(
إن مذهباً يثبت نفسه من
كتب خصمه أحق أن يتبع ، وإن مذهبا يحتج عليه بما في كتبه فيلجأ للتأويل
والتحوير أحق أن يتجنب عنه )
- خصائص أمير المؤمنين ( ع )- النسائي ص 146 |
تكملة لصفحة 146
مناظرة عبد الله بن عباس رضي الله
عنهما الحرورية واحتجاجه عليهم فيما أنكروه على أمير المؤمنين رضي الله عنه
( قال ) : اخبرنا عمرو بن علي ، قال : حدثنا
عبد الرحمان بن
- خصائص أمير المؤمنين ( ع )- النسائي ص
147 |
مهدي ، قال : حدثنا عكرمة بن عمار ، قال : حدثنا ابو زميل ( 1 )
قال : حدثني عبد الله بن عباس ، قال : لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دارهم
وكانوا ستة آلاف ، فقلت لعلي رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين أيرد بالظهر
لعلي آتي هؤلاء
القوم فأكلمهم ؟ قال : اني اخاف عليك ، قلت : كلا ، قال : فقمت وخرجت ودخلت
عليهم في نصف النهار وهم قائمون فسلمت عليهم فقالوا : مرحبا بك يا ابن عباس
فما جاء بك ؟ قلت لهم : أتيتكم من عند اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
وصهره وعليهم نزل القرآن وهم أعلم بتأويله منكم ، وليس فيكم منهم احد
لابلغكم ما يقولون وتخبرون بما تقولون ، قلت : اخبروني ماذا نقمتم على
اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه ؟ قالوا : ثلاثا ، قلت : ما
هن ؟ قالوا : أما
احداهن فانه حكم الرجال في أمر الله فكفر ، وقال الله تعالى : ان الحكم إلا
لله
( 2 )
، ما شأن الرجال والحكم ؟ فقلت : هذه واحدة ، قالوا : وأما الثانية : فانه
قاتل ولم يسب ولم يغنم ، فان كانوا كفارا سلبهم ، وإن كانوا مؤمنين ما أحل
قتالهم ،
قلت : هذه اثنان فما الثالثة ؟ قالوا : انه محى اسمه من أمير المؤمنين
( 3 )
فهو أمير الكافرين ، قلت : هل عندكم شئ غير هذا ؟ قالوا : حسبنا هذا ، قلت
: أرأيتم ان قرأت عليكم من كتاب الله ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما
يرد قولكم
أترضون ؟ قالوا
: نعم ، قلت : أما قولكم حكم الرجال في أمر الله فأنا اقرأ عليكم في كتاب
الله ان قد صير الله حكمه إلى
|
* ( هامش ) *
( 1 ) سماك بن الوليد الحنفي
اليماني سكن الكوفة .
تهذيب التهذيب 4 : 235 ،
الكنى 1 : 183 .
( 2 ) سورة الانعام : 57 .
( 3 ) في رواية : من امرة المؤمنين . ( * )
|
|
- خصائص أمير المؤمنين ( ع )- النسائي ص
148 |
الرجال في ثمن ربع درهم فأمر الله الرجال ان يحكموا فيه ، قال الله تعالى :
( يا ايها الذين آمنوا
لا تقتلوا الصيد وانتم حرم ، ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من
النعم يحكم به ذوا عدل منكم )
( 1 )
الآية ، فنشدتكم بالله تعالى أحكم الرجال في
أرنب ونحوها من الصيد أفضل ام حكمهم في دمائهم وصلاح ذات بينهم ؟ وانتم
تعلمون ان الله تعالى لو شاء لحكم ولم يصير ذلك إلى الرجال ، قالوا : بل
هذا أفضل ،
وفي المرأة وزوجها قال الله عزوجل : (
وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من
اهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما )
( 2 )
الآية ، فنشدتكم بالله حكم الرجال في صلاح ذات بينهم ، وحقن دمائهم أفضل من
حكمهم في بضع امرأة أخرجت من هذه ؟ قالوا : نعم ،
قلت : واما قولكم قاتل ولم يسب ، ولم يغنم ، أفتسلبون أمكم عائشة ثم
تستحلون منها ما يستحل من غيرها ، وهي أمكم ؟ فان قلتم انا نستحل منها ما
نستحل من غيرها فقد كفرتم ، ولئن قلتم ليست بامنا فقد كفرتم لان الله تعالى
يقول : ( النبي أولى
بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم )
( 3 ) ،
فأنتم تدورون بين ضلالتين فأتوا منها بمخرج ، قلت : فخرجت من هذه ، قالوا :
نعم ، واما قولكم محى اسمه من أمير المؤمنين فأنا آتيكم بمن ترضون وأراكم
قد سمعتم ان النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية صالح المشركين فقال
لعلي رضي الله
عنه : اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال
المشركون : لا والله ما نعلم انك رسول الله لو نعلم انك رسول الله لاطعناك
فاكتب محمد بن عبد الله ، فقال
|
* ( هامش ) *
( 1 ) سورة
المائدة : 95 .
( 2 )
سورة النساء : 35 .
( 3 )
سورة الاحزاب : 6 . ( * )
|
|
- خصائص أمير المؤمنين ( ع )- النسائي ص
149 |
رسول الله صلى
الله عليه وسلم : امح يا علي رسول الله اللهم انك تعلم اني رسولك امح يا
علي ، واكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله ، فوالله رسول الله صلى
الله عليه وسلم خير من علي ،
وقد محا نفسه
ولم يكن محوه ذلك يمحاه من النبوة ، أخرجت من هذه ؟ قالوا : نعم فرجع منهم
ألفان وخرج سائرهم فقتلوا على ضلالتهم فقتلهم المهاجرون والانصار
( 1 )
.
|
* ( هامش ) *
( 1 )
المناقب لابن شهر أشوب 1 : 267 ،
البداية والنهاية 7 : 276 ، 281 ،
تاريخ اليعقوبي 2 : 167 .
|
|
|