مما قيل من الشعر في التحريض على قتل بني أمية

و روى أبو الفرج أيضا عن محمد بن خلف وكيع قال دخل سديف مولى آل أبي لهب على أبي العباس بالحيرة و أبو العباس جالس على سريره و بنو هاشم دونه على الكراسي و بنو أمية حوله على وسائد قد ثنيت لهم و كانوا في أيام دولتهم يجلسونهم و الخليفة منهم على الأسرة و يجلس بنو هاشم على الكراسي فدخل الحاجب فقال يا أمير المؤمنين بالباب رجل حجازي أسود راكب على نجيب متلثم يستأذن و لا يخبر باسمه و يحلف لا يحسر اللثام عن وجهه حتى يرى أمير المؤمنين فقال هذا سديف مولانا أدخله فدخل فلما نظر إلى أبي العباس و بنو أمية حوله حسر اللثام عن وجهه ثم أنشد

أصبح الملك ثابت الأساس
بالبهاليل من بني العباس
بالصدور المقدمين قديما
و البحور القماقم الرؤاس
يا إمام المطهرين من الذم
و يا رأس منتهى كل رأس
أنت مهدي هاشم و فتاها
كم أناس رجوك بعد أناس
لا تقيلن عبد شمس عثارا
و اقطعن كل رقلة و غراس

[ 126 ]

أنزلوها بحيث أنزلها الله
بدار الهوان و الإنعاس
خوفها أظهر التودد منها
و بها منكم كحز المواسي
أقصهم أيها الخليفة و احسم
عنك بالسيف شأفة الأرجاس
و اذكرن مصرع الحسين و زيد
و قتيلا بجانب المهراس
و القتيل الذي بحران أمسى
ثاويا بين غربة و تناس
فلقد ساءني و ساء سوائي
قربهم من نمارق و كراسي
نعم كلب الهراش مولاك شبل
لو نجا من حبائل الإفلاس

قال فتغير لون أبي العباس و أخذه زمع و رعدة فالتفت بعض ولد سليمان بن عبد الملك إلى آخر فيهم كان إلى جانبه فقال قتلنا و الله العبد فأقبل أبو العباس عليهم فقال يا بني الزواني لا أرى قتلاكم من أهلي قد سلفوا و أنتم أحياء تتلذذون في الدنيا خذوهم فأخذتهم الخراسانية بالكافر كوبات فأهمدوا إلا ما كان من عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز فإنه استجار بداود بن علي و قال إن أبي لم يكن كآبائهم

[ 127 ]

و قد علمت صنيعته إليكم فأجاره و استوهبه من السفاح و قال له قد علمت صنيع أبيه إلينا فوهبه له و قال لا يريني وجهه و ليكن بحيث نأمنه و كتب إلى عماله في الآفاق بقتل بني أمية . فأما أبو العباس المبرد فإنه روى في الكامل هذا الشعر على غير هذا الوجه و لم ينسبه إلى سديف بل إلى شبل مولى بني هاشم . قال أبو العباس دخل شبل بن عبد الله مولى بني هاشم على عبد الله بن علي و قد أجلس ثمانين من بني أمية على سمط الطعام فأنشده

أصبح الملك ثابت الأساس
بالبهاليل من بني العباس
طلبوا وتر هاشم و شفوها
بعد ميل من الزمان و يأس
لا تقيلن عبد شمس عثارا
و اقطعن كل رقلة و أواسي
ذلها أظهر التودد منها
و بها منكم كحز المواسي
و لقد غاظني و غاظ سوائي
قربها من نمارق و كراسي
أنزلوها بحيث أنزلها الله
بدار الهوان و الإنعاس
و اذكرا مصرع الحسين و زيد
و قتلا بجانب المهراس
و القتيل الذي بحران أضحى
ثاويا بين غربة و تناس
نعم شبل الهراش مولاك شبل
لو نجا من حبائل الإفلاس

فأمر بهم عبد الله فشدخوا بالعمد و بسطت البسط عليهم و جلس عليها و دعا

[ 128 ]

بالطعام و إنه ليسمع أنين بعضهم حتى ماتوا جميعا و قال لشبل لو لا أنك خلطت شعرك بالمسألة لأغنمتك أموالهم و لعقدت لك على جميع موالي بني هاشم . قال أبو العباس الرقلة النخلة الطويلة و الأواسي جمع آسية و هي أصل البناء كالأساس و قتيل المهراس حمزة ع و المهراس ماء بأحد و قتيل حران إبراهيم الإمام . قال أبو العباس فأما سديف فإنه لم يقم هذا المقام و إنما قام مقاما آخر دخل على أبي العباس السفاح و عنده سليمان بن هشام بن عبد الملك و قد أعطاه يده فقبلها و أدناه فأقبل على السفاح و قال له

لا يغرنك ما ترى من رجال
إن تحت الضلوع داء دويا
فضع السيف و ارفع السوط حتى
لا ترى فوق ظهرها أمويا

فقال سليمان ما لي و لك أيها الشيخ قتلتني قتلك الله فقام أبو العباس فدخل و إذا المنديل قد ألقي في عنق سليمان ثم جر فقتل . فأما سليمان بن يزيد بن عبد الملك بن مروان فقتل بالبلقاء و حمل رأسه إلى عبد الله بن علي