وفي [تاريخ بغداد] [12: 331] للخطيب , انه روى بسنده عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه (ص ): [ابـنتي فاطمة حوراء آدمية , لم تحض ولم تطمث , وانما سماها فاطمة لان اللّه فطمها ومحبيها عن
النار].
وذكره ابن حجر ايضا في [صواعقه ] [ص 96] وقال : اخرجه النسائي .
وفـي [تـاريـخ بـغـداد] ايضا [5: 87], روى بسنده عن عائشة قالت : يا رسول اللّه مالك اذاجاءت
فاطمة قبلتها حتى تجعل لسانك في فيها كله , كانك تريد ان تلعقها عسلا؟قال (ص ): [نعم يا عائشة :
انـي لـمـا اسري بي الى السماء ادخلني جبريل الجنة , فناولني منهاتفاحة فاكلتها, فصارت نطفة في
صلبي , فلما نزلت واقعت خديجة , ففاطمة من تلك النطفة , وهي حوراء انسية , كلما اشتقت الى الجنة
قبلتها].
اقـول : وذكـره الـمـحـب الـطـبـري فـي [ذخائر العقبى ] [ص 36] وقال : اخرجه ابو سعيد في
[شرف النبوة ].
وفـي [ذخـائر الـعـقـبـى ] ايـضـا [ص 44] ذكر حديثا عن اسماء في ولادة فاطمة بالحسن (ع )
قـالت اسماء: يا رسول اللّه , اني لم ار لها دما في حيض ولا في نفاس , فقال (ص ): [اما علمت ان ابنتي
طاهرة مطهرة لا يرى لها دم في طمث ولا ولادة ].
المبحث الثاني والخمسون
فـي قـولـه تعالى : ( اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ... ) [ البقرة :
124 ].
اخـرج ابـن الـمـغـازلـي فـي [الـمـنـاقـب ] [ص 276]: اخـبرنا ابو احمد الحسن بن احمد بن
مـوسـى الـغـنـدجـاني , اخبرنا ابو الفتح هلال بن محمد الحفار, حدثنا اسماعيل بن علي بن رزين ,
قال :حدثني ابي واسحاق بن ابراهيم الدبري , قالا: حدثنا عبد الرزاق , قال : حدثني ابي عن مينا مولى
عـبـد الرحمن بن عوف عن عبداللّه بن مسعود قال : قال رسول اللّه (ص ): [انادعوة ابي ابراهيم ].
قلنا: يا رسول اللّه , وكيف صرت دعوة ابيك ابراهيم ؟ قال (ص ):[اوحى اللّه عزوجل الى ابراهيم :
(انـي جـاعلك للناس اماما), فاستخف ابراهيم الفرح ,قال : يا رب ومن ذريتي ائمة مثلي , فاوحى اللّه
اليه : ان يا ابراهيم اني لا اعطيك عهدا لا افي لك به . قال : يا رب ما العهد الذي لا تفي لي به ؟ قال : لا
اعطيك لظالم من ذريتك , قال ابراهيم عندها: (واجنبني وبني ان نعبد الاصنام# رب انهن اضللن كثيرا
مـن الـنـاس ).قـال النبي (ص ): فانتهت الدعوة الي والى علي , لم نسجد احد منا لصنم قط, فاتخذني
اللّه نبيا واتخذ عليا وصيا].
وقـال الـطـبـاطبائي في تفسير [الميزان ] [1: 273]: في قوله تعالى : (اني جاعلك للناس اماما)اي
مقتدى يقتدي بك الناس ويتبعونك في اقوالك وافعالك . فالامام هو الذي يقتدى ويؤتم به . [الى ان قال ]:
وقـال تـعـالى : (يوم ندعو كل اناس بامامهم )(98)... فالامام هو الذي يسوق الناس الى اللّه سبحانه
وتعالى , يوم تبلى السرائر, كما انه يسوقهم اليه في ظاهر هذه الحياة الدنيا وباطنها.
والايـة مع ذلك تفيد ان الامام لا يخلو منه زمان من الازمنة , وعصر من الاعصار, لمكان قوله تعالى :
(كل اناس ). ثم ان هذا المعنى , اعني الامامة , على شرافته وعظمته , لا يقوم الا بمن كان سعيد الذات
بـنـفسه , اذ الذي ربما تلبس ذاته بالظلم والشقاء, فانما سعادته بهداية من غيره , وقد قال اللّه تعالى :
(افمن يهدي الى الحق اءحق اءن يتبع اءمن لا يهدي الااءن يهدى )(99) وقد قوبل في هذه الاية بين
الـهادي الى الحق وبين غير المهتدي الابغيره ,اعني المهتدي بغيره , وهذه المقابلة تقتضي ان يكون
الهادي الى الحق مهتديا بنفسه , وان المهتدي بغيره لا يكون هاديا الى الحق البتة .
ويـسـتنتج من هنا امران : احدهما: ان الامام يجب ان يكون معصوما عن الضلال والمعصية , والا كان
غير مهتد بنفسه , كما مر, كما يدل عليه ايضا قوله تعالى : (وجعلناهم اءئمة يهدون باءمرنا واءوحينا
اليهم فعل الخيرات واقام الصلاة وايتاء الزكاة وكانوا لناعابدين )(100).
فافعال الامام خيرات يهتدي اليها, لا بهداية من غيره , بل باهتداء من نفسه بتاييد الهي ,وتسديد رباني .
قال العبدي :
وقالوا رسول اللّه ما اختار بعده ----- اماما لنا لكن لانفسنا اخترنا
فقلنا اذن انتم امام امامكم ----- بفضل من الرحمن تهتم وما تهنا
ولكننا اخترنا الذي اختار ربنا ----- لنا يوم [خم ] لا ابتدعنا ولا جرنا
سيجمعنا يوم القيامة ربنا ----- فتجزون ما قلتم ونجزى بما قلنا
هدمتم بايديكم قواعد دينكم ----- ودين على غير القواعد لا يبنى
ونحن على نور من اللّه واضح ----- فيا رب زدنا منك نورا وثبتنا(101)
والدليل عليه قوله تعالى : (فعل الخيرات ) بناء على ان المصدر المضاف يدل على الوقوع ,ففرق بين
مـثـل قولنا: واوحينا اليهم ان افعلوا الخيرات , فلا يدل على التحقيق والوقوع ,بخلاف قوله تعالى :
(واوحـيـنا اليهم فعل الخيرات ) فهو يدل على ان ما فعلوه من الخيرات انما هو بوحي باطني وتاييد
سماوي , والثاني عكس الامر الاول , وهو ان من ليس بمعصوم فلا يكون اماما هاديا الى الحق البتة .
وبهذا البيان يظهر: ان المراد بالظالمين في قوله تعالى : (قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين )
مطلق من صدر عنه ظلم ما من شرك او معصية , وان كان منه في برهة من عمره , ثم تاب وصلح .
وقـد سئل احد اساتيذنا رحمة اللّه عليه عن تقريب دلالة الاية على عصمة الامام ,فاجاب : ان الناس
بحسب القسمة العقلية على اربعة اقسام : من كان ظالما في جميع عمره ,ومن لم يكن ظالما في جميع
عمره , ومن هو ظالم في اول عمره دون آخره , ومن هوبالعكس من هذا. وابراهيم اجل شانا من ان
يـسـال الامامة للقسم الاول والرابع من ذريته . وبقي قسمان وقد نفى اللّه احدهما, وهو الذي يكون
ظالما في اول عمره دون آخره ,فبقي الاخر, وهو الذي يكون غير ظالم في جميع عمره . انتهى .
وقد ظهر مما تقدم من البيان امور:
الاول : ان الامامة مجعولة .
الثاني : ان الامام يجب ان يكون معصوما بعصمة الهية .
الثالث : ان الارض وفيها الناس لا تخلو من امام حق .
الرابع : ان الامام يجب ان يكون مؤيدا من عند اللّه .
الخامس : ان اعمال العباد غير محجوبة عن علم الامام .
السادس : انه يجب ان يكون عالما بجميع ما يحتاج اليه الناس في امور معاشهم ومعادهم .
السابع : انه يستحيل ان يوجد فيهم من يفوقه في فضائل النفس (102).
ومما ذكر في بحثه الروائي :(103)
فـي الـكـافـي [1: 175, ط. دار الـكـتـب الاسـلامية ]: عن الصادق (ع ): [ان اللّه تبارك وتعالى
اتـخـذابـراهـيـم عـبـدا قـبل ان يتخذه نبيا, وان اللّه اتخذه نبيا قبل ان يتخذه رسولا, وان اللّه
اتـخـذه رسـولا قـبـل ان يـتـخـذه خليلا, وان اللّه اتخذه خليلا قبل ان يجعله اماما, فلما جمع له
الاشياءقال : (اني جاعلك للناس اماما) قال (ع ): فمن عظمها في عين ابراهيم قال : (ومن ذريتي قال لا
ينال عهدي الظالمين ) قال : لا يكون السفيه امام التقي ].
وعـن الـمفيد عن درست وهشام عن الصادق (ع ) قال : قد كان ابراهيم نبيا وليس بامام ,حتى قال اللّه
تـبـارك وتـعـالى : (اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي ) فقال تبارك اللّه وتعالى : (لا ينال عهدي
الظالمين ) من عبد صنما او وثنا او مثالا لا يكون اماما.
وفـي امـالـي الـشـيـخ [ص 379 ط. مـؤسـسـة الـبـعـثـة ] مـسـندا, وعن مناقب ابن المغازلي
[ص 277]:مـرفـوعـا, عن ابن مسعود عن النبي (ص ) في الاية , عن قول اللّه لابراهيم : من سجد
لـصـنـم دوني لا اجعله اماما, قال (ص ): [وانتهت الدعوة الي والى اخي علي , لم يسجد احد منالصنم
قط].
وفـي تفسير العياشي (104) باسانيد عن صفوان الجمال قال : كنا بمكة فجرى الحديث في قول اللّه :
(واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن ) قال : اتمهن بمحمد(ص ) وعلي (ع ), والائمة من ولد علي
صلى اللّه عليهم , في قول اللّه : (ذرية بعضها من بعض واللّه سميع عليم ).
قـال الـمـؤلـف الـطـبـاطـبـائي شـرف اللّه قـدره ومـجهوده : والرواية مبنية على كون المراد
بالكلمة [الامامة ] كما فسرت في قوله تعالى : (فانه سيهدين # وجعلها كلمة باقية في عقبه )[الزخرف :
27 - 28] فـيـكون معنى الاية : واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات , هن امامته وامامة اسحاق وذريته ,
واتمهن بامامة محمد(ص ) والائمة من اهل بيته , من ولد اسماعيل , ثم بين الامر بقوله : (اني جاعلك
للناس اماما) الاية .
وقـال الـسيد امير محمد الكاظمي في كتابه [نقض الصواعق ] [ص 220]: ان السجود للاصنام الذي
كـان عليه الخلفاء الثلاثة قبل ظهور الاسلام بمكة , ينافي منصب الخلافة ولو بعدالايمان , لان اللّه
تعالى اخبر صريحا بان عهد الامامة في قوله : (لا ينال عهدي الظالمين )لا تليق بمن تلبس بالظلم في
وقـت مـن الاوقـات , والـكـافر لا شك في انه ظالم , بدليل قوله تعالى : (والكافرون هم الظالمون )
[الـبـقـرة : 254]: ولا شـك لاحـد في ان قريشا, ومنهم الخلفاء الثلاثة , كانوا يعبدون غير اللّه ,
ويسجدون للاصنام قبل ظهور الاسلام وعليه اجماع المسلمين .... الى ان قال :
وخلاصة القول : ان اللّه قد اخبر نبيه ابراهيم (ع ) لما طلب منه الامامة لذريته , بقوله تعالى :(لا ينال
عهدي الظالمين ) والظالم وان تاب فلا يخرج من ان تكون الاية تناولته في حال كونه ظالما, فاذا نفى
ان ينال عهده , فقد حكم بانه لا يناله مطلقا, ولما كانت الاية مطلقة غير مقيدة بوقت وجب حملها على
سائر الاوقات , فلا يناله الظالم وان تاب فيما بعد.
وبـعبارة اوضح : ان المضارع المنفي بقوله : (لا ينال عهدي ) ليس للحال فقط, بل يعم المستقبل ايضا,
وهـو يـعم جميع الاوقات الاتية , ولما لم يقيد الكلام بشي ء منها, وجب ان يعم النفي جميعها, فكل من
اتـصـف بـالظلم وصدق عليه في وقت ما, كان داخلا في الظالمين في ذلك الوقت ومشمولا للاية ...
[الخ ].
وقـال الامـام الـمـظـفـر فـي كـتـابـه [دلائل الـصدق ] [2: 90 ط. بصيرتي ]: واما دلالة الاية
بـضـمـيمة الحديث على امامة امير المؤمنين (ع ), فلان الحديث قد دل على استجابة دعوة ابراهيم
فـي بـعـض ذريته , وصيرورتهم ائمة للناس لكونهم انبياء او اوصياء, ودل على ان الدعوة انتهت الى
رسـول اللّه (ص ) وعـلي (ع ) فكانت امامة رسول اللّه باتخاذ اللّه له نبيا, وامامة علي باتخاذه وصيا,
.... الى ان قال :
ثـم ان قـولـه (ص ): لـم يـسجد احدنا لصنم قط, اشارة الى انتفاء مانع النبوة والامامة عنهما,اعني
الـمـعـصـيـة والظلم المذكور في تلك الاية بقوله سبحانه : (لا ينال عهدي الظالمين )فيكون معنى
كـلامـه (ص ) انتهت الي والى علي دعوة ابراهيم لذريته لانتفاء الظلم عنا,الذي جعله اللّه مانعا عن
نيل الامامة , فاتخذني نبيا وعليا وصيا.
وانـمـا خـص الـسـجـود لـلـصـنـم بـالذكر, دون سائر الظلم والمعصية , لانه الفرد الاهم في
الانتفاءوابتلاء عامة قومه به . فالمقصود: انما هو بيان انتفاء المانع المذكور في الاية عنهما, لا بيان
ان عدم السجود للصنم علة تامة لانتهاء الدعوة اليهما, حتى تلزم امامة كل من لم يسجدلصنم , وان كان
جـاهـلا عـاصـيا, ولا بيان كون عدم السجود للصنم فضيلة مختصة بهما في دائم الدهر, حتى يقال
بـمـشاركة كل من ولد على الاسلام لهما, ولا بيان ان عدم السجودللصنم سبب تام للافضلية , حتى
يقال : ان بعض من تاب عن الكفر افضل ممن ولد على الاسلام .
ثـم ان المراد بانتهاء الدعوة اليهما, وصولها اليهما, لا انقطاعها عندهما, لتعديته بالى , فلاينفي امامة
الحسن والحسين والتسعة من بعدهما... الخ .
وفـي مـناقب [ابن شهر آشوب ] [3: 64 - 65]: عن امالي ابن بابويه (105) عن الباقر(ع ) قال :
لمانزل قوله تعالى : (وكل شي ء احصيناه في امام مبين ) قام رجلان من مجلسيهما فقالا: يارسول اللّه ,
هـو الـتـوراة ؟ قـال : لا, قـالا: هـو الانجيل ؟ قال : لا, قالا: فهو القرآن ؟ قال : لا, قال :فاقبل امير
المؤمنين علي بن ابي طالب (ع ) فقال رسول اللّه (ص ): هذا هو الامام الذي احصى اللّه تبارك وتعالى
فـيـه كل شي ء. وفي [3: 65 ط. دار الاضواء] منه قال الصادق (ع ): الاتحمدون اللّه , اذا كان يوم
القيامة يدعى كل قوم الى من يتولونه , وفزعنا الى رسول اللّه ,وفزعتم انتم الينا, فالى اين ترون ان
نذهب بكم ؟ الى الجنة ورب الكعبة .قال الشاعر:
اشهد باللّه وآلائه ----- شهادة يعلمها ربي
ان عليا بعد خير الورى ----- امام اهل الشرق والغرب
من لم يقل مثل الذي قلته ----- جاءت به الرعناء في الدرب
وقال آخر:
حب الامام على الانام فريضة ----- اعني امير المؤمنين عليا
فرض الاله على البريه حبه ----- واختاره للمؤمنين وليا
وفي [3: 55] منه : عن امالي ابن سهل احمد القطان , وكافي الكليني باسنادهما الى جابرالجعفي قال :
[قـال ابـو جـعفر(ع ): لو علم الناس متى سمي امير المؤمنين ما انكروا ولايته ,قلت : رحمك اللّه ,
ومـتـى سـمـي ؟ قـال : ان ربك عزوجل حين اخذ من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم واشهدهم على
انفسهم , قال : الست بربكم وان محمدا رسولي , وان عليا اميرالمؤمنين ].
المبحث الثالث والخمسون
في قوله تعالى : ( قل كفى باللّه شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) [ الرعد:43 ].
روى الـحافظ سليمان بن ابراهيم القندوزي في كتابه [ينابيع المودة ] [ص 102 باب 30] عن الثعلبي
وابـن المغازلي بسنديهما عن عبداللّه بن عطا قال : كنت مع محمدالباقر(رض ) في المسجد, فرايت
ابن عبداللّه بن سلام , فقلت : هذا ابن الذي عنده علم الكتاب . قال [يعني الباقر]: انما ذلك علي بن ابي
طالب .
وروى الثعلبي , وابو نعيم بسنديهما عن زادان عن محمد بن الحنفية قال : من عنده علم الكتاب علي بن
ابي طالب .
وعـن الفضيل بن يسار عن الباقر(ع ) قال : [هذه الاية نزلت في علي بن ابي طالب (ع ) انه عالم هذه
الامة ].
وفي رواية عنه (ع ) قال : [ايانا عنى , وعلي افضلنا واولنا وخيرنا بعد النبي (ص )].
وعـن عـمر بن اذينة عن جعفر الصادق (ع ) قال : [قال امير المؤمنين صلوات اللّه عليه : الاان العلم
الذي هبط به آدم (ع ) من السماء الى الارض , وجميع ما فضلت به النبيون الى خاتم النبيين , في عترة
خاتم النبيين صلى اللّه عليه وعليهم ].
وقـال الصادق (ع ): [علم الكتاب كله واللّه عندنا, وما اعطي وزير سليمان بن داود(ع ), انماعنده
حـرف واحـد مـن الاسم الاعظم , وعلم بعض الكتاب كان عنده , قال تعالى : (قال الذي عنده علم من
الـكـتاب )(106) اي بعض الكتاب : (انا آتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك ), قال تعالى لموسى (ع ):
(وكتبنا له في الالواح من كل شي ء موعظة )(107) و[من ]للتبعيض , وقال في عيسى (ع ): (وليبين
لكم بعض الذي تختلفون فيه )(108) بكلمه البعض .وقال في علي (ع ): (ومن عنده علم الكتاب ) اي
كل الكتاب , وقال : (ولا رطب ولايابس الا في كتاب مبين )(109) وعلم هذا الكتاب عنده ].
وعن صاحب المناقب : روى عن محمد بن مسلم , وابي حمزة الثمالي , وجابر بن يزيد عن الباقر(ع ).
وروى عـلـي بـن فـضـال , وفضيل بن يسار, وابو بصير عن الصادق (ع ). وروى احمد بن محمد
الـحـلبي , ومحمد بن فضيل عن الرضا(ع ). وقد روى عن موسى بن جعفر,وعن زيد بن علي (ع ),
وعن محمد بن الحنفية , وعن سلمان الفارسي , وعن ابي سعيدالخدري , واسماعيل السدي , انهم قالوا
فـي قـولـه تـعـالـى : (قـل كـفى باللّه شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) هو: علي بن ابي
طالب (ع ).
وعـن عطية العوفي عن ابي سعيد الخدري قال : [سالت رسول اللّه (ص ) عن هذه الاية :(الذي عنده
عـلـم مـن الكتاب ) قال (ص ): ذاك وزير اخي سليمان بن داود(ع ), وسالته عن قول اللّه عزوجل :
(قل كفى باللّه شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب )قال (ص ): ذاك اخي علي بن ابي طالب ].
وفـي المناقب سئل علي (ع ) ان عيسى بن مريم كان يحيي الموتى , وسليمان بن داود كان يفهم منطق
الـطير, هل لكم هذه المنزلة ؟ قال (ع ): ان سليمان بن داود(ع ) غضب لهدهد عندفقده , لانه يعرف
الـمـاء ويـدل عـلـى الـماء, ولا يعرف سليمان الماء تحت الهواء مع ان الريح والنمل والانس والجن
والـشياطين والمردة كانوا له طائعين . وان اللّه يقول في كتابه : (ولوان قرآنا سيرت به الجبال او
قطعت به الارض او كلم به الموتى )(110) ويقول تعالى : (ومامن غائبة في السماء والارض الا في
كـتاب مبين )(111) ويقول تعالى : (ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا)(112) فنحن اورثنا
هـذا الـقرآن , الذي فيه ما يسير به الجبال ,وقطعت به البلدان , ويحيى به الموتى , ونعرف به الماء,
واورثنا هذا الكتاب فيه تبيان كل شي ء.
وسـئل سعيد بن جبير: ومن عنده علم الكتاب , عبداللّه بن سلام ؟ قال : لا, كيف وهذه السورة مكية ,
وعبداللّه بن سلام اسلم في المدينة بعد الهجرة .
وعن ابن عباس (رض ) قال : (ومن عنده علم الكتاب ) انما هو علي , لقد كان عالمابالتفسير والتاويل
والـنـاسخ والمنسوخ . وعن محمد بن الحنفية (رض ) قال : عند ابي اميرالمؤمنين علي صلوات اللّه
عليه , علم الكتاب الاول والاخر.
وعـن سليم بن قيس الهلالي في كتابه عن قيس بن سعد بن عبادة قال : (ومن عنده علم الكتاب ) علي .
قـال مـعـاويـة بـن ابي سفيان : هو عبداللّه بن سلام , قال سعد: انزل اللّه : (انماانت منذر ولكل قوم
هـاد)(113) وانـزل : (افـمـن كـان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه )(114)فالهادي من الاية
الاولـى , والـشـاهد من الاية الثانية : علي , لانه نصبه (ص ) يوم الغدير,وقال (ص ): [من كنت مولاه
فـعلي مولاه , وقال (ص ): انت مني بمنزلة هارون من موسى الاانه لا نبي بعدي ], فسكت معاوية ولم
يستطع ان يردها.
وقـال بـعـض الـمحققين : ان اللّه تبارك وتعالى بعث خاتم انبيائه , واشرف رسله , واكرم خلقه بمنه
وتـحـنـنـه وفـضـلـه الـعـظيم , بسابق علمه ولطفه , بعد اخذه العهد والميثاق على انبيائه وعباده
بمحمد(ص ) بقوله : (لتؤمنن به ولتنصرنه ) ولما فتح اللّه ابواب السعادة الكبرى ,والهداية العظمى ,
بـرسـالـة حـبـيبه على العرب وقريش , وخصوصا على بني هاشم , بقوله تعالى : (وانذر عشيرتك
الاقربين ) ورهطك المخلصين , اقتضى العقل ان يكون العالم بجميع اسرار كتاب اللّه , لا بد ان يكون
رجـلا مـن بني هاشم بعد النبي (ص ) لانه اقربه (115)من سائر قريش , وان يكون اسلامه اولا,
ليكون واقفا على اسرار الرسالة وبدء الوحي ,وان يكون جميع الاوقات عنده بحسن المتابعة , ليكون
خـبـيـرا عن جميع اعماله واقواله , وان يكون من طفوليته منزها من اعمال الجاهلية ليكون متخلقا
باخلاقه , ومؤدبا بادابه ونظيرا بالرشيد من اولاده , فلم يوجد هذه الشروط لاحد الا في علي (ع ).
وامـا عـبـداللّه بـن سـلام فلم يسلم الا بعد الهجرة , فلم يعرف سبب نزول السورة التي نزلت قبل
الـهـجـرة , ولـما كان حاله هذا لم يعرف حق تاويلها بعد اسلامه , مع ان سلمان الفارسي الذي صرف
عـمره الطويل ثلاثمائة وخمسين سنة في تعلم اسرار الانجيل , والتوراة والزبور, وكتب الانبياء
الـسابقين والقرآن , لم يكن من عنده علم الكتاب , لفقد الشروطالمذكورة , فكيف يكون من عنده علم
الكتاب عبداللّه بن سلام ؟ الذي لم يقرا الانجيل , ولم يوجد فيه الشروط, ولم يصدر منه ما صدر من
علي (ع ) يعسوب الدين من الاسراروالحقائق في الخطبات , مثل قوله (ع ): [سلوني قبل ان تفقدوني ,
فـان بـيـن جنبي علوماكالبحار الزواخر]. ومثل ما صدر من اولاده الائمة الهداة عليهم سلام اللّه
وبركاته , من المعارف والحكم في تاويلات كتاب اللّه واسراره .
وقال الامام المظفر في كتابه [دلائل الصدق ] [ص 135]: ويشهد لارادة علي (ع ) في الاية :التعبير
عنه بمن عنده علم الكتاب , الدال على احاطة علمه في الكتاب , [اعني القرآن ] كماهو المنصرف , اذ
لا يحيط به علما غير قرينه , الذي امر رسول اللّه (ص ) بالتمسك به معه .
كـمـا يـشـهد لعدم ارادة ابن سلام , ما في [الدر المنثور]: عن سعيد بن منصور, وابن جرير,وابن
الـمـنـذر, وغـيـرهم , انهم اخرجوا عن سعيد بن جبير انه سئل عن قوله تعالى : (ومن عنده علم
الـكتاب ) اهو عبداللّه بن سلام ؟ قال : وكيف وهذه السورة مكية ؟ وفي [الدرالمنثور] ايضا عن ابن
المنذر انه اخرج عن الشعبي قال : ما نزل في عبداللّه بن سلام شي ءمن القرآن .
المبحث الرابع والخمسون
في قوله تعالى : ( ثم لتسالن يومئذ عن النعيم ) [ التكاثر: 8 ].
تـفرعت آراء ذوي الافهام , وتشعبت افكار المفسرين والعلماء الاعلام , في تفسير معنى النعيم الذي
يسال عنه العباد يوم القيامة , منهم من يقول انه : نعمة شرب الماء البارد,ومنهم من يقول : نعمة الرقود
تحت الظل , ومنهم من يقول : نعمة الاسودين , الماء والتمر,ومنهم من يقول : نعمة الصحة والامن , الى
مـا هنالك من الاقوال المختلفة المعاني , والالفاظالمتفرقة المباني , حتى ان ابا حنيفة التجا سائلا الى
ابي عبداللّه (ع ) عن معنى هذا النعيم , كمارواه الطبرسي في تفسيره [9 - 10: 534 ط. دار احياء
الـتراث العربي ] عن العياشي باسناده في حديث طويل قال : [سال ابو حنيفة ابا عبداللّه (ع ) عن هذه
الاية , فقال (ع ) له : ما النعيم عندك يا نعمان ؟ قال : القوت من الطعام والماء البارد. فقال (ع ): لئن اوقفك
اللّه يـوم القيامة بين يديه حتى يسالك عن كل اكلة اكلتها, وشربة شربتها ليطولن وقوفك بين يديه .
قـال :فما النعيم جعلت فداك ؟ قال (ع ): نحن اهل بيت النعيم الذي انعم اللّه بنا على العباد, وبناائتلفوا
بعد ان كانوا مختلفين , وبنا الف اللّه بين قلوبهم , وجعلهم اخوانا بعد ان كانوا اعداء,وبنا هداهم اللّه
لـلاسـلام , وهـي النعمة التي لا تنقطع , واللّه سائلهم عن حق النعيم الذي انعم اللّه به عليهم , وهو
النبي (ص ) وعترته ].
وروى الـقندوزي في [ينابيع المودة ] [ص 111]: عن الحافظ ابي نعيم بسنده عن جعفرالصادق (ع )
فـي هـذه الايـة قـال (ع ): [الـنعيم , ولاية امير المؤمنين علي بن ابي طالب كرم اللّه وجهه ]. وعن
الـحـاكـم بـن احـمـد البيهقي قال : حدثنا محمد بن يحيى الصوفي , قال : حدثنا ابوذكوان القاسم بن
اسـماعيل , قال : حدثني ابراهيم بن العباس الصولي الكاتب بالاهواز سنة سبع وعشرين ومائتين قال :
كـنـا يـومـا بين يدي علي بن موسى الرضا(ع ) قال له بعض العلماء: ان النعيم في هذه الاية هو الماء
الـبـارد, فـقـال لـه الرضا(ع ) بارتفاع صوته : [كذافسرتموه انتم , وجعلتموه على ضروب , فقالت
طـائفة : هو الماء البارد, وقال آخرون : هوالنوم , وقال غيرهم : هو الطعام الطيب , ولقد حدثني ابي ,
عـن ابـيه جعفر بن محمد(ع ) اذاقوالكم هذه ذكرت عنده فغضب , وقال : ان اللّه عزوجل لا يسال
عباده عما تفضل عليهم به , ولا يمن بذلك عليهم , وهو مستقبح من المخلوقين كيف يضاف الى الخالق ,
جـلـت عـظمته ما لا يرضى للمخلوقين ؟ ولكن النعيم : حبنا اهل البيت وموالاتنا, يسال اللّه عنه بعد
الـتوحيد للّه ونبوة رسوله (ص ) لان العبد اذا وافى بذلك اداه الى نعيم الجنة الذي لايزول . قال ابي
موسى (ع ): لقد حدثني ابي جعفر, عن ابيه محمد بن علي , عن ابيه علي بن الحسين , عن ابيه الحسين
بـن علي , عن ابيه علي بن ابي طالب (ع ) قال : قال رسول اللّه (ص ): يا علي ان اول ما يسال عنه العبد
بعد موته شهادة ان لا اله الا اللّه , وان محمدارسول اللّه , وانك ولي المؤمنين بما جعله اللّه وجعلته
لك , فمن اقر بذلك وكان معتقده , صارالى النعيم الذي لا زوال له ].
وفي المناقب ايضا عن الاصبغ بن نباتة , عنه [اي الرضا(ع )] قال (ع ): [نحن النعيم الذي كان في هذه
الايـة ]. وايـضـا عـن الـبـاقـر(ع ) قـال : [ما هو الطعام والشراب , ولكن هو ولايتنا].وايضا عن
الكاظم (ع ) قال : [نحن نعيم المؤمن , وعلقم الكافر].
وفي تفسير الميزان [20: 353]: عن تفسير القمي باسناده عن جميل عن ابي عبداللّه (ع )قال : قلت
له : (لتسالن يومئذ عن النعيم ) قال (ع ): [تسال هذه الامة عما انعم اللّه عليهابرسوله , ثم باهل بيته ].
وعـن الـكـافي باسناده عن ابي حامد الكابلي قال : [دخلت على ابي جعفر(ع ) فدعا بالغداءفاكلت معه
طـعـاما ما اكلت طعاما اطيب منه قط ولا الطف , فلما فرغنا من الطعام قال (ع ):يا ابا خالد كيف رايت
طـعـامـك ؟ او قال : طعامنا؟ قلت : جعلت فداك , ما اكلت طعامااطيب منه قط ولا الطف (116), ولكن
ذكـرت الاية التي في كتاب اللّه : (ثم لتسالن يومئذ عن النعيم ) فقال ابو جعفر(ع ): انما يسالكم عما
انتم عليه من الحق ].
وفيه باسناده عن ابي حمزة قال : كنا عند ابي عبداللّه (ع ) جماعة , فدعا بطعام ما لنا عهدبمثله لذاذة
وطـيـبـا, واتينا بتمر تنظر فيه اوجهنا من صفائه وحسنه , فقال رجل : لتسالن عن هذا النعيم الذي
تـنعمتم به عند ابن رسول اللّه , فقال ابو عبداللّه (ع ): [ان اللّه عزوجل اكرم واجل ان يطعم طعاما
فيسوغكموه ثم يسالكم عنه , انما يسالكم عما انعم عليكم بمحمد وآل محمد(ص )].
قال المؤلف : اقول : وهذا المعنى مروي عن ائمه اهل البيت (ع ) بطرق اخرى وعبارات مختلفة , وفي
بعضها ان النعيم ولايتنا اهل البيت , ويؤول المعنى الى ما قدمناه من عموم النعيم لكل نعمة انعم اللّه بها
بما انها نعمة .
وبـيان ذلك : ان هذه النعم لو سئل عن شي ء منها فليست يسال عنها بما انها لحم او خبز اوتمر او ماء
بـارد, او انـها سمع او بصر او يد او رجل مثلا, وانما يسال عنها بما انها نعمة خلقهااللّه للانسان ,
واوقـعـها في طريق كماله , والحصول على التقرب العبودي , كما تقدمت الاشارة اليه , وندبه الى ان
يـستعملها شكرا لا كفرا. فالمسؤول عنها هي النعمة بما انهانعمة , ومن المعلوم ان الدال على نعيمية
الـنـعـيم وكيفية استعماله شكرا, والمبين لذلك كله هوالدين الذي جاء به النبي (ص ) ونصب لبيانه
الائمة من اهل بيته , فالسؤال عن النعيم مرجعه السؤال عن العمل بالدين في كل حركة وسكون . ومن
الـمـعـلـوم ايضا ان السؤال عن النعيم الذي هو الدين , سؤال عن النبي (ص ) والائمة من بعده , الذين
افـتـرض اللّه طاعتهم ,واوجب اتباعهم في السلوك الى اللّه , الذي طريقه استعمال النعيم كما بينه
الرسول والائمة صلى اللّه عليه وعليهم .
والـى كون السؤال عن النعيم سؤالا عن الدين , يشير ما في رواية ابي خالد من قوله : [وانمايسالكم
عـمـا انـتـم عـليه من الحق ] والى كونه سؤالا عن النعيم الذي هو النبي واهل بيته صلى اللّه عليه
وعـلـيهم , يشير ما في روايتي جميل وابي حمزة السابقتين من قوله : [يسال هذه الامة عما انعم اللّه
عليها برسوله ثم باهل بيته ]. وما في معناه ... (الخ ).
المبحث الخامس والخمسون
في قوله تعالى : ( اللّه نور السماوات والارض مثل نوره كمشكاة فيهامصباح ) [ النور: 35 ].
قـال الـطبرسي في تفسيره [مجمع البيان ] [ 7 - 8: 142 ط. دار احياء التراث العربي -بيروت ]:
فـي قـولـه تعالى : (اللّه نور السماوات والارض ) اختلف في معناه على وجوه :احدها:اللّه هادي اهل
السماوات والارض الى ما فيه من مصالحهم , عن ابن عباس .
والثاني : اللّه نور السماوات والارض والشمس والقمر والنجوم , عن الحسن وابي العالية والضحاك .
والثالث : مزين السماوات بالملائكة , ومزين الارض بالانبياء والعلماء, عن ابي بن كعب .
وقوله تعالى : (مثل نوره ) فيه وجوه :
احـدهـا: ان المعنى : مثل نور اللّه الذي هدى به المؤمنين , وهو الايمان في قلوبهم . عن ابي بن كعب
والضحاك , وكان ابي يقرا: مثل نور من آمن به .
الثاني : مثل نوره الذي هو القرآن في القلب , عن ابن عباس والحسن وزيد بن اسلم .
والثالث : انه عنى بالنور: محمد(ص ) واضافة الى نفسه تشريفا له , عن كعب وسعيد ابن جبير.
والـرابـع : ان نـوره سبحانه : الادلة الدالة على توحيده وعدله , التي هي في الظهور والوضوح مثل
النور, عن ابي مسلم .
والخامس : ان النور هنا: الطاعة , اي مثل طاعة اللّه في قلب المؤمن , عن ابن عباس في رواية اخرى .
وقوله تعالى : (كمشكاة فيها مصباح ).
الـمشكاة : هي الكوة في الحائط, يوضع عليها زجاجة , ثم يكون المصباح خلف تلك الزجاجة , ويكون
للكوة باب آخر يوضع المصباح فيه .
وقيل : المشكاة عمود القنديل الذي فيه الفتيلة , وهو مثل الكوة , والمصباح السراج .
وقـيـل : الـمـشـكـاة : القنديل , والمصباح الفتيلة .... [الى ان قال ]: وقد قيل ايضا: المشكاة ابراهيم ,
والزجاجة اسماعيل , والمصباح محمد(ص ) كما سمي سراجا في موضع آخر.
وقـولـه تـعـالـى : (من شجرة مباركة ) يعني : ابراهيم , لان اكثر الانبياء من صلبه (لا شرقية ولا
غـربـيـة ) لا يـهودية ولا نصرانية . لان النصارى تصلي الى المشرق , واليهود تصلي الى المغرب .
(يـكاد زيتها يضي ء) اي يكاد محاسن محمد(ص ) تظهر قبل ان يوحى اليه . (نورعلى نور) اي نبي
من نسل نبي , عن محمد بن كعب .
وقـيـل : ان المشكاة : عبد المطلب , والزجاجة : عبداللّه , والمصباح : هو النبي (ص ) (لا شرقية ولا
غربية ) بل مكية , لان مكة وسط الدنيا, عن الضحاك .
وروي عـن الـرضا(ع ) انه قال : [نحن المشكاة فيها, والمصباح : محمد(ص ) يهدي اللّه لولايتنا من
احب ].
وفـي كـتـاب [الـتـوحـيد] لابي جعفر بن بابويه (ره ) بالاسناد عن عيسى بن راشد عن ابي جعفر
الـبـاقـر(ع ) فـي قوله : (كمشكاة فيها مصباح ) قال : [نور العلم في صدر النبي (ص )(المصباح في
زجـاجـة ), الـزجـاجة : صدر علي (ع ) صار علم النبي (ص ) الى صدر علي (ع ),علم النبي (ص )
عليا(ع ). (يوقد من شجرة مباركة ): نور العلم . (لا شرقية ولا غربية ):لا يهودية ولا نصرانية .
(يـكاد زيتها يضي ء ولو لم تمسسه نار) قال : يكاد العالم من آل محمد(ص ) يتكلم بالعلم قبل ان يسال .
(نـور عـلـى نور) اي : امام مؤيد بنور العلم والحكمة , في اثر امام من آل محمد(ص ) وذلك من لدن
آدم (ع ) الـى ان تـقـوم الـساعة .فهؤلاء الاوصياء, الذين جعلهم اللّه خلفاء في ارضه , وحججه على
خـلـقـه , لا تـخـلـوالارض فـي كـل عصر من واحد منهم ]. ويدل عليه قول ابي طالب في رسول
اللّه (ص ):
انت الامين محمد ----- قرم اغر مسود
لمسودين اطاهر ----- كرموا وطاب المولد
انت السعيد من السعود ----- تكنفتك الاسعد
من لدن آدم لم يزل ----- فينا وصي مرشد
ولقد عرفتك صادقا ----- والقول لا يتفند
ما زلت تنطق بالصواب ----- وانت طفل امرد(117)
وفـي مـنـاقـب الحافظ ابن المغازلي الشافعي [ص 201] قال : اخبرنا احمد بن محمد بن عبدالوهاب
اجازة , ان ابا احمد عمر بن عبداللّه بن شوذب اخبرهم قال : حدثنا محمد بن الحسن بن زياد, حدثنا
احـمـد بـن الخليل ببلخ , حدثني محمد بن ابي محمود, حدثنا يحيى بن ابي معروف , حدثنا محمد بن
سـهـل الـبـغـدادي , عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفرقال : سالت ابا الحسن (ع ) عن قول اللّه
عـزوجـل : (كـمـشـكـاة فـيها مصباح ) قال (ع ):[المشكاة : فاطمة , والمصباح : الحسن والحسين ,
(الـزجـاجـة كـانها كوكب دري ) قال : كانت فاطمة كوكبا دريا من نساء العالمين . (يوقد من شجرة
مباركة ) الشجرة المباركة :ابراهيم . (لا شرقية ولا غربية ): لا يهودية ولا نصرانية . (يكاد زيتها
يـضـي ء) قـال :يـكـاد الـعـلـم ان ينطق منها. (ولو لم تمسسه نار نور على نور) قال : فيها امام بعد
امام .(يهدى اللّه لنوره من يشاء) قال : يهدى اللّه عزوجل لولايتنا من يشاء.
ورواه ايضا الامام المظفر في كتابه [دلائل الصدق ] [2: 306]: من طريق الحسن البصري .
وفـي تـفـسير [الميزان ] [15: 152 ط. دار الكتب الاسلامية ] قال الطباطبائي : وفي [التوحيد]:
وقـدروي عن الصادق (ع ) انه سئل عن قول اللّه عزوجل : (اللّه نور السموات والارض مثل نوره
كمشكاة فيها مصباح ) فقال : [هو مثل ضربه اللّه لنا, فالنبي (ص ) والائمة صلوات اللّه عليه وعليهم
مـن دلالات اللّه وآيـاتـه الـتـي يـهـتـدى بها الى التوحيد ومصالح الدين وشرائع الاسلام والسنن
والفرائض , ولا قوة الا باللّه العلي العظيم ].
ثـم قـال : اقـول : الـروايـة مـن قـبيل الاشارة الى بعض المصاديق , وهو من افضل المصاديق وهو
الـنـبـي (ص ) والـطـاهـرون من اهل بيته (ع ), والا فالاية تعم بظاهرها غيرهم من الانبياء(ع ),
والاوصياء والاولياء.
وقـد وردت عـدة مـن الاخـبـار من طرق الشيعة في تطبيق مفردات الاية على النبي (ص )واهل
بـيته (ع ), وهي من التطبيق دون التفسير, ومن الدليل على ذلك اختلافها في نحوالتطبيق , كرواية
الـكـلـيـنـي فـي [روضـة الـكافي ] باسناده عن جابر عن ابي جعفر(ع ) وفيها:[ان المشكاة : قلب
مـحـمـد(ص ), والـمـصـباح : النور الذي فيه العلم . والزجاجة : علي او قلبه .والشجرة المباركة
الـزيـتونة التي لا شرقية ولا غربية : ابراهيم (ع ) ما كان يهوديا ولانصرانيا. وقوله : (يكاد زيتها
يضي ء) الخ : يكاد اولادهم ان يتكلموا بالنبوة وان لم ينزل عليهم ملك ].
وما رواه في [التوحيد] باسناده الى عيسى بن راشد عن الباقر(ع ) وفيه : [ان المشكاة : نورالعلم في
صدر النبي (ص ). والزجاجة : صدر علي (ع ) (يكاد زيتها يضي ء ولو لم تمسسه نار): يكاد العالم من
آل مـحـمد(ص ) يتكلم بالعلم قبل ان يسال . (نور على نور): امام مؤيد بنور العلم والحكمة في اثر
الامام من آل محمد].
وفي الدر المنثور [7: 201]: عن ابن مردويه عن ابي هريرة عن النبي (ص ) في قوله : (زيتونة لا
شرقية ولا غربية ) قال : قلب ابراهيم لا يهودي ولا نصراني .
المبحث السادس والخمسون
في قوله تعالى : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا اذا قومك منه يصدون ) [ الزخرف :57 ].
ذكـر الطبرسي في [مجمع البيان ] [9 - 10: 53]: بان لتفسير هذه الاية وجوها. وقال ورابعها:ما
رواه سـادة اهـل الـبـيـت عن علي عليهم افضل الصلوات , انه قال : جئت الى رسول اللّه (ص ) يوما,
فوجدته في ملا من قريش فنظر الي قال : يا علي انما مثلك في هذه الامة كمثل عيسى بن مريم , احبه
قـوم فـافرطوا في حبه فهلكوا, وابغضه قوم فافرطوا في بغضه فهلكوا, واقتصد فيه قوم فنجوا,
فعظم ذلك عليهم فضحكوا, وقالوا: يشبهه بالانبياءوالرسل .
فنزلت الاية وقالوا: (اآلهتنا خير ام هو)؟ اي : آلهتنا افضل ام المسيح ؟....الخ .
وقد ذكر هذا الحديث الطباطبائي في تفسيره [الميزان ] [18: 116] عن مجمع البيان ثم قال :اقول :
والـرواية غير متعرضة لتوجيه قولهم : (اآلهتنا خير ام هو). ولئن كانت القصة سبباللنزول فمعنى
الـجـمـلـة : لئن نتبع آلهتنا ونطيع كبراءنا خير من ان نتولى عليا فيتحكم علينا,او خير من ان نتبع
محمدا فيحكم علينا ابن عمه .
واورد السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي في كتابه [فضائل الخمسة ] [2: 129 ط. دارالكتب
الاسـلامـية ] عن [كنز العمال ] [1: 226] قال : عن علي (ع ) قال : جئت رسول اللّه (ص ) في ملا من
قـريـش , فنظر الي وقال : يا علي ان مثلك في هذه الامة كمثل عيسى بن مريم , احبه قومه فافرطوا
فـيـه , فـصاح الملا الذين عنده وقالوا: شبه ابن عمه بعيسى , فانزل القرآن :(ولما ضرب ابن مريم
مثلا اذا قومك منه يصدون ).
وهـنـاك احـاديـث واردة , واخبار متعددة , في تشبيه الرسول (ص ) عليا بالانبياء لاتصافه بصفاتهم
وتـخـلـقـه باخلاقهم , فمنها: ما اورده الطبري في كتابه [الرياض النضرة [ ]2: 218]فيما ذكره
السيد المرتضى الحسيني في كتابه الذي تقدم ذكره .
قـال الطبري : عن ابي الحمراء قال : قال رسول اللّه (ص ): من اراد ان ينظر الى آدم في علمه ,والى
نـوح في فهمه , والى ابراهيم في حلمه , والى يحيى بن زكريا في زهده , والى موسى بن عمران في
بطشه , فلينظر الى علي بن ابي طالب قال : (اخرجه القزويني الحاكمي ).
وفـي [الـرياض النضرة ] ايضا [2: 218] قال : وعن ابن عباس ان رسول اللّه (ص ) قال : من اراد ان
يـنـظر الى ابراهيم في حلمه , والى نوح في حكمه , والى يوسف في جماله فلينظر الى علي بن ابي
طالب . [قال : خرجه الملا في سيرته ].
وذكـر الامـام المظفر في كتابه [دلائل الصدق ] [2: 185] عن الحلي في قوله تعالى : (ولماضرب
ابن مريم مثلا اذا قومك منه يصدون ) قال النبي (ص ) لعلي : ان فيك مثلا من عيسى , احبه قوم فهلكوا
فيه , وابغضه قوم فهلكوا فيه . فقال المنافقون : اما يرى له مثلاالاعيسى ؟ فنزلت الاية .
واخـرج الحافظ ابن المغازلي في [المناقب ] [ص 212] قال : اخبرنا احمد بن محمد بن عبدالوهاب ,
حدثنا الحسين بن محمد بن الحسين العدل العلوي الواسطي , حدثنا محمد بن محمود, حدثنا ابراهيم
من مهدي الابلى , حدثنا ابراهيم بن سليمان بن رشيد, حدثنا زيدابن عطية حدثنا ابان بن فيروز عن
انس بن مالك قال : قال رسول اللّه (ص ) : من اراد ان ينظر الى علم آدم , وفقه نوح , فلينظر الى علي
بن ابي طالب .