فان وليكم بعدي علي ----- ومولاكم هو الهادي الوزير وزيري في الحياة وعند موتي ----- ومن بعدي الخليفة والامير فوالى اللّه من والاه منكم ----- وقابله لدى الموت السرور وعادى اللّه من عاداه منكم ----- وحل به لدى الموت النشور(6) وقال خطيب منيح :
وقال لهم رضيتم بي وليا ----- فقالوا يا محمد قد رضينا فقال وليكم بعدي علي ----- ومولاكم فكونوا عارفينا فقام لقوله عمر سريعا ----- وقال له مقال الواصفينا هنيئا يا علي انت مولى ----- علينا ما بقيت وما بقينا راجع مناقب ابن شهر آشوب [2: 234 ط. النجف , 3: 32 - 34 ط . دار الاضواء - بيروت ].
31 - الطبراني :
اخرج في معجمه [5: 167] بالاسناد الصحيح الى زيد بن ارقم قال : خطب رسول اللّه (ص ) بغدير خـم تحت شجرات , فقال : [ايها الناس , يوشك ان ادعى فاجيب , واني مسؤول وانكم مسؤولون , فماذا انتم قائلون ؟].
قـالوا: نشهد انك قد بلغت وجاهدت ونصحت , فجزاك اللّه خيرا, فقال : [اليس تشهدون ان لا اله الا اللّه . وان مـحمدا عبده ورسوله , وان الجنة حق . وان ناره حق , وان الموت حق ,وان البعث حق بعد الـمـوت , وان الـسـاعـة آتـيـة لاريب فيها, وان اللّه يبعث من في القبور]؟قالوا: بلى نشهد بذلك .
قـال (ص ): [اللهم اشهد], ثم قال : [يا ايها الناس ان اللّه مولاي , وانامولى المؤمنين , وانا اولى بهم من انفسهم , فمن كنت مولاه فهذا مولاه - يعني عليا- اللهم وال من والاه , وعاد من عاداه ].
ثـم قال : [يا ايها الناس اني فرطكم , وانكم واردون علي الحوض , حوض اعرض مما بين بصرى الى صـنـعاء, فيه عدد النجوم قدحان من فضة . واني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين , كيف تخلفوني فيهما, الثقل الاكبر كتاب اللّه عزوجل , سبب طرفه بيداللّه تعالى ,وطرفه بايديكم , فاستمسكوا به ولا تـضـلوا ولاتبدلوا, وعترتي اهل بيتي , فانه قد نباني اللطيف الخبير انهما لن ينقضيا حتى يردا علي الحوض ].
قـد ذكر ابن حجر هذا في كتابه الصواعق [ص 25] في الشبهة الحادية عشرة في الفصل الخامس من الباب الاول (7).
قال الامام شرف الدين الموسوي في كتابه المراجعات [ص 180 ط. المجمع العالمي لاهل البيت ],في قـوله (ص ): [يوشك ان ادعى فاجيب ]: انما نعى اليهم نفسه الزكية تنبيها الى ان الوقت قداستوجب تبليغ عهده , واقتضى الاذان بتعيين الخليفة من بعده , وانه لا يسعه تاخير ذلك ,مخافة ان يدعى فيجيب قبل احكام هذه المهمة التي لابد من احكامها. ولا غنى لامته عن اتمامها.
وقـال فـي قـولـه (ص ): [وانـي مسؤول ]: لما كان عهده الى اخيه ثقيلا على اهل التنافس والحسد والـشحناء و النفاق , اراد(ص ) قبل ان ينادي بذلك ان يتقدم في الاعتذار اليهم ,تاليفا لقلوبهم واشفاقا من معرة اقوالهم وافعالهم , فقال : [واني مسؤول ] ليعلموا انه ماموربذلك ومسؤول عنه , فلا سبيل له الى تركه .
وقال في قوله (ص ): [وانكم مسؤولون ]: لعله اشار بقوله (ص ) الى ما اخرجه الديلمي وغيره , كما فـي الصواعق وغيرها, عن ابي سعيد ان النبي (ص ) قال : (وقفوهم انهم مسؤولون )(8) عن ولاية علي .
وقـال الامـام الـواحـدى : انهم مسؤولون عن ولاية علي واهل البيت . فيكون الغرض من قوله (ص ):
[وانكم مسؤولون ] تهديد اهل الخلاف لوليه ووصيه يعني -عليا-.
32 - الحاكم النيسابوري :
قـد اخـرج فـي مـناقب علي من المستدرك [3: 109] عن زيد بن ارقم من طريقين صححهماعلى شـرط الـشـيخين , قال : لما رجع رسول اللّه (ص ) من حجة الوداع ونزل غدير خم , امربدوحات فـقـممن , فقال : كاني دعيت فاءجبت , اني قد تركت فيكم الثقلين , احدهما اكبرمن الاخر, كتاب اللّه وعـتـرتي , فانظروا كيف تخلفوني فيهما, فانهما لن يفترقا حتى يرداعلي الحوض . ثم قال : ان اللّه عـزوجل مولاي . وانا مولى كل مؤمن , ثم اخذ بيدعلي (رض ) فقال : من كنت مولاه فهذا وليه , اللهم وال من والاه وعاد من عاداه .وذكرالحديث بطوله . وذكره ايضا في [3: 33] عن زيد بن ارقم .
33 - الامام احمد بن حنبل :
اخـرج فـي المسند [4: 372] عن زيد بن ارقم قال : نزلنا مع رسول اللّه (ص ) بواد يقال له وادي خم , فامر بالصلاة , فصلاها بهجير, قال : فخطبنا, وظلل لرسول اللّه (ص ) بثوب على شجرة سمرة من الشمس , فقال : [الستم تعلمون , او الستم تشهدون اني اولى بكل مؤمن من نفسه ؟] قالوا: بلى , قال :
[فمن كنت مولا ه فان عليا مولاه , اللهم عاد من عاداه ووال من والاه ].
واخـرج ايـضا في مسنده [4:281]عن البراء بن عازب من طريقين , قال : كنا مع رسول اللّه (ص ) فنزلنا بغدير خم , فنودي فينا الصلاة جامعة , وكسح لرسول اللّه (ص ) تحت شجرتين , فصلى الظهر واخذ بيد علي (رض ), فقال : [الستم تعلمون اني اولى بالمؤمنين من انفسهم ؟] قالوا: بلى , قال : [الستم تـعـلـمون اني اولى بكل مؤمن من نفسه ؟] قالوا: بلى , قال :فاخذ بيد علي , فقال : [من كنت مولاه فعلي مـولاه , الـلهم وال من والاه , وعادمن عاداه ],قال : فلقيه عمر بعد ذلك , فقال له : هنيئا يابن ابي طالب , اصبحت وامسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة .
34 - النسائي :
اخـرج الـنـسـائي فـي الخصائص العلوية [ص 21]: عن زيد بن ارقم قال : لما رجع النبي من حجة الوداع ونزل غدير خم , امر بدوحات فقممن , ثم قال : [كاني دعيت فاجبت , واني تارك فيكم الثقلين , احدهما اكبر من الاخر, كتاب اللّه وعترتي اهل بيتي , فانظروا كيف تخلفوني فيها, فانهما لن يفترقا حـتـى يردا علي الحوض ], ثم قال : [ان اللّه مولاي , وانا ولي كل مؤمن ], ثم انه اخذ بيد علي , فقال :
[من كنت وليه فهذا وليه , اللهم وال من والاه , وعادمن عاداه ].
قـال ابـو الـطـفيل : قلت : سمعته من رسول اللّه (ص )؟ فقال : وانه ما كان في الدوحات احد الارآه بعينيه , وسمعه باذنيه .
وهـذا الـحديث اخرجه مسلم في باب فضائل علي [2: 325] من صحيحه , ولكنه اختصره وبتره , وكذلك يفعلون . كذا قال الموسوي .
واخـرج ايـضـا عـن عائشة بنت سعد [ص 47] من الخصائص العلوية باب منزلة علي (ع )من اللّه عزوجل , قالت : سمعت ابي يقول : سمعت رسول اللّه (ص ) يوم الجحفة , فاخذ بيدعلي فخطب , فحمد اللّه واثنى عليه , ثم قال : ايها الناس اني وليكم , قالوا: صدقت يارسول اللّه , ثم اخذ بيد علي فرفعها, فقال : [هذا وليي , ويؤدي عني ديني , وانا موالي من والاه , ومعادي من عاداه ].
35 - شرف الدين الموسوي :
قـال في كتابه النفيس المراجعات [المراجعة : 56 ص 184]: ان حديث الغدير كان محل العناية من اللّه عـز وجـل , اذ اوحاه تبارك وتعالى الى نبيه (ص ) وانزل فيه قرآنا يرتله المسلمون آناء الليل واطـراف الـنهار, ويتلونه في خلواتهم وجلواتهم , وفي اورادهم وصلواتهم وعلى اعواد منابرهم , وعـوالـي مـنـائرهم (يا اءيها الرسول بلغ ما اءنزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته واللّه يـعصمك من الناس ) فلما بلغ الرسالة يومئذ بنصه على علي بالامامة , وعهد اليه بالخلافة , انزل اللّه عـزوجـل عليه : (اليوم اءكملت لكم دينكم واءتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) بخ بخ ذلك الفضل من اللّه يؤتيه من يشاء, ان من نظر الى هذه الايات , بخع لهذه العنايات .
واذا كانت العناية من اللّه عزوجل على هذا الشكل , فلا غرو ان يكون من عناية رسول اللّه (ص ) ما كـان , فـانـه لما دنا اجله , ونعيت اليه نفسه . اجمع - بامر اللّه تعالى - على ان ينادي بولاية علي في الحج الاكبر على رؤوس الاشهاد, ولم يكتف بنص الدار يوم الانذار بمكة , ولا بغيره من النصوص الـمـتـوالية , فاذن في الناس قبل الموسم انه حاج في هذاالعام حجة الوداع , فوافاه الناس من كل فج عميق . وخرج من المدينة بنحو مئة الف اويزيدون .
فـلـمـا كـان يوم الموقف بعرفات نادى في الناس : [على مني , وانا من علي , ولا يؤدي عنى الاانا او علي ]. ولما قفل بمن معه من تلك الالوف وبلغوا وادي خم , وهبط عليه الروح الامين باية التبليغ عن رب الـعالمين , حط(ص ) هناك رحله , حتى لحقه من تاخر عنه من الناس ,ورجع اليه من تقدمه منهم , فـلـما اجتمعوا صلى بهم الفريضة , ثم خطبهم عن اللّه عزوجل فصدع بالنص في ولاية علي , وقد سـمـعـت شذرة من شذوره , وما لم تسمعه اصح واصرح .على ان فيما سمعته كفاية , وقد حمله عن رسـول اللّه (ص ) كل من كان معه يومئذ من تلك الجماهير, وكانت تربو على مئة الف نسمة من بلاد شـتى , فسنة اللّه عزوجل التي لا تبديل لها في خلقه تقتضي تواتره , مهما كانت هناك موانع تمنع عن نقله .
وقـال فـي [ص 194 مـن الـمراجعة : 58] ردا على من صرف معنى المولى في الحديث المذكور الى معنى بعيد عن المراد الذي في مضمون هذه القضية الهائلة في ذلك المشهد العظيم , واليك لفظه :
فلو سالكم فلاسفة الاغيار عما كان منه يوم غدير خم . فقال : لماذا منع تلك الالوف المؤلفة يومئذ عن الـمـسـيـر؟ وعلى م حبسهم في تلك الرمضاء بهجير؟ وفيم اهتم بارجاع من تقدم منهم والحاق من تـاخـر؟ ولم انزلهم جميعا في ذلك العراء على غير كلاء ولا ماء؟ ثم خطبهم عن اللّه عزوجل في ذلـك الـمكان الذي منه يتفرقون , ليبلغ الشاهد منهم الغائب , وماالمقتضي لنعي نفسه اليهم في مستهل خطابه ؟ اذ قال : يوشك ان ياتيني رسول ربي فاجيب , واني مسؤول وانكم مسؤولون , واي امر يسال الـنـبـي (ص ) عن تبليغه , وتسال الامة عن طاعتها فيه ؟ ولماذا سالهم فقال : الستم تشهدون ان لا اله الااللّه , وان محمداعبده ورسوله , وان جنته حق وان ناره حق , وان الموت حق , وان البعث حق بعد الموت ,وان الساعة آتية لا ريب فيها, وان اللّه يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك .
ولماذا اخذ حينئذ على سبيل الفور بيد علي فرفعها اليه حتى بان بياض ابطيه ؟ فقال : [ياايها الناس ان اللّه مولاي , وانا مولى المؤمنين ]. ولماذا فسر كلمته [وانا مولى المؤمنين ]بقوله : [ وانا اولى بهم من انفسهم ]؟ ولماذا قال بعد هذا التفسير: [فمن كنت مولاه فهذامولاه ] او من كنت وليه فهذا وليه , اللهم وال مـن والاه وعـاد مـن عـاداه , وانصر من نصره ,واخذل من خذله ؟ ولماذا قرن العترة بالكتاب , وجعلها قدوة لاولي الالباب الى يوم الحساب ؟ وفيم هذه الاهتمام العظيم من هذا النبي الحكيم ؟ ومـا المهمة التي احتاجت الى هذه المقدمات كلها؟ وما الغاية التي توخاها في هذا الموقف المشهود؟ وما الشي ء الذي امره اللّه تعالى بتبليغه اذ قال عز من قائل : (يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لـم تـفعل فما بلغت رسالته واللّه يعصمك من الناس )؟ واي مهمة استوجبت من اللّه هذا التاكيد, واقـتـضـت الحض على تبليغها بما يشبه التهديد؟ واى امر يخشى النبي الفتنة بتبليغه , ويحتاج الى عصمة اللّه من اذى المنافقين ببيانه ؟ اكـنتم تجيبونه بان اللّه عزوجل ورسوله (ص ) انما ارادا بيان نصرة علي للمسلمين وصداقته لهم لـيس الا؟ ما اراكم ترضون هذا الجواب , ولا اتوهم انكم ترون مضمونه جائزا على رب الارباب , ولا على سيد الحكماء وخاتم الرسل والانبياء, وانتم اجل من ان تجوزوا عليه ان يصرف هممه كلها وعزائمه باسرها الى تبيين شي ء بين لا يحتاج الى بيان , وتوضيح امر واضح بحكم الوجدان والعيان , ولا شك انكم تنزهون افعاله واقواله عن ان تزدري بها العقلاء, او ينتقدها الفلاسفة والحكماء.
وقـال في التعليقات من الكتاب [ص 185 المراجعة : 56]: ومما يشهد له -اءي في ان المرادبالتبليغ فـي مـضـمـون آية (يا اءيها الرسول بلغ ما اءنزل اليك ) هو اءن ينص النبي (ص ) على علي بالامامة ويـعـهد اليه بالخلافة لا غير - ان الصلاة كانت قبل نزولها قائمة , والزكاة مفروضة والصوم كان مـشـروعـا, والـبيت محجوجا, والحلال بينا, والحرام بينا, والزكاة مفروضة , والشريعة متسقة , واحـكـامـها مستتبة , فاي شي ء غير ولاية العهد يستوجب من اللّه هذا التاكيد ويقتضي الحض على بـلاغـه بـمـا يشبه الوعيد؟ واي امر غير الخلافة يخشى النبي (ص ) الفتنة بتبليغه , ويحتاج الى العصمة من اذى الناس بادائه ؟ وقـال فـي [ص 196 الـمـراجـعـة : 58]: ولـو اراد مـجرد بيان فضله , والرد على المتحاملين عليه ,لقال (ص ): هذا ابن عمي , وصهري , وابو ولدي وسيد اهل بيتي , فلا تؤذوني فيه , او نحوذلك من الاقوال الدالة على مجرد الفضل وجلالة القدر, على ان لفظ الحديث لا يتبادر الى الاذهان منه الا مـا قـلـناه , فليكن سببه مهما كان , فان الالفاظ انما تحمل على ما تبادر الى الافهام منها, ولا يلتفت الى اسبابها كما لا يخفى .
واما ذكر اهل بيته في حديث الغدير, فانه من مؤيدات المعنى الذي قلناه , حيث قرنهم بمحكم الكتاب , وجـعلهم قدوة لاولي الالباب , فقال : [اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا, كتاب اللّه وعترتي اهـل بـيـتـي ], وانـما فعل ذلك لتعلم الامة ان لا مرجع بعد نبيها الااليهما, ولا معول لها من بعده الا عـلـيهما. وحسبك في وجوب اتباع الامة من العترة الطاهرة , اقترانهم بكتاب اللّه عزوجل الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ,فكما لا يجوز الرجوع الى كتاب يخالف في حكمه كتاب اللّه سبحانه وتعالى , لا يجوزالرجوع الى امام يخالف في حكمه ائمة العترة .
وقوله (ص ): [انهما لن ينقضيا] او [لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ] دليل على ان الارض لن تخلو بعده من امام منهم , هو عدل الكتاب .
ومـن تدبر الحديث وجده يرمي الى حصر الخلافة في ائمة العترة الطاهرة , ويؤيد ذلك مااخرجه الامـام احمد في مسنده [5: 182, الحديث : 21068] عن زيد بن ثابت , قال : قال رسول اللّه (ص ):
[اني تارك فيكم خليفتين , كتاب اللّه حبل ممدود ما بين السماء والارض او ما بين السماء الى الارض , وعترتي اهل بيتي , انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ].
وهـذا نـص فـي خـلافـة ائمة العترة (ع ), وانت تعلم ان النص على وجوب اتباع العترة نص على وجوب اتباع علي , اذ هو سيد العترة لا يدافع , وامامها لا ينازع , فحديث الغديروامثاله يشتمل على الـنـص عـلى على , تارة من حيث انه امام العترة المنزلة من اللّه ورسوله منزلة الكتاب , واخرى من حيث شخصه العظيم , وانه ولي كل من كان رسول اللّه وليه . والسلام .
وقـال في كتاب آخر له ايضا المسمى ب [النص والاجتهاد] ما مضمونه : على ان حياة النبى (ص ) بعد الـنبوة كانت مليئة مفعمة بتلك النصوص , منذ يوم الانذار في دار ابي طالب , فما بعده من الايام , حتى سـجـي (ص ) على فراش الموت والحجرة غاصة باصحابه ,فقال : [ايها الناس يوشك ان اقبض قبضا سـريـعـا فـيـنطلق بي , وقد قدمت اليكم القول معذرة اليكم الا اني مخلف فيكم كتاب اللّه عزوجل وعـترتي اهل بيتي , ثم اخذ بيد علي فرفعها. فقال : هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي , لا يفترقان حتى يردا علي الحوض ].
ولـكـن لـم يـكد ان يغمض رسول اللّه (ص ) عينيه الشريفتين عن هذه الدار, الا وقد قضواامرهم بـيـنـهـم , بـدون ان يؤذنوا به احدا من بني هاشم واوليائهم وهم اهل بيت النبوة ,وموضع الرسالة , ومختلف الملائكة , ومهبط الوحي والتنزيل , حتى كانهم (ع ) لم يكونواثقل رسول اللّه (ص ) واعدال كتاب اللّه عزوجل , وامان الامة .
كـمـا قال (ص ): [اهل بيتي امان لامتي من الاختلاف , فاذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا, فصاروا حـزب ابـلـيـس ] اخـرجه الحاكم في المستدرك [3: 149] وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه .
وكـانـهم لم يكونوا سفينة نجاة الامة , كما قال (ص ): [الا ان مثل اهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه , من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ] وفي رواية : [ومن تخلف عنها هلك ],وفي رواية : [ومن تخلف عنها زج في النار]. اخرجه الحاكم في المستدرك [3:151] بالاسنادالى ابي ذر الغفاري .
وكـانـهم لم يكونوا باب حطة الامة كما قال (ص ) فيما اخرجه الطبراني عن ابي سعيد قال :سمعت رسول اللّه (ص ) يقول : [انما مثل اهل بيتي كسفينة نوح , من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق , وانما مثل اهل بيتي فيكم مثل باب حطة بني اسرائيل , من دخله غفر له ].
وكانهم لم يكونوا من الامة بمنزلة الراس من الجسد, وبمنزلة العينين من الراس , كماقال (ص ) فيما نـقـلـه الامام الصبان في كتابه [اسعاف الراغبين ] والشيخ يوسف النبهاني في كتابه [الشرف المؤبد] وغـير واحد من الثقات بالاسناد الى ابي ذر قال : قال رسول اللّه (ص ): [اجعلوا اهل بيتي منكم محل الراس من الجسد, ومكان العينين من الراس , ولايهتدي الراس الا بالعينين ].
اجـل قضي الامر في السقيفة , ورسول اللّه (ص ) لقى بين عترته الطاهرة واوليائهم ثلاثة ايام وهم حوله , يتقطعون حسرات , ويتصعدون من الزفرات , قد اخذهم من الحزن ماتنفطر به المرائر, ومن الـهـم والـغـم مـا يذيب لفائف القلوب , واولئك في معزل عن المسجى ,ثلاثا - بابي وامي - يرهفون لـسـلـطـانـه عزائمهم , ويشحذون لملكه آراءهم , لم يهتموا في شي ء من امره . حتى قضوا امرهم مستاثرين به .
ومـا ان فـاؤوا الى مواراته حتى فاجاوا اولياءه واحباءه ياخذ البيعة منهم , كما قال شاعرالنيل حافظ ابراهيم , [ممتدحا لهذا الفعل الشنيع , والعمل الفظيع , ما يسود به وجه التاريخ ‌الاسلامي ](9):
وقولة لعلي قالها عمر ----- اكرم بسامعها اعظم بملقيها حرقت دارك لا ابقي عليك بها ----- ان لم تبايع و بنت المصطفى فيها ما كان غير ابي حفص بقائلها ----- امام فارس عدنان وحاميها فلو فرض ان لا نص بالخلافة على احد من آل محمد(ص ) وفرض كونهم مع هذا غيرمبرزين في حـسـب او نسب او اخلاق , او جهاد, او علم , او عمل او ايمان او اخلاص , ولم يكن لهم السبق في مـضـامير كل فضل , بل كانوا كسائر الصحابة . فهل كان من مانع شرعي او عقلي او عرفي يمنع من تـاجـيـل عقد البيعة الى فراغهم من تجهيز رسول اللّه (ص )؟ ولوبان يوكل حفظ الامن الى القيادة الـعـسـكـريـة مـؤقـتـا حتى يستتب امر الخلافة ؟ اليس هذاالمقدار من التريث كان ارفق باولئك المفجوعين وهم وديعة النبي لديهم , وبقيته فيهم ؟ وكان امير المؤمنين علي (ع ) على علم من تصميم القوم على صرف الامر عنه , وانه لونازعهم فيه لـنـازعوه . ولو قاتلهم عليه لقاتلوه , وان ذلك يوجب التغرير في الدين والخطربالامة , فاختار الكف احتياطا على الاسلام , وايثارا للصالح العام (10), وتلك امة قدخلت لها ما كسبت و عليها ما اكتسبت , غـيـر ان مـن انـطبعت في نفسه اللين والرقة , ليتاسى ويتاسف من سماع تلك الحادثة , ويستدر منه العجب العجاب , اذ كان فيهم الصحابي الكبير مثل عمر بن الخطاب .
وكان ما كان منه ما لا يتصور صدوره من اجهل مسلم واغلظهم قلبا, تجاه اهل بيت كان الرسول (ص ) يـكـرمهم اكراما, ويحبهم اشد حب الى غاية ان يقول فيهم : اللهم اني احبهم فاحبهم واحب من احبهم , وابـغـض مـن ابـغـضـهم (11). وقال في كريمته الزهراء(س ):[رضاي في رضاها وسخطي في سخطها](12).
عـلـى انه ليس في الكتاب آية , ولا في الحديث رواية , تدل على وجوب بيعة ابي بكر حتى شدد بها الكافة عليها تشديدا كاد ان يقضي احراقه اكرم بيت في الاسلام بعد بيت اللّه ورسوله .
فلعل ذلك من ادمغ الحجج التي يتوقف بها بعضهم في القطع بصحة خلافة ابي بكر, لان مدار الصحة في نظرهم موقوفة على اجماع الامة عليها, فتقوم الحجة قوية على مبناهاالرصين . واتفقت مع قول النبي (ص ): لا تجتمع امتي على ضلال . وفي رواية : على خطا.ومع ما كان من ذلك فان مما يؤيد مبدا الـمـتـوقـفـين في صحة خلافة ابي بكر ان جماعة من محققي علماء السنة قد منعوا صحة صدور الحديث المذكور عن رسول اللّه (ص ) كما اخبرنابذلك الامير محمد الكاظمي القزويني في كتابه ( نقض الصواعق ) [ص 94 الطبعة الثانية ]واليك لفظه :
ان اقـوى مـا تـمـسـك به اهل السنة لاثبات خلافة ابي بكر هو دعواهم اجماع الامة على اختياره ورضاهم به , وعززوا ذلك بما نقلوه عن النبي (ص ) انه قال : [لا تجتمع امتي على ضلال . او قال على خـطا] وقد اجمعوا عليه , فوجب ان يكون اجماعهم عليه صوابا. هذاتقرير كلام اهل السنة , ونحن اذا اثبتنا لك عدم صحة هذه الدعوى تمكنا من ايقافك على القطع بعدم استحقاقه للخلافة .
اولا: ا ن الـحـديث لم يصح صدوره عن النبي (ص ) في حال , وقد منع صحته جماعة من محققي اهل الـسـنـة , مـنهم : النووي الشارح لصحيح مسلم , كما ياتي , وانكره شيخ الاعتزال ابراهيم بن سيار الـنـظام , على ما حكاه عنه عضد الملة في شرحه لمختصر ابن الحاجب [1:125] مع انه من آحاد الـخـبـر الـذي لا يـقـتـضي علما ولا عملا على ما صرح به الامدي في كتاب الاحكام [1: 315] والعضدي في شرح المختصر [1:127] .
ثـانـيـا: لو فرضنا صحته فانه يفيد ان جميع الامة لا تجتمع على ضلال , كما يقتضي الجمع المنكر المضاف في قوله : [امتي ] وعليه ان ارادوا من الاجتماع المدعى على اجماع جميع امة الاسلام على اختيار ابي بكر والرضا والقبول بخلافته , فذلك لم يقع ولم يحصل من جميع اهل المدينة , فضلا عن بقية الامصار الاسلامية الذين لهم حق الاختيار.
وان ارادوا به اجتماع بعض الامة وهم اهل السقيفة على اختيار ابي بكر والرضا به , فذلك قطعا لا يـكـون اجماعا من جميع الامة على الرضا به , لكي يصح الاستدلال له بالحديث .ولم يكن المجمعون عـليه في السقيفة منتخبين من بقية الامة , لكي يمثلوهم في انتخابه شان الانتخابات الحرة لدى الامم الراقية في العصور الاولى وما بعدها الى يومنا هذا.
ولا ريـب ان اجماع بعض الامة لا حجة فيه لجواز الخطا عليهم فيما اجتمعوا عليه , ولادليل على حجيته مطلقا, كما انه لا ينعقد بالواحد والاثنين من اهل الحل والعقد, اذ لوكانت الخلافة الشرعية تـنـعـقـد بواحد او اثنين من الرعية لجاز ان ينعقد في كل زمان ومكان الف خليفة وزيادة , بان اتفق جماعة على واحد, وجماعة اخرى على آخر وهلم جرا, وفي ذلك فساد الدنيا وخرابها.
وان ارادوا به اتفاق اهل الحل والعقد, فغير صحيح لوجهين :
الاول : ان اهل الحل والعقد هم بعض الامة , ولا دليل على حجية اجماعهم .
الثاني : انه لم يحصل اتفاق اهل الحل والعقد عليه , لخروج جماعة كثيرة منهم عن معقدذلك الاجماع الـمـزعوم , كعلي بن ابي طالب (ع ) وسائر بني هاشم , واسامة بن زيد, والزبيربن العوام , وسلمان , وابـي ذر, والـمقداد, وعمار, وحذيفة , وخزيمة بن ثابت , وابي بريدة الاسلمي , والبراء بن عازب , وابـي بـن كـعـب , وسهل بن حنيف , وابي الهيثم بن التيهان ,وسعد بن عبادة وابنه قيس , وعثمان بن حنيف , وفروة بن عمرو, وورقة الانصاري , وابي ايوب الانصاري , وجابر بن عبداللّه الانصاري , وابي سفيان بن حرب , وخالد بن كثير,وكثير غيرهم من وجوه المهاجرين والانصار.
ولـم يـكن المبايعون لابي بكر يومئذ سوى خمسة نفر, اولهم عمر بن الخطاب والسابق اليها,وابو عبيدة , وسالم مولى ابي حذيفة , وبشر بن سعيد, واسيد بن الحصين . فلا اجماع حينئذعليه .
وان ارادوا الاجماع التدريجي على معنى وقوعه في اوقات متعددة , فهو غير صحيح لامور:
الاول : ان مـثل هذا الاجماع على فرض وجوده في اجماعهم , فهو مخالف لما هو المعتبر في حقيقة الاجماع المصرح به في كلمات علماء الاصول بين اهل السنة .
فـهذا البيضاوي في منهاجه , والعضدي في شرحه على المختصر, وصاحب المامول في علم الاصول مـحـمـد صـديق حسن [ص 33] وغيرهم من علماء الاصول كلهم يقولون : انه يعتبرفي الاجماع الـشرعي اتفاق اهله على امر او امور في وقت واحد. اذ لو لم يكن كذلك احتمل رجوع المتقدم قبل دخول المتاخر. وطرو هذا الاحتمال موجب لفساد الاجماع وبطلان الاحتجاج به .
الـثـاني : ان مثل هذا الاجماع لم يقع في اجماعهم , فان سعدا لم يبايع احدا حتى قتل بحوران ,وهكذا تخلف علي (ص ) عن بيعتهم ستة اشهر.
الـثـالـث : لو سلمنا جدلا, صحة مثل هذا الاجماع , وسلمنا كذلك حصوله فيه , ولكن اعتباره منوط بـدخـول الباقين طوعا, لا مع العلم باستظهار الاكثر وخوف الاقل , ودخوله فيما دخل فيه الاكثر كرها, كما وقع ذلك في اجماعهم .
فـهذا المؤرخ الكبير ابن عبدالبر يقول في استيعابه عند ذكره للبيعة : ان سعدا لم يبايع احدامن ابي بـكـر وعـمـر, ولـم يقدروا الزامه كما الزموا غيره , لكثرة اقوامه من الخزرج , فخافوافتنتهم , وتخلف عن البيعة بنو هاشم , وفي طليعتهم علي بن ابي طالب وجماعة كثيرة من قريش . وهكذا حكاه مـحمد حسنين هيكل في كتاب ابي بكر [ص 65و74], فمثله لا يصلح ان يكون حجة شرعية يجب اتباعها.
وقـد اتـى الامـام شـرف الدين الموسوي في المراجعة الثمانين من مراجعاته [ص 245]بالبراهين الكافية والحجج القطعية , من البيانات العقلية والادلة المنطقية في شرح قوله (ص ) [لا تجتمع امتي على الخطا] ما لفظه :
ان الـمـراد مـن قـولـه (ص ) لا تـجـتمع امتي على الخطا, ولا تجتمع على الضلال , انما هو نفي الـخـطـاوالـضـلال عـن الامر الذي اشتورت فيه الامة فقررته باختيارها, واتفاق آرائها, وهذا هـوالـمتبادر من السنن لا غير, اما الامر الذي يراه نفر من الامة فينهضون به , ثم يتسنى لهم اكراه اهل الحل والعقد عليه , فلا دليل على صوابه , وبيعة السقيفة لم تكن عن مشورة ,وانما قام بها الخليفة الـثـانـي , وابو عبيدة , ونفر معهما, ثم فاجاوا بها اهل الحل والعقد,وساعدتهم تلك الظروف على ما ارادوا.
وابـو بـكـر يـصرح بان بيعته لم تكن عن مشورة ولا عن روية , وذلك حيث خطب الناس في اوائل خلافته معتذرا اليهم , فقال : [ان بيعتي كانت فلتة , وقى اللّه شرها, وخشيت الفتنة , وعمر يشهد بذلك عـلـى رؤوس الاشـهاد في خطبة خطبها على المنبر النبوي يوم الجمعة في اواخر خلافته , وقد طارت كل مطير. واخرجها البخاري في صحيحه (13).
والـيـك محل الشاهد منها بعين لفظه , قال : ثم انه بلغني ان قائلا منكم يقول : واللّه لو مات عمر بايعت فـلانا, فلا يغترن امرؤ ان يقول انما كانت بيعة ابي بكر فلتة وتمت , الا وانها قدكانت كذلك , ولكن اللّه وقى شرها - الى ان قال -: من بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين , فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة ان يقتلا(14).
ومـن المعلوم بحكم الضرورة من اخبارهم ان اهل بيت النبوة , وموضع الرسالة لم يحضرالبيعة احد مـنـهـم قط, وقد تخلفوا عنها في بيت علي , ومعهم سلمان وابو ذر, والمقداد,وعمار, وخزيمة بن ثـابـت , وابي بن كعب , وفروة بن عمرو بن ودقة الانصاري , والبراء بن عازب , وخالد بن سعيد بن الـعاص الاموي , وغير واحد من امثالهم . فكيف يتم الاجماع مع تخلف هؤلاء كلهم ؟ وفيهم آل محمد كـافة وهم من الامة بمنزلة الراس من الجسد,والعينين من الوجه , ثقل رسول اللّه وعيبته , واعدال كتاب اللّه وسفرته , وسفن نجاة الامة وباب حطتها, وامانها من الضلال في الدين واعلام هدايتها, كما اثبتناه فيمااسلفناه (15), على ان شانهم غني عن البرهان , بعد ان كان شاهده الوجدان .
وقد اثبت البخاري ومسلم في صحيحيهما: [صحيح البخاري 3: 39, وصحيح مسلم2 :72]وغيرو احـد مـن اثـبـات الـسـنـن والاخبار, تخلف علي عن البيعة , وانه لم يصالح حتى لحقت سيدة النساء بـابـيـهـا(ص ), وذلـك بـعد البيعة بستة اشهر, حيث اضطرته المصلحة الاسلامية العامة في تلك الـظروف الحرجة الى الصلح والمسالمة , والحديث في هذا مسندالى عائشة , وقد صرحت فيه : ان الـزهـراء هـجرت ابابكر, فلم تكلمه بعد رسول اللّه ,حتى ماتت , وان عليا لما صالحهم , نسب اليهم الاسـتـبداد بنصيبه من الخلافة , وليس في ذلك الحديث تصريح بمبايعته اياهم حين الصلح , وما ابلغ حجته اذ قال مخاطبا لابي بكر:
فان كنت بالقربى حججت خصيمهم ----- فغيرك اولى بالنبي واقرب وان كنت بالشورى ملكت امورهم ----- فكيف بهذا والمشيرون غيب واحـتـج الـعـبـاس بن عبد المطلب بمثل هذا على ابي بكر, اذ قال له في كلام دار بينهما: فان كنت بـرسـول اللّه (ص ) طلبت , فحقنا اخذت , وان كنت بالمؤمنين طلبت , فنحن منهم متقدمون فيهم . وان كـان هـذا الامـر انـمـا يجب لك بالمؤمنين , فما وجب اذ كنا كارهين (16).فاين الاجماع بعد هذا الـتـصريح من عم رسول اللّه (ص ) وصنوابيه , ومن ابن عمه [ووليه ]واخيه , ومن سائر اهل بيته وذويه ؟ 36 - السيد محمد بن محمد الموسوي الحائري البحراني :
قال في كتابه [خلفاء الرسول ] [ص 123]: ان نزول هذه الاية الكريمة - يعني آية التبليغ -في يوم الغدير عند منصرف النبي (ص ) من حجة الوداع سنة (10) هجرية مما اجمع عليه ائمة اهل البيت وشـيـعـتـهـم , وتـسالم عليه معظم فطاحل علماء اهل السنة في كتبهم المعتبرة ,نقلا عن كثير من الصحابة , كزيد بن ارقم , وابي سعيد الخدري , وابن عباس , وجابر بن عبد اللّه الانصاري , والبراء بن عازب , وابي هريرة , وغيرهم . وذكر فيه رواية الغديرنقلا عن كتاب [الولاية ] للطبري .
وذكـر ايـضـا في التعليقات من الكتاب [ص 125] انه قال ابن الجوزي في كتابه [تذكرة الخواص ] [ص 18]: اتفق علماء السير على ان قصة الغدير كانت بعد رجوع النبي (ص ) من حجة الوداع , في الثامن عشر من ذي الحجة , جمع الصحابة وكانوا مئة وعشرين الفا,وقال (ص ): من كنت مولاه فعلي مولاه . الحديث . نص الرسول (ره ) على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والاشارة .
وقـال الـسـيد المؤلف في الكتاب المذكور في التعليقات [ص 127]: ومما يضحك الثكلى هو ماقاله النبهاني في كتابه الخلافة [ص 102] من ان عليا(رض ) لم يكن يوم الغدير مع النبي ,فانه كان باليمن , الى آخر ما حاكه من نسيج الخيال .
فـان كـلامـه هذا لا يخلو من جهل شائن , او كذب مفترى , لانك - مع صرف النظر عن هذاالجمع الغفير الذين رووا حديث الغدير من الحفاظ وائمة الحديث , الذين يكفي ان يكون قول منهم حجرا يلقم بـه الـنـبـهـاني - لا تجد احدا من الاولين والاخرين مهما بلغت قيمته العلمية يقول ولو على وجه الـحـكـاية ما يدعم قول هذا الكذاب , بل اتفق كلهم اجمعون اكتعون ابصعون , على ان عليا(ع ) لحق بالرسول (ص ) في حجته تلك , وحج معه حجة الوداع .
الـى ان قـال : وانـي وان كنت ازمعت في المقدمة على ان لا اسود شيئا من صحائف هذاالكتاب بذكر الـخـزايات التي سود بها النبهاني جبهة كتابه , وسود بها صحيفة تاريخه ,لكني آثرت ذكر البعض , ليكون لدى القارى نموذجا من الاكاذيب التي اختلقتها مخيلة هذا المصلح و اوهامه [يعني النبهاني ].
37 - السيد امير محمد الكاظمي القزويني :
قـال فـي كـتـابه [نقض الصواعق ] [ص 135 الطبعة الثانية ]: قد يخطر على وهم الكثير ممن لم يقفواعلى الحقيقة ولم يدرسوها دراسة صحيحة على ضوء التاريخ الصحيح وصحيح الحديث ,فيقول : لـمـاذا يـا تـرى لـم يـخاصم علي (ع ) ابا بكر؟ ولماذا لم يحتج عليه وعلى من بايعه يوم السقيفة بـنـصـوص الخلافة ؟ ان كان ثمة نصوص تدل عليها. ولماذا لم يذكرها لهم وهو اعرف بمفادها من غـيـره ؟ وكـل اولئك ادلة على انه كان راض بتقديمهم عليه وانه لا نص بالخلافة من النبي (ص ) عليه .
والجواب عن هذا:
اولا: ان عدم نقل احتجاجه (ع ) عليهم لا يكون دليلا على عدم احتجاجه عليهم , لا سيمااذا علمنا ان الدواعي متوفرة على ترك نقله , لمنافاته لما قامت عليه السقيفة , كما لا يكون ذلك علما بعدمه , فكيف ينفى ذلك مع وجوده ؟ ثانيا: ان الذي تستريح اليه في ازاحة هذا الوهم هو: انا نعلم وكل الناس يعلمون , ان عليا(ع ) وسائر بـني هاشم وجماعة من قريش لم يحضروا البيعة , ولم يدخلوا السقيفة ,وكانوا منصرفين بكلهم الى رسـول اللّه (ص ) وهو بين ايديهم جنازة . وما ان فرغوا من تجهيزه ومواراته في ضريحه الطاهر, حـتـى اكـمـل القوم امرهم , فابرموا البيعة واجمعوا على منع كل قول او فعل يوهن تلك البيعة , او يخدش في عقدها او يدخل الاضطراب عليها.
فـايـن كـان علي (ع ) عما ابرموه واحكموه في السقيفة ؟ واين هو حينئذ عن بيعة ابي بكر(رض ) ومـصـافـقـيه حتى يحتج عليهم ويلزمهم بنصوص الخلافة ؟ ومن اين يتسنى له ان يحتج عليهم بعد انعقادها؟ وقد سلك اولو الامر والنهي سبيل القوة والارهاب مع المعارضين , ومطاردة الممتنعين عن بيعته بالشدة والغلظة .
واسـتظهروا عليهم بالحول والطول , وبثوا ذلك ونشروه في اقصى البلاد وادناها, بل لايؤمن على نفسه من القتل غيلة كما قتلوا سعدا كذلك , وادعوا ان الجن قتلوه . بربك قل لي ايها الحر المثقف , هل يتسنى لاحد في عصرنا الحاضر ان ينازع الحكومة القائمة ويقابلهابما يزيل سلطانها ويزيح دولتها؟ وهـل يـتـركـونه وشانه لو حاول شيئا من ذلك ولا يمسونه بسوء؟ هيهات ذلك , فان الاحوال يشبه بعضها بعضا, ولا تزال الليلة اخت البارحة .
ثالثا: ان الاحتجاج عليهم بنصوص خلافته انما يحسن مع العلم بغفلة القوم عنها, وانهم سيثوبون الى رشـدهم , ويدفعون اليه ما ابتزوه منه , ويعدلون اليه ان هو احتج بها عليهم ,اما اذا علم انهم سمعوها ووعوها, ولكنهم مصرون على اخذ حقه وقادمون على دفعه وهضمه , وباذلون في سبيلها كل نفيس وغال , فلا يؤثر الاحتجاج عليهم سوى اثارة الفتنة وتفريق المسلمين وتمزيق كلمة الدين , ونكوص العرب على اعقابهم , فكان -روحي فداه - يؤثر ضياع حقه على بقاء الدين في ذلك الظرف العصيب , اذ كـان لا يؤمن فيها على بيضة الاسلام من التلاشي والتبدد, ولاجل هذا و نحوه من الفتن الطاغية الـتـي لـولا سكوته (ع ) عن مطالبتهم حقه لدكت صروح الدين , واستاصلت شافة المسلمين ,راى من الـواجب ان يضحي بحقه في سبيل حياة الاسلام . ورد عادية المنافقين الذين كانواينتهزون الفرصة حينا بعد حين للوثوب عليه والقضاء على روحه .
اجـل لـقـد اراد (ع ) ان يحتفظ بحقه واراد الاحتجاج عليهم , ولكن بالشكل الذي لا يتفكك به شمل الامـة , ولا تـقـع بـيـنـهم فتنة يتخذها العدو ذريعة لمحق الاسلام وسحق الدين , فلازم بيته حتى اخـرجوه قهرا وكرها من غير قتال , ولو انه اسرع اليهم لم يكمل له حجة , ولم ينبثق لها نور, ولم يسطع لشيعته اي برهان , فكان ما فعله (ع ) من حسن الصنيع , جامعابين الاحتفاظ بحقه من الخلافة , والاحـتـيـاط عـلـى كلمة الدين , اذ لم يجد له معينا من الامة يومئذ ولا مساعدا من القوم حتى يبوح بحجته , ويدلي عليهم بنصوص خلافته , فراى ان حفظ حوزة الاسلام ودفع عادية اعدائها موقوفان فـي تلك الظروف على الموادعة والمسالمة , دون المجادلة واظهار العداء وسل السيف , اذ به ذهاب الدين باصوله وفروعه (17).
ثـم انـنـا اذا امـعـنـا الـنـظـر حول هذه القضية المؤسفة , وما جرى بين امير المؤمنين علي (ع ) وبين الجماعة وقتئذ راينا احوالا غريبة , واشياء عجيبة , لم تكن لها مظاهر بين الناس من قبل ,مع ان الـنبي (ص ) كان كثيرا ما يلفظ - كما رواه الامام احمد في مسنده [1:109] - بقوله :[وان تؤمروا عليا - ولا اراكم فاعلين - تجدوه هاديا مهديا ياخذ بكم الطريق المستقيم ].
وروى الـخـطـيـب الـبـغـدادي فـي تـاريخه [1: 47](18): [وان وليتموها - يعني الخلافة - عـلـياوجدتموه هاديا مهديا يسلك بكم على الطريق المستقيم ], وفي رواية ابي داود: [ان تستخلفوه ولن تفعلوا ذلك , يسلك بكم الطريق المستقيم وتجدوه هاديا مهديا].
وفي حديث ابي نعيم في الحلية [1: 64] عن حذيفة , قال : قالوا يا رسول اللّه : الا تستخلف عليا؟ قال :
[ان تولوا عليا تجدوه هاديا مهديا يسلك بكم الطريق المستقيم ]. وفي لفظآخر: [وان تستخلفوا عليا - وما اراكم فاعلين - تجدوه هاديا مهديا يحملكم على المحجة البيضاء].
وفـي كـنز العمال [11: 630 , ح 33073]: ان تستخلفوا عليا - وما اراكم فاعلين - تجدوه هاديا مهديا يحملكم على المحجة البيضاء].
وفي المستدرك [3: 142]: [ان وليتموها عليا فهاد مهدي يقيمكم على طريق مستقيم ].