محاصرة عثمان من قبل الثوار تتوقّع النهاية السريعة لعثمان، ومن ثمَّ فوزقريبها طلحة في الاستيلاء على الحكم.
وحين فوجئت بأنّ الأمر استقرّ الى الإمام عليّ ((عليه السلام)) كرّت راجعةً نحو مكّة بعد أن عزمت على الرجوع الى المدينة(1)، وأعلنت حزنها وتظلّمها على عثمان، فقيل لها: أنتِ التي حرّضت على قتله فاختلقت عذراً واهياً، فقالت: إنّهم استتابوه ثمّ قتلوه(2). وكأنّها كانت حاضرةً تشهد مقتله.
وأظهرت السيدة عائشة مقدرةً سياسيةً بارعةً على المناورة والتلاعب بالألفاظ واستغلال مكانتها، فاستغفلت السذّج واستمالت الحاقدين وتحوّلت من داعية لقتل عثمان الى مطالبة بدمه، فأشعلت فتنةً وقادت جيشاً وحاربت إمام زمانها الذي عقد له أهل الحلّ والعقد بيعتهم علانية.
أعلنت السيدة عائشة حربها ضد الإمام عليّ ((عليه السلام)) في خطابها الذي ألقته في مكّة محرّضة أتباعها على الحرب(3).
طمعت السيدة عائشة في توسيع جبهتها ضدّ الإمام عليّ ((عليه السلام)) فحاولت مخادعةً أزواج النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) للخروج معهنّ ضد الإمام، فامتنعن من ذلك، وحاولت اُمّ سلمة أن تنصحها عسى أن ترجع عن غيّها، وتجنّب الاُمّة البلاء والدماء، فقالت لها: إنّك كنت بالأمس تحرّضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول وما كان اسمه عندك إلا نعثلاً، وإنّك لتعرفين منزلة عليّ بن أبي طالب عند رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم))، أفاُذكّرك؟ قالت اُمّ سلمة: أتذكرين يوم أقبل ((عليه السلام)) ونحن معه حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال خلا بعليّ يناجيه،
(1) الكامل في التأريخ: 3 / 206.
(2) المصدر السابق : 3 / 206.
(3) تأريخ الطبري: 5 / 474.