وقـال : حـدثنا ابن وكيع , قال : حدثنا محمد بن بشر. عن زكريا, عن مصعب بن شيبة , عن صفية بنت شـيـبـة , قـالت : قالت عائشة : خرج النبي (ص ) ذات غداة وعليه مرط مرجل من شعر اسود, فجاء الـحـسـن فـادخـله معه (72), ثم قال : (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا).
وقـال : حـدثنا ابن وكيع قال : حدثنا محمد بن بكر, عن حماد بن سلمة , عن علي بن زيد,عن انس ان النبي (ص ) كان يمر ببيت فاطمة ستة اشهر, كلما خرج الى الصلاة فيقول :الصلاة اهل البيت . (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا).
وقال : حدثني موسى بن عبدالرحمن المسروقي , قال : حدثنا يحيى بن ابراهيم بن سويدالنخعي , عن هلال ((يعني ابن مقلاص )) عن زبيد عن شهر بن حوشب . عن ام سلمة قالت : كان النبي (ص ) عندي وعلي وفاطمة والحسن والحسين , فجعلت لهم خزيرة ,فاكلوا وناموا وغطى عليهم عباءة او قطيفة , ثم قال : ((اللهم هؤلاء اهل بيتي اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)).
وقال : حدثنا ابن وكيع . قال : حدثنا ابو نعيم , قال : حدثنا يونس بن ابي اسحاق قال :اخبرني ابو داود, عـن ابـي الحمراء قال : رابطت المدينة سبعة اشهر على عهد النبي (ص ).قال : رايت النبي (ص ) اذا طلع الفجر جاء الى باب علي وفاطمة فقال : الصلاة الصلاة ,(انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا).
وقـال : حـدثني عبد الاعلى بن واصل . قال : حدثنا الفضل بن دكين . قال : حدثنا عبدالسلام بن حرب , عـن كـلـثوم المحاربي , عن ابي عمار قال : اني جالس عند واثلة بن الاسقع ,اذ ذكروا عليا(رض ) فشتموه , فلما قاموا قال : اجلس حتى اخبرك عن هذا الذي شتموا:اني عند رسول اللّه (ص ) اذ جاءه عـلـي وفـاطمة وحسن وحسين , فالقى عليهم كساء له ثم قال : ((اللهم هؤلاء اهل بيتي , اللهم اذهب عـنـهم الرجس وطهرهم تطهيرا)). قلت : يارسول اللّه عندي .
وقـال : حـدثني عبدالكريم بن ابي عمير, قال : حدثنا الوليد بن مسلم , قال : حدثنا ابو عمروقال : ثني شـداد ابـو عـمار, قال : سمعت واثلة بن الاسقع يحدث , قال : سالت عن علي بن ابي طالب في منزله , فقالت فاطمة . قد ذهب ياتي برسول اللّه (ص ) اذ جاء, فدخل رسول اللّه (ص ) ودخلت . فجلس رسول اللّه (ص ) عـلى الفراش , واجلس فاطمة عن يمينه ,وعليا عن يساره وحسنا وحسينا بين يديه , فلفع عليهم بثوبه وقال : (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا), اللهم هؤلاء اهـلـي , اللهم اهلي احق )). قال واثلة : فقلت من ناحية البيت : وانا يا رسول اللّه من اهلك ؟ قال : وانت من اهلي . قال واثلة : انها لمن ارجى ما ارتجي .
وقال : حدثني ابو كريب . قال : حدثنا وكيع , عن عبدالحميد بن بهرام , عن شهر بن حوشب عن فضيل بـن مـرزوق , عن عطية , عن ابي سعيد الخدري , عن ام سلمة قالت : لمانزلت هذه الاية : (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا)دعا رسول اللّه (ص ) عليا وفاطمة وحسنا وحـسـيـنـا, فـجـلل عليهم كساء خيبريا فقال :((اللهم هؤلاء اهل بيتي , اللهم اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)). قالت ام سلمة :الست منهم ؟ قال : ((انت الى خير)).
وقـال : حـدثـنـا ابو كريب , قال : حدثنا مصعب بن المقدام , قال : حدثنا سعيد بن زربي , عن محمد بن سـيرين , عن ابي هريرة , عن ام سلمة قالت : جاءت فاطمة الى رسول اللّه (ص )ببرمة لها قد صنعت فـيـها عصيدة تحلها على طبق فوضعته بين يديه , فقال : اين ابن عمك وابناك ؟ فقالت : في البيت . فقال :
ادعيهم , فجاءت الى علي فقالت : اجب النبي (ص ) انت وابناك . قالت ام سلمة : فلما رآهم مقبلين مد يده الـى كـسـاء كان على المنامة , فمده وبسطه واجلسهم عليه . ثم اخذ باطراف الكساء الاربعة بشماله , فـضـمـه فوق رؤوسهم واوما بيده اليمنى الى ربه , فقال : ((هؤلاء اهل البيت فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)).
وقـال : حـدثـنا ابن حميد, قال : حدثنا عبداللّه بن عبدالقدوس , عن الاعمش , عن حكيم بن سعد قال :
ذكرنا علي بن ابي طالب (رض ) عند ام سلمة قالت : فيه نزلت : (انما يريداللّه ليذهب عنكم الرجس اهـل البيت ويطهركم تطهيرا). قالت ام سلمة : جاءالنبي (ص ) الى بيتي فقال : لا تاذني لاحد, فجاءت فاطمة فلم استطع ان احجبها عن ابيها,ثم جاء الحسن فلم استطع ان امنعه ان يدخل على جده وامه , وجـاء الحسين فلم استطع ان احجبه , فاجتمعوا حول النبي (ص ) على بساط, فجللهم نبي اللّه بكساء كـان عـليه , ثم قال : ((هؤلاء اهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)). فنزلت هذه الاية حـيـن اجـتمعوا على البساط. قالت : فقلت : يا رسول اللّه وانا؟ قالت : فواللّه ما انعم . وقال : ((انك الى خير)).
