وروى ايضا عن المسعودي عن عمر بن زياد الباهلي عن شريك بن الفضل بن سلمة عن ام هاني بنت ابي طالب قالت : قلت : يا رسول اللّه مؤمنا, ان اللّه طبعه على خلقي , يا ام هاني نـبـي وصيا, فشيث وصي آدم , ويوشع وصي موسى , وآصف وصي سليمان , وشمعون وصي عيسى , وعـلي وصيي وهو خير الاوصياءفي الدنيا والاخرة , وانا صاحب الشفاعة يوم القيامة , وانا الداعي وهو المؤدي .

المبحث الثالث والسبعون

في قوله تعالى : ( وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا ) [ الاسراء:81 ].
روى الـحـاكـم فـي الـمـسـتدرك [2: 366 - 367] عن علي بن ابي طالب (ع ) قال : انطلق بي رسـول اللّه (ص ) حـتـى اتـى بـي الـكـعـبـة فـقـال لـي : اجلس , فجلست الى جنب الكعبة , فصعد رسـول اللّه (ص ) بـمـنـكـبـي , ثـم قـال لي : انهض , فنهضت فلما راى ضعفي تحته قال لي : اجلس فـنـزلـت وجـلـسـت , ثـم قـال لـي : يـا عـلي اصعد على منكبي , فصعدت على منكبيه ثم نهض بي رسول اللّه (ص ) فلما نهض بي خيل الي لو شئت نلت افق السماء, فصعدت فوق الكعبة وتنحى رسول اللّه (ص ) فـقـال لـي : الـق صـنمهم الاكبر صنم قريش , وكان من نحاس موتدا باوتادمن حديد الى الارض , فـقـال لـي رسـول اللّه (ص ) عالجه , ورسول اللّه (ص ) يقول لي : ايه ايه جاء الحق وزهق الـبـاطـل ان الـباطل كان زهوقا, فلم ازل اعالجه حتى استمكنت منه ,فقال : اقذفه فقذفته فتكسر, وترديت من فوق الكعبة , فانطلقت انا والنبي (ص ) نسعى ,وخشينا ان يرانا احد من قريش وغيرهم , قال علي : فما صعد به حتى الساعة .
وروى الزمخشري في تفسيره [الكشاف ] [2: 688 ط. دار الكتاب العربي ] عند تفسيره الاية قال :
وعـن ابـن عباس (رض ): كانت لقبائل العرب اصنام يحجون اليها وينحرون لها,فشكا البيت الى اللّه عزوجل فقال : اي رب حتى متى تعبد هذه الاصنام حولي دونك ؟فاوحى اللّه الى البيت : اني ساحدث لـك نـوبـة جديدة , فاملاك خدودا سجدا يدفون اليك دفيف النسور, ويحنون اليك حنين الطير الى بيضها, لهم عجيج حولك بالتلبية .
ولـمـا نـزلت هذه الاية يوم الفتح قال جبرئيل (ع ) لرسول اللّه (ص ): خذ مخصرتك ثم القها,فجعل يـاتـي صـنـما صنما وهو ينكت بالمخصرة في عينه ويقول : جاء الحق وزهق الباطل ,فينكب الصنم لوجهه حتى القاها جميعا, وبقي صنم خزاعة فوق الكعبة وكان من قواريرصفر, فقال (ص ): يا علي ارم بـه , فحمله رسول اللّه (ص ) حتى صعد فرمى به فكسره ,فجعل اهل مكة يتعجبون ويقولون : ما راينا رجلا اسحر من محمد(ص ).
وروى الامام احمد بن حنبل في مسنده [1: 84] عن علي (ع ) قال : انطلقت انا والنبي (ص )حتى اتينا الـكـعـبـة فقال لي رسول اللّه (ص ): اجلس , وصعد على منكبي فذهبت لانهض به فرآى مني ضعفا فنزل : وجلس لي نبي اللّه (ص ) وقال : اصعد على منكبي , قال : فصعدت على منكبيه , قال : فنهض بي , قال : فانه يخيل الي اني لو شئت لنلت افق السماء, حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفر او نحاس .
فـجـعـلـت ازاوله عن يمينه وعن شماله وبين يديه ومن خلفه , حتى اذ استمكنت منه قال لي رسول اللّه (ص ): اقـذف بـه , فـقـذفـت بـه فـتكسر كما تتكسر القوارير, ثم نزلت فانطلقت انا ورسول اللّه (ص ) نستبق حتى توارينابالبيوت خشية ان يلقانا احد من الناس .
