كان اولى بمعتقه في تحمل جريرته ، والصق به ممن اعتقه غيره ، كان مولاه ايضا
كذلك .
وابن العم ، لما كان اولى بالميراث ممن بعده عن نسبه ، واولى بنصرة ابن
عمه من الاجنبى ، كان مولاه لاجل ذلك .
والناصر ، لما اختص بالنصرة ، فصار بها اولى ، كان من اجل ذلك مولى
والمتولى لتضمن الجريرة ، لما الزم نفسه ما يلزم المعتق ، كان بذلك اولى ممن
لا يقبل الولاء ، فصار به اولى بميراثه ، فكان بذلك مولى . والحليف لاحق في معناه
بالمتولى ، فلهذا السبب كان مولى .
والجار ، لما كان اولى بنصرة جاره ممن بعد عن داره واولى بالشفعة في عقاره ،
فلذلك صار مولى .(1)
والامام المطاع ، لما كان له من طاعة الرعية وتدبيرهم ، ما يماثل الواجب
بملك الرق ، كان لذلك مولى ، فصارت جميع تلك المعانى فيما حددناه ترجع
إلى معنى الوجه الاول الذى هو الاولى . وتكشف عن صحة معناه فيما ذكرناه في
حقيقته ووصفناه ، فليتأمل ذلك ، ففيه بيان لمن تأمله .
فان قيل : فاذا ثبت ان لفظة " مولى " ، قد تستعمل مكان الاولى ، وانها احد
محتملاتها ، فما الدليل على ان النبى صلى الله عليه وآله اراد بها يوم الغدير ، الاولى دون ان
يكون اراد بها غيره من الاقسام التى يعبر بها عنها ؟
قيل له : مقدمة الكلام التى بدأ بذكرها واخذ اقرار الامة بها من قوله صلى الله
عليه وآله : الست اولى منكم بانفسكم ؟ ثم عطف عليها بلفظ يحتملها ويحتمل
غيرها ، دليل على انه لم يرد بها غير المعنى الذى قررهم عليه ، من دون احدى
محتملاتها ، وانه قصد بالمعطوف ، ما هو معطوف عليه ، فلا يجوز ان يرد من الحكيم
(1)الغدير ج 1 ص 350 نقلا عن ابى حيان في تفسيره ج 5 ص 52 وعن السجستانى
العزيزى في غريب القرآن ص 154(*).