تاريخ موت عمر و الأخبار الواردة في ذلك

فأما تاريخ موته فإن أبا لؤلؤة طعنه يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة من سنة ثلاث و عشرين و دفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة أربع و عشرين و كانت ولايته عشر سنين و ستة أشهر و هو ابن ثلاث و ستين في أظهر الأقوال و قد كان قال على المنبر يوم جمعة و قد ذكر رسول الله ص و أبا بكر أني قد رأيت رؤيا أظنها لحضور أجلي رأيت كأن ديكا نقرني نقرتين فقصصتها على أسماء

[ 185 ]

بنت عميس فقالت يقتلك رجل من العجم و إني أفكرت فيمن أستخلف ثم رأيت أن الله لم يكن ليضيع دينه و خلافته التي بعث بها رسوله و روى ابن شهاب قال كان عمر لا يأذن لصبي قد احتلم في دخول المدينة حتى كتب المغيرة و هو على الكوفة يذكر له غلاما صنعا عنده و يستأذنه في دخول المدينة و يقول إن عنده أعمالا كثيرة فيها منافع للناس إنه حداد نقاش نجار فأذن له أن يرسل به إلى المدينة و ضرب عليه المغيرة مائة درهم في كل شهر فجاء إلى عمر يوما يشتكي إليه الخراج فقال له عمر ما ذا تحسن من الأعمال فعد له الأعمال التي يحسن فقال له ليس خراجك بكثير في كنه عملك هذا هو الذي رواه أكثر الناس من قوله له و من الناس من يقول إنه جهر بكلام غليظ و اتفقوا كلهم على أن العبد انصرف ساخطا يتذمر فلبث أياما ثم مر بعمر فدعاه فقال قد حدثت أنك تقول لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح فالتفت العبد عابسا ساخطا إلى عمر و مع عمر رهط من الناس فقال لأصنعن لك رحى يتحدث الناس بها فلما ولي أقبل عمر على الرهط فقال أ لا تسمعون إلى العبد ما أظنه إلا أوعدني آنفا فلبث ليالي ثم اشتمل أبو لؤلؤة على خنجر ذي رأسين نصابه في وسطه فكمن في زاوية من زوايا المسجد في غلس السحر فلم يزل هنالك حتى جاء عمر يوقظ الناس لصلاة الفجر كما كان يفعل فلما دنا منه وثب عليه فطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت السرة قد خرقت الصفاق و هي التي قتلته ثم انحاز إلى أهل المسجد فطعن فيهم من يليه حتى طعن أحد عشر رجلا سوى عمر ثم انتحر بخنجره فقال عمر حين أدركه النزف قولوا لعبد الرحمن بن عوف فليصل بالناس ثم غلبه النزف فأغمي عليه

[ 186 ]

فأحتمل حتى أدخل بيته ثم صلى عبد الرحمن بالناس قال ابن عباس فلم أزل عند عمر و هو مغمى عليه لم يزل في غشية واحدة حتى أسفر فلما أسفر أفاق فنظر في وجوه من حوله و قال أ صلى الناس فقيل نعم فقال لا إسلام لمن ترك الصلاة ثم دعا بوضوء فتوضأ و صلى ثم قال اخرج يا ابن عباس فاسأل من قتلني فجئت حتى فتحت باب الدار فإذا الناس مجتمعون فقلت من طعن أمير المؤمنين قالوا طعنه أبو لؤلؤة غلام المغيرة قال ابن عباس فدخلت فإذا عمر ينظر إلى الباب يستأني خبر ما بعثني له فقلت يا أمير المؤمنين زعم الناس أنه عدو الله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة و أنه طعن رهطا ثم قتل نفسه فقال الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط ما كانت العرب لتقتلني ثم قال أرسلوا إلى طبيب ينظر جرحي فأرسلوا إلى طبيب من العرب فسقاه نبيذا فخرج من الجرح فاشتبه عليهم الدم بالنبيذ ثم دعوا طبيبا آخر فسقاه لبنا فخرج اللبن من الطعنة صلدا أبيض فقال الطبيب اعهد يا أمير المؤمنين عهدك فقال لقد صدقني و لو قال غير ذلك لكذب فبكى عليه القوم حتى أسمعوا من خارج الدار فقال لا تبكوا علينا ألا و من كان باكيا فليخرج

فإن النبي ص قال إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه . و روي عن عبد الله بن عمر أنه قال سمعت أبي يقول لقد طعنني أبو لؤلؤة طعنتين و ما أظنه إلا كلبا حتى طعنني الثالثة و روي أن عبد الرحمن بن عوف طرح على أبي لؤلؤة بعد أن طعن الناس خميصه كانت عليه فلما حصل فيها نحر نفسه فاحتز عبد الرحمن رأسه و اجتمع البدريون و أعيان المهاجرين و الأنصار بالباب فقال عمر لابن عباس اخرج إليهم فاسألهم أ عن ملإ منكم

[ 187 ]

كان هذا الذي أصابني فخرج يسألهم فقال القوم لا و الله و لوددنا أن الله زاد في عمره من أعمارنا . و روى عبد الله بن عمر قال كان أبي يكتب إلى أمراء الجيوش لا تجلبوا إلينا من العلوج أحدا جرت عليه المواسي فلما طعنه أبو لؤلؤة قال من بي قالوا غلام المغيرة قال أ لم أقل لكم لا تجلبوا إلينا من العلوج أحدا فغلبتموني . و روى محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه عن عمرو بن ميمون قال إني لقائم ما بيني و بين عمر إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب و كان إذا مر بين الصفين قال استووا حتى إذا لم ير بيننا خللا تقدم فكبر و ربما قرأ سورة يوسف أو النحل في الركعة الأولى أو نحو ذلك في الركعة الثانية حتى يجتمع الناس فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول قتلني أو أكلني الكلب و ذلك حين طعنه العلج بسكين ذات طرفين لا يمر على أحد يمينا و لا شمالا إلا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر رجلا مات منهم ستة فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه و تناول عمر بيده عبد الرحمن بن عوف فقدمه فمن يلي عمر فقد رأى الذي رأى و أما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون غير أنهم فقدوا صوت عمر فهم يقولون سبحان الله فصلى عبد الرحمن صلاة خفيفة فلما انصرفوا قال يا ابن عباس انظر من قتلني فجال ساعة ثم جاء فقال غلام المغيرة قال الصنع قال نعم

[ 188 ]

قال قاتله الله لقد أمرت به معروفا الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام و قد كنت أنت و أبوك تحبان أن يكثر العلوج و كان العباس أكثرهم رقيقا فقال إن شئت فعلنا أي قتلناهم قال كذبت بعد أن تكلموا بلسانكم و صلوا قبلتكم و حجوا حجكم فأحتمل إلى بيته و انطلقنا معه و كان الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ فقائل يقول لا بأس عليه و قائل يقول أخاف عليه فأتي بنبيذ فشربه فخرج من جوفه ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جوفه فعلموا أنه ميت فدخل الناس يثنون عليه و جاء رجل شاب فقال أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك صحبة برسول الله و قدم في الإسلام ما قد علمت ثم وليت فعدلت ثم الشهادة فقال عمر وددت أن ذلك كله كان كفافا لا على و لا لي فلما أدبر إذا رداؤه يمس الأرض فقال ردوا على الغلام فردوه فقال يا ابن أخي ارفع ثوبك فإنه أبقى لثوبك و أتقى لربك يا عبد الله بن عمر انظر ما علي من دين فحسبوه فوجدوه ستة و ثمانين ألفا أو نحوه فقال إن وفى به مال آل عمر فأده من أموالهم و إلا فسل في بني عدي بن كعب فإن لم تف به أموالهم فسل في قريش و لا تعدهم إلى غيرهم و أد عني هذا المال انطلق إلى عائشة فقل لها يقرأ عليك السلام عمر و لا تقل أمير المؤمنين فإني اليوم لست للمؤمنين أميرا و قل يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه فمضى و سلم و استأذن و دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي فقال يقرأ عليك عمر السلام و يستأذن أن يدفن مع صاحبيه فقالت كنت أريده لنفسي يعني الموضع و لأوثرنه اليوم على نفسي فلما أقبل قيل هذا عبد الله قد جاء قال ارفعوني فأسندوه إلى رجل منهم قال يا عبد الله ما لديك قال الذي تحب يا أمير المؤمنين قد أذنت قال الحمد لله ما كان شي‏ء أهم إلي من

