاري، شرع فيه مؤلفه سنة 1278، و فرغ منه سنة 1295، و الموجود منه الجزء الرابع و الجزء العشرون و ما بينهما أجزاء متفرقة ضمن خمسة مجلدات في مكتبة العلامة السيد محمد المشكاة، كما يوجد مجلد واحد بالأهواز عند الشيخ مرتضى الشهير بسبط الشيخ.

و الشارح المذكور من تلامذة المحقق الانصاري عطر اللَّه مرقده.

76-  التقاط الدرر النخب:

للشيخ محمد بن قنبر كور علي الكاظمي المتوفى في حدود سنة 1300

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 266

و هو منتخب من شرح ابن أبي الحديد.

77-  شرح نهج البلاغة:

لبعض الأفاضل، يذكر فيه غالبا جملا من (النهج) أو جملة واحدة، ثم يتكلم في بيان معاني بعض فقراتها بعنوان: أقول، قال الشيخ رحمه اللَّه في «الذريعة» 14: 118: «هذه النسخة في المشهد الرضوي رأيتها سنة 1350 و هي من موقوفة المولى نوروز علي البسطامي المتوفى سنة 1309»«».

78-  تعليق على مشكلات نهج البلاغة:

للشيخ أحمد بن علي أكبر المراغي نزيل تبريز المتوفى في 5 محرم سنة 1310 و هو شرح لمشكلات (نهج البلاغة) على نحو التعليق، رآه العلامة الشيخ محمد علي الأردوبادي و ذكره في مجموعته (زهر الربى)«».

79-  آداب الملوك:

من شروح «النهج» للسيد الأمير رفيع الدين نظام العلماء التبريزي طبع في تبريز سنة 1320.

80-  شرح نهج البلاغة:

للإمام الشيخ محمد بن عبده مفتي الديار المصرية المتوفى سنة (1323) و هو تعليقات لغوية و غيرها على جميع الكتاب ادرجت في ذيل صفحات (النهج) و طبع في حياته، ثم طبع عدة مرات مع زيادات عليه من تلامذته و غيرهم نظراء: 1-  محى الدين الخياط زاد عليه منتخبات من شرح ابن أبي الحديد و طبعه في ثلاثة أجزاء به بيروت و انظر ص 199 من هذا الجزء.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 267

2-  الشيخ محمد محى الدين عبد الحميد المدرس في كلية اللغة العربية في جامعة الأزهر الشريف، قدم له مقدمة مهمة، و زاد عليه زيادات هامة، و طبع بمطبعة الاستقامة بالقاهرة.

3-  الاستاذ عبد العزيز سيد الأهل زاد عليه تعليقات مستخرجة من شرح ابن ميثم و طبعه في أربعة أجزاء.

و الشيخ محمد عبده ممن يعتقد صحة نسبة جميع محتويات (النهج) إلى أمير المؤمنين عليه السّلام بجميع مفرداته حتى أنه جعل من الفاظه حجة على معاجم اللغة فقد علق على قوله عليه السّلام: (و لقد علم المستحفظون من أصحاب محمد صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم اني لم أرد على اللَّه و لا على رسوله ساعة قط، و لقد واسيته بنفسي في الساعة التي تنكص فيها الأبطال) بقوله: (المواساة بالشي‏ء الإشراك فيه، فقد أشرك النبي في نفسه، و لا يكون بالمال إلا أن يكون كفافا، فان اعطيت عن فضل فليس بمواساة، قالوا و الفصيح في الفعل آسيته و لكن نطق الإمام حجة)«».

و رأيت للإمام الفقيد الشيخ محمد الحسين آل كاشف رحمه اللَّه تعليقة على شرح الشيخ محمد عبده بقلمه الشريف على النسخة المطبوعة في بيروت سنة 1327 ه و نقلتها على نسخة عندي و قد أنقل عنها أحيانا في بعض تفاسير (النهج) في مواضعها من هذا الكتاب.

81-  بهجة المناهج:

هو تلخيص لكتاب (مناهج النهج) للكيدري الذي مر الكلام عليه مع اضافة كثير مما لا يوجد فيه من الاخبار الصحاح، و مؤلفه أبو علي الحسن بن محمد السبزواري البيهقي، و كان-  كما في (روضات الجنات)-

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 268

عالما عاملا، و إنسانا كاملا، من المتكلمين الفضلاء، و المتدربين النبلاء، عارفا بقوانين الحكم و الآداب، واقفا على طرائق الحكمة و فصل الخطاب»... إلخ.

له من الكتب عدا هذا الشرح (مصابيح القلوب) ضمنه ترجمة ثلاثة و خمسين حديثا نبويا في ثلاثة و خمسين فصلا بالفارسية، و (راحة الارواح و مؤنس الاشباح) في طرائف أحوال النبي و أهل بيته الاطهار عليهم السلام، و كتاب (غاية المرام في فضائل علي و آله الكرام) و ترجم كتاب (كشف الغمة في معرفة الائمة) لعلي بن عيسى الاربلي«».

82-  منهاج البراعة:

في شرح نهج البلاغة للعلامة السيد حبيب اللَّه بن السيد محمد المعروف بأمين الرعايا، الموسوي الخوئي المولود في حدود سنة نيف و ستين و مأتين و ألف، و المتوفى في صفر سنة 1324، و هذا الكتاب من شروح (النهج) الواسعة، غير ان قلم الشارح رحمه اللَّه جف في شرح قوله عليه السّلام (و بادروا بالاعمال عمرا ناكسا) من الخطبة التي يقول عليه السّلام في اولها (فإن تقوى اللَّه مفتاح سداد) فبادر الى رضوان اللَّه في التاريخ المتقدم و دفن في إحدى حجر الصحن الشريف لمشهد السيد عبد العظيم الحسني رضي اللَّه عنه.

و كان فراغه من تأليف أول مجلداته يوم الغدير سنة 1300 و كان رحمه اللَّه قد حمل ما خرج من هذا الشرح الى طهران ليقدمه للطبع فوافاه الأجل فقام بطبعه ولده العالم الفاضل السيد ابو القاسم أمين الاسلام و أعيد طبعه في هذه الأيام طبعة جيدة متقنة.

و حدثني سيدنا الامام السيد ابو القاسم الخوئي دامت بركاته في منزله بحي‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 269

كندة بالكوفة، في 18 ربيع المولود سنة 1394، و أجازني في نقل ذلك عنه قال حفظه اللَّه: «حدثني والدي رحمه اللَّه-  و كان قد أدرك صاحب (منهاج البراعة) في أواخر أيامه قال: كان السبب في تأليف هذا الشرح ان السيد محمد المعروف بأمين الرعايا كان من ذوي الجاه و الثراء، و كان يملك أرضا واسعة فوقع نزاع بينه و بين رجل على أرض، و طلب ذلك الرجل من أمين الرعايا أن يكون الحكم بينهما ولده السيد حبيب صاحب الشرح المذكور، و كان السيد حبيب يومئذ من أكابر العلماء و أفاضلهم، و له منزلته و مكانته بين الناس فترافعا إليه فتنصل من الحكم بينهما باعتبار أن والده طرف بالقضية، فأصرّا عليه فحكم للرجل على أبيه، فغضب لذلك، و جعل يقوم في مجالس الناس و حشودهم فيصف ولده بالعقوق، و قلة التدين حتى أسقط من أعين الناس، و قلّ احترامهم له، و أعرضوا عنه، فقرر السيد أن يذهب الى ضيعة له و أن يعتزل الناس كليّا، فاعتزل هناك، و اشتغل بتأليف الشرح المذكور حتى وافاه الأجل قبل إتمامه» و إلى اللَّه ترجع الامور

83-  شرح الاحتشام على نهج البلاغة الامام:

للشيخ جواد الطارمي الزنجاني ألفه باسم احتشام السلطنة و هو باللغة الفارسية.

84-  الدرّة النجفية:

شرح على (نهج البلاغة) للحاج ميرزا إبراهيم بن الحسين الدنبلي الخوئي المولود سنة 1247 و المستشهد في فتنة المشروطة سنة 1325، و يعد من العلماء الاعلام، و الفقهاء العظام، ثقة عدل، آمر بالمعروف ناه عن المنكر أيام نفوذه، و كان حسن السيرة محمود الصحبة.

هاجر الى النجف الاشرف، و أقام بها سنين يحضر على العلماء المشهورين كالشيخ الأنصاري و السيد حسين الترك له مؤلفات منها (الدرة النجفية)

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 270

شرح على (نهج البلاغة) في جزئين فرغ من تأليف الجزء الاول منه سنة (1273) و فرغ من الثاني سنة (1291) و طبع في تبريز سنة (1293) و له من المؤلفات (شرح أربعين حديثا) طبع سنة (1299) و (تلخيص بحار الأنوار) مخطوط. و (ملخص الأقوال في تحقيق أحوال الرجال) و (حاشية على رسائل الانصاري)«».

85-  شرح النهج:

للشيخ العلامة المدرس محمد علي بن نصير الدين بن زين العابدين الچهاردهي الكيلاني المولود ليلة الجمعة 26 ربيع الاول سنة 1252 و المتوفى في النجف الاشرف ليلة الاربعاء سلخ محرم الحرام سنة 1334 من اساتذة الشيخ صاحب (الذريعة) و مشايخه في الرواية، له ما ينيف على الثلاثين مصنفا نثرها الشيخ الطهراني في مواضعها من ذريعته، و الشرح المذكور يقع في ثلاثة مجلدات، و هو باللغة الفارسية مثل جملة من مؤلفاته الاخر.

86-  شرح نهج البلاغة:

للحكيم الفيلسوف العارف الشيخ جهانگيرخان القشقائي نزيل أصفهان المتوفى بها سنة 1328.

87-  الاشاعة في شرح نهج البلاغة:

هذا الكتاب ترجمة و شرح لنهج البلاغة باللغة الاردوية ألفه السيد أولاد حسن بن محمد حسن الأمر و هي المتوفى سنة 1338 من أكابر علماء المسلمين في الهند.

88-  التعليق على نهج البلاغة:

تعليقات قيمة جليلة للعلامة الناثر الناظم الشيخ حيدر قلي بن نور محمد

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 271

خان الوزير الكابلي المتوفى سنة 1372، قال شيخنا الطهراني: «رأيت التعليقات على (النهج) عنده بخطه في عدة كراريس كتب على ظهرها أنه شرع فيها يوم السبت الحادي عشر من شوال سنة 1339 و المظنون من اعتنائه بهذا التصنيف أنه أتمه-  قال-  و الأسف ان ابنه لم يكن أهلا فحمل مكتبته النفيسة الى طهران و باعها بثمن بخس و لا أدري اين انتقلت تلك الجواهر العزيزة»

89-  شرح نهج البلاغة:

للسيد محمود الطالقاني في عدّة مجلدات طبع غير واحد منها.

90-  شرح نهج البلاغة:

للسيد علي أظهر الكهجوي الهندي المتوفى سنة 1352 و هو ترجمة و شرح ل (نهج البلاغة) باللغة الاوردية، كتب الترجمة بين السطور، و كتب الشرح على الهامش، و الكتاب مطبوع بالهند.

91-  شرح نهج البلاغة:

للمولوي الهندي غلام علي بن إسماعيل البهاونگري الهندي صاحب مجلة (راه نجاة) و له مؤلفات عديدة تقرب من مائة و عشرين مجلدا، و قد طبع اكثرها منها: (أنوار البيان) و (أمهات المؤمنين) و هذا الشرح باللغة الكجراتية و قد طبع جزؤه الاول.

92-  شرح نهج البلاغة:

للحاج علي العلياري التبريزي.

93-  شرح نهج البلاغة:

للشيخ ملا حبيب اللَّه الكاشاني صاحب التآليف القيمة.

94-  مصباح الأنوار:

للسيد عبد الحسين الحسيني آل كمونة البروجردي، المتوفى سنة 1336 من‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 272

العلماء الأفاضل، و له من المؤلفات أيضا (شرح الدرّة) للسيد بحر العلوم و مجموعة في القواعد الفقهية توجد مخطوطة منها بمكتبة الحسينية، الشوشترية في النجف الاشرف و رسالة في أحكام المساجد و المشاهد، و (تفسير آية النور) و (نسب آل كمونة)، و آل كمونة من أكابر الاسر العلوية في النجف و كمونة محرف كمكمه لقب جدهم طراد بن شكر بن أبي جعفر النفيس المنتهي نسبه الى الحسين الاصغر بن الامام علي بن الحسين بن زين العابدين)«».

95-  شرح نهج البلاغة:

للميرزا محمد علي قراجه داغي التبريزي.

96-  شرح النهج:

شرح مع ترجمة (لنهج البلاغة) بالاردوية للسيد ظفر مهدي اللكهنوي الهندي طبع بالهند في جزءين.

97-  بلاغ المنهج في شرح النهج:

للعلامة المصلح السيد محمد علي بن الحسين الحسيني الشهير بالشهرستاني رحمه اللَّه و هو مؤلف من عدة مؤلفات حول (النهج) منها (ما هو نهج البلاغة) و قد ترجم الى الفارسية، و (مصادر النهج في مدارك النهج) و غير ذلك.

98-  شرح نهج البلاغة:

للعلامة السيد حسن بن السيد محمد بن الحجة السيد ابراهيم اللواساني حفظه اللَّه المولود في النجف الاشرف سنة 1308 و نزيل طهران اليوم، و من أعيانها الاماجد، و علمائها الافاضل، و الظاهر مما ذكر الشيخ في «الذريعة» ج 14، 123 ان الشرح لم يتم.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 273

و للسيد اللوساني كتاب (نقض الهفوات) ألفه في تزييف خرافات الجبهان.

99-  شرح نهج البلاغة:

للشيخ حسن علي المحمدي المولود سنة 1345 من حفاظ القرآن الكريم في النجف الاشرف مشغول بتكملته وفقه اللَّه لاتمامه.

100-  شرح نهج البلاغة:

للعلامة الشيخ خليل بن أبي طالب الكمره‏اى طبع الجزء الاول منه في المطبعة العلمية بطهران سنة 1366.

101-  شرح نهج البلاغة:

للعلامة الخطيب الاستاذ السيد محمد كاظم بن السيد محمد بن ابراهيم بن السيد هاشم بن العلامة السيد ابراهيم صاحب «الضوابط» الموسوي القزويني، و الشرح المذكور في عدة اجزاء طبع المجلد الاول منه سنة 1378، و المجلد الثاني في بيروت سنة 1385، و طريقته في الشرح ان يذكر الخطبة كلا او بعضا تحت عنوان (المتن) ثم يفسر ما يحتاج الى التفسير لغة تحت عنوان (اللغة) ثم يشرع في شرح الكلام تحت عنوان (المعنى) أعانه اللَّه على إكماله.

تلك مائة شرح و شرح لنهج البلاغة و بذكرها نكتفي مما اردنا عرضه في هذا الباب فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى‏«».

و هناك شروح اخرى لبعض خطب (النهج) و رسائله: كالتوحيد و الشقشقية، و القاصعة و الوصية و غيرها لبعض الكلمات القصار سنشير إليها في مواضعها من هذا الكتاب و اللَّه ولي التوفيق.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 274

القسم الثاني: من مكتبة «نهج البلاغة»

و الآن نوافيك ب (القسم الثاني من مكتبة نهج البلاغة) فنستعرض

المؤلفات حول (النهج)

إما بترجمته، او نظمه، او في شي‏ء يتعلق به كالبحث عن مصادره، و الاستدراك عليه، او الدفاع عنه، او التأليف على نسقه.

1-  المعارج:

هذا الكتاب في شرح خطبة (نهج البلاغة) أي مقدمة الشريف الرضي للنهج، و لكونها تشتمل على مطالب مهمة ألف الامام ابو الحسن سعيد بن هبة اللَّه الشهير بالقطب الراوندي كتابا في شرحها.

هذا و قد مرّ في ص 207 من هذا الجزء ان الراوندي احد شراح (نهج البلاغة) أيضا.

2-  العبقة:

رسالة في شرح قول الرضى في مقدمة «النهج»: (إن كلامه عليه السّلام عليه مسحة من العلم الإلهي، و فيه عبقة من الكلام النبوي) للشيخ القاضي محمد بن الحسين بن محمد بن القريب القاساني، قال في «أمل الآمل» ج 2: 269 فاضل‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 275

فقيه كان يكتب «نهج البلاغة» من حفظه«» و له «الرسالة العبقة»... إلخ.

3-  تحفة العابدين:

من مؤلفات العلامة السيد مهدي بن السيد صالح الحسني الطباطبائي الحكيم المتوفى عام 1312 والد الامام السيد محسن الحكيم نوّر اللَّه ضريحه.

ذكره السيد الامين رحمه اللَّه في (أعيان الشيعة) ج 48 ص 147، قال: «جزء صغير في المواعظ مع اقتباسات من (نهج البلاغة) مطبوع».

4-  منتخبات من نهج البلاغة:

للعلامة الحجة السيد محمد علي بن السيد محمد بن هداية اللَّه الحسيني الشاه عبد العظيمي نسبة الى بلدة السيد عبد العظيم الحسيني لأنه بدأ دراسته هناك ثم هاجر الى النجف و كان عالما عابدا زاهدا، له اليد الطولى في معرفة أخبار

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 276

العامة و الخاصة، عمد الى النهج و انتخب منه جملة مشتملة على المواعظ و علق عليها و طبعت في حياته في النجف الاشرف.

توفي رحمه اللَّه في شهر رمضان سنة 1334 بالهندية و حمل الى النجف الاشرف و دفن في الايوان الذهبي.

5-  نظم نهج البلاغة:

لبعض الادباء بالفارسية، ذكر ذلك الشيخ في «الذريعة» 14، 117 عن الشيخ احمد الواعظي انه رأى مخطوطة منه في إحدى المكتبات ببمبئى.

6-  نظم نهج البلاغة:

للشيخ محمد علي بن محمد حسين الانصاري القمي في عشر مجلدات و طريقته أن يذكر الخطبة اولا ثم يترجمها بالفارسية ثم ينظمها شعرا خرج مجلده الاول من الطبع سنة 1367.

7-  نيرنك فصاحت:

نيرنك كلمة فارسية معناها-  كما عرب لي-  لون جديد و هذا الكتاب ترجمة ل (نهج البلاغة) باللغة الاوردية مع شرح له للسيد ذاكر حسين أختر الدهلوي ذكره الشيخ رحمه اللَّه في موضعين من (الذريعة) (الاول) في الجزء الرابع عشر ص 126 و (الثاني) في حرف النون من القسم المخطوط.

8-  مواعظ أهل الاسلام:

كتاب جمع فيه المرحوم السيد حسين الشهير بعرب باغي منتخبات من خطب (نهج البلاغة) لتلقى في صلاة الجمعة، و قد طبع في حياته بصورة مغلوطة، ترجمها العلامة السيد إبراهيم بن السيد محمد حسين البروجردي بالفارسية و شرحها ليعم نفعها بالتماس من الحاج مختار المعيني، و طبعت الترجمة مع الخطب في سنة 1360 ه.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 277

9-  كشف الستارة عن نهج البلاغة:

للشيخ أحمد الكاشاني، و هو في ترتيب ألفاظ (النهج)، و تعيين مواضعها ليتوصل المطالع لما يريده فيه بأسرع ما يكون، ذكر خصوصياته ابن يوسف في كتابه (نهج البلاغة چيست) ص 36 و ذكر أنه رأى نسخة خط المؤلف عنده في سنة 1356 و قد وصل إلى حرف العين.

قال شيخنا في (الذريعة) ج 14 ص 114: و لا أدرى أنه وفق لاتمامه بعد التاريخ أم لا.

10-  سخنان علي:

للمرحوم الاستاذ جواد فاضل من ادباء إيران المعروفين ولد بآمل (مازندران) و تلمذ أول على الشيخ محمد الآشتياني، ثم على جملة من الأساتذة له مؤلفات منتشرة منها هذا الكتاب (سخنان علي) و معني ذلك (مقالات علي)، و هو ترجمة ل (نهج البلاغة) مع تفسير لبعض عباراته، و طار صيته بايران بعد طبع هذا الكتاب و انتشاره، و له أيضا «فرمان مبارك» و هو شرح لعهد أمير المؤمنين عليه السّلام إلى مالك الاشتر رحمه اللَّه و سنشير إليه في محله إن شاء اللَّه.

11-  ترجمة نهج البلاغة:

للسيد علي نقي الشهير بفيض الاسلام نقله الى الفارسية في ستة مجلدات، طبعت في إيران بأجود خط، و على أحسن ورق.

12-  منتخب نهج البلاغة:

للشيخ محمد بن محمد تقي المشهدي، قال في (الذريعة) (في القسم المخطوط): «ألفه سنة 1172 أوله: ما أعظم ما نرى اللهم من خلقك، و أصغر عظيمه في جنب ما غاب عنا».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 278

13-  حل لغات نهج البلاغة:

للمولوي إعجاز حسين بن جعفر حسن البدايوني الهندي اقتصر فيه على تفسير ألفاظ (نهج البلاغة).

14-  طرائف الحكمة:

و هو منتخب من «نهج البلاغة» للعلامة السيد محمد تقي الحسيني القريني، أحد شراح (نهج البلاغة) كما مر في هذا الجزء.

15-  دراسات في نهج البلاغة:

للعلامة الاستاذ الشيخ محمد مهدي شمس الدين العاملي و هو دراسة لآراء الإمام عليه السّلام في المجتمع و طبقاته و كيفية إصلاحه و قد طبع في النجف الأشرف سنة 1376، و عده الشيخ في (الذريعة) من شروح عهد مالك.

و الحقيقة إنه استعراض لجميع مضامين (النهج) و هو من الكتب المهمة التي يجب أن تقرأ.

16-  ما هو نهج البلاغة

للسيد هبة الدين الشهرستاني رحمه اللَّه، و قد أشرنا اليه في مقدمة الكتاب مع الاعتراف بالتقصير عن توفيته حقه. و قد طبع غير مرة و ترجم الى اللغة الفارسية كما سيأتي.

17-  مصادر نهج البلاغة في مدارك نهج البلاغة:

كتاب مخطوط للسيد الشهرستاني أيضا ذكره في الجزء الخامس من «الدلائل و المسائل».

18-  أدب الامام علي و نهج البلاغة:

للاستاذ الكبير حسين بستانة نوهنا عنه في مستهل الكتاب و قد رتبه على العناوين التالية:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 279

ما الذي مكن لعلى أن يكون أديبا متفوقا ما أثر عنه مما انتجته عبقريته.

قيمة أدب الإمام.

التعريف بنهج البلاغة.

الأوهام الحائمة حوله.

نشرته مجلة الاعتدال النجفية في عددها الرابع من السنة الخامسة (ذو الحجة 357-  شباط 939).

19-  استناد نهج البلاغة:

للاستاذ امتياز علي عرشي و قد ألممنا بذكره في مطلع هذا الكتاب.

و هو كتاب كثير الفوائد على قلة أوراقه.

20-  نهج البلاغة چيست:

چيست كلمة فارسية معناها ما هو، و هذا الكتاب هو ترجمة لكتاب السيد الشهرستاني (ما هو نهج البلاغة) مع إضافات مهمة، و الكتاب لضياء الدين بن يوسف الشيرازي و قد طبع بإيران مرتين، ذكره شيخنا الطهراني في «الذريعة» قسم المخطوط، كما تعرض لذكره الشيخ الاميني في الغدير انظر الجزء الرابع 188 و 189 و 190 و لم اتطلب هذا الكتاب على انتشاره لأني لا أفهم الفارسية و ليس في (القرية) من يترجم لي ذلك.

21-  ترجمة نهج البلاغة:

باللغة الكراچية للحاج غلام إسماعيل البهاونكري المعاصر، ذكره في الذريعة أيضا في القسم المخطوط.

22-  الكاشف عن ألفاظ نهج البلاغة:

وضعه العلامة السيد جواد المصطفوي الخراساني على غرار الفهارس الموضوعة للكتاب المجيد، يرشد القارئ إلى أي لفظ من ألفاظ (نهج البلاغة)

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 280

في أي متن أو أي شرح، على إختلاف الطبعات، و تعدد الشروح، و قدم له بمقدمة يستطيع المراجع-  بعد الإلمام بها-  أن يستخرج غرضه من (النهج) في عدة ثواني.

و لا يقدر ما بذل المؤلف من جهود، و كم أمضى من أوقات في جمعه و ترتيبه إلا المعنيون بوضع الفهارس ممن يجدون في مثل هذه الأتعاب راحة في الضمير يستقلون معها إرهاق الأعصاب، و إجهاد البصر.

و كان لي هذا الكتاب خير معين في وضع كتابي هذا إذ لولاه لما كان بوسعي أن أخرج كتابي إلا باضعاف الزمن الذي أخرجته فيه.

23-  مدارك نهج البلاغة:

للشيخ الإمام الهادي من آل كاشف الغطاء رحمه اللَّه، و كان من المعنيين في (نهج البلاغة) و هو أول من جرد قلمه للتأليف في الدفاع عن (نهج البلاغة) و في هذا الكتاب فند المزاعم و الأوهام التي حامت من حوله ببراهين قاطعة، و حجج دامغة، ثم حقق عن بعض مصادر (النهج) و قد مرت الإشارة اليه في مقدمة هذا الكتاب، و طبع مرتين ملحقا بكتاب (مستدرك نهج البلاغة) للهادي أيضا كما سندرجه تحت عنوان (المستدركات على نهج البلاغة).

24-  مصادر نهج البلاغة و أسانيده:

هو هذا الكتاب الذي بين يديك، و أعوذ باللَّه من هفوات اللسان، كما أعوذ به من سهوات الجنان، و أستجير به من زلة القلم كما أستجير به من زلة القدم، و لا قوة إلا باللَّه.

25-  مائة كلمة من نهج البلاغة:

اختارها الأديب الكبير، الصحافي الشهير الأستاذ أمين نخلة من أفاضل المسيحيين برجاء من الشيخ توفيق البلاغي، و اقتبس لها شرحا من تعليقة الشيخ الامام محمد عبده على (النهج) و قد قال في مقدمتها «سألتني أن انتقي مائة

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 281

كلمة من كلام أبلغ العرب (أبي الحسن) تخرجها في كتاب، و ليس بين يدي الآن من كتب الأدب التي يرجع إليها في مثل هذا الغرض الا طائفة قليلة منها انجيل البلاغة (النهج) فرحت أسرح إصبعي فيه، و و اللَّه لا أعرف كيف اصطفي لك المائة من مئات، بل الكلمة من كلمات إلا إذا سلخت الياقوتة عن اختها، و لقد فعلت و يدي تتقلب على اليواقيت، و عيني تغوص في اللمعان، فما حسبتني أخرج من معدن البلاغة بكلمة لفرط ما تحيرت في التخير، فخذ هذه المائة و تذكر أنها لمحات من نور، و زهرات من نور ففي (نهج البلاغة) من نعم اللَّه على العربية و أهلها أكثر بكثير من مائة كلمة.

قال لي مرة الاستاذ العظيم أمين الريحاني في حديث لنا عن ترجمة (أبي العلاء) إلى الانكليزية، أما (الامام) فسيبهر الجماعة يريد (الانكليز) اذا ترجم لهم، فقلت و لكنني أخاف الترجمة فستخلع عن معاني صاحبنا هذا الوشي العربي و لا ريب.

فإذا كان ذلك مما يقال في ترجمة الامام إلى لغات الأجنبين و الريحاني هو المتصدي للترجمة-  فكيف يقال في مائة كلمة تنزع عن اخواتها، و تقلب عن مواضعها، و الكلام جماله في سياقه و في موقعه.

فإذا شاء أحد أن يشفى صبابة نفسه من كلام الامام فليقبل عليه في (النهج) من الدّفة الى الدّفة، و ليتعلم المشي على ضوء البلاغة»«».

و لان أحسن ناشر تلك الكلمات صنعا بنشرها، فقد أساء الصنيع بنشره الصورة التي تخيلها الاستاذ جبران خليل جبران للامام عليه السّلام، فكما أن قلم أكبر كاتب يعجز-  مهما كان بارعا-  أن يعطينا صورة صادقة عن شخصية الامام، كذلك لا تستطيع ريشة أي فنان-  مهما كان ماهرا-  أن تعطينا صورة صحيحة للإمام.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 282

و إذا كان بين الناس من يجد بعض العذر للاستاذ جبران بتصويرها، فليس فيهم من يعذرنا على نشرها، إذ أن نظرة جبران الى الامام تختلف عن نظرتنا إليه.

26-  الاراء الاجتماعية في نهج البلاغة:

للاستاذ عبد الوهاب حمود من كبار أساتذة الأدب العربي في مصر، و هو مقال بديع جدا حول «نهج البلاغة» نشرته مجلة (رسالة الاسلام) التي تصدر عن (دار التقريب بين المذاهب الاسلامية في القاهرة) في العدد الثالث من السنة الثالثة من ص 252 الى 257 شرح فيه ما اجتمع لعلي عليه السلام من آيات الحكمة السامية، و قواعد السياسة المستقيمة، و ما وجد في خطبه و وصاياه من كل موعظة باهرة، و حجة بالغة و آراء اجتماعية، و أسس حربية و ما استشعره منها من شجاعة من غير بغي، و قوة من غير فسوة، و صلابة في إقامة الحق، و ترفع عن المداجاة و المواربة، و خبرة تامة بأحوال المجتمع.

و الكلمة بمجموعها العام استعراض لحالات عديدة، و جوانب متفرقة من حياة المجتمع الذي عاش الامام في وسطه، و وصف رائع لسيرة الامام فيه بالرأفة و الرحمة، و العدل و الاحسان من غير أن تلين قناته في طلب الحق، أو تأخذه فيه هوادة.

ثم لا ينسى الكاتب أن يكشف عن الاسس التي وضعها الإمام في (نهج البلاغة) التي يعتبرها العالم اليوم من مقومات العدل الاجتماعي، و قواعد المدنية الحديثة.

27-  مع الامام علي من خلال نهج البلاغة:

للاستاذ خليل هنداوي، نشرته دار الآداب-  بيروت، حاول فيه المؤلف أن يكتب سيرة الإمام بانصاف و تجرد-  كما يقول-  و يظهر بعض الجوانب من شخصيته من غير أن يأخذ ذلك من أفواه الناس، أو يرجع الى‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 283

كتب السير، و ما تهاداه رواة الاخبار، بل رجع إلى ما ثبتت نسبته إليه من أقواله في مختلف المناسبات لأنه لم يجد «قولا أصيلا يدل على صاحبه و يرنو اليه كقول علي في خطبه و رسائله، فهو ترجمة صادقة واعية لحياة هذا الإنسان الكبير... في حياته، الكبير في موته، الكبير في عبقريته، تغنيك عن كثير من التراجم، و تعفيك من آفات الروايات.

و بحسبك من الانسان أثره الذي ينطق عنه»«».

و قد وفق في جوانب من كتابه كل التوفيق، كما أخفق في مواطن كل الاخفاق، و ليس في هذا الموضع مجال لتوفية القول في هذا الكتاب.

28-  شبهات حول نهج البلاغة:

سلسلة من المقالات نشرت في أعداد مجلة (النجف) الغراء استلها الاستاذ الخطيب الالمعي السيد عدنان البكاء من كتاب يعده للنشر حاول أن يثبت فيه أن (نهج البلاغة) تراث قيم من تراث الحضارة الانسانية، لا تستأثر به طائفة دون أخرى، و لا يختص به أهل دين دون آخر، و لا يختص به أهل مذهب دون غيرهم من أهل المذاهب، ثم بيان مكانة هذا الكتاب من الناحية الأدبية و كيف ظلّ نسعا لكتاب اللغة العربية قديما و حديثا ينتهلون من لغته و يقتبسون من معانيه ما يقوم لهم فنّهم و ينمي من حصيلتهم في اللغة و الأدب و الفكر، ثم الاشارة إلى أن كثيرا من القواعد التي بنيت عليها فيما بعد (الفلسفة الاسلامية) و (علم الأخلاق الإسلامي) و بعض القواعد التشريعية و الأنظمة الاسلامية في الحكم و الإرادة و القضاء مأخوذة منه، ثم لم ينبس أن يشير إلى أن (نهج البلاغة) ألقى ضوءا على الأحداث و الوقائع التي حدثت بعد وفاة النبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و كيف وصفها وصفا دقيقا لم يبق معه غموض و لا التباس.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 284

ثم أورد بعد ذلك الشبهات التي حامت حوله و بددها باسلوب واضح ورد مقنع لا يبقى معه للشك مقيل، و لا للوهم أثر، وفقه اللَّه لاتمامه و نشره.

29-  هكذا تحدث أبو تراب:

سلسلة من الأبحاث في ظلال (نهج البلاغة) ظهرت منها الحلقة الاولى للأخ محمد حسن عليوى (أخي لامي) حاول فيما كتب أن يأخذ ما تحدث به أبو تراب صلوات اللَّه عليه فيسلط منه أنوارا كشّافة على واقعنا الذي نحيا فيه ليتضح ما أخذنا من منهاجه، و ما تركناه منه، و تعرض للمنهاج التربوي في الإسلام و لمح لبعض الخرافات السائدة في المجتمع الاسلامي اليوم مما يظن أنها من العقيدة الاسلامية و هي دخيلة عليها، كل ذلك على ضوء أحاديث أبي تراب في نهجه، و قد حذفت بعض فصوله، و هو جاد في إخراج بقية الحلقات من هذه السلسلة أدعو اللَّه سبحانه بأن يحالفه التوفيق لبلوغ هذه الامنية.

30-  الألفاظ القرآنية في نهج البلاغة:

بحث قيم ممتع باشر في نشره هذه الايام السيد محمد جعفر الحكيم على صفحات مجلة النجف الغراء.

31-  الأمثال في نهج البلاغة:

موضوع قيم جدا للعلامة الاستاذ الشيخ عبد الهادي الفضلي ذكر فيه الامثال التي استشهد بها أمير المؤمنين عليه السّلام نشره قطعا في مجلة (رسالة الاسلام) التي تصدرها كلية اصول الدين ببغداد و ليس بوسعي الآن أن اوفيه حقه لان الكتاب مائل للطبع، و المجلة لا تحضرني و عسى أن اوفق لعرض بعضه في مواضعه من الكتاب إن شاء اللَّه.

32-  التفسير في نهج البلاغة:

كلمة مهمة للاستاذ الكبير كاصد الزيدي نشرت في مجلة (رسالة الاسلام) التي تصدر عن كلية اصول الدين ببغداد العدد 3 و 4 من السنة الخامسة

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 285

أوضح فيها أنّ مصدرا من مصادر التفسير القرآني-  و ان لم يكن التفسير و التأويل، و معنى التأويل و التفسير في خطب الامام و كلماته و إنّ في (النهج) مسائل تخص التفسير و تهم المعنيين به... إلخ.

33-  روائع (نهج البلاغة):

اختارها و رتبها، و قدم بدراسة واسعة لها الكاتب البليغ الاستاذ جورج جرداق صاحب كتاب (صوت العدالة الانسانية) و قال عنها: سوف نسوق في هذا الكتاب روائع ستبقى ما بقي الانسان الخير، و إنها لطائفة تؤلف نهجا في الأخلاق الكريمة، و الأحلام العظيمة، و التهذيب الانساني الرفيع الذي اراده انبثاقا عن ثورة الحياة، و خير الوجود... إلخ.

هذا و قد صدر بعد ذلك شروح عديدة، و تعليقات كثيرة، و كتب حول نهج البلاغة بحوث قيّمة، و رسائل مهمة ليس بوسعي استعراضها لأنها ليس في متناول يدي، و الكتاب مائل للطبع (في طبعته الرابعة) و لا يمكنني تأخير العمل و يمكن للباحث الحصول على جلّها بل كلها من مكتبة مؤسسة نهج البلاغة «بنياد نهج البلاغة في طهران» و عسى أن يفسح اللَّه تعالى لي في الأجل فألحقها في هذا الباب في الطبعة القادمة بمشيئة اللَّه سبحانه.

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 286

المستدركات على نهج البلاغة

و استدرك جماعة من العلماء على الرضي ما فاته ذكره في «نهج البلاغة» من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام و الذي شجعهم على ذلك، و شحذ من همهم هو الرضي نفسه، فانه قال في خطبة الكتاب: «و لا أدعي اني احيط باقطار جميع كلامه عليه السّلام حتى لا يشذ منه شاذ، و لا يند منه ناد، بل لا أبعد أن يكون القاصر عني فوق الواقع الي، و الحاصل في ربقتي دون الخارج من يدي»«» لذلك سلكوا على نهجه، و نسجوا على منواله، و ألفوا على غراره، امثال: 1-  عبد اللَّه بن اسماعيل بن أحمد الحلبي سماه «التذييل» ذكره ابن ابي الحديد«».

2-  أحمد بن يحى بن أحمد بن ناقة جمع في كتابه «ملحق نهج البلاغة» بعض خطب امير المؤمنين عليه السّلام التي لم تذكر في «نهج البلاغة» مثل خطبة

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 287

البيان المنسوبة لأمير البيان، و مثل الخطبة الموسومة بالدرة اليتيمة و هي الخالية من الالف و ألحقها في بعض نسخ «النهج»«».

و بالمناسبة نذكر أن الخطبة المجردة من الألف تسمى (المونقة) و يسميها بعضهم (الدر اليتيمة) و هي من مشاهير خطب أمير المؤمنين عليه السّلام رواها جماعة من علماء الفريقين، و لكن مما يؤسف له أن الاستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم لما أشرف على طبع شرح ابن أبي الحديد وضع عنوانا لهذه الخطبة بهذا اللفظ (خطبة منسوبة للامام علي خالية من حرف الألف) ج 19: 140 و هو و إن ذكر في مقدمة تلك الطبعة أنه وضع العناوين للفصل بين موضوعات الكتاب لتتضح معالمه و تسهل الاحاطة به و لكن العنوان بهذه الصورة يوجب الريب بالنسبة، و يوهم أنها من وضع الشارح إذ ليس أكثر القراء يتصفحون المقدمات، مع أن ما يظهر من رواية ابن أبي الحديد لها أنه واثق بصحتها و لم يتصنع عليه السّلام إنشاءها و لكنه قضية في واقعة-  على ما ذكره الرواة-  و هو أن جماعة من الصحابة تذاكروا أى حروف الهجاء ادخل في الكلام فأجمعوا على الألف فارتجل عليه السّلام تلك الخطبة و لا يستكثر على سيد الفصحاء، و إمام البلغاء أن يأتي بمثلها. فهذا و اصل بن عطاء اسقط الراء من كلامه، و أخرجها من حروف منطقه، و لا يظهر على كلامه شي‏ء من التكلف حتى قال فيه بشار بن برد:

         تكلف القول و الأقوام قد هجروا            و حبروا خطبا ناهيك من خطب‏

         فقام مرتجلا تغلي بداهته‏

            كمرجل القين لما حف باللهب‏

         و جانب الراء لم يشعر به أحد            قبل التصحف و الاغراق في الطلب‏

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 288

و يروى أن الصاحب بن عباد قال قصيدة في مدح أهل البيت عليهم السلام في سبعين بيتا معراة من الألف و أولها:

         قد ظل يجرى بصدري            من ليس يعدوه ذكرى‏

 

فأعجب بها الناس، و تداولتها الرواة فاستمر الصاحب على تلك الطريقة و عمل قصائد كل واحدة منها خالية من واحد من حروف الهجاء، و بقيت عليه واحدة تكون خالية من الواو فانبرى صهره أبو الحسين و قال قصيدة ليست بها واو مدح الصاحب بها و مطلعها:

         برق ذكرت به الحبائب            لما بدا فالدمع ساكب‏

 

و نظم السيد أبو الحسن محمد بن أحمد بن طباطبا الحسني قصيدة في تسعه و أربعين بيتا ليس فيها راء و لا كاف يمدح بها أبا الحسين محمد بن أحمد بن يحى ابن أبي البغل، و لم تظهر عليها الصنعة، و ليس فيها أي أثر للتكلف، بل إن الانسان اذا قرأها من غير تنبيه لا يشعر بخلوها من الحرفين المذكورين و اولها:

         يا سيدا دانت له السادات            و تتابعت في فعله الحسنات‏

         و تواصلت نعماؤه عندي فلي‏

            منه هبات خلفهن هبات‏

         نعم ثنت عني الزمان و غدره            من بعد ما هيبت له غدرات‏

         فأدلت من زمن منيت بغشمه‏

            أيام للأيام بي سطوات‏

         فلميّت أيامي لدى حياته            و لحاسدي نعمى يديه ممات‏

 

و لمحمد بن محمد بن علي بن طالب بن أبي الغنائم الحنبلي المعروف بابن الباطوخ خطب على الحروف كلّ خطبة ناقصة عن حرف مختومة بخطبة ليس فيها نقطة، ذكر ذلك الصفدي في (الوافي بالوفيات): ج 1 ص 171.

و للسيد أبي القاسم الموسوي الخونساري العالم المعروف منظومة خالية من الألف مطبوعة ضمن (مباني الاصول).

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 289

و للحر العاملي قصيدة خالية من الألف في ثمانين بيتا مدح بها الائمة سلام اللَّه عليهم، ذكر ذلك شيخنا الأميني رحمه اللَّه في (الغدير) ج 11 ص 336.

3-  السيد خلف بن عبد المطلب المشعشعي الحويزي المتوفى عام (1074) و كان كما في (أمل الآمل)، و (روضات الجنات) ص 265 عالما فاضلا، و متكلما كاملا، و أديبا ماهرا و لبيبا عارفا، و شاعرا مجيدا، و محدثا مفيدا محققا جليل المنزلة و المقدار«» له تآليف قيمة منها (النهج القويم) في كلام أمير المؤمنين جمع فيه ما لم يجمعه الرضي في (نهج البلاغة)«».

4-  الإمام الهادي من آل كاشف الغطاء قدس سره له كتاب «مستدرك نهج البلاغة» طبع غير مرة، قال في مقدمته: «و قد كنت فيما سلف من غابر الايام عازما على جمع ما تيسر لي مما لم يروه السيد في نهجه من المختار من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام و قد أطمعني في ذلك و شجعني عليه قول السيد الشريف في خطبة النهج: و لا أدعي مع ذلك أني أحيط بأقطار جميع كلامه عليه السّلام، و قول بعض العلماء ان كلامه عليه السّلام كثير حوى كتاب (نهج البلاغة) نبذة شافية منه و لكنها بالنسبة إلى كلامه عليه السّلام و خطبه اقل من سدس» ثم قال رحمه اللَّه خيرا: «و لا ادعي الاحاطة بجميع ما لم يذكره السيد الشريف من كلامه عليه السّلام بل لعل الاقرب انّ ما فاتنا منه أضعاف ما وقفنا عليه فانّ مظانه و مصادره جمة كثيرة لا يمكن الاحاطة بها إلا بعد زمان طويل»«» و قد تقدم ان للشيخ الهادي رضوان اللَّه عليه كتاب (مدارك نهج البلاغة).

5-  العلامة المتتبع الشيخ محمد باقر بن عبد اللَّه المحمودي-  نزيل كربلاء

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 290

اليوم-  الف كتاب «نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة» و هو موسوعة ضخمة تبلغ ثماني مجلدات، و هي في شكلها التأليفي على هذه الصورة: المجلد الأول و الثاني في خطبه عليه السّلام و طوال كلماته مع ذكر مصادرها، و غريب لغاتها.

المجلد الثالث في كتبه و رسائله.

المجلد الرابع و الخامس في وصاياه مع شروح وافية على نقاطه الهامة، و قد طبع المجلد الرابع في هذه الأيام.

المجلد السادس في ادعيته و مناجاته يشتمل على 105 من أدعيته عليه السلام، و هو في طريقه الى الصدور.

المجلد السابع و الثامن في حكمه و قصار كلامه و قد ذكر ما يزيد على خمسة آلاف كلمة فريدة.

هذا ما اطلعنا عليه المؤلف سلمه اللَّه.

و سبق أن رأينا ذكر هذا الكتاب في «ذريعة» الرازي في حرف النون (غير المطبوع).

على غرار نهج البلاغة

و أود في ختام الحديث عن (مكتبة نهج البلاغة) أن استعرض طائعة من الكتاب و المؤلفين الذين اقتدوا بالشريف فترسموا خطاه و اتبعوا طريقته أمثال: 1-  أمين الواعظين أسد اللَّه بن ابي القاسم التستري الأنصاري فقد جمع‏

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 291

من مواعظ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و خطبه و كتبه و حكمه سماه (نهج الفصاحة).

2-  كما ألف بعض المعاصرين في النجف الاشرف كتابا سماه (نهج الفصاحة) ايضا، جمع فيه خطب النبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و كتبه، و جوامع كلمه، و شرحه شرحا وافيا، ذكر هذا و الذي قبله شيخنا الرازي رحمه اللَّه في حرف النون من القسم المخطوط من (الذريعة) غير انه لم يسم المؤلف الأخير.

3-  و للامام المحقق الشيخ راضي آل ياسين طاب ثراه كتاب سماه (أوج البلاغة) جمع فيه ما أثر عن الإمامين الحسنين عليهما السلام من خطب و كتب، و كلمات قصار على طراز (نهج البلاغة) ذكره هو رحمه اللَّه في كتابه الثمين (صلح الحسن) ص 197 ط اولى.

4-  و ألف الأستاذ الشيخ عبد الرضا الصافي كتاب (بلاغة الامام الحسن) على نسق (نهج البلاغة) و هو ماثل للطبع كما اخبرني الأخ الفاضل السيد راضي الحائري.

5-  و جمع العلامة الجليل السيد مصطفى آل اعتماد كتابا ضمنه خطب الحسين عليه السّلام و رسائله و كلمه سماه (بلاغة الحسين) طبع عدة مرات، و ترجم إلى بعض اللغات.

6-  و للاستاذ الفاضل الشيخ عباس الحائرى كتاب (بلاغة علي بن الحسين) جمع فيه خطب الامام زين العابدين عليه السّلام و كلمه و كتبه و حكمه، و جعله أبوابا كأبواب (نهج البلاغة) و قد طبع مرتين و قرضه الامام شرف الدين رحمه اللَّه بكلمة منها.

(و لعمرى ان مؤلفكم هذا لنعمة أسد يتموها الى الامتين الاسلامية بجميع أجناسها، و العربية من سائر أديانها فحق عليها أن تنشرا رباط الحمد على ما أسديتم، و تخلعا حلل الثناء على ما أوليتم).

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 292

7-  و ألف الشيخ عبد الرسول الواعظي (نهج البلاغة الامام الصادق) و هو أثر قيم يحتوي على خطب الامام جعفر بن محمد الصادق صلوات اللَّه عليه على نسق (نهج البلاغة) و قد قدم له الامام الشهرستاني مقدمة تنبى‏ء على و جازتها عن قيمة المؤلف و فضل المؤلف.

و بعد: أرأيت أيادي الشريف الرضي و فضله، و ما جرى من الخير بسببه (و الدال على الخير كفاعله) و (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها).

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 293

الشريف الرضي

و الآن و قد مر بنا ما فيه قناعة كافية، و اطمئنان تام بصحة نسبة ما روى في (النهج) عن أمير المؤمنين عليه السّلام و أنه من جمع الرضي لا بد من تعطير الكتاب بموجز من ذكره الشريف.

فهو أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن ابراهيم بن الامام موسى الكاظم بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي أمير المؤمنين سلام اللَّه عليهم أجمعين.

و أمه فاطمة بنت الحسين الناصر الاصم صاحب الديلم بن علي بن الحسين ابن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

ولد الرضي في سنة (359) و اشتغل بالعلم و الأدب، ففاق اقرانه في الفقه و العلم، و بذ أهل زمانه بالأدب و الشعر، و صنف في علوم القرآن فكشف في مؤلفاته بعض غوامضه، و أظهر شيئا من مزاياه و عجائبه بما لم يسبق إلى مثله، و نظرة واحدة إلى ما أبقته يد الزمن من تفسيره الكبير (حقائق التأويل) تعطيك صورة واضحة من غزارة علمه، و معين فضله.

و صنف في الحديث كتاب (المجازات النبوية) و هو يشتمل على بيان وجوه المجاز و الاستعارة و الكشف عن مواقع النكت البلاغية، و الطرف‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 294

البيانية في (361) حديثا من أحاديث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم (جلى فيها عرائسها و استخرج نفائسها).

أما في الشعر فهو أشعر قريش«» و قريش أشعر العرب«» فهو بهذا أشعر العرب قاطبة، و لقد امتاز شعر الشريف في العفة اللفظية فلا ترى في شعره على كثرته ما تراه في غيره من شعر معاصريه من اللفظ الفاحش، و الكلمة النابية و الهجاء المقذع، كما أنه لم يتزلف به الى الخلفاء، و يتملق فيه عند الملوك، فقد بلغ في التعفف النهاية، لم يقبل من أحد صلة و لا جائرة حتى قيل انه رد صلات أبيه، و حتى أن ملوك بني بويه جهدوا أن يقبل منهم صلة فلم يقبل.

و شعره فوق ذلك ملي‏ء بالحكمة، طافح بالأمثال.

يقول الدكتور زكي مبارك: إنّ الشريف الرضي لقى في دنيا الأدب أعنف ضروب العقوق و لو كان ديوان الشريف الرضي في لغة الفرنسيس أو الانجليز أو الألمان لصنعت في شعره مئات المؤلفات، و أقيمت له عشرات التماثيل«»، و مع هذا فقد وصف الرضي بأنه كان كاتبا بليغا مترسلا و قد جمع أبو اسحق الصابي«» كتابا من رسائله«».

لقد كانت البلاغة هي السمة التي غلبت على الشريف الرضي حين نثر و حين‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 295

شعر و الحق أنه وقف أمامه ثلاثة مصادر لتدفق البلاغة العربية، فعكف عليها، و نهل من مواردها، و استخرج ما فيها من كنوز بلاغية، فجلاها أمام أهل العربية في آنق أثوابها، و أقشب ابرادها و أجمل معارضها.

و هذه المصادر الأصيلة للبيان العربي هي القرآن الكريم، و السنة النبوية، و كلام الإمام علي.

و كانت مهمة الشريف في القرآن و الحديث هي الكشف عما فيهما من وجوه البيان، و ضروب البلاغة، و جهات الفصاحة، حتى تحقق للقرآن الكريم الإعجاز مع أن ألفاظه لم تخرج عما كان العرب يستعملونه من ألفاظ، و ما يدور في لغتهم من كلمات، و حتى تحقق للحديث النبوي ذلك المقام البلاغي، و الإعجاز البياني، الذي لا يدانيه مقام، و لا يقاربه منزل، لأن صاحبه صلّى اللَّه عليه و سلم (اوتي الحكمة و جوامع الكلم).

أما مهمة الشريف الرضي في كلام الامام علي كرم اللَّه وجهه فكانت تأليف كتاب يحتوي على مختار أقواله (في جميع فنونه، و متشعبات غصونه من خطب و كتب، و مواعظ و آداب...) و لقد انتج لنا اهتمام الرضي بهذه المصادر البلاغة ثلاثة كتب من خير ما صنف في البيان العربي«».

توفى الشريف الرضي رحمه اللَّه يوم الأحد السادس من المحرم سنة (406)«» و لما توفى حضر إلى داره الوزير فخر الملك و سائر الوزراء و الأعيان و الأشراف و القضاة حفاة و مشاة و صلى عليه فخر الملك و دفن بداره في محلة الكرخ بخط مسجد الانباريين و لم يشهد جنازته اخوه الشريف المرتضى و لم يصل عليه، و مضى من جزعه عليه الى مشهد موسى بن جعفر عليه السّلام لأنه لم يستطع أن‏

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 296

ينظر الى تابوته و دفنه، و مضى فخر الملك بنفسه آخر النهار إلى المشهد الشريف الكاظمي و ألزمه بالعود إلى داره.

و رثاه غير واحد من الشعراء و في مقدمتهم أخوه المرتضى بالأبيات المشهورة التي من جملتها:

         يا للرجال لفجعة جذمت يدي            و وددت لو ذهبت عليّ براسي‏

         ما زلت أحذر و ردها حتى أتت‏

            فحسوتها في بعض ما أنا حاسي‏

         و مطلتها زمنا فلما صممت            لم يجدني مطلي و طول مكاسي‏

         للَّه عمرك من قصير طاهر

            و لربّ عمر طال بالارجاس«»

 

و رثاه تلميذه مهيار الديلمي«» بقصيدة منها:

         من جب غارب هاشم و سنامها            و لوى لويا فاستزل مقامها

         و غزا قريشا بالبطاح فلفها

            بيد و قوّض عزها و خيامها

         كلح الصباح بموته عن ليلة            نفضت على وجه الصباح ظلامها

         بالفارس العلوي شق غبارها

            و الناطق العربي شق كلامها

         سلب العشيرة يومه مصباحها            مصلاحها عمالها علامها

         برهان حجتها التي بهرت به‏

            اعدائها و تقدمت اعمامها

         ابكيك للدنيا التي طلقتها            و قد اصطفتك شبابها و غرامها

         و رميت غاربها بفضلة معرض‏

            زهدا و قد القت اليك زمامها

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 297

قال السيد على خان رحمه اللَّه في (أنوار الربيع) و شقّت هذه المرثية على جماعة ممن كان يحسد الرضي رضى اللَّه عنه على الفضل في حياته ان يرثى بمثلها بعد وفاته فرثاه بقصيدة اخرى مطلعها في براعة الاستهلال كالاولى و هو:

         أ قريش لا لفم أراك و لا يد            فتواكلي غاض الندى و خلا الندى‏

 

قال: و ما زلت معجبا بقوله منها:

         بكمر النعي فقال: أودي خيرها            إن كان يصدق فالرضي هو الردي«»

 

و قد ألف غير واحد من العلماء كتبا خاصة في الشريف الرضي نذكر منهم: 1-  العلامة الشيخ محمد رضا آل كاشف الغطاء سماه (الشريف الرضي) طبع بمطبعة المعارف ببغداد سنة 1360 ه على نفقة دار التأليف و النشر في النجف الاشرف.

2-  الدكتور زكي مبارك سماه «عبقرية الشريف الرضي» طبع ثلاث مرات في جزئين، الاولى ببغداد سنة 1938 م، و الثانية بمصر و فيها زادت كثيرة على ما في طبعة بغداد، و الثالثة في بيروت.

3-  الدكتور حسين علي محفوظ كتب في ترجمة الشريف ما يقارب 250 صفحة سماها «الشريف الرضي» طبعت به بيروت.

4-  الشيخ محمد هادي الاميني له كتاب ترجمة الشريف الرضي، ذكره والده في «الغدير 4: 183».

5-  المرحوم الشيخ قاسم محي الدين له كتاب «من وحي الشريف الرضي» في تفضيل شعره على شعر سائر الشعراء ذكره صاحب «الذريعة»

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 298

رحمه اللَّه في حرف الميم من القسم المخطوط.

6-  المرحوم الشيخ عبد الحسين الحلي كتب مفصلا عن حياة الشريف الرضي جعله كمقدمة للجزء الخامس من «حقائق التأويل».

7-  السيد علي البرقعي القمي افرد كتابا في ترجمة الشريف الرضي بالفارسية اسماه (كاخ دلاويز).

8-  الدكتور إحسان عباس له (الشريف الرضي) ركز فيه تأثر الشريف الرضي في أفكاره و صورة نفسيته طبع في بيروت سنة 1959.

9-  الاستاذ طاهر الكيالي له (الشريف الرضي) طبع سنة 1941.

10-  الاستاذ أديب التقى الكاتب و الشاعر السوري أخرج كتابا سماه (الشريف الرضي) عصره، حياته، منازعه أدبه ب (374) صفحة و هو قيم بتحليل جميل.

و نكتفي من الحديث عن الشريف الرضي بما نقلناه، اذ ان الافاضة في ذكره و التوسع في ترجمته يحتاج إلى ما يقابل كتابنا هذا سعة و يتجاوزه ضخامة و إنما الغاية تشريف هذا الكتاب بشي‏ء من ذكره الشريف.

و قد خلف الرضي من آثاره التي تدل عليه بضعة عشر كتابا احتلت الصدارة في المكتبة الاسلامية و من أبرز تلك الآثار كتاب (نهج البلاغة) ذلك الكتاب الذي نحن في صدد التحقيق عن مداركه و التنقيب عن مصادره.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 299

«باب» المختار من خطب أمير المؤمنين عليه السّلام و أوامره

و يدخل في ذلك المختار من كلامه الجاري مجرى الخطب فى المقامات المحصورة، و المواقف المذكوره و الخطب الواردة...

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 301

 

1-  و من خطبة له عليه السّلام

«يذكر فيها ابتداء خلق السّماء و الأرض و خلق آدم».

 

الحمد للَّه الّذي لا يبلغ مدحته القائلون، و لا يحصي نعماءه العادّون، و لا يؤدّي حقّه المجتهدون، الّذي لا يدركه بعد الهمم«» و لا يناله غوص الفطن«»، الّذي ليس لصفته حدّ محدود، و لا نعت موجود، و لا وقت معدود و لا أجل ممدود، فطر الخلائق بقدرته، و نشر الرّياح برحمته، و وتّد بالصّخور ميدان أرضه«» أوّل الدّين معرفته، و كمال معرفته التّصديق به، و كمال التّصديق به توحيده، و كمال توحيده الإخلاص له. و كمال الإخلاص له نفي‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 302

الصّفات عنه لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف و شهادة كلّ موصوف أنّه غير الصّفة. فمن وصف اللَّه سبحانه فقد قرنه. و من قرنه فقد ثنّاه و من ثنّاه فقد جزّأه، و من جزّأه فقد جهله«». و من جهله فقد أشار إليه. و من أشار إليه فقد حدّه. و من حدّه فقد عدّه«».

 

و من قال فيم فقد ضمّنه، و من قال علام فقد أخلى منه، كائن لا عن حدث«» موجود لا عن عدم، مع كلّ شي‏ء لا بمقارنة، و غير كلّ شي‏ء لا بمزايلة«»، فاعل لا بمعنى الحركات و الآلة، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه«»، متوحّد إذ لا سكن يستأنس به، و لا يستوحش لفقده.

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 303

أنشأ الخلق إنشاء. و ابتدأه ابتداء، بلا رويّة أجالها«»، و لا تجربة استفادها، و لا حركة أحدثها، و لا همامة نفس«» اضطرب فيها. أحال الأشياء لأوقاتها، و لأم بين مختلفاتها، و غرّز غرائزها«»، و ألزمها أشباحهها«»، عالما بها قبل ابتدائها، محيطا بحدودها و انتهائها، عارفا بقرائنها و أحنائها«».

 

ثمّ أنشأ سبحانه فتق الأجواء«»، و شقّ الأرجاء، و سكائك الهواء«»، فأجرى فيها ماء متلاطما تيّاره«»، متراكما زخّاره، حمله على متن الرّيح العاصفة، و الزّعزع القاصفة«»، فأمرها بردّه، و سلّطها على‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 304

شدّه، و قرنها إلى حدّه، الهواء من تحتها فتيق«»، و الماء من فوقها دفيق.

 

ثمّ أنشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبّها، و أدام مربّها«»، و أعصف مجراها، و أبعد منشاها، فأمرها بتصفيق الماء الزّخّار، و إثارة موج البحار، فمخضته مخض السّقاء«»، و عصفت به عصفها بالفضاء، تردّ أوّله إلى آخره، و ساجيه إلى مائره«»، حتّى عبّ عبابه، و رمى بالزّبد ركامه فرفعه في هواء منفتق، و جوّ منفهق«». فسوّى منه سبع سموات جعل سفلاهنّ موجا مكفوفا«» و علياهنّ سقفا محفوظا. و سمكا

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 305

مرفوعا. بغير عمد يدعمها، و لا دسار ينظمها«». ثمّ زيّنها بزينة الكواكب، و ضياء الثّواقب. و أجرى فيها سراجا مستطيرا«»، و قمرا منيرا، في فلك دائر، و سقف سائر، و رقيم مائر«» ثمّ فتق ما بين السّموات العلا، فملأهنّ أطوارا من ملائكته منهم سجود لا يركعون، و ركوع لا ينتصبون، و صافّون لا يتزايلون و مسبّحون لا يسأمون، لا يغشاهم نوم العين، و لا سهو العقول. و لا فترة الأبدان، و لا غفلة النّسيان، و منهم أمناء على وحيه، و ألسنة إلى رسله، و مختلفون بقضائه و أمره، و منهم الحفظة لعباده و السّدنة لأبواب جنانه، و منهم الثّابتة في الأرضين السّفلى أقدامهم، و المارقة من السّماء العليا أعناقهم، و الخارجة من الأقطار أركانهم، و المناسبة لقوائم العرش أكتافهم،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 306

ناكسة دونه أبصارهم«». متلفّعون تحته بأجنحتهم«»، مضروبة بينهم و بين من دونهم حجب العزّة و أستار القدرة، لا يتوهّمون ربّهم بالتّصوير، و لا يجرون عليه صفات المصنوعين، و لا يحدّونه بالأماكن، و لا يشيرون إليه بالنّظائر.

 

(منها) في صفة خلق آدم عليه السّلام ثمّ جمع سبحانه من حزن الأرض و سهلها، و عذبها و سبخها«»، تربة سنّها بالماء حتّى خلصت، و لاطها بالبلّة حتّى لزبت«». فجبل منها صورة ذات أحناء و وصول«» و أعضاء و فصول. أجمدها حتّى استمسكت،

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 307

و أصلدها حتّى صلصلت«». لوقت معدود، و أمد معلوم، ثمّ نفخ فيها من روحه فمثلت إنسانا ذا أذهان يجيلها«»، و فكر يتصرّف بها، و جوارح يختدمها«»، و أدوات يقلّبها، و معرفة يفرق بها بين الحقّ و الباطل و الأذواق و المشامّ و الألوان و الأجناس، معجونا بطينة الألوان المختلفة، و الأشباه المؤتلفة، و الأضداد المتعادية، و الأخلاط المتباينة، من الحرّ و البرد، و البلّة و الجمود، و استأدى اللَّه سبحانه الملائكة وديعته لديهم«»، و عهد وصيّته إليهم، في الإذعان بالسّجود له و الخشوع لتكرمته، فقال سبحانه: (اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) اعترته الحميّة، و غلبت عليه الشّقوة، و تعزّز بخلقة النّار

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 308

و استهون خلق الصّلصال، فأعطاه اللَّه النّظرة«» استحقاقا للسّخطة. و استتماما للبليّة، و إنجازا للعدّة، فقال: (قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى‏ يَوْمِ الْوَقْتِ)، ثمّ أسكن سبحانه آدم دارا أرغد فيها عيشته، و آمن فيها محلّته، و حذّره إبليس و عداوته، فاغترّه عدوّه نفاسة عليه بدار المقام و مرافقة الأبرار«». فباع اليقين بشكّه، و العزيمة بوهنه، و استبدل بالجذل و جلا«». و بالاغترار ندما. ثمّ بسط اللَّه سبحانه له في توبته، و لقّاه كلمة رحمته، و وعده المردّ الى جنّته.

 

و أهبطه إلى دار البليّة، و تناسل الذّرّيّة«»، و اصطفى سبحانه من ولده أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 309

و على تبليغ الرّسالة أمانتهم لمّا بدّل أكثر خلقه عهد اللَّه إليهم فجهلوا حقّه، و اتّخذوا الأنداد معه«».

 

و اجتالتهم الشّياطين عن معرفته«»، و اقتطعتهم عن عبادته، فبعث فيهم رسله و واتر إليهم أنبياءه«» ليستأدوهم ميثاق فطرته«». و يذكّروهم منسيّ نعمته.

 

و يحتجّوا عليهم بالتّبليغ. و يثيروا لهم دفائن العقول«» و يروهم الآيات المقدّرة من سقف فوقهم مرفوع، و مهاد تحتهم موضوع، و معايش تحييهم، و آجال تفنيهم، و أوصاب تهرمهم«»، و أحداث تتابع عليهم، و لم يخل سبحانه خلقه من نبيّ مرسل، أو كتاب منزل، أو حجّة لازمة، أو محجّة قائمة«».

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 310

رسل لا تقصّر بهم قلّة عددهم، و لا كثرة المكذّبين لهم، من سابق سمّي له من بعده، أو غابر عرّفه من قبله، على ذلك نسلت القرون«»، و مضت الدّهور، و سلفت الآباء، و خلفت الأبناء، إلى أن بعث اللَّه سبحانه محمّدا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله لإنجاز عدته«»، و تمام نبوّته، مأخوذا على النّبيّين ميثاقه، مشهورة سماته«»، كريما ميلاده، و أهل الأرض يومئذ ملل متفرّقة، و أهواء منتشرة، و طوائف متشتّتة، بين مشبّه للَّه بخلقه، أو ملحد في اسمه أو مشير إلى غيره، فهداهم به من الضّلالة، و أنقذهم بمكانه من الجهالة، ثمّ اختار سبحانه لمحمّد صلّى اللَّه عليه و آله لقاءه، و رضي له ما عنده، و أكرمه عن دار

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 311

الدّنيا، و رغب به عن مقارنة البلوى، فقبضه إليه كريما صلّى اللَّه عليه و آله: و خلّف فيكم ما خلّفت الأنبياء في أممها إذ لم يتركوهم هملا، بغير طريق واضح، و لا علم قائم: كتاب ربّكم فيكم مبيّنا حلاله و حرامه«»، و فرائضه و فضائله«»، و ناسخه و منسوخه«»، و رخصه و عزائمه«»، و خاصّه و عامّه«»، و عبره و أمثاله«»، و مرسله و محدوده«»، و محكمه و متشابهه«»، مفسّرا مجمله، و مبيّنا غوامضه، بين مأخوذ ميثاق في علمه، و موسّع على العباد في جهله«»، و بين مثبت في الكتاب فرضه، و معلوم في السّنّة

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 312

نسخه«»، و واجب في السّنّة أخذه، و مرخّص في الكتاب تركه«»، و بين واجب بوقته، و زائل في مستقبله«»، و مباين بين محارمه«» من كبير أوعد عليه نيرانه، أو صغير أرصد له غفرانه«»، و بين مقبول في أدناه موسّع في أقصاه«».

 

(منها) في ذكر الحجّ و فرض عليكم حجّ بيته الحرام، الّذي جعله قبلة للأنام، يردونه ورود الأنعام، و يألهون إليه ولوه الحمام«»، جعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 313

و إذعانهم لعزّته، و اختار من خلقه سمّاعا أجابوا إليه دعوته، و صدّقوا كلمته، و وقفوا مواقف أنبيائه، و تشبّهوا بملائكته المطيفين بعرشه، يحرزون الأرباح في متجر عبادته، و يتبادرون عند موعد مغفرته، جعله سبحانه و تعالى للإسلام علما، و العائذين حرما، فرض حجّه، و أوجب حقّه، و كتب عليكم وفادته، فقال سبحانه (وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)«».

روى هذه الخطبة عن أمير المؤمنين عليه السلام علي بن محمد بن شاكر الواسطي في كتاب (عيون المواعظ و الحكم) إلى ( إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ: الصّافات 38) و قال الشيخ المجلسي عن هذا الكتاب استنسخناه من أصل قديم في المواعظ و ذكر الموت«»، و قد تقدم منا الكلام على هذا الكتاب أيضا«».

و روى الزمخشري في الجزء الأول من «ربيع الأبرار» في باب السماء و الكواكب من هذه الخطبة من قوله عليه السلام: «ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء» إلى قوله: «و رقيم مائر» و روى في باب الملائكة من قوله صلوات اللَّه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 314

عليه: «فتق ما بين السموات العلى» إلى قوله سلام اللَّه عليه: «و لا يشيرون إليه بالنظائر».

و القطب الرّاوندي يروي هذه الخطبة في شرحه على (نهج البلاغة) باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام«»

و يظهر من كلام ابن شعبه في (تحف العقول) أن هذه الخطبة طويلة جدا، لأنه نقل منها شيئا كثيرا مع اختلاف عمّا في (النهج) و زيادات لم تذكر فيه و قال: هذا مختصر منها«».

و قد ضمّن الامام موسى بن جعفر عليه السّلام كتابه إلى الفتح بن عبد اللَّه مولى بني هاشم-  لما كتب إليه يسأله عن شي‏ء من التوحيد-  فقرات من هذه الخطبة«». كما ضمّن الامام علي بن موسى الرّضا عليه السلام خطبته في مجلس المأمون كثيرا من هذه الخطبة، و يظهر من ذلك أن أهل البيت عليهم السلام يتداولون حفظها خلفا عن سلف.

و روى كل من أبي منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسي في (الاحتجاج) ج 1 ص 150، و كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول) و محمد بن سلمة المعروف بالقاضي القضاعي في (دستور معالم الحكم) ص 153 فقرات من هذه الخطبة تختلف رواية كل واحد من هؤلاء عن رواية الآخر إما بزيادة أو نقصان أو تبديل كلمة بما يرادفها.

و اقتطف الفخر الرازي صفة الملائكة في هذه الخطبة من قوله عليه السلام (ثم فتق ما بين السموات العلا فملأهن أطوارا من الملائكة) إلى قوله عليه السلام (و لا يشيرون إليه بالنظائر)، و أرسل نسبتها لأمير المؤمنين عليه السلام إرسال المسلمات، و قدم لها بقوله: (و اعلم أنه ليس‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 315

بعد كلام اللَّه و كلام رسوله كلام في وصف الملائكة أعلى و أجل من كلام أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال في بعض خطبة... إلخ)«».

و من المستحيل أن يتواطأ محمد بن الحسن الحراني المتوفي قبل الرضي و الشريف الرضي المتوفى عام (406) و القضاعي المتوفي في (454) و ابن شاكر المتوفى في (457) و الزمخشري المتوفى في (538) و الرازي المتوفى سنة (606) و ابن طلحة المتوفى في (652) على وضع هذه الخطبة و نسبتها إلى أمير المؤمنين عليه السلام مع اختلاف أزمانهم و بلدانهم، و تباين مذاهبهم و مشاربهم، بالإضافة إلى التغاير الموجود في رواياتهم.

و أخيرا إنّ كلّ من أنس بكلام أمير المؤمنين يقطع أن هذه الثمرة من تلك الشجرة، و أن هذه القطرة من ذلك البحر، و أن هذا المتن يغني عن السند و باللَّه التوفيق. و مما هو جدير بالذكر أن الشيخ علماء الاصول المولى محمد كاظم الخراساني: صاحب (الكفاية) المتوفى سنة (1327) ه«» شرحا لهذه الخطبة أملاه فكتبه من تقريره تلميذه الشيخ عبد الرسول الأصفهاني المتوفى في حدود سنة 1356 (توجد نسخة من هذا الشرح بمكتبة العلامة الشيخ محمد رضا فرج اللَّه بخط السيد هادي بن السيد عباس الفشاركي المتوفى سنة (1354).

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 316

2-  و من خطبة له عليه السّلام بعد انصرافه من صفين

أحمده استتماما لنعمته، و استسلاما لعزّته، و استعصاما من معصيته«»، و أستعينه فاقة إلى كفايته، إنّه لا يضلّ من هداه، و لا يئل من عاداه«»، و لا يفترق من كفاه، فإنّه أرجح ما وزن«»، و أفضل ما خزن، و أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له، شهادة ممتحنا إخلاصها، معتقدا مصاصها«»، نتمسّك بها أبدا ما أبقانا، و ندّخرها لأهاويل ما يلقانا«» فإنّها عزيمة الإيمان، و فاتحة الإحسان و مرضاة الرّحمن، و مدحرة الشّيطان«»، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 317

أرسله بالدّين المشهور، و العلم المأثور«»، و الكتاب المسطور، و النّور السّاطع، و الضّياء الّلامع، و الأمر الصّادع«»، إزاحة للشّبهات، و احتجاجا بالبيّنات، و تحذيرا بالآيات، و تخويفا بالمثلات«» و النّاس في فتن انجذم فيها حبل الدّين«» و تزعزعت سواري اليقين«» و اختلف النّجر«» و تشتّت الأمر«».

 

و ضاق المخرج و عمي المصدر فالهدى خامل، و العمى شامل: عصي الرّحمن، و نصر الشّيطان، و خذل الإيمان فانهارت دعائمه، و تنكّرت معالمه«»، و درست سبله، و عفت شركه«»، أطاعوا الشّيطان فسلكوا مسالكه، و وردوا مناهله بهم سارت أعلامه، و قام‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 318

لواؤه في فتن داستهم بأخفافها، و وطئتهم بأظلافها، و قامت على سنابكها«». فهم فيها تائهون حائرون جاهلون مفتونون في خير دار و شرّ جيران، نومهم سهود و كحلهم دموع«»، بأرض عالمها ملجم، و جاهلها مكرّم.

 

(و منها يعني آل النّبيّ عليه الصّلاة و السّلام) موضع سرّه و لجأ أمره و عيبة علمه و موئل حكمه و كهوف كتبه«»، و جبال دينه. بهم أقام انحناء ظهره و أذهب ارتعاد فرائصه.

 

(و منها يعني قوما آخرين) زرعوا الفجور، و سقوه الغرور، و حصدوا الثّبور«».

 

لا يقاس بآل محمّد صلّى اللَّه عليه و آله من هذه الأمّة أحد و لا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 319

هم أساس الدّين، و عماد اليقين، إليهم يفي‏ء الغالي، و بهم يلحق التّالي«»، و لهم خصائص حقّ الولاية، و فيهم الوصيّة و الوراثة.

 

الآن إذ رجع الحقّ إلى أهله و نقل إلى منتقله.

قال ابن أبي الحديد: «اعلم أن هذه الكلمات و هي قوله عليه السلام «الآن إذ رجع الحق إلى أهله» إلى آخرها يبعد عندي أن تكون مقولة عقيب انصرافه عليه السلام من صفين، لأنه انصرف و قتئذ مضطرب الأمر، منتشر الحبل بواقعة التحكيم، و مكيدة ابن العاص، و ما تم لمعاوية عليه من الاستظهار، و ما شاهد في عسكره من الخذلان، و هذه الكلمات لا تقال في مثل هذه الحال، و أخلق بها أن تكون قيلت في أول بيعته قبل أن يخرج من المدينة إلى البصرة و إنّ الرضي رحمه اللَّه نقل ما وجد، و حكى ما سمع و الغلط من غيره، و الوهم سابق له»«».

ورد عليه شيخنا الهادي رحمه اللَّه بقوله: «و هذا الاستنتاج من مثل هذا الشارح عجيب، فان ما ذكره مسهبا فيه إنما يجري بالنسبة إلى غير أمير المؤمنين عليه السلام ممن يقعقع له بالشنان، و يضطرب أمره من ما جريات الزمان، و أما أمير المؤمنين عليه السلام فهو ليس كغيره ممن يعتريه وهن أو ضعف، أو فشل أو ذلة، و لا ممن تزيده كثرة الناس إنسا و قوة و تفرقهم‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 320

ضعفا و وحشة، على أن المطلوب من الرجل العظيم-  و إن كان دون أمير المؤمنين عليه السلام-  أن يتجلد و يتظاهر بمظاهر الفتوة، و عدم المبالات بالنوائب و الحوادث»«».

أقول: إن الراوي لهذه الخطبة قبل الرضي لم يتوهم في النقل، و لم يغلط في الرواية، و إن هذه الخطبة التي اختار الرضي ما اختاره منها في هذا الموضع خطبها بعد انصرافه من صفين-  كما ذكر الشريف-  و الاستفهام هنا انكاري، كأنه يقول عليه السلام: الآن إذ رجع الحق إلى أهله من أهل بيت النبوة، يجري ما يجري من الحوادث و يقع ما يقع من الاختلاف أما مصادر هذه الخطبة فقد

رواها محمد بن طلحة الشافعي في الجزء الأول من (مطالب السؤول): من أول الخطبة إلى قوله عليه السلام «و جاهلها مكرم» و ابن طلحة و إن كان من المتأخرين عن الشريف الرضي إلا أن روايته لها بما يخالف رواية الشريف لدليل على أنه استقاها من مصدر آخر، فقد روى «أهوال» بدل «أهاويل» و «و اختلف» مكان «فاختلف» و «فانه» بديل «فانها» و أخيرا فانه رواها بأخصر من رواية الرضي.

و نثر الآمدي بعض هذه الخطبة في مواضعها من (غرر الحكم) بتفاوت مع رواية الشريف مما يجعلنا في يقين أن له مصدرا غير «نهج البلاغة».

و ها أنا أنقل لك رواية الآمدي مع إلحاق كل فقرة برقم الصفحة المذكورة فيها ثم قارن بينها و بين ما في (نهج البلاغة) و إليك ذلك: «هم موضع سرّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و حماة أمره» ص 331 و في (النهج)» هم موضع سره، و لجأ أمره» و في (الغرر) ص 354:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 321

و لا يقاس بآل محمد صلوات اللَّه عليه و عليهم من هذه الأمة أحد و لا يستوي بهم» و رواية النهج «لا يقاس بآل محمد صلى اللَّه عليه و آله من هذه الأمة أحد و لا يسوى بهم» و في «الغرر» «نصيحتهم» مكان «نعمتهم»

أما قوله عليه السلام «لهم خصائص حق الولاية و الوراثة» فقد رواه الطبري في (المسترشد): ص 73 مع زيادة على رواية الرضي.

3-  و من خطبة له عليه السّلام و هي المعروفة بالشقشقيّة

أم و اللَّه لقد تقمّصها ابن أبي قحافة و إنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرّحى، ينحدر عنّي السّيل«» و لا يرقى إليّ الطّير، فسدلت دونها ثوبا«»، و طويت عنها كشحا، و طفقت أرتإي بين أن أصول بيد جذّاء«»، أو أصبر على طخية عمياء«»، يهرم فيها الكبير، و يشيب فيها الصّغير، و يكدح فيها مؤمن‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 322

حتّى يلقى ربّه«»، فرأيت أنّ الصّبر على هاتا أحجى«»، فصبرت و في العين قذى، و في الحلق شجا«»، أرى تراثي نهبا حتّى مضى الأوّل لسبيله فأدلى بها إلى ابن الخطّاب بعده.

 

(ثمّ تمثّل بقول الأعشى):

 

         شتّان ما يومي على كورها            و يوم حيّان أخي جابر«»

 

 

 

فيا عجبا بينا هو يستقيلها«» في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته، لشدّ ما تشطّرا ضرعيها«»، فصيّرها في حوزة خشناء، يغلظ كلمها«»، و يخشن مسّها،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 323

و يكثر العثار فيها، و الاعتذار منها: فصاحبها كراكب الصّعبة«»، إن أشنق لها خرم، و إن أسلس لها تقحّم، فمني النّاس لعمر اللَّه بخبط و شماس«»، و تلوّن و اعتراض، فصبرت على طول المدّة و شدّة المحنة، حتّى إذا مضى لسبيله، جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم، فيا للَّه و للشّورى، متى اعترض الرّيب فيّ مع الأوّل منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النّظائر«».

 

لكنّني أسففت إذ أسفّوا«»، و طرت إذا طاروا، فصغى رجل منهم لضغنه، و مال الآخر لصهره«»، مع هن هن«»، إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 324

بين نثيله و معتلفه«»، و قام معه بنو أبيه يخضمون مال اللَّه خضمة الإبل نبتة الرّبيع«»، إلى أن انتكث فتله، و أجهز عليه عمله، و كبت به بطنته«»، فما راعني إلّا و النّاس كعرف الضّبع إليّ«» ينثالون عليّ من كلّ جانب، حتّى لقد وطى‏ء الحسنان، و شقّ عطفاي«» مجتمعين حولي كربيضة الغنم فلمّا نهضت بالأمر نكثت طائفة و مرقت أخرى و قسط آخرون«» كأنّهم لم يسمعوا كلام اللَّه حيث يقول: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) بلى و اللَّه لقد سمعوها و وعوها.

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 325

و لكنّهم حليت الدّنيا في أعينهم وراقهم زبرجها«».

 

أما و الّذي فلق الحبّة. و برأ النّسمة«» لو لا حضور الحاضر و قيام الحجّة بوجود النّاصر«»، و ما أخذ اللَّه على العلماء أن لا يقارّوا على كظّة ظالم و لا سغب مظلوم«» لألقيت حبلها على غاربها«»، و لسقيت آخرها بكأس أوّلها، و لألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز.

 

(قالوا) و قام إليه رجل من أهل السّواد«» عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته فناوله كتابا فأقبل ينظر فيه. قال له ابن عبّاس رضي اللَّه عنهما: يا أمير

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 326

المؤمنين لو أطردت خطبتك من حيث أفضيت، فقال: «هيهات يا ابن عبّاس تلك شقشقة«» هدرت ثمّ قرّت». قال ابن عبّاس: فو اللَّه ما أسفت على كلام قطّ كأسفي على هذا الكلام أن لا يكون أمير المؤمنين عليه السّلام بلغ منه حيث أراد. قال الشريف الرضي رحمه اللَّه: (قوله «كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم و إن أسلس لها تقحم» يريد أنّه إذا شدّد عليها في جذب الزمام و هي تنازعه راسها خرم أنفها، و إن أرخى لها شيئا مع صعوبتها تقحمت به فلم يملكها. يقال: أشنق الناقة إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه و شنقها أيضا، ذكر ذلك ابن السكيت في (إصلاح المنطق).

 

و إنما قال: «أشنق لها» و لم يقل: «أشنقها لأنه جعله في مقابلة قوله: «أسلس لها» فكأنه عليه السلام‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 327

قال: «إن رفع لها رأسها» بمعنى أمسكه عليها. تسمى هذه الخطبة ب (الشّقشقية) أو (الشّقشقية العلوية) كما يأتي في كلام صاحب القاموس، و ربما تعرف ب (المقمّصة) أيضا من حيث اشتمالها على لفظ التقمص في أولها نظير التعبير عن السورة بأشهر ألفاظها كالبقرة، و آل عمران و الرحمن و الواقعة و غير ذلك، و هي من خطب أمير المؤمنين المشهورات حتى قال المفيد رحمه اللَّه: هي أشهر من أن ندل عليها لشهرتها«» و قد روتها العامة و الخاصّة، و شرحوها، و ضبطوا ألفاظها من دون غمز في متنها و لا طعن في أسانيدها.

و تكاد أن تكون هذه الخطبة هي الباعث الأول، و السبب الأكبر لمحاولة تزييف (نهج البلاغة) باثارة الشبهات الواهية حوله، و توجيه الاتهامات الباطلة لجامعه حتى أدى ببعضهم الجهل أو التجاهل، و إن شئت فقل العناد و المكابرة إلى اتهامه بوضعها و ما علموا أن هذه الخطبة بالخصوص مثبتة في مصنفات العلماء المشهورة، و خطوطهم المعروفة قبل أن تلد الرضي أمه، و إليك طائفة منها:

1-  من المتقدمين على الرضي برواية الخطبة الشقشقية أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن قبة الرّازي من متكلمي الشيعة و حذاقهم«» و كان قديما من المعتزلة«» و من تلامذة أبي القاسم البلخي شيخ المعتزلة

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 328

المعروف، ثم انتقل إلى مذهب الإمامية و جرد قلمه في الرد على خصومهم، فألف كتاب (الرد على الزيدية) و (الرد على أبي علي الجبائي)«» و (المسألة المفردة في الإمامة) و (الانصاف في الإمامة) و في هذا الأخير روى الخطبة الشقشقية كما سيجي‏ء.

و من لطيف ما يروى ما نقله النجاشي قال: سمعت أبا الحسن بن المهلوس العلوي الموسوي رحمه اللَّه يقول في مجلس الرضي أبو الحسن و هناك شيخنا أبو عبد اللَّه محمد بن النعمان (المفيد) رحمهم اللَّه أجمعين: سمعت أبا الحسن السوسنجردي«» رحمه اللَّه و كان من عيون أصحابنا و صالحيهم المتكلمين، و له كتاب في الإمامة معروف، و كان قد حجّ على قدميه خمسين حجّة يقول: مضيت إلى أبي القاسم البلخي إلى بلخ-  بعد زيارة الرضا عليه السلام بطوس-  فسلمت عليه و كان عارفا بي، و معي كتاب جعفر بن قبّة في الإمامة المعروف ب (الانصاف) فوقف عليه و نقضه ب (المسترشد في الإمامة) فعدت إلى الري، و دفعت الكتاب إلى ابن قبّة فنقضه بكتاب (المستثبت في الامامة) فحملته إلى أبي القاسم فنقضه ب (نقض المستثبت) فعدت إلى الري فوجدت أبا جعفر قد مات رحمه اللَّه و بذلك تعرف تقدم كتاب (الانصاف) على (نهج البلاغة) و قد شهد لنا جماعة من العلماء على أنهم رأوا (الأنصاف) متضمنا للخطبة الشقشقية منهم شارحوا (النهج) الثلاثة قطب الدين الراوندي، و ابن ابي الحديد المعتزلي، و الشيخ ميثم البحراني. كما سترى.

2-  و سبق الرضي برواية الشقشقية أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد بن‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 329

محمود البلخي الكعبي المتوفى سنة (317).، رأس طائفة من المعتزلة يقال لهم: الكعبيّة، و كان من متكلمي المعتزلة و له تصانيف تضمن بعضها كثيرا من الخطبة الشقشقية كما شهد لنا بذلك ابن أبي الحديد المعتزلي«».

3-  أبو أحمد الحسن بن عبد اللَّه العسكري، نقل عنه الصّدوق شرح الخطبة في (معاني الأخبار) قال: سألت الحسن بن عبد اللَّه بن سعيد العسكري عن تفسير هذا الخبر ففسره لي... إلخ«».

4-  الصّدوق في كتابيه (معاني الأخبار): ص 343 و (علل الشرائع) في باب العلّة التي من أجلها ترك أمير المؤمنين عليه السلام مجاهدة أهل الخلاف). بطريقين ينتهيان إلى ابن عباس.

5-  كانت هذه الخطبة مثبتة في (العقد الفريد) لابن عبد ربه المالكي المتوفى سنة (328) كما نقل ذلك المجلسي في المجلد الثامن من (البحار) ص 160 ط الكمباني، فقد عدد رواة الخطبة من الإمامية و نقل سندها المتصل بعبد اللَّه بن العباس عن (شرح نهج البلاغة) للقطب الراوندي ثم عدّد رواتها من غيرهم فقال: رواها ابن الجوزي في مناقبه و ابن عبد ربه في الجزء الرابع من (العقد الفريد) و أبو علي الجبائي في كتابه، و ابن الخشاب في درسه-  على ما حكاه بعض الأصحاب- ، و الحسن بن عبد اللَّه بن سعيد العسكري-  على ما حكاه صاحب الطرائف.

أنظر أولا إلى احتياطه حينما ينقل بالواسطة بقوله: «على ما حكاه بعض الأصحاب» و «على ما حكاه صاحب الطرائف» ثم أنظر كيف ينصّ على أنّها في (العقد الفريد).

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 330

و يؤيد ما نقله المجلسي أن القطيفي في كتاب (الفرقة الناجية) نصّ على أنها في الجزء الرابع من العقد الفريد)«».

ثم جاءت الأيدي الأمينة على ودائع العلم فحذفتها عند النسخ أو عند الطبع و كم لهم من أمثالها.

هؤلاء كلهم توفوا قبل صدور (نهج البلاغة)، ثم جاء من بعدهم فنقلوا الخطبة عن غير (النهج) و من غير طريق الرضي، كما تدل عليه أسانيدهم المسلسلة، و طرقهم المختلفة، و رواياتهم المتفاوتة. و اليك طائفة منهم:

6-  أبو عبد اللَّه المفيد المتوفى سنة (412) استاذ الشريف الرضي رواها في (الارشاد) ص 135، قال: روى جماعة من أهل النقل من طرق مختلفة عن ابن عباس قال: كنت عند امير المؤمنين عليه السلام بالرحبة فذكرت الخلافة و تقديم من تقدم عليه فتنفس الصعداء ثم قال: أم و اللَّه لقد تقمصها.. إلخ، و لا يجوز اقتباس الشيخ المفيد هذه الخطبة من (نهج البلاغة) و نقلها إلى كتابه، لأن الرضي لا يمهد للخطبة إسنادا بل يقول: و من خطبة له و هي المعروفة بالشقشقية: (ام و اللَّه لقد تقمصها...) إلى آخر الخطبة في حين أن شيخه المفيد يمهد لها قصة و استادا، زد على ذلك أن العادة تقتضي بنقل التلاميذ عن شيوخهم لا الشيوخ عن تلاميذهم، و يدلك على أن الشقشقية عند المفيد غير منقولة عن (نهج البلاغة) الاختلاف بينهما في الجمل و الألفاظ. و النتيجة: انفرد الشريف الرضي في نقله عن مصدر له، و انفرد شيخه المفيد في نقله عن مصدر آخر«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 331

7-  القاضي عبد الجبار المعتزلي«» المتوفى سنة (415) ذكر في كتابه (المغني) تأويل بعض جمل الخطبة، و منع دلالتها على الطّعن في خلافة من تقدم على أمير المؤمنين عليه السلام«» بقوله: المراد بذلك أنه-  أي الامام-  أهل لها، و أصلح منه للقيام بها يبيّن ذلك القطب من الرحى لا يستقل بنفسه، و لا بد في تمامه من الرحى فنبه بذلك أنه أحق، و إن كان قد تقمصها.

و قال في تأويل قول أمير المؤمنين عليه السلام: «ابن ابي قحافة» و قد كانت العادة أن يسمى صاحبه أو يكنيه، أو يضيفه إلى أبيه حتى كانوا ربما قالوا لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم يا محمد فليس بذلك استخفاف«»

8-  الوزير أبو سعيد الآبي المتوفى عام (422) في كتابيه (نثر الدرر) و (نزهة الأديب)«»

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 332

9-  الشريف المرتضى ذكر شيئا منها في (الشافي): ص 203 و 204 و له كتاب مستقل في شرحها سيأتي ذكره.

10-  الشيخ أبو علي محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة (460) رواها في (الأمالي) 1-  392 قال: أخبرنا الحفار«» قال: حدثنا أبو القاسم الدعبلي. قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أخي دعبل (الخزاعي) قال: حدثنا محمد بن سلامة الشامي، عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر محمد بن علي، عن ابن عباس، و عن محمد (يعني الباقر عليه السلام) عن أبيه عن جده قال: ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين على ابن ابي طالب عليه السلام فقال: و اللَّه لقد تقمصها.. إلى آخر الخطبة مع تفاوت قليل.

11-  قطب الدين الراوندي المتوفى (573) رواها في «شرح نهج البلاغة» من طريق الحافظين ابن مردويه و الطبراني و قال: أقول: وجدتها في موضعين تاريخهما قبل مولد الرضي بمدة، (أحدهما) أنها مضمنة كتاب «الانصاف» لأبي جعفر بن قبة تلميذ أبي القاسم الكعبي، أحد شيوخ المعتزلة، و كانت وفاته قبل مولد الرضي. (الثاني) وجدتها بنسخة عليها خط الوزير أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات و كان وزير المقتدر باللَّه، و ذلك قبل مولد الرضى بنيف و ستين سنة، و الذي يغلب على ظني أن تلك النسخة كانت قد كتبت قبل وجود ابن الفرات بمدة«».

12-  و رواها أبو منصور الطبرسي في (الاحتجاج) ج 1 ص 95،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 333

قال روى جماعة من أهل النقل من طرق مختلفة عن ابن عباس.. إلخ.

13-  قال ابن ابي الحديد: حدثني شيخي أبو الخير مصدق بن شبيب الواسطي في سنة ثلاث و ستمائة، قال: قرأت على الشيخ أبي محمد عبد اللَّه ابن احمد المعروف بابن الخشاب هذه الخطبة فلما انتهيت إلى هذا الموضع (يعني قول ابن عباس: ما اسفت.. إلخ) قال لي: لو سمعت ابن عباس يقول هذا لقلت له: و هل بقي في نفس ابن عمك أمر لم يبلغه في هذه الخطبة لتتأسف أن لا يكون بلغ من كلامه ما أراد و اللَّه ما رجع عن الأولين و لا عن الآخرين، و لا بقي في نفسه أحد لم يذكره إلّا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله، قال مصدق: و كان ابن الخشاب صاحب دعابة و هزل، قال: فقلت أتقول إنها منحولة فقال: لا و اللَّه و إني لأعلم انها كلامه كما أعلم انك مصدق، فقلت له: إن كثيرا من الناس يقولون إنها من كلام الرّضي رحمه اللَّه تعالى فقال: أنّ للرضي و لغير الرضي هذا النفس، و هذا الاسلوب، فقد وقفنا على رسائل الرضي و عرفنا طريقته و فنّه في الكلام المنثور، و ما يقع في هذا الكلام في خلّ و لا خمر، ثم قال: و اللَّه لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن يخلق الرضي بمائتي سنة، و لقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها، و أعرف خطوط من هو من العلماء و أهل الأدب قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد الرضي«».

14-  قال ابن ابي الحديد: معقبا على كلام ابن الخشاب المذكور قلت: و قد وجدت أنا كثيرا من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي إمام البغداديين من المعتزلة، و كان في دولة المقتدر، قبل أن يخلق‏

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 334

الرّضي بمدة طويلة«».

15-  و قال أيضا: و وجدت كثيرا منها في كتاب أبي جعفر بن قبّة أحد متكلمي الإمامية، و هو الكتاب المشهور المعروف بكتاب (الأنصاف) و كان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي رحمه اللَّه تعالى، و مات في ذلك العصر قبل أن يكون الرّضي رحمه اللَّه موجودا«».

16-  قال الشيخ كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني بعد أن نقل كلام ابن الخشاب المتقدم بتفاوت بسيط جدا: أقول: و قد وجدتها في موضعين تاريخهما قبل مولد الرّضي بمدة و ذكر نحوا مما ذكر القطب الراوندي، بأنه رآها في (الانصاف) كما رآها بنسخة عليها خط المقتدر العباسي«»

17-  أبو المظفر يوسف بن قزغلي الحنفي الشهير بسبط ابن الجوزي المتوفى سنة (654) في (تذكرة الخواص): ص 133 قال ما هذا نصّه بالحرف: «خطبة أخرى، و تعرف بالشقشقية ذكر صاحب (نهج البلاغة) بعضها و أخل بالبعض و قد أتيت بها مستوفاة، أخبرنا بها شيخنا أبو القاسم النفيس الأنباري باسناده عن ابن عباس» ثم ذكر الخطبة.

و لا تخلو كتب الأدب و معاجم اللغة من ذكر الخطبة الشقشقية:

آ-  في (مجمع الأمثال) للميداني: ج 1 ص 369 «شقشقة هدرت ثم قرّت» قال: الشقشقة شي‏ء كالرئة يخرجها البعير من فيه و إذا قالوا للخطيب ذو شقشقة فانما يشبه بالفحل، و لأمير المؤمنين علي رضي اللَّه عنه خطبة تعرف بالشقشقية، لأن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال له حين قطع‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 335

كلامه: لو اطردت مقالتك من حيث أفضيت، فقال: «هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرّت».

ب-  و فسر ابن الأثير في (النهاية) غريب هذه الخطبة في مواضع عديدة، في مادة «جذذ» قال: و منه حديث علي رضي اللَّه عنه: «أصول بيد جذّاء» أي مقطوعة كنى عن قصور أصحابه، و تقاعدهم عن الغزو فانّ الجند للأمير كاليد و تروى بالحاء المهملة ا ه فانظر كيف حرّف الكلم عن مواضعه، و فسّر في مادة «حلا» «حليت الدّنيا في أعينهم» و في مادة «خضم» «و قام بنو أميّة إليه يخضمون مال اللَّه...» إلخ لاحظ التفاوت بين روايته و رواية الرضي فانه روى «إليه» مكان «معه» و «بنو أمية» مكان «بنو أبيه» لتعلم أن له مصدرا غير (نهج البلاغة)، و فسّر غريبها في المواد التالية: «ربض» و «زبرج» و «شنق» و «عفط».

و قال في مادة «شقشق»: ج 2-  294 قال: و منه حديث عليّ في خطبة له: «تلك شقشقة هدرت ثم قرّت».

ج-  و قال ابن منظور في (لسان العرب) في مادة «شقشق» و في حديث علي رضوان اللَّه عليه في خطبة له «تلك شقشقة هدرت ثم قرّت».

د-  و في «القاموس» للفيروز آبادي ج 3-  251 قال: و الخطبة الشقشقية العلوية لقوله لابن عباس لما قال له: لو اطردت مقالتك من حيث أفضيت «يابن عباس هيهات تلك شقشقة هدرت ثم قرّت». و الرجل السوادي الذي ناول أمير المؤمنين الكتاب هو أحد رجلين إما أن يكون منافقا ماكرا أراد أن يقطع عليه كلامه في حيلة لم يستطع أن يدبر غيرها، و أمّا أن يكون، بليدا مغفلا، قليل المعرفة، سي‏ء الأدب حداه جهله على التّسرع في مناولة الكتاب و لم يمهل حتى يبلغ الامام قصده.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 336

أما الكتاب فيحتوي على مسائل غير مهمة بالنسبة للغرض الذي فوّته على أمير المؤمنين عليه السلام مما دعا ابن عباس أن يأسف لذلك أشدّ الأسف.

و عسيت بحاجة إلى الاطلاع على تلك المسائل فانك تجدها في (شرح نهج البلاغة) للشيخ ميثم البحراني رحمه اللَّه، ج 1 ص 269، عند كلامه في شرح الخطبة الشقشقية.

و في نهاية البحث عن مصادر الشقشقية، و تحقيق نسبتها لأمير المؤمنين عليه السلام أرى من الجدير بالذكر أن أقول: إن المعركة حول «نهج البلاغة» منذ أن نشبت إلى يوم الناس هذا و إن اصطبغت بصبغة أدبية في ظاهرها و لكنها مذهبية في باطنها، و نستطيع أن نقطع ان هذه الخطبة هي من أعظم الأسباب التي دعت لاثارة تلك الشكوك في (نهج البلاغة)-  كما ذكرنا آنفا-  و بسبب اشتماله عليها و على مثيلاتها حمي و طيس تلك المعركة، و استعر أوارها، و علالهيبها، فهل بالامكان أن نثبت ورود شي‏ء عن الامام عليه السلام في معنى ما تضمنته هذه الخطبة بشرط أن يكون ذلك منقولا عن مصادر معتبرة عند أهل البحث و أرباب النظر فالامام في هذه الخطبة يرى نفسه أنه أحق بمقام رسول اللَّه من منافسيه و أنهم يعلمون ذلك، و أنه حين لم يجد من يناصره على المطالبة بحقه صبر على مضض، و اعرض عن غير رضى، و ان عمر (رض) إنما ساند صاحبه ليكون له نصيب في الأمر، إلى آخر ما جاء في الخطبة.

فنقول: أما أنه يرى أنه أحق بالأمر من غيره فهذا شي‏ء مستفيض عنه فمن ذلك قوله لأبي بكر لما أرادوه على البيعة: (أنا أحق بهذا الأمر منكم، و أنتم أولى بالبيعة لي)«» و قوله لأبي عبيدة لما طلب إليه أن يبايع لأبي بكر:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 337

(اللَّه اللَّه يا معشر المهاجرين لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عند داره و عقر بيته-  إلى أن يقول-  و لا تدفعوا أهله عن مقامه فو اللَّه لنحن أحق الناس به)«» و قوله عليه السلام: (اللهم فاجز قريشا عني الجوازي فقد قطعت رحمي، و تظاهرت علي، و دفعتني عن حقي، و سلبتني سلطان ابن امي، و سلمت ذلك إلى من ليس مثلي في قرابتي من الرسول، و سابقتي في الاسلام إلّا أن يدعي مدع مالا أعرفه)«» و قوله عليه السلام في جواب كتاب كتبه إلى معاوية: (و ذكرت حسدي للخلفاء، و إبطائي عنهم، و الكراهية لأمرهم فلست اعتذر إلى الناس من ذلك-  إلى أن يقول-  بل عرفت أن حقّي هو المأخوذ و قد تركته لهم)«». إلى كثير من أمثال ذلك مما يطول المقام باستيعابه.

و هناك شق الأمة من أنصاره و شيعته بما فيهم اعدال القرآن من أهل بيته، متفقون على ذلك، مجمعون على صحته، و يوافقهم عليه من الشق الثاني من لا يحصيهم عدد و فيهم من منافسيه. فعن ابن عباس قال: كنت أسير مع عمر بن الخطاب في ليلة و عمر على بغل، و أنا على فرس فقال: أم و اللَّه يا بني عبد المطلب لقد كان علي فيكم أولى بهذا الأمر مني و من أبي بكر، فقلت في نفسي لا أقالني اللَّه إن أقلته فقلت: انت تقول ذلك يا أمير المؤمنين و انت و صاحبتك وثبتما عليه، و افترعتما الأمر منه دون الناس فقال: إليكم يا بني عبد المطلب أما إنكم أصحاب عمر بن الخطاب‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 338

فتأخرت عنه و تقدم هنيهة فقال: سر لا سرت و قال: أعد علي كلامك فقلت: إنما ذكرت شيئا فرددت عليك جوابه، و لو سكت سكتنا، فقال: إنا و اللَّه ما فعلنا عن عداوة و لكن استصغرناه و خشينا أن لا تجتمع عليه العرب و قريش لما قد وترها، قال: فأردت أن أقول كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم يبعثه فينطح كبشها أ فتستصغره أنت و صاحبك فقال: لا جرم فكيف ترى و اللَّه لا نقطع أمرا دونه، و لا نعمل شيئا حتى نستأذنه«».

و قال عمر لابن عباس أيضا: يا بن عباس ام و اللَّه إن كان صاحبك-  يعني عليا عليه السلام-  أولى الناس بالأمر بعد وفاة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم إلا أنا خفناه على اثنتين قال ابن عباس: فجاء بمنطق لم أجد بدا من مسألته عنه فقلت يا أمير المؤمنين ما هما قال: حداثة سنه، و حبه بني عبد المطلب«».

و في بعض ما نقلناه كفاية.

أما ما ذكره في الشقشقية من كونه إنما سانده ليكون له من الأمر نصيب، فقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام بهذا المعنى شي‏ء كثير نكتفي بذكر واحد منه. فقد روى البلاذري قال: بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى علي رضي اللَّه عنهم حين قعد عن بيعته و قال له: إئتني به بأعنف العنف فلما أتاه جرى بينهما كلام، فقال: (احلب حلبا لك شطره و اللَّه ما حرصك على إمارته اليوم إلا ليؤثرك غدا)«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 339

و الواقع يؤيد هذا و يصدقه، و كيفية ادلائه بالأمر إليه معلومة لدى الخاص و العام، و في أيامه كان هو المتنفذ فعلا فلا يقطع أمرا دونه، و لا يعمل عملا إلا باذنه. روى ابن حجر العسقلاني في «الاصابة» ج 3 ص 56 في ترجمة عيينة بن حصن عن «التاريخ الصغير» للبخاري باسناده عن عبيدة بن عمرو قال: جاء الأقرع بن حابس، و عيينة بن حصن إلى أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه فقالا: يا خليفة رسول اللَّه إن عندنا أرضا سبخة ليس فيها كلأ و لا منفعة فان رأيت أن تقطعناها فأجابهما و كتب لهما و أشهد القوم و عمر ليس فيهم، فانطلقا إلى عمر ليشهداه، فتناول الكتاب و تفل فيه و محاه، فتذمرا له، و قالا له مقالة سيئة، فقال: إنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم كان يتألفكما و الإسلام يومئذ قليل، و إنّ اللَّه قد أعز الإسلام اذهبا فاجهدا على جهد كما، لا رعى اللَّه عليكما إن رعيتما، فاقبلا إلى أبي بكر و هما يتذمران، فقالا: ما ندري و اللَّه أنت الخليفة أو عمر فقال لا بل هو لو شاء، فجاء عمر و هو مغضب حتى وقف على أبي بكر، فقال: أخبرني عن هذا الذي أقطعتهما، الأرض هي لك خاصة أو للمسلمين عامة قال: بل للمسلمين عامة، قال: فما حملك على أن تخص بها هذين قال: استشرت الذين حولي، فأشاروا عليّ بذلك، و قد قلت لك: إنك أقوى على هذا مني فغلبتني«».

أما بقية ما جاء في الخطبة من وصف الحوزة الخشناء و العثار و الاعتذار، و قضة الشورى، و قيام ثالث القوم و ما فعله بنو أبيه في أيامه و نهاية أمره، و انثيال الناس على الامام ثم نكث بعضهم لبيعته، و مروق الخوارج، و خروج القاسطين فامور ثابتة لا محل للريب فيها.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 340

و بعد هذا فالخطبة عربية صرفة، فالقطب و الرحى، و الكور و الضرع، و الإبل و الربيع، و النثيل و المعتلف، و الحبل و الغارب، و عرف الضبع و عفطة العنز كلمات لا أثر للدخيل فيها، و لا يمكن أن تقال إلا في ذلك الزمن.

و قد أخذ كل من ابن المعتز«» و صفي الدين الحلي«» بعض معاني هذه الخطبة فنظمها الأول في قصيدته البائية التي افتخر بها على العلويين، فقال:

         كقطب الرحى وافقت أختها            دعونا لها فعملنا بها

         و أقسم أنكم تعلمون‏

            أنا لها خير أربابها

 

 

و قال الثاني رادا عليه:

         فهلا تقمصها جدكم            إذا كان إذا ذاك أحرى بها

         و ما أنت و الفحص عن شأنها

            و ما قمصوك بأثوابها

         فدع ذكر قوم رضوا بالكفاف            و جاءوها الخلافة من بابها

         هم قطب ملة دين الاله‏

            و دور الرحاء بأقطابها

 

 

شروح الشقشقية:

و لأهمية الشقشقية اهتم بها العلماء و الأدباء اهتماما خاصا و شرحوها بشروح مستقلة و إليك بعضها:

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 341

1-  شرح الخطبة الشقشقية: للسيد المرتضى علم الهدى أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي المتوفى عام (436)«» و الظاهر أن هذا الشرح أوّل شروحها المستقلة، و يحتمل أنه الف قبل صدور (نهج البلاغة).

2-  شرح الخطبة الشقشقية: للسيد علاء الدين گلستانه محمد بن أبي تراب الحسيني الأصبهاني من شرّاح (نهج البلاغة) و صاحب كتاب (نهج اليقين) و هو شرح لرسالة الامام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام التي كتبها إلى أصحابه و أمرهم بمدارستها، و النظر فيها، و تعاهدها، و العمل بها فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم فاذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها، و الرسالة مذكورة في (روضة الكافي) و نقل مختارها الحرّاني في (تحف العقول): ص 313 و له (شرح خطبة همّام) التي وصف أمير المؤمنين عليه السلام بها المتقين«».

توفي السيد علاء الدين في 13 شوال سنة 1100 رحمه اللَّه«».

3-  شرح الخطبة الشقشقية: للمولى إبراهيم الجيلاني من أعاظم العلماء، يروى بالإجازة عن المجلسي، و له (شرح نهج البلاغة) في ثمان مجلدات، و (شرح الصحيفة السجادية) و حواش على الكتب الأربعة، توجد هذه الكتب عند العلامة السيد شهاب الدين الحسيني النجفي نزيل قم بخط المؤلف، و قبر المولى إبراهيم الجيلاني في مقبرة تخت فولاد بأصفهان«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 342

4-  شرح الخطبة الشقشقية: لأبي المعالي محمد إبراهيم الكلباسي المتوفى سنة 1315 وصفه المحدث القمّي: عالم، فاضل، متبحر، دقيق، حسن التحرير، كثير التصنيف، كثير الاحتياط، شديد الورع، له مصنفات في الفقه و الاصول و الرجال، و له (رسالة في أصوات النساء) و (رسالة في حكم التداوي بالمسكر) و (رسالة في زيارة عاشوراء) و له (شرح الخطبة الشقشقية) و غير ذلك من الرسائل الكثيرة، توفي في صفر سنة 1315 و قبره بأصبهان مزار مشهور«».

5-  شرح الخطبة الشقشقية: فارسي للسيد محمد عباس التستري اللكنهوي المتوفي سنة 1306 ه ألفه باستدعاء معتمد الدولة، مختار الملك، السيد محمد خان بهادر ضيغم جنك.

6-  شرح الخطبة الشقشقية: لتاج العلماء السيد علي بن دلدار علي اللكنهوي المتوفى سنة 1312 ه.

7-  شرح الخطبة الشقشقية: للشيخ هادي الساني صاحب كتاب (شرح الخطبة الزينبية) 8-  شرح الخطبة الشقشقية: مجهول المؤلف موجود عند الاستاذ علي الخاقاني صاحب (مجلة البيان).

9-  شرح الخطبة الشقشقية: للسيد علي الهاشمي الخطيب المعروف، و المؤلف المشهور. مخطوط.

10-  شرح الخطبة الشقشقية: للشاعر الأديب السيد جعفر السيد صادق العابد، نقل لي منه فصولا جيدة.

11-  شرح الشقشقية للعلّامة السيد حسين الصدر.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 343

4-  و من خطبة له عليه السّلام

بنا اهتديتم في الظّلماء«»، و تسنّمتم العلياء، و بنا انفجرتم عن السّرار«»، و قر سمع لم يفقه الواعية«»، و كيف يراعي النّبأة من أصمته الصّيحة«»، ربط جنان لم يفارقه الخفقان«»، ما زلت أنتظر بكم‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 344

عواقب الغدر، و أتوسّمكم بحلية المغترّين«»، سترني عنكم جلباب الدّين«»، و بصّرنيكم صدق النّيّة، أقمت لكم على سنن الحقّ في جوادّ المضلّة«»، حيث تلتقون و لا دليل، و تحتفرون و لا تميهون«»، اليوم أنطق لكم العجماء ذات البيان«»، غرب رأي امري‏ء تخلّف عنّي«»، ما شككت في الحقّ مذ أريته، لم يوجس موسى عليه السّلام خيفة على نفسه«»، أشفق‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 345

من غلبة الجهّال و دول الضّلال، اليوم تواقفنا على سبيل الحقّ و الباطل، من وثق بماء لم يظمأ.

روي أن هذه الخطبة خطب بها أمير المؤمنين عليه السلام بعد قتل طلحة و الزبير و انهزام أصحاب الجمل كما روى ذلك الشيخ ميثم البحراني«» و غيره. و قال ابن ابي الحديد: هذه الكلمات و الأمثال ملتقطة من خطبة طويلة«». ثم قال بخصوص هذه الكلمات التي رواها الرضي في «النهج» بأنها كلامه عليه السلام الذي لا يشك في ذلك من له ذوق و نقد، و معرفة بمذاهب الخطباء و الفصحاء في خطبهم و رسائلهم، و الرواية لها كثيرة إلخ«».

و قد روى المفيد هذه الخطبة في «الارشاد» ص 147 باختلاف يسير عما رواه الرضي، و زيادة هذه الجملة (كان بنو يعقوب على المحجة العظمى حتى عقوا أباهم، و باعوا أخاهم، و بعد الاقرار كانت توبتهم و باستغفار أبيهم و أخيهم غفر لهم).

و روى آخر هذه الخطبة الطبري في «المسترشد» ص 95.

فابن ميثم حدد لنا الزمان الذي القيت فيه هذه الخطبة، و ابن أبي الحديد اعترف بأنها طويلة و الرواية لها كثيرة، و المفيد رواها باختلاف و زيادة،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 346

و الطبري روى جزءا منها، كل ذلك يدل دلالة لا ريب فيها على أن الرضي مسبوق بنقلها، و لم ينفرد بروايتها.

5-  و من خطبة له عليه السّلام

لمّا قبض رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و خاطبه العبّاس و أبو سفيان بن حرب في أن يبايعا له بالخلافة: أيّها النّاس شقّوا أمواج الفتن بسفن النّجاة، و عرّجوا عن طريق المنافرة«» وضعوا عن تيجان المفاخرة، أفلح من نهض بجناح، أو استسلم فأراح«»، هذا ماء آجن«»، و لقمة يغصّ بها آكلها، و مجتني الثّمرة لغير وقت إيناعها كالزّارع بغير أرضه، فإن أقل يقولوا حرص على الملك، و إن أسكت يقولوا

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 347

جزع من الموت، هيهات بعد اللّتيا و الّتي«» و اللَّه لابن أبي طالب آنس بالموت من الطّفل بثدي أمّه، بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطّويّ البعيدة.«»

لما توفي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و اشتغل علي عليه السلام بغسله و دفنه و بويع أبو بكر خلا الزبير و أبو سفيان و جماعة من المهاجرين بعباس و علي عليه السلام لإجالة الرأي، و تكلموا بكلام يقتضي الاستنهاض و التهييج، فقال العباس (رضي اللَّه عنه) قد سمعنا قولكم، فلا لقلّة نستعين بكم، و لا لظنّة نترك آرائكم فامهلونا نراجع الفكر فان يكن لنا من الاثم مخرج يصرّ بناوبهم الحق صرير الجدجد«» و نبسط إلى المجد أكفا لا نقبضها أو نبلغ المدى، و إن تكن الأخرى فلا لقلة في العدد، و لوهن في الأيد«» و اللَّه لو لا «أنّ الاسلام قيد الفتك» لتدكدت جنادل صخر«» يسمع اصطكاكها من المحل العليّ، فحل علي‏

 

                        ادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 348

عليه السلام حبوته و قال: الصبر حلم، و التقوى دين، و الحجة محمد، و الطريق الصراط، أيها الناس شقوا أمواج الفتن.. الخطبة، ثم نهض فدخل إلى منزله و افترق القوم«».

هكذا ذكر ابن ابي الحديد سبب هذه الخطبة، و يظهر من تقديمه لها و الزيادات التي ذكرها في أولها أنه اطلع عليها بمصدر غير «النهج» و لكنه لم يشر إليه.

و ذكر سبط ابن الجوزي بسنده عن مجاهد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما دفن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم جاء العباس و أبو سفيان بن حرب و جماعة من بني هاشم إلى علي عليه السلام فقالوا: مدّ يدك نبايعك و حرضوه فامتنع، و قال له العباس (أنت و اللَّه بعد اليوم عبد العصا)«» فخطب علي و قال: أيها الناس شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة«» و ذكر الخطبة بصورة تغاير ما في «النهج» قليلا.

و سبط بن الجوزي و إن تأخر زمانه عن زمن الشريف، و لكنه روى هذه الخطبة مسندة من غير طريق الرضي، تختلف في بعض ألفاظها عن روايته، و يظهر من قوله في اثباتها: (و في رواية) أنه رواها من طريقين، و من قوله في آخر ما ذكره من قوله منها: (و ذكر كلاما كثيرا) أنه وجدها بصورة أطول.

هذا و قد ذكر السبط في الباب السادس من تذكرته أنه لا ينقل من كلام علي عليه السلام إلا ما اتصل إليه إسناده فتأمل.

كما رواها الطبرسي في الاحتجاج (ج 1 ص 127) باختلاف مع رواية الرضي في بعض الألفاظ، ذكره باسم رسالة موجهة منه عليه السلام إلى أبي بكر لما بلغه منعه فاطمة عليها السلام فدكا.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 349

6-  و من خطبة له عليه السّلام

لما أشير عليه أن لا يتبع طلحة و الزبير و لا يرصد لهما القتال«».

 

و اللَّه لا أكون كالضّبع تنام على طول اللّدم، حتّى يصل إليها طالبها و يختلها راصدها«»، و لكنّي أضرب بالمقبل إلى الحقّ المدبر عنه، و بالسّامع المطيع العاصي المريب أبدا، حتّى يأتي عليّ يومي فو اللَّه ما زلت مدفوعا عن حقّي مستأثرا عليّ منذ قبض اللَّه نبيّه صلى اللَّه عليه و آله و سلّم حتى يوم الناسّ هذا«».

استفاض هذا الكلام عنه عليه السلام و رواه المؤرخون و استشهد به اللغويون قبل الرضي و بعده نذكر من أولئك:

الطبري في (التاريخ) في حوادث سنة 36

و

أبو عبيد القاسم بن سلام في (غريب الحديث) مخطوط

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 350

(الورقة 174)

و

أشار إليه الجوهري المتوفى قبل صدور (النهج) بخمس سنوات في «الصحاح» 5-  2026

و

أورده شيخ الطائفة في (الأمالي) بسنده عن طارق بن شهاب يقول: لما نزل علي عليه السلام بالربذة سألت عن قدومه، فقيل: خالف عليه طلحة و الزبير و عائشة فخرج يريدهم فصرت إليه فجلست حتى صلى الظهر و العصر، فلما فرغ من صلاته قام إليه إبنه الحسن بن علي عليه السلام فجلس بين يديه ثم بكى، و قال: يا أمير المؤمنين إني لا أستطيع أن أكلمك، و بكى، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: لا تبك يا بني و تكلّم، فقال: يا أمير المؤمنين، إن القوم حصروا عثمان يطلبونه بما يطلبونه، أما ظالمون أو مظلومون فسألتك أن تعتزل الناس، و تلحق بمكة حتى تؤب العرب، و تعود إليها أحلامها و تأتيك و فودها، فو اللَّه لو كنت في حجر ضبّ لضربت إليك العرب آباط الابل حتى تستخرجك منه، ثم خالفك طلحة و الزبير فسألتك أن لا تتبعهما، و تدعهما فان اجتمعت الامة فذاك و إن اختلفت رضيت بما قضى اللَّه، و أنا اليوم أسألك أن لا تقدم العراق و أذكرك باللَّه أن لا تقتل بمضيعة.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أما قولك إنّ عثمان حصر فما أنا و ذاك و ما عليّ منه، و قد كنت بمعزل عن حصره، و أما قولك ائت مكة فو اللَّه ما كنت لأكون الرجل الذي تستحل به مكة، و أما قولك: اعتزل العراق و دع طلحة و الزبير فو اللَّه ما كنت لأكون كالضبع. و ذكر الكلام ثم قال: و كان طارق بن شهاب أي وقت حدث بهذا الحديث بكى. ا ه. و لعل غاية الحسن صلوات اللَّه عليه أن يظهر للناس غاية أبيه من اتباع طلحة و الزبير و غير ذلك من الامور التي ذكرها فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام عنها، و الا فهو يعلم علم اليقين أن أباه سلام اللَّه عليه لا يرد و لا يصدر إلا بأمر من اللَّه سبحانه كما رسم له ذلك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله.

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 351

7-  و من خطبة له عليه السّلام

اتّخذوا الشّيطان لأمرهم ملاكا«»، و اتّخذهم له أشراكا، فباض و فرّخ في صدورهم«»، و دبّ و درج في حجورهم، فنظر بأعينهم، و نطق بالسنتهم، فركب بهم الزّلل، و زيّن لهم الخطل، فعل من قد شرّكه الشّيطان في سلطانه، و نطق بالباطل على لسانه.

هذا الفصل في ذم أقوام من المنابذين له، و المخالفين عليه،

رواه الزمخشري في (ربيع الأبرار) ج 1 الورقة 109 (مخطوطة مكتبة الأوقاف العامة ببغداد).

و قال ابن الأثير في (النهاية في غريب الحديث) ج 2 ص 50 مادة «خطل»: في خطبة علي: «فركب بهم الزلل، و زين لهم الخطل» الخطل: المنطق الفاسد، و قد خطل في كلامه و أخطل.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 352

8-  و من خطبة له عليه السّلام يعني به الزبير في حال اقتضت ذلك

يزعم أنّه قد بايع بيده و لم يبايع بقلبه. فقد أقرّ بالبيعة و ادّعى الوليجة«» فليأت عليها بأمر يعرف.

 

و إلا فليدخل فيما خرج منه.

الذي يظهر من رواية المفيد رحمه اللَّه في كتاب «الجمل» عن الواقدي ص 175 أن هذا الكلام قاله الحسن بأمر أبيه عليه السلام. و ذلك أنّ عبد اللَّه بن الزبير خطب يوم الجمل فقال: «أيها الناس إنّ الرعث الوعث«» قتل عثمان بالمدينة، ثم جاءكم ينشر أموركم بالبصرة، و قد غصب الناس أنفسهم، ألا تنصرون خليفتكم المظلوم ألا تمنعون حريمكم المباح ألا تتقون اللَّه في عطيتكم من أنفسكم أ ترضون أن يتوردكم أهل الكوفة في بلادكم اغضبوا فقد غوضبتم، و قاتلوا فقد قوتلتم، إنّ عليا لا يرى أن معه في هذا الأمر أحدا سواه و اللَّه لئن ظفر بكم ليهلكن دينكم و دنياكم».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 353

و أكثر من نحو هذا القول.

فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام، فقال لولده الحسن عليه السلام: قم يا بني فاخطب، فقام خطيبا، فحمد اللَّه و أثنى عليه و قال: «أيها الناس قد بلغتنا مقالة ابن الزبير، و قد كان و اللَّه يتجنّى على عثمان الذنوب، و قد ضيق عليه البلاد حتى قتل، و إنّ طلحة راكز رايته على بيت ماله و هو حي، و أما قوله: إن عليا ابتز الناس أمرهم فانّ أعظم حجة لأبيه، زعم أنه بايعه بيده و لم يبايعه بقلبه فقد أقرّ بالبيعة، و ادعى الوليجة فليأت على ما ادعاه ببرهان و أنى له ذلك..». قال: فلما فرغ الحسن عليه السلام من كلامه قام رجل يقال له: عمرو ابن محمود و أنشد شعرا يمدح الحسن.

و لم يذكر المفيد الشعر، و لكن ذكره أبو مخنف في كتاب «الجمل» قال: و قال عمرو بن أحيحة يوم الجمل في خطبة الحسن بن علي عليه السلام بعد خطبة عبد اللَّه بن الزبير.

و قد ذكرنا الشعر في جملة ما نقلنا من الأشعار في الوصاية«».

و الذي أكاد أقطع به أن عليا عليه السلام لما بلغه عن الزبير أنه كان يقول أنه بايع بياع و لم يبايع بقلبه، فقال الكلام الذي اختار منه الرضي ما ذكره في هذا الموضع و سمعه الحسن عليه السلام فضمنه في خطابه كما أني أقطع أن السيد الشريف روى ما رأى من غير تحريف أو تحوير و لعلنا نعثر على عين المصدر الذي نقل عنه، فاني في كل حين أعثر على شي‏ء جديد من المأثورات من امير المؤمنين أثناء مراجعاتي و اللَّه الموفق

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 354

9-  و من كلام له عليه السّلام

و قد أرعدوا و أبرقوا، و مع هذين الأمرين الفشل.

 

و لسنا نرعد حتى نوقع. و لا نسيل حتى نمطر.

الكلمات رواها الواقدي في خطبة له عليه السلام يوم الجمل و السبب فيها أن طلحة و الزبير لما بلغهما خطبة الحسن عليه السلام (التي مرت قبل قليل) و مدح عمرو بن أحيحة له قام طلحة خطيبا في القوم، و أرعد و أبرق، ورد على خطابه رجل يقال له: خيران بن عبد اللَّه من أهل الحجاز فهم القوم به، و كثر لغط القوم، و لما بلغ عليا عليه السلام لغطهم و إجماعهم على حربه، قام خطيبا و ذكر طلحة و الزبير و قدومهما البصرة و قتلهم لحكيم بن جبلة«»، و ما فعلوه بعامله عثمان بن حنيف«»، ثم قال عليه السلام:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 355

و قد ارعدوا و ابرقوا... إلخ، و تفصيل ذلك رواه المفيد في كتاب «الجمل» ص 177 عن كتاب (الجمل للواقدي).

و جاء في خطبة له عليه السلام اخرى من خطبه يوم الجمل عبارة (و قد أرعدوا و أبرقوا) رواها ابن أعثم في فتوحه كما نقل ذلك الخطيب الخوارزمي

قال ابن ابي الحديد: «أرعدوا أبرق إذا وعد و تهدد، و كان الأصمعي ينكره و يزعم انه لا يقال إلا رعد و برق، و لما احتج عليه ببيت الكميت:

         أرعد و أبرق يا يزيد            فما رعيدك لي بضائر

 

 

قال: الكميت قروي لا يحتج بقوله، و كلام أمير المؤمنين عليه السلام حجة دالة على بطلان كلام الأصمعي»«».

انظر إليه يجعل من رواية «نهج البلاغة» حجة على اللغويين و إن كانوا من طراز الأصمعي و ما ذلك إلا لقناعته بصحة رواية الشريف و يشبه احتجاج ابن ابي الحديد على الأصمعي احتجاج الامام الشيخ محمد عبده حيث قال في شرح قوله عليه السلام: (و لقد واسيته بنفسي في المواطن كلها): «المواساة بالشي‏ء الاشراك فيه، فقد أشرك النبي في نفسه، و لا تكون بالمال الا أن يكون كفافا، فان أعطيت عن فضل فليست بمواساة. قالوا: و الفصيح في الفعل آسيته، و لكن نطق الامام حجة و أعاده في موضع آخر فقال: المواساة من آساه إذا أناله من ماله عن كفاف لا عن فضل أو مطلقا، و قالوا: ليست مصدرا لواساه فانه غير فصيح و تقدم للامام استعماله و هو حجة«»» فترى الشيخ هنا يذهب إلى أن المفردات صادرة عنه عليه السلام فضلا عن الجمل، حتى جعل من ذلك حجة على علماء اللغة.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 356

10-  و من خطبة له عليه السّلام

ألا و إنّ الشّيطان قد جمع حزبه، و استجلب خيله و رجله«»، و إنّ معي لبصيرتي، ما لبّست على نفسي و لا لبّس عليّ«»، و ايم اللَّه لأفرطنّ لهم حوضا أنا ماتحه«»، لا يصدرون عنه و لا يعودون إليه«».

هذا الفصل ملتقط من خطبة له عليه السلام خطبها بذي قار، رواها ابن ميثم بكاملها في (شرح نهج البلاغة) ج 1 ص 233 و قد ذكر الرضي عليه الرحمة فصولا منها في ثلاثة مواضع من «نهج البلاغة» هنا و تحت رقم (22) خطب، و تحت رقم (135) خطب، عند قوله: و من كلام له عليه السلام في معنى طلحة و الزبير: (و اللَّه ما أنكروا علي منكرا و لا جعلوا بيني و بينهم نصفا...) إلخ«».

و قد ذكر الرضي سبب هذا التكرار في مقدمة «النهج» فقال: «و ربما

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 357

جاء في أثناء هذا الاختيار اللفظ المردد و المعنى المكرر، و العذر في ذلك أن روايات كلامه تختلف اختلافا شديدا، فربما اتفق الكلام المختار في رواية فنقل على وجهه، ثم وجد في رواية أخرى موضوعا غير وضعه الأول، إما بزيادة مختارة، أو بلفظ أحسن عبارة فتقضي الحال أن يعاد استظهارا للاختيار، و غيرة على عقائل الكلام«»، و ربما بعد العهد أيضا بما اختير أولا فأعيد بعضه سهوا و نسيانا، لا قصدا و اعتمادا«».

و قد روى المفيد هذا الفصل في (الإرشاد) ص 118 و سيأتي القول-  إن شاء اللَّه-  عند الكلام على المختار الأخير تحت رقم (172) خطب، إن هذا الفصل متصل به.

11-  و من كلام له عليه السّلام لابنه محمد بن الحنفية لما أعطاه الرّاية يوم الجمل

تزول الجبال و لا تزل، عضّ على ناجذك«»، أعر اللَّه جمجمتك، تدفي الأرض قدمك«»، ارم ببصرك أقصى القوم، و غض بصرك«» و اعلم أنّ النّصر من عند اللَّه سبحانه.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 358

روى هذا الكلام أبو الحسن علي بن مهدي المامطيري-  من علماء الزيدية-  في كتابه «نزهة الأبصار و محاسن الآثار» قال: و نظرت عائشة إليه (أي أمير المؤمنين عليه السلام) و هو يجول بين الصفين فقالت: انظروا إليه لكأن فعله فعل رسول اللَّه يوم بدر، أم و اللَّه ما ينتظر بكم إلا زوال الشمس، فقال علي عليه السلام: ( عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ: المؤمنون-  40). فجدّ الناس في القتال فنهاهم أمير المؤمنين عليه السلام و قال: اللهم إني أعذرت و أنذرت فكن لي عليهم من الشاهدين، ثم أخذ المصحف و طلب من يقرأ عليهم ( وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما-  الآية: الحجرات-  9) فقال مسلم المجاشعي: ها أنا ذا فخوفه بقطع يمينه و شماله و قتله، فقال: لا عليك يا أمير المؤمنين فهذا قليل في ذات اللَّه، فأخذه و دعاهم إلى ذلك فقطعت يده اليمنى فأخذه بيده اليسرى فقطعت، فأخذه بأسنانه فقتل، فقالت أمه:

         يا رب إن مسلما أتاهم            بمحكم التنزيل إذ دعاهم‏

         يتلو كتاب اللَّه لا يخشاهم‏

            فزملوه زملت لحاهم‏

 

 

فقال عليه السلام: الآن طاب الضراب، و قال لمحمد بن الحنفية و الراية بيده: «يا بني تزول الجبال و لا تزل، عضّ ناجذك أعر اللَّه جمجمتك، تد في الأرض قدميك، ارم ببصرك أقصى القوم، و اعلم أن النصر من اللَّه)... إلخ. و المامطيري و إن تأخر عن الشريف الرضي بزمان ليس ببعيد إلا أن السياق و التفاوت اليسير بين الروايتين نستظهر منه أن مصدره غير «النهج»

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 359

و رواه الزمخشري في الجزء الرابع من (ربيع الأبرار) في باب القتل و الشهادة بتفاوت يسير جدا.

12-  و من كلام له عليه السّلام لمّا أظفره اللَّه بأصحاب الجمل

و قد قال له بعض أصحابه وددت أنّ أخي فلانا كان شاهدنا ليرى ما نصرك اللَّه به على أعدائك. فقال له عليه السلام: أهوى أخيك معنا«» فقال نعم، قال فقد شهدنا.

 

و لقد شهدنا في عسكرنا هذا أقوام في أصلاب الرّجال و أرحام النساء، سيرعف بهم الزّمان«» و يقوى بهم الإيمان.

عثرت على ما هو في معناه. رواه البرقي في كتاب مصابيح الظلم من كتب «المحاسن» 1-  262 بسنده عن الحكم بن عيينه قال: لما قتل أمير المؤمنين عليه السلام الخوارج يوم النهروان قام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين طوبى لنا إذ شهدنا معك هذا الموقف، و قتلنا معك هؤلاء الخوارج، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لقد شهدنا

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 360

في هذا الموقف الناس لم يخلق آباؤهم و لا أجدادهم بعد، فقال الرجل: و كيف شهدنا قوم لم يخلقوا قال بلى قوم يكونون في آخر الزمان، يشركوننا فيما نحن فيه، و هم يسلمون لنا، فأولئك شركاؤنا فيما نحن فيه حقا حقا و على كل حال فمصدر الشريف غير هذه الرواية، و تعدد القضية ممكن و اتحادها ممكن أيضا، و ليس فيما رواه الشريف الرضي رحمه اللَّه ما يخالف الكتاب العزيز، أو يعارض السنة المطهرة، أو ينافي العقل السليم «فلكل امرى‏ء ما نوى» و «الأعمال بالنيّات» و «من أحب عمل قوم أشرك في عملهم» و «إنما يجمع الناس الرضا و السخط) و لا يهمنا اختلاف اللفظ بعد ثبوت المعنى إذ الغاية من تأليف هذا الكتاب بيان إمكان صدور محتويات «النهج» عن أمير المؤمنين عليه السلام

13-  و من كلام له عليه السّلام في ذم أهل البصرة:

كنتم جند المرأة، و أتباع البهيمة رغا فأجبتم، و عقر فهربتم، أخلاقكم دقاق«»، و عهدكم شقاق، و دينكم نفاق، و ماؤكم زعاق«»، و المقيم بين‏

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 361

أظهركم مرتهن بذنبه، و الشّاخص«» عنكم متدارك برحمة من ربّه، كأنّي بمسجدكم كجؤجؤ سفينة قد بعث اللَّه عليها العذاب من فوقها و من تحتها و غرق من في ضمنها. (و في رواية) و ايم اللَّه لتغرقنّ بلدتكم حتّى كأنّي أنظر إلى مسجدها كجؤجؤ سفينة«»، أو نعامة جاثمة«».

 

(و في رواية) كجؤجؤ طير في لجّة بحر.

 

(و في رواية) أخرى بلادكم أنتن بلاد اللَّه تربة، أقربها من الماء و أبعدها من السّماء، و بها تسعة أعشار الشرّ، المحتبس فيها بذنبه و الخارج بعفو اللَّه، كأنّي أنظر إلى قريتكم هذه قد طبّقها الماء حتّى ما يرى منها إلا شرف المسجد كأنه جؤجؤ طير في لجّة بحر.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 362

فلينظر منصف بعينه إلى شدّة احتياط الشريف الرضي في الرواية، و أمانته في نقل كلام أمير المؤمنين عليه السلام، فهو و إن كان يختار من الكلام الطويل حسب موضوع كتابه لكنه يتحرج أن يسوق الكلام الوارد بروايات مختلفة بمساق واحد، فتراه هنا يذكر اختلاف الروايات و يكرر كلمة «و في رواية» و كم لاحتياطه هذا من نظائر يعرفها من أنس بمدارسة «نهج البلاغة» فتراه يقول معقبا على بعض الخطب: «قد مضى هذا الكلام فيما تقدم إلا أننا كررناه ههنا لما في الروايتين من الاختلاف»«».

و آونة يقول: (و قد مضى بعض هذا الكلام فيما تقدم من الخطب إلا أن فيه ههنا زيادة أوجبت تكريره)«» و امثال ذلك كثير.

فعلى ما ذكرنا يتهافت قول ابن ابي الحديد عند شرحه لاحدى الخطب: «و اعلم أن هذه الخطبة-  أي الرسالة-  قد ذكرها نصر بن مزاحم في كتاب «صفين» على وجه يقتضي أن ما ذكره الرضي منها قد ضم اليه بعض خطبة أخرى و هذه عادته، لأن غرضه التقاط الفصيح و البليغ من كلامه»«».

فالرضي رحمه اللَّه و إن كان-  احيانا-  ينتخب من الخطبة الطويلة بعض كلمات هي أبلغ ما فيها فيوردها بايراد واحد و لكنه لا يضم من كلامه عليه السلام خطبة إلى أخرى، و لا يدمج كتابا في آخر.

أما هذا الكلام الذي نحن في صدد التحقيق عن مصادره، فقد رواه جماعة من المؤلفين قبل الشريف الرضي، نذكر منهم الدينوري في (الأخبار

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 363

الطوال): ص 153، و المسعودي في (مروج الذهب 2-  377)، و ابن قتيبة في «عيون الأخبار»: 1-  217 و ابن عبد ربه في (العقد الفريد) ج 4-  328 و علي بن ابراهيم في تفسيره ص 655 و غيرهم.

و يظهر مما في (البحار): م 8 ص 447 أن هذه الخطبة طويلة و قد نثرها ابن ميثم البحراني في (شرح نهج البلاغة) بحسب المقتضيات فجمع المجلسي شتاتها، و نظم ما انفرط من عقدها، و أوردها إيرادا واحدا، و فيها من ذم أهل المعصية من أهل البصرة، و مدح أهل الطاعة منهم، مع بيان لما ذا مدح هؤلاء و ذم أولئك، و أخبر فيها بمغيبات كثيرة منها غرق البصرة.

و نحن نقتطف لك منها ما يحتمله كتابنا هذا و عسى أن لا نخرج بذلك عن الصدد: قال المجلسي رحمه اللَّه: روى الشيخ كمال الدين ابن ميثم البحراني مرسلا أنه لما فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من أمر الحرب لأهل الجمل أمر مناديا ينادي في أهل البصرة أن الصلاة لجامعة«» لثلاثة أيام من غد إن شاء اللَّه، و لا عذر لمن تخلف إلا من حجة، أو علة... فلما كان اليوم الذي اجتمعوا فيه خرج عليه السلام فصلى بالناس الغداة في المسجد الجامع، فلما قضى صلاته قام و أسند ظهره إلى حائط القبلة عن يمين المصلى فخطب الناس و حمد اللَّه و أثنى عليه بما هو أهله، و صلى على النبي و آله، و استغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات ثم قال: يا أهل البصرة-  و ذكر ما ذكره الرضي في هذا الموضع و في آخره-

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 364

كأني أنظر إلى قريتكم هذه و قد طبقها الماء حتى ما يرى منها إلا شرف المسجد كأنه جؤجؤ طير في لجة بحر.

قال: فقام إليه الأحنف بن قيس فقال له: يا أمير المؤمنين متى يكون ذلك فقال عليه السلام: يا أبا بحر انك لن تدرك ذلك الزمان، و لكن ليبلغ الشاهد منكم الغائب عنكم لكي يبلغوا إخوانهم إذا رأوا البصرة قد تحولت اختصاصها دورا، و آجامها قصورا فالهرب الهرب فانه لا بصرة لكم يومئذ-  إلى أن قال-  و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لو أشاء لاخبرتكم بخراب العرصات عرصة عرصة متى تخرب، و متى تعمر بعد خرابها إلى يوم القيامة، و إن عندي من ذلك لعلما جما، و إن تسألوني تجدوني به عالما، و لقد استودعت علم القرون الأولى، و ما هو كائن إلى يوم القيامة.

و منها: يا أهل البصرة أنتم أقوم الناس قبلة، قبلتكم على المقام حيث يقوم الامام، و قارئكم أقرأ الناس، و زاهدكم أزهد الناس، و عابدكم أعبد الناس، و تاجركم أتجر الناس و أصدقهم في تجارته، و متصدقكم أكرم الناس صدقة، و غنيكم أكثر الناس بذلا و تواضعا، و شريفكم أحسن الناس خلقا، و أنتم أكرم الناس جوارا، و أقلهم تكلفا لما لا يعنيه، و أحرصهم على الصلاة في جماعة«»، ثمرتكم أحسن الثمار، و أموالكم أكثر الأموال، و صغاركم أكيس الأولاد، و نساؤكم أقنع النساء و أحسنهن تبعلا، سخر لكم الماء يغدوا عليكم و يروح صلاحا لمعاشكم، و البحر سببا لكثرة أموالكم، فلو صبرتم و استقمتم لكانت لكم شجرة طوبى مقيلا، و ظلا ضليلا، غير ان حكم اللَّه فيكم ماض، و قضاءه نافذ، لا

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 365

معقب لحكمه، و هو سريع الحساب يقول اللَّه: ( وَ إِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ، أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً، الاسراء: 58).

و أقسم لكم يا أهل البصرة ما الذي ابتدأتكم به من التوبيخ إلا تذكيرا و موعظة لما بعد كيلا تسرعوا إلى الوثوب في مثل الذي وثبتم، و لا الذي ذكرت فيكم من المدح و التطرية رهبة مني لكم، و لا رغبة في شي‏ء مما قبلكم، فاني لا أريد المقام بين أظهركم... إلخ. و بذلك تعرف أن أمير المؤمنين لم يرد بكلامه هذا ذم البصرة و أهلها مطلقا، و إنما قصد أولئك الذين أعانوا أعداءه، و آذوا أولياءه، و شمروا لحربه، و شهروا السلاح في وجهه، و الأرض تشقى و تسعد، و الأمكنة لا ترفع أهلها و لا تضعهم و إنما ترفعهم الأعمال الصالحة، و تضعهم الأفعال القبيحة و للَّه الأمر من قبل و من بعد. و لا بد هنا من التنبيه إلى منقبة واحدة من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام و هي أنه عليه السلام أخبر أن البصرة تغرق عدا المسجد الجامع بها، و قد وقع هذا الذي أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام فان البصرة غرقت مرتين، مرة في أيام القادر باللَّه، و مرة في أيام القائم بأمر اللَّه، غرقت بأجمعها، و لم يبق منها إلا مسجدها الجامع، بارزا بعضه كجؤجؤ الطائر حسب ما أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام، جاءها الماء من جهتين من جهة البحر، و من جهة الجبل المعروف بجبل سنام، و غرقت دورها و غرق كل ما فيها، و هلك كثير من أهلها.

قال ابن أبي الحديد: و أخبار هذين الغرقين معروفة عند أهل البصرة

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 366

يتناقله خلفهم عن سلفهم«».

و لا يستطيع أحد أن يقول: إن الرضي وضع ذلك في (نهج البلاغة) بعد وقوع الأمر فان ذلك وقع بعد وفاته«».

و شي‏ء آخر أود التنبيه عليه و هو: فلينظر الناظر إلى ما بقي من رسوم ذلك المسجد الجامع عند ما يتجه من البصرة إلى بلدة الزبير ليراه من بعيد و كأنه جؤجؤ سفينة.

14-  و من كلام له عليه السّلام في مثل ذلك

أرضكم قريبة من الماء، بعيدة من السماء، خفّت عقولكم و سفهت حلومكم، فأنتم غرض لنابل«»، و أكلة لآكل، و فريسة لصائل.

روى هذا الكلام ضمن خطبة له عليه السلام شيخنا المفيد في كتاب (الجمل) ص 217 عن كتاب (الجمل) للواقدي بسند متصل بالحرث بن سريع قال: لما ظهر أمير المؤمنين عليه السلام على أهل البصرة و قسم ما حواه العسكر قام فيهم خطيبا و قال:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 367

أيها الناس: إن اللَّه عز و جل ذو رحمة واسعة، و مغفرة دائمة لأهل طاعته، و قضى أن نقمته و عقابه على أهل معصيته، يا أهل البصرة، يا أهل المؤتفكة، و يا جند المرأة و أتباع البهيمة،-  إلى أن قال عليه السلام: أرضكم قريبة من الماء. و ذكر هذا الكلام باختلاف يسير عما في (النهج) و كذلك أبو حنيفة الدينوري روى في (الأخبار الطوال ص 151): قريبا من رواية المفيد، و روى ابن قتيبة فقرات منه في (عيون الأخبار): م 1 ص 217 و يظهر من ذلك أن هذا الكلام و الذي قبله كلام واحد رواه الرضي رحمه اللَّه متقطعا لاختلاف الروايات كما أشار إلى ذلك في مقدمة الكتاب.

15-  و من كلام له عليه السّلام فيما رده على المسلمين من قطائع عثمان رضي اللَّه عنه

و اللَّه لو وجدته قد تزوّج به النّساء و ملك به الإمام لرددته فإنّ في العدل سعة، و من ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق.

هذا الكلام من خطبة له سلام اللَّه عليه خطب بها في اليوم الثامن من بيعته بالمدينة أي الخطبة المذكورة في «النهج» بعد هذا الكلام كما أشار إلى ذلك ابن ميثم في شرحه«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 368

و رواها أبو هلال العسكري في كتاب «الأوائل» و رواها القاضي النعمان في (دعائم الإسلام) ج 1 ص 396 قال: و روينا عنه صلوات اللَّه عليه أنه خطب الناس بعد ما بايعوه فقال في خطبته: «الا و كل قطيعة أقطعها عثمان، أو قال أعطاه من مال اللَّه فهو رد على المسلمين في بيت مالهم، فان الحق لا يذهبه الباطل، و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لو وجدته تزوج به النساء... إلخ»

و

المسعودي في (اثبات الوصية) ص: 120. و رواها الكلبي بسنده عن أبي صالح عن ابن عباس: أن عليا عليه السلام خطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة فقال: «الا إن كل قطيعة أقطعها عثمان، و كل مال أعطاه من مال اللَّه فهو مردود في بيت المال. فان الحق القديم لا يبطله شي‏ء، و لو وجدته قد تزوج به النساء، و فرق في البلدان لرددته إلى حاله، فان في العدل سعة، و من ضاق عنه الحق فالجور عنه أضيق».

قال الكلبي ثم أمر عليه السلام بكل سلاح وجد لعثمان في داره مما تقوى به على المسلمين فقبض، و أمر بقبض نجائب كانت في داره من إبل الصدقة فقبضت، و أمر بقبض سيفه و درعه، و أمر أن لا يعرض لسلاح وجد له لم يقاتل به المسلمين، و بالكف عن جميع أمواله التي وجدت في داره و أمر بالأموال التي أجاز بها عثمان حيث اصيبت أو اصيب أصحابها-  إلى أن قال- : و قال الوليد بن عقبة و هو أخو عثمان من امه يذكر قبض علي عليه السلام نجائب عثمان و سيفه و سلاحه:

         بني هاشم ردوا سلاح ابن اختكم            و لا تنهبوه لا تحل مناهبه‏

         بني هاشم كيف الهوادة بيننا

            و عند علي درعه و نجائبه‏

         بني هاشم كيف التودد منكم            و بزّ ابن أروى فيكم و حرائبه‏

         بني هاشم إن لا تردوا فاننا

            سواء علينا قاتلاه و سالبه‏

 

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 369

 

         بني هاشم إنا و ما كان منكم            كصدع الصفا لا يشعب الصدع شاعبه‏

         قتلتم أخي كيما تكونوا مكانه‏

            كما غدرت يوما بكسرى مرازبه‏

 

 

فأجابه عبد اللَّه بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بأبيات من جملتها

         فلا تسألونا سيفكم إن سيفكم            اصيب و القاه لدى الروع صاحبه‏

         و شبهته كسرى و قد كان مثله‏

            شبيها بكسرى هديه و مضاربه«»

 

 

و فسر ابن أبي الحديد البيت الأخير بتفسير أضربت عن نقله مخافة أن ينسبنا ناسب إلى شي‏ء.

و اغتم عمرو بن العاص فرصة رد القطائع-  و كان بأيلة من أرض الشام أتاها حيث وثب الناس على عثمان فنزلها-  فكتب إلى معاوية: ما كنت صانعا فاصنع إذ قشرك ابن ابي طالب من كل مال تملكه كما تقشر عن العصا لحاها«».

16-  و من خطبة له عليه السّلام لما بويع بالمدينة:

ذمّتي بما أقول رهينة، و أنا بذلك زعيم«»، إنّ من صرّحت له العبر. عمّا بين يديه من المثلات«»

                        مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 370

حجزته التّقوى عن تقحّم الشّبهات، ألا و إنّ بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث اللَّه نبيّكم صلى اللَّه عليه و آله«»، و الّذي بعثه بالحقّ لتبلبلن بلبلة، و لتغربلنّ غربلة«»، و لتساطنّ سوط القدر«»، حتّى يعود أسفلكم أعلاكم، و أعلاكم أسفلكم، و ليسبقنّ سابقون كانوا قصروا، و ليقصرنّ سبّاقون كانوا سبقوا، و اللَّه ما كتمت وشمة«»، و لا كذبت كذبة، و لقد نبّئت بهذا المقام و هذا اليوم، ألا و إن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها و خلعت لجمها فتقحّمت بهم في النّار، ألا و إنّ التقوى مطايا ذلل حمل عليها

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 371

أهلها و أعطوا أزمّتها فأوردتهم الجنّة«»، حقّ و باطل، و لكلّ أهل، فلئن أمر الباطل لقديما فعل، و لئن قلّ الحقّ فلربّما و لعلّ«»، و لقلّما أدبر شي‏ء فأقبل. قال الرضي رحمه اللَّه تعالى: أقول: إنّ في هذا الكلام الأدنى من مواقع الاحسان ما لا تبلغه مواقع الاستحسان، و إن حظ العجب منه أكثر من حظ العجب به-  و فيه مع الحال التي وصفنا-  زوائد من الفصاحة لا يقوم بها لسان، و لا يطّلع فجّها إنسان، و لا يعرف ما أقول إلا من ضرب في هذه الصناعة بحق، و جرى فيها على عرق«». (وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ). و من هذه الخطبة: شغل من الجنّة و النّار أمامه، ساع سريع نجا«»،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 372

و طالب بطي‏ء رجا و مقصّر في النّار هوى، اليمين و الشّمال مضلّة، و الطّريق الوسطى هي الجادّة«»، عليها باقي الكتاب و آثار النبوّة، و منها منفذ السّنّة و إليها مصير العاقبة، هلك من ادّعى، و خابَ مَنِ افْتَرى‏، من أبدى صفحته للحقّ هلك«»، و كفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره، لا يهلك على التّقوى سنخ أصل«»، و لا يظمأ عليها زرع قوم، فاستتروا ببيوتكم، و أصلحوا ذات بينكم، و التّوبة من ورائكم، و لا يحمد حامد إلّا ربّه، و لا يلم إلّا نفسه.

قال ابن أبي الحديد: «هذه الخطبة من جلائل خطبه عليه السلام و من مشهوراتها رواها الناس كلهم، و فيها زيادات حذفها الرضي إما اختصارا أو خوفا من إيحاش السامعين».

قال: «و قد ذكرها شيخنا أبو عثمان الجاحظ في كتاب (البيان و التبيين) على وجهها، و رواها عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال: أول خطبة خطبها

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 373

أمير المؤمنين علي بالمدينة في خلافته، حمد اللَّه، و أثنى عليه و ذكر الخطبة» ثم قال: «قال شيخنا أبو عثمان رحمه اللَّه تعالى: قال أبو عبيدة و زاد فيها في رواية جعفر بن محمد عن آباءه عليهم السلام: ألا إن أبرار عترتي، و أطائب أرومتي«»، أحلم الناس صغارا، و أعلم الناس كبارا، ألا و إنا أهل بيت من علم اللَّه علمنا، و بحكم اللَّه حكمنا، و من قول صادق سمعنا، فان تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا، و إن لم تفعلوا يهلككم اللَّه بأيدينا، معنا راية الحق من تبعها لحق، و من تأخر عنها غرق، ألا و بنا يدرك ترة«» كل مؤمن، و بنا تخلع ربقة الذل عن أعناقكم و بنا فتح لابكم، و بنا ختم لا بكم»«».

و فسر ابن الأثير غريبها في (النهاية) ج 1 ص 132 مادة (وشم) قال في حديث علي: «و اللَّه ما كتمت و شمة أي كلمة حكاها الجوهري عن ابن السكيت «ما عصيته و شمة» أي كلمة.

لاحظ أن ابن السكيت«» الذي استشهد عام 244 يرويها.

و أوردها ابن ميثم في شرحه ج 1 ص 297 بتمامها

و يقول الشيخ المفيد في (الارشاد): ص 139: «إن هذه الخطبة من كلامه الذي رواه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 374

الخاصة و العامة عنه». قال: «و ذكر ذلك أبو عبيدة معمر بن المثنى«» و غيره ممن لا يتهمه خصوم الشيعة في روايته».

و من رواة هذه الخطبة قبل الشريف الرضي رحمه اللَّه تعالى ابن قتيبة في كتاب العلم و الايمان من كتب (عيون الأخبار): م 2 ص 236 و أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في (البيان و التبيين) ج 1 ص 170-  كما مر قريبا-  و ابن عبد ربه في (العقد الفريد): ج 2 ص 162

و رواها الكليني في (روضة الكافي): ص 67 مسندة. قال: إنّ أمير المؤمنين عليه السلام لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر فقال: «الحمد للَّه الذي علا فاستعلى» و ذكر الخطبة. و روى الكليني أيضا بعض هذه الخطبة في باب التمحيص و الامتحان من كتاب الحجة من (أصول الكافي): ج 1 ص 369 بنفس السند عن أبي عبد اللَّه عليه السلام. إنّ أمير المؤمنين عليه السلام لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر و خطب بخطبة ذكرها، يقول فيها: «ألا إن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث اللَّه نبيه صلى اللَّه عليه و آله و الذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة، و لتغربلن غربلة حتى يعود أسفلكم أعلاكم، و أعلاكم أسفلكم، و ليسبقن سباقون كانوا قصورا، و ليقصرن سباقون كانوا سبقوا و اللَّه ما كتمت و شمة، و لا كذبت كذبة، و لقد نبئت بهذا المقام و هذا اليوم».

و إذا كان بين هذه المصادر التي ذكرتها اختلاف في بعض الألفاظ، و زيادة في بعض، و نقصان في آخر فانها بمجموعها تشتمل على ما اختاره الشريف الرضي من هذه الخطبة، و إنه مسبوق برواية جميع ما رواه منها.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 375

17-  و من كلام له عليه السّلام في صفة من يتصدّى للحكم بين الأمّة و ليس لذلك بأهل.

إنّ أبغض الخلائق إلى اللَّه رجلان: رجل و كله اللَّه إلى نفسه فهو جائر عن قصد السّبيل«»، مشغوف بكلام بدعة«»، و دعاء ضلالة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضالّ عن هدي من كان قبله، مضلّ لمن اقتدى به في حياته، و بعد وفاته، حمّال خطايا غيره، رهن بخطيئته«» و رجل قمش جهلا«» موضع في جهّال الأمّة«»، عاد في أغباش الفتنة«». عم بما في عقد

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 376

الهدنة«» قد سمّاه أشباه النّاس عالما و ليس به. بكّر فاستكثر من جمع ما قلّ منه خير ممّا كثر«» حتّى إذا ارتوى من آجن«». و اكتنز من غير طائل. جلس بين النّاس قاضيا. ضامنا لتخليص ما التبس على غيره«»، فإن نزلت به إحدى المبهمات هيّأ لها حشوا رثا من رأيه ثمّ قطع به«»، فهو من لبس الشّبهات في مثل نسج العنكبوت. لا يدري أصاب أم أخطأ، فإن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ، و إن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب، جاهل خبّاط جهالات، عاش ركّاب عشوات، لم يعض على العلم بضرس قاطع«»،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 377

يذري الرّوايات إذراء الرّيح الهشيم«»، لا ملي‏ء و اللَّه بإصدار ما ورد عليه، و لا هو أهل لما فوّض إليه«». لا يحسب العلم في شي‏ء ممّا أنكره و لا يرى أنّ من وراء ما بلغ مذهبا لغيره. و إن أظلم أمر اكتتم به«» لما يعلم من جهل نفسه. تصرخ من جور قضائه الدّماء.

 

و تعجّ منه المواريث«» إلى اللَّه أشكو من معشر يعيشون جهّالا«» و يموتون ضلّالا ليس فيهم سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حقّ تلاوته. و لا سلعة أنفق بيعا«» و لا أغلى ثمنا من الكتاب إذا حرّف عن مواضعه. و لا عندهم أنكر من المعروف و لا أعرف من المنكر.

رواة هذا الكلام من المتقدمين على الرضي كثير: منهم:

ابن قتيبة في (غريب الحديث) رواه و فسر غريبه، كما نقل ابن‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 378

أبي الحديد عنه شرح هذا الكلام مع اختلاف بين روايته و رواية الرضي في بعض الألفاظ«».

و منهم

الكليني في (اصول الكافي): ج 1 ص 55، رواه بسندين أحدهما عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، و الثاني من طريق ابن محبوب«».

و منهم:

أبو طالب المكي في (قوت القلوب): 1-  290، قال: و قد وصف علي عليه السلام علماء الدنيا الناطقين عن الرأي و الهوى بوصف غريب، رويناه عن خالد بن طليق عن أبيه عن جده، قال: وجده عمران ابن حصين، قال: خطبنا علي بن أبي طالب عليه السلام و رضي اللَّه عنه فقال: «ذمتي بما أقول رهينة، و أنا به زعيم، لا يهيج على التقوى زرع قوم، و لا يظمأ على الهدى سنخ أصل، و إن أجهل الناس من لا يعرف قدره، و كفى بالمرأ جهلا أن لا يعرف قدره«»، إن أبغض الخلائق إلى اللَّه تعالى رجل قمش علما» و ذكر الكلام الذي ذكره الشريف بتفاوت يسير.

و منهم

الهروي في «الجمع بين الغريبين» انظر مادة (خبط) من نهاية ابن الأثير.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 379

و منهم

القاضي النعمان في كتاب «اصول المذهب»: ص 135

 و ممن رواه بعد الشريف

الشيخ الطوسي في «الأمالي» ج 1 ص 240 بسند متصل بخالد بن طليق أيضا، و زاد في آخره فقال: رجل يا أمير المؤمنين فمن نسأل بعدك و على من نعتمد فقال: استفتحوا بكتاب اللَّه فانه امام مشفق و هاد مرشد، و واضح ناصح، و دليل يؤدي إلى اللَّه عز و جل.

و رواه الطبرسي في «الاحتجاج»: ج 1 ص 390 و المفيد في «الارشاد» ص 109 إلى غير اولئك ممن يطول الكلام بتعدادهم.

18-  و من كلام له عليه السّلام في ذم اختلاف العلماء في الفتيا.

ترد على أحدهم القضيّة في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه، ثمّ ترد تلك القضيّة بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الّذي استقضاهم«» فيصوّب آراءهم جميعا، و إلههم واحد، و نبيّهم واحد، و كتابهم واحد، أ فأمرهم اللَّه تعالى بالاختلاف فأطاعوه أم‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 380

نهاهم عنه فعصوه أم أنزل اللَّه دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه أم كانوا شركاء له فلهم أن يقولوا و عليه أن يرضى أم أنزل اللَّه سبحانه دينا تامّا فقصّر الرّسول صلّى اللَّه عليه و آله عن تبليغه و أدائه و اللَّه سبحانه يقول (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ)«» و قال: (فيه تبيان كلّ شي‏ء)«» و ذكر أنّ الكتاب يصدّق بعضه بعضا، و أنّه لا اختلاف فيه فقال سبحانه: (وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)«».

 

و إنّ القرآن ظاهره أنيق، و باطنه عميق، لا تفنى عجائبه، و لا تنقضي غرائبه، و لا تكشف الظّلمات إلّا به.

الظاهر من رواية محمد بن طلحة الشافعي لهذا الكلام أنه لما تابع لما قبله فقد رواهما بمسرد واحد في ج 1: 141 من كتابه «مطالب السؤول» و ابن طلحة الشافعي و إن كان من المتأخرين عن الشريف الرضي«» لكن‏

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 381

روايته لها بهذه الصورة مع اختلاف جزئي في بعض الكلمات يدلنا على أن مصدره غيره «نهج البلاغة».

أما فصل الرضي بينهما بقوله: و من كلام له عليه السلام، فلعله نقله من موضعين، أو أن هذا العنوان من زيادة النساخ، و الأصل في ذلك أنه أنه عليه الرحمة بعد أن ذكر الكلام الأول، و هو في صفات من سمى عالما و ليس به أراد أن ينبه على اختلاف العلماء الذين هم من هذا النوع فقال: و من هذا الكلام في ذم اختلاف العلماء في الفتيا. ثم حرفها النساخ إلى ما ترى.

و من رواة هذا الكلام بعد الرضي الشيخ أبو منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسي المتوفى سنة (558) في «الاحتجاج» ص 139 و لم يذكر أنه نقله عن «نهج البلاغة».

و يظهر من رواية القاضي النعمان المصري المتقدم على الشريف الرضي في «دعائم الإسلام» أن هذا الكلام معروف بين أصحاب الأئمة عليهم السلام فقد ذكر أن ابن اذينة«» و هو من أصحاب أبي عبد اللَّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال: دخلت يوما على محمد بن«» عبد الرحمن‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 382

ابن أبي ليلى بالكوفة، فقلت أردت، اصلحك اللَّه، أن أسألك عن مسائل-  و انا يومئذ حدث السن-  فقال: سل يا بن أخي عما شئت، فقلت: أخبرني عنكم معاشر القضاة ترد عليكم القضية في المال و الفرج و الدم فتقضي فيها انت برأيك، ثم ترد القضية بعينها على قاضي مكة فيقضي فيها بخلاف قضيتك، ثم ترد على قاضي البصرة، و قاضي اليمن، و قاضي المدينة فيقضون فيها بخلاف ذلك، ثم تجتمعون عند خليفتكم الذي استقضاكم فتخبرونه باختلاف قضاياكم فيصوب رأي كل واحد منكم و الهكم واحد، و نبيكم واحد، و دينكم واحد فأمركم اللَّه عز و جل بالاختلاف فاطعتموه أم نهاكم عنه فعصيتموه أم كنتم شركاء اللَّه في حكمه فلكم أن تقولوا و عليه أن يرضى أم أنزل دينا ناقصا، فاستعان بكم في إتمامه، أم أنزله تاما فقصر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله عن أدائه ما ذا تقولون فقال: من أين انت يا فتى قلت: من أهل البصرة.

قال: من أيها قلت: من عبد القيس، قال: من أيّهم قلت: من بني أذينة. قال: و ما قرابتك من عبد الرحمن بن أذينة قلت: هو جدي.

فرحب بي و قربني، و قال: يا بن أخي لقد سألت فغلّظت و انهمكت فتعوصت«» و سأخبرك إن شاء اللَّه.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 383

أما قولك في اختلاف القضايا فانه إذا ما ورد علينا من أمر القضايا مما له في كتاب اللَّه أصل، أو في سنة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله خبر. فليس لنا أن نعدو الكتاب و السنة، و أما ما ورد علينا مما ليس له في كتاب اللَّه و سنة نبيه صلى اللَّه عليه و آله و سلم فأنا نأخذ فيه برأينا.

قلت: ما صنعت شيئا لأن اللَّه عزّ و جل يقول: (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ) و قال (فيه تبيان كلّ شي‏ء)، أرأيت لو أن رجلا عمل بما أمره اللَّه به و انتهى عما نهاه اللَّه عنه، أبقي عليه شي‏ء يعذبه اللَّه عليه إن لم يفعله أو يثيبه عليه إن فعله. قال: و كيف يثيبه على ما لم يأمره، و يعاقبه على ما لم ينهه عنه. قلت: و كيف يرد عليك من الأحكام ما ليس له في كتاب اللَّه أثر، و لا في سنة نبيه صلى اللَّه عليه و آله و سلم خبر قال: أخبرك يا بن أخي حديثا حدثناه بعض أصحابنا يرفع الحديث إلى عمر بن الخطاب قال: إنه قضى قضية بين رجلين فقال له أدنى القوم إليه مجلسا: أصبت يا أمير المؤمنين، فعلاه عمر بالدرة و قال: ثكلتك أمك، و اللَّه ما يدري عمر أصاب أم أخطأ إنما هو رأي اجتهدته، فلا تزكونا في وجوهنا. قلت: أفلا أحدثك حديثا قال: و ما هو قلت: أخبرني أبي عن أبي القاسم العبدي، عن أبان عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: «القضاة ثلاثة هالكان و ناج فأما الهالكان فجائر جار متعمدا أو مجتهدا أخطأ«»، و الناجي من عمل بما أمره اللَّه به» فقد انتقض حديثك يا عم. قال: أجل و اللَّه يا بن أخي، فتقول أنت: إن كل شي‏ء في كتاب اللَّه عز و جل قلت: اللَّه قال ذلك، و ما من حلال و لا حرام، و لا أمر

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 384

و لا نهي إلا و هو في كتاب اللَّه عز و جل، عرف ذلك من عرفه، و جهله من جهله، و لقد أخبرنا اللَّه عز و جل فيه بما لا يحتاج إليه. فكيف بما نحتاج إليه قال: كيف، قلت قوله (وَ أُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى‏)«»«»، قال: فعند من يوجد علم ذلك قلت: عند من عرفت، قال: وددت أني عرفته فاغسل قدميه، و أخدمه و اتعلم منه، قلت: أناشدك اللَّه هل تعلم رجلا كان إذا سأل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم أعطاه، و إذا سكت عنه ابتدأه قال: نعم، ذاك علي بن أبي طالب صلوات اللَّه عليه. قلت: فهل علمت أن عليا عليه السلام سأل أحدا بعد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم عن حلال و حرام قال: لا. قلت: فهل علمت أنهم كانوا يحتاجون إليه، و يأخذون عنه قال: نعم. قلت: فذلك عنده.

قال: فقد مضى فأين لنا به قلت: تسأل في ولده، فان ذلك العلم فيهم و عندهم. قال: و كيف لي بهم قلت: أرأيت قوما كانوا في مفازة من الأرض و معهم أدلاء فوثبوا عليهم فقتلوا بعضهم و أخافوا بعضهم فهرب و استتر من بقي منهم لخوفهم فلم يجدوا من يدلهم فتاهوا في تلك المفازة حتى هلكوا ما تقول فيهم قال: إلى النار و اصفر وجهه، و كانت في يده سفرجلة فضرب بها الأرض فتهشمت و قال إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ«».

و روى ذلك الصفار في (بصائر الدرجات) كما رواه عنه صاحب المختصر.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 385

19-  و من كلام له عليه السّلام قاله للأشعث بن قيس«» و هو على منبر الكوفة يخطب

فمضى في بعض كلامه شي‏ء اعترضه الأشعث فقال: يا أمير المؤمنين هذه عليك لا لك، فخفض عليه السّلام إليه بصره فقال:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 386

ما يدريك ما عليّ ممّا لي عليك لعنة اللَّه و لعنة اللّاعنين، حائك ابن حائك«» منافق بن كافر، و اللَّه لقد أسرك الكفر مرّة و الإسلام أخرى«»، فما فداك من واحدة منهما مالك و لا حسبك و إنّ امرأ دلّ على قومه السّيف.

 

و ساق إليهم التحف، لحريّ أن يمقته الأقرب. و لا يأمنه الأبعد«».

اختلفوا في الكلام الذي قاله أمير المؤمنين عليه السلام فاعترضه فيه الاشعث.

فقيل: ان أمير المؤمنين عليه السلام أخرج صحيفة عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم فيها «المسلمون تتكافأ دماؤهم، و هم يد على من سواهم، من أحدث حدثا، أو آوى محدثا فعليه لعنة اللَّه و الناس أجمعين».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 387

و قرأها على الناس، و هو على المنبر فقال الأشعث بن قيس هذا و اللَّه عليك لا لك فخفض علي صلوات اللَّه عليه بصره إليه فقال: ما يدريك ما علي مما لي... إلخ«».

و قيل: انه عليه السلام كان يخطب على المنبر و يذكر أمر الحكمين، فقام رجل من أصحابه فقال: يا أمير المؤمنين نهيتنا عن الحكومة ثم أمرتنا بها فما ندري أي الأمرين أرشد فصفق عليه السلام باحدى يديه على الاخرى و قال هذا جزاء من ترك العقدة، و كان مراده عليه السلام: هذا جزاؤكم إذ تركتم الرأي و الحزم و أصررتم على إجابة القوم إلى التحكيم فظن الأشعث أنه أراد هذا جزائي حيث تركت الحزم و الرأي، لأن هذه اللفظة محتملة.

فقال: هذا عليك لا لك فقال عليه السلام ما يدريك ما علي مما لي إلخ«». و على كل حال مهما اختلف الرواة في السبب

فان هذا الكلام لأمير المؤمنين عليه السلام لا يختلف فيه، و قد رواه قبل الشريف الرضي أبو الفرج الأصبهاني«» المتوفى قبل صدور «نهج البلاغة» بأربعة و أربعين عاما.

20-  و من كلام له عليه السّلام

فإنّكم لو عاينتم ما قد عاين من مات منكم لجزعتم و وهلتم«» و سمعتم و أطعتم، و لكن محجوب عنكم ما

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 388

قد عاينوا، و قريب ما يطرح الحجاب«» و لقد بصّرتم إن أبصرتم، و أسمعتم إن سمعتم و هديتم إن اهتديتم.

 

بحق أقول لكم: لقد جاهرتكم العبر«» و زجرتم بما فيه مزدجر، و ما يبلّغ عن اللَّه بعد رسل السّماء إلّا البشر«».

روى صدر هذا الكلام ثقة الإسلام في (اصول الكافي: ج 1 ص 405) بسنده عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: «لا تختانوا ولاتكم، و لا تغشوا هداتكم، و لا تجهلوا أئمتكم، و لا تصدعوا عن حبلكم (فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ) و على هذا فليكن تأسيس اموركم فانكم لو عاينتم ما قد عاين من مات منكم-  إلى قوله عليه السلام-  و عمّا قريب يطرح الحجاب»

21-  و من خطبة له عليه السّلام

فإنّ الغاية أمامكم«»، و إنّ وراءكم السّاعة تحدوكم،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 389

تخفّفوا تلحقوا«»، فإنّما ينتظر بأوّلكم آخركم«». قال الرضي رحمه اللَّه أقول: (إنّ هذا الكلام لو وزن بعد كلام اللَّه سبحانه و بعد كلام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله بكل كلام لمال به راجحا و برّز عليه سابقا، فأمّا قوله عليه السلام «تخففوا تلحقوا» فما سمع كلام أقلّ منه مسموعا و لا أكثر محصولا و ما أبعد غورها من كلمة، و أنفع نطفتها من حكمة«». و قد نبهنا في كتاب (الخصائص) على عظم قدرها و شرف جوهرها».

ذكرها الرضي رحمه اللَّه في «الخصائص» ص 87 و علق عليها بقوله: ما أقل هذه الكلمة، و أكثر نفعها، و أعظم قدرها، و أسطع نورها... إلخ

و الفقرات المذكورة هنا من خطبة له عليه السلام خطبها في أول خلافته، رواها الرضي في (النهج) برقم (165) خطب«» و أول ما اختاره منها «إن اللَّه أنزل كتابا هاديا بين فيه الخير و الشر» و سنذكر المصادر هناك عند المرور عليها بحول اللَّه و قوته.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 390

22-  و من خطبة له عليه السّلام

ألا و إنّ الشّيطان قد ذمر حزبه«»، و استجلب جلبه، ليعود الجور إلى أوطانه، و يرجع الباطل إلى نصابه«»، و اللَّه ما أنكروا عليّ منكرا، و لا جعلوا بيني و بينهم نصفا«»، و إنّهم ليطلبون حقّا هم تركوه، و دماهم سفكوه، فلئن كنت شريكهم فيه فإنّ لهم لنصيبهم منه، و لئن كانوا ولوه دوني فما التّبعة إلّا عندهم، و إنّ أعظم حجّتهم لعلى أنفسهم، يرتضعون أمّا قد فطمت«»، و يحيون بدعة قد أميتت، يا خيبة الدّاعي من دعا و إلى م أجيب«» و إني لراض بحجّة اللَّه عليهم، و علمه فيهم، فإن أبوا أعطيتهم حدّ السّيف،

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 391

و كفى به شافيا من الباطل، و ناصرا للحقّ، و من العجب بعثهم إليّ أن ابرز للطّعان، و أن اصبر للجلاد هبلتهم الهبول«»، لقد كنت و ما أهدّد بالحرب«»، و لا أرهّب بالضّرب، و إنّي لعلى يقين من ربّي، و غير شبهة من ديني.

المختار هنا من خطبة له عليه السلام ذكرها الرضي رحمه اللَّه متقطعة في (النهج) و سنشير إلى ذلك عند بلوغنا إلى ما يتصل بها، و سنبحث مداركها في الخطبة المرقمة (26) التي تأتي في ص 389 من هذا الجزء كما سيأتي أنّ هذه الخطبة تتصل بقوله عليه السلام: «قد كنت و ما أهدد بالحرب) الذي سيأتي برقم (172) خطب إن شاء اللَّه تعالى، فالى هناك إذا شئت«».

