مكتبة الإمام أميرالمؤمنين (ع)

فهرس الكتاب



الحديث السابع عشر

حديث سدّ الابواب

ماورد فيمن اتّخذه الله سبحانه وتعالى شريكاً لافضل الرسل وخاتم أنبيائه عليه وعليهم الصلاة والسلام فيما اختصّه به وفيما أحلّه له، فبذلك قد تبيّن عظيم فضل من أشركه الله نبيّه في هذه الخصوصيّة الجليلة، حتّى اعترف ابن عمر بافضليّته حينما ظهر اختصاصه بها، وشاع بين جمع من الصحابة، فشقّ ذلك على بعضهم، حتّى أن عمّيه(صلى الله عليه وآله وسلم) حمزة والعبّاس كانا يقولان للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)ما قالا; لانّهم كانوا يحسبون كما قال ابن عمر: كنّا نقول في زمن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم): رسول الله خير الناس، ثمّ أبو بكر ثمّ عمر، وهذه المنقبة أيضاً هي احدى الخصال الثلاثة التي تمنّاها ابن عمر وأبوه، وما زالت بقلبه وفي ذاكرته إلى أن استولى على الخلافة، وقال: كما سيأتي ذكر كلّ من ذلك فيما يلي، كما رواه حفظة السنن والمسانيد، منهم:السيوطي في تفسيره «الدرّ المنثور» في ذيل تفسير قوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى)(النجم: 3) قال: أخرج ابن مردويه عن أبي الحمراء وحبّة العرني، قالا: أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أن تسدّ الابواب التي في المسجد، فشقّ عليهم، قال حبّة: إنّي لانظر إلى حمزة بن عبد المطلّب وهو تحت قطيفة حمراء وعيناه تذرفان، وهو يقول: أخرجت عمّك وأبا بكر وعمر والعبّاس، وأسكنت ابن عمّك، فقال رجل: ما يألو رفع ابن عمّه.قال: فعلم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قد شقّ عليهم، فدعا الصلاة جامعة، فلمّا اجتمعوا صعد المنبر، فلم يسمع لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) خطبة قطّ كان أبلغ منها تمجيداً وتوحيداً، فلمّا فرغ قال: يا أيّها الناس، لا أنا سددتها، ولا أنا فتحتها، ولا أنا أخرجتكم وأسكنته، ثمّ قرأ: (والنجم إذا هوى * ما ضلّ صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * ان هو إلاّ وحي يوحى).وروى الحاكم في المستدرك (3: 125) روى بسنده عن زيد بن أرقم، قال: كانت لنفر من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أبواب شارعة في المسجد، فقال يوماً: سدّوا هذه الابواب إلاّ باب علي، قال: فتكلّم في ذلك ناس، فقام رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّي امرت بسدّ هذه الابواب غير باب علي، فقال فيه قائلكم، والله ما سددت شيئاً ولا فتحته، ولكن اُمرت بشيء فاتبعته. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.وروى الامام أحمد بن حنبل في المسند (2: 26) بالاسناد إلى عبد الله بن عمر، قال: كنّا نقول في زمن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم): رسول الله خير الناس، ثمّ أبو بكر، ثمّ عمر، ولقد اُوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال، لان تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إلي من حمر النعم، زوّجه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ابنته وولدت له، وسدّ الابواب إلاّ بابه في المسجد، وأعطاه الراية يوم خيبر.وروى الحاكم أيضاً في المستدرك (3: 125) بالاسناد إلى أبي هريرة، قال: قال عمر بن الخطّاب: لقد اُعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال، لان تكون لي خصلة منها أحبّ إليّ من أن اُعطى حمر النعم، قيل: وما هنّ يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوّجه فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وسكناه في المسجد مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يحلّ له فيه ما يحلّ له، والراية يوم خيبر. هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.وفي المستدرك أيضاً (3: 116) روى بسنده عن خيثمة بن عبد الرحمن، قال: سمعت سعد بن مالك، وقال له رجل: إن عليّاً(عليه السلام) يقع فيك، أنّك تخلّفت عنه، فقال سعد: والله انّه لرأي رأيته، وأخطأ رأيي، انّ علي بن أبي طالب اُعطي ثلاثاً، لانّ أكون أعطيت إحداهنّ أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها، لقد قال له رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يوم غدير خم، بعد حمد الله والثناء عليه، هل تعلمون أنـّي أولى بالمؤمنين؟ قلنا: نعم، قال: اللهمّ من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وجيء به يوم خيبر وهو أرمد ما يبصر، فقال: يا رسول الله إنّي أرمد، فتفل في عينيه ودعا له، فلم يرمد حتّى قتل وفتح عليه خيبر، وأخرج رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عمّه العباس وغيره من المسجد، فقال له العبّاس: تخرجنا ونحن عصبتك وعمومتك وتسكن عليّاً؟ فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): ما أنا أخرجتكم وأسكنته ولكنّ الله أخرجكم وأسكنه.وفي كنز العمّال لحسام الدين المتّقي (6: 408) على ما في فضائل الخمسة (2: 154)  قال: وعن علي(عليه السلام) أخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بيدي، قال: إنّ موسى(عليه السلام)سأل ربّه أن يطهر بيته بهارون، وانّي لسألت ربّي أن يطهر مسجدي بك وذرّيّتك، ثمّ أرسل إلى أبي بكر، أن سدّ بابك، فاسترجع، ثمّ قال: سمعاً وطاعه، فسدّ بابه، ثّم أرسل إلى عمر، ثمّ أرسل إلى العبّاس بمثل ذلك، ثمّ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب علي، ولكنّ الله فتح باب علي وسدّ أبوابكم.وفيه أيضاً عن الهيثمي في مجمع الزوائد (9: 115) قال: وعن علي(عليه السلام)، قال: قال لي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) انطلق فمرهم فليسدّوا أبوابهم، فانطلقت، فقلت لهم، ففعلوا إلاّ حمزة، فقلت: يا رسول الله قد فعلوا إلاّ حمزة، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): قل لحمزة فليحوّل بابه، فقلت: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يأمرك أن تحوّل بابك، فحوّل، فرجعت إليه(صلى الله عليه وآله وسلم) وهو قائم يصلي، فقال: ارجع إلى بيتك.وفيه أيضاً عن الهيثمي في نفس المصدر قال: وعن العلاء بن العرار، قال: سئل ابن عمر عن علي وعثمان، فقال: أمّا علي فلا تسألوا عنه، انظروا إلى منزله من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فإنّه سدّ أبوابنا في المسجد وأقرّبابه، وأمّا عثمان فإنّه أذنب يوم التقى الجمعان ذنباً عظيماً فعفا الله عنه، وأذنب فيكم دون ذلك فقتلتموه.وفيه أيضاً عن الهيثمي في نفس المصدر، قال: وعن جابر بن سمرة، قال: أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بسدّ الابواب كلّها إلاّ باب علي(رضي الله عنه) فقال العبّاس: يا رسول الله قدر ما أدخل أنا وحدي وأخرج، قال: ما اُمرت بشيء من ذلك، فسدّها كلّها غير باب علي، قال: ربّما مرّ وهو جنب.وفي المسند للامام أحمد بن حنبل (1: 175) روى بسنده عن عبد الله بن الرقيم الكناني، قال: خرجنا إلى المدينه زمن الجمل، فلقينا سعد بن مالك بها، فقال: أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بسدّ الابواب الشارعة في المسجد، وترك باب علي.وقد ذكر الحافظ الكبير محمّد بن علي المازندراني في كتابه النفيس مناقب آل أبي طالب (2 : 38 ط. النجف و2 : 189 ط. ايران) حديث سدّ الابواب رواه نحو ثلاثين رجلاً من الصحابة، ومن روى عنهم.وفيه ما نقله عن السمعاني في فضائله: روى عن جابر، عن ابن عمر في خبر أنّه سأله رجل، فقال: ما قولك في علي وعثمان؟ فقال: أمّا عثمان، فكأنّ الله قد عفا عنه، فكرهتم أن يعفو عنه وأمّا علي، فابن عمّ رسول الله وختنه، وهذا بيته ـ وأشار بيده إلى بيته ـ حيث ترون، أمر الله تعالى نبيّه أن يبني مسجده، فبنى فيه عشرة أبيات، تسعة لنبيه وأزواجه، وعاشرها وهو متوسّطها، لعلي وفاطمة.وكان ذلك في أوّل سنة الهجرة، وقالوا: كان في آخر عمر النبي والاوّل أصحّ وأشهر، وبقي على كونه، فلم يزل علي وولده في بيته إلى أيّام عبد الملك بن مروان، فعرف الخبر فحسد القوم على ذلك، واغتاض، وأمر بهدم الدار، وتظاهر أنّه يريد أن يزيد في المسجد، وكان فيها الحسن بن الحسن، فقال: لا أخرج ولا اُمكّن من هدمها، فضرب بالسياط وتصايح الناس، واُخرج عند ذلك، وهدمت الدار، وزيد في المسجد.وروى عيسى بن عبد الله أنّ دار فاطمة(عليها السلام) حول تربة النبيّ وبينهما حوض.قال الحميري:من كان ذا جار له في مسجدمن نال منه قرابة وجواراوالله أدخله وأخرج قومهواختاره دون البريّة جاراوله أيضاً:وأسكنه في مسجد الطهر وحدهوزوّجه والله من شاء يرفعفجاوره فيه الوصي وغيرهوأبوابهم في مسجد الطهر شرّعفقال لهم سدّوا عن الله صادقاًفضنّوا بها عن سدّها وتمنّعوافقام رجال يذكرون قرابة وما ثمّ فيما يبتغي القوم مطمعفعاتبه في ذاك منهم معاتبوكان له عمّاً وللعمّ موضعفقال له أخرجت عمّك كارهاًوأسكنت هذا إنّ عمّك يجزعفقال له ياعم ما أنا بالذيفعلتُ بكم هذا بل الله فاقنعواوفي المناقب لابن المغازلي الشافعي (ص253 برقم: 303) باسناده عن أبي الطفيل، عن حذيفه بن أسيد الغفاري، قال: لمّا قدم أصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)المدينة لم تكن لهم بيوت يبيتون فيها، فكانوا يبيتون في المسجد، فقال لهم النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم): لا تبيتوا في المسجد فتحتلموا.ثمّ إنّ القوم بنوا بيوتاً حول المسجد، وجعلوا أبوابها إلى المسجد، وإنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بعث معاذ بن جبل، فنادى أبا بكر، فقال: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يأمرك أن تخرج من المسجد، فقال: سمعاً وطاعة، فسدّ بابه وخرج من المسجد، ثمّ أرسل إلى عمر، فقال: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يأمرك أن تسدّ بابك الذي في المسجد وتخرج منه، فقال: سمعاً وطاعة لله ولرسوله، غير أنّي أرغب إلى الله في خوخة في المسجد، فأبلغه معاذ ما قاله عمر، ثمّ أرسل إلى عثمان وعنده رقيّه، فقال: سمعاً وطاعة، فسدّ بابه وخرج من المسجد. ثمّ أرسل إلى حمزة، فسدّ بابه، وقال: سمعاً وطاعة لله ولرسوله، وعلي على ذلك يتردّد، لا يدري أهو فيمن يقيم أو فيمن يخرج، وكان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قد بنى له بيتاً في المسجد بين أبياته، فقاله النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)اسكن طاهراً مطهّراً، فبلغ حمزة قول النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي، فقال: يا محمّد تخرجنا وتمسك غلمان عبد المطلب؟ فقال له النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم): لا، لو كان الامر لي ما جعلت من دونكم من أحد، واللهِ ما أعطاه إيّاه إلاّ الله، وانّك لعلى خير من الله ورسوله، أبشر، فبشّره النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقتل يوم اُحد شهيداً.ونفس ذلك رجال على علي، فوجدوا في أنفسهم، وتبيّن فضله عليهم وعلى غيرهم من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، فبلغ ذلك النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقام خطيباً، فقال: إنّ رجالاً يجدون في أنفسهم، في أنّني أسكنت عليّاً في المسجد، واللهِ ما أخرجتهم ولا أسكنته، إنّ الله أوحى إلى موسى وأخيه (أن تبوّءآ لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة) وأمر موسى أن لا يسكن مسجده، ولا ينكح فيه، ولا يدخله إلا هارون وذرّيته، وإنّ عليّاً منّي بمنزلة هارون من موسى، وهو أخي دون أهلي، ولا يحلّ مسجدي لاحد ينكح فيه النساء إلاّ علي وذرّيته، فمن ساءه فها هنا، فأوما بيده نحو الشام.وأخرج فيه أيضاً في الباب من عدّة طرق.وفي الخصائص للنسائي (ص13) على ما في فضائل الخمسة للسيّد مرتضى الحسيني (2: 153) روى بسنده عن الحارث بن مالك، قال: أتيت مكّة، فلقيت سعد بن أبي وقاص، فقلت له: سمعت لعلي(عليه السلام) منقبة؟ قال: كنّا مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في المسجد، فروى فينا لسدّه ليخرج من في المسجد، إلاّ آل الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)وآل علي(عليه السلام)، قال: فخرجنا فلمّا أصبح أتاه عمّه، فقال: يا رسول الله أخرجت أصحابك وأعمامك وأسكنت الغلام؟ فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): ما أنا أمرت باخراجكم، ولا باسكان هذا الغلام، انّ الله الذي أمرني به.وفيه عن حلية الاولياء لابي نعيم (4: 153) روى بطرق متعدّدة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): سدّوا أبواب المساجد كلّها إلاّ باب علي.وفيه عن تاريخ بغداد (7: 205) للخطيب البغدادي: روى بسنده عن زيد بن علي بن الحسين، عن أخيه محمّد بن علي، أنـّه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: سدّوا الابواب كلّها إلاّ باب علي، وأومأ بيده إلى باب علي.وأخرج الذهبي في ميزان الاعتدال (4: 235) عن زيد بن أرقم أنـّه كان لنفر من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال يوماً: سدّوا هذه الابواب غير باب علي، فتكلّم في ذلك اُناس، فقام رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ فساق إلى آخر الحديث الذي قد مرّ عن المستدرك.قال المحقّق للكتاب على ما في ذيل المناقب لابن المغازلي (ص256) ما مفهومه: قد أخرج حديث سدّ الابواب جماعة كثيرون منهم: ابن حجر في القول المسدّد (ص17) وفي فتح الباري (7: 11) والقسطلاني في إرشاد الساري (6: 81 )وابن كثير في البداية والنهاية (7: 341) والكنجي الشافعي في كفاية الطالب (ص242).

 

الحـديث الثامن عشر

ما ورد من فضائل الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)

ما ورد فيمن اعتلى أعلى مقام التصديق والاستقامة، وأعزّ من امتطى أسمى ذروة العزّ والكرامة، وأولى من استحقّ لسعة علمه وشدّة زهده الرئاسة والزعامة، وأحق من تولّى لعظيم حلمه القيادة والامامة، وأكرم من قام لعميم عدله بالولاية ورعاية الاُمّة، ذو المقدار السامي، والاسبقية التي لا يدركها الاوّلون والاخرون، ثاني مختاري الله عزّوجلّ من أهل الارضين، الذي جعله كفؤاً لسيّدة نساء العالمين، فزوّجه منها في أعلى علّيين، ولولاه لم يكن كفؤ ومقارن لبنت سيّد المرسلين.فكم رجال من أشراف قريش وافاضلهم قد تجرأوا على خطبتها، ومن جملتهم أبو بكر وعمر، فردّهم الرسول صلوات الله عليه وآله، ولم ينالوا خير ما كانوا يرجون ويتمنّون، وحرموا من الفوز بتلك المنقبة العظيمة، ولم يحظوا بإدراك تلك المكانة الرفيعة والمنزلة الكريمة، فياليت شعري هل ينالها إلاّ من كان ذا حظّ عظيم، وفضل على المؤمنين جسيم، كما نطقت وشهدت بذلك الروايات، التي عقدها وذكرها العلماء الثقات.فقبل أن نشرع بذكر الاحاديث المرتبطة بتلكم الاوصاف، أرى من الخير أن تكون مفصلة، ليسهل الوقوف عليها إذا احتيج اليها.

 

فصـل ما ورد في علي(عليه السلام) في سعة علمه

ما رواه الامام الفخر الرازي في تفسيره الكبير (7: 21) في ذيل قوله تعالى (ان الله اصطفى آدم ونوحاً وآل ابرهيم وآل عمران على العالمين)(آل عمران: 33 )قال: قال علي(عليه السلام): علّمني رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ألف باب من العلم، واستنبطت من كلّ باب ألف باب. قال: فإذا كان حال المولى هكذا، فكيف حال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم). فضائل الخمسة (2: 231).وروى ابن عبد البرّ حافظ المغرب في الاستيعاب (2: 463) قال: وكان معاوية يكتب فيما ينزل به ليسأل له علي بن أبي طالب(رضي الله عنه) ذلك، فلمّا بلغه قتله، قال: ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب. فقال له أخوه عتبة: لا يسمع هذا منك أهل الشام، فقال له: دعني عنك.وفي (2: 462) روى بسنده عن عبد الله بن العبّاس، قال: والله لقد اُعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم، وايم الله لقد شارككم في العشر العاشر.وفي الصفحة المذكورة أيضاً روى عن سعيد بن المسيّب، قال: ما كان أحد من الناس يقول: سلوني غير علي بن أبي طالب.وروى حسام الدين المتّقي في كنز العمّال (6: 405) قال: عن أبي المعتمر مسلم بن أوس، وجارية بن قدامة السعدي، أنّهما حضرا علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وهو يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، فإنّي لا اُسأل عن شيء دون العرش إلاّ أخبرت عنه، قال المتقي: أخرجه ابن النجّار.وروى الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (4: 158) بسنده عن أنس، قال: قيل: يا رسول الله  عمّن نكتب العلم؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): عن علي وسلمان.وفي (6: 379) روى حديثاً طويلاً، قال فيه علي(عليه السلام) لكميل: ألا إنّ ها هنا ـ وأشار إلى صدره ـ لعلماً جمّاً لو أصبت حملة، بل أصبت لَقِنا غير مأمون، يستعمل آلة الدين للدنيا.وروى أبو نعيم في الحلية (1: 65) بسنده عن أبي طالب الحنفي، عن علي(عليه السلام)، قال: قلت: يا رسول الله أوصني، قال: قل ربّي الله ثمّ استقم، قال: قلت: الله ربّي وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلت وإليه اُنيب، فقال: ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم ونهلته نهلاً.وروى المحبّ الطبري في الرياض النضرة (2: 194) قال: وعن ابن عبّاس، وقد سأله الناس، وقالوا: أيّ رجل كان علي(عليه السلام)؟ قال: كان ممتلئاً جوفه حكماً وعلماً وبأساً ونجدة، مع قرابته من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم). قال الطبري: أخرجه أحمد في المناقب.وروى الطبري أيضاً في ذخائر العقبى (ص78) قال: وعن ابن عبّاس، وقد سئل عن علي(عليه السلام)، فقال: رحمة الله على أبي الحسن، كان والله علم الهدى، وكهف التقى، وطود النهى، ومحل الحجا، وغيث الندى، ومنتهى العلم للورى، ونوراً أسفر في الدجى، وداعياً إلى المحجّة العظمى، مستمسكاً بالعروة الوثقى، أتقى من تقمّص وارتدى، وأكرم من شهد النجوى، بعد محمّد المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم)وصاحب القبلتين، وأبو السبطين وزوجته خير النساء، فما يفوقه أحد، لم تر عيناي مثله، ولم أسمع بمثله، فعلى من بغضه لعنة الله، ولعنة العباد إلى يوم التناد.وروى أيضاً في كتابه الرياض النضرة (2: 321) قال: وعن أبي الزهراء، عن عبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ قال: علماء الارض ثلاثة: عالم بالشام، وعالم بالحجاز، وعالم بالعراق، فأمّا عالم الشام فهو أبو الدرداء، وأمّا عالم أهل الحجاز فهو علي بن أبي طالب، وأمّا عالم العراق فهو أخ لكم ـ يعني به نفسه ـ وعالم أهل الشام وعالم أهل العراق يحتاجان إلى عالم أهل الحجاز، وعالم أهل الحجاز لا يحتاج إليهما.وروى العسقلاني في تهذيب التهذيب (7: 338) قال: وقال سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص قال: قلت لعبد الله بن عبّاس بن ربيعه: لم كان صغو الناس ـ يعني: ميل الناس ـ إلى علي بن أبي طالب(عليه السلام)؟ قال: يابن أخي، إنّ عليّاً كان له ما شئت من ضرس قاطع في العلم، وكان له البسطة في العشيرة، والقدم في الاسلام، والظهر لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، والفقه في السنّة، والنجدة في الحرب، والجود في الماعون.وروى المتّقي في كنز العمّال (8: 215) قال: عن يحيى بن عبد الله بن الحسن، عن أبيه قال: كان علي يخطب، فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني من أهل الجماعة، ومن أهل الفرقة، ومن أهل السنّة، ومن أهل البدعه؟ فقال(عليه السلام): ويحك أما إذا سألتني فافهم عنّي، ولا عليك أن لا تسأل عنها أحداً بعدي فساق الحديث إلى أن قال: فتنادى الناس من كلّ جانب: أصبت يا أمير المؤمنين أصاب الله بك الرشاد والسداد، فقام عمّار، فقال: يا أيّها النّاس، انّكم والله ان اتّبعتموه وأطعتموه، لم يضلّ بكم عن منهاج نبيّكم قيس شعرة ـ يعني به قدر شعرة ـ وكيف يكون ذلك وقد استودعه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) المنايا والوصايا وفصل الخطاب على منهاج هارون بن عمران، إذ قال له رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي، فضلاً خصّه الله به إكراماً منه لنبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم).وفي رياض الطبري (2: 222) قال: وعن محمّد بن قيس، قال دخل ناس من اليهود على علي(عليه السلام)، فقالو له: ما صبرتم بعد نبيّكم إلاّ خمساً وعشرين سنه حتّى قتل بعضكم بعضاً، فقال علي(عليه السلام): قد كان صبر وخير، قد كان صبر وخير، ولكنّكم ما جفت أقدامكم من البحر حتّى قلتم: «يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة».قال الطبري: أخرجه أحمد في المناقب.

