فهرس الكتاب

مكتبة الإمام أميرالمؤمنين (ع)

 

/ صفحة 290 /

 

8 - العبدي الكوفي

 

هــل فـــــي سؤالك رسم المنزل الخرب * بــــــرء لقلبك من داء الهوى الوصب؟!

أم حــــره يـــــــوم وشــــــك البين يبرده * ما استحدثته النوى من دمعك السرب؟!

هيهــــــات أن ينفد الــــــوجد الــمثير له * نأي الخــــــليط الذي ولــــــــى ولم يؤب

يا رائــــــد الحـي حسب الحي ما ضمنت * لــــــه المــــــدامع من ماء ومن عشب

ما خــــــلت من قبل أن حـالت نوى قذف * إن العــــــيون لهم أهمـــى من السحـب

بانــــــوا فكــــم أطلقوا دمعا وكم أسروا * لبا وكــــــم قطعــــــوا للــوصل من سبب

من غــــــادر لم أكن يــــــوما أســــر له * غـدرا وما الغدر من شأن الفتى العربي

وحــــــافظ العهد يبدي صفحــــــتي فــرح * للكاشحــــــين ويخــــفي وجد مكتئب(1)

بانــــــوا قبابــــــا وأحــــــبابا تصونهــــم * عــــــن النواظــــــر أطراف القنا السلب

وخــــــلفوا عــــــاشقا ملقـى رمى خلسا * بطــــــرفه خدر مــــــن يهــوي فلم يصب

لهــــــفي لما استودعت تلـك القباب وما * حجبــــــن مــــــن قضـــب عنا ومن كثب

من كــــــل هيفاء أعطاف هضيم حشــــا * لعسآء مــــــرتشف غــــــراء منتــــــقب

كأنمــــــا ثغــــــرها وهنــــــا وريقــــــتها * ما ضمــــــت الكاس من راح ومن حبب

وفــــــي الخدور بــــــدور لـــــو برزن لنا * بــــــردن كــــــل حــــــشا بالوجد ملتهب

وفــــــي حــــــشاي غـــــليل بات يضرمه * شـــوق إلى برد ذاك الظلم والشنب (2)

يا راقــــــد اللوعة اهبـــب من كراك فقد * بــــــان الخــــــليط ويا مضني الغرام ثب

أمــــــا وعصــــــر هـــوى دب العزاء له * ريــــــب المنون وغــــــالته يــــــد النوب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) همى يهمي هميا : سال . العين : صبت دمعتها . كاشح فلانا كشاحا ومكاشحة وكشح له كشحا : عاداه . لعس : سواد مستحسن في الشفة .

(2) الظلم بالفتح : ماء الأسنان وبريقها . الشنب : بياض الأسنان وحسنها . أهبه من نومه : أيقظه .

 

 

 

/ صفحة 291 /

لأشرقن (1) بدمعــــي إن نــــأت بهـــــم * دار ولــــم أقـض ما في النفس من إرب

ليس العجيــــب بــــأن لم يــــبق لـي جلد * لكــــن بقــــائي وقــــد بانــوا من العجب

شبــــت ابن عـــشرين عاما والفراق له * سهم متــــى يصــــب شمــل الفتى يشب

ماهـــــز عطفي من شـــــوق إلى وطني * ولا اعتـــــزاني مـــــن وجــد ومن طرب

مثـــــل اشتـــــياقي من بعـــــد ومنـــتزح * إلى الغـــــري ومـــــا فيه مـــن الحسب

أزكـــــى ثرى ضم أزكـــــى العالمين فذا * خيـــــر الـــــرجال وهـــذا أشرف الترب

إن كـــــان عن ناظري بالغـــــيب محتجبا * فـــــإنه عن ضميـــــري غيـــر محتجب

إلى أن يقول :

يا راكبـــــا جـــــسرة تطـــــوي منا سمها * مـــــلاءة البـــــيد بالتقريب والجنب(2)

تقـــــيد المغـــــزل الادمـــــاء في صعـــــد * وتطــلح الكاسر الفتخاء في صبب (3)

تثـــــني الريـــــاح إذا مـــــرت بغـــــايـتها * حـــــسرى الطــلائح بالغيطان والخرب

بلـــــغ ســـــلامي قـــــبرا بالــــغري حوى * أوفـــــى البـــرية من عجم ومن عرب

واجعـــــل شعـــــارك الله الخـــــشوع بــه * ونـــــاد خيـــــر وصي صنــــو خير نبي

إسمـــــع أبـــــا حــــسن إن الأولى عدلوا * عـــــن حكــمك انقبلوا عن شر منقلب

مـــــا بالهم نكـــــبوا نهـــج النجاة ؟ ! وقد * وضـحته واقتفوا نهجا من العطب (4)

ودافعـــــوك عن الأمـــــر الذي اعــــتلقت * زمـــــامه مـــــن قـــريش كف مغتصب

ظلـــــت تجـــــاذبها حـــــتى لقـــــد خـرمت * خـــــشاشها تربت من كف مجتذب (5)

وكـــــان بـــــالأمس منهـــــا المستقيل فلم * أرادهـــــا الـيوم لو لم يأت بالكذب ؟ !

وأنـــــت تـــــوسعه صبرا عـــــلى مضض * والحلـــــم أحـسن ما يأتي مع الغضب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أشرقه بريقه : أي أغصه ومنه التنفس .

(2) جنبه جنبا جنبا : أبعده ونحاه .

(3) المغزل : من أغزلت الظبية إذا ولدت الغزال . الأدم من الظباء بيضا تعلوهن طرائق فيهن غبرة . طلح : أتعب وأعيى .

 الكاسر : العقاب . الفتخاء : اللينة الجناح . الصبب : ما انحدر من الأرض .

 (4) العطب : الهلاك .

 (5) خرم الخرزة : فصمها . شق وترة الأنف . الخشاشة : عود يجعل في أنف الجمل .

 

 

 

/ صفحة 292 /

حتى إذا المـــــوت نـــــاداه فـــــأسمعـــــه * والمـــــوت داع متـــى يدع امرءا يجب

حبابهـــــا آخرا فـــــأعتاض محتقـــبا (1) * منـــــه بأفـــــضع محـــــمول ومحتقــب

وكـــــان أول مـــــن أوصـــــى ببيعـــــــته * لـــــك النـــــبي ولكـــــن حــال من كثب

حتـــــى إذا ثـــــالث منهـــــم تقـــــمصـــها * وقـــــد تبـــــدل منهـــــا الجـــــد باللعب

عـــــادت كما بـــــدأت شـــــوهاء جــاهلة * تجـــــر فيهـــــا ذئـــــاب اكـــــلة الغـلب

وكـــــان عتـــــها لهم في " خم " مزدجر * لمـــــا رقـــــى أحــمد الهادي على قتب

وقـــــال والنـــــاس من دان إلــــــيه ومن * ثـــــاو لديـــــه ومـــــن مصــغ ومرتقب

: قم يـــــا عـــــلي فإني قـــــد أمــرت بأن * أبلـــــغ النـــــاس والتبلـــــيغ أجـدر بي

إني نصبـــــت عـــــليا هـــــاديا عـــــلمـــا * بعـــــدي وإن عـــــليا خـــــير منـــتصب

فبايعـــــوك وكــــــــــل بـــــاســـــط يـــــده * إليـــــك مـــــن فـــــوق قلب عنك منقلب

عـــــافوك لا مـــــانع طـــــولا ولا حصـــر * قـــــولا ولا لهـــــج بالغـــــش والـــريب

وكنـــــت قطـــــب رحـــــى الاسـلام دونهم * ولا تـــــدور رحـــــى إلا عـــــلى قـــطب

ولا تماثـــــلهم فـــــي الفضـــــل مـــــرتـبة * ولا تشـــــابههم فـــــي البـــيت والنسب

إن تلحـــــظ القـــــرن والعـــــسال فــي يده * يظـــــل مضـــــطربا فـــي كف مضطرب

وإن هـــــززت قـــــناة ظـــــلت تـــــوردهــا * وريـــــد ممتـــــنع فــــي الروع مجتنب

ولا تســـــل حـــــساما يـــــوم ملحـــــمـــــة * إلا وتحجـــــبـــــه فـــــي رأس محتجب

كيـــــوم خيـــــبـــــر إذ لـــــم يمتـــــنع زفـر * عـــــن اليـــــهود بغـــــير الفر والهرب

فأغـــــضب المصطـــــفى إذ جـــــر رايـــته * عـــلى الثرى ناكصا يهوي على العقب

فقـــــال : إنـــــي سأعـــــطيها غــــدا لـفتى * يحـــــبه الله والمبعـــــوث منـــــتــــجب

حـــــتى غدوت بهـــــا جـــــذلان تحــــــملها * تـلقاء أرعن من جمع العدى لجب (2)

جـــــم الصـلادم والبيض الصوارم والزرق * اللهـــــاذم والمـــــاذي واليـــــلــب (3)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) اعتاض : أخذ بدلا وخلفا . احتقب : أركبه وراءه .

 (2) جذل وجذلان : فرح وفرحان . أرعن : أحمق . جيش لجب : ذو كثرة وجلبة .

 (3) الصلادم ج الصلدم : الصلب . الأسد . الزرق : يكنى به عن الأسنة والنصال لما في لونها الزرقة . اللهاذم ج اللهذم : الحاد القاطع . الماذي : كل سلاح من الحديد . اليلب : الفولاذ وخالص الحديد .

 

 

 

/ صفحة 293 /

فــــالأرض مــــــن لاحــــقيات مطهــــمــــة * والمستظــــل مثــــار القسطــــل الهـدب

وعــــارض الجــــيش من نــــقع بــــوارقه * لمــــع الأســــنة والهنــــدية القـــــضب

أقــــدمت تضــــرب صــــبرا تحــــته فغــــدا * يــــصوب مــــزنا ولـو أحجمت لم يصب

غــــادرت فــــرسانــــه مــــن هـــارب فرق * أو مقعــــص (1) بـدم الأوداج مختضب

لك المناقــــب يعــــيى الحــــاسبون بهـــــــا * عــــدا ويعــــجــــز عــــنهــــا كل مكتتب

كرجــــعة الشــــمس إذ رمــــت الصلاة وقد * راحــــت توارى عـــن الأبصار بالحجب

ردت عــــليك كأن الشهــــب مــــا اتضــحت * لناظــــر وكــــأن الشــــمس لــــم تغــب

وفــــي بــــراءة أنـــــباء عــــجــــائــــبهــــا * لــــم تطــــو عـــــن نازج يوما ومقترب

وليــــلة الغــــار لمــــا بــــــت مــــمتــــــــلأ * أمنــــا وغــــيرك مــــلآن مـــن الرعب

مــــا أنت إلا أخــــو الهــــادي ونــــاصـــره * ومظهــــر الحــــق والمنعـوت في الكتب

وزوج بضعــــته الــــزهراء يكــــنفهــا (2) * دون الــــورى وأبــــو أبــــنائه النـــجب

مــــن كــــل مجــــتهد فــــي الله معــــتضـــد * بــــالله معــــتقــــد لله مــــحــــتــــســــب

هــــادين للــــرشــــد إن ليــــل الضلال دجـا * كــــانوا لطــــارقهم أهـــدى من الشهب

لقــــبت بالــــرفض لمــــا إن منحــــتهـــــــم * ودي وأحســــن مــــا ادعــــى بـه لقبي

صــــلاة ذي العــــرش تــــتــــرى كـــل آونة * عــــلى ابــــن فــــاطمة الكشاف للكرب

وابــــنــــيه مــــن هــــالك بالســــم مخــترم * ومــــن معــــفر خــــد فــــي الثرى ترب

والــــعابد الــــزاهد السجــــاد يتــــــــبــــعـه * وباقـــــــر العــــــــــلم داني غاية الطلب

وجعــــــــــــــفر وابنه مــــوسى ويتبعه البر * الـــــــرضا والجـــــــواد العـــــابد الدئب

والعـــــــسكريين والمهـــــــدي قـــــــائمــهم * ذو الأمــــــر لابس أثواب الهدى القشب

مـــــــن يمـــــــلأ الأرض عـدلا بعد ما ملأت * جـــــــورا ويقــــمع أهل الزيغ والشغب

القـــــــائد البهم الشـــــــوس الكـــــــماة إلى * حـرب الطغاة على قب الكلا الشزب(3)

أهـــــــل الهدى لا أنـــــــاس بـــــــاع بائعهم * ديـــــــن المهيمن بـــــــالدنيا وبالرتــــب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) قعصه وأقعصه . قتله مكانه .

 (2) كنف الشيء . صانه وحفظه وحاطه وضمه إليه .

 (3) البهم ج البهمة : الشجاع . الشوس : الشديد الجرئ في القتال . القب : القطع .

 

 

 

/ صفحة 294 /

لـــــــــو أن أضغانهـــــــــم فــي النار كامنة * لأغنـــــــــت النــــــار عن مذك ومحتطب

يا صاحـــــــــب الكــــــــوثر الرقراق زاخرة * ذود النـــــــــواصب عــن سلساله العذب

قـــــــــارعت منهـــــــــم كماة في هواك بما * جـــــــــردت مـــــــن خاطر أو مقول ذرب

حتـــــــــى لقد وسمـــــــــت كـــــلما جباههم * خـــــــــواطري بمـــضاء الشعر والخطب

صحـــــــــبت حبـــــــــك والتـقوى وقد كثرت * لـــــــــي الصحـــــاب فكانا خير مصطحب

فاستجـــــــــل مـــــــــن خـاطر العبدي آنسة * طابـــــــــت ولـــــوجا وزتك اليوم لم تطب

جـــــــــاءت تمـــــــــايل في ثوبي حيا وهدى * إليـــــــــك حـــــــــالية بالفـــــضل والأدب

أتعـــــــــبت نفـــــــــسي فـــي مدحيك عارفة * بـــــــــأن راحـــــــــتها فــــــي ذلك التعب

وذكر ابن شهر آشوب في " المناقب " 1 ص 181 ط ايران للعبدي قوله :

ما لعـــلـي سـوى أخيه * محـمد في الورى نظير

فـــداه إذ أقبـلت قريش * عــليه في فرشه الأمير

وافاه في خم وارتضاه * خــــليفة بعـــده وزيــــر

* (الشاعر) * :

أبو محمد سفيان بن مصعب العبدي الكوفي . من شعراء أهل البيت الطاهر المتزلفين إليهم بولائه وشعره، المقبولين عندهم لصدق نيته وانقطاعه إليهم، وقد ضمن شعره غير يسير من مناقب مولانا أمير المؤمنين الشهيرة، وأكثر من مدحه ومدح ذريته الأطيبين وأطاب، وتفجع على مصائبهم ورثاهم على ما انتابهم من المحن، ولم نجد في غير آل الله له شعرا .

 استنشده الإمام الصادق صلوات الله عليه شعره كما في رواية ثقة الاسلام الكليني في " روضة الكافي " بإسناده عن أبي داود المسترق عنه قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال : قولوا لأم فروة : تجيئ فتسمع ما صنع بجدها . قال : فجاءت فقعدت خلف الستر ثم قال : فأنشدنا . قال : فقلت :

فر وجودي بدمعك المسكوب * ..........

 قال : فصاحت وصحن النساء فقال أبو عبد الله عليه السلام: الباب . فاجتمع أهل

 

 

/ صفحة 295 /

المدينة على الباب قال : فبعث إليهم أبو عبد الله : صبي لنا غشي عليه فصحن النساء . و استنشد شعره الإمام أبا عمارة المنشد كما في " الكامل لابن قولويه " ص 105 بإسناده عن أبي عمارة قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : يا أبا عمارة ؟ أنشدني للعبدي في الحسين عليه السلام قال : فأنشدته فبكى ثم أنشدته فبكى ثم أنشدته فبكى . قال : فوالله ما زلت أنشده ويبكي حتى سمعت البكاء من الدار . الحديث .

 عده شيخ الطايفة في رجاله من أصحاب الإمام الصادق ولم يك صحبته مجرد ألفة معه، أو محض اختلاف إليه، أو أن عصرا واحدا يجمعهما لكنه حظي بزلفة عنده منبعثة عن صميم الود وخالص الولاء، وإيمان لا يشوبه أي شائبة حتى أمر الإمام عليه السلام شيعته بتعليم شعره أولادهم وقال : إنه على دين الله .

 كما رواه الكشي في رجاله ص 254 بإسناده عن سماعة قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : يا معشر الشيعة علموا أولادكم شعر العبدي فإنه على دين الله .

 وينم عن صدق لهجته، واستقامة طريقته في شعره، وسلامة معانيه عن أي مغمز، أمر الإمام عليه السلام إياه بنظم ما تنوح به النساء في المأتم كما رواه الكشي في رجاله ص 254 .

 وكان يأخذ الحديث عن الصادق عليه السلام في مناقب العترة الطاهرة فينظمه في الحال ثم يعرضه عليه كما رواه ابن عياش في " مقتضب الأثر " عن أحمد بن زياد الهمداني قال : حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم قال : حدثني أبي عن الحسن بن علي سجاده عن أبان بن عمر ختن آل ميثم قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه سفيان بن مصعب العبدي قال : جعلني الله فداك ما تقول في قوله تعالى ذكره : و على الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ؟ ! (1) قال : هم الأوصياء من آل محمد الاثنى عشر لا يعرف الله إلا من عرفهم وعرفوه .

 قال : فما الأعراف جعلت فداك ؟ ! قال : كثائب من مسك عليها رسول الله والأوصياء يعرفون كلا بسيماهم .

 فقال سفيان : أفلا أقول في ذلك شيئا ؟ ! فقال من قصيدة :

أيا ربعهم هل فيك لي اليوم مربع ؟ ! * وهـــــــل لليال كن لي فيك مرجع ؟ !

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) سورة الأعراف . آية 46 .

 

 

 

/ صفحة 296 /

يقول فيها :

وأنتم ولاة الحشر والنشر والجزاء * وأنتم ليــــوم المفــزع الهول مفزع

وأنــــتم على الأعراف وهي كثائب * مــــن المسك ريــــاها بــكم يتضوع

ثمانية بالعــــرش إذ يحــــملونـــــه * ومن بعدهم في الأرض هادون أربع

والقارئ إذا ضم بعض ما ذكرنا من حديث المترجم له إلى الآخر يقف على رتبة عظيمة له من الدين تقصر دون شأوها الوصف بالثقة، ويشاهد له في طيات الحديث والتأريخ حسن حال وصحة مذهب تفوق شؤون الحسان، فلا مجال للتوقف في ثقته كما فعله العلامة الحلي، ولا لعده من الحسان كما فعله غيره، ولا يبقى لنسبته إلى الطيارة [ أي الغلو والارتفاع في المذهب ] وزن كما رآه أبو عمر والكشي في شعره، ولم نجد في شعره البالغ إلينا إلا المذهب الصحيح، والولاء المحض لعترة الوحي، والتشيع الخالص عن كل شائبة سوء .

 ويزيدك ثقة به واعتمادا عليه رواية مثل أبي داود المنشد سليمان بن سفيان المسترق المتسالم على ثقته عنه، وأبو داود هو شيخ الاثبات الأجلة نظراء الحسن بن محبوب، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، وعلي بن الحسين بن فضال .

 كما أن إفراد مثل الحسين بن محمد بن علي الأزدي الكوفي المجمع على ثقته وجلالته تأليفه في أخبار المترجم له وشعره عده النجاشي في فهرسته ص 49 من كتبه يؤذن بموقفه الشامخ عند أعاظم المذهب، وينبؤ عن إكبارهم محله من العلم والدين .

 نبوغه في الأدب والحديث:

إن الواقف على شعر شاعرنا (العبدي) وما فيه من الجودة . والجزالة . و والسهولة . والعذوبة . والفخامة . والحلاوة . والمتانة .

 يشهد بنبوغه في الشعر، و تضلعه في فنونه، ويعترف له بالتقدم والبروز، ويرى ثناء الحميري سيد الشعراء عليه بأنه " أشعر الناس " من أهله في محله، روى أبو الفرج في " الأغاني " 7 ص 22 عن أبي داود المسترق سليمان بن سفيان : إن السيد والعبدي اجتمعا فأنشد السيد :

إنـــي أدين بمــــــا دان الوصي به * يوم الخريبة (1) من قتل المحلينا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) الخريبة : موضع موضع بالبصرة كانت به واقعة الجمل .

 

 

 

/ صفحة 297 /

وبالذي دان يوم النهروان به * وشـــــاركت كفه كفي بصفينا

فقال له العبدي : أخطأت، لو شاركت كفك كفه كنت مثله، ولكن قل : تابعت كفه كفي، لتكون تابعا لا شريكا .

 فكان السيد بعد ذلك يقول : أنا أشعر الناس إلا العبدي .

 والمتأمل في شعره يرى موقفه العظيم في مقدمي رجال الحديث، ومكثري حملته ويجده في الرعيل الأول من جامعي شتاته، وناظمي شوارده، ورواة نوادره، وناشري طرفه، ويشهد له بكثرة الدراية والرواية، ويشاهد همته العالية، وولعه الشديد في بث الأخبار المأثورة في آل بيت العصمة صلوات الله عليهم، وستقف على ذلك كله في ذكر نماذج شعره .

 ولادته ووفاته :

لم نقف على تأريخي ولادة المترجم له ووفاته ولم نعثر على ما يقربنا إليهما إلا ما سمعت من روايته عن الإمام جعفر بن محمد عليه السلام واجتماعه مع السيد الحميري المولود سنة 105 والمتوفى سنة 178 ومع أبي داود المسترق، وملاحظة تأريخي ولادة أبي داود المسترق الراوي عنه ووفاته يؤذننا بحياة شاعرنا العبدي إلى حدود سنة وفاة الحميري فإن أبا داود توفي 231 كما في فهرست النجاشي أوفي 230 كما في رجال الكشي (1) وعاش سبعين سنة كما ذكره الكشي، فيكون ولادة أبي داود سنة 161 على قول النجاشي و 160 على اختيار الكشي، وبطبع الحال كان له من عمره حين روايته عن المترجم أقل ما تستدعيه الراوية، فيستدعي بقاء المترجم أقلا إلى أواخر أيام الحميري، فما في أعيان الشيعة 1 ص 370 من كون وفاة المترجم في حدود سنة 120 قبل ولادة الراوي عنه أبي داود المسترق بأربعين سنة خال عن كل تحقيق وتقريب .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) ما في نسخ الكشي من ذكر تأريخ وفاة أبي داود برقم 130 تصحيف 230، ويشهد بالتصحيف رواية طبقة أصحاب الإمامين الرضا والجواد عليهما السلام عنه، وكذلك رواية الحسن بن محبوب المولود سنة 149 والمتوفى سنة 224، ورواية محمد بن الحسين بن أبي الخطاب المتوفى سنة 262 .

 

 

 

/ صفحة 298 /

ومن نماذج شعره :

إنـــــــا روينـــــــا في الحديث خبرا * يعـــــــرفه سايــــــر من كان روى

إن ابـــــــن خطـــــــاب أتـــاه رجل * فـــــــقال : كم عـــدة تطليق الإما؟!

فـــــــقال : يا حـــــــيدر كم تطليقة * للأمة ؟ اذكـــــره فأومى المرتضى

بإصبعـــــــيه فثـــــــنى الـوجه إلى * سائلـــــــه قــــــال : اثنتان وانثنى

قـــــــال له : تعرف هذا ؟ قال : لا * قـــــــال لـــــه : هذا علي ذو العلا

وقـــــــد روى عـــــــكرمة في خبر * مـــــــا شك فــــــيه أحد ولا امترى

مـــــــر ابن عـــباس على قوم وقد * سبـــــــوا عـــــــليا فاستـراع وبكا

وقـــــــال مغـــــــتاظا لهــــم : أيكم * ســـــــب إلــه الخلق جل وعلا ؟ !

قـــــــالوا : معـــــاذ الله قال : أيكم * ســـب رسول الله ظلما واجترا ؟ !

قـــــــالوا : معاذ الله قال : أيـــــكم * سب عليا خير من وطئ الحصا؟ !

قــــــالوا : نعم قد كان ذا فقال : قد * سمعـــــــت والله النــــــبي المجتبا

يقـــــــول : مــــــن سب عليا سبني * وسبـــــــتي ســـــــب الإلـه واكتفا

محـــــــمد وصنوه وابـــــــنـــــــتـــه * وابنـــــــيه خــير من تحفى واحتذا

صلــــــى عــليهم ربنا باري الورى * ومنشئ الخـــلق على وجه الثرى

صفاهم الله تعــــــالـــــــى وارتضى * واخــــــتارهم مـــن الأنام واجتبى

لــــــولاهم الله مــــــا رفــــع السما * ولا دحـى الأرض ولا أنشا الورى

لا يقــــــبل الله لعــــــبد عــــــمـــــلا * حــــــتى يــــواليهم بإخلاص الولا

ولا يتــــــم لامــــــرء صــــــلاتـــــه * إلا بــــــذكراهــــم ولا يزكو الدعا

لو لـم يكونوا خير من وطئ الحصا * مــــــا قـــال جبريل بهم تحت العبا

: هــــــل أنا منكم ؟ ! شرفا ثم علا * يفــــــاخر الأمـلاك إذ قالوا : بلى

لــــــو أن عــــــبدا لقي الله بأعمال * جــــــميع الخــــــلق بــــــرا وتقى

ولــــــم يكن والــــــى عـــليا حبطت * أعــــــماله وكــــــب فـي نار لظى

وإن جــــــبريل الأمــــــين قـــال لي * عــــــن ملــــــكيه الكاتبين مذ دنا

إنهــــــما ما كــتبوا قط على الطهر * عــــــليّ زلــــــة ولا خــــــنـــــــــا

 

/ صفحة 299 /

بيان ما حوته الأبيات من الحديث مما أخرجه أعلام العامة :

* (قوله) * :

إنا روينا في الحديث خبرا * يعرف ساير من كان روى

أخرج الحافظ الدارقطني وابن عساكر : إن رجلين أتيا عمر بن الخطاب وسألاه عن طلاق الأمة، فقام معهما فمشى حتى أتى حلقة في المسجد فيها رجل أصلع فقال : أيها الأصلع ما ترى في طلاق الأمة ؟ ! فرفع رأسه إليه ثم أومى إليه بالسبابة و الوسطى، فقال لهما عمر : تطليقتان .

 فقال أحدهما : سبحان الله جئناك وأنت أمير المؤمنين فمشيت معنا حتى وقفت على هذا الرجل فسألته فرضيت منه أن أومى إليك .

 فقال لهما : تدريان من هذا ؟ ! قالا : لا .

 قال : هذا علي بن أبي طالب أشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله لسمعته وهو يقول : إن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعا في كفة ثم وضع إيمان علي في كفة لرجح إيمان علي بن أبي طالب .

 م - وفي لفظ الزمخشري : جئناك وأنت الخليفة فسألناك عن طلاق فجئت إلى رجل فسألته، فوالله ما كلمتك .

 فقال له عمر : ويلك أتدري من هذا ؟ الحديث ] .

 ونقله عن الحافظين : الدار قطني وابن عساكر ] الكنجي في الكفاية ص 129 وقال : هذا حسن ثابت .

 ورواه من طريق الزمخشري خطيب الحرمين الخوارزمي في المناقب ص 78، والسيد علي الهمداني في مودة القربى .

 وحديث الميزان رواه عن عمر محب الدين الطبري في " الرياض " 1 ص 244، والصفوري في " نزهة المجالس " 2 ص 240 .

 

* (قوله) * :

وقد روى عكرمة في خبر * ما شك فيه أحد ولا امترا

أخرج أبو عبد الله الملا في سيرته عن ابن عباس : إنه مر بعد ما كف بصره على قوم يسبون عليا فقال لقائده : ما سمعت هؤلاء يقولون ؟ ! قال : سبوا عليا . قال : ردني إليهم . فرده فقال : أيكم الساب لله عز وجل ؟ ! قالوا : سبحان الله من سب الله فقد أشرك . قال : فأيكم الساب لرسول الله ؟ ! قالوا : سبحان الله ومن سب رسول الله فقد كفر . قال : أيكم الساب علي بن أبي طالب ؟ ! قالوا : أما هذا فقد كان . قال : فأنا أشهد بالله

 

 

/ صفحة 300 /

وأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله عز وجل ومن سب الله كبه الله على منخريه في النار . ثم ولى عنهم فقال لقائده : ما سمعتهم يقولون ؟ ! قال : ما قولوا شيئا . قال : فكيف رأيت وجوههم إذ قلت ما قلت ؟ ! قال :

نظــــــروا إليك بأعين محمرة * نظر التيوس إلى شفار الجازر

قال : زدني فداك أبوك .

 قال :

خزر العيون نواكس أبصارهم * نظـــر الذليل إلى العزيز القاهر

قال : زدني فداك أبوك .

 قال : ما عندي غير هذا قال : لكن عندي :

أحياؤهم عار على أمواتهم * والميتون فـــضيحة للغابـــر

وأخرجه محب الدين الطبري في " الرياض " 1 ص 166، والكنجي في " الكفاية " ص 27، وشيخ الاسلام الحموي في " الفرايد " في الباب السادس والخمسين، وابن الصباغ المالكي في " الفصول " ص 126 .

 

* (قوله) * :

محــــمد وصنـــوه وابنـــــته * وابنيه خير من تحفى واحتذا

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : لما خلق الله تعالى آدم أبا البشر ونفخ فيه من روحه إلتفت آدم يمنة العرش فإذا في النور خمسة أشباح سجدا وركعا قال آدم : هل خلقت أحدا من طين قبلي ؟ ! قال : لا يا آدم قال : فمن هؤلاء الخمسة الأشباح الذين أراهم في هيئتي وصورتي ؟ ! قال : هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي لولاهم ما خلقت الجنة والنار، ولا العرش ولا الكرسي، ولا السماء ولا الأرض، ولا الملائكة ولا الإنس ولا الجن، فأنا المحمود وهذا محمد، وأنا العالي وهذا علي، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا الاحسان وهذا الحسن، وأنا المحسن وهذا الحسين، آليت بعزتي أن لا يأتيني أحد بمثقال ذرة من خردل من بغض أحدهم إلا أدخله ناري، ولا أبالي يا آدم ؟ هؤلاء صفوتي بهم أنجيهم وبهم أهلكهم، فإذا كان لك إلي حاجة فبهؤلاء توسل .

 فقال النبي صلى الله عليه وآله : نحن سفينة النجاة من تعلق بها نجا، ومن حاد عنها هلك، فمن كان إلى الله حاجة، فليسأل بنا أهل البيت .

 

 

 

/ صفحة 301 /

أخرجه شيخ الاسلام الحموي في الباب الأول من " فرايد السمطين " .

 وروى قريبا منه الخطيب الخوارزمي في " المناقب " ص 252 .

 وحديث السفينة رواه الحاكم في المستدرك 3 ص 151 عن أبي ذر وصححه بلفظ : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. وأخرجه الخطيب في تاريخه 12 ص 91 عن أنس . والبزار عن ابن عباس . وابن الزبير .

 وابن جرير، والطبراني عن أبي ذر و أبي سعيد الخدري . وأبو نعيم، وابن عبد البر، ومحب الدين الطبري . وكثيرون آخرون. وأشار إليه الإمام الشافعي بقوله المأثور عنه في " رشفة الصادي " ص 24 :

ولمـــا رأيـــت النـــاس قد ذهبت بهم * مـــذاهبهم فـــي أبحـــر الغي والجهل

ركبـــت على اسم الله في سفن النجا * وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل

وأمسكـــت حـــبل الله وهـــو ولائهـم * كمـــا قـــد أمرنا بالتمسك بالحبل (1)

* (قوله) * :

لا يقـــبل الله لعـــبد عـــملا * حتى يواليهم بإخلاص الولا

عن ابن عباس في حديث عن النبي صلى الله عليه وآله : لو أن رجلا صفن (2) بين الركن والمقام فصلى وصام ثم لقي الله وهو مبغض لأهل بيت محمد دخل النار . أخرجه الحاكم في المستدرك 3 ص 149 وصححه والذهبي في تلخيصه .

 وأخرج الطبراني في الأوسط من طريق أبي ليلى عن الإمام السبط الشهيد عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : الزموا مودتنا أهل البيت فإنه من لقي الله عز وجل وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا ينفع عبدا عمله إلا بمعرفة حقنا .

و ذكره الهيثمي في " المجمع " 9 ص 172، وابن حجر في " الصواعق "، ومحمد سليمان محفوظ في " أعجب ما رأيت " 1 ص 8 . والنبهاني في " الشرف المؤبد " ص 96 والحضرمي في " رشفة الصادي " ص 43 .

 وأخرج الحافظ السمان في أماليه بإسناده عن رسول الله صلى الله عليه وآله : لو أن عبدا عبد الله سبعة آلاف سنة وهو عمر الدنيا ثم أتى الله عز وجل يبغض علي بن أبي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) يأتي شرح هذا البيت الأخير في محله إنشاء الله تعالى .

 (2) صفن الرجل : صف بين قدميه .

 

 

 

/ صفحة 302 /

طالب جاهدا لحقه ناكثا لولايته لأتعس الله خيره وجدع أنفه .

 وذكره القرشي في شمس الأخبار ص 40 .

 وأخرج الخوارزمي في " المناقب " ص 39 عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لعلي : يا علي ؟ لو أن عبدا عبد الله عز وجل مثل ما قام نوح في قومه وكان له مثل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله ومد في عمره حتى حج ألف عام على قدميه، ثم قتل بين الصفا والمروة مظلوما، ثم لم يوالك يا علي ؟ لم يشم رائحة الجنة ولم يدخلها .

 عن أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : يا أم سلمة أتعرفينه ؟ ! قلت : نعم هذا علي بن أبي طالب .

 قال : صدقت سجيته سجيتي ودمه دمي وهو عيبة علمي فاسمعي واشهدي لو أن عبدا من عباد الله عز وجل عبد الله ألف عام بين الركن والمقام ثم لقي الله عز وجل مبغضا لعلي بن أبي طالب وعترتي أكبه الله تعالى على منخره يوم القيامة في نار جهنم .

 أخرجه الحافظ الكنجي بإسناده من طريق الحافظ أبي الفضل السلامي ثم قال : هذا حديث سنده مشهور عند أهل النقل .

 وأخرج ابن عساكر في تاريخه مسندا عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وآله في حديث : يا علي ؟ لو أن أمتي صاموا حتى يكونوا كالحنايا، وصلوا حتى يكونوا كالاوتار، ثم أبغضوك لأكبهم الله في النار .

 وذكره الكنجي في " الكفاية " ص 179 و أخرجه الفقيه ابن المغازلي في " المناقب " ونقله عنه القرشي في " شمس الأخبار " ص 33 .

 ورواه شيخ الاسلام الحموي في " الفرايد " في الباب الأول .

 وهناك أخبار كثيرة تضاهي هذه في ولاء أمير المؤمنين وعترته لا يسعنا ذكرها .

 * (قوله) * :

ولا يتم لامرء صلاته *إلا بـــذكــــــراهــم....

أشار إلى كون الصلاة عليهم مأمورا بها في الصلاة وفي المقام أخبار كثيرة وكلمات ضافية توجد في طيات كتب الفقه والتفسير والحديث . ذكر ابن حجر في " الصواعق " ص 87 قوله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما . وروى جملة من الأخبار الصحيحة الواردة فيها وأن النبي صلى الله عليه وآله قرن الصلاة على آله بالصلاة عليه لما سئل عن كيفية الصلاة والسلام عليه

 

 

/ صفحة 303 /

ثم قال : وهذا دليل ظاهر على أن الأمر بالصلاة على أهل بيته وبقية آله مراد منه هذه الآية وإلا لم يسألوا عن الصلاة على أهل بيته وآله عقب نزولها ولم يجابوا بما ذكر فلما أجيبوا به دل على أن الصلاة عليهم من جملة المأمور به وأنه صلى الله عليه وآله أقامهم في ذلك مقام نفسه لأن القصد من الصلاة عليه مزيد تعظيمه ومنه تعظيمهم ومن ثم لما دخل من مر في الكساء قال : أللهم إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم (1) وقضية استجابة هذا الدعاء : إن الله صلى عليهم معه فحينئذ طلب من المؤمنين صلاتهم عليهم معه .

 ويروى : لا تصلوا علي الصلاة البتراء .

 فقالوا : وما الصلاة البتراء ؟ قال : تقولون : أللهم صل على محمد وتمسكون بل قولوا : أللهم صل على محمد وعلى آل محمد . ثم نقل الإمام الشافعي قوله :

يا أهـــل بـــيت رســـول الله حــبكم * فـــرض مـن الله في القرآن أنزله

كفـــاكم مـــن عـــظيم القـــدر إنكم * من لم يصل عليكم لا صلاة له(2)

فقال : فيحتمل لا صلاة له صحيحة فيكون موافقا لقوله بوجوب الصلاة على الآل، ويحتمل لا صلاة كاملة فيوافق أظهر قوليه .

 وقال ص 139 من " الصواعق " : أخرج الدارقطني والبيهقي حديث من صلى صلاة ولم يصل فيها علي وعلى أهل بيتي لم تقبل منه .

 وكأن هذا الحديث هو مستند قول الشافعي رضي الله عنه : إن الصلاة على الآل من واجبات الصلاة كالصلاة عليه صلى الله عليه وآله لكنه ضعيف فمستنده الأمر في الحديث المتفق عليه : قولوا : أللهم صل على محمد و على آل محمد .

 والأمر للوجوب حقيقة على الأصح .

 وقال الرازي في تفسيره 7 ص 391 : إن الدعاء للآل منصب عظيم ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة وقوله : أللهم صل على محمد وآل محمد، و ارحم محمدا وآل محمد .

 وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل فكل ذلك يدل على أن حب آل محمد واجب .

 وقال : أهل بيته صلى الله عليه وآله ساووه في خمسة أشياء : في الصلاة عليه وعليهم في التشهد .

 وفي السلام . والطهارة . وفي تحريم الصدقة . وفي المحبة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) أخرجه أحمد في مسنده 6 ص 323 .

 (2) ونسبهما إلى الإمام الشافعي الزرقاني في شرح المواهب 7 ص 7 وجمع آخرون .

 

 

 

/ صفحة 304 /

وقال النيسابوري في تفسيره عند قوله تعالى : قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى : كفى شرفا لآل رسول الله صلى الله عليه وآله وفخرا ختم التشهد بذكرهم والصلاة عليهم في كل صلاة .

 وروى محب الدين الطبري في " الذخاير " ص 19 عن جابر رضي الله عنه أنه كان يقول : لو صليت صلاة لم أصل فيها على محمد وعلى آل محمد ما رأيت أنها تقبل .

 م - وأخرج القاضي عياض في الشفا عن ابن مسعود مرفوعا : من صلى صلاة لم يصل علي فيها وعلى أهل بيتي لم تقبل منه .

 وللقاضي الخفاجي الحنفي في شرح الشفا 3 ص 500 - 505 فوائد جمة حول المسألة وذكر مختصر ما صنفه الإمام الخيصري في المسألة سماه [ زهر الرياض في رد ما شنعه القاضي عياض ] .

 وصور الصلوات المأثورة على النبي وآله مذكورة في (شفاء السقام) لتقي الدين السبكي ص 181 - 187، وأورد جملة منها الحافظ الهيثمي في مجمع الزوايد ج 10 ص 163 وأول لفظ ذكره عن بريدة قال : قلنا : يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك ؟ ! قال .

 قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وآله محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد .

* (قوله : ولا يزكو الدعا) * إشارة إلي ما أخرجه الديلمي أنه صلى الله عليه وآله قال : الدعاء محجوب حتى يصلى على محمد وأهل بيته : أللهم صلي على محمد وآله . ورواه عنه ابن حجر في " الصواعق " ص 88 .

 م - وأخرجه الطبراني في الأوسط عن علي أمير المؤمنين عليه السلام : كل دعاء محجوب حتى يصلى على محمد وآل محمد.

 وذكره الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد 10 ص 160 وقال : رجاله ثقات ] .

 م - وأخرجه البيهقي وابن عساكر وغيرهما عن علي عليه السلام مرفوعا ما معناه : الدعاء والصلاة معلق بين السماء والأرض لا يصعد إلى الله منه شيء حتى يصلى عليه صلى الله عليه وآله وعلى آل محمد .

 " شرح الشفا للخفاجي " 3 ص 506 ] .

 

* (قوله) * :

لو لم يكونوا خير من وطئ الحصا * ما قــــال جـــبريل لهم تحت العبا

 

 

/ صفحة 305 /

أشار إلى ما ورد في لفظ بعض رواة حديث الكساء الصحيح المتواتر المتفق عليه من : أنه صلى الله عليه وآله أدرج معهم جبرئيل وميكائيل . ذكره الشبلنجي في [ نور الأبصار ] ص 112، والصبان في " الاسعاف " [ هامش نور الأبصار ] ص 107 .

 * (قوله) * :

وإن جبريل الأمين قال لي * عـن ملكيه الكاتبين مذ دنا

أخرج الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخه 14 49 عن عمار بن ياسر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن حافظي علي بن أبي طالب ليفخران على ساير الحفظة لكينونتهما مع علي بن أبي طالب وذلك أنهما لم يصعدا إلى الله تعالى بعمل يسخطه . وفي لفظه الآخر : قط . وأخرجه الفقيه ابن المغازلي في " المناقب " . والخوارزمي في " المناقب " 251 . والقرشي في [ شمس الأخبار ] ص 36 .

 * (ومن شعر العبدي) *:

آل النـــبـــي مـــحـــــــــمـــــــد * أهـــل الفـــضايـــل والمنــاقب

المـــرشدون مـــن العـــمــــى * والمنـــقـــذون مــــن اللوازب

الصـــادقون النـــاطـــقــــــون * الســـابـــقون إلـــى الــرغائب

فـــولاهم فـــرض مـــن الــــر * حـــمن فـــي القـــرآن واجــب

وهـــم الصـــراط فمستقـــيـــم * فـــوقـــه نـــاج ونـــــــاكــــــب

صـــديقـــة خـــلقـــت لــــصـــد * يـــق شـــريـــف فـي المناسب

اخـــتاره واخـــتـــارهـــــــــــــا * طهـــرين مــــن دنس المعايب

إسمـــاهما قـــرنـــا على سطر * بظـــل الـــعــــــــــرش راتـــب

كـــان الإلــــــه ولـــيـــهـــــــــا * وأمـــيـــنـــه جـــبـــريل خاطب

والمهـر خمس الأرض موهبة * تعـــالت فـــي الــمـــواهــــــب

وتهـــابها مـــن حـــمل طـــوبى * طـــيـــبت تـــلك المـــنـــاهــب

* (بيان ما ضمنته الأبيات من الحديث) *

* (قوله) * : الصادقون : إشارة إلى ما روي في قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين .

 (سورة التوبة) من طريق الحافظ أبي نعيم وابن

 

 

/ صفحة 306 /

مردويه وابن عساكر وآخرين كثيرين عن جابر وابن عباس : أي كونوا مع علي ابن أبي طالب . ورواه الكنجي الشافعي في " الكفاية " ص 111 . والحافظ السيوطي في (الدر المنثور) 3 ص 290 . وقال سبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرته ص 10 : قال علماء السير : معناه : كونوا مع علي وأهل بيته . قال ابن عباس : علي سيد الصادقين .

 * (قوله) * : السابقون إلى الرغائب : إشارة إلى قوله تعالى : والسابقون السابقون أولئك المقربون .

 (سورة الواقعة) وإنها نزلت في علي عليه السلام .

 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس : إنها نزلت في حزقيل مؤمن آل فرعون . وحبيب النجار الذي ذكر في يس . وعلي بن أبي طالب . وكل رجل منهم سابق أمته وعلي أفضلهم . وفي لفظ ابن أبي حاتم يوشع بن نون بدل حزقيل . وأخرج الديلمي عن عايشة . و الطبراني وابن الضحاك والثعلبي وابن مردويه وابن المغازلي عن ابن عباس : إن النبي صلى الله عليه وآله قال : السبق . وفي لفظ : السباق ثلاثة : السابق إلى موسى يوشع بن نون وصاحب ياسين إلى عيسى . والسابق إلى محمد علي بن أبي طالب . وزاد الثعالبي في لفظه : فهم الصديقون وعلي أفضلهم . ورواه محب الدين الطبري في رياضه 1 ص 157، والهيثمي في " المجمع " 9 ص 102، والكنجي في " الكفاية " ص 46 بلفظ : سباق الأمم ثلاثة لم يشركوا بالله طرفة عين : علي بن أبي طالب . وصاحب ياسين . ومؤمن آل فرعون . فهم الصديقون وعلي أفضلهم . ثم قال : هذا سند اعتمد عليه الدار قطني واحتج به . ورواه باللفظ الأول الحافظ السيوطي في [ الدر المنثور ] 6 ص 154 . وابن حجر في " الصواعق " ص 74 . وسبط ابن الجوزي في " التذكرة " ص 11 .

 * (قوله) * : فولاهم فرض من الر - حمان في القرآن واجب أشار به إلى قوله تعالى : قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا (1) توجد في الكتب والمعاجم أحاديث و

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) سورة الشورى  آية 23 .

 

 

 

/ صفحة 307 /

كلمات ضافية حول الآية الشريفة لا يسعنا بسط المقال فيها غير أنا نقتصر بجملة منها .

 1 - أخرج أحمد في المناقب . وابن المنذر . وابن أبي حاتم . والطبراني . و ابن مردويه . والواحدي . والثعلبي . وأبو نعيم . والبغوي في تفسيره . وابن المغازلي في المناقب بأسانيدهم عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ ! فقال : علي وفاطمة وابناهما . ورواه محب الدين الطبري في " الذخائر " ص 25، والزمخشري في " الكشاف 2 ص 339 . والحموي في " الفرايد "، والنيسابوري في تفسيره، وابن طلحة الشافعي في " مطالب السئول " ص 8 وصححه، والرازي في تفسيره، وأبو السعود في تفسيره 1 (هامش تفسير الرازي) 7 ص 665، وأبو حيان في تفسيره 7 ص 516، والنسفي في تفسيره (هامش تفسير الخازن) 4 ص 99، والحافظ الهيثمي في " المجمع " 9 ص 168، وابن الصباغ المالكي في [ الفصول المهمة ] ص 12، والحافظ الكنجي في " الكفاية " ص 31، والقسطلاني في " المواهب " وقال : ألزم الله مودة قرباه كافة بريته، وفرض محبة جملة أهل بيته المعظم وذريته فقال تعالى : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى .

 ورواه الزرقاني في (شرح المواهب) 7 ص 3 و 21، وابن حجر في " الصواعق " ص 101 و 135، م - والسيوطي في [ إحياء الميت ] هامش " الإتحاف " ص 239، والشبلنجي في " نور الأبصار " 112، والصبان في " الاسعاف " هامش نور الأبصار ص 105 .

 2 - أخرج الحافظ أبو عبد الله الملا في سيرته : أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إن الله جعل أجري عليكم المودة في أهل بيتي وإني سائلكم غدا عنهم .

 ورواه محب الدين الطبري في " الذخائر " ص 25، وابن حجر في " الصواعق " ص 102 و 136، والسمهودي في [ جواهر العقدين ] .

 3 - قال جابر بن عبد الله : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وقال : يا محمد أعرض علي الاسلام فقال : تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده و رسوله .

 قال : تسألني عليه أجرا ؟ ! قال : لا إلا المودة في القربى .

 قال : قرابتي أو قرابتك ؟ ! قال : قرابتي .

 قال : هات، أبايعك، فعلى من لا يحبك ولا يحب قرابتك لعنة الله .

 فقال

 

 

/ صفحة 308 /

النبي صلى الله عليه وآله : آمين .

 أخرجه الحافظ الكنجي في " الكفاية " ص 31 من طريق الحافظ أبي نعيم عن محمد بن أحمد بن مخلد عن الحافظ ابن أبي شيبة بإسناده .

 4 - أخرج الحافظ الطبري وابن عساكر م - والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ] بعدة طرق عن أبي أمامة الباهلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله خلق الأنبياء من أشجار شتى وخلقني من شجرة واحدة فأنا أصلها، وعلي فرعها، و وفاطمة لقاحها، والحسن والحسين ثمرها، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا، ومن زاغ عنها هوى، ولو أن عبدا عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام ثم لم يدرك صحبتنا أكبه الله على منخريه في النار .

 ثم تلا : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى .

 وذكر الكنجي في " الكفاية " ص 178 .

 5 أخرج أحمد وأبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى : ومن يقترف حسنة قال : المودة لآل محمد .

 ورواه الثعلبي في تفسيره مسندا، وابن الصباغ المالكي في " الفصول " ص 13، وابن المغازلي في " المناقب "، وابن حجر في " الصواعق " ص 101، والسيوطي في " الدر المنثور " 6 ص 7، و " إحياء الميت " - هامش الإتحاف ص 239، والحضرمي في " الرشفة " ص 23، والنبهاني في [ الشرف المؤبد ] ص 95 .

 6 - أخرج أبو الشيخ ابن حبان في كتابه " الثواب " من طريق الواحدي عن علي عليه السلام قال : فينا آل حم آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن .

 ثم قرأ : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى .

 وذكره ابن حجر في " الصواعق " 101 و 136، والسمهودي في [ جواهر العقدين ] .

 7 - عن أبي الطفيل قال : خطبنا الحسن بن علي بن أبي طالب فحمد الله وأثنى عليه وذكر أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه خاتم الأوصياء ووصي الأنبياء وأمين الصديقين .

 والشهداء ثم قال : أيها الناس لقد فارقكم رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعطيه الراية فيقاتل جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فما يرجع حتى يفتح الله عليه، ولقد قبضه الله في الليلة التي قبض فيها وصي موسى وعرج بروحه في الليلة التي عرج فيها بروح عيسى بن مريم، وفي الليلة التي أنزل الله عز وجل فيها الفرقان، والله ما ترك ذهبا ولا فضة، وما في بيت ماله إلا سبعمائة

 

 

/ صفحة 309 /

وخمسون درهما فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما لأم كلثوم .

 ثم قال : من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد .

 ثم تلا هذه الآية قول يوسف : واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب .

 ثم أخذ في كتاب الله .

 ثم قال : أنا ابن البشير، وأنا ابن النذير، أنا ابن النبي، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا ابن الذي أرسل رحمة للعالمين، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وأنا من أهل البيت الذين افترض الله عز وجل مودتهم وولايتهم فقال فيما أنزل على محمد : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى .

 م - وفي لفظ الحافظ الزرندي في [ نظم درر السمطين ] وأنا من أهل البيت الذين كان جبريل عليه السلام ينزل فينا ويصعد من عندنا، وأنا من أهل البيت الذين افترض الله تعالى مودتهم على كل مسلم وأنزل الله فيهم : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا . واقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت ] .

 أخرجه البزار والطبراني في الكبير . وأبو الفرج في مقاتل الطالبيين . و ابن أبي الحديد في شرح النهج 4 ص 11 . والهيثمي في مجمع الزوايد 9 ص 146 . وابن الصباغ المالكي في الفصول ص 166 وقال : رواه جماعة من أصحاب السير وغيرهم . والحافظ الكنجي في الكفاية ص 32 من طريق ابن عقدة عن أبي الطفيل . والنسائي عن هبيرة، وابن حجر في الصواعق ص 101 و 136 . والصفوري في نزهة المجالس 2 ص 231 . والحضرمي في الرشفة 43 .

 8 - أخرج الطبري في تفسيره 24 ص 16 بإسناده عن السدي عن أبي الديلم قال : لما جيئ بعلي بن الحسين (الإمام السجاد) رضي الله عنهما أسيرا فأقيم على درج الدمشق قام رجل من أهل الشام فقال : الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم وقطع قرني الفتنة .

 فقال له علي بن الحسين رضي الله عنه : أقرأت القرآن ؟ ! فقال : نعم .

 قال : فقرأت آل حم ؟ ! قال : قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم .

 قال : ما قرأت : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى .

 قال : وإنكم لأنتم هم ؟ ! قال : نعم .

 ورواه الثعلبي في تفسير بإسناده .

 وأشار إليه أبو حيان في تفسيره 7 ص 516 .

 

 

 

/ صفحة 310 /

وأخرجه السيوطي في الدر المنثور 6 ص 7 . وابن حجر في الصواعق 101 و 136 . عن الطبراني .

 والزرقاني في شرح المواهب 7 ص 20 .

 9 - روى الطبري في تفسيره 24 ص 16 و 17 عن سعيد بن بن جبير وعمرو بن شعيب أنهما قالا : هي قربى رسول الله صلى الله عليه وآله .

 ورواه عنهما وعن السدي أبو حيان في تفسيره و السيوطي في الدر المنثور .

 قال الفخر الرازي في تفسيره 7 ص 390 : وأنا أقول : آل محمد صلى الله عليه وآله هم الذين يؤول أمرهم إليه فكل من كان أمرهم إليه أشد وأكمل كانوا هم الآل، ولا شك أن فاطمة وعليا والحسن والحسين كان التعلق بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وآله أشد التعلقات، وهذا كالمعلول بالنقل المتواتر، وجب أن يكونوا هم الآل .

 وقال المناوي : قال الحافظ الزرندي .

 لم يكن أحد من العلماء المجتهدين و والأئمة المهتدين إلا وله في ولاية أهل البيت الحظ الوافر والفخر الزاهر كما أمر الله بقوله : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى (1) وقال ابن حجر في الصواعق ص 89 : أخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وآله قال : وقفوهم إنهم مسئولون عن ولاية علي .

 وكأن هذا هو مراد الواحدي بقوله : روي في قوله تعالى : وقفوهم إنهم مسئولون أي عن ولاية علي وأهل البيت لأن الله أمر نبيه صلى الله عليه وآله أن يعرف الخلق أنه لا يسألهم على تبليغ الرسالة أجرا إلا المودة في القربى .

 والمعنى إنهم يسألون : هل والوهم حق المولاة كما أوصاهم النبي صلى الله عليه وآله أم أضاعوها وأهملوها ؟ ! ؟ ! فتكون عليهم المطالبة والتبعة .

 وذكر في الصواعق ص 101 للشيخ شمس الدين ابن العربي قوله :

رأيـــت ولائـــي آل طـــه فـــريـــضة * عـلى رغم أهل البعد يورثني القربا

فما طلب المبعوث أجرا على الهدى * بتبليغـــه إلا المـــودة فـــي القـربى

وذكر ابن الصباغ المالكي في الفصول ص 13 لقائل :

هـــم العـــروة الـوثقى لمعتصم بها * مناقبهم جاءت بوحي وإنزال مناقب

فـــي شـــورى وســـورة هـــل أتـى * وفــي سورة الأحزاب يعرفها التالي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) م - وقفنا على (نظم درر السمطين) للحافظ الزرندي فوجدنا الكلمة على ما حكاها المناوي) .

 

 

 

/ صفحة 311 /

وهـــم آل بـــيت المصطفى فودادهم * على الناس مفروض بحكم وإسجال

وذكر لآخر :

هم القوم من أصفاهم الود مخلصا * تمـــسك فـي أخراه بالسبب الأقوى

هـــم القـــوم فاقوا العالمين مناقبا * محـــاسنهم تجـــلى وآثـارهم تروى

مـــوالاتهم فـــرض وحـــبهم هـدى * وطـــاعتهم ود وودهـــم تـــقــــــوى

وذكر الشبلنجي في نور الأبصار ص 13 لأبي الحسن بن جبير :

أحــب النبي المصطفى وابن عمه * عـــليا وسبطــــيه وفاطمة الزهرا

هـم أهل بيت أذهب الرجس عنهم * وأطــلعهم افق الهدى أنجما زهرا

مــــوالاتهم فـرض على كل مسلم * وحبهـــم أســـنى الذخائر للأخرى

ومــــا أنا للصحب الكرام بمبغض * فإني أرى البغضاء في حقهم كفرا

* (قوله) * :

وهم الصراط فمستقيم * فـــوقه نـــاج ونـــاكب

أخرج الثعلبي في " الكشف والبيان " في قوله تعالى : إهدنا الصراط المستقيم . قال مسلم بن حيان : سمعت أبا بريدة يقول : صراط محمد وآله .

 وفي تفسير وكيع بن الجراح عن سفيان الثوري عن السدي عن أسباط ومجاهد عن عبد الله بن عباس في قوله تعالى : إهدنا الصراط المستقيم .

 قال : قولوا معاشر العباد أرشدنا إلى حب محمد وأهل بيته .

 وأخرج الحموي في " الفرايد " بإسناده عن أصبغ بن نباتة عن علي عليه السلام في قوله تعالى : وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون (1) قال : الصراط ولايتنا أهل البيت .

 وأخرج الخوارزمي في " المناقب " : الصراط صراطان : صراط في الدنيا .

 وصراط في الآخرة . فأما صراط الدنيا فهو علي بن أبي طالب . وأما صراط الآخرة فهو جسر جهنم . من عرف صراط الدنيا جاز على صراط الآخرة .

 ويوضح معنى هذا الحديث ما أخرجه ابن عدي والديلمي كما في " الصواعق " ص 111 عن رسول الله صلى الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) سورة المؤمنون آية 75 .

 

 

 

/ صفحة 312 /

عليه وآله قال : أثبتكم على الصراط أشدكم حبا لأهل بيتي ولأصحابي .

 وأخرج شيخ الاسلام الحموي بإسناده في فرايد السمطين في حديث عن الإمام جعفر الصادق قوله : نحن خيرة الله ونحن الطريق الواضح والصراط المستقيم إلى الله .

 فهم الصراط إلى الله فمن تمسك بهم فقد إتخذ إلى ربه سبيلا كما ورد فيما أخرجه أبو سعيد في شرف النبوة بإسناده عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : أنا وأهل بيتي شجرة في الجنة وأغصانها في الدنيا، فمن تمسك بنا إتخذ إلى ربه سبيلا .

 [ ذخاير العقبى ص 16 ] .

* (قوله) * : صديقة .

 يعني به فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله سماها بها أبوها فيما أخرجه أبو سعيد في " شرف النبوة " عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال لعلي : أوتيت ثلاثا لم يؤتهن أحد ولا أنا : أوتيت صهرا مثلي ولم أوت أنا مثلي .

 وأوتيت زوجة صديقة مثل ابنتي و لم أوت مثلها زوجة .

 وأوتيت الحسن والحسين من صلبك ولم أوت من صلبي مثلهما، ولكنكم مني وأنا منكم . الرياض النضرة 2 ص 202 .

 وعن عايشة أم المؤمنين قالت : ما رأيت أحد كان أصدق لهجة من فاطمة إلا أن يكون الذي ولدها صلى الله عليه وآله .

 حلية الأولياء 2 ص 42، الاستيعاب 2 ص 751 ذخاير العقبى ص 44، تقريب الأسانيد وشرحه 1 ص 150، مجمع الزوايد 9 ص 201 وقال : رجاله رجال الصحيح .

* (قوله) * : لصديق .

 يعني به أمير المؤمنين صلوات الله عليه وهو صديق هذه الأمة وذلك لقبه الخاص، قال محب الدين الطبري في رياضه : إن رسول الله صلى الله عليه وآله سماه صديقا وقال في ص 155 : قال الخجندي : وكان يلقب بيعسوب الأمة وبالصديق الأكبر .

 وهناك أخبار كثيرة نذكر بعضها .

 1 - أخرج ابن النجار وأحمد في المناقب عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله الصديقون ثلاثة : حزقيل مؤمن آل فرعون . وحبيب النجار صاحب آل ياسين . وعلي بن أبي طالب . وأخرجه أبو نعيم في المعرفة وابن عساكر عن أبي ليلى، وزادا في لفظهما : وهو أفضلهم .

 

 

 

/ صفحة 313 /

وأخرجه محب الدين الطبري في الرياض 2 ص 154، والكنجي في الكفاية 47 بلفظ أبي ليلى، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6 ص 152، وابن حجر في الصواعق ص 74 بلفظ ابن عباس، وص 75 بلفظ أبي ليلى .

 2 - عن رسول الله صلى الله عليه وآله : إن هذا أول من آمن بي، وهو أول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق و الباطل، وهذا يعسوب المؤمنين . أخرجه الطبراني عن سلمان وأبي ذر . والبيهقي والعدني عن حذيفة .

 والهيثمي في المجمع 9 ص 102، والحافظ الكنجي في الكفاية 79 من طريق الحافظ ابن عساكر وفي آخره : وهو بابي الذي أوتى منه وهو خليفتي من بعدي .

 وذكره باللفظ الأول المتقي الهندي في إكمال كنز العمال 6 ص 56 .

 3 - عن ابن عباس وأبي ذر قالا : سمعنا النبي صلى الله عليه وآله يقول لعلي : أنت الصديق الأكبر، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل .

 أخرجه محب الدين في الرياض 2 ص 155 وقال : وفي رواية : وأنت يعسوب الدين .

 عن الحاكمي والقرشي في شمس الأخبار ص 35 وفيه : وأنت يعسوب المؤمنين .

 ورواه مع الزيادة شيخ الاسلام الحموي في الفرايد في الباب الرابع والعشرين .

 وابن أبي الحديد عن أبي رافع في شرح النهج 3 ص 257 ولفظه : قال أبو رافع : أتيت أبا ذر بالربذة أودعه فلما أردت الانصراف قال لي ولأناس معي : ستكون فتنة فاتقوا الله وعليكم بالشيخ علي بن أبي طالب فاتبعوه، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول له : أنت أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وأنت الصديق الأكبر، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل، وأنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الكافرين، وأنت أخي ووزيري وخير من أترك بعدي وتنجز موعدي .

 وذكره القاضي الأيجي في " المواقف " 3 ص 276، والصفوري في (نزهة المجالس) 2 ص 205 .

 4 - عن النبي صلى الله عليه وآله قال قال لي ربي عز وجل ليلة أسرى بي : من خلفت على أمتك يا محمد ؟ قال قلت : يا رب أنت أعلم .

 قال : يا محمد ؟ انتجبتك برسالتي، واصطفيتك لنفسي، وأنت نبيي وخيرتي من خلقي، ثم الصديق الأكبر الطاهر المطهر

 

 

/ صفحة 314 /

الذي خلقته من طينتك وجعلته وزيرك وأبي سبطيك السيدين الشهيدين الطاهرين المطهرين سيدي شباب الجنة : وزوجته خير نساء العالمين، أنت شجرة وعلي غصنها وفاطمة ورقها والحسن والحسين ثمارها، خلقتهما من طينة عليين وخلقت شيعتكم منكم، إنهم لو ضربوا على أعناقهم بالسيوف ما ازدادوا لكم إلا حبا .

 قلت : يا رب ومن الصديق الأكبر ؟ ! قال : أخوك علي بن أبي طالب .

 أخرجه القرشي في " شمس الأخبار " ص 33 .

 5 - عن علي عليه السلام أنه قال : أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب مفتري، لقد صليت قبل الناس سبع سنين . أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح . والنسائي في " الخصايص " ص 3 بسند رجاله ثقات . وابن أبي عاصم في " السنة " . والحاكم في " المستدرك " 3 ص 112 وصححه . وأبو نعيم في " المعرفة " . وابن ماجة في سننه 1 ص 57 بسند صحيح . والطبري في تاريخه 2 ص 213 بإسناد صحيح . والعقيلي . والخلعي . وابن الأثير في " الكامل " 2 ص 22 . و ابن أبي الحديد في شرح النهج 3 ص 257 . ومحب الدين الطبري في " الذخاير " ص 60، و " الرياض " 2 ص 155 و 158 و 167 . والحموي في " الفرايد " في الباب التاسع والأربعين . والسيوطي في " الجمع " كما في ترتيبه 6 ص 394 . وفي طبقات الشعراني 2 ص 55 : قال علي رضي الله عنه : أنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كاذب.

 6 - عن معاذة قالت : سمعت عليا وهو يخطب على منبر البصرة يقول : أنا الصديق الأكبر آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر وأسلمت قبل أن يسلم أبو بكر . أخرجه ابن قتيبة في " المعارف " ص 73 . وابن أيوب . والعقيلي .

 ومحب الدين في " الذخاير " ص 58، و " الرياض " 2 ص 155، و 157، وذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج 3 ص 251، 257، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6 ص 405 .

* (قوله) * :

إسماهما قرنا على سطر * بظـــل العـــرش راتـــــب

أشار إلى حديث كتابة أسماء فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها في ظل العرش وقد كتبت على باب الجنة كما أخرجه الخطيب البغدادي في تأريخه 1 ص 259 عن

 

 

/ صفحة 315 /

ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ليلة عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوبا لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي حبيب الله، والحسن الحسين صفوة الله، فاطمة خيرة الله، على مبغضيهم لعنة الله .

 ورواه الخطيب الخوارزمي في مناقبه ص 240 .

* (قوله) * :

كــــان الإلــــه وليها * وأمينه جبريل خاطب

إشارة إلى أن الله تعالى هو زوج فاطمة عليا وكان ولي أمرها وخطب فيه الأمين جبرئيل عليه السلام كما ورد عن جابر بن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أيها الناس ؟ هذا علي بن أبي طالب أنتم تزعمون أنني أنا زوجته ابنتي فاطمة ولقد خطبها إلي أشراف قريش فلم أجب، كل ذلك أتوقع الخبر من السماء حتى جاءني جبرئيل ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان فقال : يا محمد : العلي الأعلى يقرأ عليك السلام، وقد جمع الروحانيين والكروبيين في واد يقال له : الأفيح .

 تحت شجرة طوبى و زوج فاطمة عليا وأمرني، فكنت الخاطب : والله تعالى الولي . الحديث . [ كفاية الطالب ص 164 ] .

 وأخرج محب الدين الطبري في الذخاير " ص 31 عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أتاني ملك فقال : يا محمد ؟ إن الله تعالى يقرأ عليك السلام ويقول لك : إني قد زوجت فاطمة ابنتك من علي بن أبي طالب في الملأ الأعلى فزوجها منه في الأرض .

 وأخرج النسائي والخطيب في تأريخه 4 ص 129 بالإسناد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : أصاب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله صبيح العرس رعدة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله : يا فاطمة ؟ إني زوجتك سيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين يا فاطمة ؟ إني لما أردت أن أملكك لعلي أمر الله جبريل فقام في السماء الرابعة فصف الملائكة صفوفا ثم خطب عليهم جبريل فزوجك من علي ثم أمر شجر الجنان فحملت الحلي والحلل ثم أمرها فنثرته على الملائكة، فمن أخذ منهم يومئذ أكثر مما أخذ صاحبه أو أحسن افتخر به إلى يوم القيامة .

 قالت أم سلمة : فلقد كانت فاطمة تفخر على النساء حيث أول من خطب عليها جبريل . وذكره الكنجي في " الكفاية " ص

 

 

/ صفحة 316 /

165 ثم قال : حديث حسن عال رزقناه عاليا . ومحب الدين في " الذخاير " ص 32 .

 وروى الصفوري في نزهة المجالس 2 ص 225 عن جبرئيل أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله أمر رضوان أن ينصب منبر الكرامة على باب البيت المعمور وأمر ملكا يقال له : " راحيل " أن يصعده، فعلا المنبر وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله فارتجت السموات فرحا وسرورا، وأوحى الله إلي أن أعقد عقدة النكاح، فإني زوجت عليا بفاطمة أمتي بنت محمد رسولي، فعقدت وأشهدت الملائكة وكتبت شهادتهم في هذه الحريرة، وإني أمرت أن أعرضها عليك وأختمها بخاتم مسك أبيض وأدفعها إلى رضوان خازن الجنان . وهناك في هذا المعنى أخبار كثيرة .

* (قوله) * :

والمهر خمس الأرض موهبة * تعـــالت فـــي المـــواهـــــــب

أشار به إلى ما أخرجه شيخ الاسلام الحموي في (فرايد السمطين) في الباب الثامن عشر عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال لعلي : يا علي ؟ إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، وإنه أوحى إلي أن أزوجك فاطمة على خمس الأرض، فهي صداقها فمن مشى على الأرض وهو لكم مبغض فالأرض حرام عليه أن يمشي عليها .

* (قوله) * :

وتهابها من حمل طوبى * طيــبـــت تلــك المواهب

أشار إلى حديث النثار المروي عن بلال بن حمامة قال : طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم متبسما ضاحكا ووجهه مسرور كدارة القمر فقام إليه عبد الرحمن بن عوف فقال : يا رسول الله ما هذا النور ؟ قال : بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي بأن الله زوج عليا من فاطمة، وأمر رضوان خازن الجنان فهز شجرة طوبى فحملت رقاعا - يعني صكاكا - بعدد محبي أهل البيت، وأنشأ تحتها ملائكة من نور ودفع إلى كل ملك صكاكا، فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلايق فلا يبقى محب لأهل البيت إلا دفعت له صكا فيه فكاكه من النار، فصار أخي وابن عمي وبنتي فكاك رقاب رجال ونساء أمتي من النار . أخرجه الخطيب في تاريخه 4 ص 210 . وابن الأثير في أسد الغابة 1 ص 206

 

 

/ صفحة 317 /

وابن الصباغ المالكي في " الفصول المهمة " . وأبو بكر الخوارزمي في " المناقب " . و ابن حجر في " الصواعق " ص 103 . والصفوري في نزهة المجالس 2 ص 225 . والحضرمي في " رشفة الصادي " ص 28 .

 وأخرج أبو عبد الله الملا في سيرته عن أنس قال بينما رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد إذ قال لعلي : هذا جبريل يخبرني أن الله زوجك فاطمة وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك وأوحى إلى شجرة طوبى : أن انثري عليهم الدر والياقوت.

 فنثرت عليهم الدر والياقوت فابتدرت إليه الحور العين يتلقطن في أطباق الدر والياقوت فهم يتهادونه بينهم إلى يوم القيامة . ورواه محب الدين في " الذخاير " ص 32 . وفي " الرياض " 2 ص 184 . والصفوري في نزهة المجالس 2 ص 223 .

* (ومن شعر العبدي) * :

يــــا ســــادتي يا بـــني علي * يــــا آل طــــه وآل صـــــــــاد

مــــن ذا يــــوازيكم وأنــــتم * خــــلايف الله فــــي الــبــــلاد

أنــــتم نجـوم الهدى اللواتي * يهــــدي بهــــا الله كــــل هـاد

لــــولا هــــداكم إذا ضــــللنا * والتــــبس الغــــي بالــــرشاد

لا زلــــت فــــي حبـكم أوالي * عـــمري وفي بغضكم أعادي

ومــــا تــــزودت غـــير حبي * إيــــاكم وهــــو خــــيــــر زاد

وذاك ذخــــري الــــذي عليه * فـي عرصة الحشر اعتمادي

ولاكــــم والبــــراء مــــمــن * يشــــنأكــــم إعــــتــــقـــــادي

وللعبدي قوله :

وزوج في السماء بأمر ربي * بفاطمة المهـــذبة الطـــهور

وصيـر مهرها خمسا بأرض * لمـــا تحـويه من كرم وحور

فذا خير الرجال وتلك خير ال‍ * نســاء ومهرها خير المهور

وله :

إذ أتــــته البــــتول فاطم تبكي * وتــــوالي شهــــيقها والزفيرا

اجتمعن النساء عندي وأقبلن * يطـــلن التقــــريع والتعـــبيرا

 

 

/ صفحة 318 /

قلــــن إن النــــبي زوجــــك اليوم * عــــليا بعــــلا معــــيلا فــــقـــــيرا

قال يا فاطم اصبري واشكري الله * فقــــد نــــلت منــــه فــــضلا كبيرا

أمــــر الله جــــبرئيــــل فــــنـــادى * معــــلنا فــي السماء صوتا جهيرا

اجتمعــــن الأمــــلاك حـتى إذا ما * وردوا بــــيــــت ربــــنا المعــمورا

قــــام جــــبريل خــــاطبــا يكثر الـ * ــتحــــميد لله جــــل والتــــكبـــــيرا

خــــمــس أرضي لها حلال فصير * ه عــــلى الخــــلق دونــها مبرورا

نــــثرت عــــند ذاك طـوبى الحور * مــــن المــــسلك والعــــبــير نثيرا

* (بيان) *

إذا أتته البتول فاطم تبكي * وتـــوالي شهيقا والزفيرا

إشارة إلى ما أخرجه م - الحافظ عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس و ] الخطيب بإسناده في تاريخه 4 ص 195 عن ابن عباس قال : لما زوج النبي صلى الله عليه وآله فاطمة من علي قالت فاطمة : يا رسول الله ؟ زوجتني من رجل فقير ليس له شيء .

 فقال النبي صلى الله عليه وآله أما ترضين ؟ ! إن الله اختار من أهل الأرض رجلين : أحدهما أبوك والآخر زوجك .

 وذكره الحاكم في المستدرك 3 ص 129 وصححه .

 والهيثمي في " المجمع " 9 ص 112 .

 والسيوطي في " المجمع " كما في ترتيبه 6 ص 391 .

 والصفوري في " النزهة " 2 ص 226 .

 وفي نزهة المجالس 2 ص 226 عن العقائق : أن فاطمة رضي الله عنها بكت ليلة عرسها فسألها النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك فقالت له : تعلم إني لا أحب الدنيا ولكن نظرت إلى فقري في هذه الليلة أن يقول لي علي : بأي شيء جئت ؟ ! فقال النبي صلى الله عليه وآله : لك الأمان فإن عليا لم يزل راضيا مرضيا .

 ثم بعد ذلك تزوجت امرأة من اليهود وكانت كثيرة المال فدعت النساء إلى عرسها فلبسن أفخر ثيابهن ثم قلن : نريد أن ننظر إلى بنت محمد وفقرها .

 فدعونها، فنزل جبريل بحلة من الجنة فلما لبستها واتزرت وجلست بينهن رفعت الإزار فلمعت الأنوار فقالت النساء : من أين لك هذا يا فاطمة ؟ ! فقالت : من أبي .

 فقلن : من أين لأبيك ؟ ! قالت : من جبريل .

 قلن من أين لجبريل ؟ ! قالت : من الجنة .

 فقلن : نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فمن أسلم زوجها استمرت معه وإلا تزوجت

 

 

/ صفحة 319 /

غيره . مر بيان ما في بقية الأبيات من الحديث المأثور .

 وللعبدي قوله من قصيدة يمدح بها عليا عليه السلام : وكان يقول :

يــا دنياي غري سواي * فلست من أهل الغرور

ومن أخرى:

لــم تشتمل قلبه الدنيا بزخرفها * بل قال : غري سواي كل محتقر

أشار بهما إلى ما في حديث ضرار بن ضمرة الكناني لما وصف أمير المؤمنين لمعاوية بن أبي سفيان قال : لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه قابضا على لحيته يتملل السليم ويبكي بكاء الحزين، ويقول : يا دنيا ؟ يا دنيا ؟ غري غيري، إلي تعرضت ؟ ! أم إلي تشوقت ؟ ! هيهات هيهات قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعمرك قصير، وعيشك حقير، وخطرك يسير . الحديث .

 أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 1 ص 84 . وابن عبد البر في " الاستيعاب " . وابن عساكر في تاريخه 7 ص 35 وكثيرون آخرون من الحفاظ والمؤرخين . وله قوله :

لمــــا أتاه فــــي حجــــراتــــــه * والطهــــر يخــصف نعله ويرقع

قالوا له : إن كان أمر مـن لنا * خلف إليه في الحوادث نرجع؟!

قال النبي : خليفتي هو خاصف * النعــــل الـزكي العالم المتورع

أشار بهذه الأبيات إلى حديث أم سلمة قالت لعايشة أم المؤمنين في بدء واقعة الجمل : أذكرك كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر له وكان علي يتعاهد نعلي رسول الله صلى الله عليه وآله فيخصفها ويتعاهد أثوابه فيغسلها فنقبت له نعل فأخذها يومئذ يخصفها وقعد في ظل سمرة وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه فقمنا إلى الحجاب ودخلا يحدثانه فيما أرادا ثم قالا : يا رسول الله إنا لا ندري قدر ما تصحبنا فلو أعلمتنا من يستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعا . فقال لهما : أما إني قد أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران . فسكتا ثم خرجا فلما خرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قلت له وكنت أجرأ عليه منا : من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم ؟ ! فقال : خاصف النعل .

 فنزلنا فلم نر أحدا إلا عليا فقلت : يا

 

 

/ صفحة 320 /

رسول الله ؟ ما أرى إلا عليا . فقال : هو ذاك . فقالت عائشة : نعم أذكر ذلك .

 فقالت : فأي خروج تخرجين بعد هذا ؟ ! فقالت : إنما أخرج للإصلاح بين الناس وأرجو فيه الأجر إن شاء الله فقالت : أنت ورأيك . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 ص 78 .

 ولشاعرنا العبدي قوله يمدح به أمير المؤمنين عليه السلام :

يا من شكت شوقه الأملاك إذ شغفت * بحــــبه وهــــواه غــــاية الشــغــــف

فصاغ شبهــــك رب العــــالمين فـمـا * ينفــــك مــــن زايــــر منـها ومعتكف

وله في مدحه صلوات الله عليه :

صـور الله لأملاك العـــلى * مثــله أعظمه فـي الشرف

وهي ما بين مطيف زايـر * ومقــــيم حــــولـــه معتكف

هكذا شاهده المبعوث في * ليلة المعراج فوق الرفرف

في هذه الأبيات إشارة إلى حديث الحافظ المتقن الكبير الثقة يزيد بن هارون عن حميد الطويل الثقة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : مررت ليلة أسري بي إلى السماء فإذا أنا بملك جالس على منبر من نور والملائكة تحدق به فقلت : يا جبرئيل من هذا الملك ؟ قال : ادن منه وسلم عليه .

 فدنوت منه وسلمت عليه، فإذا أنا بأخي وابن عمي علي بن أبي طالب .

 فقلت : يا جبرئيل سبقني علي إلى السماء الرابعة؟! فقال لي : يا محمد ؟ لا، ولكن الملائكة شكت حبها لعلي فخلق الله تعالى هذا الملك من نور على صورة علي، فالملائكة تزوره في كل ليلة جمعة ويوم جمعة سبعين ألف مرة يسبحون الله ويقدسونه ويهدون ثوابه لمحب علي .

 أخرجه الحافظ الكنجي في " الكفاية " ص 51 وقال : هذا حديث حسن عال لم نكتبه إلا من هذا الوجه . ومن شعر العبدي قوله :

وزوجه بفاطـــم ذو المعـــــالـي * عــلى الارغــام من أهل النفاق

وخمس الأرض كان لها صداقا * ألا لله ذلـــك مـــــن صـــــــــداق

وقوله يمدح به أمير المؤمنين :

وكم غمرة للموت في الله خاضها * ولجـــة بحـــــر في الحكوم أقامها

وكم ليلــــة ليــــلاء لله قــــامـــها * وكم صبحة مشجورة الحر صامها

 

 

/ صفحة 321 /

وقوله في مدحه عليه السلام :

أنــــت عــــيــــــــن الإلـــــه والجـــنب * مــــن فــــرط فيه يصلى لظى مذموما

أنــــت فــــلــــك النــــجــــاة فــــيـــنـــا * وما زلت صراطا إلى الهدى مستقيما

وعليك الورود تســــقي مــــن الحـــو * ض ومـــــن شئــــت ينثــــني محروما

وإليك الجواز تــــدخــــل مـــن شئـــت * جنانا ومــــن تشــــاء جــــحــــيــــمــا

مر بيان ما في بعض هذه الأبيات .

 (قوله) : وعليك الورود تسقي من الحو - ض ومن شئت ينثني محروما فيه إيعاز إلى أن سقاية الحوض (الكوثر) يوم القيامة بيد علي أمير المؤمنين يسقي منه محبيه ومواليه ويذود عنه المنافقين والكفار، وورد في ذلك أحاديث في الصحاح والمسانيد ونحن نذكر بعضها:

1 - أخرج الطبراني بإسناد رجاله ثقات عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : يا علي معك يوم القيامة عصا من عصي الجنة تذود بها المنافقين عن الحوض .

 " الذخاير " ص 91، " الرياض " 2 ص 211، " مجمع الزوائد " 9 ص 135، " الصواعق " 104 .

 2 - أخرج أحمد في " المناقب " بإسناده عن عبد الله بن إجارة قال : سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو على المنبر يقول : أنا أذود عن حوض رسول الله صلى بيدي هاتين القصيرتين الكفار والمنافقين كما تذود السقاة غريبة الإبل عن حياضهم . ورواه الطبراني في الأوسط . وذكر في مجمع الزوايد 9 ص 139، والرياض النضرة 2 ص 211، وكنز العمال 6 ص 403 .

 3 - أخرج ابن عساكر في تاريخه بإسناده عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي : أنت أمامي يوم القيامة فيدفع إلي لواء الحمد فأدفعه إليك وأنت تذود الناس عن حوضي .

 وذكره السيوطي في " الجمع " كما في ترتيبه 6 ص 400 وفي ص 393 عن ابن عباس عن عمر في حديث طويل عنه صلى الله عليه وآله : وأنت تتقدمني بلواء الحمد وتذود عن حوضي .

 2 - أخرج أحمد في " المناقب " بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله

 

 

/ صفحة 322 /

صلى الله عليه وآله : أعطيت في علي خمسا هو أحب إلي من الدنيا وما فيها، أما واحدة : فهو تكأتي بين يدي الله عز وجل حتى يفرغ من الحساب .

 وأما الثانية : فلواء الحمد بيده آدم و من ولده تحته .

 وأما الثالثة : فواقف على عقر حوضي يسقي من عرف من أمتي . الحديث . وذكر في الرياض النضرة 2 ص 203، وكنز العمال 6 ص 403 .

 5 - أخرج شاذان الفضيلي بإسناده عن أمير المؤمنين قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي ؟ سألت ربي عز وجل فيك خمس خصال فأعطاني أما الأولى : فإني سألت ربي : أن تنشق عني الأرض وانفض التراب عن رأسي وأنت معي، فأعطاني .

 وأما الثانية : فسألته : أن يوقفني عند كفة الميزان وأنت معي، فأعطاني .

 وأما الثالثة : فسألته : أن يجعلك حامل لوائي وهو لواء الله الأكبر عليه المفلحون والفائزون بالجنة، فأعطاني .

 وأما الرابعة : فسألت ربي أن تسقي أمتي من حوضي . فأعطاني .

 وأما الخامسة : فسألت ربي : أن يجعلك قائد أمتي إلى الجنة فأعطاني . فالحمد لله الذي من به علي .

 وتجده في " المناقب " للخطيب الخوارزمي ص 203، و [ فرايد السمطين ] في الباب الثامن عشر، و [ كنز العمال ] 6 ص 402 .

 6 - أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة في حديث قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : كأني بك (يا علي) وأنت على حوضي تذود عنه الناس وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء وإني وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة إخوانا على سرير متقابلين أنت معي وشيعتك في الجنة . [ مجمع الزوايد 9 ص 173 ] .

 7 - عن جابر بن عبد الله في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : يا علي ؟ والذي نفسي بيده إنك لذائد عن حوضي يوم القيامة تذود عنه رجالا كما يذاد البعير الضال عن الماء بعصا لك من عوسج وكأني أنظر إلى مقامك من حوضي .

 [ مناقب الخطيب ص 65 ] .

 8 - أخرج الحاكم في " المستدرك " 3 ص 138 بإسناده وصححه عن علي بن أبي طلحة قال : حججنا فمررنا على الحسن بن علي بالمدينة ومعنا معاوية بن حديج - بالتصغير - فقيل للحسن : إن هذا معاوية بن حديج الساب لعلي . فقال : علي به فأتي به، فقال : أنت الساب لعلي ؟ ! فقال : ما فعلت . فقال : والله إن لقيته وما أحسبك

 

 

/ صفحة 323 /

تلقاه يوم القيامة لتجده قائما على حوض رسول الله صلى الله عليه وآله يذود عنه رايات المنافقين بيده عصا من عوسج، حدثنيه الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وقد خاب من افترى .

 وأخرجه الطبراني وفي لفظه : لتجدنه مشمرا حاسرا عن ذراعيه يذود الكفار والمنافقين عن حوض رسول الله صلى الله عليه وآله قول الصادق المصدوق محمد .

* (قوله) * :

وإليك الجواز تدخل من شئت * جنابا ومــــن تشــــاء جحيما

أشار به إلى معنى ورد في أخبار كثيرة نقتصر بذكر بعضها .

 1 - أخرج الحافظ ابن السمان في الموافقة عن قيس بن حازم قال : التقى أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب فتبسم أبو بكر في وجه علي فقال له : ما لك تبسمت ؟ ! قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله : يقول : لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له علي الجواز . وذكر في الرياض النضرة 2 ص 177 و 244 . والصواعق 75 . وإسعاف الراغبين 161 .

 2 - عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة أقام الله عز وجل جبريل ومحمدا على الصراط فلا يجوز أحد إلا من كان معه براة من علي بن أبي طالب . أخرجه الخطيب الخوارزمي في " المناقب " ص 253 .

 والفقيه ابن المغازلي في " المناقب " بلفظ : علي يوم القيامة على الحوض لا يدخل إلا من جاء بجواز من علي بن أبي طالب. وذكره القرشي في شمس الأخبار ص 36 .

 3 - أخرج الحاكمي عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا جمع الله الأولين و الآخرين يوم القيامة ونصب الصراط على جسر جهنم ما جازها أحد حتى كانت معه براءة بولاية علي بن أبي طالب . وذكر في [ فرايد السمطين ] في الباب الرابع والخمسين . و [ الرياض النضرة ] 2 ص 172 .

 4 - عن الحسن البصري عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة يقعد علي بن أبي طالب على الفردوس وهو جبل قد على على الجنة وفوقه عرش رب العالمين، ومن سفحه يتفجر أنهار الجنة وتتفرق في الجنان، وهو جالس على كرسي من نور يجري بين يديه التسنيم، لا يجوز أحد الصراط إلا ومعه براة بولايته وولاية أهل بيته يشرف على الجنة فيدخل محبيه الجنة ومبغضيه النار . أخرجه الخوارزمي في

 

 

/ صفحة 324 /

" المناقب " ص 42، والحموي في [ فرايد السمطين ] في الباب الرابع والخمسين .

 5 - أخرج القاضي عياض في " الشفاء " عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : معرفة آل محمد براءة من النار . وحب آل محمد جواز على الصراط . والولاية لآل محمد أمان من العذاب . ويوجد في " الصواعق " ص 139 و " الإتحاف " ص 15. و " رشفة الصادي " ص 459 .

 6 - أخرج الخطيب في تاريخه 3 ص 161 عن ابن عباس قال : قلت للنبي صلى الله عليه وآله : يا رسول الله للنار جواز ؟ ! قال : نعم . قلت : وما هو ؟ ! قال : حب علي بن أبي طالب . و يأتي حديث : علي قسيم الجنة والنار . في محله إنشاء الله تعالى .

* (ومن شعر العبدي يمدح أمير المؤمنين) *:

وعـــلمك الــــذي علم البرايا * وألهمــــك الــــذي لا يعـلمونا

فزادك في الورى شرفا وعزا * ومجدا فوق وصف الواصفينا

لقد أعطيت ما لـــــم يعط خلقا * هنيئــــا يــــا أميـــر المؤمنينا

إليك اشتاقت الأمــــلاك حـتى * تحنت من تشوقهــــا حنــــيــنا

هناك برا لها الرحمن شخصا * كشبهك لا يغادره يقينا أشـــار

بالبيت الأول إلى حديث مر ص 41 ومر بيان بقية الأبيات ص 288 ومن شعره :

لأنتم على الأعراف عرف عـــــارف * بسيـــما الــــذي يهـواكم والذي يشنا

أئمتــــنا أنــــتم سنــدعى بكم غـــــدا * إذا مــــا إلى رب العــــباد معــــا قمنا

بجــــدكم خــــير الورى وأبـــــيكـــــم * هدينا إلى سـبل النجــــاة وأنقــــذنــــا

ولــــولاكم لــــم يخلق الله خــــــلـقه * ولا لقب الدنيــــا الغــــرور ولا كــــنـا

ومــــن أجــلكم أنشــــا الإلـه لخلقه * سماء وأرضا وابتــــلى الإنس والجنا

تجــــلون عن شبه من الناس كلهم * فشــــأنــكم أعلى وقــــدركم أســــنــــا

إذا مــــسنا ضر دعــــونا إلهــــنــــا * بموضعــــكم مــــنه فيــــكشفه عــــنـا

وإن دهــــمتنا غــــمة أو مــــلـــمة * جعــــلناكم منهــــا ومــن غيرنا حصنا

وإن ضــــامنــــا دهــر فعذنا بعزكم * فيبعد عــــنا الضيــــم لمــــا بـــكم عذنا

 

 

/ صفحة 325 /

وإن عارضتــــنا خــــفـية من ذنــــوبنا * براة لنــــا منــــها شــــفاعتكم أمــــنا

البيت الأول إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأعراف : وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم .

 وما ورد فيه . أخرج الحاكم ابن الحداد الحسكاني (المترجم 1 ص 112) بإسناده عن أصبغ بن نباتة قال : كنت جالسا عند علي فأتاه ابن الكوا فسأله عن قوله تعالى : وعلى الأعراف رجال . الآية .

 فقال : ويحك يا بن الكوا نحن نوقف يوم القيامة بين الجنة والنار، فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار .

 وأخرج أبو إسحاق الثعلبي في - الكشف والبيان - في الآية الشريفة عن ابن عباس إنه قال : الأعراف موضع عال من الصراط عليه العباس وحمزة وعلي بن أبي طالب وجعفر ذو الجناحين يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه .

 ورواه ابن طلحة الشافعي في " مطالب السئول " ص 17، وابن حجر في " الصواعق " ص 101، والشوكاني في " فتح القدير " 2 ص 198 . والبيت الثاني إشارة إلى قوله تعالى : يوم ندعو كل أناس بإمامهم . وأئمة الشيعة هم العترة الطاهرة يدعون بهم ويحشرون معهم إذ المرء كما قال النبي الأقدس مع من أحب(1)، ومن أحب قوما حشر معهم (1) ومن أحب قوما حشره الله في زمرتهم (3) . وبقية الأبيات بعضها واضحة وبعضها مر بيانه .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وأحمد عن أنس وابن مسعود .

 (2) أخرجه الحاكم في المستدرك وابن الدبيع في تمييز الطيب من الخبيث ص 153 .

 (3) أخرجه الطبراني والضياء عن أبي قرصافة وصححه السيوطي في الجامع الصغير 2 ص 488 .

 

 

 

/ صفحة 326 /

العبدي معاصر العبدي:

عاصر المترجم من شعراء الشيعة مشاركه في كنيته ولقبه وبيئة نشأته ومذهبه ألا وهو أبو محمد يحيى بن بلال العبدي الكوفي، فنذكره لكثرة وقوع الاشتباه بينهما وقلة ذكره، قال المرزباني في معجمه ص 499 : إنه كوفي نزل همدان وهو شاعر محسن يتشيع وله في الرشيد مدائح حسنة وهو القائل :

وللموت خــــير من حياة زهيدة * وللمنع خــــير من عطاء مكدر

فعش مثريا أو مكديا من عطية * تمنى وإلا فــــاسـأل الله واصبر

وله :

لعمري لإن حارت أمية واعتدت * لأول مــــن ســــن الضلالة أجور

وأنشد (العبدي هذا) عبد الله (1) بن علي بن العباس بنهر أبي فطرس وله فيه خبر :

أما الدعاة إلى الجنان فهاشم * وبنــــو أمــية من دعاة النار

أأمي مــالك من قرار فألحقي * بالجــــن صاغرة بأرض وبار

فلئن رحلت لترحــــلن ذميمـة * وإذا أقمــــت بــــذلة وصغــار

ا هـ،‍ وخبر العبدي هذا وإنشاده الشعر المذكور عبد الله العباسي ذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار 1 ص 207، واليعقوبي في تأريخه 3 ص 91، وابن رشيق في العمدة 1 ص 48، وأحسب أن من علق على هذه الكتب لم يقف على ترجمة الشاعر فضرب عن ترجمته صفحا وسكت عن تعريفه . فقال ابن قتيبة : ولما افتتح المنصور الشام وقتل مروان قال (2) لأبي عون و

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) أحد أعمام أبي العباس السفاح، كان من رجال الدهر حزما ورأيا ودهاءا وشجاعة انهدم عليه الحبس سنة 147 وكان قد حبسه المنصور سرا . وقيل : إنه قتل سرا وهدم عليه الحبس قصدا . قال الوطواط : إنه جلس يوم الجمعة في جامع دمشق وقتل من بني أمية خمسين ألفا .

 (2) الظاهر أن في العبارة سقطا إذ القصة وقت مع عبد الله بن علي وكان أميرا على الشام من قبل المنصور كما في ذيل العبارة ومعجم المرزباني وتاريخي اليعقوبي وابن الأثير و عمدة ابن رشيق .

 

 

 

/ صفحة 327 /

من معه من أهل خراسان : إن لي في بقية آل مروان تدبيرا فتأهبوا يوم كذا وكذا في أكمل عدة، ثم بعث إلى آل مروان في ذلك اليوم فجمعوا وأعلمهم أنه يفرض لهم في العطاء فحضر منهم ثمانون رجلا فصاروا إلى بابه ومعهم رجل من كلب قد ولدهم ثم أذن لهم فدخلوا، فقال الآذن للكلبي : ممن أنت ؟ ! قال : من كلب وقد ولدتهم قال : فانصرف ودع القوم فأبى أن يفعل .

 وقال : إني خالهم ومنهم فلما استقر بهم المجلس خرج رسول المنصور وقال بأعلى صوته : أين حمزة بن عبد المطلب ؟ ! ليدخل فأيقن القوم بالهلكة، ثم خرج الثانية فنادى : أين الحسن بن علي ؟ ! ليدخل .

 ثم خرج الثالثة فنادى : أين زيد بن علي بن الحسين ؟ ! ثم خرج الرابعة فقال : أين يحيى بن زيد ؟ ! ثم قيل : إئذنوا لهم فدخلوا وفيهم الغمر بن يزيد وكان له صديقا فأومأ إليه : أن ارتفع فأجلسه معه على طنفسته وقال للباقين : اجلسوا .

 وأهل خراسان قيام بأيديهم العمد فقال : أين العبدي ؟ ! فقام وأخذ في قصيدته التي يقول فيها :

أما الدعاة إلى الجنان فهاشم * وبنو أميــــة مــــن دعاة النار

فلما أنشد أبياتا منها قال الغمر : يا بن الزانية ؟ فانقطع العبدي وأطرق عبد الله ساعة ثم قال : امضي في نشيدك . فلما فرغ رمى إليه بصرة فيها ثلاثمائة دينار ثم تمثل بقول القائل :

ولقد ســــاءني وســــاء سواي * قــــربهم مــــن منابـر وكراسي

أنزلوهــا بحــــيث أنزلهــــا الله * بــــدار الهــــوان والإتـــعــــاس

لا تقــــيلن عــــبد شمس عثارا * واقطعوا كل نخلــــة وغــــراس

واذكروا مصرع الحسين وزيد * وقتــــيلا بجــــانــب المهــــراس

ثم قال لأهل خراسان : دهيد (1) فشدخوا بالعمد حتى سالت أدمغتهم وقام الكلبي فقام : أيها الأمير ؟ أنا رجل من كلب لست منهم . فقال :

ومــــدخل رأسه لم يدنه أحد * بين الفريقين حتى لزه القرن

ثم قال : دهيد .

 فشدخ الكلبي معهم ثم التفت إلى الغمر فقال : لا خير لك في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) كلمة فارسية .

 

 

 

/ صفحة 328 /

الحياة بعدهم .

 قال : أجل فقتل ثم دعا ببراذع (1) فألقاها عليهم وبسط عليها الانطاح ودعا بغدائه فأكل فوقهم وإن أنين بعضهم لم يهدأ حتى فرغ ثم قال : ما تهنأت بطعام منذ عقلت مقتل الحسين إلا يومي هذا .

 وقام فأمر بهم فجروا بأرجلهم وأغنم أهل خراسان أموالهم ثم صلبوا في بستانه، وكان يأكل يوما فأمر بفتح باب من الرواق إلى البستان فإذا رائحة الجيف تملأ الأنوف، فقيل له : لو أمرت أيها الأمير برد هذا الباب .

 فقال : والله لرائحتها أحب إلي وأطيب من رائحة المسك .

 ثم قال :

حسبت أمية أن سترضى هاشم * عــــنها ويذهب زيدها وحسينها

كــــلا ورب محــــمد وإلهـــــــه * حــــتى تبــاح سهولها وحزونها

وتــــذل ذل حــــليلة لحــــليلهــا * بالمشرفي وتستــــرد ديــــونــها

ا ه‍ ، وقال اليعقوبي : وانصرف عبد الله بن علي إلى فلسطين فلما صار بنهر أبي فطرس بين فلسطين والأردن جمع إليه بني أمية ثم أمرهم أن يغدوا عليه لأخذ الجوائز والعطايا ثم جلس من غد وأذن لهم فدخل عليه ثمانون رجلا من بني أمية وقد أقام على رأس كل رجل منهم رجلين بالعمد وأطرق مليا ثم قام العبدي فأنشد قصيدته التي يقول فيها :

أما الدعاة إلى الجنان فهاشم * وبنو أميــــة مــــن دعاة النار

وكان النعمان بن يزيد بن عبد الملك جالسا إلى جنب عبد الله بن علي فقال له : كذبت يا بن اللخناء .

 فقال له عبد الله بن علي : بل صدقت يا أبا محمد ؟ فامض لقولك ثم أقبل عليهم عبد الله بن علي فذكر لهم قتل الحسين عليه السلام وأهل بيته ثم صفق بيده فضرب اليوم رؤوسهم بالعمد حتى أتوا عليهم فناداه رجل من أقصى القوم :

عبد شمس أبوك وهو أبونا * لا نــــناديك مــن مكان بعيد

فالقرابــــات بينـنا واشجات * محكمات القوى بعــقد شديد

فقال : هيهات قطع ذلك قتل الحسين .

 ثم أمر بهم فسحبوا فطرحت عليهم البسط وجلس عليها ودعا بالطعام فأكل فقال : يوم كيوم الحسين بن علي ولا سواء .

 وكان قد دخل معهم رجل من كلب قال : رجوت أن ينالوا خيرا فأنال معهم . فقال عبد الله بن علي : اضربوا عنقه:

ومــدخل رأسه لم يدنه أحد * بين الفريقين حتى لزه القدر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) البرذعة : كساء يلقى ظهر الدابة .