23-  و من خطبة له عليه السّلام

أمّا بعد فإنّ الأمر ينزل من السّماء إلى الأرض كقطرات المطر إلى كلّ نفس بما قسم لها من زيادة أو نقصان، فإذا رأى أحدكم لأخيه غفيرة في أهل‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 392

أو مال أو نفس«» فلا تكوننّ له فتنة، فإنّ المرء المسلم البري‏ء من الخيانة ما لم يغش دناءة تظهر فيخشع لها إذا ذكرت و تغرى بها لئام النّاس كان كالفالج الياسر«» الّذي ينتظر أوّل فوزة من قداحه توجب له المغنم، و يرفع بها عنه المغرم، و كذلك المرء المسلم البري‏ء من الخيانة ينتظر من اللَّه إحدى الحسنيين، إمّا داعي اللَّه فما عند اللَّه خير له، و إمّا رزق اللَّه فإذا هو ذو أهل و مال و معه دينه و حسبه، إنّ المال و البنين حرث الدّنيا و العمل الصّالح حرث الآخرة و قد يجمعهما اللَّه لأقوام، فاحذروا من اللَّه ما

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 393

حذّركم من نفسه«»، و اخشوه خشية ليست بتعذير«»، و أعملوا في غير رياء و لا سمعة فإنّه من يعمل لغير اللَّه يكله اللَّه إلى من عمل له، نسأل اللَّه منازل الشّهداء، و معايشة السّعداء و مرافقة الأنبياء.

 

أيّها النّاس إنّه لا يستغني الرّجل و إن كان ذا مال عن عشيرته، و دفاعهم عنه بأيديهم و ألسنتهم، و هم أعظم النّاس حيّطة من ورائه«»، و ألمّهم لشعثه، و أعطفهم عليه عند نازلة إذا نزلت به، و لسان الصّدق يجعله اللَّه للمرء في النّاس خير له من المال يورّثه غيره«».

 

(منها) ألا لا يعدلنّ أحدكم عن القرابة يرى بها

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 394

الخصاصة«» أن يسدّها بالّذي لا يزيده إن أمسكه، و لا ينقصه إن أهلكه. و من يقبض يده عن عشيرته فإنّما تقبض منه عنهم يد واحدة و تقبض منهم عنه أيد كثيرة، و من تلن حاشيته يستدم من قومه المودّة.

 

قال الرضي رحمه اللَّه أقول: الغفيرة ههنا الزّيادة و الكثرة من قولهم للجمع الكثير الجمّ الغفير، و الجمّاء الغفير، و يروى «عفوة من أهل أو مال» و العفوة الخيار من الشي‏ء يقال أكلت عفوة الطّعام: أي خياره. و ما أحسن المعنى الّذي أراده عليه السّلام بقوله: «و من يقبض يده عن عشيرته» إلى تمام الكلام فإنّ الممسك خيره عن عشيرته إنّما يمسك نفع يد واحدة فإذا احتاج إلى نصرتهم، و اضطرّ إلى مرافدتهم«»، قعدوا عن نصره و تثاقلوا عن صوته فمنع ترافد الايدي الكثيرة و تناهض الأقدام الجمّة.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 395

هذه الخطبة رواها قبل الرضي ثقة الاسلام الكليني في «الكافي» في موضعين.: (الأول) في الجزء الخامس ص 56، بسنده عن يحيى بن عقيل عن الحسن عليه السلام، قال خطب أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه فحمد اللّه و أثنى عليه و قال: أما بعد. إنما هلك من كان قبلكم حيث ما عملوا من المعاصي و لم ينههم الربانيون و الأخبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات، فأمروا بالمعروف، و انهوا عن المنكر و اعلموا أن الأمر بالمعروف و النهي عن عن المنكر لم يقربا أجلا، و لن يقطعا رزقا، إن الأمر ينزل من السماء إلى الأرض كقطر المطر-  إلى قوله عليه السلام-  و مرافقة الأنبياء. (الثاني) في الجزء الثاني ص 56 روى بقية هذه الخطبة بتقديم و تأخير، و تفاوت يسير عما في «النهج».

و قد روى الكليني أيضا بسنده عن الامام الرضا عليه السلام أنه قال لمحمد بن عرفة: ويحك يا بن عرفة اعملوا لغير رياء و لا سمعة فانه من عمل لغير اللّه و كله اللّه إلى ما عمل، ويحك ما عمل أحد عملا إلا رداه اللّه به إن خيرا فخير، و إن شرا فشر«» اه. و الظاهر أنه عليه السلام ضمن كلامه من كلام جده صلوات اللّه عليهما.

هذا

و قد روى فقرات من هذه الخطبة كل من ابن واضح في تاريخه: ج 2 ص 149، و نصر بن مزاحم في (صفين): ص 10، و ابن عبد ربه في (العقد الفريد) ج 2 ص 366 تحت عنوان فضل العشيرة، و كل هؤلاء متقدمون في أزمانهم على الشريف الرضي رحمه اللّه تعالى.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 396

و روى منها الزمخشري في (ربيع الأبرار) في باب الكسب و المال

و

المتقي الهندي في (كنز العمال): ج 8 ص 225

و

أبن عساكر في (تاريخ دمشق) ضمن ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام بسند عن سفيان بن عيينة عن أبي حمزة عن يحي بن عقيل عن يحي بن يعمر قال: قال علي: «إن الأمر ينزل من السماء...» و في آخر روايته قال سفيان و من يحسن أن يتكلم بهذا غير علي.

و سيأتي في الكلمات القصار برقم: 8 من غريب الحديث ذكر لهذه الخطبة.

24-  و من خطبة له عليه السّلام

و لعمري ما عليّ من قتال من خالف الحقّ و خابط الغيّ من إدهان و لا إيهان«»، فاتّقوا اللّه عباد اللّه و فرّوا إلى اللّه من اللّه، و امضوا في الّذي نهجه لكم، و قوموا بما عصبه بكم«»، فعليّ ضامن لفلجكم آجلا و إن لم تمنحوه عاجلا«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 397

جاء في (النهاية) لابن الأثير: ج 3 ص 244 مادة «عصب» قال: و منه حديث علي: «فردوا إلى اللّه و قوموا بما عصبه بكم» أي بما افترضه عليكم، و قرنه بكم من أوامره و نواهيه. لاحظ أن كلمة «فردوا» لا توجد في رواية الرضي لتعلم أنه نقلها عن غيره.

25-  و من خطبة له عليه السّلام و قد تواترت عليه الأخبار باستيلاء أصحاب معاوية على البلاد

و قدم عليه عاملاه على اليمن و هما عبيد اللّه بن العباس و سعيد بن نمران لمّا غلب عليها بسر بن أبي أرطاة، فقام عليه السّلام إلى المنبر ضجرا بتثاقل أصحابه عن الجهاد و مخالفتهم له في الرّأي فقال: ما هي إلا الكوفة أقبضها و أبسطها«»، إن لم تكوني إلّا أنت تهبّ أعاصيرك«»، فقبّحك اللّه (و تمثّل بقول الشاعر):

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 398

 

 

 

         لعمر أبيك الخير يا عمرو إنّني            على و ضر من ذا الإناء قليل«»

 

 

 

(ثم قال عليه السّلام) أنبئت بسرا قد اطّلع اليمن«» و إنّي و اللّه لأظنّ أنّ هؤلاء القوم سيدالون منكم باجتماعهم على باطلهم، و تفرّقكم عن حقّكم«»، و بمعصيتكم إمامكم في الحقّ، و طاعتهم إمامهم في الباطل، و بأدائهم الأمانة إلى صاحبهم، و خيانتكم، و بصلاحهم في بلادهم و فسادكم، فلو ائتمنت أحدكم على قعب لخشيت أن يذهب بعلاقته«»، اللهمّ إنّي قد مللتهم و ملّوني، و سئمتهم و سئموني، فأبدلني بهم خيرا منهم، و أبدلهم بي شرّا منّي، اللهمّ مث قلوبهم كما يماث الملح في الماء. أما و اللّه لوددت أنّ لي بكم ألف فارس من بني فراس بن غنم«».

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 399

 

 

         هنالك لو دعوت أتاك منهم            فوارس مثل أرمية الحميم‏

 

 

 

ثمّ نزل عليه السّلام من المنبر. قال الشريف أقول: الأرمية جمع رميّ، و هو السّحاب، و الحميم ههنا وقت الصّيف، و إنّما خصّ الشّاعر سحاب الصّيف بالذّكر لأنّه أشدّ جفولا، و أسرع خفوفا«» لأنّه لا ماء فيه، و إنّما يكون السّحاب ثقيل السّير لامتلائه بالماء، و ذلك لا يكون في الأكثر إلّا زمان الشّتاء، و إنّما أراد الشّاعر وصفهم بالسّرعة إذا دعوا، و الإغاثة إذا استغيثوا، و الدّليل على ذلك قوله:

 

         «هنالك لو دعوت أتاك منهم»

 

 

 

هذه الخطبة من أواخر خطبه صلوات اللّه عليه، خطب بها بعد انقضاء أمر الحكمين و الخوارج.

و من مصادر هذه الخطبة قبل (نهج البلاغة)، (مروج الذهب) للمسعودي: ج 3-  149، ذكرها مسندة قال: حدثنا المنقري، قال:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 400

حدثنا عبد العزيز بن الخطاب الكوفي، قال: حدثنا فضيل بن مرزوق، قال: لما غلب بسر بن أبي أرطاة على اليمن و كان من قتله لابني عبيد اللّه ابن العباس، و ما كان من أهل المدينة و مكة و اليمن ما كان، قام علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه خطيبا فحمد اللّه و أثنى عليه، و صل على نبيه صلى اللّه عليه و سلم ثم ذكر الخطبة بتفاوت عما في (النهج).

و قد أشار إليها صاحب (العقد الفريد»: ج 3 ص 337 عند كلامه على بطون كنانة و جماهيرها.

و من رواة هذه الخطبة ابن عساكر في «تاريخ دمشق» رواها من طريقين: (الأول) في الجزء الأول ص 305 بسنده عن عمرو بن مرة، قال: سمعت عبد اللّه بن الحارث يحدث، عن زهير بن الأرقم، قال: خطبنا علي بن أبي طالب فقال: «ألا و ان بسرا قد طلع من قبل معاوية، و لا أرى هؤلاء القوم إلا سيظهرون عليكم، باجتماعهم على باطلهم و تفرقكم عن حقكم، و بطاعتهم أميرهم، و معصيتكم أميركم و بأدائهم الأمانة و خيانتكم، استعملت فلانا فغل و غدر، و حمل المال إلى معاوية، و استعملت فلانا فخان و غدر، و حمل المال إلى معاوية، حتى لو ائتمنت أحدهم على قدح لخشيت على علاقته، اللهم قد مللتهم و ملوني، فأرحهم مني و أرحني منهم». (الثاني) في الجزء العاشر ص 225 في ترجمة بكار بن هلال العامري، بإسناده عن الحسن بن محمد بن بكار بن هلال، قال: حدثني أبي عن أبيه، قال: حدثني أبو عمرو الأنصاري أن عليا قال لأهل العراق‏

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 401

«إن بسر بن أبي أرطاة فد صعد إلى اليمن، و لا أحسب هؤلاء القوم إلا ظاهرين عليكم، و ما ذلك أنهم أولى بالحق، و لكن ذاك لاجتماعهم على أمرهم و تفرقكم، و إصلاحهم في بلادهم و فسادكم، و إدائهم الأمانة و خيانتكم، و لقد ائتمنت فلانا فخانني، و فلانا زكيته فحمل ما جمع من المال فأنطلق به إلى معاوية، و لقد خيل إليّ أني لو ائتمنت أحدكم على قدح لسرق علاقته، اللهم إني قد مللتهم و ملوني، اللهم اقبضني إلى رحمتك و أبدلهم بي من هو شر لهم مني.

و أما خبر بسر بن أبي أرطاة العامري و بعث معاوية له فقد ذكره أرباب السير، و شراح (النهج). و إتماما للفائدة، و تركيزا لما اختاره الرضي من خطبته صلوات اللّه عليه في هذا الشأن نجمل لك تفصيل ما ذكروه: إنّ جماعة من العثمانية بصنعاء بايعوا لعلي عليه السلام على ما في نفوسهم، لأنه لم يكن لهم رأس يجمعهم، و لا نظام يربطهم، فلما اختلف الناس على أمير المؤمنين عليه السلام بالعراق، و قتل محمد بن أبي بكر بمصر، و كثرت غارات أهل الشام على أعمال علي عليه السلام، اتلعوا أعناقهم و دعوا إلى الطلب بدم عثمان، و بلغ ذلك عبيد اللّه بن العباس عامل أمير المؤمنين على صنعاء فأرسل إلى ناس من وجوههم فحبسهم، فكتبوا إلى أصحابهم في الجند بأمرهم، فثاروا بسعيد بن نمران الهمداني عامل أمير المؤمنين على صنعاء فأرسل إلى ناس من وجوههم فحبسهم، فكتبوا إلى أصحابهم في الجند بأمرهم، فثاروا بسعيد بن نمران الهمداني عامل أمير المؤمنين على الجند باليمن فأخرجوه من الجند، و أظهروا أمرهم، و اجتمع سعيد بعبيد اللّه، و طلب إليه أن يواقعهم بمن معه من شيعة علي عليه السلام فمنعه عبيد اللّه حتى يراجع أمير المؤمنين عليه السلام بذلك، فكتبوا إلى أمير المؤمنين بالأمر، فلما وصل كتابهما، ساء عليا و أغضبه، و كتب إليهما

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 402

كتابا يصفهما به بصغر النفس، و شتات الرأي، و سوء التدبير. و يأمرهما بأن يدعواهم إلى الطاعة و إلا فليستعينا باللّه في قتالهم.

و كتب أمير المؤمنين عليه السلام كتابا آخر إلى تلك العصابة يأمرهم بها أن يفيئوا إلى الحق، و يأمرهم بالانصراف إلى رحالهم، و يعدهم الصفح، و إلا فليأذنوا بحرب منه، و وجه الكتاب مع رجل من همدان، فقدم عليهم بالكتاب فلم يجيبوه إلى خير، فقال لهم: إنّي تركت أمير المؤمنين يريد أن يوجه إليكم يزيد بن قيس الأرحبي في جيش كثيف، فلم يمنعه إلا انتظار جوابكم، فأظهروا السمع و الطاعة، و لكنهم كتبوا إلى معاوية بذلك، و كتبوا في كتابهم:

         معاوي إلا تسرع السير نحونا            نبايع عليا أو يزيد اليمانيا

 

 

فلما وصل كتابهم، دعا بسر بن أبي أرطاة، و كان قاسي القلب، فظا غليظا، سفاكا للدماء، لا رأفة عنده و لا رحمة، فأمره أن يأخذ طريق الحجاز و المدينة و مكة حتّى يأتي إلى اليمن، و قال له: لا تنزل على بلد أهله في طاعة علي إلا بسطت لسانك عليهم، حتى يروا أنهم لا نجاة لهم و إنك محيط بهم، ثم اكفف عنهم، و أدعهم إلى البيعة لي، فمن أبى فأقتله، و اقتل شيعة علي حيث كانوا، و بعثه في جيش كثيف. فسار بسر حتى دخل المدينة، و عامل علي عليه السلام عليها أبو أيوب الأنصاري فخرج عنها هاربا، و دخل بسر المسجد حتى رقى على منبر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم، فخطب الناس فشتمهم و تهددهم و أوعدهم، حتى خاف الناس أن يوقع بهم ففزعوا إلى حويطب بن عبد العزي-  زوج أمه-  فناشده فيهم، فلم يزل حتى سكن، و دعا الناس إلى بيعة معاوية فبايعوه، ثم نزل فأحرق دورا كثيرة منها دار أبي أيوب الأنصاري،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 403

و طلب جابر بن عبد اللّه الأنصاري فعاذ بآم سلمة فقالت له: انطلق فبايع و احقن دمك و دماء قومك، فإني أمرت ابن أخي أن يبايع، و إني لأعلم أنها بيعة ضلالة.

فأقام بسر بالمدينة أياما يقتل الرجال، و ينهب الأموال، ثم قال: إني قد عفوت عنكم و إن لم تكونوا لذلك بأهل، و قد استخلفت عليكم أبا هريرة فإياكم و خلافه، ثم خرج إلى مكة، و قتل في طريقه رجالا، و أخذ أموالا، و بلغ أهل مكة خبره، فتنحى عنها عامة أهلها، و لما قرب منها هرب قثم بن العباس-  و كان عامل علي عليه السلام-  و دخلها بسر فأخاف أهلها، و أرهبهم و شتمهم، ثم دخل و طاف بالبيت و صلى ركعتين ثم خطب الناس، و طلب إليهم البيعة فبايعوه.

ثم خرج إلى الطائف فتشفع فيهم المغيرة بن شعبة فلم يصبهم بأذى و بات ليلة و خرج منها، و شيعه المغيرة ساعة ثم ودعه و أنصرف عنه.

و خرج من الطائف فأتى نجران، فقتل عبد اللّه بن عبد المدان و ابنه مالكا-  و كان صهرا لعبيد اللّه بن العباس-  ثم جمع أهل نجران و أقام فيهم و تهددهم طويلا، ثم سار عنهم حتى أرحب فقتل أبا كرب-  و كان يتشيع-  و يقال إنه سيد من كان بالبادية من همدان.

ثم سار حتى أتى صنعاء و قد خرج عنها عبيد اللّه بن العباس، و سعيد بن نمران و كان عبيد اللّه قد استخلف عليها عمرو بن أراكة الثقفي، فمنع بسرا من دخولها، و قاتله حتى قتل و أنهزم أصحابه، و دخل بسر صنعاء فقتل منها قوما، و أتاه وفد من مأرب فقتلهم عن آخرهم و كان عبيد اللّه قد أودع طفلين عند رجل فوشي به إلى بسر فقصده، فأخذ الرجل سيفه و استقبل بسرا، فقال له بسر: ثكلتك أمك و اللّه ما

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 404

أردنا قتلك. فلم عرضت نفسك للقتل فقال: أقتل دون جاري، أعذر لي عند اللّه و الناس ثم شدّ على أصحاب بسر بالسيف حاسرا، و هو يرتجز:

         آليت لا يمنع حافات الدار            و لا يموت مصلتا دون الجار

         إلا فتى أروع غير غدّار

 

 

فضارب بسيفه حتى قتل، و أخذ الغلامان فقتلا. قيل إن بسرا ذبحهما بيده«» فقالت امرأة لما رأت هذا العمل الشنيع: هذه الرجال يقتلها، فما بال الولدان و اللّه ما كانوا يقتلون في جاهلية و لا إسلام، و اللّه إنّ سلطانا لا يشتد إلا بقتل الزرع الضعيف، و الشيخ الكبير، و رفع الرحمة، و قطع الأرحام لسلطان سوء.

و قالت امهما ترتيهما:

         ها من أحسن بابني اللذين هما            كالدرتين تشظّى عنهما الصدف‏

         ها من أحس بابني اللذين هما

            سمعي و قلبي فقلبي اليوم مختطف‏

         ها من أحسن بابني اللذين هما            مخ العظام فمخي اليوم مزدهف«»

         نبئت بسرا و ما صدقت ما زعموا

            من قولهم و من الإفك الذي اقترفوا

         أنحى على و دجيّ طفلي مرهفة            مشحوذة و كذاك الإثم يقترف‏

         من دلّ و الهة حرى مولهة

            على صبيين ضلّا إذ غدا السلف‏

 

 

و قالت أيضا:

         ألا يا من رأى الولدين            امهما هي العبرى‏

         تناشد من رأى ابنيها

            و تذري الدمعة الحمرا

 

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 405

 

         فلمّا استيأست رجعت            بعبرة والة حرّى‏

         تتابع بين ولولة

            و بين مدامع تترى‏

 

 

قالوا: و كانت من أوفر النساء عقلا، فأصابها و له على ابنيها، فكانت لا تعقل و كانت تقف في المواسم تسأل الناس عن ولديها، و تنشد الأشعار ثم تهيم على وجهها«».

و لما بلغ عليا عليه السلام صنيع بسر بالصبيين حزن لذلك حزنا شديدا، و دعا عليه و قال: (اللهم اسلبه دينه، و لا تخرجه من الدنيا حتى تسلبه عقله) و أصابته دعوة الإمام فوسوس في أواخر أيامه، و ذهل عقله، حتى اشتهر بالسيف، فكان لا يفارقه، فجعل له سيف من خشب و جعل بين يديه زق منفوخ كلّما تخرق أبدل، فلم يزل يضرب ذلك الزق بذلك السيف حتى مات ذاهل العقل، يلعب بخرئه، و ربّما كان يتناول منه، ثم يقبل على من يراه و يقول: انظروا كيف يطعمني ابنا عبيد اللّه بن‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 406

العباس، و ربّما شدت يداه إلى ورائه، فأنجى ذات يوم في مكانه، ثم أهوى بفيه فتناول منه، فبادروا إلى منعه، فقال أنتم تمنعوني و هما يطعماني قل لي بربك كلّ هذه الوقائع و الفجائع من إباحة الحرمين، و الإغارة على بلاد المسلمين، و هتك الحرمات، و ارتكاب المحرمات، من سفك الدماء، و حرق الدور، و نهب الأموال، و ذبح الأطفال، و سبي النساء (فكن أوّل نساء سبين في الإسلام)، تقع و يبقى أمير المؤمنين صامتا لا ينطق بكلمة، و لا ينبس ببنت شفة و هو أخطب الناس باتفاق الجميع، و أنكرهم للمنكر، و أعملهم بالحق حتى يستكثر عليه بضعة أسطر رواها الشريف في نهجه و يقال أنّها من صنعه و وضعه (سبحانك هذا شان عظيم).

26-  و من خطبة له عليه السّلام

إنّ اللّه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و سلّم و آله نذيرا للعالمين، و أمينا على التّنزيل، و أنتم معشر العرب على شرّ دين و في شرّ دار، متنّخون«» بين حجارة خشن و حيّات صمّ«» تشربون الكدر و تأكلون الجشب«» و تسفكون دماءكم، و تقطعون أرحامكم، الأصنام‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 407

فيكم منصوبة و الآثام بكم معصوبة«».

 

(و منها) فنظرت فإذا ليس لي معين إلّا أهل بيتي فضننت بهم عن الموت، و أغضيت على القذى، و شربت على الشّجى، و صبرت على أخذ الكظم«» و على أمرّ من طعم العلقم.

 

(و منها) و لم يبايع حتّى شرط أن يؤتيه على البيعة ثمنا، فلا ظفرت يد البائع و خزيت«» أمانة المبتاع، فخذوا للحرب أهبتها، و أعدّوا لها عدّتها، فقد شبّ لظاها و علا سناها، و استشعروا الصّبر فإنّه أدعى إلى النّصر.

كان أمير المؤمنين عليه السلام يلقي خطبه على كيفيات شتى، منها من على المنبر كما في أغلب الأوقات، و منها أن يرقى رباوة من الأرض«» فيخطب من هناك، و تارة يقوم على حجارة تنصب له«» و أخرى و هو

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 408

راكب على ناقته«»، أو على فرسه«»، و مرة يقف بين أضيافه بعد أن يفرغوا من طعامهم فيعظهم«»، و ربّما تثنى له وسادة فيعظ مستندا إليها«» أو يمنعه مانع من الإلقاء بنفسه فيلقي خطبته على واحد من الحسنين عليهما السلام فيلقيها بالنيابة عنه، أو يخطب من حضر في داره عليه السلام، ثم يأمر أن تكتب و تقرأ على سائر الناس«» و هذه الخطبة من هذا النوع، و لهذا ذكرها الاستاذ أحمد زكي صفوة في «جمهرة رسائل العرب» و لم يذكرها في «جمهرة الخطب».

و هذه الخطبة من خطبه الطوال، و ما ذكره الرضي مختارها.

رواها جماعة من المتقدمين على الشريف الرضي بصور تزيد و تنقص، نذكر من اولئك،

إبراهيم بن هلال الثقفي في (الغارات)«»

و

ابن قتيبة في (الإمامة و السياسة) 1: 154

و

الطبري في (المسترشد) ص 95 ذكرها برواية الشعبي عن شريح بن هاني

و

الكليني في (الرسائل) على ما حكاه السيد ابن طاوس في (كشف المحجة) ص 173

و كل هؤلاء متقدمون على الرضي و لا أراني بحاجة لذكر رواتها بعده.

و السبب في إخراج علي عليه السلام لهذا الكتاب أنّ جماعة طلبوا منه أن يبين رأيه فيمن تقدم عليه، و ذلك بعد فتح عمرو بن العاص لمصر و قتل محمد بن أبي بكر فقال لهم عليه السلام: هل فرغتم لهذا و هذه مصر قد

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 409

أفتتحت، و شيعتي قد قتلت، ثم قال: و إني مخرج إليكم كتابا، أخبركم فيه عما سألتم، و أسألكم أن تحفظوا من حقي ما ضيعتم و كتب كتابا أوله: «من عبد اللَّه علي أمير المؤمنين إلى من قرأ كتابي من المؤمنين و المسلمين.

أما بعد: فإن اللَّه بعث محمدا صلى اللَّه عليه و سلم بشيرا و نذيرا للعالمين، و أمينا على التنزيل» إلى آخره، و فيه ما ذكره الرضي رحمه اللَّه في هذا الموضع. و إنّك لو دمجت روايتي «المسترشد» و «الغارات» و أتممت ما ينقص أحدهما عن الثانية ظهر لك جليا، أن هذه الخطبة، و قوله عليه السلام الذي يأتي برقم (30) باب الخطب و هو: «لو أمرت لكنت قاتلا، و لو نهيت عنه لكنت ناصرا» إلى آخر الكلام«». و قوله عليه السلام الذي يأتي تحت رقم (54) و هو: «فتداكوا علي تداك الهيم يوم ورودها.. إلخ»«» و قوله: «إن النساء نواقص العقول.. إلخ»«» الذي يأتي برقم (78) من هذا الباب. و إن كنت لا أبعد أنه عليه السلام قال هذا الكلام بالخصوص مرتين الأولى بعد حرب الجمل كما ذكر الرضي، و الثانية في هذا الكتاب، و قوله: «و لقد قال لي قائل يا بن أبي طالب انك على هذا الأمر لحريص... إلخ»«» الذي نحن في صدد تحقيق مصدره، و قوله: «اللهم إني أستعديك على قريش و من أعانهم فإنهم قطعوا رحمي... إلخ»«»

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 410

الذي سيأتي برقم (215) خطب، و قوله: «و بسطتم يدي فكففتها.. إلخ»«» الذي سنذكره تحت رقم (227) خطب، و قوله عليه السلام في شأن الحكمين و ذم أهل الشام: «جفاة طغام، عبيد أقزام... إلخ»«» و الذي سنبحث مصادره عند رقم (236) خطب إن شاء اللَّه. الأصل في كلها هذا الكتاب، و إن كانت روايات الشريف عليه الرحمة تختلف عما في هاتين الروايتين في بعض الفقرات و الكلمات، و منشأ هذا أنّ مصادر الرضي غير هذين الكتابين و أنه التقط هذه المختارات من كتب شتى، و روايات مختلفة، و لذا عقب على بعضها بقوله: و قد مضى هذا الكلام في أثناء خطبة متقدمة إلّا أني كررته ههنا«»، و قوله و قد تقدم مثله بألفاظ مختلفة«»، و هذا من ورعه و أمانته و احتياطه رضوان اللَّه عليه.

و مع هذا فإني لا أبعد أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام قال بعض هذه الروايات أكثر من مرة.

27-  و من خطبة له عليه السّلام

أمّا بعد فإنّ الجهاد باب من أبواب الجنّة، فتحه اللَّه لخاصّة أوليائه، و هو لباس التّقوى، و درع اللَّه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 411

الحصينة، و جنّته الوثيقة«»، فمن تركه رغبة عنه ألبسه اللَّه ثوب الذلّ، و شملة البلاء«». و ديّث بالصّغار و القماءة«» و ضرب على قلبه بالإسهاب«»، و أديل الحقّ«» منه بتضييع الجهاد، و سيم الخسف«».، و منع النّصف، ألا و إنّي قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا و نهارا، و سرّا و إعلانا، و قلت لكم اغزوهم قبل أن يغزوكم، فو اللَّه ما غزي قوم في عقر دارهم إلّا ذلّوا«»، فتواكلتم، و تخاذلتم، حتّى شنّت الغارات عليكم، و ملكت عليكم الأوطان، و هذا أخو

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 412

غامد«» قد وردت خيله الأنبار«» و قد قتل حسّان ابن حسان البكريّ و أزال خيلكم عن مسالحها«»، و لقد بلغني أنّ الرّجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة، و الأخرى المعاهدة، فينتزع حجلها و قلبها و قلائدها و رعاثها«» ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع و الاسترحام«» ثمّ انصرفوا وافرين«» ما نال رجلا منهم كلم و لا أريق لهم دم. فلو أنّ امرأ مسلما مات من بعد هذا أسفا ما كان به ملوما بل كان به عندي جديرا. فيا عجبا و اللَّه يميث القلب و يجلب الهمّ من اجتماع هؤلاء القوم‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 413

على باطلهم و تفرّقكم عن حقّكم فقبحا لكم و ترحا«» حين صرتم غرضا يرمى يغار عليكم و لا تغيرون.

 

و تغزون و لا تغزون. و يعصى اللَّه و ترضون فإذا أمرتكم بالسّير إليهم في أيّام الحرّ قلتم هذه حمارّة القيظ«» أمهلنا يسبّخ عنّا الحرّ«» و إذا أمرتكم بالسّير إليهم في الشّتاء قلتم هذه صبارّة القرّ«» أمهلنا ينسلخ عنّا البرد، كلّ هذا فرارا من الحرّ و القرّ فإذا كنتم من الحرّ و القرّ تفرّون فإذا أنتم و اللَّه من السّيف أفرّ. يا أشباه الرّجال و لا رجال. حلوم الأطفال. و عقول ربّات الحجال«». لوددت أنّي لم أركم و لم أعرفكم. معرفة و اللَّه جرّت ندما و أعقبت سدما«» قاتلكم اللَّه لقد ملأتم‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 414

قلبي قيحا. و شحنتم صدري غيظا. و جرّعتموني نغب التّهمام أنفاسا«». و أفسدتم عليّ رأيي بالعصيان و الخذلان حتّى لقد قالت قريش: إنّ ابن أبي طالب رجل شجاع و لكن لا علم له بالحرب.

 

للَّه أبوهم و هل أحد منهم أشدّ لها مراسا و أقدم فيها مقاما منّي«» لقد نهضت فيها و ما بلغت العشرين، و ها أنا ذا قد ذرّفت على السّتّين«» و لكن لا رأي لمن لا يطاع.

قالوا: إنّ عليا عليه السلام بلغه أنّ خيلا لمعاوية وردت الأنبار فقتلوا عاملا له يقال له: حسان بن حسان البكري«» فخرج عليه السلام مغضبا يجرّ ثوبه حتى أتى النخيلة و أتبعه الناس فرقى على رباوة من الأرض فحمد اللَّه و أثنى عليه، و صلى على نبيه صلى اللَّه عليه و آله و سلم، ثم قال: «أمّا بعد فإنّ الجهاد باب من أبواب الجنة». إلى آخر الخطبة، و هي من خطبه المشهورة عليه السلام رواها كثير من العلماء قبل الشريف الرضي نذكر منهم:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 415

 

1-  أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في (البيان و التبيين) ج 1 ص 170.

2-  ابن قتيبة في (عيون الأخبار) المجلد الثاني ص 236، قال: خطب علي حين قتل عامله بالأنبار فقال في خطبته: يا عجبا إلى آخر الخطبة

3-  أبو حنيفة الدينوري في (الأخبار الطوال) ص 211.

4-  إبراهيم بن هلال الثقفي في كتاب (الغارات) ص 474 و عنه ابن أبي الحديد«».

5-  المبرد في (الكامل) ج 1 ص 13، و فسّر ألفاظها.

6-  ابن عبد ربه في (العقد الفريد) ج 4 ص 69.

7-  الكليني في كتاب الجهاد من (الكافي) ج 4 ص 5.

8-  أبو الفرج الأصبهاني في (الأغاني) ج 15 ص 45 رواها مسندة، كما ذكر سندها و فقرات من آخرها في (مقاتل الطالبيين) ص 27.

9-  الصدوق في (معاني الأخبار) ص 309 ذكرها مسندة و فسر ألفاظها.

10-  البلاذري في (أنساب الأشراف) ص 442 ط الأعلمي،

و غيرهم.

هذا و لابن أبي الحديد كلام لطيف جدا حول هذه الخطبة قد لا نخرج عن موضوع الكتاب بذكر بعضه، قال: و أعلم أنّ التحريض على الجهاد، و الحض عليه، قد قال فيه الناس فأكثروا، و كلهم أخذوا من كلام أمير المؤمنين عليه السلام-  ثم ذكر

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 416

خطبة من جيد خطب ابن نباتة في الجهاد ستطلع على بعضها فيما يأتي و قال عند فراغه من ذكرها: هذا آخر خطبة ابن نباتة فأنظر إليها و إلى خطبته عليه السلام بعين الإنصاف تجده بالنسبة إليها كمخنث بالنسبة إلى فحل أو كسيف من رصاص بالإضافة إلى سيف من حديد، و أنظر ما عليها من أثر التوليد، و شين التكلّف، و فجاجة كثير من الألفاظ، ألا ترى إلى فجاجة قوله: «كأن أسماعكم تمجّ ودائع الوعظ، و كأن قلوبكم بها استكبارا عن الحفظ» و كذلك ليس يخفى نزول قوله: «تندّون من عدوكم نديد الإبل، و تدرعون له مدارع العجز و الفشل» و فيها كثير من هذا الجنس إذا تأمله الخبير عرفه، و مع ذلك فهي مسروقة من كلام أمير المؤمنين عليه السلام، ألا ترى أنّ قوله عليه السلام: «أمّا بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة» قد سرقه ابن نباتة فقال: «فإنّ الجهاد أثبت قواعد الإيمان، و أوسع أبواب الرضوان، و أرفع درجات الجنان»، و هكذا أخذ ابن أبي الحديد يبين ما أخذه ابن نباتة من معاني كلام أمير المؤمنين الجميلة العالية، و أخرجها في ثياب رثاث من الألفاظ المتكلفة الفجة، ثم قال: و أعلم أني أضرب لك مثلا تتخذه دستورا في كلام أمير المؤمنين عليه السلام و كلام الكتاب و الخطباء بعده كابن نباتة و الصابي‏ء و غيرهما، أنظر نسبة شعر أبي تمام و البحتري، و أبي نواس و مسلم إلى شعر امري‏ء القيس و النابغة، و زهير و الأعشى، هل إذا تأملت أشعار هؤلاء و هؤلاء تجد نفسك حاكمة بتساوي القبيلين أو بتفضيل أبي نواس و أصحابه عليهم لا أظن أن ذلك مما تقوله أنت، و لا قاله غيرك، و لا يقوله إلا من لا يعرف علم البيان، و ماهية الفصاحة، و كنه البلاغة، و فضيلة

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 417

المطبوع على المصنوع، و مزية المتقدم على المتأخر، فإذا أقررت من نفسك بالفرق و الفصل، و عرفت فضل الفاضل، و نقص الناقص، فأعلم أن نسبة كلام أمير المؤمنين عليه السلام إلى كلام هؤلاء هذه النسبة بل أظهر، لأنك لا تجد في شعر امرى‏ء القيس و أصحابه من التعجرف، و الكلام الوحشي، و اللفظ الغريب المستكره شيئا كثيرا، و لا تجد من ذلك في كلام أمير المؤمنين عليه السلام شيئا، و أكثر فساد الكلام و نزوله إنّما هو باستعمال ذلك، فإن شئت أن تزداد استبصارا فأنظر القرآن العزيز، و أعلم أن الناس قد اتفقوا على أنه في أعلى طبقات الفصاحة، و تأمله تأملا شافيا، و انظر إلى ما خصّ به من مزية الفصاحة، و البعد عن التعقّر و التعقيد و الكلام الوحشي الغريب و انظر إلى كلام أمير المؤمنين عليه السلام فإنك تجده مشتقا من ألفاظه، و مقتضبا من معانيه و مذاهبه، و محذوا به حذوه، و مسلوكا به في منهاجه، فهو و إن لم يكن له«» نظيرا و لا ندا يصلح أن يقال: إنه ليس بعده كلام أفصح منه، و لا أجزل و لا أعلى، و لا أفخم و لا أنبل إلا أن يكون كلام ابن عمّه عليه السلام و هذا أمر لا يعلمه إلا من ثبتت له قدم راسخة في علم هذه الصناعة، و ليس كل واحد يصلح لانتقاد الجواهر، بل و لا لانتقاد الذهب، و لكلّ صناعة أهل، و كل عمل رجال«».

28-  و من خطبة له عليه السّلام

أمّا بعد، فإنّ الدّنيا قد أدبرت و آذنت بوداع،

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 418

و إنّ الآخرة قد أقبلت و أشرفت باطّلاع، ألا و إنّ اليوم المضمار«»، و غدا السّباق، و السّبقة الجنّة«» و الغاية النّار، أفلا تائب من خطيئته قبل منيّته ألا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه«» ألا و إنّكم في أيّام أمل، من ورائه أجل، فمن عمل في أيّام أمله قبل حضور أجله نفعه عمله، و لم يضرره أجله، و من قصّر في أيّام أمله قبل حضور أجله فقد خسر عمله، و ضرّه أجله، ألا فاعملوا في الرّغبة كما تعملون في الرّهبة«». ألا و إنّي لم أر كالجنّة نام طالبها، و لا كالنّار نام هاربها«»، ألا و إنّه من لا ينفعه الحقّ‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 419

يضرره الباطل«»، و من لم يستقم به الهدى يجرّبه الضّلال إلى الرّدى«» ألا و إنّكم قد أمرتم بالظّعن«»، و دللتم على الزّاد، و إنّ أخوف ما أخاف عليكم اتّباع الهوي و طول الأمل، تزوّدوا من الدّنيا ما تحرزون أنفسكم به غدا. قال الرضي رحمه اللَّه: أقول: لو كان كلام يأخذ بالأعناق إلى الزهد في الدنيا و يضطر إلى عمل الآخرة لكان هذا الكلام و كفى به قاطعا لعلائق الآمال، و قادحا زناد الاتعاظ و الازدجار و من أعجبه قوله عليه السلام «ألا و إنّ اليوم المضمار و غدا السبّاق. و السّبقة الجنّة و الغاية النّار» فإن فيه مع فخامة اللفظ، و عظم قدر المعنى، و صادق التمثيل، و واقع التشبيه سرّا عجيبا، و معنى لطيفا، و هو قوله عليه السلام: «و السّبقة الجنّة و الغاية النّار» فخالف بين اللفظتين لاختلاف المعنيين.

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 420

و لم يقل السّبقة النار كما قال: «السّبقة الجنّة» لان الاستباق إنّما يكون إلى أمر محبوب، و غرض مطلوب، و هذه صفة الجنّة، و ليس هذا المعنى موجودا في النّار-  نعوذ باللَّه منها-  فلم يجز أن يقول «و السّبقة» النار بل قال: «و الغاية النّار»، لأن الغاية ينتهي إليها من لا يسره الانتهاء و من يسره ذلك، فصلح أن يعبر بها عن الأمرين معا فهي في هذا الموضع كالمصير و المآل قال اللَّه تعالى: (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ)«»، و لا يجوز في هذا الموضع أن يقال: سبقتكم بسكون الباء إلى النار فتأمل ذلك فباطنه عجيب، و غوره بعيد، و كذلك أكثر كلامه عليه السلام.

 

(و في بعض النّسخ)«» و قد جاء في رواية أخرى «و السّبقة الجنّة»-  بضمّ السّين- . و السبقة عندهم اسم لما يجعل للسباق إذا سبق من مال أو عرض و المعنيان متقاربان لأن ذلك لا يكون جزاء على فعل الأمر المذموم، و إنما يكون جزاء على فعل الأمر المحمود.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 421

هذه الخطبة من كلامه الذي اشتهر بين العلماء، و حفظه ذوو الفهم و الحكماء«» و رواتها قبل الرضي و بعده لا يتسع بالإحاطة بهم المجال، نذكر منهم:

1-  أبو عثمان الجاحظ في (البيان و التبيين) ج 1 ص 171.

2-  الباقلاني في (إعجاز القرآن) ص 222.

3-  الحراني في (تحف العقول) ضمن خطبته (الديباج).

4-  ابن عبد ربه في (العقد الفريد) ج 2 ص 365.

5-  ابن قتيبة في (عيون الأخبار) ج 2 ص 235.

6-  المسعودي في (مروج الذهب) ج 3 ص 413.

و سيأتي كلام حول هذه الخطبة عند بلوغنا إلى الخطبة (45) التي أول ما أختار الشريف منها قوله عليه السلام (الحمد للَّه غير مقنوط من رحمته) إلخ، كما تأتي الإشارة إليها في الحكمة (264) عند قوله عليه السلام «أحسنوا في عقب غيركم تحفظوا في عقبكم» فإلى هناك و اللَّه العالم.

29-  و من خطبة له عليه السّلام

أيّها النّاس المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم، كلامكم يوهي الصّمّ الصّلاب«»، و فعلكم يطمع فيكم الأعداء، تقولون في المجالس كيت و كيت،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 422

فإذا جاء القتال قلتم حيدي حياد«»، ما عزّت دعوة من دعاكم، و لا استراح قلب من قاساكم«»، أعاليل بأضاليل، دفاع ذي الدّين المطول«»، لا يمنع الضّيم الذّليل، و لا يدرك الحقّ إلّا بالجدّ، أيّ دار بعد داركم تمنعون، و مع أيّ إمام بعدي تقاتلون، المغرور و اللّه من غررتموه، و من فاز بكم فقد فاز و اللّه بالسّهم الأخيب«»، و من رمى بكم فقد رمى بأفوق ناصل«» أصبحت و اللّه لا أصدّق قولكم، و لا أطمع في نصركم، و لا أوعد العدوّ بكم، ما بالكم ما دواؤكم ما طبّكم القوم رجال أمثالكم. أقولا بغير عمل و غفلة من غير ورع، و طمعا في غير حقّ.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 423

هذه الخطبة من خطبه عليه السلام المعروفة رواها كثير من العلماء قبل الشريف الرضي منهم

أبو عثمان الجاحظ في (البيان و التبيين) ج 1 ص 170

و

ابن قتيبة في (الامامة و السياسة) ج 1 ص 150

و

ابن عبد ربه في (العقد الفريد) ج 4 ص 71

و

البلاذري في (أنساب الأشراف) في ترجمة علي عليه السلام ص 380 ط. الأعلمي.

