فهرس الكتاب

مكتبة الإمام أميرالمؤمنين (ع)

 

 / صفحة ب /

كلمة قدسية

تفضل بها سيدنا الحجة آية الله حسين الموسوي الحمامي النجفي دام ظله الوارف، وقد شفعها بخطاب يبدي فيه إعجابه بكتاب " الغدير " ويعرب عن نواياه الحسنة في تقدير آثار الأمة ومآثرها، وإليك نص الخطاب مشفوعا بالشكر المتواصل لسماحة السيد .

بسم الله الرحمن الرحيم

العلامة الحجة الأميني دام عزه وتأييده..

 بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أرسل كتابي إليكم مشفوعا بكلمتي عن موسوعتكم " الغدير " وكنت قبل هذا من زمن ليس بالقريب أحاول القيام بغير هذا فقط تجاه مقامك السامي ومنزلتك الرفيعة، تقديرا لخدمتك المشكورة ولكن: المرء رهين المقدور .

 فما استطعت أن أمد باعي بما حاولت، وها أنا أبعث رسالتي إليك و ملؤها الاعتذار لتقع منك موقع حسن القبول، والله من رواء القصد وهو يهدي السبيل ونرجو من الله عز وجل أن يمد عنايته بكم ويرعاكم بألطافه لا زلتم مؤيدين .

الأحقر حسين الموسوي الحمامي

ودونك الكلمة نفسها:

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه ثقتي

الحمد لله كما هو أهل للحمد، والصلاة والسلام على أشرف خلقه وسيد رسله محمد، وعلى آله أئمة الهدى ومصابيح الدجي، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين .

 لا يخفي على من أجال النظر وأمعن التفكير في عالم التأليف والتصنيف وما يلاقيه

 

/ صفحة ج /

ذوو العلم من المجهود على اختلاف مواضيع ما يؤلف، وسعة معرفة المؤلف ونطاق إحاطته بما أوتي من علم وفضل (يجد المنصف من نفسه) أن كتاب " الغدير " هو الجدير بالذكر والإطراه، والتقريض والثناء، وإنه المفرد في بابه، والوحيد في موضوعه، فكم من حقائق أسدل عليها ستار الشبه، وسترتها يد الأهواء، وأخفتها كف فطالما سترت الحق طي أناملها، وزوته في بطون كتبها، فراح الحق رهين أهواء وسلطة، فجاء " الغدير " من بعد حين يميط عنها غياهب الظلم، ويكشف دون وجهها حجاب التدجيل، فأسفر الحق عن محضه، وأصحر النور لذي عينين كالشمس في رائعة النهار، فلله در كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأقول والحق يقال: إن من سبر هذا السفر الميمون والكتاب الجليل وأحاط بما أودع فيه من غزارة العلم، ومتانة التعبير، وحسن الأسلوب، ورصانة البيان، وسعة التنقيب، وطول الباع، وكثرة الاطلاع يكاد يذهب إلى ما قاله البعض في حق الكتاب: إنه عمل ومجهود لا تقوم بأعباء ثقله إلا أمة جماعة قد نهض به عالم وحده .

 والله يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا .

 ولا أسهب في القول إن وصفته بهذا فحسب، وأجدني غير موف لحق المقام، غير أن الظروف لا تسع للإعراب عن كل ما يراد، وإن مؤلفنا الثقة فقيه المؤرخين ومؤرخ الفقهاء العلامة " الأميني " دام عزه ومجده وتأييده وتسديده هو من أولئك الذين وقفوا حياتهم الثمينة وأرخصوا أوقاتهم الغالية لتشييد الدين وإعلاء كلمة الحق والجهاد في سبيل الشريعة المقدسة والصراط المستقيم والمنهج المهيع " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " .

 ونحن في الوقت الذي ندعو للمؤلف الأمين بالتأييد والتسديد نطلب من الله تعالى شأنه من فضله وعنايته بهذه الأمة الإسلامية المحمدية والفرقة الناجية العلوية أن يكثر فيها أمثاله من الأعلام وحملة العلم والأقلام ورجالات الفضيلة، وأن يتقبل هذا المجهود العظيم منه بعين لطفه وأن يرعاه بالقبول، وأن يجمع به شمل الأمة وشتات الفرقة. ومن أراد الحق وطلب سبيل الرشاد واستضاء بنور الهداية فلديه كتاب " الغدير " كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون. وفق الله الجميع لمراضيه إنه ولي التوفيق، والسلام على جميع المؤمنين ورحمة الله وبركاته .

6 / 6 / 1370

الأحقر حسين الموسوي الحمامي

 

/ صفحة د /

 

رسالة قيمة

أتتنا من العلوي الشريف العلامة السيد الموسوي الهندي نزيل " خرنابات " مؤلف " الاسلام مبدأ وعقيدة " أقدم له جزيل شكري معجبا بتأليفه القيم .

بسم الله الرحمن الرحيم

 فضيلة البحاثة المدقق والثبت المتتبع حجة الاسلام الأستاذ الكبير شيخنا الشيخ عبد الحسين الأميني دامت بركاته.

 سلام الله ورحمته وبركاته عليكم

 أبعث إليكم بعجز مرسلها ناطقة، وبعفوكم وقبولكم عارفة، وبفيض فضلكم مغمورة، دمتم للمؤمنين ذخرا وللمسلمين فخرا، فأريج المسك يعبق من نفحات همتكم الفياضة بالعمل النافع، وديم الفضل تغدق من سماء مجدكم الشامخ بالعلم الوفير، وضياء بدر عزيمتكم يسطع من غرر أعمالكم الخالدة، وينير في جنبات العالم بأنوار تعاليمكم، ونجوم مؤلفاتكم المتألقة في آفاق الدنيا المدلهمة، هي مما جاد به يراعكم وأفاض به فكركم، كللتم تاج العصر الحاضر بما أتحفتموه من درر بيانكم وجواهر كلامكم لا سيما في " الغدير " الذي أروى الغليل وأشفى العليل، فإنه آيات تنزل من وحي الضمير الصادق على الصدر الرحيب، وبينات من الهدى والفرقان، مقتبسات من أحاديث النبي الأمين، ومستقاة من نهج بلاغة أمير المؤمنين، وإنه آيات تصك المسامع بالحجج وتأخذ بالمسلمين إلى الصراط السوي، وهي بنفسها حصون منيعة لسور الإيمان، وأسلاك شائكة على حمى الولاية تمنع عنها العدوان وترد الأيدي الأثيمة، فكم للمسلمين من ثغر سددتموه بمدادكم وحرستموه بعيون مؤلفاتكم ؟ .

