علي [فعله] إلى أمر النبي صلى الله عليه وسلم، قوله: إنه لعهد النبي صلى الله (5)
عليه إلي أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين . وشهادة المهاجرين والأنصار له
بما قال [و] فيهم عمار بن ياسر، وأبو أيوب الأنصاري، وأهل الفضل والسابقة. [وإنما
قدمنا هذه المقدمة] لتعلموا أن شأن من ذهب عن فضل أمير المؤمنين [ليس إلا] المعاندة
واتباع الهوى دون الحجة.
(هامش)
(5) وفي الأصل كتب فوق قوله: صلى الله عليه لفظتا عليه السلام . ثم إن أمر
النبي عليا عليه السلام بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين من الأخبار المتواترة
المقطوعة الصدور عن النبي صلى الله عليه وآله، وعده العلماء من أدلة صدق النبي
ونبوته لأنه أخبر بهذا الأمر قبل تحققه فوقع على طبق ما أخبر به. فممن ذكره في
أعلام النبوة هو أبو حاتم الرازي في الفصل: (5) من كتاب أعلام النبوة ص 110، ومنهم
أبو نعيم والبيهقي في كتابيهما دلائل النبوة. وللحديث مصادر وأسانيد كثيرة، وشواهد
جمة تجدها تحت الرقم: (216) وتواليه في الباب: (53) من السمط الأول من فرائد
السمطين: ج 1، ص 278 ط 1، وتحت الرقم: (1195) وتواليه من ترجمة أمير المؤمنين عليه
السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 158، ط 1. (*)
ص 38
[بيان بدء بيعة أبي بكر، وبيانه وإبانته عن نفسيته وشخصيته].

فارجعوا الآن إلى
النظر في بدء بيعة أبي بكر، وكيف كان السبب لتعلموا أن القوم لم يميلوا إليه تفضيلا
له على علي بن أبي طالب، ولا جعلوا ذلك علة للتقدمة. ولسنا نحتج عليكم بما روته
الرافضة من أن بيعته كانت على المغالبة والقهر دون الاجتماع والرفق (1) والذي رويتم
أن القوم لما بلغهم اجتماع الأنصار وتأميرهم سعدا، مضوا وبادروا بالبيعة عن غير
شورى ولا اجتماع ولا نظر. فالتمسنا طلب المخرج، وتأولنا ما رويتم تأويلا حسنا،
فقلنا: إن القوم لما بلغهم اجتماع الأنصار، وما بدأوا به من الخلاف بادروا بالبيعة
لأبي بكر مخافة الانتشار والاختلاف وفساد القوم (2) ولذلك قال عمر: كانت بيعة أبي
بكر فلتة وقاه الله شرها. [وإنما أنطقه الله بذلك] لتعلموا أن القوم لم يميلوا إلى
أبي بكر بالتقديم، ولا وجبت [له] الإمامة بالتفضيل، ولا ادعى ذلك له أحد علمناه
وإنما كانت علتهم في ذلك دفع قول الأنصار [وبيان حق] القرابة من رسول الله صلى الله
عليه [و] أن الإمامة في قريش محصورة، وعلى غيرهم محظورة.
(هامش)
(1) هذا غير مختص بروايات الرافضة بل الناصبة من شيعة أبي بكر أيضا رووا ذلك مع شدة
كراهتهم عن رواية أمثاله مما يوهن أمر أبي بكر وأصحابه، ويفضحهم عند من له إنسانية
وحرية ضمير، فراجع قضية السقيفة من أنساب الأشراف وتاريخ الطبري وكتاب السقيفة
للجوهري وتاريخ الكامل من أمثالها مما ألفه من له إنصاف، وممن يراعي حق العلم
والأمانة مقدارا ما. (2) هذا هو الظاهر، وفي أصلي: لفساد القول... . (*)
ص 39
ولسنا نحتج عليكم إلا بسلاحكم، ولا نأخذكم إلا بما رويتم لتعلموا أن الحق قوي، وأن
الباطل وهي. وما يحقق ما قلنا ويصدقه قول أبي بكر: وليتكم ولست بخيركم فقد أبان
عن نفسه بخلاف ما قلتم، وكذبكم نصا في مقالتكم (1). فإن زعم قوم أن قوله: وليتكم
ولست بخيركم معناه: [لست بخيركم] نسبا. كان هذا من التأويل خطأ، لأن الخبر متى
خرج مرسلا عاما، وحمل على الخصوص بطلت حجية الأخبار، وسقط الاحتجاج بالآثار فلم
ينتج (2) علم أخبار الله في القرآن وسقطت المناظرة وتعلق كل مبطل بمثل هذه العلة
وجعل العام خاصا، والخاص عاما، ولو ساغ هذا التأويل لساغ مثله في الخبر، لو جاء عن
أبي بكر: وليتكم ولست بخيركم (3). فإن قال قائل: لو قال هذا لم يكن للتأويل مساغ.