وقـد اخـرج احـاديث في هذا الموضوع بطرق شتى غير ما ذكرناها, ثم اخرج حديثا عن عكرمة بقوله :
وقال آخرون : بل عنى بذلك ازواج الرسول (ص ). ذكر من قال ذلك , حدثنا ابن حميد,قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : ثنا الاصبغ عن علقمة قال : كان عكرمة ينادي في السوق (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا). قال : نزلت في نساءالنبي (ص ) خاصة .
لـقـد رايـنـا ويرى كل قارى كيف يخالف راي الرجل ما قد بينه بنو هذه الامة في تفسير هذه الاية الـشـريـفـة وهـو(ص ) فـي قـيـد الـحـيـاة ظـاهـر بـين ظهرانيهم , لماذا؟ وما باله لم يرض بـتـفـسـيرالرسول (ص ) وبيانه ؟ وما هو الدافع الذي اندفع به حتى غدا غائصا في السوق صائحا بان الاية نزلت في نساء النبي خاصة ؟ بلى , من عرفه فقد عرفه , ومن لم يعرفه فهو مما لا يشك فيه , بـانـه كـما قد نص عليه وصرح بسلوكه اعلام علماء الامة في كتبهم ومصنفاتهم ,كالعسقلاني في مقدمة كتابه ((فتح الباري )) وابن خلكان في ((الوفيات )) وياقوت الحموي في ((معجم الادباء)).
والـشهرستاني في ((الملل والنحل )). والسيد شرف الدين الموسوي في ((الفصول المهمة )) [ص 209 ط . النعماني - النجف ] حيث قال فيه :
هـو الـذي صـرف آية التطهير عن اهلها, وتثبت في ذلك بسياق . فقال : انها خاصة بنساءالنبي (ص ) وبـالغ فيها حتى نادى في الاسواق , كما ذكره جماعة كثيرون منهم : الواحدي في تفسيره ((اسباب النزول )), وابن حجر في كتابه ((الصواعق )). فلا عجب فانه احد الموالي الدعاة الى عداوة امير المؤمنين علي (ع ) واحد السعاة , الذي يسعى في تضليل الناس .
ويشهد على ذلك :
1 - قال يحيى بن بكير: قدم عكرمة مصر وهو يريد المغرب , فالخوارج الذين هم في المغرب عنه اخذوا.
2 - نـقل القاضي العجابي في كتاب ((الموالي )): ان عكرمة دخل في راي الحروري من الخوارج , فخرج يدعو اليهم في المغرب .
3 - عن ابي علي الاهوازي في كتاب ((معجم ياقوت الحموي )) في ترجمة عكرمة : انه يرى راي الخوارج ويميل الى الغناء. قال : وقيل انه كان يكذب على مولاه ((يعني ابن عباس )).
4 - عـن خـالد بن عمران : كنا في المغرب وعندنا عكرمة في وقت الموسم . فقال : وددت ان بيدي حـربـة فـاعـترض بها من شهد الموسم يمينا وشمالا. ((لبنائه على كفر من عدا الخوارج من اهل القبلة )).
5 - عن يعقوب الحضرمي عن جده قال : وقف عكرمة على باب المسجد فقال : ما فيه الاكافر. ثم قال يعقوب : وكان يرى عكرمة راي الاباضية ((وهم من غلاة الخوارج )).
6 - عن مصعب بن الزبير: كان عكرمة يرى راي الخوارج .
7 - عن عطاء: كان عكرمة اباضيا.
8 - عن احمد بن حنبل : ان عكرمة كان يرى راي الصفرية . ((وهم من غلاة الخوارج )).
9 - عن ابي شعيب قال : سالت محمد بن سيرين عن عكرمة . فقال : ما يسوءني ان يكون من اهل الجنة , ولكنه كذاب .
10 - عن وهيب قال : شهدت يحيى بن سعيد الانصاري وايوب فذكرا عكرمة , فقال يحيى : انه كذاب :
11 - عـن عـبـداللّه بن الحارث قال : دخلت على علي بن عبداللّه بن العباس , فاذا عكرمة في وثاق .
فـقلت : الا تتقي اللّه ؟ فقال : ان هذا الخبيث يكذب على ابي - ((راجع ميزان الاعتدال )). وفي كتاب ((المعجم )) لياقوت الحموي , عن علي بن عبد اللّه بن عباس كذلك .ونقل ايضا عن ياقوت في آخر تـرجـمـتـه ((عـكرمة )) من معجمه عن يزيد بن زناد قال :دخلت على علي بن عبداللّه بن عباس وعكرمة مقيد على باب الحش فقلت : ما لهذا كذا؟قال : انه يكذب على ابي .
12 - عـن سعيد بن المسيب : انه كذاب , وعنه ايضا انه قال لمولى له اسمه ((برد)): لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس . وكذا كان ابن عمر قال لمولاه .
13 - عـن مطرف بن عبداللّه قال : سمعت مالكا يكره ان يذكر عكرمة , ولا يرى ان يروي عنه , الا في مسالة واحدة .
14 - عن الرياشي عن الاصمعي عن نافع المدني كما في ((معجم ياقوت )): ان الناس تركواجنازته لـمـا مات , واقبلوا على جنازة كثيرة غيره . ((الى غير ذلك مما يدل على ان الرجل ساقط)) واللّه اعلم .
2 - النيسابوري :
قـال في تفسيره [22: 10] عند تفسيره معنى اهل البيت بقوله : واهل البيت : نصب على النداء او على الـمـدح , وقد مر في آية المباهلة انهم اهل العباء: النبي (ص ) لانه اصل ,وفاطمة رضي اللّه عنها.
والـحـسـن والـحـسـيـن رضي اللّه عنهما بالاتفاق . والصحيح ان عليا(رض ) منهم لمعاشرته بنت النبي (ص ) وملازمته اياه .
3 - ابن كثير:
اورد فـي تفسيره [3: 491] حديثا مسندا الى عكرمة القائل بان نزول قوله تعالى : (انما يريداللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) في حق ازواج النبي (ص ) وهن المعنيات بالاهل دون غيرهن , حتى قال مؤكدا فيما ارتاى له : من شاء باهلته انما نزلت في شان نساء النبي (ص ).
قـال ابـن كـثير: فان كان المراد انهن كن سبب النزول دون غيرهن فصحيح , وان اريد انهن المراد فـقـط دون غـيرهن ففي هذا نظر. فانه قد وردت احاديث تدل على ان المراد اعم من ذلك . فاخرج احاديث كثيرة . فلنقتصر على ما لم نذكره فيما مر.
قال في [ص 493] طريق اخرى : قال ابن ابي حاتم : حدثنا ابي , حدثنا شريح بن يونس ابوالحارث , حدثنا محمد بن يزيد, عن العوام يعني ابن حوشب عن ابن عم , قال : دخلت مع ابي على عائشة فسالتها عـن علي (رض ) فقالت : تسالني عن رجل كان من احب الناس الى رسول اللّه (ص ) وكانت تحته ابنته واحـب الـناس اليه : لقد رايت رسول اللّه (ص ) دعاعليا وفاطمة وحسنا وحسينا رضي اللّه عنهم .
فـالـقى عليهم ثوبا فقال : ((اللهم هؤلاء اهل بيتي , فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)). قالت :
فدنوت منهم فقلت : يا رسول اللّه ,وانا من اهل بيتك ؟ فقال (ص ): ((تنحي فانك على خير)).
قال زهير: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم , حدثني ابو حيان , حدثني يزيد بن حبان (73) قال :انطلقت انا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلمة الى زيد بن ارقم (رض ) فلما جلسنا اليه قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا. رايت رسول اللّه (ص ) وسمعت حديثه ,وغزوت معه , وصليت خلفه , لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا, حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللّه (ص ) ؟ قال : يابن اخي واللّه لقد كبرت سني , وقـدم عـهـدي , ونـسيت بعض الذي كنت اعي من رسول اللّه (ص ) فما حدثتكم فاقبلوا وما لا فلا تـكـلفوا فيه . ثم قال :قام فينا رسول اللّه (ص ) يوما خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة , فحمد اللّه واثـنـى عـلـيـه ووعظ وذكر. ثم قال : ((اما بعد الا ايها الناس . فانما انا بشر يوشك ان ياتيني رسـول ربـي فاجيب , وانا تارك فيكم ثقلين : اولهما كتاب اللّه تعالى , فيه الهدى والنور, فخذوبكتاب اللّه واسـتـمـسـكـوا بـه )), فحث على كتاب اللّه عزوجل ورغب فيه . ثم قال (ص ):واهل بيتي .
اذكـركـم اللّه في اهل بيتي . اذكركم اللّه في اهل بيتي ((ثلاثا)). فقال له حصين :ومن اهل بيته يا زيـد؟ الـيـس نساؤه من اهل بيته ؟ قال : نساؤه من اهل بيته (74), ولكن اهل بيته من حرم الصدقة بعده , قال : ومن هم ؟ قال : هم آل علي . وآل عقيل . وآل جعفر. وآل عباس قال : كل هؤلاء حرم الصدقة بعده ؟ قال : نعم .
ثـم رواه عـن محمد بن ريان , عن حسان بن ابراهيم , عن سعيد بن مسروق , عن يزيد بن حيان , عن زيد بن ارقم (رض ) فذكر الحديث بنحو ما تقدم , وفيه : فقلت له : من اهل بيته نساؤه ؟ قال : لا, وايم اللّه , ان المراة تكون مع الرجل العصر من الدهر. ثم يطلقها فترجع الى ابيها وقومها, اهل بيته : اهله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده .
قال ابن كثير: هكذا وقع في هذه الرواية . والاولى اولى والاخذ بها احرى . وهذه الثانية تحتمل انه اراد تـفسير الاهل المذكورين في الحديث الذي رواه انما المراد بهم آله الذين حرموا الصدقة , او انه ليس المراد بالاهل الازواج فقط, بل هم مع آله , وهذا الاحتمال ارجح , جمعا بينها وبين الرواية الـتي قبلها, وجمعا ايضا بين القرآن وبين الاحاديث المتقدمة ان صحت . فان في بعض اسانيدها نظرا واللّه اعلم .
4 - الطبرسي :
قال في تفسيره ((مجمع البيان )) [7 - 8: 356 - 357 ط . دار احياء التراث العربي - بيروت ] وقـداتـفقت الامة باجمعها على ان المراد باهل البيت في الاية : اهل بيت نبينا(ص ). ثم اختلفوا,فقال عـكـرمـة : اراد ازواج الـنبي . لان اول الاية متوجه اليهن . وقال ابو سعيد الخدري وانس بن مالك , وواثلة بن الاسقع , وعائشة , وام سلمة : ان الاية مختصة برسول اللّه (ص )وعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع ).
ثـم قـال : ذكـر ابـو حـمزة الثمالي في تفسيره : حدثني شهر بن حوشب , عن ام سلمة قالت :جاءت فـاطمة (س ) الى النبي (ص ) تحمل حريرة لها, فقال (ص ): ((ادعي زوجك وابنيك )), فجاءت بهم فطعموا, ثم القى عليهم كساء له خيبريا. فقال : ((اللهم هؤلاء اهل بيتي )).الحديث .
ثم اورد الطبرسي ما رواه الثعلبي في تفسيره بالاسناد عن ام سلمة ايضا, كما اسلفنا ذكره .ثم اورد مـا رواه الثعلبي باسناده عن مجمع قال : دخلت مع امي على عائشة , فسالتها امي :ارايت خروجك يوم الـجـمل ؟ قالت [عائشة ]: انه كان قدرا من اللّه , فسالتها عن علي فقالت : تساليني عن احب الناس كان الـى رسـول اللّه (ص ), وزوج احب الناس كان الى رسول اللّه (ص ) لقد رايت عليا وفاطمة وحسنا وحسينا(ع ) وجمع رسول اللّه (ص )بثوب عليهم , ثم قال : ((اللهم هؤلاء اهل بيتي وحامتي , فاذهب عـنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)), قالت : فقلت : يا رسول اللّه انا من اهلك ؟ قال : ((تنحي فانك الى خير)).
وروى عـن الـثـعـلبي ايضا باسناده عن ابي سعيد الخدري عن النبي (ص ) قال : نزلت هذه الاية في خمسة : في وفي علي وحسن وحسين وفاطمة (ع ).
وقـال : واخبرنا السيد ابو الحمد, قال : حدثنا الحاكم ابو القاسم الحسكاني , قال : حدثوناعن ابي بكر السبيعي , قال : حدثنا ابو عروة الحراني , قال : حدثنا ابن مصغي , قال حدثناعبدالرحيم بن واقد, عن ايـوب بـن سيار, عن محمد بن المنكدر, عن جابر, قالت [عائشة ]:نزلت هذه الاية على النبي (ص ) ولـيـسـت في البيت الا فاطمة والحسن والحسين وعلي :(انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) فقال النبي (ص ):((اللهم هؤلاء اهلي )).
ثـم قـال : والـروايات في هذا كثيرة من طريق العامة والخاصة , لو قصدنا الى ايرادها لطال الكتاب :
وفيما اوردناه كفاية .
ثـم قـال : واسـتـدلت الشيعة على اختصاص الاية بهؤلاء الخمسة (ع ). بان قالوا: ان لفظة ((انما)) مـحـققة لما اثبت بعدها, نافية لما لم يثبت . فان قول القائل : انما لك عندي درهم , وانما في الدار زيد, يقتضي انه ليس عنده سوى الدرهم , وليس في الدار سوى زيد, واذا تقرر هذافلا تخلو الارادة في الايـة ان تـكـون هي الارادة المحضة , او الارادة التي يتبعها التطهيرواذهاب الرجس , ولا يجوز الوجه الاول , لان اللّه تعالى قد اراد من كل مكلف هذه الارادة المطلقة , فلا اختصاص لها باهل البيت دون سائر الخلق , ولان هذا القول يقتضي المدح والتعظيم لهم بغير شك وشبهة , ولا مدح في الارادة الـمجردة , فثبت الوجه الثاني , وفي ثبوته ثبوت عصمة المعنيين بالاية من جميع القبائح , وقد علمنا ان مـن عـدا من ذكرناه من اهل البيت غير مقطوع على عصمته , فثبت ان الاية مختصة بهم لبطلان تعلقها بغيرهم .
ومتى قيل ان صدر الاية وما بعدها في الازواج , فالقول فيه : ان هذا لا ينكره من عرف عادة الفصحاء في كلامهم , فانهم يذهبون من خطاب الى غيره ويعودون اليه , والقرآن من ذلك مملوء, وكذلك كلام الـعرب واشعارهم , ثم عاد سبحانه وتعالى الى ذكر الازواج فقال : (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات اللّه والحكمة ).
5 - الشوكاني :
قال في تفسيره [4: 280] بعد ان اورد احاديث مضى ذكرها فيما مر قريبا من هذا الكتاب ,وعرفنا مـنـها سبب اختلاف اهل العلم في معنى ((اهل البيت )) في هذه الاية الشريفة . ومن بين من قال بانها مـخـتصة بالخمسة الطاهرة , وقائل بانها مختصة بازواج الرسول (ص ).واخرج الحكيم الترمذي , والطبراني , وابن مردويه , والبيهقي في ((الدلائل )) عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه (ص ): ((ان اللّه قـسـم الـخـلـق قـسـمـين , فجعلني في خيرهما قسما, فذلك قوله تعالى : (واصحاب اليمين ) (واصحاب الشمال ) فانا من اصحاب اليمين , وانا خيراصحاب اليمين , ثم جعل القسمين اثلاثا فجعلني في خيرها ثلثا, فذلك قوله : (واصحاب الميمنة ), (واصحاب المشامة ), (والسابقون السابقون ). فانا مـن الـسـابـقين , وانا خيرالسابقين , ثم جعل الاثلاث قبائل , فجعلني في خيرها قبيلة , وذلك قوله :
(وجـعـلـناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عنداللّه اتقاكم ), وانا اتقى ولد آدم واكرمهم على اللّه ولا فخر. ثم جعل القبائل بيوتا, فجعلني في خيرها بيتا, فذلك قوله تعالى : (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا). فانا واهل بيتي مطهرون من الذنوب .
ثـم قال : وقد توسطت طائفة ثالثة بين الطائفتين - اي بين الذين قالوا انها مختصة بالخمسة والقائلين انـهـا مـخـتـصـة بـنساء النبي (ص ) - فجعلت هذه الاية شاملة للزوجات ولعلي وفاطمة والحسن والحسين .
اما الزوجات فلكونهن المرادات في سياق هذه الايات كما قدمنا, ولكونهن الساكنات في بيوته (ص ) الـنـازلات في منازله . ويعضد ذلك ما تقدم عن ابن عباس , وغيره . واما دخول علي وفاطمة والحسن والحسين . فلكونهم قرابته واهل بيته في النسب , ويؤيد ذلك ماذكرناه من الاحاديث المصرحة بانهم سبب النزول .
فمن جعل الاية خاصة باحد الفريقين فقد اعمل بعض ما يجب اعماله , واهمل ما لا يجوزاهماله , وقد رجح هذا القول جماعة من المحققين , منهم القرطبي وابن كثير وغيرهما.
وقال جماعة : هم بنو هاشم , واستدلوا بما تقدم من حديث ابن عباس , ويقول زيد ابن ارقم : ولكن آله مـن حـرم الـصـدقة بعده : آل علي , وآل عقيل , وآل جعفر وآل عباس ,فهؤلاء ذهبوا الى ان المراد بالبيت بيت النسب .
6 - العلامة السيد محمد علي بن محمد طاهر الموسوي الحائري البحراني :
قال في كتابه ((خلفاء الرسول )) [ص 178]: من هم اهل البيت ؟ قـد بان لنا وظهر مما تقدم - يعني حديث الثقلين - ان الرسول الاعظم (ص ) قد نصب علماعلى امته مـن بعده خليفتين عظيمتين باقيتين الى الابد, تعصمان الامة عن الضلال ماتمسكت بهما, وعرفنا ان احـدهـما: كتاب اللّه , هو مجموع ما بين الدفتين , الذي اعترف بقرآنيته المسلمون اجمعون . بيد ان الامر كله في انه من المقصود من اهل البيت ؟ لان الناس عمدا او خطاء اختلفوا في ذلك , فبين ذاهب الى ان اهل البيت نساؤه والهاشميون عامة , وبين من يزعم انهم بنو هاشم خاصة دون نسائه (ص ).
وهناك من يرى انهم رهط خاص من بني هاشم . وهم الذين جللهم النبي (ص ) بكسائه .وقال : ((اللهم هـؤلاء اهـل بـيتي )), وذلك عندما نزل عليه قوله تعالى : (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل الـبـيـت ويطهركم تطهيرا) وهم : علي . وفاطمة , وبنوهما(ع ). وهذاالخلاف جار في كل آية او رواية فيها ذكر اهل البيت .
فنقول : لا شك ان النبي الكريم (ص ) اراد بقوله : ((اني تارك فيكم الثقلين الخ )) ان ينصب عالما قائما لارشـاد الامـة وهـدايـتها, وعالما يدلها على تاويل الكتاب حسب نزوله . وامامايجمعها على الخير والهدى او يصدها عن الشر والردى .
وايـن نـسـاؤه وعامة الهاشميين من هذه الملكات العلية , والصفات القدسية التي لا تكون الاللانبياء والمرسلين واوصيائهم (ع )؟ وهـا نـحن نرى ونشاهد بام اعيننا كثيرا من الهاشميين محتاجين الى التعليم والارشاد,فيكف يكون الـمحتاج الى التعليم والارشاد قرينا للقرآن الذي اشتمل على تبيان كل شي ء؟ فلابد انه (ص ) اراد مـن اهـل الـبـيـت رهـطا خاصا, لهم الكفاءة والقدرة على النهوض بذلك العب ء الثقيل , عب ء الخلافة والـزعـامة الكبرى , ولابد ان الناس كانوا يعرفونهم في عهد الرسول (ص ) ولابد ان يكون الحديث نفسه دالا عليهم في عهده (ص ) دلالة واضحة . ومرشدا اليهم ارشادا بينا لا لبس فيه . والا لما صلح من المصلح الاكبر حجة على الامة تقطع عنهم العذر, بل تكون للامة حجة عليه (ص ) اذ لم يعرفهم بهم .
والـحـديث الشريف نفسه يدلنا, حين عبر عن اهل البيت بالثقل وقرنهم بالكتاب , على ان هذا القرين والخليفة الثاني رفيع الشان , ثقيل الميزان , عليم بما في القرآن , راسخ العلم , لايعتري علمه شك ولا ارتـيـاب . ((الـى ان قـال )): فـاهـل الـبـيـت اذن فـى عهد الرسول (ص ) هم :علي وابناه الحسن والحسين (ع ). هذا ما عرفه المسلمون الاولون , ونحن نعرفه اليوم من اهل البيت . لان هؤلاء الثلاثة هم وحدهم يسوغ لهم من بين الهاشميين قاطبة ان يتقمصوابقميص رسول اللّه (ص ) وياخذوا بزمام الـحـكـم , ويـسـوقوا العباد الى الرشاد. وهؤلاء مع فاطمة فحسب , هم الذين جللهم الرسول (ص ) بـالكساء وقال : ((اللهم هؤلاء اهل بيتي ,اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)). كما رواه الثقات عن ام المؤمنين ام سلمة رضي اللّه عنها.
ثم اورد احاديث من طرق شتى . منها ما اخرجه الشيخ سليمان القندوزي في كتابه ((ينابيع المودة )) [ص 228 ط . اسـلامـبـول ] عـن الـدولابي عن ام سلمة قالت : ان النبي (ص ) قال لفاطمة :ائتيني بزوجك وابنيك , فجاءت بهم فالقى عليهم كساء فدكيا, ثم وضع يده عليهم وقال :((اللهم ان هؤلاء آل مـحـمـد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وآل محمد انك حميدمجيد)), قالت ام سلمة : رفعت الكساء لادخل معهم , فجذبه (ص ) وقال : ((قفي مكانك , انك على خير)). انتهى .
امـعن النظر في جذبه (ص ) الكساء من يد ام سلمة , وقوله : ((قفي مكانك انك على خير)).وحينما قالت مستفهمة : وانا معهم ؟ كما في رواية الترمذي , فقال (ص ): ((انت على مكانك ,وانت الى خير)).
تـجده ينبى بوضوح بانحصار مصداق اهل البيت في عصر صاحب الرسالة , بالذين جللهم الكساء ليس غير. اذ لو كان المقصود من اهل البيت ما يعم نساءه (ص ) لم يخرج ام سلمة ولم يخاطبها بقولته تلك .
وخـروج نساء النبي (ص ) عن مصداق اهل بيته كان امرا مسلما لدى الصحابة . يرشدك الى ذلك قول الـصحابي الكبير زيد بن ارقم في جواب من ساله : من اهل بيته ؟ نساؤه ؟قال : لا وايم اللّه ان المراة تـكون مع الرجل العصر من الدهر, ثم يطلقها فترجع الى ابيهاوقومها. واما بعد هؤلاء, فمن هم اهل الـبيت ؟ لان النبي (ص ) اخبر ببقائهم مع القرآن حتى يردا عليه الحوض . والهاشميون بعد السبطين كثيرون , ولا سيما من كان من ذريتهما, فهل اراد(ص ) جميع بني هاشم ؟ ام خصوص العلويين منهم ؟ ام فـئة خـاصـة مـن الـعـلـويين ؟ ولاشك ان كثيرا من الهاشميين والعلويين محتاجون الى الصلاح والهداية , وفيهم من لايتحاشى المنكر, فكيف يكونون قرناء الكتاب ؟ الكتاب الذي لا ياتيه الباطل من بـيـن يـديـه ولا مـن خلفه , الكتاب الذي يبقى معجزة مدى الدهر, فقرين الكتاب لابد ان يكون على شاكلته , وعارفا به حق معرفته , فعليه , لابد انه (ص ) قصد فئة خاصة من اهله ,عندهم علم الكتاب , دون الكل منهم .
فـاذا كـان الـنبي (ص ) يقصد من اهل البيت رهطا خاصا, فهل من الممكن ان يقصد اناساتجهل الامة اعـيـانـهـم ولا تـهتدي الى اشخاصهم ؟ ويا هل ترى ان اللّه سبحانه ورسوله يكلفان الامة شططا, ويـحملانها على معرفة من تهتدي اليه ؟ كلا ثم كلا. فلابد اذن ان يكون (ص ) اراد رهطا خاصا من قومه , معروفة اسماؤهم , معلومة خصالهم وصفاتهم , لاينكرهم الناس بعد التعريف , ولا يخفى عليهم بعد الاشارة والتوصيف .
7 - الحاكم :
قـال فـي كـتـابـه ((المستدرك )) [3: 146 ط. دار المعرفة - بيروت ] حدثنا ابوبكر احمد بن سـلـمـان الـفـقيه , وابو العباس محمد بن يعقوب , قالا: حدثنا الحسن بن مكرم البزار, حدثنا عثمان بن عمر, حدثنا عبدالرحمن بن عبداللّه بن دينار, عن شريك بن ابي نمر, عن عطاء ابن يسار,عن ام سـلمة قالت : في بيتي نزلت : (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ),قالت : فارسل رسول اللّه (ص ) الـى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال : ((هؤلاء اهل بيتي )). هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه .
وقـال : حـدثـنـا ابـو الـعـبـاس مـحـمد بن يعقوب , حدثنا الربيع بن سليمان المرادي , وبحر ابن نـصـرالـخـولانـي , قالا: حدثنا بشر بن بكر, وحدثنا الاوزاعي , حدثني ابو عمار, حدثني واثلة بـن الاسـقـع قال : اتيت عليا فلم اجده , فقالت لي فاطمة : انطلق الى رسول اللّه (ص ) يدعوه .فجاء مع رسـول اللّه (ص ) فـدخلا ودخلت معهما. فدعا رسول اللّه (ص ) الحسن والحسين فاقعد كل واحد منهما على فخذيه , وادنى فاطمة من حجره وزوجها. ثم لف عليهم ثوباوقال : (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا), ثم قال :((هؤلاء اهل بيتي , اللهم اهل بيتي احق )).
واخـرج من طريق ابي العباس محمد بن يعقوب ايضا باسناده الى عائشة رضي اللّه عنهاقالت : خرج النبي (ص ) غداة وعليه مرط مرجل من شعر اسود, فجاء الحسن والحسين فادخلهما معه , ثم جاءت فـاطـمة فادخلها معهما, ثم جاء علي فادخله معهم , ثم قال : (انمايريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا). هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
وقـال : كتب الي ابو اسماعيل محمد ابن النحوي يذكر ان الحسن بن عرفة حدثهم , قال :حدثني علي بـن ثابت الجزري , ثنا بكير بن مسمار مولى عامر بن سعد. سمعت عامر بن سعد يقول : قال سعد: نزل عـلـى رسول اللّه (ص ) الوحي فادخل عليا وفاطمة وابنيهماتحت ثوبه ثم قال : ((اللهم هؤلاء اهلي واهل بيتي )).
وقال : حدثني ابو الحسن اسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني , ثنا جدي , ثنا ابوبكر بن ابي شيبة الحزامي , ثنا محمد بن اسماعيل بن ابي فديك , حدثني عبدالرحمن بن ابي بكر المليكي , عن اسـمـاعـيل بن عبداللّه بن جعفر بن ابي طالب عن ابيه قال : لما نظر رسول اللّه (ص ) الى الرحمة هابطة قال : ((ادعوا لي ادعوا لي )), فقالت صفية : من يا رسول اللّه ؟قال : ((اهل بيتي : عليا وفاطمة والحسن والحسين )), فجي ء بهم فالقى عليهم النبي (ص )كساءه ثم رفع يديه , ثم قال : ((اللهم هؤلاء آلـي , فـصـل عـلـى محمد وعلى آل محمد)), وانزل اللّه عزوجل : (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) هذاحديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه . وقد صحت الرواية على شرط الشيخين انه (ص )علمهم الصلاة على اهل بيته كما علمهم الصلاة على آله .
ثم ساق الحديث عن عبداللّه بن عيسى بن عبدالرحمن بن ابي ليلى , انه سمع عبدالرحمن بن ابي ليلى يـقول : لقيني كعب بن عجرة فقال : الا اهدي لك هدية سمعتها من النبي (ص )؟قلت : بلى . قال : فاهدها الـي , قـال : سـالـنا رسول اللّه (ص ) فقلنا: يا رسول اللّه كيف الصلاة عليكم اهل البيت ؟ قال (ص ):
((قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد, كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد, اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد, كماباركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد)). وقد روى الحديث باسناده والفاظه حرفا بعد حرف الامام محمد بن اسماعيل البخاري عن موسى ابن اسماعيل في الجامع الصحيح , وانما خرجته ليعلم المستفيد ان اهل البيت والال جميعا هم .
8 - سيدي العلامة علوي بن طاهر الحداد:
قـال فـي كـتـابـه ((القول الفصل )) [2: 286 ط . جاوا] بعد ان اورد روايات في هذا المضمون بـلـغ ‌عددها الى اربع وعشرين رواية : من هم اهل البيت في الاية ؟ ((يعني : آية التطهير)) ثم قال :
هـذا فـصل نقلته عن بعض محققي اصحابنا لاشتماله على فوائد جليلة مع حذف قليل ,وسنستدركه ببعض ما فاته . قال بعد ايراده بعض روايات الحديث وتصحيح ابن تيمية له :
قـلـت : لـهذا الحديث طرق جمة , وصحته وثبوته مما لا شك فيه ولا مرية , وهو نص صريح على انـحصار الخصوصية العظمى في جميع ما جاء في اهل بيته (ص ) في هؤلاء وابنائهم فقط, فهم فق ط حـامـة النبي (ص ) وخاصته ووراثه وخلفاؤه واهل الحق وقرناء الكتاب .ولا يشاركهم في شي ء من هـذا ولا ما يقاربه احد, لا آل عباس ولا آل جعفر فضلا عن غيرهم . ولا بنو علي من غير فاطمة .
ولهذا قال البيهقي : وكانه جعله في حكم الاهل تشبيها لا تحقيقا. انتهى .
وسيظهر معنى قول البيهقي ومغزاه فيما يلي :
ونـقـل عـن الـمحب الطبري ان ادخال النبي (ص ) لهؤلاء الخمسة تكرر في بيت ام سلمة وفاطمة وغيرهما, وهو الصواب وسياتي الكلام فيه .
ثم نقل الحفظي عن العلامة السيد علي السمهودي قوله رحمه اللّه تعالى :
اعلم اني تاملت هذه الاية مع ما ورد من الاخبار في شانها وما صنعه النبي (ص ) بعدنزولها, فظهر لي انها منبع فضائل اهل البيت النبوي لاشتمالها على امور عظيمة لم ار من تعرض لها.
احدها: اعتناء الباري بهم واشادته بعلي قدرهم حيث انزلها في حقهم .
ثـانيها: تصديرها بقوله تعالى : (انما) التي هي اداة حصر لافادة ان ارادته تعالى في امرهم مقصورة على ذلك الذي هو منبع الخيرات لا يتجاوزه الى غيره .
ثالثها: تاكيده لتطهيرهم بالمصدر ليلعم انه في اعلى مراتب التطهير.
رابعها: تنكيره تعالى لذلك المصدر حيث قال : (تطهيرا) للاشارة الى كون تطهيره اياهم نوعا عجيبا غريبا ليس مما يعهده الخلق ولا يحيطونه بدرك نهايته .
خامسها: شدة اعتنائه (ص ) واظهاره واهتمامه بذلك , وحرصه على ذلك مع افادة الاية لحصوله , فهو اذن لتحصيل المزيد من ذلك , حيث تكرر طلبه ذلك من مولاه عزوجل , مع استعطافه بقوله : ((اللهم هـؤلاء اهـل بـيتي وخاصتي )). اي : وقد جلعت ارادتك في اهل بيتي مقصورة على اذهاب الرجس , فاذهبه عنهم وطهرهم تطهيرا, بان تجدد لهم من مزيدتعلق الارادة بذلك ما يليق بعطائك .
سـادسـهـا: دخـولـه (ص ) معهم في ذلك , لما ورد عن ابي سعيد الخدري (رض ): نزلت في خمسة ((الخ )) وقد تقدم , بل جاء في رواية ام سلمة رضي اللّه عنها: نزلت هذه الاية في بيتي , (انما يريد اللّه ) الايـة , في سبعة : جبرئيل وميكائيل , ورسول اللّه , وعلي وفاطمة ,والحسن والحسين . وفيه مزيد كرامتهم وابانة تطهيرهم , وابعادهم عن الرجس الذي هوالاثم والشك فيما يجب الايمان به ما لا يخفى موقعه عند اولي الالباب .
سابعها: دعاؤه (ص ) بما تضمنت الاية وبان يجعل اللّه صلواته ورحمته وبركاته ومغفرته ورضوانه عـليهم . لان من كانت ارادة اللّه في امره مقصورة على ذهاب الرجس عنهم والتطهير لهم , كان حقيقا بهذه الامور.
ثامنها: في طلب ذلك له ولهم من تعظيم قدرهم , وانافة منزلتهم , حيث ساوى بين نفسه وبينهم في ذلك ما لا يخفى .
تـاسـعـهـا: انـه (ص ) سلك في طلب ذلك من مولاه عزوجل اعظم اسلوب وابلغه . فقدم على الطلب مـنـاجـاتـه تـعالى بما تضمنه قوله : ((اللهم قد جعلت صلواتك ورحمتك و مغفرتك ورضوانك على ابراهيم )) فاتى بهذه الجملة الخبرية المقرونة ((بقد)) التحقيقية . المفيدلتحقيق ذلك من مولاه . ثم اتـبـعـه بـالمناجاة بقوله (ص ): ((اللهم انهم مني وانا منهم )) وذلك من قبيل الاخبار, ثم فرع على الجملة الطلبية حيث قال : ((فاجعل صلواتك )) لسر لطيف ظهر لي بوجهين :
الاول : تمام المناسبة في الابوة الابراهيمية التي اعطيها(ص ) فانها تقتضي استجابة هذاالدعاء, وان يعطى ما طلبه لنفسه ولاهل بيته كما اعطي ابوه ابراهيم .
الـثـاني : انه (ص ) من جملة آل ابراهيم , قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى : (ان اللّه اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ): محمد من آل ابراهيم , وآله قداعطوا تلك الانوار, فقد ثبت اعطاء الانوار له فيما مضى وآله منه وهو منهم . فتوصل لاستيجاب انعامه بذكر انعامه .
عـاشرها: ان دعاءه (ص ) مقبول سيما في امر الصلاة عليه . فقد دعا مولاه ان يختصه وآله بالصلاة عليه وعليهم , فتكون الصلاة عليه وعليهم من ربه عزوجل كذلك .
حـادي عـشـرها: ان جمعهم معه (ص ) في هذا التطهير الكامل وما نشا عنه وعنهم مقتض لالحاقهم بـنـفـسـه الـشـريفة . كما يشير اليه بقوله : ((اللهم انهم مني وانا منهم )) وقوله : ((اناحرب لمن حاربهم , وسلم لمن سالمهم )) وقوله : ((الا من آذى قرابتي فقد آذاني , ومن آذاني فقد آذى اللّه )) فـاقـامـهـم في ذلك مقام نفسه . وكذا في المحبة , في قوله : ((والذي نفسي بيده , لايؤمن عبد حتى يحبني , ولا يحبني حتى يحب ذوي )) وقوله : ((اني تارك فيكم الثقلين )) وكذاالحقوا به في قصة الـمـبـاهـلة المشار اليها بقوله تعالى : (قل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم )الاية . فغدا رسول اللّه (ص ) مـحتضنا الحسين آخذا بيد الحسن , وفاطمة تمشي وعلي خلفها. والامر الداعي الى المباهلة اظهار الكاذب في تلك الخصومة , وهو امر مختص به (ص ) ومن يكاذبه . فالحق تعالى اهل الكساء به , ولانه آكـد فـي الدلالة على ثقته واستيقان صدقه . حيث اجترا على تعريض اعزته وافلاذ اكباده واحب الـنـاس الـيـه لذلك ,ولم يقتصر على تعريض نفسه . وعلى ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه مع احبته واعزته هلاك استئصال ان تمت المباهلة .. وخص الابناء والنساء لانهم اعز الاهل ,وقدمهم في الـذكـر لـنبيه على انافة قدرهم , وايذانا لانهم مقدمون على النفس مفدون بها.قال الزمخشري : ولا دليل اقوى من هذا على فضل اصحاب الكساء.
ثاني عشرها: ان قصر الارادة الالهية في امرهم على اذهاب الرجس والتطهير, يشير الى ما سياتي مـن تحريمهم في الاخرة على النار. فمن قارف منهم شيئا من الاوزار يرجى ان يتداركه بالتطهير, بالهام الانابات , واسباب المثوبات , وانواع المصائب المؤلمات , ونحوذلك من المكدرات , وعدم انالتهم ما لغيرهم من الحظوظ الدنيويات , وكذا بما يقع من الشفاعات النبويات .
ثـالـث عشرها: حثهم بذلك على كمال البعد عن دنس الذنوب والمخالفات , وتمام الحرص على امتثال الـمامورات , بدلالة ما سبق من قوله (ص ) عند تذكيرهم بالصلوات : ((الصلاة يرحمكم اللّه , (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا))).
رابـع عشرها: ان قوله (ص ): ((فجعلني في خيرهم بيتا, فذلك قوله تعالى : (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا))) دال على انهم استحقوا بذلك ان يكونوا خير الخلق , وقـد اعـطي ابـراهـيم انبياء من اهل بيته . بل لم يكن نبي من بعده الا من ذريته , واكرام نبينا(ص ) بكونه خاتم النبيين اقتضى انتفاء ذلك , فعوض من ذلك كمال طهارة اهل بيته . فنال منهم درجة الوراثة والولاية خلق لا يحصى عددهم . وللّه درالقائل :
للّه ممن قد برا صفوة ----- وصفوة الخلق بنو هاشم وصفوة الصفوة من بينهم ----- محمد النور ابو القاسم وبيته اكرم بيت سما ----- كم عامل فيهم وكم عالم وناطق في حكمة اسندت ----- عن ناثر منهم وعن ناظم خامس عشرها: ان الاية افادت ان طهارتهم ومساواتهم نشا من ذلك الحاقهم به في المنع من الصدقة , التي هي اوساخ اموال الناس . وعوضوا عن ذلك خمس من الفي ء والغنيمة .ولذلك قال (ص ): ((ان في خمس الخمس ما يكفيكم )). ((انتهى كلام السمهودي )) ثم قال في [ص 290] من كتابه المذكور: