القول في مقتل المجذر بن زياد البلوي و الحارث بن يزيد بن الصامتقال الواقدي كان المجذر بن زياد البلوي حليف بني عوف بن الخزرج ممن شهد بدرا مع رسول الله ص و كانت له قصة في الجاهلية قبل قدوم النبي ص المدينة و ذلك أن حضير الكتائب والد أسيد بن حضير جاء إلى بني عمرو بن عوف فكلم سويد بن الصامت و خوات بن جبير و أبا لبابة بن عبد المنذر و يقال سهل بن حنيف فقال هل لكم إن تزوروني فأسقيكم شرابا و أنحر لكم و تقيمون عندي أياما قالوا نعم نحن نأتيك يوم كذا فلما كان ذلك اليوم جاءوه فنحر لهم جزورا و سقاهم خمرا و أقاموا عنده ثلاثة أيام حتى تغير اللحم و كان سويد بن الصامت يومئذ شيخا كبيرا فلما مضت الأيام الثلاثة قالوا ما نرانا إلا راجعين إلى أهلنا فقال حضير ما أحببتم إن أحببتم فأقيموا و إن أحببتم فانصرفوا فخرج الفتيان بسويد بن الصامت يحملانه على جمل من الثمل فمروا لاصقين بالحرة حتى كانوا قريبا من بني عيينة فجلس سويد يبول و هو ثمل سكرا فبصر به إنسان من الخزرج فخرج حتى أتى المجذر بن زياد فقال هل لك في الغنيمة الباردة قال ما هي قال سويد بن الصامت أعزل لا سلاح معه ثمل فخرج المجذر بن زياد بالسيف مصلتا فلما رآه الفتيان و هما أعزلان لا سلاح معهما وليا و العداوة بين الأوس [ 49 ] و الخزرج شديدة فانصرفا مسرعين و ثبت الشيخ و لا حراك به فوقف المجذر بن زياد فقال قد أمكن الله منك قال ما تريد بي قال قتلك قال فارفع عن الطعام و اخفض عن الدماغ فإذا رجعت إلى أمك فقل إني قتلت سويد بن الصامت فقتله فكان قتله هو الذي هيج وقعة بعاث فلما قدم رسول الله ص المدينة أسلم الحارث بن سويد بن الصامت و أسلم المجذر فشهدا بدرا فجعل الحارث بن سويد يطلب المجذر في المعركة ليقتله بأبيه فلا يقدر عليه يومئذ فلما كان يوم أحد و جال المسلمون تلك الجولة أتاه الحارث من خلفه فضرب عنقه فرجع رسول الله ص إلى المدينة ثم خرج إلى حمراء الأسد فلما رجع من حمراء الأسد أتاه جبرائيل ع فأخبره أن الحارث بن سويد قتل المجذر غيلة و أمره بقتله فركب رسول الله ص إلى قباء في اليوم الذي أخبره جبرائيل في يوم حار و كان ذلك يوما لا يركب فيه رسول الله ص إلى قباء إنما كانت الأيام التي يأتي فيها رسول الله ص قباء يوم السبت و يوم الإثنين فلما دخل رسول الله ص مسجد قباء صلى فيه ما شاء الله أن يصلي و سمعت الأنصار فجاءوا يسلمون عليه و أنكروا إتيانه تلك الساعة في ذلك اليوم فجلس ع يتحدث و يتصفح الناس حتى طلع الحارث بن سويد في ملحفة مورسة فلما رآه رسول الله ص دعا عويم بن ساعدة فقال له قدم الحارث بن سويد إلى باب المسجد فاضرب عنقه بمجذر بن زياد فإنه قتله يوم أحد فأخذه عويم فقال الحارث دعني أكلم رسول الله و رسول الله ص يريد أن يركب و دعا بحماره إلى باب المسجد فجعل الحارث يقول قد و الله قتلته يا رسول الله و ما كان قتلي إياه رجوعا عن الإسلام [ 50 ] و لا ارتيابا فيه و لكنه حمية الشيطان و أمر وكلت فيه إلى نفسي و إني أتوب إلى الله و إلى رسوله مما عملت و أخرج ديته و أصوم شهرين متتابعين و أعتق رقبة و أطعم ستين مسكينا إني أتوب إلى الله يا رسول الله و جعل يمسك بركاب رسول الله ص و بنو المجذر حضور لا يقول لهم رسول الله ص شيئا حتى إذا استوعب كلامه قال قدمه يا عويم فاضرب عنقه و ركب رسول الله ص فقدمه عويم بن ساعدة على باب المسجد فضرب عنقه . قال الواقدي و يقال إن الذي أعلم رسول الله قتل الحارث المجذر يوم أحد حبيب بن يساف نظر إليه حين قتله فجاء إلى النبي ص فأخبره فركب رسول الله ص يتفحص عن هذا الأمر فبينا هو على حماره نزل جبرائيل ع فخبره بذلك فأمر رسول الله ص عويما فضرب عنقه ففي ذلك قال حسان
يا حار في سنة من نوم أولكم فأما البلاذري فإنه ذكر هذا و قال و يقال إن الجلاس بن سويد بن الصامت هو الذي قتل المجذر يوم أحد غيلة إلا أن شعر حسان يدل على أنه الحارث . قال الواقدي و البلاذري و كان سويد بن الصامت حين ضربه المجذر بقي قليلا ثم مات فقال قبل أن يموت يخاطب أولاده
أبلغ جلاسا و عبد الله مالكه [ 51 ]
اقتل جذارة إذ ما كنت لاقيهم قال البلاذري جذرة و جذارة أخوان و هما ابنا عوف بن الحارث بن الخزرج . قلت هذه الروايات كما ترى و قد ذكر ابن ماكولا في الإكمال أن الحارث بن سويد قتل المجذر غيلة يوم أحد ثم التحق بمكة كافرا ذكره في حرف الميم من هذا الكتاب و هذا هو الأشبه عندي |