فهرس الكتاب

مكتبة الإمام أميرالمؤمنين (ع)

 

 / صفحة 319 /

 

شعراء الغدير في القرن السادس

44

أبو الحسن الفنجكردي

المولود 433 المتوفى 513

 

لا تـــــنكرن غـــــدير خـــــم إنـــــه * كــــالشمس في إشراقها بل أظهر

ما كـــــان معـــــروفـــا بإسناد إلى * خـــــير البـــــرايا أحـــــمد لا ينكر

فيـــــه إمامـــــة (حيدر) وكمــــاله * وجـــــلاله حـــــتى القيـــامة يذكـر

أولى الأنام بأن يوالي (المرتضى) * من يأخـــــذ الأحـــــكام منه ويأثـر

* (ما يتبع الشعر) * هذه الأبيات نسبها إلى الفنجكردي شيخنا الفتال في (روضة الواعظين) ص 90 وهو أحد معاصريه، وذكرها ابن شهر آشوب في (المناقب) ج 1 ص 540 طبع ايران، والقاضي الشهيد في (مجالس المؤمنين) ص 234، وصاحب (رياض العلماء) وقطب الدين الأشكوري في (محبوب القلوب ).

 وذكر له في (مناقب) ابن شهر آشوب ج 1 ص 540 و (مجالس المؤمنين) ص 234، و (رياض العلماء) قوله:

يوم الغدير سوى العيدين لي عـيــد * يوم يسر به الســــــادات والصيــــد

نــــال الإمامة فيه (المرتضى) وله * فيــــــه مــــــن الله تشريف وتمجيد

يقول (أحمد) خير المرسلين ضحى * فـي مجمع حضرته البيض والسود

والحــــــمد لله حــمدا لا انقضاء له * لــــــه الصنـــايع والألطاف والجود

إن الشاعر كما سيوافيك في الترجمة من أئمة اللغة الواقفين على حقايق معاني الألفاظ وتصاريفها، ومن المطلعين على معاريض الكلام ولحن القول وفحوى التعابير،

 

/ صفحة 320 /

وقد استفاد من لفظ المولى معنى الإمامة والمرجعية في أحكام الدين، فنظم ذلك في شعره الدري فهو من الحجج لما نتحراه في معنى الحديث الشريف .

* (الشاعر) * :

الشيخ أبو الحسن علي بن أحمد الفنجكردي (1) النيسابوري، من أساتذة الأدب المحنكين المتقدمين فيه بالإمامة والتضلع، وهو مع ذلك معدود من أعاظم حملة العلم، ومشيخة الحديث البارعين، ففي (الأنساب) للسمعاني: أبو الحسن الفنجكردي علي بن أحمد الأديب البارع صاحب النظم والنثر الجاريين في سلك السلاسة، الباقيين معه على هرمه وطعنه في السن، قرأ أصول اللغة على يعقوب بن أحمد الأديب وغيره وكان عفيفا خفيفا ظريف المجاورة قاضيا للحقوق محمود الأحوال، أصابته علة أزمنته ومنعته من الخروج وطعن في السن فتأخر عن الزيارة بالقدم فاستناب عنها التعهد بالعلم، سمع الحديث من القاضي الناصحي (2) وكتب لي الإجازة لجميع مسموعاته وحدثني عنه جماعة من مشايخنا وتوفي ليلة الجمعة الثالث عشر من شهر رمضان سنة 513 وصلوا عليه في الجامع القديم ودفن بالحيرة (3) في مقبرة نوح.

 وفي (معجم الأدباء) ج 5 ص 103: كان أديبا فاضلا ذكره الميداني في خطبة كتاب (السامي) وأثني عليه ومات سنة 512: عن ثمانين سنة وذكره البيهقي في (الوشاح) فقال: الإمام علي بن أحمد الفنجكردي الملقب بشيخ الأفاضل، أعجوبة زمانه، وآية أقرانه، وشيخ الصناعة، والممتطي غوارب البراعة، وذكره عبد الغفار الفارسي فقال: علي بن أحمد الفنجكردي الأديب البارع صاحب النظم والنثر الجاريين في سلك السلاسة، قرأ اللغة على يعقوب بن أحمد الأديب وغيره وأحكمها وتخرج فيها، وأصابته علة لزمته في آخر عمره ومات بنيسابور في ثالث عشر رمضان سنة 513. ا ه‍.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) بفتح الفاء وسكون النون وضم الجيم أو سكونها وبكسر الكاف وسكون الراء وبعدها الدال المهملة نسبة إلى (فنجكرد) قرية من نواحي نيسابور (الأنساب ).