[ 189 ]

ذلك إذا أنا قبضت فاحملني ثم سلم عليها و قل يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فأدخلوني و إن ردتني فردوني إلى مقابر المسلمين و ادفنوني بين المسلمين و جاءت ابنته حفصة و النساء معها قال فلما رأيناها قمنا فولجت عليه فبكت عنده ساعة و استأذن الرجال فولجت بيتا داخلا لهم فسمعنا بكاءها من البيت الداخل فقال أوص يا أمير المؤمنين و استخلف فقال ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو قال الرهط الذين توفي رسول الله ص و هو عنهم راض فسمى عليا و عثمان و الزبير و طلحة و سعدا و عبد الرحمن و قال يشهدكم عبد الله بن عمر و ليس له من الأمر شي‏ء كهيئة التعزية له فإن أصابت الإمارة سعدا فهو أهل لذلك و إلا فليستعن به أيكم أمر فإني لم أعزله عن عجز و لا عن خيانة ثم قال أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم و يحفظ لهم حرمتهم و أوصيه بالأنصار خيرا الذين تبوءوا الدار و الإيمان من قبلهم أن يقبل من محسنهم و أن يعفو عن مسيئهم و أوصيه بأهل الأمصار خيرا فإنهم ردء الإسلام و جباة الأموال و غيظ العدو ألا يأخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم و أوصيه بالأعراب خيرا فإنهم أصل العرب و مادة الإسلام أن يؤخذ من حواشي أموالهم و يرد على فقرائهم و أوصيه بذمة الله و ذمة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم و أن يقاتل من وراءهم و ألا يكلفوا إلا طاقتهم . قال فلما قبض خرجنا به فانطلقنا نمشي فسلم عبد الله بن عمر و قال يستأذن عمر بن الخطاب فقالت أدخلوه فأدخل فوضع هنالك مع صاحبيه .

[ 190 ]

و قال ابن عباس أنا أول من أتى عمر حين طعن فقال احفظ عني ثلاثا فإني أخاف ألا يدركني الناس أما أنا فلم أقض في الكلالة و لم أستخلف على الناس و كل مملوك لي عتيق فقلت له أبشر بالجنة صاحبت رسول الله ص فأطلت صحبته و وليت أمر المسلمين فقويت عليه و أديت الأمانة قال أما تبشيرك لي بالجنة فو الله الذي لا إله إلا هو لو أن لي الدنيا بما فيها لافتديت به من هول ما أمامي قبل أن أعلم ما الخبر و أما ما ذكرت من أمر المسلمين فلوددت أن ذلك كان كفافا لا علي و لا لي و أما ما ذكرت من صحبة رسول الله ص فهو ذلك و روى معمر عن الزهري عن سالم عن عبد الله قال دخلت على أبي فقلت سمعت الناس يقولون مقالة و آليت أن أقولها لك زعموا أنك غير مستخلف و أنه لو كان لك راعي إبل أو غنم ثم جاءك و تركها رأيت أنه قد ضيع فرعاية الناس أشد فوضع رأسه ثم رفعه فقال إن الله تعالى يحفظ دينه إن لم أستخلف فإن رسول الله ص لم يستخلف و إن استخلفت فإن أبا بكر قد استخلف فو الله ما هو إلا أن ذكر رسول الله و أبا بكر فعلمت أنه لم يكن يعدل برسول الله ص أحدا و أنه غير مستخلف . و روي أنه قال و قد أذنت له عائشة في أن يدفن في بيتها إذا مت فاستأذنوها مرة ثانية فإن أذنت و إلا فاتركوها فإني أخشى أن تكون أذنت لي لسلطاني فاستأذنوها بعد موته فأذنت .

[ 191 ]

و روى عمر بن ميمون قال لما طعن عمر دخل عليه كعب الأحبار فقال اَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ قد أنبأتك أنك شهيد فقال من أين لي بالشهادة و أنا بجزيرة العرب . و روى ابن عباس قال لما طعن عمر و جئته بخبر أبي لؤلؤة أتيته و البيت ملآن فكرهت أن أتخطى رقابهم و كنت حديث السن فجلست و هو مسجى و جاء كعب الأحبار و قال لئن دعا أمير المؤمنين ليبقيه الله لهذه الأمة حتى يفعل فيها كذا و كذا حتى ذكر المنافقين فيمن ذكر فقلت أبلغه ما تقول قال ما قلت إلا و أنا أريد أن تبلغه فتشجعت و قمت فتخطيت رقابهم حتى جلست عند رأسه و قلت إنك أرسلتني بكذا إن عبد المغيرة قتلك و أصاب معك ثلاثة عشر إنسانا و إن كعبا هاهنا و هو يحلف بكذا فقال أدعو إلي كعبا فدعي فقال ما تقول قال أقول كذا قال لا و الله لا أدعو و لكن شقي عمر إن لم يغفر الله له . و روى المسور بن مخرمة إن عمر لما طعن أغمي عليه طويلا فقيل إنكم لم توقظوه بشي‏ء مثل الصلاة إن كانت به حياة فقالوا الصلاة يا أمير المؤمنين الصلاة قد صليت فانتبه فقال الصلاة لاها الله لا أتركها لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة فصلى و إن جرحه لينثعب دما . و روى المسور بن مخرمة أيضا قال لما طعن عمر جعل يألم و يجزع فقال ابن عباس و لا و كل ذلك يا أمير المؤمنين لقد صحبت رسول الله ص فأحسنت صحبته ثم فارقته و هو عنك راض و صحبت أبا بكر و أحسنت صحبته و فارقك و هو عنك راض ثم صحبت المسلمين فأحسنت إليهم و فارقتهم و هم عنك راضون

[ 192 ]

قال أما ما ذكرت من صحبة رسول الله ص و أبي بكر فذلك مما من الله به علي و أما ما ترى من جزعي فو الله لو أن لي بما في الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه و في رواية لافتديت به من هول المطلع و في رواية المغرور من غررتموه لو أن لي ما على ظهرها من صفراء و بيضاء لافتديت به من هول المطلع و في رواية في الإمارة على تثني يا ابن عباس قلت و في غيرها قال و الذي نفسي بيده لوددت أني خرجت منها كما دخلت فيها لا حرج و لا وزر و في رواية لو كان لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من كرب ساعة يعني الموت كيف و لم أرد الناس بعد و في رواية لو أن لي الدنيا و ما فيها لافتديت به من هول ما أمامي قبل أن أعلم ما الخبر . قال ابن عباس فسمعنا صوت أم كلثوم وا عمراه و كان معها نسوة يبكين فارتج البيت بكاء فقال عمر ويلم عمر إن الله لم يغفر له فقلت و الله إني لأرجو إلا تراها إلا مقدار ما قال الله تعالى وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها إن كنت ما علمنا لأمير المؤمنين و سيد المسلمين تقضي بالكتاب و تقسم بالسوية . فأعجبه قولي فاستوى جالسا فقال أ تشهد لي بهذا يا ابن عباس فكععت أي جبنت فضرب علي ع بين كتفي و قال اشهد و في رواية لم تجزع يا أمير المؤمنين فو الله لقد كان إسلامك عزا و إمارتك فتحا و لقد ملأت الأرض عدلا فقال أ تشهد لي بذلك يا ابن عباس قال فكأنه كره الشهادة فتوقف فقال له علي ع قل نعم و أنا معك فقال نعم . و في رواية أنه قال مسست جلده و هو ملقى فقلت جلد لا تمسه النار أبدا فنظر إلي نظرة جعلت أرثي له منها قال و ما علمك بذلك قلت صحبت رسول الله ص فأحسنت صحبته الحديث فقال لو أن لي ما في الأرض لافتديت

[ 193 ]

به من عذاب الله قبل أن ألقاه أو أراه . و في رواية قال فأنكرنا الصوت و إذا عبد الرحمن بن عوف و قيل طعن أمير المؤمنين فانصرف الناس و هو في دمه مسجى لم يصل الفجر بعد فقيل يا أمير المؤمنين الصلاة فرفع رأسه و قال لاها الله إذن لا حظ لامرئ في الإسلام ضيع صلاته ثم وثب ليقوم فانثعب جرحه دما فقال هاتوا لي عمامة فعصب بها جرحه ثم صلى و ذكر ثم التفت إلى ابنه عبد الله و قال ضع خدي إلى الأرض يا عبد الله قال عبد الله فلم أعج بها و ظننت أنها اختلاس من عقله فقالها مرة أخرى ضع خدي إلى الأرض يا بني فلم أفعل فقال الثالثة ضع خدي إلى الأرض لا أم لك فعرفت أنه مجتمع العقل و لم يمنعه أن يضعه هو إلا ما به من الغلبة فوضعت خده إلى الأرض حتى نظرت إلى أطراف شعر لحيته خارجة من أضعاف التراب و بكى حتى نظرت إلى الطين قد لصق بعينه فأصغيت أذني لأسمع ما يقول فسمعته يقول يا ويل عمر و ويل أم عمر إن لم يتجاوز الله عنه و

قد جاء في رواية أن عليا ع جاء حتى وقف عليه فقال ما أحد أحب إلي أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجى و روي عن حفصة أم المؤمنين قالت سمعت أبي يقول في دعائه اللهم قتلا في سبيلك و وفاة في بلد نبيك قلت و أنى يكون هذا قال يأتي به الله إذا شاء و يروى أن كعبا كان يقول له نجدك في كتبنا تموت شهيدا فيقول كيف لي بالشهادة و أنا في جزيرة العرب . و روى المقدام بن معديكرب قال لما أصيب عمر دخلت عليه حفصة ابنته فنادت يا صاحب رسول الله و يا صهر رسول الله و يا أمير المؤمنين فقال لابنه عبد الله أجلسني فلا صبر لي على ما أسمع فأسنده إلى صدره فقال لها إني أحرج عليك

[ 194 ]

بما لي عليك من الحق أن تندبيني بعد مجلسك هذا فأما عينك فلن أملكها إنه ليس من ميت يندب عليه بما ليس فيه إلا الملائكة تمقته . و روى الأحنف قال سمعت عمر يقول إن قريشا رءوس الناس ليس أحد منهم يدخل من باب إلا دخل معه طائفة من الناس فلما أصيب عمر أمر صهيبا أن يصلي بالناس ثلاثة أيام و يطعمهم حتى يجتمعوا على رجل فلما وضعت الموائد كف الناس عن الطعام فقال العباس بن عبد المطلب أيها الناس إن رسول الله ص مات فأكلنا بعده و مات أبو بكر فأكلنا بعده و أنه لا بد للناس من الأكل ثم مد يده فأكل من الطعام فعرفت قول عمر . و يروي كثير من الناس الشعر المذكور في الحماسة و يزعم أن هاتفا من الجن هتف به و هو

جزيت عن الإسلام خيرا و باركت
يد الله في ذاك الأديم الممزق
فمن يسع أو يركب جناحي نعامة
ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها
بوائق في أكمامها لم تفتق
أ بعد قتيل بالمدينة أظلمت
له الأرض تهتز العضاه بأسؤق
و ما كنت أخشى أن تكون وفاته
بكفي سبنتي أزرق العين مطرق
تظل الحصان البكر يلقي جنينها
نثا خبر فوق المطي معلق

و الأكثرون يروونها لمزرد أخي الشماخ و منهم من يرويها للشماخ نفسه

[ 195 ]