 فللغدير فصول من الثناء وللمحاسبات التاريخية فيه أبواب من المدح سجلها لكم التاريخ بمداد البقاء على ألواح الخلود، وللردود بنود من الاطراء تتصل بالأجيال اتصال معقب لما يكتب أو يقال، وإنه لعمر الحق موسوعة جامعة كشمس ذات إشعاع

 

/ صفحة هـ /

متموج قرت فيها عيون، وأرمصت منها أخرى، أو هي كفواكه ذوات طعوم متنوعة و روائح شتى مما لذ وطاب، وإنها لآية الابداع في العمل، ومعجزة الزمن الحاضر التي رفعت كلمة المستحيل من قاموس العاملين، والتي لا يحلم بها مسلم عامل ولا يفكر فيها مؤمن صفر الكف من وضر الدنيا والمساعدين، فأقدمتم والعزيمة يحفز همتكم و التصميم يوكلكم، فكانت كأحسن ما تكون موسوعة اشتركت في مواضيعها جمعية جزأتها حسب الاختصاص والكفاءات، وبرزت تبعث في القلوب بهجة وروعة، وترسل إلى الأرواح متعا وغذاء، وتوصل النفوس من كشف الغيوب إلى عالم الشهادة والسعادة، فحيا الله جدكم الذي لم يخر أمام مشاكل ملتوية، ومرحا لسعيكم المشكور الذي لم يثنه شئ من مهمات الأمور، فأمد الله إلى قوتكم قوة، وأعانكم منه على عملكم الدائب المستمر، وأخذ بناصركم إنه سميع مجيب، هذه تذكرة وذكرى، تذكرة للعاملين وذكرى لمقامكم الرفيع وقوة جهادكم لمناصرة الدين .

 فالحق على المؤمنين أن يفتخروا برجلهم الفذ، وواحدهم الذي غالب آحادا ممن دوخوا التاريخ بالصيت وملؤا الكتب بالشهرة، والواجب عليهم أن يقرنوا الشكر له بالدعاء في دوام البقاء، ويأخذوا بهدى آل البيت النبوي الطاهر من حامل علومهم المناضل المجاهد العالم العامل، فهو ممن منحه الله ملكة الإيحاء إلى القلوب النقية وأمكنه من إفهام الطبقات الراقية من أهل الثقافات العالية بما يزيل به عنهم درن صدورهم ويزيح عنهم وساوس شكوكهم بالحقائق الراهنة والصراحة المحببة .

 فيا أيها المولى الجليل ! تحية المتفاني بالاخلاص إليكم، وسلام المغمور بفيض فضلكم، وثناء المتربع على مائدة علمكم التي دعوتم إليها القريب والبعيد .

 إني أجل مقامكم السامي عن المدح والثناء، لأني عي وحصور فلا أفي ببعض الواجب، ولكني سايرت القلم الملهم من يراعكم لما رأيته يحنو لعظمتكم ويهمس من هيبتكم، فليكن الرضا منكم شفيعا بالقبول، والصدر منكم رحيبا للتقصير أو القصور، ولكم الفضل أولا ويعود إليكم آخرا كما كان بولائكم متصلا .

 حسين الموسوي الهندي

" خرنابات " 28 محرم الحرام 1371

 

/ صفحة و /

 

كتاب

أتانا من شيخنا العلم الأوحد حجة الاسلام مولانا الشيخ حيدر قلي الشهير بسردار الكابلي قطين كرمانشاه صاحب التآليف الضخمة الفخمة القيمة حياه الله وبقاه ذخرا للملأ العلمي، وشكرا .

 له وألف شكر، وإليك نصه: يتشرف بتقبيل أنامل العلم العلامة البحاثة الفهامة حجة الاسلام والمسلمين عماد المؤمنين مولانا المبرء من كل شين الشيخ عبد الحسين الأميني دامت بركاته .

 

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 إني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، وأصلي وأسلم على سيد رسله وأشرف أنبيائه، وعلى وصيه بالصدق وخليفته بالحق، الذي نصبه يوم الغدير علما لعباده ومنارا في بلاده، وعلى بنيه الأئمة الهداة والأوصياء الولاة من بعده، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وأوصيائهم ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة صلى الله عليهم وسلم.

 أما بعد: فقد أتاني رسول من عندك بغالية فيها حياة القلوب وشفاء النفوس، ألا وهي كتاب " الغدير " فرأيته بحرا متلاطما تياره، متراكما زخاره، لولا أنه سفينة مشحونة بجواهر الحقايق العوالي ولئالي الأسرار الغوالي، غير أنه شمس أشرقت من أفق الغري فأضاءت الدنيا بنورها الأبهج، وأماطت غياهب الشبهات بضيائه الأبلج، بيد أنه دائرة المعارف الإلهية وسفط من العلوم الربانية، لولا أنه روضة من رياض القدس فيها ما تلذ به العين وتشتهيه النفس، فترى طيورها شادية علي أفنانها، وحمامها مغردة على أغصانها بأنواع الألحان المطربة، فتجذب القلوب الصافية والنفوس الزاكية

/ صفحة ز /

إلى مقامات الصفاء ومنازل الأنس، غرستها يد الولاية الربانية العظمى والخلافة الإلهية الكبرى، فيها زرافات من الأولياء وكبار الأمة، وثلة من العلماء الأبرار والفقهاء الأخيار، وصنوف من العرفاء والحكماء، وصفوف من الأمراء والشعراء وعباقرة الأدب واقفين على باب الحضرة العلوية على مشرفها الصلاة والسلام، والعلامة " الأميني " ينزلهم في منازلهم المعلومة بأمر مولاه صلوات الله وسلامه عليه على حسب درجاتهم، يتذاكرون الأحاديث النبوية على ضفة الغدير، وينشدون الأشعار الغديرية، فيطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين، يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، ثم يصلهم بمقامات الصلة ويخبرهم على، حسب طبقاتهم وحسن طوياتهم وصفاء نياتهم بما لا عين رأت ولا أذن سمعت، فهنيئا لك أيها الأميني ولهم، وأذاقنا الله تعالى بفضله رشفة أو رشحة من ذلك الغدير العذب إنه غفور رحيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله .

 مخلصكم في الوداد

حيدر قلي الكابلي عفي عنه

إنا لله وإنا إليه راجعون

فجعنا بفقد هذا العلم الشامخ، فقيد العلم والدين، صبيحة الثلثاء رابع جمادى الأولى سنة 1372 وفد إلى ربه الكريم بعد إقامة فريضة الصبح قدس الله سره، و يوافيك تفصيل ترجمته في شعراء القرن الرابع عشر إنشاء الله تعالى .

 

/ صفحة ح /

 

كتاب بعد كتاب

أتيانا من الخطيب المفوه الأستاذ محمد نجيب زهر الدين العاملي مدرس العلوم الدينية في الكلية العاملية ببيروت، بالغ بهما في الثناء على كتابنا " الغدير " ومما جاء في كتابه الأول قوله: فإني من أشد المعجبين بفضلكم، المشيدين بآثاركم، ومآثركم، وأبحاثكم الطريفة المفيدة، وفوائدكم التي ظهرت واضحة جلية، وبرزت ساطعة قوية في كتابكم الجليل الخالد، ومؤلفكم العظيم النادر: " الغدير " السفر الذي بز الأسفار، والذي كشفتم به النقاب عن وجه الحق المقنع، وجلوتم به الحقيقة سافرة رقراقة، فحياكم الله وجزاكم عن صاحب يوم الغدير خير الجزاء على هذا المجهود الجبار الذي سوف يبقى مدى الأجيال ذكرا مذكورا، وعملا مبرورا، وسعيا مشكورا .

إلى أن قال :

رأيت من الواجب علي أن أرد منهل مولانا العلامة " الأميني " هذا المنهل العذب، وأروي ظمأ نفسي وعقلي من غديره الصافي، ثم أعود من هذا الورود وذلك الري بمجموعة نفيسة وتحفة غالية من درر عالمنا " الأميني " ولئاليه فأنثرها على صهوات المنابر ومواقف التدريس على عقول الجماهير وأفكار الناشئة حكما نافعة، وحججا قاطعة، وشعلة وهاجة، وقبسا منيرا .

ومن فصول كتابه الثاني المؤرخ ب‍ 8 شوال سنة 1370 قوله :

و " الغدير " بعد سفر ضخم من أسفار الحقيقة والخلود، لأنه كتاب حق، وصحيفة صدق، وديوان للعلم والحكمة والأدب والتاريخ، ومنهل عذب لرواد الحديث ودرايته وفنونه، ومصدر لتتبع الحوادث الفذة واستقرائها، ومنبع فياض بالأدلة الساطعة، والبراهين القاطعة الدالة على إمامة صاحب البيعة يوم الغدير سلام الله عليه، والناطقة بفضله وفضل الأئمة من بنيه عليه وعليهم أطيب التحيات وأزكى الصلوات .

وما كان " الغدير " ليخرج للناس بهذه الحلة القشيبة والثوب النقي الفضفاص لولا بيان " الأميني " الناصع، وعلمه الناجع، وأسلوبه الرائع، وأدبه الممتع، ودليله

 

/ صفحة ح /

المقنع، وبلاغته الواضحة، وحجته اللائحة، وديباجته المشرقة، وبراعته المعرقة، ومنطقه السديد، وبحثه المفيد، وتعبيره الرائق، وتجرده الصادق، وجهده الكبير، وعناؤه الكثير ! ! .

فشكرا للعلامة " الأميني " وألف شكر. وثناء على جهده وجهاده وألف ثناء. . ومرحى لآثاره العلمية النافعة، وجزاه الله عن الاسلام ونبيه وعترة نبيه أحسن الجزاء .

وليأذن لي علامتنا " الأميني " أن أسجل لديه بهذه المناسبة شكرا خاصا لمن شرفني بالتعرف على شخصية مؤلف " الغدير " الفذة، وإيمانه الراسخ، وعقيدته الصافية، وأخلاقه السمحة، ومقاصده النبيلة، ونصرته للحق وأهله بروحه وماله، ولسانه ويده، ونفسه ونفيسه، وعلمه وعمله، نسأل الله له التوفيق والتأييد والفلاح والنجاح .

وليعلم مولانا " الأميني " أني عامل على الاستقاء من آثاره لأنشرها، ومن

آدابه لأبثها، ومن معارفه لأذيعها في المدرسة تارة، وفي المجتمع طورا، ومن على منبر الخطابة تارة أخرى .. الخ .

 

/ صفحة ي /

 

كتاب ضاف

جاءنا من الأستاذ القدير سلمان عباس الدواح الزبيدي من ناحية الكميت، يحتوي على معان فخمة يطري بها كتاب " الغدير " ويشكر جهودنا في تأليفه، ويذكر موقف الملأ الديني تجاهه، ومن جمله قوله:

فقد تصفحنا سفركم الغدير بأجزائه الثمانية فوجدناه سفرا جليلا ضم بين طياته آيات الحق الواضحة والبراهين الساطعة التي أن دلت فإنما تدل على مدى حبكم لآل البيت وتفانيكم في سبيل إظهار الحق ومحق الباطل .

 سيدي ؟ لقد أظهرتم ولست بمبالغ للملأ الاسلامي خاصة سفرا عجز عن مثله السابقون وقد يعجز عنه اللاحقون، فما سعيكم طيلة حقب كثيرة مضت وما اجتيازكم عقبات جمة صادفتموها أثناء التنقيب والتفتيش عن البراهين والحجج القوية التي تثبت بدورها غايتكم التي تريدون إثباتها وإظهارها للملأ ما هو إلا أن تظهروا ذلك السفر بمظهره اللائق به، وحقا فقد جاء كما أنشدكم .

 " الغدير " يا سيدي هو ذلك الكتاب الزاخر باللئالئ الوضاءة التي تكشف عن الحقائق المطمورة، وظهور تلك الحقايق بدوره يذهب كل باطل ظاهر، فكم ضال اهتدى بنور ذلك السفر الجليل وآب إليه عقله، وكم من متحمس إلى إظهار لواء الحق إلا وقد رفع رأسه عاليا بفضل هذا الكتاب الجليل .. إلخ .

 ناحية الكميت

سلمان عباس الدواح الزبيدي

10 رمضان 1370 ه‍

15 حزيران 1951 م

وهناك عدة كتب في تقريظ " الغدير " أتتنا من بعض الأعلام والأساتذة الأفذاذ أرجأنا نشرها إلى آونة أخرى، نقدم للجميع شكرنا الجزيل المتواصل .

