قال يحيى بن الحسن : اعلم ان في هذه الاية تنويها بذكر امير المؤمنين عليه السلام
واثباتا لكونها منقبة له خاصة ، لان الله سبحانه وتعالى قد جعل لكل مؤمن طريقا إلى
العمل بهذه الاية الا الاقل ، لانه سبحانه وتعالى ماجعل للصدقة التى تقدم بين يدى نجوى
الرسول صلى الله عليه وآله حدا مقدرا ، فيقال : انه يعجز عنه الفقير ، ويتأتى ذلك من الموسر ،
وانما جعل ذلك بحسب الامكان على الموسع قدره ، وعلى المقتر قدره بحيث لو اراد
اكثر اقارب رسول الله صلى الله عليه وآله واصحابه ، العمل بذلك ، لقدروا عليه ، ولم يكن ذلك عليهم
متعذر ، فترك الكل لاستعمال هذه الاية دليل على ان الله سبحانه وتعالى جعلها منقبة
له خاصة ليتميز بها من غيره .
والدليل على كونها منقبة ، انه عليه السلام تمدح بها وبفعلها وبان غيره لم يفعلها بدليل
قوله عليه السلام هذه الاية ، ما عمل بها احد قبلى ، ولا يعمل بها احدى بعدى ، وبى خفف
الله تعالى عن هذه الامة ، امر هذه الاية .
ويزيده بيانا وايضاحا : ان النسخ لحكم هذه الاية انما حصل عقيب فعل
امير المؤمنين عليه السلام ، فحصوله عقيب فعله ، يدل على انها انما كانت لاظهار منقبته من
قبل الله تعالى .
ويزيده ايضا بيانا ، ان احدا لا يدعيها لغيره عليه السلام من كافة اهل الاسلام ، وحصول
الاجماع عليها من ادل دليل ايضا .
ذى المعالى فليعلون من تعالى * هكذا هكذا والا فلا لا(1)
(1)الشعر للمتنبى لاحظ شرح البرقوقى ج 3 ص 316(*).