و رواها القاضي النعمان في (دعائم الإسلام) ج 1 ص 391 قال: روينا عنه (يعني عليا) صلوات اللّه عليه أنه خطب الناس يوم الجمعة.

فحمد اللّه و اثنى عليه ثم قال: «أيّها الناس المجتمعة أبدانهم» و ذكر ما في (نهج البلاغة) مع تفاوت يسير و زيادة لم يذكرها الشريف الرضي، قال: ثم نزل، فلما كان من العشيّ راح الناس إليه يعتذرون، فقال: «أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا، و إثرة قبيحة، يتخذها الظالمون عليكم حجة حتّى تبكي عيونكم، و يدخل الفقر عليكم بيوتكم، و لا يبعد اللّه إلا من ظلم».

قال: و كان كعب بن مالك بن جندب الأزدي إذا ذكر هذا الحديث و رأى ما هم فيه بكى، و قال: صدق و اللّه أمير المؤمنين، لقد رأينا بعده ما توعدنا به. و ذكر مثله ابن عساكر في (تاريخ دمشق): ج 1 ص 306 بسنده عن عمر بن حسّان البرجمي، عن جناب بن عبد اللّه، و في ما ذكر قال: فمال إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إنا و إياك كما قال الأعشى:

         علقتها عرضا و قد علقت            غيري و علق أخرى غيرها الرجل‏

 

 

علقنا بحبّك، و علقت أنت بأهل الشام، و علق أهل الشام بمعاوية،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 424

يشير إلى قول أمير المؤمنين عليه السلام الذي رواه ابن عساكر في آخر هذه الخطبة «و اللّه لوددت أني أقدر أن أصرفكم صرف الدينار بالدرهم عشرة منكم برجل من أهل الشام».

و روى هذه الخطبة أيضا الشيخ الطوسي في (الأمالي) ج 1 ص 112 بسنده عن جندب بن عبد اللّه الأزدي، قال: قام أمير المؤمنين في الناس يستنفرهم إلى أهل الشام و ذلك بعد انقضاء المدة التي بينه و بينهم، و قد شنّ معاوية على بلاد المسلمين الغارات فأستنفرهم بالرغبة في الجهاد و الرهبة فلم ينفروا فأضجره ذلك فقال: «أيها الناس المجتمعة أبدانهم».

الخطبة. و فيها ما ذكره الرضي في «النهج» بحذافيره.

و قد أجمع شارحوا (نهج البلاغة) على أن هذه الخطبة خطب بها عليه السلام في غارة الضحاك بن قيس الفهري، و إجمال ما ذكروه: أن عليا عليه السلام بعد أمر الحكمين تأهب للعودة إلى قتال أهل الشام، و بلغ معاوية ذلك، فخرج من دمشق معسكرا، و بعث إلى كور الشام يخبرهم بالأمر، و يحثّهم على التجهز للحرب بأحسن الجهاز، و بيناهم على مثل هذه الحال إذ قدمت عليهم عيونهم تخبرهم بخروج الخوارج، و انصراف أمير المؤمنين عنهم، فكبّر معاوية و أصحابه سرورا بهذا النبأ، و ما برح حتى جاءه كتاب من عمارة بن عقبة بن أبي معيط«» يقول فيه: أما

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 425

بعد فإن عليا خرج عليه قراء أصحابه و نساكهم، فخرج إليهم فقتلهم، و قد فسد عليه جنده، و أهل مصره، و وقعت بينهم العداوة، و تفرقوا أشد الفرقة، و أحببت إعلامك و السلام، فعند ذلك دعا معاوية الضحاك ابن قيس الفهري، و قال له: سر حتى تمرّ بناحية الكوفة، و ترتفع عنها ما استطعت، فمن وجدته من الأعراب في طاعة علي فأغر عليه. و إن وجدت له مسلحة أو خيلا فأغر عليها، و إذا أصبحت في بلدة فأمس في اخرى، و لا تقيمن لخيل بلغك أنها سرحت إليك لتلقاها فتقاتلها، فسرحه فيما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف فأقبل ينهب الأموال، و يغير على من لقي من الأعراب، حتى مرّ بالثعلبية فأغار على الحاج فأخذ أمتعتهم، ثم أقبل فلقي عمرو بن عميس بن مسعود (ابن أخي عبد اللّه بن مسعود صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم) فقتله في طريق الحاج عند القطقطانة، و قتل معه ناسا من أصحابه، فبلغ ذلك عليا عليه السلام فخرج إلى الناس و هو يقول: اخرجوا إلى العبد الصالح عمرو بن عميس«»، و إلى جيوش لكم قد أصيب منهم طرف، اخرجوا فقاتلوا عدوكم، و امنعوا حريمكم، فردوا عليه ردا ضعيفا، و رأى منهم عجزا و فشلا فخطبهم فقال عليه السلام: «أيها الناس المجتمعة أبدانهم..» الخطبة.

و دعا حجر بن عدي الكندي فعقد له على أربعة آلاف ثم سيره فلم يزل مغذّا في أثر الضحاك و كان له أدلّاء في الطريق و على المياه حتى لقيه بناحية تدمر فواقعه فاقتتلوا فقتل من أصحاب الضحاك تسعة عشر رجلا، و قتل من أصحاب حجر رجلان و حجز الليل بينهم، و فرّ الضحاك ليلا، فلما أصبحوا لم يجدوا له و لأصحابه أثرا.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 426

و لما قدم الحاج من العراق مكة حدّثوا الناس بغارة الضحاك، و كان عقيل بن أبي طالب رضي اللّه عنه هناك، فكتب إلى أمير المؤمنين عليه السلام بما سمع و عرض عليه نفسه و ولده و بني أبيه فأجابه عليه السلام بالكتاب الذي ذكر الرضي مختاره في (نهج البلاغة) ج 3 ص 60 و الذي سيأتي الكلام عليه في باب الكتب و الرسائل تحت رقم (36) و اللّه المستعان.

30-  و من كلام له عليه السّلام في معنى قتل عثمان

لو أمرت به لكنت قاتلا، أو نهيت عنه لكنت ناصرا، غير أنّ من نصره لا يستطيع أن يقول خذله من أنا خير منه، و من خذله لا يستطيع أن يقول نصره من هو خير منّي«» و أنا جامع لكم أمره، استأثر فأساء الأثرة، و جزعتم فأسأتم الجزع«» و للّه حكم واقع في المستأثر و الجازع.

قد مرّ أن هذا الكلام من جملة كتاب له عليه السلام كتبه في أواخر أيام خلافته صلوات اللّه عليه، استعرض فيه الأحداث التي حدثت بعد

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 427

وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم إلى حين كتابة ذلك الكتاب الذي أمر أن يقرأ على الناس«».

و تواتر عن أمير المؤمنين عليه السلام في معنى هذا الكلام شي‏ء كثير، منه ما رواه البلاذري في (أنساب الأشراف) ج 5 ص 98 من طريق أبي حادة أنه سمع عليا رضي اللَّه عنه يقول و هو يخطب: و اللّه الذي لا إله إلا هو ما قتلته، و لا مالأت على قتله، و لا سائني. و منه ما رواه أيضا ج 5 ص 101 من طريق عمار بن ياسر، قال: رأيت عليا على منبر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم حين قتل عثمان و هو يقول: ما أحببت قتله، و ما كرهته، و لا أمرت به، و لا نهيت عنه.

و اشتهر ذلك عنه حتى قال كعب بن جعيل شاعر أهل الشام في قصيدة:

         و ما في علي لمستعتب            مقال سوى ضمه المحدثينا

         و إيثاره اليوم أهل الذنوب‏

            و رفع القصاص عن القاتلينا

         إذا سيل عنه زوى وجهه            و عمّى الجواب على السائلينا

         فليس براض و لا ساخط

            و لا في النهاة و لا الآمرينا

         و لا هو ساء و لا سرّه            و لا بد من بعض ذا أن يكونا«»

 

 

و علق ابن ابي الحديد على هذه الأبيات بقوله: «ما قال هذا الشعر إلا بعد أن نقل لأهل الشام كلام كثير لأمير المؤمنين في عثمان يجري هذا المجرى، نحو قوله: ما سرني و لا سائني، و قيل له: أرضيت بقتله قال: لم أرض، فقيل له، أسخطت قتله فقال: لم أسخط، و قوله تارة: اللّه قتله و أنا معه، و قوله تارة أخرى: ما قتلت عثمان و لا مالأت في‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 428

قتله، و قوله تارة أخرى: كنت رجلا في المسلمين، أوردت إذا وردوا و اصدرت إذا صدورا». ثم قال ابن ابي الحديد بعد ذلك: «و لكل شي‏ء من كلامه-  إذا صح عنه-  تأويل يعرفه أولو الألباب»«».

31-  و من كلام له عليه السّلام لابن العبّاس لما أرسله إلى الزّبير

يستفيئه إلى طاعته قبل حرب الجمل«».

 

لا تلقينّ طلحة، فإنّك إن تلقه تجده كالثّور عاقصا قرنه«»، يركب الصّعب و يقول هو الذّلول«»، و لكن الق الزّبير، فإنّه ألين عريكة«»، فقل له: يقول لك ابن خالك: عرفتني بالحجاز و أنكرتني بالعراق فما عدا ممّا بدا. قال الرضي: أقول: هو أوّل من سمعت منه هذه الكلمة

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 429

أعني «فما عدا ممّا بدا»«». رسالة أمير المؤمنين عليه السلام هذه التي حمّلها ابن عبّاس إلى الزبير رواها جماعة قبل الشريف الرضي منهم

الزبير بن بكار-  على ما حكاه ابن ابي الحديد

«» و

الجاحظ في (البيان و التبيين): ج 2 ص 115 بأبسط من رواية الشريف

و

محمد بن إسحق و الكلبي-  على ما نقله ابن ابي الحديد

«» و

ابن قتيبة في (عيون الأخبار): م 1 ص 115

و

ابن عبد ربه في (العقد الفريد): ج 4 ص 314.

و روى ابن ابي الحديد عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده عليهم السلام، قال: سألت ابن عباس رضي اللّه عنه عن ذلك، فقال: إني أتيت إلى الزبير، فقلت له، فقال: قل له: إني أريد ما تريد، كأنه يقول الملك، فرجعت إلى علي فأخبرته«». و روى أيضا عن محمد بن إسحق و الكلبي عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال: قلت الكلمة للزبير فلم يزدني على أن قال: قل له: (إنا مع الخوف الشديد لنطمع) و سئل ابن عباس عما يعني بقوله هذا، فقال: يقول إنا مع الخوف لنطمع أن نلي من الأمر ما وليتم.

و قد فسره قوم بتفسير آخر، قالوا: أراد إنا مع الخوف من اللّه لنطمع أن يغفر لنا هذا الذنب.

قال ابن ابي الحديد: و على كلا التفسيرين يحصل جواب المسألة.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 430

و روى الزبير بن بكّار في (الموفقيات) عن ابن عباس، قال: فأتيت الزبير فوجدته في بيت يتروح في يوم حار، و عبد اللّه ابنه عنده، فقال: مرحبا بك يابن لبابة، أجئت زائرا أم سفيرا قلت: كلا، إن ابن خالك يقرأ عليك السلام... و ذكر الرسالة كما في (النهج) مع تفاوت في بعض الألفاظ فقال-  أي الزبير- :

         علقتهم أنّى خلقت عصبه            قتّادة تعلّقت بنشبه«»

 

 

لن أدعهم حتى أؤلف بينهم، فأردت منه جوابا غير ذلك، فقال ابنه عبد اللّه: قل له بيننا و بينك دم خليفة، و وصية خليفة، و اجتماع اثنين و انفراد واحد، و مشاورة العشيرة، قال: فعلمت أن ليس وراء هذا الكلام إلا الحرب فرجعت فأخبرته«».

فهل يعتورك شك عند ما تستعرض صور هذه الرسالة و اختلاف المفسرين في معنى جوابها في براءة الرضي رحمه اللّه من وضعها، و وثاقته في روايتها.

و كان ينبغي لنا أن لا نتجشم عناء البحث عن مصدر هذا الكلام بعد أن رواه ابن خلكان و هو حامل راية الطاعنين في «نهج البلاغة»، فقد رواه في «وفيات الأعيان» مستشهدا به، واثقا بصحته، قال في ترجمة نجم الدين أبي الغنائم محمد بن علي الواسطي المعروف بابن المعلم المتوفى سنة 592 ما هذا نصه: «و في وقعة الجمل قبل مباشرة الحرب أرسل علي بن ابي طالب رضي‏

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 431

اللّه عنه ابن عمه عبد اللّه بن العباس رضي اللّه عنهما إلى طلحة و الزبير رضي اللّه عنهما برسالة يكفهما عن الشروع في القتال، ثم قال له: لا تلقين طلحة فانك ان تلقه تجده كالثور عاقصا أنفه، يركب الصعب و يقول: هو الذلول، و لكن الق الزبير فانه ألين عريكة منه، و قل له: يقول ابن خالك: عرفتني بالحجاز و أنكرتني بالعراق فما عدا مما بدا قال ابن خلكان: و علي رضي اللّه عنه أول من نطق بهذه الكلمة فأخذ ابن المعلم المذكور هذا الكلام و قال:

         منحوه بالجزع الكلام و أعرضوا            بالغور عنه (فما عدا مما بدا)

 

 

قال: و هذا القول من جملة قصيدة طويلة، و الرسالة نقلها في كتاب «نهج البلاغة».

32 و من خطبة له عليه السّلام

أيّها النّاس إنّا قد أصبحنا في دهر عنود، و زمن كنود«»، يعدّ فيه المحسن مسيئا، و يزداد الظّالم فيه عتوّا، لا ننتفع بما علمنا، و لا نسأل عمّا جهلنا، و لا نتخوّف قارعة حتّى تحلّ بنا«».، فالنّاس على أربعة

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 432

أصناف: منهم من لا يمنعه الفساد إلّا مهانة نفسه، و كلالة حدّه و نضيض وفره«»، و منهم المصلت لسيفه، و المعلن بشرّه، و المجلب بخيله و رجله، قد أشرط نفسه، و أوبق دينه، لحطام ينتهزه، أو مقنب يقوده، أو منبر يفرعه«»، و لبئس المتجر أن ترى الدّنيا لنفسك ثمنا و ممّا لك عند اللّه عوضا، و منهم من يطلب الدّنيا بعمل الآخرة، و لا يطلب الآخرة بعمل الدّنيا، قد طامن من شخصه، و قارب من خطوه، و شمّر من ثوبه، و زخرف من نفسه للأمانة، و اتّخذ ستر اللّه ذريعة إلى المعصية«»، و منهم من أقعده عن طلب الملك ضؤولة نفسه«»، و انقطاع سببه، فقصرته الحال عن حاله فتحلّى باسم القناعة و تزيّن بلباس أهل الزّهادة، و ليس من ذلك في مراح و لا

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 433

مغدى، و بقي رجال غضّ أبصارهم ذكر المرجع«».

 

و أراق دموعهم خوف المحشر. فهم بين شريد نادّ«»، و خائف مقموع، و ساكت مكعوم، وداع مخلص، و ثكلان موجع، قد أخملتهم التّقيّة«»، و شملتهم الذّلّة، فهم في بحر أجاج، أفواههم ضامزة«»، و قلوبهم قرحة، و قد وعظوا حتّى ملّوا«»، و قهروا حتّى ذلّوا، و قتلوا حتّى قلّوا، فلتكن الدّنيا في أعينكم أصغر من حثالة القرظ، و قراضة الجلم«»،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 434

و اتعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتّعظ بكم من بعدكم، و ارفضوها ذميمة فإنّها قد رفضت من كان أشغف بها منكم«». قال الرضي رحمه اللّه: أقول: هذه الخطبة ربّما نسبها من لا علم له إلى معاوية و هي من كلام أمير المؤمنين عليه السلام الذي لا يشكّ فيه، و أين الذّهب من الرّغام«»، و العذب من الأجاج، و قد دلّ على ذلك الدليل الخرّيت«»، و نقده الناقد البصير، عمرو بن ابن بحر الجاحظ، فإنه ذكر هذه الخطبة في كتاب (البيان و التبيين) و ذكر من نسبها إلى معاوية ثم قال هي بكلام علي عليه السلام أشبه. و بمذهبه في تصنيف الناس و بالإخبار عمّا هم عليه من القهر و الإذلال و من التقيّة و الخوف أليق«»، قال و متى وجدنا معاوية في‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 435

حال من الأحوال يسلك في كلامه مسلك الزهاد.

 

و مذاهب العباد.

خطب عليه السلام بهذه الخطبة في مسجد الكوفة و عنده وجوه الناس كما ذكر ذلك محمد بن طلحة الشافعي«» في (مطالب السؤول): ج 1 ص 90، فتراه يعين المكان، و يمهد للخطبة بهذا التمهيد الذي نستدل به على أن ابن طلحة لم يأخذها عن (نهج البلاغة) و إنما نقلها من مصدر آخر لكن لم يذكره كما هي عادته في نقل كلام أمير المؤمنين عليه السلام.

و قد نسبها قوم من أرباب الهوى إلى معاوية، كما نسبوا الكثير من كلامه عليه السلام إلى غيره، و هي من كلامه الذي لا ريب فيه كما نبه على ذلك الشريف الرضي و عمرو بن بحر الجاحظ.

كان الجاحظ قد مهد لهذه الخطبة بقوله«»: خطبة من خطب معاوية بن أبي سفيان رضي اللَّه عنهما رواها شعيب بن صفوان، و زاد فيها اليقطري و غيره، قالوا: لما حضرت معاوية الوفاة قال لمولى له: من بالباب قال: نفر من قريش يتباشرون بموتك. فقال: ويحك و لم قال: لا أدري،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 436

قال: فو اللَّه ما لهم بعدي إلا الذي يسوءهم و أذن للنّاس فدخلوا فحمد اللَّه اللَّه و أثنى عليه و أوجز، ثم قال: يا أيها الناس إنا قد أصبحنا في دهر عنود... إلخ.

ثم علّق الجاحظ على الخطبة بقوله: «و في هذه الخطبة-  أبقاك اللَّه-  ضروب من العجب، منها أنّ هذا الكلام لا يشبه السبب الذي من أجله دعاهم معاوية، و منها أنّ هذا في تصنيف الناس و في الإخبار عنهم، و عمّا هم عليه من القهر و الاذلال، و من التقية و الخوف أشبه بكلام علي و بمعانيه و بحاله منه بحال معاوية، و منها: أنا لم نجد معاوية في حال من الحالات يسلك في كلامه مسلك الزهاد، و يذهب مذاهب العباد، و إنما نكتب لكم و نخبر بما سمعناه، و اللَّه أعلم بأصحاب الأخبار و بكثير منهم»«».

و تغافل بعضهم و ذهب إلى أن الرضي إنما ضمنها في (نهج البلاغة) تعويلا على ترجيح الجاحظ، و أن مستقاه في روايتها هو (البيان و التبيين) فحسب، مع أنه عند المقارنة بين روايتي (النهج) و (البيان) يظهر التفاوت بينهما واضحا في بعض الألفاظ و الحروف، و يجعلك تقطع بأن مصدر الرضي غير كتاب الجاحظ، و لكنه إنما أشار إلى رأي أبي عثمان في الخطبة ردا على من ينسبها لمعاوية، ثم زد على ذلك أن ناسب هذه الخطبة إلى معاوية هو شعيب بن صفوان، و حاله من الضعف معلوم، حتى قال فيه أبو حاتم الرازي: لا يحتج به، و قال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع، ذكر ذلك الذهبي في «ميزان الاعتدال» ج 2 ص 276.

و لا أدري بعد هذا كيف ذكرها الاستاذ أحمد زكي صفوت في خطب‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 437

معاوية مع أنه نقل في الهامش«» تعقيب الجاحظ عليها، و رأي الشريف الرضي فيها، و كأنه لم يرض حكمهما فأبى إلا أن تكون لمعاوية نعوذ باللَّه من الاصرار على الخطأ، و التعصب لغير الحق.

33-  و من خطبة له عليه السّلام عند خروجه لقتال أهل البصرة.

قال عبد اللَّه بن العبّاس دخلت على أمير المؤمنين عليه السّلام بذي قار«» و هو يخصف نعله«» فقال لي ما قيمة هذا النّعل فقلت لا قيمة لها، فقال عليه السّلام: و اللَّه لهي أحبّ إليّ من إمرتكم إلّا أن أقيم حقّا أو أدفع باطلا ثمّ خرج عليه السّلام فخطب النّاس فقال:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 438

إنّ اللَّه بعث محمّدا صلّى اللَّه عليه و آله و ليس أحد من العرب يقرأ كتابا و لا يدّعي نبوّة، فساق النّاس حتّى بوّأهم محلّتهم، و بلّغهم منجاتهم«»، فاستقامت قناتهم«»، و اطمأنّت صفاتهم، أما و اللَّه إن كنت لفى ساقتها«» حتّى تولّت بحذافيرها ما ضعفت، و لا جبنت، و إنّ مسيري هذا لمثلها«» فلأنقبنّ الباطل حتّى يخرج الحقّ من جنبه«» مالي و لقريش، و اللَّه لقد قاتلتهم كافرين و لأقاتلنّهم مفتونين«». و إنّي لصاحبهم بالأمس كما أنا صاحبهم اليوم.

روى الرضي هذه الخطبة في موضعين من (النهج) أحدهما هذا و الثاني سيأتي برقم (102) و قال هناك: (و قد تقدم مختار هذه الخطبة إلا أني‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 439

وجدتها في هذه الرواية على خلاف ما سبق من زيادة و نقصان فأوجبت الحال اثباتها ثانية) و من هذا تعرف شدة احتياط الرضي في رواية كلام أمير المؤمنين عليه السلام فلا يدمج رواية في رواية، و لا يضم كلاما إلى آخر، بل يروي ما وجده على وجهه، غاية ما في الأمر أنه يختار من الرواية أحسن وجوهها و من الكلام أبلغه، و لو لا هذا الورع و الاحتياط، لأمكنه أن يأخذ الكلام المروي عن أمير المؤمنين بوجوه مختلفة و يدمج بعضه ببعض ثم يخرج من ذلك صورة واحدة حسب اختياره، و مقتضى انتقائه، كما صنع الاستاذ أحمد زكي صفوت في (جمهرة خطب العرب و رسائلهم)، و لكنه يريد أن يطرح المسئولية عن عاتقه و يجعل العهدة على غيره، و إليك مثال واحد: لقد روى الكلمة (86) في (الخصائص) عن أمير المؤمنين عليه السلام و هي قوله: «رأي الشيخ أحب إلي من جلد الغلام» و علق عليها بقوله: و يروى من مشهد الغلام«»، و لما أعاد روايتها في (نهج البلاغة) عقبها في التعليق المذكور أيضا«» و من تصفح كتب الرضي يجد من هذا الشي‏ء الكثير.

و يظهر مما رواه المفيد رحمه اللَّه في «الارشاد» ص 154 انه عليه السلام خطب بهذه الخطبة بالربذة لا بذي قار كما يرويه السيد في «النهج»، فقد قال رحمه اللَّه تعالى لما توجه أمير المؤمنين عليه السلام إلى البصرة نزل الربذة، فلقيه آخر الحاج فاجتمعوا ليسمعوا من كلامه و هو في خبائه، قال ابن عباس: فاتيته فوجدته يخصف نعلا، فقلت له: نحن إلى أن تصلح من أمورنا أحوج منا إلى ما تصنع، فلم يكلمني حتى فرغ‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 440

من نعله، ثم ضمّها إلى صاحبتها، و قال لي: قومهما، فقلت: ليس لهما قيمة، قال: ذاك، قلت: كسر درهم، قال: لهما و اللَّه أحب إلي من أمركم هذا إلا أن أقيم حقا، أو أدفع باطلا«» قلت: إن الحاج قد اجتمعوا ليسمعوا من كلامك فتأذن لي أن أتكلم فان كان حسنا كان منك، و إن كان غير ذلك كان مني قال: لا، أنا أتكلم-  إلى أن قال-  ثم خرج فاجتمعوا عليه، فحمد اللَّه و أثنى عليه، ثم قال: «أما بعد، فان اللَّه بعث محمدا صلى اللَّه عليه و آله و سلم و ليس أحد في العرب يقرأ كتابا، و لا يدعي نبوة». إلخ..

و مما يفيد التنبيه عليه ههنا أن النسخة التي عليها شرح ابن ابي الحديد فيها زيادة في هذه الخطبة لم توجد في سائر نسخ «النهج» و هي قوله عليه السلام «و اللَّه ما تنقم منا قريش إلا أن اللَّه اختارنا عليهم، فأدخلناهم في حيزنا«»، فكانوا كما قال الأول:

         أدمت لعمري-  شربك المحض صابحا            و أكلك بالزبد المقشرة البجرا

         و نحن وهبناك العلاء و لم تكن‏

            عليا و حطنا حولك الجرد و السمرا

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 441

34-  و من خطبة له عليه السّلام في استنفار النّاس إلى أهل الشام

أفّ«» لكم لقد سئمت عتابكم، أرضيتم بالحياة الدّنيا من الآخرة عوضا و بالذّلّ من العزّ خلفا إذا دعوتكم إلى جهاد عدوّكم دارت أعينكم كأنّكم من الموت في غمرة«»، و من الذّهول في سكرة، يرتج عليكم حواري فتعمهون«» فكأنّ قلوبكم مألوسة«» فأنتم لا تعقلون، ما أنتم لي بثقة سجيس اللّيالي«»، و ما أنتم بركن يمال بكم، و لا زوافر عزّ يفتقر إليكم«»، ما أنتم إلّا كإبل ضلّ رعاتها، فكلّما

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 442

جمعت من جانب انتشرت من آخر، لبئس-  لعمر اللَّه-  سعر نار الحرب أنتم«»، تكادون و لا تكيدون، و تنقص أطرافكم فلا تمتعضون«»، لا ينام عنكم و أنتم في غفلة ساهون، غلب و اللَّه المتخاذلون، و ايم اللَّه«» إنّي لأظنّ بكم أن لو حمس الوغى، و استحرّ الموت قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج الرّأس«»، و اللَّه إنّ امرأ يمكّن عدوّه من نفسه يعرق لحمه«» و يهشم عظمه، و يفري جلده لعظيم عجزه، ضعيف ما ضمّت عليه جوانح صدره«» أنت فكن ذاك إن شئت«» فأمّا أنا فو اللَّه دون أن أعطي ذلك ضرب‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 443

بالمشرفيّة تطير منه فراش الهام، و تطيح السّواعد و الأقدام«»، و يفعل اللَّه بعد ذلك ما يشاء.

 

أيّها النّاس، إنّ لي عليكم حقا و لكم عليّ حقّ، فأمّا حقّكم عليّ فالنّصيحة لكم، و توفير فيئكم عليكم«»، و تعليمكم كيلا تجهلوا، و تأديبكم كيما تعلموا، و أمّا حقّي عليكم فالوفاء بالبيعة، و النّصيحة في المشهد و المغيب، و الإجابة حين أدعوكم، و الطّاعة حين آمركم.

رواها الطبري في (التاريخ): ج 6 ص 51

و

ابن قتيبة في (الامامة و السياسة) ج 1 ص 150

و

البلاذري في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من «أنساب الأشراف»: ص 380 بأخصر مما في «النهج»

و

المفيد في (المجالس) ص 79 رواها بسند متصل بجندب بن عبد اللَّه الازدي قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول لأصحابه و قد استنفرهم أياما إلى الجهاد فلم ينفروا، و ذكر الخطبة بتفاوت بسيط عما في (النهج) كبساطته بين رواية الطبري و ابن قتيبة و الرضي

و قد رواها أيضا نصر بن مزاحم كما ذكر ذلك ابن أبي الحديد«» و لكنها لا توجد في المطبوع من كتاب‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 444

«صفين» كما مرّ الكلام على ذلك«».

و كان أمير المؤمنين عليه السلام قد خطب بهذه الخطبة بعد فراغه من أمر الخوارج و قد كان قام بالنهروان فحمد اللَّه و أثنى عليه و قال: أما بعد فان اللَّه قد أحسن نصركم فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم من أهل الشام، فقاموا إليه فقالوا: يا أمير المؤمنين نفدت نبالنا، و كلّت سيوفنا، و أنصلت أسنة رماحنا، و عاد أكثرها قصدا، ارجع بنا إلى مصرنا نستعد بأحسن عدّتنا، و لعلّ أمير المؤمنين يزيد في عددنا مثل من هلك منا فانه أقوى لنا على عدونا، فكان جوابه عليه السلام (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى‏ أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ)، (المائدة: 23) فتلكئوا عليه، و قالوا: إن البرد شديد، فقال: إنهم يجدون البرد كما تجدون، فتلكئوا و أبوا، فقال: «أفّ لكم انها سنة جرت فيكم» ثم تلا قوله تعالى: (قالُوا يا مُوسى‏ إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ)، (المائدة: 22) فقام منهم ناس فقالوا: يا أمير المؤمنين الجراح فاش في الناس-  و كان أهل النهروان قد أكثروا الجراح في عسكر أمير المؤمنين عليه السلام-  فارجع إلى الكوفة فأقم بها أياما، ثم اخرج خار اللَّه لك، فرجع إلى الكوفة عن غير رضا. و روى نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد«» عن نمير بن و علة عن أبي دراك قال: لما كره القوم المسير إلى الشام عقيب واقعة النهروان، أقبل بهم أمير المؤمنين فانزلهم النخيلة، و أمر الناس أن يلزموا عسكرهم، و يوطنوا على الجهاد أنفسهم، و إن يقلّوا زيارة النساء و أبنائهم حتى يسير

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 445

بهم إلى عدوهم و كان ذلك هو الرأي لو فعلوه، و لكنهم لم يفعلوا، و أقبلوا يتسللون و يدخلون الكوفة، فتركوه عليه السلام و ما معه من الناس إلا رجال من وجوههم قليل و بقي المعسكر خاليا، فلا من دخل الكوفة خرج إليه، و لا من أقام معه صبر، فلما رأى ذلك دخل الكوفة.

قال نصر بن مزاحم: فخطب الناس بالكوفة، و هي أول خطبة خطبها بعد قدومه من حرب الخوارج فقال: «أيها الناس استعدوا لقتال عدو في جهادهم القربة إلى اللَّه عزّ و جلّ، و درك الوسيلة عنده قوم حيارى عن الحق لا يبصرونه، موزعين بالجور و الظلم لا يعدلون به، جفاة عن الكتاب نكتب عن الدين، يعمهون في الطغيان، و يتسكعون في غمرة الضّلال (ف وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ)، الأنفال: 61) و (توكلوا على اللَّه و كفى به وكيلا)، الأحزاب: 3) قال: فلم ينفروا و لم ينشروا، فتركهم أياما ثم خطبهم فقال: «أفّ لكم لقد سئمت عتابكم أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضا...» إلخ«»

35-  و من خطبة له عليه السّلام بعد التحكيم

الحمد للَّه و إن أتى الدّهر بالخطب الفادح«» و الحدث الجليل و أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 446

ليس معه إله غيره، و أنّ محمّدا عبده و رسوله صلّى اللَّه عليه و آله.

 

أمّا بعد فإنّ معصية النّاصح الشّفيق العالم المجرّب تورث الحسرة و تعقب النّدامة، و قد كنت أمرتكم في هذه الحكومة أمري، و نخلت لكم مخزون رأيي«»، لو كان يطاع لقصير أمر«»، فأبيتم عليّ إباء المخالفين الجفاة و المنابذين العصاة، حتى ارتاب الناصح بنصحه«»، و ضنّ الزّند بقدحه«»، فكنت و إياكم كما قال أخو هوازن«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 447

 

 

 

         أمرتكم أمري بمنعرج اللّوى            فلم تستبينوا النّصح إلا ضحى الغد

 

 

 

أورد هذه الخطبة بأدنى اختلاف البلاذري بترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من (أنساب الأشراف): ص 365 ط الأعلمي

و

الطبري في (التاريخ): ج 6 ص 43 في حوادث سنة (37)

و

ابن قتيبة في (الامامة و السياسة): ج 1 ص 119

و

نصر بن مزاحم في كتاب (صفين) على ما حكاه ابن ابي الحديد في (شرح نهج البلاغة): م 1 ص 110

و

سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص): ص 103

كما

أشار إلى هذه الخطبة أبو الفرج الأصبهاني في (الأغاني): ج 9 ص 5، و ذكر تمثل علي عليه السلام ببيت دريد بن الصمة في خطبته.

و قال ابن أبي الحديد: «و هذه الألفاظ من خطبة خطب بها عليه السلام بعد خديعة ابن العاص لأبي موسى و افتراقهما و قبل وقعة النهروان» فتراه يشير لنا بأن ما نقله الشريف هو مختصر الخطبة، و يحدد لنا الزمان الذي القيت به، و أنه قبل افتراق الحكمين«».

ثم نقل بعد ذلك عن كتاب (صفين) لنصر بن مزاحم، قال نصر: و كان علي عليه السلام لما خدع عمرو أبا موسى بالكوفة كان قد دخلها منتظرا ما يحكم الحكمان، فلما تم على ابي موسى ما تم من الحيلة غمّ ذلك عليا و ساءه، و وجم له، و خطب الناس فقال: «الحمد للَّه و إن أتى الدهر بالخطب الفادح، و الحدث الجليل...) الخطبة التي رواها الرضي رحمه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 448

اللَّه تعالى، و زاد في آخرها بعد الاستشهاد ببيت دزيد: «ألا إنّ هذين الرجلين اللذين اخترتموهما قد نبذا حكم الكتاب، و أحيياما أمات، و اتبع كل واحد منهما هواه، و حكم بغير حجة و لا بينة، و لا سنة ماضية، و اختلفا فيما حكما، فكلاهما لم يرشد اللَّه، فاستعدوا للجهاد، و تأهبوا للمسير، و أصبحوا في معسكركم»«».

و من رواة هذه الخطبة ابن قتيبة في «الإمامة و السياسة» ج 1 ص 141 و المسعودي في (مروج الذهب): ج 2 ص 412 و فيما رواه زيادة لم ينقلها الرضي.

و نقلها بعد الرضي جماعة منهم ابن الأثير في (الكامل): ج 2 ص 171 و نقل الزيادة التي رواها المسعودي. و ابن كثير في (البداية و النهاية) ج 7 ص 286 و بتر الزيادة التي رواها ابن قتيبة و المسعودي و ابن الأثير، و لم يرق له أن ينقلها نصا فعبر عنها بقوله: ثم تكلم فيما فعله الحكمان فرد عليهما ما حكما به و أنّبهما و قال ما فيه حط عليهما.

36-  و من خطبة له عليه السّلام في تخويف أهل النهروان

فأنا نذيركم أن تصبحوا صرعى بأثناء هذا النّهر، و بأهضام هذا الغائط«»، على غير بيّنة من ربّكم،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 449

و لا سلطان مبين معكم، قد طوّحت بكم الدار«»، و احتبلكم المقدار، و قد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة، فأبيتم عليّ إباء المخالفين المنابذين، حتى صرفت رأيي إلى هواكم، و أنتم معاشر أخفّاء الهام«»، سفهاء الأحلام، و لم آت-  لا أبّا لكم-  بجرا«» و لا أردت لكم ضرّا.

خطب صلوات اللَّه عليه و سلامه بهذه الخطبة يوم النهروان كما ذكر ذلك محمد بن حبيب البغدادي المتقدم على الشريف الرضي، قال: خطب علي عليه السلام الخوارج يوم النهر فقال لهم: «نحن أهل بيت النبوة، و موضع الرسالة، و مختلف الملائكة، و عنصر الرحمة، و معدن العلم و الحكمة، نحن أفق الحجاز، بنا يلحق البطي‏ء و إلينا يرجع التائب، أيها القوم إني نذير لكم أن تصبحوا صرعى بأهضام هذا الوادي...«»» إلى آخر الفصل.

و من رواة هذا الكلام قبل الرضي الزبير بن بكار في (الموفّقيات): ص 350

كما روى بعضه الطبري في (التاريخ): ج 6 ص 47

و

ابن قتيبة في (الإمامة و السياسة): ج 1 ص 147.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 450

و رواه بعد الرضي جماعة كسبط ابن الجوزي الحنفي في (تذكرة الخواص): ص 100 باختلاف يدل على أنه منقول عن غير (نهج البلاغة)

و فسر غريبه ابن الأثير في (النهاية) ج 1 ص 97: في مادة (بجر).

و في بعض ما ذكرنا كفاية و اللَّه ولي التوفيق.

37-  و من كلام له عليه السّلام يجري مجرى الخطبة

فقمت بالأمر حين فشلوا«»، و تطلّعت حين تقبّعوا«» و نطقت حين تعتعوا، و مضيت بنور اللَّه حين وقفوا، و كنت أخفضهم صوتا«»، و أعلاهم فوتا«»، فطرت بعنانها، و استبددت برهانها«»، كالجبل لا تحرّكه القواصف، و لا تزيله العواصف، لم يكن لأحد في مهمز«» و لا لقائل فيّ مغمز، الذّليل عندي عزيز حتّى‏

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 451

آخذ الحقّ له، و القويّ عندي ضعيف حتّى آخذ الحقّ منه، رضينا عن اللَّه قضاءه، و سلّمنا للَّه أمره، أ تراني أكذب على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و اللَّه لأنا أوّل من صدّقه فلا أكون أوّل من كذب عليه فنظرت في أمري فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي و إذا الميثاق في عنقي لغيري«».

قال ابن أبي الحديد: هذه فصول أربعة لا يمتزج بعضها ببعض، و كل كلام منها ينحو به أمير المؤمنين عليه السلام نحوا غير ما ينحوه بالآخر، و إنما الرضي رحمه اللَّه تعالى التقطها من كلام أمير المؤمنين عليه السلام طويل منتشر، قاله بعد وقعة النهروان، ذكر فيه حاله منذ توفي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم و إلى آخر وقت، فجعل الرضي رحمه اللَّه تعالى ما التقطه منه سردا، و صار عند السامع كأنه يقصد به مقصدا واحدا.

فالفصل الأول: و هو من أول الكلام إلى قوله: و استبددت برهانها يذكر فيه مقاماته في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أيام أحداث عثمان، و كون المهاجرين كلهم لم ينكروا و لم يواجهوا عثمان بما كان يواجهه به، و ينهاه عنه، فهذا معنى قوله: «فقمت بالأمر حين فشلوا» أي قمت بانكار المنكر حين فشل أصحاب محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم عنه، و الفشل الخور و الجبن، قال: «و نطقت حين تعتعوا» يقال: تعتع فلان أي تردد في كلامه، من عي أو حصر،-  إلى أن قال:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 452

الفصل الثاني فيه ذكر حاله عليه السلام في الخلافة بعد عثمان-  إلى أن قال-  الفصل الثالث، من قوله: «رضينا عن اللَّه قضاءه» إلى قوله: «فلا أكون أول من كذب عليه» قاله عليه السلام لما تفرس في قوم من عسكره أنهم يتهمونه فيما يخبرهم به عن النبي صلى اللَّه عليه و آله و سلم من أخبار الملاحم و الغائبات، و قد كان شك جماعة منهم في أقواله و منهم من واجهه بالشك و التهمة. ثم قال: الفصل الرابع من قوله «فنظرت في امري» إلى آخر الكلام، هذه كلمة مقطوعة من كلام يذكر فيه حاله بعد وفاة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم و أنه كان معهودا إليه أن لا ينازع في الأمر، و لا يثير فتنة، بل يطلبه بالرفق فان حصل له و إلا أمسك إلى آخر كلامه«». و لا يهمنا من كلام ابن ابي الحديد حول هذا الكلام-  و لذا أضربنا عن بعضه-  إلا أنه كان قد اطلع عليه كاملا في غير (نهج البلاغة) و لكنه لم يشر إلى المصدر، فتراه يشير إلى ما حذفه الرضي منه، و يحدد الزمان الذي قاله أمير المؤمنين فيه، و أنه بعد النهروان ثم يبين الأغراض التي قصدها عليه السلام في كلامه الطويل المنتشر-  كما يصفه ابن ابي الحديد.

-  و قد روى أصحاب كتب الزيارات و الأدعية من علماء الإمامية-  و منهم من تقدم على الرضي كالصّدوق في (الأمالي): ص 134-  بأسانيدهم عن أسيد بن صفوان انه لما كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين عليه السلام ارتج الموضع بالبكاء، و دهش الناس و جاء شيخ باك مسترجع حتى وقف على باب بيت أمير المؤمنين عليه السلام فقال: رحمك اللَّه يا أبا الحسن.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 453

كنت أول القوم إسلاما، و أخلصهم إيمانا، و أشدهم يقينا-  إلى أن قال-  فقمت بالأمر حين فشلوا، و نطقت حين تعتوا، و مضيت بنور إذ وقفوا، و كنت أخفضهم صوتا، و أعلاهم قنوتا... كنت كالجبل لا تحركه العواصف لم يكن لأحد فيك مهمز، و لا لقائل فيك مغمز... الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه، و القوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق... رضينا عن اللَّه قضاءه، و سلمنا للَّه أمره.. إلخ.

فتراه قد ضمن كلام أمير المؤمنين عليه السلام في تأبينه إياه.

38-  و من خطبة له عليه السّلام

و إنّما سمّيت الشّبهة شبهة لأنّها تشبه الحقّ، فأمّا أولياء اللَّه فضياؤهم فيها اليقين. و دليلهم سمت الهدى«»، و أمّا أعداء اللَّه فدعاؤهم فيها الضّلال و دليلهم العمى. فما ينجو من الموت من خافه و لا يعطى البقاء من أحبّه.

رواها الآمدي في (غرر الحكم): ص 98 فيما رواه من كلام أمير المؤمنين عليه السلام في حرف الألف بلفظ إنما بمغايرة بسيطة جدا تدل على أن له مصدرا آخر

و مما يجب التنبيه عليه ان ما ذكره الرضي في هذا الموضع فصلان أحدهما غير ملتئم مع الآخر، بل مبتور عنه، و إنما الرضي رحمه اللَّه تعالى كان يلتقط الكلام التقاطا، و مراده أن يأتي بفصيح كلامه عليه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 454

السلام، و ما يجري مجرى الخطابة و الكتابة فلهذا يقع في الفصل الواحد الكلام الذي لا يناسب بعضه بعضا و قد قال الرضي ذلك في خطبة الكتاب.

أما الفصل الأول فهو الكلام في الشبهة و لما ذا سميت شبهة.

و الفصل الثاني قوله لا ينجو من الموت من خافه، و لا يعطى البقاء من أحبّه و هذا كلام أجنبي عما تقدم«». و ستجد كلاما حول هذا في الخطبة (41) و هي قوله: «الوفاء توأم الصدق... إلخ».

