(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

لعبد الله الزبير أمير المؤمنين من معاوية بن أبي سفيان.. سلام عليك،أمّا بعد، فإنّي قد بايعت لك أهل الشام فأجابوا واستوسقوا كما يستوسق الجلب، فدونك الكوفة والبصرة لا يسبقك إليها ابن أبي طالب، فإنّه لا شيء بعد هذين المصرين، وقد بايعت لطلحة بن عبيد الله من بعدك فأظهرا الطلب بدم عثمان وادعوا الناس الى ذلك، وليكن منكما الجدّ والتشمير، أظفركما الله وخذل مناوئكما(1).
ولمّا وصلت رسالة معاوية إلى الزبير خفّ لها طرباً واطمأنّ الى صدق نيّة معاوية، واتفق هو وطلحة على نكث بيعة الإمام والخروج عليه، فأظهرا الحسرة والتأسّف على بيعتهما للإمام مردّدين: بايعنا مكرهين، وما أن وصلت الى أسماعهما صيحة السيدة عائشة محرّضة على الإمام حتى اجتهدا في إيجاد الحيلة للخروج إليها. وروي أنّهما جاءا يطلبان من الإمام المشاركة في الحكم فلم يتوصّلا إلى شيء، فقرّرا الالتحاق بعائشة ثمّ عادا ثانيةً إلى الإمام ((عليه السلام)) ليستأذناه للخروج للعمرة، فقال لهما الإمام ((عليه السلام)): نعم والله مالعمرة تريدان وإنّما تريدان أن تمضيا لشأنكما(2). وروي أنّه((عليه السلام)) قال لهما: بل تريدان الغدرة(3).
لقد أجمع رأي الخارجين على بيعة الإمام ((عليه السلام)) في بيت عائشة في مكة بعد أن كانوا متنافرين متحاربين في عهد عثمان، فضمّ الاجتماع الزبير وطلحة ومروان بن الحكم على أن يتّخذوا من دم عثمان شعاراً لتعبئة الناس لمحاربة الإمام عليّ ((عليه السلام))، فرفعوا قميص عثمان كشعار للتمرّد والعصيان،


(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: 1 / 231.
(2) الإمامة والسياسة لابن قتيبة: 70.
(3) شرح النهج: 1 / 232.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة