/ صفحة 2 /
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق، الذين آتيناهم الكتاب
يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به، وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من
ربهم، الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، ما فرطنا في الكتاب من
شيئ، وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون، يقول المنافقون والذين في قلوبهم
مرض: غر هؤلاء دينهم، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا، فورب السماء
والأرض إنه لحق مثل ما إنكم تنطقون، قل: أي وربي إنه لحق وإنا لما سمعنا الهدى آمنا
به، ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه، فهدى الله الذين آمنوا لما
اختلفوا فيه من الحق بإذنه، فماذا بعد الحق إلا الضلال، وقل الحق من ربكم فمن شاء
فليؤمن ومن شاء فليكفر، وقل: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
الأميني
/ صفحة 3 /
يتبع الجزء السابع
أبو طالب في الذكر الحكيم
لقد أغرق القوم نزعا في الوقيعة والتحامل على بطل الاسلام
والمسلم الأول بعد ولده البار، وناصر دين الله الوحيد، فلم يقنعهم ما اختلقوها من
الأقاصيص حتى عمدوا إلى كتاب الله فحرفوا الكلم عن مواضعه، فافتعلوا في آيات ثلاث
أقاويل نأت عن الصدق، وبعدت عن الحقيقة بعد المشرقين، وهي عمدة ما استند إليه القوم
في عدم تسليم إيمان أبي طالب، فإليك البيان:
(الآية الأولى)
قوله تعالى: وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم
وما يشعرون.
" سورة الأنعام آية 26 " أخرج الطبري وغيره من طريق سفيان
الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عمن سمع ابن عباس أنه قال: إنها نزلت في أبي طالب، ينهى
عن أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤذى، وينأى أن يدخل في الاسلام (1) .
وقال القرطبي: هو عام في جميع الكفار أي ينهون عن إتباع محمد
عليه السلام وينأون عنه، عن ابن عباس والحسن.
وقيل هو خاص بأبي طالب ينهى الكفار عن أذاية محمد عليه السلام
ويتباعد من الإيمان به، عن ابن عبا س أيضا.
روى أهل السير قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج إلى
الكعبة يوما وأراد أن يصلي، فلما دخل في الصلاة قال أبو جهل - لعنه الله -: من يقوم
إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته ؟ فقام ابن الزبعرى فأخذ فرثا ودما فلطخ به وجه
النبي صلى الله عليه وسلم فانفتل النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته، ثم أتى أبا
طالب عمه فقال: يا عم ألا ترى إلى ما فعل بي ؟ فقال أبو طالب: من فعل هذا بك ؟ فقال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) طبقات ابن سعد 1 ص 105، تاريخ الطبري 7: 110، تفسير ابن
كثير 2: 127، الكشاف 1: 448، تفسير ابن جزي 2: 6، تفسير الخازن 2: 11.
/ صفحة 4 /
النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن الزبعري، فقام أبو طالب
ووضع سيفه على عاتقه ومشى معه حتى أتى القوم فلما رأوا أبا طالب قد أقبل جعل القوم
ينهضون، فقال أبو طالب: والله لئن قام رجل لجللته بسيفي فقعدوا حتى دنا إليهم،
فقال: يا بني من الفاعل بك هذا ؟ فقال: عبد الله بن الزبعرى.
فأخذ أبو طالب فرثا ودما فلطخ به وجوههم ولحاهم وثيابهم وأساء
لهم القول فنزلت هذه الآية: وهم ينهون عنه وينأون عنه. فقال النبي صلى الله عليه
وسلم: يا عم ! نزلت فيك آية. قال: وماهي ؟ قال تمنع قريشا أن تؤذيني، وتأبى أن تؤمن
بي. فقال أبو طالب:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتـــى أوسد في التراب دفينا
إلى آخر الأبيات التي أسلفناها ج 7 ص 334، 352.
فقالوا: يا رسول الله ! هل تنفع نصرة أبي طالب ؟ قال: نعم دفع
عنه بذاك الغل، ولم يقرن مع الشياطين، ولم يدخل في جب الحيات والعقارب، إنما عذابه
في نعلين من نار يغلي منهما دماغه في رأسه، وذلك أهون أهل النار عذابا(1).
قال الأميني: نزول هذه الآية في أبي طالب باطل لا يصح من شتى
النواحي:
1 - إرسال حديثه بمن بين حبيب بن أبي ثابت وابن عباس، وكم وكم
غير ثقة في أناس رووا عن ابن عباس ولعل هذا المجهول أحدهم.
2 - إن حبيب بن أبي ثابت إنفرد به ولم يروه أحد غيره ولا يمكن
المتابعة على ما يرويه ولو فرضناه ثقة في نفسه بعد قول ابن حبان: إنه كان مدلسا.
وقول العقيلي غمزه ابن عون وله عن عطاء أحاديث لا يتابع عليها. وقول القطان: له غير
حديث عن عطاء لا يتابع عليه وليست بمحفوظة. وقول الآجري عن أبي داود: ليس لحبيب عن
عاصم بن ضمرة شئ يصح، وقول ابن خزيمة: كان مدلساً(2).
ونحن لا نناقش في السند بمكان سفيان الثوري، ولا نؤاخذه بقول من
قال: إنه يدلس ويكتب عن الكذابين (3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تفسير القرطبي 6: 406.
(2) تهذيب التهذيب 2: 179.
(3) ميزان الاعتدال 1: 396.
/ صفحة 5 /
3 - إن الثابت عن ابن عباس بعدة طرق مسندة يضاد هذه المزعمة،
ففيما رواه الطبري وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق علي بن أبي طلحة
وطريق العوفي عنه إنها في المشركين الذين كانوا ينهون الناس عن محمد أن يؤمنوا به،
وينأون عنه يتباعدون عنه (1) وقد تأكد ذلك ما أخرجه الطبري وابن أبي شيبة وابن
المنذر وابن أبي حاتم وعبد بن حميد من طريق وكيع عن سالم عن ابن الحنفية، ومن طريق
الحسين بن الفرج عن أبي معاذ، ومن طريق بشر عن قتادة.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو
الشيخ عن قتادة والسدي والضحاك، ومن طريق أبي نجيح عن مجاهد، ومن طريق يونس عن ابن
زيد قالوا: ينهون عن القرآن وعن النبي، وينأون عنه يتباعدون عنه (2) وليس في هذه
الروايات أي ذكر لأبي طالب، وإنما المراد فيها الكفار الذين كانوا ينهون عن إتباع
رسول الله أو القرآن، وينأون عنه بالتباعد والمناكرة، وأنت جد عليم بأن ذلك كله
خلاف ما ثبت من سيرة شيخ الأبطح الذي آواه ونصره و ذب عنه ودعى إليه إلى آخر نفس
لفظه.
4 - إن المستفاد من سياق الآية الكريمة أنه تعالى يريد ذم أناس
أحياء ينهون عن اتباع نبيه ويتباعدون عنه، وإن ذلك سيرتهم السيئة التي كاشفوا بها
رسول الله صلى الله عليه وآله، وهم متلبسون بها عند نزول الآية كما هو صريح ما
أسلفناه من رواية القرطبي وإن النبي صلى الله عليه وآله أخبر أبا طالب بنزول الآية.
لكن نظرا إلى ما يأتي عن الصحيحين فيما زعموه من أن قوله تعالى
في سورة القصص: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء. نزلت في أبي طالب بعد
وفاته.
لا يتم نزول آية ينهون عنه وينأون النازلة في أناس أحياء في أبي
طالب، فإن سورة الأنعام التي فيها الآية المبحوثة عنها نزلت جملة واحدة (3) بعد
سورة القصص
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تفسير الطبري 7: 109 :، الدر المنثور 3: 8.
(2) تفسير الطبري 7: 109، الدر المنثور 3: 8، 9، تفسير الآلوسي
7 :، 126.
(3) أخرجه أبو عبيد وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والنحاس
من طريق ابن عباس والطبراني وابن مردويه من طريق عبد الله بن عمر، راجع تفسير
القرطبي 6: 382، 383، تفسير ابن كثير 2: 122، الدر المنثور 3: 2، تفسير الشوكاني 3:
91، 92.
/ صفحة 6 /
بخمس سور كما في الاتقان 1 ص 17 فكيف يمكن تطبيقها على أبي طالب
وهو رهن أطباق الثرى، وقد توفي قبل نزول الآية ببرهة طويلة.
5 - إن سياق الآيات الكريمة هكذا: ومنهم من يستمع إليك وجعلنا
على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا، وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها، حتى
إذا جاءوك يجاد لونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين، وهم ينهون عنه
وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون.
وهو كما ترى صريح بأن المراد بالآيات كفار جاءوا النبي فجادلوه
وقذفوا كتابه المبين بأنه من أساطير الأولين، وهؤلاء الذين نهوا عنه صلى الله عليه
وآله وعن كتابه الكريم، وناءوا وباعدوا عنه، فأين هذه كلها عن أبي طالب ؟ الذي لم
يفعل كل ذلك طيلة حياته، و كان إذا جاءه فلكلائته والذب عنه بمثل قوله:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتــــى أوسد في التراب دفينا
وإن لهج بذكره نوه برسالته عنه بمثل قوله:
ألم تعــــــلموا أنــــــا وجــدنا محمدا * رسولا كموسى خط في
أول الكتب ؟
وإن قال عن كتابه هتف بقوله:
أو يــــــؤمنوا بكتاب منزل عجب * على نبي كموسى أو كذي النون
وقد عرف ذلك المفسرون فلم يقيموا للقول بنزولها في أبي طالب
وزنا، فمنهم من عزاه إلى القيل، وجعل آخرون خلافه أظهر، ورأى غير واحد خلافه أشبه،
وإليك جملة من نصوصهم: قال الطبري في تفسيره 7: 109: المراد المشركون المكذبون
بآيات الله ينهون الناس عن إتباع محمد صلى الله عليه وسلم والقبول منه وينأون عنه
ويتباعدون عنه.
ثم رواه من الطرق التي أسلفناه عن ابن الحنفية وابن عباس والسدي
وقتادة وأبي معاذ، ثم ذكر قولا آخر بأن المراد ينهون عن القرآن أن يسمع له ويعمل
بما فيه، وعد ممن قال به قتادة ومجاهد وابن زيد ومرجع هذا إلى القول الأول، ثم ذكر
القول بنزولها في أبي طالب وروى حديث حبيب بن أبي ثابت عمن سمع ابن عباس وأردفه
بقوله في ص 110: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال تأويل وهم ينهون عنه عن
اتباع محمد صلى الله عليه وسلم
/ صفحة 7 /
من سواهم من الناس وينأون عن إتباعه، وذلك إن الآيات قبلها جرت
بذكر جماعة المشركين العادين به والخبر عن تكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
والإعراض عما جاءهم به من تنزيل الله ووحيه، فالواجب أن يكون قوله " وهم ينهون عنه
" خبرا عنهم، إذ لم يأتنا ما يدل على انصراف الخبر عنهم إلى غيرهم، بل ما قبل هذه
الآية وما بعدها يدل على صحة ما قلنا من إن ذلك خبر عن جماعة مشركي قوم رسول الله
صلى الله عليه وسلم دون أن يكون خبرا عن خاص منهم، وإذا كان ذلك كذلك فتأويل الآية:
وإن ير هؤلاء المشركون يا محمد ! كل آية لا يؤمنوا حتى إذا جاؤك يجادلونك يقولون إن
هذا الذي جئتنا به إلا أحاديث الأولين وأخبارهم، وهم ينهون عن استماع التنزيل
وينأون عنك، فيبعدون منك ومن اتباعك، وإن يهلكون إلا أنفسهم. ا ه .
وذكر الرازي في تفسيره 4: 28 قولين: نزولها في المشركين الذين
كانوا ينهون الناس عن إتباع النبي والاقرار برسالته.
ونزولها في أبي طالب خاصة فقال: والقول الأول أشبه لوجهين:
الأول: إن جميع الآيات المتقدمة على هذه الآية تقتضي ذم طريقتهم فكذلك قوله: وهم
ينهون عنه.
ينبغي أن يكون محمولا على أمر مذموم فلو حملناه على أن أبا طالب
كان ينهى عن إيذائه لما حصل هذا النظم.
والثاني: إنه تعالى قال بعد ذلك: وإن يهلكون إلا أنفسهم.
يعني به ما تقدم ذكره ولا يليق ذلك بأن يكون المراد من قوله وهم
ينهون عنه النهي عن أذيته، لأن ذلك حسن لا يوجب الهلاك.
فإن قيل: إن قوله " وإن يهلكون إلا أنفسهم " يرجع إلى قوله "
وينأون عنه " لا إلى قوله " ينهون عنه " لأن المراد بذلك أنهم يبعدون عنه بمفارقة
دينه وترك الموافقة له وذلك ذم فلا يصح ما رجحتم به هذا لقول ؟ قلنا: إن ظاهر قوله:
وإن يهلكون إلا أنفسهم.
يرجع إلا كل ما تقدم ذكره لأنه بمنزلة أن يقال: إن فلانا يبعد
عن الشئ الفلاني وينفر عنه ولا يضر بذلك إلا نفسه، فلا يكون هذا الضرر متعلقا بأحد
الأمرين دون الآخر. ا هـ.
وذكر ابن كثير في تفسيره 2: 127 القول الأول نقلا عن ابن
الحنيفة وقتادة ومجاهد والضحاك وغير واحد فقال: وهذا القول أظهر والله أعلم وهو
اختيار ابن جرير.
/ صفحة 8 /
وذكر النسفي في تفسيره بهامش تفسير الخازن 2: 10: القول الأول
ثم قال: وقيل: عني به أبو طالب والأول أشبه.
وذكر الزمخشري في الكشاف: 1: 448، والشوكاني في تفسيره 2: 103
وغيرهما القول الأول وعزوا القول الثاني إلى القيل، وجاء الآلوسي وفصل في القول
الأول ثم ذكر الثاني وأردفه بقوله: ورده الإمام.
ثم ذكر محصل قول الرازي.
وليت القرطبي لما جاء نا يخبط في عشواء وبين شفتيه رواية
التقطها كحاطب ليل دلنا على مصدر هذا الذي نسجه، ممن أخذه ؟ وإلى من ينتهي إسناده ؟
ومن ذا الذي صافقه على روايتها من الحفاظ وأي مؤلف دونه قبله، ومن الذي يقول إن ما
ذكره من الشعر قاله أبو طالب يوم ابن الزبعرى ؟ ومن الذي يروي نزول الآية يوم ذلك ؟
وأي ربط وتناسب بين الآية وإخطارها النبي صلى الله عليه وآله على أبي طالب وبين
شعره ذاك ؟ وهل روى قوله في هذا النسيج: يا عم ! نزلت فيك آية.
غيره من أئمة الحديث ممن هو قبله أو بعده ؟ وهل وجد القرطبي
للجزء الأخير من روايته مصدرا غير تفسيره ؟ وهل اطل على جب الحيات والعقارب فوجده
خاليا من أبي طالب ؟ وهل شد الأغلال و فكها هو ليعرف أن شيخ الأبطح لا يغل بها ؟ أم
أن مدركه في ذلك الحديث النبوي ؟ حبذا لو صدقت الأحلام، وعلى كل فهو محجوج بكل ما
ذكرناه من الوجوه.
(الآية الثانية والثالثة)
1 - قوله تعالى: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا
للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم. سورة البراءة:
113.
2 - قوله تعالى: إنك لن تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء
وهو أعلم بالمهتدين.سورة القصص: 56.
أخرج البخاري في الصحيح في كتاب التفسير في القصص ج 7: 184،
قال: ثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب عن أبيه
قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا
جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة فقال: أي عم ! قل لا إله إلا الله.
كلمة أحاج لك بها عند الله.
فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: أترغب عن ملة عبد المطلب ؟
فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها
/ صفحة 9 /
عليه ويعيدانه بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما تكلم: على
ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله لأستغفرن لك ما لم
أنه عنك.
فأنزل الله: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين.
وأنزل الله في أبي طالب فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.
وفي مرسلة الطبري: فنزلت: ما كان للنبي: الآية.
ونزلت: إنك لا تهدي من أحببت وأخرجه مسلم في صحيحه من طريق سعيد
بن المسيب، وتبع الشيخين جل المفسرين لحسن ظنهم بهما وبالصحيحين.
(مواقع النظر في هذه الرواية):
1 - إن سعيد الذي إنفرد بنقل هذه الرواية كان ممن ينصب العداء
لأمير المؤمنين علي عليه السلام فلا يحتج بما يقوله أو يتقوله فيه وفي أبيه وفي آله
وذويه، فإن الوقيعة فيهم أشهى مأكلة له، قال ابن أبي الحديد في الشرح 1: 370: وكان
سعيد بن المسيب منحرفا عنه عليه السلام، وجبهه عمر بن علي عليه السلام في وجهه
بكلام شديد، روى عبد الرحمن بن الأسود عن أبي داود الهمداني قال: شهدت سعيد بن
المسيب وأقبل عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له سعيد: يا ابن أخي ! ما
أراك تكثر غشيان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ كما يفعل إخوتك وبنو أعمامك،
فقال عمر: يا ابن المسيب ! أكلما دخلت المسجد أجيئ فأشهدك ؟ فقال سعيد: ما أحب أن
تغضب سمعت أباك يقول: إن لي من الله مقاما لهو خير لبني عبد المطلب مما على الأرض
من شئ.
فقال عمر: وأنا سمعت أبي يقول: ما كلمة حكمة في قلب منافق فيخرج
من الدنيا إلا يتكلم بها.
فقال سعيد: يا ابن أخي ! جعلتني منافقا ؟ قال: هو ما أقول لك.
ثم انصرف.
وأخرج الواقدي من أن سعيد بن المسيب مر بجنازة السجاد علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ولم يصل عليها فقيل له: ألا تصل على هذا
الرجل الصالح من أهل البيت الصالحين ؟ فقال: صلاة ركعتين أحب إلي من الصلاة على
الرجل الصالح.
ويعرفك سعيد بن المسيب ومبلغه من الحيطة في دين الله ما ذكره
ابن حزم في المحلى 4: 214 عن قتادة قال: قلت لسعد: أنصلي خلف الحجاج ؟ قال إنا
لنصلي خلف من هو شر منه.
/ صفحة 10 /
2 - إن ظاهر رواية البخاري كغيرها.
تعاقب نزول الآيتين عند وفاة أبي طالب عليه السلام كما أن صريح
ما ورد في كل واحدة من الآيتين نزولها عند ذاك ولا يصح ذلك لأن الآية الثانية منهما
مكية والأولى مدنية نزلت بعد الفتح بالاتفاق وهي في سورة البراءة المدنية التي هي
آخر ما نزل من القرآن (1) فبين نزول الآيتين ما يقرب من عشر سنين أو يربو عليها.
3 - إن آية الاستغفار نزلت بالمدينة بعد موت أبي طالب بعدة سنين
تربو على ثمانية أعوام، فهل كان النبي صلى الله عليه وآله خلال هذه المدة يستغفر
لأبي طالب عليه السلام أخذا بقوله صلى الله عليه وآله: والله لأستغفرن لك ما لم أنه
عنك ؟ وكيف كان يستغفر له ؟ وكان هو صلى الله عليه وآله والمؤمنون ممنوعين عن موادة
المشركين والمنافقين وموالاتهم والاستغفار لهم - الذي هو من أظهر مصاديق الموادة
والتحابب - منذ دهر طويل بقوله تعالى: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخرة
يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم،
أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيديهم بروح منه. الآية.
هذه آية 22 من سورة المجادلة المدنية النازلة قبل سورة البراءة
التي فيها آية الاستغفار بسبع سور كما في الاتقان 1: 17، وأخرج ابن أبي حاتم
والطبراني والحاكم وأبو نعيم والبيهقي وابن كثير كما في تفسيره 4: 329، وتفسير
الشوكاني 5: 189، وتفسير الآلوسي 28: 37: إن هذه الآية نزلت يوم بدر وكانت في السنة
الثانية من الهجرة الشريفة، أو نزلت على ما في بعض التفاسير في أحد وكانت في السنة
الثالثة باتفاق الجمهور كما قاله الحلبي في السيرة، فعلى هذه كلها نزلت هذه الآية
قبل آية الاستغفار بعدة سنين.
وبقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء
من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح البخاري 7: 67 في آخر سورة النساء، الكشاف 2: 49،
تفسير القرطبي 8: 273، الاتقان 1: 17، تفسير الشوكاني 3: 316 نقلا عن ابن أبي شيبة
والبخاري والنسائي وابن الضريس وابن المنذر والنحاس وأبي الشيخ وابن مردويه عن طريق
البراء بن عازب.
/ صفحة 11 /
هذه آية 144 من سورة النساء وهي مكية على قول النحاس وعلقمة
وغيرهما ممن قالوا: إن قوله تعالى: يا أيها الناس.
حيث وقع إنما هو مكي (1) وإن أخذنا بما صححه القرطبي في تفسيره
5: 1 وذهب إليه الآخرون من أنها مدنية أخذا بما في صحيح البخاري (2) من حديث عائشة:
ما نزلت سورة النساء إلا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها نزلت في
أوليات الهجرة الشريفة بالمدينة، وعلى أي من التقديرين نزلت قبل سورة آية الاستغفار
" البراءة " بإحدى وعشرين سورة كما في الاتقان 1: 17.
وبقوله سبحانه: الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين
أيبتغون عندهم العزة.
هذه آية 139 من سورة النساء قد عرفت أنها نزلت قبل البراءة.
وبقوله تعالى: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون
المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله
نفسه وإلى الله المصير هذه آية 28 من آل عمران، نزل صدرها إلى بضع وثمانين آية في
أوائل الهجرة الشريفة يوم وفد نجران كما في سيرة ابن هشام 2: 207، وأخذا بما رواه
القرطبي و غيره (3) نزلت هذه الآية في عبادة بن الصامت يوم الأحزاب وكانت في الخمس
من الهجرة، وعلى أي من التقديرين وغيرهما نزلت آل عمران قبل البراءة سورة آية
الاستغفار بأربع وعشرين سورة كما في الاتقان 1: 17.
وبقوله تعالى: سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر
الله لهم.
وهي الآية السادسة من المنافقين نزلت عام غزوة بني المصطلق سنة
ست وهو المشهور عند أصحاب المغازي والسير كما قاله ابن كثير (4) ونزلت قبل البراءة
بثمان سور كما في الاتقان 1: 17.
وبقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباء كم وإخوانكم
أولياء إن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تفسير القرطبي 5: 1.
(2) ج 7: 300 في كتاب التفسير باب تأليف القرآن، وذكره القرطبي
في تفسيره 5: 1.
(3) تفسير القرطبي 4: 58، تفسير الخازن 1: 235.
(4) تفسير القرطبي 18: 127، تفسير ابن كثير 4: 369.
/ صفحة 12 /
استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون.
وبقوله تعالى: استغفر لهم أو لا تستغفر إن تستغفر لهم سبعين مرة
فلن يغفر الله لهم.
وهذه وما قبلها آيتا 23 و 80 من سورة التوبة نزلت قبل آية
الاستغفار.
أترى النبي صلى الله عليه وآله مع هذه الآيات النازلة قبل آية
الاستغفار كان يستغفر لعمه طيلة مدة سنين وقد مات كافرا العياذ بالله وهو ينظر إليه
من كثب ؟ لا ها الله، حاشا نبي العظمة.
ولعل لهذه كلها استبعد الحسين بن الفضل نزولها في أبي طالب
وقال: هذا بعيد لأن السورة من آخر ما نزل من القرآن، ومات أبو طالب في عنفوان
الاسلام والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة، وذكره القرطبي وأقره في تفسيره 8: 273.
4 - إن هناك روايات تضاد هذه الرواية في مورد نزول آية
الاستغفار من سورة البراءة، منها: صحيحة أخرجها الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد
والترمذي والنسائي وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ
والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان والضياء في المختارة عن علي
قال: سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان ؟ فقال:
أولم يستغفر إبراهيم.
فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت: ما كان للنبي والذين
آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين له أنهم أصحاب
الجحيم، وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له إنه
عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم (1) يظهر من هذه الرواية أن عدم جواز
الاستغفار للمشركين كان أمرا معهودا قبل نزول الآية ولذلك ردع عنه مولانا أمير
المؤمنين الرجل، وقوله عليه السلام هذا لا يلائم مع استغفار النبي صلى الله عليه
وآله لعمه على تقدير عدم إسلامه، وترى الرجل ما استند قط في تبرير عمله إلى استغفار
رسول الله صلى الله عليه وآله لعمه علما بأنه صلى الله عليه وآله قط لا يستغفر
لمشرك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة التوبة 113، 114
/ صفحة 13 /
قال السيد زيني دحلان في أسنى المطالب ص 18: هذه الرواية صحيحة
وقد وجدنا لها شاهدا برواية صحيحة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانوا
يستغفرون لآبائهم حتى نزلت هذه الآية فلما نزلت أمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم ولم
ينهوا أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا ثم أنزل الله تعالى: وما كان استغفار
إبراهيم.
الآية يعني استغفر له ما دام حيا فلما مات أمسك عن الاستغفار له
قال: وهذا شاهد صحيح فحيث كانت هذه الرواية أصح كان العمل بها أرجح، فالأرجح إنها
نزلت في استغفار أناس لآبائهم المشركين لا في أبي طالب. ا ه.
(ومنها) :
ما أخرجه - في سبب نزول
آية الاستغفار - مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والنسائي وابن
ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى قبر أمه فبكى
وأبكى من حوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استأذنت ربي في أن أستغفر لها
فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكرة الآخرة
(1) .
وأخرج الطبري والحاكم وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن مسعود
وبريدة، والطبراني وابن مردويه والطبري من طريق عكرمة عن ابن عباس: إنه صلى الله
عليه وسلم لما أقبل من غزوة تبوك اعتمر فجاء قبر أمه فاستأذن ربه أن يستغفر لها،
ودعا الله تعالى أن يأذن له في شفاعتها يوم القيامة فأبى أن يأذن فنزلت الآية (2) .
وأخرج الطبري في تفسيره 11: 31 عن عطية لما قدم رسول الله صلى
الله عليه وسلم مكة وقف على قبر أمه حتى سخنت عليه الشمس رجاء أن يؤذن له فيستغفر
لها حتى نزلت: ما كان للنبي إلى قوله: تبرأ منه.
وروى الزمخشري في الكشاف 2: 49 حديث نزول الآية في أبي طالب ثم
ذكر هذا الحديث في سبب نزولها وأردفها بقوله: وهذا أصح لأن موت أبي طالب كان قبل
الهجرة وهذا آخر ما نزل بالمدينة.
وقال القسطلاني في إرشاد الساري 7: 270: قد ثبت أن النبي صلى
الله عليه وسلم أتى قبر أمه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إرشاد الساري في شرح البخاري 7: 151.
(2) تفسير الطبري 11: 31، إرشاد الساري 7: 270، الدر المنثور 3:
283.
/ صفحة 14 /
لما اعتمر فاستأذن ربه أن يستغفر لها فنزلت هذه الآية، رواه
الحاكم وابن أبي حاتم عن ابن مسعود، والطبراني عن ابن عباس وفي ذلك دلالة على تأخر
نزول الآية عن وفاة أبي طالب والأصل عدم تكرار النزول.
قال الأميني: هلا كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلم إلى
يوم تبوك بعد تلكم الآيات النازلة التي أسلفناها في ص 10 - 12، أنه غير مسوغ له
وللمؤمنين الاستغفار للمشركين والشفاعة لهم ؟ فجاء يستأذن ربه أن يستغفر لأمه
ويشفعها، أو كان يحسب أن لأمه حسابا آخر دون ساير البشر ؟ أو أن الرواية مختلقة تمس
كرامة النبي الأقدس، وتدنس ذيل قداسة أمه الطاهرة عن الشرك.
(منها) : ما أخرجه الطبري في تفسيره 11: 31 عن قتادة قال: ذكر
لنا إن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا نبي الله ! إن من آبائنا
من كان يحسن الجوار، ويصل الرحم، ويفك العاني، ويوفي بالذمم، أفلا نستغفر لهم ؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والله لأستغفرن لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه
فأنزل الله: ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم ثم عذر الله إبراهيم عليه الصلاة
والسلام فقال: وما كان استغفار إبراهيم لأبيه.
إلى قوله: تبرأ منه.
وأخرج الطبري من طريق عطية العوفي عن ابن عباس قال: إن النبي
صلى الله عليه وسلم أراد أن يستغفر لأبيه فنهاه الله عن ذلك بقوله: ما كان للنبي
والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين: الآية.
قال: فإن إبراهيم قد استغفر لأبيه فنزلت: وما كان استغفار
إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة. الآية. الدر المنثور 3: 283.
وفي هاتين الروايتين نص على أن نزول الآية الكريمة في أبيه
وآباء رجال من أصحابه صلى الله عليه وآله لا في عمه ولا في أمه.
(ومنها) : ما جاء به الطبري في تفسيره 11: 33 قال: قال آخرون:
الاستغفار في هذا الموضع بمعنى الصلاة.
ثم أخرج من طريق المثنى عن عطاء بن أبي رباح قال: ما كنت أدع
الصلاة على أحد من أهل هذه القبلة ولو كانت حبشية حبلى من الزنا، لأني لم أسمع الله
يحجب الصلاة إلا عن المشركين يقول الله: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا
للمشركين. الآية.
/ صفحة 15 /
وهذا التفسير إن صح فهو مخالف لجميع ما تقدم من الروايات الدالة
على أن المراد من الآية هو طلب المغفرة كما هو الظاهر المتفاهم من اللفظ.
ونفس هذه الاضطراب والمناقضة بين هذه المنقولات وبين ما جاء به
البخاري مما يفت في عضد الجميع، وينهك من اعتباره، فلا يحتج بمثله ولا سيما في مثل
المقام من تكفير مسلم بار، وتبعيد المتفاني دون الدين عنه.
5 - إن المستفاد من رواية البخاري نزول آية الاستغفار عند موت
أبي طالب كما هو ظاهر ما أخرجه إسحاق بن بشر وابن عساكر عن الحسن قال: لما مات أبو
طالب قال النبي صلى الله عليه وسلم إن إبراهيم استغفر لأبيه وهو مشرك وأنا أستغفر
لعمي حتى أبلغ، فأنزل الله ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين. الآية.
يعني به أبا طالب، فاشتد على النبي صلى الله عليه وسلم فقال
الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها
إياه.
الدر المنثور 3: 283.
وإن ناقضها ما أخرجه ابن سعد وابن عساكر عن علي قال: أخبرت رسول
الله صلى الله عليه وسلم بموت أبي طالب فبكى فقال: اذهب فغسله وكفنه وواره غفر الله
له ورحمه.
ففعلت وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر له أياما ولا
يخرج من بيته حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية: ما كان للنبي والذين آمنوا.
الآية (1) .
ولعله ظاهر ما أخرجه ابن سعد وأبو الشيخ وابن عساكر من طريق
سفيان بن عيينة عن عمر قال: لما مات أبو طالب قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
رحمك الله وغفر لك، لا أزال أستغفر لك حتى ينهاني الله، فأخذ المسلمون يستغفرون
لموتاهم الذين ماتوا وهم مشركون فأنزل الله: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا
للمشركين.
الدر المنثور 3: 283 لكن الأمة أصفقت على أن نزول سورة البراءة
التي تضمنت الآية الكريمة آخر ما نزل من القرآن كما مر في ص 10 وكان ذلك بعد الفتح،
وهي هي التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر ليتلوها على أهل مكة ثم
استرجعه بوحي من الله سبحانه وقيض لها مولانا أمير المؤمنين فقال: لا يبلغها عني
إلا أنا أو رجل مني (2) وقد جاء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) طبقات ابن سعد 1: 105، الدر المنثور 3: 282 نقلا عن ابني
سعد وعساكر.
(2) راجع الجزء السادس من كتابنا هذا ص 338 - 350 ط 2.
/ صفحة 16 /
في صحيحة مرت من عدة طرق في ص 13 من أن آية الاستغفار نزلت بعد
ما أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله من غزوة تبوك وكانت في سنة تسع فأين من هذه
كلها نزولها عند وفاة أبي طالب أو بعدها بأيام ؟ وأنى يصح ما جاء به البخاري ومن
يشاكله في رواية البواطيل 6 - إن سياق الآية الكريمة - آية الاستغفار - سياق نفي لا
نهي فلا نص فيها على أن رسول الله صلى الله عليه وآله إستغفر فنهى عنه، وإنما يلتئم
مع استغفاره لعلمه بإيمان عمه، وبما أن في الحضور كان من لا يعرف ذلك من ظاهر حال
أبي طالب الذي كان يماشي به قريشا فقالوا في ذلك أو اتخذوه مدركا لجواز الاستغفار
للمشركين كما ربما احتجوا بفعل إبراهيم عليه السلام فأنزل الله سبحانه الآية وما
بعدها من قوله تعالى: وما كان استغفار إبراهيم. الآية.
تنزيها للنبي صلى الله عليه وآله وتعذيرا لإبراهيم عليه السلام،
وإيعازا إلى أن من استغفر له النبي صلى الله عليه وآله لم يكن مشركا كما حسبوه، وأن
مرتبة النبوة تأبى عن الاستغفار للمشركين، فنفس صدوره منه صلى الله عليه وآله برهنة
كافية على أن أبا طالب لم يكن مشركا، وقد عرفت ذلك أفذاذ من الأمة فلم يحتجوا بعمل
النبي صلى الله عليه وآله لاستغفارهم لآبائهم المشركين، وإنما اقتصروا في الاحتجاج
بعمل إبراهيم عليه السلام كما مر في صحيحة عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام
قال: سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان ؟ قال
أو لم يستغفر إبراهيم.
الحديث راجع صفحة 12 من هذا الجزء.
ولو كان يعرف هذا الرجل أبا طالب مشركا لكان الاستدلال لتبرير
عمله باستغفار نبي الاسلام له - ولم يكن يخفى على أي أحد - أولى من استغفار إبراهيم
لأبيه لكنه إقتصر على ما استدل به.
7 ـ إنا على تقدير التسليم لرواية البخاري وغض الطرف عما سبق عن
العباس من أن أبا طالب لهج بالشهادتين، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الحمد
لله الذي هداك يا عم ! وما مر عن مولانا أمير المؤمنين من أنه ما مات حتى أعطى رسول
الله من نفسه الرضا، وما مر من قوله صلى الله عليه وآله: كل الخير أرجو من ربي "
لأبي طالب " وما مر من وصية أبي طالب عند الوفاة لقريش وبني عبد المطلب بإطاعة محمد
صلى الله عليه وآله وإتباعه والتسليم لأمره وإن فيه الرشد والفلاح، وإنه صلى الله
عليه وآله الأمين في قريش والصديق في العرب.
/ صفحة 17 /
إلى تلكم النصوص الجمة في نثره ونظمه، فبعد غض الطرف عن هذه
كلها لا نسلم إن أبا طالب عليه السلام أبى عن الإيمان في ساعته الأخيرة لقوله: على
ملة عبد المطلب.
ونحن لا نرتاب في أن عبد المطلب سلام الله عليه كان على المبدأ
الحق، وعلى دين الله الذي ارتضاه للناس رب العالمين يومئذ، وكان معترفا بالمبدأ
والمعاد، عارفا بأمر الرسالة، اللايح على أساريره نورها، الساكن في صلبه صاحبها،
وللشهرستاني حول سيدنا عبد المطلب كلمة ذكرنا جملة منها في الجزء السابع ص 346 و
353 فراجع الملل والنحل والكتب التي (1) ألفها السيوطي في آباء النبي صلى الله عليه
وآله حتى تعرف جلية الحال، فقول أبي طالب عليه السلام على ملة عبد المطلب.
صريح في أنه معتنق تلكم المبادئ كلها، أضف إلى ذلك نصوصه
المتواصلة طيلة حياته على صحة الدعوة المحمدية.
8 - نظرة في الثانية من الآيتين، ولعلك عرفت بطلان دلالتها على
ما ارتأوه من كفر شيخ الأباطح سلام الله عليه من بعض ما ذكرناه من الوجوه، فهلم معي
لننظر فيها خاصة وفيما جاء فيها بمفردها فنقول أولا: إن هذه الآية متوسطة بين آي
تصف المؤمنين، وأخرى يذكر سبحانه فيها الذين لم يؤمنوا حذار أن يتخطفوا من مكة
المعظمة، فمقتضى سياق الآيات إنه سبحانه لم يرد بهذه الآية إلا بيان أن الذين
اهتدوا من المذكورين قبلها لم تستند هدايتهم إلى دعوة الرسول صلى الله عليه وآله
فحسب، و إنما الاستناد الحقيقي إلى مشيئته وإرادته سبحانه على وجه لا ينتهي إلى
الالجاء بنحو من التوفيق كما أن استناد الاضلال إليه سبحانه بنحو من الخذلان، وإن
كان النبي صلى الله عليه وآله وسيطا في تبليغ الدعوة فإن تولوا فإنما عليه ما حمل
وعليكم ما حملتم، وإن تطيعوه تهتدوا، وما على الرسول إلا البلاغ المبين (2) وفي
الذكر الحكيم: إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة التي حرمها، وله كل شئ وأمرت أن
أكون من المسلمين، وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما
أنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) منها: مسالك الحنفا في والدي المصطفى، الدرج المنيفة في
الآباء الشريفة، المقامة السندسية في النسبة المصطفوية، التعظيم والمنة في إن أبوي
رسول الله في الجنة، نشر العلمين في إحياء الأبوين، السبل الجلية في الآباء العلية.
(2) سورة النور: 54- الغدير 3 -
/ صفحة 18 /
من المنذرين (1)، كما أن إبليس اللعين يزين للعاصي عمله، أو لو
كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير (2) وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل
(3) إستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله (4) إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد
ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم (5) وقد جاء فيما أخرجه العقيلي وابن
عدي وابن مردويه والديلمي وابن عساكر وابن النجار عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعثت داعيا ومبلغا وليس إلي من الهدى شئ،
وخلق إبليس مزينا وليس إليه من الضلالة شئ (6) .
فهذه الآية الكريمة كبقية ما جاء في الذكر الحكيم من إسناد كل
من الهداية والضلالة إليه سبحانه كقوله تعالى:
1 - ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء.البقرة 272.
2 - إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل.النمل 37.
3 - أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين.الزخرف
40.
4 - وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم. النمل 81.
5 - أتريدون أن تهدوا من أضل الله. النساء 88.
6 - أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون. يونس 34.
7 - من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.
الكهف 17.
8 - إن الله يضل من يشاء ويهدي من أناب. الرعد 27.
9 - فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم.
إبراهيم 4.
10 - ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء. النحل 93.
إلى آيات كثيرة مما يدل على استناد الهداية والضلال إلى الله
تعالى على وجه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النمل 92.
(2) سورة لقمان: 21.
(3) سورة العنكبوت: 38، النمل: 24 .
(4) سورة المجادلة: 15.
(5) سؤرة محمد: 25 .
(6) مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي، الجامع الصغير للسيوطي.
/ صفحة 19 /
لا ينافي اختيار العبد فيهما، ولذلك أسندا إليه وإلى مشيئته
أيضا في آي أخرى كقوله تعالى:
1 - فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها. يونس
108، الزمر 41.
2 - وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. الكهف 29.
3 - إن هو إلا ذكر للعالمين، لمن شاء منكم أن يستقيم. التكوير
28.
4 - من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها.
الاسراء 15.
5 - فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من
المنذرين. النمل 92.
6 - أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم.
البقرة 16.
7 - فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة. الأعراف 30.
8 - ربي أعلم بمن جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين. القصص 85.
9 - إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها. الاسراء 7.
10 - فإن أسلموا فقد اهتدوا، وإن تولوا فإنما عليك البلاغ. آل
عمران 20.
إلى آيات أخرى، ولا مناقضة بين هذين الفريقين من الآي الكريمة
بما قد مناه وبما ثبت من صحة إسناد الفعل إلى الباعث تارة وإلى المباشر المختار
أخرى.
فآيتنا هذه صاحبة البحث والعنوان من الفريق الأول، وقد سيق
بيانها بعد آيات المؤمنين لإفادة ما أريدت إفادته من لداتها، ولبيان أن هؤلاء
المذكورين من المهتدين هم على شاكلة غيرهم في إسناد هدايتهم إليه سبحانه، فلا صلة
لها بأي إنسان خاص أبي طالب أو غيره، وإن ماشينا القوم على وجود الصلة بينها وبين
أبي طالب عليه السلام فإنها بمعونة سابقتها على إيمانه أدل.
هكذا ينبغي أن تفسر هذه الآية غير مكترث لما جاء حولها من
التافهات مما سبق ويأتي.
وثانيا: إن ما روي فيها بمفردها كلها مراسيل فإن منها: ما رواه
عبد بن حميد ومسلم والترمذي وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما حضرت وفاة
أبي طالب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمار ! قل: لا إله إلا الله.
أشهد لك بها عند الله يوم القيامة
/ صفحة 20 /
فقال: لو لا أن تعيرني قريش يقولون: ما حمله عليها إلا جزعه من
الموت لأقررت بها عينك فأنزل الله عليه: إنك لا تهدي من أحببت. الآية (1) .
كيف يرويه أبو هريرة وكان يوم وفاة أبي طالب شحاذا من متكففي
دوس " باليمن " الكفرة، يسأل الناس إلحافا، ويكتنفه البؤس من جوانبه، وما ألم
بالاسلام إلا عام خيبر سنة سبع من الهجرة الشريفة باتفاق من الجمهور ؟ فأين كان
هومن وفاة أبي طالب، وما دار هنالك من الحديث ؟ فإن صدق في روايته ؟ فهو راو عمن لم
ينوه باسمه، وإن كان تدليس أبي هريرة قد اطرد في موارد كثيرة روى أشياء ادعى فيها
المشاهدة أو دل عليها السياق لكنه لم يشاهد شيئا منها، ومن أراد الوقوف على هذه
وغيرها من أمر أبي هريرة فليراجع كتاب " أبو هريرة " لسيدنا المصلح الشريف الحجة
السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي حياه الله وبياه فقد جمع ذلك فأوعى.
ومنها: ما أخرجه ابن مردويه وغيره من طريق أبي سهل السري بن سهل
بإسناد عن عبد القدوس عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزلت إنك لا تهدي من
أحببت.الآية.في أبي طالب.ألح عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأبى فأنزل الله إنك لا
تهدي.الحديث (2) .
أبو سهل السري أحد الكذابين وضاع كان يسرق الحديث كما مر في
سلسلة الكذابين ج 5: 231 ط 2.
وعبد القدوس أبو سعيد الدمشقي أحد الكذابين كما أسلفناه في
الجزء الخامس ص 238 ط 2.
وظاهر هذه الرواية كسابقتها هو المشاهدة، والأثبت على ما قاله
ابن حجر في الإصابة 2: 331: إن ابن عباس ولد قبل الهجرة بثلاث.
فهو عند وفاة عمه أبي طالب كان يرضع يدي أمه فلا يسعه الحضور في
ذلك المشهد.
وإن صدقت الرواية عنه ؟ - أنى تصدق ؟ - فإن ابن عباس أسند ما
يقوله إلى من لا نعرفه، ولعل رواة السوء حذفوه لضعفه كما حذف غير واحد من المؤلفين
أبا سهل السري وعبد القدوس ونظرائهما من أسانيد هذه الأفائك سترا على عللها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدر المنثور 5: 133.
(2) الدر المنثور 5: 133.
/ صفحة 21 /
والقول الفصل: إن حبر الأمة لم يلهج بتلكم الخزاية، وإن لهج بشئ
من أمر ذلك المشهد عن أحد فأولى له أن يقول ما قاله أبوه من إنه سمع أبا طالب يشهد
بالشهادتين عند وفاته (1) .
أو يفوه بما أسلفناه عن ابن عمه الأقدس رسول الله صلى الله عليه
وآله (2) أو يروي ما جاء عن ابن عمه الطاهر أمير المؤمنين (3) أليس ابن عباس راوي
ما ثبت عنه من قول أبي طالب لرسول الله صلى الله عليه وآله كما مر في ج 7: ص 355 ط
2: قم يا سيدي فتكلم بما تحب وبلغ رسالة ربك فإنك الصادق المصدق.
ومنها: ما أخرجه أبو سهل السري الكذاب المذكور من طريق عبد
القدوس الكذاب أيضا عن نافع عن ابن عمر قال: إنك لا تهدي من أحببت.
الآية.
نزلت في أبي طالب عند موته، والنبي صلى الله عليه وسلم عند رأسه
وهو يقول: يا عم ! قل لا إله إلا الله أشفع لك بها يوم القيامة.
قال أبو طالب: لا تعيرني نساء قريش بعدي إني جزعت عند موتي
فأنزل الله تعالى: إنك لا تهدي من أحببت.
الحديث (4) لعل ابن عمر لا يدعي في روايته الحضور في ذلك
المحضر.
وليس له أن يدعي ذلك لأنه كان وقتئذ ابن سبع سنين تقريبا فإن
مولده كان بعد البعثة بثلاث (5) ومن طبع الحال إن من بهذا السن لا يطلق صراحه إلى
ذلك المنتدى الرهيب، والمسجى فيه سيد الأباطح ويلي أمره نبي العظمة، ويحضره مشيخة
قريش، فلا بد من أنه سمع من يقول ذلك ممن حضر واطلع، ولا يخلو أن يكون ذلك إما ولد
المتوفى وهو مولانا أمير المؤمنين والثابت عنه ما مر في الجزء السابع، أو عن بقية
أولاده من طالب وجعفر وعقيل ولم ينبسوا في هذا الأمر ببنت شفة، أو عن أخيه العباس
وقد صح عنه ما أسلفناه في الجزء السابع، أو عن ابن أخيه الرسول الأعظم صلى الله
عليه وآله فقد عرفت قوله فيه فيما مر، فممن أخذ ابن عمر ؟ ولماذا حذف اسمه ؟ ولما
شرك أبا جهل مع أبي طالب في إحدى روايتيه، ولم يقل به أحد غيره ؟ وهل في الرواة من
تقول عليه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع ما أسلفناه في صفحة 370 من الجزء السابع.
(2) راجع ما مر في صحيفة 373 من ج 7 ط 2.
(3) راجع ما سبق في صفحة 379 ج 7.
(4) الدر المنثور 5: 133.
(5) الإصابة 2: 347.
/ صفحة 22 /
كل ذلك ؟ فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر.
واعطف على هذه ما عزوه إلى مجاهد وقتادة في شأن نزول الآية (1)
فإن مستند أقوالهما أما هذه الروايات ؟ أو إنهما سمعاها من أناس مجهولين ؟ فمراسيل
كهذه لا يحتج بها على أمر خطير مثل تكفير أبي طالب بعد ثبوت إيمانه بما صدح به
الصادع الكريم وتفانيه دونه والذب عنه بالبرهنة القاطعة.
ومن التفسير بالرأي والدعوى المجردة ما عن قتادة ومن يشاكله
مرسلا من تبعيض الآية بين أبي طالب والعباس فجعل صدرها لأبي طالب وذيلها للعباس (2)
الذي أسلم بعد نزول الآية بعدة سنين كما هو المتسالم عليه عنه الجمهور.
وأنت تعرف بعد هذه كلها قيمة قول الزجاج: أجمع المسلمون على
أنها نزلت في أبي طالب.
وما عقبه به القرطبي من قوله: والصواب أن يقال: أجمع جل
المفسرين على إنها نزلت في شأن أبي طالب (3) أنظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى
به إثما مبينا (النساء: 50)
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تاريخ ابن كثير 3: 124.
(2) تفسير القرطبي 13: 299، الدر المنثور 5: 133.
(3) تفسير القرطبي 13: 299.