 

/ صفحة ط /

الجزء التاسع

يتضمن تراجم جمع من أعاظم الصحابة رجال الدعوة الصالحة

والبحث عما لفقته يد الافتعال من التاريخ المزور

وما ألفته سماسرة الجهل والدجل من الكتب والإعراب

عن صحيح ما في قصة قتيل الصحابة " عثمان "

وإخفاق ما هنالك من جلبة ولغط، أو مكاء وتصدية

والله ولي التوفيق

/ صفحة 2 /

بسم الله الرحمن الرحيم

سبحانك ! ما كان لنا أن نتخذ من دونك من أولياء، فالحق والحق أقول، حقيق علي أن لا أقول على الله إلا الحق، من الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، ولدينا كتاب ينطق بالحق، كتاب مصدق لسانا عربيا، إذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم، وقل: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون، وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به، فتخبت له قلوبهم، إنما قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا: سمعنا وأطعنا، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب .

 يا قوم ! لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله، لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، وما علينا إلا البلاغ المبين، إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون، فالحمد لله وسلام على المرسلين .

 الأميني

/ صفحة 3 /

يتبع الجزء الثامن

- 41 -

الخليفة يخرج ابن مسعود من المسجد عنفا

أخرج البلاذري في الأنساب 5: 36 قال: حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن أبي مخنف وعوانة في إسنادهما: إن عبد الله بن مسعود حين ألقى مفاتيح بيت المال إلى الوليد بن عقبة قال: من غير غير الله ما به .

 ومن بدل أسخط الله عليه، وما أرى صاحبكم إلا وقد غير وبدل، أيعزل مثل سعد بن أبي وقاص ويولى الوليد ؟ وكان يتكلم بكلام لا يدعه وهو: إن أصدق القول كتاب الله، وأحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدث بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار (1) فكتب الوليد إلى عثمان بذلك وقال: إن يعيبك ويطعن عليك، فكتب إليه عثمان يأمره بإشخاصه فاجتمع الناس فقالوا: أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شئ تكرهه، فقال: إن له علي حق الطاعة ولا أحب أن أكون أول من فتح باب الفتن. وفي لفظ أبي عمر: إنها ستكون أمور وفتن لا أحب أن أكون أول من فتحها. فرد الناس وخرج إليه (2).

 قال البلاذري: وشيعه أهل الكوفة فأوصاهم بتقوى الله ولزوم القرآن فقالوا له: جزيت خيرا فلقد علمت جاهلنا، وثبت عالمنا، وأقرأتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، فنعم أخو الاسلام أنت ونعم الخليل، ثم ودعوه وانصرفوا، وقدم ابن مسعود المدينة وعثمان يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال: ألا إنه قد قدمت عليكم دويبة سوء من يمشي على طعامه يقئ ويسلح، فقال ابن مسعود: لست كذلك ولكني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ويوم بيعة الرضوان. ونادت عائشة: أي عثمان ! أتقول هذا لصاحب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) هذه جملة من كلمة ابن مسعود وقد أخرجها برمتها أبو نعيم في حلية الأولياء 1: 138 وهي كلمة قيمة فيها فوائد جمة .

 (2) الاستيعاب 1: 373 .

 

/ صفحة 4 /

رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ثم أمر عثمان به فأخرج من المسجد إخراجا عنيفا، وضرب به عبد الله ابن زمعة الأرض، ويقال: بل احتمله " يحموم " غلام عثمان ورجلاه تختلفان على عنقه حتى ضرب به الأرض فدق ضلعه، فقال علي: يا عثمان ! أتفعل هذا بصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول الوليد بن عقبة ؟ فقال: ما بقول الوليد فعلت هذا ولكن وجهت زبيد بن الصلت الكندي إلى الكوفة فقال له ابن مسعود: إن دم عثمان حلال، فقال علي: أحلت عن زبيد على غير ثقة .

 وفي لفظ الواقدي: إن ابن مسعود لما استقدم المدينة دخلها ليلة جمعة فلما علم عثمان بدخوله قال: يا أيها الناس إنه قد طرقكم الليلة دويبة، من يمشي على طعامه يقئ ويسلح، فقال ابن مسعود: لست كذلك ولكنني صاحب رسول الله يوم بدر، و صاحبه يوم بيعة الرضوان، وصاحبه يوم الخندق، وصاحبه يوم حنين .

 قال: وصاحت عائشة: يا عثمان ! أتقول هذا لصاحب رسول الله ؟ فقال عثمان: اسكتي .

 ثم قال لعبد الله ابن زمعة: أخرجه إخراجا عنيفا، فأخذه ابن زمعة فاحتمله حتى جاء به باب المسجد فضرب به الأرض فكسر ضلعا من أضلاعه، فقال ابن مسعود: قتلني ابن زمعة الكافر بأمر عثمان .

 قال البلاذري: وقام علي بأمر ابن مسعود حتى أتى به منزله، فأقام ابن مسعود بالمدينة لا يأذن له عثمان في الخروج منها إلى ناحية من النواحي، وأراد حين برئ الغزو فمنعه من ذلك وقال له مروان: إن ابن مسعود أفسد عليك العراق، أفتريد أن يفسد عليك الشام ؟ فلم يبرح المدينة حتى توفي قبل مقتل عثمان بسنتين، وكان مقيما بالمدينة ثلاث سنين .

 وقال قوم: إنه كان نازلا على سعد بن أبي وقاص، ولما مرض ابن مسعود مرضه الذي مات فيه أتاه عثمان عائدا فقال: ما تشتكي ؟ قال: ذنوبي، قال: فما تشتهي ؟ قال: رحمة ربي .

 قال: ألا أدعو لك طبيبا ؟ قال: الطبيب أمرضني .

 قال: أفلا آمر لك بعطائك ؟ (1) قال: منعتنيه وأنا محتاج إليه، وتعطينيه وأنا مستغن عنه ؟ قال: يكون لولدك، قال: رزقهم على الله .

 قال: إستغفر لي يا أبا عبد الرحمن، قال: أسأل الله أن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) قال ابن كثير في تاريخه 7: 163: كان قد تركه سنتين .

