يتردّد حتى في جواب مخالفيه وأعدائه الحاقدين عليه، وكانت كلّ إجاباته دقيقة صائبة نابعة من عمق الشريعة الإسلامية، مصدرها علم الرسول ((صلى الله عليه وآله وسلم)) الذي اختصّ به، فقال ((عليه السلام)): «سلوني قبل أن تفقدوني، فوالذي خلق الحبّة وبرأ النسمة لو سألتموني عن آية آية لأخبرتكم بوقت نزولها وفيم نزلت، وأنبأتكم بناسخها من منسوخها، وخاصّها من عامّها، ومحكمها من متشابهها، ومكّييها من مدنيّها، والله ما من فئة تضلّ أو تهدي إلاّ وأنا أعرف قائدها وسائقها وناعقها إلى يوم القيامة»(1).
2 ـ الاهتمام بالقرّاء مراعياً لشؤونهم ومتّبعاً فيهم سنّة الرسول في التعليم والإقراء، فكان إقراء القرآن مقروناً بتعلّم ومعرفة ما فيه من العلم والعمل والتفقّه في أحكام الدين، بمعنى ربط القرآن بالسنّة النبويّة الشريفة بعد أن جرّد الخلفاء السابقون(2) القرآن عن السنّة النبويّة وعن روح التحقيق والفهم والسؤال.
3 ـ الاهتمام بقراءة المسلمين من غير العرب، أو من الذين لا يحسنون اللغة العربية بصورة صحيحة، فوضع علم النحو لتقويم اللسان عن اللحن في الكلام، وأمر أبا الأسود الدؤلي أن ينشر هذا العلم ويعلمه(3)، كما اهتم الإمام بطريقة الكتابة واعتنى بالخطّ وتحسينه(4).
4 ـ دعا الإمام ((عليه السلام)) الى رواية السنّة النبوية وتدوينها ومدارستها، فكان يقول: «قيّدوا العلم بالكتابة»(5) وأمر ((عليه السلام)) بالبحث في علوم السنّة فيقول:
(1) تأريخ دمشق: 3 / 22، والاستيعاب (ترجمة الإمام عليّ): 2 / 463، وشواهد التنزيل: 1 / 31، والإصابة: 4 / 269 وفرائد السمطين: 1 / 34، والغدير: 6 / 192.
(2) شرح النهج: 4 / 109 (تحقيق: محمد أبو الفضل)، وكنز العمال: 2 / 288 و329 طـ . بيروت.
(3) الأغاني: 12 / 13، الفهرست لابن النديم: 59، وفيات الأعيان: 2 / 216، والبداية والنهاية: 8 / 312.
(4) الإتقان للسيوطي: 2 / 17، وكنز العمال 1 / حديث 29563.
(5) الطبقات الكبرى: 6 / 186، وتدوين السنّة الشريفة للسيد الجلالي: 137.