39-  و من خطبة له عليه السّلام

منيت بمن لا يطيع إذا أمرت«»، و لا يجيب إذا دعوت، لا أبا لكم ما تنتظرون بنصركم ربّكم، أما دين يجمعكم، و لا حميّة تحمشكم«»، أقوم فيكم مستصرخا و أناديكم متغوّثا فلا تسمعون لي قولا، و لا تطيعون لي أمرا، حتّى تكشّف الأمور عن عواقب المساءة«» فما يدرك بكم ثار و لا يبلغ بكم‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 455

مرام، دعوتكم إلى نصر إخوانكم فجرجرتم جرجرة الجمل الأسرّ، و تثاقلتم تثاقل النّضو الأدبر«» ثمّ خرج إليّ منكم جنيد متذائب ضعيف، (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ)«». قال الرضي رحمه اللَّه: أقول: قوله عليه السلام «متذائب» أي مضطرب من قولهم: (تذائبت الرّيح) أي اضطرب هبوبها، و منه سمي الذئب ذئبا لاضطراب مشيته.

هذا الكلام خطب به سلام اللَّه عليه في غارة النعمان بن بشير الأنصاري على عين التمر، و كانت سنة (39)، و قد كان معاوية قال: أما من رجل أبعث معه جريدة خيل حتى يغير على شاطى‏ء الفرات، فان اللَّه يرعب بها أهل العراق فقال له النعمان: إبعثني فان لي في قتالهم نيّة و هوى-  و كان النعمان عثمانيا-  قال: فانتدب على اسم اللَّه فانتدب، و ندب معه ألفي رجل، و أوصاه أن يتجنب المدن و الجماعات، و أن لا يغير إلا على مسلحة، و أن يعجل الرجوع، فأقبل النعمان بن بشير حتى دنا من عين التمر، و بها مالك بن كعب الأرخبي، و كان مع مالك ألف رجل و قد أذن لهم فرجعوا إلى الكوفة، فلم يبق معه إلا مائة أو نحوها، فكتب مالك إلى علي عليه السلام يخبره بذلك، فلما وصل الكتاب إلى علي عليه السلام‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 456

صعد المنبر فحمد اللَّه و أثنى عليه ثم قال: «اخرجوا هداكم اللَّه إلى مالك بن كعب أخيكم فان النعمان بن بشير قد نزل به في جمع من أهل الشام ليس بالكثير، فانهضوا إلى إخوانكم لعل اللَّه يقطع بكم من الكافرين طرفا» ثم نزل فلم يخرجوا، فأرسل إلى وجوههم و كبرائهم فأمرهم أن ينهضوا و يحثوا الناس على المسير فلم يصنعوا شيئا، و اجتمع منهم نفر يسير نحو ثلثمائة فارس أو دونها فقام علي عليه السلام فقال: «ألا إني منيت بمن لا يطيع إذا أمرت، إلى آخر الكلام الذي رواه الشريف الرضي ثم نزل عليه السلام، و دخل منزله، فقام عدي بن حاتم فقال: هذا و اللَّه الخذلان على هذا بايعنا أمير المؤمنين ثم دخل عليه فقال: يا أمير المؤمنين إن معي من طي‏ء ألف رجل لا يعصوني، فان شئت أن أسير بهم سرت، قال: ما كنت لأعرض قبيلة واحدة من القبائل للناس، و لكن اخرج إلى النخيلة فعسكر بهم، و فرض عليّ لكل رجل سبعمائة، فاجتمع إليه ألف فارس عدا طيا أصحاب عدي بن حاتم و ورد الخبر على علي عليه السلام بهزيمة النعمان و نصرة مالك بن كعب. ذكر هذه القصة التي ذكرناها اجمالا ابراهيم بن هلال الثقفي المتوفى سنة (283) في كتاب «الغارات» و ذكر الخطبة التي رواها الرضي في «نهج البلاغة»«».

و روى هذه الخطبة أيضا البلاذري في ترجمة علي عليه السلام في (أنساب الأشراف): ص 404 من قوله عليه السلام «دعوتكم إلى غياث أصحابكم» إلى آخر الخطبة كما روى الطبري فقرات منها في تاريخه في حوادث سنة (39) و كل هؤلاء متقدمون في أزمانهم على الشريف الرضي.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 457

40-  و من كلام له عليه السّلام في الخوارج لمّا سمع قولهم «لا حكم إلّا للَّه»

قال عليه السّلام: كلمة حقّ يراد بها باطل، نعم إنّه لا حكم إلّا للَّه، و لكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلّا للَّه: و إنّه لا بدّ للنّاس من أمير برّ أو فاجر«» يعمل في إمرته المؤمن، و يستمتع فيها الكافر، و يبلّغ اللَّه فيها الأجل، و يجمع به الفي‏ء، و يقاتل به العدوّ، و تأمن به السّبل. و يؤخذ به للضّعيف من القويّ، حتّى يستريح به برّ، و يستراح من فاجر. (و في رواية أخرى) أنّه عليه السّلام لمّا سمع تحكيمهم قال: «حكم اللَّه أنتظر فيكم».

 

و قال: أمّا الإمرة البرّة فيعمل فيها التّقيّ، و أمّا

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 458

الإمرة الفاجرة فيتمتّع فيها الشّقيّ إلى أن ينقطع مدّته و تدركه منيّته.

لقد استفاض هذا الكلام عن أمير المؤمنين عليه السلام و جرى بين الناس مجرى الأمثال نذكر من رواته قبل الشريف الرّضي.

أ-  الامام محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة (204) في كتاب (الام) قال: بلغنا أن عليا رضي اللَّه عنه بينا هو يخطب إذ سمع تحكيما من ناحية المسجد «لا حكم إلا للَّه عز و جل»، فقال علي رضي اللَّه عنه: «كلمة حق أريد بها باطل».

ب-  محمد بن جرير الطبري في (التاريخ): ج 6 ص 41.

ج-  أبو طالب المكي في (قوت القلوب): ج 1 ص 530.

د-  ابن واضح في (التاريخ): ج 2 ص 136 كما روى قوله عليه السلام: «حكم اللَّه انتظر فيكم».

ه-  البلاذري في (أنساب الأشراف) 352 ط الأعلمي و فيه: إن عليا خرج ذات يوم يخطب فانه لفي خطبته إذ حكمت المحكمة في جوانب المسجد فقال علي: «كلمة حق يعزى بها-  أو قال-  يراد بها باطل، نعم لا حكم إلا للَّه و لكنهم يقولون لا إمرة...» إلخ، كما روى في ص 355 قوله: «حكم اللَّه انتظر فيكم» و روى في ص 361 و ص 377 بعض هذا الكلام.

و كل من ذكرنا متقدم على الرضي فلسنا بحاجة إلى تعداد من رواه بعده.

هذا و سيأتي قوله عليه السلام «كلمة حق أريد بها باطل» في باب الكلمات القصار برقم (198) و نذكر لها بعض المصادر هناك بحول اللَّه و قوته.

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 459

41-  و من كلام له عليه السّلام

إنّ الوفاء توأم الصّدق«»، و لا أعلم جنّة أوقى منه، و لا يغدر من علم كيف المرجع، و لقد أصبحنا في زمان قد اتّخذ أكثر أهله الغدر كيسا«»، و نسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة، ما لهم قاتلهم اللَّه قد يرى الحوّل القلّب«» وجه الحيلة و دونه مانع من أمر اللَّه و نهيه فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها، و ينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدّين«».

رواه ابن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول): ج 1 ص 170 كما سيأتي: الحمد للَّه و إن أتى الدهر بالخطب الفادح، و الحدث الجليل، فانه لا ينجو من الموت من خافه، و لا يعطى البقاء من أحبه، ألا و أن الوفاء توأم الصدق... إلى آخر ما ذكر الرضي بلا تفاوت.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 460

و هذا المصدر و إن كان من القسم الثالث من المصادر التي ذكرناها«» تحت عنوان (مصادر نهج البلاغة) و لكن روايته لها بهذا الشكل يشعر على أن مأخذه غير (نهج البلاغة).

هذا و ما ذكره هنا من قوله عليه السلام: «فانه لا ينجو من الموت من خافه...» إلخ، هو من الفصل الثاني من المختار (38) الذي نوهنا عنه هناك، و بهذا يتّضح أن ما اختاره الرضي هنا و ما نقله هناك كلاهما من خطبة واحدة.

و قد أخذ أبو عثمان الجاحظ قوله في (رسالة المعاش و المعاد) من هذه الخطبة فقال: «الصدق و الوفاء توأمان»«».

42-  و من كلام له عليه السّلام

أيّها النّاس، إنّ أخوف ما أخاف عليكم اثنتان: اتّباع الهوى، و طول الأمل، فأمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ، و أمّا طول الأمل فينسي الآخرة، ألا و إنّ الدّنيا قد ولّت حذّاء، فلم يبق منها إلّا صبابة«»، كصبابة الإناء اصطبّها صابّها، ألا و إنّ الآخرة قد أقبلت و لكلّ منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 461

و لا تكونوا أبناء الدّنيا، فإنّ كلّ ولد سيلحق بأمه يوم القيامة، و إنّ اليوم عمل و لا حساب و غدا حساب و لا عمل. قال الرضي رحمه اللَّه: أقول: الحذّاء السريعة، و من النّاس من يرويه «جذّاء» بالجيم و الذال المعجمة: أي انقطع درهما و خيرهما.

قد روي هذا الكلام عن أمير المؤمنين عليه السلام بطرق مختلفة، و أسانيد متعددة، و ممن رواه مسندا نصر بن مزاحم في كتاب (صفين): ص 3، و الشيخ المفيد في (المجالس) ص 50، و أبو نعيم في (حلية الأولياء): ج 1 ص 56 و المسعودي في مروج الذهب: (ج 2 ص 436)، و نحن نختار رواية نصر فنوردها هنا، لأسبقيته على الرضي، و اشتمالها على ما لا يخلو من فائدة.

قال نصر بن مزاحم التميمي قال: عمر بن سعد بن أبي الصيد الأسدي، عن الحارث بن حصيرة، عن عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكنود و غيره، قالوا: لما قدم علي بن ابي طالب من البصرة إلى الكوفة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من رجب سنة ست و ثلاثين، و قد أعز اللَّه نصره، و أظهره على عدوه، و معه أشراف الناس و أهل البصرة، استقبله أهل الكوفة

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 462

و فيهم قراؤهم و أشرافهم، فدعوا له بالبركة، و قالوا: يا أمير المؤمنين أين تنزل أ تنزل القصر فقال: لا، و لكني أنزل الرحبة، فنزلها، و أقبل حتى دخل المسجد الأعظم فصلى فيه ركعتين، ثم صعد المنبر، فحمد اللَّه و أثنى عليه و صلى على رسوله و قال: «أما بعد يا أهل الكوفة فان لكم في الإسلام فضلا ما لم تبدلوا و تغيروا، دعوتكم إلى الحق فأجبتم، و بدأتم بالمنكر فغيرتم، إلا أن فضلكم فيما بينكم و بين اللَّه فأما الأحكام و القسم فأنتم أسوة غيركم ممن أجابكم و دخل فيما دخلتم فيه، ألا إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى، و طول الأمل». و ذكر الكلام الذي ذكره الرضي بتفاوت يسير جدا و زاد عليه: «الحمد للَّه الذي نصر وليه، و خذل عدوه، و أعز الصّادق المحق، و أذل الناكث المبطل، عليكم بتقوى اللَّه، و طاعة من أطاع اللَّه من أهل بيت نبيكم الذين هم أولى بطاعتكم فيما أطاعوا اللَّه فيه من المنتحلين المدعين المقابلين الينا، يتفضلون بفضلنا، و يجاحدونا أمرنا، و ينازعونا حقنا، و يدافعونا عنه، فقد ذاقوا و بال ما اجترحوا فسوف يلقون غيا، ألا إنه قد قعد عن نصرتي رجال فأنا عليهم عاتب زار، فاهجروهم و اسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبوا، ليعرف بذلك حزب اللَّه عند الفرقة».

فقام إليه مالك بن حبيب اليربوعي-  و كان صاحب شرطته-  فقال: و اللَّه إني لأرى الهجر و اسماع المكروه لهم قليلا، و اللَّه لئن أمرتنا لنقتلنهم فقال علي: سبحان اللَّه يا مال، جزت المدى، و عدوت الحد، و أغرقت في النزع فقال: يا أمير المؤمنين:

         لبعض الغشم أبلغ في امور            تنوبك من مهادنة الأعادي‏

 

 

فقال علي عليه السلام: ليس هكذا قضى اللَّه يا مال، قال اللَّه سبحانه‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 463

( النَّفْسَ بِالنَّفْسِ المائدة: 33) فما بال ذكر الغشم، و قال: ( وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا، الأسراء: 17) و الاسراف في القتل أن تقتل غير قاتلك، و قد نهى اللَّه عنه، و ذلك هو الغشم.

فقام إليه أبو بردة بن عوف الأزدي-  و كان ممن تخلف عنه-  فقال: يا أمير المؤمنين، أرأيت القتلى حول عائشة و الزبير و طلحة بم قتلوا قال: قتلوا شيعتي و عمالي و قتلوا أخا ربيعة العبدي رحمة اللَّه عليه في عصابة من المسلمين، قالوا: لا ننكث كما نكثتم و لا نغدر كما غدرتم، فوثبوا عليهم فقتلوهم، فسألتهم أن يدفعوا إلى قتلة إخواني أقتلهم بهم، ثم كتاب اللَّه حكم بيني و بينهم، فأبوا علي فقاتلوني و في أعناقهم بيعتي، و دماء قريب من ألف رجل من شيعتي، فقتلتهم بهم، أفي شكّ أنت من ذلك قال: قد كنت في شك، فأما الآن فقد عرفت، و استبان لي خطأ القوم، و إنك أنت المهدي المصيب. قال نصر: و كان أشياخ الحي يذكرون: أنه كان عثمانيا و قد شهد على ذلك صفين مع علي عليه السلام، و لكنه بعد ما رجع كان يكاتب معاوية، فلما ظهر معاوية أقطعه قطيعة بالفلوجة، و كان عليه كريما«».

43-  و من كلام له عليه السّلام

و قد أشار عليه أصحابه بالاستعداد للحرب بعد إرساله جرير بن عبد اللَّه البجليّ إلى معاوية إنّ استعدادي لحرب أهل الشّام و جرير عندهم‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 464

إغلاق للشّام و صرف لأهله عن خير إن أرادوه، و لكن قد وقتّ لجرير وقتا لا يقيم بعده إلا مخدوعا أو عاصيا، و الرّأي عندي مع الأناة، فأردوا و لا أكره لكم الإعداد«».

 

و لقد ضربت أنف هذا الأمر و عينه«». و قلّبت ظهره و بطنه فلم أر لي إلّا القتال أو الكفر، إنّه قد كان على النّاس وال أحدث أحداثا و أوجد للنّاس مقالا فقالوا ثم نقموا فغيّروا.

كان جرير بن عبد اللَّه البجلي عثماني الهوى، أموي الرأي، لأنه كان عاملا لعثمان على همدان فعزله أمير المؤمنين عليه السلام بعد واقعة الجمل فوجد لذلك، و جاء جرير إلى الكوفة و بايع أمير المؤمنين بيده و في قلبه ما فيه، و دخل فيما دخل فيه الناس فلما أراد أمير المؤمنين أن يبعث رسولا إلى معاوية يدعوه إلى طاعته، قال جرير: إبعثني يا أمير المؤمنين إلى معاوية فانه لم يزل مستنصحا و ودا، فآتيه فادعوه على أن يسلم لك الأمر، على أن‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 465

يكون أميرا من امرائك، و عاملا من عمالك، و أدعوا أهل الشام إلى طاعتك و ولايتك، و جلهم قومي و أهل بلادي.

و كان مالك الأشتر على علم بهوى جرير فقال: يا أمير المؤمنين لا تبعثه و دعه و لا تصدقه، فو اللَّه إني لأظن ظن أن هواه هواهم، و نيته نيتهم، فقال عليه السلام: دعه، ننظر ما يرجع به إلينا.

و كان علي عليه السلام يعلم كل العلم ميل جرير و نواياه، و لكن حاجة في نفسه، مضافا إلى أن جريرا كان جادا في القضية ليكسب بذلك حسن الأحدوثة بين الناس، و رضى أمير المؤمنين، و التقرب إلى معاوية، و محمدة أهل الشام بذلك كمن أصاب عدة عصافير بحجر واحد. و سيره أمير المؤمنين عليه السلام إلى الشام مصحوبا بكتاب منه إلى معاوية-  و سيأتي هذا الكتاب في جملة مختارات (نهج البلاغة) في باب الكتب برقم (6)-  مزودا بوصاياه و نصائحه، و كان من جملة ما قال له: ائت معاوية بكتابي فان دخل فيما دخل فيه المسلمون أعلمه أني لا أرضى به أميرا، و إن العامة لا ترضى به خليفة.

و جرت هناك قضايا، و كثرت خطب، و طال كلام، و استبطأ علي عليه السلام جريرا فطلب إليه أصحابه أن يستعد لحرب أهل الشام، فأجابهم عليه السلام بكلام ذكر مختاره الشريف الرضي في هذا الموضع، و معناه: أنه أرسل جريرا ليخابر معاوية و أهل الشام في البيعة، و الدخول في طاعته، و لم ينقطع الأمل، فاستعداده للحرب، و جمعه الجيوش، و سوقها إلى أرضهم، إغلاق لابواب السلم على أهل الشام و صرف لهم عن الخير إن كانوا يريدونه، فالرأي الأناة، و لكنه لا يكره الاعداد أي: أن يعد كل شخص لنفسه ما يحتاج اليه في الحرب من سلاح و نحوه.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 466

و لم يفلح جرير في وفادته، و عاد إلى الكوفة، ثم خرج منها إلى قرقيسيا مغاضبا لأمير المؤمنين عليه السلام، معتزلا له، و تبعه على ذلك جماعة من قومه، و بلغ من نصبه لأمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه أنه رأى ضبا فتبعه يعدو خلفه و يقول: أبا حسل هلم لأبايعك فان بيعتك أولى من بيعة علي بن أبي طالب، و بلغ أمير المؤمنين عليه السلام فتلا ( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ، الأسراء: 81) ثم أخبر أنه يحشر و امامه ضب نعوذ باللَّه من اتباع الهوى، و نستجير به من سوء الخاتمة.

و ما ذكره الشريف الرضي من كلامه عليه السلام هنا يشتمل على فصلين: الأول-  حب أمير المؤمنين عليه السلام للاصلاح، و حرصه على جمع الكلمة، و المبالغة في الأعذار للخصوم، و هذا معلوم من سيرته سلام اللَّه عليه في كل مواقفه.

(الثاني) قوله عليه السلام: ضربت أنف هذا الأمر و عينه.. إلخ قد ورد عنه عليه السلام عين هذه الألفاظ في كلام رواه نصر بن مزاحم قال: خرج رجل من أهل الشام فنادى بين الصفين يا أبا الحسن يا علي ابرز إلي، فخرج إليه علي عليه السلام حتى اختلفت أعناق دابتيهما بين الصفين، فقال: إن لك يا علي لقدما في الإسلام و الهجرة فهل لك في أمر أعرضه عليك يكون فيه حقن الدماء و تأخر هذه الحروب حتى ترى رأيك قال: و ما هو قال: ترجع إلى عراقك فنخلي بينك و بين العراق، و نرجع نحن إلى شامنا فتخلي بيننا و بين الشام. فقال علي عليه السلام: قد عرفت ما عرضت إن هذه لنصيحة و شفقة، و لقد أهمني هذا الأمر و اسهرني، و ضربت أنفه و عينه فلم أجد إلا القتال أو الكفر بما أنزل اللَّه على محمد، إن اللَّه تعالى ذكره لم يرض من أوليائه أن يعصى في الأرض و هم سكوت‏

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 467

مذعنون لا يأمرون بمعروف، و لا ينهون عن منكر فوجدت القتال آهون علي من معالجة الإغلال في جهنم، قال: فرجع الرجل و هو يسترجع«». و سيأتي في الخطبة: (53) مثل هذا الكلام، كما روى مثله الخطيب الخوارزمي في «المناقب» ص 108 بسنده إلى سالم بن أبي حفصة عن مازن العابدي عنه عليه السلام فتأمل. كما ورد عنه عليه السلام في هذا المعنى شي‏ء ير و أنه إنما يقاتل على بصيرة من أمره، و بعهد من ابن عمه، و إن جميع ما يجري من أقواله و أفعاله إنما هو على تأويل القرآن-  كما قال عمار بن ياسر رحمه اللَّه يوم صفين- .

أما قوله عليه السلام: «قد كان على الناس و ال أحدث احداثا و أوجد للناس مقالا فقالوا ثم غيروا» فهذا ما وقع بالفعل لمن ولي قبله الناس سواء قاله علي أم لم يقله ثم لا يستكثر على أمير البيان أن يصف الواقع ببضع كلمات عليها مسحة من البلاغة. على أني عثرت على شي‏ء كثير قاله عليه السلام في هذا المعنى أذكر منه ما رواه نصر بن مزاحم في كتاب (صفين): ص 20 من جملة رسالة له إلى معاوية «ثم ولي أمر الناس بفعل أشياء عابها الناس عليه، فسار إليه ناس فقتلوه» فالغرض أن صدور مثل هذا الكلام من أمير المؤمنين عليه السلام ممكن فعلى م يتهم الرضي إذا رواه أما مصادر هذا الكلام فقد عثرت منها على مصدرين قبل (نهج البلاغة).

الأول: كتاب (صفين) لابن مزاحم فانه روى من هذا الكلام في ص 55 من طريق صالح بن صدقة قوله عليه السلام: «وقت لرسولي وقتا لا يقيم بعده إلا مخدوعا أو عاصيا».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 468

الثاني: (الامامة و السياسة) لابن قتيبة: ج 1 ص 94 ففيه ما رواه الرضي بتفاوت في بعض الكلمات

مضافا إلى أن قوله عليه السلام «ضربت أنف الأمر و عينه» إلخ فانه عليه السلام كان يردده كثيرا إما بلفظه أو بمعناه. نذكر من رواته ابن عبد ربه في (العقد الفريد): 2-  108

هذا و سيأتي إجمال قصة ذهاب جرير إلى معاوية عند الكلام على مصادر الكتاب رقم (6) في الباب الثالث من أبواب (نهج البلاغة) إن شاء اللَّه تعالى

44-  و من كلام له عليه السّلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية

و كان قد ابتاع سبي بني ناجية من عامل أمير المؤمنين عليه السلام و أعتقه فلما طالبه بالمال خاس«» به و هرب إلى الشام: قبّح اللَّه مصقلة«»، فعل فعل السّادات و فرّ فرار العبيد. فما أنطق مادحه حتّى أسكته، و لا صدّق واصفه حتّى بكّته«»، و لو أقام لأخذنا ميسوره،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 469

و انتظرنا بماله وفوره«».

كان الخرّيت بن راشد الناجي-  أحد بني ناجية-  مع أمير المؤمنين عليه السلام في صفين، ثم نقض عهده بعد صفين، و نقم عليه في التحكيم، و خرج يفسد الناس، و يدعوهم للخلاف«»، و انضم إليه جماعة من قومه و كانوا نصارى فنقضوا عهدهم. و أخلوا بشروط عقد الذمة، و ارتد بنو ناجية عن الإسلام، و عاثوا في الأرض فسادا، فبعث إليهم أمير المؤمنين عليه السلام كتيبة مع معقل بن قيس الرياحي، لقتاله هو و من أنضم إليه، فأدركته الكتيبة بسيف البحر بفارس، و بعد دعوتهم إلى التوبة، و إبائهم قبولها شدّ عليهم، فقتل الخرّيت و قتل معه كثيرا من قومه، و سبى من أدرك في رحالهم من الرجال و النساء و الصبيان، فكانوا خمسمائة أسير، و لما رجع معقل بالسبي مرّ على مصقلة بن هبيرة الشيباني-  و كان عاملا لعلي عليه السلام على أردشير-  خرج فبكى إليه النساء و الصبيان، و تصايح الرجال يستغيثون في فكاكهم، فاشتراهم من معقل بخمسمائة ألف درهم، ثم أعتقهم، و أدى ثلث ثمنهم، و أشهد بالباقي على نفسه، ثم امتنع من أداء ذلك، و لما ثقلت عليه المطالبة بالحق لحق بمعاوية فرارا تحت أستار الليل، فقال علي عليه السلام: قبح اللَّه مصقلة فعل فعل السادة، وفر فرار العبيد... إلخ.

و قد تضمنت كتب السير قصة بني ناجية هذه، و كلام أمير المؤمنين هذا قبل أن تلد الرضي أمه. منهم أبو جعفر الطبري في التاريخ«». و إبراهيم‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 470

ابن هلال الثقفي في كتاب «الغارات»«». و البلاذري في «أنساب الأشراف» ص 411-  417 ط: الأعلمي

كما رواه بعد الرضي جماعة منهم ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ج 55 عند ما ترجم لمصقلة بن هبيرة

و قال المسعودي:-  بعد أن ذكر كلام علي عليه السلام في شأن مصقلة-  و في ذلك يقول مصقلة بن هبيرة من أبيات:

         تركت نساء الحيّ بكر بن وائل            و أعتقت سبيا من لؤي بن غالب‏

         و فارقت خير الناس بعد محمد

            لمال قليل-  لا محالة-  ذاهب«»

 

 

و ذكر أبو الفرج الأصبهاني (ما حاصله) أن علي بن الجهم-  و هو من بني ناجية-  كان منحرفا عن آل ابي طالب، يذمهم، و يغري بهم، و يهجو شيعتهم، و فيه يقول البحتري:

         علا م هجوت مجتهدا عليا            بما لفّقت من كذب و زور

         أمالك في استك الوجعاء شغل‏

            يكفك عن أذى أهل القبور

 

 

قال: و سمعه أبو العيناء«» يطعن على علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه فقال: أنا أدري لم تطعن على أمير المؤمنين، فقال: أتعني قصة بيعة أهلي من مصقله بن هبيرة قال: لأنت أوضع ذلك، و لكن لأنه قتل الفاعل فعل قوم لوط و المفعول به و أنت أسفلهما«».

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 471

فهرس الاعلام

(أ)

الآبي: 331.

آدم عليه السلام: 306-  308.

آصف علي فيضي: 53.

آغا بزرك الطهراني: 36، 37، 73، 79، 95، 97، 126، 206، 207، 215، 227، 238، 246، 252، 255، 257.

الآمدي (عبد الواحد بن محمد): 87، 94، 227، 320، 453.

ابراهيم عليه السلام: 186.

ابراهيم الجيلاني: 341.

ابراهيم بن الحسين الدنبلي: 269.

ابراهيم بن الحكم الفزاري: 73، 74.

ابراهيم بن الزاهد الكيلاني: 258.

ابراهيم بن سعد الحمويني الحمويني

ابراهيم بن سليمان الخّزاز: 81.

ابراهيم بن شهاب الدين الحصفكي: 93.

ابراهيم بن عبد اللّه بن الحسن: 83.

ابراهيم عبد الهادي غفوري: 85.

ابراهيم القطيفي: 249، 330.

ابراهيم بن محمد البيهقي البيهقي

ابراهيم بن محمد حسين البروجردي: 276.

ابراهيم النيسابوري: 216.

ابراهيم بن هلال الثقفي ابن هلال الثقفي.

ابراهيم بن هلال الحراني ابو إسحاق الصابي.

ابن الأبرز: 215.

ابن الأثير (علي بن أبي الكرم):

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 472

42، 71، 137، 143، 335، 373، 397، 450.

ابن الاثير (محمد بن محمد بن عبد الكريم): 351.

ابن الأخوة: 227.

ابن أذينة: 381، 382.

ابن إسحاق: 41، 75، 143، 429.

ابن الأشعث: 381.

ابن أعثم الكوفي: 56، 355.

ابن الاعرابي: 60.

ابن بابويه القميّ الصدوق.

ابن أبي بعرة: 41.

ابن جرير الطبري

ابن الجوزي: 43، 87، 88، 95.

ابن الحجاج: 167.

ابن حجر العسقلاني: 110، 230، 339، 425.

ابن الحداد الحنبلي: 152.

ابن أبي الحديد (عبد الحميد): 60، 64، 95، 105، 106، 110، 157، 240، 247، 251، 259، 260، 329، 333، 337-  339، 345، 348، 355، 362، 365، 369-  378، 415، 429، 443، 447، 451، 452.

ابن حماد: 167.

ابن حنبل أحمد بن حنبل.

ابن الحنفية محمد بن الحنفية.

ابن خلدون: 40، 179.

ابن خلكان: 38، 53، 95، 119-  121، 131، 430، 470.

ابن دأب: 57.

ابن دريد: 40، 48، 58، 78.

ابن ديزيل: 55.

ابن الرومي: 167.

ابن زهرة الحسيني: 212.

ابن أبي زينب: 56.

ابن السائب محمد بن السائب الكلبي.

ابن سعد (كاتب الواقدي): 55.

ابن سكرة: 120.

ابن السكيت: 373.

ابن سنجر: 231.

ابن سيرين: 107.

ابن شاكر الواسطي: 313.

ابن شاه مردان: 42.

ابن الشجري: 227.

ابن شعبة الحراني: 51، 254،

 

 مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 473

341، 421.

ابن شهر آشوب: 66، 91، 212، 223، 224، 226، 230، 232.

ابن الصباغ المالكي: 78، 239.

ابن الصغير: 200.

ابن طاوس (علي بن موسى بن جعفر): 70، 84، 241، 378، 408.

ابن طلحة الشافعي: 320.

ابن عباس: 46، 83، 145، 148-  150، 161، 209، 325، 326، 330، 332-  338، 368، 430، 431، 437، 439، 440.

ابن عبد ربه المالكي: 55، 71، 183، 329، 363، 374، 421، 468.

ابن عساكر: 396، 470.

ابن العلقمي: 230، 232، 240.

ابن عمر: 140، 141.

ابن العنقا: 245، 246.

ابن العميد: 294.

ابن الفرات: 332.

ابن فضّال (علي بن الحسن): 168.

ابن الفقيه الهمداني: 50.

ابن فهد الحلّي: 96، 97، 248.

ابن الفوطي: 232.

ابن قبة: 50، 327، 328، 332.

ابن قتيبة: 49، 55، 56، 58، 337، 338، 363، 367، 377، 415، 421، 443، 447، 449، 468.

ابن قيس الرقيّات: 163.

ابن كثير: 448.

ابن الكلبي: 52.

ابن ابي ليلى القاضي: 382.

ابن المديني: 88.

ابن مردويه: 143، 332.

ابن مسعود: 46، 135.

ابن مظاهر: 216.

ابن ابي المعالي: 215.

ابن المعتز: 50، 340.

ابن المعلم الواسطي: 431.

ابن المقفع: 63، 133.

ابن مقلة: 38.

ابن ملجم (لعنه اللّه): 385.

ابن منظور: 335.

ابن منهال: 85.

ابن منير الطرابلسي: 167.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 474

ابن المهلوس: 328.

ابن ميثم البحراني: 189، 206، 242-  244، 246، 247، 259، 328، 334، 336، 345، 356، 363.

ابن ناقة: 286.

ابن نباتة المصري: 63، 67، 416.

ابن النديم: 39، 50، 59، 75.

ابن النفيس الأنباري:

ابن واضح اليعقوبي

ابن هلال الثقفي: 56، 80، 337، 415، 456، 470.

ابن يوسف: 250، 261.

أبو أحمد العسكري: 51، 329.

أبو أحمد الموسوي (والد الرضي): 333.

أبو إسحاق الصابي: 294.

أبو الأسود الدئلي: 160.

أبو الأغر محمد بن همام البغدادي

أبو أيوب الأنصاري: 146، 402.

أبو بردة ابن عوف الأزدي: 463.

أبو بكر بن أبي قحافة: 141، 176، 181، 182، 321، 322، 336، 337، 385.

أبو تمام الطائي: 165.

أبو جحيفة: 60.

أبو جعفر الاسكافي: 57، 59، 143.

أبو حاتم: 58.

أبو حاتم الرازي: 343، 436.

ابو الحسن الأصفهاني (السيد): 315.

ابو الحسن السوسنجردي: 328.

ابو الحسن النوري: 213.

ابو حمزة الثمالي: 396.

ابو حنيفة الدينوري: 47.

أبو حنيفة القاضي النعمان المصري.

ابو حيان التوحيدي: 54، 224.

ابو داود (المحدّث): 343.

أبو ذر الغفاري: 152.

أبو الرضا الراوندي: 223، 224.

ابو زرعة (المحدّث): 343.

أبو السعادات الاصبهاني أسعد بن عبد القادر الأصبهاني

أبو سعيد التميمي عقيصا

أبو سفيان بن حرب: 346، 347.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 475

أبو سهل النوبختي: 328.

أبو طالب بن عبد المطلب: 142.

أبو طالب المكّي: 57، 458.

أبو الطفيل (عامر بن واثلة): 148.

أبو العباس الضبي: 167.

أبو عبيد (القاسم بن سلام): 56، 60، 349.

أبو عبيدة بن مسعود الثقفي: 80.

أبو عبيدة بن الجراح: 182، 336.

أبو عبيدة (معمر بن المثنى): 372-  374.

أبو العلاء المعرّي: 281.

أبو علي الجبائي: 328، 329.

أبو عمرو الانصاري: 400.

أبو العيناء: 470.

أبو فراس الحمداني: 167.

أبو الفرج الاصبهاني: 447، 470.

أبو الفرج بن الجوزي ابن الجوزي

أبو الفضائل احمد بن طاوس

أبو الفضل التيمي: 167.

أبو الفضل الصنوبري: 167.

أبو القاسم البلخي: 327، 328، 333، 334.

أبو القاسم الخوئي (السيد): 268.

أبو القاسم الدعبلي: 332.

أبو القاسم الزاهي: 167.

أبو القاسم الكعبي: 332.

أبو كرب: 403.

أبو لهب: 142.

ابو مخنف: 52، 71، 234.

أبو مسلم الخراساني: 173.

أبو موسى الأشعري: 447.

ابو نعيم الاصبهاني: 52، 143، 146.

أبو نؤاس: 302، 416.

أبو هلال العسكري: 50.

أبو الهيثم بن التّيهان: 155.

إحسان عباس: 298.

احمد بن ابراهيم الطباطبائي: 248.

احمد بن ابراهيم الهمداني ابن الفقيه

احمد بن ابي طالب الطبرسي

أحمد أمين المصري: 50، 177.

أحمد باشا الجزّار: 44.

احمد بن الحسن الجرموزي: 255.

احمد بن الحسن الناوندي:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 476

248.

أحمد بن الحسين المتنبي

احمد بن حنبل: 143، 146، 239.

أحمد بن خالد البرقي البرقي

احمد بن داود أبو حنيفة الدينوري

أحمد زكي (شيخ العروبة): 239.

أحمد زكي صفوت: 439.

أحمد بن شعيب النسائي أحمد الصقر: 49، 50، 58.

أحمد بن أبي طاهر: 78.

أحمد بن طاوس: 237.

أحمد بن عبد ربه المالكي ابن عبد ربه

احمد بن عبد العزيز الجوهري: 54، 234.

أحمد بن علي اكبر المراغي: 266.

أحمد بن علي الشافعي الخطيب البغدادي

أحمد بن فهد الحلّي ابن فهد

أحمد الكاشاني: 258.

أحمد بن محمد بن اسحاق الجيهاني ابن الفقيه

أحمد بن محمد الطبري الخليلي

أحمد بن محمد العبدي الهروي

أحمد بن محمد القمولي القمولي

أحمد بن محمد اللخمي: 57.

أحمد بن منير الطرابلسي ابن منير الطرابلسي

أحمد بن مهران الكوفي السكوني

أحمد بن نعمة اللّه الخاتوني: 216.

أحمد الوائلي (الدكتور): 28، 32.

أحمد الواعظي: 276.

أحمد بن يحيى بن أحمد-  ابن ناقة

أحمد بن يحيى البغدادي البلاذري

أحمد بن يحيى النحوي ثعلب

أحمد بن أبي يعقوب بن واضح اليعقوبي

أديب التقي البغدادي: 25.

أسد حيدر: 35، 235.

أسعد بن عبد القادر الاصفهاني: 86.

الاسكافي ابو جعفر الاسكافي

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 477

اسماعيل بن حماد الجوهري الجوهري

إسماعيل الصّفوي (السلطان): 249.

إسماعيل علي يوسف: 104.

إسماعيل بن القاسم البغدادي القالي

إسماعيل بن محمد الحميري السيد الحميري

إسماعيل بن موسى بن جعفر عليه السلام: 51.

إسماعيل بن مهران الكوفي السكوني

الأشعث بن قيس الكندي: 182، 386، 387.

الأصبغ بن نباته المجاشعي: 67.

الأصمعي: 355.

أعثم الكوفي ابن اعثم الكوفي

إعجاز حسين البدايوني الهندي: 278.

الأعشى (ميمون بن قيس): 322، 416.

أفصح الدين: 248.

الأفندي (صاحب الرياض): 97، 245.

الأقرع بن حابس: 339.

الإلهي: 249.

امتياز علي عرشي: 35، 279.

أم سلمة (أم المؤمنين): 147، 151، 152.

أم فروة بنت أبي قحافة: 385.

أم هاني بنت أبي طالب: 83.

امرؤ القيس الكندي: 416.

اميه بن أبي الصلت: 177.

أمين الرعايا الخوئي: 269.

أمين الريحاني: 281.

أمين نخلة: 110، 280.

أنس بن مالك: 145، 146، 149-  151، 153.

أولاد حسن الأمروهي الهندي: 270.

(ب)

باقر عبد الغني (الدكتور): 20-  22.

الباقلاني: 49، 421.

البخاري: 135، 163، 343.

البحتري: 416.

البرقي: 58، 168.

بسر بن أبي أرطاة: 402-  405.

بكّار بن هلال العامري: 400.

البلاذري: 50، 338، 423، 443، 456، 458، 470.

بنت السيد المرتضى: 227.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 478

بهاء الدولة البويهي: 38.

البيهقي (ابراهيم بن محمد): 58، 143، 222، 226.

(ت)

الترمذي: 163.

التفتازاني: 247.

التنوخي: 57، 167.

توفيق الفكيكي: 15، 17.

(ث)

ثروت منصور هيكل: 103.

الثعالبي: 80.

ثعلب النحوي: 57، 60.

الثعلبي: 143.

(ج)

جابر بن عبد اللّه الانصاري: 46، 403.

الجاحظ: 51، 53، 54، 57-  59، 68، 78، 91، 96، 233، 373، 435، 460.

الجامي: 79.

جن جاك روسو: 180.

جانكيز خان القشقائي: 270.

جبران خليل جبران: 440.

جرير بن عبد اللّه البجلي: 463-  466.

الجرهجر جرائي: 86.

جعدة بنت الاشعث بن قيس: 385.

جعفر الخليلي: 275.

جعفر الدرويستي: 212، 225، 227.

جعفر الصادق عليه السلام: 60، 70، 71، 129، 254، 341، 373، 374، 381، 388، 429.

جعفر صادق العابد البلداوي: 342.

جمال الدين الشيال (الدكتور): 48.

جمال الدين الوراميني: 237.

جميل العظم: 85.

جناب بن عبد اللّه: 423.

جندب بن عبد اللّه الازدي: 424.

جنكيزخان: 192.

جواد الطارمي الزنجاني: 269.

جواد فاضل: 277.

جواد بن مصطفى القزويني: 264.

جواد المصطفوي الخراساني:

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 479

279.

جورج جرداق: 285.

الجوزجاني: 343.

الجوهري أحمد بن عبد العزيز الجوهري

الجوهري (اسماعيل بن حماد: 350.

الجهشياري: 59.

الجيهاني: 50.

(ح)

الحارث بن حصيرة: 461.

الحارث بن عبد اللّه الاعور الهمداني: 61.

الحاكم (الخليفة الفاطمي): 41، 86.

حبيب اللّه الكاشاني: 271.

حبيب اللّه بن محمد الخوئي: 268.

حبيب بن مظاهر الاسدي: 252.

الحجاج بن يوسف الثقفي: 57، 192.

حجر بن عدي الكندي: 156.

حسان بن ثابت الأنصاري: 159.

حسان بن حسان البكري: 414.

الحسن بن أحمد بن يعقوب القاري: 222، 225.

الحسن البصري: 110.

حسن جلّو الخطيب: 275.

حسن الخرسان: 58.

الحسن بن سليمان الحلّي: 70.

الحسن الصدر: 87، 88.

الحسن بن عبد اللّه العسكري أبو أحمد العسكري

الحسن بن علي ابن الأبرز

الحسن بن علي بن أحمد الماهابادي:

الحسن بن علي الحراني ابن شعبة

الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام: 41، 97، 112، 155، 324، 350، 352، 353، 373.

الحسن بن علي المغربي ابن الأبرز

الحسن بن محمود الصرّاد: 378.

الحسن بن محمد الراوندي: 212.

الحسن بن محمد السبزواري: 267.

الحسن بن محمد الصغاني: 245.

حسن بن محمد اللواساني: 272.

الحسن بن المطهر الجرموزي:

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 480

255.

حسن ملاتاجا: 256.

الحسين بن ابراهيم القزويني: 263.

الحسين الاسترابادي: 216.

الحسين الاصغر بن علي بن الحسين عليه السلام: 272.

حسين البروجردي (السيد): 234، 243.

حسين بستاني: 35، 278.

حسين البلادي: 245.

حسين الترك: 269.

الحسين بن الحجاج: 167.

حسين الخونساري: 216.

حسين بن سعيد الأهوازي: 51، 54.

حسين بن شهاب الدين العاملي التركي: 252.

حسين الصفوي (السلطان): 93، 94.

الحسين بن عبد الحق الإلهي

الحسين بن عبد الصمد العاملي: 216.

الحسين بن عبد اللّه الأوالي: 262.

حسين (عرب باغي): 276.

حسين بن علي البختياري: 265.

الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام: 41، 97، 155، 324.

حسين علي محفوظ (الدكتور): 94، 215.

حسين بن محمد البارباري: 262.

الحسين بن محمد الحسيني: 213.

الحسين بن مساعد الحسيني: 246.

حسين النوري: 82، 86، 100، 101، 221، 222، 226، 228، 250، 255، 259.

حسين اليماني المكي: 275.

الحرث بن سريع: 366.

الحفّار: 332.

الحكم بن ظهير الفزاري: 73، 74.

الحكم بن عيينة: 359.

الحكم بن مسكين المكفوف:

الحكم بن الناصر الأموي: 39.

الحكيم الترمذي: 343.

حكيم بن جبلة العبدي: 354.

الحلبي: 143.

حماد بن سلمة: 110.

حمزة بن عبد المطلب: 142.

الحمويني: 145، 150.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 481

حميد بن زياد: 81.

