بأهل بيتي ومن أطاعني ولو اجتمع معكم الإنس والجنّ ما بايعتكم»(1).
وأكبر الظنّ أنّه تهيّب الإقدام على الثورة ولم يجرأ على أن يكون أوّل شاهر للسيف ضدّ الخلافة القائمة، وإنّما اكتفى بالتهديد الشديد الذي كان بمثابة إعلان الحرب، وأخذ يترقّب تضعضع الأوضاع ليشهر سيفه بين السيوف، فكان حريّاً به أن تثور حماسته ويزول تهيّبه ويضعف الحزب القائم في نظره إذا رأى صوتاً قويّاً يجهر بالثورة فيعيدها جذعة محاولاً إجلاء المهاجرين من المدينة بالسيف(2)، كما أعلن ذلك المتكلّم عن لسانه في مجلس السقيفة.
ولا ننسى بعد ذلك الاُمويّين وتكتّلهم السياسي في سبيل الجاه والسلطان، وما كان لهم من نفوذ في مكّة في سنواتها الجاهلية الأخيرة، فقد كان أبو سفيان زعيمها في مقاومة الإسلام والحكومة النبويّة، وكان عتاب بن اُسيد بن أبي العاص بن اُميّة أميرها المطاع في تلك الساعة.
وإذا تأمّلنا ما جاء في تأريخ تلك الأيام(3) من أنّ رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) لمّا توفّي وبلغ خبره إلى مكّة وعامله عليها عتاب بن اُسيد بن أبي العاص بن اُميّة استخفى عتاب وارتجّت المدينة وكاد أهلها يرتدّون، فقد لا نقتنع بما يعلّل به رجوعهم عن الارتداد من العقيدة والإيمان، وليس مردّ ذلك التراجع إلى أنّهم رأوا في فوز أبي بكر فوزهم وانتصارهم على أهل المدينة كما ذهب إليه بعض الباحثين; لأنّ خلافة أبي بكر كانت في اليوم الذي توفّي فيه رسول
(1) تأريخ الطبري: 4 / 40.
(2) تأريخ الطبري: 4 / 40، قصة السقيفة، قول الحبّاب بن المنذر: «أمَا والله لئن شئتم لنعيدنّها جذعَة...».
(3) الكامل في التأريخ / لابن الأثير: 3 / 123 وصلَ خبر وفاة الرسول ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وكان عتاب بن اُسيد ابن أبي العاص بن اُميّة أميراً على مكّة.