 

فصـل ما ورد في علي(عليه السلام) وعلمه بالقرآن وما في الصحف الاُولى

روى أبو نعيم في حلية الاولياء (1: 65) على ما في الفضائل (2: 237) روى بسنده عن عبد الله بن مسعود، قال: إن القرآن اُنزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إلاّ له ظهر وبطن، وإنّ علي بن أبي طالب عنده علم الظاهر والباطن.وفي حلية الاولياء أيضاً (1: 67) روى بسنده عن علي(عليه السلام)، قال: والله ما اُنزلت آية إلاّ وقد علمت فيم اُنزلت وأين اُنزلت، إنّ ربّي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً سؤولاً.وروى ابن سعد في الطبقات (2: 101) بسنده عن أبي الطفيل قال: قال علي(عليه السلام): سلوني عن كتاب الله، فإنّه ليس من آية إلاّ وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار، في سهل أم في جبل.وروى ابن جرير في تفسيره (26: 116) بسنده عن أبي الصهباء البكري، عن علي بن أبي طالب(عليه السلام)، قال وهو على المنبر: لا يسألني أحد عن آية من كتاب الله إلاّ أخبرته، فقام ابن الكوّاء ـ إلى أن قال ـ: فقال: ما الذاريات ذرواً؟ قال: الرياح.وفي نفس المصدر روى بسنده عن أبي الطفيل، قال: سمعت عليّاً(عليه السلام) يقول بلفظ: لا تسألوني عن كتاب ناطق، ولا سنّة ماضيه إلاّ حدّثتكم، فسأله إبن الكواء عن الذاريات، فقال: هي الرياح.وفي فيض القدير (3: 46) للمناوي في الشرح على ما في فضائل الخمسة (2: 2) ما هذا لفظه: قال الغزالي: قد علم الاوّلون والاخرون أنّ فهم كتاب الله منحصر إلى علم علي، ومن جهل ذلك فقد ضلّ عن الباب الذي من ورائه يرفع الله عن القلوب الحجاب، حتّى يتحقّق اليقين الذي لا يتغيّر بكشف الغطاء.وروى ابن شهرآشوب في مناقبه (2: 38) عن ابن أبي البختري من ست طرق، وابن المفضّل من عشر طرق، وابراهيم الثقفي من أربع عشرة طريقاً، منهم: عدي بن حاتم، والاصبغ بن نباتة، وعلقمة بن قيس، ويحيى بن اُمّ الطويل، وزر بن حبيش، وعباية بن رفاعة، وأبو الطفيل: أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) قال بحضرة المهاجرين والانصار، وأشار إلى صدره كيف ملئ علماً: لو وجدت له طالباً، سلوني قبل أن تفقدوني، وهذا سفط()4() العلم، هذا لعاب رسول الله، هذا ما زقني به رسول الله زقاً، فاسألوني فانّ عندي علم الاوّلين والاخرين، أمّا والله لو ثنيت لي الوسادة، ثمّ جلست عليها، لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الانجيل بانجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم، حتّى ينادي كلّ كتاب بأنّ عليّاً حكم فيّ بحكم الله.وفي رواية: حتّى ينطق الله التوراة والانجيل.وفي رواية: حتّى يزهر كلّ كتاب من هذه الكتب، ويقول: يا ربّ إنّ عليّاً قضى بقضائك، ثمّ قال: سلوني قبل أن تفقدوني، فواالذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة، لو سألتموني عن أيـّة  آية في ليلة اُنزلت أو في نهار، مكيّها أو مدنيّها، سفريها وحضريها، ناسخها ومنسوخها، محكمها ومتشابهها، تأويلها وتنزيلها لاخبرتكم.وفي غرر الحكم (ص403) عن الامدي: سلوني قبل أن تفقدوني، فإنّي بطرق السماوات أخبرُ منكم بطرق الارض.وفي نهج البلاغة (الخطبة: 93) قال(عليه السلام): فوالذي نفسي بيده، لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن فئة تهدي مئة وتضلّ مئة، إلاّ أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها، ومناخ ركابها، ومحطّ رحالها، ومن يقتل من أهلها قتلاً ويموت موتاً.وفي رواية (الخطبة: 175): لو شئت أخبرت كلّ واحد منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت.قال العوني:وكم علوم مقفلات في الورىقد فتح الله به أقفالهابحرم بعد المصطفى حرامهاكما أحلّ بينهم حلالهاوكم حمد الله من قضيّةمشكلة حلّ لهم إشكالهاحتّى أقرّت أنفس القوم بأنلو لا الوصي ارتكبت ضلالهاقال ابن حماد:قلت سلوني قبل فقدي إن ليعلماً وما فيكم له مستودعوكذاك لو ثُني الوساد حكمتبالكتب التي فيها الشرائع تشرعقال زيد المرزكي:مدينة العلم عليّ بابهاوكلّ من حاد عن الباب جهلأم هل سمعتم قبلة من قائلقال سلوني قبل إدراك الاجلوقال ابن حماد أيضاً:سلوني أيّها الناسسلوني قبل فقدانيفعندي علم ما كانوما يأتي وما يانيشهدنا أنّك العالمفي علمك ربّانيوقلت الحقّ يا حقولم تنطق ببهتانونقل عن أبي نعيم في حليته(1: 67) والخطيب في الاربعين، عن السدي، عن عبد خير، عن علي(عليه السلام) قال: لما قُبض رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أقسمت أن لا أضع ردائي على ظهري حتّى أجمع بين اللوحين فما وضعت ردائي حتّى جمعت القرآن.وفي أخبار أهل البيت(عليهم السلام)، أنـّه(عليه السلام) آلى أن لا يضع رداءه على عاتقه إلاّ للصلاة حتّى يؤلّف القرآن ويجمعه، فانقطع عنهم مدّة إلى أن جمعه، ثمّ خرج إليهم في إزار يحمله وهم مجتمعون في المسجد، فأنكروا بعد انقطاع البتّة، فقالوا: الامر ما جاء به أبو الحسن، فلمّا توسّطهم وضع الكتاب بينهم، ثمّ قال: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إنّي مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وهذا الكتاب وأنا العترة، فقام إليه الثاني ـ يعني عمر ـ فقال له: إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله، فلا حاجة لنا فيكما، فحمل(عليه السلام) الكتاب وعاد بعد أن ألزمهم الحجّة.راجع: المناقب لابن شهرآشوب (2: 38 ـ 41 ط. ايران).وروى الطحاوي في مشكل الاثار (2: 373) بسندين عن عبيد بن أبي رفاعة الانصاري، قال: تذاكر أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عند عمر بن الخطّاب العزل، فاختلفوا فيه، فقال عمر: قد اختلفتم وأنتم أهل بدر الاخيار، فكيف بالناس بعدكم؟ إذ تناجى رجلان، فقال عمر: ما هذه المناجاة؟ قال: إنّ اليهود تزعم أنّها الموؤدة الصغرى، فقال علي(عليه السلام): إنّها لا تكون موؤدة حتّى تمرّ بالتارات السبع في قوله تعالى: (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين) الى آخر الاية. والاية الشريفة: (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين * ثمّ جعلناه نطفة في قرار مكين * ثمّ خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثمّ أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين)(المؤمنون: 12 ـ 14).قال السيّد مرتضى الحسيني: فالمراد من التارات السبع هو: الطين، والنطفة، والعلقة، والمضغة، والعظام، واللحم، والخلق الاخر.

 

فصـل فيما ورد في أعلميّته وأحلميّته(عليه السلام)

