فهرس الكتاب

مكتبة الإمام أميرالمؤمنين (ع)

 

 / صفحة 418 /

القرن السابع

 

(60)

أبو محمد المنصور بالله

ولد : 596 توفي : 670

 

الحـــــمـــد للمهيــــمن الجـــــبــار * مكـــور الليــــل عـلـــــى النـــهار1

ومنـــــــشـــــئ الغـــمام والأمطار * عـــلى جـــــميع النـــعــم الغزار 2

ثـــــم صــلاة الله خـــــــصت أحمدا * أبـــــا البـــتـــــول وأخــاه السيـــدا

وفاطــــما وابنيهما ســـــــم العدى * وآلهم سفـــــن النـــجــاة والهدى3

يا سائلـــــي عـمن له الإمامـــــــه * بعـــــد رسول الله والــزعـــــامـــه

ومـــــن أقام بعـــــده مقــــامـــــــه * ومن له الأمــــــر إلـى القـيامه 4

خــــذ نفثاتي عن فؤاد منصـــــــدع * يـكاد مـــــن بـث وحزن ينـــــقطع

لحـــــادث بعـــــد النــبي متســـــــع * شتت شمل المسلمين المجتمع 5

الأمر من بعــــد النبي المرســـــــل * من غـــيــر فصل لابن عمه علي

كـان بنص الواحد الفرد العـــــــلي * وحـــكمه عـــلى العـدو والولي 6

والأمر فيــــه ظاهـــر مشهـــــــور * فـــــي الناس لا ملغى ولا مستور

وكيـف يخفى من صباح نـــــــور ؟ * لـــــكــن يـــزل الخطــل المحسور

ويقول فيها:

وكـان في البـــيت العتيق مولده * وأمـــــــه إذ دخلــــــت لا تقصده7

وإنـــــــما إلهـــــــه مـــــــؤيـــده * فمـــــــن تلاه فالجحيم موعده 8

ثـــــــم أبـــــــوه كــــافل الرسول * ومؤمـــــــن بالله والتـــــــنـــزيل

فـــــي قول أهل العلم والتحصيل * فـــــــهات فـــــي آبائهم كقيلي 9

وأمـــــــه ربـــــــت أخـــاه أحمدا * واتبعـــــــته إذ دعــــا إلى الهدى

 

/ صفحة 419 /

فكـــم دعـــاهـــا أمه عـــند الــندا * وقـــام فـــي جـــهازها ممجـــــدا

ألبـــسها قـــميصه إكــــــرامــــــا * ونام فـــي حـــفيرها إعظاما 10

ومـــد للمـــلائك القـــيـــامــــــــــا * حـــتى قـــضوا صـــلاتها تــماما

وهـــو الــذي كان أخا للمصطفى * بحـــكم رب العـــالمين وكفى 11

واقـــتسما نـــورهما المشـــــرفا * فاعـــدد لهم كـــمثل هـــذا شـرفا

وزوجـــة ســـيـــدة النـــســـــــاء * خامسة الخمسة في الكساء 12

أنكـــحها الصـــديــق في السماء * فـــهل لهـــم كهـــذه العـــليـــاء ؟

الله فـــي إنكـــاحـــها هــو الولي * وجـــبرئيل مستناب عن علي 13

والشهداء حاملوا العرش العلي * فهـــل لهم كمثل ذا فاقصصه لي؟

حـــوريـــة إنســـيـــة سيـــاحـــه * خـــلقها الله مـــن التفـــاحــه 14

وأكـــرم الأصـــل بهـــا لقـــاحــه * فهل تـــرى إنكـــاحهم إنــكاحه ؟

وابـــناه منـــها سيـــدا الشــــباب * وابنا رسول الله عن صواب 15

مرتضعـــا السنـــة والكـــتــــــاب * فهـــل لهـــم كـــهــذه الأسباب ؟

هـــما إمـــامان بنـــص أحـــمــدا * إذ قـال : قاما هكذا أو قعدا 16

وخـــص فـي نسلهما أهل الهدى * أئمـــة الحـــق إلـــى يـــوم الندا

ثـــم أخـــوه جعـــفر الطـــيـــــــار * إخـــوانه المـــلائك الأبرار 17

وعـــمه المـــرابـــط الــــصبـــار * حـــمزة ســـيف المـــلة البـــتار

وربنا شـــق اســـمه مــن اسمه * فمن له سهم كمثل سهمه؟ 18

وهـــو اخـــتيار الله دون خصمه * وهـــو أذان ربـــنا فـــي حــكمه

بلـــغ عـــن رب الســـما بــراءه * واختيـــر للتــبليغ والقراءه 19

وكـــان للاســـلام كـــــالمـــراءه * فاجعـــل هــديت خصمه وراءه

اخـــتار ذو العـــرش عـليا نفسه * جـــهرا وخـلى جنه وإنسه 20

فـــرفضوا اخـــتياره لا لبـــســـه * وبـــدلوه باختـــيار خـــمـــســـه

وهـــو الــولي أيهـــذا السامع * مؤتي الزكاة المرء وهو راكع21

والشاهـــد التـــالي فأين الجامع * للقـــوم ؟ هـــل ثـم دليل قاطع ؟

 

/ صفحة 420 /

22 وهــــــو ولــــــي الحل والابرام * والأمــــــر والنــــــهي عــــلى الأنام

بحــــكـم ذي الجــــــلال والاكــــــرام * ومــــــا قضــــــاه فــي أولي الأرحام

23 وآيــــــة قاضيــــــة بالطاعـــــة * لله والــــــرسول ذي الشفــــــاعـــــة

ثــــــم أولــــــي الأمـر من الجماعه * فــــــهي لــــــه قــــــد فاز من أطاعه

24 والمصطفى المنذر وهو الهادي * وهـــــو لـــــه الفـــادي ونعم الفادي

فــــــي ليــــــلة الغــــار من الأعادي * تحــــــت ظــــــلال القـــــضب الحداد

25 يــــــرمونه فـــي الليل بالحجاره * لعــــــلها تبــــــدو لــــــهم إمــــــاره

فاتــــــخذ الصبــــــر لهــــــا دثـــــاره * والمــــــوت إذ ذاك يشــــــب نــــاره

26 حــــــتى بـدا وجه الصباح طالعا * وقــــــام فيــــــهم ضيغـــما مسارعا

فانهــــــزموا يمعـــــر (1) كل راجعا * فاستقــــــبل الأزواج والــودايعــــــا

27 فأنــــــزل الـرحمن يشري نفسه * لما ابتــــــغى رضــــــاءه وقــــدسه

أمــــــا يــــــزيل مثــــــل هـذا لبسه ؟ * وقــــــد أراه جــــــنه وإنــــــســـــه

ويقول فيها :

28 ألم يقــــــل فيه النــــبي المنتجب * قــــــولا صريحا : أنت فارس العرب

وكــــــم وكــــــم جلا به الله الكرب ؟ * فـاعجب ومهما عشت عاينت العجب

29 واســــــمع أحـــاديث بلفظ الباب * فــــــي العــــــلم والحكمة والصواب

ولا تــــــلمني بعــــــد فــــــي الاطناب * فــــــي حــــــب مــــــولاي أبي تراب

30 وقــــال أيضا فيه : أقضاكم علي * ومثــــــله : أعــــــلمكم عــن النبي

ومثــــــله : عــــــيبة عــلمي والملي * أنــــــى يـــكون هكذا غير الوصي ؟

31 ألــــــم يــــكن فوق الرجال حجه * نــــــيرة واضحــــــة المحــــــجــه ؟

وعــــــلمهم فــــــي عـــــلمه كالمجه * فــــــما تــــــكون مجــــة في لجه ؟

32 أحــــــاط بالتــــــوراة والانجـــيل * وبالــــــزبور يــــــا ذوي التفـــضيل

عــــــلما وبالــــــقرآن ذي التـــــنزيل * فــــــي قــــــوله المــصدق المقبول

33 بــــــل أيهم قــال له : الحق معه * وهــــو مع الحق الذي قد شرعه ؟

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) تمعر وجه : تغير وعلته صفرة. الممغور : المقطب غضبا.

 

 

/ صفحة 421 /

هل جمع القـــــوم الـــــذي قــد جمعه * مـــــن عـلمــــه ؟ بخ له ما أوسعه ؟

وهــــل عـــــلمت مثله خطيـــــبـــــا ؟ * أو ناثـــــرا أو ناظـــــمـا غريبا ؟ 34

أو باديـــــا فـــــي العــــلم أو مجيبا ؟ * أو واعـــــظا عـــــن خــــشية منيبا ؟

وهـــــو يقـــــول : عـــــلم التـــنزيـلا * منـــــي وفـــــيما نـــــزلت نــزولا 35

آيـــــاته إذ فصـــــلت تـــــفـــصيـــــلا * يا حبـــــذا سبـــــيلـــــه سبـــــيـــــلا ؟

وعـــــلم المجـــــمـــــل والمفـــــصلا * ومحكـــــم الآيـــــات حــــيث نزلا 36

ومـــــا تشـــــابــــه وكـــــيـــــف أولا * وناسخـــــا منهـــــا ومنسوخــــا خلى

وهـــــو الـــــذي نـــــأمن منه الباطنا * فما يعـــــد فـــــي الأمــــور خائنا 37

