عمدة عيون صحاح الاخبار في مناقب إمام الابرار

وينأون عنه "(1)قال مقاتل باسناده عن ابن عباس : اجتمعت قريش إلى ابى طالب
" رضى الله عنه " وقالوا : له : يا ابا طالب ، سلم الينا محمدا فانه قد افسد ادياننا وسب
آبائنا(2)لنقتله ، وهذه ابنائنا بين يديك تبنى بايهم شئت ، ثم دعوا بعمارة بن
الوليد وكان مستحسنا فقال لهم : هل رايتم ناقة حنت إلى غير فصيلها ؟ لا كان ذلك
ابدا ، ثم نهض عنهم فدخل على النبى صلى الله عليه وآله فرآه كئيبا ، وقد علم مقالة قريش له ،
فقال : يا محمد لا تحزن ، ثم قال :
والله لن يصلوا اليك بجمعهم * حتى اوسد في التراب دفينا

فاصدع بامرك ما عليك غضاضة * وابشرو قر ببذاك منك عيونا
ودعوتنى وزعمت انك ناصحى * ولقد صدقت وكنت قبل امينا
وذكرت دينا قد علمت بانه * من خير اديان البرية دينا(3)
وفى هذا القول منه والشعر ، ادل دليل على تصديق الرسول واقراره بان دينه
خير الاديان ، واعترافه به ، وبانه زعم انه ناصحه ، وقوله : " ولقد صدقت " من اوضح
الدلالة على ايمانه برسول الله(ص)وبما جاء به .
وامره له بقوله : " فاصدع بامرك ما عليك غضاضة " وهو مأخوذ من قوله تعالى
" فاصدع بما تؤمر "(4)وفي هذا غاية النصرة والاعتراف ، اذ هو مضاه لامر الله
تعالى فان لم يكن في قوله : " فاصدع بامرك " امر له ، فكذا لا يكون في الاية امر له ،
وقد اتفق على هذه الابيات مقاتل والثعلبى وابن عباس والقاسم بن محيضرة وعطاء بن
دينار ، وفى ذلك شهادة له بتصديقه بدليل شهادة الفاظها الناطقة ، ولو ذكرت مقالة
غير اصحاب هذه الكتب ، لكان اوضح في الدليل واعظم في التبجيل ، وانما شرطت


(1)الانعام : 26
(2)وفى نسخة : وسب آلهتنا
(3)شرح النهج لابن ابى الحديد ج 14 ص 55 والاصابة لابن حجر ج 4 ص 115 -
والكشاف ج 1 ص 500 .
(4)الحجر : 94(*).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه