فهرس الكتاب

مكتبة الإمام أميرالمؤمنين (ع)

 

 / صفحة 34 /

القرن الرابع

24

البشنوي الكردي

توفي بعد 380

 

وقــد شهدوا عــــــيد (الغدير) واسمعوا * مــقـــال رســــــول الله من غير كتمان:

ألست بكم أولــــــى من النـــاس كلهم ؟ * فقــــــالوا: بلى يا أفضل الإنس والجان

فــــقام خـــــطيــــبا بــــين أعـــواد منبر * ونـــــــادى بأعلا الصوت جهرا بإعلان

بحــــيــــــدرة والقــــوم خــــرس أذلــــة * قلــــوبهم مــــا بــــين خـلف وعـــــينان

فلــــب مجيــــبا ثــــم أســــرع مقــــــبلا * بوجــــه كمثل البدر في غصن ألبـــــان

فــــلاقاه بالتــــرحيـــب ثـــــــم ارتقى به * إليــــه وصــار الطــــهر للمصطفى ثان

وشــــال بعــــضديه وقــــــال وقد صغى * إلـى القول أقصى القــــوم تالله والدان:

عــــلي أخــــي لا فـــرق بــــيني وبــينه * كهارون من موسى الكليم ابن عمران

ووارث عــــلمي والخليفــــة فـي غــــد * عــــلى أمتــــي بعـدي إذا زرت جثماني

فيــــا رب مــــن والــــى عــــليـا فواله * وعاد الذي عاداه واغضب على الشاني

وله قوله من قصيدة:

أأترك مشهــور الحديث وصدقه * غــــــداة بخـم قام أحمد خاطبا ؟

: ألست لكم مولى ومثلي وليكم * عــــــلي فـوالوه وقذ قلت واجبا

وله قوله:

يــــــوم (الغدير) لــذي الولاية عيد * ولــــذي النواصب فضله مجحود

يــــــوم يــــــوسم في السماء بأنه * العــــــهد فيــــــه وذلك المعــهود

والأرض بالميراث أضحت وسمه * لــــــو طـــاع موطود وكف حسود

 

/ صفحة 35 /

* (الشاعر) * :

أبو عبد الله الحسين بن داود الكردي البشنوي. من الشعراء المجاهرين في مدايح العترة الطاهرة عليهم السلام كما عده ابن شهر آشوب منهم في (معالم العلماء) ويشهد لذلك شعره الكثير فيهم المبثوث في كتاب (المناقب) للسروي، فهو في الرعيل الأول من حاملي ألوية البلاغة، وأحد شعراء الإمامية الناهضين بنشر الأدب، وينم عن مذهبه قوله:

أليّــــــة ربــي بالهدى متمسكا * بإثنـــي عشر بعد النبي مراقبا

أبقى على البيت المطهر أهله * بــيوت قــــــريش للديانة طالبا

وقوله:

يا مصرف النص جهلا عن أبي حسن * بــــــاب المدينة عن ذي الجهل مقفول

مدينــــــة العـــلم ما عن بابها عوض * لطــــــالب العــــــلم إذ ذو العلم مسئول

مــــــولى الأنــــــام عــلي والولي معا * كمــــــا تفـــوه عن ذي العرش جبرئيل

وقوله:

قد خان من قدم المفضول خالقه * وللإله فبالمفــــــضول لــــم أخن

وسيوافيك من شعره ما يظهر منه تضلعه في التشيع، وتمخضه في الولاء، و انقطاعه إلى سادات الأئمة صلوات الله عليهم، فهو من شعراءهم، وما كان يقال: من أنه شاعر بني مروان كما في كامل ابن الأثير ص 24 من ج 9 فالمراد بهم ملوك ديار بكر من أولاد أخت باذ الكردي أولهم أبو علي بن مروان استولى على ما كان يحكم عليه خاله من ديار بكر، وبعد قتله ملك أخوه ممهد الدولة، وبعد قتله قام أخوه أبو نصر و بقي ملكه من سنة 420 إلى سنة 453، وخلفه ولدان: نصر وسعيد، أما نصر فملك ميافارقين وتوفي سنة 453، وملك بعده ابنه منصور، وأما سعيد فاستولى على آمد (1).

 وكان البشنوي المترجم له يستحث الأكراد البشنوية (2) أصحاب قلعة فتك لمؤازرة باذ الكردي خال بني مروان المذكورين في وقعة سنة 380 التي وقعت بينه و

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) راجع تاريخ أبي الفدا ج 2 ص 133 و 189 و 204.

 (2) كامل ابن الأثير ج 9 ص 24.

