بالإمرة واُؤذّن بالصلاة، فتنافس أتباع الرجلين كلّ يريد تقديم صاحبه، فأحسّت عائشة بوقوع التفرقة فأرسلت أن يصلّي بالناس ابن اُختها عبد الله ابن الزبير.
وروي: أنّ نساء النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) خرجن مع عائشة الى منطقة «ذات عرق» ويبدو أنّهنّ حاولن إرجاع عائشة الى المدينة والحيلولة دون وقوع الفتنة، فلم يتوصّلن إلى حلّ فبكين على الإسلام وبكى النّاس معهنّ، وسمّي ذلك اليوم بـ «يوم النحيب»(1).
وحين وصل جيش عائشة الى منطقة «أوطاس» لقيهم سعيد بن العاص والمغيرة بن شعبة، وحين علم سعيد بدعوى عائشة «الطلب بدم عثمان» استهزأ ضاحكاً وقال: فهؤلاء قتلة عثمان معك يا اُمّ المؤمنين(2).
وروي: أنّ سعيداً قال: أين تذهبون؟ وتتركون ثأركم وراءكم على أعجاز الإبل(3)، يقصد بذلك طلحة والزبير وعائشة، ووصل الجيش الى مكان يقال له: «الحوأب» فتلقّتهم كلاب الحيّ بنباح وعواء، فذعرت عائشة وسألت محمد بن طلحة عن المكان فقالت: أيّ ماء هذا؟ فأجابها: ماء الحوأب يا اُمّ المؤمنين.. فهلعت وصرخت: ما أراني إلاّ راجعة، قال: لِمَ، قالت: سمعت رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) يقول لنسائه: كأنّي بإحداكنّ قد نبحها كلام الحوأب وإيّاك أن تكوني يا حميراء(4). ثمّ ضربت عضد بعيرها فأناخته وقالت: ردّوني، أنا والله صاحبة ماء الحوأب، فأناخوا حولها يوماً وليلة،
(1) الكامل في التأريخ: 3 / 209.
(2) الإمامة والسياسة: 82 .
(3) الكامل في التأريخ: 3 / 209.
(4) الإمامة والسياسة: 82 ، وأخرج الحديث أحمد في مسنده: 6 / 521، وشرح النهج لابن أبي الحديد: 2 / 497.