الله ((صلى الله عليه وآله وسلم))، وأكبر الظنّ أنّ خبر الخلافة جاءهم مع خبر الوفاة، بل تعليل القضية: أنّ الأمير الاُمويّ عتاب بن اُسيد شاء أن يعرف اللون السياسي الذي اتّخذته اُسرته في تلك الساعة، فاستخفى وأشاع بذلك الاضطراب حتّى إذا عرف أنّ أبا سفيان قد رضي بعد سخط وانتهى مع الحاكمين إلى نتائج تصبّ في صالح البيت الاُموي(1) ظهر مرّة اُخرى للناس وأعاد الاُمور إلى مجاريها.
وعليه فالصلة السياسية بين رجالات الاُمويّين كانت قائمة في ذلك الحين، وهذا مايفسِّر لنا القوّة التي تكمن وراء أقوال أبي سفيان حينما كان ساخطاً على أبي بكر وأصحابه، إذ قال: إنّي لأرى عجاجة لا يطفيها إلاّ الدمّ، وقال عن عليّ والعبّاس: أما والذي نفسي بيده لأرفعنّ لهما من أعضادهما(2).
فالاُمويّون كانوا متأهّبين للثورة والانقلاب، وقد عرف عليّ ((عليه السلام)) منهم ذلك بوضوح حينما عرضوا عليه أن يتزعّم المعارضة ولكنّه عرف أنّهم ليسوا من الذين يعتمد على تأييدهم، وإنّما يريدون الوصول إلى أغراضهم عن طريقه، فرفض طلبهم، وكان من المنتظر حينئذ أن يشقّوا عصا الطاعة إذا رأوا الأحزاب المسلّحة تتناحر، ولم يطمئنّوا إلى قدرة الحاكمين على ضمان مصالحهم، ومعنى انشقاقهم حينئذ إظهارهم للخروج عن الدين وفصل مكّة عن المدينة.
إذاً كانت الثورة العلويّة في تلك الظروف إعلاناً لمعارضة دموية تتبعها معارضات دموية ذات أهواء شتّى، وكان فيها تهيئة لظرف قد يغتنمه المشاغبون ثمّ المنافقون.
ولم تكن ظروف المحنة تسمح لعليّ بأن يرفع صوته وحده في وجه
(1) تاريخ الطبري: 4 / 28، هدأت ثائرة أبي سفيان بعد أن ولّى الخليفة الأوّل ابنه معاوية، فقال: وصلته رحم.
(2) المصدر السابق.