روى الحاكم في المستدرك (3: 499) بسنده عن قيس بن أبي حازم، قال: كنت بالمدينة، فبينا أنا أطوف في السوق إذ بلغت أحجار الزيت، فرأيت قوماً مجتمعين على فارس قد ركب دابّة، وهو يشتم علي بن أبي طالب، والناس وقوف حواليه، إذ وقف سعد بن أبي وقّاص، فوقف عليهم، فقال: ما هذا؟ فقالوا: رجل يشتم علي بن أبي طالب.فتقدّم سعد فأفرجوا له حتّى وقف عليه، فقال: يا هذا، علام تشتم علي بن أبي طالب؟ ألم يكن أوّل من أسلم؟ ألم يكن أوّل من صلّى مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)؟ ألم يكن أعلم الناس؟... الى أن قال: قال: ألم يكن ختن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) على ابنته؟ ألم يكن صاحب راية رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في غزواته؟ ثمّ استقبل القبلة ورفع يديه، وقال: اللهمّ إنّ هذا يشتم وليّاً من أوليائك، فلا تفرق هذا الجمع حتّى تريهم قدرتك. قال قيس: والله ما تفرّقنا حتّى ساخت به دابّته، فرمته على هامته في تلك الاحجار، فانفلق دماغه فمات.قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.وروى الامام أحمد بن حنبل في مسنده (5: 26) عن معقل بن يسار، قال: وضّأت النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم، فقال: هل لك في فاطمة تعودها؟ فقلت: نعم، فقام متوكّئاً عليَّ، فقال: أما إنّه سيحمل ثقلها غيرك ويكون أجرها لك، قال: فكأنّه لم يكن عليّ شيء، حتّى دخلنا على فاطمة(عليها السلام) فقال لها: كيف تجدينكِ؟ قالت: والله لقد اشتدّ حزني وطال سقمي.قال أبو عبد الرحمن ـ وهو عبد الله بن أحمد بن حنبل ـ : وجدت في كتاب أبي بخّط يده في هذا الحديث، قال: أو ما ترضين أنّي زوّجتكِ أقدم اُمّتي سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً.وروى ابن الاثير في كتابه اُسد الغابة (5: 520) على ما في الفضائل (2: 243 )بسنده عن الحارث، عن علي(عليه السلام)، قال: خطب أبو بكر وعمر ـ يعني فاطمة(عليها السلام) ـ إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فأبى عليهما رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال عمر لعلي: أنت لها يا علي، فقلت: ما لي من شيء إلاّ درعي أرهنها، فزّوجه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فاطمة(عليها السلام)، فلمّا بلغ ذلك فاطمة بكت، قال: فدخل عليها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: مالك تبكين؟ فوالله لقد أنكحتك أكثرهم علماً، وأفضلهم حلماً، وأوّلهم سلماً.وفي رواية المتّقي في كنز العمّال (6: 153) بلفظ: أما ترضين أنّي زوّجتك أوّل المسلمين إسلاماً، وأعلمهم علماً، فإنّك سيّدة نساء اُمّتي كما سادت مريم قومها أما ترضين يا فاطمة أنّ الله اطّلع على أهل الارض، فاختار منهم رجلين، فجعل أحدهما أباك، والاخر بعلك.وفي المصدر نفسه أيضاً ما لفظه: قال: عن أبي إسحاق أنّ عليّاً(عليه السلام)لمّا تزوج فاطمة(عليها السلام)، قال لها النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لقد زوّجتكه، وأنه لاوّل أصحابي سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً.وفي (6: 396) من نفس المصدر عن أبي الزهراء، قال: كان علي بن أبي طالب يقول: إنّي وأطايب أرومتي وأبرار عترتي أحلم الناس صغاراً، وأعلم الناس كباراً، بنا ينفي الله الكذب، وبنا يعفر الله أنياب الذئب الكَلِب، وبنا يفكّ الله عنوتكم وينزع ربق أعناقكم، وبنا يفتح الله ويختم.وروى الهيثمي في مجمع الزوائد (9: 113) قال: وعن سلمان، قال: قلت: يا رسول الله، إنّ لكلّ نبيّ وصيّاً فمن وصيّك؟ فسكت عنّي، فلمّا كان بعدُ رآني، فقال: يا سلمان، فأسرعت إليه قلت: لبّيك، قال: تعلم من وصيّ موسى؟ قلت: نعم، يوشع بن ذي النون، قال: لِمَ؟ قلت: لانّه كان أعلمهم يومئذ، قال: فإنّ وصيّي وموضع سرّي وخير من أترك بعدي وينجز عدتي ويقضي ديني علي بن أبي طالب.وروى ابن الاثير في اُسد الغابة (6: 22) قال: وروى يحيى بن معين، عن عبدة بن سليمان، عن عبد الملك بن سليمان، قال: قلت لعطاء: أكان في أصحاب محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) أعلم من علي(عليه السلام)؟ قال: لا والله لا أعلم.قال السيّد مرتضى الحسيني: وذكره ابن عبد البرّ في الاستيعاب (2: 462 )والمناوي في فيض القدير (3: 46) والطبري في الرياض النضرة (2: 194).وروى ابن عبد البرّ في الاستيعاب (2: 462) حديثاً مسنداً عن جبير، قال: قالت عائشه: من أفتاكم بصوم يوم عاشوراء؟ قالوا: علي(عليه السلام)، قالت: أما إنـّه لاعلم الناس بالسُّنة.وروى البيهقي في السنن (5: 59)  بسنده عن أبي جعفر، قال: أبصر عمر بن الخطّاب على عبد الله بن جعفر ثوبين مضرّجين وهو محرم، فقال عمر: ما هذه الثياب؟ فقال علي: ما أخال أحداً يعلمنا السنّة، فسكت عمر.قال السيّد مرتضى الحسيني: قول علي(عليه السلام) ذلك لعمر هو دليل على رضائه بما فعل عبد الله بن جعفر، وانّ ذلك جائز في الشرع، كما أنّ سكوت عمر بعد قول علي(عليه السلام) هو دليل واضح على تسليمه انّ عليّاً(عليه السلام) هو أعلم بالسنّة، ولا ينبغي أن يعلمه أحد.وروى الهيثمي في مجمع الزوائد (9: 116) قال: عن عبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ قال: كنّا نتحدّث انّ أفضل أهل المدينة علي بن أبي طالب(عليه السلام).وذكره الطبري في الرياض (2 : 209) وقال: أخرجه أحمد في المناقب، وذكره العسقلاني أيضاً في فتح الباري (8: 59).وروى المحبّ الطبري في ذخائر العقبى (ص61) عن عمر بن الخطّاب، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): ما اكتسب مكتسب مثل فضل علي(عليه السلام) يهدي صاحبه إلى الهدى، ويرده عن الردى، قال الطبري: أخرجه الطبراني.وفي مناقب ابن شهرآشوب (1: 310 ط. النجف و2: 30 ط. ايران) عن تفسير النقّاش، قال ابن عبّاس: علي علم علماً علّمه رسول الله، ورسول الله علّمه الله، وعلم علي من علم النبيّ، وعلمي من علم علي، وما علمي وأصحاب محمّد في علم علي إلاّ كقطرة في سبعة أبحر.وفي الامالي (1: 124) للطوسي: مرّ أمير المؤمنين بملا فيهم سلمان، فقال لهم سلمان: قوموا فخذوا بحجزة هذا، فوالله لا يخبركم بسرّنبيّكم غيره.وفيه عن عكرمة، عن ابن عبّاس انّ عمر بن الخطّاب قال لعلي(عليه السلام): يا أبا الحسن انّك لتعجل في الحكم والفصل للشيء إذا سئلت عنه، قال: فأبرز علي كفّه وقال له: كم هذا؟ فقال عمر: خمسة، فقال علي: عجلت يا أبا حفص، قال عمر: لم يخف عليّ، فقال علي: أنا أسرع فيما لا يخفى عليّ.قال ابن شهرآشوب: وقد ظهر رجوعه ـ يعني عمر ـ إلى علي(عليه السلام)في ثلاث وعشرين مسألة، حتّى قال: لو لا علي لهلك عمر.قال خطيب خوارزم:إذا عمر تخطّى في جوابونبهّه علي بالصوابيقول بعدله لو لا عليهلكت هلكت في ذاك الجوابوفيه عن حلية الاولياء لابي نعيم (1: 65): سئل النبيّ عن علي بن أبي طالب، فقال: قسّمت الحكمة عشرة اجزاء، فاُعطي علي تسعة أجزاء، والناس جزء واحد.وقد أجمعوا على انّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أقضاكم علي.وروّينا عن سعيد بن أبي الخضيب وغيره، أنـّه قال الصادق(عليه السلام) لابن أبي ليلى: أتقضي بين الناس يا عبد الرحمن؟ قال: نعم يابن رسول الله، قال: بأي شيء تقضي؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: من سنّة رسول الله، وإن لم أجده فيهما أخذته عن الصحابة بما اجتمعوا عليه، قال الصادق(عليه السلام): فاذا اختلفوا فبقول من تأخذ؟ قال: بقول من أردت واُخالف الباقين، قال: فهل تخالف عليّاً فيما بلغك أنـّه قضى به؟ قال: ربّما خالفته إلى غيره منهم.قال الصادق(عليه السلام): ما تقول يوم القيامة إذا رسول الله قال: أي ربّ هذا بلغه عنّي قولي فخالفه؟ قال: وأين خالفت قوله يابن رسول الله؟ قال: بلغك أنّ رسول الله قال: أقضاكم علي؟ قال: نعم، قال: فإذا خالفت قوله ألم تخالف قول رسول الله؟ فاصفرّ وجه ابن أبي ليلى، فسكت.وإذا ثبت ذلك فلا ينبغي لهم أن يتحاكموا بعده إلى غير علي، والقضاء يجمع علوم الدين، فإذا هو الاعلم فلا يجوز تقديم غيره عليه; لانـّه يقبح تقديم المفضول على الفاضل.قال الاصفهاني:وله يقول محمّد أقضاكمهذا وَأعْلَم يا ذوي الاذهانانّي مدينة علمكم وأخي لهباب وثيق الركن مصراعانفأتوا بيوت العلم من أبوابهاوالبيت لا يؤتى من الحيطانوقال العوني:أَمّن سواه إذا أتى بقضيّةطرد الشكوك وأخرس الحكّامافإذا رأى رأياً فخالف رأيهقوم وإن كدّوا له الافهامانزل الكتاب برأيه فكانّماعقد الاله برأيه الاحكاماوقال ابن حمّاد:عليم بما قد كان أو هو كائنوما هو دقّ في الشرائع أوجلمسمّى مجلى في الصحائف كلّهافسل أهلها واسمع تلاوة من يتلوولو لا قضاياه التي شاع ذكرهالعطّلت الاحكام والفرض والنفلراجع: المناقب لابن شهرآشوب (2: 30 ـ 34 ط. ايران).

 

فصـل في كونه(عليه السلام) باب علم سيّد النبيّين والمرسلين

عن الباقر وأمير المؤمنين في قوله تعالى (وليس البر بأن تأتوا البيوت)(البقرة: 189) وفي قوله (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية)(البقرة: 58) قالا: نحن البيوت التي أمر الله أن يؤتى من أبوابها، نحن باب الله وبيوته التي نؤتى منه، فمن تابعنا وأقرّ بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها، ومن خالفنا وفضّل علينا غيرنا، فقد أتى البيوت من ظهورها.قال ابن شهرآشوب: وقال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بالاجماع: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب. رواه أحمد من ثمانية طرق، وابراهيم الثقفي من سبعة طرق، وابن بطّة من ستّة طرق، والقاضي الجعابي من خمسة طرق، وابن شاهين من أربعة طرق، والخطيب التاريخي من ثلاثة طرق، ويحيى بن معين من طريقين.وقد رواه السمعاني، والقاضي، والماوردي، وأبو منصور السكري، وأبو الصلت الهروي، وعبد الرزّاق، وشريك، عن ابن عبّاس، وجابر، ومجاهد، وهذا يقتضي الرجوع إلى أمير المؤمنين علي(عليه السلام); لانـّه كنى عنه بالمدينة، وأخبر أنّ الوصول إلى علمه من جهة علي خاصّة; لانّه جعله كباب المدينة الذي لا يدخل إليها إلاّ منه، ثمّ أوجب ذلك الامر به، بقوله «فليأت الباب» وفيه دليل على عصمته; لانـّه من ليس بمعصوم يصحّ منه وقوع القبيح، فإذا وقع كان الاقتداء به قبيحاً، فيؤدّى إلى أن يكون(صلى الله عليه وآله وسلم) قد أمر بالقبيح، وذلك لا يجوز.قال البشنوي:فمدينة العلم التي هو بابهاأضحى قسيم النار يوم مآبهفعدوّه أشقى البريّة في لظىووليّه المحبوب يوم حسابهوقال ابن حماد:هذا الامام لكم بعدي يسدّدكمرشداً ويوسعكم علماً وآداباإنّي مدينة علم الله وهو لهاباب فمن رامها فليقصد الباباوقال خطيب منيح:أنا دار الهدى والعلم فيكموهذا بابها للداخليناأطيعوني بطاعته وكونوابحبل ولائه مستمسّكيناراجع: المناقب لابن شهرآشوب (2: 34 ـ 35).وأخرجه ابن المغازلي الشافعي في مناقبه (ص80) مسنداً من سبع طرق، منها: ما رواه (بالرقم: 125) عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يقول يوم الحديبيّة وهو آخذ بضَبُع علي بن أبي طالب(عليه السلام): هذا أمير البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، ثمّ مدّ بها صوته، فقال: أنا مدينة العلم و علي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب.قال المحقق في ذيل الكتاب (ص84): أخرجه الحاكم في المستدرك (3: 127) مقتصراً على ذيل الحديث، وروى صدر الحديث (ص129) وكذا الخطيب البغدادي فقد ذكر صدر الحديث في تاريخه (4: 219) وذكر ذيله في (2: 377).وأخرجه السيوطي في الجامع الصغير (1: 364 بالرقم: 2705) والمّتقي في منتخب كنز العمّال (5: 30) وقالا: رواه ابن عدي والحاكم. وأخرجه تماماً الذهبي في ميزان الاعتدال (بالرقم: 429) في ترجمة أحمد بن يزيد. والحافظ ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان (1: 197 بالرقم: 620).وأخرج ابن المغازلي (بالرقم: 126) مسنداً عن علي بن موسى الرضا، قال: حدّثني أبي، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب(عليهم السلام)، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها، كذب من زعم أنـّه يصل إلى المدينة إلاّ من الباب.قال المحقّق في ذيل الكتاب: أخرجه العلامة القندوزي في ينابيع المودّة (ص73) وقد روى الحديث عن الامام أبي الحسن الرضا(عليه السلام) في فتح الملك العلي بسندين.وروى المتّقي في كنز العمّال (6: 156) على ما في فضائل الخمسة (2: 252 )ولفظه: علي باب علمي، ومبيّن لاُمّتي ما اُرسلت به من بعدي، حبّه إيمان، وبغضه نفاق، والنظر إليه رأفة، قال المتّقي: أخرجه الديلمي عن أبي ذرّ.وقال السيّد المرتضى: وذكره ابن حجر في الصواعق (ص73) وقال: أخرجه ابن عدي.أقول: وأمّا قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب. فقد رواه جمع كثيرون، قد ذكرهم السيّد الحسيني المذكور في فضائله (2: 250) منهم: الحاكم في المستدرك (3: 126) ورواه الخطيب البغدادي أيضاً بطريق آخر في تاريخه (7: 172) وبطريق ثالث في (11: 48) وبطريق رابع في (11: 49 )والخطيب البغدادي أيضاً في تاريخ بغداد (4: 348). ثمّ قال: قال القاسم: سألت يحيى بن معين عن هذا الحديث، فقال: هو صحيح.ورواه ابن الاثير في اُسد الغابة (4: 22) وابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب (6: 320) والمتقي في كنز العمّال (6: 152) والمناوي في فيض القدير (3: 46) في المتن، وقالا: أخرجه العقيلي وابن عدي، والطبراني والحاكم عن ابن عبّاس، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (9: 144).وفي الصواعق (ص73) قال ابن حجر: اخرج البزاز، والطبراني في الاوسط عن جابر بن عبد الله، والحاكم، والعقيلي، وابن عدي، عن ابن عمر، والترمذي، والحاكم، عن علي(عليه السلام)، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): أنا مدينة العلم وعلي بابها، قال: وفي رواية: فمن أراد العلم فليأت الباب.ومن الغريب من مدارك العقل، قول الترمذي في الحديث بالانكار، وكذا البخاري، وقال: إنّه ليس له وجه صحيح، وياليتهما يأتيان بالبيان أو دليل على صحّة قولهما، حتى لا يكون مجرّد دعوى، لا سيما وقد أخرجه جمع كثير وجمّ غفير من الحفّاظ وأئمّة الحديث، بلغ عددهم مئة وثلاثة وأربعين راوياً، كما حقّقه المجاهد البحاثة الفاضل عبد الحسين أحمد الاميني في كتابه النفيس الغدير (6: 61) وكلّ من اُولئك الاعلام محتجّون به، وأرسلوه إرسال المسلّم، ودفعوا عنه قالة المزيفين وجلبة المبطلين.وأمّا ما قاله ابن درويش في كتابه أسمى المطالب (ص70) أنّ ابن معين قال، بأن الحديث كذب لا أصل له، فممّا يخالف ما بلغنا عن الخطيب البغدادي فيما ذكره المحقق لكتاب المناقب على ما أخرجه الحافظ ابن المغازلي في مناقبه (ص81 بالرقم: 121). وهاك لفظه:أخرجه الحافظ البغدادي في تاريخه (11: 48 ـ 50) مرّات، ونقل عن الانباري أنّه قال: سألت ابن معين عن هذا الحديث، فقال: هو صحيح، ثمّ قال الخطيب: أراد أنـّه صحيح من حديث أبي معاوية، وليس بباطل إذ رواه غير واحد عنه.وقال الاميني(رضي الله عنه) وشرف قدره، في غديره القيّم (6: 78): نصّ غير واحد من هؤلاء الاعلام بصحّة الحديث من حيث السند، وهناك جمع يظهر منهم اختياره، وكثيرون من اُولئك يرون حسنه، مصرّحين بفساد الغمز فيه، وبطلان القول بضعفه، وممّن صحّحه: ـ الحافظ أبو زكريّا يحيى بن معين البغدادي المتوفى سنة (233). نصّ على صحّته، كما ذكره الخطيب، وأبو الحجّاج المزّي، وابن حجر وغيرهم. ـ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري المتوفى سنة (310)، صحّحه في تهذيب الاثار. ـ الحافظ الخطيب البغدادي المتوفى سنة (463). ـ الحاكم النيسابوري المتوفى سنة (405) صحّحه في المستدرك. ـ الحافظ أبو محمّد الحسن السمرقندي المتوفى سنه (491) في بحر الاسانيد. ـ مجد الدين الفيروزآبادي المتوفى سنة (816) صحّحه في النقد الصحيح. ـ جلال الدين السيوطي المتوفى سنة (911) صحّحه في جمع الجوامع. ـ السيّد محمّد البخاري، نصّ على صحّته في تذكرة الابرار. ـ الامير محمّد اليمني الصنعاني المتوفى سنة (1182) صرّح بصحّته في الروضة النديّة. ـ المولوي حسن الزمان، عدّه من المشهور الصحيح في القول المستحسن. ـ أبو سالم محمد بن طلحة القرشي المتوفى سنة (652). ـ أبو المظفّر يوسف بن قزاوغلي المتوفى سنة (654). ـ الحافظ صلاح الدين العلائي المتوفّى سنة (761). ـ شمس الدين محمّد الجزري المتوفى سنة (833). ـ شمس الدين السخاوي المتوفى سنة (902). ـ فضل الله بن روزبهان الشيرازي. ـ المتّقى الهندي علي بن حسام الدين المتوفّى سنة (975). ـ ميرزا محمّد البدخشاني. ـ ميرزا محمّد صدر العالم. ـ ثناء الله پاني پتي الهندي.وقال الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي على ما في الغدير (6: 65) بعد إخراجه بعدّة طرق: قلت: هذا حديث حسن عال.إلى أن قال: ومع هذا فقد قال العلماء من الصحابة والتابعين وأهل بيته بتفضيل علي(عليه السلام) وزيادة علمه وغزارته، وحدّة فهمه، ووفور حكمته، وحسن قضاياه، وصحّة فتواه، وقد كان أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم من علماء الصحابة يشاورونه في الاحكام، ويأخذون بقوله في النقض والابرام، اعترافاً منهم بعلمه، ووفور فضله، ورجاحة عقله، وصحّة حكمه، وليس هذا الحديث في حقّه بكثير; لانّ رتبته عند الله ورسوله وعند المؤمنين من عباده أجلّ وأعلى من ذلك.وقال الحافظ صلاح الدين أبو سعيد خليل العلائي الدمشقي الشافعي المتوفّى سنة (761) حكاه عنه غير واحد من أعلام القوم، وصحّحه من طريق ابن معين، ثمّ قال: وأيّ استحالة في أن يقول النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) مثل هذا في حقّ علي(رضي الله عنه) ولم يأت كلّ من تكلّم في هذا الحديث وجزم بوضعه بجواب عن هذه الروايات الصحيحة عن ابن معين، ومع ذلك فله شاهد، رواه الترمذي في جامعه «الخ».راجع اللالي المصنوعة (1: 333) تجد هناك تمام كلامه.وقال ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان (كما في الغدير 6: 68): هذا الحديث له طرق كثيرة في مستدرك الحاكم، أقلّ أحوالها أن يكون للحديث أصل، فلا ينبغي أن يطلق القول بالوضع.وقال السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه (6: 401) كنت اُجيب بهذا الجواب ـ يعني بحسن الحديث دهراً، إلى أن وقفت على تصحيح ابن جرير لحديث علي في تهذيب الاثار مع تصحيح الحاكم لحديث ابن عبّاس، فاستخرت الله بارتقاء الحديث من مرتبة الحسن إلى مرتبة الصحّة، والله أعلم.إلى ما هنالك من أقوال أعلام القوم في صحّة حديث الباب.

(4) السفط محركة: وعاء كالقفّة.