3 ـ ثمّ إنّ النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) لا زال مسجىً ولم يُدفن بعدُ فهل يعقل أن لا يشارك خيارهم في شرف حضور مراسم الدفن وينشغل في اجتماع انتخاب خليفة؟
4 ـ من الممكن تفسير اجتماعهم هذا بأنّه لتقرير مصيرهم من الحكم الجديد بعد علمهم بما تخطّط له قريش من تطبيق قرارهم «لا تجتمع النبوّة والخلافة في بني هاشم»، وهم قطعاً ليست لهم دوافع كالتي كانت في نفوس زعماء قريش، ثمّ إنّ تخوّفهم له سوابق فبعد فتح مكّة خشيت الأنصار أن لا يعود معهم النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وكان تخوّفهم من العزلة السياسية والإدراية.
وإذا قرّرت قريش حرف الخلافة عن صاحبها الشرعيّ وهو عليّ ((عليه السلام)) فما دور الأنصار وهم الثقل الأكبر في جمهور المسلمين، ولهم الدور الفاعل والرئيس في نشر الدعوة الإسلاميّة.
إنّ اجتماع الأنصار في السقيفة لم يكن حاسماً في قراراته، فقد كان لدراسة الإحتمالات المتوقّعة للخلافة بعد الرسول، وأيضاً لم يكونوا جميعهم على رأي واحد، فقد كانت تختفي في اُفق الإجتماع نوايا متنافرة وتنطوي النفوس على رغبات متضادّة، فنجد أنّ بعضهم أجاب سعداً:
وفّقت في الرأي وأصبت في القول، ولن نعدوا ما رأيت، نولّيك هذا الأمر فإنّك فينا مقنع ولصالح المؤمنين رضا.
ثمّ ترادّوا في الكلام فقالوا: فإن أبى المهاجرون وقالوا: نحن أولياؤه وعترته.
فقال قوم من الأنصار: نقول: منّا أمير ومنكم أمير، فقال سعد: فهذا أوّل الوهن.
إنّ الأنصار بموقفهم هذا هيّأوا فرصةً سياسيةً ثمينةً ما كانت لتفوت