 

/ صفحة 36 /

بين أبي طاهر والحسين إبني حمدان لما ملكا بلاد الموصل سنة 379 وله في ذلك قوله من قصيدة:

البشنــــوية أنـــصار لدولتــــكـــــــم * وليس في ذا خفا في العجم والعرب

فإنتماء المترجم إلى بني مروان هؤلاء بعلاقة خالهم باذ المتحد معه في العنصر الكردي، فعلى ما ذكرنا لا يكون لقول من قال (1): إن البشنوي توفي سنة 370 مقيل من الحقيقة فإن التاريخ يشهد بحياته بعدها بعشر سنين.

 ذكر صاحب (معالم العلماء) للمترجم كتاب الدلايل: والرسايل البشنوية، وقال ابن الأثير في (اللباب) 1 ص 127: وله ديوان مشهور.

* (البشنوية) *: كانت في العراق في شرقي دجلة طوائف كثيرة من الأكراد ينتمون إلى حصون وقلاع وبلاد كانت لهم في نواحي الموصل والأربل، ومنهم: البشنوية ومنها شاعرنا المترجم، كانت تسكن هذه الطايفة فوق الموصل قرب جزيرة ابن عمر (2) بينهما نحو من فرسخين، وما كان يقدر صاحب الجزيرة ولا غيره مع مخالطتهم للبلاد عليها، قال ياقوت الحموي في (معجم البلدان ): وهي بيد هؤلاء الأكراد منذ سنين كثيرة نحو الثلثمائة سنة وفيهم مروة وعصبية ويحمون من يلتجئ إليهم ويحسنون إليه. ا ه‍.

 ولهذه الطائفة هناك قلاع منها قلعة برقة، وقلعة بشير، وقلعة فنك، ومن أمرائها صاحب قلعة فنك الأمير أبو طاهر، والأمير إبراهيم، والأمير حسام الدين من أمراء القرن السادس.

* (ومنهم الزوزانية) *: تنسب هذه الطايفة إلى الزوزان بفتح أوله وثانيه، ناحية واسعة في شرقي دجلة من جزيرة ابن عمر، وأول حدودها من نحو يومين من الموصل إلى أول حدود خلاط، وينتهي حدها إلى آذربايجان إلى عمل سلماس،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ذكره صاحب أعيان الشيعة ج 1 ص 387.

(2) جزيرة ابن عمر بلدة فوق الموصل بينهما ثلاثة أيام ولها رستاق مخضب واسع الخيرات، وأحسب أن أول من عمرها الحسن بن عمر بن الخطاب التغلبي، وهذه الجزيرة تحيط بها دجلة إلا من ناحية واحدة شبه الهلال ثم عمل هناك خندق أجرى فيه الماء فأحاط بها الماء من جميع جوانبها، ويقال في النسبة إليها: جزري (معجم البلدان)  

 

/ صفحة 37 /

وفيها قلاع كثيرة حصينة للأكراد البشنوية والزوزانية والبختية.

 * (ومنهم البختية) * لهم عدة قلاع في الزوزان منها قلعة [ جرذقيل ] وهي أجل قلعة لهم وكرسي ملكهم، وقلعة آتيل. وعلوس. وألقي. وأروخ. و باخوخة. وبرخو. وكنكور. ونيروه. وخوشب. ومن زعمائهم الأمير موسك بن المجلي.

 * (ألهكارية) * بالفتح وتشديد الكاف ينتمون إلى [ الهكارية ] قرى فوق الموصل من جزيرة ابن عمر، ومن أمرائهم بحلب عز الدين عمر بن علي، وعماد الدين أحمد بن علي المعروف بابن المشطوب، وكان أكبر أمير في مصر، ومن علمائهم شيخ الاسلام أبو الحسن علي بن أحمد الهكاري المتوفى سنة 486، والمترجم في تاريخ ابن خلكان ج 1 ص 377.

 * (الجلانية) * بالفتح وتشديد اللام وكسر النون والياء المشددة، تنسب هذه الطائفة إلى الجلانية وهي قلعة من قلاع الهكارية المذكورة.

 * (الزوادية) * (1)، وهم أشرف الأكراد، ومنهم أسد الدين شيركوه المتوفى سنة 564 وأخوه نجم الدين أيوب.

 * (الشوانكارية) * وهم الذين التجأ إليهم في سنة 564 شملة ملك فارس صاحبخوزستان المتوفى سنة 570.

 * (الحميدية) * كانت لهم قلاع حصينة تجاور الموصل.

 (الهذبانية) لهم قلعة إربل وأعمالها.

 (الحكمية) ومن أمرائهم الأمير أبو الهيجاء الأربلي.

 ومنهم الأكراد المارانية. واليعقوبية، والجوزقانية. والسورانية. و الكورانية، والعمادية، والمحمودية، والجوبية، والمهرانية، والجاوانية، والرضائية، والسروجية: والهارونية، والرية، إلى غير ذلك من القبائل التي لا تحصى كثرة.

 نبذة من شعره :

ومن شعر شاعرنا [ البشنوي ] في المذهب قوله:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كذا في الكامل وفي غيره: الردادية.

 

/ صفحة 38 /

خير الوصيين من خير البيوت ومن * خـــير القــــبايل معــصوم من الزلل

إذا نظــــــرت إلــى وجه الوصي فقد * عــــــبدت ربـــك في قول وفي عمل

أشار بالبيت الأخير إلى ما رواه محب الدين الطبري في رياضه ج 2 ص 219 عن أبي بكر. وعبد الله بن مسعود. وعمرو بن العاص. وعمران بن الحصين. وعن غيرهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: النظر إلى وجه علي عبادة.

 ورواه الكنجي في (كفاية الطالب) ص 64 و 65 عن عن ابن مسعود بطريقين وقال: الحديث الأول أحسن إسنادا من الثاني، والحديث الثاني روته الحفاظ كأبي نعيم في حليته، والطبراني في معجمه، وهو حسن عال جليل غريب من هذا الوجه، والحديث الأول عال حسن السياق.

 ورواه بطريق آخر عن معاذ بن جبل ص 66 فقال: وأخرجه الحافظ الدمشقي في تاريخه عن غير واحد من الصحابة منهم أبو بكر. وعمر. وعثمان. وجابر. وثوبان وعايشة. وعمران بن الحصين. وأبو ذر.

 وفي حديث أبي ذر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مثل علي فيكم أو قال في هذه الأمة كمثل الكعبة المستورة، النظر إليها عبادة. والحج إليها فريضة.

 ورواه في ص 124 بطريق آخر عن علي عليه السلام وله قوله:

ولســــــت أبــــالي بأي البلاد * قضى الله نحبي إذا ما قضاه

ولا أيــــن حطت إذا مضجعي * ولا مـــن جفاه ولا من قلاه

إذا كنــــــت أشهــد أن لا إله * هـــو الله والحق فيما قضاه

وأن محــــــمداُ نِ المصطفى * نبــــــيّ وأن عــــــليا أخــاه

وفاطمة الطهر بنت الرسول * رســــولا هدانا إلى ما هداه

وابناهما فهــــــما ســــادتي * فــــــطوبى لعــــبدهما سيداه

وله قوله:

يا ناصبي بكل جـــهدك فاجــــــهد * إنــــــي عــــــلقت بحـب آل محمد

الطيبين الطاهرين ذوي الهــدى * طــــــابوا وطاب وليهـم في المولد

واليتهم وبرئت مـــــن أعدائهــم * فاقــــلل مـــــلامك لا أبا لك أو زد

فهــــــم أمــــان كـالنجوم وإنهم * سفن النجاة من الحــــديث المسند

 

/ صفحة 39 /

وله قوله:

فـقال كبيرهم: ما الرأي فيما * تــــرون يرد ذا الأمر الجلي

سمعــــــتم قــــوله قولا بليغا * وأوصى بالخلافة في علي ؟

فقـــــالوا: حيلة نصبت علينا * ورأي ليـــــس بالعقد الوفي

تدبر غــــــير هـــذا في أمور * تــنال بها من العيش السني

سنجعلها إذا ما مات شورى * لتيــــمي هنــــــالك أو عـدي

وله قوله:

يــــــا قارئ القـرآن مع تأويله * مــــع كل محكمة أتت في حال

أعـــمارة البـيت المحـرم مثله * وسقــاية الحجاج في الأمثال؟!

أم مثلي التيمي أو عــــدويهـم * هل كان في حال من الأحوال؟!

لا والذي فـــــرض علي وداده * مــــــا عــندي العلماء كالجهال

وله قوله:

فمدينة العلم التــي هو بابها * أضحـى قسيم النار يوم مآبه

فعدوه أشقى البرية في لظى * ووليـه المحبوب يوم حسابه

وله قوله:

خــــير البرية خاصف النعل الذي * شهـــد النبي بحقــــه في المشهد

وبعــــلمه وقــــــضائه وبسيــــفه * شهد الرسول مع الملائك فاشهد

وله في الصديقة الزهراء سلام الله عليها قوله:

وقف الندا في موضع عبرت * فــيه البتول: عيونكم غضوا

فتغــــــض والأبصار خاشعة * وعـــــلى بنان الظالم العض

تســــــود حيــــــنئذ وجوههم * ووجــــــوه أهل الحق تبيض

وله يمدح الإمام جعفر الصادق عليه السلام قوله:

سليــــل أئمة سلكوا كراما * على منهاج جدهم الرسول

إذا مـــا مشكل أعيى علينا * أتــــــونا بالبــــيان وبالدليل