فأطال فأردت أن تهجمين عليهما فنهيتك فعصيتني فهجمت عليهما، فما لبثتِ أن رجعت باكية، فقلتُ: ما شأنك؟ فقلتِ: إنّي هجمت عليهما وهما يتناجيان، فقلتُ لعليّ: ليس لي من رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) إلاّ يوم من تسعة أيام أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي؟ فأقبل رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) عليَّ وهو غضبان محمّر الوجه، فقال: «ارجعي وراءك والله لا يبغضه أحدٌ من أهل بيتي ولا من غيرهم من النّاس إلاّ وهو خارج من الإيمان»، فرجعت نادمة ساخطة، قالت عائشة: نعم أذكر ذلك، قالت اُمّ سلمة: أيّ خروج تخرجين بعد هذا؟ فقالت عائشة: إنّما أخرج للإصلاح بين الناس، وأرجو فيه الأجر إن شاء الله، فقالت اُمّ سلمة: أنتِ ورأيكِ، فانصرفت عائشة عنها(1).
مكر معاوية ونكث الزبير وطلحة للبيعة :
كان معاوية يتمتّع بسيطرة إدارية على شؤون الشام، ولديه أجهزة يستطيع بها أن يحرّكها وفق رغباته وأهوائه، وما كانت لديه مشكلة مع جماهير الشام لأنّ بلاد الشام منذ عرفت الإسلام عرفت آل أبي سفيان ولاة عليها من قبل الخليفة، فقبله كان أخوه يزيد، كما أنّ بلاد الشام بعيدة عن عاصمة الخلافة ممّا أعطاه قدراً كافياً من الاستقرار والقوة. وبدأ معاوية تحرّكه السياسي لتأجيج الفتنة المشتعلة بسبب مقتل عثمان، ومن ثَمَّ ليستثمرها لصالحه، فخاطب الزبير وطلحة بصيغة تحرّك فيهما الأطماع والرغبات للدخول في الصراع الجديّ ضد الإمام ((عليه السلام)) فتزداد الفتنة في العاصمة المركزية. فكتب رسالة الى الزبير جاء فيها:
(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: 6 / 217، وبحار الأنوار: 32 / 149.