مكتبة الإمام أميرالمؤمنين (ع)

فهرس الكتاب


الحديث الحادي عشر

أنـّه(عليه السلام) نفس رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)

بم يعرب عمّن كان ذخيرته(صلى الله عليه وآله وسلم) للمهمّات، وعدّته لمجابهة عظيم الاخطار وهول الكربات، حتّى اعتبروه سهم الله الذي ما رمى به إلى العدى إلاّ أتى بالنصر والظفر، وسيفه الذي ما ضرب به أحداً من الاعداء إلاّ كان من الحياة افتقر، وانقلب خسيئاً إلى سقر؟

وكان(صلى الله عليه وآله وسلم) كثيراً ما أنذر به كفّار قريش ووفودهم من بني ثقيف وهوازن وبني وليعة، فقال مقسماً بالله الذي نفسه بيده، ليقاتلنّ به اعناق مقاتليهم إن لم يقيموا الصلاة، ولم يؤتوا الزكاة، وليسبينّ ذراريهم، كما روى ذلك جمع من أساطين المحدّثين في كتبهم، منهم:

الحاكم في المستدرك (2: 120) روى باسناده عن عبد الرحمن بن عوف قال: افتتح رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مكّة، ثم انصرف إلى الطائف، فحاصرهم ثمانية أو سبعة، ثم أوغل غدوة أو روحة، ثمّ نزل، ثمّ هجر، ثمّ قال: أيها الناس إنّي لكم فرط، وإنّي أوصيكم بعترتي خيراً، موعدكم الحوض، والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ولتؤتنّ الزكاة، أو لابعثنّ عليكم رجلاً منّي أو كنفسي، فليضربنّ أعناق مقاتليهم، وليسبينّ ذراريهم، قال: فرأى الناس أنه يعني أبا بكر أو عمر، فأخذ بيد علي، فقال: هذا. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.

وروى ابن عبد البرّ حافظ المغرب في كتابه الاستيعاب في معرفة الاصحاب (3: 46 بهامش الاصابة) مسنداً عن المطّلب بن عبد الله بن حنطب، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لوفد ثقيف حين جاء: لتسلمنّ أو لابعثنّ رجلاً منّي، أو قال: كنفسي، فليضربن أعناقكم، وليسبينّ ذراريكم، وليأخذنّ أموالكم، قال عمر: فوالله ما تمنّيت الامارة إلاّ يومئذ، وجعلت أنصب صدري له رجاء أن يقول هو هذا، قال: فالتفت إلى علي(رضي الله عنه) فأخذ بيده، ثمّ قال: هو هذا، هو هذا.

وروى الزمخشري في تفسيره الكشاف (3: 559) في ذيل قوله تعالى: (يا ايها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا)الاية (الحجرات: 6) بلفظ: لتنتهنّ أو لابعثنّ إليكم رجلاً هو عندي كنفسي، يقاتل مقاتليكم، ويسبي ذراريكم، ثمّ ضرب بيده على كتف علي(رضي الله عنه).

وهذا قوله(صلى الله عليه وآله وسلم) منذراً لبني المصطلق.

وروى النسائي في الخصائص (ص19) على ما في الفضائل (1: 347) عن اُبي، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): لينتهنّ بنو وليعة أو لابعثن عليهم رجلاً كنفسي، ينفذ فيهم أمري، فيقتل المقاتلة، ويسبي الذريّة، فما راعني إلاّ كفّ عمر في حجزتي من خلفي، وقال: من يعني؟ قلت: ايّاك يعني وصاحبك، قال ـ عمر ـ فمن يعني؟ قلت: خاصف النعل، قال: وعلي يخصف النعل.

قال السيّد مرتضى الحسيني: وكأنّ اُبيّاً قد استهزأ به أوّلاً، فقال له: ايّاك يعني وصاحبك ـ أي أبا بكر ـ فأحسّ بذلك عمر وأنـّه قد استهزأ به، فاستفهمه ثانياً، فبيّن له اُبي على وجه الجدّ، انّه(صلى الله عليه وآله وسلم) يعني عليّاً(عليه السلام).

وفيه أيضاً عن الهيثمي في مجمع الزوائد (7: 110) روى عن جابر بن عبد الله، قال: بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) الوليد بن عقبة إلى بني وليعة، وساق الحديث إلى أن قال: فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لينتهنّ بنو وليعة أو لابعثن إليهم رجلاً كنفسي، يقتل مقاتلهم، ويسبى ذراريهم، وهو هذا، ثمّ ضرب على كتف علي بن أبي طالب(عليه السلام). قال الهيثمي: رواه الطبراني في الاوسط.

وروى ابن شهرآشوب في مناقبه (2: 67) عن أنس بن مالك، قال: بعث النبيّ عليّاً إلى قوم عصوه، فقتل القاتل، وسبى الذريّة، وانصرف بها، فبلغ النبيّ قدومه فتلقّاه خارجاً من المدينة، فلمّا لقيه اعتنقه وقبّل بين عينيه، وقال: بأبي واُمّي من شدّ الله به عضدي، كما شدّ عضد موسى بهارون.

وفي حديث جابر أنّه(صلى الله عليه وآله وسلم) قال لوفد هوازن: أما والذي نفسي بيده، ليقيمنّ الصلاة، وليؤتنّ الزكاة أو لابعثن إليهم رجلاً وهو منّي كنفسي، فليضربنّ أعناق مقاتليهم، وليسبينّ ذراريهم، هو هذا، وأخذ بيد علي، فلمّا أقرّوا بما شرط عليهم، قال: ما استعصى علىّ أهل مكّة ولا اُمّة إلاّ رميتهم بسهم الله علي بن أبي طالب، ما بعثته في سريّة إلاّ رأيت جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وملكاً أمامه، وسحابة تظلّه، حتّى يعطي الله حبيبي النصر والظفر.

قال ابن شهرآشوب: وروى الخطيب في الاربعين نحواً من ذلك عن مصعب بن عبد الرحمن انه قال لوفد ثقيف، وفي رواية أنّه قال مثل ذلك لبني وليعة.

وفي (3: 83) ذكر ما قاله العوني:

من صاح جبريل بالصوت العلي به     دون الخلائق عند الجحفل اللجب

فخراً ولاسيف إلاّ ذو الفقار ولا     غير الوصيّ فتًى في هفوة الكرب

وقال منصور الفقيه:

من قال جبريل والارماح شارعة     والبيض لامعة والحرب تشتعل

لا سيف يذكر إلاّ ذو الفقار ولا     غير الوصي إمام أيّها الملل

وقال آخر:

جبريـل نادى في الوغى     والنقع ليس بمنجل

والمسـلمـون بـأسـرهـم     حــول النـبيّ المـرسـل

والخيـل تعثـر بالجمـا     جـم والـوشيـح الـذبـل

هـذا النـداء لـمن لـه     الـزهراء ربّـة منـزل

لاسيـف إلاّ ذو الفقـار     ولا فـتى إلاّ عـلي

وقال غيره:

لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى     إلاّ علي للطغاة طعون

ذاك الوصيّ فما له من مشبه     فضلاً ولا في العالمين قرين

ذاك الوصيّ وصي أحمد في الورى     عفّ الضمائر للاله أمين

وقال آخر:

من كان يمدح ذا ندى لنواله     والمدح منّي للنبيّ وآله

لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى     إلاّ علي في اوان قتاله

نادى النبيّ له بأعلى صوته     يا ربّ من والى عليّاً واله

وقال الزاهي:

من هزم الجيش يوم خيبرة     وهزّ باب القموص واقتلعه

من هزّ سيف الاله بينكم     سيف من النور ذو العلى طبعه

وروى امام المعتزلة في كتابه شرح النهج (2: 449) في الخبر الثاني، قال(صلى الله عليه وآله وسلم)لوفد ثقيف: لتسلمنّ أو لابعثنّ إليكم رجلاً ـ أو قال: عديل نفسي ـ فليضربنّ أعناقكم وليسبينّ ذراريكم، وليأخذنّ أموالكم،قال عمر: فما تمنّيت الامارة إلاّ يومئذ، وجعلت أنصب له صدري رجاء أن يقول هو هذا، فالتفت وأخذ بيد علي، وقال: هو هذا، مرتين. قال: رواه أحمد في المسند.

ورواه أيضاً في كتاب فضائل علي أنّه قال: لتنتهنّ يا بني وليعة أو لابعثنّ إليكم رجلاً كنفسي، يمضي فيكم أمري، يقتل المقاتلة، ويسبي الذرّيّة، قال أبو ذرّ: فما راعني إلا برد كفّ عمر في حجزتي من خلفي يقول: من تراه يعني؟ فقلت: إنّه لا يعنيك، وإنما يعني خاصف النعل بالبيت، وانّه قال: هو هذا.

وروى ابن حجر في الصواعق (ص124) ما اخرجه إبن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن عوف، كما سبق ذكره.

وفي ينابيع المودّة (ص40) قال القندوزي الحنفي: وأخرج ابن عقدة، والحافظ أبو الفتوح العجلي في كتابه الموجز، والديلمي، وابن أبي شيبة، وأبو يعلى عن عبد الرحمن، وساق الحديث الانف ذكره، وروى أيضاً الحديث المذكور في (ص285) من الكتاب.

الحـديث الثـاني عشر

علي(عليه السلام) هو الصديق الاكبر والفاروق الابر

ما ورد في بيان من هو الصدّيق الاكبر، ومن هو الفاروق الابر، الذي يفرق بين الحقّ والباطل، ويستفاد من الحديث أيضاً أنـّه لا يكون أحد أحقّ أن يلقّب بذينكم اللقبين الفاضلين غير ذي الاسبقيّة إلى الايمان والاسلام، ولا يكون أولى من يتّصف بالصفتين الكريمتين، غير أوّل من ينشقّ له القبر بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) يوم القيامة، ويكون أوّل من يصافحه.

فبذلك يظهر بطلان من يدّعي أو ينسبهما إلى غير من نصّ عليه النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم).

واستبان أيضاً خطأهم، أو كذبهم، كما دلّ على ذلك قول مولانا الامام علي(عليه السلام) في بعض خطبه، كما سيلي ذكره عن جمع من الرواة المشهورين عند من له إلمام بالاخبار والسير، منهم:

الذهبي روى في كتابه ميزان الاعتدال (2: 416) روى عن ابن عبّاس: ستكون فتنة، فمن أدركها فعليه بالقرآن وعلي بن أبي طالب، فإني سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وهو آخذ بيد علي يقول: هذا اوّل من آمن بي، وأوّل من يصافحني، وهو فاروق الاُمة، ويعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة، وهو الصديق الاكبر، وهو خليفتي من بعدي.

وروى الاميني في الغدير (2: 313) عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مشيراً إلى علي: إنّ هذا أوّل من آمن بي، وهو أوّل من يصافحني يوم القيامة، وهو الصدّيق الاكبر، وهذا فاروق هذه الاُمّة، يفرق بين الحقّ والباطل، وهذا يعسوب الدين.

قال الاميني: أخرجه الطبراني عن سلمان وأبي ذرّ، والبيهقي والعدني عن حذيفة، والهيثمي في مجمع الزوائد (9: 102) والحافظ الكنجي في كفاية الطالب (ص79) من طريق الحافظ ابن عساكر، وفي آخره: وهو بابي الذي اُوتي منه، وهو خليفتي من بعدي. وذكره باللفظ الاوّل المتّقي الهندي في اكمال كنز العمّال (6: 56).

وروى فيه أيضاً عن ابن عبّاس وأبي ذرّ قالا: سمعنا النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)يقول لعلي: أنت الصدّيق الاكبر، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحقّ والباطل.

وروى في (3: 221) من غديره قال علي(عليه السلام): أنا عبد الله، وأخو رسول الله، وأنا الصدّيق الاكبر، لا يقولها بعدي إلاّ كاذب مفتر، ولقد صلّيت مع رسول الله قبل الناس بسبع سنين، وأنا أوّل من صلّى معه.

وأخرج القرشي في كتابه شمس الاخبار (ص33) على ما في الغدير (2: 313) عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: قال لي ربّي عزّوجلّ ليلة اُسري بي: من خلّفت على اُمّتك يا محمّد؟ قال قلت: يا ربّ أنت أعلم. قال: يا محمّد انتجبتك برسالتي، واصطفيتك لنفسي، وأنت نبيّي وخيرتي من خلقي، ثمّ الصدّيق الاكبر، الطاهر المطهّر، الذي خلقته من طينتك، وجعلته وزيرك، وأبي سبطيك، السيّدين الشهيدين، الطاهرين المطهرّين، سيّدي شباب أهل الجنة، وزوّجته خير نساء العالمين، أنت شجرة وعلي غصنها، وفاطمة ورقها، والحسن والحسين ثمارها، خلقتهما من طينة عليّين، وخلقت شيعتكم منكم، انّهم لو ضربوا على أعناقهم بالسيوف ما ازدادوا لكم إلاّ حُبّاً، قلت: يا ربّ ومن الصدّيق الاكبر؟ قال: أخوك علي بن أبي طالب.

وروى الحاكم في المستدرك (3: 112) عن علي(رضي الله عنه) قال: إنّي عبد الله وأخو رسول الله، وأنا الصدّيق الاكبر، لا يقولها بعدي إلاّ كاذب، وفي رواية: إلاّ كذّاب صليت قبل الناس سبع سنين، قبل أن يعبده أحد من هذه الامة. انتهى.

قال الاميني في غديره (2: 314): أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح، والنسائي في الخصائص (ص3) بسند رجاله ثقات، وابن أبي عاصم في السنّة، وأبو نعيم في المعرفة، وابن ماجة في سننه (1: 57) بسند صحيح، والطبري في تاريخه (2: 213) باسناد صحيح، والعقيلي، والخلعي، وابن الاثير في الكامل (2: 22) والمحبّ الطبري في الذخائر (ص60) وفي الرياض النضرة (2: 155 و158 و167) والحمويني في فرائد السمطين (1: 248) والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه (6: 394) والشعراني في الطبقات (2: 55).

وفيه أيضاً عن المعارف (ص73) لابن قتيبة، وابن أيّوب، والعقيلي، والطبري في الدخائر (ص58) وفي الرياض (2: 155 و 157) والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه (6: 405) عن معاذة، قالت: سمعت عليّاً وهو يخطب على منبر البصرة، يقول: أنا الصدّيق الاكبر، آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر، وأسلمت قبل أن يسلم أبو بكر.

وروى إمام المعتزلة في كتابه شرح نهج البلاغة (3: 257) باسناده عن أبي رافع قال: أتيت أبا ذرّ في الربذة اُودّعه، فلمّا أردت الانصراف، قال لي ولاُناس معي: ستكون فتنة فاتّقوا الله، وعليكم بالشيخ علي بن أبي طالب فاتّبعوه، فإنّي سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول له: أنت أوّل من آمن بي، وأوّل من يصافحني يوم القيامة، وأنت الصدّيق الاكبر، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحقّ والباطل، وأنت يعسوب الدين، والمال يعسوب الكافرين، وأنت أخي ووزيري وخير من أترك بعدي، تقضي ديني وتنجز موعدي.

ورواه ابن الاثير في اُسد الغابة (5: 287) على ما في الفضائل (2: 88) من طريق أبي ليلى الغفاري.

وروى أيضاً عن عمرو بن عباد بن عبد الله الاسدي، قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: أنا عبد الله، وأخو رسول الله، وأنا الصدّيق الاكبر، لا يقولها غيري إلاّ كذّاب، ولقد صلّيت قبل الناس سبع سنين.

وروى فيه أيضاً عن معاذة بنت عبد الله العدويّة كما مرّ ذكره.

ورواه أيضاً النسائي في الخصائص (ص3) على ما في الفضائل (2: 87 )ونحوه ابن جرير الطبري في تاريخه (2: 56) . وذكره المحبّ الطبري في الرياض النضرة (2: 155).

وروى العسقلاني في كتابه الاصابة في تمييز الصحابة (4: 171) عن أبي ليلى الغفاري، قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: سيكون من بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب، فإنّه أوّل من آمن بي، وأوّل من يصافحني يوم القيامة، والصدّيق الاكبر، وهو فاروق هذه الاُمّة، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين.

أقول: ورواه أيضاً بعين اللفظ والسند حافظ المغرب ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب في معرفة الاصحاب (بهامش الاصابة 4: 170).

وروى الطبري في الرياض النضرة (2: 155) عن أبي ذرّ، قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعلي: أنت الصدّيق الاكبر، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحقّ والباطل، قال: وفي رواية: أنت يعسوب الدين.

وروى الهيثمي في مجمع الزوائد (9: 102) على ما في الفضائل (2: 88 )عن أبي ذرّ وسلمان قالا: أخذ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بيد علي، فقال: إنّ هذا أوّل من آمن بي، وأوّل من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصدّيق الاكبر، وهذا فاروق هذه الاُمّة، يفرق بين الحقّ والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظالمين.

قال السيّد مرتضى الحسيني: وذكره المناوي في فيض القدير (4: 358) في الشرح، وقال: رواه الطبراني والبزار عن أبي ذرّ وسلمان، وذكره المتّقي في كنز العمّال (6: 156) وقال: رواه الطبراني عن أبي ذرّ وسلمان معاً، والبيهقي، وابن عدي عن حذيفة.

وروى ابن شهرآشوب في مناقبه (2: 276 ط. النجف و3: 90 ط. ايران) عن ابن بطّة في الابانة وأحمد بن حنبل في الفضائل، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، والديلمي في الفردوس، عن داود عن بلال، قال النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم): الصدّيقون ثلاثة، علي بن أبي طالب، وحبيب النجّار، ومؤمن آل فرعون حزقيل، وفي رواية: علي بن أبي طالب وهو أفضلهم.

وذكر أمير المؤمنين مراراً: أنا الصدّيق الاكبر، والفاروق الاعظم.

وروى المتّقي الهندي في كنز العمّال (6: 405) عن معاذة العدويّة، كما قد مرّ عن السيوطي في جمع الجوامع، وابن قتيبة في المعارف، والشعراني في الطبقات.

وقال ابن عبّاس، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ عليّاً صدّيق هذه الاُمّة، وفاروقها، ومحدّثها، وانّه هارونها، ويوشعها، وآصفها، وشمعونها، إنّه باب حطّتها، وسفينة نجاتها، إنّه طالوتها وذو قرنيها.

قال: عن كعب الاحبار: أنّه سأل عبد الله بن سلام قبل أن يسلم: يا محمّد ما اسم علي فيكم؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): عندنا الصدّيق الاكبر، فقال عبد الله بن سلام: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله، إنّا لنجد في التوارة: محمّد نبي الرحمة، وعلي مقيم الحجة.

قال أبو سخيلة: سألت أبا ذرّ، فقلت: إنّي قد رأيت اختلاطاً، فماذا تأمرني؟ قال: عليك بهذه الخصلتين: كتاب الله، والشيخ علي بن أبي طالب، فإني سمعت رسول الله يقول: هذا أوّل من آمن بي، وأوّل من يصافحني يوم القيامة، وهو الصدّيق الاكبر، وهو الفاروق الذي يفرق بين الحقّ والباطل.

قال الحميري:

شهيدي الله يا صدّيق     هذه الاُمّة الاكبر

بأني لك صافي الودّ     في فضلك لا أستر

راجع مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب (3: 90 ـ 91).