 (2) أبو الحسن محمد بن محمد بن جعفر المتوفى 479.

 (3) محلة كبيرة بنيسابور فيها كانت جبانة نوح ولعلها سميت بالحيرة لنزول جمع من أهل حيرة الكوفة بها.

 

 

/ صفحة 321 /

ومدحه معاصره الكاتب أبو إبراهيم أسعد بن مسعود العتبي (1) كما في (معجم الأدباء) ج 2 ص 242 بقوله:

يا أوحد البلغـاء والأدبــــاء * يا سيد الفــــضلاء والعلماء

يا من كأن عطاردا في قلبه * يمــلي عليه حقايق الأشياء

وذكره السيوطي في (بغية الوعاة) ص 329 بما يقرب من كلام الحموي صاحب المعجم وحكى عن (الوشاح) أنه مات سنة 513 عن ثمانين سنة وروى له قوله:

زمانــــنا ذا زمـــان سوء * لا خــــير فــيه ولا صلاحا

هل يبصر المسلمون فيه * لليل أحــزانـهم صباحا ؟ !

فكــــلهم منــــه في عناء * طوبى لمن مات فاستراحا

وعبر عنه معاصره شيخنا الفتال في (روضة الواعظين) بالشيخ الإمام تارة وبالشيخ الأديب أخرى، وترجمه وأطراه القاضي في (المجالس) ص 234، وصاحب (رياض العلماء) و (روضات الجنات) ص 485، و (الشيعة في فنون الاسلام) ص 136، وذكر ابن شهر آشوب في (معالم العلماء) له كتاب (تاج الأشعار وسلوة الشيعة) قال: وهي أشعار أمير المؤمنين عليه السلام وينقل عنه في كتابه (مناقب آل أبي طالب (2) ) كما أن شيخنا قطب الدين الكيدري (3) جعله من مصادر كتابه (أنوار العقول من أشعار وصي الرسول )، ونص فيه بأن الفنجكردي قد جمع في كتابه (تاج الأشعار) مائتي بيت من شعر أمير المؤمنين عليه السلام وترجمه سيدنا صاحب (رياض الجنة) في الروضة الرابعة وذكر له قوله:

إذا ذكـــرت الغـــر من هاشم * تنافرت عنك الكلاب الشارده

فــــقل لمــــن لامــك في حبه *: خانــتك في مولودك الوالده

قال الأميني: أشار المترجم بهذين البيتين إلى ما ورد في جملة من الأحاديث من أن أمير المؤمنين عليه السلام لا يبغضه إلا دعي وإليك منها:

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) ولد سنة 404 وتوفي في جمادى الأولى 494.

 (2) راجع ج 2 ص 99 و 139 و 176.

 (3) هو الشيخ أبو الحسن محمد بن الحسين البيهقي النيسابوري شارح نهج البلاغة توفي حدود سنة 574.

 

 

/ صفحة 322 /

1 - عن أبي سعيد الخدري قال: كنا معشر الأنصار نبور (1) أولادنا بحبهم عليا رضي الله عنه، فإذا ولد فينا مولود فلم يحبه عرفنا أنه ليس منا (2).

 2 - عبادة بن الصامت كنا نبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب رضي الله عنه فإذا رأينا أحدهم لا يحب علي بن أبي طالب علمنا أنه ليس منا وأنه لغير رشدة (3).

 قال الحافظ الجزري في (أسنى المطالب) ص 8 بعد ذكر هذا الحديث: وهذا مشهور من قديم وإلى النوم أنه ما يبغض عليا رضي الله عنه إلا ولد الزنا.

 3 - أخرج الحافظ الحسن بن علي العدوي قال حدثنا أحمد بن عبدة الضبي عن أبي عيينة عن ابن الزبير عن جابر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله أن نعرض أولادنا على حب علي بن أبي طالب.

 رجاله رجال الصحيحين كلهم ثقات.

 4 - أخرج الحافظ ابن مردويه عن أحمد بن محمد النيسابوري عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أحمد قال سمعت الشافعي يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: قال أنس بن مالك: ما كنا نعرف الرجل لغير أبيه إلا ببغض علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

 5 - أخرج ابن مردويه عن أنس في حديث: كان الرجل من بعد يوم خيبر يحمل ولده على عاتقه ثم يقف على طريق علي رضي الله عنه فإذا نظر إليه أومأ بإصبعه: يا بني تحب هذا الرجل ؟ ! فإن قال: نعم. قبله.

 وإن قال: لا، خرق به الأرض وقال له: إلحق بأمك.

 6 - أخرج الحافظ الطبري في كتاب الولاية بإسناده عن علي عليه السلام إنه قال: لا يحبني ثلاثة: ولد الزنا.

 ومنافق. ورجل حملت به أمه في بعض حيضها.

 7 - أخرج الحافظ الدارقطني وشيخ الاسلام الحموي في فرائده بإسنادهما عن أنس مرفوعا قال: إذا كان يوم القيامة نصب لي منبر ثم ينادي مناد من بطنان العرش: أين محمد ! فأجيب: فيقال لي: ارق. فأكون أعلاه ثم ينادي الثانية: أين علي ! فيكون دوني بمرقاة

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) باره يبوره بورا: جربه واختبره.

 (2) أسنى المطالب للحفاظ الجزري ص 8، شرح ابن أبي الحديد 1 ص 373، وهناك تصحيف (3) أسنى المطالب ص 8، نهاية ابن الأثير 1 ص 118، الغريبين للهروي وفي لفظه: نسبر مكان نبور، لسان العرب 5 ص 154، تاج العروس 3 ص 61.

 

 

/ صفحة 323 /

فيعلم جميع الخلايق أن محمدا سيد المرسلين وأن عليا سيد المؤمنين (1 ): قال أنس: فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله: من يبغض عليا بعد ؟ ! فقال: يا أخا الأنصار لا يبغضه من قريش إلا سفحي، ولا من الأنصار إلا يهودي، ولا من العرب إلا دعي، ولا من ساير الناس إلا شقي.

 هذا الحديث ضعفه السيوطي لمكان إسماعيل بن موسى الفزاري في سنده.

 وقد ذكره ابن حبان في الثقات وقال مطين: كان صدوقا.

 وقال النسائي: لا بأس به.

 وعن أبي داود: إنه صدوق في الحديث روى عنه البخاري في كتاب خلق أفعال العباد، وأبو داود والترمذي، وابن ماجة، وابن خزيمة، والساجي، وأبو يعلى وغيرهم.

 ولم يذكر غمز فيه عن أحد من هؤلاء الأعلام، نعم: ذنبه الوحيد أنه شيعي علوي المذهب.

 8 - عن أبي بكر الصديق قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله خيم خيمة وهو متكئ على قوس عربية وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: معشر المسلمين ! أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، حرب لمن حاربهم، ولي لمن والاهم، لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد، ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردئ المولد (2).

 9 - عن أبي مريم الأنصاري عن علي عليه السلام قال: لا يحبني كافر ولا ولد زنا (3).

 10 - أخرج ابن عدي والبيهقي وأبو الشيخ والديلمي عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال: من لم يعرف عترتي والأنصار والعرب فهو لإحدى الثلاث: إما منافق. و إما ولد زانية.

 وإما امرؤ حملت به أمه في غير طهر (4).

 11 - روى المسعودي في (مروج الذهب) ج 2 ص 51 عن كتاب الأخبار لأبي الحسن علي بن محمد بن سليمان النوفلي بإسناده عن العباس بن عبد المطلب قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أقبل علي بن أبي طالب فلما رآه أسفر في وجهه فقلت: يا رسول الله ! إنك لتسفر في وجه هذا الغلام.

 فقال: يا عم رسول الله والله لله أشد حبا له مني، ولم يكن نبي إلا وذريته الباقية بعده من صلبه وإن ذريتي بعدي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في لفظ الحموي، الوصيين.

(2) الرياض النضر، للحافظ محب الدين الطبري 2 ص 189.

(3) شرح ابن أبي الحديد ج 1 ص 373.

(4) الصواعق لابن حجر ص 103، 139، الفصول المهمة 11، الشرف المؤبد ص 103 وليس فيه كلمة: والعرب.

 

 

/ صفحة 324 /

من صلب هذا، إنه إذا كان يوم القيامة دعى الناس بأسمائهم وأسماء أمهاتهم إلا هذا وشيعته فإنهم يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم لصحة ولادتهم.

 12 - عن ابن عباس قال قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: رأيت النبي صلى الله عليه وآله عند الصفا وهو مقبل على شخص في صورة الفيل وهو يلعنه فقلت: ومن هذا الذي يلعنه رسول الله ؟ ! قال: هذا الشيطان الرجيم.

 فقلت: والله يا عدو الله لأقتلنك ولأريحن الأمة منك. قال: والله ما هذا جزائي منك.

 قلت: وما جزاؤك مني يا عدو الله ؟ ! قال: والله ما أبغضك أحد قط إلا شركت أباه في رحم أمه.

 أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه 2 ص 290، والكنجي في (الكفاية) ص 21 عن أربع من مشايخه.

 روى شيخ الاسلام الحموي في فرايده في الباب الثاني والعشرين من طريق أبي الحسن الواحدي بإسناده، والزرندي في (نظم درر السمطين) عن الربيع بن سلمان قال: قيل للشافعي: إن قوما لا يصبرون على سماع فضيلة لأهل البيت فإذا أراد أحد يذكرها يقولون: هذا رافضي قال: فأنشأ الشافعي يقول:

إذا فـــــي مجـلس ذكروا عليا * وسبـــــطيه وفـــاطمة الزكيه

فأجرى بعضهم ذكرى سواهم * فأيـــــقن انـــــه لسلقـــلقيـــه

إذا ذكـــــروا عـــــليا أو بنـيه * تشاغـــــل الــــروايات الـدنيه

وقـــال: تجـاوزا يا قوم ! هذا * فهـــذا مـــن حـديث الرافضيه

برئت إلى المهيمن من أناس * يرون الرفــض حب الفاطميه

عـــلى آل الرسول صلاة ربي * ولعـــنتـــه لتـــلك الجــــاهليه

وقد نظم هذه الأثارة كثير من الشعراء قديما وحديثا يضيق المجال بذكر شعرهم ومنه قول الصاحب ابن عباد:

بحـــــب عـــلي تزول الشكوك * وتصفو النفوس ويزكو النجار

فمهـــــما رأيـــــت محـــبا لـه * فثـــــم العـــــلاء وثــــم الفخار

ومهـــــما رأيـــــت بغـيضا له * ففي أصلـــــه نســـــب مستعار

فمهّـــــد عـــــلى نـُصبه عذره * فحيـــــطان دار أبـــــيه قــصار

 

/ صفحة 325 /

وقال أيضا:

حــــب عــــلي بن أبي طالب * فرض على الشاهد والغائب

وأم مـن نابــــذه عــــاهـــــر * تبـــــذل للنـــــازل والــراكب

 وقال ابن مدلل:

ولقـــــد رويــنا في حديث مسند * عـــــما رواه حـــذيفة بن يمان

إني سألت المرتضى لم لم يكن * عـقـد الولاء يصيب كل جنان؟!

فأجـــــابني بإجـــــابة طابت لها * نفسي وأطربني لها استحساني

: الله فضلني وميـــــز شيعـــتي * من نسل أرجاس البعول زوان

ورواية أخـرى إذا حشر الورى * يــوم المعاد رويت عن سلمان

: للناصبـيـــن يقال: يا بن فلانة * ويقــــال: للشيعي: يا بن فلان

كتـــــموا أبا هــــذا لخبـث ولادة * ولطيـــــب ذا يــدعى بلا كتمان