عمارة بن الوليد و عمرو بن العاص في الحبشةفأما خبر عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي أخي خالد بن الوليد مع عمرو بن العاص فقد ذكره ابن إسحاق في كتاب المغازي قال كان عمارة بن الوليد بن المغيرة و عمرو بن العاص بن وائل بعد مبعث رسول الله ص خرجا إلى أرض الحبشة على شركهما و كلاهما كان شاعرا عارما فاتكا . و كان عمارة بن الوليد رجلا جميلا وسيما تهواه النساء صاحب محادثة لهن فركبا البحر و مع عمرو بن العاص امرأته حتى إذا صاروا في البحر ليالي أصابا من خمر معهما فلما انتشى عمارة قال لامرأة عمرو بن العاص قبليني فقال لها عمرو قبلي ابن عمك فقبلته فهويها عمارة و جعل يراودها عن نفسها فامتنعت منه ثم إن عمرا جلس على منجاف [ 305 ] السفينة يبول فدفعه عمارة في البحر فلما وقع عمرو سبح حتى أخذ بمنجاف السفينة فقال له عمارة أما و الله لو علمت أنك سابح ما طرحتك و لكنني كنت أظن أنك لا تحسن السباحة فضغن عمرو عليه في نفسه و علم أنه كان أراد قتله و مضيا على وجههما ذلك حتى قدما أرض الحبشة فلما نزلاها كتب عمرو إلى أبيه العاص بن وائل أن اخلعني و تبرأ من جريرتي إلى بني المغيرة و سائر بني مخزوم و خشي على أبيه أن يتبغ بجريرته فلما قدم الكتاب على العاص بن وائل مشى إلى رجال بني المغيرة و بني مخزوم فقال إن هذين الرجلين قد خرجا حيث علمتم و كلاهما فاتك صاحب شر غير مأمونين على أنفسهما و لا أدري ما يكون منهما و إني أبرأ إليكم من عمرو و جريرته فقد خلعته فقال عند ذلك بنو المغيرة و بنو مخزوم و أنت تخاف عمرا على عمارة و نحن فقد خلعنا عمارة و تبرأنا إليك من جريرته فحل بين الرجلين قال قد فعلت فخلعوهما و برئ كل قوم من صاحبهم و ما يجري منه . قال فلما اطمأنا بأرض الحبشة لم يلبث عمارة بن الوليد أن دب لامرأة النجاشي و كان جميلا صبيحا وسيما فأدخلته فاختلف إليها و جعل إذا رجع من مدخله ذلك يخبر عمرا بما كان من أمره فيقول عمرو لا أصدقك أنك قدرت على هذا إن شأن هذه المرأة أرفع من ذلك فلما أكثر عليه عمارة بما كان يخبره و كان عمرو قد علم صدقه و عرف أنه دخل عليها و رأى من حاله و هيئته و ما تصنع المرأة به إذا كان معها و بيتوتته عندها حتى يأتي إليه مع السحر ما عرف به ذلك و كانا في منزل واحد و لكنه كان يريد أن يأتيه بشيء لا يستطاع دفعه إن هو رفع شأنه إلى النجاشي فقال له في بعض [ 306 ] ما يتذاكران من أمرها إن كنت صادقا فقل لها فلتدهنك بدهن النجاشي الذي لا يدهن به غيره فإني أعرفه و ائتني بشيء منه حتى أصدقك قال أفعل . فجاء في بعض ما يدخل إليها فسألها ذلك فدهنته منه و أعطته شيئا في قارورة فلما شمه عمرو عرفه فقال أشهد أنك قد صدقت لقد أصبت شيئا ما أصاب أحد من العرب مثله قط و نلت من امرأة الملك شيئا ما سمعنا بمثل هذا و كانوا أهل جاهلية و شبانا و ذلك في أنفسهم فضل لمن أصابه و قدر عليه . ثم سكت عنه حتى اطمأن و دخل على النجاشي فقال أيها الملك إن معي سفيها من سفهاء قريش و قد خشيت أن يعرني عندك أمره و أردت أن أعلمك بشأنه و ألا أرفع ذلك إليك حتى استثبت أنه قد دخل على بعض نسائك فأكثر و هذا دهنك قد أعطته و ادهن به . فلما شم النجاشي الدهن قال صدقت هذا دهني الذي لا يكون إلا عند نسائي فلما أثبت أمره دعا بعمارة و دعا نسوة أخر فجردوه من ثيابه ثم أمرهن أن ينفخن في إحليله ثم خلى سبيله . فخرج هاربا في الوحش فلم يزل في أرض الحبشة حتى كانت خلافة عمر بن الخطاب فخرج إليه رجال من بني المغيرة منهم عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة و كان اسم عبد الله قبل أن يسلم بجيرا فلما أسلم سماه رسول الله ص عبد الله فرصدوه على ماء بأرض الحبشة كان يرده مع الوحش فزعموا أنه أقبل في حمر من حمر الوحش ليرد معها فلما وجد ريح الإنس هرب منه حتى إذا أجهده العطش ورد فشرب حتى تملأ و خرجوا في طلبه . [ 307 ] قال عبد الله بن أبي ربيعة فسبقت إليه فالتزمته فجعل يقول أرسلني أني أموت إن أمسكتني قال عبد الله فضبطته فمات في يدي مكانه فواروه ثم انصرفوا . و كان شعره فيما يزعمون قد غطى كل شيء منه فقال عمرو بن العاص يذكر ما كان صنع به و ما أراد من امرأته
تعلم عمار أن من شر سنة |