 

/ صفحة 5 /

يأخذ لي منك بحقي، وأوصى أن لا يصلي عليه عثمان فدفن بالبقيع وعثمان لا يعلم فلما علم غضب، وقال: سبقتموني به ؟ فقال له عمار بن ياسر: إنه أوصى أن لا تصلي عليه .

 فقال ابن الزبير (1) :

لأعــرفنك بعد الموت تندبني          وفي حياتي ما زودتني زادي

وفي لفظ ابن كثير في تاريخه 7: 163: جاءه عثمان في مرضه عائدا فقال له: ما تشتكي ؟ قال ذنوبي .

 قال فما تشتهي ؟ قال: رحمة ربي .

 قال: لا آمر لك بطبيب ؟ قال: الطبيب أمرضني .

 قال: ألا آمر لك بعطائك ؟ - وكان قد تركه سنتين - فقال: لا حاجة لي .

 فقال: يكون لبناتك من بعدك، فقال: أتخشى على بناتي الفقر ؟ إني أمرت بناتي أن يقرأن كل ليلة سورة الواقعة وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قرأ الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا .

 وقال البلاذري: كان الزبير وصي ابن مسعود في ماله وولده، وهو كلم عثمان في عطائه بعد وفاته حتى أخرجه لولده، وأوصى ابن مسعود أن يصلي عليه عمار بن ياسر، وقوم يزعمون أن عمارا كان وصيه ووصية الزبير أثبت .

 وأخرج البلاذري من طريق أبي موسى القروي بإسناده: إنه دخل عثمان على ابن مسعود في مرضه فاستغفر كل واحد منهما لصاحبه، فلما انصرف عثمان قال بعض من حضر: إن دمه لحلال .

 فقال ابن مسعود: ما يسرني أنني سددت إليه سهما يخطئه وأن لي مثل أحد ذهبا .

 وقال الحاكم وأبو عمرو ابن كثير: أوصى ابن مسعود إلى الزبير بن العوام فيقال: إنه هو الذي صلى عليه ودفنه بالبقيع ليلا بإيصائه بذلك إليه ولم يعلم عثمان بدفنه، ثم عاتب عثمان الزبير على ذلك، وقيل: بل صلى عليه عثمان، وقيل: عمار (2) .

 وفي رواية توجد في شرح ابن أبي الحديد 1: 236: لما حضره الموت قال: من يتقبل مني وصية أوصيه بها على ما فيها ؟ فسكت القوم وعرفوا الذي يريد فأعادها فقال عمار: أنا أقبلها، فقال ابن مسعود: أن لا يصلي علي عثمان .

 قال: ذلك لك، فيقال:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) كذا والصحيح كما في شرح ابن أبي الحديد 1: 236: فتمثل الزبير .

 (2) المستدرك 3: 313، الاستيعاب 1: 373، تاريخ ابن كثير 7: 163 .

 

/ صفحة 6 /

إنه لما دفن جاء عثمان منكرا لذلك فقال له قائل: إن عمارا ولي الأمر .

 فقال لعمار: ما حملك على أن لم تؤذني ؟ فقال: عهد إلي أن لا أوذنك .. إلخ .

 وذكر كل ما رويناه عن البلاذري مع زيادة، فراجع .

 وفي لفظ اليعقوبي: إعتل ابن مسعود فأتاه عثمان يعوده فقال له: ما كلام بلغني عنك ؟ قال: ذكرت الذي فعلته بي إنك أمرت بي فوطئ جوفي فلم أعقل صلاة الظهر ولا العصر ومنعتني عطائي. قال: فإني أقيدك من نفسي فافعل بي مثل الذي فعل بك. قال: ما كنت بالذي أفتح القصاص على الخلفاء. قال: فهذا عطاؤك فخذه، قال: منعتنيه وأنا محتاج إليه. وتعطينيه وأنا غني عنه، لا حاجة لي به. فانصرف فأقام ابن مسعود مغاضبا لعثمان حتى توفي. تاريخ اليعقوبي 2: 147 .

 وأخرج محمد بن إسحاق بن محمد بن كعب القرظي: إن عثمان ضرب ابن مسعود أربعين سوطا في دفنه أبا ذر. شرح ابن أبي الحديد 1: 237 .

وفي تاريخ الخميس 2: 268: حبس (عثمان) عبد الله بن مسعود وأبي ذر عطاءهما وأخرج أبا ذر إلى الربذة وكان بها إلى أن مات .

 وأوصى (عبد الله) إلى الزبير وأوصاه أن يصلي عليه ولا يستأذن عثمان لئلا يصلي عليه، فلما دفن وصل عثمان ورثته بعطاء أبيهم خمس سنين .

 وأجاب بأن عثمان كان مجتهدا ولم يكن من قصده حرمانه، إما التأخير إلى غاية أدبا، إما مع حصول تلك الغاية أو دونها وصل به ورثته ولعله كان أنفع له .

 وفي السيرة الحلبية 2: 87 من جملة ما انتقم به على عثمان: إنه حبس عبد الله ابن مسعود وهجره، وحبس عطاء أبي بن كعب، وأشخص عبادة بن الصامت من الشام لما شكاه معاوية، وضرب عمار بن ياسر وكعب بن عبدة ضربه عشرين سوطا ونفاه إلى بعض الجبال، وقال لعبد الرحمن بن عوف: إنك منافق .. الخ .

 قال الأميني ؟ لعلك لا تستكنه هذه الجرأة ولا تبلغ مداها حتى تعلم أن ابن مسعود من هو، فهنالك تؤمن بأن ما فعل به حوب كبير لا يبرر من ارتكب به أي عذر معقول فضلا عن التافهات .

 1 - أخرج مسلم وابن ماجة من طريق سعد بن أبي وقاص قال نزل قوله تعالى:

 

/ صفحة 7 /

ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين " الأنعام 52 " في ستة نفر منهم عبد الله بن مسعود .

 راجع تفسير الطبري 7: 128، المستدرك للحاكم 3: 319، تاريخ ابن عساكر 6: 100، تفسير القرطبي 16: 432، 433، تفسير ابن كثير 2: 135، تفسير ابن جزي 2: 10، تفسير الدر المنثور 3: 13، تفسير الخازن 2: 18، تفسير الشربيني 1: 404، تفسير الشوكاني 2: 115 .

 2 - أخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى 3: 108 ط ليدن من طريق عبد الله بن مسعود نزول قوله تعالى: الذين استجابوا الله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم " آل ب‍ عمران 172 " في ثمانية عشر رجلا هو أحدهم .

 وذكر ابن كثير والخازن في تفسيرهما: إن ابن مسعود ممن نزلت فيهم الآية .

3 - ذكر الشربيني والخازن نزول قوله تعالى: أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة. في ابن مسعود وعمار وسلمان. يأتي تفصيله بعيد هذا في ترجمة عمار .

 4 - عن علي عليه السلام مرفوعا: عبد الله يوم القيامة في الميزان أثقل من أحد .

 وفي لفظ: والذي نفسي بيده لهما (يعني ساقي ابن مسعود) أثقل في الميزان من أحد .

 وفي لفظ: والذي نفسي بيده لساقا عبد الله يوم القيامة أشد وأعظم من أحد وحراء .

 راجع مستدرك الحاكم 3: 317، حلية الأولياء 1: 127، الاستيعاب 1: 371، صفة الصفوة 1: 157، تاريخ ابن كثير 7: 163، الإصابة 2: 370، مجمع الزوائد للهيثمي 9: 289، وقال: أخرجه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجالهم رجال الصحيح غير أم موسى وهي ثقة، ورواه من طريق البزار والطبراني فقال: رجالهما رجال الصحيح .

 كنز العمال 6: 180، 181، ج 7: 55 نقلا عن الطبراني والضياء وابن خزيمة وصححه .

 5 - عن علقمة وعمر في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من سره أن يقرأ القرآن

 

/ صفحة 8 /

غضاً. أو: رطبا، كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد .

 أخرجه أبو عبيد في فضائله. أحمد. الترمذي. النسائي. البخاري في تاريخه. ابن أبي خزيمة. ابن أبي داود. ابن الأنباري. عبد الرزاق. ابن حبان. الدار قطني ابن عساكر. أبو نعيم. الضياء المقدسي. البزار. الطبراني. أبو يعلى. وغيرهم.

راجع سنن ابن ماجة 1: 63، حلية الأولياء 1: 124، مستدرك الحاكم 3: 318، الاستيعاب 1: 371، صفة الصفوة 1: 156، طرح التثريب 1: 85، الإصابة 2: 369، مجمع الزوائد 9: 287، كنز العمال 6: 181 .

 6 - عن أبي الدرداء مرفوعا في حديث: رضيت لأمتي ما رضي الله لها وابن أم عبد، وسخطت لأمتي ما سخط الله لها وابن أم عبد .

 أخرجه البزار والطبراني ورجال البزار ثقات كما قاله الهيثمي في مجمع الزوائد 9: 290، ورواه الحاكم في المستدرك 3: 317، 318 وأبو عمر في الاستيعاب 1: 371 ويوجد في كنز العمال 6: 181 و ج 7: 56 .

 7 - عن عبد الله بن مسعود قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: آذنك على أن ترفع الحجاب وتسمع سوادي (1) حتى أنهاك. قال ابن حجر: أخرجه أصحاب الصحاح. مسند أحمد 1: 388، سنن ابن ماجة 1: 63، حلية الأولياء 1: 126، الاستيعاب 1: 371، تاريخ ابن كثير 7: 162، الإصابة 2: 369 .

 8 - أخرج الترمذي من طريق عبد الله في حديث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تمسكوا بعهد ابن أم عبد. وفي لفظ أحمد: تمسكوا بعهد عمار، وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه .

 راجع مسند أحمد 5: 385، حلية الأولياء 1: 128، تاريخ ابن كثير 2: 162، الإصابة 2: 369، كنز العمال 7: 55 .

 9 - سئل علي (أمير المؤمنين) عن ابن مسعود قال: علم القرآن وعلم السنة ثم انتهى وكفى به علما .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) كذا في جميع المصادر والسواد بالكسر: السرار. يقال: ساودت الرجل أي ساورته. وحسبه ناشر حلية الأولياء غلطا فجعله في المتن " سرارى " وقال في التعليق: في الأصلين: سوادي .

 

/ صفحة 9 /

راجع حلية الأولياء لأبي نعيم 1: 129، المستدرك للحاكم 3: 318، الاستيعاب 1: 373، صفة الصفوة 1: 157 .

10 - أخرج الحاكم في المستدرك 3: 315 من طريق حبة العرني قال: إن ناسا أتوا عليا فأثنوا على عبد الله بن مسعود فقال: أقول فيه مثل ما قالوا وأفضل: من قرأ القرآن وأحل حلاله، وحرم حرامه، فقيه في الدين، عالم بالسنة .

11 - أخرج الترمذي بإسناد رجاله ثقات من طريق حذيفة بن اليمان: إن أشبه الناس هديا ودلا وسمتا بمحمد صلى الله عليه وسلم عبد الله .

 وفي لفظ البخاري: ما أعرف أحدا أقرب سمتا وهديا ودلا برسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد، وزاد الترمذي: ولقد علم المحفوظون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابن أم عبد أقربهم إلى الله زلفى. وفي لفظ أبي نعيم: إنه من أقربهم وسيلة يوم القيمة .

 وفي لفظ أبي عمر: سمع حذيفة يحلف بالله ما أعلم أحدا أشبه دلا وهديا برسول الله من حين يخرج من بيته إلى أن يرجع إليه من عبد الله بن مسعود، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنه من أقربهم وسيلة إلى الله يوم القيامة .

 وفي لفظ علقمة: كان يشبه بالنبي في هديه ودله وسمته .

 راجع صحيح البخاري كتاب المناقب .

 مسند أحمد 5: 389، المستدرك 3: 315، 320 حلية الأولياء 1: 126، 127، الاستيعاب 1: 372، مصابيح السنة 2: 283، صفة الصفوة 1: 156، 158، تاريخ ابن كثير 2: 162، تيسير الوصول 3: 297 الإصابة 2: 369، كنز العمال 7: 55 .

 12 - أخرج الشيخان والترمذي عن أبي موسى قال: قدمت أنا وأخي من اليمن وما نرى ابن مسعود إلا أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لما نرى من دخوله و دخول أمه على النبي صلى الله عليه وسلم .

 راجع المستدرك للحاكم 3: 314، مصابيح السنة: 2: 284، تيسير الوصول 3: 279 نقلا عن الشيخين والترمذي، تاريخ ابن كثير 7: 162، مرآة الجنان لليافعي 1: 87، الإصابة 8: 369 قال: عند البخاري في التاريخ بسند صحيح .

 13 - أخرج أحمد في مسنده 4: 203 من طريق عمرو بن العاصي قال: مات

 

/ صفحة 10 /

رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحب عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر .

 وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9: 290 بلفظ: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راض عنه .

 حكاه عن أحمد والطبراني فقال .

 رجال أحمد رجال الصحيح، وأخرجه ابن عساكر من طريق عثمان بن أبي العاص الثقفي كما في كنز العمال: 7: 56 .

 14 - أخرج البخاري من طريق عبد الله بن مسعود قال: أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وإن زيد بن ثابت لصبي من الصبيان. وفي لفظ: أحكمتها قبل أن يسلم زيد بن ثابت وله ذؤابة يلعب مع الغلمان. وفي لفظ: ما ينازعني فيها أحد. حلية الأولياء 1: 125، والاستيعاب 1: 373، تهذيب التهذيب 6: 28 وصححه كنز العمال 7: 56 نقلا عن ابن أبي داود .

15 - أخرج البغوي من طريق تميم بن حرام (1) قال: جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت أحدا أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أحب إلي أن أكون في صلاحه من ابن مسعود، الإصابة لابن حجر 2: 370. وأخرجه البخاري في تاريخه 1 قسم 2 ص 152 ولفظه: أدركت أبي بكر وعمر وأصحاب محمد عليهم السلام فما رأيت أحدا .. الخ .

 16 - عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: كان عبد الله صاحب سواد رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني سره .

 وعن أبي الدرداء: ألم يكن فيكم صاحب السواد عبد الله ؟ .

 وعن عبد الله بن شداد: إن عبد الله كان صاحب السواد والوساد والسواك والنعلين (2) راجع طبقات ابن سعد 3: 108، حلية الأولياء 1: 126، الاستيعاب 1: 371، صفة الصفوة 1: 156، طرح التثريب 1: 75 .

 17 - عن أبي وائل قال ابن مسعود: إني لأعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم و

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) في تاريخ البخاري: حذلم .

(2) كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وآله ويحمل نعليه. قاله ابن حجر في تهذيب التهذيب 6: 28 .

 

/ صفحة 11 /

ما في كتاب الله سورة ولا آية إلا وأنا أعلم فيم أنزلت ومتى نزلت. قال أبو وائل: فما سمعت أحدا أنكر ذلك عليه.

أخرجه الشيخان والنسائي كما في تيسير الوصول 3: 279، وأبو عمر في الاستيعاب 1: 372، وذكره اليافعي في مرآته 1: 87 .

هذا ابن مسعود :

وهذا علمه وهديه وسمته وصلاحه وزلفته إلى نبي العظمة صلى الله عليه وآله، أضف إلى ذلك كله سابقته في الاسلام وهو سادس ستة، وهجرته إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وشهوده بدرا ومشاهد النبي صلى الله عليه وآله كلها، وهو أحد العشرة المبشرة بالجنة كما في رواية أبي عمر في الاستيعاب، ولعلك لا تشك بعد سيرك الحثيث في غضون السيرة والتاريخ في أنه لم يكن له دؤب إلا على نشر علم القرآن وسنة الرسول وتعليم الجاهل، وتنبيه الغافل، وتثبيت القلوب، وشد أزر الدين، في كل ذلك هو شبيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هديه و سمته ودله، فلا تجد فيه مغمزا لغامز، ولا محلا للمز لامز، وقد بعثه عمر إلى الكوفة ليعلمهم أمور دينهم، وبعث عمارا أميرا وكتب إليهم: إنهما من النجباء من أصحاب محمد من أهل بدر، فاقتدوا بهما واسمعوا من قولهما، وقد آثرتكم بعبد الله بن مسعود على نفسي (1) وقد سمعت ثناء أهل الكوفة عليه بقولهم: جزيت خيرا، فلقد علمت جاهلنا وثبت عالمنا، وأقرأتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، فنعم أخو الاسلام أنت ونعم الخليل .

 كان ابن مسعود أول من جهر بالقرآن بمكة، اجتمع يوما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط، فمن رجل يسمعهموه ؟ فقال عبد الله بن مسعود: أنا .

 قالوا: إنا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه، قال: دعوني فإن الله سيمنعني، قال: فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها، حتى قام عند المقام ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم .

 رافعا بها صوته .

 الرحمن علم القرآن .

 قال: ثم استقبلها يقرؤها .

 قال: وتأملوه، فجعلوا يقولون: ماذا قال ابن أم عبد ؟ قال: ثم قالوا: إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فقاموا إليه، فجعلوا يضربون في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) الاستيعاب 1: 373، ج 2 436، الإصابة 2: 369 .

 

/ صفحة 12 /

الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا في وجهه، فقالوا له: هذا الذي خشينا عليك، فقال: ما كان أعداء الله أهون علي منهم الآن .

 ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدا، قالوا: لا، حسبك قد أسمعتهم ما يكرهون (1) .

 وقد هذبته تلكم الأحوال وكهربته، فلم يسق لمغضبة على باطل، ولم يحده طيش إلى غاية، فهو إن قال فعن هدى، وإن حدث فعن الصادع الكريم صدقا، وإن جال ففي مستوى الحق، وإن صال فعلى الضلالة، وعرفه بذلك من عرفه من أول يومه، وكان معظما مبجلا لدى الصحابة وكانوا يحذرون خلافه والرد عليه ويعدونه حوبا قال أبو وائل: إن ابن مسعود رأى رجلا قد أسبل إزاره فقال: ارفع إزارك .

 فقال: و أنت يا ابن مسعود ! فارفع إزارك .

 فقال: إني لست مثلك إن بساقي حموشة وأنا آدم الناس فبلغ ذلك عمر فضرب الرجل ويقول: أترد على ابن مسعود ؟ (2) .

 وأخرج أبو عمر بن الاستيعاب 1: 372 بالإسناد عن علقمة قال: جاء رجل إلى عمر وهو بعرفات فقال: جئتك من الكوفة وتركت بها رجلا يحكي المصحف عن ظهر قلبه فغضب عمر غضبا شديدا وقال: ويحك ومن هو ؟ قال عبد الله بن مسعود .

 قال: فذهب عنه ذلك الغضب وسكن وعاد إلى حاله وقال: والله ما أعلم من الناس أحدا هو أحق بذلك منه .

