الفصل السادس

عناية الله ورسوله وخلفائه والمؤمنين بحديث الغدير

 

هنيئاً هنيئاً ليوم الغدير*** ويوم الحبور ويوم السرورِ

ويوم الكمال لدين الإله*** وإتمام نعمةِ ربٍّ غفورِ

ويوم الفلاح ويوم النجاح*** ويوم الصلاح لكل الأمورِ

ويوم الإمارة للمرتضى*** أبي الحسنين الإمام الأميرِ

ويوم الخطابة من جبرئيل*** بتقدير ربٍّ عليم قديرِ

ويم اشتراط ولاءِ الوصي*** على المؤمنين بيوم الغديرِ

ويوم الولاية في عرضها*** على كل خلق السميع البصيرِ

ويوم الصلاة على المصطفى*** وعترته الأطهرين البدور(1)

إنّ حديث يوم الغدير كان محل العنايات السامية، والرعايات العالية، عنايات ورعايات عظيمة ومتواصلة من الله ورسوله وخلفائه والمؤمنين جيلاً بعد جيل من يومه الأول وإلى الآن وإلى يوم القيامة.

وأي عناية ورعاية من الله جلّ وعلا في حديثٍ أعظم من عنايته بحديث يوم الغدير، والذي من عنايته به أن أوحاه إلى رسوله الأعظم(صلى الله عليه و آله) مراراً عديدة، وأنزل فيه قرآناً يرتله المسلمون آناء الليل وأطراف النهار.

الآيات النازلة في الحديث

انزل فيه آيات ناصعة عديدة لا آية واحدة، منها آية التبليغ وهي قوله تعالى:( يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" [المائدة/68].

ومنها آية الإكمال وهي قوله تعالى:) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِْسْلاَمَ دِينًا" [المائدة/4].

وبعد هاتين الآيتين انزل جلّ وعلا ثلاث آيات آلا وهي آيات العذاب الواقع على الكافرين بحديث الغدير وهي قوله تعالى:] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ(1)لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ(2)مِنْ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ" [المعارج/1-4].

وقد ذكر شيخنا الأميني في موسوعته الضخمة الغدير في الجزء الأول ثلاثين مصدراً من مصادر أهل السنة من مفسرين ومؤرخين ومحدثين في نزول آية التبليغ في ولاية أمير المؤمنين يوم غدير خم، وستة عشر مصدراً من مصادرهم الموثوقة في نزول آية الإكمال في ذلك اليوم، وثلاثين مصدراً في نزول آيات العذاب الواقع للكافرين بحديث الغدير، فتكون مجموع هذهِ المصادر التي ذكرها الأميني في نزول الآيات في شأن حديث الغدير ستة وسبعون مصدراً.

 

السبب في نزول آيات العذاب الواقع على الكافرين بالحديث

وذكر المفسرون – من أهل السُنّة – ومنهم الثعلبي في تفسيره (الكشف والبيان) سبب نزول آيات العذاب الواقع للكافرين بحديث الغدير وهو انه -: لما كان الرسول(صلى الله عليه و آله) بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك – أحد أعدائه وهو الحرث بن النعمان الفهري(2).

فأتى رسول الله(صلى الله عليه و آله) على ناقةٍ له فنزل عنها وأناخها فقال: يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله فقبلناه، وأمرتنا أن نصلي خمساً فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا، وأمرتنا ان نصوم شهر رمضان فقبلنا، وأمرتنا بالحج فقبلنا ثم لم ترض عنا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أم من الله عَزّ وجَلّ فقال(صلى الله عليه و آله): والذي لا إله إلاّ هو ان هذا من الله، فولّى الحرث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: اللهم ان كان ما يقول محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ءآتنا بعذابٍ أليم، فما وصل ناقته حتى رماه الله تعالى بحجرٍ فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله.

وأنزل الله عَزّ وجَلّ على رسوله:] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ…"الخ(3).

نعم ذكر شيخنا الأميني لهذهِ الواقعة ثلاثين مصدراً من مصادر أهل السُنّة، وأمّا من طرقنا فهي شهيرة ومسلّم بها إلى غير ذلك من الآيات النازلة في حديث الغدير وفي المخالفين له.

وأمّا الآيات التي تؤيد حديث الغدير فهي أكثر من ثلثمائة آية، وإذا كانت العنايات من الله – بحديث الغدير – بهذا الشكل، فلا غرو ان تكون العنايات الهامة من رسول الله(صلى الله عليه و آله) بنشر هذا الحديث على جميع الناس.

 

إعلان النبي(صلى الله عليه و آله)عن حجّة الوداع

ولذا أن النبي(صلى الله عليه و آله) لما علم دنو أجله ونعيت إليه نفسه في ذلك العام أعلن(صلى الله عليه و آله) إلى الناس وأذنّ فيهم قبل موسم الحج في الأقطار والأمصار انه سيحج في هذا العام حجّة الوداع، أي هي آخر حجّةٍ حجها، فمن أحب منكم أن يحج معي فليلحق بي، فوافاه الناس من كلّ فجٍ عميق، حتى خرج من المدينة ومعه أكثر من مائة ألف حاج وحاجة.

ولما كان يوم الموقف بعرفة خطب في الناس وأشاد بفضل علي أمير المؤمنين وأهل بيته الأطهار ونادى في الناس:

"علي مني وأنا منه ولا يؤدي عني إلاّ أنا أو علي" يعني تأدية رسالته بتمامها وكمالها .

ولما قفل راجعاً بمن معه من تلك الألوف، وقارب مكان غدير خم، في مكان يقال له ضجنان، هبط عليه الأمين جبرئيل وأمره عن الله عَزّ وجَلّ أن يبلّغ الناس ولاية علي أمير المؤمنين من بعده، فراجع النبي بذلك جبرئيل – خوفاً من مخالفة قومه – وقال: أخي جبرئيل ان الناس جديدُ عهد بالإسلام فلعلهم لا يمتثلون أمري في ولاية علي أو ينالنا منهم سوء، فعرج جبرئيل ثم هبط على النبي(صلى الله عليه و آله) وقد وصل إلى غدير خم، وقد جاءَه بهذهِ الآية عن الله تعالى:] يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ".

فحينما جاءَه الأمر من الله بالعزيمة ووجوب التبليغ، عند ذلك نزل النبي (صلى الله عليه و آله) بذلك المكان وحطّ رحله هناك حتى لحق به مَن تأخر عنه، وأرجع إليه من تقدمه، وكان من ذلك المكان تتشعب منه الطرق، طرق المدنيين والمصريين والعراقيين وغيرهم.

فجمع رسول الله الناس قبل أن يتفرقوا، ولما اجتمعوا صلّى بهم الفريضة، ثم خطبهم – عن الله عَزّ وجَلّ – بخطبة جامعة ذكر فيها أصول الدين وفروعه وسائر أحكامه، وحث الناس فيها على إطاعة الله في أوامره والانتهاء عن نواهيه.

وأشاد بفضل القرآن وأهل بيته وإنهما الثقلان اللّذان خلّفهما على الأمة، ثم تناول علياً بيده المباركة من يده الكريمة ورفعه حتى بان بياض إبطيهما، ونادى فأسمع: أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا: بلى، قال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وَالِ من والاه وعادِ مَن عاداه وانصر مَن نصره وأخذل مَن خذله وأدر الحق معه حيث دار.

بيعة الناس لعلي(عليه السلام) وبخبخة الشيخين له

وبعد ذلك نصب لعليٍ خيمةً فجلس فيها، وأمر(صلى الله عليه و آله) أولئك الجماهير بأن يسلّموا عليه بأمرة المؤمنين ويبايعوه، لتتّم له البيعة في حياته، ولا يختلف فيه أحد بعد وفاته، فتسّابق الناس للسلام عليه بأمرة المؤمنين وتهنئته بالمقام الرفيع.

وكان من جملة المبايعين والمهنئين له الشيخان أبو بكر وعمر، فدخل كلٌّ منهما على عليّ وهنأه بالولاية الكبرى وقال كلٌ منهما له، بخٍ بخٍ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمنٍ ومؤمنة، وقد ذكر شيخنا الأميني لبخبختهما لعلي بالولاية ستين مصدراً من مصادر أهل السُنّة في كتابه (الغدير)(4).

وبعد ان تمت البيعة له انزل الله على رسوله آية الإكمال:] الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِْسْلاَمَ دِينًا" [المائدة/4]، فكان إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الرب بالإسلام ديناً للمسلمين بولاية علي أمير المؤمنين، ولقد أجاد من قال:

مواهب الله عندي جاوزت أملي لكنّ*** وليس يبلغها قولي ولا عملي

أشــــرفهــــا عنـــدي وأفضــــــلها*** ولايتي لأمير المؤمنين علي

 

تواتر حديث الغدير والاحتجاج به

وقد حمل حديث الغدير عن رسول الله(صلى الله عليه و آله) كل من كان معه من تلك الجماهير التي كانت تربو على مائة ألف من بلدانٍ شتى، فلذا شاع حديث الغدير وتواتر عند جميع المسلمين وبقي خالداً بذكراه العطرة في الأجيال كلها.

على ان لأِئمة الهدىe وسائر أهل البيت وشيعتهم من الصحابة والتابعين والعلماء والمؤلفين والشعراء والأدباء طرقاً تمثل الحكمة في بثه وإشاعته في الأعصار والأمصار.

فقد قام أمير المؤمنين(عليه السلام) يحتج به على الناس مراراً عديدة أيام خلافة الخلفاء، وأيام خلافته احتج به على الناس حتى يبقى خالداً، ومن ذلك:

ما احتج به أيام خلافته(عليه السلام) إذ جمع الناس في الرحبة ليناشد كل أمرئٍ مسلم سمع رسول الله(صلى الله عليه و آله) يقول يوم غدير خم ما قال إلاّ قام وشهد بما سمع، وانه لا يقم ويشهد به إلاّ مَن رآه بعينه وسمع مقالته بأذنه، فقام ثلاثون صحابياً فيهم اثنى عشر بدرياً، فشهدوا ان رسول الله(صلى الله عليه و آله) أخذ بيده وقال للناس: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم، فقال(صلى الله عليه و آله):

من كنت مولاه فهذا عـلي مولاه، وقعد عن الشـهادة بالحديث – يومئـذٍ – ثلاثة نفر أقعدهم البغض عن القيام بواجب الشهادة فأصابتهم دعوة أمير المؤمنين(عليه السلام) كأنس بن مالك حيث قال له علي: مالك القوم مع أصحاب رسول الله فتشهد بما سمعته يومئذٍ منه؟ فقال: يا أمير المؤمنين، كبرتُ ونسيت، فقال علي(عليه السلام) له: ان كنت كاذباً فضربك الله ببياضٍ لا تواريه العمامة، فما قام حتى أبيضّ وجهه برصاً على ما ذكر المؤرخون ذلك من الفريقين.

وممّن احتّج به الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء كما جاء في (أسنى المطالب) مسنداً عن ابنتها أمّ كلثوم إنها قالت محتجّةً على القوم: أنسيتم قول رسول الله(صلى الله عليه و آله) يوم غدير خم: مَن كنت مولاه فعلي مولاه، وقوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى…الخ.

واحتّج به الإمام السبط الحسن المجتبى في خطبةٍ له عام الصلح قال من جملتها: وقد رأوه وسمعوه حين أخذ بيد أبي بغدير خم وقال لهم: من كنت مولاه فعلي مولاه اللّهم وآلِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه، ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب…الخ.

واحتّج به الإمام الحسين(عليه السلام) قبل هلاك معاوية، في اجتماعٍ كبير يضم المئات من الصحابة والتابعين بمنى في موسم الحج، وخطب فيهم وقال من جملتها: أنشدكم الله أتعلمون ان رسول الله(صلى الله عليه و آله) نصّبه يوم غدير خم فنادى له بالولاية وقال: ليبلّغ الشاهد الغائب، قالوا: اللّهم نعم.

إلى غير ذلك ممّن احتّج بحديث الغدير، راجع التفصيل في كتاب (الغدير) ج1 من ص159-ص213.

] إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً" [المزمل/20].

حديث الغدير، والشعراء قديماً وحديثاً

وقد نظم حديث الغدير الشعراء، وأكثروا من نظمه منذ عهد الصحابة إلى هذا اليوم، وهم ألوف مؤلفة لا يحصي عددهم إلاّ الله عَزّ وجَلّ.

وممّن نظم حديث الغدير شعراً من الصحابة حسان بن ثابت شاعر النبي(صلى الله عليه و آله) نظمه شعراً في ذلك الحشد الرهيب وأنشده عند النبي وقال له النبي(صلى الله عليه و آله) : يا حسان لا تزالُ مُؤيّداً بروح القدس ما نصرتنا أهل البيت، وهذه أبياته:

يناديهم يوم الغدير نبــيّهم*** بخمٍ وأســـــــمع بالنبي مــناديـــا

فقال: فمن مولاكم ونبيكم؟*** فقالوا ولم يبدوا هناك التـــــعاميا

إلهك مولانا وأنــــت نبينا*** ولم تلق منّا في الولاية عاصــــيا

فقال له: قم يا علي؟ فانني*** رضيتك من بعدي إماماً وهـــاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليه*** فكـونوا له اتـــــباع صدقٍ مِواليا

هناك دعا اللّهم؟ والِ وليه*** وكن للذي عادى علياً معاديا(5)

وممّن نظم حديث الغدير شعراً من الصحابة أيضاً قيس بن سعد بن عبادة الصحابي الجليل المخلص أنشد أبياتاً يوم صفين بين يدي أمير المؤمنين(عليه السلام) ، منها:

قلت لما بغى الـــعــــدو علينا*** حــــسبنا ربنا ونعم الوكيل

حسبنا ربنا الذي فتح البصـ *** رة بالأمس والحديث طويل

ويقول فيها:

وعــــلي إمـــامنــــا وإمـــام*** لسوانا أتى به التـــنزيلُ

يوم قال النبي: من كنت مولا*** ه فهذا مولاه خطب جليلُ

إنــمــا قـاله النبي على الأمة*** حتم ما فيه قال وقيلُ(6)

وممّن نظم حديث الغدير من الصحابة عمرو بن العاص المحارب لعلي يوم صفين، أيضاً نظم الحديث في قصيدته الشهيرة المعروفة بالجلجلية التي بعث بها إلى معاوية حينما أراد عزله عن ولاية مصر فبعث إليه عمرو بهذه القصيدة والتي منها يقول:

وكم قد سمعنا من المصطفى*** وصاياً مخصــــــصةً في عليِ

وفـــــي يــوم خمٍ رقى منبرا*** يبلّغ والركـــــب لم يـــــرحـل

وفـــــي كـــــفه كــــفه معلناً*** ينادي بأمر الـــــعزيز الــعلي

ألــست بكم منكم في النفوس*** بأولى؟ فـــــقالوا: بلــى فافْعلِ

فانحله أمره الـــــمؤمـــــنين*** من الله مســـــتخلف الــمنحلِ

وقـــــال: فمــن كنت مولاً له*** فـــــهذا له اليوم نعـــم الولي

فـــوال مواليه ياذا الجـــــلال*** وعـــــادِ معــادي أخِ المرسلِ

وقال: وليكمُ فـــــاحفظــــــوه*** فـــــمدخله فـــــيكمُ مـــــدخلِ

ولا تنقصوا العهد من عترتي*** فقـــــاطعهم بـــــيَ لم يوُصلِ

فبـــــخبـــــخ شيخك لما رأى*** عرى عقد حيدر لم تحللِ(7)

وممّن نظم حديث الغدير شعراً صاحب الغدير نفسه وهو علي أمير المؤمنين(عليه السلام) نظمه في أبيات بعث بها إلى معاوية قبل حرب صفين، حينما بعث إليه معاوية كتاباً يقول فيه:

إن لي فضائل، كان أبي سيداً في الجاهلية، وصرت ملكاً في الإسلام، وأنا صهر رسول الله وخال المؤمنين، فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): أبا الفضائل يبغي عليّ ابن آكلة الأكباد: أكتب يا غلام

محمّدٌ النبي أخي وصـــهري*** وحمزة سيد الشهداء عــمــي

وجعفرٌ الذي يضحي ويمسي*** يطير مع الملائِــكــة ابـن أمي

وبنت محمد سكني وعرسـي*** منوط لحمها بدمـــي ولـحــمي

وسبطا أحمدٍ ولداي مـنهــــا*** فـأيـكـمُ لـــه ســـهم كــسـهمي

سبـقـتـكم إلى الإســـلام طراً*** على ما كان من فهمي وعلمي

وأوجب لي ولايته عــليــــكم*** رســــــــول الله يوم غدير خم

فــويـــل ثـم ويل ثـــم ويـــل*** لمن يلقى الآله غداً بظلمي(8)

 

1- الأبيات من قصيدة طويلة للشيخ الكفعمي وتجدها في مصباحه ص927-935.

2- في رواية الحافظ أبو عبيد الهروي في تفسيره (غريب القرآن) ان الذي أتى رسول الله، واعترض عليه هو جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري، ولا يبعد صحة ذلك حيث ان جابراً هذا قد قتل والده النضر يوم بدر صبراً علي أمير المؤمنين بأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعد ان اُسِر فكان قلبه يغلي حقداً وبغضاً على رسول الله(صلى الله عليه و آله) وعلى أمير المؤمنين، فلذا لما نص رسول الله على ولاية أمير المؤمنين يوم غدير خم وبلغه ذلك جاء إلى النبي(صلى الله عليه و آله) معترضاً عليه.

3- راجع (الغدير) ج1 ص214-ص266، تحت عنوان "التدبر في الكتاب العزيز" ويذكر نزول الآيات البينات، ومصادرها، وما يتعلق بها من بحوث وشواهد وأشعار.

4- راجع (الغدير) في تفاصيل التهنئة والبيعة وعيدها، ج1 من ص267-289 وما بعدها.

5- راجع ترجمة حسان وشعره، وما يتبعه في الغدير ج2 ص32-ص59.

6- راجع ترجمة قيس، وشعره ومقاماته السامية في الغدير ج2 من ص60-ص100.

7- راجع ترجمة عمرو وشعره ونسبه وإسلامه وشجاعته ووفاته في الجزء الثاني من الغدير من ص101-ص160.

8- راجع الجزء الثاني من الغـدير في ترجمة أمير المؤمنين وشعره وما يتبع من ص24-ص31، "وَالسَّلاَمُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى".