واذا كان هذا هو معنى الصديق فالصديق ايضا ينقسم ثلاثة اقسام : صديق
يكون نبيا وصديق يكون اماما وصديق يكون عبدا صالحا ، لا نبى ولا امام .
فاما ما يدل على اول الاقسام فقوله سبحانه وتعالى : " واذكر في الكتاب
ادريس انه كان صديقا نبيا "(1)وكل نبى صديق ، وليس كل صديق نبيا ، وقوله
تعالى : " يوسف ايها الصديق "(2).
واما ما يدل على كون الصديق اماما فقوله تعالى : " فاولئك مع الذين نعم
الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا "(3)
فذكر النبيين ثم ثنى بذكر الصديقين ، لانه ليس بعد النبيين في الذكر اخص
من الائمة .
ويدل عليه ايضا هذه الاخبار الواردة بان الصديقين ثلاثة : حبيب وحزبيل
وعلى وهو افضلهم فلما ذكر عليا(ع)مع هذين المذكورين دخل معهما في لفظة
الصديقين وهما ليسا بنبيين ولا امامين ، فاراد افراده(ع)عنهما بما لا يكون لهما وهى
الامامة ، فقال صلى الله عليه وآله : وهوافضلهم ، فليس في لفظة الصديق بينهم تفاضل لانه صلى الله عليه وآله
قال : الصديقون ثلاثة ، فقد استووا في اللفظ ، فاراد الاخبار عن اختلافهم في المعنى
وهو استحقاق الامامة فقال : وهوافضلهم ، تنبيها على كونه(ع)صديقا اماما ، وهذا
معنى الوجه الثالث ، واذا كان الصديق هوالملازم للصدق الدائم عليه ومن صدق
علمه قوله ، فينبغى ان تختص هذه اللفظة بامير المؤمنين على بن ابى طالب عليه السلام ، لانه
لم يعص الله تعالى منذ خلق ، ولم يشرك بالله تعالى ، فقد لازم الصدق ودام عليه ، وصدق
عمله قوله ، فصح اختصاص هذه اللفظة به دون غيره .
واذا ما الحلى زان نحورا * كان للحلى حسن نحرك زينا
وتزيدن طيب الطيب طيبا * اذ تسميه اين مثلك أينا
تم الجزء الاول من كتاب العمدة في عيون صحاح الاخبار في مناقب امام
(1)مريم - 56
(2)يوسف - 46
(3)النساء - 69(*).