[561]
" والصمد " بالفتح القصد وناصبه محذوف والتأكيد للتحريص على قصد
العدو والصبر على الجهاد أو التقرب إلى الله تعالى وإخلاص النية في الاعمال
التي من جملتها الجهاد .
وانجلى الشئ وتجلى أي انكشف وظهر و " عمود الخلق " لعله التشبيه بالفجر
الاول وفيه إشعار بعدم الظهور لاكثر القوم كما ينبغي " وأنتم الاعلون " الواو
للحال أي الغالبون على الاعداء بالظفر أو بأ ؟ ؟ كم على الحق والله معكم أي
بالنصر والحياطة أو لانكم أنصاره " ولن يتركم " أي لا ينقصكم الله جزاء
أعمالكم بل يوفيكم أجوركم .
وقيل أي لا يضيع أعمالكم من وترت الرجل
إذا قتلت له حميما ولعل حاصل المعنى : اقصدوا ربكم بأعمالكم التي منها جهاد
أعدائكم وأخلصوا نياتكم حتى ينجلي لكم أنكم على الحق كما قال تعالى :
* ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) * والجملة الحالية
تفيد أنهم على الحق ومن أنصار الله وحزبه .
أو أقصدوا أعداءكم بتصميم العرم حتى يظهر آية النصر وينجز الله لكم
ما وعد من الظفر ووعده الحق .
ويمكن أن يراد بالحق الطريقة المستقيمة وأن يكون الظفر سببا لظهوره
للقوم .
466 - نهج ومن كلام له عليه السلام وقد سمع قوما من أصحابه
يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين :
-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 561 سطر 19 الى ص 569 سطر 18
إني أكره لكم أن تكونوا سبابين ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم
كان أصوب في القول وأبلغ في العذر فقلتم مكان سبكم إياهم : اللهم احقن
دماءنا ودماءهم وأصلح ذات بيننا وبينهم واهدهم من ضلالتهم حتى يعرف
الحق من جهله ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به .
بيان : قوله عليه السلام : وأبلغ في العذر أي العذر في القتال معهم أو
في إتمام الحجة عليهم وإبداء عذر الله تعالى في عقابهم .
___________________________________________________________
466 - رواه السيد الرضي رحمه الله في المختار : ( 206 ) من كتاب نهج البلاغة .
( * )
[562]
وفي النهاية : حقنت له دمه إذا منعت من قتله .
وإراقته أي جمعته له وحبسته
عليه و " يرعوي " أي يرجع ويكف .
واللهج بالشئ : الولع به .
وقد لهج
بالكسر : أغرى به .
467 - نهج ومن كلام له عليه السلام في بعض أيام صفين ( 1 ) وقد رأى
الحسن يتسرع إلى الحرب : أملكوا عني هذا الغلام لا يهذني فإني أنفس بهذين
يعني - الحسن والحسين عليهما السلام - على الموت لئلا ينقطع بهما نسل رسول
الله صلى الله عليه وآله .
قال السيد الرضي : وقوله عليه السلام : وأملكوا عني هذا الغلام .
من
أعلى الكلام وأفصحه .
بيان :
في أكثر النسخ " ملكوا " بفتح الهمزة وقال ابن أبي الحديد : الالف في
" أملكوا " ألف وصل لان الماضي ثلاثي من ملكت الفرس والدار أملك
بالكسر أي احجروا عليه كما يحجر المالك على مملوكه و " عن " متعلقة
محذوف وتقديره استولوا عليه وأبعدوه عني ولما كان الملك سبب الحجر عبر
بالسبب عن المسبب .
ووجه علو هذا الكلام وفصاحته أنه لما كان في " أملكوا " معني العبد
أعقبه بعن وذلك أنهم لا يملكونه دونه إلا وقد أبعدوه عنه .
قوله : " لا يهدني "
أي لئلا يهدني وهد البناء : كسره .
