قـال فـي تـفـسيره مجمع البيان [4: 105] - في سبب النزول - : قيل : نزلت الاية (هذان خصمان اخـتـصـموا) في ستة نفر من المؤمنين والكفار, تبارزوا يوم بدر, وهم : حمزة بن عبدالمطلب قتل عتبة بن ربيعة , وعلي بن ابي طالب (ع ) قتل الوليد بن عتبة , وعبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب قتل شيبة بن ربيعة .
عـن ابـي ذر الـغـفـاري وعطاء: وكان ابو ذر يقسم باللّه تعالى انها نزلت فيهم . ورواه البخاري في الصحيح (48).
4 - ابن شهرآشوب :
قـال فـي مـنـاقـبـه [3: 118 ط . دار الاضـواء]: عـن الـصـحيحين انه نزل قوله تعالى : (هذان خـصـمـان اخـتـصـمـوا) فـي سـتـة نـفر من المؤمنين والكفار, تبارزوا يوم بدر, وهم : حمزة , وعبيدة ,وعلي , والوليد, وعتبة , وشيبة .
وقال البخاري : وكان ابو ذر يقسم باللّه انها نزلت فيهم . وبه قال عطاء, وابن خثيم ,وقيس بن عبادة , وسفيان الثوري , والاعمش , وسعيد بن جبير, وابن عباس .
ثم قال : قال ابن عباس : (فالذين كفروا) يعني : عتبة وشيبة والوليد (قطعت لهم ثياب من نار) الايات .
وانزل في امير المؤمنين (ع ) وحمزة وعبيدة : (ان اللّه يدخل الذين آمنواوعملوا الصالحات جنات - الى قوله - صراط الحميد).
وفي اسباب النزول : روى قيس بن سعد بن عبادة عن علي بن ابي طالب (ع ) قال : فينانزلت هذه الاية وفي مبارزينا يوم بدر, الى قوله تعالى : (عذاب الحريق ).
قال ابن شهرآشوب وصاحب الاغاني ومحمد بن اسحاق : كان صاحب راية رسول اللّه (ص ) يوم بدر عـلـي بن ابي طالب (ع ). ولما التقى الجمعان تقدم عتبة وشيبة والوليد,وقالوا: يا محمد اخرج الينا اكـفـاءنـا مـن قريش . فتطاولت الانصار لمبارزتهم , فدفعهم النبي (ص ) وامر عليا وحمزة وعبيدة بـالمبارزة , فحمل عبيدة على عتبة فضربه على راسه ضربة فلقت هامته . وضرب عتبة عبيدة على سـاقـه فاطنها فسقطا جميعا, وحمل شيبة على حمزة فتضاربا بالسيف حتى انثلما, وحمل علي على الوليد فضربه على حبل عاتقه .وخرج السيف من ابطه .
وفـي ابـانـة الفلكي : ان الوليد كان اذا رفع ذراعه ستر وجهه من عظمها وغلظها, ثم اعتنق حمزة وشيبة . فقال المسلمون : يا علي اما ترى هذا الكلب يهر عمك ؟ فحمل علي عليه . ثم قال : يا عم طاطى راسـك , وكان حمزة اطول من شيبة , فادخل حمزة راسه في صدره .فضربه علي فطرح نصفه , ثم جاء الى عتبة وبه رمق فاجهز عليه .
وفي مجمع البيان للطبرسي : انه (ع ) قتل سبعة وعشرين مبارزا.
وفي الارشاد: انه قتل خمسة وثلاثين , وقال زيد بن وهب : قال امير المؤمنين : وقتلنا من المشركين سبعين واسرنا سبعين . وفي رواية محمد بن اسحاق : اكثر قتلى المشركين يوم بدركان لعلي (ع ).
وفي الفائق للزمخشري : قال سعد بن ابي وقاص : رايت عليا يحمحم فرسه وهو يقول :
بازل عامين حديث سني ----- سنحنح الليل كاني جني لمثل هذا ولدتني امي 5 - الامام شرف الدين الموسوي :
قـال فـي مراجعاته [ص 47 من المراجعة - 12 -] من تعليقاته : وقال اللّه تعالى فيهم [يعني في اهل بـيت النبوة ]: (هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من ناريصب من فوق رؤوسهم الحميم ).
اخـرج الـبـخـاري فـي تـفـسـير سورة الحج من صحيحه [3: 6 - 7 ط. دار الفكر - بيروت ] بـالاسـنـادالـى عـلـي قال : انا اول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة , قال البخاري :
قال قيس : وفيهم نزلت : (هذان خصمان اختصموا في ربهم ). قال : هم الذين تبارزوا يوم بدر:حمزة , وعلي , وعبيدة بن الحارث , وشيبة بن ربيعة , وعتبة بن ربيعة , والوليد بن عتبة .
واخرج في الصفحة المذكورة عن ابي ذر انه كان يقسم فيها ان هذه الاية : (هذان خصمان اختصموا في ربهم ) نزلت في علي وصاحبيه , وعتبة وصاحبيه يوم برزوا في يوم بدر.

المبحث السادس عشر

فـي قوله تعالى : (اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الاخر وجاهد في سبيل اللّه لا يستوون عنداللّه ) [التوبة : 19].
هـذه الاية من الايات النازلة في امير المؤمنين , الامام علي بن ابي طالب (ع ) كما نص على ذلك جمع من المفسرين في تفاسيرهم , واساطين المحدثين في زبرهم وتاليفهم , وممن قال بذلك :
1 - الطبري :
قـال فـي تفسيره جامع البيان [6: 337]: حدثني يونس , قال : اخبرنا ابن وهب , قال اخبرت عن ابي صـخر, قال : سمعت محمد بن كعب القرظي يقول : افتخر طلحة بن شيبة من بني عبدالدار, وعباس بـن عبدالمطلب , وعلي بن ابي طالب , فقال طلحة : انا صاحب البيت معي مفتاحه , لو اشاء بت فيه . وقال عـباس : انا صاحب السقاية والقائم عليها, لو اشاءبت في المسجد. وقال علي : ما ادري ما تقولان , لقد صليت الى القبلة ستة اشهر قبل الناس , وانا صاحب الجهاد, فانزل اللّه : (اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام )الاية .
وقـال : حـدثـنـي مـحـمد بن الحسين , قال : حدثني احمد بن الفضل , قال : حدثنا اسباط, عن السدي :
(اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الاخروجاهد في سبيل اللّه لا يـسـتوون عند اللّه ) قال : افتخر علي والعباس وشيبة بن عثمان .فقال العباس : انا افضلكم , انا اسقي حـجـاج بـيـت اللّه . وقـال شيبة : انا اعمر مسجد اللّه ,وقال علي : انا هاجرت مع رسول اللّه (ص ) واجاهد معه في سبيل اللّه , فانزل اللّه :(الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل اللّه - الى - نعيم مقيم ).
2 - الطبرسي :
قـال فـي سـبب النزول من تفسيره مجمع البيان [3: 22]: قيل انها نزلت في علي بن ابي طالب (ع ), والعباس بن عبدالمطلب , وطلحة بن شيبة , وذلك انهم افتخروا, فقال طلحة :انا صاحب البيت وبيدي مـفـتـاحـه , ولو اشاء بت فيه , وقال العباس : انا صاحب السقاية والقائم عليها. وقال على : [ما ادري ما تقولان , لقد صليت الى القبلة ستة اشهر قبل الناس , وانا صاحب الجهاد].
وعـن الـحسن والشعبي , ومحمد بن كعب القرظي : وقيل ان عليا(ع ) قال للعباس : يا عم الاتهاجر؟ والا تـلـحق برسول اللّه (ص )؟ فقال : الست في افضل من الهجرة ؟ اعمر المسجدالحرام , واسقي حاج بيت اللّه . فنزلت : (اجعلتم سقاية الحاج ) الاية .
3 - ابن كثير:
قـال فـي تـفسيره [2: 355]: قال عبد الرزاق : اخبرنا ابن عيينة , عن اسماعيل , عن الشعبي ,قال :
نزلت في علي والعباس رضي اللّه عنهما بما تكلما في ذلك .
وقـال ابـن جـرير: حدثني يونس , اخبرنا ابن وهب , اخبرني ابن لهيعة , عن ابي صخر, قال :سمعت محمد بن كعب القرظي يقول : افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار, وعباس بن عبدالمطلب وعلي بـن ابـي طـالب , فقال طلحة : انا صاحب البيت معي مفتاحه , ولو اشاءبت فيه . وقال العباس : انا صاحب السقاية والقائم عليها, ولو اشاء بت في المسجد, فقال على (رض ): ما ادري ما تقولان , لقد صليت الى القبلة ستة اشهر قبل الناس , واناصاحب الجهاد. فانزل اللّه عزوجل : (اجعلتم سقاية الحاج ) الاية .
4 - الحاكم الحسكاني :
عن ابي بريدة (49) عن ابيه قال : بينما شيبة والعباس يتفاخران اذ مر بهما علي بن ابي طالب فقال :
فـيماذاتفاخران ؟ فقال العباس : يا علي لقد اوتينا من الفضل ما لم يؤت احد. فقال : وما اوتيت ياعباس ؟ قال : اوتيت سقاية الحاج . فقال : ما تقول انت يا شيبة ؟ قال : قد اعطيت عمارة المسجد الحرام فقال لهما علي : استحييت لكما يا شيخان فقد اوتيت على صغري ما لم تؤتيا [ه ] . فقالا: وما اوتيت يا علي ؟ قال :
ضربت خراطيمكما بالسيف حتى آمنتما باللّه ورسوله [ فقام ] العباس مغضبا [ يجر ذيله ] حتى دخل عـلى رسول اللّه (ص ) فقال له النبي : ما وراءك يا عباس ؟ فقال : [ اما ترى الى ما ] استقبلني به هذا؟ قـال : ومـن ذاك ؟فقال : علي بن ابي طالب . فقال : ادعوا لي عليا. فدعي فقال له : يا علي ما الذي حملك عـلـى ما استقبلت به عمك ؟ فقال : يا رسول اللّه صدمته بالحق ان غلظت له انفا فمن شاءفليغضب ومن شـاء فـلـيـرض اذ نزل جبرئيل فقال : يا محمد ان ربك يقراك السلام ويقول :اتل عليهم هذه الاية :
(اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الاخر وجاهد في سبيل اللّه لا يستوون عند اللّه ), فقال العباس : انا رضينا ثلاث مرات .
لفت نظر ان الـحـديث الذي اخرجه الامام الطبري تحت هذه الاية , ونقله عنه المفسرون وغيرهم من رجال الـتـصانيف لمما يعارض حديث اسبقيته (ع ) الى الاسلام والصلاة , كما اخرجه المؤرخون من اهل الاخـبـار والـسـيـر وحفاظ السنن في تراجمهم و مسانيدهم وتواريخهم ,كحديث عفيف الكندي , وحـديـث صـلاتـه قـبـل الناس بخمس سنين . وفي رواية بتسع سنين . وفي اخرى وهي في اغلب الروايات بسبع سنين .
عـلـى ان حـديث الطبري السالف ذكره قريبا, انه (ع ) صلى قبل الناس بستة اشهر, وهذاخلاف ما ذكـره اولـئك الاعـلام , ومـا سجلوه في زبرهم وتاليفهم , كمسند الامام احمد,ومستدرك الحاكم الـنـيـسـابوري , واصابة ابن حجر العسقلاني , واستيعاب ابن عبدالبرحافظ المغرب , وخصائص النسائي , ورياض المحب الطبري , وكامل ابن الاثير, وسيرة الحلبي , ومواهب القسطلاني , وشرح ابـن ابـي الـحـديـد, وتاريخ ابن كثير, وغيرهم من اعيان الحفاظ الاعاظم , وقادة السنن الشريفة الاكارم , وكما هو مسجل في مقتطفاتنا من المجلد الاول نقلا عنهم . واللّه اعلم بالصواب .
5 - شرف الدين الموسوي :
قـال فـي الـتـعـلـيـقـات مـن الـمـراجـعة 12 من كتابه المراجعات [ص 48 ط. المجمع العالمي لاهل البيت (ع )]: نزلت هذه الاية في علي وعمه العباس وطلحة بن شيبة , وذلك انهم افتخروا,فقال طلحة : انا صاحب البيت بيدي مفاتيحه , والي ثيابه . وقال العباس : انا صاحب السقاية والقائم عليها. وقال علي : [ما ادري ما تقولان , لقد صليت ستة اشهر قبل الناس ,وانا صاحب الجهاد], فانزل اللّه تعالى هذه الاية . هذا ما نقله الامام الواحدي في معنى الاية من كتاب اسباب النزول , عن كل من الحسن البصري والشعبي والقرظي , ونقل عن ابن سيرين , ومرة الهمداني : ان عليا قال للعباس : الا تهاجر؟ الا تلحق بـالـنـبـي (ص )؟فـقـال : الست في افضل من الهجرة ؟ الست اسقي حاج بيت اللّه ؟ واعمر المسجد الحرام ؟فنزلت الاية .
6 - الاميني :
قـال فـي غـديـره [2: 53 - 54]: اخـرج الطبري في تفسيره [10 : 59] باسناده عن انس انه قال :قعد العباس وشيبة بن عثمان صاحب البيت يفتخران , فقال له العباس : انا اشرف منك , اناعم رسول اللّه (ص ) ووصـي ابيه , وساقي الحجيج , فقال شيبة : انا اشرف منك , انا امين اللّه على بيته وخازنه , افلا ائتمنك كما ائتمنني , فهما على ذلك يتشاجران حتى اشرف عليهماعلي , فقال له العباس : ان شيبة فـاخرني فزعم انه اشرف مني , فقال : فما قلت له يا عماه ؟قال : قلت : انا عم رسول اللّه ووصي ابيه وسـاقي الحجيج , انا اشرف منك , فقال (ع ) لشيبة :ما قلت انت يا شيبة ؟ قال : قلت : انا اشرف منك , انا امـين اللّه على بيته وخازنه , افلاائتمنك كما ائتمنني , قال : فقال لهما(ع ): [اجعلاني معكما فخرا].
قـالا: نـعـم . قـال : فـانا اشرف منكما, انا اول من آمن بالوعيد من ذكور هذه الامة وهاجر وجاهد, فـانطلقوا ثلاثتهم الى النبي (ص ) فاخبر كل واحد منهم بمفخره , فما اجابهم النبي بشي ء فانصرفوا عـنـه , فـنـزل جـبـرئيـل (ع ) بـالوحي بعد ايام فيهم , فارسل النبي اليهم ثلاثتهم حتى اتوه , فقرا عليهم :(اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الاخر)(50).
وحـديـث هذه المفاخرة ونزول الاية فيها اخرجه كثير من الحفاظ والعلماء مجملا ومفصلامنهم :
الواحدي في اسباب النزول [ص 182] نقلا عن الحسن والشعبي والقرظي . والقرطبي في تفسيره [8: 91] عـن السدي , والرازي في تفسيره [4: 422] والخازن في تفسيره [2: 221]قال : وقال الـشعبي ومحمد بن كعب القرظي : نزلت في علي بن ابي طالب , والعباس بن عبدالمطلب , وطلحة بن ابي شيبة الى آخر الحديث .
ومـنـهـم : ابـو الـبـركـات الـنـسـفـي فـي تـفسيره [2: 221] والحموئي في الفرائد في الباب الـواحـدوالاربـعـيـن بـاسـناده عن انس . وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة [ص 123] من طـريـق الـواحـدي عـن الحسن والشعبي والقرظي وجمال الدين محمد بن يوسف . والزرندي في نظم درر السمطين , والكنجي الشافعي في الكفاية [ص 113] من طريق ابن جرير, وابن عساكرعن انـس بلفظه المذكور. وابن كثير الشامي في تفسيره [2:341] عن الحافظ عبد الرزاق باسناده عن الشعبي , والسيوطي في الدر المنثور [3: 218] من طريق ابن مردويه عن ابن عباس .
7 - الصفوري :
روى فـي كـتـابـه نـزهـة الـمجالس [2: 242, وفي طبعة اخرى 209] نقلا عن كتاب شوارد الملح وموارد المنح : ان العباس وحمزة رضي اللّه عنهما تفاخرا, فقال حمزة : انا خير منك لاني على عـمارة الكعبة , وقال العباس : انا خير منك لاني على سقاية الحاج , فقالا: نخرج الى الابطح ونتحاكم الى اول رجل نلقاه . فوجدا عليا(رض ), فتحاكما على يديه , فقال علي :[انا خير منكما, لاني سبقتكما الى الاسلام ], فاخبر النبي (ص ) بذلك , فضاق صدره لافتخاره على عميه , فانزل اللّه تصديقا لكلام علي وبيانا لفضله , [اجعلتم سقاية الحاج )الاية . راجع الغدير [2: 55].

المبحث السابع عشر

في قوله عزوجل : ( سلام على آل ياسين ) [الصافات : 130].
تعددت الاقوال في تفسير معنى (آل ياسين ) في التفاسير, فمنهم من يقول المعني به , هوالياس النبي , وهـي في لغة بني اسد. ولكن القائل بهذا لم يبين ما وجه الحكمة في التحول الى لغة بني اسد في هذه الاية دون غيرها, على ان القرآن نزل على لسان قريش , ومنهم من يقول : هو جمع الياس ويراد بذلك اصحابه , الى غير ذلك من الاقوال . ومن خلال تلك الاقوال المختلفة قول من قال : المراد بال ياسين هم آل محمد(ص ), واليك ممن ذكر ذلك في تفاسيرهم :
1 - الطبري :
قال في تفسيره جامع البيان [10: 524] بعد ان ذكر مختلف الاقوال والقراءات : وقرا ذلك عامة قراء الـمـديـنـة : سلام على آل ياسين , بقطع آل من ياسين , فكان بعضهم يتاول ذلك بمعنى : سلام على آل محمد.
2 - النيسابوري :
قـال فـي تفسيره غرائب القرآن المطبوع بهامش الطبري [23: 72] بعد ما فسر معنى الايات التي قبلها: وباقي القصة ظاهر الا قول (آل ياسين ), وذكر اقوالا ثلاثة , احدها: آل محمد(ص ).
3 - الطبرسي :
قـال في تفسيره مجمع البيان [4: 589] في قوله تعالى : (سلام على آل ياسين ): قال ابن عباس : آل ياسين آل محمد(ص ), وياسين من اسمائه , ثم قال : ومن قرا: الياسين ارادالياس ومن تبعه .
لـعـل مـن قال بذلك لهم قاعدة خاصة لجمع علم اعجمي بالياء والنون في محل الخفض كجمع مذكر سالم .
ثم قال : وقيل يس اسم سورة , فكانه قال : سلام على من آمن بكتاب اللّه تعالى والقرآن الذي هو: يس .
4 - الشوكاني :
قـال في تفسيره فتح القدير [4: 409]: قرا نافع , وابن عامر, والاعرج وشيبة . (على آل ياسين ), باضافة آل بمعنى آل ياسين , وقرا الباقون بكسر الهمزة وسكون اللام موصولة بياسين , الا الحسن , فـانـه قـرا [الـياسين ] بادخال آلة التعريف على ياسين , قيل المراد على هذه القراءات كلها: الياس , وعـلـيـه وقـع التسليم , ولكنه اسم اعجمي , والعرب تضطرب في هذه الاسماء الاعجمية ويكثر تغييرهم لها.
قـال ابـن جـني : العرب تتلاعب بالاسماء الاعجمية تلاعبا, فياسين , والياس , والياسين شي ء واحد.
وقال الكلبي : المراد بال ياسين آل محمد(ص ).
ولـعل البعض من الناس من يقدس اللّه عن ان يتتابع بما تتلاعب به العرب في اقوالهم حتى ينزل قوله العظيم المقدس به تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
ثم قال اخيرا من تفسير هذه الاية : قال الكلبي : المراد بال ياسين آل محمد(ص ).
5 - ابن كثير:
قـال فـي تـفسيره [4: 20 - 22] في تفسير معنى هذه الاية : سلام على الياسين كما يقال اسماعيل اسماعين , وهي لغة بني اسد.
ويا ليت القائل بهذا القول على فرض صحته يبين بما في وراء هذا التناقل من الحكمة , حتى نقلت الاية مـن لـغة قريش الى لغة بني اسد, الى ان قال في الاخير من تفسير هذه الاية :وآخرون اي يقراون قوله تعالى : (سلام على آل ياسين ) يعني : آل محمد(ص ).
6 - الموسوي :
قـال في التعليقات من كتابه المراجعات [ص 49 من المراجعة - 12 -]: هذه الاية الثالثة من الايات التي اوردها ابن حجر في كتابه الصواعق في الباب [11] من الفصل الاول , الاية الثالثة [ص : 88 - 89] ونـقـل عـنـه جـمـاعـة مـن الـمفسرين عن ابن عباس القول : بان المراد بها,السلام على آل مـحمد(ص ). قال ابن حجر: وكذا قال الكلبي , الى ان قال : وذكر الفخرالرازي -اي في تفسيره -:
ان اهـل بيته يساوونه في خمسة اشياء: في السلام , قال : السلام عليك ايها النبي , وقال : (سلام على آل ياسين ). وفي الصلاة عليه وعليهم في التشهد.وفي الطهارة , قال اللّه تعالى : (طه ) اي : يا طاهر, وقال : (ويطهركم تطهيرا). وفي تحريم الصدقة . وفي المحبة , قال تعالى : (فاتبعوني يحببكم اللّه ) وقال : (قل لا اسالكم عليه اجراالا المودة في القربى ). انتهى .
وقـد اتـفـقـت جماعة من اعلام القوم على ذكر هذا المعنى عند تفسيرهم هذه الاية الكريمة .كما ذكرهم العلامة نور اللّه الحسيني في كتابه احقاق الحق وازهاق الباطل [9:127] منهم :
1 - ابـن المغازلي , وهو العلامة الفقيه المحدث الحافظ ابو بكر بن احمد بن علي بن ثابت البغدادي , المتوفى سنة (483) في كتابه [المناقب ] على ما في مناقب الشيخ عبداللّه الشافعي .
2 - الزرندي , وهو العلامة جمال الدين محمد بن يوسف , المتوفى سنة (750) في كتابه [نظم درر السمطين ] [ص 94 مطبعة القضاء].
3 - المحلي , وهو العلامة حميد بن احمد المحلي في كتابه [الحدائق الوردية ].
4 - النويري , وهو العلامة احمد بن عبد الوهاب في كتابه [نهاية الادب ].
5 - الـسـيـد محمد صديق حسن خان , وهو ملك [بهوبال ] في كتابه [فتح البيان [ ]8: 78 ط.بولاق بمصر].
6 - الحافظ ابن مردويه على ما في [مفتاح النجا] [ص 16].
7 - الرازي في تفسيره [26: 162 ط . مصر].
8 - القرطبي في تفسيره [الجامع لاحكام القرآن ] [15: 119 ط. القاهرة ].
9 - ابو حيان في تفسيره [البحر المحيط] [7: 373 ط. السعادة بمصر].
10 - ابن كثير في تفسيره [4: 20 ط. مصر].
11 - السيوطي في تفسيره [الدر المنثور] [5: 286 ط. مصر].
12 - الالوسي في تفسيره [روح المعاني ] [23: 129].
13 - الكشفي في كتابه [المناقب المرتضوية ] [ص 25 ط . بمبي ].
14 - العسقلاني في كتابه [لسان الميزان ] [6: 125 ط. حيدر آباد].
15 - الهيثمي في كتابه [مجمع الزوائد] [6: 174 ط. القدسي بالقاهرة ].
16 - القندوزي في كتابه [ينابيع المودة ] [ص 7 ط. اسلامبول ].
17 - الحبيب ابو بكر بن شهاب الدين في كتابه [رشفة الصادي ] [ص 24 ط. مصر].

المبحث الثامن عشر

فـي قـوله تعالى : (ان تتوبا الى اللّه فقد صغت قلوبكما وان تظاهرا عليه فان اللّه هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ) [التحريم : 4].
ذكر في كتب التفسير من بين اقوال المتاولين والمفسرين , بان المراد بصالح المؤمنين في هذه الاية الشريفة هو اميرهم ويعسوبهم , اعني الامام عليا(ع ), كما دلت على ذلك اكثرالاخبار والاثار. واما سـبب نزولها فاصح الروايات ما اثبته اهل التاويل والتفسير على انها انزلت مع ثلاث آيات قبلها, من اول سـورة الـتحريم في امي المؤمنين وهما: حفصة وعائشة , كما ناتي بالروايات في ذلك فيما يلي قـريـبـا بـعد ذكر ما نحن بصدده . وذلك فيمن يراد به من قوله : (صالح المؤمنين ). وممن ذكره من المفسرين في تفاسيرهم وتاليفهم :
1 - الطبرسي :
قـال فـي تـفسيره [مجمع البيان ] [5: 401 ط . مؤسسة التاريخ العربي بيروت ]: ووردت الرواية مـن طـرق الـخـاص والـعـام ان المراد بصالح المؤمنين امير المؤمنين علي (ع ) وهو قول مجاهد, وفـي كـتـاب [شـواهـد الـتنزيل ](51) بالاسناد عن سدير الصيرفي عن ابي جعفر(ع ) قال : لقد عـرف رسول اللّه (ص ) عليا(ع ) اصحابه مرتين . اما مرة فحيث قال : من كنت مولاه فعلي مولاه .واما الـثـانـية فحيث نزلت هذه الاية : (فان اللّه هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ) الاية ,اخذ رسول اللّه (ص ) بـيد علي (ع ) فقال : [ايها الناس , هذا صالح المؤمنين ], وقالت اسماءبنت عميس رضي اللّه عنها: سمعت ان النبي (ص ) يقول : [وصالح المؤمنين علي بن ابي طالب ].
سبب النزول :
وامـا سبب نزول هذه الاية والتي قبلها من الايات الثلاثة وهن : (يا ايها النبي لم تحرم مااحل اللّه لك تـبـتـغي مرضات ازواجك واللّه غفور رحيم # قد فرض اللّه لكم تحلة ايمانكم واللّه مولاكم وهو العليم الحكيم # واذ اسر النبي الى بعض ازواجه حديثا فلمانباءت به واظهره اللّه عليه عرف بعضه واعرض عن بعض فلما نباءها به قالت من انباك هذا قال نباني العليم الخبير), فقد قال الطبرسي كما فـي الـمـصدر نفسه [ص 398]: اختلفت اقوال المفسرين في سبب نزول الايات , فقيل : ان رسول اللّه (ص ) كان اذا صلى الغداة يدخل على ازواجه امراة امراة , وكان قد اهديت لحفصة بنت عمر بن الـخـطـاب عـكة من عسل , فكانت اذا دخل عليها رسول اللّه (ص ) حبسته وسقته منها, وان عائشة انـكـرت احـتـبـاسـه عـنـدهـا, فـقالت لجويرية حبشية عندها: اذا دخل رسول اللّه (ص ) على حـفصة فادخلي عليها فانظري ماذا تصنع , فاخبرتها الخبر وشان العسل , فغارت عائشة وارسلت الى صواحبها واخبرتهن وقالت : اذا دخل عليكن رسول اللّه (ص ) فقلن : انانجد منك ريح المغافير. [وهو صمغ العرفط كريه الرائحة ].
وكـان رسول اللّه (ص ) يكره ويشق عليه ان يوجد منه ريح غير طيبة لانه ياتيه الملك .قال : فدخل رسـول اللّه عـلـى سودة , قالت : فما اردت ان اقول ذلك لرسول اللّه (ص ), ثم اني فرقت من عائشة فـقلت : يا رسول اللّه , ما هذا الريح التي اجدها منك ؟ اكلت المغافير؟فقال : [لا, ولكن حفصة سقتني عـسـلا], ثم دخل على ازواجه امراة امراة وهن يقلن له ذلك . فدخل على عائشة فاخذت بانفها, فقال لـهـا: مـا شانك ؟ قالت : اجد ريح المغافير,اكلتها يا رسول اللّه ؟ قال : [لا, بل سقتني حفصة عسلا], فقالت : جرست اذن نحلهاالعرفط, فقال (ص ): [واللّه لا اطعمه ابدا], فحرمه على نفسه .
وقـيل : ان التي كانت تسقي رسول اللّه (ص ) العسل ام سلمة , عن عطاء بن ابي مسلم ,وقيل : بل كانت زينب بنت جحش . قالت عائشة : ان رسول اللّه (ص ) كان يمكث عندزينب بنت جحش ويشرب عندها عـسـلا. فتواطات انا وحفصة , ايتنا دخل عليهاالنبي (ص ) فلتقل : اني اجد منك ريح المغافير, اكلت المغافير؟ فدخل على احداهما فقالت له ذلك , فقال (ص ): [لا, بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن اعود اليه ]. فنزلت الايات .
وقـيل : ان رسول اللّه (ص ) قسم الايام بين نسائه , فلما كان يوم حفصة قالت : يا رسول اللّه ان لي الى ابي حاجة فاذن لي ازوره , فاذن لها, فلما خرجت ارسل رسول اللّه (ص )الى جاريته مارية القبطية , وكـان قـد اهـداهـا لـه المقوقس فادخلها بيت حفصة فوقع عليها,فاتت حفصة فوجدت الباب مغلقا, فجلست عند الباب , وخرج رسول اللّه (ص ) ووجهه يقطر عرقا, فقالت حفصة : انما اذنت لي من اجل هـذا, ادخـلـت امـتـك بـيـتـي ثم وقعت عليهافي يومي وعلى فراشي , اما ما رايت لي حرمة وحقا, فقال (ص ): [اليس هي جاريتي ؟ قداحل اللّه ذلك لي , اسكتي فهو حرام علي التمس ذلك رضاك , فلا تخبري بهذا امراة منهن ,وهو عندك امانة ].
فـلـما خرج رسول اللّه (ص ) قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة , فقالت : الاابشرك ؟ ان رسـول اللّه قـد حـرم عـلـيـه امته مارية , وقد اراحنا اللّه منها, واخبرت عائشة بما رات , وكانتا مـتـصـافيتين متظاهرتين على سائر ازواجه , فنزلت : (يا ايها النبي لم تحرم ما احل اللّه لك ) فطلق حفصة واعتزل سائر نسائه تسعة وعشرين يوما, وقعد في مشربة ام ابراهيم مارية , حتى نزلت آية التخيير. عن قتادة والشعبي ومسروق .
وقـيـل : ان النبي (ص ) خلا في يوم لعائشة مع جاريته ام ابراهيم مارية القبطية , فوقفت حفصة على ذلك , فقال لها رسول اللّه (ص ): لا تعلمي عائشة ذلك , وحرم مارية على نفسه , فاعلمت حفصة عائشة الخبر, واستكتمتها اياه , فاطلع اللّه نبيه (ص ) على ذلك ,وهو قوله تعالى : (واذا اسر النبي الى بعض ازواجه حديثا) يعني : حفصة .
2 - الشوكاني :
قـال فـي تـفـسـيره [فتح القدير] [5: 252 - 253] في قوله : (وصالح المؤمنين ): واخرج ابن ابـي حـاتـم , قـال السيوطي بسند ضعيف , عن علي مرفوعا, قال : هو علي بن ابي طالب , واخرج ابن مـردويـه عن اسماء بنت عميس قالت : سمعت رسول اللّه (ص ) يقول : [وصالح المؤمنين علي بن ابي طالب ].
واخـرج ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس في قوله : (وصالح المؤمنين ) قال هو:علي بن ابي طالب .
ثـم ذكـر الـشـوكـانـي فـي [ص 252] الـسـبـب فـي نـزول الايـات من الروايات المختلفة ما سجلهاالمفسرون في تفاسيرهم [الى ان قال ]: واما ما ثبت في الصحيحين وغيرهما ان ابن عباس سال عـمر بن الخطاب عن المراتين اللتين تظاهرتا على رسول اللّه (ص ) فاخبره انهماعائشة وحفصة .
ثم ذكر مختلفات الاقوال في الموضوع فقال اخيرا: ويؤيد هذا ما قدمناعن ابن عباس انه قال لعمر:
من المراتان اللتان تظاهرتا على رسول اللّه ؟ فاخبره بانهماعائشة وحفصة , وبين له ان السبب قصة مارية . هذا ما تيسر من تلخيص سبب نزول الاية , ودفع الاختلاف في شانه , فاشدد عليه يديك لتنجو به من الخبط والخلط الذي وقع للمفسرين .
ثـم قـال : واخـرج ابن عدي , وابو نعيم في الصحابة والعشاري في [فضائل الصديق ] وابن مردويه وابن عساكر من طرق , عن علي وابن عباس . قال : واللّه ان امارة ابي بكر وعمرلفي الكتاب , وذلك :
(واذ اسـر النبي الى بعض ازواجه حديثا) قال (ص ) لحفصة : [ابوك وابو عائشة واليا الناس بعدي , فاياك ان تخبري احدا بهذا].
قلت : وهذا ليس فيه انه سبب نزول قوله تعالى : (يا ايها النبي لم تحرم ما احل اللّه لك ).
3 - ابن كثير:
قـال فـي تـفـسـيـره [4: 389] بـعـد مـا ذكـر قـول سـعيد بن جبير, وعكرمة , ومقاتل , وابن حـيـان ,والـضـحـاك وغـيـرهـم : (وصـالـح الـمـؤمـنـيـن ) ابـو بـكـر وعمر, ثم قال : وزاد الـحـسـن الـبصري وعثمان . قال ليث بن ابي سليم عن مجاهد: (وصالح المؤمنين ) قال : علي ابن ابي طالب ,وقال ابن ابي حاتم : حدثنا علي بن الحسين , حدثنا محمد بن ابي عمر, حدثنا محمد بن جعفر بن مـحمد بن الحسين , قال : اخبرني رجل ثقة يرفعه الى علي قال : قال رسول اللّه (ص ) في قوله تعالى :
(وصالح المؤمنين ) قال : [هو علي بن ابي طالب ]. واما سبب النزول فقد ذكر الروايات اللاتي اسلفنا ذكرهن فيما مر قريبا.
ثم قال : ومما يدل على ان عائشة وحفصة هما المتظاهرتان , الحديث الذي رواه الامام احمد في مسنده حـيـث قال : حدثنا عبدالرزاق , حدثنا معمر عن الزهري عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن ابي ثور, عن ابن عباس , قال : لم ازل حريصا على ان اسال عمر عن المراتين من ازواج النبي (ص ) اللتين قال اللّه تـعالى : (ان تتوبا الى اللّه فقد صغت قلوبكما) حتى حج عمر وحججت معه , فلما كنا ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالاداوة , فتبرزثم اتاني , فسكبت على يديه فتوضا, فقلت : يا امير المؤمنين من الـمـراتـان من ازواج النبي (ص ) اللتان قال اللّه تعالى : (ان تتوبا الى اللّه فقد صغت قلوبكما)؟ فقال عـمر: واعجبا لك يابن عباس قال الزهري : كره واللّه ما ساله عنه , ولم يكتمه عنه قال : هي عائشة وحفصة (52).
واورد فـي [ص 389] ما اخرجه الشيخان من حديث يحيى بن سعيد الانصاري عن سعيدبن جبير عـن ابـن عـبـاس قال : مكثت سنة اريد ان اسال عمر بن الخطاب عن آية فمااستطيع ان اساله هيبة لـه ,حتى خرج حاجا فخرجت معه , فلما رجعنا وكنا ببعض الطريق عدل الى الاراك لحاجة له , قال :
فوقفت له حتى فرغ , ثم سرت معه فقلت : يا امير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبي (ص )؟ [هذا لـفـظ البخاري ](53) وفي لفظ مسلم : من المراتان اللتان قال اللّه تعالى : (وان تظاهرا عليه )؟ قال :
عائشة وحفصة (54).
4 - القاسمي :
قـال الـشـيـخ جـمـال الـديـن الـقاسمي في تفسيره [محاسن التاويل ] [16: 5862 ط. دار احياء الـكـتـب الـعربية مطبعة عيسى الحلبي ] في تاويل قوله تعالى : (واذ اسر النبي ) يعني : محمد(ص ) (الـى بـعـض ازواجـه ) هـي حـفـصـة , فـي قـول الـرواة : ابـن عباس , وقتادة , وزيد ابن اسلم , وابـنـه عـبـدالـرحـمن , والشعبي , والضحاك , كما نقله ابن جرير, [حديثا] وهو تحريم فتاته في قـولـهـم ,قـال ابـن جرير: او ما حرم (ص ) على نفسه مما كان اللّه جل ثناؤه قد احله له , وقوله :
لاتـذكري ذلك لاحد, (فلما نبات به ) اي اخبرت بالسر صاحبتها, اي عائشة . (واظهره اللّه عليه ) اي اطلعه على تحديثها به , (عرف بعضه ) اي عرفها بعض ما افشته معاتبا(واعرض عن بعض ) اي :
بـعـض الـحديث تكرما (فلما نباها به قالت من انباك هذا قال نباني اللطيف الخبير) اي الذي لا تخفى عليه خافية .
ثـم قال القاسمي : وحكى الزمخشري عن سفيان قال : ما زال التغافل من فعل الكرام . ثم اشار تعالى الى غضبه لنبيه صلوات اللّه عليه , مما اتت به من افشاء السر الى صاحبتها,ومن مظاهرتهما على ما يقلق راحته , وان ذلك ذنب تجب التوبة منه , [اي على عائشة وحفصة ] بقوله سبحانه وتعالى : (ان تتوبا الى اللّه فقد صغت قلوبكما) الى آخر الاية [التحريم : 4](55).
5 - ابن شهر آشوب :
قـال في مناقبه [3: 75 - 77] عن تفسير ابي يوسف يعقوب بن سفيان النسوي , والكلبي ,ومجاهد, وابـي صـالح , والمغربي , عن ابن عباس : انه رات حفصة النبي في حجرة عائشة مع مارية القبطية , قال (ص ): [اتكتمين على حديثي ؟] قالت : نعم , قال : [فانها علي حرام ],ليطيب قلبها, فاخبرت عائشة وبـشـرتـها من تحريم مارية , فكلمت عائشة النبي (ص ) في ذلك , فنزل : (واذ اسر النبي الى بعض ازواجـه حـديثا) الى قوله تعالى : (هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ) قال ابن عباس : واللّه علي , واللّه حسبه والملائكة بعد ذلك ظهير.
واخرج البخاري وابو يعلى الموصلي قال ابن عباس : سالت عمر بن الخطاب عن المتظاهرتين , قال :
حفصة وعائشة .
وعـن السري عن ابي مالك عن ابن عباس وابي بكر الحضرمي عن ابي جعفر(ع )والثعلبي بالاسناد عـن موسى بن جعفر(ع ) وعن اسماء بنت عميس عن النبي (ص ) قال :وصالح المؤمنين : علي بن ابي طالب . رواه ابو نعيم الاصفهاني بالاسناد عن اسماء بنت عميس , وابن عباس عن النبي (ص ) قال : [ان عـلـيا باب الهدى بعدي , والداعي الى ربي ,وهو صالح المؤمنين , ومن احسن قولا ممن دعا الى اللّه وعمل صالحا ].
وقال امير المؤمنين على المنبر: انا اخو المصطفى خير البشر, من هاشم سنامه الاكبر, ونباعظيم جرى به القدر, وصالح المؤمنين مضت به الايات والسور.
قـال ابـن شـهـرآشوب , واذا ثبت انه صالح المؤمنين , فينبغي كونه اصلح من جميعهم بدلالة العرف والاستعمال , كقولهم : فلان عالم قومه , وشجاع قبيلته .
قال الناشي :
اذ اسر النبي فيه حديثا ----- عند بعض الازواج ممن يليه نباتها به واظهره اللّه ----- عليه وجاء من قبل فيه يسال المصطفى فيعرف بعضا ----- بعد ابطان بعضه يستحيه وغدا يعتب اللتين بقصد ----- ابديا سره الى حاسديه فابى اللّه ان يتوبا الى اللّه ----- فقد صاغ قلب من يتقيه او تحيا تظاهرا فهو مولاه ----- وجبريل ناصر في ذويه ثم خير الورى اخوه علي ----- ناصر المؤمنين من ناصريه 6 - الحاكم النيسابوري :
قال في كتابه المستدرك [2: 493]: حدثني ابو عبد اللّه محمد بن احمد بن بطة الاصبهاني ,حدثنا عبداللّه بن محمد بن زكريا الاصبهاني , حدثنا محمد بن بكير الحضرمي , حدثناسليمان بن المغيرة , حدثنا ثابت عن انس (رض ) ان رسول اللّه (ص ) كانت له امة يطاها,فلم تزل به عائشة وحفصة حتى جـعـلها على نفسه حراما, فانزل اللّه هذه الاية : (يا ايهاالنبي لم تحرم ما احل اللّه لك تبتغي مرضات ازواجك ), [هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ].

المبحث التاسع عشر

في قوله تعالى : (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) [الشورى : 23].
ان مـمـا ذكره الاعلام من المفسرين والمحدثين في تفاسيرهم ومصنفاتهم ان معنى الحسنة في هذه الاية الشريفة هي : المودة لال محمد(ص ) وممن ذكر ذلك في كتبهم :
1 - الطبرسي :
قـال فـي تـفسيره مجمع البيان [5: 39 ط . مؤسسة التاريخ العربي - بيروت ]: وذكر ابو حمزة الثمالي عن السدي قال : ان اقتراف الحسنة المودة لال محمد(ص ). وصح عن الحسن بن على (ع )انه خـطب الناس فقال في خطبته : [انا من اهل البيت الذي افترض اللّه مودتهم على كل مسلم , فقال : (قل لا اسالكم عليه اجرا الا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا), فاقتراف الحسنة مودتنا اهل البيت ].
2 - الشوكاني :
قال في تفسيره فتح القدير [4: 534 ط . الحلبي واولاده ] بعد ان يفسر لفظ (يقترف ) والمعنى :من يـكـتسب حسنة نزد هذه الحسنة حسنا بمضاعفة ثوابها. قال مقاتل : المعنى من يكتسب حسنة واحدة نـزد لـه فـيها حسنا, نضاعفها بالواحدة عشرا فصاعدا, وقيل :المراد بهذه الحسنة هي : المودة في القربى , والحمل على العموم اولى , ويدخل تحته المودة في القربى دخولا اوليا.
3 - الزمخشري :
قـال فـي تـفـسـيره الكشاف [4: 221]: (ومن يقترف حسنة ) عن السدي انها المودة في آل رسول اللّه (ص ) نزلت في ابي بكر الصديق ومودته فيهم . والظاهر: العموم في اي حسنة كانت الا انها لما ذكـرت عـقـيـب ذكـر الـمودة في القربي : دل ذلك على انها تناولت المودة تناولا اوليا, كان سائر الحسنات لها توابع .
4 - العلامة نور اللّه الحسيني :
قـد ذكـر فـي كتابه المسمى احقاق الحق وازهاق الباطل [9: 130] من ذكر هذا المعنى من رجال التصانيف والمفسرين , منهم :
1 - السيوطي في تفسيره [الدر المنثور] [4: 7 ط . مصر].
2 - المحلي في كتابه [الحدائق الوردية ].
3 - الثعلبي في تفسيره [الكشف والبيان ].
4 - ابـن الـمـغـازلـي الـشـافـعي في [المناقب ] وهو ابو الحسن علي بن محمد الجلابي المتوفى سنة (483).
5 - الزرندي الحنفي في كتابه [نظم درر السمطين ] [ص 86 مطبعة القضاء].
6 - العلامة الشيخ عبد اللّه بن طلحة الشافعي في [المناقب ].
7 - الـشـيـخ العلامة كمال الدين حسن بن معين الدين اليزدي الميبدي في كتابه [شرح ديوان امير المؤمنين ].
8 - ابن الصباغ المالكي وهو العلامة المحدث الشيخ علي بن محمد المكي في [الفصول المهمة ] [ص 11 ط . النجف ].
9 - البدخشي وهو العلامة ميرزا محمد بن معتمد خان في [مفتاح النجا في مناقب آل العبا].
10 - الالوسي في تفسيره [روح المعاني ] [25 : 31 ط . مصر].
11 - الـعلامة الشيخ سليمان بن الشيخ ابراهيم الحسيني البلخي القندوزي الحنفي في ينابيع المودة [ص 118 ط . اسلامبول ].
5 - الحبيب العلامة علوي بن طاهر الحداد:
قال في كتابه القول الفصل [1: 486 ط . جاوا]: قال السمهودي : وقد يستشهد له بما اخرجه الثعلبي في تفسيره من طريق السدي عن ابي مالك عن ابن عباس (رض ) قال : (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا), قال : هي المودة لال محمد(ص ).
6 - النبهاني :
قال في كتابه [الشرف المؤبد لال محمد] [ص 174 طبعة 2 مطبعة الحلبي واولاده بمصر]: اخرج ابن ابي حاتم عن ابن عباس (رض ) في قوله تعالى : (ومن يقترف حسنة ) قال : المودة لال محمد, وعنه عن النبي (ص ) انه قال : [احبوا اللّه لما يغذوكم به , واحبوني بحب اللّه , واحبوااهل بيتي بحبي ].
وعـن ابـن مسعود(رض ): حب آل محمد يوما خير من عبادة سنة . وعن ابي هريرة عن النبي (ص ) قال : [خيركم خيركم لاهلي من بعدي ].
واخـرج ابـن الـنجار في تاريخه عن الحسن بن علي (رض ) قال : قال رسول اللّه (ص ): [لكل شي ء اساس , واساس الاسلام حب اصحاب رسول اللّه وحب اهل بيته ].
واخـرج الـطبراني عن ابن عباس (رض ): قال رسول اللّه (ص ): [لا تزول قدما عبد حتى يسال عن اربع : عن عمره فيم افناه , وعن جسده فيم ابلاه , وعن ماله فيم انفقه ومن اين اكتسبه وعن حبنا اهل البيت ], الى غير ذلك من الاحاديث الواردة في هذاالموضوع .
وقد ذكرها بهذا المعنى ابن شهاب الدين في كتابه رشفة الصادي [ص 23 ط.القاهرة ].
7 - ابن شهر آشوب :