عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوّة والخلافة فتجحفوا على قومكم، فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت(1).
وثمّة أمر آخر يتعلّق بموضوع تحويل الخلافة عن عليّ ((عليه السلام)) وهو أنّ عليّاً ((عليه السلام)) قد وتر قريش في حروبها ضد الإسلام وإنّ كلّ دم أراقه رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) بسيف عليّ ((عليه السلام)) وسيف غيره فإنّ العرب بعد وفاته ((صلى الله عليه وآله وسلم)) عصبت تلك الدماء بعليّ وحده، لأنّه لم يكن في رهط النبيّ مَن يستحق في شرع قريش وعاداتهم أن يعصب به تلك الدماء إلاّ عليّ وحده(2).
ملامح التخطيط لإقصاء الإمام عليّ ((عليه السلام)) عن الخلافة :
نلاحظ أنّ هناك تخطيطاً محكماً لدى الخط المناوئ لعليّ ((عليه السلام)) لأخذ الخلافة منه من خلال ما يلي:
1 ـ بقاؤهم في المدينة ومحاولتهم عدم الخروج منها مهما يكن من أمر، وذلك عندما عرفوا أنّ النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) قد تدهورت صحّته، كما لاحظوا بأنّ النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) في تلك الأيام كان يكثر من التوصية بعليّ ((عليه السلام)) وضرورة اتّباعه لسلامة الدين والدولة.
2 ـ حضورهم الدائم قرب الرسول ومحاولتهم الحيلولة دون حصول شيء يدعم ولاية عليّ ((عليه السلام))، فكان الشغب واللغط في مجلس النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) بدعوى قول عمر: «حسبنا كتاب الله» ثمّ قوله: «أنّ النبيّ يهجر» ممّا أزعج النبيّ، حيث إنّ قول النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)): «إئتوني بالدواة والكتف» من غير المعقول أن يثير النفور والشكّ في نفوس الجميع دون سابق مضمر في نفوس البعض،
(1) الكامل في التأريخ: 3 / 64، ومروج الذهب: 2 / 253، وشرح النهج لابن أبي الحديد: 3 / 107.
(2) نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 3 / 283.