الصفحة السابقة الصفحة التالية

المعيار والموازنة

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

 

ص 126

عن نفسك وإذا شئت فسر بنا إلى عدوك، فوالله ما ينجو من الموت من خافه، ولا يعطى البقاء من أحبه، ولا يعيش بالأمل إلا الأشقياء، وإنا لعلى يقين من ربنا أن نفسا لن تموت حتى يأتي أجلها. بل كيف لا نقاتل قوما هم كما وصف أمير المؤمنين، والله ما ازدادوا للإسلام إلا غشا ولا لأهله إلا بغضا، ولقد وليت عصابة منهم على طوائف من المسلمين فأسخطوا الرب، وأظلمت بأعمالهم الأرض، وأماتوا السنة، وأحيوا البدعة، وباعوا خلاقهم بعرض من الدنيا يسير (1) فعجل النهوض بنا إليهم نحاكمهم إلى الله فيما اختلفنا فيه حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين. ثم قعد. فقام عدي بن حاتم الطائي فقال: يا أمير المؤمنين ما قلت إلا بعلم ولا دعوت إلا إلى الحق، وما أمرت إلا برشد فإن رأيت أن تستأني هؤلاء القوم وتستديمهم حتى يقدم عليهم رسلك، ويقدم عليهم كتبك فعلت، فإن يقبلوا يصيبوا رشدهم، والعافية أوسع لنا ولهم، وإن يتمادوا في غيهم، ولم ينزعوا عن شقاقهم القانا ذلك (2) وقد تقدمنا إليهم بالعذر ودعوناهم إلى ما في أيدينا من الحق. ولعمري لهم أهون علينا من قوم قاتلناهم أمس بناحية البصرة لما جهر [ت] لهم الحق فتركوه ناجزناهم القتال حتى رأينا فيهم ما نحب، وبلغ الله فيهم رضاه. فقام زيد بن حصين الطائي - وكان من / 38 / أصحاب البرانس - فقال: لعمري لئن كنا في شك من قتال من خالفنا [و] لا تصلح لنا النية في قتالهم حتى نستأنيهم ونستديمهم (3) ما الأعمال إلا في تباب ولا السعي إلا في ضلال ووالله - وبنعمة ربي

(هامش)

(1) هذا هو الظاهر الموافق لما في كتاب صفين، وفي الأصل: وباعوا بخلاقهم.. . والخلائق - بفتح الخاء -: الحظ والنصيب من الخير. (2) كذا في الأصل، وفي كتاب صفين ص 99: وإن يتمادوا في الشقاق ولا ينزعوا عن الغي فسر إليهم وقد قدمنا إليهم العذر، ودعوناهم إلى ما في أيدينا من الحق.. . (3) هذا هو الظاهر الموافق لما في كتاب صفين ص 99، وفي الأصل: ونسنده بهم . (*)

ص 127

أحدث، وببلائه الحسن الجميل أنبئ - ما ارنبت طرفة عين في غي من يبتغون دمه (1) فكيف بأتباعه القاسية قلوبهم القليل في الإسلام حظهم أعداء الحق وأعوان الظلم [و] مشددي أساس العدوان، ليسوا من المهاجرين ولا الأنصار ولا التابعين بإحسان. فقام إليه رجل من طي فقال: يا زيد أكلام سيدنا عدي تهجن؟ فقال: إنكم والله ما أنتم أعرف بحق عدي مني، ولا أدع الحق وإن سخط الناس. فقال عدي: الطريق مشترك والناس في الحق سواء، ومن اجتهد رأيه ونصيحته للعامة فقد قضى ما عليه وله (2). قالوا: ثم قام عمار بن ياسر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أمير المؤمنين إن استطعت فلا تقم يوما واحدا، أشخص بنا قبل استعار [نار] حرب الفجرة، واجتماع رأيهم على الصدود والفرقة، فادعهم إلى حظهم ورشدهم فإن قبلوا سعدوا، وإن أبوا إلا حربنا ناجزناهم فوالله إن سفك دمائهم والجد في جهادهم (3) لقربة من الله وكرامة منه. ثم قعد. فقام قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري فقال: يا أمير المؤمنين انكمش إلى عدونا ولا تعرج (4) فوالله إن جهادهم أحب إلي من جهاد الترك والروم لإدهانهم في دين الله واستذلالهم أولياء الله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله والتابعين بإحسان إذا غضبوا على رجل حبسوه أو ضربوه أو سيروه أو حرموه، وفيئنا [لهم] في أنفسهم حلال.

(هامش)

(1) الظاهر أن هذا هو الصواب، وفي الأصل: من تبغون دمه وفي كتاب صفين ص 99. فيمن يبتغون دمه . (2) كذا في الأصل، وجعله في كتاب صفين ص 95 من كلام أمير المؤمنين معقبا به كلام الأشتر، ثم ذكره في ص 100، منه عن عدي بن حاتم بمثل ما هاهنا. (3) هذا هو الظاهر الموافق لما في كتاب صفين، ص 93، وفي الأصل: في عداوتهم.. . (4) ومثله في شرح ابن أبي الحديد، يقال: عرج فلان عن الشيء: تركه ومال عنه. وعرج: وقف ولبث. وتعرج على المكان: حبس مطيته عليه وأقام فيه. وفي كتاب صفين ص 93: ولا تمرد. (*)

ص 128

فقام يزيد بن قيس الأرحبي فقال: يا أمير المؤمنين إن الناس على جهاز وعدة، وأكثرهم أهل قوة، ومن ليس به ضعف (1) وليست به علة، فمر مناديك أن ينادي فليخرجوا إلى معسكرهم بالنخيلة فإن أخا الحرب ليس بالسئوم ولا النؤم، ولا الذي إذا أمكنته الفرص أملى لها واستشار فيها، ولا الذي يؤخر عمل الحرب في اليوم إلى غد وبعد غد. فقال زياد بن النضر الحارثي: يا أمير المؤمنين [لقد] نصح لك يزيد بن قيس وقال ما عرفناه، فسر على بركة الله إلى عدوك راشدا معانا، فإن يرد الله بهم خيرا لا يدعوك رغبة عنك إلى من ليس مثلك في السابقة مع النبي صلى الله عليه وسلم والقدم في الإسلام والقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإ [ن] لا ينيبوا ويقبلوا ويأبوا إلا حربنا (2) يجدوا بهم علينا هوانا ورجونا أن يصرعهم الله إلى مصارع إخوانهم بالأمس. فقال عبد الله بن بديل الخزاعي: إن القوم والله لو كانوا يريدون الله أو لله يعملون [ما خالفونا] ولكن القوم إنما يقاتلونا فرارا من الأسوة وحبا للأثرة، وضنا بسلطانهم وكراهية لفراق دنياهم التي في أيديهم وغلا ووحرا في صدورهم وعداوة يجدونها في أنفسهم. وكيف يبايع معاوية عليا وقد قتل أخاه وخاله وجده، والله ما أظن أن يفعل دون أن تقصد فيهم المران وتقطع على هامهم السيوف، وتنثني حواجبهم بعمد الحديد (3) فتكون أمور جمة بين الفريقين. فخرج علي رضي الله عنه فعسكر بالنخيلة، فلما توافي أصحابه بالنخيلة قام رجل