ونفست به بالكسر أي بخلت به .
468 - كا : في حديث مالك بن أعين قال : حرض أمير المؤمنين عليه
السلام الناس بصفين فقال : إن الله عز وجل قد دلكم على تجاره تنجيكم من
___________________________________________________________
( 1 ) كذا في جميع ما رأيناه من نسخ نهج البلاغة ، وفي طبع الكمباني من البحار : " قال عليه
السلام وقد راى الحسن ... " .
468 - رواه ثقة الاسلام الكليني أعلى الله مقامه في الحديث : ( 4 ) من الباب ( 15 )
من كتاب الجهاد من الكافي : ج 5 ص 39 .
والكلام في أكثر فقراته موافق للبحار : ( 122 ) من كتاب نهج البلاغة .
( * )
[563]
عذاب أليم وتشفي بكم على الخير والايمان بالله والجهاد في سبيل الله وجعل
ثوابه مغفرة للذنب ومساكن طيبة في جنات عدن وقال عزوجل : * ( إن الله
يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) * [ 4 / الصف : 61 ]
فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص فقدموا الدارع وأخروا الحاسر وعضوا على
النواجذ فإنه أنبأ للسيوف عن الهام والتووا على أطراف الرماح فإنه أمور
للاسنة وغضوا الابصار فإنه أربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الاصوات
فإنه أطرف للفشل وأولى بالوقار ولا تميلوا براياتكم ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلا
مع شجعانكم فإن المانع للذمار والصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ
ولا تمثلوا بقتيل .
وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا ، ولا تدخلوا دارا ، ولا
تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم ولا تهيجوا امرأة بأذى وإن
شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم فإنهن ضعاف القوى والانفس
والعقول وقد كنا نؤمر بالكف عنهن وهن مشركات وإن كان الرجل ليتناول
المرأة فيعير بها وعقبه من بعده .
واعلموا أن أهل الحفاظ هم الذين يحفون براياتك ويكتفونها ويصبرون
حفافيها وورائها وأمامها ولا يضيعونها لا يتأخرون عنها فيسلموها ولا يتقدمون
عليها فيفردوها .
رحمه الله امرءا واسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه
قرنه وقرن أخيه فيكتسب بذلك اللائمة ويأتي بدناءة وكيف لا يكون كذلك وهو
يقاتل الاثنين وهذا ممسك يده قد خلى قرنه على أخيه هاربا ينظر إليه وهذا
فمن يفعله يمقته الله فلا تعرضوا لمقت الله عزوجل فإنما ممركم إلى الله وقد
قال الله عزوجل * ( لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا
تمتعون إلا قليلا ) * [ 16 / الاحزاب : 33 ] وأيم الله لئن فررتم من سيوف
العاجلة لا تسلمون من سيوف الآجلة فاستعينوا بالصبر والصدق فإنما ينزل
النصر بعد الصبر فجاهدوا في الله حق جهاد ولا قوة إلا بالله .
[564]
469 - وفي كلام آخر له [ قال عليه السلام : ]
وإذا لقيتم هؤلاء القوم غدا فلا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم فإذا بدأوا
بكم فانهدوا إليهم وعليكم السكينة والوقار وعضوا على الاضراس فإنه أنبا
للسيوف عن الهام وغضوا الابصار ومدوا جباه الخيول ووجوه الرجال وأقلوا
الكلام فإنه أطرد الفشل وأذهب بالوهل ووطنوا أنفكسم على المبارزة والمنازلة
والمجادلة واثبتوا واذكروا الله عزوجل كثيرا فإن المانع للذمار عند نزول الحقائق
هم أهل الحفاظ الذين يحفون براياتهم ويضربون حافتيها وأمامها وإذا حملتم
فافعلوا فعل رجل واحل وعليكم بالتحامي فإن الحرب سجال لا يشتدن
عليكم كرة بعد فرة ( 1 ) ولا حملة بعد جولة ومن ألقى إليكم السلام فاقبلوا منه
واستعيونوا بالصبر فإن بعد الصبر النصر من الله عزوجل إن الارض لله يورثها
من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين .
بيان : قال الجوهري : رصصت الشئ رصا : الص ؟ ؟ ت بعضه ببعض ومنه
" بنيان مرصوص " والدارع : لابس الدرع .
والحاسر : الذي لا مغفر عليه ولا درع .
[ قوله عليه السلام : ] " والتووا على أطراف الرماح " في القاموس : تلوى :
انعطف كالتوى .
والمور : التحريك والاضطراب أي إذا وصلت إليكم أطراف الرماح
فانعطفوا ليزلق ويتحرك فلا ينفذ .
وحمله ابن ميثم على الالتواء عند إرسال الرمح ورميه إلى العدو بأن يميمل
صدره ويده فإن ذلك أنفذ .
وفيه بعد .
وقال الجوهري : الجاش جأش القلب وهو رواعه إذا اضطرب عند
الفزع يقال فلان رابط الجأش أي ربط نفسه عن الفرار لشجاعته .
___________________________________________________________
469 - رواه الكليني قدس الله نفسه في ذيل الحديث : ( 4 ) من الباب : ( 15 ) من
كتاب الجهاد من الكافي : ج 5 ص 41 .
( 1 ) هذا هو الظاهر الموافق للمختار : ( 16 ) من الباب الثاني من كتاب نهج البلاغة وفيه :
" لا تشتدن عليكم فره بعدها كرة ، ولا جولة بعدها حملة ... " .
وفي طبع الكمباني من من البحار : " لا يشدون عليكم .
.
" .
( * )
[565]
و [ مثله ] في القاموس [ وزاد : ] ونفس الانسان ، وقد لا يهمز [ وجمعه جؤش ] .
وإنما أمرهم عليه السلام بغض الابصار لئلا يروا ما يهولهم لئلا يرى
العدو منهم جبنا وكذا قلة الكلام وترك رفع الاصوات علامة الشجاعة فإن
الجبان يصيح ويرعد ويبرق .
وقال الجوهري قولهم : فلان حامي الذمار أي إذا زمر وغضب وحمى
ويقال : الذمار : ما وراء الرجل مما يحق عليه أن يحميه لانهم قالوا : حامى
الذمار كما قالوا حامي الحقيقة وسمي ذمارا لانه يحق على أهله الدفع عنها .
فالاظهر أن الحقائق هنا جمع الحقيقة بمعنى ما يحق للرجل أن يحميه والمراد
بنزول الحقائق نزولها به أو نزوله بها وما يعرض للانسان في الحرب هي حالة
تحق أن يحمي عنها .
ويحتمل أن يكون جمع الحقيقة بمعنى الراية كما ذكره الجوهري والفيروز آبادي .
وقال ابن ميثم : أي الشدائد الحقة المتيقنة وأما ما ذكره ابن أبي الحديد
وتبعه غيره من أن الحقائق جمع حاقة وهي الامر الصعب الشديد ففي كونه
جمعا لها نظر .
والحفاظ بالكسر : الذب عن المحارم .
وقوله عليه السلام
" حفافيها " متعلق بقوله " يكتنفونها " أو بقوله : " يصبرون " أيضا على
التنازع .
والحفافان : اليمين واليسار .
وفي بعض النسخ " ورائها " بدون العطف فهما الامام والوراء .
قوله عليه السلام : " من سيوف الآجلة " سمي عقاب الله على فرارهم
وتخاذلهم سيفا على الاستعارة أو مجاز المشاكلة .
وفي القاموس : نهدا الرجل :
نهض .
ولعدوه : صمد لهم .
قوله عليه السلام : " ومدوا جباه الخيول ووجوه الرجال " لعل المراد بهما تسوية
الصفوف وإقامتها راكبين وراجلين أو كناية عن تحريكها وتوجيهما إلى جانب العدو .
والوهن : الضعف والفزع .
وفي النهاية فيه : " والحرب بيننا سجال " أي مرة لنا ومرة علينا
وأصله أن المستقين بالسجل يكون لكل واحد منهم سجل والسجل : الدلو الملاى ماءا .
[566]
والسلام : الاستسلام .
وقد مر شرح بعض أجزاء الخبرين وسيأتي بعضها .
470 - شا من كلامه عليه السلام عليه السلام في تحضيضه على القتال يوم صفين بعد
حمد الله والثناء عليه :
عباد الله اتقوا الله وغضوا الابصار واخفضوا الاصوات وأقلوا الكلام
ووطنوا أنفسكم على المنازلة والمجادلة والمبارزة والمبالطة والمبالدة والمعانقة
والمكادمة واثبتوا * ( واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا
تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ) * [ 45 - 46 /
الانفال : 8 ] اللهم الهمهم الصر وأنزل عليهم النصر وأعظم لهم الاجر .
إيضاح :
[ قال الفيروز آبادي : ] في القاموس : بالط القوم تجالدوا بالسيف كتبالطوا .
وبني فلان : نازلوهم بالارض وقال : المبالدة : المبالطة بالسيوف والعصي .
كدمه يكدمه ويكدمه [ كضرب ونصر ] : عضه بأدنى فمه أو أثر فيه
بحديدة وكمعظم المعضض .
واكدم الاسير بالضم : استوثق منه .
وقال :
الريح : الغلبة والقوة والرحمة والنصرة والدولة .
471 - شا [ و ] من كلامه عليه السلام أيضا في هذا المعنى :
معشر الناس إن الله قد ددلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليه وتشفي
بكم على الخير العظيم الايمان بالله وبرسوله صلى الله عليه وآله والجهاد في
سبيله وجعل ثوابه مغفرة الذنوب ومساكن طيبة في جنات عدن ثم أخبركم أنه
* ( يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) * [ 41 /
الصف : 61 ] فقدموا الدارع وأخروا الحاسر وعضوا على الاضراس فإنه أنبا
___________________________________________________________
470 - 471 - رواهما الشيخ المفيد رحمه الله في الفصل : ( 32 - 33 ) مما اختاره من كلم
أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب الارشاد ، ص 141 ، ط النجف .
والحديث الاول رويناه عن مصادر في المختار : ( 45 ) من باب الوصايا من كتاب نهج
السعادة : ج 8 ص 340 ط 1 .
( * )
[567]
للسيوف عن الهام ، والتووا في أطراف الرماح فإنه أمور للاسنة ، وغضوا
الابصار فإنه أربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الاصوات فإنه المطرد للفشل
وأولى بالوقار ورايتكم فلا تميلوها ولا تخلوها ولا تجعلوها إلا في أيدي شجعانكم فإن
المانعين للذمار الصابرين على نزول الحقائق [ هم ] أهل الحفاظ الذين يحفون براياتهم و
يكتنفونها .
رحم الله امرءا منكم آسا أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجمع عليه
قرنه وقرن أخيه فتكتسب بذلك لائمة ويأتي به دناءة فلا تعرضوا لمقت الله
ولا تفروا من الموت فإن الله تعالى يقول : * ( قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم
من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا ) * [ 86 / الاحزاب : 33 ] وأيم
الله لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلمون من سيف الآجلة ، فاستعينوا
بالصبر والصلاة والصدق في النية فإن الله تعالى بعد الصبر ينزل النصر .
بيان : في رواية ابن أبي الحديد : " في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ثم
أخبركم بالذي يحب فقال : إن الله يحب " وفيه " إلا بأيدي شجعانكم المانعي
الذمار والصبر عند نزول الحقائق أهل الحفاظ الذين يحفون برايتكم
ويكتنفونها يضربون خلفها وأمامها ، وهلا أجزأ كل امرئ منم قرنه واسى
أخاه " ( 1 ) إلي قوله : " ويأتي دنائة أني هذا وكيف يكون هذا [ و ] هذا يقاتل إثنين
وهذا ممسك يده قد خلى قرنه على أخيه هاربا منه أو قائما ينظر إليه من يفعل
ها يمقته الله فلا تعرضوا لمقت الله فإنما مردكم إلى الله قال الله تعالى لقوم
عابهم : * ( لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا
قليلا ) * إلى قوله : * ( استعينوا بالصدق والصبر فإنه بعد الصبر ينزل النصر ) * .
وسيأتي شرحه في رواية السيد رضى الله عنه .
___________________________________________________________
( 1 ) كذا في طبع الكمباني من كتاب البحار ، والكلام رواه نصر بن مزاحم في الجزء ( 4 )
من كتاب صفين ص 235 مصر ، وفي ط بيروت : ج 2 ص 216 ولا توجد فيهما ،
لفظة : " هيلا " .
( * )
[568]
472 - قب : تفسير الحسن والسدي ووكيع والثعلبي ومسند أحمد أنه قال
الزيبر في قوله " واتقوا فتنة لا تصيبن والذين ظلموا منكم خاصة " لقد لبثنا
أزمانا ولا نرى أنا من أهلها فإذا نحن المعنيون .
قال السدي في قوله : " فلا عدوان إلا على الظالمين " نزلت في حربين في
يوم صفين ويوم الجمل فسمى الله أصحاب الجمل وصفين ظالمين ثم قال
" واعلموا أن الله مع المتقين " بالنصر والحق مع أمير المؤمنين وأصحابه .
بعض المفسرين في قوله : " قل للمخلفين من الاعراب ستدعون " أي فيما
بعد " إلى قوم أولي بأس شديد " أنهم أهل صفين وذلك ان النبي صلى الله عليه
وآله قال للاعراب الذين تخلفوا عنه بالحديبية وعزموا على خيبر : " قل له
تتبعونا كذلكم قال الله من قبل " .
أبوسعيد الخدري وعبدالله بن عمر قالا في قوله تعالى : * ( ثم إنكم يوم
القيامة عند ربكم تختصمون " كنا نقول : ربنا واحد ونبينا واحد وديننا واحد فما
هذه الخصومة ؟ فلما كان حرب صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا :
نعم هو هذا .
قال الباقر عليه السلام : قال أمير المؤمنين عليه السلام وهو يقاتل
معاوية : " قاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون " الايآت هم هؤلاء
ورب الكعبة .
ابن مسعود قال : [ قال : ] النبي صلى الله عليه وآله : أئمة الكفر معاوية وعمرو .
___________________________________________________________
472 - رواه ابن شهر آشوب رحمه الله في عنوان : " حرب صفين " من كتاب مناقب آل
أبي طالب : ج 2 ص 348 ط النجف ولكن المصنف قد لخص بعض مطالبه كما أسقط
أيضا بعضا منها .
والحديث الاول رواه أحمد بن حنبل في الحديث : ( 1 ) من مسند الزبير من كتاب
المسند : ج 1 ، ص 165 ط 1 .
وقريبا منه رواه أيضا بسند آخر في الحديث الاخير من
مسند الزبير من مسنده : ج 1 ، ص 167 ، ط 1 .
وبالسند الاول رواه عنه الحافظ الحسكاني في تفسير الآية : ( 25 ) من سورة الانفال في
الحديث : ( 276 ) من كتاب شواهد التنزيل : ج 1 ، ص 208 ط 1 .
( * )
[569]
ولما فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من [ حرب ] الجمل نزل في الرحبة
السادس من رجب وخطب فقال :
الحمد لله الذي نصر وليه وخذل عدوه وأعز الصادق المحق وأذل الناكث
المبطل .
ثم إنه دعا الاشعث بن قيس من ثغر آذربيجان والاحنف بن قيس من
البصرة وجرير بن عبدالله البجلي من همدان فأتوه إلى الكوفة فوجه جريرا إلى
معاوية يدعوه إلى طاعته فلما بلغها توقف معاوية في ذلك حتى قدم [ بطلب
منه ] شرحبيل الكندي ثم خطب فقال : أيها الناس قد علمتم أني خليفة عمر
وخليفة عثمان وقد قتل عثمان مظلوما وأنا وليه وابن عمه وأولى الناس بطلب
دمه فماذا رأيكم ؟ فقالوا : نحن طالبون بدمه .
فدعا عمرو بن العاص على أن يطعمه مصر فكان عمرو يأمر بالحمل
والحط مرارا فقال له غلامه وردان : تفكر أن الآخرة مع علي عليه السلام
والدنيا مع معاوية فقال عمرو :
لا قاتل الله وردانا وفطنته ( 1 ) * أبدى لعمري ما في الصدر وردان
فلما ارتحل قال ابن عمرو له :
ألا يا عمرو ما أحرزت نصرا * ولا أنت الغداة إلى رشاد
أبعت الدين بالدنيا خسارا * وأنت بذاك من شر العباد
فانصرف جرير فكتب معاوية إلى أهل المدينة أن عثمان قتل مظلوما وعلي
-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 569 سطر 19 الى ص 577 سطر 18
آوى قتلته فإن دفعهم إلينا كففنا عنه وجعلنا هذا الامر شورى بين المسلمين
كما جعله عمر عند وفاته فانهضوا رحمكم الله معنا إلى حربه فأجابوه بكتاب
فيه :
___________________________________________________________
( 1 ) هذا هو الظاهر المذكور في طبع النجف من كتاب المناقب ، وفي ط الكمباني من البحار :
" وأنبه ؟ " .
( * )
[570]
معاوي إن الحق أبلج واضح * وليس كما ربصت أنت ولا عمرو
نصبت لنا اليوم ابن عفان خدعة * كما نصب الشيخان إذ زخرف الامر
رميتم عليا بالذي لم بضره * وليس له في ذاك نهي ولا أمر
وما ذنبه إن نال عثمان معشر * أتوه من الاحياء تجمعهم مصر
وكان علي لازما قعر بيته * وهمته التسبيح والحمد والذكر
فما أنتما لا دردر أبيكما * وذكركم الشورى وقد وضع الامر
فما أنتما والنصر منا وأنتما * طليقا أسارى ما تبوح بها الخمر
وجاء أبومسلم الخولاني بكتاب من عنده إلى أمير المؤمنين عليه السلام
يذكر فيه : وكان أنصحهم لله خليفته ثم خليفة خليفته ثم الخليفة الثالث
المقتول ظلما فكلهم حسدت وعلى كلهم بغيت .
إلى آخر ما سيأتي .
فلما وصل الخولاني وقرأ على الناس [ كتاب معاوية ] قالوا : كلنا [ له ]
قاتلون ولافعاله منكرون .
فكان جوب أمير المؤمنين :
وبعد فإني رأيت قد أكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل فيه المسلمون
من بيعتي ثم حاكم القوم إلي أحملكم على كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله
عليه وآله .
وأما الذي تريدها فإنها خدعة الصبي عن اللبن ولعمري لئن نظرت
بعقلك لعلمت أني من أبرأ النس من دم عثمان وقد عملت أنك من أبناء
الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة .
وأجمع عليه السلام على المسير وحض الناس على ذلك .
قال ابن مردويه : قال ابن أبي حازم التميمي وأبووائل : قال أمير المؤمنين
عليه السلام : انفروا إلى بقية الاحزاب أولياء الشيطان انفروا إلى من يقول :
كذب الله ورسوله .