الحـديث الثالث عشر

علي(عليه السلام) يقاتل على تأويل القرآن

فيما أخبر النبيّ صلوات الله عليه وعلى آله قوماً من الصحابة بأنّ من بينهم رجلاً يقاتل المنافقين من بعده، كمقاتلته المشركين في حياته، غير أنّه(صلى الله عليه وآله وسلم) يقاتل على تنزيله ـ أي: للاقرار بأنّه منزل من عند الله ـ ويقاتل الرجل على تأويله.

فمن عظيم فضل هذه المنقبة المنيفة، والمكانة العزيزة الشريفة، تطاولت إليها الاعناق، واستشرفت لها النفوس، فكلّ يظهر للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وجهه، وينصب له صدره، راجياً أن يقال له: أنت يا هذا، فلم يملك شيخ المهاجرين أبو بكر نفسه، فانطلق لسانه قائلاً: أنا يا رسول الله؟ فقال له: لا ولم ينثن قرينه عمر عمّا يطمع فيه، وإن رأى ما رأى ما بصاحبه من الخيبة، فقام قائلاً: أنا يا رسول الله؟ فقال: لا، فلمّا رأى القوم عدم استحقاق من كان مثل الشيخين، وعادا خائبين، انقطع طمع الطامعين منهم في ذلك، ولم ينطق أحد منهم ببنت شفة، فسرعان ما صرّح النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: بل خاصف النعل.

ويفيد مفهوم هذا الحديث أنـّه(صلى الله عليه وآله وسلم) قد استناب الرجل الخاصف نعله في أداء ما افترض الله عليه، بقوله عزّوجلّ (يا أيّها النبيّ جاهد الكفّار والمنافقين)الاية (التوبة: 73)  فقام(صلى الله عليه وآله وسلم) بمجاهدة الكفّار ومقاتلتهم في حياته، وتوفي قبل أن يقضي على المنافقين، فقام الرجل العظيم الفاضل على غيره، خاصف نعل خير من وطئ الثرى، بالنيابة عنه بعد وفاته في أداء ذلك الامر العظيم، فقضى على المنافقين، فظهر مصداق قول النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) من هذا الحديث الشريف الذي قد رواه جملة كبيرة من الحفّاظ في كتب السنن والمسانيد، وغيرها من المصنّفات القيّمة، منهم:

العسقلاني في كتابه الاصابة (2: 392) روى مسنداً عن عبد الرحمن بن بشير، قال: كنّا جلوساً مع النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) إذ قال: ليضربنّكم رجل على تأويل القرآن، كما ضربتكم على تنزيله، فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، فقال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن خاصف النعل، فانطلقنا فإذا علي يخصف نعل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في حجرة عائشة، فبشّرناه.

الامام أحمد في (3: 31) من مسنده مختصراً عن أبي سعيد الخدري، قال: كنّا عند رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما اُقاتل على تنزيله.

وروى أيضاً في (3: 82) عن إسماعيل بن الرجاء الزبيدي، قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: كنّا جلوسا ننتظر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فخرج علينا من بعض بيوت نسائه، فقال: فقمنا معه فانقطعت نعله، فتخلّف عليها علي يخصفها، فمضى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ومضينا معه، ثمّ قام ينتظره وقمنا معه، فقال: إنّ منكم من يقاتل على تأويل هذا القرآن كما قاتلت على تنزيله، فاستشرفنا وفينا أبو بكر وعمر، فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): لا ولكنّه خاصف النعل، قال: فجئنا فبشّرناه، قال: وكأنّه قد سمعه.

وروى أيضاً في (3: 33) بلفظ: إنّ منكم من يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله، قال: فقام أبو بكر وعمر، فقال: لا، ولكن خاصف النعل.

وروى حسام الدين المشهور بالمتّقي في كتابه منتخب كنز العمّال بهامش مسند الامام أحمد بن حنبل (5: 26) عن أبي ذرّ، قال: كنت مع رسول الله ببقيع الغرقد، فقال: والذي نفسي بيده، انّ فيكم رجلاً يقاتل الناس من بعدي على تأويل القرآن، كما قاتلت المشركين على تنزيله، وهم يشهدون أن لا إله إلاّ الله، فيكبر قتلهم حتّى يطعنوا على ولي الله ويسخطوا عمله، كما سخط موسى أمر السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار، والله رضي وسخط ذلك موسى.

ورواه أيضاً في كنز العمّال (13: 106 ط. مؤسسة الرسالة)بعين اللفظ والسند.

قال ابن أبي الحديد في شرح النهج (1: 205 طبع قديم): وقد روى كثير من المحدّثين أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال لاصحابه يوماً: إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فقال أبو بكر: أنا يا رسول الله؟ صلّى الله عليك وسلّم، قال: لا، فقال عمر: أنا يا رسول الله؟ فقال: لا، بل خاصف النعل، وأشار إلى علي(عليه السلام).

وروى العسقلاني أيضاً في كتابه الاصابة في تمييز الصحابة (1: 25) باسناده عن الاخضر بن أبي الاخضر، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أنا اُقاتل على تنزيل القرآن، وعلي يقاتل على تأويله.

وروى عبد الوهّاب الكلابي في مسند دمشق الملحق بكتاب المناقب لابن المغازلي (ص440) باسناده عن ربعي، عن علي(عليه السلام)، قال: لمّا فتح رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)مكّة، قالت قريش: نحن بنو عمّك وقومك، وقد لحق بك أبناؤك ورفقاؤنا، وأبناؤنا ومن يعمل في أموالنا، لم تدعهم إلى ذلك رغبة في الاسلام. فقال(صلى الله عليه وآله وسلم) لابي بكر: ما تقول؟ قال: يا رسول الله صدقوا لو رددت عليهم. قال لعمر: ما تقول؟ قال: يا رسول الله صدقوا لو رددت عليهم، قال(صلى الله عليه وآله وسلم): لتنتهنّ أو ليبعثنّ الله عليكم رجلاً يضرب رقابكم ويخمّس أموالكم، وهو خاصف النعل ـ قال علي ـ: وأنا أخصف نعل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في الحجرة.

وروى ابن حجر في الصواعق (ص121) في الحديث التاسع عن أحمد والحاكم بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي: انّك تقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله.

وروى الحاكم في المستدرك (3: 122) عن أبي سعيد، قال: كنّا مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فانقطعت نعله، فتخلف علي(عليه السلام) يخصفها، فمشى قليلاً، ثم قال: إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فاستشرف لها القوم وفيهم أبو بكر وعمر، قال أبو بكر: أنا هو؟ قال: لا، قال عمر: أنا هو؟ قال:لا، ولكن خاصف النعل ـ يعني عليّاً ـ فأتيناه فبشّرناه، فلم يرفع راسه، كأنّه قد سمعه من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم). قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد على شرط الشيخين.

وروى أبو نعيم في الحلية (1: 67) بسنده عن أبي سعيد أيضاً بلفظ: كنّا نمشي مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فانقطع شسع نعله، فتناولها علي(عليه السلام) يصلحها، ثمّ مشى، فقال: يا أيّها الناس انّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، قال أبو سعيد: فخرجت فبشّرته بما قال رسول الله، فلم يكترث به فرحاً كأنـّه قد سمعه.

وروى ابن الاثير في اُسد الغابة (3: 282) بالاسناد عن عبد الرحمن بن بشير، قال: كنّا جلوساً عند النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) إذ قال: ليضربنّكم رجل على تأويل القرآن كما ضربتكم على تنزيله: فقال أبو بكر: أنا هو؟ قال: لا، قال: عمر: أنا هو؟ قال: لا، ولكن خاصف النعل، وكان علي(عليه السلام) يخصف نعل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).

وروى أيضاً في (4: 32) بسنده عن أبي سعيد الخدري كما قد مرّ.

وروى الهيثمي في مجمع الزوائد (5: 186) عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، قال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، قال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنّه خاصف النعل، وكان أعطى عليّاً(عليه السلام) نعله يخصفها.

ورواه أيضاً القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة (ص59) في الباب الحادي عشر، عن أبي سعيد، وعن عبد الرحمن بن بشير كما في الاصابة.