 فلماذا يحرم هذا البدري العظيم عطاؤه سنين ؟ ثم يأتيه من سامه سوء العذاب وقد خالجه الندم ولات حين مندم متظاهرا بالصلة فلا يقبلها ابن مسعود وهو في منصرم عمره، ويسأل ربه أن يأخذ له منه بحقه، ثم يتوجه إلى النعيم الخالد معرضا عن الحطام الزائل، موصيا بأن لا يصلي عليه من نال منه ذلك النيل الفجيع .

 لماذا فعل به هذا ؟ ولماذا شتم على رؤس الاشهاد ؟ ولماذا أخرج من مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مهانا عنفا، ولماذا ضرب به الأرض فدقت أضالعه ؟ ولما بطشوا به بطش الجبارين ؟ .

 كل ذلك لأنه امتنع عن أن يبيح للوليد بن عقبة الخالع الماجن من بيت مال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) سيرة ابن هشام 1: 337 .

 (2) الإصابة 2: 370، كنز العمال: 55 .

 

/ صفحة 13 /

الكوفة يوم كان عليه ما أمر به، فألق مفاتيح بيت المال لما لم يجد من الكتاب والسنة وهو العليم بهما مساغا لهاتيك الإباحة ولا لأثرة الآمر بها، وعلم أنها سوف تتبعها من الأعطيات التي لا يقرها كتاب ولا سنة، فتسلل عن عمله وتنصل، وما راقه أن يبوء بذلك الإثم، فلهج بما علم، وأبدى معاذيره في إلقاء المفاتيح، فغاض تلكم الأحوال داعية الشهوات، وشاخص الهوى الوليد بن عقبة، فكتب في حقه ونم وسعي، فكان من ولائد ذلك أن ارتكب من ابن مسعود ما عرفت، ولم تمنع عن ذلك سوابقه في الاسلام وفضائله وفواضله وعلمه وهديه وورعه ومعاذيره وحججه، فضلا على أن يشكر على ذلك كله، فأوجب نقمة الصحابة على من نال ذلك منه، وإنكار مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وصيحة أم المؤمنين في خدرها، ولم تزل البغضاء محتدمة على هذه وأمثالها حتى كان في مغبة الأمر ما لم يحمده خليفة الوقت وزبانيته الذين جروا إليه الويلات .

 ولو ضرب المسيطر على الأمر صفحا عن الفظاظة في الانتقام، أو أعار لنصح صلحاء الأمة أذنا واعية، أولم يستبدل بجراثيم الفتن عن محنكي الرجال، أولم ينبذ كتاب الله وسنة نبيه وراء ظهره، لما استقبله ما جرى عليه وعلى من اكتنفه من الوأد والهوان لكنه لم يفعل ففعلوا، ولمحكمة العدل الإلهي غدا حكمها البات .

 ولابن مسعود عند القوم مظلمة أخرى وهي جلده أربعين سوطا في موقف آخر، لماذا كان ذلك ؟ لأنه دفن أبا ذر لما حضر موته في حجته .

 وجد بالربذة في ذلك الوادي القفر الوعر ميتا كان في الغارب والسنام من العلم والإيمان .

 وجد صحابيا عظيما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقربه ويدنيه قد فارق الدنيا .

 وجد عالما من علماء المسلمين قد غادرته الحياة .

 وجد مثالا للقداسة والتقوى، فتمثل أمام عينيه تلك الصورة المكبرة التي كان يشاهدها على العهد النبوي .

 وجد شبيه عيسى بن مريم في الأمة المرحومة هديا وسمتا ونسكا وزهدا وخلقا، طرده خليفة الوقت عن عاصمة الاسلام .

 وجد عزيزا من أعزاء الصحابة على الله ورسوله وعلى المؤمنين قد أودى على مستوى الهوان في قاعة المنفى مظلوما مضطهدا .

 

/ صفحة 14 /

وجد في قارعة الطريق جثمان طيب طاهر غريب وحيد نازح عن الأوطان تصهره الشمس، وتسفي عليه الرياح، وذكر قول رسول الله: رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده، ويحشر وحده .

 فلم يدع العلم والدين ابن مسعود ومن معه من المؤمنين أن يمروا على ذلك المنظر الفجيع دون أن يمتثلوا حكم الشريعة بتعجيل دفن جثمان كل مسلم فضلا عن أبي ذر الذي بشر بدفنه صلحاء المؤمنين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنهضوا بالواجب فأودعوه في مقره الأخير والعيون عبرى، والقلوب واجدة على ما ارتكب من هذا الانسان المبجل، فلما هبطوا يثرب نقم على ابن مسعود من نقم على أبي ذر، فحسب ذلك الواجب الذي ناء به ابن مسعود حوبا كبيرا، حتى صدر الأمر بجلده أربعين سوطا، وذلك أمر لا يفعل بمن دفن زنديقا لطم جيفته فضلا عن مسلم لم يبلغ مبلغ أبي ذر من العظمة والعلم والتقوى والزلفة، فكيف بمثل أبي ذر وعاء العلم، وموئل التقوى، ومنبثق الإيمان، وللعداء مفعول قد يبلغ أكثر من هذا .

 أي خليفة هذا لم يراع حرمة ولا كرامة لصلحاء الأمة وعظماء الصحابة من البدريين الذين نزل فيهم القرآن، وأثنى عليهم النبي العظيم ؟ وقد جاء في مجرم بدري قوله صلى الله عليه وآله وسلم لما قال عمر: إئذن لي يا رسول الله فأضرب عنقه: مهلا يا ابن الخطاب إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: إعملوا ما شئتم فإني غافر لكم (1) واختلق القوم حديثا لإدخال عثمان في زمرتهم لفضلهم المتسالم عليه عند الأمة جمعاء، كأن الرجل آلى على نفسه أن يطل على الأمة الداعية إلى الخير، الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر، بالذل والهوان، ويسر بذلك سماسرة الأهواء من بني أبيه، فطفق بمراده، والله من ورائهم حسيب .

 والمدافع إن أعوزته المعاذير تشبث بالطحلب فقال: (2) حداه إلى ذلك الاجتهاد .

 ذلك العذر العام المصحح للأباطيل، والمبرر للشنايع، والوسيلة المتخذة لإغراء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) أحكام القرآن 3: 535 .

 (2) راجع التمهيد للباقلاني ص 221، الرياض النضرة 26 145، الصواعق ص 68، تاريخ الخميس 2: 268 .