وفـي [دلائل الصدق ] [2: 294 ط. بصيرتي ] قال : ونحوه في مسند احمد لكن من دون تعيين الليلة , وكـذا في كنز العمال نقلا عن ابن ابي شيبة وابي يعلى في مسنده وابن جريروالخطيب . ثم قال : ان اخـتصاص امير المؤمنين (ع ) بمشاركة النبي (ص ) في هذه الواقعة الخطيرة بطلب من النبي (ص ) دليل على فضله على غيره , لا سيما وقد رقى على منكب دونه العيوق , وهام الملائكة والملوك . وقد اشـار الـشـافعي الى هذه الواقعة مادحا لاميرالمؤمنين (ع ) كما حكاه القندوزي الحنفي في [ينابيع المودة ] في الباب الثامن فقال :
قيل لي قل في علي مدحا ----- ذكره يخمد نارا موصده قلت لا اقدم في مدح امرئ ----- ضل ذو اللب الى ان عبده والنبي المصطفى قال لنا ----- ليلة المعراج لما صعده وضع اللّه بظهري يده ----- فاحس القلب ان قد برده وعلي واضع اقدامه ----- في محل وضع اللّه يده وقال ابن شهر آشوب في مناقبه [2: 135 ط. دار الاضواء]: وقد استنابه [يعني عليا] يوم الفتح في امـر عـظـيم , فانه وقف حتى صعد على كتفيه وتعلق بسطح البيت وصعد, وكان يقلع الاصنام بحيث تهتز حيطان البيت ويرمي بها فتنكسر. رواه احمد بن حنبل , وابو يعلى الموصلي في مسنديهما, وابو بـكـر الـخطيب في تاريخه , ومحمد بن الصباح الزعفراني في الفضائل , والخطيب الخوارزمي في اربـعـيـنه , وابو عبداللّه النطنزي في الخصائص , وابو المضاصبيح مولى الرضا(ع ) قال : سمعته يحدث عن ابيه عن جده في قوله تعالى : (ورفعناه مكانا عليا) [مريم : 57] نزلت في صعود علي على ظهر النبي لقلع الصنم .
وقال : حدثني ابو الحسن علي بن احمد العاصمي , عن اسماعيل بن احمد الواعظ, عن ابي بكر البيهقي باسناده عن ابي مريم عن امير المؤمنين (ع ) قال : قال رسول اللّه (ص ): احملني لنطرح الاصنام عن الـكـعـبـة , فلم اطق حمله فحملني , فلو شئت اتناول السماء فعلت , وفي خبر: واللّه لو شئت ان انال السماء بيدي لنلتها.
وروى فيه ايضا عن ابي بكر الشيرازي في نزول القرآن في شان امير المؤمنين علي (ع ):عن قتادة عـن ابن المسيب , عن ابي هريرة قال : قال لي جابر بن عبداللّه : دخلنا مع النبي (ص ) مكة وفي البيت وحوله ثلاثمئة وستون صنما, فامر بها رسول اللّه (ص ) فالقيت كلها لوجوهها, وكان على البيت صنم طـويـل يقال له هبل , فنظر النبي الى علي وقال له : ياعلي تركب علي او اركب عليك لالقي هبل عن ظهر الكعبة ؟ قلت : يا رسول اللّه بل تركبني , فلما جلس على ظهري لم استطع حمله لثقل الرسالة , قـلـت : يا رسول اللّه بل اركبك , فضحك ونزل وطاطا لي ظهره واستويت عليه , فوالذي فلق الحبة وبـرا الـنـسمة , لواردت ان امسك السماء لامسكتها بيدي , فالقيت هبل عن ظهر الكعبة , فانزل اللّه تعالى :(وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا) [الاسراء:81].
وفـيه قال ايضا: وروى القاضي ابو عمرو عثمان بن احمد عن شيوخ باسناده عن ابن عباس قال : قال الـنبي (ص ) لعلي : قم بنا الى صنم في اعلى الكعبة , فقاما جميعا, فلما اتياه قال له النبي (ص ): قم على عـاتـقـي حـتى ارفعك عليه , فاعطاه علي ثوبه فوضعه رسول اللّه (ص ) على عاتقه , ثم رفعه حتى وضـعـه عـلـى الـبـيـت , فـاخذ علي الصنم وهو من نحاس فرمى به من فوق الكعبة , فنادى رسول اللّه (ص ): انزل , فوثب من اعلى الكعبة كانما كان له جناحان .
ويـقـال : ان عـمر كان تمنى ذلك , فقال (ص ): ان الذي عبده لا يقلعه . ولما صعد ابو بكر المنبرنزل مـرقـاة , فـلـما صعد عمر نزل مرقاة , فلما صعد عثمان نزل مرقاة , فلما صعد علي صعد الى موضع يـجـلـس عـلـيه رسول اللّه (ص ), فسمع من الناس ضوضاء, فقال (ع ): ما هذه التي اسمعها؟ قالوا:
لصعودك الى موضع رسول اللّه الذي لم يصعده الذي تقدمك , فقال (ع )سمعت رسول اللّه يقول : من قام مـقـامـي ولم يعمل بعملي اكبه اللّه في النار, وانا واللّه العامل بعمله , الممتثل قوله , الحاكم بحكمه , فلذلك قمت هنا.
ثـم ذكـر فـي خطبته : معاشر الناس فكانه قال : انا الذي وضعت قدمي على خاتم النبوة , فما هذه الاعواد؟ انا من محمد ومحمد مني .
وقال (ع ) في خطبة الافتخار: انا كسرت الاصنام , انا رفعت الاعلام , انا بنيت الاسلام .قال ابن نباتة :
حتى شد به اطناب الاسلام , وهد به احزاب الاصنام , فاصبح الايمان فاشياباقياله , والبهتان متلاشيا بـصـيـاله , ولمقام ابراهيم شرف على كل حجر, لكونه مقاما لقدم ابراهيم . فيجب ان يكون قدم علي اكرم من رؤوس اعدائه , لان مقامه كتف النبوة .
ثم قال ابن شهر آشوب : والغالية والمشبهة تقول اكثر من هذا كما انشد شاعرهم . وقدروي عن ابي نواس :
قيل لي قل في علي المرتضى ----- كلمات تطفي نارا موقده قلت لا يبلغ قولي رجلا ----- حار ذو الجهل الى ان عبده وعلي واضعا رجلا له ----- بمكان وضع اللّه يده وانشد آخر:
قالوا مدحت علي الطهر قلت لهم ----- كل امتداح جميع الارض معناه ماذا اقول لمن حطت له قدم ----- في موضع وضع الرحمن يمناه وقال العوني :
امير المؤمنين ابو تراب ----- بنى الاسلام بالبيض الرقاق غياث محمد في كل كرب ----- اذا ما الحرب قامت فوق ساق وجاهد في سبيل اللّه ما ان ----- يحابي في الجهاد ولا يتاقي علي كاسر الاصنام لما ----- رقى كتف النبي الى بساق وله ايضا:
فهذا ويوم الفتح نادى محمد ----- الا قم الى الاصنام حيدر فاقلع وطاطا له حتى اعتلى فوق ظهره ----- فاجلل بهذا من مقام وارفع فقال علي لو اشا نلت عندها ----- سما اللّه اورمت النجوم اتت معي وقال الزاهي :
مكسر الاصنام في اليوم الذي ----- اريح عن وجه الهدى عماسه رقى على الكاهل من خير الورى ----- والدين مقرون به انباسه ونكس اللات والقى هبلا ----- مهشما يقلبه انتكاسه وقام مولاي على البيت وقد ----- طهر اذ فارقه انجاسه وقال المفجع :
رام حمل النبي كي يقلع الاصنام ----- من سخطها المشول الجثيا فحباه ثقل النبوة حتى ----- كاد يناد تحته مثنيا فارتقى منكب النبي علي ----- صنوه ما اجل ذاك رقيا فاماط الاوثان عن طابة ----- الكعبة ينقي الارجاس عنها نقيا ولو ان الوصي حاول مس النجم ----- بالكف لم يجده قصيا وقال المرزوقي [وقيل الحصفكي ]:
يا رب بالقدم التي اوطاتها ----- من قاب قوسين المحل الاعظما وبحرمة القدم التي جعلت لها ----- كتف المؤيد بالرسالة سلما اجعلهما ربي اليك وسيلتي ----- في يوم حشر ان ازور جهنما وقال السروجي :
رقى على ظهر النبي حيدر ----- من دون جمع بين بدو وحضر حتى علا البيت والقى هبلا ----- من كعبة اللّه سريعا وانحدر وذكر فيه [2: 141] ايضا ما رواه اسماعيل بن محمد الكوفي في خبر طويل عن ابن عباس :انه كان صنم لخزاعة من فوق الكعبة , فقال له النبي (ص ): يا ابا الحسن فـانطلقا ليلا, فقال له (ص ): يا ابا الحسن ارق على ظهري , وكان طول الكعبة اربعين ذراعا, فحمله رسول اللّه (ص ) فقال : انتهيت يا علي ؟ قال (ع ) : والذي بعثك بالحق , لو هممت ان امس السماء بيدي لـمـسـسـتـها, واحتمل الصنم وجلد به الارض , فتقطع قطعا, ثم تعلق بالميزاب وتخلى بنفسه الى الارض , فلما سقط ضحك , فقال النبي (ص ): مايضحكك يا علي ؟ اضحك اللّه سنك , قال (ع ): ضحكت يـا رسـول اللّه تـعـجـبا من اني رميت بنفسي من فوق البيت الى الارض فما المت ولا اصابني وجع فـقـال (ع ): كـيف تالم يا اباالحسن , او يصيبك وجع ؟ انما رفعك محمد(ص ) وانزلك جبرئيل (ع ) انتهى .
وفـي اربـعـين الخوارزمي في خبر طويل : فانطلقت انا والنبي وخشينا ان يرانا احد من قريش او غيرهم , فقذفته فتكسر ونزوت من فوق الكعبة .
قال الحميري :
وليلة خرجا فيها على وجل ----- وهما يجوبان دون الكعبة الظلما حتى اذا انتهيا قال النبي له ----- انا نحاول ان نستنزل الصنما من فوقها فاعل ظهري ثم قام به ----- خير البرية ما استحيى وما احتشما حتى اذا ما استوت رجلا ابي حسن ----- اهوى به لقرار الارض فانحطما ناداه احمد ان ثب يا علي لقد ----- احسنت بارك ربي فيك فاقتحما وله ايضا:
وليلة قاما يمشيان بظلمة ----- يجوبان جلبابا من الليل غيهبا الى صنم كانت خزاعة كلها ----- توقره كي يكسراه ويهربا فقال اعل ظهري يا علي وحطه ----- فقام به خير الانام مركبا يغادره فضا جذاذا وقال ثب ----- جزاك به ربي جزاء مؤربا وقـال [2: 140]: وحـديث الارتقاء مثل حديث المعراج سواء, وقد روي كل واحد منهمامن وجهين في زمانين مختلفين , فيدل هذا على ان كل واحد منهما كان مرتين .
وروى القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودة [ص 140 في الباب 48] خبرا طويلا وقال اخيرا:
وقـد احـتـمـل (ص ) الـحـسن والحسين يوم حديقة بني النجار وكانا نائمين فيها,وقال (ص ): نعم الـراكـابـان وابوهما خير منهما, وانه (ص ) يصلي باصحابه فاطال سجدته ,فيقول : ان ابني ركبني فـكـرهـت ان ارفـع راسي حتى ينزل باختياره . فعل ذلك اظهارالشرفهم وعظيم قدرهم عند اللّه عـزوجـل , وحـمـل عليا على ظهره اشارة الى انه ابو ولده والائمة من صلبه , كما حول رداءه في الاسـتسقاء اعلاما انه تحول الجدب خصبا, واعلاماان ما حمله المعصوم فهو معصوم . وقال : يا علي , ان اللّه حـمل ذنوب اتباعك ومحبيك علي ثم غفرها لي . وذلك قوله تعالى : (ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تاخر) [الفتح : 2].
واخرج ابن المغازلي الشافعي في مناقبه [ص 202 برقم 240] مسندا عن ابي هريرة قال : قال رسول اللّه (ص ) لـعلي بن ابي طالب يوم فتح مكة : اما ترى هذا الصنم باعلى كعبة ؟ قال :بلى يا رسول اللّه , قـال : فـاحـمـلك فتناوله , فقال علي (ع ): بل انا احملك يا رسول اللّه ,فقال (ص ): واللّه لو ان ربيعة ومـضر جهدوا ان يحملوا مني بضعة وانا حي ما قدروا, ولكن قف يا علي , فضرب رسول اللّه (ص ) بـيده الى ساقي علي فوق القرنوس , ثم اقتلعه من الارض بيده فرفعه حتى تبين بياض ابطيه , ثم قال لـه : مـا تـرى يـا علي ؟ قال : ارى ان اللّه عزوجل قد شرفني بك حتى اني لو اردت ان امس السماء لـمسستها, فقال له : تناول الصنم يا علي , فتناوله ثم رمى به , ثم خرج رسول اللّه (ص ) من تحت علي فـترك رجليه فسقطعلى الارض فضحك , فقال له (ص ): ما اضحكك يا علي ؟ فقال : سقطت من اعلى الـكـعـبـة فـمـا اصـابـنـي شـي ء, فـقال رسول اللّه (ص ): وكيف يصيبك شي ء وانما حملك محمد وانزلك جبرئيل (ع )؟ قال الفاضل (158) في تعليقاته على الكتاب : قد اخرجه بهذا السند الشيخ عبداللّه الشافعي في مناقبه الـمـخـطـوط [ص 38] على ما في ذيل [احقاق الحق ] وتراه في المناقب المرتضوية [ص 188ط.
بـمـبـي ] وقـد اخـرجـه عن مؤلفنا ابن المغازلي السيد ابن طاووس في [الطرائف [ ]ص 20]وابن الـبـطـريـق فـي [الـعـمـدة ] [ص 191] وهكذا اخرج ابن شهر آشوب في المناقب , عن ابي بكر الشيرازي .
وفـي تفسير الدر المنثور [4: 199 ط. منشورات مكتبة المرعشي النجفي ] روى السيوطي ذلك مـن عـدة طـرق , ولكن كلها مختصرة , وقد اقتصر على رواية دخول النبي (ص ) مكة , فجعل يطعن الاصنام المعبودة حول الكعبة بعود بيده حتى انكبت لوجهها قائلا: جاء الحق وزهق الباطل , ان الباطل كان زهوقا.
وفي [الخصائص ] للنسائي [ص 31] كما في [فضائل الخمسة ] [2: 340] روى بسنده عن ابي مريم قـال عـلي (ع ): انطلقت مع رسول اللّه (ص ) حتى اتينا الكعبة , فصعد رسول اللّه (ص )على منكبي , فـنـهضت به فلما رآى رسول اللّه (ص ) ضعفي قال لي : اجلس , فجلست فنزل النبي (ص ) وجلس لي وقال لي : اصعد على منكبي فصعدت على منكبيه فنهض بي , فقال علي (ع ): انه يخيل الي اني لو شئت لـنلت افق السماء, فصعدت على الكعبة وعليها تمثال من صفر او نحاس , فجعلت اعالجه لازيله يمينا وشـمـالا وقداما ومن بين يديه ومن خلفه , حتى استمكنت منه , فقال نبي اللّه (ص ) اقذفه , فقذفت به فـكسرته كما تكسر القوارير, ثم نزلت فانطلقت انا ورسول اللّه (ص ) نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية ان يلقانا احد.
وفي المستدرك [3: 5] روى الحاكم من طريق ابي بكر بن محمد بن اسحاق عن علي (ع )بلفظ: لما كان الليلة التي امرني رسول اللّه (ص ) ان ابيت على فراشه وخرج من مكة مهاجرا, انطلق بي رسول اللّه (ص ) الى الاصنام فقال : اجلس , فجلست الى جنب الكعبة ,ثم صعد رسول اللّه (ص ) على منكبي , ثم قال انهض فنهضت به , فلما رآى ضعفي تحته قال :اجلس , فجلست فانزلته عني , وجلس لي رسول اللّه (ص ) ثـم قـال لـي : يا علي اصعد على منكبي , فصعد على منكبيه , ثم نهض بي رسول اللّه (ص ) وخـيـل الـي انـي لو شئت نلت السماء, وصعدت الى الكعبة وتنحى رسول اللّه (ص ) فالقيت صنمهم الاكبر وكان من نحاس موتدا باوتاد من حديد الى الارض , فقال لي رسول اللّه (ص ) عالجه , فعالجت فـمـازلـت اعالجه ويقول رسول اللّه (ص ): ايه ايه , فلم ازل اعالجه حتى استمكنت منه , فقال :دقه , فدققته فكسرته ونزلت . قال الحاكم : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه .
فـهـذا بعض ما اطلعنا اللّه عليه باعانته وتاييده , ووفقنا على جمع ما اقتطفناه بفضل كرمه وتوفيقه , فله جزيل الحمد والشكر اولا وآخرا, ولا حول ولا قوة الا باللّه العلي العظيم .