حميد مجيد هدّو: 260.

الحميدي (المحدّث): 84.

الحميري السيد الحميري

الحميري عبد اللّه بن جعفر القمي

حويطب بن عبد العزى: 402.

حيدر علي الألماسي: 262.

حيدر قلي بن بنت نور محمد خان الكابلي (الوزير): 270.

(خ)

خالد بن طليق: 378.

خالد بن معدان: 149.

خالد بن الوليد: 182.

خالد بن أبي الهياج: 41.

الخريت بن راشد الناجي: 469.

خزيمة بن ثابت الانصاري: 156، 157.

الخطيب البغدادي: 162، 331.

الخطيب الخوارزمي: 78، 147، 148، 153، 167.

خلف بن عبد المطلب الحويزي: 289.

خليفة: 238.

الخليل بن أحمد الفراهيدي: 40.

خليل أيبك الشافعي الصفدي

خليل بن أبي طالب الكمره‏اى: 273.

خليل الطالقاني: 258.

خوارزم شاه الهندي: 90.

الخوارزمي الخطيب الخوارزمي

خيران بن عبد اللّه: 354.

خيرة (مولاة أم سلمة): 110.

(د)

داود الجلبي: 213.

درويش أشرف: 79.

دريد بن الصمة: 447، 448.

دعبل الخزاعي: 164، 165، 332.

الديلمي: 148.

(ذ)

ذاكر حسين الدهلوي: 276.

الذهبي: 121، 343، 436.

ذو الشهادتين خزيمة بن ثابت الانصاري

ذو الفقار بن معد الحسيني: 212.

(ر)

الرازي (المفسر): 50، 89، 90، 94، 230، 314،

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 482

315.

راضي الحائري: 291.

راضي آل يس: 291.

الرضي الشريف الرضي

رفيع الدين التبريزي: 266.

رياض حمزة شير علي: 239.

(ز)

زاهد الفاروق: 63.

الزبيدي: 55.

الزبير بن بكار: 59، 160، 430، 449.

الزبير بن العوام: 347، 349، 350، 356، 429-  431، 463.

الزجاجي: 49.

زرارة: 332.

زكي مبارك (الدكتور): 33، 105، 109، 172، 219، 294، 297.

الزمخشري: 351، 359، 396.

زهير بن الأرقم: 400.

زهير بن أبي سلمى: 416.

زياد بن أبيه: 209.

زياد بن لبيب البياضي: 385.

زيد بن ثابت: 136.

زيد بن علي بن الحسين عليه السلام: 83.

زيد بن محمد البيهقي: 225.

زيد بن وهب الجهني: 66، 69.

زين العابدين بن القاسم الطباطبائي: 93، 99.

(س)

السائب بن أبي حبيش الكلبي: 137.

السائب بن بشير الكلبي: 77.

سابور بن أردشير: 38، 43.

سالم بن أبي حفصة: 467.

سامي مكي العاني (الدكتور): 59.

سبط بن التعاويذي: 167.

سبط بن الجوزي: 62، 68، 239، 334، 348، 447.

سحبان وائل: 172.

سحيم الحمداني: 354.

السدي الصغير: 74.

السدي الكبير: 74.

سعد بن مسعود: 80.

سعد بن أبي وقاص: 323.

سعيد بن عثمان: 172.

سعيد بن قيس الهمداني: 156.

سعيد بن منصور الآبي الآبي‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 483

سعيد بن نمران: 397، 401، 403.

سعيد بن يحيى الأموي: 59.

سفيان بن عيينة: 396.

سفيان بن مصعب العبدي: 167.

السكوني: 72.

سلطان بن محمد خوشنويس: 98.

سلطان بن محمود الطبسي: 238.

سلمان الفارسي: 146، 152، 167.

سليمان بن الاشعب السجستاني: سليمان البحراني: 242، 243.

سليم بن قيس الهلالي: 57.

السماهيجي: 99.

سهل بن سعد الساعدي: 136.

سهل بن محمد السجستاني أبو حاتم

السوسنجردي: 328.

السيد الحميري: 164.

(ش)

شاكر الغرباوي (المحامي): 437.

شرف الدين عبد الحسين شرف الدين

شريح القاضي: 67، 112، 408.

الشريف الرضي (تكرر اسمه الشريف بالكتاب و نذكر أهم مواضعه): 13، 24، 25، 37، 46، 59، 66، 105، 106، 114، 116، 122، 124، 128، 208، 210، 212، 219، 222، 274، 286، 292-  298، 315، 319، 320، 326، 327، 348، 389، 419،

الشريف المرتضى: 37، 94، 109، 164، 167، 206، 226، 341.

الشعبي (عامر): 54.

شعيب بن صفوان: 435، 436.

الشلمغاني: 169.

شمر بن ذي الجوشن (لعنه اللّه): 198.

شمس الدين بن محمد مرط الخطيب: 261.

شمس بن محمد بن مراد: 238.

شهاب الدين النجفي (السيد المرعشي): 341.

الشهيد الثاني: 216.

شيخ الطائفة الطوسي

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 484

مشير محمد الهمداني: 127.

(ص)

الصادق جعفر بن محمد عليه السلام

الصاحب بن عبّاد: 41، 73، 166، 331.

صالح بن احمد الأنصاري: 214.

صالح الحلّي الخطيب: 275.

صالح بن حمادي الرازي: 77.

صالح بن صدقة: 467.

صالح بن عبد الكريم: 216.

صدر الدين بن محمد باقر الموسوي الدزفولي: 264.

الصّدوق: 49، 51، 53، 55، 73، 74، 329، 452، 490.

صديق الملك محمد الريس

صفاء خلوصي (الدكتور): 232، 234.

الصفار (محمد بن الحسن): 50، 384.

الصفدي: 121، 230، 288.

صفي الدين بن اسحاق (جد الصفويين): 258.

صفي الدين الحلي: 340.

صفي الدين (عيسى القاضي): 216.

صلاح الدين الأيوبي: 40، 230.

صلاح الدين المنجّد: 90.

(ض)

الضحّاك بن قيس الفهري: 425، 426.

ضرار بن ضمر الضبائي: 60، 68.

ضياء الدين المقدسي: 143.

ضياء الدين يوسف ابن يوسف

(ط)

طارق بن شهاب: 350.

طالب حيدر: 239.

طه حسين (الدكتور): 177.

طاهر ابو رغيف: 18، 19.

طاهر الكيالي: 298.

الطبرسي (أحمد بن أبي طالب): 332، 348، 381.

الطبرسي (الحسن بن الفضل): 248.

الطبرسي (الفضل بن الحسن): 89، 227.

الطبري (صاحب التاريخ): 40،

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 485

51، 58، 143-  145، 183، 349، 456، 458.

الطبري (صاحب المسترشد): 58.

الطحاوي: 143.

الطريحي: 252، 254.

طغرل بك السلجوقي: 38، 43.

طلحة بن عبيد اللّه التيمي: 323، 345، 349، 350، 353، 354، 356، 431، 463.

الطوسي (شيخ الطائفة): 43، 44، 54، 74، 124، 169، 223، 332، 350.

طيّب علي الهندي: 102.

(ظ)

ظفر مهدي اللكنهوي: 272.

ظهير الدين الهمداني: 216.

ظهير الفزاري: 73.

(ع)

عائشة (أم المؤمنين): 46، 141، 350، 354، 463.

عادل (الشاعر الفارسي): 79، 89.

عارف الحسني: 79.

عارف حكمت (شيخ الإسلام): 56، 79.

عاصم بن زياد الحارثي: 194.

عامر الأنصاري: 35.

عامر الشعبي الشعبي

عامر بن واثلة أبو الطفيل

عباس الحائري: 291.

عباس الصفوي: 250، 261.

العباس بن عبد المطلب: 83، 142، 346-  348.

العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام: 197.

عباس القمي: 102.

عباس محمود العقاد العقاد

عباية بن ربعي: 150.

عبد الباقي الخطاط الصوفي: 250.

عبد الباقي العمري: 109.

عبد الجبار بن أحمد القاضي: 229، 331.

عبد الجبار بن الحسين الفرهاني: 127.

عبد الجبار بن الحسين القاضي: 229.

عبد الجبار بن عبد اللّه المقري الرازي: 229.

عبد الجبار بن علي الطوسي‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 486

القاضي: 229، 247.

عبد الجبار بن فضل القاضي: 229.

عبد الجبار بن محمد الطوسي: 229.

عبد الجبار بن منصور القاضي: 329.

عبد الحسين الأميني: 36، 183، 206، 221.

عبد الحسين الحلي: 124، 298.

عبد الحسين شرف الدين: 221.

عبد الحسين كمونة البروجردي: 271.

عبد الحسين بن موسى السماوي: 239.

عبد الحميد بن أبي الحديد ابن أبي الحديد

عبد الحميد الكاتب: 62، 173.

عبد الرحمن بن احمد الرشي الجامي

عبد الرحمن بن أذينة: 381.

عبد الرحمن بن اسحاق الصيمري الزجاجي

عبد الرحمن بن جعيل: 155.

عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكنود: 461.

عبد الرحمن بن علي البكري ابن الجوزي

عبد الرحمن بن عوف: 181، 323.

عبد الرحيم البغدادي ابن الأخوّة

عبد الرحيم الحواري: 343.

عبد الرسول الواعظي: 292.

عبد الزهراء (مؤلف الكتاب): 7، 9، 13-  15، 18، 20، 23، 26، 28، 32، 36.

عبد السلام هارون: 48، 54، 55.

عبد العال الكركي: 216، 248، 249.

عبد العزيز سيد الأهل: 267.

عبد العزيز الطباطبائي اليزدي: 227، 249.

عبد العزيز مصطفى المراغي: 48.

عبد العزيز الميمني: 56.

عبد العزيز بن يحيى الجلودي: 55، 83.

عبد العظيم الحسني: 72، 73، 268.

عبد الكريم السمعاني السمعاني

عبد الكريم بن يحيى القزويني: 93.

عبد اللّه بن أبي: 135.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 487

عبد اللّه بن أحمد الأصبهاني أبو نعيم

عبد اللّه التستري: 216.

عبد اللّه بن جعفر الحميري الحميري

عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب: 83.

عبد اللّه بن الحسين: 261.

عبد اللّه بن الزبير: 157، 352، 354، 430.

عبد اللّه بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب: 155، 159، 369.

عبد اللّه السماهيجي: 99، 257.

عبد اللّه شبر الحسيني: 259، 260.

عبد اللّه بن العباس بن عبد المطلب ابن عباس

عبد اللّه بن عبد المدان: 403.

عبد اللّه بن عمر بن الخطاب ابن عمر

عبد اللّه بن مسعود ابن مسعود

عبد اللّه المؤيد باللّه: 238، 251.

عبد اللّه بن مسلم الباهلي ابن قتيبة

عبد اللّه بن المعتز ابن المعتز عبد اللّه بن المقفع ابن المقفع

عبد اللّه بن نور الدين البحراني: 257.

عبد المجيد بن قطامش: 52.

عبد المطلب بن هاشم: 39.

عبد المنعم الخفاجي: 50.

عبد المنعم عامر: 48، 58.

عبد المولى الطريحي: 254.

عبد النبي بن محمد الطسوجي: 263.

عبيده بن عمرو: 339.

عثمان بن أحمد بن أبي عمران السماك: 159.

عثمان بن حنيف: 354.

عثمان بن عفان: 176، 323، 352، 354، 367-  369، 374، 424، 427، 451، 452، 464.

عدنان البكاء: 283.

عدي بن حاتم الطائي: 456.

العزيز باللّه الفاطمي: 40، 41.

عضد الدولة بن بويه: 42.

العقاد: 114، 239، 366.

عطاء الملك الجويني: 242.

عقيصا: 161.

عقيل بن أبي طالب: 337.

علاء الدين الآلوسي: 85.

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 488

علاء الدين الجويني: 243.

علاء الدين گلستانه: 254، 341.

علي (أمير المؤمنين عليه السلام): 24، 33، 38، 41، 45، 62، 75، 92، 129، 132، 137، 138، 142، 146، 151، 161-  163، 167، 172-  174، 177، 180، 199، 201، 213، 224، 236، 239، 315، 319، 323، 332-  335، 337، 339، 344، 347، 354، 374، 379، 383، 385-  389، 396، 397، 428، 432، 435-  440، 445، 450، 453، 456، 461، 467، 469.

علي بن ابراهيم بن هاشم القمي: 51، 363.

علي بن أحمد العاملي الشهيد الثاني

علي بن أحمد بن الفرات ابن الفرات

علي بن أحمد الفنجكردي: 207.

علي أظهر الكنجوري الهندي: 271.

علي بن أنجب بن عثمان البغدادي ابن الساعي

علي بن الحسين ابو الفرج الأصبهاني

علي بن الحسين المسعودي

علي رضا الهندي: 30.

علي شبر الحسيني: 260.

علي العلياري التبريزي: 271.

علي بن أبي الكرم ابن الأثير

علي بن محمد بن شاكر الواسطي ابن شاكر الواسطي

علي بن محمّد بن الفرات ابن الفرات

علي محمد النّجف آبادي: 265.

علي بن موسى (الرضا عليه السلام): 314.

علي بن موسى ابن طاوس

علي الهاشمي الخطيب: 30، 342.

عمر بن الخطاب: 322، 337-  339.

عمرو بن أراكة الثقفي: 403.

عمرو بن العاص: 137.

عمرو بن مرة: 400.

العياشي: 51، 54.

عيسى بن مريم عليه السلام: 75، 186.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 489

عيسى بن يزيد بن بكر ابن دأب

عيينة بن حصين: 339.

(غ)

غلام علي البهاونكري: 271.

(ف)

الفاضل الهندي: 256.

فاطمة الزهراء (ع): 144، 148، 149.

فاطمة بنت الحسين (والدة الشريف الرضي): 293.

فتح اللّه بن شكر اللّه القاشاني: 249.

الفجاءة السلمي: 182.

فخار بن معد الموسوي: 205، 206.

الفخر الرازي الرازي المفسر

فرات بن ابراهيم بن فرات: 51.

فضل اللّه الراوندي ابو الرضا الراوندي

الفضل بن الحسن الطبرسي

فضيل بن مرزوق: 400.

الفيروز آبادي: 327، 335.

فيصل الوائلي (الدكتور): 210.

فيض اللّه الحسيني: 89.

(ق)

القادر باللّه العباسي: 42.

القاسم بن أبي الحديد المدائني: 240.

القاسم بن سلام ابو عبيد

قاسم القرباغي: 97.

القاسم بن محمد بن أبي بكر: 95.

قاسم محيي الدين: 297.

قاصد الزيدي: 284.

قاضي بغداد: 249.

القاضي القضاعي: 84، 86.

القاضي نور الدين المرعشي: 97.

القاضي النعمان المصري: 48، 53، 82، 139، 343، 368، 379، 381، 423.

القالي: 49، 53.

قثم بن العباس: 403.

قطب الأقطاب الشيرازي (محمد الحسيني): 98.

قطب الدين الدين الراوندي: 69، 90، 167، 212، 221، 226-  228، 233، 314، 328، 329، 332، 334.

قطب الدين الكيدري: 228.

القفطي: 230.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 490

القندوزي: 146.

قيس بن الأشعث بن قيس: 385.

قيس بن خارجة بن سنان: 171.

(ك)

كاظم الحسيني الخطيب: 232، 236.

كاظم خان النوري: 251.

الكشي: 53، 72.

الكيدري قطب الدين الكيدري كوركيس عواد: 39، 211.

كعب بن مالك الأزدي: 423.

الكليني: 54، 57، 254، 374، 378، 388.

الكميت بن زيد الأسدي: 163، 355.

كميل بن زياد النخعي: 60، 67.

(ل)

لوط بن يحيى الأزدي أبو مخنف

(م)

ماجد البحراني: 336.

مازن العابدي: 467.

مالك بن الحارث الأشتر: 67، 159، 465.

مالك بن حبيب اليربوعي: 462.

مالك بن كعب الأرجي: 456.

المامطيري: 358.

المأمون (العباسي): 39، 75.

المؤيد باللّه (العباسي): 373.

المبرد: 56، 57، 59، 124.

المتنبي: 65، 165، 197.

المتوكل (العباسي): 373.

مجاهد: 348.

المجتبى بن الحسين الداعي الحسني: 212، 227.

المجلسي (محمد باقر): 88، 90، 216، 217، 217، 253، 254، 262، 314، 329.

المجلسي (محمد تقي): 216.

محسن الأمين العاملي: 94، 243، 331.

محسن حسن كريم: 238.

محسن الطباطبائي الحكيم: 9، 275.

محسن الكشميري: 207.

المحقق الحلّي: 340.

المحقق الكركي عبد العال الكركي.

محمد (صلّى اللّه عليه و آله‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 491

و سلم): 12، 32، 45، 69، 103، 122، 123، 129، 134، 140، 142-  146، 163، 188، 214، 331، 337، 345-  350، 364، 385، 414، 424، 427، 447، 451، 452.

محمد بن ابراهيم السدي الصغير

محمد ابراهيم الكلباسي: 342.

محمد بن ابراهيم النعماني ابن أبي زينب

محمد بن أحمد بن أزهر الأزهري

محمد بن أحمد الاعرابي الوشاء

محمد بن أحمد بن الحسن: 153.

محمد بن أحمد بن خالد البرقي

محمد بن أحمد الصابوني: 169.

محمد أحمد الحسني ابن طباطبا الحسني

محمد بن أحمد بن نعمة اللّه بن خاتون: 216.

محمد بن أحمد النقيب: 206، 207.

محمد بن أحمد الوبري: 223.

محمد بن اسحاق بن يسار ابن اسحاق

محمد بن اسماعيل البخاري محمد بن الأشعث بن قيس: 385.

محمد أمين الرعايا: 268، 269.

محمد أمين الكاظمي: 253.

محمد أمين النواوي: 108.

محمد باقر الخونساري: 246.

محمد باقر المجلسي المجلسي

محمد باقر بن محمد الشاهي: 215، 256.

محمد باقر بن محمد اللاهيجي: 263.

محمد باقر المحمودي: 88، 104.

محمد بن بركات بن هلال السعيدي: 85.

محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة: 112، 154، 159، 401.

محمد بن أبي تراب الحسني علاء الدين گلستانه

محمد تقي بن كاظم الألماسي الشمس آبادي: 261.

محمد تقي المجلسي المجلسي

محمد تقي بن مؤمن الحسيني القزويني: 264.

محمد بن جابر العاملي: 252.

محمد بن جرير الطبري الطبري المؤرخ

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 492

محمد بن جرير بن رستم الطبري صاحب المسترشد

محمد جعفر الحكيم: 284.

محمد جواب مغنية: 179.

محمد بن حبيب البغدادي: 48، 49، 449.

محمد بن حبيب اللّه بن أحمد الحسيني: 248.

محمد حرز الدين: 102.

محمد بن الحسن الأزدي ابن دريد

محمد بن الحسن الزبيدي الزبيدي

محمد بن الحسن الصفار: 50.

محمد بن الحسن الطوسي الطوسي

محمد حسن الأمروهي: 270.

محمد حسن البختياري: 265.

محمد حسن الشيرازي: 99.

محمد حسن عليوي: 284.

محمد بن الحسن بن علي البغدادي: 212.

محمد بن الحسن العاملي الحر العاملي

محمد بن الحسن الفاضل الهندي

محمد بن حسن بن فروخ: 169.

محمد حسن نائل المرصفي: 108.

محمد بن الحسين ابن أبي بعرة

محمد بن الحسين الشريف الرضي

محمد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي البهائي

محمد بن الحسين بن علي البغادي: 212.

محمد بن الحسين القاساني: 274.

محمد بن الحسين المتطبب: 215.

محمد الحسين كاشف الغطاء: 19، 34، 44، 65، 236، 245، 267، 331.

محمد حسين الكاظمي: 102.

محمد حسين مروة: 275.

محمد بن الحنفية: 67، 83، 155، 163، 357، 358.

محمد حيدر: 236.

محمد خان بهادر ضيغم جنك: 342.

محمد الخانجي: 331.

محمد الخضر الحسين (شيخ الأزهر): 103.

محمد بن خلف بن حيان وكيع

محمد الخليلي: 29.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 493

محمد الرئيس (صديق الملك): 250.

محمد بن أبي الرضا العلوي: 211.

محمد رضا فرج اللّه: 315.

محمد رضا كاشف الغطاء: 220.

محمد رفيع بن فرج الجيلاني: 262.

محمد بن السائب الكلبي: 52.

محمد بن سعد البصري ابن سعد كاتب الواقدي

محمد سعيد دحدوح: 23، 25.

محمد بن سعيد العامري: 207.

محمد بن سلامة بن جعفر الشافعي القاضي القضاعي

محمد السماوي: 227، 235.

محمد سيد كيلاني: 239.

محمد صادق الأمرواستاني: 258.

محمد صادق آل عصفور: 242.

محمد صالح القزويني الروغي: 255.

محمد طه نجف: 236.

محمد طاهر الاصفهاني: 258.

محمد بن طاهر المقدسي: 88.

محمد الطريحي: 252.

محمد بن طلحة الشافعي: 62، 153، 315، 320، 380، 435، 458.

محمد الطهراني: 238.

محمد بن الطيب الباقلاني

محمد عباس التستري اللكنهوي: 342.

محمد بن عبد الرحمن الرازي ابن قبة

محمد بن عبدوس الجهشياري

محمد بن عبد اللّه بن الحسن (النفس الزكية): 83.

محمد بن عبد اللّه المعتزلي أبو جعفر الاسكافي

محمد عبد المنعم الخفاجي: 50.

محمد عبده: 107، 112، 118، 131، 218، 239، 266، 267، 344، 355.

محمد بن عرفة: 395.

محمد بن عقيل الحضرمي العلوي: 138.

محمد بن علاء الدين الجويني: 243.

محمد بن علي الاقساسي: 167.

محمد بن علي بن بابويه القمي الصدوق

محمد بن علي الباقر (عليه السلام): 60، 76، 83، 129، 332.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 494

محمد بن علي بن بندار الوراميني: 214.

محمد بن علي (الجواد عليه السلام): 73، 76.

محمد بن علي الحلواني: 212.

محمد بن علي الشلمغاني الشلمغاني

محمد بن علي بن عبد اللّه ابن زهرة الحسيني

محمد بن علي بن عطية المكي ابو طالب المكي

محمد بن علي بن الفضل: 168.

محمد علي الأردوبادي: 98، 266.

محمد علي البجادي: 55.

محمد علي بن بشارة الخاقاني: 257، 258.

محمد علي بن الحسين الحسيني هبة الدين الشهرستاني

محمد علي دبوز: 200.

محمد علي بن محمد حسين الانصاري القمي: 276.

محمد علي بن محمد الحسيني الشاه عبد العظيمي: 275.

محمد علي نصير الدين الجهاردهي الكيلاني: 270.

محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي

محمد بن عمر الواقدي

محمد بن عمران المرزباني

محمد بن عيسى الترمذي الترمذي

محمد بن فلاح الواسطي المشعشعي: 97.

محمد ابو الفضل ابراهيم: 52، 55، 213.

محمد بن قنبر علي الكاظمي: 238، 265.

محمد كاظم الخراساني (الآخوند): 315.

محمد كمال بكداش: 218.

محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي: 52.

محمد بن محمد بن النعمان المفيد

محمد محمود الرافعي: 163، 164.

محمد محي الدين عبد الحميد: 58، 114، 138، 239، 267.

محمد المحيط الطباطبائي: 206.

محمد بن مسعود العيّاشي

محمد المشكاة: 264، 265.

محمد بن منصور بن خليفة ابن منهال‏

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 495

محمد مهدي بن أبي تراب الهندي: 252.

محمد مهدي شمس الدين: 278.

محمد مهدي اللاهيجي: 261.

محمد مهدي بن مرتضى الخاتون آبادي: 264.

محمد نجف المشهدي: 72.

محمد هادي الأميني: 297.

محمد هادي بن محمد تقي الشولستاني: 216.

محمد بن همام البغدادي: 225.

محمد بن يعقوب الكليني

محمد بن يوسف الكندي: 59.

محمود أبو رية: 46.

محمود بن حسام الحلي: 252.

محمود بن سبكتكين: 42.

محمود شكري الآلوسي: 107، 109.

محمود الطالقاني: 271.

محمود بن عمر الخوارزمي الزمخشري

محي الدين الخياط: 218، 266.

المخدج ذو الثدية

المدائني: 52-  56، 77.

مرتضى بن الحسين الداعي الحلبي: 212، 227.

مرتضى الرازي: 227.

مرتضى الرشتي: 79.

مرتضى سبط الشيخ: 265.

مرتضى آل ياسين: 12، 13.

المرزباني: 59، 119.

مروان بن محمد الجعدي: 173.

مسلم المجاشعي: 358.

المستعصم (العباسي): 213.

المستنصر (العباسي): 167.

مسعدة بن صدقة: 53، 60، 70.

مسعود بن الملك المظفر: 120.

المسعودي: 47، 58، 68، 108، 183، 363، 368، 369، 461.

مصدق بن شبيب الواسطي: 333.

مصطفى آل اعتماد: 291.

مصطفى جواد: 14.

مصطفى جواد: 14.

مصطفى غالب: 48.

مصعب بن سعد: 163.

مصقلة بن هبيرة الشيباني: 468-  470.

معاوية بن أبي سفيان: 61، 112، 137، 138، 158، 172، 319، 425، 435، 463، 467.

 

مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 496

المعتضد (العباسي): 50.

معدي كرب الأشعث بن قيس الكندي

معقل بن قيس الرياحي: 469.

معن العجلي: 275.

المغيرة بن شعبة: 403.

المفجع البصري: 167.

المفضل الضبي: 50، 101.

المفيد: 48، 49، 52، 57، 58، 327، 330، 345، 352، 357، 374، 380، 440، 461.

المقبلي: 107.

المقتدر (العباسي): 332، 334.

المقريزي: 43.

المقري: 40.

ملا تاجا: 256.

منتجب الدين: 90، 128.

منذر بن أبي حميصة الوادعي: 158.

موسى بن جعفر (عليه السلام): 70، 188، 259، 314.

موسى بن عمران (عليه السلام): 75، 186، 344.

موسى الهادي (العباسي): 57.

مونتسيكو: 180.

محمد بن صالح الحكيم: 275.

المهدي (الإمام المنتظر عليه السلام): 9، 83، 103.

مهدي محبوبة: 26، 27.

مهيار الديلمي: 167.

ميثم بن علي بن ميثم البحراني ابن ميثم البحراني

الميداني: 334.

مير قاسم القرباغي قاسم القرباغي

(ن)

النابغة الذبياني: 416.

ناصح الدين الآمدي

الناصر بن ابراهيم البويهي: 216.

ناصر الجارودي الخطي: 99.

الناصر بن الحسين بن اسماعيل الحسيني الزيدي: 85.

ناصر الدين الشاه القاجاري: 265.

الناصر (العباسي): 95.

ناصيف اليازجي: 109.

نافع: 230.

النجاشي (صاحب الفهرس) 37، 81، 128.

نجبة بن أبي الميثاء: 182.

نجم الدين بن أردشير الحسيني‏

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 497

الطبري: 211.

نجم الدين العسكري: 169.

النسائي: 239.

نصر اللّه بن فتح الدزفولي: 238، 265.

نصر بن مزاحم المنقري: 55، 76، 154، 233، 396، 445، 448، 461.

نصير الدين الطوسي: 42، 232، 242، 247.

نظام الدني القرشي: 53.

نظام الملك النوري: 251.

النعمان بن بشير الأنصاري: 455، 456.

النعمان بن العجلان: 160.

النعمان بن محمد القاضي النعمان المصري

نعمة اللّه الجزائري: 217، 256.

النقية بنت المرتضى بنت المرتضى

نوح (عليه السلام): 185.

النوري حسين النوري

نور محمد بن عبد العزيز المحلي: 250.

نوروز علي البسطامي: 89، 266.

نوف البكالي: 60، 67، 194.

(و)

واصل بن عطاء: 287.

الواقدي: 52، 54، 55، 59، 75، 448، 454، 455.

الوشاء: 59.

وكيع القاضي: 48.

الوليد بن عقبة بن أبي معيط: 368، 424.

(ه)

هادي عباس الفشاركي: 315.

هادي فياض: 24.

هادي كاشف الغطاء: 35، 89، 179، 214، 319.

هارون الرشيد: 39.

هاشم بن سليمان البحراني: 71، 237، 253.

هاشم بن عتبة: 79.

هبة الدين الشهرستاني: 35، 81، 292، 330.

الهروي: 52، 183، 234.

هشام بن الحكم: 168.

هلاكو: 42، 240.

هلال بن جعفر الحفار

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 498

الهمداني: 149، 166.

هوار: 177.

(ي)

ياقوت الحموي: 38، 91.

ياقوت المستعصمي: 213.

يحيى بن ابراهيم الحجافي: 260.

يحيى بن أبي طي البخاري: 230.

يحيي بن حمزة العلوي اليماني: 246.

يحيى بن زكريا بن شيبان الكندي: 74.

يحيى بن سعيد الحلي: 215.

يحيى بن عبد اللّه بن الحسن: 188.

يحيى بن عقيل: 395، 396.

يحيى بن المستفاد: 169.

يحيى بن معين: 343.

يحيى بن يعمر: 389.

يزيد بن معاوية: 119.

يعقوب بن أحمد الأديب: 208.

يعقوب بن أحمد الصيمري: 87.

يعقوب بن كلس: 40.

يوسف الياس سركيس: 101.

يوسف البحراني: 237.

يوسف بن الحسن (قاضي بغداد): 249.

يوسف الصديق (عليه السلام): 186.

يوسف اليهودي: 226.

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 499

الفهرس

المؤلف في سطور 7

الإهداء 6

كلمة تعرف منها قيمة هذا الكتاب 7

كلمة للإمام الشيخ مرتضى آل يس حول الكتاب 8

تقاريظ 14

مقدمة الطبعة الرابعة 31

مقدمة الطبعة الثانية 32

مقدمة الطبعة الأولى 33

أمير المؤمنين اللقب الإصطلاحي للإمام علي عليه السلام (ح) 33

مصادر نهج البلاغة 37

بيت الحكمة السابور بن أردشير 38

بيت الحكمة الذي أنشأه الرشيد 39

مكتبات بني أمية في الأندلس 40

مكتبات الفاطمين في مصر 41

مكتبة طرابلس الشام 41

خزانة ابن ابي بعرة 42

ما نال المكتبة الإسلامية من العبث و الفساد 42

أقسام المصادر 47

مصادر ذكرها الشريف الرضي في (نهج البلاغة) 59

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 500

الكتب المؤلفة في كلام أمير المؤمنين 61

عبد الحميد الكاتب (ح) 62

ابن نباتة المصري (ح) 63

نظم المتنبي لمعاني حكم الأئمة (ح) 65

الاصبغ بن نباتة (ح) 67

شريح القاضي (ح) 67

الاصبغ بن نباتة (ح) 67

نوف البكالي (ح) 67

ضرار بن ضمرة (ح) 68

المؤلفات قبل النهج في كلامه عليه السلام 69

خطب أمير المؤمنين لزيد بن وهب 69

خطب أمير المؤمنين المروية عن الصادق «ع» 70

خطب أمير المؤمنين لمسعدة بن صدقة العبدي 70

الخطبة الزهراء لأمير المؤمنين عليه السلام 71

خطب أمير المؤمنين لإسماعيل بن مهران السكوني 72

خطب أمير المؤمنين للسيد عبد العظيم الحسنى 72

خطب علي عليه السلام لإبراهيم بن الحكم بن ظهير الفزاري 73

السدي الكبير و السدي الصغير (ح) 74

خطب أمير المؤمنين عليه السلام برواية الواقدي 75

خطب علي عليه السلام لنصر بن مزاحم المنقري 76

خطب علي كرم للّه وجهه لهشام بن محمد بن السائب الكلبي 76

خطب علي و كتبه إلى عماله للمدائني 77

خطب أمير المؤمنين عليه السلام لصالح بن حماد الرازي 77

مائة كلمة لأمير المؤمنين جمعها الجاحظ 78

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 501

رسائل أمير المؤمنين عليه السلام و أخباره و حروبه لإبراهيم بن هلال الثقفي 80

الخطب المعربات لإبراهيم الثقفي أيضا 81

خطب أمير المؤمنين لإبراهيم بن سليمان الخزاز 82

خطب أمير المؤمنين عليه السلام للقاضي النعمان المصري 82

خطب أمير المؤمنين عليه السلام لعبد العزيز بن يحيى الجلودي 82

مواعظ علي (ع) للجلودي أيضا 82

رسائل علي عليه السلام للجلودي أيضا 82

الملاحم لعبد العزيز بن يحيى الجلودي البصري 83

المؤلفات بعد النهج في كلامه عليه السلام 84

دستور معالم الحكم للقاضي القضاعي 84

خطب علي عليه السلام ليعقوب بن أحمد الصيمري 85

الجره جرائي (ح) 86

عيون الحكم و المواعظ لعلي بن أحمد بن شاكر الليثي 87

خطب علي بن أبي طالب لابن المديني 88

نثر اللآلي‏ء للطبرسي 89

نثر اللآلي‏ء لأبي الرضا الراوندي 90

مطلوب كل طالب من كلام علي بن أبي طالب للوطواط 90

غرر الحكم للآمدي 91

شروح غرر الحكم و ما يتعلق بها 93

منثور الحكم لابن الجوزي 95

الحكم المنثورة لابن أبي الحديد 95

استخراج الوقائع المستقبلة من كلامه (ع) لابن فهد الحلي 96

جملة مؤلفات في كلامه عليه السلام 97

السيد علي خان المشعشعي 97

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 502

الصحيفة العلوية الأولى للسماهيجي 99

أنيس السالكين للسيد زين العابدين الطباطبائي 99

الصحيفة العلوية الثانية للشيخ النوري 100

حكم علي بن أبي طالب جمعها بعض المسيحيين 101

غرر جوامع الكلم 101

مائة كلمة اختارها حاج عباس القمي من كلامه (ع) 102

خطب أمير المؤمنين في الملاحم للشيخ محمد حرز الدين هدى و نور للشيخ ثروت منصور الشرقاوي 103

جوامع ما ورد عن امير المؤمنين في المواضيع المختلفة للشيخ محمد باقر المحمودي 104

ما هو نهج البلاغة و ما قيل فيه 105

الحسن البصري (ح) 110

وصف الإمام الشيخ محمد عبده ل (نهج البلاغة) 115

أوهام ابن خلكان و طرف من ترجمته 119

من هو جامع النهج 122

كتاب خصائص الأئمة للرضي 126

الكذب أعظم من شرب الخمر عند الشيعة الإمامية 128

حكم الكذب على اللّه و الرسول و الأئمة عندهم 128

شبهات حول (النهج) 131

عبد اللّه بن المقفع (ح) 133

الصحابة في نهج البلاغة 134

الوصي و الوصاية 140

كتاب الولاية للطبري (ح) 145

المؤلفون في الوصية 168

الاطناب و الإيجاز في نهج البلاغة 171

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 503

أبو الأسود الدئلي 160

بيتان للمتنبي في مدح علي (ع) حذفتا من الديوان (ح) 165

السجع و التنميق في نهج البلاغة 174

دقة الوصف في نهج البلاغة و التقسيمات العددية 178

جان جاك روسو و مونتسكيو 180

إحراق الفجاءة (ح) 182

المغيبات في نهج البلاغة 184

الزهد و ذم الدنيا في نهج البلاغة 193

السر في ذكر الموت في نهج البلاغة 196

وصف الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة 199

المشتركات في نهج البلاغة 200

الدولة الرستمية (ج) 200

رأي ابن أبي الحديد في نهج البلاغة 202

مشكلة الإضافات و النسخ المخطوطة من نهج البلاغة 205

يعقوب بن احمد 208

إجازات في رواية نهج البلاغة 215

مكتبة نهج البلاغة 219

شروح نهج البلاغة 221

شرح القطب الراوندي 226

شرح الكيدري 228

شرح ابن ابي الحديد 230

كتب مؤلفة في الرد عليه 236

السيد كاظم الحسيني الخطيب (ح) 236.

 

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 504

الوزير ابن العلقمي (ح) 240

شرح الشيخ ميثم البحراني 242

منهاج السالكين لابن ميثم 244

شرح الصغاني و ابن العنقا و ابن مساعد 245

شرح العلّامة الحلي 246

شروح صاحب الطراز و العتائقي و التفتازاني 246

حواشي الناوندي على نهج البلاغة 248

شرح أفصح الدين الحسيني و شرح الزواري 248

شرح قاضي بغداد و شروح أخرى 249

شرح جمال الدين التبريزي و شروح أخرى 250

شرح البهائي و شرح ابن المؤيد باللّه 251

شرح الكركي 252

شرح الطريحي 252

شرح علاء گلستانه 252

شرح الجرموزي و شرح الروغني 255

شرح السيد نعمة اللّه الجزائري 256

شرح ملاتاجا 256

الفاضل الهندي (ح) 256

شرح السماهيجي 257

شرح الخاقاني 257

شرح الزاهدي 258

شرح السيد عبد اللّه شبر 259

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 505

شروح أخرى 260

شرح الشيخ محمد عبده 266

منهاج البراعة للسيد حبيب اللّه الخوئي 268

شرح السيد محمد كاظم القزويني 273

القسم الثاني من مكتبة (نهج البلاغة) 274

حفاظ نهج البلاغة (ح) 275

المستدركات على نهج البلاغة 276

حول الخطبة الخالية من الألف المسماة بالمونقة 277

على غرار نهج البلاغة 290

طرف من ترجمة الشريف الرضي 293

باب المختار من خطب أمير المؤمنين و كلامه الجاري مجرى الخطب 299

من خطبة له عليه السلام في ابتداء خلق السموات و الأرض و خلق آدم عليه السلام 301

من خطبة له عليه بعد انصرافه من صفين 316

الخطبة الشقشقية 321

التحقيق في مصادرها 327

محمد بن بشر الحمدوني (ح) 328

حذف الشقشقية من العقد الفريد 329

القاضي عبد الجبار المعتزلي 331

الآبي و وصف كتابه نثر الدرر (ح) 331

أبو الفتح الحفّار (ح) 332

الرجل السوادي الذي قطع على علي (ع) خطبته 335

ما ورد في معاني الشقشقية في الكتب المعتبرة 336

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 506

بين عمرو و ابن عباس حول الخلافة 337

شروح الشقشقية 340

خطبته عليه السلام (بنا اهتديتم في العظماء) 343

مصادرها 345

خطبته عليه السلام و قد دعاه العباس و أبو سفيان للبيعة 346

الكلام في مصادرها 347

من خطبة له (ع) و قد أشير عليه بأن لا يتبع طلحة و الزبير 349

خطبة له عليه السلام في ذم قوم باتباع الشيطان 351

كلام له عليه السلام في دعوى الزبير أنه لم يبايع بقلبه 352

في كلام له (ع) في أنهم أرعدوا و أبرقوا 354

ابن أبي الحديد و الشيخ محمد عبده يجعلان من النهج حجة على علماء اللغة 355

خطبة له عليه السلام في أن الشيطان قد جمع حزبه 356

من كلام له عليه السلام لولده محمد بن الحنفية يوم الجمل 357

مقتل مسلم المجاشعي 358

كلام له عليه السلام في أن الأعمال بالنيّات 359

من كلام له عليه السلام في ذم منابذين من أهل البصرة 360

مصادر الكلام و احتياط الرضي في النقل 362

التنبيه على منقبة له عليه السلام في مسجد البصرة 365

كلام له (ع) في معنى الكلام السابق 366

كلامه (ع) فيما رده من قطائع عثمان 367

أبيات للوليد بن عقبة في ذلك 368

كلامه (ع) لما بويع 369

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 507

ما رواه الجاحظ من هذا الكلام زيادة على رواية الرضي 372

ابن السكيت (ح) 373

معمر بن المثنى (ح) 374

كلام له (ع) فيمن يحكم بين الناس و ليس بأهل 375

أبو علي الحسن بن محبوب السراد 378

كلامه (ع) في ذم اختلاف العلماء في الفتيا 380

ابن أذينة مع القاضي ابن ابي ليلى 381

ابن اذينة (ح) 381

ابن ابي ليلى القاضي (ح) 381

كلامه (ع) مع الأشعث بن قيس و قد اعترضه في كلامه 385

الأشعث بن قيس (ح) 385

كلامه (ع) فيما عاين الموتى 387

من خطبة له عليه السلام في الموعظة و تعليق الرضي عليها 388

خطبة له عليه السلام في أصحاب الجمل 390

خطبة له (ع) في النهي عن الحسد و الوصية بالقرابة 391

خطبته (ع) في قتال من خالف الحق 396

خطبته عليه السلام لما استولى بسر على اليمن 397

قصة استيلاء بسر على اليمن 401

من خطبة له (ع) في وصف الجاهلية و يذكر بعض الأحداث بعد النبي (ص). 406

خطبته (ع) في أن الجهاد باب من ابواب الجنة 410

السبب في هذه الخطبة 414

مقارنة ابن ابي الحديد بين هذه الخطبة و خطب ابن نباته في الجهاد 415

من خطبة له (ع) في ادبار الدنيا و اقبال الآخرة 417

من خطبة له (ع) في غارة الضحاك على أعماله و قصة الغارة 422

 

                         مصادرنهج‏البلاغةوأسانيده، ج 1    ، صفحة 508

من كلام عليه السلام في معنى قتل عثمان 426

رسالته عليه السلام للزبير مع ابن عباس 428

من خطبة له عليه السلام نسبت لمعاوية 431

كلام للجاحظ و الرضي حول الخطبة 435

محمد بن طلحة الشافعي (ح) 436

من خطبة له عليه السلام بذي قار 438

ذو قار (ح) 438

كلمة لجبران خليل جبران في نعلي أمير المؤمنين (ع) و تيجان الملوك 440

خطبته (ع) في استنفار الناس إلى حرب أهل الشام 441

من خطبة له عليه السلام بعد التحكيم 445

من خطبة له عليه السلام في تخويف أهل النهروان 448

من كلام له عليه السلام في ثباته في الأمر بالمعروف 450

من خطبة له عليه السلام في معنى الشبهة 453

من خطبة له عليه السلام في ذم المتقاعدين عن القتال في غارة النعمان بن بشير على أعماله 454

من كلام له عليه السلام في الخوارج 457

من خطبة له عليه السلام في أن الوفاء توأم الصدق 459

من كلام له عليه السلام في ذم الهوى 460

من كلام له عليه السلام في الأناة في الحرب مع لزوم الاستعداد لها 463

في ارساله جرير بن عبد اللّه البجلي إلى معاوية 464

من كلام له عليه السلام في هروب مصقلة الشيباني إلى معاوية 468

علي بن الجهم و سبب بغضه لعلي عليه السلام 470

فهرس الاعلام 471