وروى فيه ايضا عن الحافظ ابن المغازلي الحديث الانف ذكره عن محمد الباقر عن جابربن عبداللّه الانصاري .
المبحث الثالث والاربعون
في قوله تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيماواسيرا)[الانسان : 8 ].
ذكـر الكتاب العزيز في هذه السورة الكريمة اوصاف الابرار التي دامت شاهدة على رفيع منزلتهم ,
وقـامـت مشيرة الى علو مكانتهم وعظيم مرتبتهم . وظلت معلنة بسمو افضليتهم ,وثبوت ما اختصهم
اللّه باجل وجوه التشريفات وابهى انواع التكريمات وازهى التفضيلات , بحيث لا يمكن تطبيقهاعلى
ابـرار وخيار هذه الامة , الا على العترة المطهرة ,اهل بيت الكرامات ومعدن الرسالة القيمة , لكمال
اخلاصهم , وصفاء سرائرهم , وتنوربصائرهم , وطهارة نفوسهم , وشدة حبهم للّه وخوفهم منه جل
جلاله , وتمام حسن نيتهم في الاعمال , وعظيم جهدهم في الايثار على انفسهم ولو كان بهم خصاصة .
اذ لـم يـوجـدلـغـيـرهـم في الامة المحمدية اخلاص وحب وخوف ورجاء, وطهارة نفس وصفاء
طـويـة بـهـذه الـمـثـابـة , حـتـى انـزل اللّه فيهم هذه السورة الشريفة , كما روى ذلك جمع من
اعيان المفسرين في تفاسيرهم , والحفاظ في سننهم ومسانيدهم , والمؤرخون في مصنفاتهم ,فمنهم :
شـهـاب الـديـن بـن عبد ربه المالكي المتوفى [سنة 310]: ذكر في كتاب [العقد الفريد[ ]3:
42 -47]: حديث احتجاج المامون الخليفة العباسي على اربعين فقيها.
وفـيـه قـال : يا اسحاق الـدهـر لم يكن شيئا مذكورا), فقرات منها حتى بلغت (يشربون من كاس كان مزاجها كافورا) الى
قـوله تعالى : (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا)قال : على رسلك , فيمن انزلت هذه
الاية ؟ قلت : في علي , قال : فهل بلغك ان عليا حين اطعم المسكين واليتيم والاسير قال : (انما نطعمكم
لـوجـه اللّه )؟ وهل سمعت اللّه وصف في كتابه احدا بمثل ما وصف به عليا؟ قلت : لا, قال : صدقت ,
لان اللّه جـل ثـنـاؤه عـرف سيرته . يا اسحاق الـمـؤمنين , قال :ارايت لو ان رجلا قال : واللّه ما ادري هذا الحديث صحيح ام لا, ولا ادري ان كان
رسول اللّه قاله ام لم يقله , اكان عندك كافرا؟ قلت :: اعوذ باللّه . قال : ارايت لو انه قال : لا ادري هذه
السورة من كتاب اللّه ام لا, كان كافرا؟ قلت : نعم , قال : يا اسحاق ارى بينهما فرقا.
وقد اجاد من قال شعرا:
هم العروة الوثقى لمعتصم بها ----- مناقبهم جاءت بوحي وانزال
مناقب في الشورى وسورة هل اتى ----- وفي سورة الاحزاب يعرفها التالي
وهم اهل بيت المصطفى فودادهم ----- على الناس مفروض بحكم واسجال
وروى الشبلنجي في [نور الابصار] [ص 124 - 126] عن الشيخ الاكبر ان عبداللّه ابن عباس قال
فـي قوله تعالى : (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا): مرض الحسن والحسين رضي
اللّه عـنهما وهما صبيان فعادهما رسول اللّه (ص ) ومعه ابو بكروعمر, فقال عمر لعلي (ع ): يا ابا
الـحسن لو نذرت عن ابنيك نذرا ان اللّه عافاهما, قال :اصوم ثلاثة ايام شكرا للّه , قالت فاطمة : وانا
اصـوم ثـلاثـة شكرا للّه , وقال الصبيان : ونحن نصوم ثلاثة ايام , وقالت : جاريتهما فضة : وانا اصوم
ثـلاثـة ايـام . فـالبسهما اللّه العافية فاصبحوا صياما وليس عندهم طعام , فانطلق علي الى جار له من
اليهود يقال له شمعون ,يعالج الصوف , فقال له : هل لك ان تعطيني جزة من صوف تغزلها لك بنت محمد
بثلاثة اصوع من شعير؟ قال : نعم , فاعطاه فجاء بالصوف والشعير فاخبر فاطمة فقبلت واطاعت , ثم
غـزلت ثلث الصوف فاخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزته خمسة اقراص , لكل واحد
قرص , وصلى علي (رض ) مع رسول اللّه (ص ) المغرب ثم اتى منزله فوضع الخوان فجلسوا, فاول
لـقـمـة كسرها علي (رض ) اذا مسكين واقف على الباب , فقال : السلام عليكم يا اهل بيت محمد, انا
مسكين اطعموني مما تاكلون اطعمكم اللّه من طعام الجنة , فوضع علي اللقمة من يده , ثم قال :
فاطم ذات المجد واليقين ----- يا بنت خير الناس اجمعين
اما ترين البائس المسكين ----- جاء الى الباب له حنين
كل امرئ بكسبه رهين
فقالت فاطمة [رض ] من حينها:
امرك سمع يابن عم وطاعه مالي من لوم وما ضراعه باللب غذيت وبالبراعه
ارجو اذا انفقت من مجاعه ان الحق الابرار والجماعه وادخل الجنة بالشفاعه
قال : فعمدت الى ما في الخوان فدفعته الى المسكين وباتوا جياعا, واصبحوا صياما لم يذوقوا الا الماء
القراح . ثم عمدت الى الثلث الثاني من الصوف فغزلته , ثم اخذت صاعافطحنته وعجنته وخبزت من
خـمـسـة اقـراص , لكل واحد منهم قرص , وصلى علي المغرب مع النبي (ص ) ثم اتى منزله , فلما
وضعت الخوان وجلس فاول لقمة كسرها علي (رض ) اذايتيم من يتامى المسلمين قد وقف على الباب
وقـال : السلام عليكم اهل بيت محمد, انا يتيم من يتامى المسلمين , اطعموني مما تاكلون اطعمكم اللّه
من موائد الجنة . فوضع علي (رض )اللقمة من يده وقال :
فاطم بنت السيد الكريم ----- قد جاءنا اللّه بذا اليتيم
من يطلب اليوم رضا الرحيم ----- موعده في جنة النعيم
فاقبلت السيدة فاطمة رضي اللّه عنها وقالت :
فسوف اعطيه ولا ابالي ----- واوثر اللّه على عيالي
امسوا جياعا وهمو امثالي ----- اصغرهم يقتل في القتال
ثم عمدت الى جميع ما في الخوان فاعطته اليتيم , وباتوا جياعا لم يذوقوا الا الماء القراح واصبحوا
صـيـاما. وعمدت فاطمة الى باقي الصوف فغزلته , وطحنت الصاع الباقي وعجنته وخبزته خمسة
اقـراص , لـكل واحد قرص , وصلى علي (رض ) المغرب مع النبي (ص ) ثم اتى منزله , فقربت اليه
الـخـوان ثم جلس فاول لقمة كسرها اذا اسير من اسارى المسلمين بالباب , فقال : السلام عليكم اهل
بيت محمد, ان الكفار اسرونا وقيدونا وشدونا فلم يطعمونا, فوضع علي (رض ) اللقمه من يده , وقال :
فاطمة ابنة النبي احمد بنت نبي سيد مسود هذا اسير جاء ليس يهتدي
مكبل في قيد المقيد يشكو الينا الجوع والتشددمن يطعم اليوم يجده في غد
عند العلي الواحد الموحد ----- ما يزرع الزارع يوما يحصد
فاقبلت فاطمة رضي اللّه عنها تقول :
لم يبق مما جاء غير صاع ----- قد دبرت كفي مع الذراع
وابناي واللّه ثلاثا جاعا ----- يا رب لا تهلكهما ضياعا
ثـم عـمـدت الـى ما كان في الخوان فاعطته اياه فاصبحوا مفطرين وليس عندهم شي ء,واقبل علي
والـحسن والحسين نحو رسول اللّه (ص ) وهما يرتعشان كالفرخين من شدة الجوع , فلما ابصرهما
رسول اللّه (ص ) قال : يا ابا الحسن اشد ما يسوءني ما ادرككم ,انطلقوا بنا الى ابنتي فاطمة , فانطلقوا
الـيـها وهي في محرابها وقد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها. فلما رآها رسول
اللّه (ص ) ضـمها اليه وقال : واغوثاه ومـا آخـذ يا جبرئيل ؟ قال :(ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا) الى قوله : (وكان
سعيكم مشكورا).
وروى ابـن حـجـر الـعـسقلاني في [الاصابة ] [4: 376 ط. دار الكتاب العربي - بيروت ]: في
تـرجـمـة فـضـة عـن ابـن عـبـاس فـي قـوله تعالى : (يوفون بالنذر) الاية . قال : مرض الحسن
والـحـسـيـن فـعـادهما جدهما(ص ) وعادهما عامة العرب , فقالوا لابيهما لو نذرت , فقال علي : ان
عوفيافعلي صيام ثلاثة ايام شكرا, وقالت فاطمة كذلك , وقالت جارية لها يقال لها فضة النوبية , فذكر
حديثا طويلا.
وذكـر الاميني في الغدير [3 : 107 - 110] قول ابي جعفر الاسكافي في رسالته التي رد بهاعلى
الجاحظ: لسنا كالامامية الذين يحملهم الهوى على جحد الامور المعلومة , ولكنناننكر تفضيل احد من
الـصحابة على علي بن ابي طالب ولسنا ننكر غير ذلك , [الى ان قال ]واما انفاقه فقد كان حسب حاله
وفـقـره , وهو الذي اطعم الطعام على حبه مسكينا ويتيماواسيرا, وانزلت فيه وفي زوجته وابنيه
سورة كاملة من القرآن .
وذكـر فـيـه ايـضـا مـمـن روى الـحـديـث المذكور الحافظ الكنجي المتوفى [سنة658 ], في
[الـكـفاية ][ص 201] وقال بعد ذكر الحديث : هكذا رواه الحافظ ابو عبداللّه الحميدي في فوائده ,
ورواه ابـن جـريـر الـطـبري اطول من هذا في اسباب نزول هل اتى . وقد سمعت الحافظ العلامة
اباعمرو عثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح في درس التفسير في سورة هل اتى ,وذكر
الحديث وقال فيه : ان السؤال كانوا ملائكة من عند رب العالمين , وكان ذلك امتحانامن اللّه عزوجل
لاهـل بـيت رسول اللّه (ص ), وسمعت بمكة حرسها اللّه تعالى من شيخ الحرم بشير التبريزي : ان
السائل الاول كان جبرئيل , والثاني ميكائيل , والثالث اسرافيل (ع ).
وذكـر فـيـه ايضا نظام الدين القمي النيسابوري , فانه قال في تفسيره بهامش تفسيرالطبري [29:
112]: ذكر الواحدي في [البسيط] والزمخشري في تفسير [الكشاف ] وكذاالامامية اطبقوا على ان
الـسورة نزلت في اهل بيت النبي (ص ) ولا سيما هذه الاية . ثم ذكرحديث الاطعام فقال : ويروى ان
السائل في الليالي جبرئيل , اراد بذلك ابتلاءهم باذن اللّه سبحانه .
وذكـر فـيـه ايـضـا مـحـمـد بـن طلحة الشافعي المتوفى [سنة - 652] فقد روى الحديث في
[مـطـالـب الـسـؤول ] [ص 31] وقـال : رواه الامـام ابو الحسن علي بن احمد الواحدي وغيره من
ائمة التفسير. ثم قال : فكفى بهذه عبادة , وباطعام هذا الطعام مع شدة حاجتهم اليه منقبة . ولولاذلك لما
عظمت هذه القصة شانا, وعلت مكانا, ولما انزل اللّه تعالى فيها على رسوله قرآنا.
وذكـر فـيـه ايـضـا سبط ابن الجوزي الحنفي المتوفى [سنة 654] في كتاب [تذكرة الخواص ]
من طريق البغوي والثعلبي ورد على جده ابن الجوزي في اخراجه في الموضوعات .
وقـال بعد تنزيه سنده عن الضعف : والعجب من قول جدي وانكاره , وقد قال في كتابه [المنتخب ]: يا
عـلـمـاء الـشرع اتـراهما خفي عنهما سر ذلك ؟ وما ذاك الا لانهما علما قوة صبر الطفلين ,وانهما غصنان من شجرة
الظل عند ربي , وبعض من جملة فاطمة بضعة مني , وفرخ البطالسابح (90).
وقـد روى هـذا الـحـديث جملة كبيرة من اعلام الامة واعيان المفسرين وجمع من حملة الاخبار
والاثـار في كتبهم , بلغ عددهم 34 راويا, كما ذكرهم الحبر العلم الحجة المجاهدشيخنا الاكبر
عـبـد الـحـسـين احمد الاميني النجفي في كتابه النفيس القيم [الغدير[ ]3:103]تغمده اللّه بوابل
رحمته , واسكنه فسيح جنته .
قـال الـخـطيب الشاعر الشيخ كاظم آل حسن الجنابي ممتدحا ذلك الكتاب المعرب عن سعة احاطة
مؤلفه بالفنون وتبحره في العلوم :
سالوني عن [الغدير] اناس ----- اين كان [الغدير] قبل الاميني ؟
قلت : كان الغدير في سجن غي ----- صفدته قيود افك ومين
وغدا في السجون من يوم خم ----- يوم قال الاله : اكملت ديني
قد اتاه [الامين ] لما دعاه ----- مستعينا فيا له من معين
فجزاه الاله خير جزاء ----- اوضح الحق في كتاب مبين
واذا بالغدير بين يدينا ----- فيه تبيان كل شي ء دفين
فيه ما تشتهي النفوس وفيه ----- ما تلذ العيون راي العيون
فرحة الصادقين فيه وفيه ----- ترحة الكاذبين حق اليقين
يا كتاب [الغدير] ابهجت منا ----- مذ تلوناك كل قلب حزين
سوف تبقى بغرة الدهر نورا ----- خالدا في الوجود طول السنين
وسلام على مؤلف سفر ----- فاق فضلا رجال كل القرون (91)
المبحث الرابع والاربعون
في قوله تعالى : (واذان من اللّه ورسوله الى الناس يوم الحج الاكبر)[التوبة :3].
اذا امعنا نظرنا شطر هذه الاية , وتدبرنا فيما يتعلق بها من الاخبار والروايات تكشفت من خلالها آية
مـن الـحكمة العظيمة , وبدت من جانبها اعلام الفضيلة العليا, وظهرت جليا من ورائها حيث لا غبار
فـيـهـا اولوية من قام بالنيابة عن سيد الانبياء في تبليغ ما امره اللّه سبحانه , ولا سيما بعد ان وردت
عـنـه (ص ) اخبار مصرحة , ما ارتبطت بتبليغ من امره اول مرة الى اهل مكة , وكان اول من بعثه بها
شيخ المهاجرين ابا بكر, فما مضت ليلتان اوثلاث من رحلته حتى هبط بامر اللّه جبرئيل منبها بقوله
الذي يتضمن فيه عدم احقية من بعثه بها, ومظهرا اولوية من اخذها منه . فقال : لا يؤدي عنك الا انت
او رجل منك .
فـمن ذلك لا اظن ان يكون عند ذوي العدالة والانصاف ادنى شك , بان هذه القضية لم تكن الا لتصير
عبرة لاولي الابصار, واشارة لاولي النهى والاعتبار, بان من اختاره اللّه ان يكون نائبا عن رسوله ,
كان احق واولى من يتولى الامر من بعده , اذا ما اتى امر اللّه عليه .
روى الـطـبـري فـي تـفسيره [6: 306 ط. دار الكتب العلمية - بيروت ] وابن كثير فى تفسيره
[2:333] عـن زيـد بـن يـثـيـع قـال : نـزلت براءة فبعث بها رسول اللّه (ص ) ابا بكر, ثم ارسل
عليافاخذها منه , فلما رجع ابو بكر قال : هل نزل في شي ء؟ قال (ص ): [لا, ولكني امرت ان ابلغها او
رجل من اهل بيتي ], فانطلق علي الى مكة فقام فيهم باربع . الخ .
وفـي خـصـائص الـنسائي [ص 2]. و[الاموال ] لابي عبيد [ص 565] عن زيد ايضا قال : ان رسول
اللّه (ص ) بـعـث ببراءة الى اهل مكة مع ابي بكر, ثم اتبعه بعلي فقال له : [خذ الكتاب وامض الى اهل
مـكة ]. قال : فلحقه فاخذ الكتاب منه . فانصرف ابو بكر وهو كئيب , فقال لرسول اللّه (ص ): انزل في
شي ء؟ قال : [لا, الا اني امرت ان ابلغه انا او رجل من اهل بيتي ].
واخـرج احمد بن حنبل في مسنده [1: 151]: عن حنش عن علي (رض ) قال : لما نزلت عشرآيات
مـن بـراءة عـلـى الـنـبـي (ص ) دعا النبي (ص ) ابا بكر فبعثه بها ليقراها على اهل مكة . ثم دعاني
الـنـبي (ص ) فقال لي : [ادرك ابا بكر(رض ) فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه , فاذهب به الى اهل مكة
فـاقـراه عليهم ] فلحقته بالحجفة فاخذت الكتاب منه , ورجع ابو بكر الى النبي (ص ) فقال : يا رسول
اللّه , نزل في شي ء؟ قال : [لا, ولكن جبريل جاءني فقال : لن يؤدي عنك الا انت او رجل منك ].
واخرج ايضا في مسنده [1: 150]: عن حنش عن علي (رض ): ان النبي حين بعثه ببراءة فقال : يا نبي
اللّه انـي لـست باللسن ولا بالخطيب , قال (ص ): ما بد ان اذهب بها انا اوتذهب بها انت . قال : فان كان
ولا بـد فـساذهب انا, قال (ص ): [فانطلق فان اللّه يثبت لسانك ويهدي قلبك ], قال : ثم وضع يده على
فمه . ورواه ابن كثير في تفسيره [2: 333].والسيوطي في [الدر المنثور] [4: 122]:
وروى ابن كثير في تاريخه [7: 357]: واحمد بن حنبل في مسنده [1: 3]: والكنجي في [الكفاية ]
[ص 125] عـن ابـي بـكـر بـن ابي قحافة قال : ان النبي بعثه ببراءة الى اهل مكة , لايحج بعد العام
مشرك , ولا يطوف بالبيت عريان . ولا يدخل الجنة الا نفس مسلمة , من كان بينه وبين رسول اللّه مدة
فاجله الى مدته , واللّه بري ء من المشركين ورسوله , فساربها ثلاثا ثم قال لعلي (رض ): الحقه فرد
عـلي ابا بكر, وبلغها انت , قال : ففعل . فلما قدم على النبي ابو بكر بكى , قال : يا رسول اللّه , حدث في
شي ء؟ قال (ص ): ما حدث فيك الا خير,ولكن امرت ان لا يبلغه الا انا او رجل مني (92).
واخـرج الـتـرمـذي فـي جـامـعـه [2: 135]: والبيهقي في سننه [9: 234]: والخوارزمي في
[المناقب ][ص 164 ط. جامعة المدرسين - قم ]. والشوكاني في تفسيره [2: 319]: عن ابن عباس
قـال : بـعـث الـنـبي (ص ) ابا بكر وامره بان ينادي بهؤلاء الكلمات , ثم اتبعه عليا, فبينا ابو بكر في
بـعـض الـطـريـق اذ سـمـع رغـاء ناقة رسول اللّه (ص ) القصواء فخرج ابو بكر فزعا فظن انه
رسـول اللّه , فـاذا هـو عـلـى (رض ) فـدفـع الـيـه كـتاب رسول اللّه (ص ) وامر عليا ان ينادي
بهؤلاءالكلمات .
وروى السيوطي في [الدر المنثور] [3: 211] ما اخرجه ابن ابي حاتم عن حكيم بن حميدقال : قال
لـي عـلي بن الحسين [زين العابدين ], ان لعلي (رض ) في كتاب اللّه اسما ولكن لايعرفونه , قلت : ما
هو؟ قال : الم تسمع قول اللّه : (واذان من اللّه ورسوله الى الناس يوم الحج الاكبر) هو واللّه الاذان .
وذكره ايضا السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي في [فضائل الخمسة ] [1: 330].
واخـرج ابـن عـساكر باسناده من طريق الحافظ عبد الرزاق عن ابن عباس قال : مشيت مع عمر بن
الـخـطـاب فـي بـعـض ازقة المدينة فقال : يابن عباس , اظن القوم استصغروا صاحبكم اذ لم يولوه
امـوركـم , فقلت : واللّه ما استصغره رسول اللّه (ص ) اذ اختاره لسورة براءة يقراها على اهل مكة ,
فـقـال لـي : الصواب تقول , واللّه لسمعت رسول اللّه يقول لعلي بن ابي طالب : [من احبك احبني , ومن
احبني احب اللّه , ومن احب اللّه ادخله الجنة جذلا].
واخـرج ابـن مـردويه والطبراني كما في [الدر المنثور] [3: 210 ط. مرعشي نجفي - قم ] عن
ابـي رافـع , قـال : بـعـث رسـول اللّه (ص ) ابا بكر ببراءة الى الموسم , فاتى جبريل (ع ), فقال : انه
لـن يـؤديـهـا عـنـك الا انت او رجل منك , فبعث عليا(رض ) على اثره حتى لحقه بين مكة والمدينة
فاخذها, فقراها على الناس في الموسم .
وروى الـحافظ الكنجي في الكفاية [ص 151] عن الحرث بن مالك قال : اتيت مكة فلقيت سعد بن ابي
وقـاص فـقلت : هل سمعت لعلي منقبة ؟ قال : لقد شهدت له اربعا لئن تكون لي واحدة منهن احب الي من
الـدنيا اعمر فيها مثل عمر نوح : ان رسول اللّه (ص ) بعث ابا بكرببراءة الى مشركي قريش , فسار
بـهـا يوما وليلة , ثم قال لعلي : اتبع ابا بكر فحذها وبلغها,فرد علي (ع ) ابا بكر, فرجع يبكي فقال : يا
رسـول اللّه , انـزل في شي ء؟ قال : [لا, الا خيرا,انه ليس يبلغ عني الا انا او رجل مني ], او قال من
اهل بيتي (93).
وروى الـنـيسابوري في تفسيره بهامش تفسير الطبري [10: 36]: روي ان ابا بكر لما كان ببعض
الطريق هبط جبريل (ع ) وقال : يا محمد لا يبلغن رسالتك الا رجل منك , فارسل عليا, فرجع ابو بكر
الى رسول اللّه (ص ) فقال : يا رسول اللّه اشي ء نزل من السماء؟ قال :[نعم , فسر وانت على الموسم ,
وعلي ينادي بالاي ] [الحديث ].
وفـي تـفـسـير الطبري [6: 307 ط. دار الكتب العلمية - بيروت ]: وفي تاريخه [2: 382 ط.
الاعـلـمـي ]:عـن السدي قال : لما نزلت هذه الايات الى راس اربعين آية بعث بهن رسول اللّه (ص )
مـع ابي بكر وامره على الحج , فلما سار فبلغ الشجرة من ذي الحليفة , اتبعه بعلي فاخذها منه ,فرجع
ابـو بـكر الى النبي (ص ) فقال : يا رسول اللّه يبلغ عني غيري او رجل مني ... فسار ابو بكر على الحاج , وعلي يؤذن ببراءة .
المبحث الخامس والاربعون
في قوله تعالى : (الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف
عليهم ولا هم يحزنون ) [البقرة :274 ].
ان في هذه الاية اقوالا, منهم من قال انها نزلت في علي (ع ) وهذا هو المتسالم عند القوم .
والثاني : فيمن يعلفون الخيل .
والـثالث : انها نزلت في ابي بكر, وهذا القول الاخير يتعجب منه من له اقل المام بالتاريخ .اذ قالو: ان
لابـي بـكر فضائل جمة لا يختلج منها ريب في قلوب المسلمين , كمصاحبته في الغار, ومرافقته في
الهجرة من مكة الى المدينة , وغير ذلك مما كفاه عزا وفضلا . منها قول من قال بنزول الاية فيه حين
تصدق باربعين الف دينار.
فـيا للعجب افكان الراوي لم يعر جانبا من الاهتمام الى كتب التاريخ ؟ او لم يكترث بمااتفقت جماعة
من المفسرين على ان نزولها في علي (ع ) حين تصدق باربعة دراهم فقطفنزلت , فيه الاية ؟
افـيـظنون ان التاريخ يمر على ابي بكر لاهيا عن احواله من يوم كان في العهد الجاهلي الى ان اسلم
واسـتولى على الخلافة ؟ كلا, بل شهد التاريخ وما زال شاهدا الى يوم الناس هذا, بان ابا بكر لم يكن
فـي الـجـاهـلية من مشاهير الاغنياء ومن ذوي الثروة الطائلة , حتى استطاع ان يتصدق في اوليات
الهجرة , اذ نزول هذه الاية في ذلك الحين , كما ذكره المفسرون في تفاسيرهم , منهم : القرطبي في
تـفسيره [1: 132]: والخازن في تفسيره [1:91]. والشوكاني في تفسيره [فتح القدير] [1: 27].
وابـن كثير في تفسيره [1:37]: وقال فيه : وهكذا قال غيرواحد من الائمة والعلماء والمفسرين ,
ولا خلاف فيه . وكذا ما ذكره الاميني في [الغدير] [8:57].
فـاما ما كان من حال ابي بكر في عهد الجاهلية فلم يخف على من تصفح صفحات التاريخ بان ابا قحافة
كان اجيرا لعبد اللّه بن جذعان على طعامه , كما ذكره الاميني في [الغدير] [8:51] عن الكلبي في
مثالبه وابي الفرج الاصفهاني في [الاغاني ] وابن ابي الحديد في [شرح النهج ] [3: 272]. قال الكلبي
في مثالبه : واشار اليه امية بن الصلت في قصيدة يمدح بها ابن جذعان :
له داع بمكة مشمعل ----- وآخر فوق دارته ينادي
الى ردح من الشيزي عليها ----- لباب البريلبك بالشهاد
قال الكلبي : المشمعل هو سفيان بن عبد الاسد. وآخر: ابو قحافة . وفي [مسامرة الاوائل ][ص 88]
يقال : ان الداعي هو ابو قحافة والد الصديق .
امـن الـمعقول ان يكون مثل ابي بكر يرى اباه في اسوا حالة وهو يتقلب في مهاد النعمة وظل راضيا
آمنا لا يروعه ادنى شي ء من اللوم ؟ فهيهات ان يكون كذلك .
وامـا ما كان من حاله بعد ان اسلم الى ان تولى الخلافة , فقد اخرج ابن سعد من طريق عطاء قال : لما
اسـتخلف ابو بكر اصبح غاديا الى السوق وعلى رقبته اثواب يتجر بها.فلقيه عمر بن الخطاب وابو
عبيدة بن الجراح فقالا له :
اين تريد يا خليفة رسول اللّه ؟ قال : السوق . قالا: تصنع ماذا وقد وليت امور المسلمين ؟قال : فمن اين
اطـعـم عـيـالي ؟ قالا: انطلق حتى نفرض لك شيئا. فانطلق معهما, ففرضوا كل يوم شطر شاة , وما
كـسـوه في الراس والبطن . وفي لفظ الحلبي : لما بويع ابو بكر بالخلافة اصبح وعلى ساعده قماش
وهو ذاهب الى السوق , فقال له عمر: اين تريد؟ قال : السوق (الخ ).
فياليت شعري يملك يوم الهجرة الى المدينة سوى خمسة او ستة آلاف درهم , وهي جميع ماكان يملكه , فانى له ان
يتصدق باربعين الف دينار؟
قـال المظفر في [دلائل الصدق ] [2: 200]: ام اعجب من دعوى وجود هذا المال عند ابي بكرالبالغ
اربعمائة الف درهم ؟ وهو كان معلما للصبيان في الجاهلية , وخياطا في الاسلام , ولم يكن قسمه من
الـغـنـائم الا كواحد من المسلمين , وقد كان ماله عند الهجرة خمسة آلاف درهم او ستة آلاف كما
رواه الحاكم عن ابنته [اسماء بنت ابي بكر] في المستدرك [3: 5]ورواه احمد عنها في مسنده [6:
350]... ام اعـجب من خفاء الصدقة بهذا المال على عامة الناس حتى اظهرها هذا الراوي ؟ وهي مما
يـنـبـغي ان تغني اكثر اهل المدينه في ذلك اليوم ...,ولو كان من اهل الصدقة بمثل ذلك المقدار, فلم
اشـفـق مـن تقديم الصدقة اليسيرة في النجوى ؟ ولم اخذ من رسول اللّه حين الهجرة والضيق قيمة
البعير الذي ابتاعه منه ؟
وامـا مـن قال بان الاية نزلت فيمن يعلفون الخيل كما رواه السيوطي في الدر المنثور [1:363ط.
مـكـتـبة آية اللّه المرعشي النجفي ] بعدة طرق فقد انكره الطباطبائي في تفسيره [الميزان ] [2:
430ط. دار الـكـتـب الاسـلامـية ]: بقوله : اقول : المراد بهم المرابطون الذين ينفقون على الخيل
لـيـلاونـهـارا, لـكـن لـفـظ الايـة اعـني قوله : (سرا وعلانية ) لا ينطبق عليه . اذ لا معنى لهذا
التعميم والترديد في الانفاق على الخيل اصلا.
وكـذلـك قـوله فيمن قال بان نزول الاية في عبد الرحمن بن عوف , وعثمان بن عفان في نفقاتهم في
جـيـش الـعـسـرة . ولا شك اذن في ان اصح الاقوال قول من قال بنزولها في علي (ع ) كما قد اتفقت
كلمات جمع من المفسرين والمحدثين على ذلك .
مـنـهم : ابن كثير, روى في تفسيره [1: 333]: عن ابن جبير عن ابيه قال : كان لعلي اربعة دراهم ,
فـانفق درهما ليلا ودرهما نهارا ودرهما سرا ودرهما علانية فنزلت : (الذين ينفقون اموالهم بالليل
والنهار سرا وعلانية ) وقال : وكذا رواه ابن جرير من طريق عبدالوهاب بن مجاهد وهو ضعيف ,
لكن رواه ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس , انهانزلت في علي بن ابي طالب .
وكـذا روى الـشـوكـانـي فـي تـفـسـيـره [فتح القدير] [1: 294]: بالسند واللفظ المذكورين .
وقـال الـطـباطبائي في تفسيره [الميزان ] [2: 429]: وفي المجمع (94) في قوله تعالى : (الذين
ينفقون اموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية ) الاية . قال : سبب النزول عن ابن عباس : نزلت هذه الاية
فـي علي بن ابي طالب (ع ) كانت معه اربعة دراهم , فتصدق بواحد ليلا وبواحد نهاراوبواحد سرا
وبـواحـد علانية فنزل : (الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار سراوعلانية ). قال الطبرسي : وهو
المروي عن ابي جعفر وابي عبداللّه (ع ).
ورواه ايضا الشبلنجي في [نور الابصار] [ص 87].
وروى الـسـيوطي في تفسيره [الدر المنثور] [1: 363] بعدة طرق عن ابن عباس قال : نزلت [اي
هـذه الايـة ] فـي علي بن ابي طالب كانت له اربعة دراهم فانفق بالليل درهما وبالنهاردرهما وسرا
درهما وعلانية درهما.
واخرج ابن المغازلي بالاسناد الى ابن عباس في قوله تعالى : (الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار سرا
وعـلانـيـة ) الايـة , قال : هو علي بن ابي طالب كان له اربعة دراهم (الخ ).تجده في [ص 280] من
مناقبه .
وكما في فضائل الخمسة [1: 274 - 276 ط. احياء التراث العربي - بيروت ]:
روى ابن الاثير في كتابه [اسد الغابة ] [4: 25] بطريقين عن مجاهد, عن ابن عباس في قوله تعالى :
(الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار) الاية , قال : نزلت في علي بن ابي طالب ,كان عنده اربعة دراهم ,
فانفق بالليل واحدا وبالنهار واحدا وفي السر واحدا وفي العلانية واحدا.
وروى الـطـبري في كتابه [الرياض النضرة ] [2: 206] قال : عن ابن عباس في قوله تعالى :(الذين
يـنـفقون اموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية ) الاية قال : نزلت في علي بن ابي طالب . فساق الحديث
المذكور, غير انه زاد في آخره بقوله : [فقال له رسول اللّه (ص ): ماحملك على هذا؟ فقال [علي ]:
ان استوجب على اللّه ما وعدني , فقال (ص ): الا ان لك ذلك فنزلت الاية .
وروى ابـن حجر الهيثمي في [الصواعق ] [ص 78 ط. الميمنية ] ما اخرجه الواقدي عن ابن عباس
قـال : كـان مـع علي اربعة دراهم لا يملك غيرها, فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهاراوبدرهم سرا
وبدرهم علانية فنزل فيه : (الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار سراوعلانية ) الاية .
وروى الـواحـدي فـي [اسباب النزول ص 64] بسنده عن مجاهد قال : كان لعلي (ع ) اربعة دراهم
فـانـفق درهما بالليل ودرهما بالنهار ودرهما سرا ودرهما علانية , فنزلت : (الذين ينفقون اموالهم
بالليل والنهار سرا وعلانية ) الاية .
(قـال ) وقـال الـكـلبي : نزلت هذه الاية في علي بن ابي طالب (ع ) لم يكن يملك غير اربعة دراهم ,
فـتـصـدق بـدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية , فقال له رسول اللّه (ص ): ما
حـملك على هذا؟ قال : حملني ان استوجب على اللّه ما وعدني , فقال له رسول اللّه (ص ): الا ان ذلك
لك , فانزل اللّه تعالى هذه الاية .
المبحث السادس والاربعون
في قوله تعالى : ( ورد اللّه الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى اللّه المؤمنين القتال وكان اللّه
قويا عزيزا ) [ الاحزاب : 25 ].
قـال الـذهـبـي فـي كـتـابـه [ميزان الاعتدال ] [2: 380]: وقال ابن المقري : حدثنا اسماعيل بن
عبادالبصري , حدثنا عباد بن يعقوب , حدثنا الفضل بن القاسم , عن سفيان الثوري , عن زبيد, عن مرة ,
عن ابن مسعود انه كان يقرا: (وكفى اللّه المؤمنين القتال ) بعلي .
وروى الـسـيـوطي فـي [الـدر المنثور] [5: 192 ط. مكتبة المرعشي النجفي ], في ذيل تفسير
قوله تعالى : (ورد اللّه الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى اللّه المؤمنين القتال وكان اللّه قويا
عزيزا) قال : اخرج ابن ابي حاتم , وابن مردويه , وابن عساكر, عن ابن مسعود(رض ) انه كان يقرا
هذا الحرف : (وكفى اللّه المؤمنين القتال ) بعلى بن ابي طالب .
وفـي تـفـسـيـر الـمـيزان [16: 314]: روى المؤلف ما ذكره ابن اسحاق : ان عمرو بن عبدود
كـان يـنادي : من يبارز؟ فقام علي وهو مقنع في الحديد فقال انا له يا نبي اللّه . فقال (ص ): انه عمرو
اجـلـس . ونـادى عـمرو: الا رجل ؟ وهو يؤنبهم ويقول : اين جنتكم التي تزعمون ان من قتل منكم
دخلها؟ فقام علي (ع ) فقال : انا له يا رسول اللّه . فنادى عمرو الثالثة فقال :
ولقد بححت عن النداء ----- بجمعكم هل من مبارز
ووقفت اذ جبن المشجع ----- موقف البطل المناجز
ان السماحة والشجاعة ----- في الفتى خير الغرائز
فـقـام عـلـي : فـقـال يـا رسول اللّه انا له , فقال : انه عمرو, فقال : وان كان عمروا, فاستاذن رسول
اللّه (ص ) فاذن له رسول اللّه . قال ابن اسحاق : فمشى اليه وهو يقول :
لا تعجلن فقد اتاك ----- مجيب صوتك غير عاجز
ذونية وبصيرة ----- والصدق منجي كل فائز
اني لارجو ان اقيم ----- عليك نائحة الجنائز
من ضربة نجلاء يبقى ----- ذكرها عند الهزاهز
قال له عمرو: من انت ؟ قال : انا علي قال : ابن عبد مناف ؟ قال : انا علي بن ابي طالب بن عبد المطلب بن
هـاشـم بن عبد مناف . فقال : غيرك يابن اخي من اعمامك من هو اسن منك , فاني اكره ان اهريق دمك .
فقال علي : لكني واللّه ما اكره ان اهريق دمك . فغضب ونزل وسل سيفه كانه شعلة نار, ثم اقبل نحو
عـلـي مغضبا, فاستقبله علي بدرقته فضربه عمرو بالدرقة فقدها, واثبت فيها السيف واصاب راسه
فشجه , وضربه علي على حبل العاتق فسقط.
وفـي روايـة حـذيفة : وتسيف علي رجليه بالسيف من اسفل , فوقع على قفاه , وثارت بينهماعجاجة ,
فسمع علي يكبر, فقال رسول اللّه (ص ): قتله والذي نفسي بيده , فكان اول من ابتدر العجاج عمر بن
الخطاب وقال : يا رسول اللّه قتله , فجز علي راسه , واقبل نحو رسول اللّه (ص ) ووجهه يتهلل .
قـال حـذيـفـة : فـقال النبي (ص ): ابشر يا علي , فلو وزن اليوم عملك بعمل امة محمد لرجح عملك
بـعملهم , وذلك انه لم يبق بيت من بيوت المشركين الا وقد دخله وهن بقتل عمرو,ولم يبق بيت من
بيوت المسلمين الا وقد دخله عز بقتل عمرو.
وعـن الحاكم بن ابي القاسم ايضا بالاسناد عن سفيان الثوري , عن زبيد الثاني , عن مرة ,عن عبداللّه
بن مسعود, قال : كان يقرا: (وكفى اللّه المؤمنين القتال ) بعلي . الاية .
وفي مناقب ابن شهر آشوب [3: 134]: روى عن ابن مسعود والصادق (ع ) في قوله تعالى :(وكفى
اللّه المؤمنين القتال ) بعلي بن ابي طالب وقتله عمرو بن عبدود.
وقـد رواه ابو نعيم الاصفهاني في كتاب [ما نزل من القرآن في علي ] بالاسناد عن سفيان الثوري عن
مرة عن رجل , عن عبداللّه :
وقـال جماعة من المفسرين في قوله تعالى : (اذكروا نعمة اللّه عليكم اذ جاءتكم جنود):انها نزلت
في علي يوم الاحزاب .
وفي المناقب ايضا ما رواه الواقدي , والخطيب , والخوارزمي , عن عبد الرحمن السعدي ,باسناده عن
بـهـرم بن حكيم عن ابيه عن جده عن النبي (ص ) قال : لمبارزة علي ابن ابي طالب لعمرو بن عبدود
افضل من عمل امتي الى يوم القيامة .
وعـن ابي بكر بن عياش قال : لقد ضرب علي ضربة ما كان في الاسلام اعز منها, وضرب ضربة ما
كان فيه اشام منها, ويقال : ان ضربة ابن ملجم وقعت على ضربة عمرو.
ومن كلمات السيد الحميري :
وفي يوم جاء المشركون بجمعهم ----- وعمرو بن عبد في الحديد مقنع
فجدله شلوا صريعا لوجهه ----- رهينا بقاع حوله الضبع يجمع
واهلكهم ربي وردوا بغيظهم ----- كما اهلكت عاد الطغاة وتبع
وقال المرزكي :
وفي الاحزاب جاءتهم جيوش ----- تكاد الشامخات لها تميد
فنادى المصطفى فيه عليا ----- وقد كادوا بيثرب ان يكيدوا
فانت لهذه ولكل يوم ----- تذل لك الجبابرة الاسود
فسقى العامري كؤوس حتف ----- فهزمت الجحافل والجنود
وقـد اخـرج الـحـاكم في [المستدرك ] [3: 32 ط. دار المعرفة ] بعين اللفظ والسند المذكورين
وفـي [ص 34] ذكـر فـيـه مـا قـالـه يـحـيـى بـن آدم : مـا تنبهت قتل علي عمروا الا بقول اللّه
عزوجل :(فهزمهم باذن اللّه # وقتل داود جالوت ).
قـال الامـام الـمظفر في [دلائله ] [2: 174 ط. بصيرتي - قم ]: فيما ارتبط من قراءة ابن مسعود,
فـي قـوله تعالى : (وكفى اللّه المؤمنين القتال بعلي ) وكيف كان فلتفرض قراءة ابن مسعودرواية بان
يـكـون قد روى ان اللّه سبحانه انزل هذه الاية لبيان هذه الفضيلة لعلي (ع ), وان اللّه تعالى كفى به
الـمـؤمنين القتال يوم الاحزاب , حيث قتل عمرو بن عبدود, وردالاحزاب خاسرين , فيكون جهاده
افضل من جهاد المسلمين جميعا, لان به الفتح مع حفظ نفوسهم , فمنه (ع ) حياة الاسلام والمسلمين ,
ولولا ان يكفيهم اللّه تعالى بعلي ,لاندرست معالم الاسلام , لضعف المسلمين ذلك اليوم وظهور الوهن
عليهم .
وفـي [يـنـابيع المودة ] [ص 94 ط. بصيرتي - قم ] للحافظ سليمان بن ابراهيم القندوزي الحنفي ,
قـال فـي تـفـسـيـر قـوله تعالى : (وكفى اللّه المؤمنين القتال ): قال الحافظ جلال الدين السيوطي :
في مصحف ابن مسعود: (وكفى اللّه المؤمنين القتال بعلي ).
وفي المناقب , عن ابن مسعود(رض ) قال : لما برز علي الى عمرو بن عبدود, قال النبي (ص ): برز
الايـمـان كله الى الشرك كله , فلما قتله قال (ص ) له : ابشر يا علي فلو وزن عملك اليوم بعمل امتي
لرجح عملك بعملهم .
وفـي [الـمـناقب ] بالسند عن زياد بن مطرب قال : كان ابن مسعود يقرا: (وكفى اللّه المؤمنين القتال
بعلي ) وسبب نزوله : ان عمرو بن عبدود كان فارسا مشهورا, يعدل بالف فارس ,وكان قد شهد بدرا
ولم يشهد احدا, ويوم الخندق ونادى هل من مبارز؟ فلم يجبه احد,فقام علي (ع ) وقال : انا يا رسول
اللّه , فـقـال (ص ): انه عمرو , اجلس . فنادى ثانية فلم يجبه احد, فقام علي وقال : انا يا رسول اللّه ,
فـقال : انه عمرو, فقال علي (ع ): وان كان عمروا.فاستاذن النبي (ص ), قال حذيفة بن اليمان : البسه
رسول اللّه (ص ) درعه [الفضول ] وعممه بعمامته [السحاب ] على راسه تسعة ادوار, وقال له : تقدم ,
فـلـمـا ولـى قال النبي (ص ): [برزالايمان كله الى الشرك كله ], وقال : [رب لا تذرني فردا, اللهم
احفظه من بين يديه ومن خلفه , وعن يمينه وعن شماله , ومن فوق راسه ومن تحت قدميه ]. فاستقبل
عـلـي (ع ) عمروافعمرو ضربه بسيفه فشج راسه . ثم ان عليا(ع ) ضربه على حبل عاتقه , فسق
ط الى الارض , فسمعنا تكبير علي (ع ) فقال رسول اللّه (ص ): قتله علي . وقال (ص ): ابشر ياعلي , فلو
وزن اليوم عملك بعمل امة محمد لرجح عملك بعملهم . فنزلت آية : (وكفى اللّه المؤمنين القتال ) بعلي
لانه قتل عمرو بن عبدود.
وروى ابن شيرويه الديلمي في كتابه [الفردوس ] بسنده عن عروة بن الزبير, عن ابن عباس رضي
اللّه عنهما قال : لما قتل علي عمرو بن عبدود العامري , وجاء عند النبي (ص )وسيفه يقطر دما, فلما
راى الـنـبـي عـليا قال : [اللهم اعط عليا فضيلة لم تعطها احدا قبله ولابعده ], فهبط جبرئيل ومعه
اتـرجـة الجنة فقال : ان اللّه يقرئك السلام ويقول : حي هذه عليافدفعها اليه , فانفلقت في يده فلقتين
فاذا فيها حريرة خضراء مكتوب سطران : [تحفة من الطالب الغالب الى علي بن ابي طالب ]. قال : ايضا
الـخـطـيـب الـخـوارزمي اخرجه عن ابن عباس . وايضا صاحب [روضة الفضائل ] وصاحب [ثاقب
المناقب ] اخرجاه عن سالم بن الجعد عن جابر بن عبداللّه .
وروى الـشـبـلـنـجـي فـي [نـور الابـصـار] [ص 97]: انه لما بلغ رسول اللّه (ص ) ان قريشا
تجمعت وقائدهم ابو سفيان بن حرب , وان غطفان تجمعت وقائدهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر,
واتـفقوا مع بني النضير من اليهود على قصد رسول اللّه (ص ) وحصار المدينة , اخذالنبي (ص ) في
حراسة المدينة بحفر الخندق عليها, وعمل النبي (ص ) بنفسه الشريفة واحكمه في ايام , فلما فرغ
رسـول اللّه (ص ) مـن حـفره اقبلت قريش بمجموعها وجيوشهاومن تبعها من كنانة واهل تهامة في
عشرة آلاف . واقبلت غطفان ومن تبعها من اهل نجد,فنزلوا من فوق المسلمين ومن اسفلهم , كما قال
تعالى : (اذ جاءوكم من فوقكم ومن اسفل منكم ) [الاحزاب : 10].