بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الخامس / القسم الثامن: الاشکال علی الاحسائی، اللقاء الواقعی لامام الزمان علیه السلام، آیة الولا...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

خَبْط‌ وخطأ الشيخ‌ أحمد الاحسائي‌ّ

 الانحراف‌ الفكري‌ّ للشيخ‌ أحمد الاحسائي‌ّ

 وأمّا الشيخ‌ أحمد الاحسائي‌ّ فإنّه‌ لم‌ يدرس‌ الفلسفة‌ . ولم‌ يُلمّ بالعلوم‌ العقليّة‌؛ وأراد الاطّلاع‌ علی الحكمة‌ المتعالیة‌ والعرفان‌ الإسلامي‌ّ ؛ فاندفع‌  إلی‌ ذلك‌ ذاتيّاً بلا أُستاذ يُعلّمه‌ ويوجّهه‌ ؛ فلا هو مسّ العرفان‌، ولا هو لمس‌ الحكمة‌. وقد رأي‌ بنفسه‌ أن‌ يطلق‌ علی نفسه‌ مجتهداً في‌ هذا الفنّ؛ وأضحي‌ مؤسّساً لمدرسة‌ عقائديّة‌ خاصّة‌ . وكان‌ يتكلّم‌ في‌ كتبه‌ ببذاءة‌ عن‌ الكبار من‌ حكماء الإسلام‌ كالمولي‌ صدر المتألّهين‌ الشيرازي‌ّ، وعرفاء الإسلام‌ كمحي‌ الدين‌ بن‌ عربي‌ . ولم‌ يسلم‌ منه‌ حتّي‌ بعض‌ العلماء الذين‌ كان‌ لهم‌ مقام‌ الشمول‌ في‌ التفسير والحديث‌ كالملاّ محسن‌ فيض‌ الكاشاني‌ّ. وكان‌ الاحسائي‌ّ يتهجّم‌ علی هؤلاء وأمثالهم‌، ويلصق‌ بهم‌ التهم‌ الرخيصة‌ التافهة‌.

 فكان‌ يطلق‌ علی مُحي‌ الدين‌ بن‌ عربي‌: مُمِيتُ الدِّين‌، ويسمّي‌ فُتُوحاتِهِ: حُتُوفات‌، ويقول‌: هو كافِر ومُلْحِد، ويعتبر عباراته‌: مُزَخْرَفَات‌. ويري‌ أنّ الفَيْض‌ الكاشاني‌ّ من‌ أهل‌ الغي‌ّ والضلال‌، ويسميّه‌: الملاّ مُسي‌ء بديلاً عن‌ الملاّ محسن‌، ويخاله‌ وأمثالَه‌ من‌ المخالفين‌ لمذهب‌ أهل‌ البيت‌ والعصمة‌ الذين‌ أَذْهَبَ اللَهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَرَهُمْ تَطْهِيراً، ويري‌ نفسه‌ من‌ أهل‌ الكشف‌ والشهود والمعاينة‌، ومن‌ السائرين‌ علی مذهب‌ أهل‌ بيت‌ العصمة‌،[1] ويشير في‌ هذه‌ الافتراءات‌ غير الصحيحة‌  إلی‌ مواضيع‌ تدل‌ علی أنـّه‌ لم‌ يستوعبها ولم‌ يهضمها كما هي‌، وهذا ممّا يقف‌ عليه كلّ من‌ درس‌ العلوم‌ العقليّة‌ والإلهيّة‌ .

 كان‌ الشيخ‌ أحمد الاحسَائي‌ّ واضع‌ حجر الاساس‌ لطائفة‌ الشَيْخيِّة‌؛ وهو معلّم‌ السيّد كاظم‌ الجيلاني‌ّ الرشتي‌ّ ومربّيه‌ ؛ وهذا كان‌ معلّم‌ ومربّي‌ السيِّد علی محمّد البَاب‌ مؤسّس‌ الطائفة‌ البابيّة‌، وأخيراً البهائيّة‌ . [2]

 وإنّ ما قام‌ به‌ هؤلاء من‌ أعمال‌ كادّعاء المهدويّة‌ والإلوهيّة‌، وإثارة‌ الفتن‌ والاضطرابات‌ والنكبات‌، وإراقة‌ الدماء، والفساد، والمنكرات‌، لازالت‌ معالمه‌ قائمة‌ .

 وكان‌ الشيخ‌ أحمد زاهداً ؛ وزهده‌ هذا هو الذي‌ غرّ البعض‌ وأوقعهم‌ في‌ لبس‌، فهؤلاء لم‌ يفرّقوا بين‌ الزهد والعرفان‌ . لذلك‌ بالغوا في‌ مدحه‌ وتمجيده‌ للوهلة‌ الاُولي‌ ؛ ثمّ اعتذروا متراجعين‌ عن‌ كلامهم‌ السابق‌ .

 يقول‌ صاحب‌ كتاب‌ « روضات‌ الجنّات‌ » في‌ ترجمته‌: تَرْجُمَانُ الْحُكَمَاءِ الْمُتَألِّهِينَ وَلِسَانُ الْعُرَفَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ . وبعد تمجيد وثناء كثيرين‌ [3] في‌ ترجمة‌ الحافظ‌ رَجَب‌ البُرْسِي‌ّ، يعرّج‌ علی نقد الاحسائي‌ّ والطعن‌ فيه‌ وتعييره‌ وذمّه‌  إلی‌ أن‌ بلغ‌ من‌ ذلك‌ مبلغاً فقال‌: وَلاَ يَذْهَبْ علی كَ غِبَّ مَا ذَكَرْتُهُ لَكَ أَنَّ مَنْزِلَةَ ذَلِكَ الشَّيْخِ الْمُقَدَّمِ مِنْ هَذِهِ الْمُقَلَّدَةِ الْغَاوِيَةِ إنَّمَا هِي‌َ مَنْزِلَةُ الْعُلُوجِ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ ادَّعَوُا النَّصْرَانِيَّةَ وَأَفْسَدُوهَا بِإظْهَارِهِمُ الْبِدَعَ الثَّلاَثَ مِنْ بَعْدِ أَنْ عُرِجَ بَنَبِيِّهِمُ الْمَسيحِ عِيَسي‌ ابْنِ مَرْيَمَ علی هِ السَّلاَمُ. [4]

 ويري‌ أنّ طائفة‌ الشيخيّة‌ البُشّت‌ سَريِّة‌ طائفة‌ ضالّة‌، وأنّ مخالفيهم‌ المعروفين‌ بالبالاسريّة‌ من‌ أهل‌ الاستقامة‌ ؛ [5] وبعد ذلك‌ يذكر شرحاً مفصّلاً حول‌ فتنة‌ البابيّة‌ . [6]

 إنّ هاتين‌ الطائفتين‌ منفصلتان‌ عن‌ الإسلام‌: الوَهَّابيَّة‌ والْبَهَائِيَّة‌ . وكما أنـّنا لا نستطيع‌ أن‌ نعتبر البهائيّة‌ من‌ فِرَق‌ الشيعة‌، كذلك‌ لا نستطيع‌ أن‌ نعتبر الوَهَّابيَّة‌ من‌ فِرَق‌ العامّة‌، لانّ هؤلاء مخالفون‌ للعامّة‌ ؛ والعامّة‌ أيضاً تنظر  إلیهم‌ علی أنـّهم‌ ليسوا منها . وهدم‌ قبور الائمّة‌ الطاهرين‌ من‌ أجلي‌ الصور التي‌ تدلّ علی مخالفتهم‌ للإسلام‌ . وهناك‌ كثير من‌ الاشخاص‌ لاينسجمون‌ مع‌ العرفان‌ والحكمة‌ ويندّدون‌ بهما بذريعة‌ المحافظة‌ علی مدرسة‌ أهل‌ البيت‌ علی هم‌ السلام‌ وإسنادها . ويري‌ هؤلاء أنّ مدرسة‌ أهل‌ البيت‌ بريئة‌ من‌ هذه‌ الاشياء، ولا علاقة‌ لها بها . وهؤلاء هم‌ ذوو الاُفق‌ الضيّق‌ الذين‌ انتهجوا الخطّ الاخباري‌ّ واكتفوا بظواهر الاخبار دون‌ دراية‌ ودقّة‌ تامّة‌ في‌ محتواها ومغزاها، وأرادوا الانتهال‌ والارتواء من‌ علوم‌ آل‌ محمّد وَهَيْهَاتَ وَأَنـَّي‌ لَهُمْ ذَلِكَ ؟

 وهل‌ جاءت‌ علوم‌ آل‌ محمّد لغير ذوي‌ الالباب‌ حتّي‌ لا نحتاج‌  إلی‌ المسائل‌ العقليّة‌ والمعقولة‌ لفهمها وإدراكها ؟ لا، ليس‌ كذلك‌ . بل‌ هم‌ منهل‌ العقل‌ والدراية‌، ولهم‌ كلمات‌ يتعذّر علی نا أن‌ نستضي‌ء بها ما لم‌ نتعرّف‌ علی العلوم‌ العقليّة‌ والمقدّمات‌ البرهانيّة‌ ؛ وشرح‌ الحديث‌ والرواية‌ علی ظاهرهما هو غير فهم‌ حقيقتهما واستيعابها . ولقد ظنّ هؤلاء المساكين‌ أنـّهم‌ استوعبوا الحديث‌ من‌ خلال‌ شرح‌ عباراته‌، فهم‌ يقولون‌: هل‌ درس‌ أصحاب‌ الائمّة‌ الفلسفة‌ ؟

 إنّ متكلّمين‌ من‌ أمثال‌ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمْ ومُحَمَّد بْنِ النُعْمَان‌ الاْحوَل‌: مُؤمِن‌ الطَّاق‌ كانوا علی إلمام‌ تامّ بالعلوم‌ العقليّة‌ ؛ وكان‌ لهم‌ باع‌ طويل‌ في‌ مفردات‌ ذلك‌ العصر .

 الرجوع الي الفهرس

حقيقة‌ التشيّع‌ مرتكزة‌ علی الدراية‌ لا مجرّد الرواية‌

 يقول‌ المرحوم‌ العلاّمة‌ الاميني‌ّ في‌ كتابه‌ الشريف‌ « الغدير » في‌ كتاب‌ زيد الزَرَّاد عن‌ أبي‌ عبد الله‌ الصادق‌ عليه السلام قال‌: قال‌ أبو جعفر عليه السلام‌:

 يَا بُنَيَّ اعْرِفْ مَنَازِلَ شِيعَةِ علی علی قَدْرِ رِوَايَتِهِمْ وَمَعْرِفَتِهِمْ، فَإنَّ الْمَعْرِفَةَ هِيَ الدِّرَايَةُ لِلرِّوَايَةِ ؛ وَبِالدِّرَايَاتِ لِلرِّوَايَاتِ يَعْلُو الْمُؤمِنُ  إلی‌ أَقْصَي‌ دَرَجَةِ الإيمَانِ .

 إنِّي‌ نَظَرْتُ فِي‌ كِتَابِ علی ‌ٍّ علی هِ السَّلاَمُ فَوَجَدْتُ فِيهِ: إنَّ زِنَةَ كُلِّ امْرِي‌ٍ وَقَدْرُهُ مَعْرِفَتُهُ ؛ إنَّ اللَهَ يُحَاسِبُ الْعِبَادَ علی قَدْرِ مَا آتَاهُمْ مِنَ الْعُقُولِ.

 وجاء في‌ كتاب‌ « غيبة‌ النعماني‌ّ » ص‌ 70 في‌ حديث‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه السلام:

 خَبَرٌ تَدْرِيه‌ خَيْرٌ مِنْ عَشْرٍ تَرْويهِ، إنَّ لِكُلِّ حَقٍّ حقيقَةً وَلِكُلِّ صَوَابٍ نُوراً.

 وجاء في‌ كتاب‌ « كشف‌ الغُمّة‌ » للشعراني‌ّ ج‌ 1، ص‌ 40:

 كَانَ علی ‌ُّ بْنُ أَبي‌ طَالِبٍ رَضِي‌َ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: كُونُوا لِلْعِلْمِ وُعَاةً ! وَلاَتَكُونُوا لَهُ رُواةً .

 إنّ ما يحكيه‌ تأريخ‌ الفلسفة‌ هو أنّ الحكماء جميعاً إمّا كانوا يقولون‌ بأصالة‌ الوجود أو بأصالة‌ الماهيّة‌ ؛ لانّ لكلّ مذهب‌ مناوئيه‌ ؛ وكلّ منهما يقيم‌ الادلّة‌ لصالحه‌ ضدّ الآخر ؛ ومع‌ أنّ أصالة‌ الوجود هذا  إلیوم‌ أوضح‌ من‌ الشمس‌ والحمد لله‌ ؛ إلاّ أنّ الشيخ‌ أحمد الاحسائي‌ّ الذي‌ درس‌ الحكمة‌ وحدها، ودوّخته‌ الشبهات‌ القويّة‌ التي‌ يطرحها الطرفان‌، قال‌: ما هو الإشكال‌ المثار إذا كان‌ كلا الاصالتين‌ صحيحاً ؟ أي‌ أن‌ يكون‌ لاِصلي‌ الوجود والماهيّة‌ في‌ العالم‌ أصالة‌ وواقعيّة‌ . وهذا الكلام‌ علی درجة‌ من‌ السخف‌ عند الفلاسفة‌، بل‌ وعند كلّ عاقل‌ ؛ بل‌ وكلّ مجنون‌ ؛ بل‌ وكلّ بهيمة‌ همّها علفها ـ إذ إنّ النعجة‌ تري‌ باقة‌ العلف‌ شيئاً واحداً لا شيئين‌ ـ نعم‌، علی درجة‌ من‌ السخف‌ بحيث‌ إنّه‌ لا يستحقّ الذكر أبداً .

 وحينئذٍ يشيعون‌ أُطروحاتهم‌ من‌ وحي‌ هذا التفكير، ويوسّعون‌ من‌ دائرة‌ أفكارهم‌ ويبدأون‌ بانتقاد الفلسفة‌ والعرفان‌ ؛ ويقولون‌: لاوجود لفلسفة‌ في‌ القرآن‌ وعلوم‌ أهل‌ البيت‌ ؛ والعرفان‌ أمر مخترع‌ مبتَدع‌ ولاأساس‌ له‌ في‌ الشريعة‌ .

 وينبغي‌ أن‌ نقول‌ لهؤلاء المساكين‌ من‌ ذوي‌ الاُفق‌ الضيّق‌: ألم‌ يدعُ القرآن‌ الكريم‌  إلی‌ التعقّل‌ ؟ ألم‌ تدلّ الحكمة‌ علی طريق‌ التعقّل‌، وتفرز الصواب‌ من‌ الخطأ ؟ ثمّ ألم‌ يدعُ القرآن‌ الكريم‌  إلی‌ الحكمة‌ ؟ أَوَ ليست‌ الحكمة‌ هي‌ معرفة‌ حقائق‌ الاشياء وفقاً لوسع‌ الإنسان‌ وحجم‌ استعداده‌ ؟ أَوَلم‌ يدلّ العرفان‌ علی طريق‌ شهود الباري‌ تعالی‌ بالبصيرة‌ وإدراك‌ أسمائه‌ وصفاته‌ الحسني‌ ؟ أَوَ لم‌ يزخر القرآن‌ الكريم‌ وروايات‌ أهل‌ البيت‌ بالدعوة‌  إلی‌ لقاء الله‌ وتزكية‌ النفس‌ وتهذيبها وطي‌ّ طريق‌ الإخلاص‌ والخلوص‌؟

 فكيف‌ يروق‌ لنا ـ إذَن‌ ـ أن‌ نفصل‌ الدين‌ الذي‌ يرتكز علی التفكّر العقلاني‌ّ والشهود الوجداني‌ّ عن‌ هذين‌ الاصلين‌ الاصيلين‌ والركنين‌ الركينين‌؟! ثمّ نقول‌: حسبنا ظواهر الروايات‌ ؟

 الرجوع الي الفهرس

فهم‌ كلام‌ الإمام‌ يحتاج‌  إلی‌ العقل‌ والدراية‌

 يقولون‌: يجب‌ اتّباع‌ مدرسة‌ الباقر والصادق‌ والسير وراء ما قالاه‌ وصرّحا به‌ دائماً وأبداً . وهذا الكلام‌ صحيح‌، لانـّه‌ مضافاً  إلی‌ ما يحمله‌ من‌ دعوة‌  إلی‌ التعبّد بالمذهب‌ والانشداد  إلیه‌، فإنّه‌ ينطق‌ بالحقّ، إذ ليس‌ في‌ العالم‌ مدرسة‌ تماثل‌ مدرسة‌ الإمام‌ الصادق‌ من‌ حيث‌ النظرة‌ الواقعيّة‌، والاصالة‌ والنزوع‌  إلی‌ الاصالة‌ ؛ إلاّ أنّ زبدة‌ الكلام‌ هنا هي‌: هل‌ يتسنّي‌ لكلّ أحد أن‌ يفهم‌ ما قال‌ الباقر وما قال‌ الصادق‌ ؟ وهل‌ يستوعب‌ العامي‌ّ كُنْه‌ ما يقولانه‌؟ لا، ليس‌ كذلك‌ .

 فأخبارهما كالقرآن‌ الكريم‌ لها محكم‌ ومتشابه‌، وناسخ‌ ومنسوخ‌، ومطلق‌ ومقيّد، ومجمل‌ ومبيّن‌، وعامّ وخاصّ، وباطن‌ وظاهر ؛ فمن‌ يمكنه‌ أن‌ يزعم‌ أنـّه‌ يحمل‌ كتاب‌ الاخبار معه‌ دائماً ويقرأ فيه‌ باستمرار ويستوعب‌ ما يضمّه‌ من‌ مغزي‌ ومحتوي‌ ؟ هذا كلام‌ فيه‌ مبالغة‌ حقّاً .

 يقول‌ الجميع‌: قال‌ الصادق‌ ؛ كلمة‌ يقولها الشيخي‌ّ، والاخباري‌ّ والاُصولي‌ّ، والإسماعيلي‌ّ ؛ فلماذا إذَن‌ اتّسعت‌ شقّة‌ الخلاف‌ في‌ الخطّ والعقيدة‌  إلی‌ هذه‌ الدرجة‌ ؟ فقول‌: قال‌ الصادق‌ وحده‌ لا يكفي‌ مالم‌ نستوعب‌ معناه‌ ومحتواه‌، ونوظّف‌ العقل‌ لاجل‌ ذلك‌ . أَوَ لم‌ يتكلّم‌ معنا أُولئك‌ العظماء عن‌ طريق‌ قوانا العقليّة‌، وعن‌ طريق‌ تفكّرنا ودرايتنا ؟ إذَن‌، كيف‌ يمكننا أن‌ نطلّق‌ العقل‌ تماماً ونقول‌: حسبنا مدرسة‌ أهل‌ البيت‌ ؟! أُناشدكم‌ الله‌،  إلیس‌ هذا الكلام‌ مرتكزاً علی تفكّير عقلي‌ّ ؟ ألا يلزم‌ من‌ وجوده‌ عدمه‌ ؟ ألا يبطل‌ نفسه‌ بنفسه‌ ؟

 إذَن‌، ما أقصر التفكير الذي‌ يقتنع‌ بالظواهر ؛ وينأي‌ عن‌ كُنه‌ المعاني‌ التي‌ أدلي‌ بها صاغة‌ الكلام‌ المنطقيّون‌ ونحارير البلاغة‌ وليوث‌ أجمة‌ العرفان‌ والمعرفة‌ ؛ ويكتفي‌ بذلك‌ !

 كذلك‌ فإنّ الفرق‌ الإسلاميّة‌ جميعها تقول‌: كتاب‌ الله‌، كتاب‌ الله‌. الشيعة‌ تقول‌ ذلك‌، والسنّة‌، والاشاعرة‌، والمعتزلة‌، والوهّابيّة‌، وغيرهم‌؛ لكن‌، هل‌ اقتفي‌ الجميع‌ طريق‌ الحقّ ؟! وهل‌ استوعبوا كتاب‌ الله‌ كما هو؟! إنّ أُولئك‌ الذين‌ قالوا: كتاب‌ الله‌ . أرادوا أن‌ يدينوا أمير المؤمنين‌ بذلك‌، وأرادوا من‌ وراء كلمتهم‌ لاَ حُكْمَ إلاَّ لِلَهِ، وهي‌ كلمة‌ حقّ يُرادَ بِهَا الْبَاطِلُ، أن‌ يضربوا مصدر التشريع‌ وحقيقة‌ الحكم‌، علی الارض‌، أَوَ لم‌ يكن‌ هذا التوجّه‌ خاطئاً ؟

 لقد تذرّعوا برواية‌ لا سند لها أو ضعيفة‌ ورد فيها النهي‌ عن‌ الخوض‌ في‌ الفلسفة‌، مستغلّين‌ ذلك‌ بنحو خاطي‌، وصاروا يدينون‌ كلّ طريق‌ من‌ طرق‌ التفكّر والتعقّل‌، وذلك‌ لما ورد من‌ نهي‌ عن‌ الفلسفة‌ علی حدّ زعمهم‌.

 ألا يقول‌ أحد لهؤلاء: أي‌ّ فلسفة‌ تقصدون‌ ؟! هل‌ هي‌ فلسفة‌ المادّيّين‌ والدهريّين‌ والحكماء الذين‌ عاشوا قبل‌ الإسلام‌ من‌ الفرس‌ والمصريّين‌ والهنود و إلیونانيّين‌ ؟ أو أنـّها فلسفة‌ الإسلام‌ اللامعة‌ المتألّقة‌ ذات‌ العظمة‌ والاُبَّهة‌ والجلال‌ ؟ إنّ كتب‌ صدر المتألّهين‌ الشيرازي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه تبعث‌ علی الفخر والاعتزاز لعالم‌ التشيّع‌ بل‌ وللعالم‌ الإسلامي‌ّ أجمع‌. فدراسات‌ هذه‌ العقليّة‌ الجبّارة‌ وتنقيباتها وتدقيقاتها في‌ زوايا الآيات‌ والروايات‌ مفتاح‌ مهمّ لحلّ المشاكل‌ الاساسيّة‌ في‌ طريق‌ المعرفة‌ والتقدّم‌. إذَن‌، ليس‌ من‌ الشهامة‌ والمروءة‌ أن‌ نستبدل‌ الفلسفة‌ بالفلسفة‌ الإسلاميّة‌ في‌ شعوذة‌ نتيجة‌ للتشابه‌ اللفظي‌ّ بينهما، ونصبّ ذلك‌ الشكل‌ المنهي‌ّ عنه‌ في‌ هذا الشكل‌ المقبول‌ والمعروف‌ .

 وكم‌ هو بعيدٌ عن‌ الشهامة‌ والمروءة‌ أن‌ ندين‌ أمير المؤمنين‌ بكلمة‌ لاَحُكْمَ إلاّ لِلَهِ. ونُحاجّ رسول‌ الله‌ ونخاصمه‌ بآيات‌ القرآن‌ التي‌ جاء بها.

 كم‌ هو بعيدٌ عن‌ الشهامة‌ والمروءة‌ أن‌ نستغلّ التشابه‌ اللفظي‌ّ للتصوّف‌ والصوفيّة‌، فنوصد طريق‌ الشهود والوجدان‌ والعرفان‌ ولقاء الله‌ تماماً . وكم‌ هو بعيد عن‌ الشهامة‌ والمروءة‌ أن‌ نوازن‌ بين‌ المدرسة‌ التي‌ تضمّ أمثال‌ السيّد ابن‌ طاووس‌، والشهيدين‌، والنراقيّين‌، والسيّد مهدي‌ بحرالعلوم‌، وابن‌ فَهْد الحلّي‌ّ، والمجلسي‌ّ الاوّل‌، والسيّد علی ‌ّ الشوشتري‌ّ، والشيخ‌ الانصاري‌ّ، والآخوند الملاّ حسين‌ قلي‌ الهمداني‌ّ، وتلاميذها الذين‌ تزخر بهم‌، وبين‌ مدرسة‌ تضمّ أمثال‌ الحسن‌ البصري‌ّ، ومحمّد بن‌ المُنكدر، وسفيان‌ الثوري‌ّ وأمثالهم‌ من‌ الذين‌ يظنّون‌ التصوّف‌ طريقاً مستقلاّ وذلك‌ للانفصال‌ عن‌ الائمّة‌ . وعن‌ طريق‌ كلمة‌ الصوفيّة‌ التي‌ ورد ذمّها في‌ بعض‌ الروايات‌، نجعل‌ الجميع‌ تحت‌ مهماز هذه‌ الكلمة‌ جهلاً أو عمداً وتجاهلاً من‌ خلال‌ تطبيق‌ هذا العنوان‌، ونضربهم‌ بسوط‌ الإبعاد والتكفير والتفسيق‌ والكلمات‌ النابية‌ الجارحة‌ والتهم‌ الهوجاء الجوفاء .

 الرجوع الي الفهرس

الاخذ بظواهر الآيات‌ والروايات‌ دون‌ إكمال‌ القوّة‌ العاقلة‌ يؤدّي‌  إلی‌ الهلاك‌

 إنّ التعرّف‌ علی ظواهر القرآن‌ وظواهر الروايات‌ بدون‌ تكميل‌ القوّة‌ العاقلة‌، يعقبه‌ ظنّ الإنسان‌ بنفسه‌ أنـّه‌ مستنبط‌ وذو رأي‌ لا ينتج‌ غيرالتخبّط‌ في‌ الممارسات‌، والخطأ في‌ الاعمال‌، كما نجد ذلك‌ عند مؤسّسي‌ الوهّابيّة‌ والشيخيّة‌، وهو ممّا يفضي‌  إلی‌ الدمار والمحق‌ .

 وما علی نا ـ بحمد الله‌ وحسن‌ توفيقه‌ ـ إلاّ أن‌ نلتفت‌  إلی‌ أنـّنا لانسير وراء آراء الشيخيّة‌ وأفكارها من‌ حيث‌ لا نشعر ؛ ذلك‌ لانّ مخالفة‌ السير  إلی‌ الله‌، ومعاداة‌ العرفان‌، والنظر  إلی‌ إمام‌ الزمان‌ علی نحو الوجود المستقلّ، كلّ ذلك‌ من‌ مختصّات‌ الشيخيّة‌، ولو كان‌ هذا، دأبنا، فإنّنا انتحلنا عقيدتهم‌ مِنْ حَيْثُ لاَ نَشْعَرُ .

 الرجوع الي الفهرس

يجب‌ طلب‌ اللقاء بإمام‌ العصر عليه السلام من‌ أجل‌ كشف‌ الولاية‌ ولقاء الله‌

 إنّ مجالس‌ التوسّل‌ بولي‌ّ العصر ومحافله‌ هي‌ في‌ غاية‌ الحسن‌ والجودة‌. بَيدَ أنّ التوسّل‌ الذي‌ يُقْصَدُ من‌ ورائه‌ الحقّ ؛ والوصول‌  إلی‌ الحقّ؛ ورفع‌ الحجب‌ الظلمانيّة‌ والنورانيّة‌ ؛ وكشف‌ حقيقة‌ الولاية‌ والتوحيد؛ وحصول‌ العرفان‌ الإلهي‌ّ والفناء في‌ ذاته‌ المقدّسة‌، هو التوسّل‌ المرغوب‌ والمحمود. ولذلك‌ فإنّ انتظارالفرج‌ حتّي‌ في‌ عصر الائمّة‌ علی هم‌ السلام‌ أنفسهم‌ كان‌ يعتبر من‌ أعظم‌ الاعمال‌ وأكثرها فضيلة‌ .

 إنّ التوسّل‌ بحقيقة‌ ولاية‌ الإمام‌ لكشف‌ حجب‌ الطريق‌ من‌ أفضل‌ الاعمال‌؛ لانّ توحيد الحقّ من‌ أفضل‌ الاعمال‌ . كما أنّ انتظار الظهور الخارجي‌ّ للإمام‌ بوصفه‌ مقدّماً علی ظهوره‌ الباطني‌ّ وكشف‌ ولايته‌ مفيد. وانتظار الظهور الخارجي‌ّ محبوب‌ ومحمود في‌ ضوء ذلك‌ .

 وإذا كنّا نرمي‌  إلی‌ الظهور الخارجي‌ّ وحده‌ دون‌ القصد  إلی‌ تلك‌ الحقيقة‌ ومحتواها، فقد بعنا الإمام‌ بِثَمَنٍ بَخسٍ حينئذٍ ؛ وبالت إلی‌ فنحن‌ المتضرّرون‌ كثيراً ؛ لانّ المراد والمقصود ليس‌ التشرّف‌ بحضوره‌ الطبيعي‌ّ؛ وإلاّ فإنّ كثيراً من‌ الناس‌ كانوا يرون‌ الائمّة‌ في‌ عصورهم‌ ويحضرون‌ عندهم‌؛ ويتكلّمون‌ معهم‌ ؛ بَيدَ أنـّهم‌ كانوا لا خلاق‌ لهم‌ من‌ حقيقتهم‌ . ولو كنّا في‌ مجالس‌ التوسّل‌، أو عند الاختلاء بأنفسنا توّاقين‌  إلی‌ لقائه‌ ؛ ورزقنا الله‌ ذلك‌، ولم‌ تكن‌ غايتنا لقاء الله‌ وحقيقة‌ الولاية‌، فإنّنا نتشرّف‌ برؤيته‌ علی نفس‌ النسق‌ الذي‌ كان‌ الناس‌ به‌ يتشرّفون‌ برؤية‌ الائمّة‌ والحضور عندهم‌ آنذاك‌ . وأنـّه‌ لغَبْن‌ وضرر كبير أن‌ نتشرّف‌ بخدمته‌ بعد الجدّ والجهد والكدّ والسعي‌، بينما ليس‌ لدينا هدف‌ أ علی وأسمي‌ من‌ اللقاء الظاهري‌ّ ـوهذا اللقاء في‌ الحقيقة‌ لرفع‌ الشكّ والشبهة‌ عن‌ وجوده‌ وطول‌ عمره‌ـ أو أن‌ نتوجّه‌  إلیه‌ في‌ قضاء حوائجنا المادّيّة‌ ورفع‌ ما يهمّنا من‌ أُمورنا الخاصّة‌ أو العامّة‌؛ وهو أمر كان‌ متيسّراً لجميع‌ الناس‌ الذين‌ شهدوا عصر الائمّة‌ علی هم‌ السلام‌ بدون‌ مشقّة‌ التوسّل‌ .

 علی أنّ الشي‌ء القيّم‌ حقّاً هو التشرّف‌ بحقيقة‌ الإمام‌ وبلوغها، والشوق‌  إلی‌ لقائه‌ من‌ حيث‌ آيتيّة‌ الحقّ سبحانه‌ وتعالی‌ ؛ وهذا هو المهمّ؛ وهو من‌ أفضل‌ الاعمال‌ ؛ ومثل‌ هذا الانتظار للفرج‌ يحيي‌ القلوب‌ وينعش‌ النفوس‌ ويطيّب‌ الارواح‌ رَزَقَنَا اللَهُ وَإيّاكُمْ إن‌ شَاءَ اللَهُ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطّاهِرِينَ.

 ما هي‌ القيمة‌ من‌ وراء العلم‌ بزمن‌ ظهوره‌ الخارجي‌ّ لنا ؟ ولذلك‌ فقد ورد في‌ الاخبار النهي‌ عن‌ التفحّص‌ والتجسّس‌ في‌ مثل‌ هذه‌ الاُمور .

 افرضوا أنـّنا عرفنا زمن‌ ظهوره‌ عن‌ طريق‌ علم‌ الجَفْر والرَمْل‌ الصحيح‌، فماذا نفعل‌ حينئذٍ ؟ وما هو واجبنا ؟ إنّ واجبنا هو تهذيب‌ النفس‌ الامّارة‌ وتزكيتها وإعدادها للقبول‌ والتضحية‌ والإيثار .

 إنّنا مكلّفون‌ بهذه‌ الاُمور دائماً ؛ وما علی نا إلاّ أن‌ نعيش‌ أجواء تهذيب‌ النفس‌ وتزكيتها، وتطهير الضمير ؛ سواء عرفنا وقت‌ ظهوره‌ أو لم‌نعرف‌ ذلك‌؛ ولو أخلصنا نيّاتنا وتأهبّنا لذلك‌ فسيحالفنا الحظّ والتوفيق‌ بلقائه‌ الحقيقي‌ّ؛ ولو لم‌ نكن‌ كذلك‌، فإنّنا لن‌ نقطف‌ شيئاً ذا بال‌ من‌ وراء لقاء جسمه‌ العنصري‌ّ والمادّي‌ّ ؛ ولا نحصل‌ علی نتيجة‌ من‌ هذا اللقاء .

 ولذلك‌ نري‌ كثيراً من‌ الاشخاص‌ الذين‌ أقاموا في‌ مسجد السَهْلَةَ أو في‌ مسجد الكوفة‌ أو في‌ غيرهما من‌ الاماكن‌ المقدّسة‌ أربعينيّات‌ متعدّدة‌ لزيارة‌ الإمام‌ وظفروا بذلك‌، إلاّ أنـّهم‌ لم‌ يحصلوا علی شي‌ء مهمّ من‌ تلك‌ الزيارة‌.

 وما ينبغي‌ ذكره‌ أكثر من‌ غيره‌ هو أنّ الظهور الخارجي‌ّ والعامّ لم‌يقع‌ للإمام‌ بعد ؛ ومرتبط‌ بأسباب‌ وعلامات‌ لابدّ من‌ تحقّقها ؛ إلاّ أنّ الظهور الخاصّ والباطني‌ّ ممكن‌ للبعض‌ ؛ وبكلمة‌ بديلة‌: إنّ سبيل‌ الوصول‌  إلی‌ الإمام‌ والتشرّف‌ بخدمته‌ مفتوح‌ للجميع‌، غاية‌ الامر أنـّه‌ يحتاج‌  إلی‌ تهذيب‌ الاخلاق‌ وتزكية‌ النفس‌ .

 وكلّ من‌ نوي‌ لقاء الله‌ هذا  إلیوم‌، وجاهد نفسه‌ لهذا الهدف‌، فيسحظي‌ بظهور الإمام‌ الشخصي‌ّ والباطني‌ّ دون‌ أدني‌ شكّ، ذلك‌ لانّ لقاء الحقّ لا يتحقّق‌ بدون‌ اللقاء الآيتي‌ّ والمرآتي‌ّ للإمام‌ .

 الرجوع الي الفهرس

اللقاء الواقعي‌ّ لإمام‌ الزمان‌ أرواحنا له‌ الفداء

 وَمُحَصَّلُ الْكَلاَمِ هو: أنّ طريق‌ التشرّف‌ بحقيقة‌ ولاية‌ الإمام‌ مفتوح‌؛ وهذا هو المهمّ ؛ إلاّ أنـّه‌ يحتاج‌  إلی‌ مجاهدة‌ النفس‌ الامّارة‌ وتزكية‌ الاخلاق‌ وتطهير الباطن‌ ؛ وكذلك‌ يحتاج‌  إلی‌ السير والسلوك‌ في‌ طريق‌ عرفان‌ الحقّ سبحانه‌ وتعالی‌ وتوحيده‌ ؛ سواء تحقّق‌ الظهور الخارجي‌ّ والعامّ للإمام‌ عاجلاً أو لم‌يتحقّق‌.

 وذلك‌ لانّ الله‌ جلّ شأنه‌ غير ظالم‌ ؛ ولا يمنع‌ فيضه‌ ؛ ولم‌يوصد طريق‌ الوصول‌ أمام‌ المشتاقين‌ التوّاقين‌ .

 هذا الباب‌ مفتوح‌ دائماً ؛ ويرحّب‌ بدعوة‌ المحبّين‌ والمشتاقين‌ والعاشقين‌ ملبيّاً لها .

 فما علی عشّاق‌ الجمال‌ الإلهي‌ّ والمشتاقين‌  إلی‌ لقائه‌ جَلَّ وَعَلاَ إلاّ أن‌ يجدّوا في‌ طريق‌ سير عرفانه‌ وسلوكه‌ بخطي‌ ثابتة‌ وطيدة‌: ويوصلوا أنفسهم‌  إلی‌ النقطة‌ المنشودة‌ بالتهذيب‌ والتزكية‌، والمراقبة‌ الشديدة‌، والاهتمام‌ بالواجبات‌ الإلهيّة‌، والتك إلیف‌ السبحانيّة‌، وحينئذٍ ـشاء الإنسان‌ أم‌ أبي‌ـ فإنّهم‌ سيحبرون‌ بالطلعة‌ المنيرة‌ لإمام‌ الزمان‌ وقطب‌ دائرة‌ الإمكان‌ الذي‌ يمثّل‌ وسيلة‌ الفيض‌ وواسطة‌ الرحمة‌ الرحمانيّة‌ والرحيميّة‌ للحقّ .

 ويتمتّعون‌ بكلّ السبل‌ المفيدة‌ لتكميل‌ نفوسهم‌ ؛ ويستثمرون‌ جميع‌ الاستعدادات‌ الفطريّة‌ من‌ أجل‌ التطبيق‌ العملي‌ّ لها بغية‌ الوصول‌  إلی‌ نقطة‌ الكمال‌.

 وَفَّقَنَا اللهُ تعالی‌ وَإيَّاكُم‌ بِمَحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلَّي‌ اللَهُ علی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.

 وينبغي‌ هنا أن‌ نأخذ بعين‌ الاعتبار ثلاث‌ نقاط‌: الاُولي‌: أنّ غيبة‌ الإمام‌ هي‌ من‌ جانبنا لا من‌ جانبه‌ . أي‌: أنـّنا حرمنا أنفسنا من‌ زيارته‌ بسبب‌ ذنوبنا وأنانيّاتنا وتوجّهاتنا الاستكباريّة‌، لا أنـّه‌ هجر نفسه‌ وأخفاها عنّا، وبعبارة‌ أُخري‌، هو غائب‌ عنّا، ونحن‌ غير غائبين‌ عنه‌ .

 الثانية‌: أنَّ قدرة‌ الإمام‌ وعلمه‌ وإحاطته‌ وسيطرته‌ علی الاُمور، كلّ ذلك‌ لا يتوقّف‌ علی عصر الظهور بحيث‌ نتصوّر أنـّها ليست‌ له‌ قبل‌ الظهور، وإذا ما ظهر فسوف‌ تكون‌ له‌ . بل‌ هو في‌ الح إلین‌ يتمتّع‌ بالهيمنة‌ والسيطرة‌ والإحاطة‌ التكوينيّة‌، وهي‌ كلّها لازمة‌ لولايته‌ الكلّيّة‌ ؛ إلاّ أنَّ هذا الامر محجوب‌ عن‌ أنظار الناس‌، وعن‌ إدراك‌ العقول‌ والنفوس‌ قبل‌ الظهور، وسيتجلّي‌ بعد الظهور .

 الثالثة‌: أنّ القدرة‌ العمليّة‌ للإمام‌ وسعته‌ العلميّة‌ وإحاطته‌ التكوينيّة‌ بالاُمور لا تنحصر في‌ أعمال‌ الخير والبرّ والإحسان‌ التي‌ نراها خيراً ؛ بل‌ هي‌ الهيمنة‌ والسَيْطَرة‌ علی جميع‌ الاُمور خيرها وشرّها، وبشكل‌ عامّ علی كلّ عمل‌، وكلّ فعل‌، وكلّ موجود من‌ الموجودات‌ ؛ لانّ العالم‌ كلّه‌ خيرات‌ علی أساس‌ النظام‌ الكلّي‌ّ لعالم‌ التكوين‌، ولا شرّ فيه‌ أبداً، والشرّ أمر عَدَمي‌ّ ليس‌ من‌ الله‌، وليس‌ من‌ وليّه‌ ؛ والشَّرُّ لَيْسَ  إلیكَ .

 إذَا سَفَرَتْ فِي‌ يَومِ عِيدٍ تَزَاحَمَتْ             علی حُسنِهَا أَبْصَارُ كُلِّ قَبِيلَةِ

 فَأَرْوَاحُهُمْ تَصْبُو لِمَعْنَي‌ جَمَالِها               وَأَحْدَاقُهُمْ مِنْ حُسْنِهَا فِي‌ حَدِيقَةِ

 وَعِنْدِيَ عِيدِي‌ كُلُّ يَوْمٍ أَرَي‌ بِهِ                 جَمَالَ مُحَيَّاهَا بِعَيْنٍ قَرِيرَةِ

 وَكُلُّ اللَّي إلی‌ لَيْلَةُ الْقَدْرِ إنْ دَنْتَ                        كَمَا كُلُ أَيَّامِ اللِّقَا يَوْمُ جُمْعَةِ

 وَسَعْيِي‌ لَهَا حَجٌّ بِهِ كُلُّ وَقْفَةٍ                   علی بَابِهَا قَدْ عَادَلَتْ كُلَّ وَقْفَةِ

 وَأَي‌ُّ بِلاَدِ اللَهِ حَلَّتْ بِهَا فمَا                      أَرَاهَا، وَفِي‌ عَيْنِي‌ حَلَتْ، غَيْرَ مَكَّةِ

 وَأَي‌ُّ مَكَانٍ ضَمَّهَا حَرَمٌ كَذَا                      أَرَي‌ كُلَّ دَارٍ أَوطَنَتْ دَارَ هِجْرَةِ

 وَمَا سَكَنَتْهُ فَهْوَ بَيْتٌ مُقَدَّسٌ                   بِقُرَّةِ عَيْنِي‌ فِيهِ أَحْشَاي‌َ قَرَّتِ

 وَمَسْجِدِي‌َ الاْقْصَي‌ مَسَاحِبُ بُرْدِهَا                     وَطِيبي‌ ثَرَي‌ أَرْضٍ علی هَا تَمَشَّتِ

 نَهَارِي‌ أَصِيلٌ كُلُّهُ إنْ تَنَسَّمَتْ                  أَوَائِيلُهُ مِنْهَا بِرَدِّ تَحِيَّتي‌

 وَلَيْلِي‌َ فِيهَا كُلُّهُ سَحَرٌ إذَا                       سَرَي‌ لِي‌َ مِنْهَا فِيهِ عَرْفُ نُسَيْمَةِ

 وَإنْ طَرَقَتْ لَيْلاً فَشَهرِي‌َ كُلُّهُ                  بِهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ابْتِهَاجَاً بِزَوْرَةِ

 وَإِنْ قَرُبَتْ دَارِي‌ فَعَامِي‌َ كُلُّهُ                   رَبِيعُ اعْتِدَالٍ فِي‌ رِياضٍ أَرِيضَةِ

 وَإنْ رَضِيَتْ عَنِّي‌ فَعُمْرِي‌َ كُلُّهُ                 زَمَانُ الصَّبَا طِيباً وَعَصْرُ الشَّبِيْبَةِ [7]

 الرجوع الي الفهرس

 الدرس‌ الثاني‌ والسبعون‌  إلی‌ الخامس‌ والسبعين‌:

 الولاية‌ المطلقة‌ لامير المؤمنين‌ علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه السلام‌

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

وصلَّي‌ اللهُ علی محمّد وآله‌ الطَّاهرين‌

ولعنة‌ اللَه‌ علی أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌  إلی‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ باللَه‌ العلی ‌ّ العظيم‌

إجماع‌ المفسّرين‌ علی نزول‌ آية‌ الولاية‌ في‌ أمير المؤمنين‌ عليهالسلام‌

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَ ' كِعُونَ * وَمَن‌ يَتَوَلَّ اللَهَ وَرَسُولَهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَهِ هُمُ الْغَـ'لِبُونَ . [8]

 أجمع‌ الشيعة‌، مفسّروهم‌، ورواتهم‌ ومحدّثوهم‌ ومن‌ ألـّف‌ منهم‌ الكتب‌ في‌ الفضائل‌ والمناقب‌ والتواريخ‌ أنّ أمير المؤمنين‌ علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليهالسلام‌ تصدّق‌ بخاتمة‌ راكعاً لفقير كان‌ يسأل‌ في‌ المسجد أن‌ يعطوه‌ شيئاً ؛ وكان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليهوآله‌ وسلّم‌ في‌ بيته‌، فنزل‌ جبرئيل‌ بهذه‌ الآية‌ التي‌ تصرّح‌ بولاية‌ علی ‌ّ عليهالسلام‌ ؛ وقرأها رسول‌الله‌ في‌ نفسه‌ حتّي‌ وصل‌  إلی‌ المسجد ومعه‌ عدد من‌ أصحابه‌، فسأل‌: هل‌ تصدّق‌ أحد راكعاً ؟! فقال‌ السائل‌ وهو يشير  إلی‌ الخاتم‌: نعم‌، هذه‌ صدقة‌ تصدّق‌ بها ذلك‌ المصلّي‌ وهو راكع‌، وأنا الذي‌ أخرجت‌ هذا الخاتم‌ من‌ إصبعه‌ ! فكبّر الصحابة‌ الذين‌ كانوا حاضرين‌ عندئذٍ ؛ وحمد النبي‌ّ الله‌ وشكره‌ علی ما أنعم‌ به‌ من‌ نعمة‌ الولاية‌ علی أمير المؤمنين‌ بعد ولاية‌ الله‌ ورسوله‌ .

 الرجوع الي الفهرس

روايات‌ أعيان‌ العامّة‌ في‌ تفسير آية‌: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَهُ

ولو تركنا اتّفاق‌ الشيعة‌ وإجماعهم‌ جانباً، فإنّ كثيراً من‌ العامّة‌ قد ذكروا هذا الموضوع‌ في‌ تفاسيرهم‌ وكتبهم‌، وعدّوه‌ من‌ المسلّمات‌ سَنَداً واعتباراً تأريخيّاً ؛ ومن‌ حيث‌ المجموع‌ فإنّ مَن‌ كان‌ مِن‌ أهل‌ التتبّع‌ والتدقيق‌ لن‌ يخالجه‌ أي‌ّ شكّ في‌ شأن‌ نزول‌ هذه‌ الآية‌ المباركة‌ في‌ ولاية‌ علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ .

 وتثبت‌ هذه‌ الآية‌ ولاية‌ أمير المؤمنين‌ وإمامته‌ بلا فصل‌ علی نحو الإطلاق‌ وبلا قيد وشرط‌ ؛ وتعتبر من‌ الآيات‌ الواضحة‌ في‌ هذا المجال‌ . ذلك‌ لانـّها تجعل‌ ولاية‌ الإمام‌ في‌ مستوي‌ ولاية‌ الله‌ ورسوله‌ ؛ ومن‌ المعلوم‌ أنّ الولاية‌ أمر واحد، وهي‌ لله‌ بالاصالة‌، ولغيره‌ بالتَّبَع‌ . ومن‌ هنا يستبين‌ لنا أنّ الإمام‌ قد فاز بكمال‌ درجات‌ القرب‌ كرسول‌ الله‌، وارتوي‌ من‌ ينبوع‌ الماء المعين‌ لتوحيد الحقّ المطلق‌ وعرفانه‌ الخالص‌ . فسيطرته‌ وإحاطته‌ التكوينيّة‌ والتشريعيّة‌ بالنسبة‌  إلی‌ الناس‌ علی أساس‌ قابليّته‌ وف علی ة‌ وصوله‌ واندكاكه‌ في‌ ذات‌ الحقّ ؛ وتجلّيه‌ بجميع‌ أسمائه‌ وصفاته‌ الجم إلیة‌ والجل إلیة‌.

 الرجوع الي الفهرس

 كلام‌ ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ شأن‌ آية‌ الولاية‌

يقول‌ ابن‌ شهرآشوب‌: أجمعت‌ الاُمّة‌ علی أنّ هذه‌ الآية‌ نزلت‌ في‌ علی ‌ّ عليهالسلام‌ لمّا تصدّق‌ بخاتمه‌ وهو راكع‌ ؛ ] و [ لا خلاف‌ بين‌ المفسّرين‌ في‌ ذلك‌ ] و [ ذكره‌: الثَعْلَبي‌ّ، والمَاوَرْدي‌ّ، والقُشَيْرِي‌ّ، والقَزْوِيني‌ّ، والرَّازِي‌ّ، والنيسابوري‌ّ، والفَلَكي‌ّ، والطُّوسِي‌ّ، والطَّبَرِي‌ّ في‌ تفاسيرهم‌ عن‌ السدِّي‌، وَمُجَاهِد، والحَسَن‌، والاْعْمَشْ، وعُتْبَة‌ بْنِ أبي‌ حِكِيم‌، وَغَالِبِبْنِ عَبْدِ اللهِ، وَقَيْسِ بْنِ الرَبيعِ، وَعَبَايَة‌ الرَبْعِي‌ّ، وَعَبْدِالله ِبْنِ عَبّاس‌، وَأَبِي‌ ذَرِّ الْغِفَارِي‌ّ.

 ] وكذلك‌ [ ذكره‌ ابْنُ البَيِّعِ في‌ كتاب‌ «مَعْرِفَةِ الاُصُول‌» عن‌ عبدالله‌بن‌ عبيدالله‌بن‌ عُمَر بن‌ علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ ؛ و الوَاحِدِي‌ّ في‌ كتاب‌ «أسْبَابُ نُزُول‌ الْقُرآن‌» عن‌ الكلبي‌ّ، عن‌ صالح‌، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ ؛ و السَمْعَانِي‌ّ في‌ كتاب‌ «فَضَائل‌ الصَّحَابَة‌» عن‌ حَميد الطويل‌، عن‌ أَنَس‌ ؛ و سَلْمَان‌ بن‌ أحمد في‌ «الْمُعْجَم‌ الاْوْسَط‌» عن‌ عمّار ؛ و أَبُو بَكْرِ الْبَيْهَقِي‌ّ في‌ «الْمُقَنَّفْ» (الْمُصَنَّف‌خ‌ل‌)؛ و مُحَمَّدُ الْفَتَّال‌ في‌ كتاب‌ «التَنْوير» وكتاب‌ «الرَوْضَة‌» عن‌ عبدالله‌بن‌ سلام‌، وأبي‌ صالح‌، والشَّعْبِي‌ّ، ومجاهد، وزرارة‌ بن‌ أعين‌ عن‌ محمّدبن‌ علی ‌ّ ؛ و النَطنْزي‌ في‌ كتاب‌ «الخصائص‌» عن‌ ابن‌ عبّاس‌ ؛ وأبَابَه‌ عن‌ الفَلَكِي‌ّ عن‌ جابر بن‌ عبد الله‌ الانصاري‌ّ، وناصح‌ التميمي‌ّ، وابن‌ عبّاس‌، والكَلَْبِي‌ّ في‌ روايات‌ مختلفة‌ الالفاظ‌ متّفقة‌ المعاني‌ .

 وجاء في‌ كتاب‌ «أسْبَابُ النُّزُول‌» ص‌ 148 عن‌ الوَاحِدِي‌ّ: [9] أقبل‌ عبدالله‌ بن‌ سـلام‌ ومعه‌ نفر من‌ قومه‌ وشـكوا بُعد المنزل‌ عن‌ المسـجد . وقالوا إنّ قومنا ] وهم‌ يهود [ لمّا رأوا آمنّـا بالله‌ ورسـوله‌ وصـدّقنـاه‌، رفضـونا وآلوا علی أنفسهم‌ أن‌ لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلّمونا. ونزلت‌ هذه‌ الآية‌ .

 ثمّ إنّ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليهوآله‌ وسلّم‌ خرج‌  إلی‌ المسجد، فنظر سائلاً، فقال‌: هل‌ أعطاك‌ أحد شيئاً ؟ قال‌: نعم‌، خاتم‌ من‌ فضّة‌ . وفي‌ رواية‌: خاتم‌ من‌ ذهب‌ ! قال‌: من‌ أعطاكه‌ ؟! قال‌: ذلك‌ القائم‌ ! [10]

 وجاء في‌ « تفسير الثعلبي‌ّ » عن‌ أبي‌ ذرّ أنّ السائل‌ قال‌: اَللَهُمَّ اشْهَدْ أَنـِّي‌ سَأَلْتُ فِي‌ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وسَلَّم‌ وَلَمْ يُعْطِنِي‌ أَحَدٌ شَيئاً وَكَانَ علی ‌ٌّ رَاكِعَاً فَأومَي‌ بِخِنْصِرِهِ  إلیمْنَي‌ فَأَقْبَلَ السَّائِلُ حَتَّي‌ أَخَذَهُ مِنْ خِنْصِرِهِ، وَذَلِكَ بِعَيْنِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علی هِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

 ولمّا فرغ‌ رسول‌ الله‌ من‌ الصلاة‌، رفع‌ رأسه‌  إلی‌ السماء، وقال‌:

 اللَهُمَّ إنَّ أَخِي‌ مُوسَي‌ سَأَلَكَ فَقَالَ: رَبِّ اشْرَحْ لِي‌ صَدْرِي‌ * وَيَسِّرْ لِي‌´ أَمْرِي‌* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن‌ لِّسَانِي‌ * يَفْقَهُواْ قَوْلِي‌ * وَاجْعَل‌ لِّي‌ وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي‌* هَـ'رُونَ أَخِي‌ * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي‌ * وَأَشْرِكْهُ فِي‌´ أَمْرِي‌ . [11]

 فأنزلت‌ عليهقرآناً ناطقاً: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَـ'نًا فَلاَ يَصِلُونَ  إلیكُمَا .[12]

 اللَهُمَّ وَأَنَا مُحَمَّدٌ نَبِيُّكَ وَصَفِيُّكَ ! اللَهُمَّ اشْرَحْ لِي‌ صَدْرِي‌، وَيَسِّرْ لِي‌ أمْرِي‌، وَاجْعَلْ لِي‌ وَزِيراً مِنْ أَهْلِي‌، علی اً، أُشْدُدْ بِهِ ظَهْرِي‌ .

 قال‌ أبو ذرّ: فما استتمَّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليهوآله‌ وسلّم‌ الكلمة‌ حتّي‌ نزل‌ جبرئيل‌ من‌ عند الله‌ تعالی‌ فقال‌: يا محمّد اقرأ ! قال‌: وما أقرأ! قال‌: اقرأ:

 إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَو'ةَ وُ هُمْ رَ ' كِعُونَ . [13]

 وعن‌ أبي‌ جعفر عليهالسلام‌: أنّ رهطاً من‌  إلیهود أسلموا منهم‌: عَبدالله‌بنَ سَلاَم‌، وَأُسَيْد، وَثَعْلَبَة‌، وابْنُ يامِين‌، وسَلاَم‌، وابن‌ صُورِيا، فأتوا النبي‌ّ . فقالوا: يا نبي‌ّ الله‌، إنّ موسي‌ أوصي‌  إلی‌ يُوشَعِ بْنِ نُونْ، فمن‌ وصيُّكَ؟ ومن‌ وليّنا بعدك‌ ؟ فنزلت‌ هذه‌ الآية‌ .

 قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليهوآله‌ وسلّم‌: قوموا ! فقاموا وأتوا المسجد، فإذا سائل‌ خارج‌؛ فقال‌ رسول‌ الله‌: يا سائل‌، ما أعطاك‌ أحد شيئاً؟!

 قال‌: نعم‌ ! هذا الخاتم‌ !

 قال‌: من‌ أعطاكه‌ ؟! قال‌: أعطانيه‌ ذلك‌ الرجل‌ الذي‌ يصلّي‌ !

 قال‌ رسول‌ الله‌: علی أي‌ّ حال‌ أعطاك‌ ؟! قال‌: كان‌ راكعاً !

 فَكَبَّرَ النَّبِي‌ُّ وَكَبَّرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ ؛ فَقَالَ: صَلَّي‌ اللَهُ علی هِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: علی ‌ُّبْنُ أَبي‌ طَالِبٍ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي‌ ! فَقَالُوا: رَضِينَا بِاللَهِ رَبّاً وَبِالإسْلاَمِ دِيناً وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيّاً وَبِ علی وَلِيّاً فَأَنْزَلَ اللَهُ تعالی‌: وَمَن‌ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فَإنَّ حِزْبَ اللَهِ هُمُ الْغَـ'لِبُونَ . [14]

 ثمّ يواصل‌ ابن‌ شهرآشوب‌ كلامه‌ ويقول‌: جاء في‌ كتاب‌ أبي‌ بَكْر الشيرازي‌ّ أنـّه‌ لمّا سأل‌ السائل‌، وضع‌ أمير المؤمنين‌ عليه  السلام‌ يده‌ علی ظهره‌ إشارة‌  إلیه‌ أن‌ ينزعها فمدّ السائل‌ يده‌ ونزع‌ الخاتم‌ من‌ يده‌، ودعا له‌. فباهي‌ الله‌ تعالی‌ ملائكته‌ بأمير المؤمنين‌، وقال‌:

 ملائكتي‌، أما ترون‌ عبدي‌، جسده‌ في‌ عبادتي‌، وقلبه‌ معلّق‌ عندي‌، وهو يتصدّق‌ بماله‌ طلباً لرضاي‌ ؟! أُشهدكم‌ أنـّي‌ رضيت‌ عنه‌ وعن‌ خلفه‌، يعني‌ ذرّيّته‌، ونزل‌ جبرئيل‌ بالآية‌ .

 وفي‌ كتاب‌ «المِصْبَاح‌»: تصدّق‌ به‌ يوم‌ الرابع‌ والعشرين‌ من‌ ذي‌الحجّة‌؛ وفي‌ رواية‌ أبي‌ ذرّ أنـّه‌ كان‌ عليه  السلام‌ في‌ صلاة‌ الظهر ؛ وروي‌ أنـّه‌ كان‌ في‌ نافلة‌ الظهر .

 وفي‌ « أم إلی‌ ابن‌ بابويه‌ الصدوق‌ »: قال‌ عمر بن‌ الخطّاب‌: لقد تصدّقت‌ بأربعين‌ خاتماً وأنا راكع‌ لينزل‌ في‌ّ ما نزل‌ في‌ علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌، فما نزل‌.

 وفي‌ «أسْباب‌ النَّزول‌» عن‌ الواحدي‌ّ: «وَمَن‌ يَتَوَلَّ اللَهَ» يعني‌: يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ ؛ «وَالَّذِينَ ءَامَنُوا» يعني‌: علی اً ؛ «فَإنَّ حِزْبَ» اللهِ يعني‌: شِيعَةَ اللَهِ وَرَسُولِهِ وَوَلِيِّهِ ؛ «هُمُ الْغَـ'لِبُونَ»، يعني‌: هُمُ الْغَالِبُونَ علی جَمِيعِ الْعِبَادِ.

 فَبدأ في‌ هذه‌ الآية‌ بنفسه‌ ؛ ثمّ بنبيّه‌ ؛ ثمّ بوليّه‌ «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَهُ» ـ إلخ‌. وكذلك‌ في‌ الآية‌ الثانية‌ «وَمَن‌ يَتَوَلَّ اللَهَ» ـ إلخ‌ .

 وفي‌ علم‌ الحساب‌: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَ ' كِعُونَ ووزنه‌ مُحَمَّدُ الْمُصْطَفَي‌ رَسُولُاللَهِ وَبَعْدَهُ الْمُرْتَضَي‌ علی ‌ُّ بْنُ أَبي‌ طَالِبٍ وَعِتْرَتُهُ ؛ وعدد حساب‌ كلّ واحد منهما ثلاثة‌ آلاف‌ وخمسمائة‌ وثمانون‌ . (3580) . [15]

 وفي‌ « الكافي‌ » عن‌ الباقر عليه  السلام‌ عن‌ أبيه‌، عن‌ جدّه‌ علی هم‌ السلام‌، قال‌:

 لَمَّا نَزَلَتْ: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُو» اجْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِاللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علی هِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي‌ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا تَقُولُونَ فِي‌ هَذِهِ الآيةِ ؟!

 قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَفَرْنَا بِهَذِهِ الآيَةِ نَكْفُرْ بِسَائِرِهَا (كَفَرْنَا خ‌ ل‌) وَإنْ آمَّنَا فَإنَّ هَذَا ذُلٌّ حِينَ يُسَلَّطُ علی نَا علی بْنُ أَبي‌ طَالِبٍ !

 فَقَالُوا: نَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّداً صَادِقٌ فِيمَا يَقُولُ ؛ وَلَكِنْ نَتَوَلاَّهُ وَلانُطِيعُ علی اً فِيمَا أَمَرَنَا، فَنَزَلَ: « يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا» يَعْنِي‌ وَلاَيَةَ مَحَمَّدٍ ( علی ‌ٍّ خ‌ ل‌) وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ بِوَلاَيَةِ علی ‌ٍّ . [16]

 وروي‌ علی ‌ّ بن‌ جعفر عن‌ الإمام‌ أبي‌ الحسن‌ موسي‌ بن‌ جعفر علی هما السلام‌ في‌ قوله‌ تعالی‌: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَـ'ءِكَةِ اسْجُدُوا لاِدَمَ فَسَجَدُوا إلاَّ إِبْلِيسَ: أَوْحَي‌ اللَهُ  إلیهِ: يَا مُحَمَّدُ ! إِنِّي‌ أَمَرْتُ فَلَمْ أُطَعْ فَلاَ تَجْزَعْ أَنْتَ إذَا أَمَرْتَ فَلَمْ تُطَعْ فِي‌ وَصِيَّكَ !

 فقوله‌ تعالی‌: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَو'ةَ وُ هُمْ رَ ' كِعُونَ . أثبت‌ الولاية‌ لمن‌ جعله‌ وليّاً لنا علی وجه‌ بالتخصيص‌ ونفي‌ معناها عن‌ غيره‌ .

 ويعني‌ بوليّكم‌ القائم‌ بأُموركم‌ ومن‌ يلزمكم‌ طاعته‌ . وإذا ثبت‌ ذلك‌، ثبتت‌ إمامته‌ ! لانّ لا أحد يجب‌ له‌ التصرّف‌ في‌ الاُمّة‌ وفرض‌ الطاعة‌ له‌ بعد النبي‌ّ إلاّ من‌ كان‌ إماماً لهم‌، وثبتت‌ أيضاً عصمته‌، لانـّه‌ سبحانه‌ إذا أوجب‌ له‌ فرض‌ الطاعة‌ مثل‌ ما أوجب‌ لنفسه‌ ولنبيّه‌ صلّي‌ الله‌ عليه  وآله‌ سلّم‌ اقتضي‌ ذلك‌ طاعته‌ في‌ كلّ شي‌ء . و هذا برهان‌ عصمته‌ .

 ولانـّه‌ لو لم‌ يكن‌ كذلك‌ لجاز منه‌ الامر بالقبيح‌، فيقبح‌ طاعته‌ . وإذا قبحت‌، كان‌ الله‌ تعالی‌ قد أوجب‌ فعل‌ القبيح‌ . وفي‌ علمنا أنّ ذلك‌ لايجوز عليه  سبحانه‌ ودليل‌ علی وجوب‌ العصمة‌ .

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ المبرّد في‌ أنَّ الولي‌ّ بمعني‌ الاولي‌ في‌ التصرّف‌

 والدليل‌ علی أنّ لفظة‌ ولي‌ّ في‌ الآية‌ تفيد الاَوْلَي‌ ما ذكره‌ المُبَرِّد في‌ كتاب‌ «الْعِبَارَةُ عَنْ صِفَاتِ اللَهِ» إنّ الْوَلي‌َّ هُوَ الاْوْلَي‌ . وقال‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه         وآله‌ وسلّم‌: أيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا . ومنه‌ أَوْلِيَآءُ الدَّم‌، وَفُلاَنٌ وَلِي‌ُّ أَمْرِ الرَّعِيَّةِ .

 وَنِعْمَ وَلِيُّ الاْمْرِ بَعْدَ وَلِيِّهِ                       وَمُنْتَجَعُ التَّقْوَي‌ وَنِعْمَ الْمُؤَدِّبُ [17]

 وما يعترض‌ به‌ السائل‌ فلا يلتفت‌  إلیه‌ .

 واختصاص‌ الآية‌ ببعض‌ المؤمنين‌ حيث‌ وصفهم‌ بإيتاء الزكاة‌ يوجب‌ خروج‌ من‌ لم‌ يؤتها، ومن‌ حيث‌ خصّ إيتاءهم‌ بحال‌ الركوع‌ ولم‌ يحصل‌ ذلك‌ لجميع‌ المؤمنين‌ ؛ ومن‌ حيث‌ نفي‌ الولاية‌ عن‌ غير المذكورين‌ في‌ الآية‌ بإدخال‌ لفظة‌ إنَّما، وإيتاء الزكاة‌ في‌ حال‌ الركوع‌ لم‌ يدّع‌ لاحد غير علی ‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ .

 والرواية‌ متواترة‌ من‌ طريق‌ الشيعة‌ ؛ وظاهرة‌ من‌ طرق‌ المخالفين‌. ويجري‌ الإخبار بلفظ‌ الجمع‌ وهو واحد مجري‌ الإخبار بذلك‌ عن‌ الواحد، قوله‌ تعالی‌: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ [18] إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ. [19]

 وقوله‌: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن‌ وَرَآءِ الْحُجُر ' اتِ. [20] والمقصود هو ثابت‌بن‌ قَيس‌ بن‌ شِماس‌ . وقوله‌: يَقُولُونَ لَنءِن‌ رَّجَعْنَا  إلی‌ الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الاْعَزُّ مِنْهَا الاْذَلَّ . [21] والقائل‌ هو: عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَي‌ِّ بْنُ سَلُول‌ .

 ثمّ إنّ قوله‌: وَالَّذِينَ ءَامَنُوا ليس‌ علی العموم‌ بل‌ بعضهم‌ لانـّه‌ وصف‌ بإقامة‌ الصلاة‌ وإيتاء الزكاة‌ في‌ حال‌ الركوع‌ . [22]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ «شرح‌ الزيارة‌ الجامعة‌ الكبيرة‌» للشيخ‌ الاحسائي‌ّ ، الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ص‌ 315 . 

[2] ـ يذكر العلاّمة‌ الشيخ‌ آغا بزرك‌ الطهراني‌ّ في‌ «أعلام‌ الشيعة‌» في‌ جزء (الكرام‌ البررة‌) ص‌ 88 أنّ ولادة‌ الاحسائي‌ّ كانت‌ في‌ سنة‌ 1166 ه ووفاته‌ في‌ سنة‌ 1241 ه . ويقول‌ : إنّ وفاة‌ السيّد كاظم‌ الرشتي‌ّ كانت‌ في‌ سنة‌ 1259 ه ؛ وذكر دهخدا في‌ الجزء الثالث‌ من‌ معجمه‌ ـ كلمة‌ الباب‌، ص‌ 32 أنّ ولادة‌ السيّد علي‌ محمّد الباب‌ كانت‌ في‌ سنة‌ 1236 ، ومقتله‌ في‌ سنة‌ 1266 ه. 

[3] ـ «روضات‌ الجنّات‌» الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ص‌ 25 . 

[4] ـ «روضات‌ الجنّات‌» ص‌ 286 . 

[5] ـ يسمّي‌ الشيخيّة‌ : «بُشْت‌ سَرِيَّة‌» ، لانّ رئيسهم‌ يقيم‌ صلاة‌ الجماعة‌ مع‌ أتباعه‌ خلف‌ الضريح‌ المقدّس‌ لسيّد الشهداء عليه‌ السلام‌ ؛ وكان‌ الشيخيّة‌ من‌ الاخباريّة‌ . وكانوا مخالفين‌ للاُصوليّين‌ . ويُسمّي‌ أُصوليّو كربلاء : «بالاسريّة‌» لانّ إمامهم‌ يقيم‌ صلاة‌ الجماعة‌ مع‌ أتباعه‌ من‌ قبل‌ رأس‌ الإمام‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ داخل‌ الحرم‌ الشريف‌  [6] ـ «روضات‌ الجنّات‌» ص‌ 280 و 286 . 

[7] ـ «ديوان‌ ابن‌ الفارض‌» التائيّة‌ الكبري‌ ، من‌ البيت‌ 353 فما تلاه‌ ، ص‌ 80 و ص‌ 81 . 

[8] ـ الآيتان‌ 55 و 56 ، من‌ السورة‌ 5 : المائدة‌ . 

[9] ـ قال‌ الشيخ‌ سليمان‌ القندوزي‌ّ الحنفي‌ّ في‌ كتاب‌ «ينابيع‌ المودّة‌» : ذكر الواحدي‌ّ أنّ قوله‌ : إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ نزل‌ في‌ أمير المؤمنين‌ علي‌ّ . (طبعة‌ إسلامبول‌ سنة‌ 1301 ه ، ص‌ 212 ؛ وعن‌ الطبعة‌ السابعة‌ في‌النجف‌ ، ص‌ 251 ، في‌ الباب‌ 56 ) . وذكر ذلك‌ يحيي‌ بن‌ جابر البلاذري‌ّ في‌ «أنساب‌ الاشراف‌» ج‌ 2 في‌ ترجمة‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ، ص‌ 150 في‌ الحديث‌ رقم‌ 151 عن‌ حمّاد بن‌ سلمة‌ ، عن‌ الكلبي‌ّ ، عن‌ أبي‌ صالح‌ ، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ . ورواه‌ علي‌ّ بن‌ الحسن‌ بن‌ هبّة‌ الله‌ الشافعي‌ّ المعروف‌ بابن‌ عساكر في‌ «تاريخ‌ دمشق‌» في‌ ج‌ 2 من‌ ترجمة‌ أمير المؤمنين‌ ، من‌ المجلّد المطبوع‌ ص‌ 409 و 410 ، وذلك‌ بسندين‌ عن‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ وعن‌ سلمة‌ . وذكره‌ الحاكم‌ الحسكاني‌ّ أيضاً في‌ «شواهد التنزيل‌» من‌ ص‌ 161 إلي‌ ص‌ 169 بأربعة‌ عشر سنداً تحت‌ رقم‌ 216 إلي‌ رقم‌ 230 عن‌ ابن‌ عبّاس‌ ، وأنس‌ بن‌ مالك‌ ، ومحمّدبن‌ الحنفيّة‌ ، وعطاء بن‌ سائب‌ ، وعبد الملك‌ بن‌ جريح‌ المكي‌ّ ، والإمام‌ أبي‌ جعفر محمّد الباقر عليه‌ السلام‌ .

 وذكره‌ كذلك‌ المولي‌ علي‌ّ المتّقي‌ الهندي‌ّ في‌ «كنز العمّال‌» ج‌ 15 ص‌ 95 عن‌ الطبعة‌ الثانية‌ تحت‌ رقم‌ 269 . وذكره‌ أيضاً علي‌ّ بن‌ محمّد الواسطي‌ّ الجُلاَّبي‌ّ الشافعي‌ّ المشهور بابن‌ المغازلي‌ّ في‌ مناقبه‌ ، من‌ ص‌ 311 إلي‌ ص‌ 314 بخمسة‌ أسناد مختلفة‌ من‌ العامّة‌ تحت‌ رقم‌ 354 إلي‌ 358 عن‌ ابن‌ عبّاس‌ ، وأمير المؤمنين‌ والباقر عليهما السلام‌ . ورواه‌ في‌ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 105 ، الحديث‌ 11 عن‌ موفّق‌ بن‌ أحمد الخوارزمي‌ّ ، وذكر في‌ آخره‌ تكبيررسول‌الله‌ ï ïوأبيات‌ حسّان‌ بن‌ ثابت‌ . ورواه‌ المجلسي‌ّ أيضاً في‌ البحار ، ط‌ كمباني‌ ج‌ 9 ، ص‌ 34 عن‌ «كشف‌ اليقين‌» ، عن‌ محمّد بن‌ جرير الطبري‌ّ بأسناده‌ المتّصلة‌ عن‌ سعيد بن‌ جبير ، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ ، وفي‌ ص‌ 35 عن‌ «تفسير العيّاشي‌ّ» ، عن‌ أبي‌ حمزة‌ الثمالي‌ّ ، عن‌ الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌. وذكره‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ أيضاً في‌ «تفسير التبيان‌» الطبعة‌الحجريّة‌ ، ج‌ 1 ، ص‌ 564 عن‌ الكلبي‌ّ. أنّ الآية‌ نزلت‌ في‌ عبد الله‌ بن‌ سلام‌ وأصحابه‌ الذين‌ أسلموا وقاطعهم‌ اليهود ، وهي‌ تدلّ علي‌ ولاية‌ علي‌ّ . وقال‌ الشيخ‌ : روي‌ أبو بكر الرازي‌ّ في‌ كتاب‌ «أحكام‌ القرآن‌» علي‌ ما حكاه‌ المغربي‌ّ عنه‌ ، والطبري‌ّ ، والرمّاني‌ّ ، ومجاهد ، والسدّي‌ّ أنـّها نزلت‌ في‌ علي‌ّ عليه‌ السلام‌ حين‌ تصدّق‌ بخاتمه‌ وهو راكع‌ . وجاء ذلك‌ في‌ «مجمع‌ البيان‌» أيضاً ، طبع‌ صيدا ج‌ 2 ، ص‌ 210 و 211 عن‌ أبي‌ القاسم‌ الحسكاني‌ّ . وأورده‌ صاحب‌ «غاية‌ المرام‌» أيضاً في‌ ص‌ 205 ، الحديث‌ 11 عن‌ موفّق‌ بن‌ أحمد الخوارزمي‌ّ . وذكره‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ في‌ «تفسير الميزان‌» ج‌ 6 ص‌ 23 عن‌ الحافظ‌ أبي‌ نعيم‌ الإصفهاني‌ّ . 

[10] ـ ذكر هذه‌ الرواية‌ بالمضمون‌ جلال‌ الدين‌ السيوطي‌ّ في‌ «الدرّ المنثور» ج‌ 2 ، ص‌ 293 و 294 ، عن‌ تخريج‌ ابن‌ مردويه‌ ، عن‌ طريق‌ الكلبي‌ّ ، عن‌ أبي‌ صالح‌ ، عن‌ ابن‌ عبّاس‌؛ وجاء في‌ ذيلها أنّ رسول‌ الله‌ قال‌ للسائل‌ : علي‌ أي‌ّ حال‌ أعطاكه‌ ؟ قال‌ : وهو راكع‌ ؛ وكان‌ ذلك‌ الشخص‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ (وَآلِهِ) وَسَلَّمَ وهو يقول‌ : وَمَن‌ يَتَوَلَّ اللَهَ وَرَسُولَهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فَإنَّ حِزْبَ اللَهَ هُمُ الْغَـ'لِبُونَ . ورواها السيوطي‌ّ أيضاً في‌ «الدرّ المنثور» في‌ هذا الموضع‌ بثمانية‌ أسناد أُخري‌ عن‌ الخطيب‌ ، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ ؛ وعن‌ ï ïعبدالرزّاق‌، وعبد بن‌ حميد ، وابن‌ جُرَير ، وأبي‌ الشيخ‌ ، وابن‌ مَرْدَوَيْه‌ عن‌ابن‌عبّاس‌؛وعن‌ الطبراني‌ّ في‌ «المعجم‌ الاوسط‌» وابن‌ مردويه‌ عن‌ عمّار بن‌ ياسر ، وعن‌ أبي‌ الشيخ‌ ، وابن‌ مردويه‌، عن‌ علي‌ّ ؛ وعن‌ أبي‌ حاتم‌ ، وأبي‌ الشيخ‌ ، وابن‌ عساكر عن‌ سلمة‌ بن‌ كهيل‌ ، وعن‌ ابن‌ جرير عن‌ مجاهد ، وعن‌ الطبراني‌ّ وابن‌ مردويه‌ ، وأبي‌ نعيم‌ عن‌ أبي‌ رافع‌ ؛ وعن‌ ابن‌ مردويه‌ عن‌ ابن‌ عبّاس‌ . 

[11] ـ الآيات‌ 25 ـ 32 ، من‌ السورة‌ 20 : طه‌ . 

[12] ـ الآية‌ 35 ، من‌ السورة‌ 28 : القصص‌ . 

[13] ـ ذكر المجلسي‌ّ هذه‌ الرواية‌ في‌ «بحار الانوار» طبع‌ كمباني‌ ج‌ 9 ، ص‌ 36 عن‌ «المناقب‌» وعن‌ «كشف‌ اليقين‌» عن‌ الثعلبي‌ّ في‌ تفسيره‌ ، وجاء في‌ صدرها : بينما عبدالله‌بن‌ عبّاس‌ جالس‌ علي‌ شفير زمزم‌ ] في‌ مكّة‌ [ ، يقول‌ قال‌ رسول‌ الله‌ ] أي‌ يحدّث‌ الناس‌ بحديث‌ رسول‌الله‌ [ إذ أقبل‌ رجل‌ متعمّم‌ بعمامة‌ فجعل‌ ابن‌ عبّاس‌ لا يقول‌ قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ إلاّ قال‌ الرجل‌ : قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ ؛ فقال‌ ابن‌ عبّاس‌ : سألتك‌ بالله‌ من‌ أنت‌ ، فكشف‌ العمامة‌ عن‌ وجهه‌ ، قال‌ : يا أيّها الناس‌ من‌ عرفني‌ فقد عرفني‌ ومن‌ لم‌ يعرفني‌ فأنا جندب‌ بن‌ جنادة‌ البدري‌ّ أبو ذرّ الغفاري‌ّ . ونحن‌ نذكر هذه‌ الرواية‌ بتمامها نقلاً عن‌ «غاية‌ المرام‌» . ونقلها الفخر الرازي‌ّ في‌ تفسيره‌ أيضاً ؛ ج‌ 3 ، ص‌ 618 من‌ الدورة‌ ذات‌ المجلّدات‌ الثمانية‌ ، طبعة‌ دار الطباعة‌ العامرة‌ . 

[14] ـ ذكر المجلسـي‌ّ هذه‌ الرواية‌ في‌ «بحار الانـوار» طبـع‌ كمبانـي‌ ج‌ 9 ، ص‌ 33 ï ïوص‌ 34 عن‌ «أمالي‌ الصدوق‌» ؛ وجاء في‌ تتمّتها : روي‌ عن‌ عمر بن‌ الخطّاب‌ أنـّه‌ قال‌ : والله‌ لقد تصدّقت‌ بأربعين‌ خاتماً وأنا راكع‌ لينزل‌ في‌َّ ما نزل‌ في‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ فما نزل‌ . وكذلك‌ ذكرها السيّد هاشم‌ البحراني‌ّ في‌ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 107 ، الحديث‌ السادس‌ عن‌ طريق‌ الخاصّة‌، وذكر تتمّتها أيضاً . ونصّ عليها الشيخ‌ الطوسي‌ّ في‌ «تفسير التبيان‌» الطبعة‌ الحجريّة‌ ج‌ 1 ، ص‌ 548 مشيراً في‌ استدلاله‌ إلي‌ سؤال‌ رسول‌ الله‌ السائل‌ وتكبيره‌ . وكذلك‌ ذكرها البحراني‌ّ في‌ «تفسير البرهان‌» الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ج‌ 1 ، ص‌ 293 ؛ والعلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ في‌ «الميزان‌» ج‌ 6 ، ص‌ 14 . 

[15] ـ هذا الحساب‌ علي‌ أساس‌ الابجد الكبير الذي‌ يبدأ بالواحد وينتهي‌ بالالف‌ . ومضافاً إلي‌ أنّ ابن‌ شهرآشوب‌ ذكر هذا الموضوع‌ ؛ فنحن‌ أيضاً حسبنا هذا الحساب‌ فكان‌ الناتج‌ من‌ الآية‌ والجملة‌ عدداً واحداً . 

[16] ـ روي‌ هذا الحديث‌ في‌ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 107 تحت‌ الرقم‌ ( 2 ) عن‌ محمّدبن‌ يعقوب‌ الكليني‌ّ . 

[17] ـ هذا البيت‌ للكميت‌ «تفسير أبي‌ الفتوح‌» ط‌ مظفري‌ ، ج‌ 2 ، ص‌ 176 . 

[18] ـ المقصود بالناس‌ في‌ الآية‌ الشريفة‌ نعيم‌ بن‌ مسعود الاشجعي‌ّ الذي‌ جاء المسلمين‌ بخبر احتشاد جيوش‌ الكفّار . 

[19] ـ الآية‌ 173 ، من‌ السورة‌ 3 : آل‌ عمران‌ . 

[20] ـ الآية‌ 4 ، من‌ السورة‌ 49 : الحجرات‌ . 

[21] ـ الآية‌ 8 ، من‌ السورة‌ 63 : المنافقون‌ . 

[22] ـ «مناقب‌» ابن‌ شهرآشوب‌ ، باب‌ النُّصوص‌ علي‌ إمامته‌ عليه‌ السلام‌ ، ج‌ 1 ، الفصل‌ الاوّل‌، عن‌ الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ص‌ 514 إلي‌ ص‌ 517 .

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

التعريف و الدليل

كلية الحقوق، محفوظة و متعلقة بموسسة ترجمة و نشر دورة علوم و معارف الاسلام
info@maarefislam.org