وغـــــيـــــره لا نـــــأمن البـــــواطــنا * منـــــه بحـــــال فانـــــظر التـــــبايــنا

ويقول فيها :

وفيه أوحى ذو الجلال هل أتـــى * وزوجـــــه إذ نـــــذرا فأخبتا 38

فأطعـــــما وأوفـــــيا مـــــا أثـبتا * يا حـــــبذا همـــــا وعودا أثبتا ؟

وفيـــــه جـــــاءت آيــــة الانفاق * في الليل والنهار عن إطلاق39

ســـــرا وإعـــــلانا مــن الخلاق * حـــــيث ابتغـى تجارة في الباقي

وآيـــــة القـــــنــوت في السجود * فـــــي الليل والقيام للمعبود 40

فـــــي حـــــذر العـــقاب والوقود * وفـــــي رجـــــاء ربـــــه الحميد

وهـــو المناجي بعد دفع الصدقه * ثم غـــــدت أبـــوابها مغلقه 41

فكـــــانت التـــــوبة عنهم ملحقه * فـــــأيهم كـان على الحق ثقه ؟

وحســـــبنا الله فتـــــلـــــك فيـــه * وآيـــــة الإيـــمان والتنزيه 42

والفســـــق للـــوليد ذي التمويه * فـــــأي ذم بعـــــد ذا يـــــأتـيه ؟

وآيـــة الـــــوقوف للســـــؤال * في المرتضى حقا أبي الأشبال43

وهـــــو لسان الصدق شيخ الآل * كــم فيه من آيات ذي الجلال ؟

وقـــــيل : جــــــاءت آيـة الإيذاء * فيــــه بلا شك ولا امتراء 44

ولم يعـــــاتب أبـــــدا فــــي الآي * لا بــــل له التشريف في البداء

وقيـــــل : جـــــاءت آية السقايه * وآيـــــة الإيــمان والهدايه 45

 

/ صفحة 422 /

فيــــه فأكـــــرم بـــــبــــــداه آيـــــــه * ليـــــس لــــــه في الفضل من نهايه

46 وآيــــــة واردة فـــــــــــي الأذن * فــــــإنهـــــا فـــي السيــــد المؤتمن

قـــــولا أتـــى من صادق لم يمــــــن * حكـــــــــما من الله الحميد المحسن

47 وكـــــم وكم مــن آية منــــــزله * فيـــــه مــــن الله أتــــــت مفصله ؟

شاهـــدة على الورى بالفضل لــــــه * فليعـــــل من قـــــدمــــــه وفـــضله

48 كـــــآية الــــود من الرحــــــمن * وهـــــكذا كـــــرايــــــم الـــقـــــرآن

فيـــــه كـــــما قـد جاء فــــــي البيان * عـــــن أحـــمد عــــــن ربه المنان

49 وآيــة التطهير فــــــي الجماعه * أهــل الكساء المرتــــــدين الطاعه

الآمنيـــــن مــن خــــــطوب الساعه * يـــــا حبـــــذا حبـــهم بــــــضاعه ؟

50 والأمــــــر بالصــــلاة فيهم نزلا * خير البريات الأولى حــــــاز والعلا

سفـــن النجــــــاة الشهداء في الملا * بـــــورك عــلما علمهم مــــــفصلا

51 وقيل : هم في الذكر أهل الذكر * نـــــزل فيهم : فاسألوا، هل تدري ؟

نعـــــم أنـــــاســـــا أهـل بيت الطهر * أهـــــل المقـــــامات وأهـــــل الفخر

52 وفيـــــهم الـــــدعاء للمبـــاهله * حيــــث أتـــــى الكـــــفار للمجــادله

أكـــــرم بهـــــم من دعـــــوة مقابله * بالنـــــصر لكـــــن هـــربوا معاجله

53 هـــــذا عـلي ها هنا نفس النبي * وولـــــداه ابــــــنا الرسول اليثربي

يا حـــــبذا مـــــن شـــرف مستعجب * يــــضئ في المجد ضياء الكوكب ؟

ويقول فيها :

54 وقال فيه المصطفى : أنت الولي * ومثــــــله : أنــــــت الوزير والوصي

وكم وكــــــم قــــــال لـه : أنت أخي ؟ * فأيــــــهم قــــــال لــــــه مثـــل علي ؟

55 وهــــــل سمعــــــت بحديث مولى * يوم " الغـــــدير " والصحيح أولى ؟

ألم يقــــــل فيــــــه الــــــرسول قـــولا * لــــــم يــــــبق للمخــــــالفين حـولا ؟

56 وهــــــل سمعـــت بحديث المنزله * يجعــــــل هــــــارون النــــبي مثله ؟

وثبــــــت الطــــــهر لـــــــه ما كان له * من صنـــــوه موسى فصار مدخله ؟

57 مــــــن حيـــــث لو لم يذكر النبوه * كــــــانت لــــــه من بعـــــــده مرجوه

 

/ صفحة 423 /

فاستثـــــنيت ونـــــال ذو الفـــــتـــــــوه * عـــــموم مـــــا للمصطـــفى من قوه

إلى أن قال :

إن الكـــــتاب للـــــوصي قـــــد حـــــكم * بأنـــــه الإمـــــام فـــي خير الأمم 58

فمـــــن يـــــكن مخـــــالفا فـــــقد ظــلم * وقـــــد أســـــاء الفعـــــل حقا واجترم

قـــــال : فـــــلي دلائـــــل فـــــي الآثار * تـــــواتـرت وانتشرت في الأقطار 59

عـــــلى إمـــــامة الـــــرجال الأخـــيار * فـــــأي قـــــول بعـــــد تــلك الأخبار ؟

فقلـــــت : إن كـــــان حـــديث المنزله * فيها وأخبار " الغدير " مدخله ؟ 60

فإنهـــــا معـــــلومـــــة مفـــــصــلـــــه * أو لا فـــــدعها لعـــــلـــــي فــــهي له

لا تجعـــــلن خـــــبرا عـــــن واحـــــــد * أو قـــــول كـــــل كـــــاذب معــاند 61

مثـــــل أحـــــاديث الإمـــــام المـــــاجد * يــــــوم " الغدير " في ذوي المشاهد

تـــــلك الـــــتي تـــــواترت فـــي الخلق * وانتـــــشرت أخبارها عن صدق 62

ونطقـــــت فـــــي النـــــاس أي نطــــق * إن عـــــلـــيـــــا لإمـــــام الـــــحـــــق

أخذناها من أرجوزة لشاعرنا المنصور في الإمامة وهي قيمة جدا تشتمل على 708 بيتا.

 * (الشاعر) *

أبو محمد المنصور بالله الإمام الحسن بن محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن يحيى الهادي إلى الحق اليمني.

 أحد أئمة الزيدية في الديار اليمنية، وأوحدي من أعلامها الفطاحل، له في علم الحديث وفنونه أشواط بعيدة، وفي الأدب وقرض الشعر خطوات واسعة، وفي قوة العارضة جانب هام، وفي الحجاج والمناظرة يد غير قصيرة، يعرب عن هذه كلها كتابه الضخم الفخم - أنوار اليقين - في شرح أرجوزته الغراء المذكورة في الإمامة، وهي آية محكمة تدل على فضله الكثار وعلمه المتدفق، كما أنها برهنة واضحة عن تضلعه في الأدب وتقدمه في صناعة القريض.

 كان في أيام الإمام المهدي أحمد بن الحسين يعد من جلة العلماء وله فيه مدايح ومن شعره فيه مهنئا له السلامة - حينما دس عليه الملك يوسف بن عمر ملك اليمن

 

/ صفحة 424 /

على ما يقال أو المستعصم العباسي أبو أحمد عبد الله المتوفى 656 رجلين ووثبا عليه فطعنه أحدهما فجرحه وسلم فأخذا الرجلان وقتلا - قوله :

راموك والله رام دون ما طلبوا * وكيف يفرق شمل أنت جامعه ؟

كم قبل ذلك من فتق منيت به ؟ * والله من حيث يخفى عنك دافعه

عوايد لك تجري فـــــــي كفالته * لا يجـبر الله عظما أنت صارعه

ضاقـــت جوانبه وانسد مخرجه * وأنت فيه رحيب الصدر واسعه

ردا إليه وتسليـــــــما لقــــدرته * فيـــــــما تحـــاوله أو ما تدافعه

ومن شعره قوله :

لم ينج بالكهف سوى عصبة * فـــــــرت عن الدار وأربابها

ولا نجـــا في يوم نوح سوى * سفيـــــــنة الله وأصحـــــابها

ألم يكن في المغرقين ابنه ؟ * فغـــــــاب عــن زمرة ركابها

وهل نجـــا بالسلم إلا الأولى * رقــوا إلى السلم بأسبابها ؟

أو أدرك الغفران من لم يلج * لــــــداخل الحطة من بابها ؟

أعـــــــيذكم بالله أن تـجمحوا * عـــن عترة الحق وأحزابها

ولد الإمام المترجم سنة 596 وبويع له بالإمامة بعد قتل الإمام أحمد بن الحسين وكانت دعوته سنة 657، وتوفي في مدينة - رغافة - من مدن صعده في شهر محرم سنة 670، توجد ترجمته في نسمة السحر فيمن تشيع وشعر.