خطبة الإمام علي بعد يوم النهروان

و روى المدائني في كتاب صفين قال خطب علي ع بعد انقضاء أمر النهروان فذكر طرفا من الملاحم قال إذا كثرت فيكم الأخلاط و استولت الأنباط دنا خراب العراق ذاك إذا بنيت مدينة ذات أثل و أنهار فإذا غلت فيها الأسعار و شيد فيها البنيان و حكم فيها الفساق و اشتد البلاء و تفاخر الغوغاء دنا خسوف البيداء و طاب الهرب و الجلاء و ستكون قبل الجلاء أمور يشيب منها الصغير و يعطب الكبير و يخرس الفصيح

[ 135 ]

و يبهت اللبيب يعاجلون بالسيف صلتا و قد كانوا قبل ذلك في غضارة من عيشهم يمرحون فيا لها مصيبة حينئذ من البلاء العقيم و البكاء الطويل و الويل و العويل و شدة الصريخ في ذلك أمر الله و هو كائن وقتا يريج فيا بن حرة الإماء متى تنتظر أبشر بنصر قريب من رب رحيم ألا فويل للمتكبرين عند حصاد الحاصدين و قتل الفاسقين عصاه ذي العرش العظيم فبأبي و أمي من عدة قليلة أسماؤهم في الأرض مجهولة قد دنا حينئذ ظهورهم و لو شئت لأخبرتكم بما يأتي و يكون من حوادث دهركم و نوائب زمانكم و بلايا أيامكم و غمرات ساعاتكم و لكنه أفضيه إلى من أفضيه إليه مخافة عليكم و نظرا لكم علما مني بما هو كائن و ما يكون من البلاء الشامل ذلك عند تمرد الأشرار و طاعة أولي الخسار ذاك أوان الحتف و الدمار ذاك أدبار أمركم و انقطاع أصلكم و تشتت ألفتكم و إنما يكون ذلك عند ظهور العصيان و انتشار الفسوق حيث يكون الضرب بالسيف أهون على المؤمنين من اكتساب درهم حلال حين لا تنال المعيشة إلا بمعصية الله في سمائه حين تسكرون من غير شراب و تحلفون من غير اضطرار و تظلمون من غير منفعة و تكذبون من غير إحراج تتفكهون بالفسوق و تبادرون بالمعصية قولكم البهتان و حديثكم الزور و أعمالكم الغرور فعند ذلك لا تأمنون البيات فيا له من بيات ما أشد ظلمته و من صائح ما أفظع صوته ذلك بيات لا ينمي صاحبه فعند ذلك تقتلون و بأنواع البلاء تضربون و بالسيف تحصدون و إلى النار تصيرون و يعضكم البلاء كما يعض الغارب القتب يا عجبا كل العجب بين جمادى و رجب من جمع أشتات و حصد نبات و من أصوات بعدها أصوات ثم قال سبق القضاء سبق القضاء

[ 136 ]

قال رجل من أهل البصرة لرجل من أهل الكوفة إلى جانبه أشهد أنه كاذب على الله و رسوله قال الكوفي و ما يدريك قال فو الله ما نزل علي من المنبر حتى فلج الرجل فحمل إلى منزله في شق محمل فمات من ليلته