بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الرابع / القسم السابع: کلام علی علیه السلام سلونی قبل ان تفقدونی، آیة "یتلوه شاهد منه" اکبر منا...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

فی خطبة «سلونی قبل أن تفقدونی» و أسئلة ابن الکوّاء و أجوبة أمیرالمؤمنین

 و أغلب‌ الظنّ أنّ أتمّ رواية‌ مأثورة‌ من‌ حيث‌ كيفيّة‌ الخطبة‌، و سؤال‌ ذلك‌ الرجل‌ عن‌ شأن‌ نزول‌ آية‌ في‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ هي‌ الرواية‌ التي‌ نقلها الشيخ‌ أبو الفتوح‌ الرازيّ عن‌ كتاب‌ «نصح‌ الخطيب‌». قال‌: صعد أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ذات‌ يوم‌ علی منبر مسجد الكوفة‌ فقال‌: سَلُونِي‌ قَبْلَ أَن‌ تَفْقِدُونِي‌ فَإنَّ الْعِلْمَ يَفِيضُ بَيْنَ جَنْبَيَّ فَيْضَاً لَوْ وَجَدَ مُسْتَفَاضاً. أَلاَ وَ إنَّكُمْ لَنْ تَسألُونِي‌ عَنْ فِئَةٍ بَاغِيَةٍ وَ أُخْرَي‌ هَادِيَةٍ إِلاّ أَخْبَرْتُكُمْ بِهَادِيهاً وَ بَاغِيهَا وَ سَائِقهَا وَ قائِدِهُا إلی يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

 فقام‌ ابن‌ الكوّاء و قال‌: مَا ادَّعي‌ مِثْلَهُ نَبِيٌّ وَ لاَ وَصِيٌّ. فقال‌ له‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: أنت‌ لاتسأل‌ تفقّهاً بل‌ تسأل‌ تعنّتاً. فقال‌ له‌ ابن‌ الكوّاء: أُمرنا أن‌ نسأل‌ عمّا لا نعلم‌. فقال‌ له‌ الإمام‌: سَلْ تَفَقُّهَاً وَ لاَ تَسأَلْ تَعَنُّتاً، وَ سَلْ عَمّا يَعْنيكَ.

 فقال‌ ابن‌ الكوّاء: سأسأل‌ عمّا يعنيني‌. فقال‌ له‌ الإمام‌: سل‌. فقال‌: أخْبِرنِي‌ ما الذَّارِياتِ ذَرْوًَا؟ قَالَ: تِلْكَ الرِّياحُ. قالَ: الْحَـ'مِلاَتُ وِقْرًا؟ قال‌: السحاب‌ الثّقال‌. قال‌: الْجَـ'رِياتِ يُسْرًا؟ قال‌: الفلك‌ التي‌ تجري‌ في‌ البحر. قال‌: الْمُقَسِّمَـ'تِ أَمْرًا؟ قال‌: الملائكة‌ الذين‌ يقسّمون‌ أرزاق‌ الناس‌، قال‌: أين‌ يكون‌ البيت‌ المعمور؟ قال‌: هو بيت‌ في‌ السماء يدخله‌ في‌ كلّ يوم‌ سبعون‌ ألف‌ ملك‌ فوجاً فوجاً، و يدخل‌ الفوج‌ الاوّل‌ فيه‌ مرّة‌ أُخري‌ حتّي‌ يوم‌ القيامة‌. قال‌: ذوالقرنين‌ ملك‌ أو نبيّ؟ قال‌ ما كان‌ ذوالقرنين‌ ملكاً ولانبيّاً بل‌ كان‌ عبداً صالحاً لله‌، أحبّ الله‌ و أحبّه‌ الله‌، و كان‌ ينصح‌ عبادالله‌. قال‌: قرناه‌ من‌ ذهب‌ أو من‌ فضّة‌؟ قال‌: ما كان‌ له‌ قرن‌، فلا ذهب‌ ولافضّة‌. إنـّه‌ قومه‌ دعام‌ إلی الله‌ فضربوه‌ علی قرنه‌ الايمن‌، فغاب‌ عنهم‌ زماناً ثمّ جاءهم‌ و دعاهم‌ إلی الله‌ ثانياً فضربوه‌ علی قرنه‌ الايسر (فقيل‌ له‌: ذاالقرنين‌). و فيكم‌ مثله‌ (يقصد نفسه‌ إذ ضرب‌ بالسيف‌ علی رأسه‌ ضربتين‌: الاُولي‌ في‌ غزوة‌ الاحزاب‌، ضربه‌ عمرو بن‌ عبدود، و الاُخري‌ في‌ محراب‌ العبادة‌ ضربه‌ ابن‌ ملجم‌ المراديّ، و لذلك‌ قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: علی فاروق‌ هذه‌ الاُمّة‌ و صدّيقها و ذوقرنيها).[1]

 قال‌: أخبرني‌ فيمن‌ نزلت‌ هذه‌ الآية‌: أَلَمْ تَرَ إلی الَّذِينَ بَدَّلُو´ا نِعْمَتَ اللَهِ كُفْرًا وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ؟ قال‌: هُمَا الاْفْجَرانِ مِنْ قُرَيْشٍ: بَنُو أُمَيَّة‌ وَ بَنُو الْمُغِيْرَةِ. قال‌: أَخبرني‌ عن‌ قوله‌ تعالي‌: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِالاْخْسَرِينَ أَعْمَالاً؟ قال‌: أهل‌ حَرَوْراء، يقصد الخوارج‌. قال‌: أخبرني‌ ما هي‌ المجرَّة‌؟ قال‌: شِراجُ السَّمَاءِ مِنْهَا هَبَطَ الْمَاءُ الْمُنْهَمِرُ. قال‌: فما قوس‌ قزح‌؟ قال‌ الإمام‌: لاتقل‌ قزح‌، لانـّه‌ اسم‌ الشيطان‌، قل‌: قوس‌ الله‌، و فيه‌ الامان‌ من‌ الغرق‌. قال‌: أخبرني‌ عن‌ محاق‌ الهلال‌. فتلا الإمام‌ قوله‌ تعالي‌: وَ جَعَلْنَا الَّيْلَ وَالنَّهَارَ ءَايَتَيْنِ فَمَحُونَا ءَايَةَ الَّيْلِ وَ جَعَلْنَا ءَايَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً.

 قال‌: أخبرني‌ عن‌ أصحاب‌ رسول‌ الله‌. قال‌ الإمام‌: عمّن‌ أُخبرك‌؟ قال‌: عن‌ عبدالله‌ بن‌ مسعود؟ قال‌: قَرَأَ الْقُرآنَ ثُمَّ وَقَفَ عِنْدَهُ. قال‌: أخبرني‌ عن‌ أبي‌ ذرّ. قال‌: عَالِمٌ شَحيحٌ علی عِلْمِهِ. قال‌: أخبرني‌ عن‌ سلمان‌. قال‌: أَدْرَكَ عِلْمَ الاْوَّلِ وَ الآخرِ وَ هُوَ بَحْرٌ لاَ يُنْزَحُ (وَ مَنْ لَكَ بِلُقْمَانَ الْحَكِيم‌ )[2] وَ هُوَ مِنّا أَهْلَ الْبَيْتِ. قال‌: أَخْبِرنِي‌ عن‌ حذيفة‌ بن‌ اليمان‌. قال‌: عَرّافٌ بِالمُنافِقِينَ، وَ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ عَنِ الْمُضِلاَتِ، وَ إنْ سَأَلْتُمُوهُ وَجَدْتُمُوهُ خَبِيراً بِهَا. قال‌: أَخبرني‌ عن‌ عمّار بن‌ ياسر. قال‌: خَالَطَ الإسلام لَحْمَهُ وَ دَمَهُ وَ هُوَ مُحَرَّمٌ علی النَّارِ، كَيْفَما دَارَ الْحَقُّ دَارَ مَعَهُ.

 قال‌: أخبرني‌ عن‌ نفسك‌. قال‌: قَالَ اللَهُ تَعَالَي‌: فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ وكَذَلِكَ قالَ: وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ. كُنْتُ أَوَّلَ دَاخِلٍ وَ آخِرَ خَارِجٍ، وَ كُنْتُ إذَا سَأَلْتُ أُعْطِيتُ، وَ إذَا سَكَتُّ ابْتُديتُ، وَ بَيْنَ جَوانِحِي‌ عِلْمٌ جَمٌّ.

 قال‌: ما نزل‌ في‌ حقّك‌ من‌ القرآن‌؟ قال‌: ألم‌ تقرأ سورة‌ هود: أَفَمَن‌ كَانَ عَلَي‌' بَيِّنَةٍ مِنْ رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ؟ فصاحب‌ البيّنة‌ من‌ ربّه‌ رسول‌ الله‌ والشاهد عليه‌ الذي‌ يتّبعه‌ هو أنا. قال‌ ابن‌ الكوّاء: وَ حَقِّكَ لاَ اتَّبَعْتُ أَحَداً بَعْدَكَ.[3]

 يقول‌ المرحوم‌ الميرزا أبوالحسن‌ الشعرانيّ في‌ تعليقه‌ علی تفسير هذه‌ الآية‌: ذكر المجلسيّ في‌ «بحار الانوار» هذه‌ الرواية‌ عن‌ كتاب‌ «الغارات‌» لإبراهيم‌ الثقفيّ. إِلاّ أنـّه‌ ذكر لفظ‌ شرج‌ السماء بصيغة‌ المفرد بدل‌ لفظ‌ شراج‌ السماء. و الشرج‌ هو مسيل‌ الماء. و كأنّ الإمام‌ أراد أن‌ يشبّه‌ طرق‌ السماء المضيئة‌ بمسيل‌ الماء علی الارض‌.[4]

 أجل‌ يبدو علی الظاهر أنّ هذه‌ الخطبة‌ التي‌ ألقاها الإمام‌ من‌ علی المنبر في‌ مسجد الكوفة‌ كانت‌ بعد حرب‌ النهروان‌ و قبيل‌ استشهاده‌ بقليل‌. وفي‌ قوله‌ عليه‌ السلام‌ سَلُونِي‌ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي‌ تلميح‌ إلی قرب‌ موته‌ واستشهاده‌ أيضاً. و الشاهد هو أنّ أصل‌ هذه‌ الخطبة‌ قد جاء في‌ «نهج‌ البلاغة‌»، و أشار الإمام‌ فيها إلی قضيّة‌ النهروان‌ و أُفول‌ نجم‌ الخوارج‌. فقد قال‌: أَمّا بَعْدُ أَيُّها النَّاسُ فَأَنا فَقأتُ عَيْنَ الْفِتنَةِ [5] وَ لَمْ يَكُنْ لِيَجْرُءَ عَلَيْهَا أَحَدٌ غَيْرِي‌ بَعْدَ أَن‌ ماجَ غَيْهَبُهَا وَاشْتَدَّ كَلَبُهَا، فَاسْألُونِي‌ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي‌، فَوَالَّذِي‌ نَفْسِي‌ بِيَدِهِ لاَ تَسْأَلُونِي‌ عَنْ شَيْءٍ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ السَّاعَةِ وَ لاَ عَنْ فِئَةٍ تَهْدِي‌ مائَةً وَ تُضِلُّ مَائَةً إلاّ أَنْبَأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا وَ قَائِدِهَا وَ سَائقِهَا وَ مُنَاخِ رِكَابِهِا وَ مَحَطِّ رِحَالِهِا وَ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَهْلِهِا قَتْلاً وَ يَمُوتُ مِنْهُمْ مَوْتاً، وَ لَوْ قَدْ فَقَدْتُمُوني‌ وَ نَزَلَتْ بِكُمْ كَرائِهُ الاُمورِ وَ حَوازِبُ الْخُطُوبِ لاَطْرَقَ كَثيرٌ مِنَ السَّائِلِينَ وَ فَشِلَ كَثيرٌ مِنَ الْمَسْؤُلِينَ. الخطبة‌.[6]

 كانت‌ هذه‌ مجموعة‌ روائيّة‌ أُثرت‌ في‌ شأن‌ نزول‌ الآية‌: أَفَمَن‌ كَانَ عَلَي‌' بَيِّنَةٍ مِنْ رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ. في‌ أميرالمؤمنين‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌السلام‌. و آنَ لنا أن‌ نعلم‌ معني‌ الشَّاهِد و معني‌ يَتْلُوهُ. و مضافاً إلی ذلك‌، ما هي‌ المنقبة‌ التي‌ يحملها عنوان‌ الشهادة‌ لاميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌؟

 الرجوع الي الفهرس

آیة «ویتلوه شاهدٌ منه» أکبر مناقب أمیرالمؤمنین

 و قد عرفنا إجمالاً أنّ معني‌ «شَاهِدٌ» مهما كان‌ فهو منصب‌ عال‌ و مقام‌ رفيع‌، لانـّه‌ جاء بين‌ آيات‌ كثيرة‌ نزلت‌ في‌ أميرالمؤمنين‌، بل‌ كما قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: مَا أَنْزَلَ اللَهُ آيَةً فِي‌ الْقُرآنِ فِيهَا «يَـ'´أَيـُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا» إِلاّ وَ علی رَأْسُهَا وَ أَمِيرُهَا وَ شَريفُهَا. فَلَقَدْ عاتَبَ اللَهُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فِي‌ الْقُرْآنِ، وَ مَا ذَكَرَ عَلِيّاً إِلاّ بِخَيْرٍ. [7] و مثل‌ هذه‌ الآيات‌ جميعها فإنّ واحدها الاكمل‌ هو أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. و نجد الإمام‌ عندما وجّه‌ إليه‌ ذلك‌ السائل‌ سؤالاً عن‌ منزلته‌ و موقعه‌ في‌القرآن‌، أجابه‌ بهذه‌ الآية‌ واصفاً نفسه‌ بصفة‌: وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ.

 يتبيّن‌ من‌ هنا جيّداً أنّ عنوان‌ شَاهِدٌ عنوان‌ عظيم‌ الشأن‌ و رفيع‌ الدرجة‌ للغاية‌. و لعلّ أيّ درجة‌ و منزلة‌ لاتضاهية‌ أبداً. حتّي‌ قوله‌ تعالي‌: إِنـَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَ رَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَـ'وةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكَـ'وةَ وَ هُمْ رَ'كِعُونَ، [8] و قوله‌: يَـ'´أَيـُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن‌ رَّبِّكَ، [9] و قوله‌: الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينُكُمْ،[10] و ما تلاها من‌ قوله‌: الْيَومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي‌ وَ رَضِيتُ لَكُم‌ الإسلام دِينًا، [11] فهذه‌ كلّها نزلت‌ في‌ علی عليه‌ السلام‌ و تبيّن‌ أعظم‌ مقام‌ و درجة‌ للإمام‌، بَيدَ أنـّها لاتصل‌ إلی الدرجة‌ التي‌ تبيّنها الآية‌: وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ من‌ حيث‌ الاهميّة‌.

 و توضيح‌ ذلك‌ أنّ «شَاهِدٌ» مع‌ أنـّها تعني‌ الشخص‌ المؤدّي‌ للشهادة‌ بَيدَ أنّ أداء الشهادة‌ بدون‌ تحمّلها أمر غير معقول‌. أي‌ أنّ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ تحمّل‌ جميع‌ المراتب‌ و الدرجات‌ و المعارف‌ و الكمالات‌ و الخصوصيّات‌ الموجودة‌ في‌ البيّنة‌ التي‌ هي‌ نور النبوّة‌ أو البصيرة‌ الإلهيّة‌ المطلقة‌، و بكلمة‌ بديلة‌، هو عِدل‌ و قرين‌ تلك‌ الخاصّة‌ الإلهيّة‌ التي‌ منّ الله‌ بها علی نبيّه‌ الاكرم‌.

و لذلك‌ جُعلت‌ شهادة‌ الإمام‌ في‌ هذه‌ الآية‌ بمستوي‌ نور النبوّة‌ أو البصيرة‌ الإلهيّة‌ المطلقة‌، و جُعل‌ الإمام‌ بمستوي‌ صاحب‌ البيّنة‌، و هو رسول‌ الله‌. و الشاهد علی هذا المعني‌ روايات‌ نقلها الشيعة‌ و السنّة‌ عن‌ نبيّهم‌ الكريم‌، إذ قال‌: خلق‌ الله‌ نوري‌ و نور علی من‌ عالم‌ واحد. و قال‌ أيضاً: علی مِنِّي‌ كَنَفْسِي‌.[12] و قال‌ كذلك‌: أَنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارونَ مِنْ مُوسي‌ إِلاّ أَنـَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي‌. [13] أي‌: أنّ عليّاً كسائر الانبياء من‌ كلّ الجهات‌، حتّي‌ في‌ ملكاتهم‌ و حالاتهم‌ و معارفهم‌ و بصيرتهم‌ الإلهيّة‌ و نور النبوّة‌ الذي‌ منّ الله‌ به‌ عليهم‌، إِلاّ أنـّه‌ لم‌ يُعْطَ النبوّة‌، لانـّها ختمت‌ بسيّد الانبياء محمّد صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ـ فلا نبيّ بعده‌.

 و يقول‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: وَ أَنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ كَالصِّنوِْ مِنَ الصِّنْوِ وَالذِّراعِ مِنَ الْعَضُدِ. [14]

 علی أي‌ّ حال‌، لمّا كانت‌ الشهادة‌ تعني‌ الحضور، و الشاهد هو الحاضر، فإنّ قوله‌: وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ يدلّ علی أنّ أميرالمؤمنين‌ عليه‌السلام‌ الذي‌ هو من‌ النبيّ نفسه‌ كانت‌ البيّنة‌ و النورالإلهيّ دائماً مشهودين‌ عنده‌، و كان‌ واقفاً و حاضراً و مُسَيْطِراً عليها باستمرار. و هذه‌ الآية‌ كالآية‌ التي‌ مرّ ذكرها: قُلْ كَفَيْ بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْنِي‌ وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. [15]

 الرجوع الي الفهرس

أمیرالمومین کان تلمیذ رسول الله و دونه بدرجة واحدة

قرب مقام أمیرالمؤمنین علیه السّلام من مقام رسول الله صلی الله علیه و آله

 و لمّا كان‌ للشهيد والشاهد معني‌ واحد، و قد قلنا هناك‌ بأنّ الذي‌ يستشفّ من‌ الآية‌ هو أنّ شهادة‌ أميرالمؤمنين‌ بمستوي‌ شهادة‌ الله‌، فشهادته‌ هنا أيضاً هي‌ بمستوي‌ نبوّة‌ رسول‌ الله‌، و من‌ الواضح‌ أنّ هذه‌ الشهادة‌ التي‌ تمثّل‌ الوقوف‌ علی الاسرار و المعارف‌ الإلهيّة‌ و درجات‌ النبوّة‌ تستلزم‌ بلوغ‌ أعلي‌ درجات‌ القرب‌ و الفناء في‌ الذات‌ الاحديّة‌، و الإحاطة‌ التامّة‌ بالعلاقات‌ و الاتّصالات‌ القائمة‌ بين‌ جبرائيل‌ و النبيّ الاكرم‌، و التحقّق‌ بمعدن‌ الحقائق‌، والارتواء من‌ العلوم‌ الإلهيّة‌ اللامتناهيّة‌. بَيدَ أنـّنا ينبغي‌ أن‌ نعلم‌ بأنّ كلمة‌ «يَتْلُوهُ» تدلّ علی أنّ مقامات‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ تأتتلو مقامات‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ وإلي‌ جانبها. و من‌ هذا المنطلق‌ يتسنّي‌ لنا الاستدلال‌ علی إمامته‌ و ولايته‌ بعد رسول‌ الله‌. فقد إنساب‌ الفيض‌ و الكمال‌ من‌ رسول‌ الله‌ إلی أميرالمؤمنين‌، و مثّل‌ رسول‌ الله‌ دور الاستاذ و المعلّم‌ و المربّي‌ للإمام‌، مضافاً إلی أنّ نفس‌ رسول‌ الله‌ كانت‌ أقوي‌ من‌ نفس‌ أميرالمؤمنين‌. لذلك‌ فإنّ ما يلاحظ‌ من‌ شعر بعض‌ المتصوّفه‌ في‌ منزلة‌ الإمام‌، إذ يرونه‌ أفضل‌ من‌ رسول‌ الله‌، و يجعلون‌ النبيّ مقدّمة‌ للإمام‌ و مبشّراً به‌، و لعلّهم‌ استدلّوا علی ذلك‌ بصعود الإمام‌ علی كتف‌ رسول‌ الله‌ في‌ الكعبة‌ لتكسير الاصنام‌ قائلين‌ بأنّ ختم‌ النبوّة‌ كانت‌ تحت‌ أقدام‌ علی، كلّ ذلك‌ مجرّد من‌ الحقيقة‌ و لانصيب‌ له‌ من‌ الواقع‌. و الشاهد علی ما نقول‌ هو كلام‌ أميرالمؤمنين‌ نفسه‌: وَ قَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي‌ مِنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بالْقَرَابَةِ الْقَريبَةِ وَالْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ، وَ ضَعَنِي‌ فِي‌ حِجْرِهِ وَ أَنَا وَلِيدٌ يَضُمُّنِي‌ إلی صَدْرِهِ، وَ يَكْنُفُنِي‌ إلی فِرَاشِهِ، وَ يُمِسُّنِي‌ جَسَدَهُ، وَ يُشمُّنِي‌ عَرْفَهُ،[16] وَ كَانَ يَمْضُغُ الشَّي‌ءَ ثُمَّ يُلْقَمِنِيهِ وَ مَا وَجَدَ لِي‌ كَذْبَةً فِي‌ قَوْلٍ وَ لاَ خَطْلَةً فِي‌ فَعْلٍ، وَ لَقَدْ قَرَنَ اللَهُ بِهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِ وَ مَحَاسِنِ أَخْلاَقِ الْعَالَمِ لَيْلَهُ وَ نَهَارَهُ. وَ لَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ، يَرْفَعُ لِي‌ فِي‌ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلاَقِهِ عَلَماً وَ يَأْمُرُني‌ بِالاقْتِدَاءِ بِهِ. وَ لَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي‌ كُلِّ سَنَةٍ بِحِراءِ فَأَراهُ وَ لاَ يَراهُ غَيْرِي‌ وَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَؤمَئذٍ فِي‌ الإسلام غَيْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَ خَديجَةَ وَ أَنَا ثَالِثُهُمْ، أرَي‌ نُورَ الْوَحْي‌ وَ الرِّسالَةِ وَ أَشُمُّ ريحَ النُّبوَّةِ، وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْي‌ عَلِيْهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَهِ! مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ؟ فَقَالَ: هَذَا الشَّيْطَانُ أَيسَ مِنْ عِبَادَتِهِ، إنـَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَ تَرَي‌ مَا أَري‌ إِلاّ أَنـَّكَ لَسْتَ بِنَبيٍّ وَلَكِنَّكَ وَزيرٌ وَ إِنـَّكَ لَعَلَي‌ خَيْرٍ ـ الخطبة‌.[17]

 ويُستفاد من‌ هذه‌ الخطبة‌ جيّداً أنّ أميرالمؤمنين‌ كان‌ أقلّ درجة‌ من‌ رسول‌ الله‌، و كان‌ له‌ مقام‌ الوزارة‌ بالنسبة‌ إلی مقام‌ النبوّة‌. و كانت‌ كمالاته‌ ومعارفه‌ جميعها مستقاة‌ من‌ رسول‌ الله‌. و كان‌ رسول‌ الله‌ في‌ الحجاب‌ الاقرب‌ من‌ الله‌، و أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ دونه‌ بمرقاة‌ واحدة‌، و أنّ مقام‌ التوحيد و الإخلاص‌ و الحمد أيضاً قد ترشّح‌ من‌ رسول‌ الله‌ إلی الإمام‌ كما روي‌ فرات‌ بن‌ إبراهيم‌ في‌ تفسيره‌ بسلسلة‌ سنده‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عن‌ أبيه‌، عن‌ آبائه‌، عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: «إنّ الله‌ تبارك‌ وتعالي‌ إذا جمع‌ الناس‌ يوم‌ القيامة‌ و عدني‌ المقام‌ المحمود، و هو وافٍ لي‌ به‌. إذا كان‌ يوم‌ القيامة‌ نُصب‌ لي‌ منبرٌ له‌ ألف‌ درجة‌ فأصعد حتّي‌ أعلو فوقه‌. فيأتيني‌ جبرئيل‌ بلواء الحمد، فيضعه‌ في‌ يدي‌، و يقول‌: يا محمّد هذا المقام‌ المحمود الذي‌ وعدك‌ الله‌ تعالي‌، فأقول‌ لعليّ: اصعد فيكون‌ أسفل‌ منّي‌ بدرجة‌، فأضع‌ لواء الحمد في‌ يده‌، ثمّ يأتي‌ رضوان‌ بمفاتيح‌ الجنّة‌ فيقول‌: يا محمّد هذا المقام‌ المحمود الذي‌ وعدك‌ الله‌ تعالي‌، فيضعها في‌ يدي‌ فأضعها في‌ حجر علی بن‌ أبي‌ طالب‌، ثمّ يأتي‌ مالك‌ خازن‌ النار فيقول‌: يا محمّد هذا المقام‌ المحمود الذي‌ وعدك‌ الله‌ تعالي‌. هذه‌ مفاتيح‌ النار، أَدْخِلْ عدوَّك‌، و عدوَّ أُمّتك‌ النَّارَ، فآخذها و أضعها في‌ حجر عليّبن‌ أبي‌طالب‌».[18]

 و وردت‌ روايات‌ كثيرة‌ مماثلة‌ لهذه‌ الرواية‌ في‌ المضمون‌، كما جاء في‌ «تفسير علی بن‌ إبراهيم‌»، [19] و كتاب‌ «الامالي‌» لابن‌ بابويه‌ القمّيّ، [20] وكتاب‌ «الامالي‌» [21] للشيخ‌ الطوسيّ، و كتاب‌ «الخصال‌» [22] لابن‌ بابويه‌ الشيخ‌ الصدوق‌ أيضاً.

 و جاءت‌ روايات‌ تدلّ علی أنّ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ يأخذ بحُجزة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ يوم‌ القيامة‌، و يبلغ‌ مقاماته‌ بمساعدته‌، كما روي‌ فرات‌ بن‌ إبراهيم‌ بسنده‌ عن‌ سليمان‌ الديلميّ، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السّلام‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ إلی أن‌ قال‌: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: ثُمَّ يُدْعَي‌ بِكَ فَيَتَطَاوَلُ إِلَيْكَ الْخَلاَئِقُ فَيَقُولُونَ مَا يُعْرَفُ فِي‌ النَّبِيِّينَ فَيُنَادِي‌ مُنَادٍ: هَذَا سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ، ثُمَّ تَصْعَدُ فَنُعانِقُ [23] عَلَيْهِ، ثُمَّ تَأخُذُ بِحُجْزَتي‌ وَ آخُذُ بِحُجْزَةِ اللَهِ وَ هُوَ الْحَقُّ وَ تَأخُذُ ذُرِّيَّتُكَ بِحُجْزَتِكَ وَ تَأْخُذُ شِيعَتُكَ بِحُجْزَةِ ذُرِّيَّتِكَ [24]

 و لنا أن‌ نقف‌ علی منزلة‌ الإمام‌ و درجته‌ أيضاً من‌ الروايات‌ المتظافرة‌ بل‌ المتواترة‌ التي‌ جعل‌ رسول‌ الله‌ عليّاً فيها أخاه‌، فكان‌ عدله‌ و قرينه‌ في‌ جميع‌ الجوانب‌، بَيدَ أنـّه‌ أخذ كمالاته‌ من‌ النبيّ، لانّ النبيّ هو الذي‌ سمّاه‌ أخاه‌، لا أنّ أميرالمؤمنين‌ سمّي‌ النبيّ أخاه‌. و لقب‌ الاُخوّة‌ شرف‌ و فضيلة‌ لاميرالمؤمنين‌ لا لرسول‌ الله‌. يقولون‌: هُوَ أَخُو رَسُولِ اللهِ وَ لايقولون‌: رَسُولُ اللهِ أَخُو علی. مع‌ أنّ الاُخوّة‌ هي‌ من‌ مقولات‌ الإضافة‌ و تتحقّق‌ بين‌ طرفين‌، لكنّها تختلف‌ هنا في‌ صدق‌ عنوان‌ الاخ‌ بوصفه‌ لقباً.

 و كذلك‌ نقف‌ علی منزلة‌ الإمام‌ و درجته‌ من‌ خلال‌ الروايات‌ الكثيرة‌ التي‌ رواها الفريقان‌ بأسنادهما المختلفة‌ عن‌ رسول‌ الله‌، والتي‌ تعكس‌ لنا منزلة‌ الإمام‌ بالنسبة‌ إلی رسول‌ الله‌، منها: أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَ علی بَابُهَا. [25] وهذه‌ الروايات‌ كلّها التي‌ نقلناها أخيراً، و أمثالها التي‌ تلاحظ‌ في‌ الابواب‌ المتنوّعة‌ من‌ كتب‌ المناقب‌. كلّها تفسّر كلمة‌ «يَتْلُوهُ» إذ كان‌ الإمام‌ مقتفياً النبيّ في‌ جميع‌ المراحل‌، صلّي‌ الله‌ عليهما و علی آلهما و رحمة‌ الله‌ وبركاته‌.

 جاءت‌ في‌ «مستدرك‌ الوسائل‌» عن‌ كتاب‌ «المزار القديم‌» رواية‌ عن‌ الإمام‌ محمّد الباقر عليه‌ السلام‌ قال‌: «ذهبتُ مع‌ أبي‌ علی بن‌ الحسين‌ زين‌ العابدين‌ عليه‌ السلام‌ إلی زيارة‌ قبر جدّي‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌السلام‌ في‌النجف‌، فوقف‌ أبي‌ عند القبر المطهّر و بكي‌، و قال‌:

 السَّلاَمُ علی أبِي‌ الاْئِمَّةِ وَ خَلِيلِ النُّبُوَّةِ وَالْمَخْصُوصِ بِالاْخُوَّةِ. السَّلاَمُ علی يَعْسُوبِ الإيمَانِ وَ ميزانِ الاْعْمَالِ وَ سَيْفِ ذِي‌ الْجَلاَلِ. السَّلاَمُ علی صَالِحِ الْمُؤمِنِينَ وَ وَارِثِ عِلْمِ النَّبِيِّينَ الْحَاكِمِ يَوْمِ الدِّينِ. السَّلاَمُ علی شَجَرَةِ التَّقْوَي‌. السَّلاَمُ علی حُجَّةِ اللَهِ الْبَالِغَةِ وَ نِعْمَتِهِ السَّابِغَةِ وَ نِقْمَتِهِ الدَّامِغَةِ. السَّلاَمُ علی الصِّرَاطِ الْوَاضِحِ وَ النَّجْمِ اللاَّئِحِ وَ الإمام النَّاصِحِ وَ رَحْمَةُ اللَهِ وَ بَرَكَاتُهُ. [26]

 و روي‌ الشيخ‌ محمّد بن‌ المشهديّ قال‌: روي‌ محمّد بن‌ خالد الطيالسيّ عن‌ سيف‌ بن‌ عميرة‌، عن‌ صفوان‌ الجمّال‌ قال‌: وردت‌ النجف‌ مع‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ لزيارة‌ قبر أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ فوقف‌ الإمام‌ عند القبر المطهّر و قرأ زيارة‌ مفصّلة‌. و نحن‌ نذكر فقرات‌ منها ممّا يناسب‌ بحثنا: قال‌: السَّلاَمُ علی سَيِّدِ الْمُتَّقِينَ الاْخْيَارِ. السَّلاَمُ علی أَخي‌ رَسُولِ اللَهِ وَابْنِ عَمِّهِ وَ زَوْجِ ابْنَتِهِ وَالْمَخْلُوقِ مِنْ طِينَتِهِ. السَّلاَمُ علی الاْصْلِ الْقَدِيمِ وَ الْفَرْعِ الْكَرِيمِ. [27]

 إلی أن‌ وصل‌ إلی هذه‌ الفقرات‌، إذ قال‌: أَخي‌ نَبِيِّكَ وَ وَصِيِّ رَسُولِكَ الْبَائِتِ علی فِرَاشِهِ وَالْمُواسِي‌ لَهُ بِنَفْسِهِ وَ كَاشِفِ الْكَرْبِ عَنْ وَجْهِهِ، الَّذِي‌ جَعَلْتَهُ سَيْفاً لِنُبُوَّتِهِ وَ آيَةً لِرِسَالَتِهِ وَ شَاهِداً علی أُمَّتِهِ وَ دَلاَلَةً علی حُجَّتِهِ وَ حَامِلاً لِرَايَتِهِ وَ وِقَايَةً لِمُهْجَتِهِ وَ هَادِياً لاِمَّتِهِ وَ يَدَاً لِبَأسِهِ وَتَاجاً لِرَأسِهِ وَ بَابَاً لِسِرِّهِ وَ مِفْتَاحاً لِظَفَرِهِ.[28]

 و أنشد الشاعر الفارسيّ حكيم‌ سنائي‌ قائلاً:

 مرتضائي‌ كه‌ كرد يزدانش               ‌ همره‌ جان‌ مصطفي‌ جانش‌

 دو رونده‌ چو اختر گردون                 ‌ دو برادر چو موسي‌ و هارون‌

 هر دو يك‌ قبله‌ و خِرَدشان‌ دو                      هر دو يك‌ روح‌ و كالبدشان‌ دو

 هر دو يك‌ دُرّ ز يك‌ صَدف‌ بودند                     هر دو پيراية‌ شرف‌ بودند

 تا نه‌ بگشاد علم‌ حيدر دَر              ندهد سنّت‌ پيمبر بَر [29]

 الرجوع الي الفهرس

أشعار السید الحمیری فی مدح أمیرالمؤمنین علیه السّلام

 و أنشد السيّد إسماعيل‌ الحِميريّ قائلاً:

 قِفْ بِالدِّيَارِ وَ حَيِّهِنَّ دِيَارا                         وَاسْق‌ الرُّسُومَ الْمِدْمَعَ الْمِدْرارا

 كَانَتْ تَحُلُّ بِهَا النَّوارُ وَ زَيْنَبُ                     فَرَعي‌ إلَهي‌ زَيْنَباً وَ نَوارا

 قُلْ لِلَّذِي‌ عَادي‌ وَصِيَّ مُحَمَّدٍ                  وَ أَبَانَ لِي‌ عَنْ لَفْظِهِ إنْكَارَا

 مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ وَ حُكْمُهُ                مَنْ شَاهِدٌ يَتْلُوهُ مِنْهُ نَذَارا

 عِلْمُ الْبَلاَيَا وَالْمَنَايا عِنْدَهُ             فَصْلُ الْخِطَابِ نُمي‌ إلَيْهِ وَصَارَا [30]

 و أنشد السيّد الحِميريّ أيضاً:

 أُشْهِدُ بِاللَهِ وَ آلائِهِ                     وَالْمَرءُ عَمّا قَالَهُ يُسْألُ

 إنَّ علی بْنَ أَبي‌ طَالِبٍ               خَلِيفَةُ اللَهِ الَّذِي‌ يَعْدِلُ

 وَ إنـَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ أَحْمَدٍ              كَمِثْلِ هَارُونَ وَ لاَ مُرْسَلُ

 لَكِنْ وَصِي‌ٌّ خَازِنٌ عِنْدَهُ               عِلْمٌ مِنَ اللَهِ بِهِ يَعْمَلُ

 قَدْ قَامَ يَوْمَ الْدَّوْحِ [31] خَيْرُ الْوَرَي‌              بِوَجْهِهِ لِلنَّاسِ يَسْتَقْبِلُ

 وَ قَالَ مَنْ قَدْ كُنْتُ مَوليً لَهُ                    فَذَا لَهُ مَوْليً لَكُمْ مَوْئِلُ

 لَكِنْ تَواصَوا بِعَلِيِّ الْهُدي                        ‌ أَنْ لاَيُوالُوهُ وَ أَن‌ يَخذُلُوا [32]

 الرجوع الي الفهرس

القصیدة العینیّة لابن أبی الحدید فی عظمة أمیرالمؤمنین علیه السّلام

 و هنا لم‌ يستطع‌ العالم‌ المعتزليّ إبن‌ أبي‌الحديد أن‌ يحجب‌ النور بالامتناع‌ عن‌ ذكر مقامات‌ الإمام‌، فأذعن‌ معترفاً بجميع‌ الميزات‌ التي‌ كان‌ يشارك‌ الإمام‌ فيها النبيّ الاكرم‌، والنور الذي‌ تلالا في‌ وجهه‌ مفاضاً عليه‌ من‌ نور رسول‌ الله‌، فقال‌:

 هَذَا الاْمَانَةُ لاَ يَقُومُ بِحَمْلِهَا                     خَلْقاءُ هَابِطَةً وَ أَطْلَسُ أَرْفَعُ

 هَذَا هُوَ النُّورُ الَّذِي‌ عَذَبَاتُهُ                       كانَتْ بِجَبْهَةِ آدَمَ تَتَطَلَّعُ

 وَ شِهَابُ مُوسَي‌ حَيْثُ أَظْلَمَ لَيْلُهُ                        رَفَعَتْ لَهُ لاَلاَؤُهُ تَتَشَعْشَعُ

 إلی أن‌ قال‌:

 لَوْلاَ مَمَاتُكَ قُلْتُ إنَّكَ بَاسِطُ                     الاْرْزَاقِ تَقْدِرُ فِي‌ الْعَطَاءِ وَ تُوسِعُ

 مَا الْعَالَمُ الْعِلْوِيُّ إلاّ تُرْبَةٌ                        فِيهَا لِجُثَّتِكَ الشَّريفَةِ مَضْجَعُ

 مَا الدَّهْرُ إِلاّ عَبْدُكَ الْقِنُّ الَّذِي‌                  بِنُفُوذِ أَمْرِكَ فِي‌ الْبَرِيَّةِ مُولِعُ

 أَنَا فِي‌ مَدِيحِكَ أَلْكَنٌ لاَ أَهْتَدِي                 ‌ وَ أَنَا الْخَطِيبُ الْهِبْرَزِيُّ الْمِصْقَعُ [33]

 أَأَقُولُ فِيكَ سَمَيْدَعٌ كَلاّ وَ لاَ                     حَاشَا لِمِثْلِكَ أَنْ يُقَالَ سَمَيْدَعُ [34]

 بَلْ أَنْتَ فِي‌ يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَاكِمٌ                 فِي‌الْعَالَمينَ وَ شَافِعٌ وَ مُشَفَّعُ

 وَ لَقَدْ جَهِلْتُ وَ كُنْتُ أَحْذَقَ عَالِمٍ               أَغِرَارُ عَزْمِكَ أَمْ حُسامُكَ أَقْطَعُ

 وَ فَقَدْتُ مَعْرِفَتِي‌ فَلَسْتُ بِعَارِفٍ              هَلْ فَضْلُ عِلْمِكَ أَمْ جَنَابُكَ أَوسَعُ

 لِي‌ فِيكَ مُعْتَقَدٌ سَأَكْشِفُ سِرَّهُ               فَلْيُصْغِ أَرْبَابُ النُّهي‌ وَ لْيَسْمَعُوا

 هِيَ نَفْثَةُ الْمَصْدُورِ يُطفي‌ بَرْدُهَا             حَرَّ الصَّبابَةِ فَاعْذِلُونِي‌ أَوْ دَعُوا

 وَاللَهِ لَوْلاَ حَيْدَرٌ مَا كَانَتِ              الدُّنْيَا وَ لاَ جَمَعَ الْبَرِيَّةَ مَجْمَعُ

 مِنْ أَجْلِهِ خُلِقَ الزَّمَانُ وَضُوِّئَتْ                شُهُبٌ كَنَسْنَ وَ جَنَّ لَيْلٌ أَدْرَعُ

 عِلْمُ الْغُيُوبِ إِلَيْهِ غَيْرَ مُدافَعٍ                    وَالصُّبْحُ أَبْيَضُ مُسْفِرٌ لاَ يُدْفَعُ

 وَ إِليْهِ فِي‌ يَوْمِ الْمَعَادِ حِسَابُنَا                 وَ هُوَ الْمَلاَذُ لَنَا غَدَاً وَالْمَفْزَعُ

 إلی آخر هذه‌ القصيدة‌ المعروفة‌ بعينيّة‌ ابن‌ أبي‌ الحديد، و قد طبعت‌ ضمن‌ «المعلّقات‌ السبع‌».

 الرجوع الي الفهرس

الدرس السابع و الخمسون إلی الستین:

تفسیر الآیة: «إِنَّمآ أنتَ مُنذِرٌ و لِکُلِّ قَومٍ هَادٍ»

 بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

و صلَّي‌ اللهُ علی محمّد و آله‌ الطَّاهرين‌

و لعنة‌ اللَه‌ علی أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی قيام‌ يوم‌ الدين‌

و لا حول‌ و لا قوّة‌ إلاّ باللَه‌ العليّ العظيم‌

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَروا لَوْلآ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِّن‌ رَّبِّهِ إِنـَّمَآ أَنْتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ. [35]

 أُثرت‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ أحاديث‌ و روايات‌ كثيرة‌ عن‌ طريق‌ الشيعة‌ و السنّة‌، سواء في‌ كتب‌ الحديث‌ أو في‌ كتب‌ التفسير، تصرّح‌ أنّ المقصود بالهادي‌ في‌ هذه‌ الآية‌ الكريمة‌ هو أميرالمؤمنين‌ عليّابن‌ أبي‌طالب‌ عليه‌ السلام‌. و يجدر بنا أن‌ نتطرّق‌ إلی تفسير هذه‌ الآية‌ بنحو مجمل‌، قبل‌ الخوض‌ في‌ هذه‌ الاحاديث‌ و الروايات‌. فقد نقل‌ المؤرّخون‌ أنّ مشركي‌ قريش‌ و كفّارهم‌ طالبوا رسول‌ الله‌ بمعجزات‌ مماثلة‌ لمعجزات‌ موسي‌، و عيسي‌، و صالح‌، و غيرهم‌ من‌ الانبياء كانقلاب‌ العصا إلی حيّة‌، و اليد البيضاء، و إحياء الموتي‌، و إبراء الاكمه‌ و الابرص‌، و إخراج‌ ناقة‌ حيّة‌ من‌ جحر الجبل‌. و كانوا يقولون‌: إن‌ كان‌ هذا النبيّ صادقاً، فلماذا لايأتي‌ بمثل‌ هذه‌ المعجزات‌؟ و لماذا لاينزل‌ ربّه‌ عليه‌ من‌ السماء مثل‌ هذه‌ الاشياء الخارقة‌ للعادة‌ من‌ أجل‌ شدّ أزره‌ ومعاضدته‌؟ إنّهم‌ لم‌ يعترفوا بالقرآن‌ المجيد بوصفه‌ أعظم‌ معجزة‌ نزلت‌ علی النبيّ، فكانوا يرتابون‌ فيه‌، و لم‌ يعتنوا به‌ لاهثين‌ وراء معجزات‌ أُخري‌ حسيّة‌ و ماديّة‌ كمعجزات‌ القرون‌ الخالية‌.

 بَيدَ أنّ طلبهم‌ هذا غير صائب‌ من‌ عدّة‌ جهات‌: أوّلاً: أنّ اختيار المعجزة‌ الخارقة‌ للعادة‌ بِيَدِ الله‌ و حسب‌، فليس‌ لرسول‌ الله‌ أن‌ يتدخّل‌ فيها بصورة‌ مستقلّة‌ فهو إنسان‌ مخلوق‌ و خاضع‌ لحكم‌ الله‌ كبقيّة‌ الناس‌. و ليس‌ باستطاعته‌ أن‌ يعمل‌ خلاف‌ الإرادة‌ الإلهيّة‌ أبداً، سواء شاء هو نفسه‌ أو أراد الآخرون‌ منه‌ ذلك‌. قال‌ جلّ من‌ قائل‌: لاَ يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَ لاَ ضَرًّا وَ لاَ مَوْتًا وَ لاَ حَيـ'وةً وَ لاَ نُشُورًا. فكلّما يريد الله‌، فإنـّه‌ يجريه‌ علی يد نبيّه‌، سواء كان‌ ذلك‌ إحياء الموتي‌، أو انقلاب‌ العصا إلی ثعبان‌، أو إنزال‌ القرآن‌. و لذلك‌ فإنّ النظر إلی النبيّ علی أنـّه‌ مستقلّ في‌ التأثير أو شريك‌ في‌ الاثر خطأ بحت‌. ثانياً: كان‌ علم‌ السحر و الشعوذة‌ قد بلغ‌ ذروة‌ في‌ عصر موسي‌ فجعل‌الله‌ معجزته‌ من‌ سنخ‌ ذلك‌ العلم‌ الشائع‌ بين‌ الناس‌ و أمثاله‌. بحيث‌ تفوّق‌ قدرة‌ الإنسان‌، و بالفعل‌ فقد أذعن‌ السحرة‌ حينئذٍ لتلك‌ المعجزة‌ وآمنوا بها. و كان‌ علم‌ الطبّ قد تطوّر في‌ عصر عيسي‌ إلی درجة‌ كان‌ الاطبّاء يعالجون‌ الامراض‌ المتعذّر علاجها، فجعل‌ الله‌ معجزته‌ من‌ صنف‌ ذلك‌العلم‌ بحيث‌ إنّ الحاذقين‌ في‌ علم‌ الطبّ عجزوا عن‌ الإتيان‌ بمثلها. وحقيقة‌ المعجزة‌ هي‌ أنّ العلماء المعاصرين‌ لها، الذين‌ كرّسوا أعمارهم‌ في‌ العلوم‌ المماثلة‌ لها، عاجزون‌ عن‌ الإتيان‌ بمثلها، و لابدّ لهم‌ أن‌ يعترفوا بتفوّقها و تقدّمها علی غيرها من‌ العلوم‌، لا أنّ عوامّ الناس‌ عاجزون‌ عن‌ الاتيان‌ بمثلها.

 و في‌ عصر رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ بلغ‌ علم‌ الفصاحة‌ والبلاغة‌ أوجه‌، و كان‌ الشعراء المتضلّعون‌ ينشدون‌ الاشعار الادبيّة‌ مزيّنين‌ إيّاها بأنواع‌ الكنايات‌ و الاستعارات‌، و التمثيلات‌ مع‌ مراعاة‌ الإيجاز و سائر فنون‌ علم‌ العربيّة‌ و أدبها، و كانوا يعلّقونها في‌ الكعبة‌، و كانت‌ المعلّقات‌ السبع‌ نموذجاً ماثلاً لذلك‌.

 مضافاً إلی ذلك‌ فإنّ الإنسان‌ يضع‌ له‌ في‌ كلّ يوم‌ قانوناً، ثمّ يُبتلي‌ به‌، ولايعرف‌ علاجاً لامراضه‌ وآلامه‌. فكان‌ القرآن‌ الكريم‌ في‌ أعلي‌ درجات‌ الفصاحة‌ و البلاغة‌ إلی حدء الإعجاز من‌ جهة‌، و من‌ جهة‌ أُخري‌، كان‌ مثالاً في‌ رصانة‌ القوانين‌ و استقامتها و سلامتها، تلك‌ القوانين‌ و الاحكام‌ الفطريّة‌ التي‌ جاء بها للبشريّة‌، و كلّها قد دوّنت‌ علی نسق‌ واحد علی أساس‌ من‌ توحيد الله‌، و ربط‌ جميع‌ الناس‌، بل‌ جميع‌ الكائنات‌، بل‌ جميع‌ المخلوقات‌ وفقاً لقاعدة‌ اللطف‌ و التوحيد. و من‌ جهة‌ أُخري‌ فإنّ إعجاز القرآن‌، و كذلك‌ دعوة‌ جميع‌ الناس‌ إلی الله‌ ربّهم‌، الذي‌ هو أقرب‌ إليهم‌ من‌ كلّ شي‌ء، يعتمدان‌ علی مبدأ الجمال‌ و الجلال‌ الذي‌ تنطوي‌ فيه‌ جميع‌ أسماء الله‌.

 و الاهمّ من‌ ذلك‌ كلّه‌ هو ما نلحظه‌ من‌ ترابط‌ و تماسك‌ بين‌ جميع‌ هذه‌ المواضيع‌ و القوانين‌ و قصص‌ الانبياء و الاُمم‌، و السير في‌ الآفاق‌، و النظر إلی ملكوت‌ السماوات‌، و النجوم‌، و الليل‌ و النهار و الارض‌ و المطر والسحاب‌ و الرياح‌. و اخضرار الارض‌ و نضارة‌ الطبيعة‌، و خلق‌ الإنسان‌ والمراحل‌ التدريجيّة‌ التي‌ يمرّ بها الجنين‌ و الحيوان‌، و الموت‌ و البعث‌ وثمرة‌ الاعمال‌ و الحساب‌، و غير ذلك‌ كثير، كلّه‌ قد جمع‌ في‌ كتاب‌ موجز يمكن‌ حمله‌ في‌ الجيب‌، و هو علی ذلك‌ التركيب‌ الرفيع‌ و النسج‌ البديع‌. من‌ جهة‌ أُخري‌ فإنّه‌ معجزة‌ رسول‌ الله‌ الخالدة‌ للعلماء و الحاذقين‌ في‌ كلّ عصر و زمان‌ إلی يوم‌ القيامة‌؛ كما رفع‌ نفسه‌ لواء التحدّي‌ و دعا الناس‌ جميعهم‌ ـ في‌ مقام‌ الإعجاز ـ إلی الإيتان‌ بمثله‌. لذلك‌ فإنّ الناس‌ إذا لم‌ يؤمنوا بهذا القرآن‌، فهم‌ لا يؤمنون‌ بمعجزات‌ أُخري‌ كمعجزة‌ موسي‌ وعيسي‌ أبداً.

 و ثالثاً: أنّ ما أخذه‌ الله‌ علی نفسه‌ هو الإتيان‌ بمعجزة‌ لانبيائه‌، حتّي‌ يستبين‌ اتّصالهم‌ به‌ و بعالم‌ الغيب‌، و تكون‌ سنداً لنبوّتهم‌، لا أنـّه‌ يأتي‌ بمعجزة‌ جديدة‌ كلّ يوم‌ كما تهوي‌ أنفس‌ الناس‌. فالمعجزات‌ المتتالية‌ تصنع‌ أناساً جامدين‌ و عديمي‌ الفهم‌، و تصادر منهم‌ عقولهم‌، و تعطّل‌ سنّة‌ الله‌ في‌ تربية‌ البشريّة‌ و إعدادها، و تقف‌ حجر عثرة‌ في‌ طريق‌ تكاملها علی أساس‌ الاختيار و المجاهدة‌ و العمل‌ الصالح‌. و إذا كان‌ الناس‌ من‌ أهل‌ التسليم‌ و الطاعة‌، فإنـّهم‌ ينبغي‌ أن‌ يسلّموا لاوّل‌ معجزة‌ تأتيهم‌، و إذا لم‌ يكونوا كذلك‌، فإنـّهم‌ لايسلّمون‌ مهما كانت‌ المعجزات‌ كثيرة‌ و متنوّعة‌، إذ يفسّرونها بالسحر و الشعوذة‌، و يسلكون‌ سبلاً مضلّة‌ تهرّباً من‌ اتّباع‌ أنبيائهم‌ كما قال‌ تعالي‌ في‌ محكم‌ كتابه‌ العزيز: وَ لَوْ عَلِمَ اللَهُ فِيهِمْ خَيْرًا لاَسْمَعَهُمْ وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَولَّوا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ. [36]

 مضافاً إلی ذلك‌، فليس‌ هناك‌ حدّ معيّن‌ لاهواء الناس‌ و طلباتهم‌، فتراهم‌ كلّ يوم‌ يطلبون‌ معجزة‌ جديدة‌ من‌ نبيّهم‌ غير معجزة‌ الامس‌، و ليس‌ لنبيّهم‌ إِلاّ أنْ يكون‌ أُلعوبة‌ لتنفيذ مآربهم‌ الفاسدة‌. و يصبح‌ مدعاة‌ لتعطيل‌ السنن‌ الكونيّة‌ بدل‌ التوجّه‌ إلی التربية‌ و التعليم‌ و إرائة‌ الصراط‌ المستقيم‌ المؤدّي‌ إلی الله‌ دائماً، و بالتالي‌؟ فإنـّه‌ ينبري‌ إلی تمشية‌ أُمورهم‌ عن‌ طريق‌ الاشياء الخارقة‌ للعادات‌ وفقاً لما تهوي‌ أنفسهم‌.

 الرجوع الي الفهرس

بطلان طلب المشرکین من رسول الله معجزة غیر القرآن

 و كان‌ مشركو مكّة‌ و كفّارها يطلبون‌ من‌ رسول‌ الله‌ معجزات‌ متنوّعة‌ ولافتة‌ للنظر كإنزال‌ ملائكة‌ يرونهم‌، و الإتيان‌ بكتاب‌ محسوس‌ من‌ السماء، وتحويل‌ الحجر إلی ذهب‌، و تفجير الينابيع‌ و الانهار في‌ جبال‌ مكّة‌، أو أنْ يكون‌ له‌ بيت‌ من‌ زخرف‌، أو يرتقي‌ في‌ السماء، و أمثال‌ ذلك‌. و لمّا كان‌ رسول‌ الله‌ لا يستجيب‌ لطلباتهم‌، فإنـّهم‌ ـ دون‌ الالتفات‌ إلی الآيات‌ القرآنيّة‌ الكفيلة‌ بعلاج‌ كلّ مشكلة‌ و الجواب‌ علی كلّ سؤال‌ و توضيح‌ كلّ غامض‌ ـ كانوا يقولون‌ علی سبيل‌ المؤاخذة‌: لَوْلآ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِّن‌ رَّبِّهِ. و هذه‌ مؤاخذة‌ بلغت‌ من‌ السقم‌ و القبح‌ درجة‌، نجد فيها أنّ الله‌ جلّ شأنه‌ أعرض‌ عن‌ جوابهم‌ و لم‌ يوجّه‌ الخطاب‌ إليهم‌ في‌ الجواب‌ بل‌ و لم‌ يتحدّث‌ مع‌ نبيّه‌ عن‌ كلامهم‌، و اكتفي‌ بخطاب‌ نبيّه‌ في‌ أمر أصيل‌ قائلاً: إِنـَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ.

 الرجوع الي الفهرس

آیة «ولکلّ قومٍ هاد» دالّة علی أنّ الأرض لاتخلو من حجّة

 تدلّ هذه‌ الآية‌ علی أنّ الارض‌ لاتخلو من‌ إمام‌ و حجّة‌ أبداً. وسيكون‌ هذا الإمام‌ دليلاً و هادياً من‌ الله‌ لطبقات‌ الناس‌ المتنوّعة‌ في‌ العصور المختلفة‌ دائماً يدعوها إلی سبيل‌ الحقّ، سواء كان‌ هذا الدليل‌ النبيّ المنذر أو كان‌ الهادي‌ بهداية‌ الله‌. و لم‌ يختلف‌ المفسّرون‌ في‌ أنّ المنذر في‌ هذه‌ الآية‌ هو الرسول‌ الاكرم‌، و ذلك‌ أنّ قوله‌: إِنـَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ صريح‌ في‌ انحصار وصف‌ الإنذار به‌، بَيدَ أنـّهم‌ اختلفوا في‌ القصد من‌ الهادي‌، فذكروا أربعة‌ أوجه‌ في‌ تفسيره‌.

 الرجوع الي الفهرس

الوجوه المختلفة فی تفسیر الهادی

 الوجه‌ الاوّل‌: قالوا: هو الله‌. فكأنـّه‌ يريد أن‌ يقول‌: أنت‌ أيّهَا النبيّ تدعو الناس‌ إلی الله‌ فقط‌، و تنذرهم‌ من‌ مغبّة‌ أعمالهم‌ القبيحة‌، ولكنّ الهداية‌ بِيَدِ الله‌ فإنـّه‌ يوجّه‌ كلّ فرقة‌ إلی حيث‌ أمنها و أمانها. و قد نقل‌ هذا القول‌ عن‌ سعيد ابن‌ جبير.[37] و ابن‌ عبّاس‌، و الضحّاك‌، و مجاهد. [38] يقول‌ السيوطيّ: أخرج‌ ابن‌ جرير، و ابن‌ منذر، و ابن‌ أبي‌ حاتم‌ عن‌ سعيد بن‌ جبير، قال‌: في‌ قوله‌ تعالي‌: إِنـَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ، قال‌: مُحَمَّدٌ الْمُنْذِرُ وَالْهَادِي‌ اللهُ عَزَّوَجَلَّ. [39] و أخرج‌ ابن‌ جرير، و ابن‌ مردويه‌، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ مثلها. [40]

 و علی الرغم‌ من‌ أنّ الهادي‌ في‌ الحقيقة‌ هو الله‌، بيد أنّ ظاهر الآية‌ الذي‌ يفيد جعل‌ الهادي‌ في‌ مقابل‌ النبيّ ينبئنا أنّ المقصود به‌ هنا هو الشخص‌ الذي‌ يهدي‌ الناس‌ إلی الله‌، لذلك‌ فإنّ هذا التفسير لاينسجم‌ مع‌ ظاهر الآية‌، و لايمكن‌ قبوله‌.

 الوجه‌ الثاني‌: قالوا: الهادي‌ هو رسول‌ الله‌ نفسه‌، و إنّ قوله‌: لِكُلِّ قَوْمٍ متعلّق‌ بكلمة‌ هَادٍ و مقدّم‌ عليها، و كان‌ في‌ الاصل‌: إِنـَّمَآ أَنتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ. لذلك‌ فإنّ قوله‌: لِكُلِّ قَوْمٍ متعلّق‌ بكلمة‌ هَادٍ.[41] و قد نقل‌ هذا القول‌ عن‌ عكرمة‌، و أبي‌ الضحي‌.[42] و الحسن‌ البصريّ، والجبّائيّ.[43] يقول‌ السيوطيّ: أخرج‌ ابن‌ جرير عن‌ عكرمة‌، و أبي‌ الضحي‌ في‌ قول‌ الله‌ تعالي‌: إِنـَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ؛ قالاَ: مُحَمَّدٌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ هُوَ الْمُنْذِرُ وَ هُوَ الْهَادِي‌. [44] و أخرج‌ ابن‌ جرير، و إبن‌ مردويه‌ عن‌ ابن‌ عبّاس‌ مثلها. [45]

 إنّ هذا القول‌ و إن‌ كان‌ لايخالف‌ ظاهر الآية‌، لكنّه‌ قابل‌ للطعن‌ من‌ حيث‌ المعني‌، فلنا أن‌ نتساءل‌: ما هو الدليل‌ علی ورود كلمة‌ «مُنْذرٌ» بشكل‌ مطلق‌، و مجي‌ «هَادٍ» لكلّ قوم‌؟ فإذا كان‌ رسول‌ الله‌ هادياً لكلّ قوم‌، فإنـّه‌ منذر لهم‌ أيضاً، و لابدّ ـ إذَن‌ ـ أن‌ يكون‌ قوله‌: «لِكُلِّ قَوْمٍ» متعلّقاً بكلمتي‌: «مُنذِرٌ» و «هَادٍ»، بينما نجده‌ في‌ الآية‌ المباركة‌ متعلّقاً بخصوص‌ كلمة‌: «هَادٍ».

 الوجه‌ الثالث‌: قالوا: الهادي‌ نبيّ في‌ كلّ زمان‌. فكأنـّه‌ يريد أن‌ يقول‌: أيّها النبيّ، أنت‌ تنذر الناس‌ من‌ عذاب‌ الله‌ في‌ هذا الزمان‌، وتدعوهم‌ إلی معجزتك‌ المتمثّلة‌ بالقرآن‌ المجيد و تهديهم‌ إليها. و في‌ كلّ زمان‌ أنبياء يهدون‌ الناس‌ إلی الله‌ بمعجزاتهم‌ مثل‌: انقلاب‌ العصا إلی حيّة‌، و إحياء الموتي‌، و إخراج‌ ناقة‌ حيّة‌ من‌ الجبل‌، و عرض‌ القرآن‌ الكريم‌ علی الناس‌. و نقل‌ الفخر الرازيّ هذا القول‌ عن‌ القاضي‌، و قال‌: تنتظم‌ الآية‌ بهذا المعني‌، و هو وجه‌ صحيح‌.[46] و نقل‌ الشيخ‌ الطبرسيّ أيضاً عن‌ ابن‌ عبّاس‌ في‌ رواية‌ أُخري‌، و كذلك‌ نقله‌ عن‌ قَتادة‌، و الزجّاج‌، و إبن‌ زيد. [47]

 يقول‌ السيوطيّ: أخرج‌ إبن‌ شيبة‌، و إبن‌ جرير، و إبن‌ منذر، و إبن‌ أبي‌ حاتم‌، و أبو الشيخ‌ عن‌ مجاهد في‌ قوله‌ تعالي‌: إِنـَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ؛ قالَ: الْمُنْذِرُ مُحَمَّدٌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ و لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ نَبِيٌّ يَدْوهُمْ إلی اللَهِ. [48]

 و هذا التفسير لايخالف‌ ظاهر الآية‌، بَيدَ أنـّنا لابدّ أن‌ نسأل‌: لماذا يكون‌ الانبياء فقط‌ هم‌ الهداة‌ إلی الله‌؟ فأوصياء الانبياء مثل‌: يوشع‌ بن‌ نون‌ و شمعون‌ الصفا، و علی بن‌ أبي‌ طالب‌، و سائر الائمّة‌ الطاهرين‌ هم‌ هداة‌ البشر إلی الله‌ حقّاً، إذ يهدون‌ الناس‌ بنور الله‌ و هدايته‌.

 و هنا يأتي‌ الوجه‌ الرابع‌ فنقول‌: الهادي‌ هو كلّ من‌ يهدي‌ الناس‌ إلی الله‌ سواء كان‌ نبيّاً أو وصيّ نبيّ، و ينطبق‌ هذا المعني‌ في‌ الآية‌ المباركة‌ علی رسول‌ الله‌، و كذلك‌ ينطبق‌ علی الائمّة‌ الطاهرين‌، فهو و هم‌ مصاديق‌ لهذا العنوان‌. و نقل‌ هذا القول‌ في‌ «مجمع‌ البيان‌» تحت‌ عنوان‌: الاحتمال‌ الرابع‌ قال‌: اَلْمُرَادُ بِالْهَادِي‌ كُلُّ دَاعٍ إلی الْحَقِّ. [49] و دعم‌ العلاّمة‌ الطباطبائيّ ـرحمة‌ الله‌ هذا الاحتمال‌ أيضاً. [50] يقول‌ السيوطيّ: أخرج‌ ابن‌ جرير، و إبن‌ أبي‌ حاتم‌، و أبو الشيخ‌ عن‌ ابن‌ عبّاس‌ أنـّه‌ قال‌: وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ؛ قاَلَ: دَاعٍ.[51]

 و في‌ ضوء الروايات‌ الكثيرة‌ المأثورة‌ عن‌ الفريقين‌ التي‌ قال‌ فيها رسول‌ الله‌ ـ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ و سلّم‌: «أنا المنذر و علی بن‌ أبي‌طالب‌ عليه‌ السلام‌ الهادي‌». يستبين‌ المعني‌، فهي‌ جميعها تدلّ عليه‌، إذ المنذر هو الداعي‌ إلی الحقّ، و رسول‌ الله‌ مصداق‌ الهادي‌ و مصداق‌ المُنْذرِ. أي‌ أنّ الهداية‌ مترافقة‌ مع‌ الدعوة‌ و الإنذار. أمّا علی بن‌ أبي‌ طالب‌ فلم‌ تكن‌ له‌ نبوّة‌ أو دعوة‌ بل‌ كان‌ له‌ فقط‌ عنوان‌ الهداية‌ إلی الله‌.

 الرجوع الي الفهرس

معنی الهدایة و الإنذار

 و من‌ الضروريّ لنا قبل‌ الخوض‌ في‌ الروايات‌ المأثورة‌ أن‌ نبيّن‌ معني‌ المنذر و الهادي‌ ليتّضح‌ لنا موقع‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ و مهمّته‌ و حجم‌ تحمّله‌. فالإنذار يعني‌ التحذير و التنبيه‌، و الهداية‌ تعني‌ الإيصال‌ إلی المطلوب‌. يقول‌ صاحب‌ تفسير «بيان‌ السعادة‌» في‌ ذيل‌ تفسير الآية‌ الشريفة‌: إنّ الرسول‌ كمن‌ يُنبّه‌ من‌ النوم‌ و يُنذر من‌ المخاوف‌ مَنْ كان‌ في‌ بادية‌ لا طريق‌ فيها إلی عمران‌ و كان‌ فيها سباع‌ كثيرة‌ و حيّات‌ مهلكة‌ و مؤذيات‌ قويّة‌ لم‌ يشعر بضلالته‌ و بمهلكات‌ تلك‌ البادية‌، فإذا تنّبه‌ و أنذر طلب‌ لامحالة‌ مَنْ يدلّه‌ علی طريق‌ العمران‌ ويُخرجه‌ من‌ تلك‌ البادية‌ و ذلك‌ الدالّ هو الهاديّ الذي‌ يوصله‌ إلی المعمورة‌. [52]

 و نقل‌ الشيخ‌ إسماعيل‌ حقّي‌ البروسويّ عن‌ الغزاليّ في‌ كتاب‌ «شرح‌ الاسماء الحسني‌» أنـّه‌ قال‌: الهادي‌ هو الذي‌ هدي‌ خواصّ عباده‌ أوّلاً إلی معرفة‌ ذاته‌ حتّي‌ استشهدوا علی الاشياء به‌، و هذي‌ عوامّ عباده‌ إلی مخلوقاته‌ حتّي‌ استشهدوا بها علی ذاته‌، و هدي‌ كلّ مخلوق‌ إلی ما لابدّ له‌ منه‌ في‌ قضاء حاجاته‌، فهدي‌ الطفل‌ إلی التقام‌ الثدي‌ عند انفصاله‌، و الفرخ‌ إلی التقاط‌ الحبّ عند خروجه‌، و النحل‌ إلی بناء بيته‌ علی شكل‌ التسديس‌ لكونه‌ أوفق‌ الاشكال‌ لبدنه‌. و الهداة‌ من‌ العباد الانبياء عليهم‌ السّلام‌ ثمّ العلماء الذين‌ أرشدوا الخلق‌ إلی السعادة‌ الاُخرويّة‌ و هدوهم‌ إلی صراط‌ الله‌ المستقيم‌، بل‌ الله‌ الهادي‌ لهم‌ علی ألسنتهم‌، و هم‌ مسخرّون‌ تحت‌ قدرته‌ وتدبيره‌. ثمّ قال‌: و في‌ تفسير «الكوالشيّ»: المنذر محمّد و الهادي‌ علی. إلی أن‌ قال‌: فإنّ السلسلة‌ ممدودة‌ من‌ الطرفين‌ إلی آخر الزمان‌، و سيخرج‌ في‌ أُمّته‌ مَهدي‌ّ يحكم‌ بشريعته‌ و ينفي‌ تحريف‌ المائلين‌ و زيغ‌ الزائغين‌ في‌ خلافته‌ عن‌ ملّته‌. [53]

 الرجوع الي الفهرس

طبقتان من الروایات الدالة علی أنّ الإمام هادٍ

 أمّا الروايات‌ المأثورة‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ التي‌ جاء فيها أنّ الهادي‌ في‌ الآية‌ الكريمة‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ فهي‌ كثيرة‌، ورواها علماء الشيعة‌ و السنّة‌ في‌ كتبهم‌ بمضامين‌ متنوّعة‌. حتّي‌ أنّ أحمد بن‌ محمّد بن‌ سعد ألّف‌ كتاباً حول‌ شأن‌ نزول‌ الآية‌ إِنـَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ في‌ أمير المؤمنين‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌. [54] و كذلك‌ الروايات‌ المأثورة‌ عن‌ كبار الصحابة‌، و عن‌ الائمّة‌ الطاهرين‌ التي‌ تحوم‌ حول‌ تفسير الآية‌ خاصّة‌ به‌ و بأئمّة‌ أهل‌ البيت‌ فهي‌ كثيرة‌، و ها نحن‌ هنا نقسّم‌ هذه‌ الروايات‌ إلی طبقات‌ من‌ حيث‌ المتن‌ و المضمون‌.

 الطبقة‌ الاولي‌: الروايات‌ التي‌ تدلّ علی وجود هاد في‌ كلّ عصر، و أنّ كلّ إمام‌ هو الهادي‌ و الدليل‌ إلی الله‌ في‌ ذلك‌ العصر.

 روي‌ محمّد بن‌ يعقوب‌ الكلينيّ بسنده‌ عن‌ موسي‌ بن‌ بكير، عن‌ الفضيل‌، قال‌: سألت‌ أبا عبدالله‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ قول‌ الله‌ عزّوجلّ: وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ؛ فَقالَ: كُلُّ إمَامِ هَادٍ لِلقَرْنِ الَّذِي‌ هُوَ فِيهِم‌. [55]

 و روي‌ الكلينيّ أيضاً مثل‌ هذه‌ الرواية‌ بسند آخر عن‌ حمّاد بن‌ عيسي‌ عن‌ حرير بن‌ عبدالله‌، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌. [56] و نقلها الشيخ‌ الصدوق‌ و ابن‌ بابويه‌ القمّيّ أيضاً بسنده‌ عن‌ محمّد بن‌ مسلم‌، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌. [57] و كذلك‌ رواها بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ بريدبن‌ معاوية‌ العجليّ، عن‌ الإمام‌ محمّد الباقر عليه‌ السلام‌، [58] و رواها أيضاً بسند آخر عن‌ عمربن‌ أُذينه‌، عن‌ بريد بن‌ معاوية‌ العجليّ، عن‌ الإمام‌ محمّد الباقر عليه‌السلام‌. و ذكرها علی بن‌ إبراهيم‌ القمّيّ في‌ تفسيره‌ بسنده‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌.[59] و رواها العيّاشيّ أيضاً في‌ تفسيره‌ بسنده‌ عن‌ أبي‌جعفر عليه‌ السلام‌.[60]

 الطبقة‌ الثانية‌: الروايات‌ التي‌ تذكر أنّ الهادي‌ هو الإمام‌ من‌ أهل‌ البيت‌ فهي‌ تشمل‌ الائمّة‌ واحداً بعد الآخر. ذكر الكلينيّ بسنده‌ عن‌ بريد بن‌ معاوية‌ العجليّ، عن‌ الإمام‌ محمّد الباقر عليه‌ السلام‌ في‌ قول‌ الله‌ عزّ وجلّ: إِنـَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ؛ فقال‌ عليه‌ السلام‌: رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْمُنْذِرُ، وَ لِكُلِّ زَمَانٍ مِنّا هَادٍ يَهْدِيهِمْ إلی مَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ الْهُدَاةُ مِنْ بَعْدِهِ علی ثُمَّ الاَوْصِياءُ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ.[61]

 و كذلك‌ ذكر السيّد هاشم‌ البحرانيّ في‌ «تفسير البرهان‌» مثل‌ هذا الحديث‌ عن‌ حنّان‌ بن‌ سدير، عن‌ أبيه‌، عن‌ الإمام‌ محمّد الباقر عليه‌السّلام‌.[62] و نقله‌ العيّاشيّ في‌ تفسيره‌ عن‌ بريد بن‌ معاوية‌ العجليّ، عن‌ الإمام‌ محمّد الباقر عليه‌ السلام‌: إِنـَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ. فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَنَا الْمُنْذِرُ؛ وَ فِي‌ كُلِّ زَمَانٍ إمَامٌ مِنّا يَهْدِيهِمْ إلی مَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؛ وَالْهُدَاةُ مِنْ بَعْدِهِ علی ثُمَّ الاَوْصِياَءُ مِنْ بَعْدِهِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ، وَاللَهِ مَا ذَهَبَتْ مِنّا وَ مَازَالَتْ فِينَا إلی السَّاعَةِ، رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْمُنْذِرُ وَ بِعَلِيٍّ يَهْتَدِي‌ الْمُهْتَدُونَ. [63] و روي‌ الكلينيّ بسنده‌ مثله‌ عن‌ أبي‌ بصير، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌. [64] و ذكره‌ الصفّار في‌ «بصائر الدرجات‌». [65]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ يقول‌ ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ الجزء الاوّل‌ من‌ «المناقب‌» ص‌ 569: أبو عبيد في‌ «غريب‌ الحديث‌»: إنّ النبيّ قال‌ لاميرالمؤمنين‌: إنّ لك‌ بيتاً في‌الجنّة‌ و إنّك‌ لذو قرنيها. سويد بن‌ غفلة‌ وأبو الطفيل‌: قَالَ أميرالمؤمنين‌: إنّ ذا القرنين‌ كان‌ ملكاً عادلاً فأحبّه‌ الله‌ و ناصح‌ الله‌ فَنَصَحَهُ الله‌، أمر قومه‌ بتقوي‌ الله‌ فضربوه‌ علی قرنه‌ بالسيف‌ فغاب‌ عنهم‌ ماشاءالله‌، ثمّ رجع‌ إليهم‌ فدعاهم‌ إلی الله‌ فضربوه‌ علی قرنه‌ الآخر بالسيف‌ فذلك‌ قرناه‌، و فيكم‌ مثله‌ ـ يعني‌ نفسه‌ ـ لانـّه‌ ضرب‌ علی رأسه‌ ضربتين‌ إحداهما يوم‌ الخندق‌ و الثانية‌ ضربة‌ ابن‌ مُلجَم‌

[2] ـ أيّ هو مثل‌ لقان‌ الحكيم‌.

[3] ـ «تفسير (أبي‌) الفتوح‌ الرازيّ» ج‌ 6، ص‌ 256 إلی 258، بالفارسيّة‌

[4] ـ تعليقة‌ ص‌ 257 من‌ الجزء السادس‌. و قد نقلنا هنا عبارة‌ الشعرانيّ و عبارة‌ أبي‌ الفتوح‌ في‌ المتن‌ باستيحاء معناهما.

[5] ـ و استأصلتُ الخوارج‌.

[6] ـ «نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 1، ص‌ 183.

[7] ـ «ذخائر العقبي‌» ص‌ 89 عن‌ أحمد بن‌ حنبل‌ في‌ «المناقب‌». و روي‌ أبو نعيم‌ الاصفهانيّ في‌ «حلية‌ الاولياء» ج‌ 1، ص‌ 64 عن‌ موسي‌ بن‌ عثمان‌ الحضرميّ بسنده‌ عن‌ الاعمش‌، عن‌ مجاهد، عن‌ ابن‌ عبّاس‌، قال‌: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: ما أنزل‌ اللهُ آية‌ فيها «يَـ'´أَيـُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا» إِلاّ وَ عَلِيٌّ رأْسُهَا و أميرُها.

[8] ـ الآية‌ 56، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[9] ـ الآية‌ 68، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[10] ـ الآية‌ 4، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[11] ـ الآية‌ 4، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[12] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 53، الباب‌ السابع‌.

[13] ـ هذا الحديث‌ من‌ الاحاديث‌ المتواتراة‌ التي‌ نقلها الفريقان‌ بأسنادهم‌ الكثيرة‌ عن‌ رسول‌ الله‌ عند توجّهه‌ إلی غزوة‌ تبوك‌. و هو مذكور في‌ أغلب‌ المجاميع‌ الشيعيّة‌ و السنيّة‌.

[14] ـ «نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 2، ص‌ 73، ضمن‌ رسالته‌ إلی عثمان‌ بن‌ حُنيف‌.

[15] ـ الآية‌ 43، من‌ السورة‌ 13: الرعد.

[16] ـ عَرْفَهُ:طیب را ئحته.

[17] ـ «نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 1، ص‌ 392 ضمن‌ الخطبة‌ القاصعة‌.

[18] ـ «بحار الانوار» ج‌ 3، ص‌ 287 باب‌ الوسيلة‌ في‌ المعاد، و في‌ الطبعة‌ الحروفيّة‌ ج‌ 7 ص‌335، نقلاً عن‌ «تفسير فرات‌».

[19] ـ «بحار الانوار» ج‌ 3، ص‌ 285 باب‌ الوسيلة‌ في‌ المعاد.

[20] ـ «بحار الانوار» ج‌ 3، ص‌ 289 باب‌ اللواء في‌ المعاد.

[21] ـ «بحار الانوار» ج‌ 3، ص‌ 290.

[22] ـ «بحار الانوار» ج‌ 3، ص‌ 290.

[23] ـ في‌ لفظ‌ «تفسير فرات‌» (ص‌ 411 ـ 412، ج‌ 551 ): (فتعانقني‌ عليه‌»،

[24] ـ «تفسير فرات‌» ص‌ 287. و في‌ الطبعة‌ الحروفيّة‌ ج‌ 7، ص‌ 333، عن‌ «تفسير فرات‌».

[25] ـ «البداية‌ و النهاية‌» ج‌ 7، ص‌ 359؛ و «ذخائر العقبي‌» ص‌ 77؛ و «مطالب‌ السؤل‌» ص‌ 13؛ و «نظم‌ درر السمطين‌» ص‌ 113؛ و «حلية‌ الاولياء» ج‌ 1، ص‌ 64؛ و «عليّ و الوصيّة‌» ص‌ 22 و 174؛ و «إستدراكات‌ عليّ و الوصيّة‌» ص‌ 382 نقلاً عن‌ «تاريخ‌ ابن‌ عساكر» المخطوط‌. و ذكر في‌ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 520 ستّة‌ عشر حديثاً عن‌ طريق‌ العامّة‌، و ستّة‌ أحاديث‌ عن‌ طريق‌ الخاصّة‌، ص‌ 521؛ و في‌ «الغدير» ج‌ 6 من‌ ص‌ 61 إلی 77 مائة‌ و أربعة‌ وثلاثون‌ مصدراً من‌ مصادر هذا الحديث‌.

[26] ـ «مستدرك‌ الوسائل‌» ج‌ 3، ص‌ 197 أبواب‌ المزار

[27] ـ «مفاتيح‌ الجنان‌» ص‌ 255 الزيارة‌ السادسة‌ لاميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌.

[28] ـ «مفاتيح‌ الجنان‌» ص‌ 356 و 357.

[29] ـ يقول‌ الشاعر هنا: «جعل‌ الله‌ عليّ المرتضي‌ نفس‌ المصطفي‌.

فهما سائران‌ كالكوكب‌ السيّار، و هما أخَوَان‌ كموسي‌ و هارون‌.

 كلاهما قبلة‌ واحدة‌ و لهما عقلان‌، و كلاهما روح‌ واحدة‌ و لهما جسمان‌.

 كلاهما درّة‌ واحدة‌ من‌ صدف‌ واحد، و كلاهما زينة‌ الشرف‌.

 و ما لم‌ يفتح‌ حيدر باب‌ مدينة‌ العلم‌ فإنّ سنّة‌ النبيّ سوف‌ لن‌ تؤتي‌ أُكلها.»

[30] ـ «ديوان‌ الحِميريّ» ص‌ 213؛ و «الغدير» ج‌ 2، ص‌ 217؛ و «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌ ج‌ 1، ص‌ 569.

[31] ـ يوم‌ الدوح‌: يوم‌ الغدير.

[32] ـ «الغدير» ج‌ 2، ص‌ 227.

[33] ـ الهِبْرَِزي‌ّ: الجيّد الرمي‌ بالسهمام‌؛ والمِصْقَع‌: البليغ‌. (م‌)

[34] ـ السَّمَيْدَع‌: السيّد الكريم‌ الجميل‌ الجسيم‌ الموطَّأ الاكناف‌. (م‌)

[35] ـ الآية‌ 7، من‌ السورة‌ 13: الرعد

[36] ـ الآية‌ 23، من‌ السورة‌ 8: الانفال‌

[37] ـ «تفسير (أبي‌) الفتوح‌ الرازيّ» ج‌ 6، ص‌ 462.

[38] ـ «تفسير مجمع‌ البيان‌» ج‌ 3، ص‌ 278، و «تفسير الفخر الرازيّ» ج‌ 19، ص‌ 14.

[39] ـ «الدّر المنثور» ج‌ 4، ص‌ 45.

[40] ـ «الدّر المنثور» ج‌ 4، ص‌ 45.

[41] ـ «تفسير الفخر الرازيّ» ج‌ 19، ص‌ 14.

[42] ـ «تفسير أبي‌ الفتوح‌» ج‌ 6، ص‌ 462.

[43] ـ «تفسير مجمع‌ البيان‌» ج‌ 3، ص‌ 278.

[44] ـ «تفسير الدرّ المنثور» ج‌ 4، ص‌ 45.

[45] ـ «تفسير الدرّ المنثور» ج‌ 4، ص‌ 45.

[46] ـ «تفسير الفخر» ج‌ 19، ص‌ 13.

[47] ـ «تفسير مجمع‌ البيان‌» ج‌ 3، ص‌ 278.

[48] ـ «تفسير مجمع‌ البيان‌» ج‌ 3، ص‌ 278

[49] ـ «تفسير مجمع‌ البيان‌» ج‌ 3، ص‌ 278

[50] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 11، ص‌ 335 و 359.

[51] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 4، ص‌ 45.

[52] ـ «تفسير بيان‌ السعادة‌» ج‌ 1، ص‌ 392.

[53] ـ «تفسير روح‌ البيان‌» ج‌ 4، ص‌ 346.

[54] ـ «مناقب‌» ابن‌ شهرآشوب‌ ج‌ 1، ص‌ 567. و نقل‌ عنه‌ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 237 و«تفسير البرهان‌» ج‌ 1، ص‌ 519، و «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 75.

[55] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 235، الحديث‌ الاوّل‌ مكرّراً؛ و «تفسير البرهان‌» ج‌ 1 ص‌ 518.

[56] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 235، الحديث‌ السادس‌ مكرّراً.

[57] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 235، ذيل‌ الحديث‌ السادس‌ مكرّراً؛ و «تفسير البرهان‌» ج‌ 1 ص‌ 518.

[58] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 236، الحديث‌ الثامن‌، و «تفسير البرهان‌» ج‌ 1، ص‌ 518.

[59] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 236، الحديث‌ العاشر.

[60] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 76، و «غاية‌ المرام‌» ص‌ 237، الحديث‌ السابع‌ عشر.

[61] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 235 الحديث‌ الثاني‌ مكرّراً، و «تفسير البرهان‌» ج‌ 1، ص‌ 518.

[62] ـ «تفسير البرهان‌» ص‌ 519.

[63] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 237، الحديث‌ الثامن‌ عشر، و «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 76.

[64] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 235، الحديث‌ الثالث‌ مكرّراً.

[65] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 235. ذكره‌ في‌ ذيل‌ الحديث‌ الرابع‌ مكرّراً.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

التعريف و الدليل

كلية الحقوق، محفوظة و متعلقة بموسسة ترجمة و نشر دورة علوم و معارف الاسلام
info@maarefislam.org