قلنا: بلي. يقول: لست، بخيركم دينا فيما مضى ولست بخيركم دينا في نفس الولاية،
فإنما كنت خيركم دينا بنفس السبق والهجرة. ومعنى قوله: لست بخيركم دينا، يريد أني
لم أكن خيركم دينا من أجل ولايتكم. وهذا أشد [خطأ] من الأول لأنه ذكر الولاية في
كلامه ولم يذكر النسب، والكلام على عمومه يلزمكم مخرجه وظاهره، فمن ادعى الخصوص
ادعى أمرا معينا لا يوصل إلى علمه إلا بأمر ظاهر أو خبر منصوص، وقائل هذا لم يذهب
إلى معنى [يدل عليه ظاهر الكلام، أو خبر منصوص يبين المراد منه] غير أن ضيق الباطل
يدعو صاحبه إلى مثل هذا التأويل. وذلك لأن نسب أبي بكر كان معروفا عند القوم غير
مجهول، ولم يكن بينهم
(هامش)
(1) كذا في الأصل، غير أن جملة: وكذبكم نصا في كانت فيه مهملة. (2) لعل هذا هو
الصواب، وفي الأصل: والآثار فلم كتب علم أخيار الله في القرآن.. . (3) كذا. (*)
ص 40
مشاجرة في النسب، ولا شبهة فيحتاج أبو بكر إلى ذكره ونعته فهذا من قوله محال، وقد
علموا جميعا أن أبا بكر ليس بخيرهم نسبا، ولا معنى لهذا التأويل أكثر من التلطف إلى
الحيلة، وإنما قال أبو بكر ذلك عندنا على جهة الإبانة [عن نفسه]. فإن بعض الناس (1)
توهم أن الولاية كانت لأبي بكر على جهة التفضيل والتقدمة، فأبان عن نفسه، ونفى غلط
الناس في ذلك وخطأهم وتعديهم وردهم إلى الحق، ووقفهم عليه لأن هذا كان طريقه ومذهبه
/ 10 / أن يحمل الناس على الصواب فيه وفي غيره، ويبين لهم الحق عند تركه والذهاب
عنه، فقال: وليتكم ولست بخيركم فلا تجعلوا ولايتي سببا لغلطكم وقولكم: أني أفضل
وأحق من غيري. وقد احتال قوم أيضا لهذه الكلمة حيلة أخرى، فقالوا: إنما كان ذلك منه
على حد التواضع والنصفة، وترك التزكية، لأن المؤمن لا يمدح نفسه ولا يزكيها على
لسانه لقول الله تعالى: فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى [32 / النجم: 53].
وهذا في التأويل أوضح خطأ من الأول مع ما يلزم قائله من النقص وذلك لأن التواضع لا
يكون في الكذب ولا الإنصاف يكون على نفي مصير الحق، لأن هذا القول من غير أبي بكر
كذب، وكيف يكون من غيره كذبا ومنه تواضعا؟ ولا يجوز أن يقول المؤمن: لست بمؤمن
تواضعا وقد علمتم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر الخلق تواضعا وإنصافا، ولا
يجوز أن يقول: أرسلت إليكم ولست بخيركم على التواضع والنصفة، وليس من التواضع
أن يقول الزكي: لست بزكي (2) والمؤمن لست بمؤمن، والصالح لست بصالح، والفاضل لست
بفاضل، وإنما التواضع يكون بالإمساك عن ذكر نفسه ومدحه لها وحسن المحاورة
والمساواة، بحسن العشرة. ثم نرجع إلى المقدمين لأبي بكر على أبي حسن بالمسألة،
فنقول (3): ما حجتكم
(هامش)
(1) هذا هو الصواب، وفي الأصل: وإن بعض الناس.. . (2) هذا هو الظاهر، وفي الأصل
لست: لست بمؤمن.. . (3) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: فيقال: ما حجتكم... . (*)
ص 41
في تفضيله على علي بن أبي طالب؟ فإن لجأوا إلى اجتماع الناس على أبي بكر وهي من
أكبر عللهم قلنا لهم: إن تقديم الناس له قد شرحنا سببه، وإن اختيارهم له لا يوجب له
الفضل على غيره، وإنما سألناكم عن إبانة فضله على غيره قبل الاختيار له، وإلا فإن
لم يكن قبل الاختيار فاضلا مقدما على علي بن أبي طالب لم يكن لقولكم: اختاروه
لأنه أفضل معنى يثبت النسب؟ وإن زعمتم أن باختيارهم [له] كان فاضلا لفعل غيره، لأن
اختيارهم له فعلهم. و[الجواب إنه لو كان باختيارهم فاضلا مقدما، لكان قبل الأخيار
منقوصا مؤخرا، فأرونا فضله على علي وتقدمه عليه بفضيلة مشهورة [كي يكون] لاختيارهم
بذلك مستحقا، وبالإمامة أولا، وإلا فلم نسلم لكم ما ادعيتم أبدا. فإن قالوا: قد
كانت له فضائل لا يعرف عليها، وعلي لا يعرفها، غير أنا نعلم أن اختيارهم له [كان]
عن تقديم وتفضيل. يقال لهم فما الفرق بينكم وبين من قال: أجمعوا على أبي بكر لعلة
لا أقف عليها، إلا أني أعلم أنهم لم يجمعوا عليه لأنه كان أفضل، ولو كان قبل
الاختيار أفضل من علي لبان ذلك وشهر، ولكان ظاهرا غير مكتم، ولو كان اختيارهم لعلة
تفضيله وكانت إمامة المفضول غير جائزة لما جاز للأنصار أن يقولوا: منا أمير ومنكم
أمير، ولكان حراما على أبي بكر أن يمد يده إلى عمر وأبي عبيدة ويقول: أنا أبايع
أيكم شاء فليمد يده. فإن قالوا: الدليل على ما قلنا: صلاته بالناس أيام حياة رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: مري أبا بكر يصلي
بالناس. قلنا: هذا خبر جاء عن عائشة لم تقم حجته ولم تلقه الأمة بالقبول، على أنا
متى سلمنا لكم الحديث لم يجب به تقدمة لأبي بكر على علي، ومتى نظرنا في آخر الحديث
احتجنا إلى أن نطلب للحديث مخرجا من النقص والتقصير وذلك أن في آخره: أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم لما وجد إفاقة وأحس بقوة خرج حتى أتى المسجد، وتقدم فأخذ بيد
أبي بكر فنحاه عن مقامه وقام في موضعه. فقالت الرافضة: هذا من فعله يدل على أن ذلك
لم يكن عن أمره ودليل على تهمة
ص 42
الخبر بل يوجب اليقين والعلم بأن الأمر له بالصلاة لو كان تلقيا (1) عن الرسول صلى
الله عليه لم يخرج بالمبادرة مع الضعف / 11 / والعلة حتى نحاه وصار في موضعه، ولو
كان ذلك عن أمره لتركه وصلى خلفه كما صلى خلف عبد الرحمن بن عوف. وقد شهدتم جميعا
أن صلاته خلف عبد الرحمان بن عوف لا توجب له تقديما على علي بن أبي طالب. مع ما
يدخل حديثكم من الوهن والضعف والشذوذ. وقد عارضتكم الرافضة في حديثكم، فقالت: كيف
قبلتم قول عائشة في الصلاة وجعلتموها حجة، ولم تقبلوا قول فاطمة في فدك، وشهادة أم
أيمن لها وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم
بالجنة. فإن قلتم: إن الحكم في الأصول لا تجب بشهادة امرأة! قلنا لكم: وكذلك الحجة
في الدين لا يثبت بقول امرأة، ولئن كانت صلاة أبي بكر بالناس توجب له التقدم على من
صلى خلفه، فصلاة عمرو بن العاص بأبي بكر وعمر توجب له التقدم عليهما، ولعمرو مع
الصلاة الولاية الجامعة للصلاة وغيرها وهذا الخبر مجمع عليه، فلم يكن عند أحد منهم
علة يدعيها في تقديم أبي بكر على علي رضي الله عنه. فلجأ بعض أهل النظر إلى القياس،
فقال: لو جاز أن يولى المفضول على الفاضل لجاز أن يرسل مفضول إلى فاضل، ولو جاز ذلك
لجاز أن يكون في زمن الرسل من هو أفضل منهم، فرجع هذا بعد إلى فعل الناس فجعله حجة
من طريق القياس. فقلنا له: إن جوابك هذا قد انتقض من وجوه: أولها: إن الإمامة لا
تشبه النبوة، وهي بالإمارة أشبه (2) لأن الإمام لا يشهد على
(هامش)
(1) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: تلعبا.. . (2) هذا سهو عظيم من المؤلف ومن على
مزعمته، إذ الإمامة أخت النبوة، والعلة الماسة. - المعيار والموازنة - أبوجعفر
الإسكافي ص 42: إلى بعث الرسول، هي العلة الماسة إلى تعيين الرسول خليفته في أمته
كي يحافظ على ما جاءه به من عند الله من كتاب الله تعالى، ومما سن لأمته مما لا
يوجد في كتاب الله، أو مما لا يمكن لغير المؤيد من عند الله، وغير المتعلم من رسول
الله أن يفهمه من كتاب الله تعالى، وإلا لغير الجاهلون والمبطلون من الأمة الدين عن
مجراه الأصيل ومنهجه القويم، وقضوا (*)
ص 43
غيبه، وقد يجوز عليه التبديل والتغيير، والنبي صلى الله عليه وسلم قد يشهد على غيبه
ويؤمن تبديله وتغييره، فهل يجوز لقائل أن يقول: لو جاز أن يولى إمام لا يشهد على
غيبه لجاز أن يرسل رسولا يشهد على نفسه (1). ولو أمكن أن يكون إمام لا يؤمن تبديله
وتغييره، أمكن أن يرسل الله رسولا لا يؤمن تبديله وتغييره، فهذا عندهم قياس منتقض
فاسد، والإمامة لا تقاس بالنبوة، وقياس الإمامة الإمارة لأن الإمام ليس له أن يتعدى
حكم الله وعليه الاتباع، وتلك منزلة الأمير والأمير لا يشهد على نفسه كما لا يشهد
على غيبه [ظ] الإمام، والإمام قد يولى ويعزل ويصلي وتلك منزلة الأمير. قلنا: فهل
يجوز تولية المفضول على الفاضل؟ وذلك في الدين جائز صحيح ومن اختيار الأمة غير فاسد
على حسب ما كان من اختيار النبي صلى الله عليه وسلم عمرو ابن العاص وتوليته على أبي
بكر وعمر في غزوة ذات السلاسل، ولم يوجب تجويزه بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم
مفضولا إلى من هو أفضل منه، قياسا على إمارة المفضول على الفاضل، ولو كان ما قلتم
جائزا لكان هذا لكم ألزم لأن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم إلى اختيار الله أقرب
وأولى من اختيار الناس باختيار الله. فإن قالوا: فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم
لأن عمرو بن العاص متى بدل وغير رجع أمره إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بعد
موته غير جائز. قلنا: تولية الإمام المفضول جائزة من اختيار الأمة لأنه متى بدل
وغير رجع أمره إلى الأمة في عزله وتولية غيره، ولو كانت تولية المفضول جائزة أيام
النبي صلى الله عليه وسلم لأنه متى غير المولى رجع أمره إلى النبي صلى الله عليه
وسلم إذ كان حيا لكان هذا في إرسال الله نبيا إلى الفاضل أوكد، لأنه متى عصى وغير
رجع أمره إلى الله إذا كان حيا لا يموت. انقضى القول في إمامة المفضول.
(هامش)
على الدين وأهله في أقصر مدة كما صنعه من يدعي اتباع موسى وعيسى عليهما السلام،
فإذا لا بد من وصي الرسول وخليفته أن يكون كالرسول إلا في النبوة، وتلقى الوحي من
الله بلا واسطة. (1) كذا. (*)
ص 44
[طريقة انعقاد الإمامة بنظر المؤلف، ووصف بيعة الناس لأمير المؤمنين عليه السلام،
وإنها كانت أقوى بيعة أركانا وأعظمها حجة وأوضحها سنة وأوكدها سببا وأقومها طريقة].

ونحن / 12 / واصفون (1) إمامة علي و[أنها] كيف كان سببها لتعلموا أن إمامته كانت
أقوى إمامة سببا وأثبتها قوة وأقواها أركانا، وأوضحها سنة، وأعدلها سبيلا، وأعظمها
حجة. إن سبيل الإمامة وسببها أن تكون برأي أهل الفضل والسابقة ومن بمثلهم يزول
التهمة والريبة، وتثبت الحيطة والنصيحة. وسنة الإمامة أن تكون شورى بين أهل الفضل
والعدالة والعلم والمعرفة بحكم الكتاب والسنة لقول الله تبارك وتعالى: وأمرهم
شورى بينهم [38 / الشورى: 42]. وسنة الإمامة أن لا يكون الناظرون فيها يظهر كل
إنسان منهم لنفسه الطلب لها والرغبة فيها لأن هذا المعنى يدعو إلى الاختلاف ويوجب الظنة والتهمة، ويكون سببا للانتشار والفتنة. ومن سببها أن يكون متى بدأ بعقدها
لرجل وتولاها جماعة موصوفون بالستر والعدالة معروفون بالخير غير متهمين أن يسلم
الباقون إلا أن يكون عندهم حجة في أن المولى لا يستحقها، وأن غيره أولى بها، فمتى
لم يظهر منهم طعن عليه [ولم] تتبين حجة أو
(هامش)
(1) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: ونحن واضعون.. . (*)
ص 45
دليل واضح كان عليهم الرضا والتسليم. فانظر [وا] هذه الشرائط فيمن اجتمعت لتعلموا
صحة ما نقول. وقد وصفنا لكم بيعة أبي بكر وكيف كان سببها وإنها كانت على العجلة دون
الانتظار والمشورة، وأن الذي تولى عقدها رجلان في البدء: عمر وأبو عبيدة، وأنهم
سعوا فيها وطلبوها بعد أن كان العقد للأنصار وما كان من خلاف سعد ويمينه (1) وقول
سلمان وغيره (2). وروي أن علي بن أبي طالب لم يبايع أشهرا من غير أن يظهر إنكارا
ولا سخطا (3).
(هامش)
(1) وهو قوله لعمر - لما قال: اقتلوه قتله الله -: أما والله لو أن بي قوة أقوى على
النهوض لسمعت مني في أقطارها وسككها زئيرا يحنجرك وأصحابك. أما والله إذا لألحقنك
بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع.. وأيم الله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما
بايعتكم... (2) كحباب بن المنذر وقيس بن سعد بن عبادة والزبير بن العوام، والصديقة
الطاهرة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليهما، والإمام أمير المؤمنين عليه السلام.
والقوم لشدة كراهتهم عن ذكر أمثاله لم يذكروه على سبيل التفصيل ومجموع الأطراف، نعم
أجرى الله قلمهم بذكر جمل وافية منها تتم بها الحجة كما تجدها في تاريخ الطبري
والكامل وأنساب الأشراف وسقيفة الجوهري وغيرها. (3) والمروي في كتاب المصنف: لعبد
الرزاق: ج 5 ص 442 وصحيح البخاري وحوادث سنة (11) من الهجرة من تاريخ الطبري: ج 3 ص
202. وتاريخ الكامل: ج 2 ص 220 ط بيروت إنه عليه السلام مع كافة بني هاشم لم
يبايعوا أبا بكر حتى توفي بضعة رسول الله فاطمة الزهراء صلوات الله عليهما بعد ستة
أشهر من وفاة النبي صلى الله عليه وآله، فعند ذلك صرف وجوه الناس عنه بالكلية فاضطر
إلى بيعة أبي بكر. ثم إن قول المصنف: من غير أن يظهر إنكارا ولا سخطا من أبدع
العجائب، ومن المصنف طريف جدا، فإنه عليه السلام أنكر تقدمهم عليه فعلا وقولا، أما
إنكاره عليهم فعلا فكفى إمساكه عن بيعته لهم طول حياة فاطمة صلوات الله عليها، وكفى
لضلالهم وكون رئاستهم ظلما وزورا أن يتخلف عنهم علي الذي يدور معه الحق حيثما دار،
والذي يكون مع القرآن والقرآن معه لا يفترقان حتى يردا على النبي صلى الله عليه
وسلم حوضه كما في حديث الثقلين الذي ورد بنحو التواتر عن النبي صلى الله عليه وآله.
ورواه شيعة آل أبي سفيان في صحاحهم وكتبهم المعتبرة بشتى الأسانيد. وكذلك قوله صلى
الله عليه وآله = (*)
ص 46
(هامش)
= وسلم: علي مع الحق والحق معه حيثما دار وقوله صلى الله عليه وآله: علي مع القرآن
والقرآن معه . فراج