ولا أن يتفوّق عليها، وقد تصوّرت أنّ التفاف الهاشميّين حول النبوّة ودفاعهم المستميت عن النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) هو إصرار هاشمي على التميّز والرغبة بالتفوّق على الجميع، فحاصرت قريش الهاشميّين في شِعب أبي طالب، وتآمرت على قتل النبيّ، وفشل الحصار وفشلت كلّ محاولات الإغتيال لشخص النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم))، وعلا طوفان الدعوة الإسلامية على كلّ القوى المناوئة، وأسلمت قريش طوعاً أو كرهاً، فلم تعد لقريش قدرة على الوقوف في وجه النبوّة.
ولكنّ إعداد النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) العدّة لتكون الخلافة من بعده لعليّ ولذرّيّته ((عليهم السلام)) باعتبارهم أجدر وأعلم بأصول العقيدة وأحكامها، وأنّهم الأفضل من كلّ أتباعه، والأنسب لقيادة الاُمة، وأثار هذا المنطق في نفوس قريش النزعة القبلية والحقد الجاهلي فعزمت أن لا تجمع النبوّة والخلافة في بني هاشم، فالنبوّة والخلافة في عرف قريش سلطان وحكم كما صرّح بذلك أبو سفيان يوم فتح مكّة بقوله للعباس: لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً.
هذه الفكرة والعقلية سادت في الأجواء السياسية المحمومة في آخر أيام النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم))، وقريش مدركة أنّ النبيّ ميّت لا محالة في مرضه هذا، وقد أخبرهم ((صلى الله عليه وآله وسلم)) بذلك، وأيضاً لو تركت الاُمور على سجيّتها ومجراها الطبيعي فالخلافة ستؤول الى عليّ ((عليه السلام)) حتماً، من هنا كان تحرّك الحزب المناوئ لبني هاشم بصورة عامة ولعليّ ((عليه السلام)) خاصة، فكانت السقيفة.
ونجد فكرة عدم اجتماع النبوّة والخلافة في بني هاشم من خلال المحاورة بين عمر وابن عباس في زمن خلافة عمر، قال له عمر: يا ابن عباس، أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمّد ((صلى الله عليه وآله وسلم))؟ قال ابن عباس: فكرهت أن اُجيبه فقلت: إن لم أكن أدري فإنّ أمير المؤمنين يدري، فقال