392

وَ قَالَ ع مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ : وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى : مَنْ فَاتَهُ حَسَبُ نَفْسِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ حَسَبُ آبَائِهِ قد تقدم مثل هذا و قد ذكرنا ما عندنا فيه و قال الشاعر

لئن فخرت بآباء ذوي حسب
لقد صدقت و لكن بئس ما ولدوا

و كان يقال أجهل الناس من افتخر بالعظام البالية و تبجح بالقرون الماضية و اتكل على الأيام الخالية . و كان يقال من طريف الأمور حي يتكل على ميت . و كان يقال ضعة الدني‏ء في نفسه و الرفيع في أصله أقبح من ضعة الوضيع في نفسه و أصله لأن هذا تشبه بآبائه و سلفه و ذاك قصر عن أصله و سلفه فهو إلى الملامة أقرب و عن العذر أبعد . افتخر شريف بأبيه فقال خصمه لو وفقت لما ذكرت أباك لأنه حجة عليك تنادي بنقصك و تقر بتخلفك . كان جعفر بن يحيى يقول ليس من الكرام من افتخر بالعظام . و قال الفضل بن الربيع كفى بالمرء عارا أن يفتخر بغيره .

[ 332 ]

و قال الرشيد من افتخر بآبائه فقد نادى على نفسه بالعجز و أقر على همته بالدناءة . و قال ابن الرومي

و ما الحسب الموروث لا در دره
بمحتسب إلا بآخر مكتسب
إذا العود لم يثمر و إن كان شعبة
من الثمرات أعتده الناس في الحطب

و قال عبد الله بن جعفر

لسنا و إن أحسابنا كرمت
يوما على الآباء نتكل
نبني كما كانت أوائلنا
تبني و نفعل مثل ما فعلوا

و قال آخر

و ما فخري بمجد قام غيري
إليه إذا رقدت الليل عنه
إلى حسب الفتى في نفسه انظر
و لا تنظر هديت إلى ابن من هو

و قال آخر

إذا فخرت بآبائي و أجدادي
فقد حكمت على نفسي لأضدادي
هل نافعي إن سعى جدي لمكرمة
و نمت عن أختها في جانب الوادي

و قال آخر

أ يقنعني كوني بمن كوني ابنه
أبا لي أن أرضى لفخري بمجده
إذا المرء لم يحو العلاء بنفسه
فليس بحاو للعلاء بجده
و هل يقطع السيف الحسام بأصله
إذا هو لم يقطع بصارم حده

و قيل لرجل يدل بشرف آبائه لعمري لك أول و لكن ليس لأولك آخر .

[ 333 ]

و مثله أن شريفا بآبائه فاخر شريفا بنفسه فقال الشريف بنفسه انتهى إليك شرف أهلك و مني ابتدأ شرف أهلي و شتان بين الابتداء و الانتهاء . و قيل لشريف ناقص الأدب إن شرفك بأبيك لغيرك و شرفك بنفسك لك فافرق بين ما لك و ما لغيرك و لا تفرح بشرف النسب فإنه دون شرف الأدب

[ 334 ]