(هامش)

(1) كذا في الأصل، وفي كتاب صفين ص 101: ومن ليس بمضعف وليس به علة.. . (2) وكان في الأصل هكذا: وإلا تبتوا ويقتلوا يجدوا بهم علينا هوانا.. . وصححناه من كتاب صفين وفيه: وإلا ينيبوا ويقبلوا ويأبوا إلا حربنا نجد حربهم علينا هينا، ورجونا أن يصرعهم الله مصارع إخوانهم بالأمس . (3) كذا في الأصل، وفي كتاب صفين ص 103: وتنثر حواجبهم بعمد الحديد . (*)

ص 129

يقال له جندب بن زهير الأزدي والحارث الأعور الهمداني فقالا: قد آن للذين أخرجوا من ديارهم بغير حق أن يؤبوا فيغيروا، وللمظلومين والمحرومين أن ينتصروا (1) وللمنكرين الجور بقلوبهم أن ينطقوا. ألا إن المؤمنين استذلوا فقهروا، وقلوا فستروا، وأخرجوا من أموالهم وأخلوا عن أبنائهم ونسائهم (2) فصلحاء من عباد الله بالمشرق منفيون إلى المغرب، وصلحاء أسلافنا السابقين بالخيرات منفيون / 39 / من حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جوار الوحش والسباع بمنزلة الغربة والوحدة والوحشة، فالحدود معطلة والولاة فجرة، ودين الله مفقود، وكتابه ممزق وعهده منبوذ فما تنتظرون عباد الله من جهاد قوم لا يكفون عن الظلم، ولا يعطون حق الرب، ولا يحكمون بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون. فقال الحارث بن عبيد الأعور في عراص كلام حدب كالمستجيب لقوله والمحرض معه: وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله - وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا وأموالنا - الذين يشربون الخمور ويلبسون الحرير، ويفترشون الديباج، ويزعمون أن فيئنا لهم حلال. ثم قام عمرو بن الحمق فقال: يا أمير المؤمنين والله ما بايعتك ولا أجبتك على عرض من الدنيا تؤتنيه، ولا التماس سلطان ترفع ذكري به، ولكني أجبتك لخصال خمس: إنك ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولى الناس بالمؤمنين بالله (3) وزوج سيدة [نساء] الأمة [فاطمة] بنت رسول الله عليه السلام، وأبو الذرية التي بقيت فينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعظم رجل من المهاجرين والأنصار (4) سهما في الإسلام، فوالله لو كلفت نقل الجبال الرواسي ونزح البحار الطوامي أبدا حتى

(هامش)

(1) لعل هذا هو الصواب، وفي أصلي أن يووبوا فيعتبروا للمظلومين وللمحرومين أن ينتصروا . (2) كذا في أصلي، ولعل الصواب: وقتلوا فقبروا وأخرجوا من مساكنهم وديارهم، وأخذوا عن أبنائهم ونسائهم.. . (3) كذا في الأصل، وفي كتاب صفين: إنك ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وأول من آمن به.. . وما وضعناه بعد ذلك بين المعقوفات مأخوذ منه. (4) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: وأعظم رجل واحد من المهاجرين.. . وفي كتاب صفين: وأعظم رجل من المهاجرين سهما في الجهاد.. (*)

ص 130

يأتي علي يومي في شيء أوهن به عدوك وأقوي به وليك، ويعلي الله كعبك، ويفلج الله علي به حجتك، ما ظننت أني أديت كل الذي [يحق] علي من حقك. فقال علي: اللهم نور قلبه باليقين، واهده الصراط المستقيم ليت في جندي مائة مثلك. ثم قام حجر بن عدي فقال، يا أمير المؤمنين نحن أبناء الحرب وأهلها الذين لم نزل نلقحها وننتجها وقد ضرستنا الحرب وضرسناها ومارسناها (1) ولنا إخوان ذو صلاح وعشيرة ذات عدد ورأي مجرب، وبأس محمود، ولله علينا النعماء والطول فأزمتنا (2) منقادة لك بالسمع والطاعة، فإن شرقت شرقنا، وإن غربت غربنا، وما هويت من أمر فعلنا. فقال علي: أكل قومك على مثل رأيك؟ فقال: ما يظهرون إلا حسنا وهذه يدي على قومي بحسن الطاعة والإجابة. فدعا له أمير المؤمنين بخير. وذكروا أنه قدم عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي إلى الأنبار وأتبعه كتابا منه (3) [وهذا نصه]: من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن بديل سلام عليك. أما بعد، فإنه بدا لي المقام بشاطئ الفرات لحمام عبد الله فليجيئني عبد الله بن عباس بمن معه وحريث بن جابر.

(هامش)

(1) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: الذي لم نزل نلقحها.. . ونلقحها من باب علم: نسعرها ونهيجها. وضرستنا الحرب من باب التفعيل: جربتنا وحنكتنا. (2) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: والله علينا النعما به والطول فإن مسنا . وفي كتاب صفين ص 104: ورأي مجرب وبأس محمود، وأزمتنا.. . (3) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: وأتبعه كتاب منه . (*)

ص 131

وانظر جندك فأقم بهم بالمكان الذي أنت به، وإياك ومواقعة أحد من خيل العدو حتى أتقدم عليك (1) وأذك العيون نحوهم (2) وليكن مع عيونك من السلاح ما يباشرون به القتال، ولتكن عيونك الشجعان من جندك، فإن الجبان لا يأتيك بصحة الأمر. وانته إلى أمري ومن قبلك بإذن الله والسلام. فلما أراد المسير قام في الناس فقال: الحمد لله غير مفقود بالنعم، ولا مكافأ بالإفضال (3). وأشهد أن لا إله إلا الله ونحن على ذلك من الشاهدين، وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما بعد ذلكم فإني قدمت مقدماتي وأمرتهم بلزوم هذا المكان حتى يأتيهم أمري (4) وقد أردت أن أقطع هذه النطفة إلى شرذمة موطنين أكناف دجلة فأنهضهم معكم إلى عدوكم إن شاء الله. وقد أمرت على مصركم عقبة بن عمرو الأنصاري، ولم الكم ولا نفسي نصحا فإياكم والتخلف والتربص فإني قد خلفت مالك بن حبيب اليربوعي [وأمرته أن لا يترك متخلفا إلا ألحقه بكم عاجلا إن شاء الله] (5). ثم دعا بدابته فجاء بها قنبر، فلما ركب أخذ مالك بعنانها فقال: يا أمير المؤمنين

(هامش)

(1) كذا. (2) هذا هو الظاهر، يقال: أذكى عليه العيون: أرسل عليه الجواسيس. وفي الأصل: وأدل العيون نحوهم.. . (3) وهذا وما بعده رواه في المختار: (48) من نهج البلاغة. ورويناه مع كثير من تواليه في المختار: (184) من كتاب نهج السعادة: ج 2 ص 121، ط 1، وفيهما: غير مفقود الإنعام، ولا مكافأ الأفضال.. . (4) كذا في الأصل، وفي المختار: (48) من نهج البلاغة و(184) من نهج السعادة: أما بعد فقد بعثت مقدمتي وأمرتهم بلزوم هذا الملطاط حتى يأتيهم أمري.. . (5) ما بين المعقوفين قد سقط عن أصلي، وأخذناه من كتاب صفين ص 132. (*)

ص 132

أتخرج بالمسلمين فيصيبوا أجر الجهاد والقتال وتخلفني في حشر / 40 / الناس (1)؟ فقال: يا مالك إنهم لن يصيبوا من الأجر شيئا إلا كنت شريكهم فيه، وأنت هاهنا أعظم غناء عنهم منك لو كنت معهم. فقال مالك: فسمعا وطاعة يا أمير المؤمنين. فسار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسار أمامه الحر بن سهم بن طريف التميمي وهو يقول: يا ناق سيري بي وأمي الشاما (2)* وقطعي الآحاد والآكاما (3) ونابذي من خالف الإماما * إني لأرجو إن لقيت العاما جمع بني أمية الطغاما * أن يقتل العاصي والهماما وأن نزيل من رجال هاما فلما انتهى الحر إلى آثار الكسرى وقف ينظر إليها ويتمثل بقول الأسود بن يعفر: جرت الرياح على محل ديارهم * وكأنما كانوا على ميعاد فقال له علي رضي الله عنه: فلولا قلت: كم تركوا من جنات وعيون، وزروع ومقام كريم [26 / الدخان: 44] إن هؤلاء كانوا وارثين فأصبحوا موروثين. إن هؤلاء لم يشكروا النعم فسلبوها بالمعصية، فإياكم وكفر النعم لا تحل بكم النقم (3). [ثم قال] انزلوا بنا هذه الفجوة (4). ثم أمر الحارث الأعور فنادى في أهل المدائن: أن وافوا أمير المؤمنين صلاة العصر. فوافوه فحمد الله وأثنى عليه [ثم] قال:

(هامش)

(1) هذا هو الظاهر الموافق لكتاب صفين ص 133، غير أن فيه: في حشر الرجال... . ورسم الخط من الأصل غامض وكأنه يقرأ: في حيس الناس.. . (2) وفي غير واحد من المصادر: يا فرسي سيري وأمي الشاما . (3) ورواه أيضا الحاكم النيسابوري في المستدرك: ج 2 ص 449، وفيه: واقطعي الأحقاف والأعلاما . ورواه أيضا أبو الفرج في كتاب الأغاني: ج 11، ص 130. (4) الفجوة: ما اتسع من الأرض، وفي كتاب صفين ص 143: انزلوا بهذه النجوة . والنجوة: المكان المرتفع. (*)

ص 133

أما بعد فإني قد عجبت لتخلفكم عن إخوانكم وانقطاعكم عن مصركم في [هذه] المساكن الظالم أهلها، أكثر سكانها لا معروف يأمرون به ولا منكر ينهون عنه (1). فقالوا: يا أمير المؤمنين كنا ننتظر أمرك. فخرج ثم نزل الأنبار فاستقبله دهقان من رؤسائها يقود البراذين [في جمع من الدهاقنة] وقد اتخذوا له ولأصحابه طعاما وعلفا [فلما استقبلوه ترجلوا له واشتدوا بين يديه] (2) فقال لهم: ما هذه الدواب التي معكم، وما أردتم بهذا الذي صنعتم: فقالوا: أما [ما] صنعنا فإنه. شيء كنا نعظم به الأمراء، وأما هذه البراذين فأهديناها لك، وقد صنعنا لك وللمسلمين طعاما، وهيئنا لدوابكم علفا. فقال [علي] رضي الله عنه: أما هذا الذي زعمتم أنه منكم خلق تعظمون به الأمراء، فوالله ما ينفع ذلك الأمراء، وإنكم لتشقون (3) على أنفسكم وأبدانكم فلا تعودوا له وأما دوابكم هذه فإن أحببتم أخذناها منكم وحسبناها لكم من خراجكم، وأما الذي صنعتم من الطعام والعلف، فإنا نكره أن نأكل من أموالكم شيئا إلا بثمن. فقالوا: يا أمير المؤمنين إن لنا من العرب موالي ومعارف أفتمنعنا أن نهدي لهم؟ وتمنعهم أن تقبلوا هديتنا؟ فقال عليه السلام: وكل العرب لكم موالي ومعارف، ليس أحد من العرب بأحق منكم من أحد، ولست أمنعكم أن تهدوا لمعرفة، ولا لأحد من المسلمين أن يقبل هدية، وإن غصبكم أحد فأعلمونا. فقالوا: إنا نحب يا أمير المؤمنين أن تقبل كرامتنا، فقال: ويحكم نحن أغنى منكم.

(هامش)

(1) وفي المختار: (190) من نهج السعادة: ج 2 ص 140: والهالك أكثر سكانها لا معروفا تأمرون به ولا منكرا تنهون عنه . (2) ما بين المعقوفات مما يدل عليه السياق، وهو مذكور معنى في كتاب صفين وتحت الرقم: (37) من الباب الثالث من نهج البلاغة. (3) هذا هو الصواب الموافق لما في نهج البلاغة ونهج السعادة، وفي الأصل: وإنكم لتشفقون... . (*)

ص 134

[نزول أمير المؤمنين عليه السلام في مسيره]

إلى الشام على جانب دير البليخ ب‍ الرقة ونزول صاحب الدير إليه وعرضه عليه الكتاب الذي كتبه بعض أصحاب عيسى بن مريم عليهما السلام في البشارة ببعث النبي العربي ومرور وصيه بجيشه على دير البليخ، ثم التوصية بالإيمان به ومصاحبة وصيه] فمضى [علي] ثم نزل إلى جانب الفرات فأتاه قيم كان هنالك (1) فقال: يا أمير المؤمنين إنه كان عند أبي كتاب قديم كتبه بعض أصحاب عيسى صلى الله عليه وسلم، وكنا أهل بيت نتوارثه فإن شئت أتيتك به؟ فقال: قد شئت، فأتاه به فقرأه عليهم، وإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم الذي قضى فيما قضى، وسطر فيما سطر وكتب فيما كتب، أنه باعث في الأميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويدلهم على سبيل الجنة، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سحاب في الأسواق (2) ولا يجزي السيئة بالسيئة. ولكن يعفو ويصفح، وأمته المجاهدون الحمادون، الذين يحمدون الله في كل هبوط

(هامش)

كذا في أصلي، ولكن لفظة: قيم كانت فيه بنحو الاهمال. ورواه أيضا الخوارزمي في الفضل الثالث في بيان قتال أهل الشام من الفضل: (16) من كتاب مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ص 167، وقال: وروي عن حبة العرني قال: لما نزل علي عليه السلام بمكان يقال له البلج على جانب الفرات نزل راهب من صومعته فقال لعلي عليه السلام إن عندنا كتابا.. ورواه أيضا نصر بن مزاحم المنقري في كتاب صفين ص 147، عن عمر بن سعد [الأسدي] عن حبة [ابن جوين] عن علي [عليه السلام] قال: لما نزل علي الرقة [نزل] بمكان يقال له بليخ على جانب الفرات. فنزل راهب هناك من صومعته فقال لعلي: إن عندنا كتابا توارثناه عن آبائنا كتبه [أصحاب] عيسى بن مريم، أعرضه عليك؟ قال علي: نعم فما هو؟ قال:... (2) كذا في الأصل، ومثله في كتاب المناقب للخوارزمي، وفي كتاب صفين: ولا صخاب وهو كثير الصياح واللغط. (*)

ص 135

وعلى كل شرف وصعود، تدلل ألسنتهم بالتكبير والتهليل، وتنصر نبيهم على من ناوأه، وإذا توفاه الله اختلفت أمته ثم اجتمعت فتلبث ما شاء الله ثم تختلف فيمر من أمته رجل يجر الجيش بشاطئ هذا البحر مقبل / 41 / بأهل المشرق يريد أهل المغرب وهو أولى أهل ذلك الزمان بالنبي في القرابة والدين، فينزل إلى جانب هذا الدير يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويقضي بالحق ولا يرتشي في الحكم، الدنيا أهون عليه من الرماد حين تعصف به الريح والموت أيسر عليه في جنب الله من الماء العذب على الظمأ، يخاف الله في السر وينصح له في العلانية، ولا تأخذه في الله لومة لائم. فمن أدرك ذلك الرسول من أهل هذه البلاد فآمن به، فإن ثواب ذلك رضوان الله والجنة. ومن أدرك ذلك العبد الصالح فليتبعه فإن القتل معه شهادة. فقال علي: الحمد لله الذي لم أكن عنده منسيا، والحمد لله الذي ذكرني عنده في كتب الأبرار. فقال ذلك القيم: لما بعث الله نبيه أسلمت، ولما مررت بنا اتبعتك وأنا مصاحبك ولن أفارقك حتى يصيبني ما أصابك. فقال حرمة بن حوبة العرني (1) فكان ذلك الراهب رفيقي فلما لقينا عدونا أصيب، فلما دفن كل قوم قتلاهم طلبه علي فوجده فصلى عليه واستغفر له ودفنه وقال: هذا منا أهل البيت.

(هامش)

(1) كذا في الأصل، والظاهر أنه مصحف، والصواب: قال حبة بن جوين العرني.. (*)

ص 136

[كلام الصحابي العظيم عمار بن ياسر رفع الله مقامه وكشفه عن إخلاصه وتقربه إلى الله تعالى بالتفادي في سبيله ومحاربته الفئة الباغية]

. وذكروا أن عمارا لما توجه إلى صفين قال: اللهم لو أعلم أنه أرضى لك أن أرمي بنفسي من فوق هذا الجبل لرميت بها، ولو أعلم أنه أرضى لك أن أوقد لنفسي نارا عظيمة فأقع فيها لفعلت، وإني لا أقاتل أهل الشام إلا وأنا أريد بذلك وجهك، وأنا أرجو أن لا تخيبني، وأنا أريد وجهك (1). قالوا: وكان عمار يحب عليا، كلما قام خطيب من أهل العراق يدعو أهل الشام، قام عمار في أثره فقال: إنا والله ما نجد إلا قتال أهل الشام أو ندخل النار. فتدبروا رحمكم الله هذه السيرة، وتصفحوا هذه الآثار، واعتبروا بما يرد عليكم من هذه الأنباء والأخبار لتعلموا أي الفريقين أولى سبيلا، وأحق أن يتبع، وأيهم أعدل سيرة وأسلك لطريق الطاعة، وأرغب في ثواب الله والدار الآخرة. فارجعوا إلى النظر في ذلك، وتدبروه، فقد كان لكم في الطعن أئمة، وقد سبقكم إلى الخطأ والشك قوم انكشفت الأمور عند التماس الشأن والحجة، فأعقبهم تخلفهم حسرة وندامة، لأن الأمور قد تنكشف لمن لا بصيرة له صادرة ولا يعرفها مقبلة.

(هامش)

(1) وقريبا منه رواه نصر بن مزاحم في أوائل الجزء الخامس من كتاب صفين ص 320 وقبلها وبعدها أيضا ذكر كلما عنه قال: ثم قال عمار: اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن رضاك في أن أقذف بنفسي في هذا البحر لفعلت. اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن رضاك أن أضع ظبة سيفي في بطني ثم أنحني عليها حتى يخرج من ظهري لفعلت. اللهم وإني أعلم مما أعلمتني أني لا أعمل اليوم عملا هو أرضى لك من جهاد هؤلاء الفاسقين، ولو أعلم اليوم عملا أرضى لك منه لفعلته. (*)

ص 137

[تحذير أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من اعتياد السب واللعن وكراهته لهم أن يكونوا سبابين ولعانين].

وكان رضي الله عنه من مبالغته في الدعاء وحسن سيرته في الكف عن الأذى، ودعائه بالتي هي أحسن - اقتداء بأدب الله وطلبا لما هو أصلح - أنه لما بلغه عن أصحابه أنهم يكثرون شتم مخالفيهم باللعن والسب، أرسل إليهم أن كفوا عما بلغني [عنكم] من الشتم والأذى. فلقوه، فقالوا: يا أمير المؤمنين ألسنا محقين؟ قال: بلى. قالوا: ومن خالفنا مبطلون؟ قال: بلى، قالوا: فلم منعتنا من شتمهم؟ فقال: كرهت أن تكونوا سبابين ولكن لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، و[لو] قلتم مكان سبكم إياهم: اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق من جهله، ويرعوي من الغي والعدوان من لهج به، فهذا من الكلام أحب إلي لكم. فقالوا: قد أصبت (1). وكتب [عليه السلام] إلى معاوية: من [أمير المؤمنين] علي بن أبي طالب إلى معاوية بن أبي سفيان سلام عليك (2).

(هامش)

(1) وهذا الكلام رويناه عنه عليه السلام في المختار: (179) من كتاب نهج السعادة: ج 2 ص 104، ط 1. ورواه أيضا السيد الرضي أعلى الله مقامه في المختار: (206) من نهج البلاغة. ورواه أيضا نصر بن مزاحم المنقري في أواسط الجزء الثاني من كتاب صفين ص 103. (2) كذا في الأصل، والمستفاد من سياق الكلام أن هذا الكتاب كتبه أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية في أوائل ما بايعه الناس قبل ذهابه إلى البصرة وقبل أن يظهر معاوية خلافه وشقاقه. (*)

ص 138

أما بعد، فإن الله جعل الدنيا لما بعدها (1) وابتلى أهلها فيما لينظر كيف يعملون، وأيهم أحسن عملا وهو العزيز الغفور، وابتلاني بك وابتلاك بي فجعل أحدنا حجه على الآخر تمحيصا (2) فعبرت على طلب الدنيا بتأويل القرآن (3) وطلبتني بما لم تجن يدي ولا لساني، وعصيتني أنت وأهل الشام / 42 / ألب عالمكم جاهلكم، ولبستم عليه الحق سفها بغير علم (4) وأتيتم بهتانا وإثما مبينا، وتوليت من ذلك إثم ما حاولت، وأنت عارف بوصول ضره إليك في عاجل الدنيا وآجل الآخرة (5). فاتق الله يا معاوية في نفسك، وجاذب الشيطان قيادك، فإن الدنيا منقطعة [عنك] وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون (6). فتفكر فيما لك وعليك من هذا الأمر يوضح لك سبله، واستعن بما أعناك الله ولا تجاهل فإنك عالم فتدارك نفسك ولما يحدث يجعل الله لك ولسلطانك سبيلا والسلام. ولما هم بالمسير إلى معاوية كتب إلى جميع عماله يأمرهم بالقدوم وليشهدوا قتال عدوهم ويخلفوا من يقوم مقامهم.

(هامش)

(1) وفي المختار: (55) من الباب الثاني من نهج البلاغة: أما بعد فإن الله سبحانه قد جعل الدنيا لما بعدها، وابتلى فيها أهلها ليعلم أيهم أحسن عملا، ولسنا للدنيا خلقنا ولا بالسعي فيها أمرنا، وإنما وضعنا فيها لنبتلي بها، وقد ابتلاني الله بك.. . (2) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: وتمحيصا.. . (3) كذا في الأصل، وفي نهج البلاغة: فعدوت على طلب الدنيا... . (4) وفي نهج البلاغة: فطلبتني بما لم تجن يدي ولساني وعصبته أنت وأهل الشام بي وألب عالمكم جاهلكم وقائمكم قاعدكم. فاتق الله في نفسك، ونازع الشيطان قيادك، واصرف إلى الآخرة وجهك فهي طريقنا وطريقك. واحذر أن يصيبك الله منه بعاجل قارعة تمس الأصل وتقطع الدابر، فإني أولي لك بالله ألية غير فاجرة، لئن جمعتني وإياك جوامع الأقدار لا أزال بباحتك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين. (5) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: وعاجل الدنيا... . (6) وهذه القطعة مما ورد أيضا في ضمن المختار: (32) من كتب نهج البلاغة. (*)

ص 139

[خطبة ابن عباس في أهل البصرة وحثه إياهم على حرب معاوية لما بلغه كتاب أمير المؤمنين عليه السلام في أن يقدم هو وجند البصرة إليه للذهاب إلى الشام].

 وكتب إلى عبد الله بن عباس وكان واليه على البصرة. فلما وصل الكتاب إلى عبد الله قرأه على أهل البصرة، فلما فرغ منه حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس استعدوا للمسير إلى إمامكم وانفروا خفافا وثقالا، وجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، و[أيقنوا] أنكم تقاتلون المحلين القاسطين - الذين لا يقرأون القرآن ولا يعرفون حكم الكتاب، ولا يدينون دين الحق - مع أمير المؤمنين وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والصادع بالحق، والقائم بالهدى، والحاكم بما في الكتاب لا يرتشي في الحكم، ولا يداهن الفجار، ولا تأخذه في الله لومة لائم.

ص 140

[وصية أمير المؤمنين عليه السلام لزياد بن النضر الحارثي لما أمره على مقدمته وسيره إلى هشام وقدمه أمامه].

 فلما تهيأ [أمير المؤمنين] عليه السلام للمسير (1) جعل زياد بن النضر الحارثي وشريح ابن هانئ على مقدمته، ثم قال: يا زياد بن النضر اتق الله في كل ممسى ومصبح، وخف على لسانك الدنيا الغرور ولا تأمنها على حال من البلاء (2) واعلم أنك إن لم تردع نفسك على كثير مما تحب مخافة مكروهه، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضر فكن لنفسك مانعا رادعا عن البغي والظلم فإني قد وليتك هذا الجند فلا تستذلهم، ولا تسلطن عليهم فإن خيركم أتقاكم (3). تعلم من عالمهم، وعلم جاهلهم، واحلم عن سفيههم، فإنما يدرك الخير بالحلم وكف الأذى والجهل. فقال زياد: يا أمير المؤمنين أوصيت [إيصاء] كافيا [ونحن نكون] حافظا لوصيتك، متأدبا بأدبك، يرى الرشد في أمرك، والغي في تضييع عهدك.

(هامش)

(1) ما بين المعقوفين إظهار توضيحي لما أضمره المصنف. وفي الأصل: فلما تهيأ للمسير عليه السلام.. . (2) ومثله في المختار: (182) من نهج السعادة: ج 2 ص 116، ط 1. ولفظة: البلاء غير موجودة في المختار: (56) من الباب الثاني من نهج البلاغة. (3) كذا في الأصل، وفي المختار: (40) من باب الوصايا من نهج السعادة: ج 8 ص 327 ط 1: فلا تستذلنهم ولا تستطل عليهم.. . (*)

ص 141

[كتاب أمير المؤمنين عليه السلام إلى زياد بن النضر وشريح بن هانئ لما بلغه اختلافهما].

 فمضى زياد بن النضر وشريح بن هانئ، وأتبعهما [أمير المؤمنين عليه السلام] بكتاب منه، وذلك لأنه بلغه خلاف كان بينهما، فكتب: من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى زياد بن النضر وشريح بن هانئ سلام عليكما. أما بعد، فقد وليتك يا زياد مقدمتي وأمرتك عليها، وشريح على طائفة منها أمير، فإذا اجتمعتما فأنت يا زياد الأمير على الناس وإن افترقتما فكل واحد منكما أمير الطائفة التي وليته. واعلما أن مقدمة القوم عيونهم، وعيون المقدمة طلائعهم، فإذا أنتما خرجتما من بلادكما ودنوتما من بلاد عدوكما فلا تسأما من توجيه الطلائع في كل ناحية، ومن نفض الشعاب والخمر في كل جانب لئلا يغيركما عدو ويكون لهم كمين (1). ولا تسيرن الكتائب والقبائل والرجال من لدن الصباح إلى المساء إلا على تعبئة، فإن دهمكم [أمر] أو غشيكم مكروه كنتم قد تقدمتم لهم في التعبئة.

(هامش)

(1) لعل هذا هو الصواب، وفي الأصل: ومن بعض الشعاب والخطر في كل جانب لئن لا يعتركما عدو، ويكون لهم كمين . والخمر محركة: ما يستتر به. وفي المختار: (86) من باب الكتب من نهج السعادة: ج 4 ص 236: فلا تسأما من توجيه الطلائع ومن نفض الشعاب والشجر والخمر في كل جانب كي لا يغتركما عدو، ويكون لكم كمين . (*)

ص 142

وإذ نزلتم بعدو أو نزل بكم [عدو] فليكن منزلكما قبال الأشراف أو سفاح الجبال أو أثناء الأنهار كيما يكون ذلك لكم رداء، وتكون مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين (1). واجعلوا الرقباء في صياصي الجبال.، وبأعلى الأشراف، وبمناكب الأنهار يربأون لكم (2) لأ [ن لا] يأتيكم عدوكم من مكان مخافة أو أمن. وإياكم والتفرق، فإذا نزلتم فانزلوا جميعا، فإذا / 43 / غشيكم الليل فحفوا عسكركم بالرماح والترسة، واجعلوا رماتكم تلي أترستكم ورماحكم، وما أقمتم فكذلك فافعلوا لكيلا تصاب لكم غرة، ولا تلفوا منكم غفلة (3) فإن قوما ما حفوا عسكرهم برماحهم وأترستهم في ليل أو نهار إلا كانوا كأنهم في حصون (4). واحرسا عسكركما بأنفسكما، وإياكما أن تذوقا نوما حتى تصبحا إلا غرارا أو مضمضة. ثم ليكن ذلك شأنكما ودأبكما حتى تنتهيا إلى عدوكما. وليكن عندي في كل يوم خبركما ورسول منكما، فإني حثيث السير في أثركما إن شاء الله تعالى. وعليكما في حربكما بالتوءدة، وإياكما والعجلة إلا أن تمكنكما فرصة. ولا تقاتلا حتى تبديا إلا أن يأتيكما أمري (5).

(هامش)

(1) كذا في الأصل، غير أن ما بين المعقوفين مأخوذ من نهج السعادة، وفيه وفي نهج البلاغة: فليكن معسكركم في قبل الأشراف أو سفاح الجبال أو أثناء الأنهار. ولتكن مقاتلكم من وجه واحد.. . (2) كذا في الأصل، وكأنه مأخوذ من قولهم: ربأزيد - كمنع - على الجبل ربأ : أشرف عليه. وربأ القوم وللقوم: صار لهم ربيئة أي طليعة ورقيبا وعينا. ولعل ما في المتن أظهر مما في نهج السعادة: يرون لكم لئلا يأتيكم عدوكم من مكان مخافة أو أمن. . (3) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: ولا تلفوا لكم غفلة . وفي نهج السعادة: ولا تلفى منكم.. . (4) كذا في الأصل، وفي نهج السعادة: فما قوم حفوا عسكرهم برماحهم وترستهم من ليل.. . (5) كذا في الأصل، وفي نهج السعادة: وعليكما في حربكما بالتوأدة، وإياكم والعجلة إلا أن تمكنكم فرصة بعد الإعذار والحجة وإياكما أن تقاتلا حتى أقدم عليكما إلا أن تبدأ أو يأتيكما أمري إن شاء الله والسلام . (*)

ص 143

فتصفحوا هذا التدبير وتفهموه تجدوه لما قلتم مكذبا ولما قلنا مصدقا، وهل ترون فيه خللا؟ وهل ترون من وراء ما وصفنا عنه رأيا هو أصوب مما أمر به؟ وأغمض مما أوصى به وامتثله؟ وقد يتبع هذا من تدبيره ما يكثر في القول، ويغمض قي علم التدبير. ومما يؤكد ما قلنا ويحققه من أن الانتشار عليه لم يكن هو سببه أن عليا فيما ذكر أهل العلم نزل يوم صفين في عاقول (1) من الفرات لم يكن بطبعه أحد، فحسده معاوية على منزله ذلك فطرح في عسكره كتابا: من عبد الله الناصح، أما بعد، فإن معاوية يريد أن يرتحل ويشق عليكم الماء فخذوا حذركم . فقال الناس لعلي: ارتحل فاسبقه إلى ذلك المكان فإنا نخاف أن يشق علينا الماء (2). فقال لهم علي: إن هذا من معاوية مكيدة لأنه قد حسدكم على هذا المنزل فغلبو [ه على] رأيه حتى ارتحل منه، فلما ارتحل منه جاء معاوية حتى نزله! فقال لهم علي: ألم أخبركم أنه مكر من معاوية؟! وإنما أذكر لكم من أموره وسيرته جملا تزيل العمى وتوضح سبيل الصواب من الخطأ، ولتعلموا عند تفهم ما ذكرنا [ه] والنظر فيما عنه أتا [نا] أنه سيف من سيوف الله حدب للدوائر (3) حارب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شابا ماضيا في التماس ثواب الله قدما حتى صار شيخا، لم تكن له صبوة ولا نبوة [كان] يخوض في جنب الله الغمرات، ويهتك بحجته ستر الشبهات.

(هامش)

(1) عاقول الفرات: معطفه. ومن الأمور والأرض: ما لا يهتدى لها. (2) هذا هو الظاهر، وفي الأصل فيه وما قبله: وشق عليكم الماء.. إن شق علينا الماء . وانظر تفصيل القصة في أواخر الجزء الثالث من كتاب صفين ص 190. (3) كذا (*)

ص 144

[خطبة عبد الله بن عباس في أهل العراق لما التقوا بصفين مع أهل الشام، وتقريضه عليا عليه السلام وحثه على قتال معاوية وأصحابه].

قالوا: ولما التقى أصحابه ومعاوية أمر أصحابه بالكف، وأن لا يبدأوهم بالحرب حتى يبالغ في الدماء، ويدعوهم إلى الله جهرا، وأن يجعلوا كتاب الله بينهم قاضيا. فقام عبد الله بن عباس خطيبا - وهو ممن لا ينكرون فضله وتقدمه في العلم - فقال: الحمد لله رب العالمين دحا تحتنا سبعا ورفع فوقنا سبعا، وخلق فيما بينهما خلقا وأنزل لهم فيها رزقا، ثم جعل كل شيء يبلى، ويبقى وجهه الحي القيوم (1). ثم إن الله بعث أنبياءا ورسلا فجعلهم حججا على عباده وعذرا ونذرا، لا يطاع إلا بعلمه وإذنه، فمن بطاعته على من يشاء من عباده ثم يثيب عليها، يعصى بعلمه (2) ويعفو عن العظيم، ويغفر الكثير بحلمه، أحصى كل شيء عددا وأحاط بكل شيء علما. ثم إني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله صلى

(هامش)

(1) كذا في الأصل، ورواه أيضا في أواسط الجزء الخامس من كتاب صفين ص 318، وفيه: ثم خلق ما بينهن خلقا وأنزل لنا منهن رزقا ثم جعل كل شيء يبلى ويفنى غير وجهه الحي القيوم الذي يحيى ويبقى.. . (2) كذا في الأصل، وفي كتان ب صفين: ويعصى [بعلم منه] فيعفو ويغفر بحلمه، لا يقدر قدره ولا يبلغ شيء مكانه... . ويحتمل رسم الخط أيضا أن يقرأ: ويقضي بعلمه . (*)

ص 145

الله عليه وسلم إمام الهدى والنبي المصطفى. ثم [إنه] قد ساقنا قضاء الله وقدره إلى ما ترون حتى كان فيما اضطرب من حبل هذه الأمة أن ابن آكلة الأكباد وجد من طغام الناس أعوانا على علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره، وأول ذكر صلى معه، بدري قد شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مشهد / 44 / الفضل (1) ومعاوية وأبو سفيان مشركان بالله يعبدان الأصنام. ثم اعلموا والله الذي توحد بالملك لقد قاتل علي (2) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي يقول: صدق الله ورسوله. ومعاوية وأبو سفيان يقولان: كذب الله ورسوله. فما معاوية في هذا (3) بأبر وأتقى، ولا أرشد ولا أصوب منه في ذلك. فعليكم بتقوى الله والجد والحزم والصبر، فوالله إنكم لعلى الحق، وإن القوم لعلى الباطل، ولا يكونن عدوكم أولى بالجد في باطلهم منكم في حقكم فقد كلمت (4) والحمد الله إن الله سيعذبهم بأيديكم أو [بأ] يدي غيركم. ربنا أعزنا ولا تخذلنا، وانصرنا على عدونا، وافتح بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير الفاتحين وأستغفر الله لي ولكم. ثم إن أصحاب علي بن أبي طالب بعثوا بغلمانهم يستقون لهم فمنعهم من شرب الماء معاوية يزداد بذلك بغيا على بغيه جرأة على الله في منعه. فليعتبر معتبر، وليحسن النظر ناظر إذا فكر في سيرة علي بن أبي طالب ومن خالفه

(هامش)

(1) وفي كتاب صفين: بدري قد شهد مع رسول الله صلى الله عليه كل مشاهده التي فيها الفضل... . (2) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: عليا . وفي كتاب صفين: واعلموا والله الذي ملك الملك وحده فبان به وكان أهله، لقد قاتل علي بن أبي طالب.. . (3) أي في خلافه لعلي وقيامه مع طغام أصحابه على منازعة علي حقه. وفي كتاب صفين: فما معاوية في هذه بأبر ولا أتقى ولا أرشد ولا أصوب منه في قتالكم . (4) هذه الكلمة غير موجودة في كتاب صفين. (*)

ص 146

من أصحاب صفين والجمل كيف يبدأون بالبغي والنكث، ويتبعون ذلك بما هو أقبح في سيرتهم. واجتمع أصحاب علي إليه وقالوا: قد منعنا الماء، وقد متنا عطشا. فأرسل [علي] إلى معاوية صعصعة بن صوحان، فأتاه صعصعة فقال: إن أمير المؤمنين يقول لك: إن خيلك قد حالت بيننا وبين الماء فإن شئت صرفت عنا خيلك حتى نستقي من الماء ونرى من رأينا وترى من رأيك فيما سرنا إليه وسرت إليه. فقال له الفاسق في كتاب الله، الوليد بن عقبة: أرى أن نقتلهم عطشا فلم تأذن لهم في شرب الماء. وجمع خيله على الماء ومنعهم منه. فلما رأى ذلك علي بن أبي طالب أمر أصحابه بقتال القوم حتى يخلوا لهم عن الماء، فقاتلوهم حتى صار الماء في أيدي أهل الحق وانكشف عنه أهل البغي وغلب أهل الحق عليه. فبعث إليهم معاوية [أن] خلوا عن الماء ليكون بيننا وبينكم فقال أصحاب علي: قد طلبنا هذا منك أول مرة فأبيت علينا فأما الآن فلا. فبلغ ذلك علي بن أبي طالب فأرسل إلى أصحابه أن خلوا بينهم وبين الماء نعدل وإن ظلم وإن بغى وإن غدر (1) وننصف وإن منع النصف، ونعفو إذا قدر [نا]. وأقبل رجل من أهل الشام يقال له: حوشب ذو ظليم وكان له قدر - إلى علي ابن أبي طالب فقال له: ألا ترى يا علي أنه قد قسم الله لك قسما حسنا فخذه بشكر: إن لك قدما في الإسلام (2) وسابقة وقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهرا وتجربة وسببا، فإن تلق بيننا غدا فإنه لبوار العرب [كذا] وضيعة الحرمات (3) ولكن

(هامش)

(1) كذا في الأصل غير أن فيه: فإن غدر به... . (2) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: بشكران لك قدم في الإسلام.. . (3) هذا هو الظاهر وفي الأصل: وضيعة الحرمان . (*)

ص 147

انصرف راشدا وخل بيننا وبين شامنا وتحقن دماءنا ودماء أصحابك. فقال له علي بن أبي طالب: إنك لم تأل عن النصيحة بجهدك، ولو علمت أنه يسعني في ديني [المداهنة] أجبتك ولكان أهون علي في المؤنة ولكن الله لم يرض لأهل القرآن أن يعمل [الناس] بمعاصي الله في أكناف الأرض وهم سكوت (1) لا يأمرون ولا ينهون. واعلم يا حوشب أني (2) قد ضربت الأمر ظهره وبطنه وأنفه وعينيه حتى لقد منعني من نوم الليل فما وجدت يسعني إلا قتالهم أو الكفر بما جاء به محمد وكانت معالجة القتال أهون علي من معالجة الأغلال وكانت مؤنات الدنيا أهون علي من النار (3). فوالله ما أجد يقدر مخالف ولا ناصب [أن] يقول: إن عليا قاتل القوم واحتمل تلك المكاره وصبر على المحن العظام لغير ما ذكرنا [ه]. وكيف يمكن ذلك ويدعي عليه مخالف طلب دنيا أو رغبة فيما رغب فيه أهل الشقاق والردى، وأموره / 45 / قد انكشفت للعامة والخاصة في سيرته وزهده وتقلله في مأكله وملبسه في أيام خلافته، بل مناقشته لنفسه في هذا الحال أكبر، ومباعدته لها من المطامع ومما يقرب من التهم والتلذذ والتنعم أغلب وأشهر. يختم على جراب سويقه، ويقطع ما فضل عن [أ] كمامه! ويطعم أصحابه أطيب طعامه، ويقدمهم في الدنيا على نفسه [وإنما ذكرنا معدودة من قبسات سيرته] لتعلموا أن الذي [كان] يسعى له ويطلبه ويجتهد في إحرازه، غير ما طلب الفرقة الباغية من الملك والدنيا ومن أشبههم من الراغبين في البيضاء والصفراء، وأن الذي كان فيه [هو] تجارة للآخرة، وسعي للعاقبة ورغبة عن الآجلة (4) فنهى النفس عن هواها،

(هامش)

(1) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: وهم سكون.. . (2) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: أن قد ضربت.. . (3) وللكلام مصادر كثيرة ذكرناها في ذيل المختار: (214) من نهج السعادة: ج 2 ص 227 ط 1. (4) هذا هو الظاهر وفي الأصل: والرغبة في الآجلة . (*)

ص 148

وجاذب الشيطان قيادها حتى تمكن من بغاتها ومارقتها وناكثتها. فهنيئا لك أبا الحسن لقد شرف ابتداؤك، وطاب منشؤك، وقوي صبرك، وعدلت سيرتك، وسخت نفسك ببذلها لربك فظفرت يدك بربح تجارتك، وقدمت على خالقك، فتلقتك بشارته وحياك بملائكته يقولون: سلام عليك تحية من الله لك بجوار المصطفى وأخيك المرتضى وحبيبك محمد قد أكرمك الله بجواره وجعلك في دار قراره وسقاك بكأسه. اللهم فمن علينا باقتفاء آثاره والعمل بسيرته ومعاداة أعدائه، وأحشرنا في زمرته فقد جاهد فيك حق الجهاد وامتحن في حبك بمحن شداد، وقام من نصيحة الخلق في تلك الأهوال بما لم يقم به مخلوق ولم ينله طالب ولم يدركه مجتهد. ببغضه عرف المنافق (1) وبفعله اشتد ظهر المؤمن، وبه وضحت أعلام السبل عند إحاطة الفتن، وبه بان الحق عند ارتداد الخلق، وبه قامت السنن عندما اعتورتها الشبه واللبس حتى صفي الحق من كدره، وخلصه بصفوة أعلامه، فانقطع عنه ألسن المعاندين (2) واضمحلت [منه] شبه الحائرين. فله فضيلة البيان، والسبق في مجاهدة الأقران، سبق في فضيلة الجهاد على آيات التنزيل (3) وكشف الله به تلك الكرب عند ظهور الإسلام حتى نودي من السماء: لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار ثم ختم الله به - مع سوابق قديمة [و] فضائل [جمة] - عند انقضاء عمره من محاربة من بغي الدين عوجا، وطغى على الإسلام فسقا وتمردا، فجاهد بيده ولسانه في إثبات حق التأويل كما جاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثبات حق التنزيل وذلك من قوله وفعله مشهور يوم صفين [و] ليلة الهرير.

(هامش)

(1) وانظر الحديث: (694) وتواليه من ترجمة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 190، ط 1. (2) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: لبس المعاندين . (3) كذا. (*)

ص 149

[خطبته عليه السلام في لوم أصحابه لما انهزموا في بعض أيام صفين في بداية الأمر من عسكر معاوية ثم كروا عليهم فأزالوهم عن موقفهم وهزموهم].

قالوا (1) لما اشتد البأس وعظم المصاب، وتضعضعت الأركان من الفريقين ورأى من أصحابه بعض الانحياز قام فيهم فقال: إني قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم تحوزكم الجفاة الطغام وأعراب أهل الشام وأنتم لهاميم العرب والسنام الأعظم، وعمار الليل بتلاوة القرآن، وأهل دعوة الحق إذ ضل الخاطئون، فلولا إقباكم بعد إدباركم، وكركم بعد انحيازكم لوجب عليكم ما وجب على المولى يوم الزحف دبره وكنتم من الهالكين، فلقد شفى بعض سقمي وأحاح نفسي إني رأيتكم أخيرا حزتموهم كما حازوكم وأزلتموهم عن مصافهم (2) كما أزالوكم تحوسونهم بالسيف، تركب أولاهم أخراهم كالإبل المطر [و] دة الهيم (3). [فالآن] فاصبروا، نزلت عليكم السكينة، وثبتكم الله باليقين.

(هامش)

(1) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: قال . (2) هذا هو الظاهر الموافق لما في المختار: 209 من نهج السعادة: ج 2 ص 206 وفي الأصل: عن مصافكم . (3) كذا في الأصل، وفي نهج السعادة: تحوزونهم بالسيوف ليركب أولهم آخرهم كالإبل المطرودة الهيم، فالآن فاصبروا أنزلت عليكم السكينة.. . وفي المختار: (105) من نهج البلاغة: ولقد شفى وحاوح صدري أن رأيتكم بأخرة تحوزونهم كما حازوكم وتزيلونهم عن مواقفهم كما أزالوكم حسا بالنضال وشجرا بالرماح تركب أولاهم كالإبل الهيم المطرودة ترمى عن حياضها وتذاد عن مواردها . (*)

ص 150

[و] ليعلم الفار منكم أنه لا يزيد في عمره ولا يرضي ربه [و] أن في الفرار سخطا عليه، والذل اللازم لأهله، والعار الباقي، وفساد العيش عليه، فيموت المرء محقا خير من الحياة على الفرار بهذه الخصال (1). ثم قال: والذي / 46 / بعث محمدا بالحق لقد قاتلت معاوية وأباه على تنزيل الكتاب، وأنا اليوم أقاتله وأشياعه على تأويل الكتاب. وإن البصيرة في الأمرين جميعا لواحدة بالعلم بما نحن عليه من الهدى والحمد الله. ثم حمل على أعداء الله فما انثنى حتى قتل خمسمائة رجل، كلما قتل رجلا كبر تكبيرة حتى يسمعه عامة أهل عسكره، وذكروا أن ذلك كان من أول الصبح إلى أن غاب الشفق، وما كانت صلاته يومئذ وأصحابه إلا التبكير لكل ركعة تكبيرة. وكان إذا قتل رجلا قال: اللهم إنه قاتل مع عدوك ليطفئ نورك جرأة عليك، وتغيير [ا] لما جاء به نبيك اللهم فاصل وجهه النار. قالوا: ثم أقبل رجل من أهل الشام يقال له: الزبرقان به الحكم (2) وكان سيد أهل الشام [فطلب البراز] فخرج إليه الحسن بن علي بن أبي طالب، فقال له الزبرقان: من أنت؟ قال: أنا الحسن بن علي. فقال له: انصرف يا بني فوالله لقد نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا من ناحية قبا يسير على ناقة له وإنك يومئذ لقدامه، فما كنت لألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدمك. فانصرف الزبرقان [كذا].

(هامش)

(1) كذا في الأصل، وفي نهج السعادة: فموت الرجل محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتلبس بها والإقرار عليها . (2) الظاهر أن هذا هو الصواب، وفي الأصل: الزبرقان بن أظلم.. . (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

المعيار والموازنة

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب