فهرس الكتاب

مكتبة الإمام أميرالمؤمنين (ع)

 


المحاورة العاشرة للأخ الشيعي أبو أحمد

من كتاب ( الإِبادَة لِحُكمِ الوَضْعِ عَلى حديث ذِكْرُ عَليٍّ عليه السلام عِبادَة ) للسيد حسن آل المجدد الشيرازي


حررها في ويوم : 27 -10-1999 ، الساعة : 12:05مساءً .

بسم الله الرحمن الرحيم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا}الأحزاب70 {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً}الإسراء36.
الأخ الكريم محمد إبراهيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
وحديث : ذكر علي عبادة ، والنظر إلى وجه علي عبادة ، هو حديث موضوع لا يستشهد به ...... ـ كتاب ذكر علي عليه السلام عبادة ـ .

ملاحظة : عرفت في المقدمة إنه قد عرضنا المحاورة على السيد صاحب كتاب الإبادة لحكم الوضع على حديث ذكر علي عليه السلام عبادة ، وإنه حفظه الله أقترح أن يوضع نص الكتاب الذي أعده لا ما وضعه المحاور أبو أحمد لكونه أتم في البحث وأكمل في تحقيق السند ، ولأن الأخ المحاور أبو أحمد أخذ قسم منه ووضعه في المحاورة وترك قسم منه ، ونحن استجابة لأمره ولتعم الفائدة ولكي لا يخل بالبحث بعدم ذكر المهم منه قررنا وضع نص بحث كتاب الإبادة هنا ، كما أن للسيد حفظة الله كتاب آخر في تصحيح سند النظر إلى علي عبادة وهو موجود على موقع مركز الأبحاث العقائدية .
ثم إن كنت يا طيب تريد نص المحاورة كما عرضت على الموسوعة الشيعية فتجدها إن شاء الله على موقع موسوعة صحف الطيبين ، قسم المقالات والبحوث حتى من غير عناوين وأي تعديل وإضافة لأي نص ، وأما نص ما أفاده السيد الجليل في كتابه فهو يا طيب تحت نظرك الثاقب ووجدانك الصاحي والحكم إليك في السند وكل المحاورة .

 


الإبادَة
لِحُكْمِ الوَضْعِ عَلى‏ حديث‏
ذِكْرُ عَليٍّ عليه ‏السلام عِبادَة
تأليف‏ خادم الحديث الشريف والسُنّة المطهّرة
الحسن بن صادقٍ الحسينيّ‏ آل المجدِّد الشيرازيّ‏

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للَّه تعالى وكفى ، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى ، وصلّى اللَّه على سيّدنا محمّدٍ أفضل من سعى بين المروة والصفا ، وعلى ‏آله وخيرة صحبه ذوي النجابة والوَفا .
أمّا بعدُ : فهذا جزءٌ أفردته للكلام على حديث « ذِكْر عليٍّ عبادة » وبيان رُتبته ، والردّ على مَن حكم بوضعه وعدم ثبوته ، ووسمته بـ
« الإبادة لحكم الوضع على حديث : ذكر عليٍّ عبادة » .
واللَّهَ تعالى أسألُ أن يُريَنا الحقّ حقّاً ويرزقنا اتّباعه ، والباطلَ باطلاً ويرزقنا اجتنابه ، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه ، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .
اعلم - هداك اللَّه وأرشدك ، وأيّدك بتأييده وسدّدك - أنّ هذا الحديث روي عن عائشة ، وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ عليه الصلاة والسلام ، وابن عبّاسٍ رضى الله عنه .
 

فصل‏
البحث في سند الحديث الأول

 

فأمّا حديث عائشة ، فقد رواه الحسن بن صابرٍ الكِسائيّ الكوفيّ ، عن وكيع بن الجرّاح ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة . وروي عن ابن صابرٍ من طريقين :
الأوّل : ما أخرجه الحافظ ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) قال : أخبرنا أبو الحسن السلميّ ، أنبأنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنبأنا أبو جابرٍ يزيد بن عبد الله ، أنبأنا محمّد بن عمر الجعابيّ ، أنبأنا عبد الله بن يزيد - أبو محمّدٍ - أنبأنا الحسن بن صابرٍ الهاشميّ ، أنبأنا وكيع ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم :
( ذِكْر عليٍّ عبادة )(1) .
والثاني : ما أخرجه أبو الحسن بن شاذان في ( المناقب ) قال : حدّثني القاضي المعافى بن زكريّا - من حفظه - قال : حدّثني إبراهيم ابن الفضل ، قال : حدّثني الفضل بن يوسف ، قال : حدّثني الحسن بن صابرٍ ، قال : حدّثني وكيعٌ ، قال : حدّثني هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ،
قالت : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم : ( ذِكْر عليّ بن أبي طالبٍ عبادةٌ )(2) . والرادّون لهذا الحديث : اختلفوا في علّته ، فأعلّه قومٌ من جهة الإسناد ، وردّه آخرون من جهة المتن ، ومنهم من أبطله من كلتا الجهتين ، فيقع الكلام معهم في مقامين :
ـــــ
(1) تاريخ دمشق - ترجمة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ عليه ‏السلام - 408/2 ح‏ =

 


المقام الأوّل‏
الكلام في سنده

 

فنقول : وباللَّه تعالى التوفيق :
قال المُناويّ في ( التيسير بشرح الجامع الصغير ) (1) : إسناده‏ ضعيف.
وكذا قال العزيزيّ في ( السراج المنير ) وكأنّهما قلّدا في ذلك الحافظ جلال الدين السيوطيّ في ( الجامع الصغير ) (2)حيث رمز لضعف الحديث.
وقال السندروسيّ في ( الكشف الإلهيّ )(3) : سنده واهٍ ، وأخذه ‏ الألبانيّ وزاد عليه قوله : جدّاً .
قلت : لم يتّهموا من رجال الإسناد - في ما وقفت عليه من كلامهم - إلّا الحسن بن صابرٍ ، وأعلّوا الحديث به ، وجعلوا الآفة فيه منه ، ومعوَّلهم في ذلك كلامُ ابن حبّان فيه ، فلنذكره ولنبيّن زيفه بحول اللَّه وقوّته .
قال في كتاب ( المجروحين ) (4): الحسن بن صابرٍ الكِسائيّ من أهل الكوفة ، يروي عن وكيع بن الجرّاح وأهل بلده ، روى عنه العراقيّون ، منكَر الرواية جدّاً عن الإثبات ، ممّن يأتي بالمتون الواهية عن الثقات بأسانيد متّصلة ، انتهى .
ثمّ ساق له حديثاً مرفوعاً عن وكيعٍ ، عن هشامٍ ، عن أبيه ، عن عائشة .
ــــــ
= 907 . وأخرجه الديلميّ في ( مسند الفردوس ) من هذا الطريق . (2) المناقب : 128 ، المنقبة الثامنة والستّون .(1) التيسير بشرح الجامع الصغير : 20/2 . (2) الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير : 665/2 ح‏4332 . (3) الكشف الإلهيّ : 358/1 . سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة : 216/4 . (4) ‏كتاب المجروحين : 239/1 .

وقال الذهبيّ بترجمته في ( ميزان الاعتدال )(1) : الحسن بن صابرٍ الكِسائيّ ، عن وكيعٍ ، قال ابن حبّان : منكَر الحديث ، انتهى .
ولم يتكلّم فيه أحدٌ من أئمّة الجرح والتعديل سوى ابن حبّان ، ولم يُترجَم في غير كتابه ، وأمّا الذهبيّ فإنّه مقلّد له في ذلك ، فلا اعتداد بكلامه .
ومع ذلك فإنّ جرح ابن حبّان للكسائيّ مردودٌ من وجوهٍ :
الأوّل : أنّ ابن حبّان - نفسَه - متَّهم مجروح ،بل رُمي بالعظائم،ومن قلّة حيائه وعدم تعظيمه لحرمة رسول اللَّه‏ صلى الله عليه وآله وسلم تكلّمه في عليّ ابن موسى الرضا عليه الصلاة والسلام ، وقوله : إنّه يروي عن أبيه العجائب ، كأنّه كان يَهِم ويُخطى‏ء - كما حكاه أبو سعد السمعانيّ في ( الأنساب )(2)- .
وعلى من لا يحترم العترة الطاهرة من اللَّه ما يستحقّه .
وحكى الذهبيّ بترجمته في ( الميزان )(3) و ( التذكرة )(4) عن أبي‏ عمرو بن الصلاح في ( طبقات الشافعيّة ) أنّه قال : غلط الغلط الفاحش في تصرّفاته .
قال الذهبيّ : صدق أبو عمرو ، له أوهام يتبع بعضها بعضاً ، انتهى .
قلت : سيأتي - بعد هذا إن شاء اللَّه - ذكر جملةٍ من أوهامه في نقد الرجال . ومَن كان هذا حاله كيف يُعوّل اللبيب على كلامٍ انفرد به ، ولا متابع له عليه إلّا مَن اغترّ به ؟ !
فتنبّه - يرحمك اللَّه - .
ـــــ
(1) ميزان الاعتدال : 496/1 . (2) الأنساب : 74/3 - الرضا - تهذيب التهذيب : 244/4 . فتح الملك العليّ : 130 - 131 . (3) ميزان الاعتدال : 507/3 . (4) تذكرة الحفّاظ : 921/3 .


الثاني : أنّ الجهابذة النقّاد ، وأئمّة الرجال والإسناد قد تكلّموا في جرح ابن حبّان للرواة ، وبيّنوا غلطه في كثيرٍ من أحكامه ، فلنسرد هنا نُتَفاً من ذلك ، لينجلي لك وَهْيُ كلامه ، وينكشف لديك خطؤه في حكمه وإبرامه ، ولتذعن بصدق ما ادّعيناه ، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه .
فمنها : قوله في أفلح بن سعيدٍ - أبي محمّد المدنيّ - : يروي عن الثقات الموضوعات ، لا يحلّ الاحتجاج به ، ولا الرواية عنه بحالٍ ( انتهى ) .
وأفلح هذا احتجّ به مسلم والنسائيّ ، ووثّقه ابن معينٍ وابن سعد .
وتنزّل الذهبيّ في ( ميزان الاعتدال ) للردّ عليه ، فقال : ربّما قصّب الثقة حتّى كأنّه لا يدري ما يخرج من رأسه ( انتهى ) (1).
ومنها : قوله في سويد بن عمروٍ الكلبيّ : كان يقلب الأسانيد ، ويضع على الأسانيد الصحاح المتون الواهية ( انتهى ) .
وردّه الذهبيّ في ( الميزان )(2) فقال : أسرف واجترأ .
وقال الحافظ ابن حجر في ( تقريب التهذيب ) (3) : أفحش ابن حبّان القولَ فيه ، ولم يأت بدليلٍ . ‏ وقد احتجّ به مسلم والترمذيّ والنسائيّ وابن ماجة ، ووثّقه ابن معينٍ والنسائيّ والعجليّ .
ومنها : طعنه في عثمان بن عبد الرحمن الطرائفيّ ، وقد احتجّ به أبو داود والنسائيّ وابن ماجة ، ووثّقه ابن معينٍ وابن شاهين .
ـــــ
(1) ميزان الاعتدال : 274/1 - تهذيب التهذيب : 233/1 . قصّب الثقة : عاب وشتم ، انظر : لسان العرب : 178/11 مادّة «قصب» .
(2) ميزان الاعتدال : 53/2 . (3) تقريب التهذيب : 260 .

 

قال الذهبيّ في ( ميزان الإعتدال )(1) : وأمّا ابن حبّان فإنّه يُقَعْقِع‏ كعادته ، فقال فيه : يروي عن قومٍ ضعفاء أشياء يدلّسها عن الثقات ، حتّى إذا سمعها المستمع لم يشكّ في وضْعها ، فلمّا كثر ذلك في أخباره ؛ اُلزقت به تلك الموضوعات ، وحمل الناس عليه في الجرح ، فلا يجوز عندي الاحتجاج بروايته كلّها بحالٍ ، انتهى .
وتعقّبه الذهبيّ : بأنّه لم يرْوِ في ترجمته شيئاً ، ولو كان عنده له شيءٌ موضوع لأسرع بإحضاره ، قال : وما علمتُ أنّ أحداً قال في عثمان بن عبد الرحمن هذا : إنّه يدلّس عن الهَلْكى ، إنّما قالوا : يأتي عنهم بمناكير ، والكلام في الرجال لا يجوز إلّا لتامّ المعرفة تامّ الورع ، انتهى .
قلت : أَمْعِنْ نظرَ الإنصاف والتحقيق في هذا الحرف الأخير من كلام الذهبيّ ، وليته بادر للردّ على ابن حبّان -في ترجمة ابن صابرٍ - بمثل هذا ، بل بأقلّ منه ، مع أنّ القدح فيه أخفّ وأيسر من جرح الطرائفيّ ، لكن هيهات أن تطاوعه نفسه على ذلك ، بل أقرّ ابن حبّان على جرحه المجروح لكون الرجل روى حديث الباب ، وتلك ( شنشنةٌ أعرفها من أَخْزَم ) .
بل ظنّي أنّ الكسائيَّ لو كان يسلم من طعن ابن حبّان لما كان يسلم من لسان ذلك الشاميّ الخبيث ، الذي يغيظ ويستشيط ويأخذه الزَمَع إذا مرّ على منقبةٍ من مناقب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ عليه الصلاة والسلام ، وأهل البيت الطيّبين الطاهرين الكرام «قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ» .سورة آل عمران 3 : 119 .
ــــ
(1) ميزان الاعتدال : 45/3 - 46 .

 

ومن سرح نظره في تراجم رواة الفضائل من ( الطبقات ) و( الميزان ) لشاهد بالعيان كيف يُجنّ الذهبيّ فيأخذ في وَصْم الرجل وطعنه وسبّه من غير ذنبٍ ، عدا روايته الفضائل والمناقب ، فنسأل اللَّه السلامة من مخازي النواصب .
ومنها : قوله في محمّد بن الفضل السدوسيّ - المعروف بعارِمٍ ، شيخ البخاريّ ، وقد احتجّ به الستّة ووثّقه أبو حاتم والنسائيّ والدارقطنيّ والذهليّ والعجليّ ، وروى عنه البخاريّ أكثر من مائة حديثٍ ، كما حكاه الحافظ ابن حجرٍ في ( تهذيب التهذيب )(1) عن‏ ( الزهرة ) - : اختلط في آخر عمره وتغيّر حتّى كان لا يدري ما يحدّث به ، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة ، فيجب التنكّب عن حديثه في ما رواه المتأخّرون ، فإن لم يُعلم هذا من هذا تُرك الكلّ ، ولا يُحتجّ بشيءٍ منها ، انتهى .
وتعقّبه الذهبيّ فقال : لم يقدر ابن حبّان أن يسوق له حديثاً منكَراً ، فأين ما زعم ؟ !
وقال أيضاً - بعد ذكر توثيقه عن الدارقطنيّ - : فهذا قول حافظ العصر الذي لم يأتِ بعد النسائيّ مثله ، فأين هذا القول من قول ابن حبّان الخسّاف المتهوّر ؟ !
وقال الحافظ ابن حجرٍ في ( هدي الساري )(2) : إبراهيم بن سويد بن حيّان تكلّم فيه ابن حبّان بلا حجّة .
وقال أيضاً : إسحاق بن إبراهيم أبو النصر الفراديسيّ تكلّم فيه الأزدي وابن حبّان بلا حجّة .
وقال أيضاً (3): سهل بن بكّارٍ البصريّ ذكره ابن حبّان بلا مستند .
ــــــ
(1) تهذيب التهذيب : 269/5 . (2) هدي الساري - مقدّمة فتح الباري : 484 . (3) هدي الساري : 486 .

وقال أيضاً(1) : عيسى بن طهمان ضعّفه ابن حبّان بلا مستندٍ ، والحمل على غيره . وقال أيضاً : محمّد بن الحسن الواسطيّ ذكره ابن حبّان بلا حجّة . وقال أيضاً : محمّد بن زيادٍ الزياديّ ذكره ابن مندة وابن حبّان بلا حجّة . وقال أيضاً : يونس بن أبي الفرات تكلّم فيه ابن حبّان بلا مستندٍ .
قلت : فعُلم من هذا أنّ ابن حبّان قد يُطلِق القولَ في الراوي ويتكلّم فيه من دون حجّةٍ ولا مستندٍ يعوَّل عليه ، فكيف يُقبل جرحه للرواة ؟ !
وإذا تأمّلت ما سُقناه لك هنا لا أراك تتوقّف في ردّ كلامه في الحسن بن صابرٍ ، لا سيّما وأنّه متّهم في جرح هذا الكوفيّ ، لأنّه روى حديثاً في فضل ذِكْر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ عليه الصلاة والسلام ، وابن حبّان وأضرابه ممّن لا يطيبون نفساً بسماع ذلك ، ولا يطيقون السكوت عليه - كما ستعرف إن شاء اللَّه تعالى- .
الثالث : أنّ ابن حبّان له أوهام كثيرة يتبع بعضها بعضاً - كما قال الذهبيّ - فيذكر الرجل في ( المجروحين ) ثمّ يذكره في ( الثقات ) وهذا تناقض بيّن ، وتسامح غير هيّن ، فلذا أوجبت كثرة أوهامه سقوطَ كلامه !
فمن ذلك : ذِكْره دهثم بن قُرّان في الكتابَيْن ، قال الذهبيّ في‏ (الميزان)(3) : فذكره في ( الثقات ) فأساء ، وقد ذكره أيضا في ( الضعفاء ) فأجاد .
ومن ذلك : ذكره زياد بن عبد الله النميريّ في ( المجروحين ) و ( الثقات ) قال الذهبيّ : فهذا تناقض .
ـــــــ
(1) هدي الساري : 487 . (2) هدي الساري : 488 .(3) كتاب المجروحين : 295/1 - الثقات : 293/6 .‏ميزان الاعتدال : 29/2 . (4) كتاب المجروحين : 306/1 - الثقات : 255/4 - 256 .ميزان الاعتدال : 91/2 .

ومن ذلك(1) : ذكره عبد الرحمن بن ثابت بن الصامت في كتابيه .
قال الذهبيّ (2) : قال ابن حبّان : فحش خلافه للأثبات فاستحقّ الترك ، وذكره أيضاً في ( الثقات ) فتساقط قولاه .
ومن ذلك : ذكره يحيى بن سلمة بن كُهَيْلٍ في ( الثقات ) وذكره في ( الضعفاء ) أيضاً .
ومن ذلك : ذكره كميل بن زيادٍ النخعيّ في ( الثقات ) وقوله في ( الضعفاء ) : لا يُحتجّ به .
ومن ذلك : ذكره الوليد بن القاسم بن الوليد الهمدانيّ في الكتابين ، وكذا ميمون بن سياه البصريّ ، وهارون بن سعد العجليّ ، والوليد بن عبد الله بن جُمَيْعٍ الزهريّ المكّيّ الكوفيّ ، ويوسف بن أبي يعفورٍ ، وسفيان بن حسينٍ .
وذكر ذلك أيضاً المحدّث الشريف محمّد بن جعفرٍ الحسنيّ الكتّانيّ في ( الرسالة المستطرفة )(3) فقال : إنّه - يعني ابن حبّان – قد ذكر في كتابه هذا - يعني ( الثقات ) - خلقاً كثيراً ، ثمّ أعاد ذكرهم في ( كتاب الضعفاء والمجروحين ) وبيّن ضعفهم ، وذلك من تناقضه وغفلته ، أو من تغيّر اجتهاده ( انتهى ) .
ومن غرائب أوهامه ما ذكره في ترجمة بشر بن شعيب بن أبي حمزة الحمصيّ ، قال الحافظ ابن حجرٍ : قال ابن حبّان في كتاب ( الثقات ) : «كان متقناً» ثمّ غفل غفلةً شديدةً فذكره في ( الضعفاء ) وروى عن البخاريّ أنّه قال : تركناه .
ــــــــ
(1) كتاب المجروحين : 55/2 - الثقات : 95/5 . (2) ميزان الاعتدال : 552/2 . (3) الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السُنّة المشرّفة : 146 - 147 .


قال ابن حجرٍ : وهذا خطأٌ من ابن حبّان نشأ عن حذفٍ ؛ وذلك أنّ البخاريّ إنّما قال في ( تاريخه )(1) : « تركناه حيّاً سنة اثنتي عشرة » فسقط من نسخة ابن حبّان لفظة «حيّاً» فتغيّر المعنى ، انتهى .
الرابع : أنّ ابن حبّان من المتعنِّتين المشَّدِّدين الذين يجرحون الراوي بأدنى جرحٍ ، ويُطلقون عليه ما لا ينبغي إطلاقه عند اُولي الألباب ، كأبي حاتمٍ والنسائيّ وابن معينٍ وابن القطّان ويحيى القطّان وغيرهم ، فإنّهم معروفون بالإسراف في الجرح والتعنّت فيه .
ومن كان من الجارحين هذا دَيْدَنه فإنّ توثيقه معتبر ، وجَرْحه مردود ، إلّا إذا وافقه غيره ممّن يُنصف ويُعتبر - كما قال أبو الحسنات عبد الحيّ اللكهنويّ في «الرفع والتكميل»(2) .
قلت : ولم يوافق ابنَ حبّان على جرحه الحسنَ بنَ صابرٍ أحدٌ - وللَّه الحمد - ممّن يُنْصف ويعتبر .
وقال أيضاً(3) : لا يحلّ لك أن تأخذ بقول كلّ جارحٍ في أيّ راوٍ كان ، وإن كان ذلك الجارح من الأئمّة ، أو من مشهوري علماء الاُمّة ، فكثيراً مّا يوجد أمر يكون مانعاً من قبول جرحه ، وحينئذٍ يُحكم بردّ جرحه ( انتهى ) .
وقال في ( الأجوبة الفاضلة )(4) : ابن حبّان له مبالغة في الجرح في‏ بعض المواضع .
ـــــــــــ
(1) التاريخ الكبير : 76/2 رقم‏1743 ، هدي الساري - مقدّمة فتح الباري - : 412 ، تهذيب التهذيب : 285/1 . (2) الرفع والتكميل : 274 . الرفع والتكميل : 265 (4) الأجوبة الفاضلة : 179 ..


قلت : حسبك شهادة هذا الخرّيت المتضلّع والناقد المضطلع سنداً لردّ جرح ابن حبّان وأمثاله من المتعنّتين المتشدّدين ، كيف لا «وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا»(1) .
الخامس : أن يقال : إنّ وصفَ ابن صابرٍ بكونه « منكَر الحديث » ماذا اُريد به ؟ فإن عنى أنّه روى حديثاً واحداً ، فهذا غلط فاحش ، لأنّ ابن حبّان - نفسه - روى له في كتاب ( المجروحين ) حديثاً آخر غير حديث الترجمة - كما مرّ - بل ظاهر قوله : «إنّه يروي عن أهل بلده» يعني الكوفة ؛ يقتضي تعدّد أحاديثه ، فتدبّر .
وإن قصد بقوله : «منكر الحديث» أنّه لا تحلّ الرواية عنه - كما حُكي عن البخاريّ - فإنّ ذلك جرح مبهم ، يُردّ عليه ، إذ لا يعرف للحسن بن صابرٍ ما يوجب ردّ حديثه جملةً ، بل لو صرّح ابن حبّان بذلك لم يؤخذ به ، فقد رُدّ عليه مثله - كما مرّ آنفاً - .
وإن أراد بذلك الفرد الذي لا متابِعَ له - كما أطلقه أحمد بن حنبل - فإنّه منقوض بمتابعة غيره له - كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى - .
على أنّه لا يلزم من روايته المناكير - لو سُلّم - أن يكون ممّن لا يُحتجّ به ، كما قال الذهبيّ بترجمة أحمد بن عتّابٍ المروزيّ من ( الميزان )(2) : ما كلّ مَن روى المناكير يُضعّف .
وقال شيخ الإسلام الحافظ ابن حجرٍ في ( لسان الميزان )(3) : لو كان مَن روى شيئاً منكراً استحقّ أن يُذكر في الضعفاء لَما سلم من المحدّثين أحدٌ ، لا سيّما المُكْثِر منهم ( انتهى ) .
ــــــــــ
(1) سورة يوسف 12 : 26 . (2) ميزان الاعتدال : 118,(3) لسان الميزان : 308/2 ./1 .

وقال ابن دقيق العيد : قولهم : «روى مناكير» لا يقتضي بمجرّده‏ ، ترك روايته ، حتّى تكثر المناكير في روايته (1)( انتهى ) .
قلت : وأنّى لابن حبّان بإثبات ذلك في حقّ الكسائيّ ؟ ومنه تعرف أنّ رميه الرجل بنكارة الحديث فيه تساهل ، بل هو منكر من القول وزور ، فلا ينبغي أن يُعرَّج عليه ، ولا يركن إليه ، واللَّه المستعان .
السادس : هب أنّ ابن حبّان مصيبٌ في قوله ، لكنّ رمْي الراوي بنكارة الحديث لا يوجب - بإطلاقه - ردّ حديثه ، والحكم عليه بالوضع - كما توهّم الخصوم - لأنّه لم يُتّهم بالكذب ، ولا بوضع الحديث .
قال الشيخ الإمام تقيّ الدين السُّبكي (2): إنّ ممّا يجب أن يُتنبّه له أنّ حُكم المحدّثين بالإنكار والاستغراب قد يكون بحسب تلك الطريق ، فلا يلزم من ذلك ردّ متن الحديث ، انتهى.

قلت : وكم من راوٍ قيل فيه « منكر الحديث » أو ما في معناه ، ومع ذلك احتجّ به الشيخان في الصحيحين ، وغيرهما من أرباب السنن من دون تَرَيُّثٍ ، ولا مبالاةٍ بما وُصم به ، وهاكَ منهم على سبيل الإجمال :
1 - أحمد بن شعيب بن سعيدٍ الحبطيّ ، روى له البخاريّ والنسائيّ وأبو داود . قال أبو الفتح الأزديّ : منكر الحديث ، غير مرضيٍّ .
2 - واُسَيْد بن زيدٍ الجمّال ، روى عنه البخاريّ في الرقاق .
قال ابن حبّان : يروي عن الثقات المناكير ، ويسرق الحديث ، بل قال ابن معينٍ : حدّث بأحاديث كذبٍ .
ـــــــــــــ
(1)فتح الملك العليّ : 135 . (2) شفاء السقام في زيارة خير الأنام : 29 .

 

3 - وتوبة ابن أبي الأسد العنبريّ ، روى له الشيخان وأبو داود والنسائيّ . قال الأزديّ : منكر الحديث .
4 - وحسّان بن حسّانٍ - وهو حسّان بن أبي عبّادٍ البصريّ - روى عنه البخاريّ . قال أبو حاتم : منكر الحديث .
5 - وحميد بن الأسود البصريّ ، روى له البخاريّ وأصحاب السنن .
قال أحمد بن حنبل : ما أنكر ما يجيء به !
6 - وخُثَيْم بن عراك بن مالكٍ الغفاريّ ، روى له البخاريّ ومسلم والنسائيّ . قا الأزديّ : منكَر الحديث .
7 – وعبد الرحمن بن شريح بن عبد الله بن محمودٍ المعافريّ ، احتّج به الجماعة . قال ابن سعدٍ : منكر الحديث .
8 - والمفضّل بن فضالة القتبانيّ المصريّ ، اتّفق الجماعة على الاحتجاج به . قال ابن سعدٍ : منكَر الحديث .
9 - وموسى بن نافعٍ الحنّاط ، روى له الشيخان والنسائيّ وأبو داود . قال أحمد بن حنبل : منكَر الحديث .

فلو كان قولهم : «منكَر الحديث» موجِباً لطرح حديث الراوي لَلَزم إبطال جملةٍ وافرةٍ من أحاديث الكتب الستّة وغيرها ، ولا يلتزم به أحدٌ منهم البتّة ، ولمّا أعلّ ابن الجوزيّ حديث أنسٍ - عند الترمذيّ - : «اللهمّ أحيني مسكيناً ، وأَمِتْني مسكيناً ، واحشرني في زمرة المساكين»(1) بقوله : لا يصحّ ، لأنّ فيه الحارث بن النعمان ، منكَر الحديث ؛ تُعُقِّب بأنّ ذلك لا يقتضي الوضعَ - كما في «تنزيه الشريعة المرفوعة» لابن عَرّاقٍ - .
ــــــــــــ
(1) تنزيه الشريعة المرفوعة : 304/2 .

 

فلو سلّمنا قولَ ابن حبّان في الحسن بن صابرٍ وصدّقناه ، فإنّ حديثه هذا ليس منكَراً ، لوجود المتابع له عليه ، فلا وجه لردّ حديثه جملةً .
نعم ، الوَصْم بنكارة المعنى ممّا لا يكاد يَسْلَم منه حديث ورد في فضائل الآل الأطهار ومناقبهم ، ولكن لا يضرّ السحاب نباحُ الكلاب .


وبالجملة :
فقوله في الرجل «منكَر الحديث» لا يدلّ على أنّ كلَّ ما رواه منكر حتّى هذا الحديث - كما مرّ عن الذهبيّ - بل جاز أن يُراد به أنّ له مناكير وقعت في أحاديثه ، كما قالوا ذلك في جماعةٍ ، كإبراهيم بن المنذر الحزاميّ ، والحكم بن عبد الله البصريّ ، والفضل ابن موسى السينانيّ ، ومحمّد بن إبراهيم بن الحارث التيميّ - الذي إليه المرجع في حديث «إنّما الأعمال بالنيّات» - ومحمّد ابن طلحة ابن مصرفٍ الكوفيّ .
وهؤلاء احتجّ بهم البخاريّ وغيره ، فتبيّن فساد رأي من ردّ الحديث من المتأخّرين اغتراراً بكلام ابن حبّان ، وانكشف وهن قول الألبانيّ : «إنّ الحسن هذا متّهم» ووهى‏ .
وكذا تعقّبه على المُناويّ - إذ أعلّ حديث الباب في ( فيض القدير )(1) بقول ابن حبّان المتقدّم - : بأنّ ذلك يقتضي أنّ إسناده ضعيف جدّاً ، وأنّ قوله في ( التيسير ) : «إسناده ضعيف» غاية في التقصير ، هذا مع جزمه قُبيل ذلك بأنّ الحديث موضوع .
ومن هنا تُذْعن بضعف هذا الألبانيّ في هذا العلم الشريف وقصوره فيه ، وعدم اتّباعه للمتقرِّر عند أهله ، إذ حكم على الحديث - أوّلاً - بأنّه موضوع - وهو شرّ الضعيف ، لأنّه لا درجة بعده مطلقاً - .
ــــــــ
‏(1) فيض القدير : 565/3 . سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة : 216ـ217/4 .


ثمّ ذكر أنّ إسناده ضعيف جدّاً ، وهذا تناقض عظيم ، وجهل كبير يعلمه طلبة ( نخبة الفكر ) ، لأنّ السند الضعيف لا يصل أن يكون به الحديث موضوعاً ، بل يحتمل أن يكون واهياً يرتفع إلى درجة الضعيف ، بخلاف الحديث الموضوع ، فإنّه لا يرتفع إلى درجة الضعيف مطلقاً ، ولا تنفع فيه المتابعات والشواهد - كما أفاد شيخنا ابن الصدّيق أدام اللَّه حراسته(1) .

السابع : أنّ ممّا يكاد أن يُقطع به أنّ ابن حبّان لم يقل في ابن صابرٍ : « منكر الرواية جدّاً عن الأثبات » إلّا لكونه كوفيّاً روى هذا الحديث في فضل ذِكْر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ عليه الصلاة والسلام ، وهذا - عنده - ذنبٌ لا يُغفر ، وحوبٌ لا يُستر ، وبمثله يُرمى الرجل بالتشيّع فيردّ حديثه .
وهذه عادة النواصب اللئام - قبّحهم اللَّه تعالى وأخزاهم - في أكثر ما روي من مناقب آل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وقلوبهم المُنكَرة تنكر ما ثبت من ذلك ، حتّى إنّ أحدهم إذا لم يجد مَطعناً في الإسناد قال - متعنّتاً - :
في النفس من هذا الحديث شي‏ءٌ ، أو : إنّ القلب ليشهد ببطلانه ، وما ذلك إلّا من جَفائهم للعترة الطاهرة المطهّرة ، وسعيهم في إطفاء نور اللَّه تعالى - والعياذ باللَّه - .

ومن تتبّع كلام الغَويّ الجوزجانيّ ، وابن قايماز التركمانيّ وأضرابهما من ألدّاء النواصب أذعن لما قلنا .
أمّا فضائل خصومهم - التي ما أنزل اللَّه بها من سلطانٍ- فلا ترى فيها شيئاً من ذلك التشدّد المقيت ، والتقوّل السخيف ، وهم أعلم الخلق بكذبها وبطلانها ، لكنّ حبّ الشيء يُعمي ويُصمّ ، وهوان آل محمّد صلى الله عليه وآله
ــــــــ
(1) بيان نكث الناكث : 34 .

 

وسلم على هؤلاء الأجلاف الجفاة حملهم على ذلك ، فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم .
هذا ، وأمّا قول السندروسيّ في كتابه ( الكشف الإلهيّ عن شديد الضعف والموضوع والواهي )(1) - في حديث الباب - : سنده واهٍ .
فليس بشيءٍ ؛ لأنّه فسّر الواهي : بأنّه ما يُوجد في سنده كذّابان أو أكثر ، قال : يعني في كلّ طريقٍ من طرقه ، ( انتهى )(2) .

وليت شعري ، كيف وهّى السندَ مع عدم اشتماله على كذّابٍ واحدٍ ، فضلاً عن كذّابَيْن ، فضلاً عن تحقّق ذلك في كلّ طريقٍ من طرقه ؟ ! فناقض بذلك نفسه !
وقد تحصّل - ممّا مرّ - أنّ ابن صابرٍ الكسائيّ غير مطعونٍ فيه ، وأنّ جرح ابن حبّان إيّاه بنكارة الحديث - مع تفرّده به ، واختلافهم في قبول الجارح الواحد - مردود عليه ، لما بيّنّا من حاله في جرح الرواة ، ومبلغ ذلك عند الأئمّة النقّاد .


فإن قال قائل : يلزم ممّا قرّرتَ أن يكون الحسن بن صابرٍ في عداد المجهولين .
قلنا: لا يضرّه ذلك ، لأنّ المراد : إمّا جهالة العين ، أو جهالة الوصف.
فإن اُريد جهالة العين - وهو غالب اصطلاح أهل هذا الشأن في هذا الإطلاق - فذلك مرتفع عنه ، لأنّه قد روى عنه عبد الله بن يزيد ، والفضل بن يوسف القصبانيّ ، وبرواية اثنين تنتفي جهالة العين ، فكيف برواية العراقيّين عنه - كما ذكر ابن حبّان في ترجمته - . مضافاً إلى أنّه عَرَفه فوصفه بما ذكره .
ــــــ
(1) الكشف الإلهيّ : 358/1 .
(2)الكشف الإلهيّ : 65/1 .

 

وإن اُريد جهالة الوصف ، فغاية الأمر أنّه مستور ، لأنّ ظاهر أمره على العدالة ، وقد قبل روايته - أعني المستورَ- جماعة بغير قيدٍ كأبي حنيفة - وتبعه ابن حبّان - إذ العدل عنده من لا يُعرف فيه الجرح(1) .
قال : والناس في أحوالهم على الصلاح والعدالة ، حتّى يظهر منهم ما يوجب الجرح - كما في «شرح الشرح» للقاري(2) .
قال أبو عمرو بن الصلاح : يشبه أن يكون العمل على هذا الرأي في كثيرٍ من كتب الحديث المشهورة في غير واحدٍ من الرواة الذين تقادم العهد بهم(3)، وتعذّرت الخبرة الباطنة بهم ، وصحّحه النوويّ في‏ ( شرح المهذّب ) - كما في «تدريب الراوي» (4) .
وقال في ( علوم الحديث ) : حكى الإمام أبو المظفّر السمعانيّ‏ وغيره عن بعض أصحاب الشافعيّ(5) : أنّه تُقبل رواية المستور وإن‏ لم تقبل شهادته .
قال ابن الصلاح : ولذلك وجه متّجه ( انتهى ) .
وقال أيضاً : الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستورٍ لم تتحقّق أهليّته ، غير أنّه ليس مغفّلاً كثير الخطأ في ما يرويه ، ولا هو متّهم بالكذب - أي لم يظهر منه تعمّد الكذب في الحديث - ولا سببٍ آخر مفسِّقٍ ، ويكون متن
ـــــــ
(1) كما في نزهة النظر - شرح «نخبة الفكر» للحافظ ابن حجر - : 100 ، فواتح الرحموت بشرح مسلَّم الثبوت : 146/2 . (2) شرح الشرح - للقاري - : 154 . (3) علوم الحديث : 112 . (4) تدريب الراوي في شرح تقريب النواويّ : 268/1 .

(5) وهو سُليم بن أيّوب الرازيّ - كما يُعلم من علوم الحديث : 33 . «علوم الحديث» : 112 - و «جمع الجوامع» - لابن السُبْكيّ - : 150/2 المطبوع مع «حاشية البنّانيّ» و «تدريب الراوي» - للحافظ السيوطيّ- : 268/1 وهو مذهب ابن فَوْرَك أيضاً ، كما في جمع الجوامع : 150/2 .


الحديث - مع ذلك - قد عُرف ، بأن رُوي مثله أو نحوه من وجهٍ آخر أو أكثر ، حتّى اعتضد بمتابعة مَن تابع راويه على مثله ، أو بما له من شاهدٍ - وهو ورود حديثٍ آخر بنحوه - فيخرج بذلك عن أن يكون شاذّاً أو منكراً (1).
قال : وكلام الترمذيّ على هذا القسم يتنزّل ؛ انتهى .
قلت : فجهالة حال ابن صابرٍ - بل حتّى التكلّم فيه بنكارة الحديث - لا تضرّه في المقام ، إذ قد تُوبع على حديثه هذا بمتابعتين :
إحداهما تامّة ، والاُخرى قاصرة ؛ بان بهما أنّه لم يتفرّد به .
فأمّا التامّة ، فقد رواها الإمام الحافظ الفقيه ابن المغازليّ في ( المناقب ) قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفّر بن العطّار - الفقيه الشافعيّ - بقراءتي عليه فأقرّ به . قلت : أخبركم أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان المزنيّ - الملقّب بابن السقّا - الحافظ الواسطيّ ، قال : حدّثني محمّد بن عليّ بن معمّر الكوفيّ ، حدّثنا حمدان بن المعافى‏ ، حدّثنا وكيع ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت :
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم : ذِكْرُ عليٍّ عبادة (2).
وأمّا القاصرة ، فقد رواها الرافعيّ في ( التدوين ) بترجمة كادح ابن جعفرٍ أبي عبد الله الزاهد الكوفيّ ، عن الحافظ الخليلي - صاحب «الإرشاد» - قال : حدّثني عبد الله بن محمّدٍ القاضي ، حدّثني محمّد ابن جعفرٍ الواسطيّ - ويُعرف بشعبة - حدّثنا يوسف بن يعقوب ، حدّثنا سليمان ابن الربيع ، حدّثنا كادحٌ ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت :
ـــــــــ
(1)علوم الحديث : 31 . (2) أحمد مناقب عليّ بن أبي طالبٍ عليه‏ السلام : 195 - 196 .


قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم : ذكر عليٍّ عبادةٌ (1).

وهاتان المتابعتان ثبت بهما خروج الحسن بن صابرٍ من عهدة الحديث ، وزالت عنه التهمة ، وظهر أنّه لا يدور عليه - خلافاً لما توهّمه المُبْطلون - وتبيّن أنّ رمي ابن حبّان إيّاه بنكارة الحديث ليس بشيءٍ .
ولنعم القول قول الحافظ شهاب الدين أحمد بن الصدّيق : إنّهم قد يتّهمون الراوي ويضعّفونه بحديثٍ يكون في الواقع بريئاً منه ، لوجود المتابعين له ، أو وجود المجاهيل في السند ، فوقه أو دونه .
قال : وكثيراً مّا يقع هذا لابن حبّان من المتقدّمين ، ولابن الجوزيّ من المتأخّرين ، وربّما وقع ذلك للذهبيّ أيضاً ( انتهى )(2) .

فإن قال قائلٌ : قد قرّروا أنّ الداعية إذا روى ما يؤيّد مذهبه فإنّ حديثه يُردّ بالإجماع .
قلنا : مع أنّه لم يثبت أنّ ابن صابر كان داعيةً - إذ ليس كلّ من كان على مذهبٍ فهو داعية إليه - فإنّ هذه حيلة احتالها النواصب - أعداء اللَّه وأعداء رسوله صلى الله عليه وآله وسلم - لردّ ما يرويه الثقات من أحاديث الفضائل والمناقب الواردة في عليٍّ وعترته الزكيّة ، فزعموا أنّ راويها إذا كان متشيّعاً فإنّ حديثه مردود ، ولكن هذا كلّه - واللَّه - باطلٌ من رأسه ، فلا تشيّع الراوي يوجب ردَّ حديثه ، ولا روايته في فضل عليٍّ وآله .
وهل يروي فضائلهم إلّا شيعتهم ومحبّوهم ؟ !
ـــــــ
(1) ‏التدوين في أخبار قزوين : 54/4 .
(2) فتح الملك العليّ : 118 .

وهل يُعقل أن يحدّث بها - عن طوعٍ - مَن عاداهم وناواهم ، ممّن أقام دهره على نصبهم وعداوتهم ؟ !
اللهمّ لا .
ولو كان تشيّع الراوي قادحاً لَما أخرج الشيخان في ( الصحيحين ) عن جماعةٍ من المتشيّعين ، وقد جمع الحافظ ابن حجرٍ أسماء من روى لهم البخاريّ منهم ، فسمّى نحو السبعين ، قال ابن الصدّيق : وما أراه استوعب (1).
وأمّا صحيح مسلمٍ ، ففيه أكثر من ذلك بكثيرٍ ، حتّى قال الحاكم : إنّ كتابه ملآن من الشيعة .
وقد روى الإمام أحمد في ( مسنده ) عن عبد الرزّاق بن همّامٍ الصنعانيّ ما لعلّه يبلغ نصف مسنده .
وحكى الذهبيّ في ( تذكرة الحفّاظ ) عن أبي أحمد الحاكم ، قال : سمعت أبا الحسين الغازيّ يقول : سألت البخاريّ عن أبي غسّان .
قال عمّ تسأل عنه ؟
قلت : شأنه في التشيّع .
فقال : على مذهب أئمّة أهل بلده الكوفيين ، ولو رأيتم عبيد اللَّه وأبا نعيمٍ وجميع مشايخنا الكوفيّين لما سألتموني عن أبي غسّان - يعني لشدّتهم في التشيّع – (2) .
واعترف الذهبيّ أيضاً في ( ميزان الإعتدال )(3) بترجمة أبان بن تَغْلِب : بأنّه لو رُدّ حديث المتشيّعين مطلقاً لذهبت جملة من الآثار النبويّة ، قال : وهذه مفسدة بيّنة . ‏
ـــــــــــ
(1)فتح الملك العليّ : 106 . (2) تذكرة الحفّاظ : 978/3 . (3) ميزان الاعتدال : 5/1 .


وقد قَبِلَ جماعةٌ من الأئمّة كالثوريّ وأبي حنيفة وأبي يوسف وابن أبي ليلى وآخرون رواية المبتدع مطلقاً ، سواء كان داعيةً أو لم يكن ، بل نُقل عن جماعةٍ من أهل الحديث والكلام قبول رواية المبتدعة - ولو كان كافراً ببدعته -.
واحتجّ الشيخان والجمهور بأحاديث الدُعاة كحريز بن عثمان ، وعمران بن حطّان ، وشبابة بن سوارٍ ، وعبد الحميد الحِمّاني وأضرابهم .
إذا تقرّر هذا ، تبيّن لك إغراب ابن حبّان والحاكم في حكاية الإجماع على اشتراط عدم كون الراوي داعيةً في قبول رواية المبتدع ، وهو باطلٌ في نفسه ، مخالفٌ لِما هم مجمعون عليه في تصرّفهم ، وإنّما نشأ ذلك عن تهوّرٍ وعدم تأمّلٍ - كما قال الحافظ أبو الفيض ابن الصدّيق - .
وأمّا اشتراط كونه روى ما لا يؤيّد بدعته : فهو من دسائس النواصب التي دسّوها بين أهل الحديث ليتوصّلوا بها إلى إبطال كلّ ما ورد في فضل عليٍّ عليه‏ السلام ، وذلك أنّهم جعلوا آية تشيّع الراوي وعلامة بدعته هو روايته فضائل عليٍّ عليه‏ السلام ، ثمّ قرّروا أنّ كلّ ما يرويه المبتدع ممّا فيه تأييدٌ لبدعته فهو مردود - ولو كان من الثقات - والذي فيه تأييد التشيّع - في نظرهم - هو فضل عليٍّ عليه‏ السلام وتفضيله ، فينتج من هذا أن لا يصحّ في فضله حديث - كما صرّح به بعض من ألقى جلباب الحياء عن وجهه من غلاة النواصب كابن تيميّة وأضرابه - .
قال الإمام الحافظ شهاب الدين أحمد بن الصدّيق في ( فتح الملك العليِّ بصحّة حديث باب مدينة العلم عليّ‏ عليه‏ السلام ) :
وقد راجت هذه الدسيسة على أكثر النُقّاد ، فجعلوا يُثبتون التشيّع برواية الفضائل ، ويجرحون راويها بفسق التشيّع ، ثمّ يردّون من حديثه ما كان في الفضائل ، ويقبلون منه ما سوى ذلك.
ولَعَمْري إنّها دسيسة إبليسيّة ، ومكيدة شيطانية ، كاد ينسدّ بها باب الصحيح من فضل العترة النبويّة ، لولا حكم اللَّه النافذ «وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ» سورة يوسف 12 : 21 . ، «يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى‏ اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» سورة التوبة 9 : 32 .
قال : وأوّل من علمته صرّح بهذا الشرط - وإن كان معمولاً به في عصره - إبراهيم بن يعقوب الجوزجانيّ ، وكان من غلاة النواصب ، بل قالوا : إنّه حَرِيزيّ المذهب ، على رأي حَرِيز بن عثمان وطريقته في النصب .
قال : وهذا الشرط لو اعتُبر لأفضى إلى ردّ جميع السُنّة ، إذ ما من راوٍ إلّا وله في الاُصول والفروع مذهبٌ يختاره ، ورأيٌ يستصوبه ويميل إليه ، ممّا غالبه ليس متّفقاً عليه ، فإذا روى ما فيه تأييدٌ لمذهبه وجب أن يردّ - ولو كان ثقةً مأموناً - لأنّه لا يُؤْمَن عليه حينئذٍ غلبة الهوى في نصرة مذهبه ، كما لا يُؤْمَن على المبتدع الثقة المأمون في تأييد بدعته .
فكما لا يُقبل من الشيعيِّ شي‏ءٌ في فضل عليٍّ عليه‏ السلام ، كذلك لا يقبل من غيره شي‏ءٌ في فضل أبي بكرٍ ، ثمّ لا يقبل ما فيه دليل التأويل ، ولا من السلفيِّ ما فيه دليل التفويض ، ثمّ لا يقبل من الشافعيِّ ما فيه تأييد مذهبه ، ولا من الحنفيِّ كذلك ، وهكذا بقيّة أصحاب الأئمّة الذين لم يخرج مجموع الرواة بعدهم عن التعلّق بمذهبٍ واحدٍ من مذاهبهم أو موافقته .
وحينئذٍ فلا يُقبل في بابٍ من الأبواب حديثٌ إلّا إذا بلغ رواته حدَّ التواتر ، أو كان متّفقاً على العمل به ، وذلك بالنسبة لخبر الآحاد وما هو مختلفٌ فيه قليلٌ .
وبذلك تُردّ السُنّة أو ينعدم المقبول منها ، وهذا في غاية الفساد ، فالمبنيّ عليه كذلك ، إذ الكلّ يعتقد أنّ مذهبه ورأيه صواب ، وكونه باطلاً وبدعةً في نفسه أمرٌ خارج عن معتقد الراوي ، ولهذا لم يعتبروا هذا الشرط ولا عرّجوا عليه في تصرّفاتهم أيضاً ، بل احتجّوا بما رواه الشيعة الثقات ممّا فيه تأييد مذهبهم . وأخرج الشيخان فضائلَ عليٍّ عليه‏ السلام من رواية الشيعة ، كحديث : «أنت منّي وأنا منك» أخرجه البخاريُّ(1) من رواية عبيد اللَّه بن‏ موسى العبسيّ - الذي أخبر عنه البخاريّ أنّه كان شديد التشيّع - .
وحديث : «لا يحبّك إلّا مؤمنٌ ولا يبغضك إلّا منافق» أخرجه مسلم(2) من رواية عدي بن ثابتٍ ، وهو شيعيٌّ غالٍ ، داعية .
وهكذا فعل بقيّة الأئمّة ، أصحاب الصحاح والسنن والمصنّفات الذين لا يخرّجون من الحديث إلّا ما هو محتجّ به ، وصرّحوا بصحّة كثيرٍ منها ، وذلك كثيرٌ لمتتبّعه ، دالٌّ على بطلان هذا الشرط (3)، انتهى .

وإنّما سُقتُ لك كلام هذا الإمام الخرّيت(3) - بطوله - لنفاسته ، وهو الحقّ الذي لا محيد عنه «فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّا تُصْرَفُونَ»سورة يونس 10 : 32 . ولم أرَ من سبقه إلى هذا التمحيص الأنيق ، فاشدد عليه يديك ، وعضّ عليه بناجذيك ، واللَّه الموفّق والمستعان .

ــــــــــ
(1) صحيح البخاري : كتاب الصلح - باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان بن فلان بن فلانٍ . .الخ - كتاب المغازي - باب عمرة القضاء .
(2) صحيح مسلم : كتاب الإيمان - باب الدليل على أنّ حبّ الأنصار وعليٍّ رضي اللَّه عنهم من الإيمان .
(1) فتح الملك العليّ : 109 .
(3) انظر في ذلك أيضاً : دراسات في الجرح والتعديل : 153/2 لمحمّد ضياء الدين الأعظميّ - ط دار الغرباء الأثريّة بالمدينة المنوّرة سنة ( 1417 ) .

 


فصل
البحث في سند الحديث الثاني‏

 

وأمّا حديث أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالبٍ عليه الصلاة والسلام ، فقد رواه محمّد بن زكريّا الغلابيّ ، عن جعفر بن محمّد بن عمارة ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّدٍ ، عن أبيه ، عن عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ عليه‏ السلام - في حديثٍ - قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم :
( النظر إلى عليِّ بن أبي طالبٍ عبادة ، وذِكْره عبادة ) (1).
فإن قيل :
الحمل في هذا الحديث على الغلابيّ ، لأنّه متّهم ، قال الدارقطنيّ : يضع الحديث .
قلت : هذا تعسّفٌ وإسرافٌ من الدارقطنيّ ، ولم يتابعه عليه أحدٌ ، بل إنّ الذهبيّ - على تعنّته وتشدّده - اقتصر في ( ميزان الإعتدال )(2) على تضعيفه ، وحكى عن ابن حبّان أنّه ذكره في ( الثقات ) وقال : يُعتبر بحديثه إذا روى عن ثقةٍ ، وقال : في روايته عن المجاهيل بعض المناكير ، وقال ابن مندة : تُكُلِّم فيه ( انتهى )(3) .
ـــــــ
(1) رواه ابن شاذان رحمه الله في «المناقب» المنقبة المائة / 163؛ ومن طريقه الخوارزميّ في المناقب : 2 ، والحمويني في فرائد السمطين : 19/1 ، وكذا أخرجه الصدوق ابن بابويه رحمه الله في الأمالي : 119 . )(2)ميزان الاعتدال : 550/3 . (3) ميزان الاعتدال : 550/3 - لسان الميزان : 169/5 .


ووجه طعنهم في الرجل غير خافٍ ، فإنّه كان من وجوه الشيعة بالبصرة ، وروى مناقب الآل وصنّف فيها .
قال ابن النديم في ( الفهرست ) : كان ثقةً صادقاً .
وفي ( مسند الشهاب )(1) : محمّد بن زكريّا الغلابيّ‏ رجلٌ حديثه حسن . ولو جاز الأخذ بقول الدارقطنيّ في الغلابيّ لجاز الأخذ بتضعيفه أبا حنيفة في الحديث(2) ، ولا يُجيزون الأخذ به البتّة ، بل يردّونه‏ عليه ، ويعدّونه بَغْياً منه وإسرافاً(3) .
فكذا ينبغي طرح جرحه لمحمّد ابن زكريّا . على أنّه لو صُدِّق لم يَجْرِ في ما نحن فيه ، لعدم انفراد الرجل بحديث الباب -كما عرفت- .
ولو سُلِّم قولهم بضعفه ، فإنّ حديثه - بانفراده - يكون ضعيفاً ، وهو وإن كان حجّةً في المناقب إلّا أنّه يشتدّ ويعتضد بغيره من الأحاديث المتقدّمة ، فترتقي بمجموعها إلى درجة الحسن - كما سيأتي بيان ذلك إن شاء اللَّه تعالى.
ــــــــ
(1) مسند الشهاب : 109/2 .
(2) كما في سنن الدارقطنيّ : 123/1 - باب ذكر قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «مَن كان له إمامٌ فقراءة الإمام له قراءة» ، واختلاف الروايات في ذلك . وقد تكلّم النسائيّ في أبي حنيفة ، كما في بعض نسخ «ميزان الاعتدال» وصفحة121 من «الرفع والتكميل» ، وكذا تكلّم فيه الخطيب البغداديّ في تاريخه ، وتبعه ابن الجوزيّ .
(3) فواتح الرحموت : 154/2 - الرفع والتكميل : صفحة70 وما بعدها .

تنبيه‏ :
يقوى في النفس - واللَّه أعلم - اتّحاد محمّد بن زكريّا الغلابيّ البصريّ مع محمّد بن زكريّا الأنصاريّ ، لوجوهٍ :
الأوّل : اتّحادهما في الكُنية - كالاسم - فقد كُنّي كلٌّ منهما في كتب
الرجال بأبي جعفرٍ .
الثاني : أنّ ابن مندة قال في الأنصاريّ : تُكُلِّم في سماعه ، وقد مرّ أنّه قال
في الغلابيّ : تُكُلِّم فيه ؛ ولعلّه يعني سماعَه .
الثالث : أنّهما سمعا عبد الله بن رجاء الغدانيّ .
الرابع : أنّ أبا الشيخ الأصبهانيّ روى عن الأنصاريّ ، وأبا القاسم الطبرانيّ عن الغلابيّ ، وأبو الشيخ والطبرانيّ متعاصران .
فإن ثبت ذلك ، فاعلم : أنّ أبا نعيمٍ قال في محمّد بن زكريّا الأنصاريّ : صاحب اُصولٍ جيادٍ صحاح(1) . فإن كان هو الغلابيّ فقد برى‏ء بهذا أيضاً من طعن الدارقطنيّ ، وإن كان طعنه باطلاً مردوداً في نفسه ، واللَّه المستعان .
ــــــ
(1) لسان الميزان : 168/5 .


فصل‏
البحث في سند الحديث الثالث

 

وأمّا حديث ابن عبّاسٍ رضى الله عنه :
فقد رواه صاحب ( الاختصاص )(2) عن أبي جعفرٍ الصدوق محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي ، قال : حدّثنا محمّد بن موسى المتوكّل ، عن محمّد بن أبي عبد الله الكوفيّ ، عن موسى بن عمران ، عن عمّه الحسين بن يزيد ، عن علي ابن سالمٍ ، عن أبيه [ سالم بن دينارٍ] عن سعد بن طريفٍ ، عن‏(3) الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت ابن عبّاسٍ يقول : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم :
( ذِكْر اللَّه عز ّوجلّ عبادة .
وذكري عبادة .
وذكر عليٍّ عبادة ..... )
- الحديث .
قلت : هذا الإسناد وإن كان ضعيفاً ـ لاشتماله على بعض الضعفاء والمجاهيل ـ غير إن ذلك لا يقتضي الوضع ، كما لا يخفى على أهل هذا الشأن ، بل يتقوى ويعتضد بالطرق الأخرى والله تعالى أعلم .
ــــــ
(2)الاختصاص : 223 – 224(3) كذا في النسخة المطبوعة .

 


المقام الثاني‏
الكلام في متن الحديث
 

اعلم : أنّ الحافظ جلال الدين السيوطيّ أورد هذا الحديث في ( الجامع الصغير ) عن ( مسند الفردوس ) ورمز لضعفه - كما مرّ - وقد ذكر في خطبة كتابه : أنّه صانه عمّا تفرّد به وضّاعٌ أو كذّابٌ ، وإن قيل : إنّه أخلّ بشرطه (1).
لكنّ الحافظ أبا الفيض شهاب الدين أحمد بن الصدّيق الحسنيّ الغُماريّ تعقّبه في ( المُغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير )(2)
فقال : لو روت عائشة هذا ما حاربت عليّاً عليه‏ السلام ( انتهى )(3) .
قلت : هذه زلّة عظيمة قد كنّا نربأ بصدورها عن مثله ، لكنّ الجواد قد يكبو ، والصارم قد ينبو ، والمعصوم من عصم اللَّه تعالى ، كيف لا ؟ ! وهذه دعوىً زائفةٌ فاسدة ، وحجّةٌ داحضة باردة ، لا تثبت عند البحث والتمحيص .
ـــــــــ
(1) وحكى الغُماريّ في ( المُداوي ) عن الكتّانيّ في ( الرسالة المستطرفة ) أنّه قال : إنّ السيوطيَّ انتخب الجامع الصغير وذيلَه؛ من جامعه الكبير؛ في أواخر عمره ، ولا شكّ في أنّه تحرّى فيهما الصحّة والحُسْن غاية جهده ، وأنّ الموجود من الضعيف فيهما لا يكون في غاية الضعف قطعاً ، مع أنّ الضعيف يُعمل به عند المحدّثين والاُصوليّين في فضائل الأعمال بشروطٍ مقرّرةٍ في محلّها ، ولا شكّ أنّه لم يذكر فيهما ما كان شديد الضعف ( انتهى ) . (2) المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير : 66 .
(3) أقول لم تعمل بقول الله تعالى : {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}الأحزاب33 ، وغيرها من الآيات الموجبة لإطاعة ولي الأمر أ تطع رسول الله .

وليس هذا منه إلّا محض تسرّعٍ ، وجرأةٍ في التهجّم والإقدام على ردّ الحديث بمجرّد التوهّم ، وما كان هذا شأنه ولا ديدنه في الحكم على الأحاديث ، بل قد عاب - هو - في كتابه ( فتح الملك العليّ )(1) جماعةً بذلك ، وتراه هنا قد تورّط فيه ، فنسأل اللَّه العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة ، آمين .
وظنّي أنّه عَزَبَ عن خاطره ساعةَ الكتابة على هذا الحديث مخالفات اُمّ المؤمنين عائشة لأحاديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ووصاياه ، وأعظمها إعلانها ومجاهرتها بنَبْذ كتاب اللَّه تعالى وراءَها ظِهريّاً يوم خرجت لقتال أمير المؤمنين وسيّد المسلمين عليه الصلاة والسلام ؛ بعسكر البغي الجرّار ، بعد ما أُمرت بالقرار - بنصّ الذكر الحكيم - في بيت النبيِّ المختار صلى الله عليه وآله وسلم راكبةً ذلك الجمل الأدبب ، وقد نبحتها كلاب الحوأب ، فقُتل ببغيها خلائق من المسلمين لا يُحْصَوْن .
ودَعْ عنك تحريضها على خلع عثمان ، وتأليبها على قتل ابن عفّان لمّا كانت تنادي : «اقتلوا نَعْثَلاً ، قتل اللَّهُ نعثلاً»(2) .
وسرورها بقتل خير خلق اللَّه تعالى بعد نبيّه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الذي حبّه علامة الإيمان ، وبغضه علامة النفاق - كما ثبت في الصحيح - وقولها - لمّا انتهى إليها ذلك - :

فألقَتْ عصاها واستقرّ بها النوى‏         كما قرّ عيناً بالإياب المسافر

ـــــــــ
(1)راجع : فتح الملك العليّ : 137 - 140 .
(2) راجع : شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - : 215/6 - 17/20 - 22 ، وتاريخ الطبري : 477/3 والنهاية - لابن الأثير - : 80/5 وتاج العروس : 141/8 والكامل في التاريخ : 260/3 .
وقولها - لمّا سألت عن قاتله ، فقيل : رجل من مرادٍ - :

فإن يكُ نائياً فلقد نعاه‏ غلامٌ        ليس في فيه الترابُ‏(1)

فهل كان ذلك - وأضعافٌ مضاعفة ممّا صدر عنها - موافقاً لما سمعته وروته عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ؟ ! نبِّؤُنا يا اُولي الألباب ! !
ولها مع أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام شؤون لا يحتمل هذا الجزء سردها ، فمن شاء فليقف عليها في مظانّها .
وإنّي لا أظنّ أنّ الغُماريَّ - سامحه اللَّه وعفا عنه وعنّا بمنّه وكرمه- لم يُحِط خُبْراً بما ذكرنا ، كيف ؟ ! وهو شيخ الصنعة المقدّم ، وأبو بَجْدتها وكبش كتيبتها بلا مدافعٍ ولا نكيرٍ ، ولستُ أدري ما حمله على ذلك ، والعلم عند اللَّه تعالى !
هذا ، ومن ألمَّ بطرفٍ من سيرتها مع أخي رسول اللَّه‏ صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمّه ، وأمعن في ذلك بدقّةٍ ، وأعطى الإنصاف حقّه ، عَلِمَ أنّ ما ردّ به هذا الشيخ حديث الباب من السذاجة بمكانٍ ناءٍ جدّاً ، ولم يكن متوقّعاً من مثله التفوّه بذلك ، إذ ليس بعزيزٍ على عائشة أن تروي حديثاً ثمّ تعمد إلى مخالفته ، كأنّه لم يطرق سمعها أبداً ، ولا حدّثت به من المسلمين أحداً ، وبسط الكلام في ذلك خارج عن وضع هذا المختصر .
وحسبك ما رواه الحسن بن عَرَفة قال : حدّثنا يزيد بن هارون ، قال : حدّثنا حُميد الطويل ، عن أنسٍ ، عن عائشة ، قالت : سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول :
« عليّ بن أبي طالبٍ خير البشر ، من أبى فقد كفر».
ـــــــ
(1) تاريخ الطبري : 115/4 - طبقات الصحابة : 3 القسم الأوّل ص‏27 - ومقاتل الطالبيّين : 26 .


فقيل لها : ولِمَ حاربتيه ؟ !
فقالت : واللَّه ما حاربته من ذات نفسي ، وما حملني على ذلك إلّا طلحة والزبير(1) .
فليس مخالفتها لحديثٍ ترويه دليلاً على بطلانه - كما لا يخفى - ، والذي ينبغي أن يقال لمن يتشبّث بتلك الحجّة لإبطال هذا الحديث : إنّ رواية عائشة له من أقوى الشواهد على صحّته وثبوته ، وللَّه دَرُّ مَن قال :

ومليحةٍ شهدت لها ضرّاتُها    والحُسن ما شهدت به الضرّاءُ
ومناقبٍ شهد العدوّ بفضلها     والفضلُ ما شهدت به الأعداءُ

ومن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيدٌ عَلِمَ لطفَ اللَّه تعالى في اشتهار هذا الحديث من طريق عائشة ، وللَّه في خلقه شؤون .
ولولا أنّ الحافظ الغُماريّ من أئمّة الحديث ، وحذّاق النُقّاد ؛ لَما أطنبنا معه في الكلام ، لكنّه أتى بكلامٍ غريبٍ استدعى المناقشة والمداقّة ، فبيّنّا - بحول اللَّه تعالى وقوّته - أنّه ليس بشي‏ءٍ عند المحاقّة .

ثمّ بعد تحرير هذا كتب إلينا شيخنا العلّامة المحدّث أبو اليسر جمال الدين عبد العزيز بن الصدّيق - حفّه اللَّه بالعناية والتوفيق - : أنّه تعقّب كلام شقيقه أبي الفيض في ( المغير ) بقوله : هذا لا يكفي في الدلالة على الوضع ، فقد تكون - يعني عائشة - نسيت أو تأوّلت .
وقد حاربه الزبير معها ونسي قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : «إنّك ستحاربه وأنت ظالم له»(2) ، حتّى ذكّره عليٌّ عليه‏ السلام فترك ، انتهى .
ــــــــ
(1) المناقب - لابن شاذان - : المنقبة السبعون / 130 .(2)المستدرك على الصحيحين : 366/3 ، فضائل الخمسة من الصحاح الستّة : 404/2 - 408 .
 

قلت : وهذا أيضاً يوهن حكم ذلك الإمام الحافظ ، ويُبطل جزمَه بوضع حديث الباب .
وأمّا قوله في ( المُداوي )(1) : إنّ هذا الحديث موضوع ، وضعه‏ الحسن بن صابرٍ ، فرواه عن وكيعٍ ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، ولا شيء من ذلك أصلاً ( انتهى ) .
فيدفعه : أنّ الحسن بن صابرٍ الكِسائيّ لم يَرْمِه أحدٌ بالوضع إلّا الغماريّ - سامحه اللَّه - .
وقد بيّنّا أيضاً أنّه لم ينفرد بهذا الحديث بل تابعه عليه غيره ، وأنّ حديثه قد ورد من غير طريقٍ ، فزالت عنه التهمّة ، واللَّه وليّ العصمة .
وأمّا الألبانيّ الشاميّ ، فله جرأة عظيمة في إطلاق دعوى الوضع على الأحاديث - كما لا يخفى على من وقف على كتبه - وقد حكم على هذا الحديث بالوضع ، زاعماً أنّ متنه ظاهر الوضع(2) .
ولعلّه يريد - بزعمه - نكارة معناه ، فإنّ الحفّاظ يحكمون بوضع الحديث لنكارة معناه مع ثقة رجاله ، لكنّها دعوىً باطلة .
فأيّ نكارةٍ في كون ذِكْر أمير المؤمنين ويعسوب الدين عليّ بن أبي طالبٍ عليه الصلاة والسلام بالترضّي عنه ، أو بذكر مناقبه وفضائله ، أو بنقل كلامه وتقرير مواعظه وأذكاره وأحكامه ، أو برواية الحديث عنه ، أو نحو ذلك؛ عبادة اللَّه تعالى التي يُثيب عليها (3) ، كما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله :
ـــــــ
(1) المُداوي لعلل الجامع الصغير وشرحَي المُناويّ : 83/4 . (2)سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة : 216/4 - ضعيف الجامع الصغير : 448 . (3) كما في فيض القدير - شرح الجامع الصغير - : 565/3 .
 

«النظر إلى عليٍّ عبادة» و «النظر إلى الكعبة عبادة»(1) و «انتظار الفرج من اللَّه عبادة» و «انتظار الفرج بالصبر عبادة» و «ذكر الأنبياء عبادة» و «الصمت أرفع العبادة» وأشباه ذلك ونظائره ممّا ورد في السُنّة ، فلا يُنْكِر ذلك إلّا ذو قلبٍ مهيضٍ ، وطَرْفٍ مريضٍ ، «خَتَمَ اللَّهُ عَلَى‏ قُلُوبِهِمْ وَعَلَى‏ سَمْعِهِمْ وَعَلَى‏ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ»(2)
وكم أنكر هذا المتسلِّف من أحاديث ثابتةٍ في فضل عليٍّ عليه‏ السلام دفعاً بالصدر ، وتقليداً لأسلافه النواصب كالذهبيّ وابن تيميّة وأضرابهما ممّن لم يألوا جُهداً في إطفاء نور اللَّه تعالى «وَيَأْبَى‏ اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ»(3)
وكان الشيخ العلّامة المحدّث أبو الفيض أحمد بن الصدّيق قد خالط هذا الألبانيّ مدّةً استكشف فيها مكنون سريرته ، واستبان حاله ، وعرف خبث طويّته ، فقال فيه - وهو الصادق في قوله - : خبيث الطبع ، وهّابيٌّ ، تيْميٌّ جَلْد . . . إلى آخره . وقال فيه أيضاً : إنّه في العناد - والعياذ باللَّه - خلَف الزمزميّ . . إلى آخره (4).
ولا بِدْعَ ممّن نَهَج سبيل ابن قايماز الذهبيّ التركمانيّ ، وكان على مذهب ابن تيميّة الحرّانيّ؛ أن يردّ مثل هذا الحديث ، فإنّ العِرْق دسّاسٌ والأصل خبيث .
ومن وقف على كتابه في الأحاديث الضعيفة والموضوعة تبيّن له كيف ادّعى الوضع - بمجرّد التشهّي - في أحاديث صحّحها أو حسّنها الأيقاظ من أئمّة الحديث وجهابذة الحفّاظ ، وبادر هو إلى إبطالها وإنكارها من غير تروٍّ ولا
ـــــــ
(1) وقد جمع شيخنا العلّامة ابن الصدّيق طرق هذا الحديث وصحّحه في جزءٍ لطيف سمّاه «الإفادة» أجاد فيه وأفاد . (2) سورة البقرة 2: 7. (3) سورة التوبة 9 : 32 . (4) .سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة : 6/4 .


تثبّتٍ ، ومن دون إستقصاءٍ ولا جمعٍ لطرقها ومتونها ، وهذا شأن من يُلقي بنفسه في كلّ وادٍ «وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ» . سورة الرعد 13 : 33 .
ومن ثمّ لا يجوز التعويل على أحكامه ، ولا الاسترواح إلى نقضه وإبرامه؛ من دون تثبّتٍ وتحقيقٍ ، وقد تعقّبه جماعة من أهل العصر وبيّنوا أخطاءه في كثيرٍ من أحكامه .
وكأنّه حلّ في هذا الزمان محلّ ابن الجوزيّ الذي صار يُضرب به المثل - عند فرسان هذا الميدان - في تسرّعه بردّ الأحاديث ، حتّى الصحيح الثابت منها.
بل إنّ أبا الفرج - مع تساهله الذائع في إطلاق الوضع على الأحاديث - لم يورد هذا الحديث لا في ( الموضوعات ) ولا في ( الواهيات ).
ولا هو مذكورٌ في شي‏ءٍ من كتب الموضوعات التي وقفتُ عليها - غير ما ذكرنا - ك ( اللآلى‏ء المصنوعة ) و ( تذكرة الموضوعات ) و ( الأسرار المرفوعة ) و ( الفوائد المجموعة ) و ( اللؤلؤ المرصوع ) وغيرها ، ولو كان موضوعاً - حقّاً - لما فات هؤلاء وغيرهم ممّن صنّف في الأحاديث الموضوعة ، ولا ذُهلوا عن إيراده في كتبهم - مع حرصهم على جمعها ، وتحرّيهم لضبطها وحصرها - .
وكفاك شاهداً على قصور باع الألبانيّ - في هذا الشأن - أنّه قال في حديث ابن عمر ، قال رسول اللَّه ‏صلى الله عليه وآله وسلم : «اتّبعوا السواد الأعظم ، فإنّ من شذّ شذّ في النار» : لم أجده في شي‏ءٍ من كتب السُنّة المعروفة ، حتّى الأمالي والفوائد والأجزاء التي مررت عليها ( انتهى )(1).
وهذا الحديث أخرجه الحاكم في ( المستدرك على الصحيحين )(2) عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم : «لا يجمع اللَّه‏ هذه
ـــــــ
(1) مشكاة المصابيح : 62/1 . المستدرك على الصحيحين : 115/1 .
 

الاُمّة على الضلالة أبداً» وقال : «يد اللَّه على الجماعة ، فاتّبعوا السواد الأعظم ، فمن شذّ شذّ في النار»(1) . فمن كان هذا مبلغ علمه ، كيف يُلقى عنان الانقياد إلى حكمه - كما اغترّ به بعض المتسلِّفين الأجلاف في هذا العصر - ؟ ! وحيث انجرّ الكلام إلى هنا ، فلا بأس بسرد مقالةٍ صَدَعَ بها الإمام الحافظ صلاح الدين العلائيّ ، فإنّ فيها موعظةً وذكرى للمتّقين ، ونصيحةً لمن أراد الحكم والتكلّم على الأحاديث بيقين .
قال في ( النقد الصحيح لما اعتُرض عليه من أحاديث المصابيح )(2) : الحكم على الحديث بكونه موضوعاً من المتأخّرين‏ عَسِرٌ جدّاً ، لأنّ ذلك لا يتأتّى إلّا بعد جمع الطرق وكثرة التفتيش ، وأنّه ليس لهذا المتن سوى هذه الطريق الواحدة ، ثمّ يكون في رواتها من هو متّهم بالكذب ، إلى ما ينضمّ إلى ذلك من قرائن كثيرةٍ تقتضي للحافظ المتبحّر الجزم بأنّ هذا الحديث كذبٌ .
قال : ولهذا انتقد العلماء على الإمام أبي الفرج ابن الجوزيّ في كتابه ( الموضوعات ) وتوسّعه بالحكم بذلك على كثيرٍ من الأحاديث ليست بهذه المثابة . . . إلى آخر كلامه . ولو كان هذا الألبانيّ فتّش عن حديث الباب وفحص عنه بصدقٍ وسلامة نفسٍ لوجده مرويّاً من غير طريقٍ كما وجدناه لكنّ التعصّب والنصب قد أصمّاه وأعمياه ، حتّى اتّهم به الحسن بن صابرٍ الكسائيّ ، وظنّ أنّ الحديث يدور عليه ، لكن قد تبيّن لك بطلانه فيما مضى ، فاللَّه المستعان .
ــــــــ
(1) تعليق للمحاور حتى ولو سيطر على الأمة كل فاجر لا يعرف حرمة لدين الله وكان الناس في طاعته لخوف جوره ، ولتعرف هذه الخدعة التي طرحها بني أمية والممهدين لهم وأذنابهم أنظر صحيفة الإمام الحسين وصحيفة ذكر الإمام علي عبادة الكاملة في موقع موسوعة صحف الطيبين ، أقول لم يرتضي الحديث لأنه لم يجده لقلة تتبعه وإلقاء الكلام من غير تحقيق لا أنه لم يرضى به وهو يوافق مذهبه ويؤيد من يدعي نصر الحاكم الظالم كما هم عليه من الدين . (2) النقد الصحيح لما اعتُرض عليه من أحاديث المصابيح30.

 

الخاتمة
نسأل اللَّه تعالى حُسنها

 

قد تحصّل - ممّا مرّ - أنّ الحديث بمقتضى الصناعة حسنٌ لغيره .
قال أبو عيسى الترمذيّ في كتاب ( العلل ) : كلّ حديثٍ يُروى ، لا يكون في إسناده من يتّهم بالكذب ، ولا يكون الحديث شاذّاً ، ويُروى من غير وجهٍ نحو ذلك فهو عندنا حديث حسن (1).

وقال الحافظ جلال الدين السيوطيّ في ( النكت البديعات على الموضوعات ) (2) : المتروك والمنكر إذا تعدّدت طرقه ارتقى إلى‏ درجة الضعيف القريب ، بل ربّما يرتقي إلى الحسن .
فإن أبى متعنّتٌ إلّا الحكم بضعفه ، تقليداً للحافظ السيوطيّ ومن دَرَجَ على ذلك ممّن جاء بعده من المقلِّدين الذين لا يُستجاز الاستدلال بكلامهم ، لأنه بمنزلة العدم .
قلنا : لو كان ضعيفاً لكان قريب الضعف ، ولو كان شديد الضعف فلا دليل على كونه موضوعاً .
وقد نقل الحافظ شمس الدين السخاويّ في ( شرح التقريب ) عن سيف الدين أحمد بن أبي المجد أنّه قال : أطلق ابن الجوزيّ الوضع على أحاديث لكلام بعض الناس في رواتها ، كقوله : فلانٌ ضعيف ، أو : ليس بالقويّ ، ونحوهما .
ــــــ
(1) سنن الترمذيّ : 758/5 . (2) النكت البديعات على الموضوعات : 299 .
 

وليس ذلك الحديث ممّا يشهد القلب ببطلانه ، ولا فيه مخالفة لكتابٍ ولا سُنّةٍ ولا إجماعٍ ، ولا ينكره عقلٌ ولا نقلٌ ، ولا حجّة معه سوى كلام ذلك الرجل في رواته ، وهذا عدوان ومجازفة(1) ، انتهى .
قلت : ونظير ذلك صنيع بعض الناس في إطلاق الوضع على هذا الحديث ، مع أنّه لم يقدح في راويه إلّا ابن حبّان بقوله : «منكر الرواية جدّاً» وقد تكلّمنا على هذا الجارح وجرحه - في ما سلف - .
وشتّان بين هذا وبين قول الحافظ السخاويّ : إنّ مجرّد اتّهام الراوي بالكذب - مع تفرّده - لا يسوّغ الحكم بالوضع ، ولذا جعله شيخنا - يعني الحافظ ابن حجرٍ - نوعاً مستقلاًّ وسمّاه «المتروك» وفسّره : بأن يرويه من يُتّهم بالكذب ، ولا يُعرف ذلك الحديث إلّا من جهته ، ويكون مخالفاً للقواعد .
قال : وكذا من عُرف بالكذب في كلامه - وإن لم يظهر وقوعه منه في الحديث - وهو دون الأوّل (2)، انتهى .
قلت : هذا هو التورّع في الحكم على الأحاديث ، دون التسرّع والاقتحام من غير تدبّرٍ وإمعانٍ وتتبّعٍ .
فإذا كان الحديث قد تدنّى وانحطّ إلى هذه المرتبة - ومع ذلك لم يَجُزْ إطلاق الوضع عليه - فعدم جواز إطلاقه على حديث الباب - الذي لم يُتّهم أحدٌ من رواته بالكذب - أولى وأحرى - كما لا يخفى على من أنصف من نفسه - واللَّه يحقّ الحقّ وهو يهدي السبيل .
هذا ، مع إطباق جمهور الفقهاء والاُصوليّين والحفّاظ على أنّ الحديث الضعيف حجّة في المناقب كما أنّه حجّة في فضائل الأعمال بإجماع من يُعتدّ به .
ــــــ
(1) (2)تنزيه الشريعة المرفوعة : 10/1 .


وإذا ثبت ذلك لم تَبْقَ شبهة لمعاندٍ ، ولا مَطْعن لحاسدٍ ، بل وجب على كلّ من له أهليّةٌ أن يُقرّ هذا الحقّ في نصابه ، وأن يردّه إلى إهابه ، وأن لا يصغي إلى تُرّهات المضلّين ، ونزغات المبطلين .

فإنّ الحكم بالوضع على هذا الحديث مبالغة وإسراف ، وإفراط واعتساف ، نسأل اللَّه تعالى السلامة من خزي الدنيا وعذاب يوم القيامة ، إنّه سبحانه سميع مجيب ، وما توفيقي إلّا باللَّه عليه توكّلت وإليه اُنيب .
وكان الفراغ من جمع هذا الجزء وتنميقه ، وتحريره وتنسيقه ، منتصف ليلة الجمعة المباركة ، ثامن عشر شهر صفرٍ ، خُتم بالخير والظفر ، من شهور سنة ( 1417 ) سبع عشرة وأربعمائة وألف من الهجرة النبويّة ، على مهاجرها أفضل صلاةٍ وأزكى تحيّةٍ ، بدار العلم ومَعْقِل الإيمان ، بلدة «قم» الطيّبة صينت عن نوائب الزمان؛ على يد الفقير إلى اللَّه تعالى خادم الحديث الشريف والسُنّة المطهّرة ، الحسن ابن صادق بن هاشمٍ الحسينيّ آل المجدِّد الشيرازيّ ، غفر اللَّه تعالى له ولوالديه ، ورَحِمَ ذُلَّه يوم الوقوف بين يديه ، آمين اللهمّ آمين .
والحمد للَّه ربّ العالمين ، وصلّى اللَّه وسلَّم على سيّدنا ونبيّنا محمّدٍ ، وعلى آله الطيّبين الطاهرين ، وصفوة صحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

مصادر كتاب الإبادة لحكم الوضع على ذكر علي عبادة :
1 - الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة : لمحمّد عبد الحيّ اللكهنويّ ، تحقيق عبد الفتّاح أبو غدّة - ط مكتب المطبوعات الإسلامية - الطبعة الثانية ، سنة ( 1404 ).
2 - الاختصاص : للإمام المجدّد الشيخ المفيد - الطبعة الاُولى سنة ( 1379 ) - ط مطبعة الحيدريّ بطهران - تحقيق علي أكبر الغفّاريّ .
3 - أمالي الصدوق : لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي - ط مؤسّسة الأعلميّ - بيروت ، الطبعة الخامسة ، سنة ( 1400 ) .
4 - بيان نكث الناكث المتعدّي بتضعيف الحارث : لشيخنا العلّامة المحدّث السيّد عبد العزيز بن محمّد بن الصدّيق الغُماريّ الحسنيّ - الطبعة الثانية ، سنة ( 1405 ) .
5 - تاريخ دمشق ( ترجمة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ عليه‏ السلام ) : لابن عساكر ، تحقيق الشيخ محمّد باقر المحموديّ - ط مؤسّسة المحموديّ - بيروت .
6 - تدريب الراوي في شرح تقريب النواويّ : لجلال الدين السيوطيّ ، تحقيق أحمد عمر هاشم - ط دار الكتاب العربيّ - بيروت ، سنة ( 1414 ) .
7 - التدوين في أخبار قزوين : لعبد الكريم بن محمّد الرافعيّ القزوينيّ - تحقيق الشيخ عزيز اللَّه العطارديّ - تصوير دار الكتب العلميّة ببيروت ، سنة ( 1408 ) .
8 - تذكرة الحفّاظ : للحافظ شمس الدين الذهبيّ ، ط حيدر آباد ، سنة ( 1377 ) .
9 - تقريب التهذيب : للحافظ ابن حجر العسقلانيّ ، تحقيق محمّد عوّامة - ط دار الرشيد - سوريا ، الطبعة الرابعة ، سنة (1412) .
10 - تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة : لأبي الحسن علي بن عَرّاق الكنانيّ ، تحقيق عبد الوهّاب بن عبد اللطيف ـ ط دار الكتب العلميّة بيروت .
11 - تهذيب التهذيب : للحافظ ابن حجر العسقلانيّ ، ط دار إحياء التراث العربي - بيروت - سنة ( 1412 ) .
12 - التيسير بشرح الجامع الصغير : لعبد الرؤوف المُناويّ .
13 - الثقات : لابن حبّان - ط حيدر آباد - الطبعة الأولى ، سنة ( 1393 ).
14 - الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير : للسيوطيّ ، طبعة دار الفكر - بيروت - سنة ( 1401 ) .
15 - جمع الجوامع : لعبد الوهّاب السُبْكيّ ، المطبوع مع حاشية البنّانيّ - ط دار إحياء الكتب العربيّة - مصر .
16 - الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السُنّة المشرّفة : للمحدّث الشريف محمّد بن جعفر الحسنيّ الكتّانيّ - تصوير دار البشائر ، بيروت - سنة ( 1414 ) .
17 - الرفع والتكميل في الجَرْح والتعديل : لمحمّد عبد الحيّ اللكهنويّ ، تحقيق عبد الفتّاح أبو غُدّة - ط مكتب المطبوعات الإسلاميّة - الطبعة الثالثة ، سنة ( 1407 ) .
18 - شفاء السقام في زيارة خير الأنام : لعليّ بن عبد الكافي السُبْكيّ - ط حيدر آباد - الطبعة الثانية ، سنة ( 1402 ) .
19 - ضعيف الجامع الصغير وزيادته:لمحمّد ناصر الدين الألبانيّ،الطبعة الثالثة سنة1410.
20 - علوم الحديث : لأبي عمرو بن الصلاح ، تحقيق نور الدين عِتِرْ - ط دار الفكر - دمشق ، سنة ( 1406 ) .
21 - فتح الملك العليّ بصحّة حديث باب مدينة العلم عليّ : للإمام الحافظ المحدّث أحمد بن محمّد بن الصدّيق الحسنيّ المغربيّ ، ط النجف بتحقيق الأمينيّ .
22 - فرائد السمطين في فضائل الرسول والبتول والمرتضى والسبطين‏ عليهم ‏السلام : لمحمّد بن إبراهيم الحمويّ ، ط بيروت بتحقيق المحموديّ ، سنة ( 1400 ) .
23 - فضائل الخمسة من الصحاح الستّة : للعلّامة الفيروزآباديّ ، ط مؤسّسة الأعلميّ - بيروت - الطبعة الرابعة ، سنة ( 1402 ) .
24 - فواتح الرحموت بشرح مسلّم الثبوت : لمحمّد بن نظام الدين الأنصاريّ ، المطبوع بهامش المستصفى - ط المطبعة الأميريّة بمصر ، سنة ( 1325 ) .
25 - فيض القدير شرح الجامع الصغير : لعبد الرؤوف المناويّ ، ط مصر سنة 1357 .
26 - كتاب المجروحين من المحدّثين والضعفاء والمتروكين : لابن حبّان ، توزيع دار الباز بمكّة المكرّمة ، تحقيق محمود إبراهيم زايد .
27 - الكشف الإلهيّ عن شديد الضعف والموضوع والواهي : لمحمّد بن محمّد بن محمّد الحسينيّ الطرابلسيّ السندروسيّ ، ط مكتبة الطالب الجامعيّ بمكّة المكرّمة ، تحقيق محمّد محمود أحمد بكّار .
28 - لسان الميزان : للحافظ ابن حجر العسقلانيّ - ط حيدر آباد - سنة ( 1331 ) .
29 - المُداوي لعلل الجامع الصغير وشرحَي المُناويّ : للحافظ أحمد بن محمّد بن الصدّيق الغُماريّ - الطبعة الاُولى ، المكتبة المكّية - تحقيق : مصطفى صبري .
30 - المستدرك على الصحيحين : للحاكم النيسابوريّ - ط حيدر آباد سنة 1344 .
31 - مسند الشهاب : للقاضي القضاعيّ ، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفيّ .
32 - مشكاة المصابيح : للخطيب التبريزيّ ، تحقيق محمّد ناصر الدين الألبانيّ ، منشورات المكتب الإسلاميّ بدمشق ، ط سنة (1382 ) .
33 - المُغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير : لأبي الفيض أحمد بن محمّد بن الصدّيق الغماريّ الحسنيّ - ط دار الرائد العربيّ - بيروت ، سنة ( 1402 ) .
34 - مائة منقبة من مناقب عليّ بن أبي طالبٍ عليه‏ السلام : لأبي الحسن ابن شاذان القمّي ، ط الدار الإسلاميّة ، بيروت الطبعة الاُولى سنة 1409 تحقيق نبيل رضا علوان .
35 - مناقب عليّ بن أبي طالبٍ عليه‏ السلام : للفقيه ابن المغازليّ ، ط دار الأضواء - بيروت - الطبعة الثانية ، سنة ( 1412 ) .
36 - المناقب : للموفّق بن أحمد الخوارزميّ - ط المطبعة الحيدريّة - النجف الأشرف ، سنة ( 1385 ) .
37 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال : للحافظ شمس الدين الذهبيّ ، تحقيق عليّ محمّد البِجاويّ - ط دار المعرفة - بيروت .
38 - نُزْهة النظر في توضيح نخبة الفِكَر في مصطلح أهل الأثر : للحافظ ابن حجر ، تحقيق نور الدين عتر - ط دار الخير - الطبعة الثانية - سنة ( 1414 ) .
39 - النقد الصحيح لما اعتُرِض عليه من أحاديث المصابيح : للحافظ صلاح الدين العلائيّ ، ط دار مسلم ، بتحقيق محمود سعيد ممدوح - الطبعة الاُولى - سنة 1410 .
40 - النُّكَت البديعات على الموضوعات : لجلال الدين السيوطيّ ، تحقيق عامر أحمد حيدر ، ط دار الجنان - الطبعة الاُولى - سنة ( 1411 ) .
41 - هَدْي الساري - مقدّمة فتح الباري : للحافظ ابن حجر العسقلانيّ - ط دار الريّان للتراث - مصر ، سنة ( 1407 ) .